القواعد النحويّة

السيد قاسم الحسيني الخراساني ومحمود الملكي الإصفهاني

القواعد النحويّة

المؤلف:

السيد قاسم الحسيني الخراساني ومحمود الملكي الإصفهاني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مديرية العامة للحوزة العلمية في قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٣١٢

بحرفيّتها.

٢ ـ ما وضع للدّلالة على من يعقل ثمّ ضمّن معنى الشرط وهو «من».

٣ ـ ما وضع للدلالة على ما لا يعقل ثمّ ضمّن معنى الشرط وهو «ما» و «مهما».

٤ ـ ما وضع للدلالة على الزمان ثمّ ضمّن معنى الشرط وهو «متى» و «أيّان».

٥ ـ ما وضع للدلالة على المكان ثمّ ضمّن معنى الشرط وهو «أين» و «أنّى» و «حيثما».

٦ ـ ما يتردّد بين ما ذكر وهو «أيّ» ، فإنّها بحسب ما تضاف إليه فهي في «أيّهم يقم أقم معه» بمنزلة «من» ، وفي «أيّ الدوابّ تركب أركب» بمنزلة «ما» ، وفي «أيّ يوم تصم أصم» بمنزلة «متى» ، وفي «أيّ مكان تجلس أجلس» بمنزلة «أين».

جملة الشرط والجزاء

الكلمات التي تجزم فعلين يقتضين جملتين : إحداهما ـ وهي المتقدّمة ـ تسّمى شرطا والثانية ـ وهي المتأخّرة ـ تسمّى جوابا وجزاء.

ويجب في الجملة الاولى أن تكون فعليّة ، وأمّا الثانية فالأفضل فيها أن تكون فعليّة ويجوز أن تكون اسميّة ، نحو : «إن جاء زيد أكرمته» و «إن جاء زيد فله درهم».

ثمّ إنّ الشرط والجزاء إن كانا جملتين فعليّتين فهما على أربعة أقسام :

الأوّل : أن يكون الفعلان مضارعين ، كقوله تعالى : «وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ». (١)

الثاني : أن يكونا ماضيين ، كقوله تعالى : «وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا». (٢)

الثالث : أن يكون الأوّل ماضيا والثاني مضارعا ، نحو قوله تعالى : «مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ». (٣) وفي هذه الصورة يجوز رفع الجزاء أيضا ، ومنه قول الشاعر :

وإن أتاه خليل يوم مسألة

يقول : لا غائب مالي ولا حرم (٤)

الرابع : أن يكون الأوّل مضارعا والثاني ماضيا ومنه قول الشاعر :

من يكدني بسيّء كنت منه

كالشجا بين حلقه والوريد

__________________

(١). الأنفال (٨) : ١٩.

(٢). الإسراء (١٧) : ٨.

(٣). الشورى (٤٢) : ٢٠.

(٤). وعند الكوفيّين يجب الرفع ، لأنّ الجزم في الجواب للجوار ، فإذا لم ينجزم الشرط ، لم ينجزم الجزاء.

٢٦١

الفاء في جواب الشرط

كلّ جواب يمتنع جعله شرطا فالفاء لازمة له وذلك في سبعة مواضع :

١ ـ الجملة الاسميّة ، نحو قوله تعالى : «وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ». (١)

وأمّا قوله تعالى (وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) ، (٢) فأجاب المحقّق الرّضي رحمه‌الله بأنّ القسم مقدّر قبل الشرط والجواب له وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه. (٣)

وقد تحذف الفاء للضرورة ، كقوله :

من يفعل الحسنات الله يشكرها

الشرّ بالشّرّ عند الله مثلان

وقد تنوب «إذا» الفجائيّة عن الفاء ، نحو قوله تعالى : «وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ». (٤)

٢ ـ الجملة الفعلية التي فعلها جامد ، نحو قوله تعالى : «إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً* فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ».(٥)

٣ ـ الجملة الإنشائيّة ، كقوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي) ، (٦) ونحو : «إن يقم زيد فو الله لأقومنّ».

٤ ـ الجملة الفعلية المصدّره ب «قد» ، نحو قوله تعالى : «وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى».(٧)

٥ ـ الجملة الفعليه المصدّرة بحرف التّنفيس ، كقوله تعالى : «وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ». (٨)

٦ ـ الجملة الفعلية المنفيّة ب «لن» أو «ما» أو «إن» ، نحو قوله تعالى : (وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ ، (٩) و (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ) ، (١٠) وقولك «من يستسلم للغضب فإن يلومنّ إلّا نفسه على ما يصيبه».

__________________

(١). الأنعام (٦) : ١٧.

(٢). الأنعام (٦) : ١٢١.

(٣). راجع : شرح الكافية للمحقّق الرضي رحمه‌الله : ٢ / ٢٦٢ و ٣٤٠.

(٤). الروم (٣٠) : ٣٦.

(٥). الكهف (١٨) : ٣٩ و ٤٠.

(٦). آل عمران (٣) : ٣١.

(٧). طه (٢٠) : ٨١.

(٨). التوبة (٩) : ٢٨.

(٩). آل عمران (٣) : ١١٥.

(١٠). يونس (١٠) : ٧٢.

٢٦٢

٧ ـ الجملة المبدوءة بحرف له الصدر مثل «كأنّما» و «ربّ» ، نحو قوله تعالى : (مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً) ، (١) ونحو :

فإن أهلك فذي لهب لظاه

عليّ يكاد يلتهب التهابا (٢)

أي فربّ ذي لهب. (٣)

ويجوز دخول الفاء في الجواب إذا كان مضارعا مثبتا أو منفيّا ب «لا» ، كقوله تعالى :

(وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ) ، (٤) و (وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ) ، (٥) ونحو : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها) ، (٦) و «فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً». (٧)

ويمتنع دخول الفاء إذا كان الجواب ماضيا غير مصدّر ب «قد» أو مضارعا منفيّا ب «لم» ، نحو : «إن ضربتني ضربتك» أو «لم أضربك».

تنبيه : كما تربط الفاء الجواب بشرطه كذلك تربط شبه الجواب بشبه الشرط ، نحو : «الذي يأتيني فله درهم».

وقوع المضارع بعد جزاء الشرط

إذا وقع بعد جزاء الشرط فعل مضارع مقرون بالفاء أو الواو جاز فيه ثلاثة أوجه : الجزم

__________________

(١). المائدة (٥) : ٣٢.

