موسوعة قرى ومدن لبنان - ج ٣

طوني مفرّج

المؤسّسات الإستشفائيّة

تجمّع النهضة النسائيّة.

المؤسّسات الصناعيّة والتجاريّة

مكابس للزيتون ؛ مصانع صابون ؛ محالّ وحوانيت تؤمّن المواد الغذائيّة والأساسيّة.

مناسباتها الخاصّة

عيد الإستقلال في ٢٢ تشرين الثاني حيث تحتفل بشامون في المكان الذي رفع فيه العلم اللبناني لأوّل مرّة حيث تلقى الخطب بالمناسبة.

من بشامون

د. إدوار الياس عازار : مدير مركز أبحاث العلاقات الدوليّة في نورث كارولينا ؛ حسين مسعود (م) : مغترب في كندا حيث لقّب بإسم جورج ، تبرّع بأكلاف بناء الثانويّة في بشامون التي بلغت حوالى ربع مليون دولار ؛ محمّد سعيد مسعود (م) : سياسي وصحافي وناشط إجتماعي ومفكّر وكاتب ، أسّس في كندا بعد ١٩٠٩ مع لفيف من المغتربين" عصبة الصداقة الكنديّة العربيّة" وانتخب رئيسا لها وجعلها ميدانا للدفاع عن قضيّة فلسطين ، أنشأ مجلّة" الصداقة العربيّة الكنديّة" ، ساعد المؤسّسات الخيريّة والاجتماعيّة بقوّة ، له العديد من المؤلّفات.

١٤١

بشتفين

BSHITFIN

الموقع والخصائص

تقع بشتفين في قضاء الشوف على متوسط ارتفاع ٥٠٠ م. عن سطح البحر ، وعلى مسافة ٣٨ كلم عن بيروت عبر عاليه ، أو الدامور. مساحة أراضيها ٢٣٠ هكتارا. زراعتها إجّاص ومشمش ودرّاقن وجنارك وكرمة وتين ولوز وحمضيّات ، ومصدر مياه الريّ فيها عين الضيعة التي بناها الأمير بشير الشهابي الكبير ، وفيها حوالى ٧٠ نبعا خاصّا يستعمل أكثرها للريّ. من خصائصها الطبيعيّة وجود مغارة فيها تعرف بمغارة الحمام ، القسم المكتشف منها ، عبر مدخلها الطبيعيّ الضيّق الذي لا يمكن ولوجه إلّا زحفا ، يضمّ ثلاثة معابر مماثلة يؤّدّي جميعها إلى باحة رحبة يتفرّع منها ممرّان لم يحدّد طولهما ولا شكلهما ولا الجهات التي يؤدّيان إليها. عدد سكّان بشتفين المسجّلين نحو ٠٠٠ ، ٢ نسمة من أصلهم قرابة ٩٨٠ ناخبا.

الإسم والآثار

تعددت الإجتهادات حول إسم بشتفين ، إنما الأقرب إلى المنطق هو القائل ، بحسب فريحة ، بأن أصل الإسم سرياني : BET SHAWT FIN ومعناه : بيت أو محلة الشركاء والمرابعين ، من فعل" شوتف" الذي لا يزال مستعملا في عامية لبنان ، فيقولون : شوتفوا وتشوتفوا أي : قسّموا وتقاسموا.

لم نقف على آثار قديمة في بشتفين ، ومن آثار تاريخها الحديث عين ماء أنشأها الأمير بشير شهاب الثاني الكبير كما يظهر من النقش على بلاطة فوق

١٤٢

مصبّها جاء فيه : أنشأ البشير مجدّدا ، أنهى سبيلا باردا ، أرّخ وحاز أميرنا ، ببناه مجدا خالدا.

ومن آثارها الحديثة نسبيّا أيضا خلوات في منطقة منها تعرف بحروف الخلوات ، تعتبر من المقامات الهامّة في المنطقة عند الموحّدين الدروز.

عائلاتها

موحدون دروز : أبو رجاس. أبو عكر. أزرافيل. جعفر. شهيّب. ضو. فيّاض.

البنية التجهيزيّة

المؤسّسات الروحيّة

خلوات حروف الخلوات الأثريّة.

المؤسّسات التربويّة

رسميّة إبتدائيّة تكميليّة مختلطة.

المؤسّسات الإداريّة

مجلس إختياري ، وبنتيجة انتخابات ١٩٩٨ جاء مجلس بالتزكية والشيخ مهنّا أحمد جعفر مختارا.

مجلس بلدي أنشئ ١٩٦٢ ، وبنتيجة انتخابات ١٩٩٨ جاء مجلس بالتزكية قوامه : نبيه توفيق ضو رئيسا ، وهيب حسين فيّاض نائبا للرئيس ، والأعضاء : أكرم رشيد ضو ، د. أنيس أبو عكر ، حيدر حسيب فيّاض ، رامز أمين جعفر ، زهير محمّد شهيّب ، سمير يوسف إزرافيل ، وفؤاد محمّد جعفر.

محكمة دير القمر ؛ مخفر كفرحيم.

١٤٣

البنية التحتيّة والخدماتيّة

شبكة مصلحة مياه الباروك ؛ مصلحة كهرباء بيت الدين ؛ بريد دير القمر.

المؤسّسات الصناعيّة والتجاريّة

مصانع فخّار على أنواعه ؛ مشاغل حياكة نول عالية الجودة ؛ بضعة محالّ وحوانيت تؤمّن المواد الغذائيّة والحاجيّات الأساسيّة.

