آية الله السيّد جعفر بحر العلوم
المحقق: أحمد علي مجيد الحلّي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مركز تراث السيد بحر العلوم قدّس سرّه
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٢
فقال لهم : أنا في حاجة إلى قراءتها ، فقالوا له : إنها قراءة النبي صلىاللهعليهوآله على رواية أهل البيت عليهمالسلام ، ثُمَّ أصرّوا عليه فحكى لهم القصة ، فزاد اعتقادهم في صحَّة القراءة) (١).
قلت : وفي (مجمع البيان) ما نصّه : (في الشواذ رواية قتادة ، عن الحسن (يحشر المتقون) و (يساق المجرمون) ، قال : فقلت : إنها بالنون يا أبا سعيد ، قال : وهي للمتقين إذاً) (٢).
وفي (فردوس التواریخ) نقلاً عن بعض التواريخ : (أنه كان للسلطان سنجر ـ أو أحد وزرائه ـ ولد اُصيب بالدق ، فحكم الأطباء عليه بالتفرّج والاشتغال بالصيد ، فكان من أمره أن خرج يوماً مع بعض غلمانه وحاشيته في طلب الصيد ، فبينما هو كذلك فإذا هو بغزال مارق من بين يديه ، فأرسل فرسه في طلبه ، وجدَّ في العدو ، فالتجأ الغزال إلى قبر الإمام علي بن موسى الرضا عليهالسلام ، فوصل ابن الملك إلى ذلك المقام المنيع ، والمأمن الرفيع الَّذي من دخله كان آمنا ، وحاول صيد الغزال فلم تجسر خيله على الإقدام عليه ، فتحيّروا من ذلك ، فأمر ابن الملك غلمانه وحاشيته بالنزول من خيولهم ، ونزل هو معهم ومشي حافياً مع كمال الأدب نحو المرقد الشريف ، وألقى نفسه على المرقد ، فأخذ في الابتهال إلى حضرة ذي الجلال ، ويسأل شفاء علَّته من صاحب المرقد ، فعوفي ، فأخذوا جميعاً في الفرح والسرور وبشروا الملك بما لاقاه ولده من الصحَّة ببركة صاحب المرقد ، وقالوا له : إنه مقيم عليه ، ولا بتول منه حَتَّى يصل البنّاؤون إليه ، فيبني عليه قُبَّة ، ويستحدث هناك بلداً ويشيّده ؛
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ٣١٤ ح ٦.
(٢) مجمع البيان ٦ : ٤٤٩.
ليبقى بعده تذكاراً ، ولمّا بلغ السلطان ذلك ، سجد لله شكراً ، ومن حينه وجّه نحوه المعماريين ، وبنوا علی مشهده بقعة وقبَّة وسوراً يدور على البدر) (١).
__________________
(١) فردوس التواريخ : في تواریخ خراسان وأحوال الإمام الرضا عليهالسلام ، لم أقف عليه ، وهو للمولی نوروز علي بن محمّد باقر الواعظ البسطامي ، (ت ١٣٠٩ هـ) ، طبع في إيران في (١٣١٥ هـ) على الحجر في ٤٢٨ ص ، (ينظر : الذريعة ١٦ : ١٦٥ رقم ٤٦٦).
المقام التاسع
في الإمام محمّد بن علي عليهالسلام
الملقَّب : بالتقي ، والجواد ، والمرتضى ، والمنتجب ، والقانع ، والمختار ، والعالم.
وكنيته : أبو جعفر الثاني ، وأبو الفضل ، وقد يُكنّى بأبي علي ولكنّه متروك.
ولادته عليهالسلام في شهر رجب
وُلد بالمدينة يوم الجمعة ، النصف ـ أو التاسع عشر ـ من شهر رمضان ، علی ما ذكره المفيد في (الإرشاد) و (التاريخ) ، والكليني ، والطوسي ، في (الكافي) و (التهذيب) (١).
ونقل الشيخ رحمهالله في المصباح ، عن ابن عيّاش : (أنه ذكر مولده في عاشر رجب) (٢).
قال جدّي الأمجد : (وربّما دلّ عليه ظاهر ما خرج من الناحية المقدّسة على يد الشيخ الكبير أبي القاسم رحمهالله من الدعاء في أيام رجب ، وذلك ؛ لأن الظاهر تعلّق الجار في قوله عليهالسلام في رجب : (بالمولودين). واحتمال تعلّقه بالسؤال بعيد) ، انتهى (٣).
قلت : والدعاء المذكور هو هذا : «اللهُمَّ إني أسألك بالمَولودَينِ في رجب ، محمّد بن علي الثاني ، وابنه علي بن محمّد المنتجب ...» إلى آخر الدعاء (٤).
__________________
(١) الإرشاد ٢ : ٢٧٣ ، مسار الشيعة : ٢٤ ، الکافي ١ : ٤٩٢ ، تهذيب الأحكام ٦ : ٩٠.
(٢) مصباح المتهجد : ٨٠٥.
(٣) رسالة في تاريخ المعصومين : ١٩٠.
(٤) مصباح المتهجد : ٨٠٤ ح ٨٦٧ / ١٠.
وذكر الشيخ الطوسي رحمهالله في متهجّده عن ابن عيّاش : (أنّ اليوم الثاني من رجب كان مولد الهادي عليهالسلام ، ورُوي أنه كان اليوم الخامس منه ، وأن في عاشره وُلد الجواد عليهالسلام) (١).
