الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٣

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٣

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-195-5
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٦٦

ونقل عنه رضي الله تعالى عنه : أنه قام خطيبا يوم عرفة ، فقال : أيها الناس ، إن المتعة حرام كالميتة والدم ولحم الخنزير.

والحاصل : أن المتعة من الأمور الثلاثة التي نسخت مرتين.

الثاني : لحوم الحمر الأهلية.

الثالث : القبلة ، كذا في (حياة الحيوان) (١).

وعن سبرة قال : حرم رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» متعة النساء يومئذ (٢). يعني : عام الفتح.

ونقول :

إن زواج المتعة هو من الموضوعات الخلافية المعروفة فيما بين شيعة أهل البيت «عليهم‌السلام» ، وبين أهل السنة ، حيث اتفق الجميع على أن هذا الزواج كان حلالا في أول الإسلام ، ثم ادّعى أهل السنة أنه قد نسخ .. وأنكر عليهم الشيعة هذه الدعوى ، وردوها بالأدلة القاطعة ، والبراهين الساطعة.

وقد اضطربت روايات أهل السنة في تاريخ نسخ هذا الزواج ، وفي ناسخه ، وكلها اجتهادات تستند إلى دعاوى مدخولة ، أو إلى أخبار آحاد ، لا تقوم بها حجة ، ولا يثبت بها شيء ..

وقد ناقشنا جميع تلك المزاعم وسواها في كتابنا : «زواج المتعة : تحقيق

__________________

(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ١٠٣ و ١٠٤ و (ط دار المعرفة) ص ٥٨ وراجع : البحر الرائق ج ٣ ص ١٩٠.

(٢) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٨٦٥ وراجع : إمتاع الأسماع ج ٢ ص ٣.

١٨١

ودراسة» وهو مؤلف من ثلاثة أجزاء ، صادر عن المركز الإسلامي للدراسات ، فيمكن الرجوع إليه ، لمن أراد التوسع في البحث ، والإستقصاء في البيان.

غير أننا نشير هنا : إلى نبذة يسيرة تفيد في توضيح الأمر فيما يرتبط بخصوص الروايات التي تزعم أن هذا الزواج قد نسخ في فتح مكة.

أما سائر المزاعم التي أوردها الحلبي في عبارته المتقدمة ، فقد فندناها بما لا مزيد عليه في كتابنا : «زواج المتعة : تحقيق ودراسة» فمن أراد الوقوف عل ذلك ، فليراجع ذلك الكتاب.

أما هنا فنكتفي بما يلي :

روايات النسخ يوم الفتح :

١ ـ عن الحارث بن غزية : سمعت النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يوم فتح مكة يقول : متعة النساء حرام. ثلاث مرات (١).

٢ ـ وقد روي عن سبرة بن معبد : أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» نهى يوم الفتح عن متعة النساء (٢). رواه مسلم.

__________________

(١) مجمع الزوائد ج ٤ ص ٢٦٦ عن الطبراني ، والمعجم الكبير للطبراني ج ٣ ص ٢٧٣ والإستيعاب ج ١ ص ٢٩٩.

(٢) راجع السنن الكبرى للبيهقي ج ٧ ص ٢٠٢ و ٢٠٤ وسنن الدارمي ج ٢ ص ١٤٠ ، ومسند الشافعي ص ٢٥٥ دون تعيين المناسبة ، وكذا في لباب التأويل ج ١ ص ٣٤٣ وكذا في تحريم نكاح المتعة للمقدسي ص ٣٤ و ٣٥ ، وعلل الحديث للرازي ج ١ ص ٤٢٠ ، وكنز العمال ج ٢٢ ص ٩٧ و ٩٦ ، وجامع الأصول ـ

١٨٢

٣ ـ وفي رواية : أمرنا رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بالمتعة عام الفتح حين دخلنا مكة ، ثم لم نخرج حتى نهانا عنها (١) رواه مسلم.

٤ ـ وفي نص آخر رواه مسلم وغيره ، عن سبرة أنه قال : أذن لنا رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بالمتعة ، فانطلقت أنا ورجل إلى امرأة من بني عامر ، كأنها بكرة عيطاء ، فعرضنا أنفسنا عليها ، فقالت : ما تعطي؟

فقلت : ردائي.

وقال صاحبي : ردائي.

