كتاب اللّامات

عبد الرحمن بن إسحاق الزّجّاجي

كتاب اللّامات

المؤلف:

عبد الرحمن بن إسحاق الزّجّاجي


المحقق: الدكتور مازن المبارك
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار صادر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٢٠٧

في هذا الموضع فقيل : وأيّ فائدة في إدخال الباء في خبر (ما) و (ليس) في قولك : ما زيد بقائم / وما عبد الله بقائم؟ ونحو قوله : (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ)(١)(وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا)(٢) و (ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ)(٣) وما الفائدة في إدخال الباء هاهنا؟ فكان جواب النحويين كلّهم في ذلك أن قالوا : أدخلت الباء في الخبر مشدّدة للنفي مؤكّدة له. وقال الزّجاج : هذا قول جيّد ، والّذي عندي فيه أنّ الباء تؤذن بالنفي ، وتعلم أنّ أوّل الكلام منفيّ ، لأنه يجوز أن يسمع السامع إذا قيل له : ما زيد قائما ، آخر الكلام دون أوّله لإغفاله عنه وشغل قلبه ، فيجوز أن يظنّه محقّقا

__________________

إن عبد الله قائم ، جواب عن سؤال سائل ، وقولهم : إن عبد الله لقائم ، جواب عن إنكار منكر قيامه ، فقد تكررت الألفاظ لتكرر المعاني ، قال : فما أحار المتفلسف جوابا.» دلائل الإعجاز : ١٦٩ (ط مصر سنة ١٣٣١ ه‍).

(١) سورة الزمر ٣٩ : ٣٦.

(٢) تتمة الآية : (وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ.) يوسف ١٢ : ١٧.

(٣) الآية : (وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ.) إبراهيم ١٤ : ٢٢. والمصرخ : من يزيل سبب الصراخ أي المغيث ، يقال : استصرخت فلانا فأصرخني ، أي أغاثني بازالة سبب صراخي. ذلك أن من معاني وزن (أفعل) السلب والإزالة ؛ تقول : أعتبه ، أي أزال سبب عتبه ، وأقذى عينه : أزال قذاها.

٦١

من قولهم : كان زيد قائما ، وأمسى زيد قائما ، وما أشبه ذلك ، فإذا قيل : ما زيد بقائم ، فسمع بقائم ، علم أنّ الكلام منفيّ لا محالة ، فهذه فائدة الباء. وجعلت اللّام بإزائها في التحقيق.

وفي هذا الباب ضروب من السؤال :

أحدها أن يقال : فلم أدخلت اللّام في خبر (إنّ) وحدها دون سائر أخواتها ؛ فلم يجز أن يقال : لعلّ زيدا لقائم ، وكأنّ عبد الله لشاخص ، وما أشبه ذلك ، كما قيل : إنّ زيدا لقائم؟

والآخر أن يقال : فإذا كانت اللّام مؤكّدة فلم جعلت في الخبر دون الاسم؟ وكيف كان تقدير ذلك؟

والثالث أن يقال : فإذا كانت مؤكّدة للخبر فلم جاز دخولها وخروجها؟ وهلّا كانت لازمة؟

والرابع أن يقال : فهلّا اكتفي بتوكيد (إنّ) وتحقيقها ، لأنّها أيضا إنّما تؤكّد الخبر لا الاسم ؛ ألا ترى أنك إذا قلت : إنّ زيدا قائم ، فإنّما أكّدت القيام لا زيدا؟

والخامس أن يقال : فلم تكسر (إنّ) إذا دخلت هذه اللّام في خبرها ، ولا يجوز فتحها البتّة؟ مثل ذلك : ظننت أنّ زيدا قائم ،

٦٢

وحسبت أنّ أباك شاخص ، فإذا أدخلت اللّام كسرت إنّ فقلت : ظننت إنّ زيدا لقائم ، وحسبت إنّ أخاك لشاخص ، وعلمت إنّ بكرا لقائم ، كما قال الله تعالى : (أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ)(١) فكسر إنّ لوقوع اللّام في الخبر.