وقال الكفعمي : (وبعض أصحابنا كأنهم لم يقفوا على هذه الرواية ، فأوردوا هنا سؤالاً وأجابوا عنه ، وصفتها : أن [قلت] (٢) : إنَّ الجواد والهادي عليهماالسلام لم يولدا في شهر رجب ، فكيف يقول الإمام الحجّة عليهالسلام : (اللهُمَّ إنّي أسألك بالمولودَينِ في رجب) ، قلت : إنه أراد التوسل بهما في هذا الشهر ، لا كونهما وُلدا فيه.
ثُمَّ قال : وما ذكروه غير صحيح من وجوه ، الأول : إنَّما يتأتّى قولهم على بطلان رواية ابن عيّاش ، وقد ذكرها الطوسي رحمهالله في متهجّده ، وغيره من أصحابنا في مصابيحهم.
قال ابن طاووس رحمهالله في كتاب (فتح الأبواب) : وکتاب متهجّد جدّي الشيخ الطوسي رحمهالله كتاب عمل ودراية (٣) ، وما هو على سبيل مجرد الرواية ؛ لأن من صنّف کتاب عمل ، فقد تقلّد العمل بما فيه ، ومتى كان فيه ما لا يعتقده ، فقد أبدع بالإسلام ، وحوشي الشيخ الطوسي من أن يصنّف بدعة (٤).
الثاني : ظهوره في تخصيص التوسّل بهما عليهماالسلام في رجب دون شعبان ورمضان وغيرهما ، وهو تخصیص من غير مخصّص لولا الولادة.
__________________
(١) مصباح المتهجد : ٨٠٥.
(٢) ما بين المعقوفين من المصدر.
(٣) في الأصل : (عمل بالدراية) وما أثبتناه من المصدر.
(٤) فتح الأبواب : ١٨٦ باختصار.
الثالث : إنه لو كان كما ذكروا ، لقال صاحب الأمر عليهالسلام : اللهُمَّ إني أسألك الامامين. ولم يقل : (بالمولودين) ، ولأجل ولادة الحسين عليهالسلام ثالث شعبان ، قيل في دعائه : (اللهُمَّ إني أسألك بالمولود في هذا اليوم)) ، انتهى (١).
لعل التوسل بولادتهما عليهماالسلام دون باقي الأئمّة عليهمالسلام لمزيد إتمام الحجّة في توالي الأئمّة الاثني عشر ؛ لظهوره إلى الرضا عليهالسلام ، فكأنه عليهالسلام أراد إحياء أمرهما عند الشيعة كما هو دأبهم في سائر الأدعية والصلاة ، فافهم.
وكيف كان فهو بالاتفاق في سنة ١٩٥ هـ ، واُمُّه اُمّ ولد يُقال لها : سبيكة نوبية ، وقيل أيضاً : إن اسمها خيزران ، وكان له من العمر عند وفاة اُمِّه سبع سنين وأشهرُ على المشهور.
وفاته ومحل دفنه عليهالسلام
ثُمَّ أشخصه المعتصم محمّد بن هارون ، بعد ما ملك الخلافة بعد أخيه المأمون من المدينة إلى بغداد ، فورد عليهالسلام بغداد لليلتين بقيتا من المحرَّم سنة ٢٢٠ هـ ، فقتله بالسمّ على يد زوجته اُمّ الفضل بنت المأمون في آخر ذي القعدة من تلك السنة ، فكان له عليهالسلام يومئذ خمس وعشرون سنة وشهران وثمانية عشر يوماً ، ودُفن بمقابر قريش في ظهر جدّه موسی بن جعفر عليهالسلام (٢).
__________________
(١) البلد الأمين ، نقله عنه المجلسي رحمهالله في بحار الأنوار ٥٠ : ١٤ ، ولم أعثر عليه في النسخة المطبوعة سنة ١٤٢٥ هـ من منشورات مؤسسة الأعلمي ، وكذا في مصباحه ، فلعل نسخة العلّامة المجلسي رحمهالله فيها زيادات ، فلاحظ.
(٢) ينظر عن أحواله وما يتعلق به عليهالسلام : کشف الغُمَّة ٣ : ١٣٤ ـ ١٦٦ ، مناقب آل أبي طالب عليهمالسلام ٣ : ٤٨٥ ـ ٥٠٤ ، الفصول المهمة ٢ : ١٠٣٣ ـ ١٠٦٦ ، بحار الأنوار ٥٠ : ١ ـ ١١٣ ، وغيرها في غيرها.
فصل
في ذكر أولاده عليهالسلام
فهم ذكوراً وإناثاً ثلاثة عشر ، أمّا الذكور : فعليٌّ عليهالسلام الَّذي هو الإمام من بعده ، وأبو الحسن ، وأبو طالب ، وزيد ، وجعفر ، وموسى المبرقع (١).
وأمّا الإناث : فحكيمة ـ بالكاف ـ وأمّا حليمة ـ باللام ـ غلط ، كما تقدم نظيره ، وسيأتي.
وفاطمة : تزوجها المأمون كما في مناقب ابن شهر آشوب (٢).
وزينب ، وأم محمّد ، وميمونة : وهذه الثلاث دُفِنَّ في قم عند فاطمة بنت موسی بن جعفر عليهالسلام (٣).
وخديجة ، وأم كلثوم.
وأمّا أبو الحسن : فقد أعقب ، وكذلك أبو طالب ، وكذلك جعفر ، وكذلك موسی المبرقع.
أحوال موسى المبرقع
وذكر صاحب العمدة : (أنه عليهالسلام أعقب من رجلين هما : علي الهادي عليهالسلام ، وموسی المبرقع) (٤).
وموسی : اُمُّه اُمّ ولد.
__________________
(١) إجماع النسابة على أنه وُلد له عليهالسلام الإمام الهادي والمبرقع لا غيرهما من الذكور ، ولم أعثر على مصدر قوله.
