تاريخ مدينة دمشق - ج ٧٢

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٧٢

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩٢
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

كان نعل جرير بن عبد الله طولها ذراع (١).

وعن جرير قال (٢) :

تنفّس رجل ونحن خلف عمر بن الخطاب نصلي ، وفي رواية يعني : أحدث ، فلما انصرف قال : أعزم على صاحبها إلا قام فتوضأ وأعاد الصلاة ، قال : فلم يقم أحد. قال جرير : فقلت : يا أمير المؤمنين ، لا تعزم عليه ، ولكن اعزم علينا كلنا فتكون صلاتنا تطوعا وصلاته الفريضة ، قال عمر : فإنّي أعزم عليكم وعلى نفسي قال : فتوضأ وأعادوا الصلاة (٣).

وفي حديث بمعناه فقال :

يرحمك الله ، نعم السيّد كنت في الجاهلية ، ونعم السيّد أنت في الإسلام (٤).

وفي رواية فقال :

رحمك الله إن كنت لسيدا في الجاهلية ، فقيها في الإسلام.

وعن (٥) جرير أن عمر بن الخطاب قال له ـ والناس يتحامون العراق وقتال الأعاجم ـ :

سر بقومك ، فما غلبت عليه فلك ربعه ، فلما جمعت الغنائم غنائم جلولاء (٦) ادعى جرير أن له ربع ذلك كله ، فكتب سعد إلى عمر بن الخطاب ، فكتب عمر : صدق جرير ، قد قلت ذلك له ، فإن شاء أن يكون قاتل هو وقومه على جعل (٧) فأعطوه جعله ، وأن يكون إنما قاتل لله ولدينه وجاهد فهو رجل من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم. وكتب عمر بذلك إلى سعد ، فلما قدم الكتاب على سعد دعا جريرا فأخبره ما كتب به إليه عمر ، فقال جرير : صدق أمير المؤمنين ، لا حاجة لي به ، بل أنا رجل من المسلمين لي ما لهم وعليّ ما عليهم.

__________________

(١) رواه المزي في تهذيب الكمال ٣ / ٣٥٥ من طريق سفيان بن عيينة عن ابن لجرير ، وذكره.

(٢) رواه الذهبي في سير أعلام النبلاء ٢ / ٥٣٥ من طريق مغيرة عن الشعبي عن جرير ، وذكره. والاستيعاب ١ / ٢٣٣ وانظر تهذيب الكمال ٣ / ٣٥٥ ـ ٣٥٦.

(٣) في سير الأعلام : فتوضأنا ثم صلينا.

(٤) سير أعلام النبلاء ٢ / ٥٣٥ وتهذيب الكمال ٣ / ٣٥٦.

(٥) الخبر رواه المزي في تهذيب الكمال ٣ / ٣٥٦ من طريق الواقدي حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن جرير بن يزيد بن جرير بن عبد الله عن أبيه عن جده جرير ، فذكره.

(٦) جلولاء : طسوج من طساسيج السواد في طريق خراسان ، بينها وبين خانقين سبعة فراسخ .. وبها كانت الوقعة المشهورة على الفرس للمسلمين سنة ١٦ ه‍. (معجم البلدان).

(٧) أجعله جعلا بالضم من العطية ، وأجعله له أي أعطاه.

٨١

وقال ابن عياش (١) :

جرير بن عبد الله ذهبت عينه بهمذان حيث وليها في زمان عثمان بن عفان.

ومات جرير سنة إحدى وخمسين.

وعن محمد بن سلام قال (٢) :

قال جرير بن عبد الله ـ وسأله رجل حاجة فقضاها فعاتبه بعض أهله فقال ـ : المال ودائع الله في الدنيا ونحن وكلاؤها ، فمن غرثان (٣) نشبعه ، ومن ظمآن نرويه.

وقيل : مات جرير سنة أربع وخمسين ، وقيل : سنة ست وخمسين (٤).

[٩٧٨١] جرير بن عبد الله بن عنبسة

أظنه ابن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس المدني.

وفد على هشام بن عبد الملك.

حدث جرير بن عبد الله قال :

خرجت مع أبي إلى هشام بن عبد الملك فقدمنا عليه ، فبعث إلى أبي بألطاف (٥) فيها شراب ، وكتب إليه رقعة يصف له الشراب ومنفعته ويقول : شراب عمل لي يدعى الرساطون (٦). قال : فلما خرجت رسله الذين حملوا الألطاف قال أبي : إنا لله ، خدع والله أمير المؤمنين بها ، فأمر بالقوارير فكدرت في البلاغة (٧).

__________________

(١) تحرفت في مختصر ابن منظور إلى عباس ، والصواب ما أثبت ، وهو عبد الله بن عياش المنتوف ، ومن طريقه روى الخبر المزي في تهذيب الكمال ٣ / ٣٥٦ ومن طريق الهيثم بن عدي رواه الذهبي في سير الأعلام ٢ / ٥٣٦.

(٢) من طريق محمد بن سلام الجمحي رواه المزي في تهذيب الكمال ٣ / ٣٥٦.

(٣) التغريث : التجويع (اللسان).

(٤) مات بقرقيسياء ، وقيل مات بالسراة (أسد الغابة).

[٩٧٨١] ترجمته في الوافي بالوافيات ١١ / ٧٨ وذكر له شعرا قاله للمهدي. أبوه عبد الله له ذكر ، قتله داود بن علي ، وهو صاحب القصر الذي يقال له قصر عنبسة (نسب قريش ص ١٨٣ وجمهرة ابن حزم ص ٨٢).

(٥) الألطاف جمع لطف ، يقال أهدى إليه لطفا بمعنى الهدية واللطف : اليسير من الطعام وغيره.

(٦) الرساطون بالفتح ، قيل وزنه فعالون ، قال الأزهري : هو الخمر بلغة الشام وسائر العرب لا يعرفونه. قال : وكأنها رومية دخلت في كلامهم (تاج العروس : رسط).

(٧) البلاعة : في لغة مصر ، بئر تحفر في وسط الدار ضيق الرأس يجري فيها ماء المطر ونحوه ، وهي البالوعة والبلّوعة ، ج بواليع وبلاليع (تاج العروس : بلع).

٨٢

[٩٧٨٢] جرير بن عبد المسيح بن عبد الله بن زيد

ابن دوفن بن حرب بن وهب بن جلّى بن أحمس بن ضبيعة

ابن ربيعة بن نزار بن معدّ بن عدنان الضبعي المتلمّس

شاعر مشهور جاهلي. قدم دمشق هاربا من عمرو بن هند. وذكر دمشق وبصرى في شعره.

