القواعد النحويّة

السيد قاسم الحسيني الخراساني ومحمود الملكي الإصفهاني

القواعد النحويّة

المؤلف:

السيد قاسم الحسيني الخراساني ومحمود الملكي الإصفهاني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مديرية العامة للحوزة العلمية في قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٣١٢

والأفعال بعضها معرب وهو المضارع إذا لم تتّصل به نون التأكيد المباشرة ولا نون الإناث. وبعضها مبني وهو الماضي والأمر والمضارع المتّصل به نون التأكيد المباشرة أو نون الإناث.

والماضي يبنى على الفتح إذا لم يتّصل به شيء ، ك «ضرب» أو اتّصلت به تاء التأنيث الساكنة نحو : «ضربت» أو ألف الاثنين ، نحو : «ضربا». والفتح في الأمثلة السابقة ظاهر وقد يكون مقدّرا وذلك إذا كان الماضي معتل الآخر بالألف ك «رمى». وأمّا نحو «ضربن» فذهب جماعة من النحويّين إلى أنّ السكون فيه عارض ، أوجبه كراهتهم توالي أربع متحرّكات فيما هو كالكلمة الواحدة وكذلك الضمّة في نحو «ضربوا» عارضة أوجبها مناسبة الواو. فعلى هذا يكون الماضي كلّه مبنيّا على الفتح لفظا أو تقديرا

__________________

الثالث : الشّبه الاستعمالي ، وضابطه أن يلزم الاسم طريقة من طرائق الحروف كأن ينوب عن الفعل في العمل ولا يدخل عليه عامل فيؤثر فيه ، كما في أسماء الأفعال ؛ فإنّها عاملة غير معمولة.

الرابع : الشّبه الافتقاري ، وضابطه أن يفتقر الاسم إلى جملة افتقارا متأصّلا ، كما في الأسماء الموصولة فإنّها مفتقرة إلى الصلة ، بخلاف افتقاره إلى مفرد كما في «سبحان» أو افتقار غير متأصّل ـ وهو العارض ـ كافتقار النكرة لجملة الصفة.

واعرب «اللّذان» و «اللّتان» لما تقدّم.

الخامس : الشّبه الإهمالي ، ذكره ابن مالك في الكافية ومثّل له في شرحها بفواتح السور ؛ فإنّها مبنيّة لشبهها بالحروف المهملة في كونها لا عاملة ولا معمولة.

السادس : الشّبه اللفظي ، ذكره بعضهم ومثّل له بكلمة «حاشا» الاسميّة قائلا : إنّها مبنية لشبهها ب «حاشا» الحرفيّة في اللفظ.

قال ابن مالك :

والاسم منه معرب ومبني

لشبه من الحروف مدني

قوله : «من الحروف» متعلّق ب «مدني» ، أي : مقرّب.

كالشّبه الوضعيّ في اسمي «جئتنا»

والمعنويّ في «متى» وفي «هنا»

وكنيابة عن الفعل بلا

تأثّر وكافتقار أصّلا

ومعرب الأسماء ما قد سلما

من شبه الحرف ك «أرض» و «سما»

قوله : «سما» إحدى لغات الاسم. وقد نظم السيوطي جميع لغاته في بيت وهو :

اسم بضمّ الأوّل والكسر

مع همزة وحذفها والقصر

٢١

وقال بعضهم : «إن الماضي مبنىّ على الضمّ إذا اتّصل به واو الجماعة ، وعلى السكون إذا اتّصل به ضمير رفع متحرّك».

والأمر مبني على ما يجزم به مضارعه ؛ فنحو «اضرب» مبنيّ على السكون ، ونحو «اضربا» مبني على حذف النون ، ونحو «أغز» مبني على حذف آخر الفعل.

والمضارع المتصّل به نون التأكيد المباشرة مبنيّ على الفتح ، نحو : «لَيُنْبَذَنَّ». (١)

والمضارع المتّصل به نون الإناث مبني على السكون ، نحو : «يضربن». (٢)

والحروف كلّها مبنيّة.

أنواع البناء

أنواع البناء أربعة :

١ ـ السكون ، وهو الأصل ، نحو : هل ، قم ، كم.

٢ ـ الفتح ، نحو : سوف ، قام ، أين.

٣ ـ الضمّ ، نحو : منذ ، ضربوا ، حيث.

٤ ـ الكسر ، نحو : جير وأمس. (٣)

أنواع الإعراب

إنّ الإعراب ـ كما قال ابن مالك في التسهيل ـ ما جيء به لبيان مقتضى العامل ، من

__________________

(١). الهمزة (١٠٤) : ٤.

(٢). قال ابن مالك :

وفعل أمر ومضيّ بنيا

وأعربوا مضارعا إن عريا

من نون توكيد مباشر ومن

نون إناث ك «يرعن من فتن»

«عري» : تجرّد.

(٣). قال ابن مالك :

وكلّ حرف مستحقّ للبنا

والأصل في المبنيّ أن يسكّنا

ومنه ذو فتح وذو كسر وضمّ

ك «أين حيث أمس» والساكن «كم»

٢٢

حركة أو حرف أو سكون أو حذف ، وأنواعه أربعة :

١ ـ الرفع ، نحو : «زيد يضرب».

٢ ـ النصب ، نحو : «لن أضرب زيدا».

٣ ـ الجرّ ، نحو : «مررت بزيد».

٤ ـ الجزم ، نحو : «لم يضرب».

ولهذه الأنواع الأربعة علامات تدلّ عليها وهي ضربان : أصليّة وفرعيّة.

العلامات الأصليّة أربعة : الضّمة للرفع والفتحة للنصب والكسرة للجرّ وحذف الحركة للجزم. (١)

والعلامات الفرعيّة : تقع في سبعة مواضع ، خمسة في الأسماء واثنان في الأفعال ، كما يلي :

١ ـ الأسماء الستّة

وهي «أب» ، «أخ» ، «حم» ، (٢) «هن» ، (٣) «فم» ، إذا حذف منه الميم ، ـ وإلّا أعرب بحركات أصليّة ظاهرة ـ و «ذو» ، بمعنى صاحب. (٤)

فإنّها ترفع بالواو ، نيابة عن الضمة وتنصب بالألف ، نيابة عن الفتحة وتجرّ بالياء ،

__________________

(١). قال ابن مالك :

والرّفع والنّصب اجعلن إعرابا

لاسم وفعل نحو : «لن أهابا»

والاسم قد خصّص بالجرّ كما

قد خصّص الفعل بأن ينجزما

فارفع بضمّ وانصبن فتحا وجرّ

كسرا ك «ذكر الله عبده يسر»

واجزم بتسكين وغير ما ذكر

ينوب نحو : «جا أخو بني نمر»

(٢). «الحم» : قريب الزوج للزوجة كأبيه وأخيه فيضاف إلى المؤنث فيقال : «حموها». وقد يطلق على قريب الزوجة للزوج فيضاف إلى المذكّر فيقال : «حموه».

