بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٢٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

عبدك وأخى رسولك إلى آخره ، وفي زيارة فاطمة أمتك وبنت رسولك ، وفي سائر الائمة أبناء رسولك على ما قلت في النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله، في أول مرة حتى تنتهي إلى صاحبك ثم تقول :

أشهد أنكم كلمة التقوى ، وباب الهدى ، والعروة الوثقى ، والحجة البالغة على من فيها ومن تحت الثرى ، وأشهد أن أرواحكم وطينتكم من طينة واحدة ، طابت وطهرت من نورالله ومن رحمته ، واشهد الله واشهدكم أني لكم تبع بذات نفسي وشرائع ديني ، وخواتيم عملي اللهم فأتمم لي ذلك برحمتك.

السلام عليك يا أبا عبدالله ، أشهد أنك قد بلغت عن الله ما امرت به ، وقمت بحقه ، غير واهن ولا موهن ، فجزاك الله من صديق خيرا عن رعيتك ، أشهد أن الجهاد معك جهاد ، وأن الحق معك ولك ، وأنت معدنه ، وميراث النبوة عندك وعند أهل بيتك ، أشهد أنك قد أقمت الصلاة ، وآتيت الزكاة ، وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر ، ودعوت إلى سبيل ربك ، بالحكمة والموعظة الحسنة ، وعبدت ربك حتى أتاك اليقين.

وتقول : السلام على ملائكة الله المسومين ، السلام على ملائكة الله المنزلين السلام على ملائكة الله المردفين ، السلام على ملائكة الله الذين هم في هذا الحرم باذن الله مقيمون.

ثم تقول : اللهم العن اللذين بدلا نعمتك ، وخالفا كتابك ، وجحدا آياتك واتهما رسولك احش قبورهما وأجوافهما نارا ، وأعد لهما عذابا أليما ، واحشر هما وأشياعهما إلى جهنم زرقا ، احشرهما وأشياعهما ، وأتباعهما يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا.

اللهم لا تجعله آخر العهد من زيارة قبر ابن نبيك ، وابعثه مقاما محمودا تنتصر به لدينك وتقتل به عدوك ، فانك وعدته وأنت الرب الذي لا تخلف الميعاد.

وكذلك تقول عند قبور كل الائمة عليهم‌السلام.

١٦١

وتقول عند كل إمام زرته إنشاء الله.

السلام عليك يا ولي الله ، السلام عليك يا حجة الله ، السلام عليك يا نورالله في ظلمات الارض ، السلام عليك يا إمام المؤمنين ، ووارث علم النبيين ، وسلالة الوصيين ، والشهيد يوم الدين ، أشهد أنك وآباءك الذين كانوا من قبلك ، و أبناءك الذين من بعدك ، موالي وأوليائي وأئمتي.

وأشهد أنكم أصفياء الله وخزنته ، وحجته البالغة ، انتجبكم بعلمه أنصارا لدينه ، وقواما بأمره ، وخزانا لعلمه ، وحفظة لسره ، وتراجمة لوحيه ، و معدنا لكلماته ، وأركانا لتوحيده ، وشهودا على عباده ، استودعكم خلقه ، وأورثكم كتابه ، وخصكم بكرائم التنزيل ، وأعطاكم التأويل ، وجعلكم تابوت حكمته ومنارا في بلاده ، وضرب لكم مثلا من نوره ، وأجرى فيكم من علمه ، وعصمكم من الزلل ، وطهركم من الدنس ، وأذهب عنكم الرجس ، فبكم تمت النعمة واجتمعت الفرقة ، وائتلفت الكلمة ولزمت الطاعة المفترضة ، والمودة الواجبة وأنتم أولياؤه النجباء ، وعباده المكرمون.

أتيتك يا ابن رسول الله عارفا بحقك ، مستبصرا بشأنك ، معاديا لاعدائك ، مواليا لاوليائك ، بأبي أنت وامي صلى الله عليك وسلم تسليما ، أتيتك وافدا زائرا عائذا ، مستجيرا مما جنيت على نفسي ، واحتطبت على ظهري ، فكن لي شفيعا فان لك عندالله مقاما معلوما ، وأنت عندالله وجيه. آمنت بالله وبما انزل عليكم وأتولى آخركم بما توليت به أولكم ، وأبرء من كل وليجة دونكم ، وكفرت بالجبت والطاغوت ، واللات والعزى (١).

الزيارة الخامسة.

رواها السيد ومؤلف المزار الكبير رحمهما‌الله قالا : هي مروية عن الائمة عليهم‌السلام إذا أردت ذلك فليكن من قولك عند العقد على العزم والنية : اللهم صل عزمي بالتحقيق ، ونيتي بالتوفيق ، ورجائي بالتصديق ، وتول أمري ، و

__________________

(١) كامل الزيارات ص ٣١٦

١٦٢

لا تكلني إلى نفسي ، فأحل عقدة الخيرة (١) وأتخلف عن حضور المشاهد المقدسة.

وصل ركعتين قبل خروجك وقل بعقبهما : اللهم إني أستودعك ديني ونفسى وجميع حزانتي ، اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الاهل والمال والولد ، اللهم أني أعوذ بك من سوء الصحبة ، وإخفاق الاوبة ، اللهم سهل لنا حزن ما نتغول (٢) ، ويسر علينا مستغزر ما نروح ونغدوله ، إنك على كل شئ قدير.

وإذا سلكت على طريقك فليكن همك لما سلكت له ، ولتقلل من حال تغض منك ، ولتحسن الصحبة لمن صحبك ، وأكثر من الثناء على الله تعالى ذكره والصلاة على رسوله ، فاذا أردت الغسل للزيارة فقل وأنت تغتسل : بسم الله وبالله ، وفي سبيل الله ، وعلى ملة رسول الله ، اللهم اغسل عنى درن الذنوب ، ووسخ العيوب وطهرني بمآء التوبة ، وألبسني رداء العصمة ، وأيدني بلطف منك يوفقني لصالح الاعمال ، إنك ذو الفضل العظيم.

فاذا دنوت من باب المشهد فقل : الحمد لله الذي وفقني لقصد وليه ، وزيارة حجته ، وأوردني حرمه ، ولم يبخسني حظي من زيارة قبره ، والنزول بعقوة مغيبه وساحة تربته ، الحمد لله الذي لم يسمني بحرمان ما أملته ، ولا صرف عني ما رجوته ، ولا قطع رجائي فيما توقعته ، بل ألبسني عافيته ، وأفادني نعمته ، وآتاني كرامته.

