تاريخ مدينة دمشق - ج ٧٢

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٧٢

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩٢
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

منعة من قومه ومن عمه ، لا يصل إليه شيء مما يكره مما ينال أصحابه ، فقال لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إن بأرض الحبشة ملكا لا يظلم أحد (١) عنده ، فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجا ومخرجا مما أنتم فيه. فخرجنا إليها أرسالا حتى اجتمعنا بها ، فنزلنا بخير دار إلى خير جار ، أمنّا على ديننا ، ولم نخش ظلما. فلما رأت قريش أنّا قد أصبنا دارا وأمنا ، اجتمعوا (٢) على أن يبعثوا إليه فينا ، ليخرجونا من بلاده ، وليردنا عليهم. فبعثوا عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة ، فجمعوا له هدايا ولبطارقته ، فلم يدعوا منهم رجلا إلّا بعثوا (٣) له هدية على حدة ، وقالوا لهما : ادفعوا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلموا فيهم ، ثم ادفعوا إليه هداياه ، وإن استطعتما أن يردهم عليكم قبل أن يكلمهم فافعلوا. فقدما علينا ، فلم يبق بطريق من بطارقته إلّا قدّموا إليه هديته ، فكلموه ، فقالوا له : إنا قدمنا على هذا الملك في سفهاء من سفهائنا ، فارقوا أقوامهم في دينهم ، ولم يدخلوا في دينكم فبعثنا قومهم ليردهم الملك عليهم ، فإذا نحن كلمناه فأشيروا عليه بأن يفعل ، فقالوا : نفعل. ثم قدّموا (٤) إلى النجاشي هداياه ، فكان من أحب ما يهدى إليه من مكة الأدم. فلما أدخلوا عليه هداياه فقالوا له : أيها الملك إن فتية منا سفهاء ، فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك ، وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه ، وقد لجئوا إلى بلادك فبعثنا إليك فيهم عشائرهم ، آباؤهم وأعمامهم وقومهم لتردهم عليهم ، فهم أعلى بهم (٥) عينا. فقالت بطارقته : صدقوا أيها الملك ، لو رددتهم عليهم كانوا هم أعلى بهم ، فإنهم لم يدخلوا في دينك فيمنعهم أملك (٦). فغضب ، ثم قال : لا لعمر الله ، لا أردهم عليهم حتى أدعوهم وأكلمهم وأنظر ما أمرهم ، قوم لجئوا إلى بلادي ، واختاروا جواري على جوار غيري ، فإن كانوا كما تقولون رددتهم عليهم ، وإن كانوا على غير ذلك منعتهم ، ولم أدخل بينهم وبينهم ، ولم أنعمهم عينا. فأرسل إليهم النجاشي فجمعهم ، ولم يكن شيء أبغض إلى عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة من أن يسمع كلامهم ،

__________________

(١) في مختصر ابن منظور : أحدا ، والمثبت عن سيرة ابن إسحاق.

(٢) في سيرة ابن إسحاق : أجمعوا.

(٣) في سيرة ابن إسحاق : هيئوا له هدية على ذية حدة.

(٤) سيرة ابن إسحاق : قدما.

(٥) أعلى بهم عينا أي أبصر بهم وأعلم بحالهم.

(٦) سيرة ابن إسحاق : فتمنعهم بذلك ، فغضب.

١٢١

فلما جاءهم رسول النجاشي اجتمع القوم فقال : ما ذا تقولون؟ فقالوا : وما ذا نقول! نقول والله ما نعرف وما نحن عليه من أمر ديننا ، وما جاء به نبينا صلى‌الله‌عليه‌وسلم كائن من ذلك ما كان. فلما دخلوا عليه كان الذي يكلمه منهم جعفر بن أبي طالب ، فقال له النجاشي : ما هذا الدين الذي أنتم عليه؟ فارقتم دين قومكم ولم تدخلوا في يهودية ولا نصرانية فما هذا الدين؟ فقال جعفر : أيها الملك كنا قوما على الشرك نعبد الأوثان ونأكل الميتة ، ونسيء الجوار ، وتستحلّ المحارم بعضنا من بعض في سفك الدماء وغيرها ، لا نحلّ شيئا ولا نحرّمه ، فبعث الله إلينا نبيا من أنفسنا نعرف وفاءه وصدقه وأمانته ، فدعانا إلى أن نعبد الله وحده لا شريك له ، ونصل الرحم ، ونحسن الجوار ، ونصلّي لله تعالى ، ونصوم له ، ولا نعبد غيره. قال : فقال : هل معك شيء مما جاء به؟ وقد دعا أساقفته (١) فأمرهم فنشروا المصاحف حوله ، فقال له جعفر : نعم. فقال : هلم فاتل عليّ ما جاء به. فقرأ عليه صدرا من (كهيعص) [سورة مريم ، الآية : ١] فبكى والله النجاشي حتى أخضل لحيته ، وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم. ثم قال : إن هذا الكلام ليخرج من المشكاة (٢) التي جاء بها موسى ؛ انطلقوا راشدين (٣) ، لا والله لا أردهم عليهم (٤) ، ولا أنعمكم عينا. فخرجنا من عنده ، وكان أتقى الرجلين فينا عبد الله بن أبي ربيعة. فقال عمرو ابن العاص : والله لآتينه (٥) غدا بما استأصل به خضراءهم (٦) ، فلأخبرنه أنهم يزعمون أن إلهه الذي يعبد عيسى بن مريم عبد ، فقال له عبد الله بن أبي ربيعة : لا تفعل ، فإنهم وإن كانوا خالفونا فإن لهم رحما ولهم حقا ، فقال : والله لأفعلن. فلما كان الغد دخل عليه فقال : أيها الملك ، إنهم يقولون في عيسى قولا عظيما ، فأرسل إليهم فسلهم عنه ، فبعث إليهم ولم ينزل بنا مثلها. فقال بعضنا لبعض : ما ذا تقولون له في عيسى إن هو سألكم عنه؟ فقال : نقول والله الذي قاله الله تعالى ، والذي أمرنا به نبينا صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن نقول فيه ؛ فدخلوا عليه وعنده بطارقته ، فقال : ما

__________________

(١) الأساقفة علماء النصارى الذين يقيمون لهم دينهم ، الواحد أسقف ، وقد يقال بتشديد الفاء.

(٢) المشكاة : جاء في اللسان : وفي حديث النجاشي : إنما يخرج من مشكاة واحدة ، المشكاة : الكوة غير النافذة.

وقيل : هي الحديدة التي يعلق عليها القنديل ، يريد أن القرآن والإنجيل كلام الله تعالى ، وأنهما من شيء واحد.

(٣) يخاطب فيه المسلمين.

(٤) أي على المشركين.

(٥) سيرة ابن إسحاق : لآتينه.

(٦) خضراءهم يعني شجرتهم التي منها تفرعوا.