(٢) کذا ، وفي المناقب ٣ : ٤٨٧ ما نصّه : (خلّف فاطمة وأمامة فقط ، وقد كان زوّجه المامون ابنته ، ولم يكن له منها ولد) ، فلعل المؤلف رحمهالله نقل من نسخة فيها من هو القلم ما لا يخفى.
(٣) کشکول البهائي ١ : ٢٠٧ ، بحار الأنوار ٥٧ : ٢٢٠.
(٤) عمدة الطالب : ١٩٩.
قال في عمدة الطالب : (مات بقم ، وقبره بها ، ويقال لولده الرضويين ، وهم بقم إلا من شذ منهم) ، انتهى (١).
وتُنسب إلى موسى المبرقع بيوت من الهند ، منها : أولاد مير أمان الله في سامانه.
ومنها : أولاد السيِّد مخدوم شاه زيد بور ، وغيرهما.
وفي (تاريخ قم) في باب أحوال الجواد عليهالسلام ، قال : (ومن أولاده موسي الَّذي هو في قم) (٢).
ونقل المجلسي عنه : (أن أول من جاء إلى قم من السادة الرضوية ، أبو جعفر موسی بن محمّد بن علي الرضا عليهالسلام سنه ٢٥٦ هـ ، وكان يضع البرقع على وجهه ، وتوفي ليلة الأربعاء ثامن ربيع الآخر سنة ٢٩٦ هـ ، ودفنوه في الموضع المعروف الآن أنه مدفنه ، وهو معروف اليوم بالمحلة الموسوية) (٣).
ونقل أيضاً المحدث النوري في رسالته المسمّاة بـ(البدر المشعشع في احوال موسی المبرقع) ، عن التاريخ المذكور : (أنه دُفن في الخان المعروف من اقليم الأيام بمحمّد بن الحسن بن أبي خالد الأشعري الملقّب بشنبوله ، واُمّ موسی أول من دُفن في ذلك المكان) ، انتهى (٤).
__________________
(١) عمدة الطالب : ٢٠١.
(٢) نقل عنه المجلسي في بحار الأنوار في فضل قم ٥٧ : ٢١٩.
(٣) بحار الأنوار ٥٧ : ٢٢٠.
(٤) البدر المشعشع : ٢٩٢ مطبوع ضمن مجلة الموسم ، العددان ٢٦ ـ ٢٧ سنة ١٤١٦ هـ.
ومحمّد بن الحسن ـ هذا الَّذي هو ضجيع موسی ـ : هو أحد الرواة من القمّيين من أصحاب الرضا عليهالسلام ، وكان وصياً لسعد بن عبد الله القمّي (١).
ويظهر من بعض الروايات مذمّة موسی بما لا مزيد عليه ، ففي (الإرشاد) بإسناده عن يعقوب بن ياسر ، قال : (كان المتوكّل يقول : ويحكم قَدْ أعياني أمر ابن الرضا ، وجهدت أن يشرب معي وأن ينادمني ، فامتنع ، وجهدت أن أجد فرصة في هذا المعنى ، فلم أجدها. فقال له بعض من حضر : إن لم تجد من ابن الرضا ما تريده من هذه الحالة ، فهذا أخوه موسی ، قصّاف عزّاف ، يأكل ويشرب ، ويعشق ويتخالع ، فأحضره وأشهره ، فإن الخبر يشيع عن ابن الرضا بذلك ، فلا يفرّق الناس بينه وبين أخيه ، ومن عرفه اتّهم أخاه بمثل فعاله ، فقال : اكتبوا بإشخاصه مُكرَّماً ، فاُشخص مكرَّماً ، فتقدم المتوكّل أن يتلقاه جميع بني هاشم والقواد وسائر الناس ، وعمل على أنه إذا وافى أقطعه قطيعة ، وبنى له فيها ، وحوّل إليها الخمّارين والقيان ، وتقدم بصلته وبرّه ، وأفرد له منزلاً سرياً يصلح أن يزوره هو فيه.
فلمَّا وافی موسی تلقّاه أبو الحسن عليهالسلام في قنطرة وصيف ـ وهو موضع يتلقی فيه القادمون ـ فسلّم عليه ووافاه حقّه ثُمَّ قال له : إن هذا الرجل قَدْ أحضرك ليهتكك ويضع منك ، فلا تقرّ له أنك شربت نبيذاً قطّ ، واتق الله يا أخي أن ترتكب محظوراً. فقال له موسی : وإنَّما دعاني لهذا فما حيلتي؟ قال : فلا تضع من قدرك ، ولا تعص ربِّك ، ولا تفعل ما يشينك ، فما غرضه إلا هتكك.
فأبى عليه موسی ، فکرّر عليه أبو الحسن عليهالسلام القول والوعظ ، وهو مقيم على خلافه ، فلمَّا رأى أنه لا يجيب قال له : أما إن المجلس الَّذي تريد الاجتماع معه عليه ، لا تجتمع عليه أنت وهو أبداً.
__________________
(١) تعليقة على منهج المقال : ٣٠٥.
قال : فأقام موسی ثلاث سنين يُبكر كلّ يوم إلى باب المتوكّل ، فيقال له : قَدْ تشاغل اليوم ، فيروح ويُبكر ، فيقال له : قَدْ سكر ، فيُبكر ، فيقال له : قَدْ شرب دواء. فما زال على هذا ثلاث سنين حَتَّى قُتل المتوكّل ، ولم يجتمع معه على الشراب) (١).
وأنت خبير بأن هذا الخبر دال على قدحه بما هو مخرج عن العدالة ، غير أنه معارض بما رواه في الكافي من الحديث المتضمّن لإشهاد الجواد عليهالسلام ابنه موسى على نسخة وصيَّته ، وقد صرّح عليهالسلام فيها بأنه مستقل في التولية على جملة موقوفات أبيه عليهالسلام من غير مشاركة أحد ، ومن المعلوم أن تولية الأوقاف من قبل الإمام من أقوى شواهد العدالة في حق المتولّي (٢).
