الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٤

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٤

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-196-3
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٧١

٣ ـ عن ابن عباس : كان علي «عليه‌السلام» أخذ راية رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يوم بدر.

قال [الحكم] الحاكم : وفي المشاهد كلها (١).

٤ ـ وعن مالك بن دينار : سألت سعيد بن جبير وإخوانه من القراء : من كان حامل راية رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله»؟

قالوا : كان حاملها علي (رض) (٢).

__________________

ص ٨٦ والبحار ج ٢٠ ص ٨١ وج ٣٨ ص ٢٤٠ و ٢٥٦ وتيسير المطالب ص ٤٩ ومناقب أهل البيت للشيرواني ص ٣٩ والإستيعاب ج ٣ ص ١٠٩٠ وشرح النهج ج ٤ ص ١١٧ ونظم درر السمطين ص ١٣٤ وشواهد التنزيل ج ١ ص ١١٨ والإكمال في أسماء الرجال ص ١٢٧ وأبو هريرة للسيد شرف الدين ص ١٣٥ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤٢ ص ٧٢ وتهذيب الكمال ج ٢٠ ص ٤٨٠ والوافي بالوفيات ج ٢١ ص ١٧٨ وأعيان الشيعة ج ١ ص ٣٣٥ والمناقب للخوارزمي ص ٥٨ وكشف الغمة ج ١ ص ٧٩ و ١٩٠ والعدد القوية ص ٢٤٤ والنصائح الكافية ص ٢٣٧ وبناء المقالة الفاطمية للسيد ابن طاووس ص ١٣٣ ومنهاج الكرامة ص ٩٥ وغاية المرام ج ٥ ص ١٧٥ وشرح إحقاق الحق ج ٤ ص ٤٥٤ و ٤٥٥ وج ١٥ ص ٤٣٠ و ٦٥٤ وج ٢٠ ص ٤٥٧ وج ٢٢ ص ١٤٦ وج ٢٣ ص ٥٠٩ وج ٣١ ص ٢٩٦ و ٦٠٤.

(١) ذخائر العقبى ص ٧٥ والرياض النضرة المجلد الثاني ج ٤ ص ١٥٦ وينابيع المودة ج ٢ ص ١٦٦ وجواهر المطالب لابن الدمشقي ج ١ ص ١٨٩ وشرح إحقاق الحق ج ٨ ص ٥٢٧ وج ٣٠ ص ٢٢١ وراجع : الكامل لابن عدي ج ١ ص ٢٤٠ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤٢ ص ٧٢.

(٢) ذخائر العقبى ص ٧٥ وينابيع المودة ج ٢ ص ١٦٧ وشرح إحقاق الحق ج ٤ ص ٢٦٩ وج ١٥ ص ٥٥٠ ومناقب آل أبي طالب ج ٣ ص ٨٥ والبحار ج ٤٢ ص ٦٠.

٤١

وفي نص آخر : أنه لما سأل مالك سعيد بن جبير عن ذلك غضب سعيد ، فشكاه مالك إلى إخوانه من القرّاء ، فعرّفوه : أنه خائف من الحجاج.

فعاد وسأله ، فقال : كان حاملها علي (رض).

هكذا سمعت من عبد الله بن عباس (١).

وفي نص آخر عن مالك بن دينار ، قال : قلت لسعيد بن جبير : من كان صاحب راية رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله»؟

قال : إنك لرخو اللبب.

فقال لي معبد الجهني : أنا أخبرك. كان يحملها في المسير ابن ميسرة العبسي ، فإذا كان القتال ؛ أخذها علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه (٢).

٥ ـ عن جابر : قالوا : يا رسول الله ، من يحمل رايتك يوم القيامة؟

__________________

(١) راجع : مستدرك الحاكم ج ٣ ص ١٣٧ وصححه ، وقال : له شاهد من حديث زنفل العرفي ، وفيه طول فلم يخرجه الحاكم ، وأعيان الشيعة ج ١ ص ٣٣٧ وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب «عليه‌السلام» في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ج ١١ ص ٣٤٥ ومناقب الخوارزمي ص ٢٥٨ و ٢٥٩ و (ط مؤسسة النشر الإسلامي) ص ٣٥٨ ، وشرح إحقاق الحق ج ٤ ص ٢٦٩ وج ٨ ص ٥٢٤ وج ١٥ ص ٥٤٩ ومناقب آل أبي طالب ج ٣ ص ٨٥ والبحار ج ٤٢ ص ٦٠ وغاية المرام ج ٧ ص ٥١.

(٢) الطبقات الكبرى (ط ليدن) ج ٣ ق ١ ص ١٥ و (ط دار صادر) ج ٣ ص ٢٥ ومستدرك الحاكم ج ٣ ص ١١١ وتلخيصه للذهبي بهامشه ، ومناقب الخوارزمي ص ٢١ و ٢٢ والإرشاد للمفيد ص ٤٨ وتيسير المطالب ص ٤٩ وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب «عليه‌السلام» في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ج ٩ ص ٤٣٧ وشرح إحقاق الحق ج ٨ ص ٥٢٤ وج ٣٢ ص ٣٤٣.