والسادس أن يقال : إذا كانت هذه اللّام إنّما تدخل في الأخبار كما ذكرتم ، فلم نراها منتقلة عن ذلك داخلة على الأسماء؟ وهذا نقض لما أصّلتموه ، ألا ترى أنّا نقول : إنّ في الدار لزيدا ، أو : إنّ عندك لعمرا ، فندخل اللّام على الاسم لا على الخبر ، كما قال الله تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى)(٢) وما أشبهه ، وكقوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى)(٣). /

الجواب عن هذه المسائل :

__________________

(١) سورة العاديات ١٠٠ : ٩ ـ ١١.

(٢) سورة النازعات ٧٩ : ٢٦ وذكر ابن هشام أنهم يتّسعون في الظرف والمجرور ما لا يتسعون في غيرهما. ولذلك قدموهما خبرين على الاسم في باب إن نحو (إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً) المغني ٢ : ٧٧٤. واستبعد أن تكون هذه الآية جوابا للقسم في قوله (والنازعات غرقا) ٢ : ٧١٩.

(٣) سورة طه ٢٠ : ٥٤ و ١٢٨.

٦٣

أمّا إدخال اللّام في خبر إنّ دون سائر أخواتها ، فلأنّ إنّ داخلة على المبتدأ والخبر ، محققة له ، غير مزيلة لمعناه ، وهذه اللّام هي لام الابتداء الداخلة للتوكيد ، فجاز دخولها على خبر إنّ وحدها لمّا لم تغيّر معنى الابتداء. ولم تدخل على سائر أخواتها لأنّها تغيّر معنى الابتداء لما تدخل عليه من المعاني نحو دخول كأنّ للتشبيه والاستفهام والتقريب ، وليت للتمنّي ، ولعلّ للترّجي والتوقّع ، واستدراك لكنّ بعد الجحد (١).

وأما لزوم اللام في الخبر دون الاسم فإنّ أصلها كان قبل أن يقال : إن زيدا لقائم ، كان : لإنّ زيدا قائم (٢) ، فاستقبحوا الجمع بين حرفين مؤكّدين ، فجعلوا إنّ في الابتداء واللّام في الخبر ليحسن الكلام ويعتدل (٣).

__________________

(١) على أن الكوفيين يجيزون دخول اللام في خبر لكن ، فيقولون : ما قام زيد لكنّ عمرا لقائم. ويستشهدون بقول الشاعر : ولكنني من حبها لكميد. وانظر المسألة : ٢٥ من كتاب الإنصاف.

(٢) في الأصل : (كان قبل أن يقال كان إن زيدا لقائم لإن زيدا قائم ..) وقد رأينا تأخير كان الثانية ليتضح الكلام.

(٣) قال ابن هشام في ذكر فائدة لام الابتداء : إنها تؤكد مضمون الجملة ، ولهذا زحلقوها في باب إن عن صدر الجملة كراهية ابتداء الكلام بمؤكدين. وانظر المغني ١ : ٢٥١.

٦٤

فإن قال قائل : فهلّا جعلت اللّام في الاسم وإنّ في الخبر؟ قلنا : ذلك غير جائز لعلّتين : إحداهما أنّ (إنّ) عاملة ، فلو جعلت (إنّ) في الخبر كان يلزم أن يتقدّم اسمها عليها منصوبا ، وذلك غير جائز فيها لضعفها وامتناعها من التصرّف. والأخرى أنه لو نصب بها ما يليها ورفع ما قبلها كان قد تقدّمها مرفوعها وجعل منكورا وخبرها معروفا ، وكلّ ذلك غير جائز فيها ، فجعلت (إنّ) في الاسم لتنصبه ولا يبطل عملها ، وجعلت اللّام في الخبر لأنه موضع قد يقع فيه ما لا تؤثر فيه (إنّ) نحو الفعل الماضي والمستقبل وحروف الخفض والجمل.

