السيد جعفر مرتضى العاملي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-195-5
ISBN الدورة:
الصفحات: ٣٦٦
الباب الثالث
نهايات فتح مكة
الفصل الأول : الذين أهدر النبي صلىاللهعليهوآله دمهم
الفصل الثاني : أحداث جرت في فتح مكة
الفصل الثالث : تشريعات وأحكام
الفصل الرابع : مكة بعد الفتح بيد عتّاب .. ومعاذ
الفصل الأول :
الذين أهدر النبي صلىاللهعليهوآله دمهم
كذلك نجزي المجرمين :
قالوا : إن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» أهدر دم عدد من الأشخاص لأمور صدرت منهم ، قد يصل عددهم إلى عشرين ، بين رجل وامرأة. وقد أمر «صلىاللهعليهوآله» بقتلهم ، ولو كانوا متعلقين بأستار الكعبة (١) ، وهم :
١ ـ عبد العزى بن خطل (عبد الله بن خطل).
٢ ـ عبد الله بن سعد بن أبي سرح.
٣ ـ عكرمة بن أبي جهل.
٤ ـ الحويرث بن نقيدر.
٥ ـ مقيس بن صبابة.
٦ ـ هبار بن الأسود.
٧ ـ الحويرث بن الطلاطل الخزاعي.
٨ ـ كعب بن زهير.
٩ ـ وحشي بن حرب.
١٠ ـ سارة مولاة عمرو بن هاشم بن المطلب ، بن عبد مناف.
__________________
(١) راجع : السيرة الحلبية ج ٣ ص ٨١ ومجمع البيان ج ١٠ ص ٥٥٧ والبحار ج ٢١ ص ١٠٥ و ١٣١ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٨٣ و ٩٠.
١١ ـ هند بنت عتبة.
١٢ ـ أرنب ، مولاة ابن خطل.
١٣ ـ فرتنا. قينة لابن خطل.
١٤ ـ قريبة. قينة أخرى لابن خطل.
١٥ ـ أم سعد (١).
١٦ ـ صفوان بن أمية.
١٧ ـ الحارث بن هشام.
١٨ ـ زهير بن أمية ، أخو أم سلمة زوج الرسول «صلىاللهعليهوآله» (٢).
١٩ ـ عبد الله بن ربيعة.
٢٠ ـ زهير بن أبي سلمى.
وذكر أيضا إسما الرباب وخولة ، ويحتمل أن تكون بعض هذه المذكورات أسماء وبعضها ألقاب ، والتحقيق في ذلك ليس بالأمر المهم (٣).
وهناك أشخاص آخرون أهدر النبي «صلىاللهعليهوآله» دمهم ، ك :
١ ـ أسيد بن إياس (أناس).
٢ ـ عبد الله ابن الزبعرى.
٣ ـ هبيرة بن أبي وهب.
__________________
(١) راجع : سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٢٣ ـ ٢٢٦ وعن فتح الباري ج ٨ ص ١٠.
(٢) تاريخ مدينة دمشق ج ٥٩ ص ٦٨.
(٣) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٨١ و ٨٢.
وأسباب ذلك لا تبتعد عن الأسباب التي دعت إلى إهدار دم من ذكرنا أسماءهم آنفا ، ولذلك فنحن نحيل القارئ على الكتب التي تعرضت لترجمة هؤلاء أو لقضايا تاريخية تتصل بهم.
فظهر أن ما يذكرونه من عددهم ، مثل قول بعضهم : أن عددهم أحد عشر رجلا.
وفي الإمتاع : ستة نفر ، وأربع نسوة (١).
وعند الدياربكري : أحد عشر رجلا ، وستة نسوة (٢).
إن ذلك كله يبقى غير دقيق.
اقتلوهم ولو تعلقوا بأستار الكعبة :
وقد يتساءل البعض : عن كيفية التوفيق بين احترام الكعبة وتعظيمها ، واعتبار مكة بلدا آمنا .. وبين أمره «صلىاللهعليهوآله» بقتل أفراد هذه الجماعة ، حتى لو كانوا متعلقين بأستار الكعبة. فإن تناقض هذين الأمرين يكاد يكون ظاهرا.
والجواب : أن هذين الأمرين في غاية التوافق والإنسجام ، بل إن الأمر بقتل هؤلاء الناس هو من مفردات تعظيم الكعبة ، وحفظ حرمة الحرم.
لأنهم بشركهم ، وبصدهم عن سبيل الله ، وسعيهم في الأرض فسادا ، وجدهم واجتهادهم لإبطال دين الله ، وقتل الأنبياء والمؤمنين من أجل
__________________
(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٨١ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٨٢٥ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٩٠ عنه ، وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٣٣.