(٢). اللهب : النار. لظاه : من لظيت النار ، أي : تلهّب.

(٣). قال المحقّق الرضي رحمه‌الله : «إذا كان جواب الشرط مصدّرا بهمزة الاستفهام ـ سواء كانت الجملة فعليّة أو اسميّة ـ لم تدخل الفاء ، لأنّ الهمزة من بين جميع ما يغيّر معنى الكلام يجوز دخولها على أداة الشرط فيقدّر تقديم الهمزة على أداة الشرط نحو قولك : «إن أكرمتك أتكرمني» كأنّك قلت : «أإن أكرمتك تكرمني» قال عليّ عليه‌السلام في نهج البلاغة (الخطبة القاصعة ، فضل الوحي): «وإن فعل الله لكم ذلك أتؤمنون» ، وقال الله تعالى : (أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى* أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى) (العلق (٩٦) : ١٣ و ١٤).

ويجوز حمل «هل» وغيرها من أدوات الاستفهام على الهمزة ، لأنّها أصلها. قال الله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ) (الأنعام (٦) : ٤٧). وقال تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ) (الأنعام (٦) : ٤٦).

ويجوز دخول الفاء فيها لعدم عراقتها في الاستفهام. قال الله تعالى : «قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي». (هود (١١) : ٦٣). وتقول : «إن أكرمتك فهل تكرمني».

(٤). الأنفال (٨) : ١٩.

(٥). المائدة (٥) : ٩٥.

(٦). إبراهيم (١٤) : ٣٤.

(٧). الجنّ (٧٢) : ١٣.

٢٦٣

بالعطف على الجواب والرّفع على الاستئناف والنصب ب «أن» مضمرة وجوبا. وقد قرىء بالثلاثة قوله تعالى : (إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ) ، (١) بجزم «يغفر» ورفعه ونصبه.

فإن اقترن ب «ثمّ» جوّزوا فيه الجزم والرفع فقط.

وقوع المضارع بين الشرط والجزاء

إذا وقع المضارع المقرون بالفاء أو الواو بين فعل الشرط وجوابه جاز فيه الجزم والنصب ، فالجزم ، نحو قوله تعالى : «إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ».(٢) والنصب كقول الشاعر :

ومن يقترب منّا ويخضع نؤوه

ولا يخش ظلما ما أقام ولا هضما (٣)

فإن وقع بعد «ثمّ» لم ينصب ، وأجازه الكوفيّون.

حذف الشرط أو الجزاء

يجوز حذف جواب الشرط إذا دلّ عليه دليل ، يقال : «إن أتيتني أكرمك» فتقول : «وأنا إن أتيتني» ، أي : أكرمك ؛ قال الله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى) ، (٤) أي : لما آمنوا به. وأمّا عكسه ـ وهو حذف الشرط ـ فقال ابن هشام :

«هو مطّرد بعد الطلب نحو قوله تعالى : (فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) ، (٥) أي : فإن تتّبعوني يحببكم الله. وجاء بدون الطلب ، كقوله تعالى : (إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ) ، (٦) أي : فإن لم يتأتّ لكم إخلاص العبادة لي في هذه البلدة فإيّاي فاعبدون في غيرها. وحذف جملة الشرط بدون الأداة ، كثير كقول الأحوص :

فطلّقها فلست لها بكفء

وإلّا يعل مفرقك (٧) الحسام

أي : وإلّا تطلّقها». (٨)

__________________

(١). البقرة (٢) : ٢٨٤.

(٢). يوسف (١٢) : ٩٠.

(٣). نؤوه : ننزله عندنا ، أي : يكون له منّا مأوى ، والهضم : الظلم.

(٤). الرّعد (١٣) : ٣١.

(٥). آل عمران (٣) : ٣١.

(٦). العنكبوت (٢٩) : ٥٦.

(٧). المفرق : وسط الرأس.

(٨). مغني الأديب : ٢ / ١٥٦.

٢٦٤

وقد يحذف الشرط والجواب معا ، نحو :

قالت بنات العمّ يا سلمى وإن

كان فقيرا معدما؟ قالت : وإن

اجتماع الشرط والقسم

إذا اجتمع شرط وقسم ولم يتقدّم عليهما ما يحتاج إلى خبر ، حذف جواب المتأخّر منهما ، لدلالة جواب الأوّل عليه ، فتقول : «إن قام زيد والله يقم عمرو» فتحذف جواب القسم لدلالة جواب الشرط عليه ، وتقول : «والله إن يقم زيد ليقومنّ عمرو» ، فتحذف جواب الشرط لدلالة جواب القسم عليه.

أمّا إذا تقدّم عليهما ذو خبر فرجّح الشرط مطلقا ، أي : سواء كان متقدّما أو متأخّرا ، نحو : «زيد إن قام والله أكرمه» و «زيد والله إن قام أكرمه». وجاء قليلا ترجيح الشرط على القسم عند اجتماعهما وتقدّم القسم وإن لم يتقدّم ذو خبر ، ومنه قول الشاعر :

لئن كان ما حدّثته اليوم صادقا

أصم في نهار القيظ (١) للشّمس باديا

فلام «لئن» موطّئة لقسم محذوف والتقدير : والله لئن. (٢)

__________________

(١). القيظ : شدّة الحرّ.

(٢). قال ابن مالك :

بلا ولام طالبا ضع جزما

في الفعل ، هكذا بلم ولمّا

واجزم بإن ومن وما ومهما

أيّ متى أيّان أين إذما

وحيثما أنّى ، وحرف إذما

كإن ، وباقي الأدوات أسما

فعلين يقتضين ، شرط قدّما

يتلو الجزاء ، وجوابا وسما

وماضيين ، أو مضارعين

تلفيهما أو متخالفين

وبعد ماض رفعك الجزا حسن

ورفعه بعد مضارع وهن

واقرن بفا حتما جوابا لو جعل

شرطا لإن أو غيرها ، لم ينجعل

وتخلف الفاء إذا المفاجأه

ك «إن تجد إذا لنا مكافأه»

والفعل من بعد الجزا إن يقترن

بالفا أو الواو بتثليث قمن

وجزم أو نصب لفعل إثر فا

أو واو ان بالجملتين اكتنفا

والشرط يغني عن جواب قد علم

والعكس قد يأتي إن المعنى فهم

واحذف لدى اجتماع شرط وقسم

جواب ما أخّرت فهو ملتزم

وإن تواليا وقبل ذو خبر

فالشّرط رجّح ، مطلقا بلا حذر

وربّما رجّح بعد قسم

شرط بلا ذي خبر مقدّم

٢٦٥

لو الشرطيه

هي على قسمين :

الأوّل : أن تكون للتعليق في المستقبل ، فترادف «إن» ولكنّها لا تجزم ، كقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : «لو يقول أحدكم ـ إذا غضب ـ : أعوذ بالله من الشّيطان الرّجيم ، ذهب عنه غضبه». (١) وإذا وليها حينئذ ماض أوّل بالمستقبل ، كقوله تعالى : «وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ».(٢)

الثاني : أن تكون للتعليق في الماضي وتقتضي امتناع شرطها دائما وامتناع جوابها إن كان مساويا للشرط في العموم ، كما في قولك : «لو كانت الشمس طالعة كان النهار موجودا» ، بخلاف ما إذا كان الجزاء أعمّ ، فلا يلزم انتفاؤه ، نحو : «لو كانت الشمس طالعة كان الضّوء موجودا».