(٣). هو كناية عن كلّ اسم جنس ، وقيل : «عمّا يستقبح ذكره» ، وقيل : «عن الفرج خاصّة». وقد يشدّد نونه.

(٤). بخلاف «ذو» الموصولة ، فإنّها مبنيّة.

لا يخفى أنّ أسماء الستّة ثلاثيّة الوضع فإنّ الأصل فيها : «أبو ، أخو ، حمو ، فوه ، هنو ، ذوو أو ذوي».

٢٣

نيابة عن الكسرة ، (١) نحو : «جاءني أبوك» ، «رأيت أباك» و «مررت بأبيك».

ويشترط لإعراب هذه الأسماء بالحروف المذكورة أربعة شروط :

الأوّل : أن تكون مفردة ، وإلّا فتعرب في حال التثنية والجمع إعرابهما ، نحو : «هذان أبوا زيد» و «رأيت أبويه» و «مررت بأبويه». وهؤلاء آباء الزيدين» ، و «رأيت آباءهم» و «مررت بآبائهم».

الثاني : أن لا تكون مصغّرة ، وإلّا فتعرب بحركات أصلية ظاهرة ، نحو : «هذا أبيّ زيد» و «رأيت أبيّ زيد» و «مررت بأبيّ زيد».

الثالث : أن تكون مضافة ، (٢) وإلّا فتعرب بحركات أصلية ظاهرة أيضا ، نحو قوله تعالى : (إِنَّ لَهُ أَباً)(٣) و (لَهُ أَخٌ)(٤) و «بَناتُ الْأَخِ». (٥)

الرابع : أن تكون إضافتها لغير ياء المتكلّم ، وإلّا فتعرب بحركات أصليّة مقدّرة قبل الياء ، نحو : (وَأَخِي هارُونُ)(٦) و «إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي». (٧)

اعلم أنّ هذا الإعراب في الأسماء الستّة يسمّى ب «الإتمام» ويقابله النقص والقصر.

النقص : وهو أن يحذف حرف العلّة فتعرب بالحركات الظاهرة ، وهذا يجري في «أب ، أخ ، حم ، هن». وعليه قول الشاعر :

بأبه اقتدى عديّ في الكرم

ومن يشابه أبه فما ظلم

والنقص في الأخير كثير والإتمام قليل جدّا ، بخلاف الثلاثة الاولى فإنّ الإتمام فيها كثير والنقص قليل.

والقصر : وهو أن يكون بالألف رفعا ونصبا وجرّا وهذا يجري في «أب ، أخ ، حم».

كقول الشاعر :

__________________

(١). الإعراب بالحروف في هذه الأسماء ، هو المشهور ، وقيل : إنّها معربة بحركات مقدّرة. فالرفع بضمة مقدّرة على الواو والنصب بفتحة مقدّرة على الألف والجرّ بكسرة مقدّرة على الياء.

(٢). اعلم أنّ «ذو» لا تستعمل إلّا مضافة ولا تضاف إلى مضمر بل إلى اسم جنس ظاهر غير صفة ، نحو : «جاءني ذو مال» ؛ فلا يجوز «جاءني ذو قائم» ، وعليه فلا حاجة إلى الشرط الثالث والرابع في كلمة «ذو».

(٣). يوسف (١٢) : ٧٨.

(٤). النساء (٤) : ١٢.

(٥). النساء (٤) : ٢٣.

(٦). القصص (٢٨) : ٣٤.

(٧). المائدة (٥) : ٢٥.

٢٤

إنّ أباها وأبا أباها

قد بلغا في المجد غايتاها

والقصر فيها أشهر وأكثر من النقص. (١)

٢ ـ المثنّى

المثنّى : اسم دالّ على شيئين بزيادة ألف أو ياء ونون مكسورة في آخر مفرده. (٢)

والإعراب فيه الرفع بالألف ، والجرّ والنصب بالياء المفتوح ما قبلها ، نحو : «جاء الزيدان» ، «رأيت الزيدين» و «مررت بالزيدين».

وألحق بالمثنّى في الإعراب أربعة ألفاظ ممّا دلّ على اثنين ولا يصدق عليه حدّ المثنّى وهي :

__________________

(١). قال ابن مالك :

وارفع بواو وانصبنّ بالألف

واجرر بياء ما من الأسما أصف

من ذاك «ذو» إن صحبة أبانا

و «الفم» حيث الميم منه بانا

«أب ، أخ ، حم» كذاك و «هن»

والنقص في هذا الأخير أحسن

وفي «أب» وتالييه يندر

وقصرها من نقصهنّ أشهر

وشرط ذا الإعراب أن يضفن لا

لليا ك «جا أخو أبيك ذا اعتلا»

المراد بالأسماء التي سيصفها هي الأسماء الستّة. وهذه ترفع بالواو وتنصب بالألف وتجرّ بالياء. قال : إنّ «ذو» تقبل هذه الإعراب بشرط أن تدلّ على صحبة ، أي : تكون بمعنى صاحب. وإنّ «الفم» ، تقبله بشرط أن زال منها الميم. وقوله : «بان» ، أي : انفصل. ثمّ قال : إنّ النقص في كلمة «هن» أحسن من الإتمام. وأمّا «أب» و «أخ» و «حم» ، فالنقص نادر فيها مع جوازه ولكن القصر أحسن. وذكر أخيرا شروط إعراب هذه الأسماء بالحروف المذكورة ولكن لم يذكر من الشروط الأربعة ـ التي ذكرناها في المتن ـ سوى الشرطين الأخيرين وأشار إليهما بقوله : «وشرط ذا الإعراب أن يضفن لا لليا».

ويمكن أن يفهم الشرطان الأوّلان من كلامه. وذلك أنّ الضمير في قوله : «يضفن» راجع إلى الأسماء التي سبق ذكرها في كلامه وهو لم يذكرها إلّا مفردة مكبّرة ، فكأنّه قال : «وشرط ذا الإعراب أن يضاف أب وإخوته المذكورة إلى غير ياء المتكلم.

(٢). والمركّب الإسنادي لا يثنّى بالاتّفاق ، والمزجي على المشهور ، إلّا بطريق غير مباشر ، فيقال : «ذوا تأبّط شرّا» و «ذوا سيبويه». وأمّا المركّب الإضافي فيثنّى جزؤه الأوّل ، فيقال في «غلام زيد» : «غلاما زيد».

