القواعد النحويّة

السيد قاسم الحسيني الخراساني ومحمود الملكي الإصفهاني

القواعد النحويّة

المؤلف:

السيد قاسم الحسيني الخراساني ومحمود الملكي الإصفهاني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مديرية العامة للحوزة العلمية في قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٣١٢

أفعل التفضيل

يبنى أفعل التفضيل من الأفعال الّتي يصاغ التعجّب منها ، تقول : «زيد أفضل من عمرو». وعلى هذا فلا يصاغ من فعل زائد على ثلاثة أحرف ك «استخرج ودحرج» ولا من فعل غير متصرّف ك «نعم» ولا من فعل لا يقبل المفاضلة ك «مات» ولا من فعل ناقص ك «كان» ولا من فعل منفي ك «ما قام» ولا من فعل يأتي الوصف منه على «أفعل فعلاء» نحو : «عور» ولا من فعل مبنيّ للمفعول نحو : «ضرب».

وشذّ قولهم : «هو أخصر من كذا» فبنوا «أفعل التفضيل من «أختصر» وهو زائد على ثلاثة أحرف ومبنيّ للمفعول ، وقولهم «أبيض من اللّبن» المبنيّ من فعل يكون الوصف منه على «أفعل».

ويتوصّل إلى التفضيل ممّا لم يستوف الشروط بذكر مصدره منصوبا على التمييز بعد كلمة «أشدّ» أو أكثر أو نحوهما ممّا يدّل على الكثرة ، تقول : «هو أشدّ استخراجا من زيد» و «هو أشدّ حمرة من بكر». (١)

ولاسم التفضيل ثلاثة أحوال :

الأوّل : أن يكون مجرّدا من «ال» والإضافة. فيجب كونه مفردا مذكّرا متّصلا ب «من» لفظا أو تقديرا ، نحو : «زيد أفضل من عمرو» وقوله تعالى : «أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً».(٢) أي : أعزّ منك.

__________________

(١). واستثنى بعضهم المجهول والمنفي. وفيه بحث. راجع : حاشية الخضري على شرح ابن عقيل (٢ / ٤٦ و ٤٧) وحاشية الصبّان على شرح الاشموني : (٣ / ٤٤) والتصريح على التوضيح (٢ / ١٠٢).

قال ابن مالك :

صغ من مصوغ منه للتّعجّب

أفعل للتّفضيل واب اللّذ ابي

وما به إلى تعجّب وصل

لمانع به إلى التّفضيل صل

(٢). الكهف (١٨) : ٣٤.

٢٠١

ولا يجور تقديم من ومجرورها على اسم التفضيل إلّا إذا كان المجرور بها اسم استفهام أو مضافا إلى اسم استفهام فيجب حينئذ تقديمهما عليه ، نحو : «ممّن أنت خير؟ ومن أيّهم أنت أفضل؟ ومن غلام أيّهم أنت أفضل؟». وقد ورد التقديم شذوذا في غير الاستفهام كقول الشاعر :

إذا سايرت أسماء يوما ظعينة

فأسماء من تلك الظّعينة أملح (١)

الثاني : أن يكون محلّى ب «ال» فيجب أن يكون مطابقا لموصوفه في الإفراد والتذكير وغيرهما ، نحو : «زيد الأفضل» و «هند الفضلى» و «الزيدان الأفضلان» و «الهندات الفضليات». ولا يؤتى معه ب «من» فلا تقول : «زيد الأفضل من عمرو».

الثالث : أن يكون مضافا ، فإن كانت إضافته إلى نكرة يجب أن يكون مفردا مذكّرا كالمجرّد ، ويلزم في المضاف إليه أن يطابق الموصوف ، نحو : «الزيدان أفضل رجلين» و «هند أفضل امرأة» و «الزيدون أفضل رجال» وأمّا قوله تعالى (وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ) ، (٢) فقيل : إنّ التقدير : أوّل فريق كافر.

وإن كانت الإضافة إلى معرفة فإن لم يقصد التفضيل أو قصد التفضيل مطلقا تجب المطابقة ، نحو : «زيد وعمرو أعلما قومهم» أي : عالماهم ، بناء على عدم وجود عالم غيرهما في القوم.

وقولك : «نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله أفضل قريش» ، أي : أفضل الناس من بين قريش.

وإن قصد التفضيل على خصوص المضاف إليه جازت المطابقة وعدمها ، نحو : «الزيدان أعلما الناس أو أعلمهم». (٣)

__________________

(١). «سايره» : سار معه وجاراه. «الظّعينة» : أصله الهودج تكون فيها المرأة ثمّ نقل إلى المرأة في الهودج بعلاقة الحالّ والمحلّ ثمّ توسّعوا فيه فأطلقوه على المرأة مطلقا ، راكبة أو غير راكبة.