وكان رداء صاحبي أجود من ردائي ، وكنت أشبّ منه ، فإذا نظرت إلى رداء

__________________

ج ١٢ ص ١٣٤ ، وشرح معاني الآثار ج ٣ ص ٢٦ ، والتاج الجامع للأصول ج ٢ ص ٣٣٥ ، وسنن سعيد بن منصور ج ٢ ص ٢١٨ ، والإستذكار ج ١٦ ص ٢٨٩ و ٢٩٠ ، والمصنف لابن أبي شيبة ج ٣ ص ٣٨٩ ، ومسند أحمد ج ٣ ص ٤٠٤ ومسند الحميدي ج ٢ ص ٣٧٤ وحلية الأولياء ج ٥ ص ٣٦٣ والمعجم الكبير ج ٧ ص ١١٢ و ١١٣ وكتاب الأم ج ٧ ص ١٨٣ والشرح الكبير ج ٧ ص ٥٣١ وكتاب المسند للشافعي ص ٣٨٧ والسنن الكبرى للنسائي ج ٣ ص ٣٢٧ ومسند عمر بن عبد العزيز ص ١٧٣ وناسخ الحديث ومنسوخه ص ٤٥٤ و ٤٦٤ ومعرفة علوم الحديث ص ١٥٠ ومسند أبي حنيفة ص ٤٠ و ٢٧٠ ومعرفة السنن والآثار ج ٥ ص ٣٤١ والآحاد والمثاني ج ٥ ص ٢٩.

(١) البداية والنهاية ج ٤ ص ١٩٣ و ٣١٩ ، والإحسان ج ٩ ص ٤٥٧ وهامش ص ٤٥٤ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٣٦٦ ، وراجع المعجم الكبير رقم ٦٥٢٥ و ٦٥٢٦ ، والسنن الكبرى للبيهقي ج ٧ ص ٢٠٣ و ٢٠٢ وكشاف القناع ج ٥ ص ١٠٦ ونيل الأوطار ج ٦ ص ٢٦٩ وصحيح مسلم ج ٤ ص ١٣٣ وفتح الباري ج ٩ ص ١٤٦ والدراية في تخريج أحاديث الهداية ج ٢ ص ٥٨.

١٨٣

صاحبي أعجبها ، وإذا نظرت إلي أعجبتها ، ثم قالت : أنت ورداؤك يكفيني.

فمكثت معها ثلاثا ، ثم إن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال : من كان عنده شيء من هذه النساء التي يتمتع ، فليخل سبيلها» (١).

وللحديث نصوص أخرى متقاربة يمكن مراجعتها في المصادر المختلفة.

مناقشة روايات النسخ :

أولا : إن رواية الحارث بن غزية ، وكذلك رواية سبرة لا تتلاءم مع

__________________

(١) راجع : صحيح مسلم ج ٤ ص ١٣١ و ١٣٣ ، وفتح الملك المعبود ج ٣ ص ٢٢٤ ، وسنن البيهقي ج ٧ ص ٢٠٢ و ٢٠٣ ، وأوجز المسالك ج ٩ ص ٤٠٦ ، ومسند أحمد ج ٣ ص ٤٠٥.

وروايات سبرة حول نهي النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عن المتعة يوم الفتح توجد في كتاب : التمهيد ج ١٠ ص ١٠٦ ، والبداية والنهاية ج ٤ ص ١٩٣ عن البخاري ، وأشار إليها الترمذي في الجامع الصحيح المطبوع مع تحفة الأحوذي ج ٤ ص ٢٦٨ ، وكذا في تحفة الأحوذي نفس الجزء ، والصفحة عن المنتقى ، والتفسير الكبير ج ١٠ ص ٥١ ، ونصب الراية ج ٣ ص ١٧٧ ، والمنار في المختار ج ١ ص ٤٦٢ ، وفقه السنة ج ٤ ص ٤٢ وتحريم نكاح المتعة ص ٥٨ و ٥٩ و ٦١ ، ومسند الحميدي (ط المكتبة السلفية) ج ٢ ص ٣٧٤ وسنن سعيد بن منصور (ط دار الكتب العلمية) ج ١ ص ٢١٧ وراجع ص ٢١٨ ، وراجع : حواشي البجيرمي على الخطيب ج ٣ ص ٣٣٦ ، ومرقاة المفاتيح ج ٣ ص ٤٢٢ والمبسوط للسرخسي ج ٥ ص ١٥٢ وسنن النسائي ج ٦ ص ١٢٧ والسنن الكبرى للنسائي ج ٣ ص ٣٢٩ وشرح معاني الآثار ج ٣ ص ٢٥ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢٠ ص ١٣٤ وتهذيب الكمال ج ٩ ص ٨٤.