١٢٢

تقولون في عيسى بن مريم؟ فقال له جعفر : نقول : هو عبد الله ورسوله وكلمته وروحه ألقاها إلى مريم العذراء البتول ، فدلى النجاشي يده إلى الأرض ، فأخذ عودا (١) بين إصبعيه فقال : ما عدا عيسى بن مريم ما قلت هذا العويد (٢) ، فتناخرت بطارقته ، فقال : وإن تناخرتم والله ، اذهبوا ، فأنتم شيوم (٣) في أرضي ـ والشيوم الآمنون ـ من سبكم غرم ، ثم من سبّكم غرم ، ثم من سبّكم غرم ، فأنا ما أحب أن لي دبرا (٤) وأني آذيت رجلا منكم ـ والدبر بلسانهم الذهب ـ فو الله ما أخذ الله تعالى مني الرشوة حين رد علي ملكي فآخذ الرشوة فيه ، ولا أطاع الناس فيّ فأطيع الناس فيه ، ردوا عليهما هداياهما ، فلا حاجة لي بها ، واخرجا من بلادي. فرجعا مقبوحين مردودا عليهما ما جاءا به. فأقمنا مع خير جار ، وفي خير دار.

فلم ينشب أن خرج عليه رجل من الحبشة ينازعه في ملكه ، فو الله ما علمنا حزنا حزنا قط كان أشد منه فرقا من أن يظهر ذلك الملك عليه ، فيأتي ملك لا يعرف من حقنا ما كان يعرفه ، فجعلنا ندعو الله ونستنصره للنجاشي ، فخرج إليه سائرا ، فقال أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعضهم لبعض : من رجل يخرج فيحضر الوقعة حتى ننظر على من تكون؟ فقال الزبير وكان من أحدثهم سنا : أنا ، فنفخوا له قربة ، فجعلها في صدره ، ثم خرج يسبح عليها في النيل حتى خرج من شقه الآخر إلى حيث التقى الناس (٥) ، فحضر الوقعة ، فهزم الله ذلك الملك وقتله ، وظهر النجاشي عليه. فجاءنا الزبير فجعل يليح (٦) إلينا بردائه ويقول : ألا أبشروا ، فقد أظهر الله تعالى النجاشي ، فو الله ما علمنا (٧) فرحنا بشيء قط فرحنا بظهور النجاشي ، ثم أقمنا عنده حتى خرج من خرج منا راجعا إلى مكة ، وأقام من أقام.

__________________

(١) في سيرة ابن إسحاق : عويدا.

(٢) سيرة ابن إسحاق : «العود» أي مقدار هذا العود ، يريد أن قولك لم يعد عيسى بن مريم بمقدار هذا العود.

(٣) كذا ومثله في سيرة ابن هشام. وفي سيرة ابن إسحاق : سيوم.

قال السهيلي : يحتمل أن تكون لفظة حبشية غير مشتقة ، ويحتمل أن يكون لها أصل في العربية ، وأن تكون من شمت السيف أي أغمدته ، لأن الآمن مغمد عنه السيف ، أو لأنه مصون في حرز كالسيف في غمده.

(٤) في سيرة ابن إسحاق : دبيرا. قال ابن هشام : ويقال : الدبر بلسان الحبشة : الجبل.

(٥) سيرة ابن إسحاق : إلى جنب التقاء الناس. وفي سيرة ابن هشام : إلى ناحية النيل التي بها ملتقى القوم.

(٦) ابن إسحاق : يلمح ، وفي سيرة ابن هشام : فلمع بثوبه.

(٧) سيرة ابن هشام : علمتنا.

١٢٣

ومعنى قوله (١) : ما أخذ الله مني الرشوة حين ردّ علي ملكي فآخذ الرشوة فيه ، ولا أطاع الناس فيّ فأطيع الناس فيه ، حدّثت عائشة : أن أباه كان ملك قومه ، وكان له أخ من صلبه له اثنا عشر رجلا ، ولم يكن لأبي النجاشي ولد غير النجاشي ، فأدارت الحبشة رأيها بينها فقالوا : لو أنا قتلنا أبا النجاشي وملكنا أخاه ، فإن له اثني عشر رجلا من صلبه ، فتوارثوا الملك لبقيت الحبشة [بملكهم](٢) دهرا طويلا لا يكون بينهم اختلاف ، فعدوا عليه فقتلوه وملّكوا أخاه ، فدخل النجاشي لعمه حتى غلب عليه فلا يدبر أمره غيره ، وكان لبيبا. فلما رأت الحبشة مكانه من عمه قالوا : قد غلب هذا الغلام على أمر عمه ، فما يأمن أن يملكه علينا ، وعرف أنا قد قتلنا أباه [وجعلناه مكانه](٣) فإن فعل لم يدع منا شريفا إلا قتله ، فكلموه فيه فليقتله أو ليخرجنه من بلادنا ، فمشوا إلى عمه فقالوا : قد رابنا مكان هذا الفتى منك ، وقد عرفت أنا قد قتلنا أباه وجعلناك مكانه ، فلا نأمن إن تملك علينا فيقتلنا فإما أن تقتله ، وإما أن تخرجه من بلادنا. قال : فقال : ويحكم ، قتلتم أباه بالأمس ، وأقتله اليوم! بل أخرجه من بلادكم ، فخرجوا به فوقفوه بالسوق ، وباعوه من تاجر من التجار ، فقذفه في سفينة بست مائة درهم أو بسبع مائة درهم فانطلق به ، فلما كان العشيّ هاجت سحابة من سحاب (٤) الخريف ، فخرج عمه يتمطر تحتها فأصابته صاعقة فقتلته ، ففزعوا إلى ولده فإذا هم محمقين ليس في واحد منهم خير ، فمرج (٥) على الحبشة أمرهم ، فقال بعضهم : تعلمون والله أن ملككم الذي لا يصلح أمركم غيره الذي بعتم الغداة ، فإن كان لكم بأمر الحبشة حاجة فأدركوه قبل أن يذهب ، فخرجوا في طلبه حتى أدركوه فردّوه ، فعقدوا عليه تاجه وأجلسوه على سريره وملكوه ، فقال التاجر : ردوا عليّ مالي كما أخذتم مني غلامي ؛ فقالوا : لا نعطيك. فقال : إذا والله أكلمه فقالوا : وإن. فمشى إليه فكلمه فقال : أيها الملك إني ابتعت غلاما فقبض مني الذي باعونيه ثمنه ، ثم عدوا على غلامي فنزعوه من يدي ولم يردوا علي مالي ، فكان أول ما خبر (٦) من

__________________

(١) الخبر في سيرة ابن إسحاق رقم ٢٨٣ ص ١٩٧ قال : قال الزهري فحدثت بهذا الحديث عروة بن الزبير عن أم سلمة ، فقال عروة : هل تدري ما قوله.

والخبر في سيرة ابن هشام ١ / ٣٦٣.

(٢) زيادة عن سيرة ابن إسحاق.

(٣) زيادة للإيضاح عن سيرة ابن إسحاق.

(٤) ابن إسحاق : سحائب الخريف.

(٥) مرج : قلق واختلط.

(٦) سيرة ابن إسحاق : اختبر.

١٢٤

صلابة حكمه وعدله أن قال : لتردّن عليه ماله أو لتجعلن غلامه يده في يده فليذهب به حيث شاء ، فقالوا : بل نعطيه ماله ، فأعطوه إياه. فلذلك يقول : ما أخذ الله مني الرشوة فآخذ الرشوة فيه حين رد علي ملكي ، وما أطاع الناس فيّ فأطيعهم فيه.

