تاريخ مدينة دمشق - ج ٧٢

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٧٢

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩٢
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

ذكر من اسمه الربيع

[٩٨٣٩] الربيع بن ثعلب

أبو الفضل مروزي الأصل

سكن بغداد وقرأ القرآن بدمشق بحرف ابن عامر على الوليد بن مسلم وسويد بن عبد العزيز ، ومحمّد بن شعيب بن شابور ، وعراك بن خالد ، ويحيى بن حمزة ، وأيوب بن مدرك الحنفي.

وحدث عن يحيى بن عقبة بن أبي العيزار ، والفرج بن فضالة ، وأبي إسماعيل المؤدب ، وجارية بن هرم ، ومسعدة بن أليسع ، وأبي معاوية الضرير.

قرأ عليه القرآن أبو الطّيّب سالم بن عبيد الله بن يحيى المقرئ ، وأبو أيوب سليمان بن يحيى بن يحيى بن الوليد بن أبان الضبي المصري.

وروى عنه عبد الله بن موسى بن أبي عثمان الدهقان ، وأحمد بن محمّد بن يوسف بن شاهين ، وعلي بن إسحاق بن زاطيا ، وعمر بن أيوب السّقطي ، وعبد الله بن محمّد بن ناجية ، وأبو القاسم البغوي ، وأبو زرعة وعلي بن الحسين بن الجنيد الرازيان ، وموسى بن إسحاق بن موسى القاضي ، وحامد بن محمد البلخي ، وأحمد بن الحسين بن إسحاق الصوفي الصغير (١).

__________________

[٩٨٣٩] ترجمته في الإكمال ١ / ٥٠٩ والجرح والتعديل ١ / ٢ / ٤٥٦ وتاريخ بغداد ٨ / ٤١٨ وغاية النهاية ١ / ٢٨٢ وفيه : تغلب بدل ثعلب.

(١) ترجمته في سير الأعلام ١٤ / ١٥٣.

٢٠١

أخبرنا أبو المظفر بن القشيري ، وأبو القاسم تميم بن أبي سعيد ، قالا : أنا أبو عثمان البحيري ، أنا الحسن بن أحمد المخلدي ، نا محمّد بن إسحاق الثقفي ، نا يعقوب بن إبراهيم ، والربيع بن ثعلب ـ الرضا ، ثقة ـ ، قالا : نا ابن عليّة ، عن سعيد بن يزيد ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«أمّا أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون ولكن أناس ـ أو كما قال ـ تصيبهم النار بذنوبهم ـ أو قال : بخطاياهم ـ تميتهم النار ، حتى إذا صاروا فحما أذن في الشفاعة ، فجيء بهم ضبائر (١) ضبائر فبثوا على أنهار الجنة ، فيقال : يا أهل الجنة أفيضوا عليهم ، فينبتون كما تنبت الحبّة في حميل السبيل» [١٤١٦٦] فقال رجل من القوم حينئذ : كأنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : قد كان بالبادية [١٤١٦٧].

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا أبو القاسم عمر بن الحسين بن إبراهيم الخفاف ، أنا أبو حفص عمر بن محمّد بن علي بن الزيات ، نا عبد الله بن محمّد بن ناجية.

ح وأخبرنا أبو المظفر بن القشيري ، وأبو القاسم الشّحّامي قالا : أنا أبو سعد الجنزرودي ، أنا أبو عمرو بن حمدان ، أنا أبو العباس حامد بن محمّد بن شعيب البلخي ببغداد ، قالا : نا الربيع بن ثعلب ، نا يحيى بن عقبة بن أبي العيزار ، عن محمّد بن جحادة ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا تطرحوا الدرّ في أفواه الكلاب» [١٤١٦٨] يعني الفقه.

وفي حديث ابن ناجية : نا محمّد بن جحادة (٢).

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، عن أبي القاسم بن الفرات ، أنا أبو علي أحمد بن محمّد الأصبهاني قال : قال لنا أبو بكر محمّد بن عبد الوهاب المقرئ بأصبهان : قال لي أبو الطّيّب سالم بن عبيد الله بن يحيى المقرئ ، وابن شنبوذ (٣) جميعا كان الربيع بن ثعلب قال لنا : إنه قد ختم القرآن على جماعة منهم الوليد بن مسلم ، وسويد بن عبد العزيز ، ومحمّد

__________________

(١) الضبائر جمع ضبارة ، بالضم وتكسر ، وهي الحزمة. وغير الليث لا يجيز : ضبارة من كتب. والضبائر : جماعات الناس في تفرقة (تاج العروس : ضبر).

(٢) هو محمد بن جحادة الأودي الإيامي الكوفي ، ترجمته في تهذيب الكمال ١٦ / ١٦٦.

(٣) هو محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت ، أبو الحسن ، ابن شنبوذ ، شيخ المقرئين ترجمته في سير الأعلام ١٥ / ٢٦٤.

٢٠٢

ابن شعيب بن شابور ، وأيوب بن مدرك الحنفي ، وعراك بن خالد المري ، ويحيى بن حمزة ، وبقية بن الوليد ، كلّ واحد من هؤلاء ختمة كاملة ، وقرأ جميع هؤلاء على يحيى بن الحارث ، وقرأ يحيى على عبد الله بن عامر.

أخبرنا أبو غالب أحمد ، وأبو عبد الله يحيى ابنا الحسن (١) قالا : أنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، عن أبي الحسن الدار قطني.

ح وقرأت على أبي غالب بن البنا ، عن أبي الفتح المحاملي ، أنا أبو الحسن الدار قطني قال :

الربيع بن ثعلب بغدادي ثقة ، يروي عن يحيى بن أبي العيزار ، يكنى أبا الفضل كان ببغداد.

أخبرنا أبو جعفر محمّد بن أبي علي الهمذاني (٢) في كتابه ، أنا أبو بكر الصفار ، أنا أحمد بن منجويه ، أنا أبو أحمد (٣) محمّد بن محمّد قال : أبو الفضل الربيع بن ثعلب البغدادي ، سمع أبا فضالة الفرج بن فضالة الشامي ، وأبا إسماعيل إبراهيم بن سليمان المؤدب البغدادي كناه لنا أبو العباس محمّد بن إسحاق الثقفي.

أخبرناه أبو بكر محمّد بن أبي نصر شجاع ، أنا محمّد بن أحمد بن جعفر الفقيه ، أنا أبو الحسين أحمد بن أبي بكر ، أنا أبو أحمد الحسن بن عبد الله العسكري ، قال : وفي محدثي بغداد الربيع بن ثعلب ، روى عن فرج بن فضالة ، وأبي إسماعيل المؤدب روى عنه أبو زرعة وموسى بن إسحاق.

أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة بقراءتي عليه عن أبي زكريا البخاري (٤).

ح وحدّثنا خالي أبو المعالي محمّد بن يحيى القاضي ، نا أبو الفتح نصر بن إبراهيم ،

__________________

(١) يعني أحمد بن الحسن بن أحمد ، أبو الغالب ابن البنا البغدادي الحنبلي ترجمته في سير الأعلام ١٩ / ٦٠٣.

وأبو عبد الله ـ أخوه ـ يحيى بن الحسن بن أحمد البغدادي ، ابن البنا ، ترجمته في سير الأعلام ٢٠ / ٦.

(٢) بالأصل : الهمداني.