٢٥

١ و ٢ ـ «كلا» و «كلتا» إذا أضيفا إلى مضمر ، (١) نحو : «جاءني الرّجلان كلاهما» و «رأيت الرّجلين كليهما» و «مررت بالرّجلين كليهما» ، وقوله تعالى : «إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ». (٢) فإن أضيفا إلى ظاهر كانا بالألف رفعا ونصبا وجرّا ، نحو : «جاءني كلا الرّجلين» و «رأيت كلا الرّجلين» و «مررت بكلا الرّجلين». (٣)

٣ و ٤ ـ «اثنان» و «اثنتان» بلا شرط ، سواء افردا ، نحو قوله تعالى : (حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ) ، (٤) أم ركّبا ، نحو (اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً)(٥) أم أضيفا ، نحو : «اثناك» و «اثنتاك». وكاثنتين «ثنتان» في لغة تميم. (٦)

تنبيه : قال جماعة من النحويّين : إذا سمّي بمثنّى ففي إعرابه وجهان :

أحدهما : أنّه يعرب بالإعراب الذي كان قبل التسمية به.

والثاني : أن يجعل ك «عمران» فيعرب إعراب ما لا ينصرف للعلميّة وزيادة الألف والنون. (٧)

__________________

(١). «كلا» و «كلتا» اسمان ملازمان للإضافة ولفظهما مفرد ومعناهما مثنّى ولذلك أجيز في ضميرهما اعتبار المعنى فيثنّى واعتبار اللفظ فيفرد. ومراعاة اللفظ أكثر وبه جاء قوله تعالى : «كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها». الكهف (١٨) : ٣٣.

(٢). الإسراء (١٧) : ٢٣.

(٣). ما ذكرناه من أنّ المثنّى والملحق به يكونان بالألف رفعا والياء نصبا وجرّا ، هو المشهور في لغة العرب. ومن العرب من يجعلهما بالألف مطلقا فيقول : «جاء الزيدان كلاهما» و «رأيت الزيدان كلاهما» و «مررت بالزيدان كلاهما».

وعلى اللغة الاولى فالأكثرون على أنّ الألف والياء نائبتان عن الحركات وقيل : إنّ الإعراب بحركات مقدّرة على الألف والياء.

(٤). المائدة (٥) : ١٠٦.

(٥). البقرة (٢) : ٦٠.

(٦). قال ابن مالك :

بالألف ارفع المثنّى وكلا

إذا بمضمر مضافا وصلا

كلتا كذاك ، اثنان واثنتان

كابنين وابنتين يجريان

وتخلف اليا في جميعها الألف

جرّا ونصبا بعد فتح قد الف

(٧). ذكر عبّاس حسن في النحو الوافي (١ / ١١٦) وجها آخر وجعله أولى بالاتّباع وهو إبقاء العلم على حاله من الألف والنون أو الياء والنون مع إعرابه كالاسم المفرد بحركات إعرابيّة مناسبة على آخره.

وهذا الوجه حسن في نفسه ولكن صرّح هو بأنّه لم يذكره قدامى النحاة. فإنّه قال : «فإنّهم قصروه على جمع المذكّر السالم» ، هذا. ولكن لم نجده في جمع المذكّر السالم أيضا ولم يذكره هو نفسه أيضا في ذلك البحث.

٢٦

٣ ـ جمع المذكر السالم

جمع المذكّر السالم : هو ما دلّ على أكثر من اثنين بزيادة واو أو ياء ونون مفتوحة (١) في آخره وسلم فيه بناء الواحد. (٢)

والإعراب فيه الرفع بالواو نيابة عن الضمة والنصب والجرّ بالياء المكسور ما قبلها نيابة عن الفتحة والكسرة ، نحو : «جاء الزيدون» ، «رأيت الزيدين» و «مررت بالزيدين».

ويشترط في ما يجمع هذا الجمع أن يكون علما أو صفة.

فإن كان علما يشترط فيه أن يكون لمذكّر عاقل خاليا من تاء التأنيث. فلا يجمع هذا الجمع نحو «زينب» و «لاحق» ـ اسم فرس ـ و «طلحة». (٣)

وإن كان صفة يشترط فيها أن تكون لمذكّر عاقل خالية من تاء التأنيث مع كونها ليست من باب أفعل فعلاء ، ولا فعلان فعلى ، ولا ممّا يستوي فيه المذكّر والمؤنّث. (٤)

فلا يجمع هذا الجمع نحو «حائض» و «سابق» ـ صفة فرس ـ و «علّامة» و «أحمر» و «سكران» و «صبور».

والحق بجمع المذكر السالم في إعرابه خمسة أنواع :

الأوّل : اسما جمع (٥) وهما : «اولو» (٦) و «عالمون» ، على ما قيل. (٧)

__________________

(١). وقد تكسر النون ، نحو :

وما ذا تبتغي الشّعراء منّي

وقد جاوزت حدّ الأربعين

قال ابن مالك في شرح الكافية : «هو لغة».

(٢). المراد بسلامة بناء الواحد عدم التغيير لغير إعلال فدخل في جمع السلامة نحو «قاضون» و «مصطفون».

اعلم أنّ المركّب إن كان إضافيّا يجمع جزؤه الأوّل ، فيقال في «غلام زيد» : «غلامو زيد» ؛ وإن كان إسناديّا أو مزجيّا يجمع بطريق غير مباشر فيقال : «ذوو تأبّط شرّا» و «ذوو سيبويه».

(٣). هذا مذهب البصريّين ؛ أمّا الكوفيّون فيجوّزون في نحو «طلحة» أن يقال : «طلحون».

(٤). قال الصبّان : محلّ استواء المذكّر والمؤنّث باطّراد في «فعول» إذا كان بمعنى «فاعل» واجري على موصوف مذكور وفي «فعيل» إذا كان بمعنى «مفعول» واجري على موصوف مذكور ، فإن جعل نحو «صبور» و «جريح» علما جمع هذا الجمع. راجع : حاشية الصبّان على شرح الاشموني : ١ / ٨١.

(٥). اسم الجمع ما دلّ على أكثر من اثنين وليس له مفرد من لفظه ، نحو «قوم» و «جيش» و...

(٦). ولا واحد له من لفظه بل من معناه وهو «ذو» بمعنى صاحب.