مناسباتها الخاصّة

عيد الأضحى حيث تقام حفلات محلّيّة في ساحة البلدة العامّة لمدّة يومين متواليين ، فيجتمع الأهلون ويتبارى بعضهم بالزجل والغناء ويطلقون الأسهم الناريّة والمفرقعات ، وينصبون الأراجيح ويتبادلون التهاني ، وينتهي العيد برحلة يقوم بها الشبّان إلى مختلف الأماكن اللبنانيّة.

من بشتفين

أمين أبو عكر (١٩٠٩ ـ ١٩٧٧) : مربّ ، أوّل من أسّس مدرسة مختلطة في هذه المنطقة من الجبل ، كان من مسؤولي بيت اليتيم والأوقاف الدرزيّة ، له يد بيضاء ؛ عبد الله محمّد ضو : مهندس وعالم ومبتكر ورجل أعمال وناشط سياسي ، ولد ١٩٥٢ ، أسّس إحدى أكبر شركات المقاولات في الكويت ، حاول جمع الصف الوطني في الشوف رافضا الاقتتال الطائفي ، أثنى على مواقفه قداسة البابا وغبطة البطريرك الماروني ، رمّم الكنائس المتضرّرة في الأحداث ، صاحب مشروع" الجزيرة العائمة" ١٩٩٨ ، شارك في تأسيس" الاتحاد الدولي للمخترعين العرب" وأمينه العام ١٩٩٩ ، أسّس ورأس" اللجنة الموقّتة للمخترعين اللبنانيّين" ١٩٩٩ ، حامل درع جامعة الدول العربيّة وشهادة التقدير للمبدعين العرب ١٩٩٩ ؛ محمّد فيّاض (م) : شيخ بشتفين في عهود عثمانيّة ؛ سليم فيّاض (م) : خلف محمّد في مشيخة القرية.

١٤٤

بشتليدة

فدار. مزرعة العين

BASHTLIDE

FDA R.MAZR IT LAIN

الموقع والخصائص

يقع مثلث قرى بشتليدة ـ فدار ـ مزرعة العين في المنطقة الوسطى من قضاء جبيل قرب عنّايا ، وهي تشكّل مختاريّة واحدة ، مساحة أراضيها الإجماليّة ٤٣٠ هكتارا. متوسّط ارتفاع موقعها عن سطح البحر ٩٢٠ م. وعلى مسافة ٥٩ كلم عن بيروت عبر طريق جبيل ـ حبوب ـ عنّايا. زراعتها تبغ إضافة إلى الحنطة والحبوب. ويضمّ مثلث بشتليدة ـ فدار ـ مزرعة العين حوالى ٢٣٠ ، ٢ نسمة جميعهم من الطائفة الشيعية ، من أصلهم ٧٦١ ناخبا.

الإسم والآثار

يرجّح فريحة أن أصل إسم بشتليدة سرياني مركّب من مقطعين : BET SHETLIITE أي : مكان الشتل ، المشتل. وهناك اجتهادات عديدة حول إسم فدار ، وإن كان جميعها يردّ الإسم إلى السريانية ، والتفسير الأقرب هو ذلك القائل بأن أصل الكلمةPEDARA وتعني : التفرق والتباعد ، فيكون المعنى : بيوت متباعدة. أمّا مزرعة العين فاسمها عربيّ كما هو واضح. أمّا آثارها فبضعة نواويس وبقايا حجارة مشغولة.

عائلاتها

شيعة : برق. الحسيني. حيدر أحمد. كنعان. همدر.

١٤٥

البنية التجهيزيّة

المؤسّسات الروحيّة والإداريّة والجمعيّات الأهليّة

مسجد وحسينيّة ؛ مجلس إختياري : بنتيجة انتخابات ١٩٩٨ جاء فيصل كنعان مختارا ؛ محكمة جبيل ؛ مخفر طورزيّا ؛ جمعيّة آل كنعان الخيريّة التعاونيّة ؛ نادي الجبل الرياضي ـ فدار.

البنية التحتيّة والخدماتيّة والإستشفائيّة

مياه الشفة عبر شبكة مصلحة مياه جبيل مغذّأة بمياه أفقا ؛ بريد جبيل ؛ مكتب كهرباء قرطبا ؛ أنشئ فيها مستوصف بالتعاون بين مصلحة الإنعاش الإجتماعي والجمعية الخيرية الإسلامية لأبناء كسروان وجبيل.

المؤسّسات الصناعيّة والتجاريّة

فيها بضعة محالّ وحوانيت تؤمّن المواد الغذائيّة والحاجيّات الأساسيّة.

من بشتليدة

السيّد محمّد الحسني (م) : عضو مجلس الإدارة ؛ الشيخ علي حسن همدر (م) : عالم ، مربّ ؛ الشيخ حسين علي همدر (م) : علّامة ، كان مرجعا دينيّا في النجف الأشرف حيث لقّب بأبي ذرّ ، توفّي في النجف ودفن هناك ؛ الشيخ أحمد علي همدر (م) : عالم ومرب ؛ حسن صالح همدر (ت ١٩٠٢) :ممثّل الشيعة في تعديلات بروتوكول نظام لبنان الأساسي ١٨٦٤ ، عضو مجلس الإدارة الكبير ؛ الشيخ نعمة الله حسين همدر (م) : قاض ، مدير ناحية في جزّين ؛ الشيخ محمّد ابراهيم همدر (م) : إمام ، شيخ صلح ؛ الشيخ حسين ابراهيم همدر (م) : إمام ، شيخ صلح ؛ الشيخ محمّد أسعد همدر (م) : شيخ صلح ؛ حسين أحمد همدر : قنصل لبنان الفخري في البرازيل.