٤٢

قال : من عسى أن يحملها يوم القيامة ، إلا من كان يحملها في الدنيا ، علي بن أبي طالب؟! (١).

وفي نص آخر : عبر باللواء بدل الراية (٢).

٦ ـ وحينما مرّ سعد بن أبي وقاص برجل يشتم عليا «عليه‌السلام» ،

__________________

(١) مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ج ٣ ص ٢٧ والبحار ج ٣٩ ص ٢١٣ ومناقب أمير المؤمنين للكوفي ج ١ ص ٢٩١ و ٥١٥ وج ٢ ص ٤٩٨ والمعجم الكبير للطبراني ج ٢ ص ٢٤٧ والإكمال في أسماء الرجال ص ٣٤ وقاموس الرجال ج ١٠ ص ٣٣٤ وكتاب المجروحين لابن حبان ج ٣ ص ٥٤ والكامل لابن عدي ج ٧ ص ٤٧ والمسترشد للطبري هامش ص ٣٣٤ والإحتجاج للطبرسي هامش ص ١٨٠ والرياض النضرة المجلد الثاني ج ٣ ص ١٧٢ عن نظام الملك في أماليه ، وكفاية الطالب ص ٣٣٦ ، وقال : ذكره محدث الشام ـ أي ابن عساكر ـ في ترجمة علي «عليه‌السلام» من كتابه بطرق شتى عن جابر ، وعن أنس ، وكنز العمال ج ١٣ ص ١٣٦ ومناقب أمير المؤمنين «عليه‌السلام» لابن المغازلي ص ٢٠٠ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤٢ ص ٧٤ و ٧٥ والموضوعات ج ١ ص ١٦ و ٣٨٨ وميزان الإعتدال ج ٤ ص ٢٤٠ والبداية والنهاية ج ٧ ص ٣٧١ وجواهر المطالب لابن الدمشقي ج ١ ص ١٨٢ وعمدة القاري ج ١٦ ص ٢١٦ ومناقب الخوارزمي ص ٣٥٨ وشرح إحقاق الحق ج ١٥ ص ٥٥٢ و ٥٥٣ وج ٢٣ ص ٢٩٧ وج ٣٠ ص ٢٢٤ وحديث خيثمة ص ١٩٩ وتنبيه الغافلين ص ١٩.

(٢) تاريخ مدينة دمشق ج ٤٢ ص ٧٥ وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب «عليه‌السلام» في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ج ٨ ص ١٤٩ وشرح إحقاق الحق ج ١٥ ص ٥٥٧.

٤٣

والناس حوله في المدينة ، وقف عليه ، وقال : يا هذا! علام تشتم علي بن أبي طالب؟

ألم يكن أول من أسلم؟

ألم يكن أول من صلى مع رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله»؟

ألم يكن أزهد الناس؟

ألم يكن أعلم الناس؟

وذكر حتى قال : ألم يكن صاحب راية رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في غزواته؟ (١).

وظاهر كلامه هذا : أن ذلك كان من مختصاته صلوات الله وسلامه عليه.

٧ ـ عن مقسم : إن راية النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كانت تكون مع علي بن أبي طالب «عليه‌السلام» ، وراية الأنصار مع سعد بن عبادة ، وكان إذا

__________________

(١) شرح الأخبار ج ٢ ص ٥٤٢ والإكمال في أسماء الرجال للخطيب التبريزي ص ٧٨ وإمتاع الأسماع ج ١٢ ص ٣٥ وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب «عليه‌السلام» في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ج ٨ ص ٣٢١ وشرح إحقاق الحق ج ١٨ ص ٢٠٣ ومناقب أمير المؤمنين للكوفي ص ٢٩١ ومستدرك الحاكم ج ٣ ص ٥٠٠ وصححه على شرط الشيخين هو والذهبي في تلخيص المستدرك ، وحياة الصحابة ج ٢ ص ٥١٤ و ٥١٥. وأظن أن القضية كانت مع سعد بن مالك أبي سعيد الخدري ، لأن سعد بن أبي وقاص كان منحرفا عن أمير المؤمنين «عليه‌السلام». ويشير إلى ذلك ما ذكره الحاكم في مستدركه ج ٣ ص ٤٩٩ من أن أبا سعيد قد دعا على من كان ينتقص عليا «عليه‌السلام» فاستجاب الله له.

٤٤

استعر القتال كان النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» مما يكون تحت راية الأنصار (١).

٨ ـ عن عامر : إن راية النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كانت تكون مع علي بن أبي طالب «عليه‌السلام» ، وكانت في الأنصار حيثما تولوا (٢).

وقد يناقش في هذين النصين الواردين تحت رقم (٧) و (٨) بأنهما فيما يبدو يرجعان إلى نص واحد وهو المروي عن ابن عباس (٣) بواسطة عامر تارة ومقسم أخرى وعامر عن مقسم ثالثة ، وكلاهما عن ابن عباس في مورد رابع. وقد يظهر لنا من كل ذلك أنها رواية واحدة اكتفى الراوون بذكر واحد ممن رأوه هو الأشهر والأذكر بنظرهم.