(٧). بناء على أنّ «العالمين» دالّ على العقلاء فقط و «العالم» دالّ عليهم وعلى غيرهم ، إذ هو اسم لما سوى

٢٧

الثاني : «عشرون» وبابه. (١)

الثالث : جموع تصحيح لم تستوف الشروط ك «أهلون» ؛ لأنّ مفرده «أهل» وهو ليس علما ولا صفة. (٢)

الرابع : جموع تكسير ، وهي «أرضون» (٣) و «سنون» وبابه ، وهو كلّ ثلاثي حذفت لامه وعوّض منها هاء التأنيث ولم يكسّر ، نحو : عضة وعزة وثبة. ولا يجوز ذلك في نحو «تمرة» لعدم الحذف ولا في نحو «عدة» لأنّ المحذوف الفاء ولا في نحو «يد» لعدم التعويض ، وشذّ «أبون» ، ولا في نحو «اسم» لأنّ العوض غير الهاء وشذّ «بنون» ولا في نحو «شفة» لأنّها تكسّر.

الخامس : ما سمّي به من هذا الجمع والملحق به ، نحو «زيدون» علما و «علّيّون» (٤) اسما لأعلى الجنّة أو لديوان الخير الذي دوّن فيه كلّ ما عملته الملائكة وصلحاء الثقلين.

وجوّز النحويّون في هذا الأخير ثلاث حالات اخر :

١ ـ أن يجري مجرى «حين» في الإعراب بالحركات على النون مع لزوم الياء.

٢ ـ الإعراب بالحركات على النون مع لزوم الواو.

__________________

الباري تعالى فلا يكون جمعا له ، للزوم زيادة مدلول مفرده على مدلول الجمع.

وقال جماعة : «إنّ العالمين جمع العالم ، بمعنى ما يعلم به ـ كالخاتم بمعنى ما يختم به ـ يطلق على جميع الموجودات.

إن قلت : «إنّه لم يستوف شروط الجمع ؛ لأنّ العالم بمعنى ما يعلم به ، وإن كان وصفا ، لكنّه ليس مختصّا بالعاقل ، فيكون ملحقا بالجمع».

قلنا : «إنّ العاقل إذا شارك غيره في اللفظ غلّب على غيره».

(١). وليس بجمع : لأنّه لو كان «عشرون» جمعا ل «عشر» لزم دلالته على «ثلاثين» لأنّ أقلّ الجمع ثلاثة. ولو كان ثلاثون جمعا ل «ثلاث» لزم دلالته على «تسعة».

(٢). بل هو اسم لخاصّة الشيء الذي ينسب إليه ، كأهل الرّجل لامرأته وولده وعياله ، وأهل الإسلام لمن يدين به ، وأهل القرأن لمن يقرؤه ويقوم بحقوقه وقد جاء جمعه على أهال.

(٣). جمع تكسير ل «أرض» وهو مؤنّث.

(٤). وهو في الأصل ملحق بجمع المذكر السالم لأنّ مفرده ـ وهو «علّيّ» بمعنى المكان العالي ـ غير عاقل.

٢٨

٣ ـ فتح النون مع لزوم الواو.

وبعض النحويّين يجري «بنين» وباب سنين مجرى «حين». (١)

٤ ـ الجمع بألف وتاء مزيدتين (٢)

وحكمه أن يرفع بالضّمة ، نحو : «جاءت مسلمات» ويجرّ بالكسرة نحو : «مررت بمسلمات» وينصب بالكسرة أيضا ، نحو قوله تعالى : «خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ». (٣) فنابت الكسرة عن الفتحة ، خلافا للكوفيّين في تجويزهم نصبه بالفتحة ولهشام في تجويزه ذلك في المعتل مستدلّا بنحو «سمعت لغاتهم».

والتقييد ب «مزيدتين» يخرج ما كانت الألف فيه أصلية ك «قضاة» أو التاء أصليّة ك «أبيات» فإنّ النصب فيهما بالفتحة.

والحق بهذا الجمع في إعرابه نوعان :

الأوّل : اسم جمع وهو «اولات» بمعنى «صاحبات» ، نحو قوله تعالى : «وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ». (٤)

__________________

(١). قال ابن مالك :

وارفع بواو وبيا اجرر وانصب

سالم جمع عامر ومذنب

وشبه ذين وبه عشرونا

وبابه الحق والأهلونا

اولو وعالمون علّيّونا

وأرضون شذّ والسّنونا

وبابه ومثل حين قد يرد

ذا الباب وهو عند قوم يطّرد

ونون مجموع وما به التحق

فافتح وقلّ من بكسره نطق

ونون ما ثنّي والملحق به

بعكس ذاك استعملوه فانتبه

أشار بقوله «وشبه ذين» إلى «شبه عامر» ـ وهو كلّ علم يكون مستجمعا للشروط التي تكون في «عامر» ، ك «محمّد» ـ و «شبه مذنب» ـ وهو كلّ وصف يكون مستجمعا للشروط التي تكون في «مذنب» ، ك «الأفضل» ـ وأشار بقوله «ومثل حين قد يرد ذا الباب» إلى أنّ سنين وبابه قد تلزمه الياء ويجعل الأعراب على النون ، فتقول : «هذه سنين» و «رأيت سنينا» و «مررت بسنين».

(٢). هذا التعبير أولى من التعبير ب «جمع المؤنث السالم» ، لأنّ هذا الجمع يتناول ما كان منه لمذكّر وما لم يسلم فيه بناء الواحد ، نحو : «طلحات».

(٣). العنكبوت (٢٩) : ٤٤.

(٤). الطلاق (٦٥) : ٦.

٢٩

الثاني : ما سمّي به من هذا الجمع والملحق به ، نحو «أذرعات» ، لموضع بالشام ، أصله «أذرعة» جمع «ذراع».

ومن العرب من ينصب هذا النوع بالكسرة ويحذف منه التنوين ومنهم من يعربه إعراب ما لا ينصرف. (١)

٥ ـ ما لا ينصرف (٢)

وحكمه أن يرفع بالضّمة ، نحو : «جاء أحمد» وينصب بالفتحة ، نحو : «رأيت أحمد» ويجرّ بالفتحة أيضا ، نحو : «مررت بأحمد» فنابت الفتحة عن الكسرة.

هذا إذا لم يضف أو لم يقع بعد الألف واللام (٣) وإلّا جرّ بالكسرة ، نحو : قوله تعالى : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)(٤) و (وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ) ، (٥) و «مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً». (٦)

__________________

(١). قال ابن مالك :

وما بتا وألف قد جمعا

يكسر في الجرّ وفي النّصب معا

كذا اولات والذي اسما قد جعل

كأذرعات فيه ذا أيضا قبل

أشار بقوله : «كذا اولات ...» ، إلى ما يلحق بجمع المؤنث السالم في إعرابه وهو على قسمين : الأوّل : اسم جمع ، وهو «اولات» بمعنى «صاحبات». الثاني : ما سمّي من هذا الجمع والملحق به ، نحو : «أذرعات».

