شرح الحلقة الثّالثة

الشيخ حسن محمّد فيّاض حسين العاملي

شرح الحلقة الثّالثة

المؤلف:

الشيخ حسن محمّد فيّاض حسين العاملي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
الطبعة: ١
الصفحات: ٤١٣

الاستصحاب ، إذ لا احتمال لتطبيقه على قاعدة اليقين أصلا ، مع أنّها لو كانت محتملة ثبوتا إلا أنّ القرائن الإثباتيّة تؤيّد الحمل على الاستصحاب أيضا.

وبذلك يظهر أنّ هذه الفقرة صالحة للدلالة على الاستصحاب كالفقرة الثالثة.

وبهذا ينتهي الكلام عن الرواية الثانية ، وقد ظهر تماميّة الاستدلال بها.

الرواية الثالثة :

وهي رواية زرارة عن أحدهما عليه‌السلام قال : قلت له : من لم يدر في أربع هو أم في ثنتين ، وقد أحرز الثنتين؟ قال :

« يركع ركعتين وأربع سجدات وهو قائم بفاتحة الكتاب ويتشهّد ولا شيء عليه ، وإذا لم يدر في ثلاث هو أو في أربع وقد أحرز الثلاث ، قام فأضاف إليها ركعة أخرى ولا شيء عليه ، ولا ينقض اليقين بالشكّ ، ولا يدخل الشكّ في اليقين ، ولا يخلط أحدهما بالآخر ، ولكن ينقض الشك باليقين ويتمّ على اليقين فيبني عليه ، ولا يعتدّ بالشكّ في حال من الحالات » (١).

وهذه الرواية صحيحة أيضا وإن كانت مضمرة حيث إنّ إضمارات زرارة لا خدشة فيها من حيث الإرسال في عدم الرواية مباشرة عن المعصوم ، والمراد من أحدهما هنا الإمام الباقر أو الصادق عليهما‌السلام.

ثمّ إنّ مفاد هذه الرواية هو السؤال عن حالة الشكّ بين الاثنتين والأربع في الصلاة ، والجواب أنّه يبني على الاثنتين ؛ لأنّه متيقّن من الإتيان بهما فلا بدّ أن يضيف ركعتين.

ثمّ يفيده الإمام مطلبا آخر وهو أنّ من يشكّ بين الثلاث والأربع وقد تيقّن من الثلاث فيبني على الثلاث ويأتي بركعة رابعة.

وبعد ذلك يطبق الإمام على ما ذكر أنّه لا ينقض اليقين بالشكّ.

وهذا التعبير هو مورد الاستدلال كما تقدّم في الروايتين السابقتين.

ولذلك سوف نذكر تقريب الاستدلال والاعتراضات التي توجّه على ذلك مع الإجابة عنها ، فنقول :

__________________

(١) الاستبصار ١ : ٣٧٣ / ٣.

١٤١

وفقرة الاستدلال في هذه الرواية تماثل ما تقدّم في الروايتين السابقتين وهي قوله : « ولا ينقض اليقين بالشكّ ... ».

وتقريبه : أنّ المكلّف في الحالة المذكورة على يقين من عدم الإتيان بالرابعة في بادئ الأمر ، ثمّ يشكّ في إتيانها ، وبهذا تكون أركان الاستصحاب تامّة في حقّه ، فيجري استصحاب عدم الإتيان بالركعة الرابعة ، وقد أفتاه الإمام على هذا الأساس بوجوب الإتيان بركعة عند الشكّ المذكور ، واستند في ذلك إلى الاستصحاب المذكور معبّرا عنه بلسان « ولا ينقض اليقين بالشكّ ».

وتقريب الاستدلال بهذه الرواية على الاستصحاب على أساس الفقرة المذكورة في سياق تعليله للحكم بأنّه لا ينقض اليقين بالشكّ ، فإنّ السائل سأله عن مسألة ، والإمام أيضا أفاده حكم مسألة أخرى ، وكلتا المسألتين تشتركان في وجود حالة سابقة متيقّنة وحالة لاحقة مشكوكة ، فإنّ الركعتين أو الثلاث محرزة للمكلّف والشكّ في الإتيان بالرابعة أو بالثالثة والرابعة ، فأركان الاستصحاب تامّة بلا إشكال من جهة عدم الإتيان بالرابعة أو الثالثة والرابعة ، وهذا الأمر يعبّر عنه الإمام بعدم نقض اليقين بالشكّ كما تقدّم في الروايتين السابقتين على أساس أنّ هذه القاعدة أمر مرتكز في الذهن العرفي ، ولذلك فإنّ الإمام يطبّقها على مصاديقها.

ولكن يبقى على هذا التقريب أن يفسّر لنا النكتة في تلك الجمل المتعاطفة بما استعملته من ألفاظ متشابهة من قبيل : عدم إدخال الشكّ في اليقين وعدم خلط أحدهما بالآخر ، فإنّ ذلك يبدو غامضا بعض الشيء.

إلا أنّ هذا التقريب يواجه مشكلة لا بدّ من حلّها وهي : أنّ كلام الإمام إن كان ناظرا إلى قاعدة الاستصحاب كما هو الصحيح ، فباعتباره قاعدة مركوزة عند العقلاء والعرف فيكفي في التعبير عنها الإشارة إلى أركانها ، وقد ذكر الإمام ذلك بقوله : « ولا تنقض اليقين بالشكّ » ، وحينئذ فما هي الحاجة لذكر تلك الجمل الأربع وما هي النكتة في هذا التطويل والتكرار؟ إذ يبدو في بادئ الأمر أنّ ذكرها لا مناسبة له مع الاستصحاب ، بل لعلّ الإمام يريد أن يذكر مطلبا غير الاستصحاب ، ولذلك أكّد وكرّر ؛ لأنّ هذا المطلب الجديد ليس مرتكزا عند العقلاء فاحتاج إلى شرح وتكرار من أجل أن يصبح مرتكزا عندهم.

١٤٢

والحاصل : أنّ هذا الاستدلال عليه أن يفسّر الوجه في هذا التطويل والتكرار وإبراز النكتة التي يريدها الإمام منها.

هذا فيما يرتبط بالاستدلال ، وأمّا الإشكالات فهي :

وقد اعترض على هذا الاستدلال المذكور باعتراضات :

الأوّل : دعوى أنّ اليقين والشكّ في فقرة الاستدلال لا ظهور لهما في ركني الاستصحاب ، بل من المحتمل أن يراد بهما اليقين بالفراغ والشكّ فيه ، ومحصّل الجملة حينئذ أنّه لا بدّ من تحصيل اليقين بالفراغ ، ولا ينبغي رفع اليد عن ذلك بالشكّ ومجرّد احتمال الفراغ ، وهذا أجنبي عن الاستصحاب.

الاعتراض الأوّل : ما ذكره الشيخ الأنصاري وحاصله : أنّ قوله : « ولا ينقض اليقين بالشكّ » ليس ظاهرا في الاستصحاب ، بل في قاعدة البناء على اليقينيّة أي البراءة اليقينيّة عند الشغل اليقيني ؛ وذلك لأنّ المكلّف يعلم يقينا باشتغال ذمّته من أوّل الأمر بأربع ركعات ، فلا بدّ له أن يحصّل الفراغ اليقيني والبراءة اليقينيّة بأنّ ذمّته قد فرغت ممّا اشتغلت به.