فاذا دخلت المشهد ، فقف على الضريح الطاهر وقل : السلام عليكم أئمة المؤمنين ، وسادة المتقين ، وكبراء الصديقين ، وامراء الصالحين ، وقادة المحسنين ، وأعلام المهتدين ، وأنوار العارفين ، وورثة الانبياء ، وصفوة الاوصياء ، وشموس الاتقياء ، وبدور الخلفاء ، وعباد الرحمن ، وشركاء القرآن ومنهج الايمان ، ومعادن الحقايق ، وشفعاء الخلايق ، ورحمة الله وبركاته

أشهد أنكم أبواب الله ، ومفاتيح رحمته ، ومقاليد مغفرته ، وسحائب

__________________

(١) الحيرة خ ل.

(٢) مانتوغل فيه خ ل.

١٦٣

رضوانه ، ومصابيح جنانه ، وحملة فرقانه ، وخزنة علمه ، وحفظة سره ، ومهبط وحيه ، وأمانات النبوة ، وودايع الرسالة ، أنتم امناء الله وأحباؤه ، وعباده و أصفياؤه ، وأنصار توحيده وأركان تمجيده ، ودعاته إلى كتبه وحرسه خلائقه وحفظة ودائعه ، لا يسبقكم ثناء الملائكة في الاخلاص والخشوع ، ولا يضادكم ذو ابتهال وخضوع.

أني ولكم القلوب التي تولى الله رياضتها بالخوف والرجاء ، وجعلها أوعية للشكر والثناء ، وآمنها من عوارض الغفلة ، وصفاها من شواغل الفترة بل يتقرب أهل السماء بحبكم ، وبالبراءة من أعدائكم ، وتواتر البكاء على مصابكم ، والاستغفار لشيعتكم ومحبيكم.

فأنا اشهد الله خالقي ، واشهد ملائكته وأنبياءه ، واشهدكم يا موالي ، أني مؤمن بولايتكم ، معتقد لامامتكم ، مقر بخلافتكم ، عارف بمنزلتكم ، موقن بعصمتكم ، خاضع لولايتكم ، متقرب إلى الله بحبكم ، وبالبراءة من أعدائكم عالم بأن الله قد طهركم من الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، ومن كل ريبة ونجاسة ، ودنية ورجاسة ، ومنحكم راية الحق التي من تقدمها ضل ، ومن تأخر عنها زل ، وفرض طاعتكم على كل أسود وأبيض.

وأشهد أنكم قد وفيتم بعهد الله وذمته ، وبكل ما اشترط عليكم في كتابه ، ودعوتم إلى سبيله ، وأنفذتم طاقتكم في مرضاته ، وحملتم الخلائق على منهاج النبوة ومسالك الرسالة ، وسرتم فيه بسيرة الانبياء ، ومذاهب الاوصياء ، فلم يطع لكم أمر ، ولم تصغ إليكم اذن ، فصلوات الله على أرواحكم وأجسادكم (١).

ثم تنكب على القبر وتقول : بأبي أنت وامي يا حجة الله لقد ارضعت بثدي الايمان ، وفطمت بنور الاسلام ، وغذيت ببرد اليقين والبست حلل العصمة واصطفيت وورثت علم الكتاب ، ولقنت فصل الخطاب ، واوضح بمكانك معارف التنزيل ، وغوامض التأويل ، وسلمت إليك راية الحق ، وكلفت هداية الخلق

__________________

(١) المزار الكبير ص ٩٣ ـ ٩٤ ومصباح الزائر ص ٢٣٧ ـ ٢٣٩

١٦٤

ونبذ إليك عهد الامامة ، والزمت حفظ الشريعة.

وأشهد يا مولاي أنك وفيت بشرائط الوصية ، وقضيت مالزمك من حد الطاعة ، ونهضت بأعباء الامامة ، واحتذيت مثال النبوة ، في الصبر والاجتهاد والنصيحة للعباد ، وكظم الغيظ ، والعفو عن الناس ، وعزمت على العدل في البرية ، والنصفة في القضية ، ووكدت الحجج على الامة بالدلائل الصادقة والشواهد الناطقة ، ودعوت إلى الله بالحكمة البالغة ، والموعظة الحسنة.

فمنعت من تقويم الزيغ ، وسد الثلم ، وإصلاح الفاسد ، وكسر المعاند وإحياء السنن ، وإماتة البدع ، حتى فارقت الدنيا وأنت شهيد ، ولقيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنت حميد ، صلوات الله عليك تترادف وتزيد.

ثم صر إلى عند الرجلين وقل :

يا سادتي يا آل رسول الله إني بكم أتقرب إلى الله جل وعلا ، بالخلاف على الذين غدروا بكم ، ونكثوا بيعتكم ، وجحدوا ولايتكم ، وأنكروا منزلتكم وخلعوا ربقة طاعتكم ، وهجروا أسباب مودتكم ، وتقربوا إلى فراعنتهم بالبراءة منكم ، والاعراض عنكم ، ومنعوكم من إقامة الحدود ، واستئصال الجحود ، وشعب الصدع ، ولم الشعث ، وسد الخلل ، وتثقيف الاود ، وإمضاء الاحكام وتهذيب الاسلام ، وقمع الاثام ، وأرهجوا عليكم نقع الحروب والفتن ، وأنحوا عليكم سيوف الاحقاد ، وهتكوا منكم الستور وابتاعوا بخمسكم الخمور ، وصرفوا صدقات المساكين إلى المضحكين والساخرين.

وذلك بما طرقت لهم الفسقة الغواة ، والحسد البغاة ، أهل النكث والغدر والخلاف والمكر ، والقلوب المنتنة من قذر الشرك ، والاجساد المشحنة من درن الكفر ، أضبوا على النفاق ، وأكبوا على علائق الشقاق.

فلما مضى المصطفى صلوات الله عليه واله ، اختطفوا الغرة (١) وانتهزوا الفرصة ، وانتهكوا الحرمة ، وغادروه على فراش الوفاة ، وأسرعوا لنقض البيعة

__________________

(١) العترة خ ل.

١٦٥

ومخالفة المواثيق المؤكدة ، وخيانة الامانة المعروضة على الجبال الراسية ، وأبت أن تحملها وحملها الانسان الظلوم الجهول ، ذو الشقاق والعزة بالاثام المولمة ، والانفة عن الانقياد لحميد العاقبة.

