الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٤

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٤

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-196-3
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٧١

إن اليعقوبي يذكر : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد قال هذه الكلمة بعد قتل ذي الخمار (١).

إن بغض قريش الموجب للدعاء بالسوء لا بد أن يكون لجهة مبغوضة لله تعالى. أما بغضها لأجل شركها مثلا ، فلا يستوجب هذا الدعاء ، بل هو من موجبات الحمد والثناء.

وأما بغض القبائل لبعضها البعض لأجل إحن جاهلية ، وثارات قبلية ، فلا يختص بقريش ، وهو من الأمور التي عمل الإسلام على اقتلاعها من جميع فئات المجتمع. حتى من قريش في بغضها للقبائل الأخرى إذا كان من أجل ذلك ..

ما كانت هذه لتقاتل!!

عن رباح بن ربيع : أنه خرج مع رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في غزوة غزاها ، وعلى مقدمته خالد بن الوليد ، فمر رباح وأصحاب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على امراة مقتولة مما أصابت المقدمة ، فوقفوا ينظرون إليها ، يعني : ويعجبون من خلقها ، حتى لحقهم رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على راحلته ، فانفرجوا عنها.

فوقف عليها رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فقال : «ما كانت هذه لتقاتل».

فقال لأحدهم : «الحق خالدا وقل له لا تقتل ذرية ولا عسيفا» (٢).

__________________

(١) تاريخ اليعقوب ج ٢ ص ٦٣.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٣٥ عن أحمد وأبي داود ، وراجع المصادر المتقدمة.

٣٤١

ونقول :

١ ـ إن هذه الرواية وإن لم تصرح : بأن ذلك كان في غزوة حنين ، لكن عبارة «مرّ على امرأة مقتولة مما جرى على المقدمة» تدل على : أن قتل هذه المرأة كان في حنين ، لأنها هي الغزوة الوحيدة التي انهزمت المقدمة فيها بهذا الشكل القبيح ، والمهين ، والمشين.

٢ ـ إن الكلمة الموجزة للنبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد تكفلت بحسم الأمر بصورة تامة من جميع جهاته ، لأنها أشارت إلى :

ألف : إدانة قتل النساء في الحروب ، لأن المقصود بكلمة «هذه» ليس هو شخص تلك المرأة ، بل جنسها ولا سيما مع ملاحظة كلمة «ما كانت هذه» ..

ب : إنها دلت على : أن التوجيه النبوي لجيشه كان هو المنع عن قتل النساء ، ولذلك أجرى الكلام وكأنه مفروغ عنه ، ليفيد : أن الذي يقتل هو خصوص من يقاتل ..

ج : إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إنما أشار إلى أن طبيعة وشأن ، وظاهر حال النساء هو أنهن لا يتصدين للقتال .. فما معنى أن يقتل من هذا حاله .. فلا بد من اعتبار قتل هذه المرأة حالة شاذة ، وغير مقبولة ..

٣ ـ إن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد عرف بمجرد رؤية تلك المرأة أن خالد بن الوليد هو المطالب بقتلها ، فسارع إلى إعادة تأكيد أوامره له بأن لا يرتكب أمثال هذه المخالفات.

وأما كيف عرف «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ذلك.

فأولا : هو «صلى‌الله‌عليه‌وآله» نبي متصل بالله ، وهو يخبره بكل ما يجب ، ويجب.

٣٤٢

ثانيا : لعله علم ذلك ، من حيث إن الذين مروا في ذلك المكان هم خالد ومن معه. دون سواهم. بالإضافة إلى قرائن ودلالات أخرى. لعلها توفرت له.

ثالثا : قد صرح بعضهم : بأنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» سألهم عن تلك المرأة ، فقالوا : قد قتلها خالد بن الوليد» (١).

٤ ـ إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كان كلما أراد ان يرسل بعثا أو سرية يجلسهم بين يديه ، ويوصيهم بوصايا جامعة ، ومنها قوله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «لا تقتلوا شيخا فانيا ، ولا صبيا ، ولا امرأة» (٢) فما معنى أن يخالف خالد ، ومن معه أوامر رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله»؟!

٥ ـ إن النص المذكور آنفا قد اقتصر على ذكر العسيف ، والذرية في الأمر الصادر لخالد من رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ..