(٣) بالأصل : أبو أحمد بن محمد ، تصحيف ، وهو محمد بن أحمد بن إسحاق أبو أحمد الحاكم الكبير ، النيسابوري ، ترجمته في سير الأعلام ١٦ / ٣٧٠.

(٤) غير مقروءة بالأصل ، والمثبت قياسا إلى سند مماثل.

٢٠٣

نا عبد الرحيم بن أحمد ، أنا أبو محمّد عبد الغني بن سعيد قال في باب ثعلب فالثاء معجمة بثلاث : الربيع بن ثعلب أبو الفضل.

أخبرنا أبو الحسن بن سعيد وأبو النجم الشيحي قالا : قال لنا أبو بكر الخطيب (١) : الربيع بن ثعلب أبو الفضل المروزي ، سكن بغداد وحدث بها عن يحيى بن عقبة بن أبي العيزار ، والفرج بن فضالة ، وأبي إسماعيل المؤدب ، وجارية بن هرم (٢) ، ومسعدة بن أليسع. روى عنه عبد الله بن موسى بن أبي عثمان الدهقان ، وأحمد بن محمّد بن يوسف بن شاهين ، وعلي بن إسحاق بن (٣) زاطيا ، وعمر بن أيوب السقطي ، وعبد الله بن محمّد بن ناجية ، وأبو القاسم البغوي ، وغيرهم.

قرأت على أبي محمّد السلمي ، عن أبي نصر بن ماكولا قال (٤) : في باب ثعلب أوله ثاء معجمة بثلاث وبعدها عين مهملة : أبو الفضل الربيع بن ثعلب ، بغدادي ، ثقة ، روى عن يحيى بن عقبة بن أبي العيزار.

أخبرنا أبو الحسن بن سعيد ، نا ـ وأبو النجم بدر بن عبد الله ، أنا ـ أبو بكر الخطيب (٥) ، أنا الحسن بن أبي بكر ، أنا محمّد بن الحسن بن مقسم المقرئ قال : قال أبو الحسن إدريس (٦) بن عبد الكريم سألت يحيى بن معين عن الربيع بن ثعلب فقال : رجل صالح.

في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الخلال ، أنا أبو القاسم بن مندة ، أنا أبو علي إجازة.

ح قال : وأنا أبو طاهر بن سلمة ، أنا علي بن محمّد.

قالا : أنا أبو محمّد بن أبي حاتم قال (٧) :

__________________

(١) الخبر في تاريخ بغداد ٨ / ٤١٨.

(٢) كلمة غير مقروءة بالأصل ، والمثبت عن تاريخ بغداد.

(٣) سقطت من الأصل ، وأضيفت عن تاريخ بغداد.

(٤) الإكمال لابن ماكولا ١ / ٥٠٩ و٥١٠.

(٥) الخبر رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٨ / ٤١٦.

(٦) غير واضحة بالأصل ، والمثبت عن تاريخ بغداد.

(٧) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ١ / ٢ / ٤٥٦.

٢٠٤

سمعت علي بن الحسين بن الجنيد يقول : حدّثنا (١) الربيع بن ثعلب الشيخ الفقيه (٢) الصالح وسمعت موسى بن إسحاق الأنصاري يقول : حدّثنا الربيع بن ثعلب أحد العابدين ببغداد.

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو القاسم بن مسعدة ، أنا حمزة بن يوسف ، أنا أبو أحمد بن عدي ، نا أحمد بن الحسين بن إسحاق الصوفي ، أنا الربيع بن ثعلب أبو الفضل العابد في المقابر باب البردان ، فذكر عنه حديثا.

أخبرنا أبو الحسن بن سعيد ، نا ـ وأبو النجم بدر بن عبد الله ، أنا ـ أبو بكر الخطيب (٣) أخبرني محمّد بن أحمد بن يعقوب ، أنا محمّد بن نعيم الضبي.

ح وقرأت على أبي القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي إجازة ، أنا [أبو](٤) عبد الله الحافظ.

أخبرني (٥) علي بن محمّد المروزي قال : وسألته يعني صالح بن محمّد ـ المعروف بجزرة ـ عن الربيع بن ثعلب فقال : صدوق ، ثقة ، من عباد الله الصالحين.

أخبرنا أبو الحس ، نا ـ وأبو النجم ، أنا ـ أبو بكر الخطيب (٦) ، أنا أبو بكر البرقاني قال : قرئ على أبي إسحاق إبراهيم بن محمّد بن يحيى المزكي ـ وأنا أسمع ـ قيل له : سئل السراج ، وهو أبو العباس محمد بن إسحاق الثقفي وأنت تسمع : أيش كنية الربيع بن ثعلب؟ [فقال :](٧) نا الربيع بن ثعلب أبو الفضل وكان من خيار المسلمين.

أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن خسرو ، وأنا أبو منصور محمد بن الحسين نا أحمد بن محمد بن غالب قال : سألت أبا الحسن الدار قطني قلت : الربيع بن ثعلب عنده من أبي بكر بن عياش وعن إسماعيل بن عياش قال برأسه إيماء : نعم. قلت : فكيف

__________________

(١) في الجرح والتعديل : أخبرنا.

(٢) الجرح والتعديل : الثقة.

(٣) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٨ / ٤١٦.

(٤) استدركت فوق السطر بالأصل.

(٥) من هنا إلى آخر الخبر مكرر بالأصل.

(٦) الخبر رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٨ / ٤١٦.

(٧) زيادة عن تاريخ بغداد.

٢٠٥

يفترقان .... (١) فهو إسماعيل بن عياش وإذا كان عن عاصم بن .... (٢) وأبي إسحاق أليسع وليث ابن أبي سليم هو أبو بكر بن عياش.

أخبرنا أبو الحسن نا ـ وأبو النجم بدر بن عبد الله ، أنا ـ أبو بكر الخطيب (٣) أنا الأزهري ، أنا علي بن عمر الحافظ قال : الربيع بن ثعلب بغدادي ، ثقة.

كتب إليّ أبو سعد محمد بن محمد وأبو علي الحسن بن أحمد وأبو القاسم غانم بن محمد بن عبيد الله البرجي (٤).

ح وأخبرنا أبو المعالي عبد الله بن أحمد بن محمد البزار ، أنا أبو علي الحداد قالوا أنا أبو نعيم نا أحمد بن جعفر بن سالم.

ح وأخبرنا أبو الحسن نا ـ وأبو النجم أنا ـ أبو بكر الخطيب (٥) أنا ابن (٦) الفضل دعلج ابن أحمد قالا : أنا أحمد بن علي الأبّار قال : ومات الربيع بن ثعلب سنة ثمان وثلاثين.

قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن الحسن عن أبي .... (٧) علي بن محمد عن أبي عمر ابن حيويه أنا محمد بن القاسم بن حفص ، نا ابن أبي .... (٨) قال : ومات الربيع بن ثعلب سنة ثمان وثلاثين ومائتين.

أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن. نا ـ وأبو النجم بدر بن عبد الله أنا ـ أبو بكر الخطيب (٩) أنا محمد بن جعفر بن علان الوراق ، أنا مخلد بن جعفر ، أنا محمد بن جرير الطبري قال : الربيع بن ثعلب يكنى أبا الفضل من أهل الصغد ، ولد بمرو ، وسكن بغداد ولم يزل بها حتى توفي بها في سنة ثمان وثلاثين ومائتين بعد الفطر بيوم ، وكان فيما ذكر لي رجلا صالحا ، صدوقا ، ورعا.