فحشر سفلة الاعراب ، وبقايا الاحزاب ، إلى دار النبوة والرسالة ، و مهبط الوحي والملائكة ، ومستقر سلطان الولاية ، ومعدن الوصية والخلافة و الامامة ، حتى نقضوا عهد المصطفى ، في أخيه علم الهدى ، والمبين طريق النجاة من طرق الردى ، وجرحوا كبد خير الورى ، في ظلم ابنته ، واضطهاد حبيبته ، واهتضام عزيزته ، بضعة لحمه وفلذة كبده ، وخذلوا بعلمها ، وصغروا قدره ، واستحلوا محارمه ، وقطعوا رحمه ، وأنكروا اخوته ، وهجروا مودته ، ونقضوا طاعته ، وجحدوا ولايته وأطعموا العبيد في خلافته.

وقادوه إلى بيعتهم ، مصلتة سيوفها ، مقذعة أسنتها ، وهو ساخط القلب هائج الغضب ، شديد الصبر ، كاظم الغيظ ، يدعونه إلى بيعتهم التي عم شومها الاسلام وزرعت في قلوب أهلها الاثام ، وعقت سلمانها ، وطردت مقدادها ، ونفت جندبها وفتقت بطن عمارها ، وحرفت القرآن ، وبدلت الاحكام ، وغيرت المقام ، و أباحت الخمس للطلقاء ، وسلطت أولاد اللعناء على الفروج ، وخلطت الحلال بالحرام ، واستخفت بالايمان والاسلام ، وهدمت الكعبة ، وأغارت على دار الهجرة يوم الحرة ، وأبرزت بنات المهاجرين والانصار للنكال والسورة (١) وألبستهن ثوب العار والفضيحة ، ورخصت لاهل الشبهة ، في قتل أهل بيت الصفوة وإبادة نسله ، واستيصال شافعته ، وسبي حرمه ، وقتل أنصاره ، وكسر منبره ، وقلب مفخره وإخفاء دينه ، وقطع ذكره.

يا موالي فلو عاينكم المصطفى وسهام الامة معرقة (٢) في أكبادكم ، ورماحهم مشرعة في نحوركم ، وسيوفها مولعة في دمائكم ، يشفى أبناء العواهر غليل الفسق من ورعكم ، وغيظ الكفر من إيمانكم ، وأنتم بين صريع في المحراب ، قد فلق السيف هامته

__________________

(١) والسوءة خ ل.

(٢) مغرقة خ ل.

١٦٦

وشهيد فوق الجنازة ، قد شكت أكفانه بالسهام ، وقتيل بالعراء قد رفع فوق القناة رأسه ، ومكبل في السجن قد رضت بالحديد أعضاؤه ، ومسموم قد قطعت بجرع السم أمعاؤه ، وشملكم عباديد تفنيهم العبيد وأبناء العبيد ، فهل المحن يا سادتي إلا التي لزمتكم ، والمصائب إلا التي عمتكم ، والفجايع إلا التي خصتكم ، والقوارع إلا التي طرقتكم ، صلوات الله عليكم وعلى أرواحكم وأجسادكم ، و رحمة الله وبركاته (١).

ثم قبله وقل : بأبي وامي يا آل المصطفى ، إنا لا نملك إلا أن نطوف حول مشاهدكم ، ونعزي فيها أرواحكم ، على هذه المصائب العظيمة الحالة بفنائكم والرزايا الجليلة النازلة بساحتكم ، التى أثبتت في قلوب شيعتكم القروح ، وأورثت أكبادهم الجروح ، وزرعت في صدورهم الغصص.

فنحن نشهد الله أنا قد شاركنا أولياءكم وأنصاركم المتقدمين ، في إراقة دماء الناكثين والقاسطين والمارقين ، وقتلة أبي عبدالله سيد شباب أهل الجنة يوم كربلا ، بالنيات والقلوب ، والتأسف على فوت تلك المواقف ، التي حضروا لنصرتكم ، وعليكم منا السلام ، ورحمة الله وبركاته.

ثم اجعل القبر بينك وبين القبلة وقل ، اللهم يا ذا القدرة التي صدر عنها العالم مكونا مبروءا عليها ، مفطورا تحت ظل العظمة ، فنطقت شواهد صنعك فيه بأنك أنت الله لا إله إلا أنت ، مكونا وبارئه ، وفاطره ، ابتدعته لا من شئ ، ولا على شئ ، ولا في شئ ، ولا لوحشة دخلت عليك إذ لا غيرك ، ولا حاجة بدت لك في تكوينه ، ولا لاستعانة منك على ما تخلق بعده ، بل أنشأته ليكون دليلا عليك ، بأنك بائن من الصنع ، فلا يطيق المنصف لعقله إنكارك ، والموسوم بصحة المعرفة جحودك. أسئلك بشرف الاخلاص في توحيدك ، وحرمة التعلق بكتابك ، وأهل بيت نبيك ، أن تصلي على آدم بديع فطرتك ، وبكر حجتك ، ولسان قدرتك ، و

__________________

(١) المزار الكبير ص ٩٤ ـ ٦٦ ومصباح الزائر ص ٢٣٩ ـ ٢٤١

١٦٧

الخليفة في بسيطتك ، وعلى محمد الخالص من صفوتك ، والفاحص عن معرفتك ، والغائص المأمون على مكنون سريرتك ، بما أوليته من نعمتك بمعونتك ، وعلى على من بينهما من النبيين والمكرمين والاوصياء والصديقين ، وأن تهبني لامامي هذا (١).

وضع خدك على سطح القبر وقل : اللهم بمحل هذا السيد من طاعتك ، وبمنزلته عندك ، لا تمتني فجأة ، ولا تحرمني توبة ، وارزقني الورع عن محارمك دينا ودنيا ، واشغلني بالاخرة عن طلب الاولى ، ووفقني لما تحب وترضى ، و جنبني اتباع الهوى ، والاغترار بالاباطيل والمنى.

اللهم اجعل السداد في قولي ، والصواب في فعلى ، والصدق والوفاء في ضماني ووعدي ، والحفظ والايناس مقرونين بعهدي وعقدي ، والبر والاحسان من شأني وخلقي ، واجعل السلامة لي شاملة ، والعافية بي محيطة ملتفة ، ولطيف صنعك وعونك مصروفا إلى ، وحسن توفيقك ويسرك موفورا علي ، وأحيني يا رب سعيدا ، وتوفني شهيدا ، وطهرني للموت وما بعده.