وإذا وليها حينئذ مضارع أوّل بالماضي ، كقوله تعالى : «لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ».(٣)

وتختصّ «لو» ـ مطلقا ـ بالفعل ، فلا تدخل على الاسم. نعم ، تدخل «أنّ» بعدها كثيرا ، كقوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَيْرٌ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) ، (٤) وقول أبي الأسود الدّئلي في رثاء أمير المؤمنين عليه‌السلام :

ولو أنّا سئلنا المال فيه

بذلنا المال فيه والبنينا (٥)

واختلف في «لو» هذه ، فقال الكوفيّون وجماعة من البصريّين : «هي باقية على اختصاصها بالفعل ، و «أنّ» وما دخلت عليه في موضع رفع فاعل ل «ثبت» مقدّرا».

وقال سيبويه وجمهور البصريّين : «زالت عن الاختصاص و «أنّ» وصلتها في موضع رفع مبتدأ ، ولا تحتاج إلى خبر لاشتمال صلتها على المسند والمسند إليه» ، وقيل : «الخبر محذوف ، تقديره : ثابت».

__________________

(١). كنز العمّال : ٣ / ح ٧٧٢٠.

(٢). النساء (٤) : ٩.

(٣). الحجرات (٤٩) : ٧.

(٤). البقرة (٢) : ١٠٣.

(٥). أدب الطفّ : ١ / ١٠٥.

٢٦٦

فصل : لا بدّ ل «لو» الشرطيّة من جواب. وجوابها : إمّا ماض وضعا أو معنى ، فإن كان وضعا ، فهو إمّا مثبت أو منفي ب «ما». فإن كان مثبتا فالأكثر اقترانه باللام ، كقوله تعالى : (وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ) ، (١) ويجوز حذفها ، كقوله تعالى : (لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ) ، (٢) وإن كان منفيّا ب «ما» فالأمر بالعكس ، كقوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا) اقتلوا» (٣) وقول الشاعر :

ولو نعطى الخيار لما افترقنا

ولكن لا خيار مع اللّيالي

وإن كان الجواب ماضيا معنى لم تقترنه اللام ، كقول ابن حمّاد في مدح عليّ عليه‌السلام :

لو لم يكن خير الرجال لم تكن

زوجته فاطمة خير النساء (٤)

أمّا

حرف شرط وتفصيل وتوكيد ، نحو قولك : «هذان فاضلان : أمّا زيد ففقيه وأمّا عمرو فمتكلّم». وأوجبوا حذف شرطها لكونها ـ كما قلنا ـ للتفصيل وهو مقتض للتكرار وذكر الشرط مكرّرا يؤدّي إلى الاستثقال ، فإنّ أصل المثال : «أمّا يكن من شيء في الدّنيا فزيد فقيه وأمّا يكن من شيء في الدّنيا فعمرو متكلّم». وهذا تأكيد وجزم بكون زيد فقيها وعمرو متكلّما ، لجعل الأمرين لازما لوقوع شيء في الدنيا ، ولا بدّ من حصول شيء فيها ما دامت باقية. (٥)

وبعد حذف الشرط وضعوا جزء ممّا بعد الفاء بين أمّا والفاء ، للاحتراز من دخول حرف الشرط على الفاء.

__________________

(١). الأنفال (٨) : ٢٣.

(٢). النساء (٤) : ٩.

(٣). البقرة (٢) : ٢٥٣.

(٤). مناقب آل أبي طالب ، لمحمّد بن شهر آشوب المازندراني : ٢ / ١٨٢.

قال ابن مالك :

لو حرف شرط في مضيّ ويقلّ

إيلاؤها مستقبلا لكن قبل

وإن مضارع تلاها صرفا

إلى المضيّ ، نحو : لو يفي كفى

(٥). وقال جماعة من النحويين : «أمّا» قائمة مقام أداة الشرط وفعل الشرط واستشهد بعض هولاء على ذلك بتفسير سيبويه لقولهم «أمّا زيد فقائم» ب «مهما يكن من شيء فزيد قائم». قال المحقق الرضي رحمه‌الله في شرح الكافيه (٢ / ٣٩٧): «أمّا تفسير سيبويه فليس لأنّ أمّا بمعنى مهما ، كيف ، وهذه حرف و «مهما» اسم ، بل قصده إلى المعنى البحت.

٢٦٧

ولا تحذف الفاء في جواب «أمّا» إلّا لضرورة الشّعر ، نحو قول الشاعر :

فأمّا القتال لا قتال لديكم

ولكنّ سيرا في عراض المواكب (١)

أو عند حذف القول معها ، كقوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ) ، (٢) أي : فيقال لهم : أكفرتم بعد إيمانكم.

ثمّ إنّ معنى الشرط والتوكيد لازمان لها في جميع مواضع استعمالها ، بخلاف معنى التفصيل فإنّها قد تتجرّد منه ، كقول الحسين بن علي عليهما‌السلام : «أمّا بعد فإنّى لا أعلم أصحابا أوفى ولا خيرا من أصحابي. (٣)

لو لا ولو ما الشرطيّتان

هما تدلّان على امتناع شيء لوجود غيره ، ولا يدخلان حينئذ إلّا على المبتدأ ويكون الخبر بعدهما مخذوفا وجوبا كما تقدّم في مبحث المبتدأ والخبر ويذكر بعدهما جواب كجواب «لو» ، نحو قوله تعالى : (لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ) ، (٤) ونحو : «لو لا عليّ لهلك عمر». (٥)

__________________

(١). عراض : جمع «عرض» ، بمعنى الناحية. المواكب : الجماعة ركبانا أو مشاة ، وقيل : ركاب الإبل للزينة خاصّة.