١٤٦

بشتودار

قندولا

BISHTUOD R

QANDUOLA

الموقع والخصائص

بشتودار ، ومعها قندولا ، تقع في قضاء البترون على متوسط ارتفاع ٩٥٠ م. عن سطح البحر ، وعلى مسافة ٨٦ كلم عن بيروت عبر جبيل ـ عبرين ـ صورات ـ حلتا. المساحة التقريبيّة لمجمل أراضي بشتودار ٦٠٠ هكتار. تشرف على معظم قرى قضاء البترون وتحيط بها الأشجار الحرجيّة من كافة جوانبها. زراعاتها : تبغ ، زيتون ، فاكهة ، وحبوب. عدد أهاليها المسجّلين نحو ٦٥٠ نسمة من أصلهم قرابة ٢٨٠ ناخبا. إلّا أنّ أكثر السكّان ينزحون شتاء عنها إلى السواحل.

الإسم والآثار

ردّ الأبوان حبيقة وأرملة الإسم إلى السريانيّة وترجماه ببيت المرسل.أمّا فريحة فأضاف إلى هذه الإمكانيّة التي هي من BET ISHTADDAR ، إمكانيّة أخرى هي MISHTADDAR ومعناها المرسل. وفي الحالتين يكون المعنى متشابها. إلّا أنّ المستشرق رينان رأى في الإسم ذكرا لعشتارBET ASHT R أي مكان الإلهة عشتار التي هي نفسها عشتروت.

١٤٧

إنّ ما يتناثر في أرض بشتودار من بقايا أثريّة يجعل الباحث يميل إلى رأي رينان ، ولكن سرعان ما يعود إلى آراء حبيقة وأرملة وفريحة عندما يلاحظ الفارق البعيد بين اللفظ الذي اقترحه رينان والعكس بالنسبة لاقتراح الآخرين. أمّا المرسل الذي نسبت إليه المنطقة ، فقد يكون من المبشّرين المسيحيّين الأوائل ، أو من تلامذة القديس مارون. أمّا التقليد في القرية فيردّ الإسم إلى التركيّة على أنّ أصله" بيش دارBESH D R " أي البيوت الخمسة. غير أنّنا نرى الاجتهاد بعيدا عن لفظ الإسم إلا إذا كان في الأصل BSSH D D R أي البيوت ال ٢٥. أمّا قندولا ، فردّ فريحة اسمها إلى QANDILA ، أي المصباح والنبراس ، ومنها اللغة اللبنانيّة فيهما : القنديل. واللفظ من أصل لا تينيّ CANDELA ، غير أنّ التقليد يردّ الإسم إلى" القندول" الذي هو نوع من الشوك والبلّان. نحن نعتقد أنّ أصل كلمة قندول من المصدر نفسه ، والسبب في ذلك هو استعمال هذا الذي يسمّى بالقندول للتنوير بمناسبات الأعياد.

أهمّ آثار بشتودار عدد من النواويس الحجرية المحفورة في الصخور ، وبقايا قلعة الحصن التي تعدّدت الآراء حول تاريخ بنائها ، بيد أنّ تفحّص حجارة تلك القلعة يدلّ على أنّها متعدّدة العهود ، وأنّ أكثر من شعب قد مرّ عليها ، والراجح برأينا أنّ تاريخها الأبعد يعود إلى الحقبة الرومانيّة ، وأنّ المردة والصليبيّين والمماليك قد مرّوا عليها قبل أن تستعمل في الحقبة العثمانيّة من قبل الحماديّين وبني الشاعر في صراعاتهم.

عائلاتها

سنّة : أبي مرعي. البعلبكي. حمّود. حسن. خضر. طربيه. عبد الحليم.

عيسى. ماضي. منصور.

موارنة : البكاسيني. الحلو. رزق. منصور. يوسف.

١٤٨

البنية التجهيزيّة

المؤسّسات الروحيّة والتربويّة والجمعيّات الأهليّة

جامع بشتودار الأثري الذي ردّ بعضهم تاريخ بنائه إلى عهد المماليك ؛ دير مار يعقوب للموارنة ؛ رسميّة إبتدائيّة مختلطة ؛ مدرسة إبتدائيّة تابعة لجمعيّة المقاصد الخيريّة الإسلاميّة ؛ نادي الحصن الرياضي.

المؤسّسات الإداريّة

مجلس إختياري : بنتيجة انتخابات ١٩٩٨ جاء رأفت عبد الحليم حمّود مختارا ؛ محكمة ومخفر دوما.

البنية التحتيّة والخدماتيّة والإقتصاديّة

مياه الشفة عبر شبكة مصلحة مياه البترون بواسطة الضخ من مياه نبع دلّي ؛ الكهرباء من قاديشا عبر محطة البترون ؛ بريد دوما ؛ بضعة محالّ وحوانيت تؤمّن المواد الغذائيّة والحاجيّات الأساسيّة.

مناسباتها الخاصّة

عيد مار يعقوب.

من بشتودار

أنطوان الحلو : هاجر إلى أستراليا ١٩٦٩ ، عمل في ملبورن مسؤولا عن مكتب العاطلين عن العمل ، رئيس بلديّة مدينة ملبورن ، حامل جائزة الخدمات الإنسانيّة من ولاية فيكتوريا.

