أحكام المرأة والاُسرة

ام علي مشكور

أحكام المرأة والاُسرة

المؤلف:

ام علي مشكور


الموضوع : الفقه
الناشر: دار الزهراء الثقافية
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٠٢

الوصيّة

١ ـ يُشترط في وصيّة الصبيّ أن يبلغ عشر سنين ، وتنفذ في الخيرات والمبرّات لأرحامه وأقربائه ، وأمّا الغرباء فيوجد إشكال في نفوذ وصيّته لهم ، وكذلك في نفوذ وصيّة البالغ سبع سنين في الشيء القليل ، فلا بدّ من رعاية مقتضى الاحتياط فيهما (١).

٢ ـ إذا نصّب المجتهد قيّماً على الأطفال فهل تبطل الوصية بموته أو لا ؟ لا يخلو عن إشكال فلا يترك الاحتياط (٢).

٣ ـ لو أوصى وصيّةً تمليكيّة (٣) لصغير من أرحامه أو من غيرهم بمال ولكنّه جعل أمره إلى غير الأب والجدّ والحاكم ، فلا يصحّ هذا الجعل ، بل يكون أمر ذلك المال للأب والجدّ مع وجودها وللحاكم مع فقدهما ، ولكن لو أوصى أن يبقى المال بيد الوصي حتى يبلغ الصبيّ صح تمليكه أيَّاه ، وكذا إذا أوصى أن يصرف ماله عليه من دون أن يملّكه إياه بشرط أن لا ينافي حقّي الحضانة والولاية.

٤ ـ يجوز للأب والجدّ أن يجعلا القيمومة لفردين أو أكثر على الأطفال ، وكذلك يجوز لهم أن يجعلا شخصاً مشرفاً وناظراً على القيّم.

٥ ـ لو أوصى بالوصيّة العهديّة ـ وهي تولّي أُموره بعد وفاته ـ بأن يُعطى من ماله شيء لأحفاده الذين لم يولدوا بعد ، إذا كان يتوقّع وجودهم في المستقبل ،

__________________

(١) أي في عطيّة الصبيّ البالغ عشر سنين إذا كانت لغير أقربائه ، والصبيّ البالغ سبع سنين حتى لو كانت العطية شيئاً قليلاً سواء كانت للأقرباء أو للغرباء.

(٢) الاحتياط هنا وجوبي.

(٣) سيأتي بيان معنى الوصية التمليكيّة.

٨١

صحت هذه الوصية ؛ لأنّ الوصيّة العهديّة لا يشترط فيها وجود الموصى له ، فإن وجدوا في ظرف الإعطاء اُعطي لهم ، وإلاّ كان ميراثاً لورثة الموصي إن لم تكن هناك قرينة على كونها من باب تعدّد المطلوب ( بأن تكون وصيّته في وجوه البرّ وكونه لأرحامه ) وإلاّ صرف فيما هو الأقرب إلى نظر الموصي من وجوه البرّ.

٦ ـ يشترط في الوصيّ أن يكون بالغاً على المشهور ، فلا تصح الوصاية إلى الصبيّ منفرداً إذا أُريد من الوصاية التصرّف في حال صباه قبل بلوغه مستقلاً ، ولكنّه لا يخلو عن إشكال ، فلو أوصى إليه كذلك (١) فالأحوط أن يكون تصرّفه بإذن الحاكم الشرعي.

٧ ـ تجوز الوصاية إلى المرأة وإلى الأعمى والوارث ، وإذا أوصى إلى صبيّ وبالغ فمات هذا الصبيّ قبل البلوغ ، أو أنّه بلغ وهو على الجنون ففي جواز انفراد البالغ بالوصيّة قولان ، أحوطهما الرجوع إلى الحاكم الشرعي فيضمّ إلى البالغ فرداً آخر ، إلاّ إذا كانت هناك قرينة على إرادة الموصي انفراد البالغ بالوصاية في هذه الصورتين (٢).

٨ ـ تختصّ الوصيّة التمليكيّة ـ وهي أن يجعل شيئاً ممّا له من مال أو حقّ لغيره بعد وفاته ـ بأنّها تثبت بشهادة النساء منفردات ، فيثبت ربع الوصية بشهادة مسلمة عادلة ، ونصفها بشهادة مسلمتين عادلتين ، وثلاثة أرباعها بشهادة ثلاث مسلمات عادلات ، وجميعها بشهادة أربع مسلمات عادلات مع عدم الحاجة إلى

__________________

(١) أي لو كانت الوصاية للصبيّ بتصرفه في المال ـ حال صباه ـ منفرداً ومستقلاّ بدون إشراف شخص عاقل بالغ قادر على التصرّف وعارف بموازينه ، فلا بدّ أن يأذن الحاكم الشرعي في ذلك حتى تكون الوصية نافذة وصحيحة.

(٢) أي في صورة موت الصبي قبل بلوغه ، أو في كونه قد بلغ وهو مجنون.

٨٢

اليمين ، والوصية العهديّة تثبت بشهادة عدلين من الرجال ، ولا تقبل فيها شهادة النساء منفردات أو منضمّات إلى الرجال.

الوقف

١ ـ يجوز للزوج أن يوصي بتحبيس ثلث بستانه على زوجته حتى تنتفع من وارده مدّة حياتها بشرط أن يعود الثلث بعد وفاة الزوجة إلى ورثة الزوج (١).

٢ ـ إذا وقّف على أولاده الصّغار وأولاد أولاده وكانت العين الموقوفة في يده ، كفى ذلك في تحقّق القبض ، وأمّا إذا كانت العين في يد غير الواقف فلا بدّ من أخذها منه ليتحقّق قبض الولي.