وأما جواز دخول هذه اللّام في الخبر وخروجها ، فإنّ ذلك على مذهب سيبويه والبصريين إنّما جاز لأنّها زيادة في التوكيد ، ومشدّدة تحقيق (إنّ) ، والزيادة في التوكيد جائز أن يؤتى بها وجائز ألّا يؤتى بها ، فإذا أتي بها كان أشدّ للتوكيد وأبلغ ، وإذا لم يؤت بها كان في (إنّ) كفاية. وأمّا على مذهب الفرّاء ، وهو مولّد من هذا المذهب ، فليس دخولها وخروجها سواء ؛ لأنّ الكلام عنده ، يقع جوابا للنفي ؛ فقولك : إنّ زيدا قائم ، جواب من

٦٥

قال : ما زيد قائما. وقولك : إنّ زيدا لقائم ، جواب من قال : ما زيد بقائم ، وقد مضى شرح هذا فيما مضى من الباب (١). وإنّما قلنا إنّ هذا المذهب مأخوذ من مذهب سيبويه لأنّ قولك : ما زيد بقائم / أشدّ توكيدا للنفي من قولك : ما زيد قائما ، فكذلك دخول اللّام في الجواب وخروجها.

وأمّا سؤال من قال : هلّا اكتفي بتوكيد (إنّ) وحدها ، فقد مضى الجواب عنه ، وهو أنّها ـ أعني اللّام ـ زيادة في التوكيد ، وتشديد له ، فلذلك جاز الإتيان بها وحدها ، ولهذا نظائر في العربيّة ؛ كقولك : قام القوم كلّهم أجمعون ، وأحد التوكيدين يغني عن الآخر ، وكذلك : مررت بزيد نفسه عينه ، ورأيت الرجلين أنفسهما أعينهما ، كلّ ذلك تشديد للتوكيد ، وفي واحد منه كفاية. وقد قال البصريون ، لمّا كانت إنّ مؤكّدة للجملة واللّام مؤكدة للخبر جاز الجمع بينهما ، لأنّ (إنّ) توكيد للخبر عن زيد ، وقد أكّدت الجملة ، واللام تؤكّد الخبر ، فجاز الجمع بينهما لذلك.

وأمّا كسر إنّ إذا دخلت اللّام في خبرها في قولك : ظننت إنّ زيدا لقائم ، وعلمت إنّ أخاك لمنطلق ، فإنّما كسرت ولم يجز

__________________

(١) تقدّم ذكر ذلك في ص : ٦٠.

٦٦

فتحها ، لأنّ (أنّ) المفتوحة مع ما تعمل فيه اسم بتأويل المصدر يحكم عليه بالرفع والنصب والخفض. (وإنّ) المكسورة حرف معنى لا موضع له من الإعراب. واللّام التي هي خبر إنّ قد قلنا إنها لام الابتداء ، وكانت مقدّرة قبل إنّ ، ولام الابتداء تمنع ما قبلها أن يعمل فيما بعدها ، فلم يجز لما قبل (إنّ) أن يعمل فيها واللام بينهما ، لأنّ لام الابتداء حاجز يمنع ما قبله من التخطّي إلى ما بعده. ألا ترى أنك تقول : علمت لزيد منطلق ، وحلفت لأخوك قائم ، ولا يكون لعلمت تسلّط على ما بعد اللّام ، فكذلك كان الأصل في قولك : علمت إنّ زيدا لقائم ، علمت أنّ زيدا قائم ، فمنعت اللام الفعل أن يعمل في (إنّ) فبقيت مكسورة على حالها (١) ، ثم أخّرت اللّام إلى الخبر لفظا ، وهي في المعنى مقدّرة في موضعها ، كما أنك إذا

__________________

(١) أي أن اللام منعت فعل القلب من التسلّط على إن ومعموليها. قال ابن هشام : يجب كسر الهمزة إذا وقعت (إن) قبل اللام المعلّقة ، نحو : (والله يعلم إنك لرسوله ، والله يشهد إن المنافقين لكاذبون) ، فاللام من (لرسوله) ومن (لكاذبون) معلّقان لفعلي العلم والشهادة ، أي مانعان لهما من التسلّط على لفظ ما بعدهما ، فصار لما بعدهما حكم الابتداء ، فلذلك وجب الكسر. ولو لا اللام لوجب الفتح / كما قال الله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ) و (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ.) انظر شرح الشذور ٢٠٥ ـ ٢٠٦.

٦٧

قلت : غلامه ضرب زيد ، فالغلام مقدّر بعد زيد ، وإن كان قد وضع في غير موضعه.

