كتاب اللّامات - المقدمة

المؤلف:


الموضوع : اللغة والبلاغة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٢

كتاب اللّامات

هو كتاب تحدث فيه أبو القاسم الزجاجي (٣٣٧ ه‍) عن حرف (اللام) في اللغة العربية ، وتناول في حديثه كل ما يتصل بهذا الحرف ، ومواقعه في الكلام ، وأحكامه المختلفة.

ودراسة الحروف على هذه الطريقة الجزئية ، أعني الدراسة التي تتناول حرفا واحدا ، كانت معروفة لدى اللغويين والنحاة منذ العصور الأولى للتأليف ؛ فكما كان بعضهم يؤلف على الطريقة الكلية أو العامة الشائعة ، تلك التي تقوم على أساس الموضوع العام ، كما هو الأمر في (كتاب) سيبويه (١٨٠ ه‍) مثلا ، وكتاب (المقتضب) للمبرد (٢٨٥ ه‍) ، وكتاب (الأصول) لابن السراج (٣١٦ ه‍) ، كذلك كان بعضهم يخصّ جزئية من جزئيات الموضوع بالبحث والتأليف ، كما هو الأمر في كتابي (الهمز) لقطرب (٢٠٦ ه‍) ولأبي زيد (٢١٥ ه‍) ، وكتابي (التثنية والجمع) لأبي عبيدة (٢١٠ ه‍) وللجرمي (٢٢٥ ه‍) ، وكتاب (الألف واللام) للمازني (٢٤٩ ه‍). وكان من النحاة من جمع بين الطريقتين في التأليف ؛ كالمبرد الذي ألّف في النحو كتبا عامة كالمقتضب ، وكالمدخل في النحو. كما ألّف في

٢١

موضوعات خاصة منه ، ككتابه في المقصور والممدود ، وكتابه في المذكر والمؤنث.

وكذلك أبو القاسم الزجاجي الذي ألّف في النحو كتاب (الجمل) كما ألّف في موضوع خاص منه كتاب (اللامات).

ولعلّنا لا نعرف أحدا قبل ابن هشام (٧٦١ ه‍) استطاع أن يستوعب الحروف جميعها دراسة وبحثا ، وأن يعرض من خلال حديثه عنها كثيرا من موضوعات النحو ومسائله ، على نحو ما صنع في كتابه الضخم (مغني اللبيب).

جمع الزجّاجي في كتاب (اللامات) كل ما يتعلّق باللام وأحكامها ومواضعها في كلام العرب ، مستشهدا لكل ما يقول بالآيات القرآنية والشواهد الشعرية ، قال : «هذا كتاب مختصر في ذكر اللامات ومواقعها في كلام العرب ، وكتاب الله عزّ وجلّ ، ومعانيها وتصرّفها والاحتجاج لكل موقع من مواقعها ، وما بين العلماء في بعضها من الخلاف».

ويتألف الكتاب من مقدمة وستة وثلاثين بابا ؛ أما المقدمة فقد ذكر فيها موضوع الكتاب وعدد اللامات وأسماءها في اللغة العربية. وأما الأبواب فثلاثون بابا منها لأنواع اللامات ـ وهي عنده إحدى وثلاثون لاما ، إلا أنه جعل لام المستغاث به ولام المستغاث من أجله في باب

٢٢

واحد ـ وأربعة أبواب منها لمسائل تتصل باللام ؛ كباب ما يمتنع اجتماعه مع الألف واللام اللتين للتعريف ، وباب دخول الألف واللام على الأسماء المشتقة من الأفعال ... ، وأما الباب الخامس والثلاثون فقد جعله لأحكام اللام في الإدغام. وترك الباب الأخير من الكتاب لمسائل صغيرة متفرقة ، ختمها بالحديث عن اللام في قوله تعالى : (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ ، وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ ، وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ.) وبذلك ينتهي الكتاب ، وهو ـ كما وصفه صاحبه ـ كتاب مختصر لا حشو فيه ولا استطراد.