فلماذا لم يذكر المرأة؟ مع أنها هي الحدث المقتضي لتجديد التأكيد على الأوامر الصادرة.

فالجواب هو : أن ثمة إسقاطا من الرواية ، ولا ندري إن كان متعمدا ..

ويدل على ذلك : تصريحهم بأنه لما وقف النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على تلك المرأة ، وأخبروه بأن خالدا قتلها «بعث إلى خالد ، ونهاه عن قتل المرأة ،

__________________

(١) تاريخ الخميس ج ٢ ص ١٠٦ والنص والإجتهاد ص ٣٢٤ وبغية الباحث ص ٢٠٧ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٨٥ وإمتاع الأسماع ج ٢ ص ١٨ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ٩٠٥ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٦٣٨ والمطالب العالية ج ٩ ص ٤٥٦.

(٢) البحار ج ١٩ ص ١٧٧ والكافي ج ٥ ص ٢٧ ومصادر أخرى تقدمت عن قريب.

٣٤٣

والطفل ، والأجير» (١).

إنه من أهل النار :

وذكر للنبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : أن رجلا كان بحنين قاتل قتالا شديدا ، حتى اشتدت به الجراح ، فقال : «إنه من أهل النار».

فارتاب بعض الناس من ذلك ، ووقع في قلوب بعضهم ما الله تعالى به أعلم.

فلما آذته جراحته ، أخذ مشقصا من كنانته فانتحر به.

فأمر رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بلالا أن ينادي : ألا لا يدخل الجنة إلا مؤمن ، إن الله تعالى يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر» (٢).

ونقول :

١ ـ في هذه الرواية دلالات مختلفة نقتصر منها على الإشارة إلى هذا الضعف الظاهر في إيمان كثيرين ممن عاشوا مع رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ورأوا الآيات والمعجزات ليس في الحروب وحسب ، وإنما في مختلف شؤون الحياة.

وقد بلغ بهم ضعف الإيمان هذا : أن قضية جزئية ، يخبر فيها النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عن مصير واحد من الناس قد أنستهم كل ما رأوه من

__________________

(١) تاريخ الخميس ج ٢ ص ١٠٦ وراجع المصادر المتقدمة.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٣٤ عن الواقدي ، والمعجم الأوسط ج ٣ ص ٣٥٧ وإمتاع الأسماع ج ١٣ ص ٣٤٤ والمتواري على أبواب البخاري لابن المنير الإسكندري ج ١ ص ١٨٠ ومصادر أخرى كثيرة.

٣٤٤

معجزات ، وعاينوه من دلالات ، ويتلاعب بهم الشيطان ، ويشككهم بدينهم وبنبيهم من أجلها ..

فليت شعري ، متى صلب هذا الإيمان فيهم ، حتى استعصى على الهزات ، وخلص من الشوائب ، والتشكيكات؟!

ومن يضمن لنا : أن لا تستمر ببعضهم حالات الريب والشك ، ويكتمها عنا ، وعن غيرنا إلى ما بعد موته؟!

وعلينا أن لا ننسى لفت نظر القارئ إلى أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كان يتعمد إلقاء أمثال هذه الأخبار لأصحابه لسببين :

أحدهما : أنه يريد أن يعمق الإيمان في قلوبهم بصورة عملية ، بتكرار أمثال هذه الحوادث ، ليوصلهم إلى اليقين الراسخ ، والقناعة التامة ..

الثاني : أنه يريد : أن يعرّف الأجيال اللاحقة بحقيقة معاناته ، وبواقع هؤلاء الناس ، الذي سيأتي من ينسب إليهم ثبات القدم في الدين ، وشدة اليقين فيه ، وحقيقة الوعي لحقائقه ومبانيه ، بل سوف يدّعون لهم مقام الإجتهاد ، والرشاد والسداد ، إلى درجة العصمة ، ويصرون على براءة ساحتهم ، من كل تهمة أو وصمة.

المجروحون في حنين :

عن عبد الله بن الأزهر ، قال : كان خالد بن الوليد جرح يوم حنين ، وكان على خيل رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فجرح يومئذ ، فلقد رأيت رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بعد ما هزم الله تعالى الكفار ، ورجع المسلمون إلى رحالهم يمشي في المسلمين ويقول : «من يدلني على رحل خالد

٣٤٥

بن الوليد»؟

فأتي بشارب ، فأمر من عنده فضربوه بما كان في أيديهم ، وحثا عليه التراب (١).