__________________

(١) كلمتان غير واضحتين بالأصل.

(٢) كلمة غير مقروءة بالأصل.

(٣) الخبر في تاريخ بغداد ٨ / ٤١٦.

(٤) غير واضحة بالأصل ، والصواب ما أثبت ، راجع ترجمته في سير الأعلام ١٩ / ٣٢٠.

(٥) الخبر رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٨ / ٤١٦.

(٦) بالأصل : أبو تصحيف ، والمثبت عن تاريخ بغداد.

(٧) كلمة غير مقروءة بالأصل.

(٨) كلمة غير مقروءة بالأصل.

(٩) الخبر في تاريخ بغداد ٨ / ٤١٦.

٢٠٦

قرأت على أبي محمد السلمي عن أبي محمد التميمي أنا علي بن محمد ، أنا أبو سليمان ابن زبر قال : سنة ثمان وثلاثين ومائتين فيها مات الربيع بن ثعلب.

[٩٨٤٠] الربيع بن الجهم

حدث بدمشق.

قرأت بخط أبي محمد ابن الأكفاني ، وذكر أنه وجده بخط بعض أصحاب الحديث في تسمية من سمع منه بدمشق : ربيع بن الجهم في طبقة فيها ذكر ابن جوصا وأبي الدحداح وأسند منهما ، وذكر أنه سمع منه سنة ثلاث عشرة ومائة.

[٩٨٤١] الربيع بن حظيان ـ

ويقال : جظيان بالجيم

بصري الأصل ، سكن دمشق ، وولاه المنصور دار الضرب بدمشق.

روى عن مكحول ، وعطاء بن أبي رباح ، وحسان بن عطية ، وثور بن يزيد ، وهشام بن حسان ، والزهري ، والحسن البصري ، وأبي الزبير محمّد بن مسلم ، وعكرمة مولى ابن عباس ، وعاصم بن بهدلة ، وأبي هارون العبدي ، وبيان بن بشر ، وقتادة ، وعمرو بن عبيد.

روى عنه عمر بن عبد الواحد ، وعبد ربه بن ميمون ، وزيادة بن الربيع اليحمدي ، وعبد الملك بن محمّد الصنعاني ، وسويد بن عبد العزيز ، ويحيى بن سعيد العطار ، وإبراهيم بن الفضل المخزومي ، وأبو عتبة محمّد بن أبان بن جزي.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، أنا أبو نصر بن طلّاب ، بقراءتي عليه ، أنا القاضي أبو نصر محمّد بن أحمد بن هارون بن موسى الغساني الإمام في الجامع بمدينة دمشق ، نا أبو عبد الله بن مروان ، نا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم القرشي ، نا سليمان بن عبد الرحمن ، نا عبد ربه بن ميمون النحاس ، نا الربيع بن حظيان ، عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه خرج إلينا فقال : «إنكم لن تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة» [١٤١٦٩].

__________________

[٩٨٤١] ترجمته في الجرح والتعديل ١ / ٢ / ٤٥٩ والتاريخ الكبير ٢ / ١ / ٢٧٨ وميزان الاعتدال ٢ / ٣٩ وفيه : الربيع بن حيظان ويقال : ابن حظيان وقيل : جيظان بالجيم.

٢٠٧

أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمّد الفقيه ، وأبو محمّد هبة الله بن أحمد المقرئ ، وأبو القاسم بن عبدان ، قالوا : أنا أبو القاسم بن أبي العلاء ، أنا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنا أبو علي محمّد بن هارون بن شعيب الأنصاري (١) ، حدّثني إسماعيل بن محمّد العذري (٢) ، نا أبو أيوب سليمان بن عبد الرّحمن ابن بنت شرحبيل (٣) ، نا عبد ربه بن ميمون النحاس الأشعري ، نا الربيع بن حظيان ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مسح على الخفين والعمامة [١٤١٧٠].

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنا محمّد بن هبة الله بن الحسن ، أنا علي بن محمّد بن عبد الله ، أنا عثمان بن أحمد بن عبد الله ، أنا محمّد بن أحمد بن البراء قال : قال علي بن المديني : الربيع بن حظيان شيخ روى عنه زياد بن الربيع اليحمدي ، وهو مجهول.

قرأت على أبي محمّد السلمي ، عن أبي بكر الخطيب ، أنا أبو بكر البرقاني ، أنا محمّد ابن عبد الله بن خميرويه ، أنا الحسين بن إدريس ، أنا محمّد بن عبد الله بن عمار الموصلي قال : الربيع بن حظيان معروف بصري ، قلت : هو ثقة؟ قال : لا أدري.

أنبأنا أبو الغنائم [محمد](٤) بن علي الكوفي ، ثم حدّثنا أبو الفضل السلامي ، أنا أبو الفضل الباقلاني ، وابو الحسين الصيرفي ، وأبو الغنائم واللفظ له ، قالوا : نا عبد الوهّاب بن محمّد زاد الباقلاني ومحمّد بن الحسن الأصبهاني ، قالا : أنا أحمد بن عبدان ، أنا محمّد بن سهل ، أنا محمّد بن إسماعيل قال (٥) : ربيع بن حظيان الدمشقي عن مكحول ، روى عنه زياد ابن الربيع منقطع.

قرأت بخط أبي الحسين الرازي ، أخبرني أبو عبد الرّحمن معاوية بن محمّد الدمشقي قال : سئل أبو زرعة عبد الرّحمن بن عمرو ، عن الربيع بن حظيان فقال : هو دمشقي ، قيل :

__________________

(١) ترجمته في سير الأعلام ١٥ / ٥٢٨.

(٢) هو إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن إسماعيل أبو قصي العذري ، انظر ترجمته في سير الأعلام ١٤ / ١٨٥.

(٣) هو سليمان بن عبد الرحمن بن عيسى بن ميمون بن عبد الله ، أبو أيوب التميمي الدمشقي ، ابن بنت شرحبيل ، ترجمته في سير الأعلام ١١ / ١٣٦.

(٤) سقطت من الأصل.

(٥) التاريخ الكبير للبخاري ٢ / ١ / ٢٧٨ رقم ٩٥٠.

٢٠٨

كيف هو له أحاديث غرائب؟ فسكت أبو زرعة ، ولم يقل فيه شيئا.

أخبرنا أبو بكر اللفتواني ، أنا أبو صادق الفقيه ، أنا أبو الحسن أحمد بن أبي بكر ، أنا الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري قال : الربيع بن جظيان ـ الجيم مكسورة وفوق الظاء نقطة وتحت الياء نقطتان ـ روى عن مكحول ، وحسان بن عطية روى عنه زياد بن الربيع ، وعمر بن عبد الواحد.

[قال ابن عساكر :](١) كذا قيل بالجيم ، ولا أعلم أحدا تابعه عليه ، وهو تصحيف من العسكري مصنفه التصحيف (٢).

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني شفاها ، نا عبد العزيز بن أحمد ، أنا أبو نصر بن الجبّان إجازة ، أنا أحمد بن القاسم بن يوسف الميانجي ، نا أحمد بن طاهر بن النجم ، حدّثني سعيد بن عمرو قال : قلت يعني لأبي زرعة الرازي الربيع بن حظيان؟ قال : منكر الحديث (٣). حدث عن الزهري ، غريب منكر ، روى عنه عبد ربه بن ميمون.