والمتلمس خال طرفة بن العبد ، وكان سيّدا ، وإنما سمّي المتلمّس لقوله (١) :

فهذا أوان العرض جنّ (٢) ذبابه

زنابيره والأزرق المتلمّس (٣)

روى أبو مسلم الخطابي في حديث سيدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

أنه كتب لعيينة بن حصين كتابا. فلما أخذ كتابه قال : يا محمد ، أتراني حاملا إلى قومي كتابا كصحيفة المتلمّس. يقول : لا أحمل إلى قومي كتابا لا علم لي بمضمونه.

وكان (٤) من قصة المتلمّس وصحيفته أنه وطرفة بن العبد كانا ينادمان عمرو بن هند ملك الحيرة فهجواه. وفي حديث : فبينما طرفة يوما يشرب معه في يده جام من ذهب فيه شراب أشرفت أخت عمرو فرأى طرفة خيالها في الإناء فقال (٥) :

ألا يا بأبي الظبي الذي يبرق شنفاه (٦)

ولو لا الملك القاعد قد ألثمني فاه

فسمعها عمرو فاصطنعها عليه ، وأمسكها في نفسه ، وقد كان هجاه فممّا قاله فيه (٧) :

وليت لنا مكان الملك عمرو

رغوثا (٨) حول قبّتنا تخور

__________________

[٩٧٨٢]) ترجمته في جمهرة ابن حزم ص ٢٩٣ والأغاني ٢٤ / ٢٥٩ والمؤتلف والمختلف للآمدي ص ٧١ والشعر والشعراء ص ٨٥ ومختارات شعراء العرب لابن الشجري (الفهارس) وطبقات الشعراء للجمحي ص ٦٦.

(١) البيت في الأغاني ٢٤ / ٢٦٠ والشعر والشعراء ص ٨٦ ومختار شعراء العرب ص ١٢٨.

(٢) بأصل مختصر ابن منظور : حتى ، والمثبت عن الأغاني والشعر والشعراء.

(٣) العرض واد باليمامة ، والأزرق : الذباب.

(٤) الخبر في الشعر والشعراء لابن قتيبة ص ٨٦ ـ ٨٧ ومختارات شعراء العرب ص ١٢٨.

(٥) البيتان في الشعر والشعراء ص ٩١ في ترجمة طرفة بن العبد ، وليسا في ديوانه ط بيروت : صادر.

(٦) الشنف : الذي يلبس في أعلى الأذن ، والقرط الذي يلبس في أسفلها ، وقيل هما واحد (اللسان : شنف).

(٧) البيت في ديوان طرفة ص ٤٨ (ط. بيروت : صادر).

(٨) الرغوث : النعجة المرضع.

٨٣

وكان المتلمس قال في عمرو أيضا شعرا كان يتوعده فيه ، فبلغ ذلك عمرا ، فهم عمرو بقتل المتلمس وطرفة ، ثم أشفق من ذلك وأراد قتلهما بيد غيره ، وكان على طرفة أحنق ، فأراد قتله فعلم أنه إن فعل هجاه المتلمس ، فكتب لهما كتابين إلى البحرين (١) وقال لهما : إني قد كتبت لكما بصلة فخرجا من عنده والكتابان في يديهما ، فمرا بشيخ جالس على ظهر الطريق متكشفا لقضاء الحاجة ، وهو مع ذلك يأكل ويتفلى (٢). فقال أحدهما لصاحبه : هل رأيت أعجب من هذا الشيخ! فسمع الشيخ مقالته فقال : ما ترى من عجبي؟ أخرج خبيثا وأدخل طيبا وأقتل عدوا ، وإن أعجب (٣) مني لمن يحمل حتفه بيده وهو لا يدري. فأوجس المتلمس في نفسه خيفة ، وارتاب بكتابه. ولقيه غلام من أهل الحيرة فقال له : أتقرأ يا غلام؟ فقال : نعم. ففضّ خاتم كتابه ودفعه إلى الغلام فقرأه عليه ، فإذا فيه : إذا أتاك المتلمس فاقطع يديه ورجليه واصلبه حيّا. وأقبل على طرفة فقال : تعلم والله لقد كتب فيك بمثل هذا ، فادفع كتابك إلى الغلام يقرأه. فقال : كلا ، ما كان يجسر على قومي بمثل هذا. وألقى المتلمس كتابه في نهر الحيرة (٤) ؛ ومضى طرفة بكتابه إلى صاحب البحرين ، فأمر به المعلى بن حنش (٥) العبدي فقتله (٦) ، وهرب المتلمس فلحق ببلاد الشام وهجا عمرا ، وبلغ شعره عمرا فآلى إن وجده بالعراق ليقتلنّه ، فقال المتلمس من أبيات (٧) :

آليت حبّ العراق الدهر أطعمه

والحبّ يأكله في القرية السوس (٨)

فضرب المثل بصحيفة المتلمس.

__________________

(١) يعني إلى عامله بالبحرين ، كما في الشعر والشعراء.

(٢) في الشعر والشعراء : ويتناول القمل من ثيابه فيقصعه.

(٣) في الشعر والشعراء : أحمق والله مني.

(٤) زيد في مختارات شعراء العرب : وقال :

قذفت بها بالثني من جنب كافر

كذلك أقنو كل قطّ مضلل

رضيت لها بالماء لما رأيتها

يجول بها التيار في كل جدول

وأخذ نحو الشام.

(٥) في أصل مختصر ابن منظور : «حس» والمثبت عن الشعر والشعراء ص ٨٩ (في ترجمة طرفة بن العبد).

(٦) زيد في الشعر والشعراء أن : الذي تولى قتله بيده معاوية بن مرة الأيفلي.

(٧) الأبيات في مختارات شعراء العرب لابن الشجري ص ١٣٠ وما بعدها وقد ذكر ١٧ بيتا ، والبيت التالي رقمه ١٣ في الأبيات التي ذكرها.

(٨) الأليّة : اليمين ، والجمع ألايا. ويروى : آليت بالضم ، ويروى : يأكله بالنقرة ، وهي بلد.

٨٤

قال الخليل بن أحمد : أحسن ما قاله المتلمس (١) :

وأعلم علم حقّ غير ظن

لتقوى الله من خير العتاد (٢)

فحفظ (٣) المال أيسر من بغاه

وضرب في البلاد بغير زاد

وإصلاح القليل يزيد فيه

ولا يبقى الكثير مع الفساد

قال أبو عمرو بن العلاء : كانت العرب إذا أرادت أن تنشد قصيدة المتلمس توضئوا لها (٤) :

تعيّرني أمّي (٥) رجال ولن ترى

أخا كرم إلّا بأن يتكرّما

[٩٧٨٣] جرير ـ ويقال : حريز ـ بن عتبة

ابن عبد الرحمن الحرستاني

من أهل دمشق.