وهذا يعني أنّ الشاكّ بين الثلاث والأربع وقد أحرز الثلاث يجب عليه الاحتياط بالإتيان بالركعة الرابعة لكي تحصل له البراءة اليقينيّة.

وهذا التعبير ورد في بعض الروايات أيضا كقوله : « إذا شككت فابن على اليقين » أي يجب الاحتياط حتّى يحصل الفراغ اليقيني.

ويكون المحصّل النهائي للرواية أنّه لا بدّ من الحصول على اليقين بفراغ الذمّة وبراءتها ممّا اشتغلت به ، ولا يجوز له الاعتماد على الشكّ والاحتمال في الفراغ والبراءة.

وبهذا يظهر أنّ الرواية لا ظهور لها في الاستصحاب ، بل فيما ذكرنا ، ولا أقلّ من احتمال ذلك ، فتكون مجملة ومع إجمالها لا يصحّ الاستدلال بها على الاستصحاب.

وعلى هذا يكون ذكر الإمام لتلك الجمل من باب التأكيد على هذه القاعدة من أجل أن تصبح قاعدة مرتكزة في الأذهان ، وأنّه لا بدّ من تحصيل اليقين وعدم خلط اليقين والشكّ أو إدخال أحدهما بالآخر.

١٤٣

والجواب : أنّ هذا الاحتمال مخالف لظاهر الرواية ، لظهورها في افتراض يقين وشكّ فعلا ، وفي أنّ العمل بالشكّ نقض لليقين وطعن فيه ، مع أنّه بناء على الاحتمال المذكور لا يكون اليقين فعليّا ، ولا يكون العمل بالشكّ نقضا لليقين ، بل هو نقض لحكم العقل بوجوب تحصيله.

والجواب عن هذا الاعتراض : أنّه لا يمكن استظهاره من الرواية ، بل ظاهرها مخالف لهذا الاحتمال. والوجه في ذلك : أنّ الرواية ظاهرة في أمرين :

أحدهما : أنّ الرواية ظاهرة في افتراض يقين وشكّ موجودين بالفعل لا تقديرا ، ويدلّ على ذلك قوله : « ولا تنقض اليقين بالشكّ » الظاهر في وجود يقين وشكّ فعلا لدى المكلّف ، بل هذا ما صرّح به السائل عند افتراضه لإحراز الثالثة والشكّ في الرابعة ، أو عند إحراز الركعتين والشكّ في الأربع.

والآخر : أنّ قوله : « ولا ينقض ـ ولا يدخل ـ ولا يخلط ـ إلى آخره » ظاهر في أنّ العمل بالشكّ والبناء عليه سوف ينقض اليقين ويهدمه ، وهذا معناه أنّه يوجد يقين سابق على الشكّ بحيث يكون الشكّ متأخّرا عن اليقين والبناء عليه طعن في اليقين وإلغاء له.

وما ذكر في الاعتراض من ظهور الرواية أو احتمال ظهورها في قاعدة « الشغل اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني » لا ينسجم مع هذين الظهورين أصلا وذلك : أنّ قاعدة الفراغ اليقيني حكم عقلي بوجوب تحصيل اليقين بالفراغ وبراءة الذمّة ممّا اشتغلت به يقينا ، وهذا يعني أنّ اليقين ليس موجودا فعلا وإنّما يراد إيجاده وتحصيله لكي تفرغ الذمّة ، فاليقين لم يفرغ عن وجوده ، وهذا مخالف لظهور الرواية في وجود يقين بالفعل لا تقديرا ، هذا أوّلا.

وثانيا : أنّ البناء على الشكّ يعني أنّ المكلّف لم يراع حكم العقل بلزوم الاحتياط وتحصيل اليقين بالفراغ وبراءة الذمّة ، وهذا يعني أنّ البناء على الشكّ ينقض حكم العقل ، بينما الرواية ظاهرة في أنّ البناء على الشكّ ينقض اليقين نفسه.

وثالثا : أنّ ظهور الرواية في كون البناء على الشكّ ينقض اليقين يفترض مسبقا وجود يقين فعلا لكي يكون العمل بالشكّ نقضا له ؛ لأنّ هذا التعبير : « ولا ينقض اليقين بالشكّ » يشتمل على موضوع وحكم ، والمفروض أن يكون الموضوع متحقّقا

١٤٤

قبل الحكم نظرا لطبيعة العلاقة بين الحكم والموضوع ، فلا بدّ من فرض ثبوت اليقين أوّلا ثمّ الحكم عليه بأنّ البناء على الشكّ يكون ناقضا له ، وأمّا إذا لم يكن لدينا يقين مفترض الثبوت فلا يكون البناء على الشكّ نقضا له فعلا ، بل على تقدير وجوده ، وهذا مخالف لظهور الرواية في فرض اليقين الفعلي.

بل لو حملنا الرواية على قاعدة الفراغ اليقيني فإنّ البناء على الشكّ يكون ناقضا لليقين الذي يراد إيجاده وتحصيله ، فتكون نسبة النقض على نحو المجاز لا الحقيقة ، وهذا مخالف لظاهر الرواية والتعبير إذ لا قرينة على المجاز فيها.

وبهذا يظهر أنّه لا يمكن استظهار قاعدة الفراغ من هذه الرواية ، بل ولا احتمال ذلك ، فالرواية ظاهرة في الاستصحاب فقط.

الثاني : أنّ تطبيق الاستصحاب على مورد الرواية متعذّر ، فلا بدّ من تأويلها ؛ وذلك لأنّ الاستصحاب ليست وظيفته إلا إحراز مؤدّاه والتعبّد بما ثبت له من آثار شرعيّة.

وعليه : فإن أريد في المقام باستصحاب عدم إتيان الرابعة التعبّد بوجوب إتيانها موصولة كما هو الحال في غير الشاكّ ، فهذا يتطابق مع وظيفة الاستصحاب ، ولكنّه باطل من الناحية الفقهيّة جزما ؛ لاستقرار المذهب على وجوب الركعة المفصولة.

وإن أريد بالاستصحاب المذكور التعبّد بوجوب إتيان الركعة مفصولة ، فهذا يخالف وظيفة الاستصحاب ؛ لأنّ وجوب الركعة المفصولة ليس من آثار عدم الإتيان بالركعة الرابعة لكي يثبت باستصحاب العدم المذكور ، وإنّما هو من آثار نفس الشكّ في إتيانها.

الاعتراض الثاني : ما ذكره الشيخ الأنصاري أيضا.

وتوضيحه : أنّ هذه الرواية لا يمكن حملها على الاستصحاب ، ولذلك لا بدّ من التأويل وحملها على قاعدة الفراغ اليقيني.

والوجه في ذلك : هو أنّ الاستصحاب حكم ظاهري تعبدي يثبت ويحرز المؤدّى ويفيد التعبّد بآثاره الشرعيّة ، فما يكون من الآثار الشرعيّة للمؤدّى المستصحب يؤخذ به ويعامل معه معاملة المتيقّن به.