اللهم واجعل الصحة والنور في سمعي وبصري ، والجدة والخير في طرقي ، والهدى والبصيرة في ديني ، ومذهبي ، والميزان أبدا نصب عيني ، و الذكر والموعظة شعاري ودثاري ، والفكرة والعبرة انسى وعمادي ، ومكن اليقين في قلبي ، واجعله أوثق الاشياء في نفسي ، وأغلبه على رائى وعزمي ، و اجعل الارشاد في عملي ، والتسليم لامرك مهادي وسندي ، والرضا بقضائك وقدرك أقصى عزمي ونهايتي ، وأبعد همي وغايتي ، حتى لا أتقي أحدا من خلقك بديني ، ولا أطلب به غير آخرتي ، ولا أستدعي منه إطرائي ومدحى ، واجعل خير العواقب عاقبتي ، وخير المصاير مصيري ، وأنعم العيش عيشى ، وأفضل الهدى هداي ، وأوفر الحظوظ حظي ، وأجزل الاقسام قسمي ونصيبي ، وكن لي يا رب من كل سوء وليا ، وإلى كل خير دليلا وقائدا ، ومن كل باغ وحسود ظهيرا ومانعا ،

__________________

(١) مصباح الزائر ص ٢٤١ والمزار الكبير ص ٩٦ ـ ٩٧.

١٦٨

اللهم بك اعتدادي وعصمتى ، وثقتي وتوفيقي ، وحولي وقوتي ، ولك محياي ومماتي ، وفي قبضتك سكوني وحركتى ، وإن بعروتك الوثقى استمساكي ووصلتي ، وعليك في الامور كلها اعتمادي وتوكلي ، ومن عذاب جهنم ومس سقر نجاتي وخلاصي ، وفي دار أمنك وكرامتك مثواي ومنقلبي ، وعلى أيدي ساداتي وموالي آل المصطفى فوزي وفرجى.

اللهم صل على محمد وآل محمد ، واغفر للمؤمنين والمؤمنات ، والمسلمين والمسلمات ، واغفرلي ولوالدي وما ولدا وأهل بيتي وجيراني ، ولكل من قلدني يدا من المؤمنين والمؤمنات ، إنك ذو فضل عظيم ، والسلام عليك ، ورحمة الله وبركاته (١).

ثم قال السيد رحمه‌الله ، دعاء يدعى به عقيب الزيارة لسائر الائمة عليهم‌السلام :

اللهم إني زرت هذا الامام مقرا بامامته ، معتقدا لفرض طاعته ، فقصدت مشهده بذنوبي وعيوبي ، وموبقات آثامي ، وكثرة سيئاتي وخطاياي ، وما تعرفه مني ، مستجيرا بعفوك ، مستعيذا بحلمك ، راجيا رحمتك ، لاجيا إلى ركنك ، عائذا برأفتك ، مستشفعا بوليك وابن أوليائك ، وصفيك وابن أصفيائك ، وأمينك وابن امنائك ، وخليفتك وابن خلفائك ، الذين جعلتهم الوسيلة إلى رحمتك ورضوانك والذريعة إلى رأفتك وغفرانك.

اللهم وأول حاجتي إليك أن تغفر لي ما سلف من ذنوبي على كثرتها ، و تعصمني فيما بقي من عمري ، وتطهر ديني مما يدنسه ويشينه ويزري به ، وتحميه من الريب والشك ، والفساد والشرك ، وتثبتني على طاعتك وطاعة رسولك ، وذريته النجباء السعداء ، صلواتك عليهم ورحمتك وسلامك وبركاتك وتحييني ما أحييتني على طاعتهم ، وتميتني إذا أمتني على طاعتهم ، وأن لا تمحو من قلبي مودتهم ومحبتهم وبغض أعدائهم ، ومرافقة أوليائهم ، وبرهم.

وأسألك يا رب أن تقبل ذلك مني ، وتحبب إلى عبادتك ، والمواظبة

__________________

(١) مصباح الزائر ص ٢٤١ ـ ٢٤٢.

١٦٩

عليها ، وتنشطني لها ، وتبغض إلى معاصيك ومحارمك ، وتدفعني عنها وتجنبني التقصير في صلاتي والاستهانة بها ، والتراخي عنها ، وتوفقني لتأديتها كما فرضت وأمرت به ، على سنة رسولك صلواتك عليه وآله ، ورحمتك وبركاتك ، خضوعا وخشوعا ، وتشرح صدري لايتاء الزكاة ، وإعطاء الصدقات ، وبذل المعروف والاحسان ، إلى شيعة آل محمد عليهم‌السلام ومواساتهم ، ولا تتوفاني إلا بعد أن ترزقني حج بيتك الحرام ، وزيارة قبر نبيك عليه‌السلام ، وقبور الائمة عليهم‌السلام.

وأسئلك يا رب توبة نصوحا ترضاها ، ونية تحمدها ، وعملا صالحا تقبله وأن تغفرلي وترحمني إذا توفيتني ، وتهون علي سكرات الموت ، وتحشرني في زمرة محمد وآله صلوات الله عليه وعليهم ، وتدخلني الجنة برحمتك ، وتجعل دمعي غزيرا في طاعتك ، وعبرتي جارية فيما يقربني منك ، وقلبي عطوفا على أوليائك ، وتصونني في هذه الدنيا من العاهات والافات ، والامراض الشديدة ، والاسقام المزمنة ، وجميع أنواع البلاء (١) والحوادث ، وتصرف قلبي عن الحرام وتبغض إلى معاصيك ، وتحبب إلى الحلال ، وتفتح إلي أبوابه ، وتثبت نيتي وفعلي عليه ، وتمد في عمري ، وتغلق أبواب المحن عني ، ولا تسلبني ما مننت به علي ولا تسترد شيئا مما أحسنت به إلى ، ولا تنزع مني النعم التي أنعمت بها على وتزيد فيما خولتني ، وتضاعفه أضعافا مضاعفة ، وترزقني مالا كثيرا واسعا سآئغا ، هنيئا ناميا وافيا ، وعزا باقيا كافيا ، وجاها عريضا منيعا ، ونعمة سابغة عامة ، وتغنيني بذلك عن المطالب المنكدة ، والموارد الصعبة ، وتخلصني منها معافا في ديني ونفسي وولدي ، وما أعطيتني ومنحتني ، وتحفظ علي مالي وجميع ما خولتني ، وتقبض عني أيدي الجبابرة ، وتردني إلى وطني ، و تبلغني نهايه أملي في دنياي وآخرتي ، وتجعل عاقبة أمري محمودة حسنة سليمة وتجعلني رحيب الصدر ، واسع الحال ، حسن الخلق ، بعيدا من البخل والمنع والنفاق والكذب والبهت ، وقول الزور ، وترسخ في قلبي محبة محمد وآل محمد وشيعتهم

__________________

(١) البلايا خ ل.

