الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٣

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٣

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-195-5
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٦٦

عليه وآله» بعد ما صنع ببني جذيمة ما صنع ، وقد عاب عبد الرحمن بن عوف على خالد ما صنع.

قال : يا خالد ، أخذت بأمر الجاهلية في الإسلام ، قتلتهم بعمك الفاكه؟! وأعانه عمر بن الخطاب على خالد.

فقال خالد : أخذتهم بقتل أبيك (١).

وفي لفظ : فقال : إنما ثأرت بأبيك (٢).

فقال عبد الرحمن : كذبت والله ، لقد قتلت قاتل أبي (٣) ، وأشهدت على قتله عثمان بن عفان.

ثم التفت إلى عثمان ، فقال : أنشدك الله ، هل علمت أني قتلت قاتل أبي؟

فقال عثمان : اللهم نعم.

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٠٢ وكنز العمال ج ١٣ ص ٢٢٣ وتاريخ مدينة دمشق ج ١٦ ص ٢٣٤ وسير أعلام النبلاء ج ١ ص ٣٧١.

(٢) راجع : سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٠٢ و ٢٠٣ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ٧٣ و ٧٤ و (ط مكتبة محمد علي صبيح) ج ٤ ص ٨٨٤ وعيون الأثر ج ٢ ص ٢١٠ وراجع : المنمق ص ٢٦٠ و (مخطوطة) ص ٢١٧ وتاريخ الأمم والملوك (ط دار المعارف) ج ٣ ص ٦٨ و (ط مؤسسة الأعلمي) ج ٢ ص ٣٤٢ والمغازي للواقدي ج ٣ ص ٨٨٠ والكامل في التاريخ ج ٢ ص ٢٥٦ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٥٩ وأعيان الشيعة ج ١ ص ٢٧٨ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٥٩٣ و ٥٩٤.

(٣) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٠٢ وراجع : المنمق ص ٢٦٠ والمغازي للواقدي ج ٣ ص ٨٨٠ وكنز العمال ج ١٣ ص ٢٢٣ وتاريخ مدينة دمشق ج ١٦ ص ٢٣٤ وسير أعلام النبلاء ج ١ ص ٣٧١.

٢٦١

ثم قال عبد الرحمن : ويحك يا خالد ، ولو لم أقتل قاتل أبي أكنت تقتل قوما مسلمين بأبي في الجاهلية؟

قال خالد : ومن أخبرك أنهم أسلموا؟

فقال : أهل السرية كلهم يخبرونا أنك قد وجدتهم بنوا المساجد ، وأقروا بالإسلام ، ثم حملتهم على السيف.

قال : جاءني رسول رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن أغير عليهم.

وعند ابن إسحاق (وقد قال بعض من يعذر خالدا أنه) قال : ما قاتلت حتى أمرني بذلك عبد الله بن حذافة السهمي ، وقال : إن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد أمرك أن تقاتلهم لا متناعهم من الإسلام ، انتهى (١).

فقال عبد الرحمن : كذبت على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وغالظ عبد الرحمن.

قال ابن إسحاق : فبلغ ذلك رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» (٢). انتهى.

فأعرض رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عن خالد ، وغضب عليه ،

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٠٣ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ٧٣ وتاريخ الأمم والملوك (ط دار المعارف) ج ٣ ص ٦٨ والمغازي للواقدي ج ٣ ص ٨٨٠ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٩٨ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٣ ص ٢١١ وكنز العمال ج ١٣ ص ٢٢٣ وتاريخ مدينة دمشق ج ١٦ ص ٢٣٤ وسير أعلام النبلاء ج ١ ص ٣٧١.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٠٢ و ٢٠٣ عن الواقدي ، وأبي سعد النيسابوري في الشرف ، والحاكم في الإكليل ، وابن عساكر ، وعن الكامل في التاريخ ج ٢ ص ١٧٣ والمغازي للواقدي ج ٣ ص ٨٨٠.

٢٦٢

وقال : «يا خالد ، ذرلي أصحابي ، متى ينكأ المرء؟ ينكأ المرء ولو كان لك أحد ذهبا تنفقه قيراطا قيراطا في سبيل الله لم تدرك غدوة أو روحة من غدوات أو روحات عبد الرحمن» (١).

أو : لم تدرك غدوة أحدهم ولا روحته.

وعند ابن إسحاق : غدوة رجل من أصحابي (٢).

وروى البخاري عن أبي سعيد الخدري ، قال : كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف شيء ، فسبه خالد ، فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : «لا تسبوا أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه» (٣).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٠٣ وفي هامشه عن : تهذيب تاريخ دمشق ج ٥ ص ١٠٣ وعن كنز العمال الحديث رقم (٣٣٤٩٧) والمغازي للواقدي ج ٣ ص ٨٨٠ وراجع : كنز العمال ج ١١ ص ٧١٦ ح (٣٣٤٩٨) وج ١٣ ص ٢٢٣ وتاريخ مدينة دمشق ج ١٦ ص ٢٣٤ وإمتاع الأسماع ج ٢ ص ٧ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٣ ص ٢١١.

