الموسوعة القرآنيّة - ج ١٠

ابراهيم الأبياري

الموسوعة القرآنيّة - ج ١٠

المؤلف:

ابراهيم الأبياري


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة سجل العرب
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٥٩

(ذلِكَ جَزاؤُهُمْ) أي ذلك العذاب جزاء كفرهم.

(وَرُفاتاً) ترابا.

٩٩ ـ (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُوراً) :

(لا رَيْبَ فِيهِ) وهو الموت أو القيامة.

١٠٠ ـ (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً) :

(لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ) التقدير : لو تملكون ، لأن (لَوْ) تدخل على الأفعال دون الأسماء.

(قَتُوراً) ضيقا بخيلا.

١٠١ ـ (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ إِذْ جاءَهُمْ فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً) :

(تِسْعَ آياتٍ) هى العصا ، واليد ، والجراد ، والقمل ، والضفادع ، والدم ، والحجر ، والبحر ، والطور الذي نتقه على بنى إسرائيل.

(إِذْ جاءَهُمْ) أي إذ جاء آباءهم.

(مَسْحُوراً) سحرت فخولط عقلك.

١٠٢ ـ (قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً) :

(لَقَدْ عَلِمْتَ) يا فرعون.

(ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ) الآيات.

(بَصائِرَ) بينات مكشوفات.

(مَثْبُوراً) هالكا.

٢٤١

١٠٣ ـ (فَأَرادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْناهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعاً) :

(أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ) أن يستخفهم ، أي موسى وقومه من أرض مصر ويخرجهم منها.

١٠٤ ـ (وَقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً) :

(اسْكُنُوا الْأَرْضَ) التي أراد فرعون أن يستفزكم منها.

(جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً) جميعا مختلطين إياكم وإياهم.

١٠٥ ـ (وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً) :

(وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ) وما أنزلنا القرآن الا بالحكمة المقتضية لانزاله ، وما نزل الا ملتبسا بالحق والحكمة لاشتماله على الهداية لكل خير.

(وَما أَرْسَلْناكَ) الا لتبشرهم بالجنة وتنذرهم من النار.

١٠٦ ـ (وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً) :

(وَقُرْآناً) منصوب بفعل يفسره (فَرَقْناهُ).

(فَرَقْناهُ) جعلنا مفرقا منجما.

(وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً) على حسب الحوادث.

١٠٧ ـ (قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً) :

(قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا) أمر بالاعراض عنهم والازدراء بشأنهم.

١٠٨ ـ (وَيَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً) :

(لَمَفْعُولاً) لواقعا.

١٠٩ ـ (وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً) :

(وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً) خشية.

٢٤٢

١١٠ ـ (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً) :

(أَيًّا) عوض من المضاف اليه.

(ما) صلة للابهام المؤكد لما فى (أي).

(وَلا تَجْهَرْ) حتى تسمع المشركين.

(وَلا تُخافِتْ) حتى لا تسمع من خلفك.

(وَابْتَغِ بَيْنَ) الجهر والمخافتة.

(سَبِيلاً) وسطا.

١١١ ـ (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) :

(شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ) لأنه واحد لا شريك له.

(وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) عظمه عظمة تامة.

٢٤٣

(١٨)

سورة الكهف

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

١ ـ (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً) :

(وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً) ولم يجعل له شيئا من العوج قط ، والعوج فى المعاني كالعوج فى الأعيان. والمراد نفى الاختلاف والتناقض عن معانيه.

٢ ـ (قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً) :

(قَيِّماً) منصوب بمضمر ، والتقدير : ولم يجعل له عوجا جعله قيما ، لأنه إذا نفى عنه العوج فقد أثبت له الاستقامة.

(لِيُنْذِرَ) الذين كفروا.

(بَأْساً شَدِيداً) عذابا شديدا.

(مِنْ لَدُنْهُ) صادرا من عنده.

٣ ـ (ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً) :

أي دائمين فيه الى غاية.

٤ ـ (وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً) :

وهم : اليهود لقولهم : عزير ابن الله ، والنصارى لقولهم : المسيح ابن الله ، وقريش لقولهم : الملائكة بنات الله.

٥ ـ (ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً) :

(ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ) أي ما لهم بذلك القول علم ، لأنهم مقلدة قالوه بغير دليل.