وأمّا دخول هذه اللّام على الأسماء في بعض المواضع ، كقولك : إنّ في الدار لزيدا ، وفي قول الله عزّ وجلّ : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى)(١) وما أشبه ذلك فقد قلنا إنّ أصل دخولها كان في أول الكلام كما شرحنا ، فلما تقدّم الخبر [و] وقع اسم إنّ موقع خبرها مؤخّرا جاز دخول اللّام عليه لزوال العلّة التي من أجلها / لم تدخل عليه ، وهي (٢) الجمع بين حرفين مؤكّدين في مكان واحد ، فاعلم ذلك وقس عليه إن شاء الله.

__________________

(١) النازعات ٧٩ : ٢٦ وانظر الحاشية ٢ في ص : ٦٣.

(٢) في الأصل : فهو.

٦٨

باب لام الابتداء

لام الابتداء تدخل على الابتداء والخبر (١) مؤكّدة ومانعة ما قبلها من تخطّيها إلى ما بعدها (٢) ، كقولك : لأخوك شاخص ، ولزيد قائم ، وكقوله تعالى : (لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللهِ)(٣)(وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ)(٤) و (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ)(٥) ، وكقول امرىء القيس (٦) :

__________________

(١) قال ابن هشام : إنها تدخل باتفاق في موضعين : أحدهما المبتدأ ، والثاني بعد إنّ. وهي تدخل في باب إن على ثلاثة باتفاق ؛ الأول : الاسم. والثاني : المضارع.

والثالث : الظرف. وتدخل على ثلاثة باختلاف ؛ أحدها : الماضي الجامد : والثاني : الماضي المقرون بقد. والثالث : الماضي المتصرف المجرد من قد. وأما في غير باب إن فقد اختلف في دخولها على شيئين هما خبر المبتدأ المتقدم والفعل. وانظر تفصيل ذلك مع الأمثلة في المغني ١ : ٢٥١ وما بعدها.

(٢) ولهذا علّقت العامل في نحو علمت لزيد منطلق. ومنعت من تقدّم الخبر على المبتدأ في نحو : لزيد قائم.

(٣) سورة الحشر ٥٩ : ١٣.

(٤) سورة النحل ١٦ : ٣٠.

(٥) سورة التوبة ٩ : ١٠٨.

(٦) تقدمت ترجمته في ص : ٤٨.

٦٩

ليوم بذات الطّلح عند محجّر

أحبّ إلينا من ليال على وقر (١)

وهذه اللّام لشدّة توكيدها وتحقيقها ما تدخل عليه يقدّر بعض الناس قبلها قسما فيقول هي لام القسم ، كأنّ تقدير قوله : لزيد قائم ، والله لزيد قائم ، فأضمر القسم ودلّت عليه اللّام. وغير منكر أن يكون مثل هذا قسما ؛ لأنّ هذه اللّام مفتوحة كما أنّ لام القسم مفتوحة ، ولأنها تدخل على الجمل كما تدخل لام القسم ، ولأنها مؤكّدة محقّقة كتحقيق لام القسم ، ولكنّها ربّما كانت لام قسم وربّما كانت لام ابتداء ، واللفظ بهما سواء ، ولكن بالمعنى يستدلّ على القصد ؛ ألا ترى أنّ من قال : لزيد قائم ، محقّقا لخبره لم يقل له : حنثت ، إن كان زيد غير قائم. ولكن إذا وقع بعدها المستقبل ومعه النون الثقيلة أو الخفيفة فهي لام القسم ، ذكر القسم قبلها أو لم يذكر ، كقولك : لأخرجنّ ولتنطلقنّ يا زيد ، وكقوله تعالى : (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ)(٢) وكقوله تعالى : (لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ

__________________

(١) ديوان امرئ القيس : ١٠٩ والرواية فيه : ليال بذات الطلح ... من ليال على أقر. ومحجر ببلاد طيّء.

(٢) تتمة الآية : (مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً ، وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ.) آل عمران ٣ : ١٨٦.