٢٣

نسخة كتاب اللّامات

نسخة كتاب اللامات وحيدة ، لا ثانية لها فيما نعلم ، وهي ضمن مجموعة مخطوطة ، تضمّ كتاب (الجمل) وكتاب (الإيضاح في علل النحو) وكتاب (شرح مقدمة أدب الكاتب) وكتاب (اللامات) ، وهي كلها من مؤلّفات أبي القاسم الزجاجي.

والمجموعة في مكتبة شهيد علي باستمبول (رقم : ١١). وفي معهد إحياء المخطوطات بالقاهرة صورة مصغّرة عنها (فيلم) تحت الرقم : ٢٧ نحو.

وتتألف نسخة (كتاب) اللامات من اثنتين وثلاثين ورقة ، تبدأ من الورقة ١١٦ من أوراق المجموعة ، وتنتهي في الورقة ١٤٧ منها. وورقتها متوسطة الحجم ، وفي الصفحة منها ثلاثة وعشرون سطرا.

وهي نسخة كاملة ، واضحة ، لم تعبها وحدتها ، ولم تقعد بنا عن تحقيقها ؛ تبدأ الصفحة الأولى منها بعنوان الكتاب ، وهو : «كتاب اللامات لأبي القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي النحوي ، رحمة الله عليه» (١). وتنتهي الصفحة الأخيرة بقول المؤلف : «تمّ الكتاب ، والحمد

__________________

(١) انظر صورة الصفحة الأولى من الكتاب ص : ٣٠.

٢٤

لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على سيّد المرسلين محمد نبيّه ، وعلى أهل بيته الطيّبين ، صلاة دائمة زاكية إلى يوم الدين ، وحسبنا الله ونعم الوكيل.» وفي هذه الصفحة أيضا شهادة سماع وإجازة إقراء كتبها الشيخ ابن سحنون الغماري ، وهذا نصّها : «قرأ عليّ الشيخ الفقيه العالم الفاضل المتقن المجوّد المقرىء الأديب ، زين الدين أبو العباس ، أحمد ابن الشيخ الفقيه الأجلّ أبي محمد عبد الله بن عزاز بن كامل الشافعي ، أدام الله توفيقه وسلامته ، جميع هذا الكتاب المعروف باللامات ، تصنيف الشيخ أبي القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي ، رحمه الله ، قراءة ضبط ، وبحث ، وتفهيم. وأذنت له في إقرائه ، إذ هو أهل لذلك ، حقيق به.

وكتب عبد العزيز بن سحنون بن علي الغماري ، والحمد لله وحده ، وصلواته على سيدنا محمد نبيّه وصحبه وسلامه ، في السادس والعشرين من شوال سنة عشرين وستمائة.» (١)

وأبواب الكتاب متلا حقة ما بين عنوانه وخاتمته ، مما يوثّق حكمنا بكمال النسخة وتمامها.

أما كاتب هذه النسخة فلم يشر إلى نفسه ، ولا إلى تاريخ نسخها. ونعتقد أن كاتبا واحدا تولى نسخ المجموعة كلها ؛ إذ أن جميع الكتب التي تضمها

__________________

(١) انظر صورة الصفحة الأخيرة من الكتاب في ص : ٣٢.

٢٥

المجموعة مكتوبة بخط واحد ، ووفق قاعدة إملائية واحدة ؛ فمن عادة الكاتب مثلا إهمال الهمزة ، لا سيما المتطرفة مثل همزة أسماء وأشياء ، وكتابة مثل : يسأل ومسألة ، على النحو التالي : يسئل ومسئلة ، وقد اتبع ذلك في كتب المجموعة كلها ، كما أن شكل الحروف ورسمها واحد في كتب المجموعة.