وجعفر وعلي وعقيل بنو أبي طالب ، وأمهم فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف (١) ، وكنيته أبو عبد الله ، وهو ذو الجناحين يطير بهما في الجنة حيث يشاء صاحب الهجرتين ، أسلم بعد أحد وثلاثين إنسانا (٢) ، يقال له : جعفر الطيار ، قتل يوم مؤتة شهيدا.

وروي عن الحسن بن زيد (٣) :

أن عليا عليه‌السلام أول ذكر أسلم ، ثم أسلم زيد بن حارثة حبّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم جعفر ابن أبي طالب. وكان أبو بكر الرابع في الإسلام أو الخامس.

وعن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قال :

بينما أنا مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في حير (٤) لأبي طالب أصلي أشرف علينا أبو طالب فنظر إليه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «يا عم ألا تنزل فتصلي معنا؟» فقال : يا ابن أخي ، إنّي لأعلم أنك على الحق ، ولكن أكره أن أسجد فيعلو استي ، ولكن أنزل يا جعفر فصلّ جناح ابن عمك. قال : فنزل فصلى عن يساري (٥). فلما قضى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلاته التفت إلى جعفر فقال : «أما إن الله تعالى قد وصلك بجناحين تطير بهما في الجنة ، كما وصلت جناح ابن عمك» [١٤١٢١].

حدث صلصال (٦) بن الدّلهمس قال :

كان أبي ـ يعني الدلهمس ـ لأبي طالب ولده (٧) ، فكان الذي بينهما في الجاهلية عظيم ، فكان أبي يبعثني إلى مكة لأنصر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مع أبي طاب قبل إسلامي ، فكنت أقيم بمكة

__________________

(١) رواه المزي في تهذيب الكمال ٣ / ٤٠٥ والذهبي في سير الأعلام ١ / ٢١٦ نقلا عن خليفة.

(٢) سير الأعلام ١ / ٢١٦.

(٣) رواه المزي في تهذيب الكمال ٣ / ٤٠٥ من طريق يعقوب بن سفيان : ذكر إسماعيل بن أبي أويس عن أبيه عن الحسن بن زيد ، وسير الأعلام ١ / ٢١٦.

(٤) الحير : بالفتح شبة الحظيرة أو الحمى (اللسان).

(٥) أسد الغابة ١ / ٣٤١.

(٦) انظر ترجمته في أسد الغابة ٢ / ٤١٥.

(٧) كذا ، والعبارة غير واضحة.

١٢٥

الليالي عند أبي طالب لحراسة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من قومه ، فإني يوم من الأيام جالس بالقرب من منزل أبي طالب في الظهيرة وشدة الحر ، إذ خرج أبو طالب شبيها بالملهوف فقال لي : يا أبا العصيفر (١) ، هل رأيت هذين الغلامين فقد ارتبت بإبطائهما علي ، فقلت : ما حسست لهما خبرا منذ جلست ، فقال : انهض بنا فنهضت وإذا جعفر بن أبي طالب يتلو أبا طالب ، قال : فاقتصصنا الأثر حتى خرج بنا من أبيات مكة ، قال : ثم علونا جبلا من جبالها ، فأشرفنا منه على أكمة دون ذلك التل ، فرأيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعليا قائما عن يمينه ، ورأيتهما يركعان ويسجدان قبل أن أعرف الركوع والسجود ، ثم انتصبا قائمين فقال أبو طالب لجعفر : أي نبي ، صلّ جناح ابن عمّك ، قال : فمضى جعفر مسرعا حتى وقف بجنب علي. فلما أحس به النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أخّرهما وتقدم ، وأقمنا موضعنا حتى انقضى ما كانوا فيه من صلاتهم ، ثم التفتّ إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فرآنا بالموضع الذي كنا فيه ، فنهض ونهضنا معه مقبلين ، فرأينا السرور يتردد في وجه أبي طالب ثم انبعث يقول :

إن عليا وجعفرا ثقتي

عند مهمّ الأمور والكرب

لا تخذلا وانصرا ابن عمّكما

وابن أمّي من بينهم وأبي

والله لا أخذل النبيّ ولا

يخذله من بني ذو حسب

قال : فلما آمنت به ودخلت في الإسلام ، سألت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن تيك الصلاة فقال : «نعم ، يا صلصال هي أول جماعة كانت في الإسلام» [١٤١٢٢].

وعن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لجعفر بن أبي طالب :

«إن الله تعالى أوحى إليّ أنه شكرك على أربع خصال ، كنت عليهن مقيما قبل أن يبعثني الله ، فما هن؟» قال له جعفر : بأبي أنت وأمي ، لو لا أن الله أنبأك بهن ما أنبأتك عن نفسي كراهية التزكية ، إنّي كرهت عبادة الأوثان لأني رأيتها لا تضرّ ولا تنفع ، وكرهت الزّناء لأني رأيتها [....] أن [....](٢) إلي ، وكرهت شرب الخمر لأني رأيتها منقصة للعقل ، وكنت إلى أن أزيد في عقلي أحب إلي من أن أنقصه ، وكرهت الكذب لأني رأيته دناءة.

وعن محمد بن علي قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

__________________

(١) كذا وردت كنيته في مختصر ابن منظور ، وهي في أسد الغابة ٢ / ٤١٥ والإصابة ٢ / ١٩٣ أبو الغضنفر.

(٢) كلمتان غير واضحتين في أصل مختصر ابن منظور ، وقد أشير على هامش الأصل بحرف ط.

١٢٦

«خلق الناس من أشجار شتى ، وخلقت أنا وجعفر من طينة واحدة» [١٤١٢٣].

وعنه قال (١) :

ضرب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لجعفر يوم بدر بسهمه وأجره [١٤١٢٤].

وعن علي قال (٢) : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول :

إن لكل نبي سبعة نقباء نجباء يعني : وإني أعطيت أربعة عشر ، فعدّني ، وابنيّ ، وحمزة ، وجعفرا ، وأبا بكر ، وعمر ، وابن مسعود ، وحذيفة ، والمقداد ، وسلمان ، وعمّارا ، وبلالا ، وأبا ذر.

وعن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

نحن بنو عبد المطلب سادات أهل الجنة : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وحمزة سيد الشهداء ، وجعفر ذو الجناحين ، وعلي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين.

وفي رواية أخرى :

نحن سبعة بنو عبد المطلب سادات أهل الجنة ، أنا ، وعلي أخي ، وعمي حمزة ، وجعفر ، والحسن والحسين ، والمهدي (٣).

وعن علي قال (٤) :

قدم جعفر من أرض الحبشة في يوم فتح خيبر ، فقبّل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بين عينيه وقال : «ما دري بأيهما أنا أشدّ فرحا ، أبفتح خيبر أم بقدوم جعفر» [١٤١٢٥].

قال علي بن يونس المديني :

__________________

(١) تهذيب الكمال ٣ / ٤٠٥ من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، حدثني جعفر بن محمد عن أبيه ، وذكره. وسير الأعلام ١ / ٢١٦.