(٢). آل عمران (٣) : ١٠٦.

(٣). الكامل في التاريخ : ٤ / ٥٧.

قال ابن مالك :

أمّا كمهما يك من شيء وفا

لتلو تلوها وجوبا الفا

وحذف ذي الفا قلّ في نثر إذا

لم يك قول معها قد نبذا

(٤). سبأ (٣٤) : ٣١.

(٥). قالها عمر بن الخطّاب في مواضع متعدّدة. راجع : مسند زيد بن علي : ٣٣٥ ، شرح الأزهار ، لأحمد المرتضى : ٤ / ٣٦٤ ، المناقب للخوارزمي : ٤٨ ، الاستيعاب : ٣ / ٣٩ ، تفسير النيسابوري في سورة الأحقاف ، شرح الجامع الصغير ، للشيخ محمد الحنفي : ٤١٧.

قال ابن مالك :

لو لا ولو ما يلزمان الابتدا

إذا امتناعا بوجود عقدا

وبهما التّخضيض مز ، وهلّا

ألّا ، ألا ، وأولينها الفعلا

وقد يليها اسم بفعل مضمر

علّق ، أو بظاهر مؤخّر

٢٦٨

العدد

هو على ثلاثة أقسام :

١ ـ المفرد وهو من الواحد إلى العشرة وعشرون وأخواته والمأة والألف. (١)

٢ ـ المركّب وهو من أحد عشر إلى تسعة عشر. (٢)

٣ ـ المعطوف وهو من واحد وعشرين إلى تسعة وتسعين. (٣)

__________________

(١). لم يكن عند العرب لفظ للعدد إذا جاوز الألف. فكانوا يعبّرون عن المليون بقولهم «ألف ألف» وعن المليار بقولهم «ألف ألف ألف». فإذا شئت أن تستعمل لفظتي المليون والمليار ، فطّبق عليهما كلّ الأحكام الّتي تطبق على لفظتي المأة والألف ، فتقول : «جاء مليون رجل» و «مليار رجل» بجعل المعدود مفردا مجرورا بالإضافة. (المحيط ، لمحمّد الأنطاكي : ٣ / ٦٤).

(٢). قال الاشموني عند شرح قول ابن مالك «الشين فيها [أي : في العشرة] عن تميم كسره» :

أي : مع المؤنّث فيقولون : إحدى عشرة واثنتا عشرة بكسر الشين ، وبعضهم يفتحها وهو الأصل إلّا أنّ الأفصح التسكين وهو لغة الحجاز. وأمّا في التذكير فالشين مفتوحة. وقد تسكن عين عشر فيقال : «أحد عشر» وكذلك أخوانه لتوالي الحركات وبها قرأ أبو جعفر ، وقرأ هبيرة ـ صاحب حفص ـ «اثنا عشر شهرا» وفيها جمع بين ساكنين.

وقال عبّاس حسن في النحو الوافي :

تضبط الشين في كلمة «عشرة» المركّبة كضبطها في المفردة ، فتفتح ـ في أشهر اللغات ـ إن كان المعدود مذكّرا وتسكن إن كان مؤنّثا. فضبط الشين لا يختلف في إفراد ولا تركيب إن اقتصرنا على الأشهر بين لغات متعدّدة.

راجع : حاشية الصبّان على شرح الاشموني : ٤ / ٦٦ ، والنحو الوافي : ٣ / ٤٨٦ ، وشرح الكافية ، للمحقّق الرضي رحمه‌الله : ٢ / ١٥٠ والتصريح على التوضيح : ٢ / ٢٧٤.

(٣). في العدد المفرد والمعطوف تستعمل «واحد» و «واحدة» ، تقول : «رجل واحد» و «امرأة واحدة» و «واحد وعشرون» و «واحدة وعشرون» ، وتأتي في العدد المركّب : «أحد» و «إحدى» مكان «واحد» و «واحدة». وتستعمل «إحدى» خاصّة في المعطوف أيضا ، تقول : «إحدى وعشرون».

٢٦٩

واصول هذه الأعداد اثنتا عشرة كلمة وهي : واحد إلى عشرة ومأة وألف. وما عداها فروع : إمّا بإضافة ك «ثلاث مأة» أو بتثنية ، ك «مأتين» و «ألفين» أو بإلحاق علامة جمع ك «عشرين» وأخواته الجارية مجرى الجمع ، أو بعطف ، ك «ثلاثة وعشرين» ، وكذا «أحد عشر» إلى «تسعة عشرة» ، لأنّ أصلها العطف.

(١)

العدد المفرد

١ ـ للواحد والاثنين حكمان

أحدهما : أنّهما لا يجمع بينهما وبين المعدود ، فلا يقال : «واحد رجل» ولا «اثنا رجلين» لأنّ قولك «رجل» يفيد الوحدة و «رجلان» يفيد الاثنينيّة.

ثانيهما : أنّهما يذكّران مع المذكّر ويؤنّثان مع المؤنث ، تقول : واحد وواحدة واثنان واثنتان أو ثنتان.

٢ ـ الثلاثة إلى العشرة ، ولها حكمان

أحدهما : أنّ معدودها يكون جمعا أو اسم جمع او اسم جنس. (١)

فإن كان اسم جنس ـ ك «شجر» و «تمر» ـ أو اسم جمع ـ ك «قوم» و «رهط» ـ جرّ ب «من» تقول : «ثلاثة من الشجر غرستها» و «عشرة من القوم لقيتهم». وقد يجرّ بإضافة العدد إليه ، كقوله تعالى : «وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ».(٢)

وإن كان جمعا يخفض بإضافة العدد إليه ، وحينئذ فإن كان للمعدود جمع قلة وكثرة فالأكثر إضافته إلى جمع القلّة ، نحو : عندي ثلاثة أفلس». وقد يضاف إلى جمع الكثرة كقوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) ، (٣) فأضاف «ثلاثة» إلى جمع الكثرة مع وجود جمع القلّة ، وهو «أقراء».

فإن لم يكن للاسم إلّا جمع كثرة اضيف إليه ، نحو : «ثلاثة رجال».

__________________

(١). ويستثنى من ذلك ما إذا كان المعدود لفظ «مأة» فيكون مفردا نحو : «ثلاثمأة».

(٢). النمل (٢٧) : ٤٨.