(٢) السيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ٧٤ و (ط مكتبة محمد علي صبيح) ج ٤ ص ٨٨٤ والكامل في التاريخ ج ٢ ص ١٧٣ و (ط دار صادر) ص ٢٥٦ وتاريخ الأمم والملوك (ط دار المعارف) ج ٣ ص ٦٨ و (ط مؤسسة الأعلمي) ج ٢ ص ٣٤٢ وراجع : شرح الأخبار ج ١ ص ٣١٠ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٥٩ وعيون الأثر ج ١ ص ٢١٠ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٥٩٣ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٣ ص ٢١١.

(٣) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٠٣ عن ابن إسحاق ، وقال في هامشه : أخرجه البخاري في كتاب المناقب (٣٦٧٣) وأحمد في المسند ج ٣ ص ١١ والبيهقي في

٢٦٣

ولنا مع هذه النصوص وقفات عديدة نذكر منها ما يلي :

أهمية اعتراض ابن عوف :

ونقول :

تقدم اعتراض عمر وعبد الرحمن بن عوف ، وسالم مولى أبي حذيفة ، وكذلك عبد الله بن عمر على خالد ..

وسيأتي الحديث عن اعتراض عمار عليه أيضا.

غير أن لاعتراض عبد الرحمن بن عوف ، وعمار بن ياسر أهمية خاصة هنا ..

فأما بالنسبة لعمار ، فلأن له خصوصيته ، ومقامه ، وموقعه المتميز فيما بين المسلمين ، ولدى الصفوة من أصحاب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وسنشير إلى اعتراضه هذا فيما يأتي إن شاء الله تعالى.

__________________

السنن ج ١ ص ٢٠٣ وراجع : الإستيعاب ج ١ ص ٨ و ١٨ والبداية والنهاية ج ٧ ص ١٨٣ والمحلى لابن حزم ج ١ ص ٢٨ ونيل الأوطار ج ٩ ص ٢٢٩ و ٢٣٠ والإيضاح لابن شاذان ص ٥٠٧ وكتاب الأربعين ص ٣١٤ وخلاصة عبقات الأنوار ج ٣ ص ١٦٧ ومواقف الشيعة ج ٢ ص ٢٥٤ وسنن أبي داود ج ٢ ص ٤٠٤ وشرح مسلم للنووي ج ١٦ ص ٩٣ وتحفة الأحوذي ج ٨ ص ٣٣٨ وج ١٠ ص ٢٤٦ وعون المعبود ج ١١ ص ٣٣٣ وكتاب السنة ص ٤٦٤ والمعجم الأوسط ج ١ ص ٢١٢ والتمهيد ج ٢٠ ص ٢٥١ والكفاية في علوم الرواية ص ٦٥ وشرح النهج ج ٢٠ ص ١١ واللمع للسيوطي ص ٨٧ و ٨٨ وكنز العمال ج ١١ ص ٥٢٨ وج ١٤ ص ٧٣ و ٧٤.

٢٦٤

وأما اعتراض عبد الرحمن بن عوف ، فأهميته تكمن في أنه يأتي من إنسان له ثأر عند بني جذيمة ، علما بأن المقتول هو أبوه. والأب أقرب إلى الإنسان من العم ، فإذا كان من قتل أبوه وهو ولي دمه يؤنب خالدا على ما فعل .. فكيف يمكن أن يعذر خالد فيما أقدم عليه ، وليس هو ولي الدم ، وإنما هو مجرد معتد متعمد للباطل ، طامح للجريمة؟!

وهناك أمر آخر ، وهو : أن إرسال خالد وابن عوف لدعوة بني جذيمة وغيرهم إلى الله تعالى ، من شأنه أن يطمئن أولئك الناس إلى أن أمر الجاهلية قد انتهى ، وأن أحدا لا يؤخذ بإحنة ، ولا يلاحق بجريرة ، وأن المنطقة بأسرها قد دخلت في عهد جديد ، ينعم الناس فيه بالأمن ، والسلام ، والسلامة في الدين ، وفي الدنيا ..

ولو أن آخرين جاؤوا لدعوة بني جذيمة إلى الإسلام ، فإنهم لن يقتنعوا بأن من لهم عندهم ثارات قد تخلوا عن الطلب بها ..

وذلك كله يظهر : أنه لا مناص من إرسال خالد ، وابن عوف.

قال الشيخ المفيد «رحمه‌الله» عن إرسال خالد إلى بني جذيمة : إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أرسله إليهم «يدعوهم إلى الله عزوجل. وإنما أنفذه إليهم للترة التي كانت بينه وبينهم ، وذلك أنهم كانوا أصابوا في الجاهلية نسوة من بني المغيرة ، وقتلوا الفاكه بن المغيرة ، عم خالد بن الوليد ، وقتلوا أبا عبد الرحمن بن عوف للترة أيضا ، التي كانت بينه وبينهم.

ولو لا ذلك ما رأى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» خالدا أهلا للإمارة

٢٦٥

على المسلمين» (١). أي وكان عليه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن يتعامل مع الأمور وفق ظواهرها .. وليس وفق ما يطلع عليه من غيب ، لا يتيسر لغيره الاطلاع عليه .. كما أشرنا إليه غير مرة.

ولكن ما صنعه خالد قد ضيع الأهداف التي توخاها رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من إرساله .. وخالد هو الذي يتحمل مسؤولية ما صنع ، لذلك برئ «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى الله من فعله ثلاث مرات.