(٢). البقرة (٢) : ٤١.

(٣). قال ابن مالك :

وأفعل التّفضيل صله أبدا

تقديرا أو لفظا بمن إن جرّدا

وإن لمنكور يضف أو جرّدا

ألزم تذكيرا وأن يوحّدا

وتلو أل طبق وما لمعرفه

أضيف ذو وجهين عن ذي معرفه

٢٠٢

فصل : يرفع أفعل التفضيل الضمير المستتر في كلّ لغة ، نحو : «زيد أفضل من عمرو». ورفعه للظاهر والضمير المنفصل قليل. ويطّرد ذلك إذا حلّ محلّ الفعل وذلك إذا سبقه نفى أو شبهه وكان مرفوعه أجنبيّا مفضّلا على نفسه باعتبارين ، نحو : «ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد» ، فإنّه يجوز أن يقال : «ما رأيت رجلا يحسن في عينه الكحل كحسنه في عين زيد».

والأصل أن يقع هذا الظاهر بين ضميرين ، أوّلهما للموصوف وثانيهما للظّاهر كما تقدّم. وقد يحذف الضمير الثاني وتدخل «من» إمّا على الظاهر ، نحو : «من كحل عين زيد» أو محلّه ، نحو : «من عين زيد» أو ذي المحلّ ، نحو «من زيد». وممّا جاء من كلامهم : «ما أحد أحسن به الجميل من زيد» والأصل «من حسن الجميل بزيد» ، ثمّ أضيف الجميل إلى زيد ثمّ حذف المضاف الأوّل ثمّ الثاني. (١)

خاتمة : يعمل اسم التفضيل في التمييز والحال والظّرف ولا يعمل في المفعول المطلق ولا في المفعول معه وأمّا المفعول به فقال ابن مالك في شرح الكافية : أجمعوا على أنّه لا ينصب المفعول به فإن وجد ما يوهم جواز ذلك جعل نصبه بفعل مقدّر يفسّره أفعل ، نحو : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ)(٢) فحيث هنا مفعول به لا مفعول فيه وهو في موضع نصب بفعل مقدّر يدلّ عليه أعلم. وأجاز بعضهم أن يكون أفعل هو العامل لتجرّده من معنى التفضيل».

__________________

هذا إذا نويت معنى من وإن

لم تنو فهو طبق ما به قرن

وإن تكن بتلو من مستفهما

فلهما كن أبدا مقدّما

كمثل ممّن أنت خير ولدى

إخبار التّقديم نزرا وردا

 (١). قال ابن مالك :

ورفعه الظّاهر نزر ومتى

عاقب فعلا فكثيرا ثبتا

(٢). الأنعام (٦) : ١٢٤.

٢٠٣
٢٠٤

التوابع

الأشياء الّتي تتبع ما قبلها في الإعراب خمسة :

١ ـ النعت

٢ ـ التوكيد

٣ ـ عطف البيان

٤ ـ عطف النّسق

٥ ـ البدل.

٢٠٥
٢٠٦

(١)

النعت

عرّفه ابن مالك بأنّه التابع الّذي يكمّل متبوعه بدلالته على معنى فيه أو فيما يتعلّق به ، نحو : «مررت برجل كريم» و «مررت برجل كريم أبوه».

والمراد بالمكمّل الموضح للمعرفة ك «جاء زيد التاجر» والمخصّص للنّكرة ، نحو : «جاء رجل تاجر».

وقد يكون النعت للمدح ، نحو : «بسم الله الرّحمن الرّحيم» وللذّم ، نحو : «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» ، وللترّحّم ، نحو : «اللهم أنا عبدك المسكين» وللتأكيد ، نحو قوله تعالى : «فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ».(١)

ويجب مطابقة النعت للمنعوت في الإعراب والتعريف أو التنكير ، نحو : «جائنى رجل عالم» و «جائنى زيد العالم». (٢)

أمّا مطابقته للمنعوت في الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث ، فحكمه فيها حكم الفعل.

فإن رفع النعت ضميرا مستترا طابق المنعوت فيها أيضا ، نحو : «زيد رجل عالم» و «الزيدان رجلان عالمان» و «الزيدون رجال عالمون» و «هند امرأة عالمة» و «الهندان امرأتان عالمتان» و «الهندات نساء عالمات».

__________________

(١). الحاقّة (٦٩) : ١٣.

