الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٣

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٣

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-195-5
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٦٦

١
٢

٣
٤

الباب الثالث

نهايات فتح مكة

الفصل الأول : الذين أهدر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله دمهم

الفصل الثاني : أحداث جرت في فتح مكة

الفصل الثالث : تشريعات وأحكام

الفصل الرابع : مكة بعد الفتح بيد عتّاب .. ومعاذ

٥
٦

الفصل الأول :

الذين أهدر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله دمهم

٧
٨

كذلك نجزي المجرمين :

قالوا : إن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أهدر دم عدد من الأشخاص لأمور صدرت منهم ، قد يصل عددهم إلى عشرين ، بين رجل وامرأة. وقد أمر «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بقتلهم ، ولو كانوا متعلقين بأستار الكعبة (١) ، وهم :

١ ـ عبد العزى بن خطل (عبد الله بن خطل).

٢ ـ عبد الله بن سعد بن أبي سرح.

٣ ـ عكرمة بن أبي جهل.

٤ ـ الحويرث بن نقيدر.

٥ ـ مقيس بن صبابة.

٦ ـ هبار بن الأسود.

٧ ـ الحويرث بن الطلاطل الخزاعي.

٨ ـ كعب بن زهير.

٩ ـ وحشي بن حرب.

١٠ ـ سارة مولاة عمرو بن هاشم بن المطلب ، بن عبد مناف.

__________________

(١) راجع : السيرة الحلبية ج ٣ ص ٨١ ومجمع البيان ج ١٠ ص ٥٥٧ والبحار ج ٢١ ص ١٠٥ و ١٣١ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٨٣ و ٩٠.

٩

١١ ـ هند بنت عتبة.

١٢ ـ أرنب ، مولاة ابن خطل.

١٣ ـ فرتنا. قينة لابن خطل.

١٤ ـ قريبة. قينة أخرى لابن خطل.

١٥ ـ أم سعد (١).

١٦ ـ صفوان بن أمية.

١٧ ـ الحارث بن هشام.

١٨ ـ زهير بن أمية ، أخو أم سلمة زوج الرسول «صلى‌الله‌عليه‌وآله» (٢).

١٩ ـ عبد الله بن ربيعة.

٢٠ ـ زهير بن أبي سلمى.

وذكر أيضا إسما الرباب وخولة ، ويحتمل أن تكون بعض هذه المذكورات أسماء وبعضها ألقاب ، والتحقيق في ذلك ليس بالأمر المهم (٣).

وهناك أشخاص آخرون أهدر النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» دمهم ، ك :

١ ـ أسيد بن إياس (أناس).

٢ ـ عبد الله ابن الزبعرى.

٣ ـ هبيرة بن أبي وهب.

__________________

(١) راجع : سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٢٣ ـ ٢٢٦ وعن فتح الباري ج ٨ ص ١٠.

(٢) تاريخ مدينة دمشق ج ٥٩ ص ٦٨.

(٣) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٨١ و ٨٢.

١٠

وأسباب ذلك لا تبتعد عن الأسباب التي دعت إلى إهدار دم من ذكرنا أسماءهم آنفا ، ولذلك فنحن نحيل القارئ على الكتب التي تعرضت لترجمة هؤلاء أو لقضايا تاريخية تتصل بهم.

فظهر أن ما يذكرونه من عددهم ، مثل قول بعضهم : أن عددهم أحد عشر رجلا.

وفي الإمتاع : ستة نفر ، وأربع نسوة (١).

وعند الدياربكري : أحد عشر رجلا ، وستة نسوة (٢).

إن ذلك كله يبقى غير دقيق.

اقتلوهم ولو تعلقوا بأستار الكعبة :

وقد يتساءل البعض : عن كيفية التوفيق بين احترام الكعبة وتعظيمها ، واعتبار مكة بلدا آمنا .. وبين أمره «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بقتل أفراد هذه الجماعة ، حتى لو كانوا متعلقين بأستار الكعبة. فإن تناقض هذين الأمرين يكاد يكون ظاهرا.

والجواب : أن هذين الأمرين في غاية التوافق والإنسجام ، بل إن الأمر بقتل هؤلاء الناس هو من مفردات تعظيم الكعبة ، وحفظ حرمة الحرم.