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله نصير المظلومين :

ولكن عليا «عليه‌السلام» قد رتق ذلك الفتق ، واصلح ما أفسده خالد ، وبيّن لبني جذيمة وللعرب جميعا ، ولغيرهم : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لا يمكن أن يكون نصيرا للظالمين ، بل هو مع المظلوم في السراء والضراء ، وفي الشدة والرخاء ، ينصره بيده ، وبلسانه ، وبماله ، وبجاهه ، وبكل ما يقدر عليه ..

توضيحات :

وقد تقدم في النص المتقدم ذكر :

الغميصاء : وهي موضع في بادية العرب قرب مكة كان يسكنه بنو جذيمة بن عامر.

وقوله : ما أنتم؟ قال : في النهر. الظاهر : أنه سألهم عن صفتهم. أي مسلمون أنتم أم كفار؟ ولهذا أتى بما ، ولو أراد غير ذلك لقال : من أنتم؟

__________________

(١) الإرشاد للمفيد ج ١ ص ١٣٩ والبحار ج ٢١ ص ١٣٩.

٢٦٦

وقد استعمل «ما» فيمن يعقل وهو شائع.

لما ذا هذا العدد؟! :

قد يقول قائل : إنه إذا كانت هذه سرية دعوة لا سرية قتال ، فلما ذا هذه الكثرة في عدد أفرادها؟!

ويمكن أن يجاب : بأن سرية الدعوة قد تحتاج ايضا إلى من يحميها من تآمر المتآمرين ، ومغامرة الطائشين ، والذين يريدون إثارة الفتن ، ويرون ان من مصلحتهم إبقاء التوتر مهيمنا على الاجواء العامة ، فيبادرون الى الاخلال بالأمن ، ثم يتحينون الفرصة ، فقد تأتي الأيام بمفاجآت يمكنهم من خلالها تحقيق بعض ما يصبون إليه ..

على أن الدعوة أيضا قد تحتاج إلى أناس كثيرين يتفرقون في الأحياء ، وفي القبائل ، وفي الأرياف ، والقرى ، ويحاولون إقناع الناس ، أفرادا وجماعات ، بالحق .. ويقدمون لهم الدلائل والشواهد المختلفة.

وقد يسأل سائل أيضا : عن السبب في إرسال سرايا للدعوة ، في حين أن السرايا الأخرى تتخذ عادة منحى قتاليا ، أو استطلاعيا وقائيا ..

ويجاب : بأن فتح مكة قد فرض هذا الإجراء ، فلم يعد للمشركين قدرة على المواجهة ، فقد أصبح من الضروري تعريف الناس بدعوة الإسلام ، لتسهيل إعلانهم الدخول فيه ، حتى لا يبقى الناس في ذلك المحيط مذبذبين بين الإتجاهات المختلفة ، فإن تحديد انتمائهم أمر مهم جدا في تحقيق الإستقرار النفسي ، والانضباط الإجتماعي والسياسي في المنطقة بأسرها.

٢٦٧

لما ذا خالد دون سواه؟! :

إذا كانت البعثات تهدف إلى تحديد هذا الإنتماء ، فإن من الضروري : أن تكون بقيادة شخصيات قرشية ، بل الأولى هو : أن تكون من الأشخاص الذين يخاف الناس بطشهم ، ونكايتهم ، لأن الدعوة إذا جاءت من قبل خصوص هؤلاء ، فذلك يدعو الناس للإطمينان إلى أن دخولهم في هذا الدين ليس فيه أية خطورة عليهم ، ولا يعد مغامرة ، وتعريضا لأنفسهم لخطر أخذهم على حين غرة من قبل جبابرة الجاهلية وطغاتها ..

وقد كان خالد هو أحد هؤلاء الذين لا مناص من الإستفادة منهم في هذا المجال. وأية شخصية أخرى ، فإنها لا تستطيع أن تقوم بهذه المهمة ، ولا توجب الاستجابة لدعوتها أية سكينة أو طمأنينة عند الناس.

خالد معروف بالغدر :

وقد أظهر كلام جحدم : أن خالدا كان معروفا بغدراته ، وأن الاستسلام له يحمل أخطار الغدر بهم ..

وهذا يدل على : أن غدر خالد ، إنما كان سجية له ، فلا مجال لأن يحسب ذلك على الإسلام ، أو ينسب إليه.

ولعل الذي عزز خوف جحدم بالإضافة إلى معرفته بخالد ، وبسجاياه معرفته أيضا : بأن لخالد ثارا جاهليا على بني جذيمة ، لا بد أن يطلبه منهم ، خصوصا .. وأن خالدا كان حديث الإسلام ، ولم يدخل الإسلام عن قناعة وإنما رهبة من عواقب الإصرار على المناوأة ، ورغبة بالحصول على شيء من حطام الدنيا.

٢٦٨

فمن أجل ذلك كله : دعا جحدم قومه إلى الحذر من استدراج خالد لهم. تمهيدا للإنتقام منهم.

أسلمنا .. أم صبأنا؟! :

قد تقدم : أن بني جذيمة قد صرحوا : بأنهم مسلمون. فما معنى ادّعاء : أنهم لم يحسنوا أن يقولوا : أسلمنا ، بل قالوا : صبأنا.

فعن ابن عمر : أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بعث خالدا إلى بني جذيمة ، فدعاهم إلى الإسلام ، فلم يحسنوا أن يقولوا : أسلمنا ، فجعلوا يقولون : صبأنا صبأنا ، فجعل خالد يقتل منهم ويأسر ، ودفع إلى كل رجل منا أسيره ، حتى إذا كان يوم أمر خالد أن يقتل كل رجل منا أسيره.