(وَلا لِآبائِهِمْ) أي أسلافهم.

(كَبُرَتْ كَلِمَةً) أي كبرت تلك الكلمة كلمة ، أي عظمت كلمة ، يعنى قولهم : اتخذ الله ولدا.

٢٤٤

(تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ) فى موضع الصفة.

(إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً) أي ما يقولون الا كذبا.

٦ ـ (فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً) :

(باخِعٌ) مهلك وقاتل.

(عَلى آثارِهِمْ) على أثر توليهم واعراضهم عنك.

(إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ) أي القرآن.

(أَسَفاً) حزنا وغضبا على كفرهم.

٧ ـ (إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) :

(ما عَلَى الْأَرْضِ) أي ما يصلح أن يكون زينة لها ولأهلها من زخارف الدنيا وما يستحسن منها.

(لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) أي أكثر زهدا فيها ، وأبعد عن الاغترار بها.

٨ ـ (وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً) :

(ما عَلَيْها) من هذه الزينة.

(صَعِيداً جُرُزاً) يعنى مثل أرض بيضاء لا نبات فيها.

٩ ـ (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً) :

(الْكَهْفِ) الغار الواسع فى الجبل.

(وَالرَّقِيمِ) اسم كلبهم.

يعنى أن ذلك أعظم من قصة أصحاب الكهف وابقاء حياتهم مدة طويلة.

(كانُوا) آية.

(عَجَباً) من آياتنا ، وصفا بالمصدر ، أو : ذات عجب.

١٠ ـ (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً) :

٢٤٥

(مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً) أي رحمة من خزائن رحمتك.

(هَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا) الذي نحن عليه من مفارقة الكفار.

(رَشَداً) حتى نكون بسببه راشدين مهتدين ، أو اجعل أمرنا رشدا كله.

١١ ـ (فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً) :

(فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ) أي ضربنا على آذانهم حجابا من أن تسمع ، يعنى أنمناهم انامة ثقيلة لا تنبههم فيها الأصوات.

(سِنِينَ عَدَداً) ذوات عدد.

١٢ ـ (ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً) :

(أَيُ) يتضمن معنى الاستفهام ، تعلق عنه (لِنَعْلَمَ) فلم يعمل فيه.

(الْحِزْبَيْنِ) المختلفين منهم فى مدة لبثهم ، لأنهم لما انتبهوا اختلفوا فى ذلك.

(أَحْصى) فعل ماض ، أي أيهم ضبط.

(أَمَداً) لأوقات لبثهم.

١٣ ـ (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً) :

(وَزِدْناهُمْ هُدىً) بالتوفيق والتثبيت.

١٤ ـ (وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً) :

(رَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ) قويناهم بالصبر على هجر الأوطان والنعيم ، والفرار بالدين.

(إِذْ قامُوا) بين يدى الجبار ، وهو دقيانوس ، من غير مبالاة حين عاتبهم على ترك عبادة الصنم.

(شَطَطاً) قولا ذا شطط ، وهو الافراط فى الظلم والابعاد عنه.

٢٤٦

١٥ ـ (هؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْ لا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) :

(هؤُلاءِ) مبتدأ.

(قَوْمُنَا) عطف بيان.

(اتَّخَذُوا) خبره وهو اخبار فى معنى الإنكار.

(لَوْ لا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ) هلا يأتون على عبادتهم ، فحذف المضاف.

(بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ) أي بحجة واضحة على عبادتهم الأصنام وهذا من التبكيت لأن الإتيان بالسلطان على عبادة الأوثان محال.

(مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) بنسبة الشريك اليه.

١٦ ـ (وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً) :

(وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ) خطاب من بعضهم لبعض ، حين صممت عزيمتهم على الفرار بدينهم.

(وَما يَعْبُدُونَ) نصب ، عطف على الضمير. يعنى وإذ اعتزلتموهم واعتزلتم معبوديهم.

(وَما يَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ) يجوز أن يكون استثناء متصلا ، على ما روى من أنهم كانوا يقرون بالخالق ويشركون معه غيره كما أهل مكة. ويجوز أن يكون منقطعا.

وقيل : هو كلام معترض ، اخبار من الله تعالى عن الفئة أنهم لم يعبدوا غير الله.