[٩٨٤٢] الربيع بن حنطي

قاضي حوران (٤).

حكى عنه محمّد بن عبد الرّحمن بن أبي عصمة.

قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف ، وأنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم عنه ، نا أبو الحسن عبد الرّحمن بن أحمد بن معاذ المصري ، أنشدنا أحمد بن أبي التمام أنشدنا محمّد بن عبد الرّحمن بن أبي عصمة قال : أنشدنا الربيع بن حنطي (٥) قاضي حوران :

إذا كان نجم المرء في الشيء مقبلا

تاقت له الأسباب من كل جانب

__________________

(١) زيادة للإيضاح.

(٢) كلمة غير مقروءة بالأصل ، والمثبت عن مختصر ابن منظور.

(٣) ميزان الاعتدال ٢ / ٣٩.

[٩٨٤٢] حنطي كذا رسمها بالأصل.

(٤) حوران كورة واسعة من أعمال دمشق ، من جهة القبلة ، ذات قرى كثيرة ومزارع وحرار ، وما زالت منازل العرب (معجم البلدان ٢ / ٣١٧).

(٥) كذا.

٢٠٩

وإن أدبرت دنياه عنه

بعورت (١) عليه وأعيته وجوه المطالب

ولا تدرك الأرزاق فيها ولا المنى

بحيلة محتال ولا حرص كاسب

إذا قلّ مال المرء أقصاه أهله

وأقصر عنه كلّ إلف وصاحب

[٩٨٤٣] الربيع بن ربيعة بن مسعود بن مازن بن ذيب

ابن عدي بن مازن بن الأزد ويقال : الربيع بن مسعود

وأمه رويمة بنت سعد بن الحارث الحجوري. ويقال : ربيع بن ربيعة بن مسعود بن عدي بن الذيب بن حارثة بن عدي بن عمرو بن مازن بن الأزد. المعروف بسطيح الكاهن الغساني ، المذكور.

كان يسكن الجابية على ما حكاه أبو العباس محمود بن محمّد بن الفضل الرافقي (٢) عن عبد الله بن الهيثم بن عثمان العبدي (٣) ، عن القاسم بن عمرو ، عن أحمد بن عبد الله المخزومي المكي ، عن إبراهيم بن يونس البرام ، عن سعيد بن مزاحم عن معروف بن خربوذ ، عن بشير بن تيم المكي ذكر ذلك في حديث ، هو الحديث الذي يأتي في ذكر عبد المسيح بن عمرو بن نفيلة الغساني.

قرأت على أبي محمّد السلمي ، عن أبي نصر بن ماكولا (٤) قال : وأما حجن بالنون فهو ذئب بن حجن القبيل الذي منه سطيح الذيب (٥) الكاهن.

وقال في موضع آخر (٦) من باب ذيب ، ذئب بن عمرو بن حارثة بن عدي بن عمرو بن مازن ، رهط سطيح الذئبي قاله ابن الحباب.

أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي ، أنا أبو بكر الخطيب أنا أبو منصور محمّد بن علي بن

__________________

(١) كذا رسمها بالأصل.

[٩٨٤٣] انظر أخباره في مروج الذهب (الفهارس) ، وتاريخ الطبري ١ / ٣٧٠ و٤٢٦ و٤٥٩ و٤٦٠ والبداية والنهاية ٢ / ٣٢٩ ـ ٣٣٠ و٤٠٥ و٤٣٤ والكامل لابن الأثير ١ / ٢٦٩ ـ ٢٧٠.

(٢) غير واضحة بالأصل ، والصواب ما أثبت ، هو محمود بن محمد بن الفضل بن الصباح أبو العباس الرافقي. انظر الحاشية التالية.

(٣) ترجمته في تهذيب الكمال ١٠ / ٦٠٥. وذكر في أسماء الرواة عنه أبا العباس الرافقي.

(٤) الإكمال لابن ماكولا ٢ / ٣٩٢.

(٥) في الإكمال : الذئبي.

(٦) الإكمال لابن ماكولا ٣ / ٣٩٣.

٢١٠

إسحاق الكاتب ، أنا أبو بكر أحمد بن بشر بن سعيد الحرفي ، نا أبو روق أحمد بن محمّد بن بكر الهزّاني ، نا أبو حاتم سهل بن محمّد بن عثمان السجستاني إملاء قال : سمعت مشيختنا منهم أبو عبيدة وغيره ، وأبو اليقظان وهو عامر بن حفص ولقبه سحيم وهو مولى بلعجيف ، ومحمّد بن سلام الجمحي قالوا (١) : وكان من بعده يعنون لقمان بن عاد : سطيح ولد في زمن سيل العرم وعاش إلى ملك ذي نواس وذلك نحو من ثلاثين قرنا ، وكان مسكنه البحرين وزعمت عبد القيس أنه منهم ، وتزعم الأزد أنه منهم ، وأكثر المحدثين يقولون هو من الأزد ولا يدرى ممن هو ، غير أن ولده يقولون : إنّهم من الأزد.

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، أنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنا جدي أبو بكر ، أخبرنا أبو الحسن الخرائطي قال : أنشدني أبو سهل الرازي لسطيح الكاهن (٢) :

عليكم بتقوى الله في السرّ والجهر

ولا تلبسوا صدق الأمانة بالغدر (٣)

وكونوا لجار (٤) الجنب حصنا وجنّة

إذا ما عرته النائبات من الدهر

أخبرنا أبو العزّ بن كادش إذنا ومناولة وقرأ عليّ إسناده ، أنا محمّد بن الحسين ، أنا المعافى بن زكريا (٥) ، نا محمّد بن الحسن بن دريد ، أخبرني عمي عن أبيه ، عن ابن الكلبي قال :

كان أول من قال «برج الخفاء» (٦) أن رجلا من كندة يقال له صدّاد بن أسماء ، وأسماء أمه ، وهي امرأة من بني الحارث بن كعب ، وكانت تحت صدّاد امرأة من قومه كندية وامرأة من بني الحارث ، وكان له من ابنة عمه أربعة رجال ولم يكن له من الحارثية ولد فوقع على

__________________

(١) الخبر نقله ابن كثير في البداية والنهاية ٢ / ٣٢٩ نقلا عن ابن عساكر.

(٢) البيتان في البداية والنهاية ٢ / ٣٣٠.

(٣) كذا بالأصل والبداية والنهاية ، وفي مختصر ابن منظور : بالعذر.

(٤) بالأصل : لجانب ، ولا يستقيم الوزن ، والمثبت عن البداية والنهاية.

(٥) الخبر بطوله رواه المعافى بن زكريا الجريري في الجليس الصالح الكافي ٤ / ٧ وما بعدها ، وانظر البداية والنهاية ٢ / ٣٢٩ ـ ٣٣٠.

(٦) برح الخفاء ، مثل. معناه زال الستر ، وانكشف السرّ. وهو من قولهم : برح الرجل من مكانه إذا زال عنه. قال ثعلب : معناه صار في براح من الأرض ، وهو ما ظهر منها.

انظر جمهرة الأمثال للعسكري ١ / ٢٠٥ وفصل المقال ص ٥٧ ومجمع الأمثال للميداني ١ / ٦٣ والمستقصى للزمخشري ١٨٣ واللسان (برح).