قال ابن عمر : فقلت : والله ، لا أقتل أسيري ، ولا يقتل أحد من أصحابي أسيره (١).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٠٠ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٩٧ عن صحيح البخاري ، والمحلى لابن حزم ج ١٠ ص ٣٦٨ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٩ ص ١١٥ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٥٩ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٥٩٣ والمعتصر من المختصر ج ١ ص ٢١٦ والديات للشيباني ج ١ ص ٥٠ ونيل الأوطار ج ٨ ص ٩ والطرائف لابن طاووس ص ٣٩٤ ومسند أحمد ج ٢ ص ١٥١ وسنن النسائي ج ٨ ص ٢٣٧ وفتح الباري ج ٢٧٠ ص ٤٦ والمصنف للصنعاني ج ٥ ص ٢٢١ و ٢٢٢ والسنن الكبرى للنسائي ج ٣ ص ٤٧٤ وج ٥ ص ١٧٧ وتاريخ الإسلام للذهبي ج ٢ ص ٥٦٧ ونهج الحق وكشف الصدق ص ٣٢٢.

٢٦٩

ونقول :

إن من الواضح : أن كلمة أسلمنا هي كلمة عربية ، لا يجهلها ، ولا يعجز عن التلفظ بها أحد من العرب.

وهي ليست اسما لشيء بعينه ، ولا هي اشتقاق خاص ، يمكن أن يتحاشاه بنو جذيمة ، دون غيرهم .. فإن كانوا يتحاشون من استعمال هذه الكلمة ، فإن ذلك كان بعد ظهور الإسلام ، حيث إن تحاشيهم لها لا يزيد عن تحاشي سائر القبائل العربية ، التي حاربت الإسلام والمسلمين.

وحتى لو كان لهم حساسية خاصة ، وهجران قوي لهذه الكلمة بالذات ، فإن ذلك لا يمنعهم من النطق بها عند الضرورة ، وحيث يوجب إصرارهم على تركها قتلهم .. فإن بإمكانهم تقليد الآخرين في نطقها ، ولو مثل تقليد غير العربي للعربي في نطق الألفاظ العربية ..

ولنفترض : أنهم رفضوا الإسلام حقا ، فبأي حق يقاتلهم خالد ، ويقتلهم ، ويأسرهم ، ثم يقتل الأسرى منهم؟!

على أنهم يقولون : إن القوم قد صرحوا : بأنهم مسلمون ، وبأنهم قد أذنوا وصلوا ، وبنوا المساجد في ساحاتهم ، فما هو المبرر لقتلهم بعد هذا كله؟!

خالد يكذب على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

إن خالدا يعترف لابن عوف : بأنه قتل بني جذيمة انتقاما منهم ، لقتلهم عوفا أبا عبد الرحمن بن عوف ، ولكن ابن عوف يرفض ذلك ، ويقول له : إنه قد قتلهم بعمه الفاكه بن المغيرة ، ويسكت خالد عن إجابته ، حيث لم يجد ما يدافع به عن نفسه.

٢٧٠

كما أن الروايات قد صرحت : بأنه قتلهم كان على دفعتين :

الأولى : حين زعم أنهم لم يسلموا.

والثانية : حين قتل من أسرهم منهم.

ولكن خالدا زعم : أن رسولا قد أتاه بأمر من النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» نفسه يطلب منه أن يقتلهم.

فقال له عبد الرحمن بن عوف : كذبت على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

وقد بلغ ذلك رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ولكنه لم ينصر خالدا ، ولم يصدقه فيما ادّعاه ، بل أظهر غضبه منه ، وأعرض عنه ، وانتصر لعبد الرحمن بن عوف ..

على أن الروايات الأخرى قد صرحت بأنهم قالوا : إنهم مسلمون ، وإنهم يصلون ، ويؤذنون ، وقد بنوا المساجد ، وقد صلوا مع خالد مرتين .. قبل أن يوقع بهم كما ذكرته الرواية الصحيحة عن الإمام الباقر «عليه‌السلام» (١).

ثم إن الأسرى كانوا يصلون حتى في حال أسرهم قبل أن يأمر خالد بقتلهم.

قال الواقدي : «وباتوا في وثاق ، فكانوا إذا جاء وقت الصلاة يكلمون

__________________

(١) الأمالي للشيخ الصدوق (ط سنة ١٣٩٨ ه‍) ص ١٥٢ و ١٥٣ والبحار ج ٢١ ص ١٤٢ وج ١٠١ ص ٤٢٣ و ٤٢٤ ومستدرك الوسائل ج ١٨ ص ٣٦٦ و ٣٦٧ وعلل الشرائع (ط سنة ١٣٨٥ ه‍) ج ٢ ص ٤٧٣ و ٤٧٤.

٢٧١

المسلمين ، فيصلون ثم يربطون ، فلما كان وقت السحر ، والمسلمون قد اختلفوا بينهم ، فقائل يقول : ما نريد بأسرهم؟! نذهب بهم إلى النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وقائل يقول : ننظر : هل يسمعون أو يطيعون ، ونبلوهم ، ونخبرهم. والناس على هذين القولين الخ ..» (١).