(٣). البقرة (٢) : ٢٢٨.

٢٧٠

وإن لم يكن للاسم جمع تكسير اضيف إلى جمع التصحيح ، نحو : «سَبْعَ بَقَراتٍ».(١) وقد يضاف إليه مع وجود جمع التكسير وذلك في موضعين :

الأوّل : أن يجاور جمع تصحيح اهمل تكسيره ، نحو : (سَبْعَ سُنْبُلاتٍ) ، (٢) فإنّه في القرآن مجاور ل «سبع بقرات» ، مع وجود «سنابل».

الثّاني : أن يقلّ استعمال جمع تكسيره ، نحو : «ثلاث سعادات» ، مع وجود «سعائد» ، لكنّه قليل.

ثانيهما : أنّها تذكّر مع المعدود المؤنّث وتؤنّث مع المعدود المذكّر ، كقوله تعالى :

«سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ».(٣)

والاعتبار في التذكير والتأنيث بحال المفرد إذا كان المعدود جمعا ، فإن كان الواحد مؤنّثا حذف التاء ، نحو : «ثلاث طوالق» و «ثلاث عيون» وإن كان مذكّرا ثبت التاء ، نحو : «أربعة حمّامات» و «ثلاثة رجال». وإن جاء تذكير الواحد وتأنيثه ـ ك «ساق» ـ جاز الوجهان في العدد ، نحو : «خمسة سوق» و «خمس سوق». وأمّا إذا كان المعدود اسمي جنس أو جمع فالاعتبار بحال المعدود. (٤)

__________________

(١). يوسف (١٢) : ٤٣.

(٢). يوسف (١٢) : ٤٣.

(٣). الحاقّة (٦٩) : ٧.

هذا إذا لم يقصد بها العدد المطلق ، وإلّا يجب اقترانها بالتاء في جميع أحوالها نحو : «ثلاثة نصف ستّة».

قال الاشموني والأزهري : «وحينئذ لا تنصرف لأنّها أعلام مؤنّثة ، خلافا لبعضهم».

راجع لتحقيق البحث : شرح الكافية ، للمحقّق الرضي رحمه‌الله : ٢ / ١٤٧ ، وحاشية الصبّان على شرح الاشموني : ٤ / ٦١ ، والتصريح على التوضيح : ٢ / ٢٦٩.

(٤). قال ابن هشام في أوضح المسالك (٣ : ٢١٦): «فيعطى العدد عكس ما يستحقّه ضميرهما ، فتقول «ثلاثة من الغنم» لأنّك تقول : «غنم كثير» بالتذكير ، و «ثلاث من البطّ» لأنّك تقول : «بطّ كثيرة» وتقول : «ثلاثة من البقر» أو «ثلاث» لأنّ في البقر لغتين : التذكير والتأنيث ، قال الله تعالى : (إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا)[البقرة (٢) : ٧٠] ، وقرئ «تشابهت».

وقال المحقّق الرضي رحمه‌الله في شرح الكافية (٢ : ١٥٠): «إن كان مختصّا بجمع المذكّر ـ ك «الرّهط» و «النفر» و «القوم» ، فإنّها بمعنى الرجال ـ فالتاء في العدد واجب ، قال الله تعالى : (وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ)[النمل (٢٧) : ٤٨] ، وقالوا : «ثلاثة رجلة» ـ وهو اسم جمع قائم مقام رجال ـ وإن كان مختصّا بجمع الإناث فحذف التاء واجب ، نحو : «ثلاث من المخاض» لأنّها بمعنى «حوامل النوق». وإن احتملها

٢٧١

وإن كان المعدود صفة نائبة عن الموصوف اعتبر حال الموصوف لا حال الصفة ، كقوله تعالى : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) ، (١) أي : عشر حسنات أمثالها ، ولو لا ذلك لقيل «عشرة» لأنّ المثل مذكّر.

٣ ـ عشرون وأخواته ولها حكمان

أحدهما : أنّ تمييزها مفرد منصوب كتمييز العدد المركّب.

ثانيهما : إنّ ألفاظها تكون بلفظ واحد للمذكّر والمؤنث.

٤ ـ المأة والألف (٢) ولهما حكمان

أحدهما : أنّهما لا تتغيّران بتغيّر المعدود تذكيرا وتأنيثا تقول : «مأة رجل» و «مأة امرأة».

__________________

ك «البطّ» و «الخليل» و «الغنم» و «الإبل» لأنّها تقع على الذكور والإناث ـ فإن نصصت على أحد المحتملين فالاعتبار بذلك النصّ فإن كان ذكورا أثبتت التاء وان كان إناثا حذفتها ، كيف وقع النّص والمعدود ، نحو : «عندي ذكور ثلاثة من الخيل» أو «عندي من الخيل ذكور ثلاثة» أو «عندي من الخيل ثلاثة ذكور» أو «عندي من الخيل ثلاثة ذكور» بالإضافة ، أو «عندي ثلاثة ذكور من الخيل» إلّا أن يقع النصّ بعد المميّز والمميّز بعد العدد ، نحو : «عندي ثلاث من الخليل ذكور» فحينئذ ينظر إلى لفظ المميّز لا النصّ. فإن كان مؤنّثا لا غير ـ كالخيل والإبل والغنم ـ حذفت التاء وإن كان مذكّرا لا غير ـ وما يحضرني له مثال ـ أثبتّها ، إلحاقا للمؤنث من هذا الجنس بجمع المؤنث وللمذكّر منه بجمع المذكّر. وإن جاء تذكيره وتأنيثه ـ كالبطّ والدّجاج ـ جاز إلحاق التاء نظرا إلى تذكيره وحذفها نظرا إلى تأنيثه.

وما لا يدخله معنى التذكير والتأنيث ينظر فيه إلى اللفظ ، فيؤنّث نحو : «خمسة من الضّرب» ويذكّر نحو : «خمس من البشارة» ويجوز الأمران في نحو «ثلاثة من النّخل» ، لأنّه يذكّر ويؤنّث ، قال تعالى : (نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ) ، [القمر (٥٤) : ٢٠] و (نَخْلٍ خاوِيَةٍ) ، [الحاقة (٦٩) : ٧].

وبالتّأمّل في الكلامين يتّضح الفرق بينهما ، فإنّ ابن هشام اعتبر لفظ المعدود من حيث التذكير والتأنيث مع أنّ الاعتبار عند الرضي رحمه‌الله بمعنى المعدود ، إلّا في بعض الموارد. فتأمّل.