(٢). قال ابن مالك :

يتبع في الإعراب الأسماء الأول

نعت وتوكيد وعطف وبدل

فالنّعت تابع متمّ ما سبق

بوسمه أو وسم ما به اعتلق

وليعط في التعريف والتنكير ما

لما تلا ك «امرر بقوم كرما»

٢٠٧

وإن رفع النعت ظاهرا كان بالنسبة إلى التذكير والتأنيث على حسب ذلك الظاهر. فإن اسند إلى مؤنث أنّث وإن كان المنعوت مذكّرا ، وإن اسند إلى مذكّر ذكّرو إن كان المنعوت مؤنثا. وأمّا في التثنية والجمع فيكون مفردا وإن كان المنعوت بخلافه.

وببيان آخر : النعت إن كان بحال المنعوت ـ ويسمّى حقيقيّا ـ يتبعه مطلقا وإن كان بحال متعلّقه ـ ويسمّى سببيّا ـ يتبعه في الإعراب والتعريف أو التنكير ، أمّا في البواقي فإن رفع ضمير المنعوت فموافق أيضا نحو : «جاءني امرأة كريمة الأب ورجلان كريما الأب ورجال كرام الأب». وإلّا فكالفعل ، نحو : «جائني رجل حسنة جاريته» و «لقيت امرأتين حسنا عبداهما».

الأشياء الّتي ينعت بها

هي أربعة :

الأوّل : المشتقّ ، والمراد به ما دلّ على حدث وفاعله ، كاسم الفاعل واسم المفعول.

الثاني : الجامد المؤوّل بالمشتقّ ، كاسم الإشارة ، نحو : «مررت بزيد هذا» أي : المشار إليه.

الثالث : الجملة ، بشرطين :

الأوّل : أن تكون خبريّة نحو : «مررت برجل أبوه قائم» فلا يجوز «مررت برجل اضربه» ولا «مررت بعبد بعتكه» قاصدا لإنشاء البيع. فإن جاء ما ظاهره ذلك يؤوّل على إضمار القول ، نحو :

حتّى إذا جنّ الظّلام واختلط

جاؤوا بمذق هل رأيت الذّئب قط

أي : جاؤوا بلبن مخلوط بالماء مقول عند رويته هذا الكلام.

الثاني : أن تكون مشتملة على رابط يربطها بالمنعوت ، وهو إمّا مذكور نحو : (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ)(١) أو مقدّر نحو : «وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً». (٢)

وإنّما تقع الجملة نعتا للنكرة كما تقدّم أو المعرّف بالألف واللام الجنسيّة ، نحو :

__________________

(١). البقرة (٢) : ٢٨١.

(٢). البقرة (٢) : ١٢٣.

٢٠٨

ولقد أمرّ على اللّئيم يسبّني

فمضيت ثمّت قلت لا يعنيني

الرابع : المصدر ، نحو : «هذا رجل عدل» ، ويلزم حينئذ الإفراد والتذكير ، تقول «مررت برجلين عدل وبرجال عدل وبامرأة عدل و...». وذلك عند الكوفيّين على التأويل بالمشتقّ ، أي : عادل ، وعند البصريّين على تقدير مضاف ، أي : ذو عدل. (١)

فصل : إذا نعت غير الواحد ـ وهو المثني والمجموع ـ فإن اختلف النعت وجب التفريق بالعطف ، فتقول : «مررت بالزّيدين الكريم والبخيل» و «مررت برجال فقيه وكاتب وشاعر» وإن اتّفق جيء به مثنّى أو مجموعا ، نحو : «مررت برجلين فاضلين وبرجال فضلاء».

وإذا نعت معمولان لعاملين متحدّي المعنى والعمل جاز الإتباع ، نحو : «ذهب زيد وانطلق عمرو العاقلان» و «حدّثت زيدا وكلّمت عمرا الكريمين» و «مررت بزيد وجزت على عمرو الصالحين».

فإن اختلف معنى العاملين أو عملهما ـ وجب القطع ، فتقول : «جاء زيد وذهب عمرو العالمين ـ بالنصب على إضمار فعل ، أي : أعني العالمين ـ و «العالمان» بالرفع على إضمار مبتدأ ، أي : هما العالمان ، وتقول : «انطلق زيد وكلّمت عمرا الصالحين» أي : أعني الصالحين ، أو «الصالحان» أي هما الصالحان.

وإذا تكرّرت النعوت لواحد فإن كان المنعوت لا يعرف إلّا بذكر جميعها وجب إتباعها كلّها فتقول : «مررت بزيد الفقيه الشاعر الكاتب». وإن كان المنعوت معيّنا بدونها كلّها ، جاز إتباعها جميعا وقطعها جميعا وإتباع بعضها وقطع بعض آخر بشرط تقديم النعت التابع على النعت المقطوع ، نحو : «أعوذ بالله السميع العليم».