(٢) رواه المزي في تهذيب الكمال ٣ / ٤٠٦ من طريق كثير النواء عن عبد الله بن مليل : سمعت عليا يقول ، وذكره. وأسد الغابة ١ / ٣٤٢.

(٣) رواه المزي في تهذيب الكمال ٣ / ٤٠٦ من طريق عبد الله بن زياد اليمامي عن عكرمة بن عمار عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أنس.

(٤) رواه المزي في تهذيب الكمال ٣ / ٤٠٦ من طريق عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده عن علي ، فذكره. وأخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ٩ / ٢٧١.

١٢٧

كنت جالسا في مسجد مالك بن أنس ، حتى إذا استأذن عليه سفيان بن عينية قال مالك : رجل صالح وصاحب سنة ، أدخلوه. فلما دخل ، سلّم ثم قال : السلام خاص وعام ، السلام عليك أبا عبد الله ورحمة الله وبركاته. فقال له مالك : وعليك السلام أبا محمد ورحمة الله وبركاته ، وقام إليه وصافحه وقال : لو لا أنه بدعة لعانقتك. قال سفيان : قد عانق من هو خير مني من هو خير مني ومنك. فقال له مالك : النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم جعفرا؟ قال له سفيان : نعم ، فقال مالك : ذاك حديث خاص ليس بعام. فقال له : ما عم جعفرا يعمّنا ، وما خصّه يخصّنا ، إذا كنا صالحين ، ثم قال له سفيان : يا أبا عبد الله أتأذن لي أن أحدث في مجلسك؟ فقال له مالك : نعم ، فقال سفيان : اكتبوا : حدثنا عبد الله بن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس أن جعفر بن أبي طالب لما قدم من أرض الحبشة ، تلقاه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم واعتنقه ، وقبّل ما بين عينيه وقال : «مرحبا بأشبههم بي خلقا وخلقا» [١٤١٢٦].

وعن جابر قال :

لما قدم جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة ، تلقاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلما نظر جعفر إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حجل (١) ـ مشى على رجل واحدة ـ إعظاما منه لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقبّل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بين عينيه وقال له : «يا حبيبي ، أنت أشبه الناس بخلقي وخلقي ، وخلقت من الطينة التي خلقت منها. حدثني ببعض عجائب أرض الحبشة» قال : نعم ، بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، بينا أنا سائر في بعض طرقاتها إذا بعجوز على رأسها مكتل (٢) ، فأقبل شاب يركض على فرس له ، فرجمها فألقاها لوجهها ، وألقى المكتل عن رأسها ، فاسترجعت قائمة ، وأتبعته النظر وهي تقول : الويل لك غدا إذا جلس الملك على كرسيّه فاقتصّ للمظلوم من الظالم. قال جابر : فنظرت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وإن دموعه على لحيته مثل الجمان (٣) ، ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا قدّس الله أمة لا تأخذ للمظلوم حقه من الظالم غير متعتع (٤)» [١٤١٢٧].

وكان قدوم جعفر من الحبشة سنة سبع.

__________________

(١) حجل المقيّد يحجل حجلا وحجلانا رفع رجله وتريّث في مشيه على رجله (تاج العروس : حجل).

(٢) مكتل : كمنبر ، زنبيل يحمل فيه التمر أو العنب إلى الجرين ، قيل إنه يسع خمسة عشر صاعا. والجمع المكاتل.

(تاج العروس : كتل).

(٣) الجمان : اللؤلؤ نفسه ، الواحدة جمانة (تاج العروس : جمن).

(٤) متعتع بفتح التاء : أي من غير أن يصيبه أذى يقلقه ويزعجه (النهاية).

١٢٨

وعن علي بن أبي طالب قال (١) :

لما صدرنا من مكة إذا ابنة حمزة تنادي : يا عم يا عم ، فتناولها فأخذها ، فقال لفاطمة : دونك ابنة عمك فحملتها ، فاختصم فيها عليّ وجعفر وزيد ، قال علي : أنا آخذ بها (٢) وهي ابنة عمي ، قال جعفر : ابنة عمي وخالتها عندي ، وقال زيد : ابنة أخي. فقضى بها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لخالتها وقال : «الخالة بمنزلة الأم». وقال لعلي : «أنت مني وأنا منك». وقال لجعفر : «أشبهت خلقي وخلقي». وقال : يا زيد ، أنت أخونا ومولانا. قال علي : يا رسول الله ، «ألا تزوّج ابنة حمزة؟» قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنها ابنة أخي من الرضاعة» [١٤١٢٨].

وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال :

أسمح أمتي جعفر.

وعن أبي هريرة قال (٣) :

ما احتذى البغال (٤) ، ولا انتعل ، ولا ركب المطايا ، ولا كرب الكور (٥) بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أفضل (٦) من جعفر. وزاد في رواية أخرى يعني في الجود والكرم.

وأنشد أبو هريرة لحسان بن ثابت من أبيات (٧) :

رأيت خيار المؤمنين توادوا (٨)

شعوب (٩) وقد خلّفت فيمن يؤخّر

فلا يبعدنّ الله قتلى تتابعوا

جميعا ونيران الحروب تسعّر (١٠)

__________________

(١) الخبر من طريق آخر في تهذيب الكمال ٣ / ٤٠٦ وأخرجه أحمد بن حنبل في المسند ١ / ٢٤٥ رقم ٩٣١ من طريق حجاج حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ وهبيرة بن يريم عن علي ، وذكره.

(٢) في المسند : أخذتها.

(٣) الخبر في تهذيب الكمال ٣ / ٤٠٧ ورواه ابن الأثير في أسد الغابة ١ / ٣٤٢ من طريق إسماعيل بن عبيد الله وغير واحد قالوا : بإسنادهم إلى أبي عيسى قال : حدثنا محمد بن بشار ، أخبرنا عبد الوهاب الثقفي أخبرنا خالد الحذاء عن عكرمة عن أبي هريرة. وسير الأعلام ١ / ٢١٧.

(٤) كذا ، وفي تهذيب الكمال وأسد الغابة : النعال.

(٥) الكور بالضم ، وهو للناقة بمثابة السرج وآلته للفرس.

(٦) في تهذيب الكمال : خير.

(٧) الأبيات في ديوان حسان بن ثابت ص ٩٩ ـ ١٠٠ من قصيدة يرثي أهل مؤتة. وتهذيب الكمال ٣ / ٤٠٨.

(٨) الديوان : تواردوا.

(٩) شعوب : المنية.

(١٠) عجزه في الديوان : بمؤتة منهم ذو الجناحين جعفر.

