الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٤

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٤

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-196-3
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٧١

وهل كان غيرهم ممن خرجوا إلى حنين ، وهم بعد على شركهم ، وعددهم ثمانون رجلا ـ كما يقول البعض ـ يعرفون بنواياهم هذه؟!

وهل كان القرشيون ـ الشبان ـ الذين كانوا مع بني سليم في المقدمة قد اطّلعوا على نية هؤلاء؟!

وهل أطلعوا بني سليم أيضا على ما كانوا دبروه وبيتوه؟!

وهل يمكن أن نعتبر سرعة فرار القرشيين وسليم بمثابة دليل على أن تلك المؤمراة كانت في طريقها إلى التنفيذ؟! وأن هزيمة المقدمة كانت أحد فصولها المهمة؟! ..

إن هذه الأسئلة كلها تحتاج إلى إجابات مقنعة ومقبولة ..

ولعلنا لا نجد لهذه الإجابات أثرا ، إلا إن كانت شتائم وإهانات تواجهنا من قبل محبي معاوية وأبي سفيان وأضرابهما ..

لا توجد كمائن :

وقد ذكرنا فيما سبق : أن النصوص تدل على أن سبب الهزيمة لم يكن هو الكمائن في الشعاب والمضايق .. ورواية النضير بن الحارث قد أظهرت ـ كرواية أبي إسحاق السبيعي ، عن البراء بن عازب ـ : أن المسلمين قد التقوا بالمشركين في ساحة القتال ، فلما تراءت الفئتان ، حمل المشركون عليهم حملة واحدة. فكانت الهزيمة.

وهذا معناه : أن هزيمتهم لم تكن بسبب المفاجأة ، والكمائن في المضايق والشعاب كما يدّعون ..

وسيأتي المزيد من شواهد ذلك ، ودلائله إن شاء الله تعالى.

١٨١

النضير .. مع المشركين :

لقد صرح النضير بن الحارث : أنه كان مع المشركين. وأن الأنصار قد عادوا إلى ساحة القتال ، قال : «فحطمونا حطاما ، فرقوا شملنا ، وتشتت أمرنا».

وصرح أيضا : بأنه لما تراءت الفئتان «كانوا ـ هو وأصحابه ـ في حيّز المشركين».

ولعلهم انحازوا إلى المشركين حين وصولهم إلى ساحة القتال. ولو بأن وقفوا على تل ، بالقرب منهم كما قال معاوية.

ثم بدأت المعركة ، فانهزم المسلمون أولا ، ثم عاد قسم منهم إلى القتال ، فلما انهزم المشركون أعلن هؤلاء (أبو سفيان ورفاقه) استسلامهم وبخوعهم ، فأعطاهم النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من الغنائم تأليفا لهم ..

وقد صرحوا : بأن النضير كان من جملة الآخذين لمائة من الإبل كسائر المؤلفة قلوبهم ، فإذا كان قد قاتل مع مشركي هوازن ، فذلك يدل على أمرين :

الأول : أنه انضم إليهم بعد وصوله مع الجيش الإسلامي إلى ساحة المعركة.

الثاني : أن في المؤلفة قلوبهم من كان متظاهرا بالشرك ، ولم يكونوا جميعا من المتظاهرين بالإسلام ، ولا كانوا في صفوف المسلمين. بل كان بعضهم ممن قاتل المسلمين مع جيش هوازن. سواء أكان قرشيا مثل النضير بن الحارث ، أو من قادة هوزان. بل قائدها نفسه مثل مالك بن عوف.

إنه لعلى حق ، وإنه لمعصوم :

وقد أظهر الحديث المتقدم : أن رؤية النضير للملائكة دعته إلى أن يقارن بين يوم حنين ، ويوم بدر ، حيث ظهرت الملائكة في كلا هذين اليومين للمشركين ..

١٨٢

فاعترف : بأن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على حق ، وإنه لمعصوم ، أي ممنوع بالملائكة ، فلا يمكن الوصول إليه لقتله ..

ثم زعم : أن الله تعالى أدخل حينئذ الإسلام في قلبه ..

غير أننا نلاحظ على ذلك :

١ ـ إن الذين يرون الملائكة حال القتال هم الكفار ، وسيأتي في حديث شيبة الحجبي قول النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : لا يراها إلا كافر.