(مِرْفَقاً) وهو ما يرتفق به ، أي ينتفع.

١٧ ـ (وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم فى فجوة منه ذلك من آيات الله من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا) :

تزاور تميل.

٢٤٧

(ذاتَ الْيَمِينِ) جهة اليمين.

(تَقْرِضُهُمْ) تقطعهم لا تقربهم.

(وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ) وهم فى متسع من الكهف. والمعنى : أنهم فى ظل نهارهم كله لا تصيبهم الشمس فى طلوعها ولا غروبها ، مع أنهم فى مكان واسع منفتح معرض لاصابة الشمس لو لا أن الله يحجبها عنهم.

(ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ) أي ما صنعه الله بهم ، من ازورار الشمس وقرضها طالعة وغاربة ، آية من آياته.

(مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ) ثناء عليهم بأنهم جاهدوا فى الله وأسلموا له وجوههم.

١٨ ـ (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً) :

(وَتَحْسَبُهُمْ) خطاب لكل أحد.

(أَيْقاظاً) عيونهم مفتحة وهم نيام.

(وَنُقَلِّبُهُمْ) لئلا تألم جنوبهم.

(بِالْوَصِيدِ) بالفناء ، وقيل : بالعتبة. وقيل : بالباب.

(رُعْباً) خوفا.

١٩ ـ (وَكَذلِكَ بَعَثْناهُمْ لِيَتَساءَلُوا بَيْنَهُمْ قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً) :

(وَكَذلِكَ بَعَثْناهُمْ) وكما أنمناهم تلك النومة كذلك بعثناهم ، ادكارا بقدرته على الإنامة والبعث جميعا.

(قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) جواب مبنى على غالب الظن.

(قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ) انكار عليهم من بعضهم ، وأن الله أعلم بمدة لبثهم.

٢٤٨

(بِوَرِقِكُمْ) الورق : الفضة مضروبة أو غير مضروبة.

(أَيُّها) أي : أي أهلها.

(أَزْكى طَعاماً) أحل وأطيب وأرخص.

(وَلْيَتَلَطَّفْ) وليتكلف اللطف.

(وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً) ولا يفعلن ما يؤدى من غير قصد منه الى الشعور بنا.

٢٠ ـ (إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً) :

(إِنَّهُمْ) راجع الى الأهل المقدر فى (أَيُّها).

(إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ) ان يعرفوا أمركم.

(يَرْجُمُوكُمْ) يقتلوكم رجما بالحجارة.

(أَوْ يُعِيدُوكُمْ) يدخلوكم.

(فِي مِلَّتِهِمْ) فى دينهم بالإكراه والعنت.

(وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً) إن دخلتم فى دينهم.

٢١ ـ (وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً) :

(وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ) وكما أنمناهم وبعثناهم أطلعنا عليهم ليعلم الذين أطلعناهم على حالهم :

(أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ) وهو البعث ، لأن حالهم فى نومتهم وانتباههم بعدها كحال من يموت ثم يبعث.

(إِذْ يَتَنازَعُونَ) متعلق بقوله (أَعْثَرْنا) أي أعثرناهم عليهم حين يتنازعون بينهم أمر دينهم ويختلفون فى حقيقة البعث.

(ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً) أي على باب كهفهم ، لئلا يتطرق إليهم الناس ، ضنا بتربتهم ومحافظة عليها.

٢٤٩

(لَنَتَّخِذَنَ) على باب الكهف.

(مَسْجِداً) يصلى فيه المسلمون.

(رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ) من كلام المتنازعين ، كأنهم تنازعوا أمرهم ، فلما لم يهتدوا الى حقيقة ذلك قالوا : ربهم أعلم بهم.

أو هو من كلام الله عزوجل ، رد لقول الخائضين فى حديثهم من أولئك المتنازعين.

٢٢ ـ (سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً) :

(سَيَقُولُونَ) الضمير لمن خاض فى قصتهم.

(رَجْماً بِالْغَيْبِ) رميا بالخبر الخفي واتيانا به.

(فَلا تُمارِ فِيهِمْ) فلا تجادل أهل الكتاب فى شأن أصحاب الكهف الا جدالا ظاهرا غير متعمق فيه.

(وَلا تَسْتَفْتِ) ولا تسأل أحدا منهم عن قصتهم سؤال متعنت له.