وأما تاريخ كتابة النسخة فنرجّح أنه حوالي سنة ٦١٧ ه‍ ؛ وذلك لأن الذي كتبها هو الذي كتب المجموعة كلها ، كما ذكرنا ، ولأن تاريخ سماع النسخة وإجازة إقرائها هو ٢٦ شوال من سنة ٦٢٠ ه‍ ، وقد لا حظنا أن شهادة السماع وإجازة الإقراء أمر تكرّر في كتب المجموعة ، وتاريخها فيها يتلو تاريخ النسخ ؛ ففي كتاب (الإيضاح في علل النحو) ، وهو أحد كتب المجموعة ، نصّ الناسخ على أنه تمّ الفراغ من نسخه في ٢٢ ربيع الأول سنة ٦١٧ ه‍ ، وأرّخ ابن سحنون إجازته ب ١٦ ذي القعدة سنة ٦٢٠ ه‍ (١). وهو إنما أرّخ إجازته على كتاب اللامات ب ٢٦ شوال سنة ٦٢٠ ه‍ كما رأينا ، فلا بدّ أن يكون تاريخ كتابته ـ على الأرجح ـ قبيل هذا التاريخ ، وفي زمن كتابة سائر كتب المجموعة.

أما ابن سحنون فهو عبد العزيز بن سحنون ، أحد شيوخ العربية

__________________

(١) انظر الإيضاح في علل النحو ص ١٤٢ وص : ٣٥.

٢٦

بمصر في عصره ، وممّن تصدّر في جامعها لإقراء العربية ، وكانت وفاته سنة ٦٢٥ ه‍ (١).

وأما أبو العباس زين الدين الشافعي ، فهو أحمد بن عبد الله بن عزاز ابن كامل ، المعروف بابن قطبة. برع في العربية ، ومات سنة ٦٦٩ ه‍ (٢). وقد قرأ ابن قطبة بعض آثار الزجاجي على ابن سحنون قراءة بحث وتفهيم ، ونال إجازة منه في إقرائها ، وشهد ابن سحنون بذلك ، وسجل شهادته على كل من كتب الزجاجي التي تضمها المجموعة المخطوطة.

__________________

(١) انظر ترجمته في بغية الوعاة : ٣٠٨.

(٢) بغية الوعاة : ١٣٧ وفيها أنه مات سنة ٦٩٩ ، وهو خطأ اعتمدت في تصحيحه على الوافي بالوفيات ج : ٧ الورقة : ٥٩ ب (وهو فيلم في معهد المخطوطات بالقاهرة).

٢٧

منهج تحقيق الكتاب

١ ـ كتبت النص بالقواعد الإملائية المتبعة اليوم ، ولم أتقيد برسم النصّ الأصلي ، وأهملت الإشارة إلى ذلك إذ لم أجد فائدة في ذكره.

٢ ـ عنيت بالشكل ، فضبطت به ما دعت الحاجة إليه ولا سيما الآيات القرآنية ، والشواهد الشعرية ، والألفاظ المشكلة.

٣ ـ عرّفت بالأعلام الذين ورد ذكرهم على لسان الزجاجي.

٤ ـ خرّجت ما ورد في الكتاب من شواهد.

٥ ـ وردت في النص شواهد وألفاظ تحتاج إلى الشرح والتفسير ، فشرحتها وفسّرت معانيها.

٦ ـ تقيّدت ـ ما أمكنني ـ بالنصّ الأصلي ، ووضعت ما أضفته إليه بين هذين المعقوفين : [] ، تمييزا له ، وأشرت إلى ذلك في الحاشية.

٧ ـ كثيرا ما كان الزجاجي يستشهد بأقوال سيبويه ، لذلك فقد تتبعت نقوله واستشهاداته فنقلتها عن (الكتاب) مباشرة ، أو أشرت إلى مكان النصّ المنقول أو المستشهد به في (الكتاب).

٢٨

٨ ـ أشرت بخط مائل في وسط الكلام إلى انتهاء صفحة من الأصل المخطوط وابتداء صفحة جديدة ، ووضعت على هامش السطر الذي وقع فيه الخط رقم الصفحة ، مشيرا بالحرف (أ) إلى وجهها الأيمن ، وبالحرف (ب) إلى وجهبا الأيسر. فالرمز : ٦ ب ، مثلا ، يعني : الوجه الأيسر من الورقة السادسة.

٩ ـ ختمت الكتاب بفهارس لكل ما ورد فيه من أعلام ، وآيات ، وأشعار

٢٩

٣٠

٣١

٣٢