١٢٩

غداة غدا بالمؤمنين يقودهم

إلى الموت ميمون النّقيبة (١) أزهر

وكنا نرى في جعفر من محمد

وقارا وأمرا حازما (٢) حين يأمر

وما زال للإسلام من آل هاشم

دعائم عزّ لا تزال (٣) ومفخر

بهاليل منهم جعفر وابن أمّه

عليّ ومنهم أحمد المتخيّر

وحمزة والعباس منهم ومنهم

عقيل وماء العود من حيث يعصر

بهم تفرج اللأواء في كلّ مأزق

عماس (٤) إذا ما ضاق بالأمر مصدر

وهم أولياء الله نزّل حكمه

عليهم ، وفيهم والكتاب المطهّر

وعن أبي هريرة قال (٥) :

كنا ندعو جعفر بن أبي طالب أبا المساكين ، وكنا إذا أتيناه قرّب إلينا ما حضر ، فأتيناه يوما فلم نجد عنده شيئا ، فأخرج إلينا جرة من عسل فكسرها ، فجعلنا نلعق منها.

وعن أبي هريرة قال :

إني كنت لأسأل الرجل من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في الآيات ، لأنا أعلم بها منه لا أسأله إلا ليطعمني شيئا ، قال : فكنت إذا سألت جعفر بن أبي طالب ، لم يجبني حتى يذهب معي إلى منزله ، فيقول لامرأته : يا أسماء أطعمينا ، فإذا طعمنا أجابني. وكان جعفر يحب المساكين ويجلس إليهم ويحدثهم ويحدثونه.

وفي رواية :

وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يكنيه أبا المساكين (٦).

حدث أبو قتادة فارس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال (٧) :

__________________

(١) ميمون النقيبة : مبارك النفس ، وأراد به زيد بن حارثة.

(٢) في الديوان : وفاء وأمرا جازما.

(٣) الديوان : لا ترام. وفي تهذيب الكمال : لا يزول.

(٤) أمر عماس : شديد مظلم ، لا يدرى من أين يؤتى له.

(٥) الخبر في تهذيب الكمال ٣ / ٤٠٨ وسير أعلام النبلاء ١ / ٢١٧.

(٦) رواه الطبراني في المعجم الكبير ٢ / ١٠٩ رقم ١٤٧٧.

(٧) رواه البيهقي في دلائل النبوة ٤ / ٣٦٧ ـ ٣٦٨ من طريق عمر بن عبد العزيز بن قتادة قال : أخبرنا أبو عمرو بن مطر قال : أخبرنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي قال : حدثنا سليمان بن حرب قال : حدثنا الأسود بن

١٣٠

بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم جيش الأمراء وقال : «عليكم زيد بن حارثة ، فإن أصيب زيد فجعفر ، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة الأنصاري» ، فوثب جعفر فقال : بأبي أنت يا نبي الله وأمي فإني ما كنت أرهب أن تستعمل عليّ زيدا ، قال : «امضوا (١) فإنك لا تدري أي ذلك خير». قال : فانطلق الجيش فلبثوا ما شاء الله ، ثم إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم صعد المنبر وأمر أن ينادى بالصلاة جامعة ، [فاجتمع الناس إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم](٢) فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ناب خيرا أو باب خير (٣) ألا أخبركم عن جيشكم هذا الغازي ، إنهم انطلقوا حتى لقوا العدو ، فأصيب زيد شهيدا فاستغفروا له ، فاستغفر له الناس ، ثم أخذ اللواء جعفر بن أبي طالب ، فشدّ على الناس حتى قتل شهيدا ، أشهد له بالشهادة فاستغفروا له ، ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة فقاتل (٤) حتى قتل شهيدا فاستغفروا له» ، ثم أخذ اللواء خالد بن الوليد ولم يكن من الأمراء ، هو أمّر نفسه ، فرفع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إصبعيه وقال : «اللهم هو سيف من سيوفك فانصره ، وقيل : فانتصر به» فيومئذ سمي خالد سيف الله. ثم قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «انفروا فأمدّوا إخوانكم ولا يتخلفنّ أحد» فنفر الناس في حرّ شديد مشاة وركبانا (٥) [١٤١٢٩].

قال عبد الله بن أبي بكر :

وجد في بدن جعفر أكثر من ستين جرحا (٦).

قال أحد بني مرة بن عوف (٧) :

__________________

شيبان : عن خالد بن سمير قال : قدم علينا عبد الله بن رباح الأنصاري ، وكانت الأنصار تفقهه فغشيه الناس ، فغشيته فيمن غشيه من الناس ، فقال : حدثنا أبو قتادة ، وذكره.

(١) في دلائل النبوة : امض.

(٢) زيادة للإيضاح عن دلائل النبوة.

(٣) في مجمع الزوائد : ناب خيرا أو بات خيرا أو ثاب خيرا ، شك عبد الرحمن.

(٤) في دلائل النبوة : فأثبت قدميه بدلا من فقاتل.

(٥) ورواه الحاكم في المستدرك ٣ / ٢٩٨ عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري ، ورواه أحمد بن حنبل في المسند رقم ١٧٥٠ ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد ٦ / ١٥٦ والذهبي في سير الأعلام ١ / ٢٠٨ ـ ٢٠٩.

(٦) طبقات ابن سعد ٤ / ٣٨.

(٧) الخبر في تهذيب الكمال ٣ / ٤٠٩ من طريق أحد بني مرة بن عوف ، وهو في طبقات ابن سعد ٤ / ٣٧ من طريق عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق عن يحيى بن عباد عن أبيه قال : أخبرني أبي الذي أرضعني من بني قرة. وسير الأعلام ١ / ٢٠٩ والمعجم الكبير ٢ / ١٠٦.

١٣١

لكأني أنظر إلى جعفر بن أبي طالب يوم مؤتة حين اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها ، ثم تقدم فقاتل حتى قتل.

قال ابن إسحاق (١) : فهو أول من عقر في الإسلام وهو يقول :

يا حبّذا الجنّة واقترابها

طيّبة وبارد شرابها

والروم روم قد دنا عذابها

عليّ إن لاقيتها ضرابها

فلما قتل أخذ الراية عبد الله بن رواحة.

وعن سعيد بن المسيب (٢) قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«مثّلوا لي في الجنة في خيمة من درّة (٣) ، كل واحد منهم على سريره ، فرأيت زيدا وابن رواحة في أعناقهما صدودا ، وأما جعفر فهو مستقيم ليس فيه صدود ، قال : فسألت ، أو قال : قيل لي : إنهما حين غشيهما الموت ، كأنهما أعرضا ، أو كأنهما صدّا بوجوههما. وأما جعفر فإنه لم يفعل» [١٤١٣٠].

قال ابن عيينة : فذلك حين يقول ابن رواحة (٤) :

أقسمت يا نفس لتنزلنّه

بطاعة منك لتكرهنّه (٥)

فطالما قد كنت مطمئنه

جعفر ما أطيب ريح الجنّة

ولما (٦) أخذ جعفر بن أبي طالب الراية ، جاءه الشيطان فمنّاه الحياة والدنيا (٧) ، وكرّه الموت فقال : الآن حين استحكم الإيمان في قلوب المؤمنين تمنيني الدنيا؟ ثم مضى قدما حتى استشهد. فصلى عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ودعا له ، ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «استغفروا

__________________

(١) الخبر والشعر من طريقه في تهذيب الكمال ٣ / ٤٠٩ وسير الأعلام ١ / ٢٠٩ ـ ٢١٠ ودلائل النبوة للبيهقي ٤ / ٣٦٣ وسيرة ابن هشام ٣ / ٣٢٧.