قال جرير : سمعت أبي يحدث الأوزاعي وأنا جالس قال : سمعت القاسم مولى يزيد ابن معاوية يحدث عن أبي أمامة قال :

كنت قاعدا مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في رهط ، فذكروا الشام ومن فيها من الروم. قال : فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ستظهرون بالشام وتغلبون عليها وتصيبون من سيف (٦) بحرها حصنا يقال له أنفة (٧) يبعث الله منه يوم القيامة اثني عشر ألف شهيد». قال : فسمعت الأوزاعي يقول لأبي :لقد سمعت منك حديثا جيّدا يا شيخ.

__________________

(١) الأبيات في الشعر والشعراء ص ٨٨.

(٢) بأصل مختصر ابن منظور : المعاد ، والمثبت عن الشعر والشعراء.

(٣) في الشعر والشعراء : لحفظ.

(٤) من أبيات للمتلمس في مختارات شعراء العرب لابن الشجري ص ١١٨ قالها يذكر نسبه ويثبته.

(٥) قوله تعيرني أمي ، وفي مختارات شعراء العرب : يعيرني أمي ، أي يعيرني ـ أو تعيرني ـ بأمي ، فحذف الباء.

[٩٧٨٣] ترجمته في ميزان الاعتدال ١ / ٣٩٦ وفيه : جرير بن عقبة ، وقيل : ابن عتبة. والحرستاني نسبة إلى حرستا.

وهي قرية على باب دمشق قريبة منها ، وقد ينسب إليها بالحرستي أيضا.

(٦) السيف بالكسر خاصة ، ساحل البحر.

(٧) أنفة : بليدة على ساحل بحر الشام ، شرقي جبل صهيون بينهما ثمانية فراسخ (معجم البلدان).

٨٥

[٩٧٨٤] جرير بن عطيّة بن الخطفى ،

واسمه حذيفة بن بدر بن سلمة بن عوف

ابن كليب بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة

ابن تميم بن مر بن أدّ بن طابخة بن الياس بن مضر

ابن نزار أبو حزرة الشاعر ـ بالحاء المهملة ـ البصري

قدم دمشق غير مرة ، وامتدح يزيد بن معاوية وعبد الملك بن مروان ، وأمره في ذلك مشهور ، وامتدح الوليد وسليمان ابني عبد الملك ، وقدم على عمر بن عبد العزيز ، وعلى يزيد ابن عبد الملك.

قال عثمان البتي (١) :

رأيت جريرا وما تضم شفتاه من التسبيح فقلت : ما ينفعك هذا وأنت تقذف المحصنة! فقال : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) [سورة هود ، الآية : ١١٥] وعد من الله حق.

قال ابن مناذر :

قلت لابن هرمة (٢) : من أشعر الناس؟ قال : من إذا لعب (٣) لعب ، وإذا جدّ (٤) جدّ.

قلت : مثل من؟ قال : مثل جرير حيث يقول (٥) :

إن الذين غدوا بلبّك غادروا

وشلا بعينك لا يزال معينا

غيّضن من عبراتهنّ وقلن لي :

ما ذا لقيت من الهوى ولقينا؟

__________________

[٩٧٨٤] ترجمته في الأغاني ٧ / ٣٨ ووفيات الأعيان ١ / ٣٢١ وخزانة الأدب ١ / ٣٦ والشعر والشعراء ١ / ٤٥٣ (ت. شاكر) ، والمحبر ص ١٤٦ و٣٤٠ والوافي بالوفيات ١١ / ٧٩ وسير أعلام النبلاء ٤ / ٥٩٠ وشرح شواهد المغني ١ / ٤٥ وديوانه (ط. بيروت). والخطفى : بفتح الطاء المهملة والفاء. كما في وفيات الأعيان. وحزرة بالحاء المهملة والزاي قبل الراء وبسكونها ، وفتح الراء.

(١) كذا ، والخبر في سير أعلام النبلاء ٤ / ٥٩١ عن عثمان التيمي.

(٢) الخبر والشعر في الأغاني ٨ / ٥٩ وفيها قال مسعود بن بشر : قلت لابن مناذر بمكة : وذكره.

(٣) الأغاني : شئت.

(٤) الأغاني : شئت.

(٥) البيتان في ديوانه (ط. بيروت) ص ٤٣٨ من قصيدة يهجو الأخطل.

٨٦

قال الفرزدق لامرأته نورا : أنا أشعر أم ابن المراغة (١)؟ قالت : غلبك على حلوه ، وشركك في مرّه.

قال ابن سلمة (٢) :

سألت الأسيدي ـ أخا بني سلامة ـ عن جرير والفرزدق فقال : بيوت الشعر أربعة ، فخر ومديح وهجاء ونسيب ، وفي كلها غلب جرير ، فالفخر قوله (٣) :

إذا غضبت عليك بنو تميم

حسبت الناس كلّهم غضابا

والمدح قوله (٤) :

ألستم خير من ركب المطايا

وأندى (٥) العالمين بطون راح

والهجاء قوله (٦) :

فغضّ الطّرف إنّك من نمير

فلا كعبا بلغت ولا كلابا

والنسيب قوله (٧) :

إنّ العيون التي في طرفها مرض (٨)

قتلننا ثم لم يحيين قتلانا

قال الكلبي (٩) : أتى أعرابي عبد الملك بن مروان ، فمدحه فأحسن المدحة فأعجب به عبد الملك فقال له : من أنت يا أعرابي؟ قال : رجل من عذرة. قال : أولئك أفصح الناس ، هل تعرف أهجا بيت في الإسلام؟ قال : قول جرير :

فغضّ الطّرف إنّك من نمير

فلا كعبا بلغت ولا كلابا

__________________

(١) المراغة : بفتح الميم وبعدها راء وبعد الألف غين معجمة وهاء وهذا لقب لأم جرير هجاه به الأخطل ، ونسبها إلى الرجال يتمرغون عليها (وفيات الأعيان ١ / ٣٢٥).

(٢) الخبر في وفيات الأعيان ١ / ٣٢١ والوافي بالوفيات ١١ / ٨٠ والأغاني ٨ / ٦.

(٣) البيت في ديوانه ص ٦٢ (ط. بيروت).

(٤) البيت في ديوانه ص ٧٤.

(٥) أي أكرم.

(٦) البيت في ديوانه ص ٦١.

(٧) البيت في ديوانه ص ٤٥٢.

(٨) في الديوان : حور.

(٩) الخبر والبيتان في الأغاني ٨ / ٤١.