(٢). هو ما فيه علّتان من تسع ك «أحسن» أو واحدة منها تقوم مقامهما ك «مساجد» ، كما سيأتي في بابه.

(٣). سواء كانت الألف واللام معرفة أو موصولة أو زائدة.

(٤). التّين (٩٥) : ٤.

(٥). البقرة (٢) : ١٨٧.

(٦). هود (١١) : ٢٤.

قال ابن مالك :

وجرّ بالفتحة ما لا ينصرف

ما لم يضف أو يك بعد «ال» ردف

وهل يكون حينئذ باقيا على منع صرفه أم يكون منصرفا؟ قال ابن مالك في شرح التسهيل : «إنّه حينئذ باق على منع صرفه سواء زالت منه علّة أم لا» ، وذهب السيرافي والمبرّد وجماعة إلى أنّه منصرف مطلقا ، واختار ابن مالك في نكته على مقدّمة ابن الحاجب أنّه إن زالت منه علّة فمنصرف وإن بقيت العلّتان فلا.

٣٠

٦ ـ الأمثلة الخمسة

هي كلّ فعل مضارع اتّصل به ألف اثنين ، نحو : يفعلان وتفعلان ، أو واو جمع ، نحو : يفعلون وتفعلون أو ياء مخاطبة ، نحو : تفعلين.

فإنّها ترفع بثبوت النون (١) نيابة عن الضّمة وتنصب وتجزم بحذفها نيابة عن الفتحة والسكون ، نحو قوله تعالى : «فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا».(٢)

أمّا قوله تعالى (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ)(٣) فالواو لام الفعل والنون ضمير النسوة والفعل مبنيّ ، كما في «يخرجن». (٤)

٧ ـ الفعل المضارع المعتل الآخر

وهو على ثلاثة أقسام :

١ ـ ما آخره ألف ك «يخشى» ، وحكمه أن تقدّر على آخره الضمة في حالة الرفع ، نحو : «زيد يخشى» ، والفتحة في حالة النصب ، نحو : «عجبت من أن يخشى».

أمّا في حالة الجزم فتحذف الألف نيابة عن السكون ، نحو : «لم يخش بكر».

٢ ـ ما آخره واو ك «يدعو» وحكمه أن تقدّر على آخره الضمة في حالة الرفع ، نحو : «زيد يدعو». وينصب بالفتحة الظاهرة ، نحو : «عمرو لن يدعو» ويجزم بحذف الواو نيابة عن السكون ، نحو : «بكر لم يدع».

٣ ـ ما آخره ياء ك «يرمي» وحكمه أن تقدّر على آخره الضّمة في حالة الرفع ، نحو : «زيد يرمي». وينصب بالفتحة الظاهرة ، نحو : «عمرو لن يرمي» ويجزم بحذف الياء نيابة عن السكون ، نحو : «بكر لم يرم». (٥)

__________________

(١). إذا اتّصل بهذه النون نون الوقاية جاز حذفها تخفيفا وإدغامها في نون الوقاية والفكّ وقرىء بالثلاثة قوله تعالى : «تَأْمُرُونِّي». الزّمر (٣٩) : ٦٤.

(٢). البقرة (٢) : ٢٤.

(٣). البقرة (٢) : ٢٣٧.

(٤). قال ابن مالك :

واجعل لنحو «يفعلان» النونا

رفعا وتدعين وتسألونا

وحذفها للجزم والنّصب سمه

ك «لم تكوني لترومي مظلمه»

(٥). قال ابن مالك :

وأيّ فعل آخر منه ألف

أو واو او ياء فمعتلّا عرف

٣١

الإعراب التقديري

قد يكون الإعراب تقديريّا وهو في مواضع :

١ ـ الاسم المقصور : وهو الاسم المعرب الذي آخره ألف لازمة (١) نحو : «المصطفى». وإعرابه تقديري مطلقا.

٢ ـ الاسم المنقوص : وهو الاسم المعرب الذي آخره ياء لازمة مكسور ما قبلها (٢) نحو : «القاضي». وإعرابه تقديري رفعا وجرّا. أمّا نصبه فبالفتحة الظاهرة ، كما في قوله تعالى : «يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ».(٣)

__________________

فالألف انو فيه غير الجزم

وأبد نصب ما ك «يدعو ، يرمي»

والرّفع فيهما انو واحذف جازما

ثلاثهنّ تقض حكما لازما

تنبيه :

إذا كان حرف العلّة بدلا من همزة ك «يقرى» و «يقري» و «يوضو» ـ أصلها : «يقرء» ، «يقرىء» و «يوضؤ». فإن كان الإبدال بعد دخول الجازم فهو إبدال قياسي ، لسكون الهمزة ويمتنع الحذف ، لأنّ العامل أخذ مقتضاه وإن كان قبله فهو إبدال شاذّ ويجوز حينئذ الحذف وعدمه بناء على الاعتداد بالعارض وعدمه وهو الأكثر ، فعلى القول بالاعتداد بعروض الإبدال يحذف حرف العلّة للجازم ، لأنّ حرف العلّة على هذا القول معتدّ به ومنزّل منزلة الحرف الأصلي. وعلى القول بعدم الاعتداد بعروض الإبدال يثبت حرف العلّة ، لأنّه لا يحذف للجازم إلّا الحرف الأصلي لا العارض. راجع : أوضح المسالك (١) : ٥٩ ، حاشية الصّبان (١) : ١٠٢ ، والتّصريح على التّوضيح : ١ / ٨٨ و ٨٩.

(١). بخلاف الفعل ، نحو : «يخشى» وما كانت ألفه غير لازمة نحو : «رأيت أخاك».

(٢). بخلاف الفعل ، نحو : «يرمي» وما كانت يائه غير لازمة ، نحو : «مررت بأخيك» أو غير مكسور قبلها ، نحو : «ظبي».

(٣). الأحقاف (٤٦) : ٣١.

قال ابن مالك :

وسمّ معتلّا من الأسماء ما

كالمصطفى والمرتقي مكارما

فالأوّل الإعراب فيه قدّرا

جميعه وهو الذي قد قصرا

والثّان منقوص ونصبه ظهر

ورفعه ينوى كذا أيضا يجر

تنبيه :

قال ابن عقيل : إنّ الاسم لا يكون في آخره واو قبلها ضمّة. نعم إن كان مبنيّا وجد فيه ذلك ، نحو : «هو».