٣ ـ يشترط في الواقف البلوغ ، لكن لو أوصى الصبيّ بأن يوقّف ملكه بعد وفاته على وجوه الخير أو المبرّة لأرحامه وأقربائه وكان قد بلغ عشراً نفذت وصيّته.

٤ ـ إذا وقّف على المؤمنين اختُص الوقف بمن كان مؤمناً في اعتقاد الواقف ، ولا فرق في ذلك بين الرجال والنساء والأطفال ، فلو كان الواقف اثني عشريّاً اختُص الوقف بالاثني عشريّة.

٥ ـ إذا وقّف على إخوته فيشترك إخوته فيه بالسويّة ، سواء كانوا إخوة للأبوين أو إخوة للأب فقط ، أو الأُمّ فقط ، وكذلك إذا وقّف على أجداده أو أعمامه أو أخواله ، وأمّا الإخوة فلا يشمل أولادهم وكذلك الأخوات.

٦ ـ إذا وقّف شيئاً على أبنائه لم تدخل البنات في جملة الأبناء ، ولكن إذا وقّف على الذريّة دخل الذكر والأُنثى ، والصلبي وغيره في الوقف.

__________________

(١) الفتاوى الميسّرة : ٣٥٦.

٨٣

٧ ـ إذا قال : ( هذا وقف على أولادي ما تعاقبوا وتناسلوا ) أي على جميع عقبهم وكلّ من كان من نسلهم ، فيشترك الجميع في الوقف بدون تقدّم واحد على الآخر.

وأمّا إذا قال : ( هذا وقف على أولادي نسلاً بعد نسل ) ، فلا بدّ من الترتيب ، فيكون التصرّف حقّاً لمن هو أوّل في النسل.

٨ ـ الوقف حسب ما يقفه أهله ، فلو جعله الواقف ترتيبيّاً فهو كذلك ، فإذا جعل الترتيب بين الطبقة السابقة والطبقة اللاحقة ، يراعى الأقرب فالأقرب إلى الواقف ، فلا يشارك الولد أباه ، ولا ابن الأخ عمّته أو عمّه ، ولا ابن الاُخت خالته أو خاله.

٩ ـ لو قال الواقف : ( وقّفت على أولادي طبقة بعد طبقة ، وإذا مات أحدهم وكان له ولد فنصيبه لولده ) فلو مات وكان له أكثر من ولد قُسّم النصيب على الرؤوس ، وإذا مات ولم يكن له ولد فنصيبه لمن كان في طبقته.

١٠ ـ إذا قال الواقف : ( هذا وقف على أولادي ، فإذا انقرض أولادي وأولادهم فهو على الفقراء ) فهو وقف على أولاده الذين من صلبه وغيرهم. ولو قال : ( هذه الدار وقف على أولادي ) جاز لهم الانتفاع بها بغير السكن ، كأُجرتها إلى أحد وتقسيم الأُجرة عليهم ، وإذا عيّن وقف الدار بشرط السكنى فيها فلا يجوز أن يؤجّرها ، وإن لم تسع لسكناهم قسّموها بينهم يوماً فيوماً أو شهراً فشهراً أو سنة فسنة.

١١ ـ إذا أوقف شيئاً على إخوته نسلاً بعد نسل ، فيشمل الوقف الذكور والإناث ، ولو عيّن الوقف على الذكور فلا يشمل الإناث.

٨٤

الصدقة

١ ـ وهي من الأُمور التي تواترت فيها الأحاديث ، فبها ينزل الرزق ، وبها يُشفى المريض ، وبها يُدفع البلاء. ويعتبر فيها البلوغ ، فيوجد إشكال في صحة الصدقة من الصبيّ البالغ عشراً.

ولو دار الأمر بين الصدقة وبين التوسعة على العيال ، فالتوسعة على العيال أفضل من الصدقة.

٨٥

كتاب النكاح

النكاح من المستحبات التي أُكّد عليها في كلام أهل البيت عليهم‌السلام ، وورد أيضاً الذمّ على تركه ، ووصف بأنّه نصف الدين ، وأنّه « ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد الإسلام أفضل من زوجة مسلمة تسرّه إذا نظر إليها ، وتطيعه إذا أمرها ، وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله » (١).

وحرصاً من الشريعة السمحاء على هذه المسألة المهمة ، نظر المعصومون عليهم‌السلام إلى الصفات التي لا بدّ أن تتوفّر في الزوجة التي يريد الرجل أن يختارها وكذلك العكس.

فقد ورد عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « اختاروا لنطفكم ، فإنّ الخال أحد الضجيعين » (٢).

وعن الصادق عليه‌السلام حيث قال له أحد أصحابه قد هممت أن أتزوج ، فقال عليه‌السلام : « اُنظر أين تضع نفسك ، ومن تشركه في مالك ، وتطلعه على دينك وسرّك ، فإن كنت لا بدّ فاعلا فبكراً تنسب إلى الخير وإلى حسن الخلق » (٣).

وكما ينبغي للرجل أن يهتم بصفات المرأة التي يريد الزواج منها ، فلا بدّ أن

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢٠ : ٤٠ ، الحديث ١٠.

(٢) وسائل الشيعة ٢٠ : ٤٧ ، الحديث ٢.

(٣) وسائل الشيعة ٢٠ : ٢٧ ، الحديث ١.