وقد واجه عبد الرحمن بن عوف خالدا بهذه الحقيقة ، ولم يستطع أن ينكرها ، فادّعى : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أمرهم بقتلهم.

وقد كذبه عبد الرحمن بن عوف في دعواه هذه.

فلما ذا يتجرأ خالد على مقام النبوة ، وينسب إلى نبي الله تعالى الكذب؟! وكيف يمكن أن تقول فئة من الناس : إن خالدا من الصحابة العدول ، وهو يقتل الأبرياء ، ويكذب على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، أو يسب أصحابه؟!

حقيقة دوافع خالد :

تقدم : أن خالدا قال لعبد الرحمن بن عوف ، حين لامه على فعلته : إنما ثأرت بأبيك.

وهذا معناه : أن الأمر لم يكن مجرد حصول اشتباه في فهم كلمة : «المدافة» التي أطلقها خالد ـ حسب زعمهم ـ لأصحابه في وقت السحر .. بل كان قتلا مقصودا ومتعمدا ..

ومع غض النظر عن ذلك ، إذا كان هؤلاء القوم مسلمين ، ويصلون

__________________

(١) المغازي للواقدي ج ٣ ص ٨٧٦.

٢٧٢

ويؤذنون ، وقد بنوا المساجد في الساحات ، فما هو الداعي إلى أسرهم ، وشد أكتافهم ، وتسليمهم لأصحابه؟! ألا يعد هذا غدرا ظاهرا بهم؟!

وأ لم يكن بإمكان خالد أن يستغني عن أسرهم بأن يتحقق من صحة ما ادّعوه : من أنهم يصلون ، ويؤذنون ، وأنهم أقاموا المساجد في ساحاتهم؟! فيطلب منهم أن يصلوا أمامه ، وأن يؤذنوا ، وأن يدلوه على المساجد التي أقاموها ليراها بنفسه.

وأما زعمه : أنه قتلهم انتقاما للفاكه بن المغيرة ، فهو غريب وعجيب من إنسان ينسب نفسه إلى الإسلام!! فإن الفاكه قد قتل في الجاهلية ، وهو مشرك مهدور الدم ، ولعله كان هو المعتدي عليهم ، أو كان قد قتل ثأرا لدم قتيل آخر. ولا شيء يثبت أنه قتل مظلوما.

على أن المؤرخين قد صرحوا : بأن بني جذيمة قد دفعوا دية الفاكه ودية عوف إلى قريش.

فلما ذا يعود عبد الرحمن بن عوف لقتل قاتل أبيه ، وهو قد أخذ ديته ، ثم يعود خالد لقتل أربع مائة غلام من بني جذيمة (١).

وحتى لو قتل مظلوما ، فإن الإسلام يجب ما قبله.

ولو أراد النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن يؤاخذ الناس بما صدر منهم قبل إسلامهم لقتل معظم الناس ، بل لوجب قتل الناس كلهم ، لأن جريمة الشرك نفسها تقتضي قتلهم. فضلا عما سوى ذلك مما ارتكبوه ، أو مارسوه ..

ولنفترض : أن قاعدة الإسلام يجب ما قبله ، قد عطلت بالنسبة لمن

__________________

(١) المنمق ص ١٦٤ و ٢٤٨ والسيرة النبوية ج ٤ ص ٧٤.

٢٧٣

يقتل مظلوما ، إذا أصر ولي الدم على الإنتقام .. فإن ذلك أيضا لا يبرر ما فعله خالد لعدة أسباب :

أحدها : أن خالدا لم يكن ولي دم الفاكه بن المغيرة.

الثاني : أن عليه أن يرفع الأمر إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

الثالث : أن عليه أن يقتصر على قتل القاتل نفسه دون سواه ،

الرابع : أن لا يتعدى القتل إلى التمثيل أو التعذيب في الكيفية التي يجريها.

دعوا لي أصحابي :

١ ـ تقدم : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال لخالد حين تلاحى مع عبد الرحمن بن عوف دعوا لي أصحابي. أو لا تسبوا أصحابي.

ولعل هذه هي الرواية الصحيحة.

وسواء أكان النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد قال : دعوا ، أو قال : لا تسبوا ، فإن خالدا قد تناول شخص ذلك الصحابي ، وآذاه بلسانه ، ولم يكن خالد يتورع عن سب أصحاب النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

٢ ـ قد يقال : إن هذه الكلمة تشير إلى أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لا يعد خالدا من أصحابه ، فضلا عن أن يكف عنهم لسانه ، وسبّه.

فدعوى : أن كل من رأى النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» مميزا فهو صحابي تصبح موضع ريب.

ويدل على ذلك : أن قوله في الرواية نفسها : إن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه ، فإن هذا الخطاب يشمل خالدا بلا

٢٧٤

ريب ، فلو أنه كان هو من الصحابة لم يكن معنى لخطابه بمثل هذا الكلام.

٣ ـ إن ابن عوف ، وإن كان في ذلك الوقت ممن يصح أن يعد من أصحاب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ولكن لا يعني بقاءه وكذلك سائر أصحابه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على حال الإستقامة بعد وفاته أيضا.

ويدل على ذلك حديث : ليردن علي الحوض أقوام ، فيختلجون دوني ، فأقول : رب أصحابي.

فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك.