٢ ـ إنه إذا كان قد رأى الملائكة يوم بدر ، وهي تدافع عن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فلماذا لم يؤمن منذ ذلك اليوم؟!

فإن كان يريد أن يزعم : أن أمر الإيمان لا يعود إليه ، وإنما هو فعل إلهي جبري ، يفرضه الله على الناس ـ كما ربما يوحي به قوله : «وأدخل الله في قلبي الإسلام ، وغيّره عما كنت أهم به».

فهو كلام مرفوض جملة وتفصيلا. فإن الله تعالى لا يتدخل في أمر الإيمان بصورة جبرية ، بل هو يقول للناس : (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) (١).

فإن شاء الإنسان الإيمان زاد في توفيقاته ، وألطافه .. وإن اختار الكفر وكله إلى نفسه ، وحجب ذلك عنه على قاعدة : (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ) (٢) و (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) (٣).

__________________

(١) الآية ٢٩ من سورة الكهف.

(٢) الآية ١٧ من سورة محمد.

(٣) الآية ٥ من سورة الصف.

١٨٣

ويبقى السؤال التالي يطرح نفسه ، وهو : إذا كان الله تعالى هو الذي يحوّل قلبه ، وهو الذي يدخل الإسلام فيه ، فلماذا لم يغيّر قلبه في بدر ، حين رأى الملائكة تنصر النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله»؟!

٣ ـ إنه إذا كان الله قد غيّر قلبه ، وأدخل فيه الإسلام حين رأى الملائكة في حنين ، فلماذا لم يمل مع المسلمين على المشركين ، ويدفع عن نبي الإسلام من يريده بسوء؟! ولماذا بقي مع المشركين مقدار حلب الناقة حتى حطمهم المسلمون حطما ، وفرقوهم ، وشتتوهم.

٤ ـ لماذا لم يمض مع رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى الطائف ، ويظهر إسلامه أمامه ويقاتل معه مشركي ثقيف؟!

٥ ـ لماذا لم يفارقه رعبه مدة أيام ، مع أن الله أدخل الإسلام إلى قلبه وغيّره؟! ولماذا لم يغيّر قلبه ، من قلب جبان إلى قلب شجاع ، ولماذا لم يبدل خوفه طمأنينة ، واضطرابه سكينة؟!

٦ ـ ولنا أن نسأل عن : أنه حين بقي أياما مستترا في خمر الشجر ، فمن أين كان يأكل ، ويشرب؟!

وهل ضعف جسده بسبب فقدان الطعام والشراب أياما؟! أم بقي متماسكا؟! وهل احتاج إلى معونة أحد للوصول إلى الجعرانة؟! وهل؟! وهل؟!

٧ ـ إن قول الرسول «صلى‌الله‌عليه‌وآله» للنضير حين لقيه بالجعرانة : «قد آن لك أن تبصر ما أنت فيه توضع» يدل على : أنه حتى تلك اللحظة لم يكن قد أبصر أو اهتدى بعد. والله سبحانه قد أمهله ، ولم يعاقبه رغم استحقاقه لذلك.

١٨٤

٨ ـ إن الرواية المشار إليها قد ذكرت : أن المسلمين قد عادوا بسرعة من فرارهم ، بحيث لم يغيبوا عن ساحة المعركة إلا قدر حلب شاة ، مع أن الروايات قد تحدثت عن بلوغ المنهزمين في هزيمتهم مكة ..

كما أنه سيأتي حين الحديث : أن النصر قد تحقق على يد علي «عليه‌السلام» دون سواه ، قولهم : فو الله ، ما رجعت راجعة للمسلمين حين هزيمتهم حتى وجدوا الأسارى مكتوفين عند رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

فإن صح ذلك ، فلا بد أن يكون المراد بها : أن الذين عادوا بسرعة هم طائفة الخزرج من الأنصار ، لا جميعهم وهو ما صرحت به نفس هذه الرواية ، التي نحن بصدد الحديث عنها ، حيث قالت : وتنادت الأنصار بينها : الكرة بعد الفرة ، يا للخزرج ، يا للخزرج ، فحطمونا ، الخ ..