٨٦

تهتمّ المرأة ـ أيضاً ـ بصفات الرجل الذي تريد أن تجعله شريكاً لها في حياتها ، وهذا دليل على اهتمام الشريعة بالمرأة واحترام شخصيّتها وحفظ كرامتها ، لذا فقد ورد عن الإمام الصادق عليه‌السلام أنّه قال : « من زوّج كريمته من شارب خمر فقد قطع رحمها » (١). وجاء عن رسول صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « النّكاح رقّ ، فإذا أنكح أحدكم وليدة فقد أرقّها ، فلينظر أحدكم لمن يرقّ كريمته » (٢).

١ ـ يستحب لمن أراد التزويج أن يصلّي ركعتين ويدعو ويقول : « اللهمّ إنّي أريد أن أتزوج اللّهم فأقدر لي من النساء أعفّهنّ فرجاً ، وأحفظهنّ لي في نفسها وفي مالي ، وأوسعهنّ رزقاً ، وأعظمهنّ بركة » (٣).

ويستحب أيضاً أن يُشهد على العقد وأن يعلن به ، ويستحب الخطبة ، وتشتمل الخطبة على التحميد ، والصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة عليهم‌السلام والشهادتين ، والوصيّة بالتقوى ، والدعاء للزوجين ، ويكفي أن يقول : الحمد لله ، والصلاة على محمّد وآله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

ويكره إيقاع العقد والقمر في برج العقرب ، وإيقاعه في محاقّ الشهر.

٢ ـ لا بدّ من النظر في حال الخطّاب ، فإذا كان ممّن يرضى خلقه ودينه فلا يردّ ، وهو ما ورد عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

٣ ـ يكره الخلوة بالزوجة في حضور الأطفال ، فينظرون إليهما ، هذا إذا لم يكن مستلزماً للحرمة كالنظر إلى العورة فيكون محرّماً.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢٠ : ٢٧ الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة ٢٠ : ٧٩ ، الحديث ٨.

(٣) وسائل الشيعة ٢٠ : ١١٣ ، الحديث ١.

٨٧

٤ ـ يستحب التوسّط للتزويج والشفاعة في هذا الأمر لا سيما إرضاء الطرفين به.

٥ ـ لو عقد على صبّية لم تبلغ تسع سنين فلا يجوز أن يطأها ، ولو فعل ذلك ولم يفضّ بكارتها فليس عليه إلاّ الإثم ، أمّا لو أفضّها فتجب عليه ديّة الإفضاء ، ولم يحرم عليه وطؤها لا سيما إذا اندمل الجرح بعلاج أو بغيره ، وتجري عليها أحكام الزوجة من التوارث وحرمة زواج الأخت وغير ذلك ، وكذلك تجب عليه نفقتها ، ولو أفضى غير الزوجة بالزنا أو بغيره فتجب عليه الديّة فقط دون النفقة.

٦ ـ لا يجوز ترك وطء الزوجة الشابّة أكثر من أربعة أشهر ، إلاّ إذا كان هناك عذر كالحرج والضرر أو أنّها كانت راضية ، أو اشترط عليها حين العقد ، وليس هذا الحكم مختصّاً بالزوجة الدائمة ، فيعمّ المنقطعة أيضاً على الأحوط وجوباً ، وكذلك يعمّ الحكم الحاضر والمسافر على الأحوط وجوباً أيضاً ، ولا يجوز إطالة السفر دون عذر شرعي إذا كان السفر يفوّت حقّها ، وكذلك إذا لم يكن لضرورة عرفية كما إذا كان للتنزّه ، وإذا كانت الزوجة لا تقدر على الصبر إلى أربعة أشهر بحيث خاف الزوج وقوعها في الحرام إذا لم يواقعها فالأحوط وجوباً المبادرة إلى مواقعتها قبل تمام الأربعة أو طلاقها وتخلية سبيلها.

٧ ـ يستحب أن يكون الزفاف ليلاً والوليمة قبله أو بعده ، وصلاة ركعتين عند الدخول ، وأن يكون كلّ من الزوجة والزوج على وضوء ، والدعاء بالمأثور بعد أن يضع يده على ناصيتها ، وهو : ( اللهمّ على كتابك تزوّجتها ، وفي أمانتك أخذتها ، وبكلماتك استحللت فرجها ، فإن قضيت لي في رحمها شيئاً فأجعله مسلماً سويّاً ، ولا تجعله شرك الشّيطان ) وأمرها بمثله ، ويسأل الله تعالى الولد الذكر.

٨ ـ تستحب التسمية عند الجماع ، وأن يكون على وضوء خصوصاً إذا كانت

٨٨

المرأة حاملاً ، وأن يسأل الله تعالى أن يرزقه ولداً تقيّاً مباركاً زكيّاً ذكراً سويّاً.

٩ ـ يجوز العزل عن الزوجة سواء كانت دائمة أم منقطعة ، ويكره في الزوجة الحرّة ، نعم ترتفع الكراهة إذا كان العزل برضاها أو اشترطه الزوج عليها في العقد.

وأمّا امتناع الزوجة عن انزال المني في قبلها فالظاهر حرمته إلاّ برضاه ، أو أشتراطه عليه حين التزويج ، ولا تجب عليها ديّة النطفة على الأقوى.

١٠ ـ يجوز لكلّ من الزوج والزوجة النظر إلى جسد الآخر ، ظاهره وباطنه حتى العورة ، وكذا لمس كلّ منهما كلّ عضو من الآخر ، سواء مع التلذّذ أو بدونه.