٣٢

٣ ـ الفعل المعتلّ بالألف ، نحو : «يخشى». وإعرابه تقديري رفعا ونصبا أمّا جزمه فبحذف حرف العلّة كما تقدّم.

٤ ـ الفعل المعتلّ بالواو أو الياء نحو : «يدعو» و «يرمي». وإعرابه تقديري رفعا. أمّا نصبه فبالفتحة الظاهرة وجزمه فبحذف حرف العلّة كما تقدّم. (١)

٥ ـ المضاف إلى ياء المتكلم ، غير المثنّى وجمع المذكر السالم. وإعرابه تقديري مطلقا ، نحو : «هذا غلامي» ، «رأيت غلامي» و «مررت بغلامي».

٦ ـ جمع المذكّر السالم المضاف إلى ياء المتكلّم ، فإنّه يرفع بتقدير الواو ، نحو : «جاء مسلميّ». (٢)

٧ ـ الفعل المضارع المتّصل بنون التأكيد غير المباشرة فإنّه يرفع بتقدير النون ، نحو : «هل يضربانّ». (٣)

الإعراب المحلّي

يتداول على ألسنة النحويين أن يقولوا في المبنيّات وكثير من الجمل : «إنّه في محلّ كذا ، من رفع أو نصب أو جرّ أو جزم» ؛ ويراد به أنّه في موضع لو كان فيه لفظ معرب لكان مرفوعا أو منصوبا أو مجرورا أو مجزوما.

__________________

ولم يوجد ذلك في المعرب إلّا في الأسماء الستّة في حالة الرفع ، نحو : «جاء أبوه». وأجاز ذلك الكوفيّون في موضعين آخرين : أحدهما : ما سمّي به من الفعل ، نحو : «يدعو» ، والثاني ما كان أعجميّا ، نحو : «سمندو».

(١). وقد يحذف حرف العلّة في غير الجزم ، كما في قوله تعالى : «سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ». العلق (٩٦) : ١٨.

(٢). أصله «مسلموي». اجتمعت الواو والياء في كلمة واحدة والاولى منهما ساكنة فقلبت الواو ياء وادغمت الياء في الياء وابدلت الضّمة بالكسرة لمناسبة الياء. وقد يقال : «إنّ تغيّر الواو لعلّة تصريفيّة لا يقتضي أن نقول إنّها مقدّرة».

(٣). يستفاد من كلام جماعة ـ كالسيوطى وابن هشام ـ أنّ الإعراب فيه تقديري مطلقا. وهذا سهو ، إذ الإعراب يقدّر في حالة الرفع فقط ، نحو : «هل تضربانّ» ؛ أصله : «هل تضربان نّ» بثلاث نونات. فحيث حذفت نون الرفع لثقل اجتماع النونات ، قدّر ثبوتها ؛ لأنّها علامة الرفع بخلاف حالة النصب والجزم ؛ لأنّ الناصب والجازم يدخلان على الفعل فتحذف نون الرفع ثمّ تجيء نون التأكيد.

٣٣

مثلا : يقال في قوله تعالى : (هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ)(١) : إنّ كلمة «هذا» مبنيّة على السكون ، في محلّ الرفع لكونه مبتدأ وجملة «لا ينطقون» في محلّ الجرّ لإضافة «يوم» إليها.

وقد يقال بعدم اختصاص هذا الإعراب بالمبنيّات والجمل ، بل يجري في بعض المعربات كما يقال في قوله تعالى : (كَفى بِاللهِ شَهِيداً)(٢) : إنّ كلمة «الله» مجرور لفظا ، مرفوع محلّا.

__________________

(١). المرسلات (٧٧) : ٣٥.

(٢). النساء (٤) : ٧٩.

٣٤

النكرة والمعرفة

ينقسم الاسم إلى قسمين : نكرة ومعرفة.

النكرة : ما وضع لشيء غير معيّن ، نحو : «رجل» و «فرس». وهي نوعان :

أحدهما : ما يقبل «ال» المؤثّرة للتعريف ، نحو «رجل» ، بخلاف نحو «عبّاس» علما فإنّ «ال» الداخلة عليه لا تؤثر فيه تعريفا فليس نكرة.

ثانيهما : ما لا يقبل «ال» لكنّه واقع موقع ما يقبلها ، نحو : «ذو» بمعنى «صاحب» ، نحو : «جاءني ذو مال» ، أي : صاحب مال.

المعرفة : ما وضع ليستعمل في شيء معيّن ، وهي ستّة أقسام : الضمير والعلم واسم الإشارة والموصول والمعرّف ب «ال» والمضاف إلى أحدها. وقد اجتمعت في قوله تعالى : «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ».(١)

وزاد ابن مالك في شرح الكافية المنادى المقصود ك «يا رجل» واختار في التسهيل أنّ تعريفه بالإشارة إليه والمواجهة ، ونقله في شرحه عن نصّ سيبويه.

__________________

(١). البقرة (٢) : ١٦١.

قال ابن مالك :

نكرة قابل «ال» مؤثّرا

أو واقع موقع ما قد ذكرا

وغيره معرفة كهم وذي

وهند وابني والغلام والّذي

يريد : أنّ النكرة إمّا اسم يقبل «ال» المؤثّرة للتعريف ، نحو «رجل». أو لا يقبل «ال» لكنّه واقع موقع ما يقبلها ، نحو : «ذو» ، فإنّها لا تقبل «ال» لكنّها تقع موقع ما يقبلها وهو «صاحب». وذكر أنّ غير النكرة معرفة وهي ستّة.

رتبة المعارف :

اختلفوا في رتبة المعارف ؛ فقال جماعة من النحويين : «أعرف المعارف المضمر ثمّ العلم ثمّ اسم الإشارة ثمّ الموصول ثمّ المعرّف ب «ال». أمّا المضاف إلى معرفة فإنّه في حكم المضاف إليه ، إلّا المضاف للضمير فهو في درجة العلم. راجع لتحقيق البحث : الإنصاف في مسائل الخلاف : ٧٠٧ ، وشرح الاشموني : ١ / ١٠٧ ، والتصريح على التوضيح : ١ / ٩٥ ، وهمع الهوامع : ١ / ٥٥ ، والنحو الوافي : ١ / ١٩١.