قال عبد الرحمن : فمشيت ـ أو قال : سعيت ـ بين يدي رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وأنا غلام محتلم ، أقول : من يدل على رحل خالد ، حتى دللنا عليه ، فإذا خالد مستند إلى موخرة رحله ، فأتاه رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فنظر إلى جرحه ، فتفل فيه فبرئ (٢).

عن عائذ بن عمرو قال : أصابتني رمية يوم حنين في جبهتي ، فسال الدم على وجهي وصدري ، فسلت النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» الدم بيده عن

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٣٤ و ٣٣٥ عن عبد الرزاق ، وابن عساكر ، وفي هامشه عن : مسند أحمد ج ٤ ص ٨٨ و ٣٥٠ و ٣٥١ والحميدي ص ٨٩٧ وعن دلائل النبوة للبيهقي ج ٥ ص ١٤٠.

وراجع : السيرة الحلبية ج ٣ ص ١١٤ والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ١١٢ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٣ ص ٢٥١ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٨ ص ٣٢٠ وج ٩ ص ١٠٣ والمصنف لابن ابي شيبة ج ٨ ص ٥٤٢ وتاريخ مدينة دمشق ج ٦٨ ص ٥٠ والمستدرك للحاكم ج ٤ ص ٣٧٥ والمجموع للنووي ج ١٩ ص ٣٣٩ وسنن أبي داود ج ٢ ص ٣٦٢ وشرح معاني الآثار ج ٣ ص ١٥٦ وسنن الدارقطني ج ٣ ص ١١٢ وكنز العمال ج ٥ ص ٤٩٢ والجامع لأحكام القرآن ج ١٢ ص ١٦٥ والأحكام لابن حزم ج ٧ ص ١٠١٤.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٣٥ وج ١٠ ص ٢٥ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ١١٤ والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ١١٢ ومسند أحمد ج ٤ ص ٣٥١ والمصنف للصنعاني ج ٥ ص ٣٨١.

٣٤٦

وجهي وصدري إلى ثندؤتي ، ثم دعا لي.

قال حشرج والد عبد الله : فرأينا أثر يد رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى منتهى ما مسح من صدره ، فإذا غرة سابلة كغرة الفرس (١).

ونقول :

أولا : إننا لا نستطيع أن نؤكد صحة هذه الروايات ، غير أننا نعلم : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لا يميز أحدا على أحد في تعامله. فهل كان يسأل عن المجروحين الآخرين ، ويذهب في الطرقات يسأل عن رحالهم؟! ويأتيهم ، ويشفيهم ، كما فعل بخالد؟!

بل قد زعمت رواية نسبت إلى أنس : أن أبا بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعليا «عليه‌السلام» قد ضرب كل منهم بضعة عشر ضربة (٢).

فإذا كان هؤلاء يصدّقون هذه الرواية ، فالسؤال هو : إن هؤلاء الأربعة عند هؤلاء أفضل من خالد بن الوليد ، فلماذا لم يزرهم في رحالهم ، ويهتم بشفائهم كما فعل بخالد؟!

وإن كان قد فعل ذلك ، لكن التاريخ أهمل ذكره ، فلا بد أن نسأل أيضا عن سبب هذا الإهمال ، فإننا لا نرى أي مبرر. بل قد تعودنا الإحتفاظ بأبسط

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٣٥ عن الحاكم ، وأبي نعيم ، وابن عساكر ، وتاريخ الخميس ج ٢ ص ١٠٦ والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ١١٢ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ١١٤ والخصائص الكبرى ج ١ ص ٤٥٠ والأحاديث المختارة ج ٨ ص ٢٣٨ والآحاد والمثاني ج ٢ ص ٣٢٩ والمعجم الكبير ج ١٨ ص ٢٠ ومسند الروياني ج ٢ ص ٣٣ ومجمع الزوائد ج ٩ ص ٤١٢.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٢٩ و ٣٣٠ عن البزار.

٣٤٧

الأمور إذا كانت تتعلق بهؤلاء ، فكيف إذا كان الأمر بهذه الخطورة؟!