__________________

(١). قال ابن مالك :

وانعت بمشتقّ كصعب ودرب

وشبهه كذا وذي والمنتسب

ونعتوا بجملة منكّرا

فاعطيت ما أعطيته خبرا

وامنع هنا إيقاع ذات الطّلب

وإن أتت فالقول أضمر تصب

ونعتوا بمصدر كثيرا

فالتزموا الإفراد والتّذكيرا

٢٠٩

وإن كان معيّنا ببعضها دون بعض وجب الإتباع في الأوّل وجاز الأمران في الثاني. (١)

تنبيه : يجوز حذف المنعوت أو النعت مع القرينة وهو كثير في المنعوت ، نحو قوله تعالى : (أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ) ، (٢) أي : دروعا سابغات ، وقليل في النعت ، ومنه قوله تعالى : (يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً) ، (٣) أي : صحيحة أو غير معيبة. (٤)

__________________

(١). قال ابن مالك :

ونعت غير واحد إذا اختلف

فعاطفا فرّقه لا إذا ائتلف

ونعت معمولى وحيدى معنى

وعمل أتبع بغير استثنا

وإن نعوت كثرت وقد تلت

مفتقرا لذكرهنّ أتبعت

واقطع أو اتبع إن يكن معيّنا

بدونها أو بعضها اقطع معلنا

وارفع أو انصب إن قطعت مضمرا

مبتدءا أو ناصبا لن يظهرا

(٢). سبأ (٣٤) : ١١.

(٣). الكهف (١٨) : ٧٩.

(٤). مجمع البيان : ٦ / ٤٣٠.

قال ابن مالك :

وما من المنعوت والنّعت عقل

يجوز حذفه وفي النّعت يقل

٢١٠

(٢)

التوكيد

عرّفه ابن مالك في شرح الكافية بأنّه تابع يقصد به كون المتبوع على ظاهره.

وهو قسمان : لفظي وسيأتي ومعنوي وهو على ضربين :

الأوّل : ما يؤكّد به لرفع المجاز عن الذّات وله لفظان : النفس والعين. وذلك نحو : «جاء زيد نفسه» ، ف «نفسه» يرفع توهّم أن يكون الجائي خبر زيد أو رسوله.

ولا بدّ من إضافة النفس أو العين إلى ضمير يطابق المؤكّد ، نحو : «جاء زيد نفسه وهند نفسها».

ثمّ إن كان المؤكّد مثنىّ أو مجموعا جمعتهما على أنفس وأعين ، فتقول : «جاء الزيدان أنفسهما والزيدون أنفسهم». وقيل بجواز الإفراد والتثنية في المثنّى ، نحو : «جاء الزيدان نفسهما أو نفساهما». والجمع أفصح. (١)

الثاني : ما يرفع توهّم عدم إرادة الشمول. وألفاظه : كلا وكلتا للمثنّى وكلّ وجميع وعامّة لغيره. ولا بدّ من إضافتها إلى ضمير يطابق المؤكّد. فيؤكّد ب «كلا» المثنّى المذكّر ، نحو : «جاء الزّيدان كلاهما» ، وب «كلتا» المثنّى المؤنث نحو : «جاءت الهندان كلتاهما».

ويؤكّد ب «كلّ وجميع وعامّة» ذو أجزاء يصحّ افتراقها حسّا أو حكما ، نحو : «أكرمت القوم كلّهم» و «اشتريت العبد كلّه» ، فلا يجوز «جاء زيد كلّه». (٢)

__________________

(١). قال ابن مالك :

بالنّفس أو بالعين الاسم أكّدا

مع ضمير طابق المؤكّدا

واجمعهما بأفعل إن تبعا

ما ليس واحدا تكن متّبعا

(٢). قال ابن مالك :

وكلّا اذكر في الشّمول وكلا

كلتا جميعا بالضّمير موصلا

واستعملوا أيضا ككلّ فاعله

من عمّ في التّوكيد مثل النّافله

٢١١

فصل : إذا اريد تقوية التوكيد جيء ب «أجمع» بعد «كلّه» وب «جمعاء» بعد «كلّها» وب «أجمعين» بعد «كلّهم» وب «جمع» بعد «كلّهن». وقد يؤكّد بهنّ وإن لم يتقدّم كلّ ، نحو قوله تعالى : «لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ».(١) ولا يجوز تثنية «أجمع» ولا «جمعاء» عند البصريّين استغناء ب «كلا» و «كلتا» كما استغنوا بتثنية «سيّ» عن تثنية «سواء» وأجازه الكوفيّون والأخفش فتقول : «جائني الزيدان أجمعان» و «الهندان جمعاوان».