وفي جميع الأحوال نقول :

قد يقال : إن هذه الرواية أو الروايتين لا تدلّان على أن الراية كانت دائما مع علي «عليه‌السلام» بصورة أكيدة وصريحة ، لكن الإنصاف هو : أن ظاهرهما ذلك. ولكن تبقى هذه رواية شاذة لا عبرة بها إذا قورنت بذلك السيل الهائل من الروايات الصحيحة والصريحة في خلاف ذلك كما هو ظاهر.

__________________

(١) المصنف للصنعاني ج ٥ ص ٢٨٨ ، والتاريخ الكبير ج ٦ ص ٢٥٨ وشرح إحقاق الحق ج ٨ ص ٥٢٧ وج ٢٠ ص ٥٢٩ و ٣٣٢ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢٠ ص ٢٤٩ وسير أعلام ج ١ ص ٢٧٣ وراجع : فتح الباري ج ٦ ص ٨٩ عن أحمد ، عن ابن عباس بإسناد قوي.

(٢) المصنف للصنعاني ج ٥ ص ٢٨٨ وشرح إحقاق الحق ج ٢٠ ص ٥٣٠.

(٣) مجمع الزوائد ج ٥ ص ٣٢١ وراجع : فتح الباري ج ٦ ص ٨٩ والتاريخ الكبير ج ٦ ص ٢٥٨ وسبل الهدى والرشاد ج ٧ ص ٣٧١ و ٣٧٢ وج ٩ ص ١٠٩ وشرح إحقاق الحق ج ٨ ص ٥٢٦.

٤٥

٩ ـ عن ثعلبة بن أبي مالك ، قال : كان سعد بن عبادة صاحب راية رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في المواطن كلها ؛ فإذا كان وقت القتال أخذها علي بن أبي طالب (١).

١٠ ـ قال ابن حمزة : «وهل نقل أحد من أهل العلم : أن عليا كان في جيش إلا وهو أميره»؟ (٢).

١١ ـ وفي حديث المناشدة : أن عليا «عليه‌السلام» قال : نشدتكم الله ، هل فيكم أحد صاحب راية رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» منذ يوم بعثه الله إلى يوم قبضه ، غيري؟!

قالوا : اللهم لا (٣).

عتاب أمير مكة :

قالوا : لما بلغ رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» خبر هوازن وما عزموا عليه ، أراد التوجه لقتالهم ، واستخلف عتاب بن أسيد أميرا على أهل مكة ، ومعاذ بن جبل (إماما بها ، وفقيها فيها) يعلمهم السنن والفقه ، وكان عمر عتاب إذ ذاك قريبا من عشرين سنة (٤).

__________________

(١) أسد الغابة ج ٤ ص ٢٠ وأنساب الأشراف ج ٢ ص ١٠٦ لكن فيه : ميسرة العبسي بدل سعد بن عبادة ، وراجع : شرح إحقاق الحق ج ٨ ص ٥٢٥.

(٢) الشافي لابن حمزة ج ٤ ص ١٦٤.

(٣) المسترشد في إمامة علي بن أبي طالب «عليه‌السلام» ص ٥٧ و (ط سنة ١٤١٥ قم) ص ٣٣٤.

(٤) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣١٢ و ٤٠٦ والسيرة النبوية لدحلان (ط دار ـ

٤٦

ونقول :

قد تقدم الحديث عن عتاب بن أسيد واستخلافه على مكة ، وعن إبقاء معاذ بن جبل معه ، ليعلمهم بعض الأحكام والسنن.

وقد بينا هناك بعض ما يفيد في معرفة ما يرمي إليه النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من هذا الإختيار وذاك ..

إستعارة السلاح من المشركين :

عن جابر بن عبد الله ، وعمرو بن شعيب ، وعبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم ، والزهري ، وعن أمية بن سفيان : أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لما أجمع السير إلى هوازن ذكر له : أن عند صفوان بن أمية أدرعا وسلاحا ، فأرسل إليه ـ وهو يومئذ مشرك ـ فقال : «يا أبا أمية أعرنا سلاحك هذا نلقى فيه عدونا».

فقال صفوان : أغصبا يا محمد؟

قال : «لا ، بل عارية مضمونة حتى نردها إليك».

قال : ليس بهذا بأس ، فأعطى له مائة درع بما يكفيها من السلاح ، فسأله رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن يكفيهم حملها ، فحملها إلى أوطاس (١).

__________________

المعرفة) ج ٢ ص ١٠٨ وراجع : إعلام الورى ص ١٢٨ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ١٠٠ والبحار ج ٢١ ص ١٧٤ والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج ٢ ق ٢ ص ٤٨ و ٤٩ وإمتاع الأسماع ج ٢ ص ١٠ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ١٣٧ وأعيان الشيعة ج ١ ص ٢٧٨.