٢٣ ـ (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً) :

(وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ) ولا تقولن لأجل شىء تعزم عليه.

(إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ) الشيء.

(غَداً) فيما تستقبل من الزمان.

٢٤ ـ (إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً) :

(إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) متعلق بالنهى.

(وَاذْكُرْ رَبَّكَ) أي مشيئة ربى ، وقل : ان شاء الله إذا فرط منك نسيان لذلك.

(مِنْ هذا) إشارة الى نبأ أصحاب الكهف.

٢٥٠

(رَشَداً) وأدنى خيرا ومنفعة.

٢٥ ـ (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً) :

(وَلَبِثُوا) أي لبثهم فيه أحياء مضروبا على آذانهم هذه المدة.

٢٦ ـ (قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً) :

(ما لَهُمْ) الضمير لأهل السموات والأرض.

(مِنْ وَلِيٍ) من متول لأمورهم.

(وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ) فى قضائه.

(أَحَداً) منهم.

٢٧ ـ (وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً) :

(وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ) من القرآن.

(لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ) أي لا يقدر أحد على تبديلها وتغييرها.

(مُلْتَحَداً) ملتجأ تعدل اليه ان هممت بذلك.

٢٨ ـ (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغدوة والعشى يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا) :

(وَاصْبِرْ نَفْسَكَ) واحبسها معهم وثبتها.

(بالغدوة والعشى) دائبين على الدعاء فى كل وقت.

(يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) أي طاعته.

(وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ) أي لا تتجاوز عيناك الى غيرهم من أبناء الدنيا.

(تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا) طلبا لزينتها ، أي تتزين بمجالسة هؤلاء الرؤساء الذين اقترحوا ابعاد الفقراء من مجلسك.

٢٥١

(مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا) من ختمنا على قلبه عن التوحيد.

(وَاتَّبَعَ هَواهُ) يعنى الشرك.

(وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) من التفريط الذي هو التقصير ، أو من الافراط الذي هو مجاوزة الحد.

٢٩ ـ (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً) :

(قُلِ الْحَقُ) أي قل هو الحق.

(إِنَّا أَعْتَدْنا) انا أعددنا.

(لِلظَّالِمِينَ) للكافرين الجاحدين.

(سُرادِقُها) ما يخرج من النار من ألسنة فتحيط بالكفار.

(كَالْمُهْلِ) كالنحاس المذاب.

(مُرْتَفَقاً) مجتمعا ، من المرافقة ، أو منزلا ومقرا ومهادا.

٣٠ ـ (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً) :

أي لا نضيع أجر من أحسن عملا منهم فأما من أحسن عملا من غير المؤمنين فعمله محبط.

٣١ ـ (أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ نِعْمَ الثَّوابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً) :

(جَنَّاتُ عَدْنٍ) جنات اقامة.

(مِنْ سُنْدُسٍ) السندس : الرقيق من الديباج.

(وَإِسْتَبْرَقٍ) ما ثخن من الديباج.

٢٥٢

٣٢ ـ (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ وَجَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً) :

(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ) أي : مثل حال المؤمنين والكافرين بحال رجلين ، وكانا أخوين فى بنى إسرائيل.

٣٣ ـ (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً) :

(وَلَمْ تَظْلِمْ) ولم تنقص.

٣٤ ـ (وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقالَ لِصاحِبِهِ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً) :

(وَأَعَزُّ نَفَراً) أي أنصارا وحشما.

٣٥ ـ (وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً) :

(وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) وهو معجب بما أوتى ، كافر لنعمة ربه.

٣٦ ـ (وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً) :

(وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي) إقسام منه على سبيل الفرض والتقدير.

(مُنْقَلَباً) مرجعا وعاقبة.

٣٧ ـ (قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً) :

(مِنْ تُرابٍ) أي خلق أصلك.

(سَوَّاكَ) عدلك وكملك.

٣٨ ـ (لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً) :

(لكِنَّا) أي لكن أنا.

٣٩ ـ (وَلَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً) :

٢٥٣

(ما شاءَ اللهُ) أي الأمر ما شاء الله ، على أن (ما) موصولة مرفوعة المحل على أنها خبر مبتدأ محذوف هو : الأمر.

ويصح أن تكون (ما) شرطية منصوبة الموضع والجزاء محذوف ، بمعنى : أي شىء شاء الله كان.

(لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ) اقرار بأن ما قويت به على عمارتها وتدبير أمرها انما هو بمعونته وتأييده.

٤٠ ـ (فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً) :

(حُسْباناً) أي حساب ما كسبت يداك. وقيل : صواعق ، الواحد : حسبانة.

(صَعِيداً زَلَقاً) أرضا بيضاء يزلق عليها لملاستها.

٤١ ـ (أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً) :

(غَوْراً) بعيد المنال.

٤٢ ـ (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً) :

(وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ) يعنى إهلاكه.

(يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ) كناية عن الندم.

(عَلى ما أَنْفَقَ فِيها) أي فى عمارتها.

(وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها) أي ان كرومها المعرشة سقطت عروشها على الأرض.

٤٣ ـ (وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَما كانَ مُنْتَصِراً) :

(يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ) يقدرون على نصرته من دون الله.

(وَما كانَ مُنْتَصِراً) وما كان ممتنعا بقوته عن انتقام الله.

٢٥٤

٤٤ ـ (هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً) :

(هُنالِكَ) فى ذلك المقام وتلك الحال.

(الْوَلايَةُ) النصرة.

(لِلَّهِ) وحده لا يملكها غيره.

(هُوَ خَيْرٌ ثَواباً) لأوليائه.

(عُقْباً) عاقبة.

٤٥ ـ (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً) :

(فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ) فالتف بسببه وتكاثف حتى خالط بعضه بعضا.

(فَأَصْبَحَ هَشِيماً) الهشيم : ما تهشم وتحطم.

(تَذْرُوهُ الرِّياحُ) تطيره.

(وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً) قديرا.

شبه حال الدنيا فى نضرتها وبهجتها وما يتعقبها من الهلاك والفناء ، بحال النبات يكون أخضر وارفا ثم يهيج فتطيره الرياح كأن لم يكن.

٤٦ ـ (الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلاً) :

(وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ) أعمال الخير التي تبقى ثمرتها للانسان.

(خَيْرٌ أَمَلاً) أي أفضل أملا من ذى المال والبنين دون عمل صالح.

٤٧ ـ (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) :

(بارِزَةً) ليس عليها ما يسترها مما كان عليها.

٢٥٥

(وَحَشَرْناهُمْ) وجمعناهم الى الموقف.

٤٨ ـ (وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً) :

(صَفًّا) مصطفين ظاهرين.

(لَقَدْ جِئْتُمُونا) أي قلنا لهم : لقد جئتمونا.

(مَوْعِداً) وقتا لإنجاز ما وعدتم على ألسنة الأنبياء من البعث والنشر.

٤٩ ـ (وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) :

(الْكِتابُ) للجنس ، وهو صحف الأعمال.

(يا وَيْلَتَنا) ينادون هلكتهم التي هلكوها خاصة من بين الهلكات.

(صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً) هنة صغيرة ولا كبيرة.

(إِلَّا أَحْصاها) الا ضبطها وحصرها.

(وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً) فى الصحف ، أو جزاء ما عملوا.

(وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) فيكتب عليه ما لم يعمل.

٥٠ ـ (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً) :

(فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) خرج عما أمره به ربه من السجود.

(أَفَتَتَّخِذُونَهُ) الهمزة للانكار والتعجب.

٥١ ـ (ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً) :

٢٥٦

(ما أَشْهَدْتُهُمْ) أي اعتضدت بهم فى خلق السموات والأرض.

(عَضُداً) أعوانا.

٥٢ ـ (وَيَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً) :

(مَوْبِقاً) أي وجعلنا بينهم أمدا بعيدا تهلك فيه الأشواط لفرط بعده ، لأنهم فى قعر جهنم وهم فى أعلى الجنة.

٥٣ ـ (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً) :

(فَظَنُّوا) فأيقنوا.

(مُواقِعُوها) مخالطوها وواقعون فيها.

(مَصْرِفاً) معدلا.

٥٤ ـ (وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً) :

(أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً) أي أكثر الأشياء التي يتأتى منها الجدل. أو أن جدل الإنسان أكثر من جدل كل شىء.