وما رواه الشيخ الحسن بن علي بن شعبة في (تحف العقول) : عن موسی بن محمّد بن الرضا عليهالسلام ، عن أخيه أبي الحسن الثالث عليهالسلام حين سأله يحيى بن أكثُمَّ عن مسائل ، فسأل عنها أخاه عليهالسلام ، وعبارة الحديث : «فجئت إلى علي بن محمّد ، فدار بيني وبينه من المواعظ ما حملني وبصّرني طاعته ، فقلت له : جُعلت فداك إن ابن أكثُمَّ كتب يسألني عن مسائل لأفتيه فيها ، فضحك عليهالسلام ثُمَّ قال : وهل افتيته؟ قلت : لا ، قال : ولِمَ؟ قلت : لم أعرفها ، فقال عليهالسلام : وما هي؟ قلت : کتب يسألني عن كيت وكيت ... إلى أخر الحديث بطوله» (٣).
__________________
(١) الإرشاد ٢ : ٣٠٧.
(٢) ينظر الكافي ١ : ٢٣٥ ح ٣.
(٣) تحف العقول : ٤٧٦ مع إيراد تمام المسائل.
وفيه دلالة على كمال معرفته ، وتبصّره ، وتجنّبه عن القول بغير ما يعلم في الدين ، وإن أردت الاطلاع على الشواهد المبرئة لموسى ، فعليك بالرسالة المسماة بـ(البدر المشعشع) للعلّامة النوري ـ طاب ثراه ـ (١).
ولموسی المبرقع ولدان : محمّد درج ، ولم يعقب.
وأحمد ، أعقب : أبا علي محمّد بن أحمد بن موسی المبرقع ، وتوفي سنة ٣١٥ هـ ، ودُفن في بقعة جدّه موسی المبرقع (٢) ، والبقية في ولده لابنه أبي عبد الله أحمد نقیب قم ، فيهم السيِّد العالم عبيد الله بن موسی بن أحمد بن محمّد بن أحمد بن موسی المبرقع ، ذكر الشيخ منتجب الدين في فهرسته : (أنه ثقة ، ورع فاضل ، محدّث ، له : كتاب (أنساب آل الرسول وأولاد البتول) ، (كتاب في الحلال والحرام) ، كتاب (الأديان والملل)) ، انتهى (٣).
__________________
(١) قال الشيخ آقا بزرگ الطهراني في الذريعة ٣ : ٦٨ رقم ٢٠٣ عنه ما نصّه : (البدر المشعشع في أحوال ذرية موسى المبرقع ، لشيخنا العلّامة النوري الحاج ميرزا حسين ابن ميرزا محمّد تقي بن محمّد علي الطبرسي قدس سره ، المتوفى في ليلة الأربعاء (٢٧ ج ٢ ـ ١٣٢٠ هـ) ، ذكر فيه ترجمة السيِّد الشريف أبي جعفر موسی المبرقع ابن الإمام أبي جعفر محمّد الجواد التقي عليهالسلام ، وشرح أحواله وهجرته من الكوفة ، ووروده إلى قم سنة ٢٥٦ هـ إلى أن توفي بها سنة ٢٩٦ هـ وذكر ذريته وأحفاده ، وأثبت صحَّة نسب جمع من المنتمين إليه ، وفرغ منه في (ع ١ ـ ١٣٠٨) كما في النسخة التي رأيتها ، وهي بخطه في خزانة كتب الشيخ ميرزا محمّد الطهراني ، وكتب عليها بخط أنه وهبها إياه ، وقد طُبع على الحجر في سنة تأليفه في بمبئ ، وعليه تقريض السيِّد المجدد الشيرازي) ، انتهى. وقد طُبعت الرسالة أخيراً ضمن محلة الموسم العددان ٢٦ ـ ٢٧ سنة ١٤١٦ هـ.
(٢) تاريخ قم : ٥٨٨ ، عنه بحار الأنوار ٥٧ : ٢٢٠.
(٣) فهرست منتجب الدين المنضم إلى بحار الأنوار ١٠٢ : ٢٤٤.
المقام العاشر
الإمام علي بن محمّد عليهالسلام
الملقّب بالهادي ، والنّقي ، والطيِّب ، والأمين ، والناصح ، والفتَّاح ، والمرتضی ، والفقيه ، والعالم ، والمتوكّل ـ وكان يُخفي على الناس هذا اللَّقب ، ويسعى في إخفائه ، ويوصي بعدم ذكره بهذا اللقب في مجمع العامّة ؛ من باب التقية من الخليفة العبَّاسي ـ ولكنَّ أشهر ألقابه الأول والثاني ، وربّما كان يلقّب بالعسكري ؛ لحضوره في معسكر الخليفة (١).
ويکتنّی : بأبي الحسن الرابع ، أو بأبي الحسن الثالث (٢).
ولادته ، وفاته ، مدفنه عليهالسلام
وُلد قريباً من المدينة في النصف من ذي الحجّة على ما ذكره الشيخان في (الإرشاد) و (التهذيب) والكليني في (الكافي) (٣).