وفي بعض نصوص الحديث : إنهم ارتدوا على أعقابهم القهقري ،

زاد في بعضها قوله : فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم (١).

__________________

(١) راجع ألفاظ الحديث في : صحيح البخاري (ط محمد علي صبيح) ج ٦ ص ٦٩ و ٧٠ و ١٢٢ وج ٨ ص ١٣٦ و ١٤٨ و ١٥٠ و ١٥١ و ١٤٩ و ١٦٩ و ٢٠٢ وج ٩ ص ٥٨ و ٥٩ و ٦٣ و ٦٤ و (ط دار الفكر) ج ٥ ص ١٩٢ و ٢٤٠ وج ٧ ص ١٩٥ و ٢٠٦ و ٢٠٧ و ٢٠٨ وج ٨ ص ٨٧ وصحيح مسلم ج ١ ص ٥٨ و ١٥٠ وج ٧ ص ٦٧ و ٦٨ و ٧٠ و ٧١ و ٩٦ و ١٢٢ و ١٢٣ وج ٨ ص ١٥٧ ومسند أحمد ج ١ ص ٢٣٥ و ٢٥٣ و ٣٨٤ و ٤٠٢ و ٤٠٦ و ٤٠٧ و ٤٢٥ و ٤٣٩ و ٤٥٣ وج ٣ ص ٢٨ و ١٠٢ و ٢٨١ وج ٥ ص ٤٨ و ٥٠ و ٣٣٩ و ٣٨٨ و ٣٩٣ و ٤٠٠ و ٤١٢ وكنز العمال (ط الهند) ج ١١ رقم (١٤١٦) و (٢٤١٦) و (٢٤٧٢) و (ط مؤسسة الرسالة) ج ٤ ص ٥٤٣ وج ٥ ص ١٢٦ وج ١١ ص ١٧٧ وج ١٣ ص ٢٣٩ وج ١٤ ص ٣٥٨ و ٤١٧ و ٤١٨ و ٤١٩ و ٤٣٣ و ٤٣٤ و ٤٣٥ و ٤٣٦ والمصنف للصنعاني ج ١١ ص ٤٠٧ والمغازي للواقدي ج ١ ص ٤١٠ والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج ١ ص ١٥٩ و ١٦٠ و (ط دار الجيل) ج ١ ص ١٦٤ والجمع بين الصحيحين رقم (١٣١) و (٢٦٧). وراجع :

٢٧٥

__________________

الإقتصاد للشيخ الطوسي ص ٢١٣ وعيون أخبار الرضا «عليه‌السلام» ج ١ ص ٩٣ وشرح أصول الكافي ج ١٢ ص ١٣١ و ٣٧٨ و ٣٧٩ وكتاب سليم بن قيس (تحقيق الأنصاري) ص ١٦٣ و ٢٧٠ وشرح الأخبار ج ١ ص ٢٢٨ وج ٢ ص ٢٧٧ وكتاب الغيبة للنعماني ص ٥٤ والمسترشد ص ٢٢٩ والإفصاح للشيخ المفيد ص ٥١ والتعجب للكراجكي ص ٨٩ وكنز الفوائد للكراجكي ص ٦٠ والعمدة لابن البطريق ص ٤٦٦ و ٤٦٧ والطرائف لابن طاووس ص ٣٧٦ و ٣٧٧ و ٣٧٨ والملاحم لابن طاووس ص ٧٥ والصراط المستقيم ج ٢ ص ٨١ وج ٣ ص ١٠٧ و ١٤٠ و ٢٣٠ وعوالي اللآلي ج ١ ص ٥٩ ووصول الأخيار إلى أصول الأخبار ص ٦٥ و ٦٦ و ٦٧ والصوارم المهرقة ص ١٠ وكتاب الأربعين للشيرازي ص ١٤٠ و ٢٤٠ و ٢٦٢ و ٢٦٣ و ٢٦٤ والبحار ج ٨ ص ١٦ و ٢٧ وج ٢٣ ص ١٦٥ وج ٢٨ ص ١٩ و ٢٤ و ٢٥ و ٢٦ و ٢٧ و ٢٨ و ٢٩ و ١٢٧ و ٢٨٢ وج ٢٩ ص ٥٦٦ وج ٣١ ص ١٤٥ وج ٣٧ ص ١٦٨ وج ٦٩ ص ١٤٨ ومناقب أهل البيت «عليهم‌السلام» للشيرواني ص ٣٩٤ و ٣٩٥ والنص والإجتهاد ص ٥٢٤ و ٥٢٥ وجامع أحاديث الشيعة ج ٢٦ ص ١٠٣ والغدير ج ٣ ص ٢٩٦ ومستدرك سفينة البحار ج ٦ ص ١٧٥ ومكاتيب الرسول ج ١ ص ٥٧٦ ومواقف الشيعة ج ٣ ص ٢٠٨ وميزان الحكمة ج ٢ ص ١٠٦٢ وج ٣ ص ٢١٨٨ وسنن ابن ماجة ج ٢ ص ١٠١٦ سنن الترمذي ج ٤ ص ٣٨ وج ٥ ص ٤ وسنن النسائي ج ٤ ص ١١٧ والمستدرك للحاكم ج ٣ ص ٥٠١ وج ٤ ص ٤٥٢ وشرح مسلم للنووي ج ٣ ص ١٣٦ وج ٤ ص ١١٣ وج ١٥ ص ٦٤ ومجمع الزوائد ج ٣ ص ٨٥ وج ٩ ص ٣٦٧ وج ١٠ ص ٣٦٥ وفتح الباري ج ١١ ص ٣٣٣ وج ١٣ ص ٣ وعمدة القاري ج ١٥ ص ٢٤٣ وج ١٨ ص ٢١٧ وج ١٩ ص ٦٥ وج ٢٣ ص ١٠٦ و ١٣٧ و ١٤٠ وج ٢٤ ص ١٧٦ وتحفة الأحوذي ج ٧ ص ٩٣ وج ٩ ص ٦ و ٧ ومسند أبي داود الطيالسي ص ٣٤٣ والمصنف لابن أبي