٧٠

ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ)(١). اللّام في هذا كلّه للقسم ، وليس قبله قسم ظاهر إلّا في النيّة ، وإنّما حكمنا عليها بذلك لأنّ القسم لو ظهر لم يجز أن يقع الفعل المستقبل محقّقا إلّا باللام والنون كما ذكرنا. فأمّا قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ / مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ)(٢) فهذا يؤيد ما ذكرنا ، لأنه قد ذكر أخذ الميثاق ثمّ أتى باللّام والنون مع الفعل ، فدلّ على أنها لام القسم ، وكذلك كلّ ما كان عليه دليل من هذا النوع حمل على القسم ، وما لم يكن فيه دليل فاللّام فيه لام الابتداء ، والمعنى بينهما قريب لاجتماعهما في التوكيد والتحقيق (٣).

__________________

(١) وقبلها (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ. لَتَرَوُنَّ ...) التكاثر ١٠٢ : ٥ ـ ٨.

(٢) آل عمران ٣ : ٨١ وأما اللام في قوله : (لَما آتَيْتُكُمْ) فيرى ابن هشام ألا تكون موطئة للقسم وألا تكون (ما) بعدها شرطية ، بل هي للابتداء و (ما) موصولة.

(انظر المغني ١ : ٢٦٠) وهو بخلاف رأي الفراء كما في معاني القرآن ١ : ٢٢٥. وقد جوّز أبو البقاء في (ما) الوجهين كما نقل ابن هشام في المغني ٢ : ٤٥٥.

(٣) ولذلك أجازوا أن تكون اللام في كثير من الشواهد لام ابتداء أو لام قسم.

انظر المغني ١ : ٢٥٢.

٧١

باب لام التعجّب

لام التعجّب تدخل على المتعجّب منه صلة لفعل مقدّر قبله ، كقولك : لزيد ما أعقله ، والتقدير : اعجبوا لزيد ما أعقله ، وكذلك قال بعض العلماء في قول الله عزّ وجلّ : (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ)(١) قال : تقديره : اعجبوا لإيلاف قريش ، لأنّ حروف الخفض صلات للأفعال. وقال بعضهم : هي متّصلة بسورة الفيل (٢) ، تقديره : (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ لِإِيلافِ قُرَيْشٍ.) وقال آخرون : هي صلة لقوله : (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ لِإِيلافِ قُرَيْشٍ)(٣) لأنّ صلات

__________________

(١) من سورة قريش ، وهي قوله تعالى : (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ ، إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ ، فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) قريش ١٠٦ : ١ ـ ٤.

(٢) وهي قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ. أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ. وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ. تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ. فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ.) الفيل ١٠٥ : ١ ـ ٥.

(٣) عدّ ابن هشام اللام في (لِإِيلافِ) للتعليل وقال : «وتعلّقها ب (فَلْيَعْبُدُوا).) وقيل : بما قبله ، أي (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ)(لِإِيلافِ قُرَيْشٍ ،) ورجّح بأنها في مصحف أبيّ سورة واحدة ، وضعف بأن (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ) إنما كان لكفرهم وجرأتهم على البيت. وقيل : متعلقة بمحذوف تقديره : اعجبوا.» المغني ١ : ٢٢٩ ـ ٢٣٠.

٧٢

الأفعال تتقدّم وتتأخّر. وربّما سبق لام التعجّب حرف النداء كقولهم : يا لزيد فارسا ، أي اعجبوا لزيد فارسا ، ويا لك راكبا. وكذلك ما أشبهه. ومن هذا الباب أيضا لام القسم الخافضة ، كقولهم : لله ما [تأتي](١) به. ولا تكون هذه اللّام خافضة للمقسم به إلّا متضمّنة معنى التعجّب في الله وحده (٢) ، كما قال الشاعر :

لله يبقى على الأيّام ذو حيد

بمشمخرّ به الظيّان والآس (٣)

__________________

(١) في الأصل : لله ماتي به.

(٢) ذكر ابن هشام من معاني اللام : القسم والتعجب معا. وقال : إن هذه اللام تختص باسم الله تعالى كقوله : لله يبقى على الأيام ذو حيد.

وذكر اللام التي تأتي للتعجب المجرد عن القسم ، وقال : إنها تستعمل في النداء ، كقولهم : يا للماء ، ويا للعشب ، إذا تعجبوا من كثرتهما. المغني ١ : ٢٣٦.