١٤٥

وعلى هذا فاستصحاب عدم الإتيان بالركعة الرابعة الوارد في كلام الإمام يحتمل فيه أمران :

الأوّل : أن يكون المراد بهذا الاستصحاب التعبّد بوجوب الإتيان بالركعة الرابعة موصولة بما قبلها من الركعات من دون فصل بينهما لا بالتشهّد والتسليم ولا بتكبيرة الإحرام ، حيث إنّ الاستصحاب يجعل المكلّف كغير الشاكّ تعبّدا ، ووظيفة غير الشاكّ هو الركعة المتّصلة لا المنفصلة كما هو واضح.

وهذا الاحتمال يتطابق مع الوظيفة العمليّة التي يقتضيها الاستصحاب ، حيث إنّه يتعبّد بأن يعامل الشاكّ نفسه معاملة المتيقّن ، فكما أنّ من تيقّن بعدم الإتيان بالرابعة يجب عليه الإتيان بها موصولة ، فكذلك من جرى الاستصحاب بحقّه وثبت لديه بالتعبّد عدم الإتيان بالرابعة ، فيكون الإتيان بالركعة متّصلة من آثار الاستصحاب الشرعيّة التي يمكن التعبّد بها.

إلا أنّ الإتيان بالركعة موصولة مخالف لمذهبنا وموافق لمذهب العامّة ، إذ لا يقول أحد من الفقهاء بوجوب الركعة الموصولة ، وهذا يعني أنّ الرواية على هذا الاحتمال إمّا أن تكون ساقطة لموافقتها للعامّة فيجب حملها على التقية ، وإمّا أنّها لا تدلّ على الاستصحاب وإن كانت ظاهرة فيه فيجب التصرّف بظهورها ، وحملها على مطلب آخر يتلاءم مع ما هو مسلّم به على مذهبنا كقاعدة الفراغ اليقيني مثلا.

الثاني : أن يكون المراد بهذا الاستصحاب التعبّد بوجوب الإتيان بالركعة مفصولة ، أي أنّه لا بدّ أن يفصل بين الركعات الثلاث وبين هذه الركعة بالتشهّد والتسليم وتكبيرة الإحرام.

وهذا موافق لمذهبنا ومخالف لمذهب العامّة.

إلا أنّ الإتيان بالركعة المفصولة حينئذ لا يكون موافقا ومتلائما مع الاستصحاب ؛ لأنّ الاستصحاب كما ذكرنا يفيد التعبّد بالآثار الشرعيّة المترتّبة على اليقين ، بحيث إنّه ينزل أو يجعل الشاكّ كغير الشاكّ من حيث الوظيفة العمليّة التعبّديّة والتي تقتضي لزوم كون الركعة موصولة لا مفصولة.

وعليه فيكون الإتيان بالركعة المفصولة غير مرتبط بالاستصحاب ، بل هو من لوازم وآثار نفس الشكّ في الإتيان بالركعة الرابعة ؛ لأنّ من يشكّ في الإتيان بالرابعة يجب

١٤٦

عليه الإتيان بها ظاهرا لقاعدة الاشتغال اليقيني المستدعي للفراغ اليقيني ، فإنّه بناء على هذه القاعدة إن جيء بالركعة موصولة فمن المحتمل ألاّ يكون قد أفرغ ذمّته ؛ لاحتمال أن يكون قد أتمّ الرابعة قبلها فتكون

الركعة الموصولة خامسة ، وهي مبطلة لاشتمالها على الركوع والذي تكون زيادته مبطلة سهوا وعمدا.

وأمّا إن جيء بالركعة مفصولة بالتشهّد والتسليم ، فهنا إن كان ما في يده هي الرابعة فقد أنهى الصلاة بالتشهّد والتسليم وتكون الركعة زائدة على الصلاة ، وزيادتها غير مضرّة ؛ لأنّها مفصولة عن الصلاة ، وإن كانت الثالثة فيكون محتاجا إلى الركعة المذكورة لتميم صلاته ، واشتمالها على زيادة التشهّد والتسليم غير مضرّة ؛ لأنّها زيادة مغتفرة لدلالة الروايات على العفو عن مثل هذه الزيادة ، مضافا إلى أنّ التشهّد والتسليم زيادتهما غير العمديّة ليست مضرّة.

وبهذا يظهر أنّ حمل الرواية على الاستصحاب يعتبر مخالفة للمذهب ممّا يجعل الرواية واردة مورد التقية ، وبالتالي لا يمكن الاستدلال بها على الاستصحاب ، للعلم بأنّ أصالة الجهة والجدّيّة فيها غير تامّة.

بينما حمل الرواية على الركعة المفصولة كما هو الصحيح لا يدلّ على الاستصحاب ؛ لأنّها ليست من آثار ولوازم التعبّد بالاستصحاب شرعا ، وإنّما هي من آثار نفس الشكّ بالإتيان بالرابعة والذي يكون مجرى لأصالة الاشتغال العقلي.

وقد أجيب على هذا الاعتراض بأجوبة :

منها : ما ذكره المحقّق العراقي (١) من اختيار الشقّ الأوّل ، وحمل تطبيق الاستصحاب المقتضي للركعة الموصولة على التقية مع الحفاظ على جدّيّة الكبرى وواقعيّتها.

فأصالة الجهة والجدّ النافية للهزل والتقية تجري في الكبرى دون التطبيق.

ثمّ إنّه قد أجيب على هذا الاعتراض بعدّة أجوبة :

الجواب الأوّل على الاعتراض الثاني : ما ذكره المحقّق العراقي وحاصله : أنّنا نختار الشق الأوّل ، أي أنّ الرواية تدلّ على وجوب الإتيان بالركعة الموصولة استنادا إلى كبرى الاستصحاب.

__________________

(١) مقالات الأصول ٢ : ٣٥٢.

١٤٧

وما ذكر من مخالفة الركعة الموصولة للمذهب صحيح ، إلا أنّ هذا لا يمنع من الأخذ بدلالة الرواية على كبرى الاستصحاب وإنّما يمنع من الأخذ بتطبيق الاستصحاب على المورد المذكور.

وتوضيح ذلك : أنّه يوجد في الرواية مطلبان :

الأوّل : إفادة كبرى الاستصحاب بقول : « ولا ينقض اليقين بالشكّ » ، فإنّ هذا التعبير يراد به قاعدة الاستصحاب لورود نظير هذا التعبير في روايات أخرى دالّة على الاستصحاب.

الثاني : إفادة تطبيق الاستصحاب على المورد المذكور في الرواية من إحراز الثلاث ركعات والشكّ في الرابعة ، والحكم بوجوب الإتيان بالركعة الموصولة.

أمّا المطلب الأوّل فلا محذور من الأخذ به ، بل إنّ هذا التعبير لا يتناسب إلا مع كبرى الاستصحاب ، فهذا التعبير ظاهر جدّا في الاستصحاب ، وظهوره الجدّي على نحو الحقيقة والواقع لا التقية.

وأمّا المطلب الثاني أي تطبيق الاستصحاب على المورد واستفادة الركعة الموصولة فلا يمكن الأخذ به ، لمخالفته للمذهب من الناحية الفقهيّة وموافقته لمذهب العامّة ، فيكون محمولا على التقية.