(٢) رواه ابن عبد البر في الاستيعاب ١ / ٢١٢ هامش الإصابة عن طريق عبد الرزاق عن ابن عيينة عن ابن جدعان عن ابن المسيب ، فذكره.

(٣) الاستيعاب : درّ.

(٤) الرجز في دلائل النبوة للبيهقي ٤ / ٣٦٣ ـ ٣٦٤ وسيرة ابن هشام ٤ / ٢١.

(٥) في سيرة ابن هشام : لتنزلن أو لتكرهنه.

(٦) الخبر رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ١ / ٣٧ من طريق محمد بن عمر بسنده إلى عبد الله بن أبي بكر بن محمد ابن عمرو بن حزم ودلائل النبوة للبيهقي ٤ / ٣٦٩.

(٧) في ابن سعد : الحياة الدنيا.

١٣٢

لأخيكم جعفر فإنه شهيد (١) وقد دخل الجنة ، وهو يطير فيها بجناحين من ياقوت حيث شاء من الجنة» [١٤١٣١].

قال ابن عمر : كان فيما أقبل من جعفر تسعين ، من ضربة بسيف وطعنة برمح.

قال عمرو بن ثابت : سمعت أبي قال (٢) :

سأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن جعفر بن أبي طالب عليه‌السلام ، فقال رجل : أنا والله أنظر إليه حين طعنه رجل ، فمشى إليه في الرمح فضربه فماتا جميعا ، فدمعت عين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

قال الحاكم بن عيينة :

لما أصيب جعفر بن أبي طالب جاء رجل فنعاه لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فاشتد ذلك عليه فأقيمت الصلاة ، فلما قضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلاته قال : «أين هذا؟» فجاءه فقال : «كيف صنع جعفر؟» فقال : قاتل يا رسول الله على فرسه ، حتى إذا اشتد القتال نزل فقاتل حتى قتل. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لقد رأيته ، أو قال : لقد أريته ملكا ذا جناحين ، مضرجا بالدماء مصبوغ القوادم». ثم أرسل إلى امرأة جعفر أسماء ابنة عميس ، وكان لها منه ثلاثة ، بنون ، فقال : انظري بني أخي فاستوصي بهم خيرا ، واكتحلي ولا تسلتي (٣) ، ولا تبكيه بعد اليوم.

قالت أسماء بنت عميس (٤) :

لما أصيب جعفر وأصحابه أتاني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولقد هيأت أربعين منا (٥) من أدم وعجنت عجيني ، وأخذت بنيّ فغسلت وجوههم ودهنتهم ، فدخل علي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «يا أسماء ، أين بنو جعفر؟» فجئت بهم إليه ، فضمهم إليه وشمهم ، ثم ذرفت عيناه فبكى ،

__________________

(١) في مختصر ابن منظور : فاستشهد ، والمثبت فإنه شهيد عن ابن سعد.

(٢) الخبر في سير الأعلام ١ / ٢١١.

(٣) السلتاء من النساء التي لا تختضب ، وسلتت الخضاب عن يدها إذا مسحته وألقته (النهاية : سلت).

(٤) الخبر رواه المزي في تهذيب الكمال ٣ / ٤١٠ من طريق الواقدي ، حدثني مالك بن أبي الرجال عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن أم عيسى الجزار عن أم جعفر بنت محمد بن جعفر عن جدتها أسماء بنت عميس قالت ، وذكره. والخبر في سيرة ابن هشام ٤ / ٢٢ وأسد الغابة ١ / ٣٤٣ من طريق ابن إسحاق ، ودلائل النبوة للبيهقي ٤ / ٣٧٠.

(٥) وفي تهذيب الكمال : «منيئا» وفي سيرة ابن هشام : منّا ، قال ابن هشام : ويروى : منيئة.

وفي شرح السيرة لأبي ذر : «المنا بالقصر الذي يوزن به ، وهو الرطل ، وتعني أربعين رطلا من دباغ. ومن روى : منيئة ، فمعناه الجلد ما دام في الدباغ. وبهذه الرواية الثانية روى الحديث صاحب اللسان مادة : منأ.

١٣٣

فقلت : أي رسول الله لعله بلغك عن جعفر شيء فقال : «نعم ، قتل اليوم». قالت : فقمت أصيح ، واجتمع إلي النساء ، قالت : فجعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «يا أسماء : لا تقولي هجرا ، ولا تضربي صدرا». قالت : فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى دخل على ابنته فاطمة ، وهي تقول : واعماه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «على مثل جعفر فلتبك الباكية» ، ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «اصنعوا لآل جعفر طعاما ، فقد شغلوا عن أنفسهم اليوم» [١٤١٣٢].

وعن الحسين بن عبد الله بن عبيد الله ابن عباس أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال بعد قتل جعفر :

«لقد مر بي الليلة جعفر يقتفي نفرا من الملائكة ، له جناحان متخضبة قوادمها بالدم ، يريدون بيشة» بلدا باليمن [١٤١٣٣].

وعن ابن عباس قال (١) :

بينما النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم جالس وأسماء بنت عميس قريبا منه ، إذ ردّ السلام. قال : «يا أسماء ، هذا جعفر ـ يعني ابن أبي طالب ـ مع جبريل وميكائيل والملائكة عليهم‌السلام ، مرّوا فسلّموا علينا ، فردّوا عليهم‌السلام ، وأخبرني أنه لقي المشركين يوم كذا وكذا ، قبل ممره على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بثلاث أو أربع فقال : لقيت المشركين فأصبت في جسدي من مقاديمي ثلاثة وسبعين من طعنة وضربة ، ثم أخذت اللواء بيدي اليمنى فقطعت ، ثم أخذته بيدي اليسرى فقطعت ، فعوضني الله من يدي جناحين أطير بهما مع جبريل وميكائيل ، أنزل من الجنة حيث شئت ، وآكل من ثمارها ما شئت. قالت أسماء : هنيئا لجعفر ما رزقه الله من الخير ، لكني أخاف أن لا يصدق الناس ، فاصعد المنبر فأخبر به الناس. فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : «أيها الناس ، إن جعفر بن أبي طالب مرّ مع جبريل وميكائيل وله جناحان ، عوّضه الله من يديه فسلّم علي». ثم أخبرهم كيف كان أمره حيث لقي المشركين. فاستبان الناس من بعد ذلك اليوم الذي أخبر به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن جعفرا لقيهم ، فلذلك سمي الطيار في الجنة.

وعن ابن عباس قال (٢) : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«دخلت الجنة البارحة فنظرت ، فإذا جعفر يطير على الملائكة ، وإذا حمزة متكئ على سرير. وذكر ناسا من أصحابه» [١٤١٣٤].

__________________

(١) الإصابة ١ / ٢٣٨.

(٢) رواه المزي في تهذيب الكمال ٣ / ٤١١ من طريق زمعة بن صالح عن سلمة بن وهرام عن عكرمة عن ابن عباس ، وذكره.