٢١١

جارية سوداء فأحبلها ، فلما تبين حملها وخاف امرأته ، فأنكر ذلك في العلانية وأقرّ به في السّرّ ، وسماه ثعلبة ، وأشهد امرأته الحارثية وأخا له أن ثعلبة ابنه. فلما مات صدّاد أخبرت السوداء ابنها أنه من صدّاد ، فخرج الغلام حتى أتى ملكا من ملوك اليمن ، فذكر له أمره وأتاه بعمه وامرأة أبيه فشهدا ، فقالت الكندية : إنما شهدا للعداوة ، فبعث الملك إلى سطيح الكاهن وخبأ له دينارا بين قدمه ونعله ، فلما دخل إليه قال له : إني قد خبأت لك شيئا فأخبرني به. فقال سطيح : أحلف بالبلد الحرام والحجر الأصمّ ، والليل إذا أظلم ، والنهار إذا تبسم ، وبكل فصيح وأعجم ، لقد خبأت دينارا بين نعل وقدم ، قال : فأخبرني مع من هو؟ قال : أحلف بالشهر الحرام ، وبالله محيي العظام ، وبما خلق من النسام إنه لتحت قدم الملك الهمام ؛ قال : فأخبرني لما أرسلت إليك ، قال أرسلت إليّ تسألني عن ابن السوداء ، ومن أبوه من الآباء ، وقد برح الخفاء ، وهو أول من قاله ، وأبوه صدّاد ابن أسماء لا شك فيه ولا من مراء فألحقه بأبيه وورّثه. قال الملك : يا سطيح ألا تخبرني عن علمك هذا؟ قال : إن علمي ليس مني ، ولا بجزم ولا تظني ، ولكن أخذته من أخ لي جني ، قد سمع الوحي بطور سنيّ. قال الملك : أرأيت أخاك هذا الجني أهو معك لا يفارقك؟ قال : إنه ليزول حيث أزول ، فلا أنطق إلا بما يقول ، قال له الملك : فهل من خبر بما يكون تخبرنا به؟ قال : نعم ، عندي خبر ظريف (١) ، شهركم هذا خريف ، والقمر فيه كسيف ، ويأتي غدا سحاب كثيف ، فميلأ البر والريف ، فكان كما قال.

قال المعافى (٢) : أخبار سطيح كثيرة ، وقد جمعها غير واحد من أهل العلم ، وكذلك أخبار غيره من الكهان ، والمشهور من أمر سطيح أنه كان كاهنا ، وقد أخبر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعن نعته ومبعثه بأخبار كثيرة ، وروي أنه عاش سبعمائة سنة ، وأدرك الإسلام فلم يسلم ، وروي أنه هلك عند ما ولد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأخبر بذلك ابن أخته عبد المسيح بن حيان بن بقيلة (٣) وقد أوفده إليه كسرى أنو شروان لارتياعه من أمور ظهرت عند مولد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأمره أن يسأل خاله سطيحا عنها ، ويستعلم منه تأويلها ، وذكر عبد المسيح أنه أنبأه بذلك ، ونعى إليه نفسه ثم قضى مكانه.

__________________

(١) في الجليس الصالح : طريف.

(٢) يعني القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا الجريري صاحب كتاب الجليس الصالح الكافي.

(٣) أعجمت عن الجليس الصالح.

٢١٢

وروي لنا من بعض الطرق بإسناد والله به أعلم أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم سئل عن سطيح فقال : «نبيّ ضيّعه قومه» (١) وهو مشهور عند العرب يذكرون سجعه وكهانته ، ويضربون المثل بعلمه وصدقه فيما يخبر به ، وقد قال الأعشى يذكر زرقاء اليمامة لما أخبرت أهل اليمامة برؤيتها ما رأت من مكان بعيد لم يعلم آدمي أدرك مرئيا من مثل مداه. فلم يصدّقوها ، فأتاهم العدو الذي أنذرتهم به ، فاستباحهم وخرّب ديارهم (٢) :

ما نظرت ذات أشفار كنظرتها

حقا كما صدق الذئبي إذ سجعا

قالت أرى رجلا في كفّه كتف

أو يخصف النعل لهفي أية صنعا

فكذّبوها بما قالت ، فصبّحهم

ذو آل حسّان يزجي (٣) الموت والشّرعا (٤)

فاستنزلوا أهل جوّ من منازلهم (٥)

واستخفضوا (٦) شاخص البنيان فاتضعا

قال المعافى : قوله : الذئبي ، يعني سطيحا لأنه من ولد ذئب بن حجن ، وبسطيح الذئبي كان يعرف. وقد قال له عبد المسيح ابن أخته حين وفد عليه من عند كسرى (٧) :

يا فاصل الخطة أعيت من ومن

أتاك شيخ الحي من أهل (٨) سنن

وأمه من آل ذئب بن حجن

ولكلّ فصل مما ذكرنا أخبار وأنباء وقصص تأتي في أماكنها إن شاء الله عزوجل.

أخبرنا أبو الحسن علي بن مسلم الفقيه ، أنا أبو القاسم بن أبي العلاء ، أنا أبو الحسن عبد الرّحمن بن محمّد بن يحيى الجوبري ، أنا أبو القاسم علي بن يعقوب بن أبي العقب ، أبو زرعة عبد الرّحمن بن عمرو قال : وكتب إليّ سليمان بن عبد الرّحمن بخطه في سنة

__________________

(١) عقب ابن كثير على ذلك بقوله : أما هذا الحديث فلا أصل له في شيء من كتب الإسلام المعهودة ، ولم أره بإسناد أصلا. ويروى مثله في خبر خالد بن سنان العبسي ولا يصح.

وظاهر هذه العبارات تدل على علم جيد لسطيح وفيها روائح ، التصديق لكنه لم يدرك الإسلام كما قال الجريري.

(٢) البيت الأول في تاريخ الطبري ١ / ٤٣١ والأبيات في ديوان الأعشى من قصيدة طويلة ص ١٠٦.

(٣) الأصل : يرجي ، والمثبت عن الديوان.

(٤) الشرع الأوتار ، وقيل : حبالة الصيد.

(٥) الديوان : مساكنهم.

(٦) الديوان : وهدموا.

(٧) الرجز في تاريخ الطبري ١ / ٤٥٩ والجليس الصالح الكافي ٤ / ٩.

(٨) الطبري والجليس الصالح : من آل سنن.