__________________
(١) وقصة ذلك ما نقله الراوندي في الخرائج والجرائح ١ : ٤١٤ ح ١٩ وعنه المجلسي في بحار الأنوار ٥٠ : ١٥٥ ح ٤٤ ونصّه : «رُوي أن المتوكّل أو الواثق أو غيرهما أمر العسكر ، وهم تسعون ألف فارس من الأتراك الساكنين بسر من رأى ، أن يملأ كل واحد مخلاة فرسه من الطين الأحمر ، ويجعلوا بعضه على بعض في وسط تربة واسعة هناك ، ففعلوا. فلمَّا صار مثل جبل عظيم واسمه تل المخالي ، صعد فوقه ، واستدعى أبا الحسن
واستصعده ، وقال : استحضرتك لنظارة خيولى ، وقد كان أمرهم أن يلبسوا التجانيف ويحملوا الأسلحة ، وقد عرضوا بأحسن زينة ، وأتمّ عدة ، وأعظم هيبة ، وكان غرضه أن يكسر قلب كل من يخرج عليه ، وكان خوفه من أبي الحسن عليهالسلام أن يأمر أحداً من أهل بيته أن يخرج على الخليفة ، فقال له أبو الحسن عليهالسلام : وهل أعرض عليك عسكري؟ قال : نعم ، فدعا الله سبحانه ، فإذا بين السماء والأرض من المشرق والمغرب ملائكة مدجّجون ، فغشي على الخليفة ، فلمَّا أفاق ، قال أبو الحسن عليهالسلام : نحن لا نناقشكم في الدنيا ، نحن مشتغلون بأمر الآخرة ، فلا عليك شيء ممَّا تظن».
وقال الشيخ الصدوق رحمهالله في علل الشرائع ١ : ٢٤١ باب ١٧٦ ما نصه : (سمعت من مشايخنا رضياللهعنه م يقولون إن المحلة التي يسكنها الإمامان علي بن محمّد والحسن بن علي عليهماالسلام بسر من رأى كانت تسمى عسكر ؛ فلذلك قيل لكل واحد منهما عسكري).
(٢) ينظر : بحار الأنوار ٥٠ : ١١٣ باب أسمائه وألقابه عليهالسلام.
(٣) الإرشاد ٢ : ٢٩٧ ، تهذيب الأحکام ٦ : ٩٢ ح ٤١ ، الكافي ١ : ٤٩٨ ، بقرية يقال لها : بصرياً.
وروى الشيخ في المصباح : (أنه وُلد عليهالسلام في السابع والعشرين من ذي الحجّة (١) ، واختاره المفيد رحمهالله في (التاريخ) (٢) ، وقيل : في ثاني رجب أو خامسه) (٣).
ورُوي عن إبراهيم [بن هاشم القمِّي] (٤) : (أنه كان في ثالث عشر من رجب) (٥).
وربّما يُشعر بكونه في رجب ما ذكرنا من الدعاء (٦) ، وكان ذلك في سنة ٢١٢ ـ وقيل الرابعة عشرة ـ من الهجرة ، وكان له حين وفاة أبيه ستّ ـ أو ثماني ـ سنین.
واُمُّه : اُمّ ولد ، يقال لها : سمانة المغربية ، وقيل : إنّ اُمُّه اُمّ الفضل بنت المأمون (٧).
ثُمَّ إن المتوكّل بعث یحیی بن هرثمة بن أعين مع جنود إلى المدينة ؛ ليشخصه إلى سُرَّ من رأى ، فأشخصه ، فأقام بها عشرين سنة وبضعة أشهر ، ثُمَّ سمّه المتوكّل ، فقتله على ما رواه الصدوق وجماعة (٨).
قال جدّي الأمجد : (ويظهر من بعض الأخبار أن المتوكّل جهد كثيراً في إيقاع حيلة به عليهالسلام ، فلم يتمكّن ، بل مات ـ لعنه الله ـ بدعائه عليه قبل أن يُقبض عليهالسلام ، فقُبض مسموماً من ابن المتوكّل أعني المعتمد) ، انتهى (٩).
__________________
(١) مصباح المتهجد : ٧٦٧.
(٢) مسار الشيعة : ٤٢.
(٣) المصباح للكفعمي : ٥١٢.
(٤) ما بين المعقوفين منا لإتمام المعنى.
(٥) مصباح المتهجد : ٨١٩ ، وفي الأصل : (ابن إبراهيم) فصححناه ، فلاحظ.
(٦) قَدْ مرّ في تاريخ الإمام الجواد عليهالسلام.
(٧) شرح اُصول الكافي ٧ : ٢٩٦ ، والصحيح أنها زوجة أبيه عليهالسلام ولم يلد منها.
(٨) الاعتقادات : ٩٨ والأحاديث فيمن سمّه عليهالسلام مختلفة ، وحديث إشخاصه عليهالسلام ورد في الإرشاد ٢ : ٣٠٩ وكان سنة ٢٤٣ هـ.
(٩) رسالة في تاريخ المعصومین : ٢٠٥.
وكان قبضه في يوم الاثنين الثالث من شهر رجب في سنة ٣٥٤ هـ على ما نقله جماعة ، وقيل : إنه اتّفاقي ، وكان عمره الشريف يومئذ إحدى وأربعين سنة وستة أشهر على المشهور في الميلاد ، فكانت مدَّة إمامته ثلاثاً وثلاثين سنة ، ودُفن في بيته الَّذي كان يعبدُ الله فيه بِسُرَّ من رأى مدّة عشر سنين وأشهر ، وهو البيت الَّذي عيّنه له المتوكّل العبَّاسي (١).
من دُفن بجواره عليهالسلام
قال في (المعجم) : (وبسامراء قبر الإمام علي بن محمّد بن علي بن موسی بن جعفر وابنه الحسن بن علي العسكريين ، وبها غاب المنتظر في زعم الشيعة الإمامية ، وبها من قبور الخلفاء ، قبر الواثق ، وقبر المتوكّل ، وابنه المتصر ، وأخيه المعتز ، والمهتدي والمعتمد ابن المتوكّل) (٢).