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣١٢ عن ابن إسحاق ، وأحمد ، وأبي داود ، ـ

٤٧

ويقال : إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» استعار منه أربعمائة درع بما يصلحها (١).

وزعم بعضهم : أن بعض تلك الأدرع فقد ، فأراد النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن يضمنها له ، فأبى بعد إسلامه ، وقال : «أنا اليوم في الإسلام يا رسول الله أرغب» (٢).

قالوا : واستعار رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في غزوة حنين أيضا من نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ثلاثة آلاف رمح ، فقال : «صلى الله

__________________

والنسائي ، وراجع : البداية والنهاية ج ٤ ص ٣٧٠ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ٨٩١ والثقات لابن حبان ج ٢ ص ٦٦ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٣٤٦ والتنبيه والإشراف ص ٢٣٤ والكامل في التاريخ ج ٢ ص ٢٦٢ وأعيان الشيعة ج ١ ص ٢٧٩ وعيون الأثر ج ٢ ص ٢١٥ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٦١٣ وإمتاع الأسماع ص ١٠ وإعلام الورى ص ١١٩ والبحار ج ٢١ ص ١٦٤ و ١٦٥ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ١٠٠ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ١٠٧ و (ط دار المعرفة) ص ٦٣ والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ١٠٨.

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣١٢ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ١٠٧ و (ط دار المعرفة) ص ٦٣ وإمتاع الأسماع ص ١٠ والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ١٠٨ وتفسير القرطبي ج ٨ ص ٩٧.

(٢) السيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ١٠٨ وسبل السلام ج ٣ ص ٦٩ وتلخيص الحبير ج ١١ ص ٢١٠ ونيل الأوطار ج ٦ ص ٤١ ومسند أحمد ج ٣ ص ٤٠١ وج ٦ ص ٤٦٥ والسنن الكبرى للنسائي ج ٣ ص ٤١٠ وسنن الدارقطني ج ٣ ص ٣٥ وتنقيح التحقيق للذهبي ج ٢ ص ١٢١ وأضواء البيان للشنقيطي ج ٩ ص ١٢٣ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٧١ وإمتاع الأسماع ج ١٤ ص ٨ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٦١٤ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ص ٦٣.

٤٨

عليه وآله» : كأني أنظر إلى رماحك هذه تقصف ظهر المشركين (١).

ونقول :

قد يقال : ما هو السبب في استعارة النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» درعا من مشرك ، وكذلك في اقتراضه أموالا من المشركين في مكة ، ومنهم صفوان بن أمية كما تقدم.

مع أن هذا الأمر لا يخلو من إحسان وتفضل من المعير بالنسبة للمستعير ، وكان النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يطلب من الله : أن لا يجعل لكافر ولا مشرك عليه يدا يستحق أن يكافئه ، أو أن يشكره عليها (٢).

ونقول في الجواب :

إن الإمتنان على الآخرين ، إنما يصح لو كان لذلك المشرك مال يبذله ، وعطاء يسديه ، وأما إعطاء العبد لمالكه مالا ، فلا يعد تفضلا ، لأن العبد وما ملكت يداه لسيده ومولاه ..

وصفوان بن أمية كان من مشركي مكة التي افتتحها رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عنوة ، ومن دون قتال ، لأن ما وقع من قتال لم يكن بأذن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، بل كان منهيا عنه. فأصبح أهلها الذين

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣١٢ عن السهيلي ، والسيرة الحلبية ج ٣ ص ١٠٧ و (ط دار المعرفة) ص ٦٣ والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ١٠٨.

وراجع : المستدرك للحاكم ج ٣ ص ٢٤٦ والإستيعاب لابن عبد البر ج ٤ ص ١٥١٢ وقاموس الرجال ج ١٠ ص ٤١٥ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٤ ص ٤٧ وأسد الغابة ج ٥ ص ٤٦ والمنتخب من ذيل المذيل ص ١٠.

(٢) تقدمت مصادر ذلك في الحديث عن إيمان أبي طالب.

٤٩

نابذوه وقاتلوه ملكا له ، يتصرف فيهم كيف يشاء ، وأصبح مالهم ماله ، فاستعارة الدروع من صفوان لا تجعل لصفوان يدا عند رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، لأن صفوان ودروعه ملك له «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

يضاف إلى ذلك : أنه قد يقال : إن اقتراضه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» هذا لم يكن لاستفادته الشخصية ، بل هو لأجل حفظ الدين والدفع عن المؤمنين ، فليس لهم أن يمنّوا على شخص النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بما يعود نفعه لغيره.

فإن قلت : إن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد حرر أهل مكة ، وقال لهم :

اذهبوا فأنتم الطلقاء. فكانت الأموال لأهلها ، فإن أعاروها له «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كانت يدا لهم عنده.

ونجيب :

أولا : إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال لهم : اذهبوا فأنتم الطلقاء ، ولم يقل لهم : اذهبوا فأنتم الأحرار. والطليق مقابل المقيد ، والأسير. والعبد مقابل الحر .. وإطلاق الأسير يعطيه القدرة على التنقل والحركة ، سواء أكان هذا الطليق عبدا أو حرا.