٨٧

فقال عبد الملك : أحسنت فهل تعرف أمدح بيت قيل في الإسلام؟ قال : نعم ، قول جرير :

ألستم خير من ركب المطايا

وأندى العالمين بطون راح

قال عبد الملك : أصبت وأحسنت ، فهل تعرف أرقّ (١) بيت قيل في الإسلام؟ قال : نعم ، قول جرير :

إنّ العيون التي في طرفها مرض

قتلننا ثمّ لم يحيين قتلانا

يصرعن ذا اللبّ حتى لا حراك به

وهنّ أضعف خلق الله أركانا (٢)

قال : أحسنت يا أعرابي ، فهل تعرف جريرا؟ قال : لا والله ، وإني إلى رؤيته لمشتاق ، قال : فهذا جرير ، وهذا الأخطل ، وهذا الفرزدق : فأنشأ الأعرابي يقول :

فحيا الإله أبا حزرة

وأرغم أنفك يا أخطل

وجدّ الفرزدق أتعس به

ودقّ خياشيمه الجندل

فأنشأ الفرزدق يقول (٣) :

قد أرغم الله أنفا أنت حامله

يا ذا الخنا ومقال الزور والخطل

ما أنت بالحكم المرضى حكومته

ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل

ثم أنشأ الأخطل يقول (٤) :

يا شرّ من حملت ساق على قدم

ما مثل قولك في الأقوام يحتمل

إنّ الحكومة ليست في أبيك ولا

في معشر أنت منهم إنّهم سفل

فقام جرير مغضبا وهو يقول (٥) :

شتمتما قائلا بالحقّ مهتديا (٦)

عند الخليفة ، والأقوال تنتضل

__________________

(١) في الأغاني : أغزل.

(٢) البيت في ديوان جرير ص ٤٥٢ (ط. بيروت).

(٣) ليس البيتان في ديوان الفرزدق الذي بين يدي.

(٤) ليس البيتان في ديوانه الذي بين يدي.

(٥) الأبيات في ديوان جرير ص ٣٦٦.

(٦) بأصل مختصر ابن منظور : مفتديا ، والمثبت عن الديوان.

٨٨

أتشتمان سفاها خيركم حسبا

ففيكما وإلهي الزّور والخطل (١)

شتمتماه (٢) على رفعي ووضعكما

لا زلتما في انحطاط (٣) أيّها السّفل

قال : ثم وثب فقبّل رأس الأعرابي وقال : يا أمير المؤمنين ، جائزتي له. قال : وكانت جائزة جرير خمسة عشر ألفا (٤) كل سنة. فقال عبد الملك : وله مثلها من مالي. فقبضها وخرج.

قال مروان بن أبي حفصة :

جلس عبد الملك بن مروان يوما للناس على سرير ، وعند رجل السرير محمد بن يوسف أخو الحجاج بن يوسف ، وجعل الوفود يدخلون عليه ومحمد بن يوسف يقول : يا أمير المؤمنين هذا فلان ، هذا فلان ، إلى أن دخل جرير بن الخطفى فقال : يا أمير المؤمنين هذا جرير بن الخطفى ، قال : فلا حيّا الله القاذف المحصنات ، العاضة (٥) لأعراض الناس ، فقال جرير : يا أمير المؤمنين ، دخلت فاشرأب الناس نحوي ، ودخل قوم فلم يشرئب الناس إليهم ، فقدرت أن ذلك لذكر جميل ذكرني به أمير المؤمنين. فقال عبد الملك : لما ذكرت لي قلت : لا حيا الله القاذف المحصنات ، العاضة لأعراض الناس. فقال جرير : والله يا أمير المؤمنين ، ما هجوت أحدا حتى أخبره غرضي سنة ، فإن أمسك أمسكت ، وإن أقام استعنت عليه وهجوته. فقال : هذا صديقك أبو مالك سلّم عليه لهو الأخطل ، فاعتنقه وقال : والله يا أمير المؤمنين ، ما هجاني أحد كان هجاؤه علي أشدّ من أمك. قال جرير : صدقت وخنازير أمك. فقال عبد الملك : أحضروا جامعة ، فأحضرت ، وغمز الوليد الغلام أن تأخّر بها. فقال عبد الملك للأخطل : أنشد فأنشد (٦) :

تأبد الربع من سلمى بأحفار (٧)

وأقفرت من سليمى دمنة الدار

__________________

(١) الخطل : الكذب والدجل.

(٢) في الديوان : أتشتماه.

(٣) في الديوان : سفال.

(٤) في الأغاني ٨ / ٤٢ وكانت جائزة جرير أربعة آلاف درهم وتوابعها من الحملان والكسوة.

(٥) العاضة : يقال عضه الرجل جاء بالإفك والبهتان والنميمة ويقال : قد أعضهت يا رجل أي جئت بالبهتان. وعضه فلانا عضها أي بهته ورماه بالبهتان ، وقال فيه ما لم يكن. (تاج العروس).

(٦) البيت مطلع قصيدة للأخطل يمدح يزيد بن معاوية لأنه حماه من الأنصار بعد أن أباح لهم معاوية قطع لسانه ص ١٦ ط. بيروت.

(٧) أحفار : علم لموضع من بادية العرب (معجم البلدان).

٨٩

حتى ختمها. فقال له عبد الملك : قضينا لك أنك أشعر من مضى ومن بقي.

واستأذنت قيس عبد الملك في أن ينشد جرير فأبى ، ولم يزل مقيما دهرا يلتمس إنشاد عبد الملك ، وقيس تشفع له ، وعبد اللك يأبى إلى أن أذن له يوما فأنشد (١) :

أتصحو أم (٢) فؤادك غير صاح

عشيّة همّ صحبك بالرّواح

فقال له عبد الملك : بل فؤادك يا ابن اللخناء. فلما انتهى إلى قوله :

تعزّت أمّ حزرة ثمّ قالت :

رأيت الموردين ذوي لقاح (٣)

تعلّل وهي ساغبة (٤) بنيها

بأنفاس من الشّبم القراح (٥)

فقال عبد الملك : لا أروى الله غلمتها. فلما انتهى إلى قوله :

ألستم خير من ركب المطايا

وأندى العالمين بطون راح

قال عبد الملك : من مدحنا فليمدحنا هكذا. فلما ختمها أمره بإعادتها ، فلما أنشد :

أتصحو أم فؤادك غير صاح

لم يقل له ما قال في المرة الأولى. فلما ختمها ، أمر له بمائة ناقة بأداتها ورعاتها. فقال جرير : يا أمير المؤمنين ، اجعلها من إبل كلب ـ وإبل كلب سود كرام ـ فأجابه (٦).

حدّث محمد بن خطاب الأزدي

أن الأخطل أنشد عبد الملك بن مروان وجرير خلفه (٧) :

__________________

(١) الأبيات من قصيدة يمدح عبد الملك بن مروان ، وهي في ديوانه ص ٧٣ (ط. بيروت). والبيت التالي مطلع القصيدة المذكورة.

(٢) في الديوان : بل.

(٣) عجزه في الديوان :

رأيت الواردين ذوي امتناع

(٤) ساغبة أي جائعة.

(٥) الشبم : الماء البارد ، والقراح : الماء العذب.