١١ ـ يجوز للرجل أن ينظر إلى جسد مماثله ما عدا العورة ، سواء كان المنظور إليه شيخاً أم شاباً ، حسن الصورة أم قبيحها ، بشرط أن لا يلتذ بالنّظر ، وكذلك يحرم النّظر لو خاف على نفسه أن يقع في الحرام ، والحكم كذلك بالنسبة إلى نظر المرأة إلى امرأة أخرى ، ويجب أن يجتنب المكلّف عن النظر إلى عورة الكافر والصبيّ المميِّز على الأحوط وجوباً.

١٢ ـ يجوز أن ينظر الرجل إلى جسد محارمه ما عدا العورة ، بشرط أن يكون النظر خال من التلذّذ وخوف الوقوع في الحرام ، وكذلك يجوز نظر المحارم إلى جسد المحرم عليهنّ من عدم التلذّذ وخوف الوقوع في الحرام ، والمراد بالمحارم : من يحرم عليه نكاحهنّ أبداً ، سواء من جهة الرضاع ، أو النسب ، أو المصاهرة ، ولا يشمل النكاح المحرّم بغير هذه الأسباب كالزنا واللواط واللّعان.

١٣ ـ لا يجوز للرجل أن ينظر إلى ما عدا الوجه والكفّين من جسد المرأة الأجنبيّة ، ولا فرق بين أن يكون النظر لجسدها بشهوة أو مع خوف الوقوع في الحرام.

أمّا الوجه والكفّين فلا يجوز له النظر إليهما مع التلذّذ الشهوي ، أو خوف

٨٩

الوقوع في الحرام ، وأمّا مع عدم وجود هذين الوصفين فلا يبعد جواز النظر وإن كان الأحوط استحباباً تركه.

١٤ ـ يحرم على المرأة أيضاً أن تنظر إلى بدن الرجل الأجنبيّ مع الالتذاذ الشهوي أو مع خوف الوقوع في الحرام ، والأحوط وجوباً أن لا تنظر إلى غير ما جرت السيرة على عدم الالتزام بستره كالرأس واليدين والقدمين ونحوها وإن كان بلا تلذذ شهوي أو خوف الوقوع في الحرام ، وأمّا نظرها إلى هذه المواضع من بدنه من دون تلذّذ شهوي ودون الخوف من الوقوع في الحرام فالظاهر جوازه وإن كان الأحوط استحباباً تركه أيضاً.

١٥ ـ لا يجوز لمس بدن الغير وشعره مع الالتذاذ أو الريبة إلاّ الزوجين فيما بينهما ، أمّا بدون الالتذاذ وخوف الوقوع في الحرام فيجوز للمحارم والمماثل ، أي الرجل للرجل والمرأة للمرأة ، ومن هذا تعرف حرمة المصافحة كما يفعل أهل الدول الغربيّة ، وتستطيع المرأة أن تقدّم تلك التحيّة مع الساتر كأن تلبس قفّازات وتصافح الأجنبي (١).

١٦ ـ لو قطع عضو من الأجنبيّ أو الأجنبيّة وهو ممّا يحرم النظر إليه قبل القطع ، فلا يجوز النظر إليه بعد القطع إن كان يصدق عليه عرفاً أنّه نظر إلى صاحب العضو المبان ، وأمّا مع عدم صدق ذلك فيجوز النظر إلى ما عدا العورة ، والأحوط استحباباً الاجتناب عن النظر إلى السنّ والظفر.

١٧ ـ يجب على المرأة أن تستر شعرها وجسدها ما عدا الوجه والكفين ، هذا

__________________

(١) قُيِّد حكم جواز المصافحة مع الكفوف بالضرورة كما إذا عُرّضت المرأة إلى ضرر معتدّ به أو حرج شديد لا يتحمّل عادةً. انظر فقه الحضارة : ١٨٠.

٩٠

أمام غير المحارم والزوج ، إلاّ إذا خافت أن تقع ـ هي ـ في الحرام ، أو أنّها أظهرتهما بداعي إيقاع الرجل في الحرام ، فيحرم عليها إبداؤهما ، حتّى بالنسبة إلى المحارم حينئذ. وأما إذا كانت المرأة كبيرة السنّ لا ترجو نكاحاً فيجوز لها إظهار شعرها وذراعها ونحو ذلك ممّا لا يستره الخمار والجلباب عادة. والخمار : هو ما تغطّي به المرأة رأسها. والجلباب : هو الثوب الواسع. والجواز مشروطٌ بعدم تبرّجها بزينة ، فلو كانت متبرّجة بزينة حرم عليها الإظهار.

١٨ ـ لا يجب على الرّجل التستّر من المرأة الأجنبيّة ، وإن كان لا يجوز لها ـ على الأحوط وجوباً ـ أن تنظر إلى غير ما جرت السيرة على عدم الالتزام بستره من بدنه.

١٩ ـ قدّر ديننا الحنيف مواقع الضرورة وجعل لنا قاعدة ( الضرورات تبيح المحضورات ) لذا فحرمة النظر واللمس للأجنبيّة موجودة في غير مواقع الاضطرار ، أمّا مع الاضطرار كالاستنقاذ من الغرق أو الحرق أو الاضطرار الى المعالجة من مرض وكان الرجل الأجنبي أرفق بعلاجها فيجوز ذلك ، ولو كان الطبيب يكتفي حين المعالجة إمّا باللمس أو بالنّظر فلا يجوز له التعدّي أكثر ، فإمّا يعالج بالنظر أو باللمس.