(٢) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٩٠.
نصرة الباطل ، وتقويض صرح الحق ، ومحاربتهم لله تعالى ـ إنهم بذلك كله ـ يمثلون الرجس والإثم والقاذورات التي لا بد من تطهير بيت الله وحرمه منها ، فقتلهم حتى لو كانوا متعلقين بأستار الكعبة تكريم للكعبة ، وتكريس لمعنى الطهر والقداسة فيها.
ويتأكد هذا المعنى : إذا كان هؤلاء يتخذون من الكعبة وسيلة لمواصلة إجرامهم في حق أنفسهم ، وفي حق الإنسانية ، وسبيلا للإمعان في تمردهم على الله تعالى ، وقهر عباده المؤمنين ، وإطفاء نور الهداية الإلهية ، عن طريق محاربة أنبياء الله ، والسعي في قتلهم ، أو محاصرتهم بالهموم والمتاعب ، والبلايا والمصائب.
إن دخول هؤلاء إلى المسجد الحرام لا يرضاه الله تعالى ، وهو محظور كحظر دخول أي حيوان نجس العين إلى مساجد الله سبحانه ، فكيف إذا كان ذلك الحيوان يحمل القاذورات في كل جوارحه ، وأجزاء جسده.
فإذا كان ذلك الحيوان عقورا ، شرسا ، ضاريا ، ولا يمكن دفع شره عن عباد الله إلا بقتله ، فلا بد من المبادرة إلى ذلك.
هذا .. ولا بأس بأن نشير هنا إلى بعض ما يرتبط بإهدار دم هؤلاء الناس بصورة تفصيلية ، فنقول :
١ ـ عكرمة بن أبي جهل :
أما عكرمة (١) بن أبي جهل ، فإنه إنما أمر بقتله ، لأنه كان هو وأبوه أشد
__________________
(١) العكرمة : هي الأنثى من الحمير.
الناس أذية للنبي «صلىاللهعليهوآله» ، وكان أشد الناس على المسلمين.
ولما بلغه أن النبي «صلىاللهعليهوآله» أهدر دمه فرّ إلى اليمن ، فاتبعته امرأته وهي بنت عمه ، أم حكيم بنت الحارث بن هشام بعد أن أسلمت ، فوجدته في ساحل البحر يريد أن يركب السفينة.
وقيل : وجدته في السفينة فردته (١).
وروي : أن عكرمة قال : بلغني أن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» نذر دمي يوم الفتح ، وكنت في جمع من قريش بأسفل مكة ـ وقد ضوى إلي من ضوى ـ فلقينا هناك خالد بن الوليد ، فأوقع بنا ، فهربت منه أريد ـ والله ـ أن ألقي نفسي في البحر ، وأموت تائها في البلاد قبل أن أدخل في الإسلام ، فخرجت حتى انتهيت إلى الشعيبة.
وكانت زوجتي أم حكيم بنت الحارث امرأة لها عقل ، وكانت قد اتبعت رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، فدخلت على رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، فقالت : يا رسول الله ، إن ابن عمي قد هرب يلقي نفسه في البحر ، فأمنه (٢).
وعن سعد بن أبي وقاص ، عن عروة : أن عكرمة ركب البحر ، فأصابتهم
__________________
(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٩٢ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٩١ وكتاب التوابين ص ١٢٣ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٨ ص ٩ وكنز العمال ج ١٣ ص ٥٤٢ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤١ ص ٦٣.
(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٥٢ وراجع : تاريخ الخميس ج ٢ ص ٩١ وراجع البحار ج ٢١ ص ١٤٤ وتاريخ مدينة دمشق ج ٧٠ ص ٢٢٥ والمنتخب من ذيل المذيل ص ٩.
ريح عاصف ، فنادى عكرمة اللات والعزى ، فقال أهل السفينة : أخلصوا ، فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئا (١).
فقال عكرمة : والله لئن لم ينجني من البحر إلا الإخلاص لا ينجيني في البر غيره ، اللهم لك عهدا ، إن أنت عافيتني مما أنا فيه أن آتي محمدا حتى أضع يدي في يده ، فلأجدنه عفوا غفورا كريما ، فجاء وأسلم (٢).