(٣) الحيد : العقدة أو الالتواء في قرن الوعل. ويريد بذي الحيد الوعل.

والمشمخر : الجبل الشامخ. والظيّان : ياسمين البر. والآس : نبات دائم الخضرة. وهذا البيت من شواهد الكتاب (٢ : ١٤٤) وهو منسوب فيه إلى أمية بن أبي عائذ ، والمغني (٢ : ٢٣٦) ، وقد نسب في شرح شواهده (٢ : ٥٧٤) إلى أبي ذؤيب ، وليس في ديوانه ، بل هو في ديوان الهذليين (٣ : ٢) ضمن أبيات سينية منسوبة إلى مالك بن خالد الهذلي ، والرواية فيه : والخنس لن يعجز الأيام ذو حيد. وإلى مالك أيضا نسبه صاحب تاج العروس (مادة : حيد) والرواية فيه : تالله يبقى على الأيام ، ولا شاهد فيه على هاتين الروايتين. ويبدو أن صدر هذا البيت مكرر في أكثر من قصيدة وبروايات مختلفة ، ولذلك فقد اختلف في نسبته وروايته. وانظر شرح المفصّل ٩ : ٩٨ و ٩٩ والخزانة ٤ : ٢٣١ ـ ٢٣٣.

٧٣

وقد كشف بعض المحدثين معنى هذه اللام وتضمنها للتعجب بأن كرّر عليها التعجّب ، وإن كان ليس بحجّة ، ولكنّه مما يبيّن هذا المعنى ، وهو قوله :

لله آنسة فجعت بها

ما كان أبعدها من الدّنس (١)

وقال العلماء في قوله : لله درّك : إنّ هذه لام التعجّب ، وإن كان دعاء للمخاطب به أو المخبر عنه في قولهم : لله درّه. وقالوا معناه : كثّر الله خيره. والدرّ : اللّبن ، وكان أكثر ما يشربون ، فدعي بتكثيره لهم ، لأنه لا يكثر إلّا بكثرة غنمهم ومواشيهم ، ومخرجه مخرج التعجّب. وقال بعضهم : لله درّك [أي](٢) لله / ما تأتي به.

__________________

(١) هو ليعقوب بن الربيع في جارية ملكها بعد أن بذل فيها جاهه وماله ، فأقامت معه ستة أشهر ثم ماتت. وانظر البيت في جملة ما قاله يعقوب في كتاب الكامل للمبرد ٣ : ١٢٥٥ ورغبة الآمل ٨ : ٢٥١.

(٢) زيادة ليست في الأصل.

٧٤

باب اللام الداخلة على المقسم به

اعلم أنّ حروف القسم أربعة وهي : الباء ، والتاء ، والواو ، واللّام. هذه الحروف تخفض المقسم به. وهي صلات فعل مقدّر ، كقولك ، والله لأخرجنّ ، وبالله وتالله ولله لأنطلقنّ ، والتقدير : أقسم بالله ، فالفعل مقدّر وإن لم ينطق به. وإن حذفت هذه الحروف نصبت المقسم به كقولك : الله لأخرجنّ. فأمّا الواو والباء فتدخلان على كلّ محلوف به (١). ولا تدخل التاء إلّا على الله وحده (٢) ، ولا اللّام إلا عليه في حال التعجّب (٣). ولا بدّ للقسم من جواب ، وجوابه في النفي ما ولا ، وفي الإيجاب إنّ واللّام.

وقد تدخل على ضروب من المقسم به لام الابتداء التي مضى

__________________

(١) الباء أصل حروف القسم ، ولذلك خصت بجوار ذكر الفعل معها نحو : أقسم بالله لتفعلن. وبدخولها على الضمير نحو : بك لأفعلن. وباستعمالها في القسم الاستعطافي نحو : بالله هل نجح سعيد؟. وأما الواو فلا تدخل إلا على مظهر ، ولا تتعلّق إلا بمحذوف نحو : والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين وانظر المغني ١ : ١١٢ و ٤٠٠.