٣٥

(١)

الضمير

الضمير : هو ما وضع لمتكلّم أو مخاطب أو غائب تقدّم ذكره. (١)

والتقدّم قد يكون لفظا ورتبة ، نحو : «جاء زيد فأكرمته» ، وقد يكون لفظا فقط ، نحو : «ضرب زيدا غلامه» ، وقد يكون رتبة فقط ، نحو : «ضرب غلامه زيد» ، وقد يكون معنى بأن يتضمّن الكلام السابق إيّاه ، نحو قوله تعالى : (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) ، (٢) ـ فإنّ مرجع الضمير عبارة عن «العدل» الذي يتضمّنه «اعدلوا» ـ أو يستلزمه سياق الكلام ، نحو قوله تعالى : (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ) ، (٣) فإنّ مرجع ضمير «ه» عبارة عن «الميّت» الذي يستلزمه سياق الكلام.

عود الضمير على متأخّر لفظا ورتبة

ذكر جماعة من النحويّين جواز عود الضمير على المتأخّر لفظا ورتبة في مواضع :

١ ـ أن يكون الضمير فاعلا ب «نعم» أو «بئس» مفسّرا بتمييز ، نحو : «نعم رجلا زيد» و «بئس رجلا عمرو».

٢ ـ أن يكون مرفوعا بأوّل المتنازعين وأعملنا الثاني ، نحو : «أكرماني وأكرمت الزيدين».

__________________

(١). قال ابن مالك :

فما لذي غيبة أو حضور

ك «أنت وهو» سمّ بالضّمير

أي : إنّ الضمير ما دلّ على غيبة ك «هو» ، أو حضور ، وهو قسمان : أحدهما ضمير المخاطب ، نحو «أنت» ، والثاني ضمير المتكلّم نحو «أنا».

(٢). المائدة (٥) : ٨.

(٣). النساء (٤) : ١١.

٣٦

٣ ـ أن يكون مبدلا منه ظاهر ، نحو : «ضربته زيدا».

٤ ـ أن يكون مجرورا ب «ربّ» مفسّرا بتمييز ، نحو : «ربّه رجلا».

٥ ـ أن يكون للشأن أو القصّة ، نحو قوله تعالى : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ، (١) و «فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا». (٢)

٦ ـ أن يكون مخبرا عنه فيفسّره خبره ، نحو قوله تعالى : «إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا». (٣)

٧ ـ أن يكون متّصلا بفاعل مقدّم ومفسّره مفعول مؤخّر ، نحو : «ضرب غلامه زيدا».

أقسام الضمير

ينقسم الضمير إلى قسمين : متّصل ومنفصل.

الضمير المتّصل : ما لا يبتدأ به كالكاف من «أكرمك» ولا يقع بعد «إلّا» ، فلا يقال : «ما أكرمت إلّاك». أمّا قوله :

أعوذ بربّ العرش من فئة بغت

عليّ ، فما لي عوض إلّاه ناصر (٤)

فضرورة.

الضمير المنفصل : ما يبتدأ به ويقع بعد «إلّا» ، نحو قوله تعالى : «هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ». (٥)

__________________

(١). الإخلاص (١١٢) : ١.

(٢). الأنبياء (٢١) : ٩٧.

يقول النحاة : «إنّ مرجع الضمير في تلك المواضع متقدّم حكما لحكم الواضع بتقدّم المرجع وإنّما خولف مقتضى وضع ضمير الغائب لنكتة كالإجمال ثمّ التفصيل بأن يذكر الشيء مبهما حتّى يتشوّق نفس السامع إلى الاطّلاع على المراد ثمّ يفسّره فيكون أوقع في النفس». ولك أن تقول : «إنّ ما بعد الضمير مفسّر للمرجع لا نفسه ، والمرجع هو المتصوّر ذهنا». وعلى هذا لا يكون المرجع في تلك المواضع متأخّرا.

(٣). الأنعام (٦) : ٢٩.

(٤). فئة : جماعة ، بغت : ظلمت ، عوض : ظرف يستغرق الزمان المستقبل ، أي : أبدا.

(٥). الحشر (٥٩) : ٢٣.

قال ابن مالك :

وذو اتّصال منه ما لا يبتدا

ولا يلي «إلّا» اختيارا أبدا

كالياء والكاف من «ابني أكرمك»

والياء والها من «سليه ما ملك»

٣٧

أقسام الضمير المتّصل :

ينقسم المتّصل ـ بحسب إعرابه المحلّي ـ إلى ثلاثة أقسام :

١ ـ ما يختص بمحلّ الرفع ، وهو خمسة : التاء ، ك «قمت» والألف ، ك «قاما» والواو ك «قاموا» والنون ، ك «قمن» وياء المخاطبة ، ك «قومي».

٢ ـ ما يشترك فيه الجرّ والنصب فقط ، وهو ثلاثة : ياء المتكلّم ، نحو قوله تعالى : (قُلْ إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي)(١) وكاف الخطاب ، نحو قوله تعالى : (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ)(٢) وهاء الغائب ، كقوله تعالى : «قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ». (٣)

٣ ـ ما يشترك فيه الثلاثة ، وهو «نا» خاصّة ، كقوله تعالى : «رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا». (٤)

أقسام الضمير المنفصل :

ينقسم المنفصل ـ بحسب إعرابه المحلّي ـ إلى قسمين :

١ ـ ما يختصّ بمحلّ الرفع ، نحو : «هو ، هما ، هم ، هي ... نحن».

٢ ـ ما يختصّ بمحلّ النصب نحو : «إيّاه ، إيّاهما ، إيّاهم ، إيّاها ... إيّانا».

تنبيه : الضمير قسمان : بارز كالتاء في «قمت» ، ومستتر ك «أنت» في «قم». (٥)

__________________

(١). الأنعام (٦) : ٥٧.

(٢). الضّحى (٩٣) : ٣.

(٣). الكهف (١٨) : ٣٧.

(٤). آل عمران (٣) : ١٩٣.

(٥). اختلف في أنّ الضمير المستتر متّصل أو منفصل. فذهب بعضهم ـ كالمحقّق الرضي والصبّان ـ إلى أنّه متّصل. قال المحقّق الرضي رحمه‌الله : «وقول النحاة «إنّ الفاعل في نحو «زيد ضرب» و «هند ضربت» ، هو وهي» ، تدريس [أي : تقريب من العلماء في تدريسهم لتصوير المعنى] لضيق العبارة عليهم ، لأنّه لم يوضع لهذين الضميرين لفظ ، فعبّروا عنهما بلفظ المرفوع المنفصل ، لكونه مرفوعا مثل ذلك المقدّر ، لا أنّ المقدّر هو ذلك المصرّح به ، وكيف ذا ويجوز الفصل بين الفعل وهذا المصرّح به ، نحو : «ما ضرب إلّا هو». راجع : شرح الكافية للمحقّق الرضي رحمه‌الله : ٢ / ٨.