ثانيا : ما معنى أن يمشي رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في المسلمين ، وهو يسأل عن رحل خالد ، ثم يستخدم مراهقا لهذه الغاية ، ليسعى بين يديه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وهو يقول : من يدل على رحل خالد ، فإن هذا الأمر غير متوقع ، ولا مألوف منه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ..

بل إن ما نتوقعه هو أن نجد المسلمين يتبادرون ، ويتسابقون ليدلوا النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على ما يطلب دلالتهم عليه ، ولا تصل النوبة إلى أن يمشي هو فيهم يطلب منهم ذلك ، فضلا عن ان يستخدم مراهقا لهذا الغرض.

ثم ألا ترى معي : أن الهدف من ادّعاء أن خالدا جرح ، ثم تحرك النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في الجيش لزيارته في رحله على ذلك النحو الفاقع .. يراد منه : إعادة الإعتبار لخالد بهذا التكريم المزعوم ..

ثم التماس عذر له في الهزيمة ، وانه لم يقصر في القيام بواجبه ، لكن جراحاته هي التي قصرت به.

ولنا أن نحتمل : أن يكون هذا البرء العاجل لجرح خالد ، إنما هو لمنع بحث الناس عن هذا الأمر ، حتى لا يظهر أن جراحاته المزعومة كانت ضربا من الخيال ..

كما أن ذلك يسد الطريق على من يريد أن يقول : إنه كان حاضرا ، ولم ير خالدا يعاني ، لا من جراحة ، ولا من غيرها.

غنائم حنين إلى الجعرانة :

قالوا : لما انهزم القوم أمر رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بالغنائم أن

٣٤٨

تجمع ، ونادى مناديه : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يغل.

وأمر «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بالذراري ، والأموال أن تحضر إلى الجعرانة ، فوقف بها هناك إلى أن انصرف رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من حصار الطائف (١).

وجعل الناس غنائمهم في موضع ، حيث استعمل عليها رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» مسعود بن عمرو الغفاري (٢).

وأما السبي ، فعن سعيد بن المسيب : أنه جعل عليهم أبا سفيان بن حرب (٣).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٣٨ و ٣٣٩ وعن مجمع الزوائد ج ٦ ص ١٨٩ عن البزار ، والطبراني في الكبير والأوسط ، وإعلام الورى ص ١٢٣ ومجمع البيان ج ٥ ص ١٨ ـ ٢٠ و (ط مؤسسة الأعلمي) ص ٣٥ والبحار ج ٢١ ص ١٦٨ و ١٨١ وتفسير الميزان ج ٩ ص ٢٣٢ وراجع : إمتاع الأسماع ج ٩ ص ٢٩٦ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٥ ص ١٥٥ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٢٥٣ وأعيان الشيعة ج ١ ص ٢٨٠ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ٩٠٦.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٣٩ عن ابن إسحاق ، وإمتاع الأسماع ج ٩ ص ٢٩٧ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٢٥٢ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ٩٠٦ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٥ ص ١٥٥.

(٣) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٣٩ عن عبد الرزاق ، والنكت على مقدمة ابن الصلاح ج ١ ص ٢٩٨ وكنز العمال ج ١٠ ص ٢٤٥ و (ط مؤسسة الرسالة) ص ٥٤٧ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢٣ ص ٤٦٠ وإمتاع الأسماع ج ٢ ص ٢١ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٣ ص ٧٦.

٣٤٩

وقال البلاذري : جعل عليهم بديل بن ورقاء الخزاعي (١).

منطلقات خاطئة لتحليلات وخيالات :

قال الصالحي الشامي :

قال في زاد المعاد : كان الله تعالى قد دعا رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» وهو الصادق الوعد : أنه إذا فتح مكة دخل الناس في دينه أفواجا ، ودانت له العرب بأسرها ، فلما تم له الفتح المبين ، اقتضت حكمة الله تعالى أن أمسك قلوب هوازن ومن تبعها عن الإسلام وأن يتجمعوا ويتأهبوا لحرب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» والمسلمين ، ليظهر أمر الله سبحانه وتعالى وتمام إعزازه لرسوله الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ونصره لدينه ، ولتكون غنائمهم شكرا لأهل الفتح ، ليظهر الله ورسوله وعباده قهره لهذه الشوكة العظيمة التي لم يلق المسلمون مثلها ، فلا يقاومهم بعد أحد من العرب.