لأنهم بشركهم ، وبصدهم عن سبيل الله ، وسعيهم في الأرض فسادا ، وجدهم واجتهادهم لإبطال دين الله ، وقتل الأنبياء والمؤمنين من أجل

__________________

(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٨١ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٨٢٥ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٩٠ عنه ، وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٣٣.

(٢) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٩٠.

١١

نصرة الباطل ، وتقويض صرح الحق ، ومحاربتهم لله تعالى ـ إنهم بذلك كله ـ يمثلون الرجس والإثم والقاذورات التي لا بد من تطهير بيت الله وحرمه منها ، فقتلهم حتى لو كانوا متعلقين بأستار الكعبة تكريم للكعبة ، وتكريس لمعنى الطهر والقداسة فيها.

ويتأكد هذا المعنى : إذا كان هؤلاء يتخذون من الكعبة وسيلة لمواصلة إجرامهم في حق أنفسهم ، وفي حق الإنسانية ، وسبيلا للإمعان في تمردهم على الله تعالى ، وقهر عباده المؤمنين ، وإطفاء نور الهداية الإلهية ، عن طريق محاربة أنبياء الله ، والسعي في قتلهم ، أو محاصرتهم بالهموم والمتاعب ، والبلايا والمصائب.

إن دخول هؤلاء إلى المسجد الحرام لا يرضاه الله تعالى ، وهو محظور كحظر دخول أي حيوان نجس العين إلى مساجد الله سبحانه ، فكيف إذا كان ذلك الحيوان يحمل القاذورات في كل جوارحه ، وأجزاء جسده.

فإذا كان ذلك الحيوان عقورا ، شرسا ، ضاريا ، ولا يمكن دفع شره عن عباد الله إلا بقتله ، فلا بد من المبادرة إلى ذلك.

هذا .. ولا بأس بأن نشير هنا إلى بعض ما يرتبط بإهدار دم هؤلاء الناس بصورة تفصيلية ، فنقول :

١ ـ عكرمة بن أبي جهل :

أما عكرمة (١) بن أبي جهل ، فإنه إنما أمر بقتله ، لأنه كان هو وأبوه أشد

__________________

(١) العكرمة : هي الأنثى من الحمير.

١٢

الناس أذية للنبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وكان أشد الناس على المسلمين.

ولما بلغه أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أهدر دمه فرّ إلى اليمن ، فاتبعته امرأته وهي بنت عمه ، أم حكيم بنت الحارث بن هشام بعد أن أسلمت ، فوجدته في ساحل البحر يريد أن يركب السفينة.

وقيل : وجدته في السفينة فردته (١).

وروي : أن عكرمة قال : بلغني أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» نذر دمي يوم الفتح ، وكنت في جمع من قريش بأسفل مكة ـ وقد ضوى إلي من ضوى ـ فلقينا هناك خالد بن الوليد ، فأوقع بنا ، فهربت منه أريد ـ والله ـ أن ألقي نفسي في البحر ، وأموت تائها في البلاد قبل أن أدخل في الإسلام ، فخرجت حتى انتهيت إلى الشعيبة.

وكانت زوجتي أم حكيم بنت الحارث امرأة لها عقل ، وكانت قد اتبعت رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فدخلت على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فقالت : يا رسول الله ، إن ابن عمي قد هرب يلقي نفسه في البحر ، فأمنه (٢).

وعن سعد بن أبي وقاص ، عن عروة : أن عكرمة ركب البحر ، فأصابتهم

__________________

(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٩٢ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٩١ وكتاب التوابين ص ١٢٣ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٨ ص ٩ وكنز العمال ج ١٣ ص ٥٤٢ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤١ ص ٦٣.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٥٢ وراجع : تاريخ الخميس ج ٢ ص ٩١ وراجع البحار ج ٢١ ص ١٤٤ وتاريخ مدينة دمشق ج ٧٠ ص ٢٢٥ والمنتخب من ذيل المذيل ص ٩.

١٣

ريح عاصف ، فنادى عكرمة اللات والعزى ، فقال أهل السفينة : أخلصوا ، فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئا (١).