ويجوز بعد «أجمع» التوكيد ب «أكتع» ف «أبصع» ف «أبتع» وبعد «جمعاء» ب «كتعاء» ف «بصعاء» ف «بتعاء» وبعد «أجمعين» ب «أكتعين» ف «أبصعين» ف «أبتعين» وبعد «جمع» ب «كتع» و «بصع» و «بتع». وشذّ مجيء ذلك على خلاف هذا. (٢)

فصل : لا يجوز توكيد النكرة عند البصريّين ، سواء كانت محدودة ك «يوم» و «ليلة» و «شهر» ؛ أو غير محدود ك «وقت» و «حين» و «زمن». وذهب الكوفيّون إلى جواز توكيد النكرة المحدودة لحصول الفائدة بذلك ، نحو : «صمت شهرا كلّه». (٣)

فصل : إذا أكّد الضمير المرفوع المتّصل بالنفس أو العين ، وجب توكيده أوّلا بالضمير المنفصل نحو : «قوموا أنتم أنفسكم أو أعينكم» ، بخلاف «قام الزيدون أنفسهم» فيمتنع الضمير وبخلاف «ضربتهم أنفسهم» و «مررت بهم أنفسهم» و «قاموا كلّهم» فالضمير جائز لا واجب. (٤)

__________________

(١). ص (٣٨) : ٨٢.

(٢). قال ابن مالك :

وبعد كلّ أكّدوا بأجمعا

جمعاء أجمعين ثمّ جمعا

ودون كلّ قد يجىء أجمع

جمعاء أجمعون ثمّ جمع

وقال أيضا :

واغن بكلتا في مثنّى وكلا

عن وزن فعلاء ووزن أفعلا

(٣). قال ابن مالك :

وإن يفد توكيد منكور قبل

وعن نحاة البصرة المنع شمل

(٤). قال ابن مالك :

وإن توكّد الضّمير المتّصل

بالنّفس والعين فبعد المنفصل

عنيت ذا الرّفع وأكّدوا بما

سواهما والقيد لن يلتزما

٢١٢

التأكيد اللفظي

وهو يكون بإعادة اللفظ الأوّل بعينه أو بمرادفه ، ويكون في المفرد والجملة. فالأوّل نحو : «جائني زيد زيد» و «قام قام زيد» وقولك : «أنت بالخير حقيق قمن». وقول الشاعر :

فإيّاك إيّاك المراء فإنّه

إلى الشّرّ دعّاء وللشرّ جالب

والثاني إمّا ان يقترن بحرف عطف وهو الأكثر ، نحو : قوله تعالى : (كَلَّا سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ)(١) وقوله : «وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ* ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ».(٢)

أو لا يقترن ، كقول الشاعر :

أيا من لست أقلاه

ولا في البعد أنساه

لك الله على ذاك

لك الله لك الله

وإذا اريد توكيد الضمير المتّصل بلفظه يجب اتّصال المؤكّد بما اتّصل بالمؤكّد ، نحو : «مررت بك بك» و «رأيتك رأيتك» و «قمت قمت» ولا تقول : مررت بكك ورأيتكك وقمتت.

نعم ، يجوز أن يؤكّد بضمير الرفع المنفصل كلّ ضمير متّصل ؛ مرفوعا كان ، نحو : «قمت أنت» أو منصوبا ، نحو : «أكرمتني أنا» أو مجرورا ، نحو : «مررت به هو».

وإذا اريد توكيد الحرف فإن لم يكن للجواب يجب أن يعاد مع الحرف المؤكّد ما يتّصل بالمؤكّد ـ كالضمير المتّصل ـ نحو : «إنّ زيدا إنّ زيدا قائم» و «في الدار في الدار زيد» ولا يجوز «إنّ إنّ زيدا قائم» ولا «في في الدار زيد». وإن كان للجواب ـ ك «نعم وبلى» ـ فيكرّر بغير شرط ، فيقال لك «أقام زيد» فتقول : «نعم نعم». (٣)

__________________

(١). النبأ (٧٨) : ٤ و ٥.

(٢). الإنفطار (٨٢) : ١٧ و ١٨.

(٣). قال ابن مالك :

وما من التّوكيد لفظىّ يجي

مكرّرا كقولك ادرجي ادرجي

ولا تعد لفظ ضمير متّصل

إلّا مع الّفظ الّذى به وصل

كذا الحروف غير تحصّلا

به جواب كنعم وكبلى

ومضمر الرّفع الّذي قد انفصل

أكّد به كلّ ضمير اتّصل

٢١٣

(٣)

عطف البيان

عرّفه ابن هشام بأنّه تابع يشبه الصفة في توضيح متبوعه إن كان معرفة وتخصيصه إن كان نكرة. (١)

والأوّل متّفق عليه ، كقوله تعالى (إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ) ، (٢) والثاني أثبته الكوفيّون وجماعة من البصريّين وجوّزوا أن يكون منه قوله تعالى (أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ)(٣) فيمن نوّن «كفّارة» ونحو (مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ) ، (٤) ونفاه بعض النحويّين ويوجبون في ذلك البدليّة ويخصّون عطف البيان بالمعارف. (٥)

ويوافق متبوعه في إعرابه وتعريفه أو تنكيره وتذكيره أو تأنيثه وإفراده أو تثنيه أو جمعه. (٦)

تنبيه : قالوا : «كلّ ما جاز أن يكون عطف بيان جاز أن يكون بدلا».