٢٠ ـ يجوز اللمس والنظر من الرجال للصبيّة غير البالغة ـ ما عدا النظر إلى عورتها ـ بشرط عدم التلذّذ الشهوي وخوف الوقوع في الحرام. والأحوط استحباباً الاقتصار على المواضع التي لم تجر العادة بسترها بالملابس المتعارفة وترك ما جرت العادة بستره مثل الصدر والبطن والفخذ ، والأحوط استحباباً أيضاً عدم تقبيلها ووضعها في الحجر إذا بلغت ستّ سنين.

٩١

٢١ ـ يجوز للمرأة أن تنظر إلى الصبيّ غير البالغ ـ ما عدا عورته ـ وتمسّ مواضع بدنه مع عدم التلذّذ وخوف الافتنان ، ولا يجب عليها أن تتستّر منه قبل أن يبلغ سنّاً يمكن أن يترتّب على نظره إليها ثوران الشهوة عنده ، وإذا بلغ ذلك السنّ وجب التستّر منه على الأحوط وإن لم يبلغ البلوغ الشرعي.

٢٢ ـ إذا كان الصبيّ غير مميّز فلا يجب التستر منه ، مع عدم الالتذاذ وخوف الوقوع في الحرام ، وكذلك إذا كانت الصبيّة غير مميِّزة فلا يجب عليها التستر مع عدم الالتذاذ وخوف الوقوع في الحرام أيضاً ، وكذلك المجنون غير المميّز لا تجري عليه أحكام التستّر.

٢٣ ـ يجوز النظر إلى النّساء المتبرّجات المبتذلات اللواتي إذا نُهين عن التكشّف لا ينتهين ـ كما في الغرب ـ بشرط أن يكون النظر بلا تلذّذ وخوف الوقوع في الحرام ، ولا فرق في ذلك بين أن يكنّ كافرات أو غير ذلك ، أو أن يكون النظر إلى وجوههنّ وأيديهنّ أو باقي الأعضاء التي جرت عادتهنّ على عدم ستره.

٢٤ ـ لو كانت المرأة سافرة في صورة لها ولكنّها غير مبتذلة فالأحوط وجوباً أن لا ينظر إليها الرجل الأجنبي إذا كان يعرفها ، ويستثنى من ذلك الوجه والكفّان إذا كان النظر بلا تلذّذ شهوي وخوف الوقوع في الحرام ، وكذلك لا يجوز النظر إليهما مباشرة مع التلذذ وخوف الوقوع في الحرام كذلك.

٢٥ ـ يتعارف عند بعض الناس بأن ينظر الرجل إلى محاسن المرأة ـ كوجهها وشعرها ورقبتها وساقيها ومعاصمها ـ التي يريد التزويج منها فهو جائز ، ولا يشترط في ذلك رضاها ، ويستثنى من ذلك أُمور :

١ ـ أن لا يكون النظر بقصد الالتذاذ الشهوي وإن علم أنّه يحصل بالنظر إليها قهراً ، وأن لا يخاف الوقوع في الحرام بسبب هذه النظرة.

٩٢

٢ ـ أن لا يكون هناك مانع من التزويج بها ، كأنّها في العدّة مثلاً أو أنّها أُخت لزوجته فلا يجوز التزويج منها.

٣ ـ أن لا يكون مسبوقاً بحالها كما إذا رآها سابقاً.

٤ ـ أن يحتمل الناظر اختيارها زوجةً له.

٥ ـ لو كان هناك نساء متعدّدات ولا يعلم أيّاً منهنّ يختار على وجه التعيين فلا يجوز له على الأحوط وجوباً أن ينظر لهنّ جميعاً ، ولا بدّ من قصد الزواج بواحدة منهنّ بالخصوص.

٦ ـ يجوز أن يتكرّر النّظر لو لم يحصل الاطّلاع بالنّظرة الأُولى ، ولو حصل له الاطّلاع لا يجوز أن يكرّر النظر مرّة ثانية.

٢٦ ـ يجوز للأجنبي أن يسمع صوت الأجنبية مع عدم الالتذاذ أو خوف الوقوع في الحرام ، وكذلك يجوز لها إسماع صوتها له مع عدم خوف الافتنان ، نعم لا يجوز لها ترقيق الصوت وتحسينه على نحو يكون عادة مهيّجاً للسامع ، وإن كان السامع من محارمها.

عقد النكاح

١ ـ عقد النكاح على قسمين : دائم ، ومنقطع. والعقد الدائم هو عقد لا تعيّن فيه مدّة الزواج ، وتسمّى الزوجة فيه ب‍ ( الدائمة ) ، والعقد المؤقت هو العقد الذي تعيّن فيه مدّة الزواج كساعة أو يوم أو سنة أو أقلّ أو أكثر ، وتسمّى الزوجة فيه ب‍ ( المنقطعة أو المتَمَتّع بها ).

٢ ـ يشترط في النكاح ـ سواء كان مؤقتاً أم دائماً ـ الإيجاب والقبول ، ولا بدّ أن

٩٣

يكونا لفظييّن على الأحوط وجوباً ، فلا يكفي مجرّد التراضي القلبي ، ولا الإشارة المفهِمة هذا في غير الأخرس ، والأحوط وجوباً أن يكون لفظ الإيجاب والقبول بالعربية مع التمكّن منها ، ومع عدم التمكّن من العربية يكفي غيرها من اللّغات المفهمة لمعنى النكاح والتزوج وإن تمكّن أن يوكّل أحداً عنه.