(١). الأنعام (٦) : ١٦٠.

(٢). المراد بالمأة والألف هو جنسهما الشامل لمفردهما ولمثنّاهما ولجمعهما ، نحو : «هذه مئو رجل» ، «رأيت آلاف رجل».

ثمّ إنّ المأة لا تجمع مضافا إليها ثلاث وأخواته ، فلا يقال : «ثلاث مآت رجل» بل يقال : «ثلاث مأة رجل». أمّا إذا لم يضف إليها ثلاث وأخواتها جمعت واضيف ذلك الجمع إلى المفرد ، نحو : «مآت رجل».

راجع : شرح الكافية ، المحقق الرضي رحمه‌الله : ٢ / ١٥٤.

٢٧٢

ثانيهما : أنّ مميّزهما يكون مفردا مجرورا بالإضافة. كقوله تعالى : (فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ) ، (١) و «لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ». (٢)

(٢)

العدد المركّب

وله أحكام :

الأوّل : إنّ جزئي العدد المركّب مبنيّان على الفتح إلّا اثني عشر واثنتي عشرة ، فإنّ الجزء الأوّل منهما يعرب إعراب المثنّى وتحذف منه النون. والجزء الثاني يبنى على الفتح ، نحو : «عندي اثنا عشر كتابا» و «كتبت اثنتي عشرة مقالة».

ويستثنى أيضا «ثماني» فيجوز فتح الياء وإسكانها ويقلّ حذفها مع بقاء كسر النون ومع فتحها.

الثاني : الجزء الثاني من العدد المركّب يطابق المعدود في التذكير والتأنيث ، والجزء الأوّل يخالفه إلّا في «أحد عشر» و «اثني عشر» فيطابقه أيضا ، نحو : (إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً) ، (٣) و (فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً) ، (٤) و «عندى ثلاثة عشر رجلا».

الثالث : إنّ تمييز العدد المركّب يكون مفردا منصوبا ، نحو : «أحد عشر رجلا» و «إحدى عشرة امرأة».

__________________

(١). البقرة (٢) : ٢٦١.

(٢). القدر (٩٧) : ٣.

وممّا ذكرنا يعلم أنّ العدد المفرد على قسمين : مضاف ، ك «ثلاثة» وغير مضاف ك «عشرين». وعلى هذا فيمكن تقسيم العدد إلى أربعة أقسام : مضاف ومركب ومفرد ومعطوف ، كما في شرح ابن عقيل (٢ : ٤١١).

وقسّم جماعة من المتأخّرين العدد إلى أربعة أقسام : مفرد ومركب وعقود ومعطوف.

ومرادهم من العقود : عشرون وبابه ، وحيث إنّ مرادنا بالمفرد ما يقابل المركّب والمعطوف ـ فيشمل العقود ـ فلا وجه لانفراد عشرين وأخواته وذكرها بعنوان العقود.

(٣). يوسف (١٢) : ٤.

(٤). البقرة (٢) : ٦٠.

٢٧٣

تنبيه : يجوز في العدد المركّب ـ ما عدا اثني عشر واثنتي عشرة ـ إضافته إلى غير مميّزها ، (١) فحينئذ يبقى الجزءان على بناءهما عند البصريّين فيقال : «هذه خمسة عشرك» و «مررت بخمسة عشرك». وحكى سيبويه عن بعض العرب إعراب العجز مع بقاء الصدر على بنائه ، فيقال : «هذه خمسة عشرك».

(٣)

العدد المعطوف

وله حكمان :

الأوّل : إنّ تمييزه مفرد منصوب ، نحو : عندي أحد وعشرون رجلا» و «اثنتان وعشرون امرأة».

الثاني : إنّ الجزء الأوّل منه إن كان الواحد أو الاثنين يطابق المعدود في التذكير أو التأنيث كما تقدّم ، وإن كان الثلاثة إلى التسعة يخالفه ، نحو : «عندي ثلاثة وعشرون رجلا» و «ثلاث وعشرون امرأة». والجزء الثاني منه يكون بلفظ واحد للمذكّر والمؤنّث. (٢)

__________________

(١). قال الأزهري : «إنّما لم يضف اثنا عشر واثنتا عشرة لأنّ ما بعد اثنين واثنتين واقع موقع النون ، فكما أنّ الإضافة تمتنع مع النون ، فكذلك تمتنع مع ما وقع موقعها. ولا كذلك الباقي». التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٧٥.

(٢). قال ابن مالك :

ثلاثة بالتاء قل للعشره

في عدّ ما آحاده مذكّره

في الضّدّ جرّد ، والمميّز اجرر

جمعا بلفظ قلّة في الأكثر

ومأة والألف للفرد أضف

ومأة بالجمع نزرا قد ردف

وأحد اذكر وصلنه بعشر

مركّبا قاصد معدود ذكر

وقل لدى التأنيث إحدى عشر

والشّين فيها عن تميم كسره

ومع غير أحد وإحدى

ما معهما فعلت فافعل قصدا

ولثلاثة وتسعة وما

بينهما إن ركّبا ما قدّما

٢٧٤

تنبيهات

الأوّل : إذا ميّز العدد المفرد بتمييزين أحدهما مذكّر والآخر مؤنّث ، روعي في تأنيث العدد وتذكيره السابق منهما ، نحو : «عندي سبعة رجال وفتيات» و «سبع فتيات ورجال» ، (١) قال الاشموني : «ولا يضاف عدد أقلّ من ستّة إلى مميّزين مذكّر ومؤنّث لأنّ كلّا من المميّزين جمع وأقلّ الجمع ثلاثة». (٢)

وإذا ميّز العدد المركّب بتمييزين أحدهما مذكّر والآخر مؤنّث ، يعتبر حال المذكّر ، تقدّم أو تأخّر ، إن كان لعاقل ، نحو : «عندي خمسة عشر رجلا وامرأة» أو «امرأة ورجلا». وإن كان لغير عاقل يعتبر حال السابق منهما بشرط الاتّصال ، نحو : «عندي خمسة عشر جملا وناقة» و «خمس عشرة ناقة وجملا» ومع الانفصال روعي المؤنّث عند جماعة ، (٣) نحو : «عندي ستّ عشرة ما بين ناقة وجمل» أو «ما بين جمل وناقة». وصرّح المحقّق الرضي رحمه‌الله باعتبار المذكّر. (٤)

وأمّا العدد المعطوف فحكى الصبّان عن الدماميني أنّ القياس يقتضني أنّه كالعدد المركّب. (٥)