وممَّن فاز بحسن الجوار حيّاً وميتاً : إبراهيم بن العبَّاس بن محمّد بن صولتكين ، الشاعر المشهور المتوفّى في منتصف شعبان سنة ٢٤٣ هـ بِسُرَّ من رأى ، وكان متصلاً بذي الرئاستين الفضل بن سهل ، ثُمَّ تنقّل في أعمال السلطان ودواوينه إلى حين وفاته ، وكان من شعراء عصره ، وذكره ابن شهر آشوب من شعراء الشيعة ومادحي أهل البيت عليهمالسلام (٣).
__________________
(١) ينظر عن أحواله عليهالسلام وما يتعلق به بالتفصيل : بحار الأنوار ٥٠ : ١١٣ ـ ٢٣٥.
(٢) معجم البلدان ٣ : ١٧٨.
(٣) معالم العلماء : ١٨٧ ، وقال آقا بزرگ الطهراني في الذريعة ٩ ق ٢ : ٦٢٢ رقم ٤٤٤٠ عن ديوانه ما نصّه : (ديوان الصولي : أبو بكر إبراهيم بن عبَّاس بن محمّد بن صولتكين الدولي المتوفى بشعبان ٢٤٢ هـ ، في سامراء. ترجمه في معجم الأدباء ووفيات الأعيان وتاريخ بغداد ، وعدّه في معالم العلماء ص ١٤١ من شعراء الشيعة. وديوانه صغير مطبوع. وهو عمّ الصولي الشطرنجي).
قصة شجرة كشمر (١)
ومدينة سامراء من إنشاء المعتصم العبَّاسي ، وبنى بها منارة كان يصعدها على حمار مريسي ، ودرج تلك المنارة من خارجها ، وأساسها على جریب من الأرض ، وطولها تسع وتسعون ذراعاً ، ومريس قرية بمصر (٢).
ونقل المؤرِّخ الفارسي في (مرآة البلدان) ـ تاريخ السلطان ناصر الدین شاه ـ : (أن المتوكّل العبَّاسي كتب إلى عامله في خراسان ، وهو طاهر بن عبد الله ذو اليمينين أن يقطع الشجرة التي في قرية كشمر ـ من توابع خراسان ـ ، وذلك حينما أراد بناء جعفرية سامراء ، فقطعها وحملها على الإبل ، وقد غلّف أغصانها بالنماط الصوفية ، وأرسلها إلى بغداد ، وأن المجوس بذلوا له خمسين ألف دينار لئلّا يقطعها ؛ لاعتقادهم أنها غرس زردشت ، جاء بها من الجنّة).
ويقول بعض المؤرِّخين : (إن عمر الشجرة إلى سنة ٢٣٢ هجرية ١٤٥٠ سنة ، وهي سنة تلبّس المتوكّل بالخلافة ، وحين وصول الشجرة إلى قريب سامراء قُتل المتوكّل ، وعليه ، فمدّة حملها تقرب من أربع عشرة سنة ، ومن عظمها أنه لمّا وقعت على الأرض تزلزت جملة من الأبنية حولها وتضررت ، وأن ساقها بحجم ٢٨ ذراعاً ، ويستظل تحتها أكثر من ألفي حيوان من البقر والغنم ، ومن قسم الطيور الموكّرة على أغصانها ما حجبت الشمس عن الناس حين ما هاجت عنها لدى انقلابها ، وقد حُملت أغصانها على ألف وثلاثمائة بعير ، واُجرة حمل مَن ساقها إلى بغداد ألف درهم) (٣).
__________________
(١) کشمر : قرية من قرى نيسابور. (معجم البلدان ٤ : ٤٦٣).
(٢) ينظر في تاريخ سامراء : موسوعة العتبات المقدسة ـ قسم سامراء ، ومآثر الكبراء في تاريخ سامراء للمحلاتي رحمهالله.
(٣) لم أهتد إلى مصدر هذا القول ، ولم أجد من ذكره ، والقصة هي أقرب إلى الخيال.
تنبيه
جواز دخول حرمه عليهالسلام
قال الشهيد رحمهالله في مزار (الدروس) ناقلاً عن المفيد رحمهالله : (إنه لا يجوز الدخول في حرم الإمام أبي محمّد الحسن العسكري عليهالسلام ، بل يُزار من ظاهر الشباك ، ومنع من دخول الدار ، ونقل عن الشيخ أبي جعفر : أنه الأحوط ، لأنها ملك الغير ولا يجوز التصرف فيها إلا بإذنه ، قال : ولو أن أحداً دخلها لم يكن مأثوماً وخاصة إذا تأول في ذلك ما رُوي عنهم عليهمالسلام أنهم جعلوا شيعتهم في حلٍّ من مالهم) ، انتهى (١).
أقول : تعليل الجواز بتحليل الخمس لشيعتهم عليل جداً ، فإنَّ تحليل الخمس للشيعة لا يستلزم تحلیل سائر أموالهم أينما كانت ، على أنه ليس في كلام المفيد المنع من دخول المشهد ، ولعل نظره في الوقوف بظاهر الشباك إلى رعاية الأدب ، بل على جواز الدخول ما هو المروي بطرق عديدة في آداب الزيارة من الوقوف عند القبر ، واللصوق به ، والانكباب عليه (٢) ، مضافاً إلى ما عليه كافة العلماء الأبرار والزائرين الأخيار ، نعم الأحوط والأرجح تأخر الزائر عند زيارة الهادي عليهالسلام من الضريح المقدّس ؛ لما سننقله قريباً عن مزار الشيخ الجليل الشيخ خضر شلال (٣).