١٨٤

الروايات الأخرى التي تقول : إن المتعة قد حرمت عام خيبر ، أو أوطاس ، أو عمرة القضاء ، أو حنين ، أو حجة الوداع ، أو تبوك.

ثانيا : إنها تتناقض مع الروايات الكثيرة المثبتة في كتب أهل السنة ، سواء في ذلك كتب الصحاح وغيرها .. والتي صرحت : بأن عمر هو الذي حرم زواج المتعة ، وأن هذا الزواج كان حلالا في عهد رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وعهد أبي بكر ، وشطر من خلافة عمر.

وقد أوردنا في كتابنا : «زواج المتعة : تحقيق ودراسة» أكثر من مائة رواية تدل على بقاء حلية المتعة بعد رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله».

ثالثا : إن رواية سبرة المتقدمة لا تدل على التحريم ، بل هو «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد أمرهم بتخلية سبيل النساء استعدادا للرحيل .. ولعل هذا هو النص المعقول من رواية سبرة.

وأما الكلمات التي تدل على التحريم المؤبد ، فلعلها إضافات متعمدة على الروايات الصحيحة ..

رابعا : هناك تناقضات لا بد من ملاحظتها في نفس رواية سبرة ، فهل أعطى المتمتع تلك المرأة بردين أحمرين؟ (١). أم أعطاها بردا واحدا؟ (٢).

__________________

(١) راجع : صحيح مسلم ج ٤ ص ١٣٣ و ١٣٤ ومسند عمر بن عبد العزيز ص ١٧٦ والمعجم الكبير للطبراني ج ٧ ص ١١٢ ونصب الراية ج ٣ ص ٣٣٣ و ٣٣٧ وتهذيب الكمال ج ٨ ص ١٧٧ والمنتخب من الصحاح الستة لمحمد حياة الأنصاري ص ١٣٣.

(٢) راجع : صحيح مسلم ج ٤ ص ١٣١ و ١٣٢ و ١٣٣ ومسند أحمد ج ٣ ص ٤٠٤ و ٤٠٥ و ٤٠٦ وسنن الدارمي ج ٢ ص ١٤٠ وسنن ابن ماجة ج ١ ص ٦٣١ ـ

١٨٥

وهل الذي كان مع سبرة هو أخوه؟ (١). أو ابن عم له؟ (٢). أو أنه عمه؟ (٣)

__________________

والسنن الكبرى للبيهقي ج ٧ ص ٢٠٢ و ٢٠٣ ومجمع الزوائد ج ٤ ص ٢٦٤ والمصنف للصنعاني ج ٧ ص ٥٠٤ والمنتقى من السنن المسندة ص ١٧٥ وصحيح ابن حبان ج ٩ ص ٤٥٣ و ٤٥٤ و ٤٥٥ والمعجم الكبير للطبراني ج ٧ ص ١٠٨ و ١١٠ و ١١١ وناسخ الحديث ومنسوخه ص ٤٥١ و ٤٥٣ ومعرفة علوم الحديث ص ١٧٦ ومعرفة السنن والآثار ج ٥ ص ٣٤٣ والتمهيد لابن عبد البر ج ١٠ ص ١٠٧ و ١٠٨ والفايق في غريب الحديث ج ٢ ص ٤١٤ ونصب الراية ج ٣ ص ٣٣٤ وكنز العمال ١٦ ص ٥٢٤ و ٥٢٥ وتفسير الميزان ج ٤ ص ٢٩٢ وأحكام القرآن للجصاص ج ٢ ص ١٩٣ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢٠ ص ١٣٣ وج ٣٦ ص ٣٢٤ والإصابة ج ٣ ص ٢٦ والخلاف للطوسي ج ٤ ص ٣٤٢.

(١) تحريم نكاح المتعة للمقدسي ص ٥٩.