فقال عكرمة : والله لئن لم ينجني من البحر إلا الإخلاص لا ينجيني في البر غيره ، اللهم لك عهدا ، إن أنت عافيتني مما أنا فيه أن آتي محمدا حتى أضع يدي في يده ، فلأجدنه عفوا غفورا كريما ، فجاء وأسلم (٢).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٥٢ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٩١ ، والبحار ج ٩ ص ١٣٧ وج ٢٢ ص ٤٩ وسنن النسائي ج ٧ ص ١٠٦ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٨ ص ٢٠٥ ومجمع الزوائد ج ٦ ص ١٦٩ وعون المعبود ج ٧ ص ٢٤٨ والمصنف لابن أبي شيبة ج ٨ ص ٥٣٦ والسنن الكبرى للنسائي ج ٢ ص ٣٠٢ ومسند أبي يعلى ج ٢ ص ١٠١ وشح معاني الآثار ج ٣ ص ٣٣٠ وكنز العمال ج ١٠ ص ٥١٧ وتفسير مجمع البيان ج ٨ ص ٩٥ وزاد المسير ج ٦ ص ١٦٧ والدر المنثور ج ٣ ص ٣٠٣ وفتح القدير ج ٢ ص ٤٣٦ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢٩ ص ٣٣ وج ٤١ ص ٥٩ وأسد الغابة ج ٤ ص ٥ والإصابة ج ٤ ص ٤٤٤ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٥٦٥ وإمتاع الأسماع ج ١٣ ص ١١١.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٥٢ عن ابن أبي شيبة ، وأبي داود ، والنسائي ، والبيهقي ، والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ٢٦١ ومجمع البيان ج ٨ ص ٣٢٣ وسنن النسائي ج ٧ ص ١٠٦ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٨ ص ٢٠٥ وعون المعبود ج ٧ ص ٢٤٨ والسنن الكبرى للنسائي ج ٢ ص ٣٠٣ ومسند أبي يعلى ج ٢ ص ١٠١ وشح معاني الآثار ج ٣ ص ٣٣٠ وكنز العمال ج ١٠ ص ٥١٨ والدر المنثور ج ٣ وفتح القدير ج ٢ ص ٤٣٦ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢٩ ص ٣٣ وأسد الغابة ج ٤ ص ٥ والإصابة ج ٤ ص ٤٤٤ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٤١ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٥٦٥.

١٤

وقيل : وقع بصره على دفة السفينة ، فرأى عليها مكتوبا : (وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُ) (١) وكان معه محك ، فأراد أن يمحو به تلك الكتابة فلم يستطع ، فعلم أنه كلام الحق جل وعلا ، فوقع في باطنه تغيّر (٢).

وفي المشكاة : أن عكرمة هرب حتى قدم اليمن ، فسافرت أم حكيم حتى قدمت عليه اليمن ، فدعته إلى الإسلام فأسلم ، وثبتا على نكاحهما (٣).

وقالوا : إن أم حكيم قالت لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : يا رسول الله ، قد ذهب عكرمة عنك (أو هرب عكرمة منك) إلى اليمن ، وخاف أن تقتله ، فأمنه يا رسول الله.

فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «هو آمن».

فخرجت أم حكيم في طلبه ، ومعها غلام لها رومي ، فراودها عن نفسها ، فجعلت تمنّيه حتى قدمت به على حي من عك ، فاستعانتهم عليه ، فأوثقوه رباطا ، وأدركت عكرمة وقد انتهى إلى البحر ، فركب سفينة ، فجعل نوتي يقول له : أخلص أخلص.

قال : أي شيء أقول؟

قال : قل : لا إله إلا الله.

قال عكرمة : ما هربت إلا من هذا ، وإن هذا أمر تعرفه العرب والعجم حتى النواتي!! ما الدين إلا ما جاء به محمد ، وغيّر الله قلبي.

__________________

(١) الآية ٦٦ من سورة الأنعام.

(٢) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٩١.

(٣) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٩١ عن المشكاة عن مالك ، والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٩٢.

١٥

وجاءتني أم حكيم على هذا الأمر ، فجعلت تليح إلي وتقول : يا ابن عم ، جئتك من عند أبر الناس ، وأوصل الناس ، وخير الناس ، لا تهلك نفسك.

فوقف لها حتى أدركته ، فقالت له : إني قد استأمنت لك رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فأمنك.

فرجع معها ، وقالت : ما لقيته من غلامك الرومي ، وأخبرته خبره ، فقتله ، وهو يومئذ لم يسلم.

فلما وافى مكة قال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «يأتيكم عكرمة بن أبي جهل مؤمنا ، مهاجرا ، فلا تسبوا أباه ، فإن سب الميت يؤذي الحي ، ولا يبلغ الميت» (١).

فجعل عكرمة يطلب امرأته يجامعها ، فتأبى عليه ، وتقول : أنت كافر وأنا مسلمة.