١٧٠

وتحرسني يا رب في نفسي وأهلي ومالي وولدي وأهل حزانتي وإخواني وأهل مودتي وذريتي برحمتك وجودك.

اللهم هذه حاجاتي عندك ، وقد استكثرتها للؤمى وشحى ، وهي عندك صغيرة حقيرة ، وعليك سهلة يسيرة ، فأسألك بجاه محمد وآل محمد عليه وعليهم‌السلام عندك ، و بحقهم عليك وبما أوجبت لهم ، وبسائر أنبيائك ورسلك وأصفيائك ، وأوليائك المخلصين من عبادك ، وباسمك الاعظم الاعظم لما قضيتها كلها ، وأسعفتني بها ، ولم تخيب أملى ورجائى ، وشفع صاحب هذا القبر في.

يا سيدي يا ولي الله ، يا أمين الله ، أسألك أن تشفع لي إلى الله عزوجل في هذه الحاجات كلها ، بحق آبائك الطاهرين ، وبحق أولادك المنتجبين ، فان لك عندالله تقدست أسماؤه المنزلة الشريفة ، والمرتبة الجليلة ، والجاه العريض.

اللهم لو عرفت من هو أوجه عندك من هذا الامام ومن آبائه وأبنائه الطاهرين عليهم‌السلام والصلاة لجعلتهم شفعائي ، وقدمتهم أمام حاجتي وطلباتي هذه ، فاسمع مني واستجب لي ، وافعل بي ما أنت أهله يا أرحم الراحمين ، اللهم وما قصرت عنه مسئلتي (١) ولم تبلغه فطنتي ، من صالح ديني ودنياي وآخرتي ، فامنن به علي واحفظني واحرسني وهب لي واغفرلي ، ومن أرادني بسوء أو مكروه من شيطان مريد ، أو سلطان عنيد ، أو مخالف في دين ، ومنازع في دنيا ، أو حاسد على نعمة ، أو ظالم أو باغ ، فاقبض عني يده ، واصرف عني كيده واشغله بنفسه ، واكفني شره وشر أتباعه وشياطينه ، وأجرني من كل ما يضرني ويجحف بي ، وأعطني جميع الخير كله ، مما أعلم ومما لا أعلم.

اللهم صل على محمد وآل محمد ، واغفر لى ولوالدي ، ولاخواني وأخواتي ، و أعمامي وعماتي ، وأخوالي وخالاتي ، وأجدادي وجداتي ، وأولادهم وذراريهم وازواجي وذرياتي ، وأقربائي وأصدقائي ، وجيراني وإخواني فيك ، من أهل الشرق والغرب ولجميع أهل مودتي من المؤمنين والمؤمنات ، الاحياء منهم

__________________

(١) وعجزت عنه قوتى خ.

١٧١

والاموات ، ولجميع من علمني خيرا أو تعلم مني علما.

اللهم أشركهم في صالح دعائي ، وزيارتي لمشهد حجتك ووليك ، وأشركني في صالح أدعيتهم ، برحمتك يا أرحم الراحمين ، وبلغ وليك منهم السلام ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته يا سيدي ومولاي ـ يا فلان بن فلان ـ صلى الله عليك ، وعلى روحك وبدنك ، أنت وسيلتي إلى الله ، وذريعتي إليه ، ولي حق موالاتي وتأميلى فكن شفيعي إلى الله عزوجل في الوقوف على قصتي هذه ، وصرفي عن موقفي هذا بالنجح ، وبما سألته كله ، برحمته وقدرته ، اللهم ارزقني عقلا كاملا ولبا راجحا وعزا باقيا ، وقلبا زكيا ، وعملا كثيرا ، وأدبا بارعا ، واجعل ذلك كله لي ، ولا تجعله علي ، برحمتك يا أرحم الراحمين (١).

ويستحب أن يدعى بهذا الدعاء أيضا عقيب الزيارة لهم عليهم‌السلام : اللهم إن كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك ، وحجبت دعائى عنك ، وحالت بيني وبينك فأسألك أن تقبل على بوجهك الكريم ، وتنشرعلي رحمتك ، وتنزل علي بركاتك.

وإن كانت قد منعت أن ترفع لي إليك صوتا ، أو تغفر لى ذنبا ، أو تتجاوز عن خطيئة مهلكة فها أنا ذا مستجير بكرم وجهك وعز جلالك ، متوسل إليك ، متقرب إليك بأحب خلقك إليك ، وأكرمهم عليك وأولاهم بك ، وأطوعهم لك ، وأعظمهم منزلة ومكانا عندك ، محمد وبعترته الطاهرين الائمة الهداة المهديين ، الذين فرضت على خلقك طاعتهم ، وأمرت بمودتهم وجعلتهم ولاة الامر من بعد رسولك صلى‌الله‌عليه‌وآله.

يا مذل كل جبار عنيد ، ويا معز المؤمنين ، بلغ مجهودي فهب لى نفسي الساعة ، ورحمة منك تمن بها على يا أرحم الراحمين.

ثم قبل الضريح ومرغ خديك عليه وقل : اللهم إن هذا مشهد لا يرجو من فاتته فيه رحمتك ، أن ينالها في غيره ، ولا أحد أشقى من امرء ، قصده مؤملا فآب عنه خائبا ، اللهم إني أعوذ بك من شر الاياب (٢) وخيبة المنقلب ، والمناقشة عند

__________________

(١) مصباح الزائر ص ٢٤٢ ـ ٢٤٤. (٢) سوء الاياب خ ل.