٣ ـ الأحوط استحباباً تقديم الإيجاب على القبول ، وإن كان يجوز تقديم القبول على الإيجاب إذا لم يكن القبول بلفظ ( قبلت ) ـ فيكون حينئذٍ الاحتياط لزوميّاً أي واجباً ـ أو نحوه من اللفظ الخالي عن ذكر المتعلّق ، كما إذا قال الرجل للمرأة : ( أتزوّجك على الصّداق المعلوم ) فتقول المرأة : ( نعم ) ، أو يقول الرجل : ( قبلت التزويج بك على الصداق المعلوم ) ، فتقول المرأة : ( زوّجتك نفسي ).

٤ ـ الأحوط استحباباً أن يكون الإيجاب من جانب المرأة والقبول من جانب الرجل ، ويجوز العكس بأن يقول الرجل : ( زوّجتك نفسي على الصداق المعلوم ) ، فتقول المرأة : ( قبلت ).

٥ ـ الأحوط استحباباً أن يكون الإيجاب في الزواج الدائم بلفظ النكاح أو التزويج ، أي تقول المرأة أو الرجل : ( زوّجتك نفسي ، أو أنكحتك نفسي ) ، كما أنّ الأحوط استحباباً كون الإيجاب والقبول بصيغة الفعل الماضي أي ( زوّجت ) وإن جاز بغيرها أيضاً.

٦ ـ يجوز الاقتصار في القبول على لفظ ( قبلت ) أو ( رضيت ) بعد الإيجاب من دون ذكر المتعلّقات التي ذكرت فيه ، فلو قال الموجب ـ الوكيل عن الزوجة ـ للزوج : ( أنكحتك موكّلتي فلانة على المهر المعلوم ) ، فقال الزوج : ( قبلت ) من دون أن يقول : ( قبلت النكاح لنفسي على المهر المعلوم ) صحّ.

٧ ـ يجوز أن يباشر الزوجان العقد بنفسهما من دون أن يوكّلا أحداً في ذلك ،

٩٤

فلو باشرا العقد الدائم وبعد تعيين المهر قالت المرأة مخاطبةً للرجل : ( أنكحتك نفسي ، أو أنكحت نفسي منّك أو لك على الصداق المعلوم ) ، فقال الرجل : ( قبلت النكاح ) صحّ العقد ، وكذا يصح العقد لو قالت المرأة للرجل : ( زوّجتك نفسي ، أو زوّجت نفسي منك أو بك على الصداق المعلوم ) فقال الرجل : ( قبلت التزويج ).

٨ ـ لا يشترط المطابقة بين لفظ القبول وعبارة الإيجاب ، بل يصحّ الإيجاب بلفظ والقبول بلفظ آخر ، كأن يقول : ( زوجتك ) فيجيبه ( قبلت النكاح ) ، أو يقول : ( أنكحتك ) فيجيب ( قبلت التزويج ) ، والأحوط استحباباً المطابقة بين اللّفظين.

٩ ـ إذا لحن في صيغة العقد بحيث لم يكن المعنى ظاهراً (١) لم يكف ذلك ، وإذا لحن في مادّة الكلام كما إذا قال بدل زوّجتك : ( جوّزتك ) كما هو دارج عند البعض كفى ذلك إذا كان المباشر للعقد من أهل تلك اللغة.

١٠ ـ لا بدّ أن يتحقّق القصد من العقد ، وهو متوقّف على فهم معنى لفظ ( زوّجت ) أو كلمة اُخرى تقوم مقام ذلك ولو إجمالاً ، ولا يعتبر العلم بخصوصيّات اللفظ ولا تمييز الفعل والفاعل والمفعول مثلاً ، فإذا كان هناك قصد في إيجاد علقة الزواج وقال : ( زوّجت ) وقال الطرف الآخر : ( قبلت ) كفى.

١١ ـ تشترط الموالاة بين الإيجاب والقبول ، بحيث يصدق أنَّ هذا القبول لذلك الإيجاب ، ولا يضرّ الفصل بمتعلّقات العقد من القيود والشروط التابعة له وإن كثرت.

١٢ ـ يشترط في صحّة النّكاح أن يكون منجّزاً غير معلّق على أمر سوف يحصل في المستقبل ، سواء كان معلوم الحصول أم متوقّع الحصول ، فلو علّقه بطل ،

__________________

(١) أيّ لا يفهم منه أنّه صيغة للعقد.

٩٥

وهكذا يبطل لو علّقه على أمر حاليّ ولكن يحتمل حصوله وكان ذلك الأمر ممّا تتوقّف عليه صحّة العقد ، أمّا إذا علّقه على أمر موجود حالاً وهو معلوم الحصول لديه ـ كما إذا قالت المرأة في يوم الجمعة وهي عالمة أنّه يوم الجمعة : ( أنكحتك نفسي إن كان اليوم الجمعة ) فيصحّ العقد ـ وكذلك يصحّ لو علّق على أمر مجهول الحصول ولكنّه ممّا يتوقّف عليه صحّة العقد كما لو قالت المرأة : ( أنكحتك نفسي إذا لم أكن اُختك ).

١٣ ـ يشترط في العاقد ـ وهو الذي يُجري صيغة العقد ـ أن يكون قاصداً للمعنى حقيقةً ، فلا عبرة بعقد الشخص الهازل الذي يقول الصيغة بنحو المزاح ، أو الساهي ، أو الغالط في كلامه ، أو النائم لو قال الصيغة في حال نومه ، وكذلك لا عبرة بعقد السكران الذي لا يفهم ما يقول ولا المجنون ، وإن كان جنونه أدوارياً بأن يؤثّر عليه الجنون ساعة ويفيق منه اُخرى ، إن كان قد أجرى صيغة العقد في حال جنونه.