ويتبين ذلك : من الحكم الباهرة التي تلوح للمتأملين.

واقتضت حكمته تعالى : أن أذاق المسلمين أولا مرارة الهزيمة والكبوة ، مع كثرة عددهم وعددهم وقوة شوكتهم ، ليطأ من رؤوس رفعت بالفتح ، ولم تدخل بلده وحرمه كما دخله رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» واضعا رأسه ، منحنيا على فرسه ، حتى إن ذقنه تكاد أن تمس سرجه ، تواضعا لربه

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٣٩ والبحار ج ٢١ ص ١٨١ ومجمع البيان ج ٥ ص ١٨ و ١٩ و (ط مؤسسة الأعلمي) ص ٣٥ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٣ ص ٧٦ والبحار ج ٢١ ص ١٨١ وتفسير الميزان ج ٩ ص ٢٣٢ وإمتاع الأسماع ج ٩ ص ٢٩٦.

٣٥٠

تبارك وتعالى ، وخضوعا لعظمته ، واستكانة لعزته أن أحل له حرمة بلده ، ولم يحله لأحد قبله ، ولا لأحد بعده.

وليبين عزوجل لمن قال : لن نغلب اليوم من قلة : أن النصر إنما هو من عنده ، وأنه : من ينصره فلا غالب له ، ومن يخذله فلا ناصر له غيره ، وأنه تعالى هو الذي تولى نصر رسوله ودينه لا كثرتكم التي أعجبتكم ، فإنها لم تغن عنكم شيئا فوليتم مدبرين.

فلما انكسرت قلوبهم أرسلت إليها خلع الجبر مع مزيد (ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ) (١).

وقد اقتضت حكمته تبارك وتعالى : أن خلع النصر وجوائزه إنما تفضى على أهل الإنكسار (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ) (٢).

إلى أن قال :

وبهاتين الغزاتين طفئت جمرة العرب لغزو رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» والمسلمين.

فالأولى خوّفتهم وكسرت من حدتهم.

والثانية : استفرغت قواهم ، واستنفدت سهامهم ، وأذلت جمعهم ، حتى

__________________

(١) الآية ٢٦ من سورة التوبة.

(٢) الآيتان ٥ و ٦ من سورة القصص.

٣٥١

لم يجدوا بدا من الدخول في دين الله تعالى.

وجبر الله تبارك وتعالى أهل مكة بهذه الغزوة ، وفرّحهم بما نالوا من النصر والمغنم ، فكانت كالدواء لما نالهم من كسرهم.

وإن كان عين جبرهم وقهرهم تمام نعمته عليهم ، بما صرفه عنهم من شر من كان يجاورهم من أشراف العرب ، من هوازن وثقيف ، بما أوقع بهم من الكسرة ، وبما قيّض لهم من دخولهم في الإسلام ، ولو لا ذلك ما كان أهل مكة يطيقون مقاومة تلك القبائل مع شدتها.

ومن تمام التوكل استعمال الأسباب التي نصبها الله سبحانه وتعالى لمسبباتها قدرا وشرعا ، فإن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أكمل الخلق توكلا ، فقد دخل مكة والبيضة على رأسه ، ولبس يوم حنين درعين ، وقد أنزل الله سبحانه وتعالى : (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) (١). وكثير ممن لا تحقيق عنده يستشكل هذا ويتكايس في الجواب ، تارة : بأن هذا فعله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» تعليما لأمته ، وتارة : بأن هذا كان قبل نزول الآية!!

لو تأمل : أن ضمان الله سبحانه وتعالى له العصمة لا ينافي تعاطيه لأسبابها ، فإن هذا الضمان له من ربه تبارك وتعالى لا ينافي احتراسه من الناس ولا ينافيه ، كما أن إخبار الله عزوجل له بأنه يظهره على الدين كله ويعليه ، لا يناقض أمره بالقتال ، وإعداد العدة والقوة ، ورباط الخيل ، والأخذ بالجد والحذر ، والإحتراس من عدوه ، ومحاربته بأنواع الحرب ، والتورية ، فكان إذا أراد غزوة ورّى بغيرها ، وذلك لأنه إخبار من الله تعالى

__________________

(١) الآية ٦٧ من سورة المائدة.