(٦) الخبر في وفيات الأعيان ١ / ٣٢٥ ـ ٣٢٦ وزيد فيه أن جرير قال : قلت يا أمير المؤمنين ، نحن مشايخ وليس بأحدنا فضل عن راحلته ، والإبل أباق. فلو أمرت لي بالرعاء ، فأمر لي بثمانية ، وكان بين يديه صحاف من الذهب وبيده قضيب ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، والمحلب؟ وأشرت إلى إحدى الصحاف فنبذها إلي بالقضيب ، وقال : خذها ، لا نفعتك.

(٧) البيت رقم ٣١ من قصيدة يمدح بشر بن مروان ويهجو فيها أعداءه ، ديوانه ص ١٢٨ و١٣٢.

٩٠

وإنّي لقوام مقاوم لم يكن

جرير ولا مولى جرير يقومها

فقال : أجل ، صدق والله إنّه ليقوم إلى الخمر فيشربها ، وإلى الخنزير فيذبحه ، وإلى الصليب فيقبّله ويسجد له ، وما أفعل ذلك ولا مولاي (١).

دخل جرير (٢) على بشر بن مروان والأخطل جالس عنده ، فقال له بشر : أتعرف هذا يا أبا حزرة؟ قال : لا ، فمن هو؟ قال الأخطل : أنا الذي شتمت عرضك ، وأسهرت ليلك ، وآذيت قومك ، أنا الأخطل. فقال له جرير : أما قولك شتمت عرضك ، فما يضرّ البحر أن يشتمه من غرق فيه ، وأما قولك : أسهرت ليلك ، فلو تركتني أنام لكان خيرا لك ، وأما قولك : آذيت قومك ، فكيف تؤذي قوما أنت تؤدي إليهم الجزية!

قال عوانة بن الحكم (٣) :

لما استخلف عمر بن عبد العزيز ، وفد إليه الشعراء وأقاموا ببابه أياما لا يؤذن لهم ، فبيناهم كذلك يوما وقد أزمعوا على الرحيل ، إذ مرّ بهم رجاء بن حيوة (٤) ، وكان من خطباء أهل الشام ، فلما رآه جرير داخلا على عمر أنشد (٥) :

يا أيّها الرّجل المرخي عمامته

هذا زمانك فاستأذن لنا عمرا

قال : فدخل ولم يذكر من أمرهم شيئا. ثم مر بهم عدي بن أرطاة (٦) ، فقال له جرير (٧) :

__________________

(١) وقد عنى الأخطل بقوله : إنني أنهض بأمور وأقوم بأعمال لا يستطيع جرير ولا مواليه النهوض بها.

(٢) الخبر في الأغاني ٨ / ٦٢ باختلاف الرواية : وفيها أن جرير وقف على باب عبد الملك بن مروان.

(٣) الخبر بطوله والشعر ، رواه المعافى بن زكريا الجريري في الجليس الصالح الكافي ١ / ٢٥١ وما بعدها من طريق محمد بن القاسم الأنباري قال : حدثنا محمد بن المرزبان قال : حدثنا أبو عبد الرحمن الجوهري قال : حدثنا عبد الله بن الضحاك قال : أخبرنا الهيثم بن عدي عن عوانة بن الحكم.

ورواه ابن الجوزي في سيرة عمر بن عبد العزيز من طريق عوانة بن الحكم. وفي ثمرات الأوراق ١ / ٧١ والعقد الفريد ٢ / ٩٢ والمستطرف ١ / ٦٢ وانظر الأغاني ٨ / ٤٦ وهو فيها مختصرا.

(٤) تقدمت ترجمته في ١٨ / ٩٦ رقم ٢١٦٢.

(٥) البيت في ديوان جرير ص ٤٤٦ برواية :

يا أيها الرجل المرخي عمامته

هذا زمانك إني قد مضى زمني

(٦) سماه في الأغاني : عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود.

(٧) الأبيات في ديوان جرير ص ٤٤٦.

٩١

يا أيّها الرّاكب المزجي مطيّته

هذا زمانك إنّي قد مضى زمني

أبلغ خليفتنا إن أنت لاقيه

أنّي لدى الباب كالمصفود في قرن

لا تنس حاجتنا لقّيت (١) مغفرة

قد طال مكثي عن أهلي وعن وطني

قال : فدخل عدي على عمر فقال : يا أمير المؤمنين ، الشعراء ببابك وسهامهم مسمومة وأقوالهم نافذة ، قال : ويحك يا عدي ، مالي وللشعراء (٢)! قال : أعز الله أمير المؤمنين ، إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد امتدح وأعطى ، ولك في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أسوة ، فقال : كيف! قال : امتدحه العباس بن مرداس السّلمي فأعطاه حلّة قطع بها لسانه. قال : أفتروي من قوله شيئا؟ قال : نعم ، فأنشده من أبيات (٣) :

رأيتك يا خير البرية كلّها

نشرت كتابا جاء بالحق معلما

شرعت لنا دين الهدى بعد جورنا

عن الحقّ لمّا أصبح الحق مظلما

قال : ويحك يا عدي ، من بالباب منهم؟ قال : عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة (٤). قال : أليس هو الذي يقول :

ثم نبّهتها فهبّت كعابا

طفلة ما تطيق (٥) رجع الكلام

ساعة ثمّ إنّها بعد قالت

ويلتا قد عجلت يا ابن الكرام

أعل غير موعد حيث تسري (٦)

تتخطّى إلى رءوس النيام

ما تجشمت ما ترين من الأمر

ولا جئت طارقا لخصام

فلو كان عدو الله إذ فجر كتم على نفسه. لا يدخل والله علي أبدا. فمن بالباب سواه؟ قال : همام بن غالب ـ يعني الفرزدق ـ قال : أوليس هو الذي يقول (٧) :

__________________

(١) الديوان : لاقيت.

(٢) في الجليس الصالح : ما لي وللشعر؟

(٣) كذا لم يذكر في مختصر ابن منظور إلا بيتين ، وفي الجليس الصالح وسيرة عمر لابن الجوزي ستة أبيات. وفي ديوانه ص ١٤٥ أربعة أبيات فقط منها. والبيت الأول فقط في الديوان.

(٤) ليست الأبيات في ديوانه الذي بين يدي.

(٥) في الجليس الصالح : تبين.

(٦) صدره في الجليس الصالح :

أعلى غير موعد جئت تسري

(٧) البيتان في ديوانه ١ / ٢١٢.