٥٥ ـ (وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلاً) :

أي وما منع الناس الايمان والاستغفار الا انتظار أن تأتيهم سنة الأولين ، وهى الإهلاك ، أو انتظار أن يأتيهم العذاب ، عذاب الآخرة.

(قُبُلاً) عيانا.

٥٦ ـ (وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آياتِي وَما أُنْذِرُوا هُزُواً) :

(لِيُدْحِضُوا) ليزيلوا ويبطلوا.

٢٥٧

(وَما أُنْذِرُوا) ما ، موصولة ، والراجع من الصلة محذوف ، أي وما أنذروه من العذاب. أو (ما) مصدرية ، بمعنى : وإنذارهم.

(هُزُواً) موضع استهزاء.

٥٧ ـ (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً) :

(بِآياتِ رَبِّهِ) بالقرآن.

(فَأَعْرَضَ عَنْها) فلم يتذكر حين ذكر ولم يتدبر.

(وَنَسِيَ) عاقبة.

(ما قَدَّمَتْ يَداهُ) من الكفر والمعاصي.

(فَلَنْ يَهْتَدُوا) فلم يكون منهم اهتداء.

(أَبَداً) البتة.

٥٨ ـ (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً) :

(الْغَفُورُ) البليغ المغفرة.

(ذُو الرَّحْمَةِ) الموصوف بالرحمة.

(بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ) وهو يوم بدر.

(لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً) منجى ولا ملجأ.

٥٩ ـ (وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً) :

(وَتِلْكَ الْقُرى) قرى الأولين من ثمود وقوم لوط وغيرهم ، أشار لهم إليها ليعتبروا.

(وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً) وضربنا لاهلاكهم وقتا معلوما لا يتأخرون عنه.

٢٥٨

٦٠ ـ (وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً) :

(لِفَتاهُ) لعبده.

(لا أَبْرَحُ) لا أزال. وقد حذف الخبر ، لأن الحال والكلام معا يدلان عليه ، أما الحال فلأنها كانت حال السفر ، وأما الكلام فلأن قوله (حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ) غاية مضروبة تستدعى ما هى غاية له ، فلا بد أن يكون المعنى : لا أبرح أسير حتى أبلغ مجمع البحرين.

(مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ) المكان الذي وعد فيه موسى لقاء الخضر ، عليهما‌السلام.

٦١ ـ (فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً) :

(نَسِيا حُوتَهُما) أي نسيا تفقد أمره.

(سَرَباً) السرب : المسلك.

٦٢ ـ (فَلَمَّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً) :

(فَلَمَّا جاوَزا) الموعد ، وهو الصخرة.

(هذا) إشارة الى سيرهما وراء الصخرة.

(نَصَباً) تعبا.

٦٣ ـ (قالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً) :

(أَرَأَيْتَ) أخبرنى.

(أَنْ أَذْكُرَهُ) بدل من الهاء فى قوله (أَنْسانِيهُ) أي : وما أنسانى ذكره الا الشيطان.

٢٥٩

(عَجَباً) ثانى مفعولى (اتَّخَذَ) يعنى : واتخذ سبيله سبيلا عجبا.

٦٤ ـ (قالَ ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً) :

(ذلِكَ) إشارة الى اتخاذه سبيلا.

(ما كُنَّا نَبْغِ) الذي كنا نطلب.

(فَارْتَدَّا) فرجعا فى أدراجهما.

(قَصَصاً) يقصان قصصا ، أي يتبعان آثارهما اتباعا.

٦٥ ـ (فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) :

(رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا) هى الوحى والنبوة.

(مِنْ لَدُنَّا) مما يختص بنا من العلم ، وهو الاخبار عن الغيوب.

٦٦ ـ (قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً) :

(رُشْداً) مفعول ثان للفعل (تُعَلِّمَنِ) أي ما أبغيه من علم هاد.

٦٧ ـ (قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) :

(لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) أي لا تطيق أن تصبر على ما تراه من علمى.

٦٨ ـ (وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً) :

(خُبْراً) أي لم يحط به خبرك ، بمعنى : لم تخبره.

٦٩ ـ (قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً) :

(وَلا أَعْصِي) فى محل النصب عطف على (صابِراً) أي ستجدنى صابرا وغير عاص.

٧٠ ـ (قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً) :

(حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً) أي حتى أكون أنا الذي أفسره لك.

٢٦٠