٢٧٦

__________________

شيبة ج ٧ ص ٤١٥ وج ٨ ص ١٣٩ و ٦٠٢ ومسند ابن راهويه ج ١ ص ٣٧٩ ومنتخب مسند عبد بن حميد ص ٣٦٥ وتأويل مختلف الحديث ص ٢١٧ والآحاد والمثاني ج ٥ ص ٣٥٢ والسنن الكبرى للنسائي ج ١ ص ٦٦٩ وج ٦ ص ٣٣٩ و ٤٠٨ ومسند أبي يعلى ج ٧ ص ٣٥ و ٤٠ و ٤٣٤ وج ٩ ص ١٠٢ و ١٢٦ وصحيح ابن حبان ج ١٦ ص ٣٤٤ والمعجم الأوسط ج ١ ص ١٢٥ وج ٦ ص ٣٥١ وج ٧ ص ١٦٦ والمعجم الكبير ج ٧ ص ٢٠٧ وج ١٢ ص ٥٦ وج ١٧ ص ٢٠١ وج ٢٣ ص ٢٩٧ ومسند الشاميين ج ٣ ص ١٦ و ٣١٠ وج ٤ ص ٣٤ ومسند الشهاب ج ٢ ص ١٧٥ والإستذكار لابن عبد البر ج ٥ ص ١١١ والتمهيد لابن عبد البر ج ٢ ص ٢٩١ و ٢٩٢ و ٢٩٣ و ٣٠١ و ٣٠٨ وج ١٩ ص ٢٢٢ ورياض الصالحين للنووي ص ١٣٨ وتخريج الأحاديث والآثار ج ١ ص ٢٤١ وتغليق التعليق لابن حجر ج ٥ ص ١٨٥ و ١٨٧ والجامع الصغير للسيوطي ج ٢ ص ٤٤٩ وفيض القدير ج ٥ ص ٤٥٠ وتفسير جوامع الجامع ج ٣ ص ٨٥٦ ومجمع البيان ج ١٠ ص ٤٥٩ والتفسير الأصفى ج ٢ ص ١٤٨٣ والتفسير الصافي ج ١ ص ٣٦٩ وج ٥ ص ٣٨٢ وج ٧ ص ٥٦٦ وتفسير نور الثقلين ج ٥ ص ٦٨٠ وتفسير كنز الدقائق ج ٢ ص ١٩٥ وتفسير الميزان ج ٣ ص ٣٨٠ وتفسير القرآن للصنعاني ج ٢ ص ٣٧١ وجامع البيان ج ٤ ص ٥٥ وتفسير ابن أبي حاتم ج ٤ ص ١٢٥٤ ومعاني القرآن للنحاس ج ٢ ص ٣٨٢ وتفسير الثعلبي ج ٣ ص ١٢٦ وج ١٠ ص ٣٠٨ وتفسير السمعاني ج ٢ ص ٧٧ وج ٦ ص ٢٩٠ وتفسير البغوي ج ٢ ص ٧٦ وزاد المسير ج ٨ ص ٣٢٠ والجامع لأحكام القرآن ج ٤ ص ١٦٨ وج ٦ ص ٣٦١ و ٣٧٧ وتفسير القرآن العظيم ج ٢ ص ١٢٤ وج ٣ ص ٢٦١ وج ٤ ص ٥٩٥ والدر المنثور ج ٢ ص ٣٤٩ وج ٥ ص ٩٦ وج ١٧ ص ٢١١ وج ٢٢ ص ٤٥ وطبقات المحدثين بأصبهان ج ٣ ص ٢٣٤ وعلل الدارقطني ج ٥ ص ٩٦ وج ٧ ص ٢٩٩ وتاريخ مدينة دمشق

٢٧٧

هل هذا الخلط متعمد :

وإذا راجعنا نصوص ما جرى من خالد على مالك بن نويرة وأصحابه ، وعلى بني جذيمة ، فإننا نشهد ظاهرة مثيرة وهي : أن ثمة تشابها في عرض ما جرى بين القضيتين في عدة مفاصل أساسية.

فقد رأوهم يصلون ، ويؤذنون في كلا الواقعتين.

وحبسوا في ليلة باردة ، وقتلوا لأن خالدا أمر أصحابهم بأن يدفئوا أسراهم ، ففهموا ذلك على أنه أمر بالقتل.

وكلمة «أدفئوا في لغة كنانة تعني القتل».

وسمع خالد الواعية بعد ان فرغوا منهم.