فقال : إن أمرا منعك مني لأمر كبير.

وقالوا : فلما رأى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عكرمة وثب إليه ـ وما على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» رداء ـ فرحا بعكرمة ، (زاد في بعض المصادر قوله : مرحبا بمن جاء مؤمنا مهاجرا) (٢) ، ثم جلس رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فوقف عكرمة بين يديه ، ومعه زوجته متنقبة ، فقال :

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٥٢ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٩٢ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٩٢ وكتاب التوابين ص ١٢٣ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٨ ص ٩ وكنز العمال ج ١٣ ص ٥٤٢ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤١ ص ٦٣.

(٢) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٩٢ و (ط دار المعرفة) ص ٤٠ وراجع : تاريخ الخميس ج ٢ ص ٩١ و ٩٢ وراجع : تحفة الأحوذي ج ٨ ص ٤.

١٦

يا محمد!! إن هذه أخبرتني أنك أمنتني.

فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «صدقت فأنت آمن».

قال عكرمة : فإلام تدعو يا محمد؟

قال : «أدعو إلى أن تشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتفعل وتفعل» حتى عد خصال الإسلام.

فقال عكرمة : والله ، ما دعوت إلا إلى خير وأمر حسن جميل ، قد كنت فينا يا رسول الله قبل أن تدعونا ـ إلى ما دعوتنا إليه ـ وأنت أصدقنا حديثا ، وأبرنا برا ، ثم قال عكرمة : فإني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فسر بذلك رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

ثم قال : يا رسول الله ، علمني خير شيء أقوله.

قال : «تقول : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله».

قال عكرمة : ثم ما ذا؟

قال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «تقول : أشهد الله ، وأشهد من حضر أني مسلم ، مجاهد ، مهاجر». فقال عكرمة ذلك (١).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٥٢ و ٢٥٣ عن الواقدي ، والبيهقي ، والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٨٥١ و ٨٥٢ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٥ ص ٩٨ وراجع :

تاريخ الخميس ج ٢ ص ٩٢ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٨ ص ٩ و ١٠ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٩٢ و (ط دار المعرفة) ص ٤٠ وراجع : كتاب التوابين ص ١٢٤ والمستدرك للحاكم ج ٣ ص ٢٤٢ وكنز العمال ج ١٣ ص ٥٤٣ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤١ ص ٦٤ وإمتاع الأسماع ج ١٤ ص ٥ وراجع : البحار ج ٢١ ص ١٤٤ والمنتخب من ذيل المذيل ص ٩ وكتاب الأم ج ٧ ص ٢٣٠.

١٧

قالوا : فرد رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» امرأته بذلك النكاح الأول (١) وقد أسلمت امرأته قبله.

وعن عطاء قال : أسلم أبو سفيان ، وحكيم بن حزام ، ومخرمة بن نوفل قبل نسائهم ، ثم قدموا على نسائهم في العدة ، فردهن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بذلك النكاح.

مع أنه قد تقدم : أن رد هند على أبي سفيان بالنكاح الأول كان هو الأول بالنسبة إلى من أسلم ، مع أنهم يذكرون : أن حكيم بن حزام قد أسلم هو وأبو سفيان معا في مر الظهران.

وفي بعض النصوص : أنه وبديل بن ورقاء قد أسلما قبل أبي سفيان (٢).

وأسلمت امرأة صفوان ، وامرأة عكرمة قبل أزواجهما ، ثم أسلما ، فرد رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» نساءهم عليهم ، وذلك أن إسلامهم كان في عدتهن (٣).

لم يقم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلا لعكرمة :

قالوا : قام رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لعكرمة قائما ، وهو بعد

__________________

(١) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٨٥٣ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٩٢ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٨ ص ١٠ وكنز العمال ج ١٣ ص ٥٤٤ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤١ ص ٦٤ وإمتاع الأسماع ج ١٤ ص ٦.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢١٦ عن الواقدي ، وابن عقبة ، ومصادر أخرى تقدمت.

(٣) راجع : المغازي للواقدي ج ٢ ص ٨٥٥.

١٨

مشرك لم يسلم ، ولم يقم رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لرجل داخل عليه من الناس ، شريف ولا مشرف إلا عكرمة (١).

ونقول :

أولا : إن قيام النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لرجل مشرك ، ليس له في الدين أثر ولا مقام ، مما لا يمكن قبوله.