ومن الواضح : أن الخزرج الذين حضروا المعركة قد لا يصل عددهم إلى بضع مئات. بل لعل المقصود هو : خصوص الثمانين أو المائة رجل ، الذين عادوا قبل انهزام المشركين بيسير.

٩ ـ أما الحديث عن إمداد الله تعالى بالملائكة ، فسيأتي عن قريب إن شاء الله تعالى ..

١٠ ـ وأخيرا .. فإن مراجعة ما كان النضير يحدث به نفسه ليقنعها بالإسلام ، يشير إلى : أنه إنما كان يعرض على نفسه أمورا دنيوية ومادية ، وليس من بينها أي شيء يمكن تصنيفه في عداد قناعات حكم بها عقله ، وقادته إليها فطرته ، فهو لم يتحدث مع نفسه عن فساد الشرك ، وسخافة عبادة الأحجار ، وصحة التوحيد ، ونفي الشريك. وما إلى ذلك ..

بل غاية جهده أن قال وهو مرعوب وخائف : «.. فقد رأيت عبرا ، وقد

١٨٥

ضرب الإسلام بجرانه ، ولم يبق أحد ، ودانت العرب والعجم لمحمد ، فعز محمد لنا عز ، وشرفه لنا شرف».

١٨٦

الباب الثالث

النصر الإلهي

الفصل الأول : النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يعالج الموقف

الفصل الثاني : هزيمة المشركين على يد علي عليه‌السلام

الفصل الثالث : الثابتون في حنين

الفصل الرابع : نهايات حرب حنين

١٨٧
١٨٨

الفصل الأول :

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يعالج الموقف

١٨٩
١٩٠

النداء والدعاء :

قال الشيخ المفيد : «ولما رأى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» هزيمة القوم عنه ، قال للعباس ـ وكان رجلا جهوريا صيّتا ـ : «ناد في القوم وذكرهم العهد» ، فنادى العباس بأعلى صوته : يا أهل بيعة الشجرة ، يا أصحاب سورة البقرة ، إلى أين تفرون؟ اذكروا العهد الذي عاهدتم عليه رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

والقوم على وجوههم قد ولّوا مدبرين.

وكانت ليلة ظلماء ، ورسول الله في الوادي ، والمشركون قد خرجوا عليه من شعاب الوادي ، وجنباته ، ومضايقه ، مصلتين سيوفهم ، وعمدهم ، وقسيهم.

قال : فنظر رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى الناس ببعض وجهه في الظلماء ، فأضاء كأنه القمر ليلة البدر. ثم نادى المسلمين : «أين ما عاهدتم الله عليه»؟

فأسمع أولهم وآخرهم ، فلم يسمعها رجل إلا رمى بنفسه إلى الأرض ، فانحدروا إلى حيث كانوا من الوادي ، حتى لحقوا بالعدو فقاتلوه» (١).

__________________

(١) البحار ج ٢١ ص ١٦٧ وراجع ص ١٥٦ و ١٥٧ والإرشاد ج ١ ص ١٤٢ وأعيان الشيعة ج ١ ص ٢٧٩ وكشف الغمة ج ١ ص ٢٢٢ وكشف اليقين ص ١٤٤.

١٩١

ونص آخر يقول : «فلما رأى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» الهزيمة ركض نحو عليّ بغلته ، فرآه قد شهر سيفه ، فقال : يا عباس ، إصعد هذا الظرب (١) ، وناد : يا أصحاب البقرة ، ويا أصحاب الشجرة ، إلى أين تفرون؟ هذا رسول الله.

ثم رفع رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يده ، فقال : «اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان».

فنزل جبرئيل ، فقال : يا رسول الله ، دعوت بما دعا به موسى حيث فلق له البحر ، ونجاه من فرعون.

ثم قال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لأبي سفيان بن الحارث : ناولني كفا من حصى ، فناوله ، فرماه في وجوه المشركين ، ثم قال : «شاهت الوجوه».

ثم رفع رأسه إلى السماء ، وقال : «اللهم إن تهلك هذه العصابة لم تعبد ، وإن شئت أن لا تعبد لا تعبد».

فلما سمعت الأنصار نداء العباس ، عطفوا ، وكسروا جفون سيوفهم الخ ..» (٢).