٩٢

هما دلّتاني من ثمانين قامة

كما انقضّ باز أقتم الرّأس كاسره

فلمّا استوت رجلاي بالأرض قالتا

أحيّ يرجّى أم قتيل نحاذره؟

لا يطأ والله بساطي ، فمن سواه بالباب منهم؟ قال : الأخطل. قال : هو الذي يقول (١) :

ولست بصائم رمضان طوعا

ولست بآكل لحم الأضاحي

ولست بزاجر عنسا (٢) بكورا

إلى بطحاء مكة للنجاح

ولست بزائر بيتا بعيدا

بمكة أبتغي فيه صلاحي

ولست بقائم كالعير أدعو

قبيل الصّبح (٣) حيّ على الفلاح

ولكنّي سأشربها شمولا

وأسجد عند منبلج الصّباح

والله لا يدخل علي وهو كافر أبدا. فهل بالباب سوى من ذكرت؟ قال : نعم ، الأحوص. قال : أليس هو الذي يقول :

الله بيني وبين سيّدها

يفرّ مني بها وأتبعه

عدّ عنه (٤) ، فما هو بدون من ذكرت. فمن هاهنا؟ قلت : جميل بن معمر. قال : هو الذي يقول (٥) :

ألا ليتنا نحيا جميعا وإن نمت

يوافق (٦) في الموتى ضريحي ضريحها

فما أنا في طول الحياة براغب

إذا قيل قد سوّي عليها صفيحها (٧)

فلو كان عدو الله تمنى لقاءها في الدنيا ليعمل بعد ذلك صالحا. والله لا يدخل علي أبدا. فهل سوى من ذكرت أحد؟ قال : نعم ، جرير بن عطية. قال : هو الذي يقول (٨) :

__________________

(١) الأبيات في ديوانه ص ٤٨٦ ما عدا الثاني والثالث.

(٢) في سيرة عمر بن عبد العزيز : عيسا. والعنس : الصخرة في الماء ، وتطلق على الناقة القوية.

(٣) في الديوان :

أنادي كمثل العير

ولست بقائم أبدا

(٤) في الجليس الصالح : غرّب عنه.

(٥) البيتان في ديوان جميل ص ٢٩.

(٦) الديوان : يجاور.

(٧) الصفيح : حجارة عراض رقاق. والمراد حجارة القبر.

(٨) البيت في ديوانه ص ٤١٦ من أبيات يجيب الفرزدق.

٩٣

طرقتك صائدة القلوب وليس ذا

حين (١) الزّيارة فارجعي بسلام

فإن كان لا بد فهو. قال : فأذن لجرير ، فدخل وهو يقول (٢) :

إنّ الذي بعث النّبيّ محمدا

جعل الخلافة للإمام (٣) العادل

وسع الخلائق عدله ووفاؤه

حتى ارعوى وأقام ميل المائل (٤)

إني لأرجو (٥) منك خيرا عاجلا

والنّفس مولعة بحبّ العاجل

فلما مثل بين يديه قال : ويحك يا جرير ، اتق الله ولا تقل إلّا حقا. فأنشأ جرير يقول (٦) :

أأذكر الجهد والبلوى الّتي نزلت

أم قد كفاني ما (٧) بلّغت من خبري

كم باليمامة (٨) من شعثاء أرملة

ومن يتيم ضعيف الصوت والنظر

ممّن يعدّك تكفي فقد والده

كالفرخ في العشّ لم ينهض (٩) ولم يطر

يدعوك دعوة ملهوف كأنّ به

خبلا من (١٠) الجنّ أو مسّا من النّشر

خليفة الله ما ذا تأمرون (١١) بنا؟

لسنا إليكم ولا في دار منتظر

ما زلت بعدك في همّ يؤرّقني

قد طال في الحيّ (١٢) إصعادي ومنحدري

لا ينفع الحاضر المجهود بادينا (١٣)

ولا يعود لنا باد على حضر

إنّا لنرجو إذا ما الغيث أخلفنا

من الخليفة ما نرجو من المطر

__________________

(١) في الديوان : وقت الزيارة.

(٢) الأبيات في ديوانه ص ٣١٣ يمدح عمر بن عبد العزيز.

(٣) الديوان : في الإمام العادل.

(٤) ليس في الديوان.

(٥) الديوان : لآمل.

(٦) الأبيات في ديوانه ص ٢٠٤ من قصيدة يمدح عمر بن عبد العزيز.

(٧) الديوان : «الذي» بدلا من «ما».

(٨) الديوان : بالمواسم.

(٩) الديوان : لم يدرج.

(١٠) بأصل مختصر ابن منظور : أو ، والمثبت عن الديوان.

(١١) الديوان : تنظرون.

(١٢) في الديوان :

في دار تعرقني قد عيّ بالحي.

(١٣) في الديوان : باديه.

٩٤

نال الخلافة إذ كانت له قدرا

كما أتى ربّه موسى على قدر

هذي الأرامل قد قضّيت حاجتها

فمن لحاجة هذا الأرمل الذّكر

الخير ما دمت حيّا لا يفارقنا

بوركت يا عمر الخيرات من عمر (١)

فقال : يا جرير : ما أرى لك فيما هاهنا حقا ، قال : بلى يا أمير المؤمنين ، أنا ابن سبيل ومنقطع بي ، فأعطاه من صلب ماله مائة درهم.

وذكر أنه قال له : ويحك يا جرير! لقد ولّينا هذا الأمر وما نملك إلّا ثلاث مائة درهم ، فمائة أخذها عبد الله (٢) ، ومائة أخذتها أمّ عبد الله. يا غلام ، أعطه المائة الثالثة. فأخذها وقال : والله لهي أحب ما اكتسبته إلي.

قال : ثم خرج ، فقال له الشعراء : ما وراءك؟ قال : ما يسوؤكم ، خرجت من عند أمير المؤمنين ، وهو يعطي الفقراء ويمنع الشعراء ، وإني عنه لراض. وأنشأ يقول (٣) :

رأيت رقى الشّيطان لا تستفزّه

وقد كان شيطاني من الجنّ راقيا

وفي سنة إحدى عشرة ومائة توفي الفرزدق بن غالب الشاعر بالبصرة ، وتوفي بعده بأربعين يوما جرير بن الخطفى. وقيل في سنة عشر (٤).

قال الأصمعي : حدثني أبي قال :

رأى رجل جريرا في المنام فقال له : ما فعل الله بك؟ فقال : غفر لي بتكبيرة كبرتها على ظهر المقر. قال : ما حول الفرزدق؟ قال : إيها ، وأهلكه قذف المحصنات.

قال الأصمعي : ما تركه جرير في المحيا ولا في الممات.

[٩٧٨٥] جرير بن غطفان ابن جرير ، أبو القاسم

حدث عن عفان بسنده عن عبد الله (٥) قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

__________________

(١) البيتان الأخيران ليسا في الديوان.

(٢) يعني عبد الله بن عمر بن عبد العزيز ، أحد أولاده ، وكان شجاعا جوادا ، ولي العراقين ليزيد بن الوليد ستة أشهر ، ولمّا مات يزيد أرادوا في العراق مبايعته بالخلافة ، وعبد الله هذا هو الذي احتفر نهر ابن عمر بالبصرة ، راجع المعارف ص ٣٦٣.

(٣) ليس البيت في ديوانه.

(٤) الخبر في الوافي بالوفيات ١١ / ٨١ وزيد فيه : باليمامة وعمّر نيّفا وثمانين سنة.

(٥) يعني عبد الله بن مسعود.