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٥٢ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٩١ ، والبحار ج ٩ ص ١٣٧ وج ٢٢ ص ٤٩ وسنن النسائي ج ٧ ص ١٠٦ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٨ ص ٢٠٥ ومجمع الزوائد ج ٦ ص ١٦٩ وعون المعبود ج ٧ ص ٢٤٨ والمصنف لابن أبي شيبة ج ٨ ص ٥٣٦ والسنن الكبرى للنسائي ج ٢ ص ٣٠٢ ومسند أبي يعلى ج ٢ ص ١٠١ وشح معاني الآثار ج ٣ ص ٣٣٠ وكنز العمال ج ١٠ ص ٥١٧ وتفسير مجمع البيان ج ٨ ص ٩٥ وزاد المسير ج ٦ ص ١٦٧ والدر المنثور ج ٣ ص ٣٠٣ وفتح القدير ج ٢ ص ٤٣٦ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢٩ ص ٣٣ وج ٤١ ص ٥٩ وأسد الغابة ج ٤ ص ٥ والإصابة ج ٤ ص ٤٤٤ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٥٦٥ وإمتاع الأسماع ج ١٣ ص ١١١.
(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٥٢ عن ابن أبي شيبة ، وأبي داود ، والنسائي ، والبيهقي ، والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ٢٦١ ومجمع البيان ج ٨ ص ٣٢٣ وسنن النسائي ج ٧ ص ١٠٦ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٨ ص ٢٠٥ وعون المعبود ج ٧ ص ٢٤٨ والسنن الكبرى للنسائي ج ٢ ص ٣٠٣ ومسند أبي يعلى ج ٢ ص ١٠١ وشح معاني الآثار ج ٣ ص ٣٣٠ وكنز العمال ج ١٠ ص ٥١٨ والدر المنثور ج ٣ وفتح القدير ج ٢ ص ٤٣٦ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢٩ ص ٣٣ وأسد الغابة ج ٤ ص ٥ والإصابة ج ٤ ص ٤٤٤ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٤١ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٥٦٥.
وقيل : وقع بصره على دفة السفينة ، فرأى عليها مكتوبا : (وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُ) (١) وكان معه محك ، فأراد أن يمحو به تلك الكتابة فلم يستطع ، فعلم أنه كلام الحق جل وعلا ، فوقع في باطنه تغيّر (٢).
وفي المشكاة : أن عكرمة هرب حتى قدم اليمن ، فسافرت أم حكيم حتى قدمت عليه اليمن ، فدعته إلى الإسلام فأسلم ، وثبتا على نكاحهما (٣).
وقالوا : إن أم حكيم قالت لرسول الله «صلىاللهعليهوآله» : يا رسول الله ، قد ذهب عكرمة عنك (أو هرب عكرمة منك) إلى اليمن ، وخاف أن تقتله ، فأمنه يا رسول الله.
فقال رسول الله «صلىاللهعليهوآله» : «هو آمن».
فخرجت أم حكيم في طلبه ، ومعها غلام لها رومي ، فراودها عن نفسها ، فجعلت تمنّيه حتى قدمت به على حي من عك ، فاستعانتهم عليه ، فأوثقوه رباطا ، وأدركت عكرمة وقد انتهى إلى البحر ، فركب سفينة ، فجعل نوتي يقول له : أخلص أخلص.
قال : أي شيء أقول؟
قال : قل : لا إله إلا الله.
قال عكرمة : ما هربت إلا من هذا ، وإن هذا أمر تعرفه العرب والعجم حتى النواتي!! ما الدين إلا ما جاء به محمد ، وغيّر الله قلبي.
__________________
(١) الآية ٦٦ من سورة الأنعام.
(٢) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٩١.
(٣) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٩١ عن المشكاة عن مالك ، والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٩٢.
وجاءتني أم حكيم على هذا الأمر ، فجعلت تليح إلي وتقول : يا ابن عم ، جئتك من عند أبر الناس ، وأوصل الناس ، وخير الناس ، لا تهلك نفسك.
فوقف لها حتى أدركته ، فقالت له : إني قد استأمنت لك رسول الله «صلىاللهعليهوآله» فأمنك.
فرجع معها ، وقالت : ما لقيته من غلامك الرومي ، وأخبرته خبره ، فقتله ، وهو يومئذ لم يسلم.
فلما وافى مكة قال رسول الله «صلىاللهعليهوآله» : «يأتيكم عكرمة بن أبي جهل مؤمنا ، مهاجرا ، فلا تسبوا أباه ، فإن سب الميت يؤذي الحي ، ولا يبلغ الميت» (١).
فجعل عكرمة يطلب امرأته يجامعها ، فتأبى عليه ، وتقول : أنت كافر وأنا مسلمة.
فقال : إن أمرا منعك مني لأمر كبير.