١٤٩

بشرّي

الأرز

BSHARRI

AL – ARZ

الموقع والخصائص

بشرّي ، وهي قاعدة قضاء بشرّي ، وأكبر بلدات القضاء إن لجهة عدد الأهالي أو لجهة الإمتداد الجغرافيّ ، تقع على مشارف وادي قاديشا على متوسط ارتفاع ٥٠٠ ، ١ م. عن سطح البحر ، وعلى مسافة ١١٠ كلم عن بيروت عبر شكّا ـ أميون ـ حدث الجبّة ، أو عبر طرابلس ـ زغرتا ـ إهدن ، أو طرابلس ـ كوسبا ـ حدث الجبّة. كما تتّصل ببعلبك عبر الأرز ـ عيناتا ـ دير الأحمر. مساحة أراضيها ٠٠٠ ، ٥ هكتار ، يحدّها من الشمال الغربيّ نبع الحداد ، من الغرب بقوفا لناحية إهدن ، من الجنوب نهر برقاشا ، ومن الشمال الشرقيّ القرنة السوداء التي تفصل نطاق بشرّي عن الضنيّة والبقاع ، وضهر القضيب (مقلب المياه) لناحية عيناتا.

تقع بشرّي بين هضبتين مستطيلتين واخرى هرميّة ، وهي فم الميزاب ، ضهر القضيب ، أو نبع مار سمعان ، ويحدّها من ناحية الجنوب نهر المزرعة ، ومن الجهة الشمالية الغربية نهر الرويس ، ويتدرّج قسم من أراضيها على الضفة اليمنى لنهر قاديشا ، وتبلغ أعلى نقطة ارتفاع من مناطقها عند قمّة القرنة السوداء التي ترتفع ٠٨٨ ، ٣ م. عن سطح البحر ، وهي أعلى قمّة في

١٥٠

لبنان على الإطلاق. هذا الموقع المحاط بالجبال المرتفعة التي تكسوها الثلوج بكثافة في ثلاثة فصول من السنة ، جعلها خزّانا للمياه يشكّل نسبة ٧٥% من مخرزن مياه الجبة ، ويتفجّر ينابيع في مختلف مناطقها ، أهمّها ينابيع مار سمعان ونهر قاديشا ونهر النبعات ونبع العسل ونبع الشاقوف ونبع عينيتا. غير أنّ وعورة أراضي بشرّي وكثرة هضابها وانحداراتها الحادّة قد جعلت نسبة الأراضي الزراعية فيها لا تشكّل ثلث مساحتها الإجماليّة ككل ، فلا يستفاد من كثرة ينابيعها المنتشرة على طول السلسلة الجبلية الوسطى إلّا بنسبة قليلة ، ويذهب أكثر المياه هدرا في الأنهار. ويضمّ نطاق بشرّي ، إضافة لى جبل القرنة السوداء حيث المثلّجات التي لا تذوب في فصل الصيف ، منحدرات التزلّج في الأرز ، ومغارة قاديشا ، وقمم فم الميزاب ، وضهر القضيب ، والوادي وغيرها من المواقع الجغرافيّة المهمّة. أمّا المشاع البلديّ لبشرّي فتبلغ مساحته ١٥ مليون م ٢ ، وتتنوّع زراعات بشرّي بين تفّاح وإجّاص وخضار وحبوب وبطاطا.

عدد أهالي بشرّي المسجّلين قرابة ٠٠٠ ، ٣٥ نسمة من أصلهم نحو ٠٠٠ ، ١٥ ناخب. ومن أبنائها عدد كبير من المغتربين في دنيا الانتشار.

الأرز

يرتفع موقع غابة الأرز عن سطح البحر ١٩٠٠ م. ويبعد عن مدينة بشرّي مسافة ٦ كلم ، وهي أشهر مجموعة من أشجار الأرز على الإطلاق في لبنان ، وفيها ما يقرب من ٤٥٠ شجرة ترتفع إلى العلاء بإباء. ويزور كلّ سنة هذه الغابة ألوف الحجّاج والسيّاح من كلّ أطراف العالم. ولقد ارتبط اسم لبنان بالأرز منذ القديم ، فلبنان والأرز صنوان أزليّان ، وليس من باب الصدفة أن يختار اللبنلنيّون الأرزة شعارا لدولتهم ، فإنّ لأرز لبنان ، على جلاله

١٥١

الطبيعي وجماله الذي لا يزال ظاهرا على أشجاره المتوسّطة العمر والقديمة ، نوع من الشعور بالاعتزاز في قلوب اللبنانيّين ، وهم يشعرون بالخشوع أمام هذه الغابة التي ملأ ذكرها التاريخ والكتب المقدّسة بدءا من التوراة. فمن خشب الأرز الممتاز كان اللبنانيّون القدماء يصنعون مراكبهم التي شقّوا بها عباب اليمّ إلى الأقطار في ذلك الزمن السحيق ، وقد تغنّى شعراء وأنبياء ومؤرّخون بجودة خشب الأرز وطيب رائحته وصلابته وبارتفاع الأرز وجماله وضخامته وقدمه ، ولطالما كانت شجرة الأرز في نظر المؤرخين الدينيّين أشرف الأشجار على الإطلاق ، وملكة المملكة النباتيّة ، وقد ذكرها سليمان الحكيم بإجلال ودوّنت عنها الأسفار والمزامير (سفر الملوك الأوّل ، ٤ : ٣٣ ؛ سفر القضاة ، ٩ : ١٥ ؛ سفر الملوك الثاني ، ١٤ : ٩ ؛ المزمور ٢٩ :٦ ؛ المزمور ١٠٤ : ١٦) ما هو في نظر الأنبياء الرمز الخاص للعظمة والبهاء والجلال ، لذلك كان الملوك والأشراف من أركان مجتمع العهد القديم يلقّبون بارز لبنان (سفر إشعيا ، ٢ : ١٣ ، ١٤ : ٨ ، ٣٧ : ٢٤ ؛ سفر إرميا ، ٢٢ :٢٣ ؛ سفر حزقيال ، ١٧ : ٢٢ ؛ سفر زكريّا ، ١١ : ١) ، ومن هذا المنطلق وصف حزقيال عظمة الأشوريّين بأرز لبنان (سفر حزقيال ، ٣١ : ٣ ـ ٩). وقد اعتبر خشب الأرز أثمن الأخشاب طرّا لصلابته واحتفاظه بديمومة أدهشت الباحثين بحيث أنّ أخشابه المقطوعة منذ ٠٠٠ ، ٤ آلاف سنة لا تزال تحتفظ برائحتها الزكيّة ونضارتها ، وقد عثر في الحفريّات التي أجريت في مدينة نينوى على جسر من الأرز عندما أحرقوا منه شظيّة وجدوا أنّه لا يزال يحتفظ بعبيره بعدما مرّ على طمره في الأرض ما يزيد على ٥٠٠ ، ٢ سنة. وفي أهرام الجيزة بمصر لا تزال دعائم الأرز محافظة على صلابتها وعلى بناء الهرم الأكبر بالذّات. وفي قناة باكيش فوق بسكنتا كشفت الحفريّات صدفة عن شجرة أرز مطمورة تحت التراب منذ آلاف السنين لا تزال