١٧٢

الحساب ، وحاشاك يا رب أن تقرن طاعة وليك بطاعتك ، وموالاته بموالاتك ، ومعصيته بمعصيتك ، ثم تؤيس زائره ، والمتحمل من بعد البلاد إلى قبره ، وعزتك لا ينعقد على ذلك ضميري ، إذ كانت القلوب إليك بالجميل تشير (١).

ثم صل صلاة الزيارة فاذا أردت الوداع والانصراف فقل : السلام عليكم يا أهل بيت النبوة ، ومعدن الرسالة ، سلام مودع لا سئم ولا قال ، ورحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد

أقول : وساق الوداع إلى آخر ما مر في الجامعة الثانية (٢)

وقال الشيخ المفيد قدس الله روحه في كتاب المزار : يستحب أن يدعى بهذا الدعاء عقيب الزيارة لهم عليهم‌السلام وهو : اللهم إن كانت ذنوبي قد أخلقت وجهى عندك. وساق إلى قوله إليك بالجميل تشير ثم قال ثم قل :

يا ولي الله! إن بينى وبين الله عزو جل ذنوبا لا يأتي عليها إلا رضاك ، فبحق من ائتمنك على سره ، واسترعاك أمر خلقه ، وقرن طاعتك بطاعته ، وموالاتك بموالاته ، تول صلاح حالى مع الله عزوجل واجعل حظي من زيارتك ، تخليطى بخالصي زواك ، الذين تسأل الله عزوجل في عتق رقابهم ، وترغب إليه في حسن ثوابهم.

وها أنا اليوم بقبرك لائذ ، وبحسن دفاعك عني عائذ ، فتلافني يا مولاي وأدركنى ، واسأل الله عزوجل في أمري ، فان لك عندالله مقاما كريما ، وجاها عظيما ، صلى الله عليك وسلم تسليما.

ثم قال رحمه‌الله في الكتاب المذكور : دعاءآخر يدعى به عقيب الزيارة لسائر الائمة عليهم‌السلام وهو : اللهم إني زرت هذا الامام مقرا بامامته وساق الدعاء إلى قوله ولا تجعله علي برحمتك يا أرحم الراحمين.

أقول : ورأيت أيضا في بعض مؤلفات أصحابنا دعاء آخر يستحب أن يدعى به

__________________

(١) مصباح الزائر ص ٢٤٤ ـ ٢٤٥.

(٢) مصباح الزائر : ص ٢٤٥.

١٧٣

عقيب زيارة أميرالمؤمنين أو أحد الائمة عليهم‌السلام وهو اللهم بمحل هذا السيد من طاعتك ، وساق إلى قوله إنك ذوفضل عظيم والسلام عليك ورحمة الله وبركاته

أقول : فاذا دعا الزائر لكل إمام عقيب أي زيارة كانت بكل من هذه الادعية كان حسنا.

بيان : قوله وإخفاق الاوبة يقال : طلب حاجة فأخفق أي لم يدركها (قوله) ما نتغول قال في النهاية (١) المغاولة المبادرة في السير وفي بعض النسخ ما نتوغل فيه وهو أظهر. قال الفيروز آبادي (٢) وغل في الشئ يغل وغولا دخل وتوارى أوبعد وذهب ، وأوغل في البلاد والعلم ذهب وبالغ وأبعد كتوغل.

(قوله) مستغزر ما نروح في أكثر النسخ بتقديم المعجمة على المهملة ، قال الفيروز آبادي (٣) المستغزر الذي يطلب أكثر مما يعطي ، وفي بعضها بالعكس ، و لعله من غزر الشئ في الشئ أي إخفاؤه فيه ، والاول أظهر أي المطالب الكثيرة وقال الجوهري (٤) غض منه يغض بالضم أي وضع ونقص من قدره.

ويقال بخسه حقه كمنعه نقصه ، والعقوة ما حول الدار والمحلة ويقال سمته خسفا إذا أوليته إياه وأوردته عليه ، والثلمة بالضم فرجة المكسور والمهدوم ، والثلم محركة أن ينثلم حرف الوادي ، وقال الجزري (٥) فيه وأقام أوده بثقافه الثقاف ما يقوم به الرماح يريد أنه سوى عوج المسلمين ، وقال الفيروز آبادي. أرهج أثار الغبار (٦) ، وقال : النقع الغبار (٧).

__________________

(١) النهاية ج ٣ ص ١٩٠.

(٢) القاموس ج ٤ ص ٦٥ ـ ٦٦

(٣) القاموس ج ٢ ص ١٠٢ بتفاوت.

(٤) الصحاج ج ١ ص ١٥٥.

(٥) النهاية ج ١ ص ١٥٥.

(٦) القاموس ج ١ ص ١٩١.

(٧) القاموس ج ٣ ص ٩٠.

١٧٤

 «قوله» وأنحوا بالحاء المهملة ، يقال : أنحى عليه ضربا إذا أقبل ، وأنحى له السلاح ضربه بها ذكره الفيروز آبادي (١) وشحنه وأشحنه ملاه وأضب فلانا لزمه فلم يفارقه وعليه أمسك «قوله» وأكبوا يقال : أكب عليه إذا أقبل ولزم ، وفي بعض النسخ وألبوا يقال ألب على كذا إذا لم يفارقه ، والاختطاف استلاب الشئ وأخذه بسرعة ، أي اغتنموا غفلة الناس وأخذوها لتحصيل مرادهم.

«قوله» وخيانة الامانة المعروضة ، فيه إشارة إلى ما ورد في الاخبار في قوله تعالى (إنا عرضنا الامانة) الاية ، أن الامانة هي الخلافة ، والانسان الذي حملها هو أبوبكر «قوله عليه‌السلام» ذوالشقاق والعزة إشارة إلى قوله تعالى (بل الذين كفروا في عزة وشقاق) والعزة استكبار عن الحق ، والشقاق المخالفة لله ولرسوله واهتضمه ظلمه وغصبه ، وأصلت السيف جرده من غمده.

«قوله عليه‌السلام» مقذعة أسنتها في بعض النسخ بالدال المهملة ، وفي بعضها بالمعجمة قال الفيروز ابادي : (٢) قدعه كمنعه كفه كأقدعه ، والشئ أمضاه ، وقال (٣) : قذعه كمنعه رماه بالفحش وسوء القول كأقذعه ، وبالعصا ضربه ، وفي المزار الكبير مشرعة وهو الظاهر.