وقالوا : فلما رأى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» عكرمة وثب إليه ـ وما على رسول الله «صلىاللهعليهوآله» رداء ـ فرحا بعكرمة ، (زاد في بعض المصادر قوله : مرحبا بمن جاء مؤمنا مهاجرا) (٢) ، ثم جلس رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، فوقف عكرمة بين يديه ، ومعه زوجته متنقبة ، فقال :
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٥٢ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٩٢ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٩٢ وكتاب التوابين ص ١٢٣ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٨ ص ٩ وكنز العمال ج ١٣ ص ٥٤٢ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤١ ص ٦٣.
(٢) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٩٢ و (ط دار المعرفة) ص ٤٠ وراجع : تاريخ الخميس ج ٢ ص ٩١ و ٩٢ وراجع : تحفة الأحوذي ج ٨ ص ٤.
يا محمد!! إن هذه أخبرتني أنك أمنتني.
فقال رسول الله «صلىاللهعليهوآله» : «صدقت فأنت آمن».
قال عكرمة : فإلام تدعو يا محمد؟
قال : «أدعو إلى أن تشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتفعل وتفعل» حتى عد خصال الإسلام.
فقال عكرمة : والله ، ما دعوت إلا إلى خير وأمر حسن جميل ، قد كنت فينا يا رسول الله قبل أن تدعونا ـ إلى ما دعوتنا إليه ـ وأنت أصدقنا حديثا ، وأبرنا برا ، ثم قال عكرمة : فإني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله «صلىاللهعليهوآله» فسر بذلك رسول الله «صلىاللهعليهوآله».
ثم قال : يا رسول الله ، علمني خير شيء أقوله.
قال : «تقول : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله».
قال عكرمة : ثم ما ذا؟
قال رسول الله «صلىاللهعليهوآله» : «تقول : أشهد الله ، وأشهد من حضر أني مسلم ، مجاهد ، مهاجر». فقال عكرمة ذلك (١).
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٥٢ و ٢٥٣ عن الواقدي ، والبيهقي ، والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٨٥١ و ٨٥٢ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٥ ص ٩٨ وراجع :
تاريخ الخميس ج ٢ ص ٩٢ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٨ ص ٩ و ١٠ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٩٢ و (ط دار المعرفة) ص ٤٠ وراجع : كتاب التوابين ص ١٢٤ والمستدرك للحاكم ج ٣ ص ٢٤٢ وكنز العمال ج ١٣ ص ٥٤٣ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤١ ص ٦٤ وإمتاع الأسماع ج ١٤ ص ٥ وراجع : البحار ج ٢١ ص ١٤٤ والمنتخب من ذيل المذيل ص ٩ وكتاب الأم ج ٧ ص ٢٣٠.
قالوا : فرد رسول الله «صلىاللهعليهوآله» امرأته بذلك النكاح الأول (١) وقد أسلمت امرأته قبله.
وعن عطاء قال : أسلم أبو سفيان ، وحكيم بن حزام ، ومخرمة بن نوفل قبل نسائهم ، ثم قدموا على نسائهم في العدة ، فردهن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» بذلك النكاح.
مع أنه قد تقدم : أن رد هند على أبي سفيان بالنكاح الأول كان هو الأول بالنسبة إلى من أسلم ، مع أنهم يذكرون : أن حكيم بن حزام قد أسلم هو وأبو سفيان معا في مر الظهران.
وفي بعض النصوص : أنه وبديل بن ورقاء قد أسلما قبل أبي سفيان (٢).
وأسلمت امرأة صفوان ، وامرأة عكرمة قبل أزواجهما ، ثم أسلما ، فرد رسول الله «صلىاللهعليهوآله» نساءهم عليهم ، وذلك أن إسلامهم كان في عدتهن (٣).
لم يقم النبي صلىاللهعليهوآله إلا لعكرمة :
قالوا : قام رسول الله «صلىاللهعليهوآله» لعكرمة قائما ، وهو بعد
__________________
(١) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٨٥٣ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٩٢ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٨ ص ١٠ وكنز العمال ج ١٣ ص ٥٤٤ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤١ ص ٦٤ وإمتاع الأسماع ج ١٤ ص ٦.
(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢١٦ عن الواقدي ، وابن عقبة ، ومصادر أخرى تقدمت.
(٣) راجع : المغازي للواقدي ج ٢ ص ٨٥٥.
مشرك لم يسلم ، ولم يقم رسول الله «صلىاللهعليهوآله» لرجل داخل عليه من الناس ، شريف ولا مشرف إلا عكرمة (١).
ونقول :
أولا : إن قيام النبي «صلىاللهعليهوآله» لرجل مشرك ، ليس له في الدين أثر ولا مقام ، مما لا يمكن قبوله.