وما ذكر آنفا من دعائه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بما دعا به موسى حين فلق البحر ، رواه الواقدي وغيره ، وقالوا : إنه دعا به لما انكشف عنه الناس ، ولم

__________________

(١) الظرب : ما نشأ من حجر ، وحدّ رأسه. والرابية الصغيرة.

(٢) البحار ج ٢١ ص ١٥٠ و ١٥١ والتفسير الصافي ج ٢ ص ٣٣١ و ٣٣٢ والتفسير الأصفى ج ١ ص ٤٥٩ و ٤٦٠ وتفسير الميزان ج ٩ ص ٢٣٤ وتفسير نور الثقلين ج ٢ ص ١٩٩ و ٢٠٠ وتفسير القمي ج ١ ص ٢٨٧ و ٢٨٨ وراجع : تاريخ الخميس ج ٢ ص ١٠٤ والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ١١١.

١٩٢

يبق معه إلا المائة الصابرة (١).

ورووا عن أنس أيضا : انه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال : «اللهم إنك إن تشأ لا تعبد بعد اليوم» (٢).

روى ابن إسحاق ، وأحمد ، عن جابر بن عبد الله ، وابن إسحاق ، وعبد الرزاق ، ومسلم عن العباس ، عم رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، قال العباس : شهدت مع رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : يوم حنين ، فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فلم نفارقه ، ورسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على بغلة له شهباء.

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٢٧ عن الواقدي ، وفي هامشه عن : المعجم الصغير ج ١ ص ١٢٢ ومجمع الزوائد ج ١٠ ص ١٨٣ والترغيب والترهيب ج ٢ ص ٦١٨ تاريخ الخميس ج ٢ ص ١٠٤ وراجع : تفسير النسفي ج ٢ ص ٨٤ البحار ج ٢١ ص ١٥٠ وتفسير القمي ج ١ ص ٢٨٧ والتفسير الصافي ج ٢ ص ٣٣١ و ٣٣٢ والتفسير الأصفى ج ١ ص ٤٥٩ و ٤٦٠ وتفسير الميزان ج ٩ ص ٢٣٤ وتفسير نور الثقلين ج ٢ ص ٢٠٠ وتفسير القمي ج ١ ص ٢٨٧ و ٢٨٨.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٢٦ و ٣٢٧ عن ابن أبي شيبة ، وأحمد برجال الصحيح ، وقال في هامشه : عن أحمد ج ٥ ص ١٥٢ وعن ابن أبي شيبة ج ١٠ ص ٣٥١ وج ١٤ ص ٥٢٢ وعن مسلم ج ٣ ص ١٣٦٣ (٢٣ / ١٧٤٣) وابن سعد ج ٢ ق ١ ص ٥٢ والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ١١١ وراجع : المصنف لابن أبي شيبة ج ٦ ص ٧٥ و (ط دار الفكر) ج ٧ ص ٩٥ وج ٨ ص ٥٥٠ وكنز العمال ج ١٠ ص ٥٤٨ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٧٥ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٦٢١ وميزان الحكمة ج ٣ ص ٢٢٥١ عن البحار ج ٢١ ص ١٨٠ ح ١٦.

١٩٣

قال : فلما التقى المسلمون والكفار ولّى المسلمون مدبرين.

فطفق رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يركض بغلته قبل الكفار ، وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

وفي رواية : أكفها أن لا تسرع ، وهو لا يألو ما أسرع نحو المشركين (١).

(وهو يقول :

أنا النبي لا كذب

أنا ابن عبد المطلب).

وأبو سفيان بن الحارث آخذ بركاب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» (٢).

وفي رواية : بغرزه (بغرز (النبي) رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله») (٣).

__________________

(١) راجع : تاريخ الخميس ج ٢ ص ١٠٣ ومسند أحمد ج ١ ص ٢٠٧ والمصنف للصنعاني ج ٥ ص ٣٧٩ والسنن الكبرى للنسائي ج ٥ ص ١٩٤ وكنز العمال ج ١٠ ص ٥٤٦ وتفسير القرآن للصنعاني ج ٢ ص ٢٦٩ وجامع البيان ج ١٠ ص ١٣١ والدر المنثور ج ٣ ص ٢٢٤ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ١٥٥ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤ ص ١٨ وتهذيب الكمال ج ٢٤ ص ١٣٤ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٢٢.