واستثنى أكثرهم من ذلك مسألتين يتعيّن فيهما كون التابع عطف البيان :

الاولى : أن يكون التابع مفردا معرفة معربا والمتبوع منادى ، نحو : «يا أخانا زيدا» ،

__________________

(١). أوضح المسالك : ٣ / ٣٢.

(٢). الشعراء (٢٦) : ١٠٦.

(٣). المائدة (٥) : ٩٥.

(٤). إبراهيم (١٤) : ١٦.

(٥). واحتجّوا بأنّ النكرة مجهولة والمجهول لا يبيّن المجهول. وردّ بأنّ بعض النكرات أخصّ من بعض والأخصّ يبيّن الأعمّ.

(٦). قال ابن مالك :

العطف إمّا ذو بيان أو نسق

والغرض الآن بيان ما سبق

فذو البيان تابع شبه الصّفه

حقية القصد به منكشفه

فأولينه من وفاق الأوّل

ما من وفاق الأوّل النّعت ولي

فقد يكونان منكّرين

كما يكونان معرّفين

٢١٤

فإنّ «زيدا» يجب أن يكون عطف البيان ولا يجوز أن يكون بدلا ، لأنّ البدل على نيّة تكرار العامل ، فيلزم بناء «زيد» على الضمّ.

الثانية : أن يكون التابع خاليا من «ال» والمتبوع معرّفا بها وقد أضيفت إليه صفة مقرونة ب «ال» ، نحو : «أنا الضارب الرّجل زيد» ، فيتعينّ كون زيد عطف بيان ولا يجوز كونه بدلا ، لأنّ البدل على نيّة تكرار العامل فيلزم أن يكون التقدير : «أنا الضارب زيد» وهو ممتنع عند الأكثر. وجوّزه الفّراء لتجويزه إضافة الوصف المعرّف ب «ال» إلى المعارف كما تقدّم في باب الإضافة.

واستشكل بعضهم ما علّل به هاتان المسألتان بأنّهم يغتفرون في الثواني ما لا يغتفرون في الأوائل ، وقد جوّزوا في قوله تعالى : (إِنَّكَ أَنْتَ)(١) كون «أنت» تأكيدا وكونه بدلا مع أنّه لا يجوز «إنّ أنت». (٢)

__________________

(١). البقرة (٢) : ١٢٩.

(٢). قال ابن مالك :

وصالحا لبدليّة يرى

فى غير نحو يا غلام يعمرا

ونحو بشر تابع البكري

وليس أن يبدل بالمرضيّ

٢١٥

(٤)

عطف النسق

وهو تابع يتوسّط بينه وبين متبوعه أحد الحروف الآتية.

وحروف العطف على قسمين :

أحدهما : ما يقتضي التشريك في اللفظ والمعنى ، إمّا مطلقا وهو الواو والفاء و «ثمّ» و «حتّى» وإمّا مقيّدا وهو «أو» و «أم» ما لم يقتضيا إضرابا.

والثاني : ما يقتضى التشريك في اللفظ دون المعنى ، وهو «بل» و «لا» و «لكن». (١)

معانى حروف العطف وأحكامها

الواو : لمطلق الجمع ، فإذا قلت : «جاء زيد وعمرو» دلّ ذلك على اجتماعهما في نسبة المجيء إليهما ، واحتمل كون «عمرو» جاء بعد «زيد» أو جاء قبله أو جاء مصاحبا له ، وإنّما يتبيّن ذلك بالقرينة ، نحو : «جاء زيد وعمرو بعده وجاء زيد وعمرو قبله وجاء زيد وعمرو معه» فيعطف بها اللاحق والسابق والمصاحب.

هذا مذهب أكثر النحويّين. وذهب جماعة إلى أنّها للترتيب وردّ بقوله تعالى : (إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا)(٢) وتنفرد الواو عن سائر حروف العطف بأنّها يعطف بها حيث لا يكتفى بالمعطوف عليه ، نحو : «اختصم زيد وعمرو» و «تشارك زيد و

__________________

(١). قال ابن مالك :

تال بحرف متبع عطف النّسق

كاخصص بودّ وثناء من صدق

فالعطف مطلقا بواو ثمّ فا

حتّى أم او كفيك صدق ووفا

وأتبعت لفظا فحسب بل ولا

لكن كلم يبد امرء لكن طلا

(٢). المؤمنون (٢٣) : ٣٧.