وبهذا ظهر أنّ أصالة الجدّ والجهة تجري في الكبرى ، أي في أصل استفادة كبرى الاستصحاب من هذه الرواية ، إلا أنّ التطبيق على المورد لا يمكن جريان أصالة الجهة والجدّ فيه ؛ لأنّ نتيجة التطبيق مخالفة للقواعد المقرّرة فقهيّا عندنا مع موافقته لمذهب العامّة.

وبهذا يفصّل بين الكبرى والتطبيق ، والاستدلال بالرواية على الاستصحاب تامّ ؛ لأنّنا نريد من الرواية أن تكون دالّة على كبرى الاستصحاب وهي كذلك ، إذن فلا محذور من الأخذ بها.

وهذا التفكيك بين الكبرى والتطبيق مضافا إلى أنّه لا مانع منه ولا محذور فيه ، توجد شواهد تاريخيّة عليه من قبيل ما ذكره الإمام الصادق في حواره مع المنصور بالنسبة ليوم العيد حيث قال : « ذاك إلى إمام المسلمين إن صام صمنا وإن أفطر أفطرنا » فإنّ الكبرى صحيحة وهي كون الحكم لإمام المسلمين في مسألة هلال العيد ، إلا أنّ تطبيقها على المنصور كان تقية كما هو واضح.

١٤٨

فإن قيل : إنّ الكبرى إن كانت جدّيّة فتطبيقها صوري ، وإن كانت صوريّة فتطبيقها بما لها من المضمون جدّي ، فأصالة الجدّ في الكبرى تعارضها أصالة الجدّ في التطبيق.

كان الجواب : أنّ أصالة الجدّ في التطبيق لا تجري ، إذ لا أثر لها للعلم بعدم كونه تطبيقا جادّا لكبرى جادّة على أي حال ، فتجري أصالة الجهة في الكبرى بلا معارض.

ثمّ إنّ المحقّق العراقي ذكر هنا إشكالا وأجاب عنه وحاصلهما :

أمّا الإشكال : فما ذكر من حمل الكبرى على الجدّيّة ، وحمل التطبيق على التقية ، لا موجب له بل هو ترجيح بلا مرجّح ، إذ كما أنّ أصالة الجدّ تجري في الكبرى فيكون التطبيق صوريا محمولا على التقية ، كذلك يمكن أن تكون الكبرى صوريّة بينما التطبيق يكون جدّيّا ؛ لأنّ النتيجة على النحوين واحدة.

والوجه في ذلك : أنّنا إذا قلنا : إنّ الرواية دالّة على كبرى الاستصحاب جدّا وواقعا ، فيكون تطبيق الاستصحاب على المورد المذكور في الرواية صوريا ومخالفا للواقع وبالتالي يحمل على التقية ، فالنتيجة على هذا عدم إرادة الركعة الموصولة جدّا.

وهكذا إذا قلنا بأنّ الرواية من أوّل الأمر دالّة على أنّ كبرى الاستصحاب صوريّة ، أي أنّ إرادة الاستصحاب غير جدّيّة وواقعيّة ، بل لأجل التقية وموافقة العامّة الذين يطبّقون الاستصحاب في مثل هذا المورد.

فإنّ جديّة تطبيق الاستصحاب على المورد المذكور واستفادة الركعة الموصولة لا مانع من الأخذ بها ما دامت أصل الكبرى غير مرادة في المقام جدّا ، إذ النتيجة على هذا هي عدم إرادة الركعة الموصولة جدّا من باب عدم استفادة الكبرى وعدم جريانها أصلا.

وهذا يعني أنّ أصالة الجدّ في الكبرى تعارضها أصالة الجدّ في التطبيق ، فلا مرجّح لإحداهما على الأخرى.

وعليه فكما يمكن استفادة كبرى الاستصحاب من الرواية لو حملت الكبرى على الجدّ كذلك لا يمكن استفادة الاستصحاب منها لو حملت أصالة الجدّ على التطبيق ، وبالتالي تكون الرواية مردّدة ومجملة وغير صالحة للاستدلال.

١٤٩

وأمّا الجواب فهو : أنّ أصالة الجدّ في التطبيق لا تجري أصلا فلا تصلح للمعارضة.

والوجه في ذلك : أنّ التطبيق معلوم أنّه لا أثر له واقعا وجدّا ، إذ على كلّ حال يعلم بأنّ الركعة الموصولة ليست مرادة جدّا سواء كانت في الكبرى أم في التطبيق.

وعليه فما دام يقطع بعدم وجود الأثر فلا يمكن جريان أصالة الجدّ في التطبيق ومعارضتها لأصالة الجدّ في الكبرى ؛ لأنّ المعارضة فرع كون التطبيق جدّيّا.

وهنا نقطع بعدم هذا الأثر في التطبيق ؛ لأنّه تطبيق صوري غير جادّ على كلّ حال ، فلا شكّ لدينا لتجري أصالة الجدّ وإنّما نقطع بعدم الجدّيّة فلا تجري ؛ لعدم تحقّق موضوعها وهو الشكّ.

ولذلك تجري أصالة الجدّ في الكبرى لوجود أثر لها ، وهو استفادة كبرى الاستصحاب ، ولا تجري في التطبيق ؛ لأنّه لا أثر لجريانها فيه ، إذ لا يمكن الحكم بالركعة الموصولة على كلّ تقدير.

ولكنّ الإنصاف : أنّ الحمل على التقية في الرواية بعيد جدّا ، بملاحظة أنّ الإمام قد تبرّع بذكر فرض الشكّ في الرابعة ، وأنّ الجمل المترادفة التي استعملها تدلّ على مزيد الاهتمام والتأكيد بنحو لا يناسب التقيّة.

والصحيح : أنّ ما ذكره المحقّق العراقي من اختيار الشقّ الأوّل من كلام الشيخ الأنصاري لا يمكن المساعدة عليه لكونه مخالفا لظهور الرواية.

والوجه في ذلك : أنّ الرواية تشتمل على أمرين لا يتناسب شيء منهما مع اختيار الشقّ الأوّل.

وتوضيحه أن يقال : إنّ الرواية قد فرضت أنّ الإمام هو الذي تبرّع بذكر السؤال الثاني « وهو الشكّ في الرابعة بعد إحراز الثالثة » وهذا الافتراض لا يتناسب مع ما استظهره المحقّق العراقي من كون المورد محمولا على التقيّة ؛ إذ لو كان المورد تقيّة فلا معنى لأن يوقع الإمام نفسه اختيارا في محذور التقيّة ما دام مستغنيا عنه بالسكوت ، مضافا إلى أنّ الجمل المتعاطفة التي ذكرت في ذيل الرواية ظاهرها التأكيد على مطلب مهم ، وهذا التطويل لا يتناسب مع كون المورد تقيّة ، بل المناسب في هذا المورد أن يختصر ويوجز.

فالحمل على التقيّة لا قرينة عليه ، بل الظاهر خلافه ، خصوصا مع ملاحظة الجواب

١٥٠

عن السؤال الأوّل الظاهر جدّا في كون الركعتين مفصولتين ، فمن البعيد أن يكون جوابه الأوّل عن الركعتين المفصولتين وجوابه الثاني عن الركعة الموصولة ، فإنّ وحدة السياق والتفريع والترتيب بين السؤالين تقتضي كونهما من ناحية الحكم شيئا واحدا.