(٢) وقال ابن هشام : «هي حرف جر ، معناه القسم ، وتختص باسم الله تعالى ، وربما قالوا : تربّي ، وتربّ الكعبة ، وتالرحمن.» المغني ١ : ١٢٣.

(٣) انظر ما سبق في الحاشية ٢ ص ٧٣.

٧٥

ذكرها ، فيرتفع لأنّها تمنع ما قبلها أن يعمل فيه كقولك : لعمرك لأخرجنّ ، هو مرفوع بالابتداء ، والخبر مضمر ، والتقدير : لعمرك ما أقسم به ، فموضع الجملة نصب ، قال الله تعالى : (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ)(١). وقال زهير (٢) :

لعمرك والخطوب مغيّرات

وفي طول المعاشرة التّقالي

لقد باليت مظعن أمّ أوفى

ولكن أمّ أوفى لا تبالي (٣)

وقال الهذليّ :

لعمر أبي عمرو لقد ساقه المنى

إلى جدث يوزى له بالأهاضب (٤)

قال سيبويه : العمر والعمر واحد ، فقولهم : لعمرك ، إنّما هو قسم

__________________

(١) سورة الحجر ١٥ : ٧٢.

(٢) زهير بن أبي سلمى المزني ، شاعر حكيم عاش قبل الإسلام. من أصحاب المعلّقات ، ومن أسرة عرف جلّ رجالها بالشعر ، وهو والد كعب صاحب قصيدة (بانت سعاد).

(٣) من أبيات قالها زهير حين طلّق امرأته. وانظر شرح ديوان زهير : ٣٤٢.

(٤) هو لصخر الغيّ يرثي أخاه أبا عمرو ، وقد نهشته حية فمات. والمنى : القدر. ووزى يزي وزيا (كوعى) : اجتمع وتقبض. وأوزى لداره : جعل الطين حول حيطانها. وانظر ديوان الهذليين ٢ : ٥١ وتاج العروس (مادة : منى ، وزى).

٧٦

ببقائه ، وكذلك لعمر الله قسم ببقائه عزّ وجلّ (١) ، ولم يستعمل في القسم إلّا مفتوحا (٢) ، فإن حذفت اللّام تعدّى الفعل إليه فنصبه كما نصب ما قبله من المقسم به عند حذف الحرف منه ، كقولك : عمرك لأخرجنّ. فأمّا قولهم : عمرك الله ، فإنّما هو منصوب بتقدير : سألت الله تعميرك ، ثم وضع العمر في موضع التّعمير ، لأنّ المصادر ينوب بعضها عن بعض ، وفيه معنى القسم. قال عبد بني الحسحاس (٣) :

ألكني إليها عمرك الله يا فتى

بآية ما جاءت إلينا تهاديا. (٤)

__________________

(١) وقد نصّوا على قبحه ونهوا عنه ؛ لأن المراد بالعمر عمارة البدن بالحياة ، وهذا غير البقاء ، ولذلك لا يليق بالله سبحانه. وانظر التاج (مادة : عمر).

(٢) العمر : بالفتح ، وبالضم ، وبضمتين : الحياة. ولا يستعمل في القسم إلا مفتوحا.

(٣) اسمه سحيم ، وهو عبد نوبيّ اشتراه بنو الحسحاس. عاش في عصر النبوّة ، ومات قتلا.

(٤) ألكني إليها : أي أبلغها رسالتي. والألوك : الرسالة. وقد ذكر البغدادي هذا البيت مع أبيات أخرى قالها سحيم في عميرة بنت أبي معبد في الخزانة ١ : ٢٧٣.

٧٧

/ باب اللام التي تكون جواب القسم

قد ذكرنا في هذا الباب الأول أنّ القسم يجاب بأربعة أشياء : باللّام وإنّ في الإيجاب ، وما ولا في النفي (١). ولا بدّ للقسم من جواب ؛ لأنه به تقع الفائدة ويتمّ الكلام ، ولأنه هو المحلوف عليه ، ومحال ذكر حلف بغير محلوف عليه. فاللّام كقولك : والله لأخرجنّ ، وتالله لأقصدنّ زيدا ، قال الله تعالى : (وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ)(٢) وقال تعالى : (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ)(٣) ثمّ قال (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ) فجعل جوابه باللّام. وأمّا الجواب بإنّ

__________________

(١) تقدم ذكر ذلك في ص : ٧٥.