وإنما لم يقل لهم : اذهبوا فأنتم الأحرار ، لإمكان أن يوهموا الناس بأن مقصود النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» هو تقرير حقيقة ثابتة منذ الأزل. فاختيار كلمة : أنتم الطلقاء تعني من جهة : سبق العبودية لهم. وهي من جهة أخرى تبقي الأمر مؤرجحا بين احتمالين :

أحدهما : أنه قد حررهم بنفس هذه الكلمة.

والثاني : أنهم لا زالوا على عبوديتهم ، ولكنه يعطيهم الحرية في التصرف كتصرف الأحرار.

٥٠

فمعاملتهم من قبل النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» والأئمة ، كما يعامل الأحرار لا ينافي ما قلناه. لأنه يكون قد جاء على سبيل التفضل والتكرم ، فإن للسيد أن يفسح المجال لعبده ليتملك ، ويتزوج ، ويبيع ويشتري ، ولا يلزمه بالإستئذان منه في شيء من ذلك .. وإن انتهى الأمر بعد ذلك إلى صرف ذلك المالك نظره عن عبده هذا بالكلية ، ليصبح طليقا وحرا أيضا ..

أي أن حريته تتحقق بصرف النظر هذا ، لا بكلمة : اذهب فأنت طليق ..

وعلى هذا الأساس يصح من مالك ذلك العبد أن يقترض من عبده ، وأن يرد إليه ما اقترضه منه.

ونلاحظ هنا : دقة وأهمية هذه السياسة النبوية مع أناس يعرف «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أخلاقهم وطموحاتهم ، ونفسياتهم ، ويتوقع ، بل ويعرف كيف سيكون موقفهم من هذا الإسلام ، ومن رموزه الحقيقين ، وهم علي وأهل بيته «عليهم‌السلام» ، فأراد أن يبقي على هذا الشعور عندهم بحقيقة ما انتهى إليه أمرهم معه من خلال تذكيرهم بأنهم لا يستحقون إلا أن يكونوا أرقاء ويسجل ذلك للتاريخ وللأجيال ..

نعود لنقول :

إن مكة لم تفتح عنوة ، وخوف أهل مكة من الجيش المندفع إليها لا يجعلها مفتوحة بقوة السيف .. ولا نرى فرقا بين أن تجتمع الجيوش في المدينة ، فيخاف أهل مكة ، ويعلنون استسلامهم ، وبين أن تحضر الجيوش إلى محيط البلد ، فيخاف أهلها ، ويجنحون إلى الاستسلام ، وبين أن يدخلها ذلك الجيش ، فيخاف أهلها ويعزفزن عن القتال. ففي هذه الموارد كلها لا يقال :

إن البلد قد فتحت عنوة ..

٥١

وربما يشهد لكون مكة ملكا لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» :

ما ورد في الروايات من كراهة تأجير بيوت مكة للحجاج ، وأن يعلقوا عليها أبوبا ، وأنه لا ينبغي أن يمنعوا الحاج شيئا من الدور ينزلونها وأن للحجاج أن ينزلوا معهم في دورهم في ساحة الدار ، حتى يقضوا مناسكهم ، وأن أول من جعل لدور مكة أبوابا هو معاوية (١).

ثانيا : لو سلمنا : أن إطلاقهم يعني تحريرهم ، لكن ذلك لا يخرج أموالهم عن كونها غنائم للفاتحين ، ولا يعيدها إليهم إلا بإعطاء جديد وصريح.

ومجرد إغماض النظر عن المطالبة بتلك الأموال يكون منة أخرى له «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عليهم ، حيث إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أباح لهم التصرف بها ، وإن لم يملّكهم إياها.

وربما يقال : إن هذه الأموال إن كانت غنائم ، وكانت مكة قد فتحت عنوة ، فمعنى ذلك : أنها ملك للفاتحين ، وهم هذا الجيش الذي دخل مكة

__________________

(١) راجع النصوص في المصادر التالية : مسائل علي بن جعفر ص ١٤٣ و ١٦٨ وقرب الإسناد ص ٦٥ و ٥٢ والكافي ج ١ ص ٢٤٣ و ٢٤٤ وج ٤ ص ٢٤٣ و ٢٤٤ ومن لا يحضره الفقيه ج ٢ ص ١٢٦ وتهذيب الأحكام ج ٥ ص ٤٢٠ و ٤٦٣ وعلل الشرايع ج ١ ص ٣٩٦ والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج ١٣ ص ٢٦٧ ـ ٢٧٠ و (ط دار الإسلامية) ج ٩ ص ٣٦٧ و ٣٦٨ والبحار ج ٣٣ ص ١٧١ والتفسير الأصفى ج ٢ ص ٨٠٢ والتفسير الصافي ج ٣ ص ٣٧١ وتفسير نور الثقلين ج ٣ ص ٤٨١ والحدائق الناضرة ج ١٧ ص ٣٤٨ و ٣٤٩ وجواهر الكلام ج ٢٠ ص ٤٩ وجامع المدارك ج ٢ ص ٥٤٩ ومختلف الشيعة ج ٤ ص ٣٦٧ وجامع أحاديث الشيعة ج ١٠ ص ٩٩ و ١٠١ ومنتقى الجمان ج ٣ ص ٤٧٦.