«قوله» وعقت من العقوق خلاف البر ولا يبعد أن يكون في الاصل عنفت من التعنيف ، والسورة السطوة والاعتداء ، ويمكن أن يكون تصحيف السوءة ويوم الحرة مشهور وقد سبق ذكره في أحوال سيد الساجدين عليه‌السلام ، وقال الفيروز ابادي (٤) الشأفة قرحة تخرج في الصل القدم فتكوى فتذهب ، وإذا قطعت مات صاحبها ، والاصل واستأصل الله شأفته أذهبه كما تذهب تلك القرحة أو معناه أزاله من أصله انتهى.

__________________

(١) القاموس ج ٤ ص ٣٩٤.

(٢) القاموس ج ٣ ص ٦٥.

(٣) القاموس ج ٣ ص ٦٥.

(٤) القاموس ج ٣ ص ١٥٦.

١٧٥

 «قوله» معرقة من أعرق الشجرة : إذا اشتدت عروقه في الارض ، وفي بعض النسخ بالغين المعجمة على بناء المفعول ، وأشرعت الرمح نحوه سددت «قوله» مولغة من ولوغ الكلب ، يقال : أولغ الرجل الكلب إذا حمله على الولوغ قال الشاعر :

ما مر يوم إلا وعندهما

لحم رجال أو يولغان دما

والجنازة بالكسر وقد يفتح وقيل بالكسر الميت وبالفتح السرير.

«قوله» شكت قال الجزري (١) فيه أن رجلا دخل بيته فوجد حية فشكها بالرمح أي خرقها فانتظمها به انتهى ، وفي بعض النسخ بالسين المهملة والسك تضبيب الباب بالحديد ، والعراء الفضاء لا يسترفيه بشئ ، والقناة الرمح والكبل القيد ، وكبله حبسه في سجن أو غيره ، والرض الدق ، والشمل الاجتماع ، والعباديد الفرق من الناس ، والخيل الذاهبون في كل وجه ، والقوارع الدواهي.

«قوله» ثم اجعل القبر بينك وبين القبلة أي قف خلف القبر مستقبلا للقبلة «قوله» نجاتي أي أطلبها وعطفه على الامور بعيد ، وكذا ما بعده ، وقال الجوهري (٢) نكد عيشهم اشتد ، ورجل نكد أي عسر ، وناكده فلان وهما يتناكدان إذاتعاسرا ، واللؤم بالضم مهموزا الشح ، ويقال : أجحف به إذا ذهب به ، ويطلق على الضرر العظيم ، ويقال : برع أي فاق أصحابه في العلم وغيره أو تم في كل فضيلة وجمال.

«الزيارة السادسة»

رواها السيد رضي‌الله‌عنه ايضا في مصباح الزائر وقد مرت بأسانيد قال : يروى عن الباقر صلوات الله عليه أنه قال : ما قالها أحد من شيعتنا عند قبر أمير المؤمنين ، أو أحد من الائمة عليهم‌السلام إلا وقع في درج نور ، وطبع عليه بطابع محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

(١) النهاية ج ٢ ص ٢٥٣.

(٢) صحاح الجوهرى ج ١ ص ٥٤٢.

١٧٦

حتى يسلم إلى القائم عليه‌السلام ، فيلقى صاحبه بالبشرى والتحية والكرامة وهذه الزيارة :

السلام عليك يا أمين الله في أرضه ، وحجته على عباده ، السلام عليك يا مولاي أشهد أنك جاهدت في الله ، حق جهاده ، وعملت بكتابه ، واتبعت سنن نبيه ، صلى الله عليه وآله ، حتى دعاك الله إلى جواره ، وقبضك إليه باختياره ، وألزم أعداءك الحجة مع مالك من الحجج البالغة على جميع خلقه.

اللهم فاجعل نفسي مطمئنة بقدرك ، راضية بقضائك ، مولعة بذكرك ودعائك ، محبة لصفوة أوليائك ، محبوبة في أرضك وسمائك ، صابرة على نزول بلائك ، مشتاقة إلى فرحة لقائك ، متزودة التقوى ليوم جزائك ، مستنة (١) بسنن أوليائك ، مفارقة لاخلاق أعدائك ، مشغولة عن الدنيا بحمدك وثنائك.

ثم يضع خده على القبر ويقول :

اللهم إن قلوب المخبتين إليك والهة ، وسبل الراغبين إليك شارعة ، وواعلام القاصدين إليك واضحة ، وأفئدة العارفين منك فازعة ، وأصوات الداعين إليك صاعدة ، وأبواب الاجابة لهم مفتحة ، ودعوة من ناجاك مستجابة ، وتوبة من أناب إليك مقبولة ، وعبرة من بكى من خوفك مرحومة ، والاعانة لمن استعان بك موجودة ، والاغاثة لمن استغاث بك مبذولة ، وعداتك لعبادك منجزة ، وزلل من استقالك مقالة ، وأعمال العاملين لديك محفوظة ، وأرزاقك من لدنك إلى الخلائق نازلة ، وعوائد المزيد إليهم واصلة ، وذنوب المستغفرين مغفورة ، وحوائج خلقك عندك مقضية ، وجوائز السائلين عندك موفرة ، وعوائد المزيد متواترة ، وموائد المستطعمين معدة ، ومناهل الظماء مترعة ، اللهم فاستجب دعآئي ، واقبل ثنائي واجمع بيني وبين أوليائي ، بحق محمدو علي وفاطمة والحسن والحسين ، إنك ولي نعمائي ومنتها مناي ، وغاية رجائي ، في منقلبي ومثواي (٢).

__________________

(١) مستسنة خ ل.

(٢) مصباح الزائر ص ٢٤٥ ـ ٢٤٦.

١٧٧

 «الزيارة السابعة»

قال السيد ـ ره ـ : هي مروية عن أبي الحسن الثالث صلوات الله عليه تستأذن بما قدمناه في زيارة صاحب الامر عليه‌السلام ، ثم تدخل مقدما رجلك اليمنى على اليسرى وتقول :

بسم الله وبالله ، وعلى ملة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله تسليما.

ثم تستقبل الضريح بوجهك وتجعل القبلة خلفك وتكبر الله مائة تكبيرة وتقول :

بسم الله الرحمن الرحيم أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له كما شهد الله لنفسه ، وشهدت له ملائكته واولوا العلم من خلقه ، لا إله إلا هوالعزيز الحكيم وأشهد أن محمدا عبده المنتجب ، ورسوله المرتضى ، أرسله بالهدى ودين الحق ، ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون.