٢١٣

خمس عشرة ومائتين قال (١) : قال إسماعيل بن عياش ، عن يحيى بن عمرو الشيباني (٢) عن عبد الله ابن الديلمي ، عن ابن عباس أن رجلا أتاه فقال : بلغنا أنك تذكر سطيحا تزعم أن الله لم يخلق من ولد آدم شيئا يشبهه؟ قال : نعم ، إن الله تبارك وتعالى خلق سطيحا الغساني لحما على وضم ـ والوضم شرائح من جرائد النخل ـ وكان يحمل على وضمه ، فيؤتى به حيث يشاء ، ولم يكن فيه عظم ولا عصب إلا الجمجمة والعنق والكفين (٣) ، وكان يطوى من رجليه إلى ترقوته كما يطوى الثوب ، ولم يكن فيه شيء يتحرك إلّا لسانه فلما أراد الخروج إلى مكة حمل على وضمه ، فأتي به مكة فخرج إليه أربعة نفر من قريش : عبد شمس وعبد مناف ابنا قصي ، والأحوص بن فهر ، وعقيل بن أبي وقاص ، فانتموا إلى غير نسبهم فقالوا نحن أناس أتيناك لنزورك لما بلغنا قدومك ، ورأينا أن إتياننا إياك حقا واجبا لك علينا ، وأهدى له عقيل صفيحة هندية وصعدة (٤) ردينية (٥) ، فوضعتا (٦) على باب البيت الحرام لينظروا (٧) هل يراهما (٨) سطيح أم لا. فقال : يا عقيل ، ناولني يدك. فناوله يده ، فقال : والعالم الخفية ، والغافر الخطية ، والذمة الوفية ، والكعبة المبنية ، إنك لجائي بالهدية ، الصفيحة الهندية ، والصعدة الردينية ، قالوا : صدقت يا سطيح. فقال سطيح : والآتي بالفرح ، وقوس قزح ، وسائر (٩) القرح ، واللطيم (١٠) المنبطح والنخل الرطب والبلح ، إن الغراب حيث مرّ سنح ، فأخبر أن القوم ليسوا من جمح ، وإن نسبهم في قريش ذي البطح. قالوا : صدقت يا سطيح. نحن أهل البيت الحرام ، أتيناك لنزورك ، لما بلغنا من علمك ، فأخبرنا عما يكون في زماننا

__________________

(١) الخبر في البداية والنهاية ٢ / ٣٢٩ ـ ٣٣٠ والخصائص الكبرى للسيوطي ١ / ٥٧ ـ ٥٨ ودلائل النبوة لأبي نعيم ص ١٢٢ رقم ٦٩.

(٢) كذا بالأصل والخصائص ودلائل النبوة ، والصواب : السيباني ، بالسين المهملة وسكون الياء ، كما في تقريب التهذيب.

(٣) غير واضحة بالأصل ، والمثبت عن مختصر ابن منظور والبداية والنهاية.

(٤) الصعدة القناة المستقيمة.

(٥) الردينية نسبة إلى امرأة اسمها ردينة ، تقوم القنا : فنسبت إليها الرماح الردينية.

(٦) في دلائل أبي نعيم : فوضعت.

(٧) بالأصل : لينظرون.

(٨) في دلائل أبي نعيم : يراها.

(٩) في الخصائص : «والسابق القرح» والقرح : جمع قارح وهو الفرس إذا استكمل خمس سنين وانتهت أسنانه.

(١٠) اللطيم : من الخيل الذي سالت غرته في أحد شقي وجهه.

٢١٤

[هذا](١) وما يكون من بعده ، إن يكن (٢) عندك في ذلك علم؟ قال : فقال : الآن صدقتم ، خذوا مني من إلهام الله إياي ، أنتم الآن يا معشر العرب في زمان الهرم ، فتبينوا بصائركم وبصيرة العجم ، لا علم عندكم ولا فهم. وينشأ من عقبكم [ذوو](٣) فهم (٤). يطلبون أنواع العلم ، فيكسرون الصنم ويبلغون الردم (٥) ويقتلون العجم يطلبون الغنم. قالوا : يا سطيح ، ممن يكون أولئك؟ قال لهم : والبيت ذي الأركان والأمن والسلطان (٦) ، لينشون من عقبكم ولدان يكسرون الأوثان وينكرون عبادة الشيطان ، ويوحدون الرحمن ، وينشرون دين الديان يشرفون البنيان ويقتنون القيان. قالوا : يا سطيح ممن نسل من يكون أولئك؟ قال : وأشرف الأشراف ، والمفضي للإسراف والمزعزع الأحقاف والمضعف للأضعاف لينشون الآلاف. من بني عبد شمس وعبد مناف يكون فيهم اختلاف. قالوا : يا سوأتاه يا سطيح مما تخبر به من العلم بأمرهم. ومن أي بلد يخرج [أولئك](٧) قال : والباقي الأبد ، والبالغ الأمد ، ليخرجن من ذي (٨) البلد نبي مهتد ، يهدى إلي الرشد ، يرفض يغوث (٩) والفند (١٠) ، يبرأ من عبادة الضدد (١١) ، يعبد ربا انفرد ، ثم يتوفاه الله محمودا ، ومن الأرض مفقودا ، وفي السماء مشهودا ، ثم يلي أمره (١٢) الصديق إذا قضى صدق ، وفي رد الحقوق لا خرق ولا نزق ، ثم يلي أمره الحنيف ، مجرب غطريف ، ويترك قول الرجل الضعيف ـ يعني عمر ـ قد أضاف المضيف وأحكم التحنيف ، ثم يلي أمره داعيا لأمره مجربا فيجتمع له جموع وعصب ، فيقتلونه نقمة وغضبا عليه ، فيؤخذ الشيخ فيذبح إربا ، فيقوم له رجال خطباء ، ثم يلي أمره

__________________

(١) زيادة عن دلائل أبي نعيم.

(٢) بالأصل : يكون.

(٣) سقطت من الأصل ، وزيدت عن دلائل أبي نعيم.

(٤) بالأصل والخصائص : «دهم» والمثبت عن دلائل النبوة.

(٥) الردم : قرية بالبحرين (معجم البلدان).

(٦) كذا بالأصل والخصائص ، وفي دلائل أبي نعيم : والسكان.

(٧) زيادة عن دلائل أبي نعيم.

(٨) بالأصل : ذا البلد.

(٩) بالأصل : يغوثا.

(١٠) الفند : الخطأ في الرأي والقول ، والكذب.

(١١) في الخصائص : الصدد ، بالصاد المهملة.

(١٢) بالأصل : أمر ، والمثبت عن الدلائل.

٢١٥

الناصر معاوية ، فيخلط الرأي برأي ماكر ، يظهر في الأرض العساكر (١) ، ثم يلي من بعده ابنه ، يأخذ جمعه ويقل حمده ويأخذ المال فيأكل وحده ، ويكثر (٢) المال لعقبه من بعده ، ثم يلي من بعده عدة ملوك ، لا شك ، أن الدم فيهم مسفوك (٣). ثم يلي من بعده الصعلوك يطؤهم كوطأة الدرنوك (٤) ، ثم يلي عضوض ، أبو جعفر يقضي الخلق (٥) ويدني مضر ، يفتتح الأرض افتتاحا [منكرا ، ثم يلي قصير القامة ، بظهره علامة ، يموت موت السلامة ، ثم يأتي قليل ماكر ، يترك الملك مجلى بائر. ثم يلي أخوه بسنته سائر يختص بالأموال والمنابر ، ثم يلي أمره من بعده](٦) أهوج صاحب دنيا ونعيم ، مخلّج تثاوره معاشره وذووه ، ينهضون إليه ويخلعونه ، يأخذون الملك ويقتلونه ، ثم يلي أمره من بعده السابع ، فيترك الملك مخلى ضائع تثوره في ملكه مسورة جائع ، عند ذلك يطمع في الملك كل عريان ، فيلي أمر الناس اللهفان ، يوطئ نزارا جمع قحطان ، وإذا التقى بدمشق جمعان ، بين بيسان (٧) ولبنان ، يصنف اليمن يومئذ صنفين. صنف سورة وصنف مخذول ، لا ترى إلا خبّا مخلولا ولواء محلولا ، وأسيرا مغلولا بين الفرات والجبول (٨) ، عند ذلك تخرب المنابر وتسلب الأموال ، وتسقط الحوامل ، وتظهر الزلازل ، وتطلب الخلافة وائل ، فعند ذلك تغضب نزار ، وتدني العبيد والأشرار ، وتقضي النساك والأخيار ، يجوع الناس وتغلو الأسعار ، وفي صفر من الأصفار يقتل كل جبار ، ممن تشرف إلى خنادق وأنهار. ذات أشغال وأشجار. يعمد لهم الأغيار ، يهزمهم أول النهار ، ويظهر لأمره الأخيار ، فلا ينفعهم نوم ولا قرار ، حتى يدخل مصرا من الأمصار ، فيدركه القضاء والأوزار ، ثم تجيء الرماة ، تزحف مشاة ، لقتل الكماة ، وأشر الحماة ومهل الغواة هنالك تدرك أعلى المياه ، ثم يبور الدين ، وتقلب الأمور ، ويكفر الزنبور ، وتقطع الجسور ، ولا يفلت إلا من كان من جزائر البحور ، ثم يشور الجنوب ، وتظهر الأعاريب ، ليس فيهم معين على أهل الفسوق ، والأعاريب في زمان عصيب ، لو كان للقوم حيا وما تغني