فعن إسحاق بن عمار ، قال : قلت لأبي عبد الله «عليه‌السلام» من قام من مجلسه تعظيما لرجل؟

قال : مكروه إلا لرجل في الدين (٢).

والنبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لم يكن ليقدم على عمل المكروه.

ثانيا : ما زعمته الرواية : من أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لم يقم لأحد دخل عليه إلا لعكرمة ، غير صحيح ، فلاحظ :

١ ـ ما روي من قيامه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عند إقبال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، والحسن والحسين «عليهم‌السلام» عليه ، وتقبيله إياهم (٣).

٢ ـ كان «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يقوم لابنته فاطمة إذا دخلت إليه ،

__________________

(١) شرح النهج للمعتزلي ج ١٨ ص ٣٠٤.

(٢) البحار ج ٢ ص ٤٣ وج ٧٢ ص ٤٦٦ والمحاسن ج ١ ص ٢٣٣ والوسائل (ط دار الإسلامية) ج ٨ ص ٥٦ ومشكاة الأنوار ص ٢٣٧ ومنية المريد للشهيد الثاني ص ٢٠٩ ودرر الأخبار ص ٣٨ وميزان الحكمة ج ٣ ص ٢٠٠٣.

(٣) البحار ج ٢٧ ص ١٠٤ وراجع ج ٧ ص ٣٣٣ وج ٢٦ ص ٢٣٨ وج ٣٨ ص ٣١٣ وج ٤١ ص ١٨١ ، والروضة في المعجزات والفضائل ص ١٤٤ ومدينة المعاجز ج ١ ص ٤٦٨ ومشارق أنوار اليقين ص ١٩٧.

١٩

تعظيما لها (١).

٣ ـ قام «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لجعفر بن أبي طالب حين قدم من الحبشة ، فرحا بقدومه (٢).

٤ ـ قام «صلى‌الله‌عليه‌وآله» للأنصار لما وفدوا عليه (٣).

ثالثا : لا ندري ما هو الشيء الذي ميّز عكرمة عن غيره ، حتى استحق

__________________

(١) مستدرك الوسائل ج ٩ ص ١٥٩ وغوالي اللآلي ج ١ ص ٤٣٤ والبحار ج ٤٣ ص ٤٠ عن مناقب آل أبي طالب ، وسنن أبي داود ج ٤ كتاب الأدب حديث ٥٢١٧ ومناقب أمير المؤمنين «عليه‌السلام» ج ٢ ص ١٨٦ ، ومناقب آل أبي طالب ج ٣ ص ١١٣ ومناقب أهل البيت ص ٢٣٣ ومكاتيب الرسول ج ٣ ص ٦٧٢ وفضائل الصحابة ص ٧٧ وسنن الترمذي ج ٥ ص ٣٦١ والمستدرك للحاكم ج ٣ ص ١٦٠ وفتح الباري ج ٨ ص ١٠٣ وتحفة الأحوذي ج ٨ ص ٢٦ والأدب المفرد ص ٢٠٩ والآحاد والمثاني ج ٥ ص ٣٦٨ والسنن الكبرى للنسائي ج ٥ ص ٩٦ وصحيح ابن حبان ج ١٥ ص ٤٠٣ ونصب الراية ج ٦ ص ١٥٦ وموارد الظمآن ص ٥٤٩ ونور العين في مشهد الحسين «عليه‌السلام» ص ٨٣ والجوهرة في نسب الإمام علي وآله ص ١٦ وإعلام الورى ج ١ ص ٢٩٦ وسبل الهدى والرشاد ج ٧ ص ١٥١ وج ١١ ص ٤٤ وينابيع المودة ج ٢ ص ٥٥ واللمعة البيضاء ص ٤٥.

(٢) مستدرك الوسائل ج ٩ ص ١٥٩ وجامع أحاديث الشيعة ج ١٦ ص ٢٣ ومستدرك سفينة البحار ج ٨ ص ٦٣٢ وغوالي اللآلي ج ١ ص ٤٣٤ والوسائل كتاب الحج باب ١٢٨ حديث ١.

(٣) غوالي اللآلي ج ١ ص ٤٣٤ ومستدرك سفينة البحار ج ٨ ص ٦٣٢ ومستدرك الوسائل ج ٩ ص ١٥٩ وجامع أحاديث الشيعة ج ١٦ ص ٢٣.

٢٠