١٥٢

محافظة على حيويّة خشبها. وقد استعمل خشب الأرز للزخرف والبهرجة والدعائم في الأبنية التاريخيّة العظمى كما في هيكل سليمان الذي أسرف باستعمال خشب الأرز الثمين في أحد قصوره فسمّي" بيت وعر لبنان" (سفر الملوك الأوّل ، ٧ : ٢ ، ١٠ : ١٧ ؛ سفر الملوك ، ٦ : ٩ و ١٠ ؛ سفر الملوك الأوّل ، ٦ ـ ٨ ـ ١٠ ؛ سفر أخبار الأيّام الأوّل ، ٢٢ : ٤) ، وهيكل زربابل الذي جاء بناؤه متأخرا عن بناء هيكل سليمان (سفر عزرا ، ٣ : ٧) ، إضافة إلى قصر داود (سفر صموئيل الثاني ، ٥ : ١١ ، و ٧ : ٢ ؛ سفر إرميا ، ٢٢ : ١٤ و ١٥). كما استعمل خشب الأرز في صنع الأصنام (سفر أشعيا ، ٤٤ : ١١ ، ١٣ ، ١٤) ، وفي سواري المراكب إفراطا في الترف (سفر حزقيال ، ٢٧ : ٥) ويذكر المؤرّخون الكلاسيكيّين أنّ الأمم الوثنيّة احترمت الأرز وعظّمت قدره ، فاستعملته في تشييد هياكلها كما فعلت صور ، ويفترض" ريتر" أنّ الأرز قد استعمل قبل زمن حيرام وسليمان ، وفي أفسس استعمل خشب الأرز في هيكل ديانا الكبير وفي بناء قصورها كما فعلت برسيبوليس PERSEPOLIS ، ولا ننس أنّ الفراعنة قد استعملوا خشب الأرز دعائم لبناء أهرامهم ، كما استعملوه في الزخرفة وأعمال بناء السفن. ويبدو من إكثار ذكر أرز لبنان في التوراة ، وكثرة استعماله في مختلف الأغراض ، أنّ غابات الأرز كانت تغطّي مساحات شاسعة من الجبل اللبنانيّ في الأزمنة القديمة. ويقول ديودوروس إنّ لبنان كان مليئا بأشجار الأرز والشوح والسر وذات الأحجام المدهشة والجمال النادر ، ولكنّ قطعها المتواصل لأعمال البناء والتجارة كان أسرع من نموّها. وفي القرن السادس شيّد يوستينيانوس JUSTINIAN كنيسة للعذراء في أورشليم فاصطدم بصعوبات شتّى في سبيل الحصول على خشب لسقفها ، وبعد البحث الطويل عثر على موضع مليء باشجار الأرز الشامخة فحقّق مبتغاه. ولم تنقطع أعمال قطع أشجار الأرز من جبال لبنان عبر التاريخ ، ففي