__________________
(١) الدروس ٢ : ١٥ کتاب المزار ، المقنعة : ٤٨٦ ، تهذيب الأحكام ٦ : ٩٤ والكلام فيها عن حرم الإمامين العسكريين عليهماالسلام.
(٢) ينظر إلى ما كتبه الشيخ الأمیني رحمهالله في آداب الزيارة في كتابه أدب الزائر لمن يمم الحائر ، وإلى ما ذكر من ذلك في كتب المزار المتعددة.
(٣) ياتي الكلام في تاريخ ولده الإمام العسكري عليهالسلام.
[دفع شبهة حول مكان القبر الشريف]
وقال صاحب (الملل والنحل) : (إن مشهده عليهالسلام في قم) (١).
وأنت خبير بأنه ناشئ من عدم التثبُّت ، وعدم التعُّمق في أحوال الأئمّة صلوات الله عليهم ، وأعظم من ذلك ما في الجزء الرابع من (تاريخ ابن خلدون) عند ذكره الدولة الإسماعيلية ، حيث ذكر أن الشيعة تزعم أن الإمام بعد محمّد التقي ابنه علي ويلقّبونه الهادي ، ويقال الجواد ، ومات سنة ٢٥٤ هـ وقبره بقم.
وقال : (ويزعمون أن الإمام بعده ابنه العسكري ؛ لأنه وُلد بِسُرِّ من رأى ، وكانت تُسمّى العسكر ، وحُبس بها بعد أبيه إلى أن هلك سنة ٢٦٠ هـ ، ودُفن جنب أبيه في المشهد) (٢).
وفيه ، أولاً : أنَّ الجواد من ألقاب الإمام التاسع محمّد بن علي عليهالسلام.
وثانيا : ما عرفت من موضوع قبر الإمام الهادي عليهالسلام وأنه في سُرَّ من رأى ، لا في قم ، والعجب أنه صرّح بأن العسكري عليهالسلام توفّي في سُرَّ من رأى ، ودُفن بجنب أبيه في المشهد ، ومع ذلك كيف يكون مدفن أبيه في قم ، وهل هو إلا تناقض في عبارة واحدة.
فصل
في أولاده عليهالسلام
وُلد له : الحسن عليهالسلام ، والحسين ، ومحمّد ، وأبو عبد الله جعفر المعروف بالكذّاب ، وابنة مسمّاة بعائشة.
__________________
(١) الملل والنحل ١ : ١٦٩.
(٢) تاريخ ابن خلدون ٤ : ٢٩.
أمّا الحسن عليهالسلام : فهو الإمام من بعده.
وأمّا الحسين : فقد كان ممتازاً في الديانة من سائر أقرانه وأمثاله ، تابعاً لأخيه الحسن معتقداً بإمامته ، ودُفن في حرم العسكريين تحت قدميهما (١).
وعن بعض كتب الأنساب : أن هارون بن علي الواقع في الميدان العتيق بأصبهان هو من أولاد أبي الحسن الهادي عليهالسلام (٢).
محمّد المعروف بسبع الدجيل
وأمّا محمّد : جلالته وعظمة شأنه أكثر من أن يذكر ، وكفى في ذلك قابليته للإمامة ، وهو أكبر أولاد الهادي عليهالسلام ، وكانت الشيعة تظن فيه أنه الإمام بعد أبيه ، ولمّا توفّي في حياة الهادي عليهالسلام ، قال لولده الحسن : «يا بني أحدث الله شكراً ، فقد أحدث في أمراً» (٣).
وفي رواية اُخرى أنه قال : «بدا لله في أبي محمّد بعد أبي جعفر ـ يعني محمّد ـ مالم يكن يعرف له ، كما بدا له في موسی بعد مضي إسماعيل ما کشف به عن حاله» (٤).
وفي الإرشاد : بسنده عن النوفلي قال : «كنت مع أبي الحسن عليهالسلام في صحن داره ، فمرّ بنا محمّد ابنه ، فقلت له : جُعلت فداك، هذا صاحبنا بعدك؟ فقال : لا ، صاحبكم من بعدي الحسن» (٥).
__________________
(١) وقد كتب محقق هذا الكتاب مقالة وافية عنه رضياللهعنه نشرت في مجلة الانتظار عدد / ٥ سنة ١٤٢٧ هـ بعنوان عمّ الإمام الحجة غجل الله تعالى فرجه الشريف الحسين بن علي ، فلتراجع.
(٢) لم أهتد إلى مصدر قوله ، وكان ينبغي أن يجعل هذا القول في آخر الفصل.
(٣) الكافي ١ : ٣٢٦ ح ٤.
(٤) الكافي ١ : ٣٢٧ ح ١٠.
(٥) الإرشاد ٢ : ٣١٤.
وبسنده : عن محمّد الأصبهاني قال : «قال لي أبو الحسن عليهالسلام : صاحبكم من بعدي الَّذي يصلّي عليّ ، قال : ولم نكن نعرف أبا محمّد قبل ذلك ، قال : فخرج أبو محمّد بعد وفاته ، فصلّی عليه» (١).
وبسنده ، إلى جماعة من بني هاشم ، منهم الحسن بن الحسين الأفطس : «أنهم حضروا يوم توفّي محمّد بن علي بن محمّد دار أبي الحسن عليهالسلام ، وقد بُسط له في صحن داره ، والناس جلوس حوله ، من آل أبي طالب وبني العبَّاس وقريش مائة وخمسون رجلاً سوى مواليه وسائر الناس ؛ إذ نظر إلى الحسن بن علي عليهماالسلام وقد جاء مشقوق الجيب حَتَّى قام عن يمينه ونحن لا نعرفه ، فنظر إليه أبو الحسن عليهالسلام بعد ساعة من قيامه ، ثُمَّ قال له : يا بني أحدث لله شكراً ، فقد أحدث فيك أمراً ، فبكى الحسن واسترجع ، فقال : الحمد لله ربِّ العالمين ، وإيَّاه أسأل تمام نعمه علينا ، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
فسألنا عنه ، فقيل لنا : هذا الحسن بن علي ابنه ، وقدرنا له في ذلك الوقت عشرين سنة ونحوها ، فيومئذ عرفنا وعلمنا أنه قَدْ أشار إليه بالإمامة وأقامه مقامه» (٢).