ومن الشرائط أيضاً كون العاقد بالغاً ، فلا يصحّ عقد الصبيّ لنفسه وإن كان مميّزاً ـ حتّى لو قصد المعنى (١) ـ إذا لم يكن بإذن الوليّ ، أو كان بإذنه ولكن كان الصبيّ مستقلاً في التصرّف ، والأحوط وجوباً أن لا يتولّى الصبي إنشاء الصيغة حتّى لو كان العقد من الولي نفسه وكان الصبيّ وكيلاً عنه في إنشاء الصيغة.

١٤ ـ نجد البعض ممّن يجبر البنت أو الولد على الزواج غافلين عن اشتراط رضى الزوجين في صحة العقد حسب الواقع لا الظاهر ، فلو أذنت الزوجة وأظهرت الكراهة وعُلم منّها الرضى القلبي صحّ العقد ، ولو تظاهرت بالرضى وعُلم منها الكراهة قلباً بطل العقد ، الاّ إذا كانت البنت باكراً غير مستقلّه في شؤون حياتها

__________________

(١) لأنّ القصد شرط في صحّة العقد ، ولكن إذا كان العاقد بالغاً فلا يكفي القصد في غير البالغ.

٩٦

وزوّجها الأب بدون رضاها وكان العقد لصالحها حسب النظر العقلائي فإنّ الحكم بالصحّة أو البطلان مشكِل ـ والأحوط وجوباً إذا لم ترض البنت ـ أن يطلّقها الرجل وإذا رضيت بعد الردّ يجدّد العقد.

١٥ ـ لو كان الزوجان أو أحدهما كارهاً للعقد واُجري على هذه الحالة وبعد ذلك رضيا وأجازا العقد صحّ ، والأفضل إعادة العقد مرّة أخرى.

١٦ ـ لو كان للأب عدّة بنات وقال للزوج : أزوّجك إحدى بناتي ، فإنّه لا يصح ، فلا بدّ حينئذٍ من التعيين بحيث تمتاز التي يريد تزويجها عن غيرها ، سواء كان التعيين بالاسم أو الإشارة كأن يقول : ( زوّجتك بنتي هذه ) وكذلك يبطل لو قال لأب الزوج : ( زوّجت بنتي أحد أبنيك ، أو أحد هذين ) وهو يشير إليهما معاً.

ولكنّه يصح لو كانا معلومين لدى المتعاقدين ، فلا يشترط عندئذ التعيين عند إجراء الصيغة سواء بالاسم أم بالإشارة ، وكذلك يصحّ لو كانا متقاولين على تزويج بنته الكبرى من ابنه الكبير ـ مثلاً ـ وحين إجراء الصيغة قال : ( زوّجت بنتي من ابنك ) وقَبِل الآخر فالظاهر الصحّة.

١٧ ـ لو وقع اشتباه بين الزوجة التي عَيّنت بالوصف والاسم وبيّن مَن هي المقصودة في الواقع ، كما إذا قصد تزويج بنته الكبرى وتخيّل أنّ اسمها فاطمة وكانت المسمّاة بفاطمة هي الصغرى وكانت الكبرى مسمّاة بخديجة وقال : ( زوّجتك الكبرى من بناتي فاطمة ) وقع العقد على الكبرى التي اسمها خديجة ولا يقع على فاطمة ، وإن كان المقصود تزويج فاطمة وتخيّل أنّها الكبرى فتبيّن أنّها الصغرى وقع العقد على المسمّاة بفاطمة واُلغي وصفها بأنّها الكبرى ، وكذا لو كان المقصود تزويج المرأة الحاضرة وتخيّل أنّها الكبرى واسمها فاطمة فقال : ( زوّجتك هذه وهي فاطمة

٩٧

وهي الكبرى من بناتي ) وتبيّن أنّها الصغرى واسمها خديجة وقع العقد على المشار إليها ، ولا عبرة بالاسم والوصف ، ولو كان المقصود العقد على الكبرى فلمّا تصوّر أن هذه المرأة الحاضرة هي تلك الكبرى قال : ( زوّجتك الكبرى وهي هذه ) وقع العقد على تلك الكبرى وتُلغى الإشارة فلا عبرة فيها.

١٨ ـ لو أوكلت المرأة شخصاً لإجراء العقد عنها فلا يجوز له أن يتزوّجها إلاّ إذ كان كلامها في التوكيل عامّاً ، بحيث يشمل الموكَّل أيضاً ، فلو كان كذلك جاز أن يتزوّجها (١).

١٩ ـ يجوز أن يتولّى إجراء العقد كلّ من الزوجين أو يجعلا وكيلاً واحداً عنهما معاً سواء كان العقد دائماً أم مؤقّتاً ، والأحوط استحباباً أن لا يتولّى العقد شخص واحد بل يكون وكيل المرأة غير وكيل الرجل.

٢٠ ـ إذا ادّعت المرأة أنّها غير ذات بعل واحتمل صدقها جاز أن يتزوّج منها ، من غير فحص وسؤال حتّى إذا كان لها زوج سابقاً فادّعت أنّها تطلّقت منه أو مات عنها ، نعم لو كانت متّهمة (٢) فالأحوط وجوباً الفحص عن حالها.

٢١ ـ يصحّ التوكيل في النكاح من طرف الزوج أو الزوجة أو من الطرفين إذا كانا كاملين ، وكذلك يصحّ توكيل وليّهما إن كانا قاصرين ، ويجب على الوكيل أن لا يتعدّى عمّا عيّنه الموكِّل ، من حيث الشخص والمهر والخصوصيات الأُخرى وإن كان على خلاف مصلحة الموكّل ، وإن تعدّى كان فضوليّاً متوقّفاً على إجازته.