ولذلك فالمتعيّن هو الشقّ الثاني وعدم دلالة الرواية على الاستصحاب.

ومنها : ما ذكره صاحب ( الكفاية ) رحمه‌الله من أنّ عدم الإتيان بالركعة الرابعة له أثران :

أحدهما : وجوب الإتيان بركعة ، والآخر : مانعيّة التشهّد والتسليم قبل الإتيان بهذه الركعة (١).

ومقتضى استصحاب العدم المذكور التعبّد بكلا الأثرين ، غير أنّ قيام الدليل على فصل ركعة الاحتياط يخصّص دليل الاستصحاب ويصرفه إلى التعبّد بالأثر الأوّل لمؤدّاه دون الثاني.

فإجراء الاستصحاب مع التبعيض في آثار المؤدّى صحيح.

الجواب الثاني على الاعتراض الثاني : ما ذكره صاحب ( الكفاية ) وحاصله : أنّنا نختار كون الركعة مفصولة لا موصولة.

ولا يرد على ذلك أنّ الرواية حينئذ لا تكون ناظرة إلى الاستصحاب.

والوجه في ذلك أن يقال : إنّ استصحاب عدم الإتيان بالركعة الرابعة يترتّب عليه بإطلاقه أثران شرعيّان هما :

١ ـ وجوب الإتيان بالركعة الرابعة حيث إنّه يثبت بالاستصحاب تعبّدا عدم الإتيان بها.

٢ ـ كون هذه الركعة متّصلة بما قبلها من ركعات ، وهذا يعني عدم جواز الفصل بينها وبين الركعات السابقة بالتشهّد والتسليم ، بل يمنع الإتيان بهما كذلك.

والإمام حينما أجرى الاستصحاب بقوله : « ولا تنقض اليقين بالشكّ » كان المفروض ترتيب هذين الأثرين الشرعيّين ، بمقتضى الإطلاق وعدم التقييد.

إلا أنّه يوجد لدينا دليل من الخارج ينصّ على عدم لزوم كون ركعة الاحتياط عند الشكّ بين الثالثة والرابعة مفصولة لا موصولة ، فهذا الدليل يخصّص إطلاق جريان

__________________

(١) كفاية الأصول : ٤٥٠.

١٥١

الاستصحاب في المورد ويخرج من دائرته الأثر الثاني ، فيبقى الأثر الأوّل مشمولا للاستصحاب دون الثاني.

وهذا التبعيض في شمول الاستصحاب لبعض الآثار دون البعض الآخر لا إشكال فيه ؛ لأنّ الاستصحاب في نفسه يقتضي ترتب كلا الأثرين ، غاية الأمر يوجد مانع من ترتيب الأثر الثاني فيخرج ، وأمّا الأثر الأوّل فلا مانع من ترتيبه فيبقى داخلا.

وعليه فلا محذور في حمل الرواية على الاستصحاب ؛ لأنّ ما يبقى داخلا من أثر للمؤدّى يتناسب مع الاستصحاب ، وأمّا الأثر الذي لا يتناسب مع الاستصحاب فهو خارج عن مفاد الرواية لقيام الدليل من الخارج على انتفائه وعدم إمكان التعبّد به.

ونلاحظ على ذلك : أنّ مانعيّة التشهّد والتسليم إذا كانت ثابتة في الواقع على تقدير عدم الإتيان بالرابعة ، فلا يمكن إجراء الاستصحاب مع التبعيض في مقام التعبّد بآثار مؤدّاه ؛ لأنّ المكلّف يعلم حينئذ وجدانا بأنّ الركعة المفصولة التي يأتي بها ليست مصداقا للواجب الواقعي ؛ لأنّ صلاته التي شكّ فيها إن كانت أربع ركعات فلا أمر بهذه الركعة ، وإلا فقد بطلت بما أتى به من المانع بتشهّده وتسليمه ؛ لأنّ المفروض انحفاظ المانعيّة واقعا على تقدير النقصان.

ويرد عليه : أنّ الأثر الثاني لعدم الإتيان بالركعة الرابعة والذي هو مانعيّة التشهّد والتسليم على نحوين :

الأوّل : أن تكون مانعيّتهما ثابتة في الواقع ، أي أنّ الحكم الواقعي مفاده أنّ التشهّد والتسليم قبل الرابعة مانعان من صحّة الصلاة واقعا سواء علم المكلّف أم لا ، فهنا لا يكفي إجراء الاستصحاب لإثبات الركعة المفصولة على أساس التبعيض في آثار المؤدّى من شموله للأثر الأوّل دون الثاني ، بل لا يمكن إجراء الاستصحاب على هذا الفرض ؛ وذلك لأنّ المكلّف يكون على علم وجدانا بوجوب الركعة الموصولة بناء على المانعيّة الواقعيّة للتشهّد والتسليم.

وبالتالي سوف يكون على علم وجدانا أيضا بأنّ الركعة الموصولة التي يأتي بها ليست مصداقا للمأمور به واقعا ، إذ على تقدير كون الركعات أربعا حين شكّه بين الثلاث والأربع سوف تكون هذه الركعة غير مأمور بها ، وإنّما هو مأمور بالتشهّد

١٥٢

والتسليم فقط ، فإضافة الركعة والحال هذه بلا أمر وبلا موجب ، وعلى تقدير كون الركعات ثلاثا فالتشهد والتسليم اللذان أوقعهما قبل هذه الركعة الرابعة يمنعان من صحّة الصلاة ؛ لأنّ المانعيّة واقعيّة على هذا الاحتمال.

والحاصل : أنّه بناء على المانعيّة الواقعيّة للتشهّد والتسليم سوف يعلم ـ إذا جاء بالركعة مفصولة ـ إمّا ببطلان صلاته من جهة الإتيان بالتشهّد والتسليم قبل الرابعة على فرض ما بيده هو الثالثة ، وإمّا بأنّ هذه الركعة لا أمر بها وليست مصداقا للواجب الواقعي المأمور به على فرض ما بيده هو الرابعة.

وفي كلتا الحالتين تكون صلاته باطلة ويكون عالما وجدانا بذلك ، وعليه فلا يمكن إجراء الاستصحاب وإثبات التبعيض في آثاره.

وأمّا إذا لم يثبت التبعيض فيقطع من أوّل الأمر بوجوب الركعة الموصولة لا المفصولة ، ويكون إتيانه بالركعة منفصلة مبطلا لصلاته على كلّ تقدير.

وإذا افترضنا أنّ مانعيّة التشهّد والتسليم ليست من آثار عدم الإتيان في حالة الشكّ ، فهذا يعني أنّ الشكّ في الرابعة أوجب تغيّرا في الحكم الواقعي وتبدّلا لمانعيّة التشهّد والتسليم إلى نقيضها ، وذلك تخصيص في دليل المانعيّة الواقعيّة ، ولا يعني تخصيصا في دليل الاستصحاب كما ادّعي في ( الكفاية ).

الثاني : أن نفترض أنّ مانعيّة التشهّد والتسليم مبطلة في حال الإتيان بهما قبل الركعة الرابعة عند العلم بأنّ ما يأتي به هو الرابعة ، وأمّا إذا كان شاكّا في أنّ ما يأتي به هو الرابعة فلا يكون هناك مانعيّة.