٣٥٢

عن عاقبة حاله ومآله ، فيما يتعاطاه من الأسباب التي جعلها الله تعالى بحكمته موجبة لما وعده به من النصر والظفر ، وإظهار دينه ، وغلبته على عدوه انتهى (١).

ونقول :

إن مبنى هذا الكلام غير مقبول ، بل غير معقول ، لأنه مبني على نظرية باطلة جملة وتفصيلا ، وهي نظرية الجبر الإلهي ..

حيث نلاحظ : أنه اعتبر أن الله تعالى هو الذي أمسك قلوب هوازن ، ومنعهم من الإيمان والإسلام ، الأمر الذي أدى الى تلك الحرب الشعواء ، التي أزهقت فيها نفوس ، ويتمت بها أطفال ..

وذكر أيضا : أنه تعالى هو الذي أذاق المسلمين أولا مرارة الهزيمة ، لأجل بعض الحكم والمصالح.

ومنطق الجبر هذا ينتهي إلى نسبة الظلم إلى الله تبارك وتعالى ، فإن إمساكه قلوب هوازن ومن تبعها ، عن الإسلام بزعمهم يعرضها للعذاب الذي لا تستحقه ولم ترده ، وهذا ظلم لا يصدر عن العزة الإلهية ..

كما أن ذلك ينتهي إلى بطلان الثواب والعقاب ، فلا يصح عقاب هوازن ومن معها ، لأنهم كانوا مكرهين على البقاء في دائرة الشرك ، لأن الله أمسك قلوبهم عن الإسلام ، كما أن اجتماعهم وتأهبهم لحرب الرسول «صلى‌الله‌عليه‌وآله» والمسلمين قد اقتضته حكمة الله تعالى لكي يظهر الله أمره ، ولإتمام إعزازه لدينه ، ونصره لرسوله ، ولتكون غنائمهم شكرا لأهل الفتح الخ ..

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٤٧ و ٣٤٨.

٣٥٣

ولا يصح عقاب المسلمين الذين ولوا أدبارهم ، لأن الله هو الذي أذاقهم مرارة الهزيمة والكبوة ، ليطأ الرؤوس التي رفعت في الفتح ، ولم تفعل كما فعل النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» حين دخل مكة ، مطأطئا رأسه ، منحنيا على فرسه ..

فلماذا إذن يغضب الله تعالى على الذين يولون الأدبار ، ويقول : (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (١).

ولا يصح أيضا إثابة المجاهدين الذين نصروا الله ورسوله ، لأن الله سبحانه هو الذي تولى فعل ذلك دونهم ، لأن حكمته اقتضت أن يفعله ، وان يحركهم في تلك الحال حركات لا معنى ولا أثر لها على الإطلاق ..

على أن هذا الجبر المزعوم لا بد أن يصادر الحجة التي يحتج بها أهل الحق على أهل الباطل .. إذ لا يصح لهم أن يعترضوا عليهم لأجل شركهم ، لأنهم معذرون فيه ، فهو مفروض عليهم جبرا وقهرا .. ولم تعد لله الحجة البالغة على أحد من المشركين والمجرمين ، لأن عذرهم معهم. بل تصبح لهم هم الحجة على الله ، لأنهم لا بد أن يقولوا له تعالى : «أنت الذي تفعل ذلك بنا ، فكيف ولماذا تعذبنا على ما تفعله أنت»؟!

٢ ـ إنه زعم : أن السكينة قد أنزلت على الذين ولوا مدبرين .. مع أن الآية لم تقل لهم : أنزل الله سكينته عليكم. بل غيرت السياق إلى الغيبة وقالت : (عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) ..

__________________

(١) الآية ١٦ من سورة الأنفال.

٣٥٤

وقد ذكرنا فيما سبق : أن نزول السكينة على المنهزمين والعاصين لله لا يصح. بل نزلت على من جاهد وصبر ، وواجه عشرات الألوف من الأعداء ، فهو الذي يستحق هذه الكرامة الإلهية ، والهبة الربانية دون سواه.

٣ ـ زعم هذا القائل : أن السكينة نزلت على المنهزمين ، مستشهدا بآية : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ) (١).