١٣٤

وعن علي أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال :

«عرفت جعفرا في رفقة من الملائكة يبشرون أهل بيشة بالمطر» [١٤١٣٥].

وبيشة قرية باليمن (١).

وعن عامر الشعبي قال :

أصيب جعفر بن أبي طالب بالبلقاء يوم مؤتة (٢) ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «اللهم اخلف جعفرا في أهله ، كأفضل ما خلّفت عبدا من عبادك الصالحين» (٣) [١٤١٣٦].

قال الواقدي وغيره :

خرج جعفر بن أبي طالب إلى الحبشة سنة خمس من مبعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقدم سنة سبع من الهجرة ، وقتل سنة ثمان من الهجرة بمؤتة (٤) هو وزيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة. وعمّر جعفر ثلاثا وثلاثين سنة (٥) ، وقيل : قتل وهو ابن خمس وعشرين سنة (٦).

[٩٨٠٤] جعفر بن عبد الجبار ، ويقال ابن عبد الرزاق

ابن محمد بن جبير بن عبد الرحمن ، أبو محمد القراطيسي

حدث عن يحيى بن أيوب بسنده عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال :

«من سأله جاره أن يغرز خشبة في جداره فلا يمنعه» (٧) [١٤١٣٧].

مات أبو محمد جعفر سنة ثلاث وعشرين وثلاث مائة.

__________________

(١) بيشة بالهاء اسم قرية غناء في واد كثير الأهل من بلاد اليمن ، بينها وبين قبالة أربعة وعشرون ميلا. (معجم البلدان ١ / ٥٢٩).

(٢) إلى هنا أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ٢ / ١٠٩ رقم ١٤٧٥.

(٣) طبقات ابن سعد ٤ / ٣٩.

(٤) إلى هنا رواه المزي في تهذيب الكمال ٣ / ٤١١ نقلا عن الواقدي.

(٥) الخبر في تهذيب الكمال ٣ / ٤١٢ من طريق إسماعيل بن بهرام حدثنا علي بن عبد الله من ولد جعفر الطيار.

(٦) وهو قول جعفر بن محمد ، وقال الزبير بن بكار كانت سنه يوم قتل إحدى وأربعين سنة وقيل إنه قتل وهو ابن ثلاثين سنة ، قال داود بن القاسم : وحديث جعفر بن محمد أصحهما عندنا.

(٧) أخرجه أحمد بن حنبل في المسند ٣ / ٤٨٨ رقم ٩٩٦٨ من طريق عبد الرحمن عن مالك عن الزهري عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة ، رفعه.

١٣٥

[٩٨٠٥] جعفر بن عبد الرزاق بن عبد الوهاب

ابن عبد الرزاق أبو الحسين المهندس

من موالي يحيى بن الحكم بن أبي العاص أخي مروان بن الحكم.

روى عن محمد بن أحمد بن عمارة بسنده عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (١) :

«إن الدعاء هو العبادة ، ثم قرأ : (وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي) [سورة غافر ، الآية : ٦٠].

توفي أبو الحسين جعفر في جمادى الأولى سنة خمس وتسعين وثلاث مائة.

[٩٨٠٦] جعفر بن عبد الواحد بن جعفر

ابن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس

ابن عبد المطلب الهاشمي القاضي

روى عن روح بن عبادة ، بسنده عن علي بن أبي طالب قال : قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«لا تنظر إلى فخذ حيّ ولا ميت ، فإن الفخذ عورة» [١٤١٣٨].

كان جعفر بن عبد الواحد كذابا ، يضع الحديث ، وفي سنة خمسين ومائتين نفي عن قضاء القضاة إلى البصرة ، بسبب كلام روي عنه إلى المستعين ، وكان من حفاظ الحديث ، وكانت له بلاغة ولسن ، وكان بخيلا ، وكان بسرّ من رأى يستهدي الرطب ، وكان له صديق يوجه كل يوم بسلّة رطب مع غلام له ، فقال له : إن الغلام يشعث السلة فاختمها ، ففعل ، فوجدها قد تشعثت فقال له : إن أردت أن تبرني بها فاختمها بعد أن تودعها زنبورين يكونان فيها ، فكان يجيئه بها ، فإذا فتحها طار الزنبوران ، وعلم أن اليد لم تدخل فيها ، وتوفي جعفر ابن عبد الواحد سنة ثمان وخمسين ، وقيل سنة ثمان وستين ومائتين.

[٩٨٠٦] ترجمته في ميزان الاعتدال ١ / ٤١٢ والجرح والتعديل ١ / ١ / ٤٨٣ والكامل لابن عدي ٢ / ١١٧ ولسان الميزان ٢ / ١١٧ وتاريخ بغداد ٧ / ١٧٣ وتاريخ الطبري (الفهارس) والكامل لابن الأثير (الفهارس) ووفيات الأعيان ٦ / ١٦٥ خلال ترجمة يحيى بن أكثم.

__________________

(١) رواه أحمد بن حنبل في المسند ٦ / ٣٧٣ من طريق عبد الرزاق أخبرنا سفيان عن الأعمش ومنصور عن ذر عن يسيع الكندي عن النعمان بن بشير ، رفعه.

١٣٦

وقال أبو أحمد الحسن بن محمد يرثي عمه القاضي جعفر بن عبد الواحد :

ما اختصّ أهلوك بالرّزايا

كلّ على فقدك المرزّى

وما المعزّي عليك أولى

من المعزّى بأن يعزّى

[قال أبو محمد بن أبي حاتم](١) :

[جعفر بن عبد الواحد الهاشمي روى عن .... (٢) روى عنه هلال بن العلاء الرقي سمعت أبي يقول : كان جعفر بن عبد الواحد وصل حديثا لعبد الله بن مسلمة زاد فيه أنسا فدعا عليه القعنبي ، فافتضح](٣).

[قال أبو أحمد بن عدي](٤) :

[جعفر بن عبد الواحد الهاشمي ، منكر الحديث عن الثقات ، ويسرق الحديث.

قال الشيخ :

وهذه الأحاديث التي ذكرتها عن جعفر بن عبد الواحد ، كلها بواطيل ، وبعضه سرقه من قوم. وله غير هذه الأحاديث من المناكير وكان يتهم بوضع الحديث.

وأحاديث جعفر إما أن تكون تروى عن ثقة بإسناد صالح ومتن منكر ، فلا يكون إسناده ولا متنه محفوظا ، وإما أن يكون سرق الحديث من ثقة يكون قد تفرد به ذلك الثقة عن الثقة فيسرق منه فيرويه عن شيخ ذلك الثقة.

وإما أن يجازف إذا سمع بحديث لشعبة أو لمالك أو لغيرهم ويكون قد تفرد عنهم رجل فلا يحفظ الشيخ ذلك الرجل فيلزقه على إنسان غيره ولا يكون لذلك الرجل في ذاك الحديث ذكر ولا يرويه. وكذلك سرقه أيضا محمد بن الوليد بن أبان مولى بني هاشم بغدادي وغيرهما](٥).

__________________

(١) زيادة للإيضاح.

(٢) بياض في الجرح والتعديل.

(٣) ما بين معكوفتين زيادة استدركت عن الجرح والتعديل ١ / ١ / ٤٨٣ ـ ٤٨٤.