فعن إسحاق بن عمار ، قال : قلت لأبي عبد الله «عليهالسلام» من قام من مجلسه تعظيما لرجل؟
قال : مكروه إلا لرجل في الدين (٢).
والنبي «صلىاللهعليهوآله» لم يكن ليقدم على عمل المكروه.
ثانيا : ما زعمته الرواية : من أن النبي «صلىاللهعليهوآله» لم يقم لأحد دخل عليه إلا لعكرمة ، غير صحيح ، فلاحظ :
١ ـ ما روي من قيامه «صلىاللهعليهوآله» عند إقبال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، والحسن والحسين «عليهمالسلام» عليه ، وتقبيله إياهم (٣).
٢ ـ كان «صلىاللهعليهوآله» يقوم لابنته فاطمة إذا دخلت إليه ،
__________________
(١) شرح النهج للمعتزلي ج ١٨ ص ٣٠٤.
(٢) البحار ج ٢ ص ٤٣ وج ٧٢ ص ٤٦٦ والمحاسن ج ١ ص ٢٣٣ والوسائل (ط دار الإسلامية) ج ٨ ص ٥٦ ومشكاة الأنوار ص ٢٣٧ ومنية المريد للشهيد الثاني ص ٢٠٩ ودرر الأخبار ص ٣٨ وميزان الحكمة ج ٣ ص ٢٠٠٣.
(٣) البحار ج ٢٧ ص ١٠٤ وراجع ج ٧ ص ٣٣٣ وج ٢٦ ص ٢٣٨ وج ٣٨ ص ٣١٣ وج ٤١ ص ١٨١ ، والروضة في المعجزات والفضائل ص ١٤٤ ومدينة المعاجز ج ١ ص ٤٦٨ ومشارق أنوار اليقين ص ١٩٧.
تعظيما لها (١).
٣ ـ قام «صلىاللهعليهوآله» لجعفر بن أبي طالب حين قدم من الحبشة ، فرحا بقدومه (٢).
٤ ـ قام «صلىاللهعليهوآله» للأنصار لما وفدوا عليه (٣).
ثالثا : لا ندري ما هو الشيء الذي ميّز عكرمة عن غيره ، حتى استحق
__________________
(١) مستدرك الوسائل ج ٩ ص ١٥٩ وغوالي اللآلي ج ١ ص ٤٣٤ والبحار ج ٤٣ ص ٤٠ عن مناقب آل أبي طالب ، وسنن أبي داود ج ٤ كتاب الأدب حديث ٥٢١٧ ومناقب أمير المؤمنين «عليهالسلام» ج ٢ ص ١٨٦ ، ومناقب آل أبي طالب ج ٣ ص ١١٣ ومناقب أهل البيت ص ٢٣٣ ومكاتيب الرسول ج ٣ ص ٦٧٢ وفضائل الصحابة ص ٧٧ وسنن الترمذي ج ٥ ص ٣٦١ والمستدرك للحاكم ج ٣ ص ١٦٠ وفتح الباري ج ٨ ص ١٠٣ وتحفة الأحوذي ج ٨ ص ٢٦ والأدب المفرد ص ٢٠٩ والآحاد والمثاني ج ٥ ص ٣٦٨ والسنن الكبرى للنسائي ج ٥ ص ٩٦ وصحيح ابن حبان ج ١٥ ص ٤٠٣ ونصب الراية ج ٦ ص ١٥٦ وموارد الظمآن ص ٥٤٩ ونور العين في مشهد الحسين «عليهالسلام» ص ٨٣ والجوهرة في نسب الإمام علي وآله ص ١٦ وإعلام الورى ج ١ ص ٢٩٦ وسبل الهدى والرشاد ج ٧ ص ١٥١ وج ١١ ص ٤٤ وينابيع المودة ج ٢ ص ٥٥ واللمعة البيضاء ص ٤٥.
(٢) مستدرك الوسائل ج ٩ ص ١٥٩ وجامع أحاديث الشيعة ج ١٦ ص ٢٣ ومستدرك سفينة البحار ج ٨ ص ٦٣٢ وغوالي اللآلي ج ١ ص ٤٣٤ والوسائل كتاب الحج باب ١٢٨ حديث ١.
(٣) غوالي اللآلي ج ١ ص ٤٣٤ ومستدرك سفينة البحار ج ٨ ص ٦٣٢ ومستدرك الوسائل ج ٩ ص ١٥٩ وجامع أحاديث الشيعة ج ١٦ ص ٢٣.