__________________

(١) في الدلائل : الفساد.

(٢) في الدلائل : ويكنز.

(٣) إلى هنا ينتهي الخبر في دلائل النبوة لأبي نعيم.

(٤) الدرنوك : ضرب من البسط له خمل قصير. أو هو الطنافس.

(٥) في الخصائص : يقصي الحق.

(٦) ما بين معكوفتين استدرك عن الخصائص الكبرى ١ / ٥٨ ـ ٥٩.

(٧) بيسان مدينة بالأردن بالغور الشامي ، بين حوران وفلسطين (معجم البلدان).

(٨) الجبول : قرية كبيرة إلى جنب ملاحة حلب (معجم البلدان).

٢١٦

المنى ، قالوا : ثم ما ذا يا سطيح؟ قال : ثم يظهر رجل من اليمن أبيض كالشطن. يخرج من بين صنعاء وعدن ، يسمى حسين أو حسن يذهب الله على رأسه الفتن.

قال أبو زرعة : فذكرته لأبي اليمان. فلم يقل (١) به ، ثم قدمت فلقيني هشام بن عمار وهو يظن أني قد سمعته من أبي اليمان عن إسماعيل بن عياش ، فأعلمته أني لم أسمعه.

أخبرنا أبو سهل محمد بن إبراهيم ، أنا أبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي ، أنا جعفر بن عبد الله بن يعقوب أنا محمد بن هارون الروياني ، أنا أبو طلحة الخزاعي ، نا بكر بن سليمان نا ابن إسحاق (٢) عن بعض أهل الرواية : أن ربيعة بن نصر اللخمي رأى رؤيا هائلة وفظع بها ، فلما رآها بعث إلي الحزاة من أهل مملكته فلم يدع كاهنا ولا ساحرا ولا عائفا ولا منجما إلا جمعهم إليه. ثم قال : إني قد رأيت رؤيا هالتني وفظعت بها ، فأخبروني بتأويلها. فقالوا : اقصصها علينا ، نخبرك بتأويلها. فقال : إني إن أخبرتكم بها فلم أطمئن إلى تأويلها ، إنه لا يعرف تأويلها إلا من يعرفها قبل أن أخبره بها ، فلما قال ذلك قال له رجل من القوم الذين جمع لذلك : فإن كان الملك يريد هذا فليبعث إلى سطيح وشق ، فإنه ليس أحد أعلم منهما ، فهما يخبرانك بما تسأل عنه ، واسم سطيح ربيع بن ربيعة بن مسعود بن مازن بن ذئب ابن عدي بن مازن بن ثعلبة بن الأزد ، ومازن غسان ، وكان يقال لسطيح الذئبي لنسبه إلى ذئب ابن عدي ، وشق بن صعب بن يشكر بن الهرم (٣) بن أفرك بن نذير بن قسر بن عبقر بن أنمار بجيلة فلما قال ذلك له ، بعث إليهما ، فقدم إليه سطيح قبل شق ، ولم يك في زمانهما مثلهما من الكهان. فلم قدم عليه سطيح ورعا ، فقال له : يا سطيح ، إني قد رأيت رؤيا هالتني وفظعت بها فأخبرني بها ، فإنك إن أصبتها أصبت تأويلها. قال : أفعل ، رأيت حممة خرجت من ظلمة فوقعت في أرض تهمة ، فأكلت منها كل ذات جمجمة. فقال له الملك : ما أخطأت منها شيئا يا سطيح. فما عندك في تأويلها؟ فقال : أحلف بما بين الحرتين من حنش ، ليهبطن أرضكم الحبش فليملكن ما بين أبين (٤) إلى جرش (٥). فقال له

__________________

(١) بالأصل : يقول.

(٢) الخبر رواه السيوطي في الخصائص الكبرى ١ / ٦٠ من طريق ابن عساكر ، ورواه أبو نعيم الحافظ في دلائل النبوة ص ١٢٥ رقم ٧٠ وسيرة ابن هشام ١ / ١٥ ـ ١٦.

(٣) في دلائل النبوة : بن رهم بن برانوك بن نذير.

(٤) أبين : بفتح أوله ويكسر ، مخلاف باليمن منه عدن.

(٥) جرش : من مخاليف اليمن من جهة مكة ، وقيل هي مدينة عظيمة باليمن ، وولاية واسعة.

٢١٧

الملك : وأبيك يا سطيح ، إن ذلك لنا لغائط موجع ، فمتى هو كائن؟ أفي زماني أو بعده؟ قال : بل بعده بحين أكثر من ستين أو سبعين ، يمضين من السنين. قال : فهل يدوم ذلك من ملكهم أم ينقطع؟ قال : ينقطع لبضع وسبعين يمضين من السنين ثم يقتلون بها أجمعين ويخرجون منها هاربين. قال الملك : ومن الذي يلي ذلك منهم من قتلهم وإخراجهم؟ قال : يليه إرم ذي يزن يخرج عليهم من عدن فلا يترك أحدا منهم باليمن. قال : فيدوم ذلك من سلطانه؟ أو ينقطع؟ قال : بل ينقطع لبضع وسبعين من السنين. قال : ومن يقطعه؟ قال : نبي زكي ، يأتيه الوحي من قبل العلي ، قال : وممن هذا النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ قال : من ولد غالب بن فهر بن مالك بن النضر يكون الملك في قومه إلى آخر الدهر. قال : وهل للدهر (١) يا سطيح من آخر؟ قال : نعم يوم يجمع فيه الأولون والآخرون ، يسعد فيه المحسنون ويشقى فيه المسيئون. قال : أحق ما تخبرني به يا سطيح؟

قال : نعم. والشفق والغسق والفلق إن ما نبأتك به لحق.