قال ابن مالك :

وكلّ مضمر له البنا يجب

ولفظ ما جرّ كلفظ ما نصب

للرّفع والنصب وجرّ «نا» صلح

كاعرف بنا فإنّنا نلنا المنح

وألف والواو والنون لما

غاب وغيره كقاما واعلما

ومن ضمير الرّفع ما يستتر

كافعل اوافق نغتبط إذ تشكر

٣٨

وقسّم جماعة من النحويّين ـ كابن مالك وابن يعيش وغيرهما ـ الضمير المستتر إلى قسمين :

أ. مستتر وجوبا وهو ما لا يخلفه ظاهر ولا ضمير منفصل ، كالمرفوع بفعل الأمر للواحد المخاطب ، نحو : «اضرب» ، أو بمضارع مبدوء بتاء الخطاب للواحد ، نحو :

«تضرب» أو بالهمزة ، نحو : «أضرب» أو بالنون ، نحو : «نضرب» ، أو المرفوع بفعل الاستثناء نحو : «جاءني القوم خلا زيدا» أو ب «أفعل» للتّعجّب نحو : «ما أحسن زيدا» أو ب «أفعل» التفضيل ، نحو : «زيد أعلم من عمرو» ، وقوله تعالى : «هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً».(١)

ب. مستتر جوازا وهو ما يخلفه ظاهر أو ضمير منفصل ، كالمرفوع بفعل الغائب أو الغائبة أو الصّفات أو اسم الفعل الماضي ، نحو : «زيد قام» و «هند قامت» و «زيد قائم أو مضروب أو حسن وهيهات» ؛ ألا ترى أنّه يجوز «زيد قام أبوه» أو «ما قام إلّا هو» وكذا الباقي. (٢)

أحكام الضمير

١ ـ الاتّصال والانفصال

كلّ موضع أمكن أن يؤتى فيه بالضمير المتّصل لا يجوز العدول عنه إلى المنفصل لما فيه من الاختصار المطلوب الموضوع لأجله الضمير. فلا تقول في «أكرمتك» : «أكرمت إيّاك» ، لأنّه يمكن الإتيان بالمتّصل.

__________________

وذو ارتفاع وانفصال أنا هو

وأنت والفروع لا تشتبه

وذو انتصاب في انفصال جعلا

إيّاي والتّفريع ليس مشكلا

 (١). مريم (١٩) : ٧٤.

(٢). قال ابن هشام في أوضح المسالك (١ / ٦٤): «وفيه نظر ، إذ الاستتار في نحو : «زيد قام» واجب ، فإنّه لا يقال : «قام هو» وأمّا «زيد قام أبوه» أو «ما قام إلّا هو» فتركيب آخر. والتحقيق أن يقال : ينقسم العامل إلى ما لا يرفع إلّا الضمير المستتر ك «أقوم» وإلى ما يرفعه وغيره ك «قام».

قد يقال : إنّ مراد من قال بالاستتار جوازا هو التقسيم الذي جعله ابن هشام تحقيقا ، ولا فرق بينهما إلّا باعتبار أنّ المقسم في تقسيمهم هو الضمير المستتر باعتبار العامل وفي تقسيمه عكسه. راجع لتحقيق البحث : حاشية الصبّان على شرح الاشموني : ١ / ١١٣ ، والتصريح على التوضيح : ١ / ١٠٢.

٣٩

ويستثنى من هذه القاعدة شيئان :

الأوّل : أن يكون العامل قد نصب ضميرين أوّلهما أعرف من الآخر (١) وثانيهما ليس خبرا في الأصل ، فيجوز في الثاني الوجهان ، (٢) نحو : «الدرهم أعطيتكه وأعطيتك إيّاه» وإن كان الضمير السابق مرفوعا وجب الوصل ، نحو : «ضربته» ؛ وإن كان غير أعرف وجب الفصل ، نحو : «أعطاه إيّاك» ومن ثمّ وجب الفصل إذا اتّحدت الرتبة ، نحو : «ملكتني إيّاي». وقد يباح الوصل إن كان الاتّحاد في الغيبة واختلف لفظ الضميرين ومن ذلك ما رواه الكسائي من قول بعض العرب : «هم أحسن وجوها وأنضرهموها» ، (٣) كقوله :

لوجهك في الإحسان بسط وبهجة

أنالهماه قفوا أكرم والد (٤)

وإن كان الثاني من الضميرين المنصوبين خبرا في الأصل ، فالأرجح عند سيبويه وجماعة الفصل ، (٥) نحو : «خلتني إيّاه» وعند ابن مالك وجماعة الوصل ، (٦) نحو : «خلتنيه».

الثاني : أن يكون الضمير منصوبا ب «كان» أو إحدى أخواته ، (٧) فيجوز فيه الوجهان ، نحو : «الصديق كنته» و «الصديق كنت إيّاه». و «كانه زيد» و «كان إيّاه زيد». وفي الأرجح من الوجهين الخلاف المذكور.

__________________

(١). ضمير المتكلم أعرف من ضمير المخاطب وضمير المخاطب أعرف من ضمير الغائب.

(٢). قال ابن عقيل : «ظاهر كلام أكثر النحويين أنّ الوجهين على السواء وظاهر كلام سيبويه أنّ الاتّصال فيه واجب وأنّ الانفصال مخصوص بالشعر».

(٣). الضمير راجع إلى «وجوها» وهي تمييز فيلزم وقوع الضمير تمييزا. قال الصبّان : «فإمّا أن يجري على القول بأنّ الضمير العائد إلى النكرة نكرة أو على مذهب الكوفي أنّه لا يشترط في التمييز أن يكون نكرة».

راجع : حاشية الصبّان على شرح الأشموني : ١ / ١١٢.

(٤). قوله : «في الإحسان» ، أي : في وقت الإحسان. والبسط : البشاشة ، والبهجة : الحسن والسرور ، وأنال : فعل ماض متعدّ لاثنين ، يقال : «أنال فلانا الشّيء» أي : صيّره يناله. وضمير «هما» في «أنالهماه» يرجع إلى البسط والبهجة ، وضمير «ه» يرجع إلى الوجه. و «قفو» بمعنى الاتباع ، وهو فاعل «أنال». والمراد أنّ ذلك وراثة من آبائه وليس عارضا فيه.

(٥). لكونه خبرا في الأصل ولو بقي على ما كان تعيّن انفصاله.

(٦). إذ الأصل في الضمير الاختصار.

(٧). سواء أكان قبل ذلك الضمير ضمير أم لا ، كما مثّل ابن هشام في أوضح المسالك للقسمين وصرّح بذلك بعضهم ، وإن كان ظاهر كلام جماعة اختصاص البحث بما إذا كان قبله ضمير.

٤٠