١٥٣

العصور المتوسّطة كانت البيوت الخاصّة في صيدا وربّما في صور وغيرها من المدن الفينيقيّة كما يظهر ، تسقف وتزيّن وتزخرف بخشب الأرز. ويذكر د. فيليب حتّي أنّ أقدم سائح أتى على ذكر غابة أرز بشرّي رجل فرنسيّ زارها أواسط القرن السادس عشر ، ويظهر أنّ أشجار الأرز الباسقة التي تشبه الأرز الذي بنى به سليمان هيكله تركت في نفسه أحسن انطباع. وزار الأرز أيضا عالم نباتيّ ألماني سنة ١٥٧٣ فقال إنّه لم يعثر على أكثر من ٢٤ شجرة. أمّا جيروم دنديني القاصد الرسولي اليسوعي لدى البطريرك الماروني ١٥٩٥ ـ ١٥٩٦ فيقول في كتابه" رحلة في جبل لبنان" إنّه لم يستطع أن يحصي أكثر من ٢٣ شجرة. وقد جاء على ذكر هذا العدد أيضا سائح فرنسيّ آخر هو دارفيو الذي زار الغابة سنة ١٦٦٠. وهناك سائح آخر اسمه ويليم ليتغوف زار الأرز قبل هذا الأخير ببضع سنوات فلم يجد سوى ٢٤ شجرة من شجرات الأرز التي" هي تاج الغابات والأحراش" ، والتي" رؤوسها تعانق السحب وتختال بارتفاعها هازئة بأطول الأشجار وأرفعها". وفي أوائل القرن الثامن عشر ذكر" دي لاروك" أنّ هناك ما يقرب من إحدى وعشرين شجرة أرز" من تلك الأشجار الهائلة". غير أنّ" فولني" الذي زار الغابة عام ١٧٨٤ لم يبد أيّ اهتمام بها ، فقد ذكر أنّ أربعا أو خمسا منها تسترعي الانتباه. أمّا" بوركهارت" العالم السويسري الذي زار الأرز عام ١٨١٠ فقد أحصى إحدى عشرة أو اثنتي عشرة شجرة من الأشجار القديمة جدّا ، وخمسا وعشرين شجرة كبيرة جدّا ، وخمسين من ذوات الحجم المتوسّط ، وأكثر من ٣٠٠ شجرة أصغر حجما وأقلّ عمرا. وهناك عالم أوروبيّ أخر جاء عام ١٨٨٤ وأحصى ٣٩٧ شجرة. وذكر مبشّر أميركيّ زار الغابة قبل هذا الأخير بسنة أنّ هناك ٣٩٠ شجرة أرز ، عشرّ منها أو اثنتي عشرة عظيمة الجذوع ، غير أنّ ارتفاع أطولها لا يزيد على ٨٠ قدما. وفي أواخر سبعينات القرن التاسع

١٥٤

عشر بنى رستم باشا متصرّف لبنان جدارا حول الغابة لحمايتها ساهمت ملكة الإنكليز فيكتوريا بدفع بعض نفقات بنائه وعيّنت حرسا لحفظ الغابة من الأضرار التي تلحقها بها قطعان الماعز. والواقع أنّ أشجارا قليلة جدّا يبلغ عمر الواحدة منها ١٠٠٠ عام ، وأحسن هذه الأشجار نضارة وقوّة هي تلك الأرزة العظيمة القائمة إلى جانب كنيسة مارونيّة صغيرة هناك على اسم الربّ ، وأطول شجرة يبلغ ارتفاعها ٨٠ قدما.

وكان" مندرل" قد قاس في العام ١٦٩٦ إحدى الأشجار التي عدّها الأضخم بين أرزات الغابة فوجد أنّ محيط جذعها يبلغ ١٢ يردا ونصف اليرد (حوالى ١١ مترا) ومحيط الدائرة الذي يبلغه امتداد أغصانها ٣٧ يردا. وقد أنشئ عام ١٩٥٠ مصعد كهربائي بين غابة الأرز وقمّة فم الميزاب لهواة التزلّج والرياضة الشتويّة ، علما بأنّ منطقة الأرز تشكّل أحد أبرز مراكز التزلّج على الثلج في لبنان والشرق الأوسط. وفي العام ١٩٩٨ قامت لجنة أصدقاء غابة الأرز بحملة تشجير غابة جديدة متاخمة لغابة بشرّي ، بالتعاون مع وزارة الزراعة ووكالة المدى الأخضر الفرنسيّة ، تقع على متوسّط ارتفاع ٣٠٠ ، ٢ م. عن سطح البحر ، وتبلغ مساحتها ١٣١ هكتارا.

وفي العام ١٩٩٣ أنشئت جمعيّة باسم جمعيّة أرز لبنان اليابانيّة ، أطلقت مشروع إنقاذ غابة أرز بشرّي من المرض بتمويل من رجل الأعمال الياباني" كوجي أبيزو" الذي تبرّع بالأعشاب والفيتامينات الطبيعيّة اللازمة ، وتبيّن أنّ العيّنات التّي تمّ حقنها بالمواد والفيتامينات بدأت تفرز مادّة الصمغ ، وهي الدليل على استعادة الأرز عافيته ، وسيستمر مشروع الإنقاذ حتى ٢٠٠٣.

١٥٥

مغارة قاديشا

يعود تاريخ اكتشاف مغارة قاديشا إلى سنة ١٩٢٣ يوم أراد الخوري حنّا يعقوب ، المعروف بناسك دير مار يوسف ، معرفة منبع النبع الذي تتدفّق منه مياه قاديشا ، فحاول الدّخول إلى مخرج المياه ، ولكنّه ارتدّ لشدّة الصقيع ، ثمّ أعاد الكرّة حتى سرت الأخبار بين أهالي بشرّي عن أنّ الناسك قد اكتشف المغارة ، وبعد وفاة الخوري حنّا شكّلت سنة ١٩٢٥ لجنة قوامها المهندس ألبير النقّاش والأب مطانيوس جعجع وشابّان من أبناء بشرّي هما حنّا جعجع وبطرس شبيعة ، قامت بدراسة المغارة ووضعت تقريرا مفصّلا عنها ، ما أذاع شهرتها بسرعة ، فتقاطر إليها السيّاح من مختلف الأقطار ، ورأوا ما تحتويه من مدهشات الاستحلابات الطبيعيّة ممّا يشبه تماثيل تنتصب ودمى تتدلّى وزهريّات متحجرة وعروش توحي بالعظمة ، وقد وصف بعضهم مشاهداته داخل المغارة فقال إنّها أرض مغروسة بالمناديل وسقوف مزخرفة بالتخاريم في إطار من الروعة والجلال ، لم تمتدّ إليها يد إلا يد الخالق ، ويضفي عليها العظمة والرهبة تدفّق المياه المزبدة وهديرها الأبديّ الذي هو وقع ألوف القيثارات يضرب عليها ألوف من جبابرة الفن المجانين. وقد تحدّث عن عمل الطبيعة الرائع في داخلها أكثر من ٠٠٠ ، ٢٥٠ زائر لبناني وأجنبي.