وهو كلام غير دقيق ولا مجال لقبوله ، فإن الذين تتحدث عنهم الآية المباركة هم أناس قهرهم بغي فرعون وهامان وجنودهما ، واستضعفوهم ، وأذلوهم من دون أن يقصّر أولئك المقهورون ، والمستضعفون في أداء واجبهم.

أما المنهزمون في حنين ، فلم يكن لهم عذر في هزيمتهم ، وقد تخلفوا عن أداء واجبهم ، بل ارتكبوا ما استحقوا به غضب الله تبارك وتعالى .. وقد قرّعهم الله سبحانه في قرآنه الكريم بما هو معروف وواضح في مقاصده ودلالاته ، فما معنى قياس هؤلاء على أولئك ، وما المبرر لاستفادة المساواة في جريان سنة الله تعالى التي أجراها الله في الذين استضعفهم فرعون ، في التاركين لواجبهم الشرعي والعاصين لله تعالى في قصة حنين؟!

٤ ـ وأما جبر (٢) أهل مكة بغزوة حنين ، وتفريحهم بما نالوا من النصر والمغنم ، فلا يمكن قبوله أيضا ، لأن هذا النصر لم يفرح أهل مكة. بل لعلهم

__________________

(١) الآيتان ٥ و ٦ من سورة القصص.

(٢) المقصود : جبر النقص الوارد عليهم.

٣٥٥

كانوا أكثر الناس انزعاجا منه ، وتبرما به.

يضاف إلى ذلك : أنه لم يكن لأهل مكة في صنع هذا النصر أي دور ، بل اقتصر دورهم على صنع الهزيمة ، لأنهم هم الذين كانوا في المقدمة ، وقد انهزموا وانهزم الجيش تبعا لهم. وذلك قبل أن يحصل أي احتكاك بينهم وبين المشركين. حسبما اتضح فيما سبق.

ولكن زعماء أهل مكة قد فرحوا بالغنائم التي سيقت إليهم ، ودقت أبوابهم ، ودخلت بيوتهم تلقائيا ، ومن دون أن يبذلوا في سبيلها أي جهد.

٥ ـ على أن ما ذكره : من أن كسر شوكة هوازن وثقيف قد أراح أهل مكة ، وصرف عنهم شر هؤلاء الجيران الأقوياء ، لا يعدو كونه مبالغات لا مبرر لها ، فإن أهل مكة لم يكونوا منزعجين من شرك هوازن ، كما أنهم هم أنفسهم لم يكونوا ـ في بادئ الأمر على الأقل ـ مخلصين لإسلامهم. بل إن قسما كبيرا منهم ما كانوا قد أعلنوا إسلامهم بعد ، وقد حضروا مع النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى حنين ، وهم بعد على شركهم. فلا يرون أن ثمة أي مباينة فيما بينهم وبين جيرانهم من هوازن وثقيف ..

٦ ـ وعن نزول آية : (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) (١) بعد ، أو قبل غزوة حنين ، نقول :

إن ظاهر سياق كلام صاحب هذه المزاعم يعطي أنه لا يعترض على القول بنزولها بعد حنين ، بل لعل الصحيح أن نقول : إنه لم يقدر على رد القول : بأن آية العصمة من الناس قد نزلت بعد حنين ، لأن سورة المائدة كما

__________________

(١) الآية ٦٧ من سورة المائدة.

٣٥٦

رواه محمد بن كعب القرظي (١) ، والربيع بن أنس (٢) ، قد نزلت في حجة الوداع. وسورة المائدة قد نزلت دفعة واحدة كما هو معلوم (٣).

__________________

(١) الدر المنثور ج ٢ ص ٢٥٢ عن ابن عبيد ، وعمدة القاري ج ١٨ ص ١٩٦ والغدير ج ١ ص ٢٢٧ وج ٦ ص ٢٥٦ والإتقان في علوم القرآن للسيوطي ج ١ ص ٦٠ وشرح إحقاق الحق ج ٣ ص ٣٣٥ وفتح القدير ج ٢ ص ٣ والبحار ج ٣٧ ص ٢٤٨.

(٢) الدر المنثور ج ٢ ص ٢٥٢ عن ابن جرير ، وجامع البيان ج ٦ ص ١١٢ ومجمع البيان ج ٣ ص ٢٧٤ والمحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ج ٢ ص ١٥٥ والتبيان ج ٣ ص ٤٢٦.