٥٢

كله ، فما معنى أن يتصرف بها رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» دونهم ، وأن يعطيها لأهل مكة ليتصرفوا بها؟!

ونجيب : بأن فتحها عنوة إنما هو بمعنى أخذها قهرا عن أهلها ، ولو بواسطة ما دخلهم من رعب حين رأوا ذلك الجيش .. فإذا لم يقع قتال واستسلم الناس لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فإن أموالهم تكون خالصة له «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، لا للمقاتلين ، وفي هذه الحال يكون هو الذي يعطي ويهب ، ويأذن بالتصرف ، أو لا يأذن.

فالمراد بقوله : لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب : أنه مما لم يقاتل عليه.

وليس المراد : أنه لم تحضره الخيل والرجال.

وأما ما وقع من خالد بن الوليد ، من قتال في مكة ، فهو غير مشروع ، لأن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، لم يأذن به ، بل هو قد نهى عنه ..

ودعوى : أن دخول الجيوش إلى مكة ، واستسلام أهلها خوفا من تلك الجيوش لإحساسهم بالعجز عن مواجهتها ، لا يوجب اعتبار مكة مفتوحة عنوة ، كما أوضحناه فيما سبق ، والتعبير بكلمة : «فتح» مكة لا يجدي في تغيير الحكم الذي يدور مدار فتحها نتيجة القتال ..

تاريخ خروج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى حنين :

قال أهل المغازي : خرج رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى حنين لست خلون من شهر شوال (١).

__________________

(١) السيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ١٠٨ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٤٦ وفتح الباري ج ٨ ص ٢١ والبحار ج ٢١ ص ١٨١ عن مجمع البيان

٥٣

وقال ابن إسحاق : لخمس ، وبه قال عروة ، واختاره ابن جرير ، وروي عن ابن مسعود (١).

وقيل : لليلتين بقيتا من شهر رمضان (٢).

وجمع بعضهم بين القولين : بأنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بدأ بالخروج من أواخر رمضان ، وسار سادس شوال (٣).

وكان وصوله في عاشره (٤).

__________________

ج ٥ ص ١٨ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٦٩ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٦١٠ وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب «عليه‌السلام» في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ج ١ ص ٢٥٥ ومعجم قبائل العرب ج ٣ ص ١٢٣٢ وإمتاع الأسماع ج ٢ ص ٩ والطبقات الكبرى ج ٢ ص ١٥٠ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٥ ص ١٢٣ وعن أبي نعيم ، وابن إسحاق ، والواقدي ، وابن سعد ، وتاريخ الخميس ج ٢ ص ١٠٠.

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣١٤ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٦٩ و ٣٧١ والطبقات الكبرى ج ٢ ص ١٤٣ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٦١٠ و ٦١٥ وراجع : عمدة القاري ج ١٢ ص ١٣٦.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٤٦ وفتح الباري ج ٨ ص ٢١ والبحار ج ٢١ ص ١٨١ عن مجمع البيان ج ٥ ص ١٨ والطبقات الكبرى ج ٢ ص ١٤٣ وشرح النهج للمعتزلي ج ٨ ص ١٣٣.

(٣) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٤٦ وفتح الباري ج ٨ ص ٢١.

(٤) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٤٦ وفتح الباري ج ٨ ص ٢١ وإمتاع الأسماع ج ٢ ص ١١ وج ٨ ص ٣٨٨ وأعيان الشيعة ج ١ ص ٣٧٩ وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب «عليه‌السلام» في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ج ١ ص ٢٥٥.

٥٤

وقد انتهى إلى حنين مساء ليلة الثلاثاء (١).

وقال الواقدي : إن ذلك كان يوم السبت (٢).

ونقول :

إننا لا نستطيع أن نؤيد هذا الجمع بين القولين ، فإنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لا يحتاج إلى هذه المدة الطويلة التي تقرب من أسبوع أو أسبوعين ، لتحريك قواته إلى المعسكر ، مهما كان عدد تلك القوات كبيرا.

ولو صح ذلك ، فهو يعني : وجود خلل كبير في حركته ، من شأنه أن يسهّل على أعدائه تسديد ضرباتهم القوية إلى الجيش ، وإسقاط مقاومته.

ولكان نجاحه في حروبه غير منطقي ، ولا مقبول ، بل لا بد من اعتباره من خيالات الرواة والمحدثين.