وهذا يعني أنّ المانعيّة هنا صارت من آثار الشكّ. وعليه فيلزم تغيّر وتبدّل الحكم الواقعي للمانعيّة إلى عدم المانعيّة ، فالتشهّد والتسليم الزائدان المانعان من صحّة الصلاة واقعا ، أصبحا هنا في فرض الشكّ في الإتيان بالركعة الرابعة غير مانعين بعد إجراء استصحاب عدم الإتيان بالركعة الرابعة.

وحينئذ لا يكون رفع اليد عن مانعيتهما هنا من باب التخصيص في دليل الاستصحاب بتطبيقه على الأثر الأوّل دون الأثر الثاني ، بل يكون ذلك من باب التخصيص في دليل المانعيّة الواقعيّة ، والذي يفترض ثبوته في مرحلة سابقة على إجراء الاستصحاب ، لقيام الدليل الخاصّ على عدم المانعيّة في حالة الشكّ.

١٥٣

والحاصل : أنّ المانعيّة تكون ثابتة واقعا في حالة العلم بأنّ ما يأتي به هو الرابعة ، وأمّا عند الشكّ في ذلك فلا يكون هناك مانعيّة.

وهذا الافتراض يجعل التخصيص في دليل المانعيّة لا في آثار الاستصحاب ، وهذا خلافا لما افترضه صاحب ( الكفاية ) من كون التخصيص في دليل الاستصحاب.

مضافا إلى أنّه على هذا سوف يكون الجواب المذكور متطابقا مع ما ذكره الميرزا في المعالجة الثالثة والتي سوف نذكرها مع النقاش فيها.

ومنها : ما ذكره المحقّق النائيني ـ قدس الله روحه ـ من افتراض أنّ عدم الإتيان بالرابعة مع العلم بذلك موضوع واقعا لوجوب الركعة الموصولة ، وأنّ عدم الإتيان بها مع الشكّ موضوع واقعا لوجوب الركعة المفصولة.

وعلى أساس هذا الافتراض إذا شكّ المكلّف في الرابعة فقد تحقّق أحد الجزءين لموضوع وجوب الركعة المفصولة وجدانا وهو الشكّ ، وأمّا الجزء الآخر وهو عدم الإتيان فيحرز بالاستصحاب.

وعليه فالاستصحاب يجري لإثبات وجوب الركعة المفصولة بعد افتراض كونه ثابتا على النحو المذكور.

الجواب الثالث على الاعتراض الثاني : ما ذكره المحقّق النائيني من اختيار الشقّ الثاني أي الحمل على الركعة المفصولة ، ولا يرد الإشكال المتقدّم من أنّها ليست من آثار الاستصحاب.

والوجه في ذلك أن يقال : إنّ الرواية ظاهرة في تطبيق الاستصحاب على المورد لظهور قوله : « لا تنقض اليقين بالشكّ » في ذلك ، وعليه فالاستصحاب يجري لإثبات عدم الإتيان بالركعة الرابعة ، وأمّا كونها موصولة أو مفصولة ، فهذا لا مدخليّة للاستصحاب به ، بل تعيين كيفيّة الإتيان بالركعة الرابعة راجعة إلى الشارع ، وهنا الشارع أمر بفردين من الركعة الرابعة أو بنحوين منها هما :

الأوّل : وجوب الإتيان بالركعة الرابعة موصولة على من علم وتيقّن وجدانا بأنّه لم يأت بالرابعة ، فموضوع الركعة الموصولة هو العلم بعدم الإتيان ، وهذا ما تدلّ عليه الأدلّة والروايات الأوّليّة.

الثاني : وجوب الإتيان بالركعة الرابعة مفصولة على من شكّ في الإتيان بها ،

١٥٤

فموضوع الركعة المفصولة هو الشاكّ بعدم الإتيان ، وهذا تدلّ عليه أخبار ركعات الاحتياط.

وفي مقامنا المفروض أنّ المكلّف شاكّ في الإتيان بالركعة الرابعة ، وهذا يعني عدم وجوب الركعة الموصولة عليه لانتفاء موضوعها وهو العلم الوجداني ، وهذا الشكّ يحقّق أحد جزئي موضوع وجوب الركعة المفصولة ؛ لأنّ موضوعها مركّب من جزءين ، الأوّل عدم الإتيان بالرابعة ، والثاني الشكّ في الإتيان بها.

أمّا الجزء الأوّل فهو ثابت وجدانا لفرض الشكّ ، وأمّا الجزء الثاني فهذا ما يتكفّل به الاستصحاب ؛ لأنّه يثبت لنا تعبّدا عدم الإتيان بالرابعة ؛ لأنّ الشكّ في الإتيان بها مسبوق بالعدم.

وبهذا يتحقّق لنا موضوع وجوب الركعة المفصولة ؛ لأنّ أحد الجزءين ثابت بالوجدان وهو عنوان الشكّ في الإتيان بالرابعة والثاني ثابت بالتعبّد وهو عدم الإتيان بالرابعة ، فتجب الركعة المفصولة لتحقّق موضوعها الواقعي.

وأمّا نسبة الركعة المفصولة إلى الاستصحاب كما هو ظاهر التعليل في الرواية فمن أجل أنّه حقّق الجزء الآخر من موضوعها بالتعبّد ، إذ الجزء الأوّل وهو الشكّ محقّق في نفسه وجدانا ، فكان التعليل بالاستصحاب ؛ لأنّه أثبت الجزء الأخير من الموضوع والذي عليه العمدة في ترتب الحكم ، وفي الدقّة الاستصحاب لا يثبت الركعة المفصولة ، وإنّما يثبت الجزء الأخير من موضوعها المفترض ثبوته واقعا في الشريعة.

وبتعبير آخر : أنّ أدلّة ركعة الاحتياط الدالّة على وجوب كونها مفصولة توجب الانقلاب والتبدّل والتغيّر في الحكم الواقعي لوجوب الإتيان بالركعة الرابعة الدالّ على وجوب الإتيان بها موصولة. فيصير هناك فردان أحدهما الرابعة الموصولة عند عدم الشكّ ، والرابعة المفصولة عند الشكّ.

ويمكننا أن نبيّن المطلب بنحو آخر وهو : أنّ الاستصحاب وإن كان مفاده التعبّد ببقاء المستصحب والمؤدّى كما هو الحال عند عدم الشكّ ، والذي يعني وجوب الإتيان بالرابعة موصولة ؛ لأنّ المتيقّن هو عدم الإتيان بالرابعة موصولة فهو الذي يستصحب.

إلا أنّنا لا بدّ أن نرفع اليد عن هذا الإطلاق لدلالة أدلّة ركعات الاحتياط على

١٥٥

كونها مفصولة ، وهذا يعني أنّ القيد وهو كونها موصولة يجب رفع اليد عنه ، فيبقى الاستصحاب دالاّ على وجوب الإتيان بالرابعة وتكون أدلّة ركعات الاحتياط دالّة على كونها مفصولة.