(٣) الدر المنثور ج ٢ ص ٢٥٢ عن أحمد ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، ومحمد بن نصر في الصلاة ، والطبراني ، والبيهقي في شعب الإيمان ودلائل النبوة ، وابن أبي شيبة في مسنده ، وأبي نعيم في دلائل النبوة ، والبغوي في معجمه ، وابن مردويه ، وأبي عبيد عن أم عمرو بن عميس ، عن عمها. وعن عبد الله بن عمر ، وعن أسماء بنت يزيد ، ومحمد بن كعب القرظي ، والربيع بن أنس ، وراجع : كشف اللثام (ط ج) ج ٧ ص ٧٨ والجواهر ج ٣٠ ص ٣١ و ٣٢ والبحار ج ١٨ ص ٢٧١ وج ٨٩ ص ٢٧٤ والغدير ج ٦ ص ٢٥٦ وج ٨ ص ١٩٣ ومستدرك سفينة البحار ج ٨ ص ٤٨٤ و ٤٨٥ وج ٩ ص ٥٠٤ وفتح الباري ج ٥ ص ٣٠٩ و ٣١٠ وتفسير العياشي ج ١ ص ٢٨٨ وتفسير مجمع البيان ج ٣ ص ٢٥٧ والتفسير الأصفى ج ١ ص ٣٠٨ والتفسير الصافي ج ٢ ص ١٠٤ وتفسير نور الثقلين ج ١ ص ٥٨٢ وج ٥ ص ٤٤٨ والبيان في تفسير القرآن للسيد الخوئي ص ٣٤١ وتفسير الميزان ج ٢٠ ص ٧٢ والبرهان للزركشي ج ١ ص ١٩٤ والصراط المستقيم ج ٣ ص ٢٨٤ وعوالي اللآلي ج ٢ ص ٦ و ٩٥ والفتح السماوي للمناوي ج ٢ ص ٥٥٢ وراجع : تفسير الثعلبي ج ٤ ص ٥ والجامع لأحكام القرآن ج ٣ ص ٦٨ وج ٦ ص ٣١

٣٥٧

٧ ـ قد تقدم : أن مظاهرة النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بدرعين لا مجال لإثباتها. بل الشواهد تشير إلى ضد ذلك .. فلا يصغى إلى قولهم : إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد فعل ذلك تعليما لأمته.

أو قولهم : إن ضمان العصمة للنبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من الله تعالى لا ينافي احتراسه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، مثلما أن وعد الله لنبيه بإظهار دينه لا ينافي الأمر بالقتال ، وإعداد العدة ، ورباط الخيل .. لأن وعده بالنصر ، إنما هو وعد له بأمر يحصل له من خلال ما يتعاطاه من أسباب .. وليس مطلقا.

٨ ـ على أن قولهم هذا الأخير ، لا يتلاءم مع ما زعمه قبل ذلك : من أن الله سبحانه يتدخل في الأمور ، ويجريها على الناس بصورة قهرية وجبرية .. لأن الجبر والقهر يجعل من التوسل بالأسباب الظاهرية لغوا ، وبلا مبرر ، لأن وجودها يكون كعدمها ، لأنها مع هذا الجبر الإلهي تكون فاقدة لأي تأثير البتة ..

فالإعتراف بأن إرادة إجراء الأمور مرهونة بها ، ينقض القول : بأن الله هو الذي يقهر ، ويجبر. وذلك ظاهر.

__________________

وأضواء البيان للشنقطي ج ٥ ص ٢٥٤ وأحكام القرآن للجصاص ج ٤ ص ١٦١ و (ط دار الكتب العلمية) ج ٢ ص ٦١٥ والكشاف ج ١ ص ٦٣٧ والبحار ج ٧٧ ص ٢٥٣ وتحفة الأحوذي ج ٨ ص ٣٢٦ وعون المعبود ج ١٠ ص ١٥ وتخريج الأحاديث والآثار ج ١ ص ٣٧٧.

٣٥٨

الفهارس

١ ـ الفهرس الإجمالي

٢ ـ الفهرس التفصيلي

٣٥٩
٣٦٠