قال : فلما فرغ سطيح من قوله قدم عليه شق ، فدعا به ، فقال : يا شق إني رأيت رؤيا هالتني وفظعت بها ، فأخبرني عنها ، فإنك إن أصبت ، أصبت تأويلها كما قال لسطيح. وقد كتمه ما قال سطيح له لينظر أيتفقان أم يختلفان. قال : نعم. رأيت حممة خرجت من ظلمة ، فوقعت في روضة وأكمة فأكلت منها كل ذات نسمة. فلما قال له ذلك عرف أنهما قد اتفقا ، وأن قولهما واحد. إلا أن سطيحا قال : وقعت بأرض تهمة فأكلت منها كل ذات جمجمة ، وقال شق : وقعت بين روضة واكمة وأكلت منها كل ذات نسمة.

فلما رأى الملك ذلك أن قولهما شيئا واحدا قال : ما أخطأت يا شق ، فما عندك في تأويلها؟

قال : أحلف بما بين الحرتين من إنسان ، ليردن أرضكم السودان ، فليغلبن على كل ذي طفلة (٢) البنان ، وليملكن ما بين أبين ونجران.

قال له الملك : وأبيك يا شق ، إن هذا لنا لغائط موجع ، فمتى هو كائن في زماني أم بعده؟ قال : بعده بزمان ثم يستنقذكم منهم عظيم ذو شأن ، يذيقهم أشد الهوان ...

__________________

(١) بالأصل : الدهر ، والمثبت عن سيرة ابن هشام.

(٢) الطفلة : الناعمة الرخصة.

٢١٨

قال : ومن هذا عظيم الشأن؟ قال : غلام ليس بدني ولا مدنّ ، يخرج من بيت ذي يزن. قال : فهل يدوم سلطانه أو ينقطع؟ قال : بل ينقطع برسول مرسل ، يأتي بالحق والعدل من أهل الدين والفضل ، يكون الملك من قومه إلى يوم الفصل.

قال : وما يوم الفصل؟ قال : يوم تجزى فيه الولاة ، ويدعى فيه من السماء بدعوات يسمع منها الأحياء والأموات ، وبجمع فيه الناس للميقات ، يكون فيه لمن اتقى الفوز والخيرات. قال : أحق ما تقول؟ قال : إي ورب السماء والأرض وما بينهما من رفع وخفض ، إن ما أنبأتك به لحق ما فيه أمض.

فلما فرغ من مسألتهما وقع في نفسه أن الذي قالا له كائن من أمر الحبشة فجهز بنيه وأهل بيته إلى العراق بما يصلحهم ، وكتب لهم إلى ملك من ملوك فارس يقال له سابور بن خرزاذ ، فأسكنهم الحيرة.

فمن بقية ربيعة كان النعمان ملك الحيرة. زاد غيره : وهو النعمان ابن المنذر بن النعمان ابن المنذر بن عمرو بن عدي بن ربيعة بن نصر ، ذلك الملك في نسب أهل اليمن وعلمهم.

أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم الفقيه ، وأبو الفرج غيث بن علي الخطيب ، وأبو محمد عبد الكريم بن حمزة بن الخضر بن العباس قالوا : أنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد ابن محمد بن أحمد بن عثمان أنا جدي أبو بكر محمد بن جعفر بن محمد بن سهل الخرائطي. نا علي بن حرب ، نا أبو أيوب يعلى بن عمران من آل جرير بن عبد الله البجلي ، حدثني مخزوم بن هانئ المخزومي عن أبيه وأتت له خمسون ومائة سنة قال (١) :

لما كان ليلة ولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ارتجس إيوان كسرى ، وسقطت منه أربع عشرة شرفة ، وخمدت نار فارس ، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام ، وغاضت بحيرة ساوة (٢) ، ورأى الموبذان (٣) إبلا صعابا ، تقود خيلا عرابا قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها.

فلما أصبح كسرى أفزعه ذلك ، فصبر عليه تشجعا ، ثم رأى أن ـ وقال الفقيه : أنه ـ لا يدخر ذلك عن مرازبته ، فجمعهم ولبس تاجه وجلس على سريره. ثم بعث إليهم فلما

__________________

(١) الخبر رواه بطوله البيهقي في دلائل النبوة ١ / ١٢٦ وما بعدها ، وسيرة ابن هشام ١ / ١١ ـ ١٤ ودلائل النبوة لأبي نعيم ص ١٣٩ رقم ٨٢ وتاريخ الطبري ٢ / ١٣١ والبداية والنهاية ٢ / ٣٢٧ ـ ٣٢٨ والخصائص الكبرى للسيوطي ١ / ٥١.

(٢) ساوة مدينة حسنة بين الري وهمذان في وسط ، بينها وبين كل منهما ثلاثون فرسخا (معجم البلدان).

(٣) الموبذان للمجوس : كقاضي القضاة للمسلمين (اللسان).

٢١٩

اجتمعوا عنده قال : تدرون فيما بعثت إليكم؟ قالوا : لا ، إلا أن يخبرنا الملك. فبينا هم كذلك إذ ورد عليهم كتاب بخمود النيران ، فازداد غمّا إلى غمه ، ثم أخبرهم ما رأى وما هاله. فقال الموبذان : وأنا أصلح الله الملك قد رأيت في هذه الليلة رؤيا. ثم قصّ عليه رؤياه في الإبل. فقال : أي شيء يكون هذا يا موبذان؟ قال : حدث يكون في ناحية العرب ـ وكان أعلمهم في أنفسهم ـ فكتب عند ذلك :

من كسرى ملك الملوك إلى النعمان بن المنذر. أما بعد ، فوجه إليّ برجل عالم بما أريد أن أسأله عنه.

فوجه إليه بعبد المسيح بن عمرو بن حيان بن بقيلة الغساني ، فلما ورد عليه قال له : ألك علم بما أريد أن أسألك عنه؟ قال : ليخبرني الملك أو ليسألني عما أحب. فإن كان عندي منه علم وإلا أخبرته بمن يعلمه. فأخبره بالذي وجه إليه فيه. قال : علم ذلك عند خال لي يسكن مشارف الشام يقال له سطيح. قال : فأته. اسأله عما سألتك عنه. ثم أنبئني بتفسيره. فخرج عبد المسيح حتى انتهى إلى سطيح ، وقد أشفى على الضريح ، فسلم عليه ثم كلمه ، فلم يرد عليه جوابا. فأنشأ يقول :

أصم أم يسمع غطريف اليمن

أم فاز فاز لم به شأو العنن؟

يا فاضل الخطة أعيت من ومن

أتاك شيخ الحي من آل سنن

وأمه من آل ذئب بن حجن

أزرق بهم الناب صرار الأذن

أبيض فضفاض الرداء والبدن

رسول قيل العجم يسري للوسن

لا يرهب الرعد ولا ريب الزمن

تجوب به الأرض علنداة شجن (١)

ترفع بي وجنا وتهوي بي وجن (٢)

حتى أتى عاري الجآجي والقطن (٣)

تلفه في الرمح بوغاء الدمن (٤)

كأنما حثحث من جفني ثكن (٥)

قال : فلما سمع سطيح شعره ، رفع رأسه ، يقول : عبد المسيح على جمل مسيح. إلى

__________________

(١) علنداة : الناقة الطويلة العظيمة ، والشجن : المتداخلة الخلق ، كأنها شجرة متصلة الأغصان.

(٢) الوجن : الأرض الغليظة الصلبة.

(٣) القطن : جمع قطنة وهي ما بين الفخذين.

(٤) البوغاء : التراب الناعم.

(٥) في دلائل النبوة للبيهقي : حضني ثكن.

٢٢٠