٩٥

«لا تذهب الدنيا ولا تنقضي حتى يملك رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي» [١٤٠٩٧].

وحدث عنه بسنده إلى أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«من سئل عن علم فكتمه ، ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار» [١٤٠٩٨].

توفي جرير بن غطفان بدمشق ، ليلة السبت مستهل المحرم ، سنة ست وستين ومائتين.

[٩٧٨٦] جسر بن الحسن

من أهل اليمامة. قدم الشام.

[روى عن الحسن البصري ، ورجاء بن حيوة ، وعطاء بن أبي رباح ، وعمر بن عبد العزيز ، وعون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، ونافع مولى ابن عمر ، ويعلى بن شداد بن أوس.

روى عنه إبراهيم بن محمد الفزاري ، وخالد بن عبد الرحمن الخراساني ، وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، وعبد الصمد بن عبد الأعلى السامي ، وعكرمة بن عمار اليمامي ، وعلي بن الجعد الجوهري ، ويحيى بن حمزة الحضرمي](١).

[قال أبو عبد الله البخاري](٢) :

[جسر بن الحسن ، سمع نافعا ، روى عنه الأوزاعي ، وعكرمة بن عمار ، الفزاري (٣)](٤).

[قال أبو محمد بن أبي حاتم](٥) :

__________________

[٩٧٨٦] ترجمته في تهذيب الكمال ٣ / ٣٦٨ وتهذيب التهذيب ١ / ٣٧١ وميزان الاعتدال ١ / ٣٩٨ وكتب بهامشه : «جسر بفتح الجيم وكسرها معا» والجرح والتعديل ١ / ١ / ٥٣٨ والتاريخ الكبير ١ / ٢ / ٢٤٥ والكامل لابن عدي ٢ / ١٧٠. وجسر بفتح الجيم بعدها مهملة ، كما في تقريب التهذيب.

(١) ما بين معكوفتين استدرك عن تهذيب الكمال ٣ / ٣٦٨.

(٢) زيادة للإيضاح.

(٣) كذا جاء في التاريخ الكبير ، وكتب بهامشه : «عكرمة عجلي ، وجسر لم ينسبوه بل ذكروا في الرواة عنه أبا إسحاق الفزاري ، ويمكن أن يكون الصواب : ... والفزاري».

(٤) ما بين معكوفتين استدرك عن التاريخ الكبير ١ / ٢ / ٢٤٥ ـ ٢٤٦.

(٥) زيادة للإيضاح.

٩٦

[جسر بن الحسن روى عن نافع ويعلى بن شداد بن أوس وعطاء ، روى عنه الأوزاعي وعكرمة بن عمار وأبو إسحاق الفزاري ويحيى بن حمزة وعبد الصمد بن عبد الأعلى السلامي. سمعت أبي يقول ذلك وسمعته يقول : هو يمامي لا أرى بحديثه بأسا.

أنا يعقوب بن إسحاق الهروي فيما كتب إلي قال : نا عثمان بن سعيد الدارمي قال : سألت يحيى بن معين عن جسر بن الحسن قال : ليس بشيء](١).

حدث عن نافع عن ابن عمر قال : (٢)

كنا نفضل على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أبا بكر وعمر وعثمان ثم لا نفضل أحدا على أحد.

وحدث جسر عن الحسن البصري (٣) :

أن رجلا لقي النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : مرحبا بسيدنا وابن سيدنا. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «السيد الله تبارك وتعالى» [١٤٠٩٩].

قال جسر بن الحسن :

رأيت عمر بن عبد العزيز يبكي حتى نفد الدمع ، ثم رأيته يبكي الدم. ضعفه قوم.

[قال عثمان بن سعيد الدارمي : سألت يحيى بن معين عن جسر؟ فقال : ليس بشيء.

قال النسائي : جسر بن الحسن الكوفي ضعيف. وفي موضع آخر قال : جسر ليس بثقة ولا يكتب حديثه](٤).

[قال ابن عدي](٥) :

[سمعت ابن حماد يقول : قال السعدي : جسر بن الحسن واهي الحديث.

وجسر بن الحسن لا أعرف له إلّا ما ذكرت ـ وليس ما ذكرت بالمنكر.

وإنما عرف جسر بالأوزاعي حين روى عنه ، ولا أعرف لجسر هذا كثير رواية](٦).

__________________

(١) ما بين معكوفتين استدرك عن الجرح والتعديل ١ / ١ / ٥٣٨.

(٢) رواه ابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال ٢ / ١٧٠ من طريق إبراهيم بن دحيم ثنا أبي وهشام بن عمار قالا : ثنا الوليد عن الأوزاعي ، حديث جسر بن الحسن عن نافع عن ابن عمر ، وذكره.

(٣) الكامل لابن عدي ٢ / ١٧٠ وميزان الاعتدال ١ / ٣٩٨.

(٤) ما بين معكوفتين زيادة عن تهذيب الكمال ٣ / ٣٦٨.

(٥) زيادة للإيضاح.

(٦) ما بين معكوفتين زيادة استدركت عن الكامل لابن عدي ٢ / ١٧٠ ـ ١٧١.

٩٧

[٩٧٨٧] جعثل بن هاعان بن عمرو بن البثوث

أبو سعيد الرّعيني (١) القتباني (٢) المصري

قاضي إفريقية. وفد على هشام بن عبد الملك ، وتوفي في خلافته قريبا من سنة خمس عشرة ومائة.

[روى عن أبي تميم عبد الله بن مالك الجيشاني المصري. روى عنه بكر بن سوادة الجذامي ، وعبيد الله بن زحر الإفريقي.

ذكره ابن أبي حازم فيمن اسمه جعيل ، ووهم في ذلك والله أعلم. روى له الأربعة حديثا واحدا](٣).

[قال أبو محمد بن أبي حاتم](٤) :

[جعيل بن هاعان أبو سعيد الرعيني المصري ، روى عن عبد الله بن مالك. روى عنه عبيد الله بن زحر. سمعت أبي يقول ذلك](٥).

روى عن أبي تميم الجيشاني عن عقبة بن عامر

أن أخت عقبة نذرت في ابن لها أن تحج حافية بغير خمار ، فبلغ ذلك النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «لتخرج راكبة مختمرة ، ولتطعم» [١٤١٠٠].

وفي حديث بمعناه :

ولتصم ثلاثة أيام (٦).

__________________

[٩٧٨٧] ترجمته في تهذيب الكمال ٣ / ٣٦٩ وفيه : اليثوب بدل : البثوث وتهذيب التهذيب ١ / ٣٧١ وتبصير المنتبه ١ / ٢٥٧ والجرح والتعديل ١ / ١ / ٥٤٢ وسماه : جعيل. وجعثل بضم الجيم والمثلثة بينهما مهملة ساكنة كما في تقريب التهذيب.