الثاني : قال ابن مالك في شرح الكافية : لبضعة وبضع حكم تسعة وتسع في الإفراد والتركيب وعطف عشرين وأخواته عليه ، نحو : «لبثت بضعة أعوام وبضع سنين» و «عندى بضعة عشر غلاما وبضع عشرة أمة وبضعة وعشرون كتابا وبضع وعشرون

__________________

وأول عشرة اثنتي ، وعشرا

اثني ، إذا انثى تشا أو ذكرا

واليا لغير الرّفع ، وارفع بالألف

والفتح في جزءي سواهما الف

وميّز العشرين للتّسعينا

بواحد ، كأربعين حينا

وميّزوا مركّبا بمثل ما

ميّز عشرون فسوّينهما

وإن اضيف عدد مركّب

يبقى البنا ، وعجز قد يعرب

(١). راجع : النحو الوافي : ٤ / ٥٠٢ وحاشية الصبّان على شرح الاشموني : ٤ / ٧٠.

(٢). حاشية الصبّان على شرح الاشموني : ٤ / ٧١.

(٣). راجع : حاشية الصبّان على شرح الاشموني : ٤ / ٧١ ؛ همع الهوامع : ٢ / ١٥١ ؛ معجم القواعد العربيّة : ٣١٨.

(٤). شرح الكافية : ٢ / ١٥٦.

(٥). حاشية الصبّان على شرح الاشموني : ٤ / ٧١.

٢٧٥

صحيفة». ويراد ببضعة من ثلاثة إلى تسعة وببضع من ثلاث إلى تسع. (١)

الثالث : إنّ صدر العدد المركّب يسمّى نيّفا ، وعجزه يسمّى عقدا. وقد تدلّ كلمة «نيّف» على عدد مبهم ، معطوف على عقد من العقود العدديّة أو مأة أو ألف ، فيقال : «عشرة ونيّف» و «مأة ونيّف» و «ألف ونيّف».

قال جماعة من أهل اللغة : «كلّ ما زاد على العقد فنيّف إلى أن يبلغ العقد الثاني» ، وحكي عن أبي العبّاس أنّ النّيف من واحد إلى ثلاثة. (٢)

الرابع : إذا قصد تعريف العدد فإن كان مفردا غير مضاف ادخلت «ال» عليه ، نحو : «عندي العشرون رجلا».

وإن كان مفردا مضافا فعلى المضاف إليه نحو : «جاء خمسة الرّجال». وجوّز الكوفيّون دخول حرف التعريف على المضاف والمضاف إليه معا.

وإن كان مركّبا ادخلت على جزئه الأوّل ، نحو : «عندي الأحد عشر درهما». وأجاز الأخفش والكوفيّون دخول حرف التعريف على الجزئين.

وإن كان معطوفا ادخلت على كلّ جزء من أجزائه ، نحو : جاء الخمسة والعشرون رجلا. (٣)

الخامس : في قراءة العدد طريقان :

الأوّل : تقديم الألوف على المآت ، والمآت على الآحاد ، والآحاد على العشرات. وهو الغالب.

الثاني : تقديم الآحاد على العشرات ، والعشرات على المآت ، والمآت على الالوف.

فيقال في (١١٢٥) على الأوّل : «جاء ألف ومأة وخمسة وعشرون رجلا». وعلى

__________________

(١). حكى عنه الاشموني في شرحه على ألفية بن مالك.

وقيل : «مسمّى البضع والبضعة أربعة وثمانية وما بينهما» وقيل : «الواحد والعشرة وما بينهما» وقيل : «أربعة وتسعة وما بينهما» وقيل غير ذلك. راجع : حاشية الصبّان على شرح الاشموني : ٤ / ٧٢.

(٢). راجع : لسان العرب ، مادّة «نوف».

(٣). راجع : حاشية الصبّان على شرح الاشموني : ١ / ١٨٧. وشرح الكافية للمحقّق الرضي رحمه‌الله : ٢ / ١٥٦. والمحيط في أصوات العربية ونحوها وصرفها : ٣ / ٥٤.

٢٧٦

الثاني : «جاء خمسة وعشرون ومأة وألف رجل».

السادس : الليل في تاريخ العرب مقدّم على اليوم لأنّ السنين عندهم مبنيّة على الشهور القمريّة ، فأوّل الشهر عندهم الليل. فيقال في أوّل ليلة من الشهر : «كتب لأوّل ليلة منه أو لغرّته» وفي اليوم الأوّل : «كتب لليلة خلت» وعلى هذا القياس إلى أن ينتصف الشهر. فيقال : «كتبت للنصف منه» أو «لخمس عشرة ليلة خلت» أو «لخمس عشرة ليلة بقيت» ، والأوّل أجود.

ثمّ يقال : «كتبت لستّ عشرة ليلة خلت» أو أربع عشرة ليلة بقيت» ، وهكذا إلى أن بقي نهار اليوم الأخير فيقال : «كتبت لآخر يوم منه أو لسلخه او انسلاخه».

صياغة العدد على وزن فاعل

يصاغ من «اثنين» إلى «عشرة» وما بينهما اسم موازن ل «فاعل» ، كما يصاغ من «فعل» ، فيقال : ثان وثالث ورابع ، إلى عاشر ، ويجب فيه أن يذكّر مع المذكّر ويؤنّث مع المؤنّث. وأمّا «واحد» فقال جماعة : «إنّه اسم وضع على ذلك من أوّل الأمر ، فقيل في المذكّر : واحد ، وفي المؤنّث : واحدة». وقال المحقّق الرضي رحمه‌الله : «إنّه اسم فاعل من وحد يحد وحدا بمعنى انفرد ، فالواحد بمعنى المنفرد». (١)

ويستعمل اسم الفاعل المذكور ـ بحسب المعنى المراد ـ على سبعة أوجه :

أحدها : أن يستعمل مفردا ليفيد الاتّصاف بمعنى العدد الذي كان أصلا للاشتقاق ، أي : ليفيد الترتيب. فتقول : ثان ، ثالث ، رابع ...

الثاني : أن يستعمل مع أصله الّذي اشتقّ منه ليفيد أنّ الموصوف به بعض تلك العدّة المعيّنة ، فتقول : «هذا خامس خمسة» ، أي : هذا بعض جماعة منحصرة في خمسة. أي : أنّه أحد من خمسة من دون دلالة على ترتيب. كقوله تعالى : «إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ».(٢) و «لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ».(٣)

__________________

(١). شرح الكافية : ٢ / ١٤٦.