(٢) راجع : صحيح مسلم ج ٥ ص ١٦٧ والمستدرك للحاكم ج ٣ ص ٣٢٨ وفتح الباري ج ٦ ص ٩٣ والسنن الكبرى للنسائي ج ٥ ص ١٩٧ ورياض الصالحين للنووي ص ٧١٥ والجامع لأحكام القرآن ج ٨ ص ٩٨ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٤ ص ١٨ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤ ص ١٧ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٧٨ وإمتاع الأسماع ج ٥ ص ٦٧ وج ٧ ص ٢١٧ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٦٢٧ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٢٢ وج ١١ ص ١٠٢.

(٣) راجع : سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٢٢ وج ٧ ص ٤٧ وذخائر العقبى ص ١٩٨ ومسند أحمد ج ١ ص ٢٠٧ ومسند أبي يعلى ج ١٢ ص ٦٧ وصحيح ابن حبان ـ

١٩٤

وفي رواية : بثفره (بثفر بغلته) (١).

فالتفت رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى أبي سفيان بن الحارث ، وهو مقنّع في الحديد ، فقال : «من هذا»؟

فقال : ابن عمك يا رسول الله (٢).

وفي حديث البراء : وأبو سفيان ابن عمه يقود به (٣).

قال ابن عقبة : وقام رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في الركابين ، وهو على البغلة ، فرفع يديه إلى الله يدعو ، يقول : «اللهم إني أنشدك ما وعدتني ..

__________________

ج ١٥ ص ٥٢٤ وتفسير القرآن للصنعاني ج ٢ ص ٢٦٩ والدر المنثور ج ٣ ص ٢٢٤ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤ ص ١٩ وتهذيب الكمال للمزي ج ٢٤ ص ١٣٤ والدر المنثور ج ٤ ص ١٦٠ وجامع البيان ج ١٠ ص ١٣١ والسنن الكبرى للنسائي ج ٥ ص ١٢٤ و ١٩٤ ومسند أبي يعلى ج ١٢ ص ٦٧ ومشاهير علماء الأمصار لابن حبان ص ٤٤ والطبقات الكبرى ج ٢ ص ١٥٥ ومسند أبي عوانة ج ٤ ص ٢٧٧ والمصنف للصنعاني ج ٥ ص ٣٨٠ وفضائل الصحابة ج ٢ ص ٩٢٧ وطبقات الشافعية الكبرى ج ١ ص ٢٥٩.

(١) راجع : سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٢٢ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٣٤٩ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ٨٩٦ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٧٤ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٦١٩.

(٢) راجع : سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٢٢ وكتاب التوابين لابن قدامة ص ١١٦.

(٣) راجع : السنن الكبرى ج ٥ ص ١٨٨ وج ٦ ص ١٥٥ وكنز العمال ج ١٠ ص ٥٤٠ وجامع البيان ج ١٠ ص ١٣٢ وتفسير البحر المحيط ج ٥ ص ٢٦ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٣٤٨ وإمتاع الأسماع ج ٧ ص ٢١٨ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٢٢ و ٣٤٩.

١٩٥

اللهم لا ينبغي لهم أن يظهروا علينا» (١) انتهى.

وفي نص آخر قال العباس : فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «يا عباس!! ناديا معشر الأنصار ، يا أصحاب السمرة ، يا أصحاب سورة البقرة».

قال العباس : وكنت رجلا صيتا ، فقلت بأعلى صوتي : أين الأنصار؟ أين أصحاب السمرة؟ أين أصحاب سورة البقرة؟

قال : والله لكأنما عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها (٢).

عطفة الأنصار :

وقالوا أيضا : فلما سمعت الأنصار نداء العباس عطفوا ، وكسروا جفون

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٢٢ وقال في هامشه : أخرجه الطبراني في الكبير ج ١٠ ص ١٨٨ وانظر المجمع ج ٦ ص ٨٢ وج ٨ ص ٦١٩ والبيهقي في الدلائل ج ٥ ص ٣١ وعبد الرزاق في المصنف (٩٧٤١) والحميدي (٤٥٩) وابن سعد ج ٢ ق ١ ص ١١٢ وأحمد ج ١ ص ٢٠٧ وراجع : إعلام الورى ص ١٢٢ والبحار ج ٢١ ص ١٦٧ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ١٠٢ و ١٠٣ وشجرة طوبى ج ٢ ص ٣١٠ وتاريخ الإسلام للذهبي ج ٢ ص ٥٧٨ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٧٨ وإمتاع الأسماع ج ٥ ص ٦٦ وإعلام الورى ج ١ ص ٢٣٢ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٦٢٦.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٢٢ و ٣٢٣ وراجع : تاريخ الخميس ج ٢ ص ١٠٣ وتاريخ الإسلام للذهبي ج ٢ ص ٥٨٠ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٧٨ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٥ ص ١٣٨ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٦٢٧ وتاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٦٢ و ٦٣ والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ١١٠ و ١١١.