واعترض على خالد في قتلهم رجلان ، هما : عبد الله بن عمر ، وسالم مولى أبي حذيفة في بني جذيمة ، أو عبد الله بن عمر وأبو قتادة في قصة مالك وأصحابه. وقد كره خالد كلامهما في كلتا الحادثتين.

بل إن أبا قتادة قد عاهد الله أن لا يشهد مع خالد حربا أبدا بعد قصة مالك بن نويرة.

وتذكر رواية قصة مالك أيضا : سياقا يتوافق كثيرا مع سياق قصة بني

__________________

ج ٢٠ ص ٣٧٢ وج ٣٦ ص ٨ وج ٤٧ ص ١١٧ وسير أعلام النبلاء ج ١ ص ١٢٠ وتاريخ المدينة لابن شبة ج ٤ ص ١٢٥١ والبداية والنهاية ج ٦ ص ٢٣١ وإمتاع الأسماع ج ٣ ص ٣٠٥ و ٣٠٦ وج ١٤ ص ٢٢٢ و ٢٢٣ وبشارة المصطفى للطبري ص ٢١٧ والدر النظيم ص ٤٤٤ ونهج الإيمان لابن جبر ص ٥٨٣ والعدد القوية للحلي ص ١٩٨ وسبل الهدى والرشاد الصالحي ج ١٠ ص ٩٦ وينابيع المودة للقندوزي ج ١ ص ٣٩٨ والنصائح الكافية لمحمد بن عقيل ص ١٦٤ و ١٦٥.

٢٧٨

جذيمة ، فإن أصحاب خالد واجهوا أصحاب مالك تحت الليل ، فأخذ أصحاب مالك السلاح ، فقال أصحاب خالد : إنّا مسلمون.

فقالوا : ونحن المسلمون.

قلنا : فما بال السلاح معكم؟

قالوا : فما بال السلاح معكم؟

قلنا : فإن كنتم كما تقولون ، فضعوا السلاح.

فوضعوا السلاح لقول خالد الخ .. (١).

وهذا السياق بعينه موجود في قصة بني جذيمة كما تقدم.

فهل سبب هذا التشابه هو : أن محبي خالد أرادوا أن يقرنوا بين أبي بكر في نصرته لخالد ودفاعه عنه ، وبين حادثة بني جذيمة ، حيث لم يقتل النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» خالدا حين أوقع بهم؟!

الإقواء في الشعر المنقول :

وقد ظهر في الأبيات المنقولة ، خصوصا في البيتين اللذين قال ابن هشام : إن أهل العلم بالشعر ينكرونهما لذلك القائل ، ظهر فيها الإقواء ، في القافية ، فجاءت مرفوعة بدل أن تكون مكسورة ، فقراءة المرفوع مكسورا إقواء في الشعر.

اجتهاد خالد :

إن محبي خالد قد عذروا خالدا فيما فعله ببني جذيمة بأنه اجتهد فأخطأ ، رغم اعترافه لعمر : بأن الأمر ليس كذلك ، ورغم أنه قد اعترف

__________________

(١) تاريخ الأمم والملوك (حوادث سنة ١١ ه‍) ج ٣ ص ٢٧٩ وقد تقدمت مصادر ذلك.

٢٧٩

لابن عوف بأنه قد قتلهم استجابة للإحن الجاهلية ، فقد قال العامري :

«وإنما أنكر النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على خالد ، لأنه لم يتثبت في أمرهم. ثم عذره في إسقاط القصاص ، لأن (أي قولهم : صبأنا) ليس تصريحا في قبول الدين. وقد سأل عمر أبا بكر في خلافته قتل خالد بن الوليد بمالك بن نويرة ، فقال : لا أفعل ، لأنه متأول الخ ..» (١).

فتراه يصرح : بأن هذا هو نفس ما عذره به أبو بكر لقتله مالك بن نويرة وأصحابه. ثم إقدامه على الزنى بزوجة مالك في نفس ليلة قتله ، كما تنبأ به مالك نفسه ، في نفس ليلة قتله ..

وعلى كل حال ، فقد قالوا : إنه لما بلغ ذلك أبا بكر وعمر ، قال عمر لأبي بكر : إن خالدا قد زنى ، فاجلده.

قال أبو بكر : لا ، لأنه تأول فأخطأ.

قال : فإنه قتل مسلما ، فاقتله.

قال : لا ، إنه تأول فأخطأ.

ثم قال : يا عمر! ما كنت لأغمد سيفا سله الله عليهم (٢).

__________________

(١) بهجة المحافل للعامري ج ١ ص ٤٤٤.

(٢) راجع : تاريخ ابن شحنة (روضة المناظر) (مطبوع بهامش الكامل) حوادث سنة ١١ ه‍ ج ٧ ص ١٦٥ و (في ط أخرى لروضة المناظر) ج ١ ص ١٩١ و ١٩٢ وتاريخ أبي الفداء ج ١ ص ١٥٨. وراجع : تاريخ الخميس ج ٢ ص ٢٠٩ وشرح المواقف ج ٨ ص ٣٥٨ والغدير ج ٧ ص ١٦٠ وراجع : كنز العمال ج ٥ ص ٢٤٧ ومرآة الجنان ج ٢ ص ١٢٠ وفيات الأعيان ج ٦ ص ١٥ وتاريخ مدينة دمشق ج ١٦ ص ٢٥٧ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٥٠٣ والكنى والألقاب ج ١ ص ٤٢.

٢٨٠