٢٢ ـ إذا وكّلا شخصاً في إجراء صيغة العقد لم تجز لهما الاستمتاعات

__________________

(١) أي يجوز للموكَّل نفسه أن يتزوّجها.

(٢) أي يشكّ في صدق ادّعائها بأنّها غير ذات بعلٍ.

٩٨

الزوجيّة حتّى النظر المحرّم قبل الزواج ، وتحلّ لهما الاستمتاعات إذا اطمئنا بأنّ الوكيل أجرى صيغة عقد النكاح ، ولا يكفي ظنّهما بإجراء الصيغة ، ولو أخبر الوكيل خبراً لا يوجب الاطمئنان فلا يجوز لهما الاعتماد على هذا الخبر ، ولكن لو علما أنّه أجرى صيغة عقد النكاح وشكّاً في صحّته فيجوز لهما الاستمتاعات الزوجيّة.

٢٣ ـ إذا ادّعى رجل أنّه زوج لامرأة وأنكرت ـ هي ـ ذلك فيجوز لها أن تتزوّج من غيره ، ويجوز للغير أن يتزوّجها ما لم يحرز كذبها ، ويجوز زواجها من غيره إذا كان قبل إقامة الدعوى عند الحاكم الشرعي ، وإن كان بعد الدعوى وأقام المدّعي البيّنة على أنّه زوجها حَكَم الحاكم الشرعي بإبطال العقد الجديد ولو لم يأتي بالبيّنة لم تُسمع دعواه ، وليس هناك يمين على المرأة ولا على الذي عقد عليها ، هذا فيما إذا كان قد ادّعى أنّه زوجها قبل رفع الأمر إلى الحاكم ، وأمّا إن كان بعد طرح الدعوى عند الحاكم فالأحوط وجوباً الانتظار إلى حين فصل النزاع ، فإذا أتى المدّعي بالبيّنة حُكم له ، وإن لم يكن له بيّنة طلب توجيه اليمين إلى المنكِر ـ أي إلى الزوجة في محلّ كلامنا ـ فإن حلفت حكم لها ، وإن لم تحلف ولم يرد الحاكم اليمين على المدّعي وإن كان عدم الردّ عن غفلة أو جهالة جاز للحاكم أن يحكم على المدّعي ، وللحاكم الولاية بأن يردّ اليمين على المدّعي انتظاراً لفصل النزاع ، وإن ردّ المنكِر أو الحاكم اليمين على المدّعي فحلف المدّعي حُكم له ، وأن نكل (١) المدّعي حكم عليه وأعطي الحقّ للزوجة ، هذا بحسب الموازين القضائيّة ، أمّا بحسب الواقع فيجب على كلّ منهما العمل على ما هو تكليفه بينه وبين الله ، لكي يحلّ النزاع بينهما.

__________________

(١) نكَلَ عن العَدُوِّ وعن اليمينِ يَنْكُلُ بالضمّ ، أي جَبُنَ ، الصحاح ٥ : ١٨٣٥ ، « نكَل ».

٩٩

٢٤ ـ لو غاب الزوج عن الزوجة غيبة طويلة وانقطع خبره عنها بحيث لم يعلم موته ولا حياته ، وادّعت الزوجة حصول العلم بموته فلا يجوز لمن أراد أن يتزوّجها الاكتفاء بقولها ، ولا يجوز للوكيل عنها الاكتفاء بقولها وإنشاء العقد ، والأحوط وجوباً أن لا يتزوّجها إلاّ من لم يطّلع على حالها ولم يعلم أنّه كان لها زوج وقد فقد.

في أولياء العقد

١ ـ الجدّ له الولاية ولا يشترط في ولايته حياة الأب ولا موته ، ومع وجود الأب يكون كلّ من الأبّ والجدّ مستقلا في ولايته ، فلو زوّج الجد الصغيرة ـ الذي هو ولي عنها ـ فلم يبق محلّ لتزويج الأب لها ، وإن زوّجها الأبّ من شخص وزوّجها الجدّ من شخص آخر وعلم السابق منهما أنّه الجدّ مثلاً كان عقده هو المقدّم ويلغى عقد الأب ، وإن عُلم تقارنهما في الزمن قدّم عقد الجد ولغي عقد الأب.

وأمّا إذا لم يعلم الحال واحتمل أنّ أحدهما سابق على الآخر ، أو احتمل التقارن فيما بينهما ـ سواء علم تاريخ أحد العقدين وجهل الآخر أم جهل التاريخين معاً ـ فيعلم إجمالاً بكون الصغيرة زوجة لأحد الشخصين أجنبيّة عن الآخر فلا يصح تزويجها بغيرهما ، كما أنّه ليس للغير أن يتزوّجها.

وأمّا حالهما بالنسبة إليها ، وحالها هي بالنسبة إليهما فلا تُترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيهما ، ولو بأن يطلّقها أحدهما ويجدّد الآخر نكاحها.

٢ ـ يشترط في صحّة تزويج الأبّ والجدّ لمن هو وليّ عنه بأن يكون عقدهُ خالياً من إيصال المفسدة إليه ، والأحوط استحباباً مراعاة المصلحة ، وإن كان التزويج مؤدّياً للمفسدة يكون العقد فضوليّاً ، فيكون حال الولي كحال الأجنبي فتتوقّف حينئذٍ صحّة العقد على إجازة من عُقد له بعد بلوغه أو إفاقته من الجنون ، والضابط

١٠٠