الإسم والآثار

اعتبر فريحة أنّ إسم بشرّي يحتمل تفاسير عدة ، فان جذر" شرى" له في الساميّات أكثر من معنى كلّها تصلح لأن تكون تسمية لمكان جغرافيّ ، فإنّ جذرSHRA يفيد : (١) : التحرير والإعتاق والحلّ والفك ضدّ الربط ومنه النزول والإقامة في مكان (من فكّ الأحمال وحلّ الأربطة كما يقال في

١٥٦

العربيّة حطّ الرحال) ؛ (٢) : الإبتداء والشروع (وربّما كان الناقص في آخره تليينا لحرف العين ـ شرع) ؛ (٣) : الرطوبة ، (وفي عاميّة لبنان" تري" ـ الرطوبة في الأرض). وإذا كان الجذرSHARR ، فمعناه القوّة والمنعة والثبوت ، والباء في أوّل الإسم من BET مكان ومقام. ويخلص فريحة إلى اعتبار أنّه على ذلك يكون معنى الإسم : (١) : مكان النزول والإقامة والإستيطان ؛ (٢) : بيت المبتدئ ؛ (٣) : المكان ذو الرطوبة والماء ؛ (٤) :المكان الراسخ الثابت. ومن بين هذه الاحتمالات كان قد اختار الأبوان حبيقة وأرملة بيت المبتدئ" ؛ أمّا رياض حنين فينقل عن التقليد قوله بأنّ إسم بشرّي مشتقّ من إسم عائلة فرنسية صليبيّة تحمل اسم BUISSERA وBUSSERA كانت مالكة المنطقة التي حملت اسم بشرّي نسبة محرّفة لاسم العائلة. ونلفت هنا إلى أنّ باحثين جدّيّين قد ردّوا اسم حدشيت إلى الصليبيّين الفرنسيّين الذين أطلقوا عليها وصف HAUTE CHUTE أي المنحدر العالي. وهناك من يقول إنّ إسم بشرّي جاء من كلمة بشرى أي بشارة ؛ أمّا بطرس كرم فقد إعتبر أنّ أصل إسم بشرّي آرامي ـ فينيقي ، يعني في الأصل" بيت القمر" ، و" القمر يرمز إليه الفينيقيّون بعشتروت ، آلهة الخصب والحياة عندهم" ، غير أنّنا لم نفهم هذا الاجتهاد ؛ ونلفت هنا إلى أنّ إسم بشرّي كان حتّى زمن قريب يلفظ بشرّاي وليس بشرّي ، وردّ باحثون هذا الإسم إلى BET SHOROY وأوّلوه إلى" المسكن الأوّل" معزّزين نظريّتهم بكثرة وجود حجر الظرّان فيها.

نحن نعتقد أنّ إسم بشرّي ساميّ قديم ، وأنّ جزأه الثاني من جذرSHARR الذي يعني سيلان المياه ، وما زالت كلمة" شرّ" و" شرشر" مستعملة في عاميّة لبنان بمعنى رشّ الماء أو السائل ونثره ، فيكون الإسم برأيناBET SHARRA : مكان سيلان المياه وتدفّقها وانسكابها ، وهذا ما ينطبق تماما على

١٥٧

طبيعة البلدة ومحيطها وما يميّزها عن سواها ، فإنّ وادي قاديشا يمتاز بخصائص أيكولوجية وطبيعيّة هيّأت لمن سكنه أسباب الحياة والإستمرار ، فتربته خصبة وأرضه خضراء ينبت فيها شتى أنواع المزروعات ، ويعبرها نهران يتغذّيان من روافد وينابيع مصدرها الصخور المحيطة ، ولطالما شكّل ملجأ طبيعيّا يقي اللاجئين إليه شرّ الغزاة والطامحين.

أمّا اسم قاديشا الذي يرتبط تاريخيّا وجغرافيّا ببشرّي ، فسريانيّ ـ آراميّ ، QADDISHA يعني : مقدّس ، وهو الإسم الذي يحمله الوادي الغنيّ بالأديار والصوامع والمعابد والكنائس : الوادي المقدّس. غير أنّنا نميل إلى اعتبار أنّ هذا الوادي قد اتّخذ اسمه قبل المسيحيّة ، وأنّه كان له اعتبارا مقدّسا عند الفينيقيّين بحسب ديانتهم.

تفيد الآثار عن أنّ بشرّي كانت مأهولة منذ العصور الكنعانيّة ـ الفينيقيّة ، ومن تلك الآثار الهرم الصخري في قاموع بشري الذي يبلغ ارتفاعه نحو عشرة أمتار ، وقد حفرت في أسفله نواويس مدفنيّة عدّة ، ويقع هذا" القاموع" عند المنحدر الجبلي المطلّ على بشري من الشمال الشرقي ، فوق دير مار سركيس المبنيّ على أنقاض معبد فينيقي ، وقد حوّل حديثا إلى متحف لأعمال ابن بشرّي النابغة جبران خليل جبران. ويؤكّد عدد من المؤرخين أنّ بشري كانت ملجأ لعائلات فينيقيّة إبّان تعرّض مدن السواحل لغزو القراصنة أو لحملات عسكريّة ، وما لبث هؤلاء أن وطّدوا سكناهم فيها ، وراحوا يقيمون شعائرهم واحتفالاتهم الدينيّة في معابد أنشأوها فيها ، ومن بقايا تلك المعابد إضافة إلى الذي يقوم على أنقاضه دير مار سركيس ، معبد آخر أصبح مقاما على اسم" سيدة الدرّ" ، وهو محفور في الصخر ويضم حنايا عدة ، وكانت تزيّن جدرانه رسوم قديمة لا يزال القليل منها ظاهرا بسبب طليها بمواد