٢١٦

عمرو» ، ولا يجوز أن يعطف في مثلهما بسائر حروف العطف ، فلا تقول : «اختصم زيد فعمرو». (١)

الفاء : تدلّ على تأخّر المعطوف عن المعطوف عليه متّصلا به ، نحو : «جاء زيد فعمرو». وكثيرا ما تقتضي السببيّة أيضا إن كان المعطوف بها جملة أو صفة ، نحو : (فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ)(٢) أو صفة ، نحو : «لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ».(٣)

وتختصّ الفاء بأنّها تعطف على الصلة ما لا يصحّ كونه صلة ـ لخلوّه من العائد على الموصول ـ نحو : «الّذي يقوم فيغضب زيد أخوك» وعكسه «الّذي يقوم أخوك فيغضب هو زيد». وذلك لأنّ الفاء تدلّ على السببيّه فتجعل ما بعدها مع ما قبلها في حكم جملة واحدة. ومثل ذلك جار في الخبر والصفة والحال نحو : «زيد يقوم فتقعد هند» و «زيد تقعد هند فيقوم» و «مررت بإمرأة تضحك فيبكي زيد» و «بإمرأة يضحك زيد فتبكي» و «جاء زيد يضحك فتبكي هند» و «جاء زيد تبكي هند فيضحك».

ثمّ : تدلّ على تأخّر المعطوف عن المعطوف عليه منفصلا عنه ، نحو : «جاء زيد ثمّ عمرو». (٤)

أمّا حتّى : فالعطف بها قليل ، ويشترط في المعطوف بها شرطان :

١ ـ أن يكون بعضا ممّا قبله إمّا بالتحقيق ، نحو : «أكلت السمكة حتّى رأسها» أو بالتأويل كقوله :

ألقى الصّحيفة كي يخفّف رحله

والزّاد حتّى نعله ألقاها

__________________

(١). قال ابن مالك :

فاعطف بواو لا حقا أو سابقا

فى الحكم أو مصاحبا موافقا

واخصص بها عطف الّذي لا يغني

متبوعه كاصطفّ هذا وابني

(٢). القصص (٢٨) : ١٥.

(٣). الواقعة (٥٦) : ٥٢ ـ ٥٤.

(٤). قال ابن مالك :

والفاء للتّرتيب باتّصال

وثمّ للتّرتيب بانفصال

واخصص بفاء عطف ما ليس صله

على الّذى استقرّ أنّه الصّله

٢١٧

٢ ـ أن يكون غاية لما قبله ، في زيادة أو نقص ، نحو : «مات الناس حتّى الأنبياء» و «قدم الحجّاج حتّى المشاة». (١)

فرع : «حتّى» في عدم الترتيب كالواو.

«أم» : على قسمين :

الأوّل : المتّصلة ، وهي الّتي تقع بعد همزة التسوية ، نحو : (سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا) ، (٢) أو بعد همزة يطلب بها وب «أم» التعيين ، نحو : «أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ».(٣)

وقد تحذف الهمزة عند أمن اللبس ، ومنه قراءة ابن محيصن : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ) ، (٤) وقول الشاعر :

لعمرك ما أدري وإن كنت داريا

شعيث بن سهم أم شعيث بن منقر

الثاني : المنقطعة ، وهي التي لم يتقدّم عليها إحدى الهمزتين ، وتفيد الإضراب مع اقتضاء الاستفهام كثيرا ، نحو قوله تعالى : (أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ) ، (٥) تقديره : «بل أله البنات ولكم البنون». وقد لا يقتضي الاستفهام ، نحو قوله تعالى : «أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ».(٦)

أو : تستعمل للتخيير ، نحو : «تزوّج هندا أو اختها» وللإباحة ، نحو : «جالس العلماء أو الزّهاد». والفرق بينهما امتناع الجمع بين المتعاطفين في التخيير وجوازه في الإباحة. وللتقسيم ، نحو : «الكلمة اسم أو فعل أو حرف» وللإبهام على السامع ، نحو : «جاء زيد أو عمرو» إذا كنت عالما بالجائي منهما وقصدت الإبهام على السامع ومنه قوله تعالى : «وَ

__________________

(١). قال ابن مالك :

بعضا بحتّى اعطف على كلّ ولا

يكون إلّا غاية الّذي تلا

(٢). إبراهيم (١٤) : ٢١.

(٣). النازعات (٧٩) : ٢٧.

(٤). البقرة (٢) : ٦.

(٥). الطّور (٥٢) : ٣٩.

(٦). الرّعد (١٣) : ١٦.

قال ابن مالك :

وأم بها اعطف إثر همز التّسويه

أو همزة عن لفظ أيّ مغنيه

وربّما اسقطت الهمزة إن

كان خفا المعنى بحذفها امن

وبانقطاع وبمعنى بل وفت

إن تك ممّا قيّدت به خلت

٢١٨

إِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ» ،(١) وللشكّ نحو : «جاء زيد أو عمرو» إذا كنت شاكّا في الجائي منهما.