خيف بني كنانة .. معسكر أهل الإيمان :

عن أبي هريرة : أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال : حين أراد حنينا : «منزلنا غدا إن شاء الله تعالى بخيف بني كنانة ، حيث تقاسموا على الكفر (٣).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣١٦ و ٣١٨ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ١٥٠ وإمتاع الأسماع ج ٢ ص ١١ وأعيان الشيعة ج ١ ص ٣٧٩.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣١٤ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ١٥٠ وتهذيب المقال ج ٣ ص ٢٨٦ وإمتاع الأسماع ج ٢ ص ٩ وأعيان الشيعة ج ١ ص ٣٧٩ وشرح النهج للمعتزلي ج ٨ ص ١٣٣.

(٣) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٣٠ و ٣١٣ عن البخاري ، ومسند أحمد ج ٢ ص ٢٣٧ و ٢٦٢ و ٣٥٣ و ٥٤٠ وج ٥ ص ٢٠٢ وعن صحيح البخاري ج ٢ ص ١٥٨ وج ٤ ـ

٥٥

وفي رواية قال : «منزلنا إن شاء الله تعالى إذا فتح الله الخيف ، حيث تقاسموا على الكفر» (١).

ونقول :

قد تقدم : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إنما قال ذلك حين فتح مكة ، وقد

__________________

ص ٣٣ و ٢٤٧ وج ٥ ص ٩٢ وج ٨ ص ١٩٤ وعن صحيح مسلم ج ٤ ص ٨٦ وشرح مسلم للنووي ج ٩ ص ٦١ وعن فتح الباري ج ٧ ص ١٤٧ وج ٨ ص ١٣ وراجع : المجموع للنووي ج ٨ ص ٢٥٢ وسنن ابن ماجة ج ١ ص ٤٤٦ وج ٢ ص ٨ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٥ ص ١٦٠ وج ٦ ص ٢١٨ وعن السنن الكبرى للنسائي ج ٢ ص ٤٦٧ ونيل الأوطار ج ٥ ص ١٦٦ وكنز العمال ج ١٠ ص ٣٨٨ وج ١١ ص ٧٧ وتهذيب الكمال ج ٢٢ ص ١٥٦ وغريب الحديث ج ٢ ص ٨٣١ ومعجم ما استعجم ج ٢ ص ٥٢٦ وعون المعبود ج ٥ ص ٣٤٣ ومسند ابن راهويه ج ١ ص ٣٢ ومسند أبي يعلى ج ١١ ص ٣٣٢ وصحيح ابن خزيمة ج ٤ ص ٣٢١ و ٣٢٢ ومسند الشاميين ج ٤ ص ١٧٧ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٧ ص ٢٧٧ وعن نصب الراية ج ٣ ص ١٨١ و ١٨٢ وعلل الدار قطني ج ٩ ص ٢٤٨ والمعجم الكبير ج ١ ص ١٦٨ والفايق في غريب الحديث ج ١ ص ٣٤٩ وتاريخ بغداد ج ٩ ص ٩٥ وتحفة الأحوذي ج ٣ ص ٥٧٤ وتاريخ مدينة دمشق ج ٥٤ ص ٢٢٣ وج ٥٧ ص ٣٩٤ وعن البداية والنهاية ج ٤ ص ٣٣٩ وج ٥ ص ٢٢٤ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٥٦١ وج ٤ ص ٤٠٧ ولسان العرب ج ١٢ ص ٤٨١.

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٣١ و ٣١٣ وصحيح البخاري وج ٥ ص ٩٢ ومسند أحمد ج ٢ ص ٣٢٢ وصحيح مسلم ج ٤ ص ٨٦ وعمدة القاري ج ١٧ ص ٢٨٢ وفتح الباري ج ٨ ص ١٦ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٣٩ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٥٦١ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٣ ص ٣٣٣.

٥٦

كان أهل مكة قد تقاسموا على الكفر بخيف بني كنانة .. فلعل أبا هريرة قد سمع ذلك من غيره ، ثم لما أراد أن يحدث به غيره ذهل عن حقيقة ما سمعه ، وسافر وهمه إلى قصة حنين .. أو أراد أن يبعد حديث التقاسم على الكفر عن قريش التي كان ضالعا في التسويق لبعض الطامحين فيها لإبعاد أمر الخلافة بعد رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عن أهل بيته الأطهار «عليهم‌السلام».

هذا بالإضافة إلى احتمال أن يكون خيف بني كنانة قد أصبح معسكرا لجيش الإسلام في فتح مكة ، وفي حرب حنين على حد سواء .. لكي ينطلق منه حماة الدين وأنصار الله ورسوله من المؤمنين المستضعفين ، بعد أن كان ذلك المكان مجمعا لعتاة الكفر ، الساعين لإطفاء نور الله ، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون .. والكافرون ..

والله العالم بحقيقة الحال ، وهو الموفق والمسدد في جميع الأحوال ..

أهل مكة .. وحرب هوازن :

لقد كان أهل حنين ـ وفي رواية : أهل مكة ـ يظنون حين دنا منهم رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، حين قدم من المدينة أنه مبادر بهوازن ، وصنع الله لرسوله أحسن من ذلك ، فتح له مكة ، وأقر بها عينه ، وكبت بها عدوه.