(١) الرعيني نسبة إلى ذي رعين.

(٢) تحرفت في مختصر ابن منظور إلى : القتاني ، والتصويب عن تهذيب الكمال ، والقتباني بكسر القاف وسكون التاء هذه النسبة إلى قتبان ، وهو بطن من رعين نزلوا مصر (اللباب).

(٣) ما بين معكوفتين زيادة استدركت عن تهذيب الكمال ٣ / ٣٦٩.

(٤) زيادة للإيضاح.

(٥) ما بين معكوفتين زيادة استدركت عن الجرح والتعديل ١ / ١ / ٥٤٢.

(٦) تهذيب الكمال ٣ / ٣٧٠.

٩٨

في رواية أخرى فقال :

«مرها فلتركب ، فإن الله عن تعذيب أختك لغنيّ» [١٤١٠١].

كان (١) قاضي الجند بإفريقية لهشام بن عبد الملك ، وكان عمر بن عبد العزيز أخرجه من مصر إلى المغرب ليقرئهم القرآن ، وكان أحد القراء الفقهاء.

[٩٧٨٨] جعد بن درهم

[أصله من خراسان ، ويقال إنه من موالي بني مروان ، سكن الجعد دمشق ، كانت له بها دار بالقرب من القلانسيين إلى جانب الكنيسة](٢).

أول من قال بخلق القرآن. كان يسكن دمشق ، وله بها دار ، وهو الذي ينسب إليه مروان ابن محمد ، لأنه كان معلمه. وقيل إنه كان من أهل حرّان ، هو الذي قتله خالد بن عبد الله القسري بالكوفة يوم الأضحى ، وكان أول من أظهر القول بخلق القرآن في أمة محمد ، فطلبه بنو أمية فهرب من دمشق وسكن الكوفة ، ومنه تعلم الجهم بن صفوان بالكوفة خلق القرآن (٣) ، وهو الذي تنسب الجهمية (٤) إليه ، وقتله سلم بن أحوز بأصبهان.

سئل أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الغسيلي : من أين كان جهم؟ قال : من ترمذ ، وكان يذهب في بدء أمره ، ثم صار صاحب جيش الحارث بن سريج بمرو ، فقتله سلم بن أحوز في المعركة وقبره بمرو. وسئل : ممن أخذ ابن أبي دؤاد؟ فقال : من بشر المريسي ، وبشر المريسي أخذه من جهم بن صفوان ، وأخذه جهم من الجعد بن درهم ، وأخذه جعد بن

__________________

(١) رواه المزي في تهذيب الكمال ٣ / ٣٦٩ من طريق أبي سعيد بن يونس.

[٩٧٨٨] ترجمته في سير الأعلام ٥ / ٤٣٣ وميزان الاعتدال ١ / ٣٩٩ وتاريخ الطبري (الفهارس) والكامل لابن الأثير (الفهارس) والبداية والنهاية ٩ / ٣٨٢ ولسان الميزان ١ / ١٠٥ والنجوم الزاهرة ١ / ٣٢٢ واللباب ١ / ٢٣٠ وتاريخ الخميس ٢ / ٣٢٢ والوافي بالوفيات ١١ / ٨٦.

(٢) ما بين معكوفتين زيادة استدركت عن البداية والنهاية ٩ / ٣٨٢ نقلا عن ابن عساكر. وزاد ابن كثير قال : وهي محلة من الخواصين اليوم غربيها عند حمام القطانين الذي يقال له حمام قليس.

(٣) الجهم بن صفوان أبو محرز الراسبي السمرقندي وهو رأس الجهمية الذين ينسبون إليه من المجبرة ظهرت بدعته بترمذ انظر ترجمته وأخباره في سير الأعلام ٦ / ٢٦.

(٤) الجهمية وهم أصحاب الجهم بن صفوان وقد ذهبوا إلى القول أن الإنسان لا يوصف بالاستطاعة على الفعل بل هو مجبور بما يخلقه الله تعالى من الأفعال على حسب ما يخلقه في سائر الجمادات وأن نسبة الفعل إليه إنما هو بطريق المجاز (انظر الفرق بين الفرق ـ والملل والنحل).

٩٩

درهم من أبان (١) بن سمعان ، وأخذه أبان من طالوت ابن أخت لبيد وختنه (٢) ، وأخذه طالوت من لبيد بن أعصم ، اليهودي الذي سحر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وكان لبيد يقرأ القرآن ، وكان يقول بخلق التوراة ، وأول من صنّف في ذلك طالوت ، وكان طالوت زنديقا وأفشى الزندقة ، ثم أظهره جعد بن درهم ، فقتله خالد بن عبد الله القسري يوم الأضحى بالكوفة (٣) ، وكان خالد واليا عليها ، أتي به في الوثاق حتى صلى وخطب ، ثم قال في آخر خطبته : انصرفوا وضحّوا تقبل الله منا ومنكم ، فإني أريد أن أضحي اليوم بالجعد بن درهم ، فإنه يقول ما كلّم الله موسى تكليما ، ولا اتخذ إبراهيم خليلا ، تعالى الله عما يقول الجعد بن درهم علوا كبيرا ، ثم نزل وحزّ رأسه بيده بالسكين (٤).

[٩٧٨٩] جعفر بن أحمد بن الحسين

أبو الفضل المقرئ المعروف بابن كرّار الضرر الثقفي

مولى بني هبّار. وبنو هبار موالي أبي الخليل ، وبنو أبي الخليل موالي بني ثقيف.

حدث عن محمد بن إسماعيل بن عليّة بسنده عن أنس :

إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم رأى نخامة في قبلة المسجد فحكّها بيده ، فرئي في وجهه شدّة ذلك عليه فقال : «إن أحدكم إذا صلى فإنما يناجي ربه إن [ربه](٥) فيما بينه وبين القبلة ، فإذا بصق أحدكم فليبصق عن يساره أو تحت قدمه ، أو يفعل هكذا ، ثم يبصق في ثوبه ويدلك بعضه ببعض» (٦) [١٤١٠٢].

وحدث أيضا عن محمد بن عبد الرحمن بسنده عن أبي أمامة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

في قوله عزوجل : (وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى) [سورة النجم ، الآية : ٣٧] قال : صلاة أربع ركعات من أول النهار.

__________________

(١) في البداية والنهاية : بيان.

(٢) الوافي بالوفيات ١١ / ٨٧.

(٣) وذلك في حدود سنة عشرين ومائة ، قاله في الوافي بالوفيات ١١ / ٨٧.

(٤) البداية والنهاية ٩ / ٣٨٢.

(٥) استدركت عن مختصر ابن منظور ، وهي بدورها مستدركة فيه.

(٦) أخرجه أحمد بن حنبل في المسند ٤ / ٣٩٨ رقم ١٣٠٦٤ من طريق يزيد ثنا حميد عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم رأى نخامة ، وذكره.

١٠٠