وقد تكون للإضراب كقول الشاعر :

ماذا ترى في عيال قد برمت بهم

لم احص عدّتهم إلّا بعدّاد

كانوا ثمانين أو زادوا ثمانية

لو لا رجاؤك قد قتّلت أولادي

أي : بل زادوا.

وبمعنى الواو ، كقول الشاعر :

جاء الخلافة أو كانت له قدرا

كما أتى ربّه موسى على قدر

أي : وكانت له قدرا. (٢)

إمّا المسبوقة بمثلها : تكون ك «أو» ، نحو : «تزوّج إمّا هندا وإمّا اختها» و «جالس إمّا العلماء وإمّا الزّهّاد» وهي عاطفة عند الأكثر. وزعم جماعة أنّها غير عاطفة كالاولى ووافقهم مالك لملازمتها غالبا الواو العاطفة.

وقد يستغنى عن «إمّا» ب «أو» ، نحو : «قام إمّا زيد أو عمرو» وعن الاولى بالثانية ، كقول الشاعر :

نهاض بدار قد تقادم عهدها

وإمّا بأموات ألمّ خيالها

وقد تبدل الميم الاولى ياء مع كسر الهمزة وفتحها ، كقول الشاعر :

لا تفسدوا آبالكم

إيما لنا إيما لكم (٣)

لكن : عاطفة بشروط : إفراد معطوفها وأن تسبق بنفي أو نهي وأن لا تقترن بالواو ، نحو : «ما قام زيد لكن عمرو» و «لا يقم زيد لكن عمرو». وإن تلتها جملة أو تلت واوا

__________________

(١). سبأ (٣٤) : ٢٤.

(٢). قال ابن مالك :

خيّر أبح قسّم بأو وأبهم

واشكك وإضراب بها أيضا نمي

وربّما عاقبت الواو إذا

لم يلف ذو النّطق للبس منفذا

(٣). قال ابن مالك :

ومثل أو فى القصد إمّا الثّانيه

في نحو إمّا ذي وامّا النّائيه

٢١٩

أو سبقت بإيجاب فهي حرف ابتداء ، نحو :

إنّ ابن ورقاء لا تخشى بوادره

لكن وقائعه في الحرب تنتظر (١)

ونحو قوله تعالى : «ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ».(٢)

أي : ولكن كان رسول الله. وليس المنصوب معطوفا بالواو لأنّ متعاطفي الواو المفردين لا يختلفان بالسلب والإيجاب.

ونحو : «قام زيد لكن عمرو لم يقم».

لا : يعطف بها بشروط : إفراد معطوفها وأن تسبق بإيجاب أو أمر أو نداء. نحو : «جاء زيد لا عمرو» و «إضرب زيدا لا عمرا» و «يا زيد لا عمرو». وخالف ابن سعدان في الأخير. وزاد السهيلى شرطا آخر وهو أن لا يصدق أحد متعاطفيها على الآخر ، فلا يجوز : «جائني رجل لا زيد» ويجوز «جاءني رجل لا امرأة». (٣)

بل : يعطف بها النفي والنهي فتكون ك «لكن» في أنّها تقرّر حكم ما قبلها وتثبت نقيضه لما بعدها ، نحو : «ما قام زيد بل عمرو» و «لا تضرب» زيدا بل عمرا».

ويعطف بها في الخبر المثبت والأمر ، فتقيد الإضراب عن الأوّل وتنقل الحكم إلى الثاني ، حتّى يصير الأوّل كأنّه مسكوت عنه ، نحو : «قام زيد بل عمرو» و «اضرب زيدا بل عمرا». (٤)

فصل : يعطف على الظاهر والضمير المنفصل والضمير المتّصل المنصوب بلا شرط ، نحو : «قام زيد وعمرو» و «إيّاك والأسد» ، وقوله تعالى : «جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ».(٥)

وإذا عطف على الضمير المرفوع المتّصل ـ بارزا كان أو مستترا ـ أكّد بضمير منفصل ،

__________________

(١). «بوادر» : جمع بادرة وهي ما يبدو من الحدّة في الغضب.

(٢). الأحزاب (٣٣) : ٤٠.

(٣). قال ابن مالك :

وأول لكن نفيا أو نهيا ولا

نداء أو أمرا أو اثباتا تلا

(٤). قال ابن مالك :

وبل كلكن بعد مصحوبيها

كلم أكن فى مربع بل تيها

وانقل بها للثّان حكم الأوّل

فى الخبر المثبت والأمر الجلي

(٥). المرسلات (٧٧) : ٣٨.

٢٢٠