١٥٨

كلسيّة ، ربّما لعدم تناسبها مع وقار وطهر الديانة المسيحيّة ، أمّا" سيدة الدر" فقد جعلت شفيعة العواقر من النساء ، وإنّنا نرى في اختيار هذه الشفاعة نوعا من الاستمراريّة للمعتقد الفينيقيّ القائم على تأليه الخصب ، لذلك فإنّنا نعتقد بأنّ هذا المعبد القديم كان مخصّصا لإلهة الخصب عشتروت حيث كانت تمارس طقوس وصفها الباحثون بالفاجرة والفاسقة ، وكانت الرسوم في تلك المعابد من وحي تلك الطقوس ، لذلك عمد المسيحيّون إلى طمسها بعد تحويل المعبد الوثنيّ إلى مقام مسيحيّ ، وممّا يعزّز هذا الرأي أن بعض مؤرّخي بشرّي يؤكّد على أنّ الفينيقيّين قد سكنوا أراضيها واحتفلوا باعيادهم الدينيّة فيها وأن لا عجب في ذلك والشعب الفينيقي قد اعتمد في تجارته على أخشاب الأرز الذي هو من أهمّ ثروات بشرّي الطبيعيّة. ومن الآثار القديمة التي اكتشفت في أرض بشري قطع نقديّة معدنيّة ، وبقايا أوان فخارية يعود تاريخها إلى العهد الروماني. ويقول مؤرّخون إنّه مع بداية اعتناق المسيحيّة من قبل أهل المدن المسوّرة على الشاطئ الفينيقي وما رافق ذلك من اضطهادات ، لجأ إلى أودية بشري كثيرون من النسّاك ، وبدأوا ينشرون التعاليم الدينيّة بين السكّان الوثنيّين. وقد جاء في كتاب السنكسار السرياني الذي يروي حياة القديسين :" كان جهاد الشهيد كيرلّس الشمّاس أيّام يوليانوس (أمبراطور الرومان ٣٣١ ـ ٣٦٣) في مدينة بشرّي عند جبل لبنان ، فقد كان تحرّك بغيرة وكسّر أصنام مدينته فنهض عليه الوثنيّون وقتلوه ضربا بالفؤوس وفظّعوا فيه كل تفظيع ... وتمّت شهادته سنة إثنين وستين بعد الثلاثماية للمسيح". ويأتي السنكسار أيضا على ذكر قدّيس آخر من بشري ، هو صفرونيوس المولود أوائل القرن السابع ، وقد استشهد في سبيل المسيحيّة ، من دون أن يعطي تفاصيل أخرى عن حياته. ويروي أسقف قورش المؤرخ ثيودوريتس (٣٩٣ ـ ٤٦٦) أنّ وفدا من أهالي بشري زار مار سمعان العمودي في القرن الخامس في بريّة

١٥٩

قورش وسأله أعضاؤه حمايتهم من الوحوش التي كانت تحيط بالجبّة وتهدّد البشر والمواشي فيها ، فطلب القديس سمعان من الوفد نشر صلبان في محيط البلدات والقرى ، وعلى التلال المرتفعة ، وتقوية إيمانهم المسيحيّ. وبالفعل ، فقد نشرت تلك الصلبان كما أقيمت أعمدة على التلال اعتلاها الكهنة للصلاة في حشود المؤمنين على الطريقة السمعانيّة العموديّة ، ولا يزال منها أثر على قمّة جبل حصرون إلى اليوم. ويؤكد السمعاني أنّه رأى صلبانا محفورة في الصخور ، في محيط حصرون وإهدن وأيطو وبشرّي. ويتابع ثيودوريتس أنّ أعضاء الوفد طلبوا من مار سمعان أيضا المساعدة على رفع الكارثة التي حلّت بهم جرّاء جفاف النبع الذي كان الأهالي يرتوون منه ويروون مواشيهم ومزروعاتهم ، وقد حثّ العموديّ أعضاء الوفد على الصلاة والتوبة ، واشار عليهم بان يرموا سبعة أحجار في النبع ، ولمّا فعلوا عند عودتهم ، تفجّرت مياهه ، ومن يومها أطلق عليه الأهالي إسم" نبع مار سمعان". ومن آثار بشرّي القديمة العديد من الكنائس والأديار والمعابد في مختلف مناطقها ومغاور النسّاك وصوامعهم في وادي قاديشا المعروف بالوادي المقدّس.

عائلاتها

موارنة : أصيلة. الأطرش. أعثور. أنتيكا. الباشا. البادري. بركات. بلّوق. جبران. جعجع. حبيش. حدّاد. حوّا. خضرا. خطّار. خليل. الخوري فرنسيس. ديب. رحمة. زيدان. ساسين. سعد. سكّر. سليم. الشايب. شباط. شبيعة. الشدياق. شقير. شلفة. شلّيطا. شويري. الضاهر ـ حنّا الضاهر. طربيه. طوق. العبد. عرنوق. عريضة. عون. عيسى الخوري. فخر. الفخري. غريشي. فرنسيس. قالوش ـ كالوش. قدّاحة. كاحلة. كسبار. كيروز.

١٦٠