١٩٦

سيوفهم ، وهم يقولون : لبيك ، ومروا برسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، واستحيوا أن يرجعوا إليه ، ولحقوا بالراية ، فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، للعباس : من هؤلاء يا أبا الفضل؟

فقال : يا رسول الله ، هؤلاء الأنصار.

فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : الآن حمي الوطيس.

ونزل النصر من السماء ، وانهزمت هوازن (١).

وعند الطبرسي : «فلما سمع المسلمون صوت العباس ، تراجعوا ، وقالوا : لبيك ، لبيك. وتبادر الأنصار خاصة ، وقاتلوا المشركين حتى قال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : الآن حمي الوطيس.

أنا النبي لا كذب

أنا ابن عبد المطلب

ونزل النصر من عند الله تعالى ، وانهزمت هوازن هزيمة قبيحة ، فمروا في كل وجه ، ولم يزل المسلمون في آثارهم. ومر مالك بن عوف ، فدخل حصن الطائف» (٢).

شاهد عيان في حنين :

وفي حديث عثمان بن شيبة : أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال : «يا عباس ،

__________________

(١) تفسير القمي ج ١ ص ٢٨٧ و ٢٨٨ والبحار ج ٢١ ص ١٥١ وشجرة طوبى ج ٢ ص ٣٠٩ والتفسير الأصفى ج ١ ص ٤٦٠ والتفسير الصافي ج ٢ ص ٣٣٢ وتفسير نور الثقلين ج ٢ ص ٢٠٠ وتفسير الميزان ج ٩ ص ٢٣٤.

(٢) مجمع البيان ج ٥ ص ١٧ و ١٨ و (ط مؤسسة الأعلمي) ص ٣٥ والبحار ج ٢١ ص ١٤٧ و ١٨١ وتفسير الميزان ج ٩ ص ٢٣١.

١٩٧

إصرخ بالمهاجرين الذين بايعوا تحت الشجرة ، وبالأنصار الذين آووا ونصروا».

قال : فما شبهت عطفة الأنصار على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلا عطفة الإبل على أولادها (أو عطفة البقر على أولادها ، أو عطفة النحل على يعسوبها) حتى ترك رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كأنه في حرجة ، فلرماح الأنصار كانت أخوف عندي على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من رماح الكفار (١). انتهى.

فقالوا : يا لبيك ، يا لبيك ، يا لبيك.

قال : فيذهب الرجل يثني بعيره ، ولا يقدر على ذلك ، أي لكثرة الأعراب المنهزمين ـ كما ذكره أبو عمر بن عبد البر ـ فيأخذ درعه فيقذفها في عنقه ، ويأخذ سيفه وترسه ، ويقتحم عن بعيره ، فيخلي سبيله ، فيؤم الصوت ، حتى ينتهي إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

حتى إذا اجتمع منهم مائة ، استقبلوا الناس ، فاقتتلوا هم والكفار. والدعوة في الأنصار : يا معشر الأنصار ، ثم قصرت الدعوة على بني الحارث بن الخزرج ، وكانوا صبّرا عند الحرب.

وأشرف رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في ركابيه ، فنظر إلى مجتلدهم ، وهم يجتلدون ، وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم ، فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «هذا حين حمي الوطيس» أو (الآن حمي الوطيس).

__________________

(١) راجع : سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٢٣ والمعجم الكبير للطبراني ج ٧ ص ٢٩٩ وتاريخ مدينة دمشق ج ٣٣ ص ٢٥٧ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٣ ص ٦٦ ومجمع الزوائد ج ٦ ص ١٨٤.

١٩٨

ثم أخذ رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» حصيات فرمى بهن وجوه الكفار ، ثم قال : «انهزموا ، ورب محمد».