ولا يشكل هنا : بأنّ الاستصحاب يلغي الشكّ تعبّدا ويجعل المورد معلوما تعبّدا بناء على مسلك الميرزا من جعل العلميّة والطريقيّة ، وهنا إذا ألغينا الشكّ فسوف يرتفع أحد جزأي موضوع الركعة المفصولة المركّب موضوعها من الشكّ ومن عدم الإتيان بالرابعة. فإنّنا إذا أجرينا استصحاب عدم الإتيان بالرابعة فسوف نصبح على علم تعبّدي بعدم الإتيان بها ، فيرتفع الشكّ فينتفي موضوع الركعة المفصولة ويتحقّق موضوع الركعة الموصولة ، وهذا لا يمكن الأخذ به لمخالفته لمذهبنا وموافقته لمذهب العامّة.

لأنّه يجاب : أنّ الأمارات والأصول إنّما تقوم مقام القطع الموضوعي بناء على المسلك الصحيح ، فيما إذا لم تؤدّ إلى إلغاء الدليل المحكوم وذلك بانتفاء كلّ آثاره ، وإلا فلا تكون حاكمة عليه.

وهنا إذا أردنا العمل بالاستصحاب وتقديمه على الحكومة فسوف ينتفي الشكّ ، وانتفاؤه يعني انتفاء جميع الآثار المترتّبة عليه في المقام ، ولذلك لا يكون الاستصحاب حاكما على المورد ومثبتا للعلم التعبّدي ؛ لأنّ حكومته تقتضي إلغاء آثار المحكوم ( أي الشكّ ) ، والمفروض أنّه لا يشترط في الحكومة ألاّ يكون الدليل الحاكم رافعا لجميع آثار الدليل المحكوم وإلا لصار الدليل المحكوم هو المقدّم ، ومقامنا من هذا القبيل ؛ ولذلك يتقدّم الشكّ على الاستصحاب ويعمل بآثار الشكّ لا بآثار الاستصحاب.

ومن هنا يظهر أنّ الرواية ليست محمولة على التقية وليس فيها ما يخالف المذهب ، بل تحمل على الاستصحاب بلحاظ أحد الجزءين أي عدم الإتيان بالرابعة ، وأمّا الجزء الآخر وهو كونها مفصولة فيترتّب نتيجة تحقّق موضوع وجوب الركعة المفصولة واقعا كما بيّناه.

وهذا التصحيح للاستصحاب في المورد وإن كان معقولا ، غير أنّ حمل الرواية عليه خلاف الظاهر ؛ لأنّه يستبطن افتراض حكم واقعي بوجوب الركعة المفصولة على الموضوع المركّب من عدم الإتيان والشكّ ، وهذا بحاجة إلى البيان ، مع أنّ

١٥٦

الإمام اقتصر على بيان الاستصحاب على الرغم من أنّ ذلك الحكم الواقعي المستبطن هو المهمّ ، إذ مع ثبوته لا بدّ من الإتيان بركعة مفصولة حينئذ سواء جرى استصحاب عدم الإتيان أو لا ، إذ تكفي نفس أصالة الاشتغال والشكّ في وقوع الرابعة للزوم إحرازها ، فالعدول في مقام البيان عن نكتة الموقف إلى ما يستغنى عنه ليس عرفيّا.

ويرد عليه : أنّ ما ذكره الميرزا وإن كان معقولا في نفسه إلا أنّه خلاف الظاهر من الرواية.

وتوضيحه : أن افتراض وجود حكم واقعي بوجوب الركعة المفصولة موضوعه مركّب من جزءين هما الشكّ وعدم الإتيان بالرابعة ، وإن كان معقولا في نفسه بل هو صحيح أيضا لدلالة الأخبار عليه ، إلا أنّ كلام الإمام وتعليله لا يتناسب معه ؛ وذلك لأنّ كلام الإمام ظاهر في بيان التعليل للحكم بوجوب الركعة الرابعة المفصولة.

وهنا المناسب بل المتعيّن أن يكون التعليل بأنّه يوجد حكم واقعي على وجوب الركعة المفصولة ، فعدم ذكره مع كونه في مقام البيان والتفهيم وذكر العلّة في غير محلّه.

وأمّا القول بأنّه قد ذكر الاستصحاب الذي يثبت أحد جزأي الموضوع أي ( عدم الإتيان بالرابعة ) ، فيكون قد اكتفى بهذا المقدار عوضا عن ذكر الحكم ؛ لأنّ الموضوع يتحقّق بكلا جزأيه :

أحدهما وجدانا وهو الشكّ ، والآخر تعبّدا وهو عدم الإتيان بالرابعة ، فهذا غير تامّ ؛ لأنّ الاستصحاب لا مدخليّة له في وجوب الركعة المفصولة بعنوانه الخاصّ ليكون التعليل به موجّها ؛ وذلك لأنّه إذا كان هناك حكم واقعي بوجوب الركعة المفصولة مترتّب على عنواني الشكّ وعدم الإتيان بالرابعة ، فهذا الحكم ثابت سواء جرى الاستصحاب في المقام أم لا ؛ لأنّ الجزء الأوّل من الموضوع وهو الشكّ ثابت بالوجدان ، والجزء الآخر منه وهو عدم الإتيان بالرابعة كما يثبت بالاستصحاب أي استصحاب عدم الإتيان بالرابعة كذلك يثبت على أساس قاعدة ( الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني ) ، إذ المكلّف يعلم من أوّل الأمر باشتغال ذمّته بالركعة الرابعة والآن يشكّ في فراغ ذمّته منها ، فتطبّق القاعدة ويثبت بها عدم الإتيان بالرابعة ولزوم

١٥٧

الاحتياط بالإتيان بها ، فمن الممكن أن يكون التعليل ناظرا إلى هذه القاعدة لا إلى الاستصحاب.

ويكون الاستناد إلى الاستصحاب عندئذ والعدول عن النكتة والعلّة الصحيحة للحكم إليه في غير محلّه ، ولا يقبله العرف ، بل هو مخالف للفهم العرفي.

مضافا إلى استلزامه الحذف والتقدير ، وهما عناية زائدة لا قرينة عليهما في المقام والأصل عدمهما.

ومن هنا يمكن أن يكون الاعتراض الثاني بنفسه قرينة على حمل الرواية على ما ذكر في الاعتراض الأوّل ، وإن كان خلاف الظاهر في نفسه. وبالحمل على ذلك يمكن أن نفسّر النهي عن خلط اليقين بالشكّ وإدخال أحدهما بالآخر بأنّ المقصود التنبيه بنحو يناسب التقيّة على لزوم فصل الركعة المشكوكة عن الركعات المتيقّنة.

والتحقيق : أن يقال : إنّ ما ذكره الشيخ الأنصاري في الاعتراض الأوّل من حمل الرواية على قاعدة ( الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني ) ، وإن كان مخالفا لظاهر الرواية من ناحيتين كما تقدّم ، إلا أنّه يتعيّن حملها عليه بقرينة الاعتراض الثاني.

فإنّ كلّ المعالجات التي ذكرت لحلّ هذا الإشكال غير تامّة ، ولا حلّ له إلا بالقول بأنّه استند إلى قاعدة الفراغ اليقيني ؛ لأنّ استفادة الاستصحاب لا تتناسب مع الركعة المفصولة واستفادة الركعة الموصولة مخالفة للمذهب.