فلما خرج إلى حنين ، خرج معه أهل مكة لم يغادر منهم أحدا ، ركبانا ومشاة ، حتى خرج معه النساء يمشين على غير دين ، نظارا ينظرون ، ويرجون الغنائم ، ولا يكرهون أن تكون الصدمة لرسول الله «صلى الله عليه

٥٧

وآله» (١).

وكان معه ثمانون من المشركين : أبو سفيان بن حرب ، وصفوان بن أمية ، وكانت امرأته مسلمة وهو مشرك لم يفرق بينهما.

وجعل أبو سفيان بن حرب كلما سقط ترس أو سيف أو متاع من أصحاب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» نادى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : أن أعطنيه أحمله ، حتى أوقر بعيره (٢).

وخرج رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وزوجتاه : أم سلمة ، وميمونة ، فضربت لهما قبة (٣).

ونقول :

لا بد لنا هنا من بيان ما يلي :

خرج الناس نظارا ينظرون :

إن خروج جميع أهل مكة ، مؤمنهم وكافرهم إلى حنين ، وإن كانت أغراض الخارجين فيه مختلفة ، إنما يشير إلى عمق تأثير ما جرى في فتح مكة

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣١٤ عن الواقدي ، وابن عقبة ، وتاريخ الخميس ج ٢ ص ١٠٠ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٧٧ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٦٢٥ وتاريخ الإسلام للذهبي ج ٢ ص ٥٧٧ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٣ ص ٦٣.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣١٤ وراجع : تاريخ الإسلام للذهبي ج ٢ ص ٥٧٨ وإمتاع الأسماع ج ٢ ص ١٢.

(٣) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣١٤ عن الواقدي.

٥٨

على حياة الناس ، وعلى تفكيرهم ، وفي أعماق الروح لدى جميع المكيين ، حيث لا بد أن يدركوا أنهم أمام تحد هائل ومصيري ، قد أصبح في طور التبلور ، بصورة عملية ولا بد من التعاطي معه بمسؤولية ، وعقلانية ، واستيعاب تداعياته بحكمة وروية ، وبحنكة وأناة ، ولم يعد مسموحا لأحد أن يتصرف وفق هواه ، ومشتهاه.

وخروج جميع أهل مكة إلى حنين يدل على أن الناس بدأوا يسعون للمشاركة ، ولو على مستوى المشاعر ، والعواطف ، وأنهم يرصدون التحولات التي تلف منطقتهم ، وتهيمن على محيطهم بحرص واهتمام بالغ ، وإن كانت أغراضهم من ذلك تختلف وتتفاوت ، وكثير منهم إنما يبحثون عن الغنائم والمكاسب. ولكن قسما كبيرا لم يكن يفكر بهذه الطريقة ..

وهذا يعطينا تفسيرا معقولا ومقبولا لخروج طائفة من الناس ـ حتى النساء ـ إلى حنين ، على غير دين ، نظارا ينظرون. على حد تعبير النص المذكور آنفا ..

الغنائم هي الهدف :

وعن الذين خرجوا يرجون الغنائم ، نقول :

إننا لا نستطيع أن نتعقل طمع المشركين بأموال حلفائهم ، ومن يرونهم إخوانا لهم ، ومن هم على دينهم ، وجيرانهم. ومن هم وإياهم في خندق واحد في حرب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من معه أهل الإيمان .. نعم .. لا يمكن تعقل ذلك ، إلا على أساس انعدام الحس الإنساني ، وتلاشي حركة الضمير والوجدان لديهم.

٥٩

واللافت هنا : أن يكون على رأس الطامعين بالغنائم زعماء الشرك وعلى رأسهم أبو سفيان بن حرب وأضرابه ممن كانوا طيلة كل تلك السنين يدعون الناس إلى حرب محمد «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وإلى سفك دمه ، وإسقاط أطروحته ودعوته ، ولا يكرهون أن تكون الصدمة لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وها هم يخرجون مع رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بصورة علنية وظاهرة ، ولا يخجلون من تصرفهم هذا.

مع أن هذا لا يتوافق حتى مع مفاهيم الجاهلية ، ومع طريقة أهل الشرك أنفسهم ، حيث يعدونه غدرا وخيانة ، ومن موجبات الخزي والعار.

أبو سفيان يجمع ما يسقط :

ونقرأ في النصوص المتقدمة : أن أبا سفيان كان يجمع ما يسقط من أفراد ذلك الجيش من أترسة وسيوف ، وأمتعة. حتى أوقر بعيره منها. وأنه كان هو المبادر لهذا الفعل ..

فهل أراد بذلك إظهار حسن نواياه لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وللمسلمين؟!. أو أراد أن يكون ما يجمعه بعضا من غنيمة كان يرجوها لو كانت الدائرة على المسلمين؟!

لعل ما سيأتي من أنه لم يكن صادقا في إسلامه ، وكان يرجو أن تكون الدائرة على أهل الإيمان .. يؤيد هذا الإحتمال الأخير.

التفريق بين المشرك وزوجته :

ودعوى : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لم يفرق بين صفوان المشرك ، وامرأته المسلمة غير ظاهرة الصحة.

٦٠