(٢). التوبة (٩) : ٤٠.

(٣). المائدة (٥) : ٧٣.

٢٧٧

وذهب الجمهور إلى أنّه يجب إضافة الأوّل إلى الثاني. وذهب الأخفش وقطرب والكسائي وثعلب إلى أنّه يجوز إضافة الأوّل إلى الثاني ونصبه إيّاه كما يجوز في «ضارب زيد» فيقولون : «ثان اثنين وثالث ثلاثة».

وفصّل بعضهم فقال : يجوز النصب في «ثان» دون غيره.

الثالث : أن يستعمل مع ما دون أصله ليفيد معنى التصيير ، فتقول : «هذا رابع ثلاثة» أي «جاعل الثلاثة أربعة». قال الله تعالى : «ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ».(١) ويجوز حينئذ إضافته وإعماله كما يجوز في «جاعل» و «مصيّر» ونحوهما.

ولا يستعمل بهذا الاستعمال «ثان» فلا يقال : «ثاني واحد» ولا «ثان واحدا» ، وأجازه الكسائي.

الرابع : أن يستعمل مع العشرة ليفيد الاتّصاف بمعناه مقيّدا بمصاحبة العشرة ، أي : ليفيد الترتيب ، فتقول : «ثاني عشر» في المذكّر و «ثانية عشرة» في المؤنّث ، وكذا البواقى.

الخامس : أن يستعمل مع العشرة ليفيد معنى «ثاني اثنيين». وهو انحصار العدّة في ما ذكر. ويجوز فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : أن تجيء بتركيبين ، صدر أوّلهما «فاعل» في المذكّر و «فاعلة» في المؤنث ، وعجزهما «عشر» في المذكّر و «عشرة» في المؤنث ، وصدر الثاني منهما «أحد واثنان وثلاثة إلى تسعة» في المذكّر و «إحدى واثنتان وثلاث إلى تسع» في المؤنث ، نحو : «هذا ثالث عشر ثلاثة عشر» و «هذه ثالثة عشرة ثلاث عشرة» و... وتكون الكلمات الأربع مبنيّة على الفتح.

الثانى : أن يقتصر على صدر المركّب الأوّل ، فيعرب ويضاف إلى المركّب الثاني ، باقيا على بناء جزأيه ، نحو : هذا ثالث ثلاثة عشر» و «هذه ثالثة ثلاث عشرة».

الثالث : أن يحذف العقد من الأوّل والنّيف من الثاني ، فيقال : حادي عشر إلى تاسع

__________________

(١). المجادلة (٥٨) : ٧.

٢٧٨

عشر في المذكّر وحادية عشرة إلى تاسعة عشرة في المؤنّث.

وفيه وجهان :

أحدهما : أن يعرب الأوّل ويبنى الثاني.

ثانيهما : أن يعربا معا. فيعرب الأوّل بمقتضى العوامل ويجرّ الثاني بالإضافة.

السّادس : أن يستعمل مع العشرة لإفادة معنى التصيير ك «رابع ثلاثة». تقول : «هذا رابع عشر ثلاثة عشر». أجاز ذلك سيبويه ومنعه بعضهم.

السابع : أن يستعمل مع العشرين وأخواتها ، لإفادة الترتيب وغيره ممّا ذكر. ويذكّر مع المذكّر ويؤنّث مع المؤنّث. فيقال : «هذا ثالث وعشرون» و «هذه ثالثة وعشرون». (١)

كنايات العدد

وهي كم وكأيّن وكذا.

كم : هي اسم لعدد مبهم ولا بدّ لها من تمييز ، نحو : «كم رجلا عندك»؟ وقد تحذف للدلالة عليه ، نحو : «كم صمت»؟ أي : كم يوما صمت؟

وتنقسم إلى استفهاميّة وخبريّة.

أمّا الاستفهاميّة فهي بمعنى «أيّ عدد» ومميّزها مفرد منصوب ، نحو : «كم درهما قبضت»؟ وأجاز الكوفيّون جمعه. ويجوز جرّه ب «من» مضمرة إن وليت «كم» حرف

__________________

(١). قال ابن مالك :

وصغ من اثنين فما فوق إلى

عشرة كفاعل من فعلا

واختمه في التّأنيث بالتّا ومتى

ذكّرت فاذكر فاعلا بغير تا

وإن ترد بعض الّذي منه بني

تضف إليه مثل بعض بيّن

وإن ترد جعل الأقلّ مثل ما

فوق فحكم جاعل له احكما

وإن أردت مثل ثاني اثنين

مركّبا فجىء بتركيبين

أو فاعلا بحالتيه أضف

إلى مركّب بما تنوي يفي

وشاع الاستغنا بحادي عشرا

ونحوه ، وقبل عشرين اذكرا

وبابه الفاعل من لفظ العدد

بحالتيه قبل واو يعتمد

٢٧٩

جرّ ، نحو : «بكم درهم اشتريت كتابك»؟

وأمّا الخبريّة فهي بمعنى «كثير» وتميّز بمجرور مفرد أو مجموع ، نحو : «كم رجال جاؤوني» و «كم رجل جاءني».

ومثل «كم» ـ في الدلالة على التكثير ـ كذا وكأين ، ومميّز «كأيّن» مجرور ب «من» غالبا نحو قوله تعالى : «وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ».(١) وقد ينصب كقول الشاعر :

اطرد اليأس بالرّجا فكأيّن

آلما حمّ يسره بعد عسر (٢)

ومميّز «كذا» منصوب ولا يجوز جرّه ب «من» اتّفاقا ولا بالإضافة ، خلافا للكوفيّين ، أجازوا في غير تكرار ولا عطف أن يقال : «كذا ثوب وكذا أثواب». (٣)

__________________

(١). آل عمران (٣) : ١٤٦.

(٢). آلما : اسم من قولهم : «ألم فلان من كذا يألم ألما» من باب «تعب يتعب تعبا». حمّ : قدّر وكتب.

(٣). قال ابن مالك :

ميّز في الاستفهام «كم» بمثل ما

ميّزت عشرين ك «كم شخصا سما»

وأجز أن تجرّه «من» مضمرا

إن وليت «كم» حرف جرّ مظهرا

واستعملنها مخبرا كعشره

أو مأة ، ك «كم رجال أو مره»

ككم كأي وكذا وينتصب

تمييز ذين ، أو به صل «من» تصب

٢٨٠