وحينئذ يكون المراد أنّه ما دام يعلم باشتغال ذمّته بأربع ركعات وقد أحرز ثلاثا فيجب عليه الإتيان بالرابعة ، وأمّا كيفيّة الإتيان بهذه الرابعة فهذا يعلم من روايات أخرى دلّت على أنّ هذه الركعة يجب أن تكون مفصولة ؛ لأنّ الإتيان بها موصولة لا يحقّق الفراغ اليقيني.

إذ لو كان ما في يده هو الرابعة فإقامة ركعة موصولة يجعل الصلاة باطلة ؛ لأنّها تصبح خمس ركعات ، ولو كان ما في يده هو الثالثة فالركعة الموصولة مصحّحة للصلاة ، فليس هناك فراغ يقيني وإنّما فراغ احتمالي.

بخلاف ما لو أتى بها مفصولة ، فإنّه لو كان في الثالثة فالفصل بينها وبين الرابعة بالتشهّد والتسليم والتكبير مغتفر لدلالة الروايات على ذلك ، ولو كان في الرابعة

١٥٨

فإقامة ركعة مفصولة لا يضرّ أصلا ؛ لأنّ الصلاة قد تمّت قبل هذه الإضافة وعليه فيتحقّق الفراغ اليقيني.

وبهذا التفسير نستطيع أن نحلّ ما طرحناه من إشكال في وجه التطويل والتكرار بذكر الجمل المتعاطفة ، فإنّ ذكرها حينئذ من باب الإشارة والتنبيه والإلفات إلى أنّ هذه الركعة لا بدّ أن تكون مفصولة ، وإنّما لم يصرّح الإمام بذلك لاحتمال كونه في مقام التقيّة ، فإنّ الإشارة إلى الركعة المفصولة بهذه الجمل يتناسب مع التقيّة.

وبهذا يظهر أنّه لا دلالة في الرواية على الاستصحاب أصلا.

الثالث : أنّ حمل الرواية على الاستصحاب متعذّر ، لأنّ الاستصحاب لا يكفي لتصحيح الصلاة حتّى لو بني على إضافة الركعة الموصولة وتجاوزنا الاعتراض السابق ؛ لأنّ الواجب إيقاع التشهّد والتسليم في آخر الركعة الرابعة ، وباستصحاب عدم الإتيان بالرابعة يثبت وجوب الإتيان بركعة ، ولكن لو أتى بها فلا طريق لإثبات كونها رابعة بذلك الاستصحاب ؛ لأنّ كونها كذلك لازم عقلي للمستصحب ، فلا يثبت ، فلا يتاح للمصلّي إذا تشهّد وسلّم حينئذ [ أن يحرز ] أنّه قد أوقع ذلك في آخر الركعة الرابعة.

الاعتراض الثالث : ما ذكره المحقّق العراقي ، وحاصله : أنّ حمل الرواية على الاستصحاب متعذّر إمّا من جهة انتفاء الشكّ الذي هو أحد ركني الاستصحاب ، وإمّا من جهة عدم ترتّب الأثر الشرعي على المستصحب والذي هو أحد شروط جريان الاستصحاب.

أمّا انتفاء الشكّ فلأنّ المكلّف حيث يشكّ بين الثالثة والرابعة فهذا يعني أنّه لا يعلم هل ما بيده هو الثالثة أو هو الرابعة؟ لكنّه يقطع بعدم وجود الرابعة ويقطع أيضا بوجود الثالثة ، وهذا معناه أنّه يوجد لديه علم إجمالي مردّد بين فردين أحدهما مقطوع العدم والآخر مقطوع الوجود ، ومثل هذا العلم الإجمالي لا يجري فيه الاستصحاب لانتفاء الشكّ.

وأمّا انتفاء الأثر الشرعي فإنّنا لو أجرينا الاستصحاب فإنّه لا يكفي للحكم بصحّة الصلاة التي يوقعها حتّى على فرض كون الركعة التي سوف يأتي بها موصولة ، وذلك بلحاظ التشهّد والتسليم ، فإنّ وجوب التشهّد والتسليم كما يستفاد من الأدلّة مترتّب

١٥٩

على أن تكون الركعة التي يأتي بها هي الرابعة ، أي كونها متّصفة بحيثيّة الرابعة أو بتعبير آخر مترتّب على رابعيّة الركعة بنحو مفاد ( كان ) الناقصة ، والاستصحاب هنا إنّما يثبت لنا عدم الإتيان بالركعة الرابعة فيجب الإتيان بالركعة الرابعة ، أي يجب إيجاد الركعة الرابعة بنحو مفاد كان التامّة ، ولا يثبت كونها متّصفة بالرابعة إلا على أساس اللازم العقلي ، فيكون من الأصل المثبت.

وبتعبير آخر أنّ الاستصحاب يثبت لنا عدم الإتيان بالركعة الرابعة ، ولكنّه لا يثبت لنا أنّ الركعة التي يأتي بها هي الركعة المتّصفة بالرابعة إلا على أساس اللازم العقلي.

وعليه فعند ما يأتي بالتشهّد والتسليم بعد هذه الركعة سوف لا يحرز أنّه أوقعهما بعد الركعة الرابعة ، بل يشكّ في ذلك ، وبما أنّ ذمّته مشغولة يقينا بالإتيان بهما بعد الرابعة فلا بدّ أن يحرز فراغها يقينا ، وهذا لا يتأتّى إلا بالإعادة من جديد.

وبهذا ظهر أنّه لا يمكن حمل الرواية على الاستصحاب ؛ لأنّ إثبات الركعة المفصولة ليس من آثار الاستصحاب كما تقدّم ، وإثبات الركعة الموصولة ولو تقيّة لا يمكن المصير إليه ؛ لأنّه لا يصحّح الصلاة إلا على أساس اللازم العقلي والأصل المثبت وهو ليس حجّة.

وقد أجاب السيّد الأستاذ على ذلك بأنّ المصلّي بعد أن يستصحب عدم الإتيان ويأتي بركعة يتيقّن بأنّه قد تلبّس بالركعة الرابعة ويشكّ في خروجه منها إلى الخامسة فيستصحب بقاءه في الرابعة.

وأجاب عنه السيّد الخوئي بأنّ الاستصحاب على هذا الفرض يجري ويترتّب عليه الأثر الشرعي.

والوجه فيه : أنّنا إذا أجرينا استصحاب عدم الإتيان بالرابعة وقلنا بوجوب الإتيان بها موصولة فسوف يحصل له اليقين بأنّ التشهّد والتسليم قد وقعا بعد الركعة الرابعة ؛ لأنّ المكلّف حينما يأتي بهذه الركعة سوف يعلم إجمالا بأنّه قد دخل في الركعة الرابعة إمّا الآن أي بهذه الركعة فيما لو فرض أنّ ما أتى به من ركعات كان ثلاثا ، وإمّا في الركعة السابقة لو كانت الركعات السابقة على هذه الركعة أربعا ، فهذا العلم الإجمالي يحقّق له أصل الدخول في الرابعة ، إلا أنّه سوف يشكّ في أنّه هل خرج من الرابعة إلى الخامسة أو أنّه لا يزال في الرابعة؟ من جهة أنّ ما أتى به إن كان

١٦٠