اللهم اجعل أفضل صلواتك وأكملها ، وأنمى بركاتك وأعمها ، وأزكى تحياتك وأتمها ، على سيدنا محمد عبدك ورسولك ، ونجيك ووليك ورضيك وصفيك وخيرتك وخاصتك وخالصتك وأمينك الشاهد لك ، والدال عليك ، والصادع بأمرك ، والناصح لك ، المجاهد في سبيلك ، والذاب عن دينك ، والموضح لبراهينك ، والمهدي (١) إلى طاعتك ، والمرشد إلى مرضاتك ، والواعي لوحيك ، والحافظ لعهدك ، والماضي على إنفاذ أمرك ، المؤيد بالنور المضئ والمسدد بالامر المرضى ، المعصوم من كل خطأ وزلل.

المنزه من كل دنس وخطل ، والمبعوث بخير الاديان والملل ، مقوم الميل والعوج ، ومقيم البينات والحجج ، المخصوص بظهور الفلج ، وإيضاح المنهج ، المظهر من توحيدك ما استتر ، والمحيي من عبادتك مادثر ، والخاتم لما سبق ، والفاتح لما انغلق ، المجتبى من خلائقك ، والمعتام لكشف حقائقك

__________________

(١) المهدى ـ بفتح الدال وضم الميم ـ خ ل.

١٧٨

والموضحة به أشراط الهدى ، والمجلو به غربيب العمى.

دامغ جيشات الاباطيل ، ودافع صولات الاضاليل ، المختار من طينة الكرم ، وسلالة المجد الاقدم ، ومغرس الفخار المعرق ، وفرع العلاء المثمر المورق ، المنتجب من شجرة الاصفياء ، ومشكاة الضياء ، وذوابة العلياء ، وسرة البطحاء ، بعيثك بالحق ، وبرهانك على جميع الخلق ، خاتم أنبيائك ، وحجتك البالغة في أرضك وسمائك.

اللهم صل عليه صلاة ينغمر في جنب انتفاعه بها قدر الانتفاع ، ويحوز من بركة التعلق بسببها ما يفوق قدر المتعلقين بسببه ، وزده بعد ذلك (به) من الاكرام والاجلال ، ما يتقاصر عنه فسيح الامال ، حتى يعلو من كرمك أعلى محال المراتب ، ويرقى من نعمك أسنى منازل المواهب ، وخذله اللهم بحقه وواجبه ، من ظالميه وظالمي الصفوة من أقاربه.

اللهم وصل على وليك ، وديان دينك ، والقائم بالقسط من بعد نبيك علي بن أبي طالب ، أميرالمؤمنين ، وإمام المتقين ، وسيد الوصيين ، ويعسوب الدين ، وقائد الغر المحجلين ، وقبلة العارفين ، وعلم المهتدين ، وعروتك الوثقى ، وحبلك المتين ، وخليفة رسولك على الناس أجمعين ، ووصيه في الدنيا والدين.

الصديق الاكبر في الانام ، والفاروق الازهر بين الحلال والحرام ، ناصر الاسلام ومكسر الاصنام ، معز الدين وحاميه ، وواقي الرسول وكافيه الخصوص بمواخاته يوم الاخاء ، ومن هو منه بمنزلة هارون من موسى ، خامس أصحاب الكسآء ، وبعل سيدة النساء ، المؤثر بالقوت بعد ضر الطوى ، والمشكور سعيه في هل أتى ، مصباح الهدى ، ومأوى التقى ، ومحل الحجى ، وطود النهى ، الداعي إلى المحجة العظمى ، والظاعن (١) إلى الغاية القصوى ، والسامي إلى المجد والعلى ، والعالم بالتأويل والذكرى ، الذي أخدمته خواص

__________________

(١) الطاعن خ ل.

١٧٩

ملائكتك بالطاس والمنديل ، حتى توضأ ، ورددت عليه الشمس بعد دنو غروبها ، حتى أدى في أول الوقت لك فرضا ، وأطعمته من طعام أهل الجنة ، حين منح المقداد قرضا ، وباهيت به خواص ملائكتك ، إذ شرى نفسه ابتغاء مرضاتك لترضى ، وجعلت ولاية إحدى فرائضك.

فالشقي من أقر بعض وأنكر بعضا ، عنصر الابرار ، ومعدن الفخار ، وقسيم الجنة والنار ، صاحب الاعراف ، وأبي الائمة الاشراف ، المظلوم المغتصب والصابر المحتسب ، والموتور في نفسه وعترته ، المقصود (١) في رهطه وأعزته ، صلاة لا انقطاع لمزيدها ، ولا اتضاع لمشيدها ، اللهم ألبسه حلل الانعام ، و توجه تاج الاكرام ، وارفعه إلى أعلا مرتبة ومقام ، حتى يلحق نبيك عليه وعلى آله السلام ، واحكم له اللهم على ظالميه ، إنك العدل فيما تقضيه.

اللهم وصلى على الطاهرة البتول ، الزهراء ابنة الرسول ، ام الائمة الهادين ، سيدة نساء العالمين ، وارثة خير الانبياء ، وقرينة خير الاوصيآء القادمة عليك متألمة من مصابها بأبيها ، متضلمة مما حل بها من غاصبيها ، ساخطة على امة لم ترع حقك في نصرتها ، بدليل دفنها ليلا في حفرتها ، المغتصبة حقها المغصصة بريقها ، صلاة لا غاية لامدها ، ولا نهاية لمددها ، ولا انقضآء لعددها.

اللهم فتكفل لها عن مكاره دار الفنآء ، في دار البقآء ، بأنفس الاعواض وأنلها ممن عاندها نهاية الامال ، وغاية الاغراض ، حتى لا يبقى لها ولى ساخط لسخطها إلا وهو راض ، إنك أعز من أجار المظلومين ، وأعدل قاض ، اللهم ألحقها في الاكرام ببعلها وأبيها ، وخذلها الحق من ظالميها.

اللهم وصل على الائمة الراشدين ، والقادة الهادين ، والسادة المعصومين والاتقيآء الابرار ، مأوى السكينة والوقار ، وخزان العلم ، ومنتهى الحلم والفخار ساسة العباد ، وأركان البلاد ، وأدلة الرشاد ، الالبآء الامجاد ، العلماء بشرعك

__________________

(١) المقهور ، ظ.

١٨٠