(٢) سورة الأنبياء ٢١ : ٥٧. وقد استشهد ابن هشام بهذه الآية في مواضع كثيرة ؛ منها كون تاء القسم تختص بالتعجب وباسم الله تعالى ، ونقل عن الزمخشري قوله في هذه الآية : «الباء أصل حروف القسم ، والواو بدل منها ، والتاء بدل من الواو ، وفيها زيادة معنى التعجب ، كأنه تعجب من تسهيل الكيد على يده وتأتيّه مع عتوّ نمرود وقهره.» (المغني ١ : ١٢٣) ومنها كون اللام والنون في لأكيدنّ واجبتين (المغني ١ : ٢٥٤) ومنها تعلّق (تالله) بمحذوف (المغني ٢ : ٤٩٨). وانظر أيضا المغني ١ : ٢٥٩ و ٣٧٥ و ٢ : ٤٥١.

(٣) قال تعالى : (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ ، وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ ، وَوالِدٍ وَما وَلَدَ ، لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ.) البلد ٩٠ : ١ ـ ٤. وانظر المغني ١ : ٢٧٦.

٧٨

فمثل قولك : والله إنّ زيدا قائم. قال الله عزّ وجلّ : (وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ)(١)(وَالطُّورِ وَكِتابٍ مَسْطُورٍ)(٢) ثمّ قال (إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ.) وربّما أضمر جواب القسم إذا كان في الكلام دليل عليه كما قال تعالى : (وَالشَّمْسِ وَضُحاها)(٣) ثم أضمر القسم في قوله : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها) التقدير : لقد أفلح من زكّاها ، وجاز هذا الإضمار لدلالة قد عليه ، لأنها مؤكّدة واللام للتوكيد ، وكذلك جميع ما في كتاب الله تعالى من الأقسام لا بدّ له من جواب ظاهر أو مضمر على ما ذكرت لك. وربّما بعد الجواب عن القسم ، فقد قالوا في قوله تعالى : (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ)(٤)

__________________

(١) سورة العصر ١٠٣ : ١ ـ ٢.

(٢) قال تعالى : (وَالطُّورِ ، وَكِتابٍ مَسْطُورٍ ، فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ ، وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ ، وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ ، وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ ، إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ.) الطور ٥٢ : ١ ـ ٧.

(٣) قال تعالى : (وَالشَّمْسِ وَضُحاها ، وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها ، وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها ، وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها ، وَالسَّماءِ وَما بَناها ، وَالْأَرْضِ وَما طَحاها ، وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها ، فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها ، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها.) الشمس ٩١ : ١ ـ ٩ وانظر المغني ٢ : ٥٤١.

(٤) سورة ص ٣٨ : ١.

٧٩

إنّ جوابه قوله (إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ)(١) ، وقد قيل هو مضمر. وأمّا الجواب بما ولا فقولك : والله لا يقوم زيد ، ووالله ما يقوم زيد ، فقس على هذا جوابات القسم إن شاء الله.

__________________

(١) سورة ص ٣٨ : ٦٤ والذي قال بأن هذه الآية جواب للآية الأولى من السورة هو الكوفيون والزجاج على ما نقل ابن هشام (المغني ٢ : ٦٠٤) وقال : «وأما (ص والقرآن) الآية .. فقيل : الجواب محذوف ، أي : إنه لمعجز ؛ بدليل الثناء عليه بقوله (ذي الذكر). أو إنك لمن المرسلين ؛ بدليل (وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ) ٣٨ : ٤ أو : ما الأمر كما زعموا ؛ بدليل (وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ) ٣٨ : ٤ وقيل : مذكور ؛ فقال الأخفش : (إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ) ٣٨ : ١٤ وقال الفراء وثعلب (ص) لأن معناها : صدق الله. ويردّه أن الجواب لا يتقدم ، فإن أريد أنه دليل الجواب فقريب. وقيل (كَمْ أَهْلَكْنا) الآية ٣٨ : ٣ وحذفت اللام للطول.» المغني ٢ : ٦٠٦.

٨٠