والأخبار في هذا كثيرة قَدْ أوردها المفيد رحمهالله في الإرشاد (٣) ، ومع ذلك فالعجب من صاحب (جنّات الخلود) حيث قال فيها : (إنه لم يُعرف حاله) (٤). مع أن قبره مزار معروف في قرية بلد من نواحي الدجيل.
__________________
(١) الإرشاد ٢ : ٣١٥.
(٢) الإرشاد ٢ : ٣١٧.
(٣) الإرشاد ٢ : ٣١٤ ـ ٣٢٠.
(٤) جنّات الخلود : ٣٧.
وفي معجم البلدان : (نقل عن السيِّد عبد الكريم ابن طاووس رحمهالله أن قبر أبي جعفر محمّد ابن الهادي عليهالسلام في بلد ـ التي هي مدينة قديمة على دجلة فوق الموصل ـ وادّعى الإتفاق على ذلك) (١).
وهو غريب منه ، وسواد أطراف سامراء من العامّة والخاصّة يعظّمون هذا المشهد ، ويقطعون الخصومات التي تقع بينهم بالحلف به ، والحضور في مشهده ، ولا يعرفونه إلا قبر السيِّد محمّد بن علي الهادي عليهالسلام ، ويعبّرون عنه بسبع الدجيل (٢).
توبة ولده جعفر
وأمّا جعفر : فهو الملقّب بالكذّاب ، وكان معروفاً بحبّ الجاه وطلب الدنيا ، وصرف أكثر عمره مع الأوباش والأجامرة ولعب الطنبور وسائر ما هو غير مشروع ، ولكن كان متظاهراً بإمامة الحسن العسكري ، ومن بعد وفاته ادّعی
__________________
(١) معجم البلدان ١ : ٤٨١ ، قال العلّامة السيِّد عبد الستار الحسني دام توفيقه في تعليقة له على نسخة كتابنا هذا تتعلق بما ذُكر : (وفاة ياقوت الحموي صاحب (معجم البلدان) سنة ٦٢٦ هـ قبل ولادة السيِّد عبد الكريم ابن طاووس سنة ٦٤٧ ـ ٦٩٣ هـ) ، وإنما كان السيِّد عبد الكريم المذكور يملك نسخة من (معجم البلدان) ، فعلّق عليها ، فادخل الناسخ كلامه في الأصل).
(٢) قال السيِّد محسن الأمين في أعيان الشيعة ١٠ : ٥ في ترجمته ما نصّه : (السيِّد أبو جفر محمّد ابن الإمام علي أبي الحسن الهادي. توفي في حدود سنة ٢٥٢ هـ جليل القدر ، عظيم الشأن ، كانت الشيعة تظن أنه الإمام بعد أبيه عليهالسلام ، فلمَّا توفي نصّ أبوه على أخيه أبي محمّد الحسن الزكي عليهالسلام ، وكان أبوه خلّفه بالمدينة طفلاً لمّا اُتي به إلى العراق ، ثُمَّ قدم عليه في سامراء ، ثُمَّ أراد الرجوع إلى الحجاز ، فلمَّا بلغ القرية التي يقال لها بلد على تسعة فراسخ من سامراء ، مرض وتوفي ودُفن قريباً منها ، ومشهده هناك مفروف مزور. ولمّا توفي شقّ أخوه أبو محمّد ثوبه وقال في جواب من لامه على ذلك : قَدْ شقّ موسى على أخيه هارون. وسعى المحدِّث العلّامة الشيخ ميرزا حسين النوري في تشييد مشهده وتعميره ، وكان له فيه اعتقاد عظيم) ، انتهى.
وقد ألّف الشيخ محمّد علي الاوردبادي رحمهالله كتاباً عنه اسمه (حياة سبع الدجيل) ، وطبع في النجف الأشرف ، وكذا السيِّد موسى الموسوي الهندي باسم (سبع الدجيل محمّد ابن الإمام الهادي عليهالسلام) ، فلاحظ.
الإمامة ، وكان يجبر الناس على إطاعته والقول بإمامته (١) ، وأراد أن يصلّي على جنازة أخيه ، فمنعه ذلك الحجّة صاحب الأمر عليهالسلام ، وقصته معروفة (٢).
ويقال : إنه تاب في أخر عمره ، فلُقّب بجعفر التوّاب ، بل ورد في الأخبار تشبیه جعفر بأخوة يوسف علييه السلام ؛ حيث غفر الله لهم ذنوبهم ، وعفا عنهم يوسف (٣) ، وقال : لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ (٤).
__________________
(١) ينظر : كمال الدين : ٤١ ، ٣١٩ ، ٣٢٠ ، ٤٤٢ ، ٤٧٦ ، ٤٧٩.
(٢) رواها الصدوق رحمهالله في كمال الدين : ٤٧٥ ، والخبر معروف بخبر أبي الأديان.
(٣) ينظر : كمال الدين : ٤٨٣ ح ٤ ، الغيبة للطوسي : ٢٩٠ ح ٢٤٧ ، کشف الغُمَّة ٣ : ٣٣٩.
(٤) سورة يوسف : من آية ٩٢.