(٤) زيادة للإيضاح.

(٥) ما بين معكوفتين زيادة استدركت عن الكامل لابن عدي ٢ / ١٥٣ ـ ١٥٥.

١٣٧

[قال الدار قطني : يضع الحديث ، وقال أبو زرعة : روى أحاديث لا أصل لها.

قال أبو زرعة : أخاف أن تكون دعوة الشيخ الصالح أدركته](١).

[قال أبو بكر الخطيب](٢) :

[جعفر بن عبد الواحد بن جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ولي قضاء القضاة بسرّ من رأى في سنة أربعين ومائتين. وحدث بها عن محمد بن عباد الهنائي. وهارون بن إسماعيل الخزاز ، وأبي عاصم النبيل ، وأبي عتاب الدلال ، وعبيد ابن إسحاق العطار ، ومحمد بن أبي مالك المازني ، روى عنه : أحمد بن هارون البرويجي ، ومحمد بن محمد الباغندي ، ومحمد بن أحمد بن موسى السوانيطي ، وعلي بن سراج ، وعبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن رشدين المصريان](٣).

[٩٨٠٧] [جعفر بن عبيد الله

أبو الفضل الدمشقي

كتب عنه ببغداد أبو البركات هبة الله بن المبارك السقطي وأبو الوفاء أحمد بن الحسين ، سمع منه سنة تسع وتسعين وأربعمائة ومولده سنة أربع وعشرين وأربعمائة. ومن شعره :

شربت على زهر البنفسج قهوة

بجنح الدياجي وهي في الكاس مقباس

توهمها في الكاس وهمي فخلتها

لرقتها نورا يلوح به الكاس

وقبلتها أحسو لذيذ شرابها

فقلت : فمي المشكاة والراح نبراس

ومنه :

لله يوم سرور قد نعمت به

فيه على الراح والريحان معتكف

والكأس كالبدر في ليل الكسوف إذا

قد انجلى بعضه والبعض منكسف]

__________________

(١) ما بين معكوفتين زيادة عن ميزان الاعتدال ١ / ٤١٢ ـ ٤١٣.

(٢) زيادة للإيضاح.

(٣) ما بين معكوفتين استدرك عن تاريخ بغداد ٧ / ١٧٣.

[٩٨٠٧] استدركت ترجمته عن الوافي بالوفيات ١١ / ١١٢.

١٣٨

[٩٨٠٨] جعفر بن عمرو بن أمية بن خويلد

ابن عبد الله بن إياس بن عبد بن ناشرة بن كعب

ابن جدي بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة

ابن كنانة بن خزيمة بن مدركة الضمري المديني

[وهو أخو عبد الملك بن مروان من الرضاعة.

روى عن إبراهيم بن عمرو صاحب كردم بن قيس ، وأنس بن مالك ، وأبيه عمرو ، ومسلم بن الأجدع الليثي ، ووحشي بن حرب الحبشي.

روى عنه بكير بن عبد الله بن الأشج ، وابن أخيه الزبرقان بن عبد الله بن عمرو ، وأخوه الزبرقان بن عمرو ، وسليمان بن يسار ، وعبد الله بن زيد الجرمي ، وعبد العزيز بن عبد العزيز ابن عبد الله ، ومحمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان ، ومحمد بن مسلم الزهري ، ويعقوب بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن أمية الضمري ، ويوسف بن أبي ذرة ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن](١).

[قال أبو عبد الله البخاري](٢) :

[جعفر بن عمرو بن أمية ، سمع أباه ، سمع منه الزهري ، وأبو سلمة ، يعد في أهل المدينة ، الضمري](٣).

[قال أبو محمد بن أبي حاتم](٤) :

[جعفر بن عمرو بن أمية الضمري ، روى عن أبيه ، روى عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن ، والزهري ، سمعت أبي يقول ذلك](٥).

__________________

[٩٨٠٨] ترجمته في تهذيب الكمال ٣ / ٤١٤ وتهذيب التهذيب ١ / ٣٨٣ وطبقات ابن سعد ٥ / ٢٤٧ وطبقات خليفة ص ٤٣١ والتاريخ الكبير ١ / ٢ / ١٩٣ وتاريخ خليفة (الفهارس) والنجوم الزاهرة ١ / ٢٣٠ والجرح والتعديل ١ / ١ / ٤٨٤ والوافي بالوفيات ١١ / ١١٨.

(١) ما بين معكوفتين استدرك عن تهذيب الكمال ٣ / ٤١٤ ـ ٤١٥.

(٢) زيادة للإيضاح.

(٣) ما بين معكوفتين زيادة استدركت عن التاريخ الكبير ١ / ٢ / ١٩٣.

(٤) زيادة للإيضاح.

(٥) ما بين معكوفتين زيادة استدركت عن الجرح والتعديل ١ / ١ / ٤٨٤.

١٣٩

[قال أحمد بن عبد الله العجلي : مدني تابعي ثقة ، من كبار التابعين ، وأبوه من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم](١).

[قال خليفة بن خياط](٢) :

[جعفر بن عمرو بن أمية الضمري ، مات سنة خمس أو ست وتسعين](٣).

حدث عن أبيه قال :

رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يحتزّ من كتف فيأكل منها ، فدعي إلى الصلاة فقام ، وطرح السكين فصلى ولم يتوضأ [١٤١٣٩].

وحدث عن أبيه قال :

قلت : يا رسول الله ، أرسل وأتوكل ، أو أقيّد وأتوكل؟ قال : «بل قيّد وتوكل» [١٤١٤٠].

وكان (٤) جعفر أخا عبد الملك بن مروان من الرضاعة ، فوفد على عبد الملك بن مروان في خلافته فجلس في مسجد دمشق ، وأهل الشام يعرضون على ديوانهم ، قال : وتلك اليمانية حوله يقولون : الطاعة الطاعة ، فقال جعفر : لا طاعة إلا لله فوثبوا عليه ، وقالوا : توهن الطاعة ، طاعة أمير المؤمنين! حتى ركّبوا الأسطوان عليه ، قال : فما أفلت إلا بعد جهد ، وبلغ الخبر عبد الملك فأرسل إليه فأدخل عليه ، فقال : أرأيت؟ هذا من عملك ، أما والله لو قتلوك ، ما كان عندي مثل (٥) شيء ، ما دخولك في أمر لا يعنيك! ترى قوما يشدون ملكي وطاعتي ، فتجيء فتوهنه أنت ، إياك إياك.

ومات جعفر بن عمرو في خلافة الوليد بن عبد الملك ، سنة خمس أو ست وتسعين.

__________________

(١) زيادة عن تهذيب الكمال ٣ / ٤١٤.

(٢) زيادة للإيضاح.

(٣) ما بين معكوفتين زيادة استدركت عن طبقات خليفة ص ٤٣١.

(٤) الخبر في طبقات ابن سعد ٥ / ٢٤٧ ورواه المزي في تهذيب الكمال نقلا عن ابن سعد.

(٥) كذا ، وفي ابن سعد : فيك ، وهو أشبه.

١٤٠