فذهبت أنظر ، فإذا القتال على هيئته فيما أرى ، فو الله ، ما هو إلا أن رماهم بحصياته ، فما زلت أرى حدّهم كليلا ، وأمرهم مدبرا ، فو الله ما رجع الناس (أو فو الله ما رجعت راجعة الناس من هزيمتهم ، حتى وجدوا الأسارى مكتفين عند رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله») إلا وهم أسارى عند رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» مكتفون ، قتل الله تعالى منهم من قتل ، وانهزم منهم من انهزم ، وأفاء الله تعالى على رسوله أموالهم ، ونساءهم ، وأبناءهم (١).

حديث ابن مسعود :

وروي برجال ثقات ، عن ابن مسعود قال : كنت مع رسول الله «صلى

__________________

(١) راجع : سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٢٣ عن أبي القاسم البغوي ، والبيهقي ، وفي هامشه عن : الطبراني في الكبير ج ٧ ص ٣٥٨ وابن عساكر كما في التهذيب ٦ ص ٣٥١ وراجع : تاريخ الخميس ج ٢ ص ١٠٣ والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ١١٠ و ١١١ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ١١١ وراجع ص ١٠٨ و ١٠٩ وراجع : مسند أحمد ج ١ ص ٢٠٧ وصحيح مسلم ج ٥ ص ١٦٧ وشرح مسلم للنووي ج ١٢ ص ١١٥ وفتح الباري ج ٨ ص ٢٥ والسنن الكبرى للنسائي ج ٥ ص ١٩٧ ومسند أبي يعلى ج ١٢ ص ٦٧ وتفسير البغوي ج ٢ ص ٢٧٨ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٤ ص ١٨ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤ ص ١٩ والجمع بين الصحيحين لمحمد بن فتوح الحميدي ج ٣ ص ٣٢٧ ومشكاة المصابيح للخطيب التبريزي ج ٨ ص ١٦٤٩ وتهذيب الكمال ج ٢٤ ص ١٣٤ وسيرة النبي المختار ج ١ ص ٣٥٥ والمنتظم في تاريخ الملوك والأمم ج ٣ ص ٣٣٤.

١٩٩

الله عليه وآله» يوم حنين ، فولى الناس عنه ، وبقيت معه في ثمانين رجلا من المهاجرين والأنصار ، فقمنا على أقدامنا ولم نولهم الدبر ، وهم الذين أنزل الله تعالى عليهم السكينة ، ورسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على بغلته لم يمض قدما ، فحادت به بغلته ، فمال عن السرج ، فقلت له : ارتفع رفعك الله.

فقال : «ناولني كفا من تراب» ، فناولته ، فضرب وجوههم ، فامتلأت أعينهم ترابا ، ثم قال : «أين المهاجرون والأنصار»؟

قلت : هم أولاء.

قال : «اهتف بهم». فهتفت بهم ، فجاؤوا وسيوفهم بأيمانهم كأنها الشهب ، وولى المشركون أدبارهم (١).

حديث أنس :

وعن أنس قال : جاءت هوازن يوم حنين بالنساء ، والصبيان ، والإبل ، والغنم ، فجعلوهم صفوفا ، ليكثروا على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ،

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٢٥ عن أحمد ، والطبراني ، والحاكم ، وأبي نعيم ، والبيهقي ، وقال في هامشه : أخرجه أحمد ج ١ ص ٤٥٣ والطبراني في الكبير ج ١٠ ص ٢٠٩ وانظر المجمع ج ٦ ص ٨٤ و ١٨٣ والحاكم ج ٢ ص ١١٧ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ١٠٤ عن أحمد ، والحاكم ، والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ١١٠ و ١١١ وراجع : مسند أحمد ج ١ ص ٤٥٤ ومجمع الزوائد ج ٦ ص ١٨٠ وتفسير القرآن العظيم ج ٢ ص ٣٥٩ وتاريخ مدينة دمشق ج ٣٣ ص ٧٩ وتاريخ الإسلام للذهبي ج ٢ ص ٥٨٢ وإمتاع الأسماع ج ٥ ص ٧٠ ومسند البزار ج ٥ ص ٣٦٨. وراجع : والسيرة الحلبية ج ٣ ص ١١٠.

٢٠٠