(٢) راجع : صحيح مسلم ج ٤ ص ١٣٢ ومسند أحمد ج ٣ ص ٤٠٥ و ٤٠٦ وسنن الدارمي ج ٢ ص ١٤٠ وسنن ابن ماجة ج ١ ص ٦٣١ ومجمع الزوائد ج ٤ ص ٢٦٤ ومسند أبي يعلى ج ٢ ص ٢٣٨ والمنتقى من السنن المسندة ص ١٧٥ وصحيح ابن حبان ج ٩ ص ٤٥٤ وناسخ الحديث ومنسوخه ص ٤٥٢ ومعرفة والإستذكار ج ٥ ص ٥٠٤ والسنن والآثار ج ٥ ص ٣٤٣ والتمهيد لابن عبد البر ج ١٠ ص ١٠٧ و ١٠٨ والفايق في غريب الحديث ج ٢ ص ٤١٤ والمعجم الأوسط ج ٢ ص ٨٣ ونصب الراية ج ٣ ص ٣٣٤ وكنز العمال ج ١٦ ص ٥٢٥ وأحكام القرآن للجصاص ج ٢ ص ١٩٣ وتاريخ مدينة دمشق ج ٣٦ ص ٣٢٤ والخلاف للطوسي ج ٤ ص ٣٤٢ وجامع الخلاف والوفاق ص ٤٦٠ والينابيع الفقهية ج ٣٨ ص ٥٥.

(٣) راجع : المبسوط للسرخسي ج ٥ ص ١٥٢.

١٨٦

أو أنه من أصحاب النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله»؟ (١) أو أنه صاحبه؟ (٢) أو أنه من قومه؟ (٣) أي من جهينة. وجهينة من قضاعة. أو أنه من بني سليم؟ (٤) وهم إما بطن من عدنان ، أو من قحطان (٥).

وهل الوسيم الذي استمتع بالمرأة هو سبرة ، وكان برده خلقا؟ أما

__________________

(١) راجع : مسند أحمد ج ٣ ص ٤٠٥ وتاريخ مدينة دمشق ج ١٨ ص ٧٠ وج ٢٠ ص ١٣٣ وراجع : صحيح مسلم ج ٤ ص ١٣١ وسنن النسائي ج ٦ ص ١٢٧ وج ٧ ص ٢٠٢ والسنن الكبرى للنسائي ج ٣ ص ٣٢٨ وصحيح ابن حبان ج ٩ ص ٤٥٣ والمعجم الكبير ج ٧ ص ١١٠ و ١١١ والتمهيد لابن عبد البر ج ١٠ ص ١٠٨ والفايق في غريب الحديث ج ٢ ص ٤١٤ ونصب الراية ج ٣ ص ٣٣٤ وتهذيب الكمال ج ٩ ص ٨٤.

(٢) راجع : مسند أحمد ج ٣ ص ٤٠٤ و ٤٠٥ صحيح مسلم ج ٤ ص ١٣٣ والمصنف ج ٧ ص ٥٠٤ وصحيح ابن حبان ج ٩ ص ٤٥٣ وناسخ الحديث ومنسوخه ص ٤٥١ و ٤٥٣ وكنز العمال ج ١٦ ص ٥٢٤ والإصابة ج ٣ ص ٢٦ وشرح معاني الآثار ج ٣ ص ٢٥.

(٣) راجع : السنن الكبرى للبيهقي ج ٧ ص ٢٠٢ وصحيح ابن حبان ج ٩ ص ٤٥٥ والمعجم الكبير للطبراني ج ٧ ص ١١١ وتفسير الميزان ج ٤ ص ٢٩٢ وصحيح مسلم ج ٤ ص ١٣٢.

(٤) راجع : السنن الكبرى للبيهقي ج ٧ ص ٢٠٣ وصحيح مسلم ج ٤ ص ١٣٣ ومعرفة علوم الحديث ص ١٧٦ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢٠ ص ١٣٣ وناسخ الحديث ومنسوخه ص ٤٥٥.

(٥) راجع : جمهرة أنساب العرب لابن حزم ص ٢٦١ و ٢٧٩ و ٤٠٨ و ٤٤٤.

١٨٧

الآخر ، فكان دميما ، وبرده جديد؟ أم العكس؟ (١).

خامسا : إن هذه الرواية خبر واحد ، والنسخ لا يثبت بأخبار الآحاد ، لأنها تنتهي إلى الحارث بن غزية ، وسبرة بن معبد ، برواية ولده عبد الرحمن بن سبرة عنه ، ثم حفيده عبد الملك بن عبد الرحمن ، عن أبيه.

إلا أن حذيفة قد روى هذه الرواية عن الزهري ، عن محمد بن عبد الله عن سبرة (٢).

مع أن المتوقع هو : أن يروي ذلك النسخ عن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عشرات الصحابة ، لأن رواية سبرة تقول : إن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد أعلن هذا التحريم على المنبر ، وهو قائم بين الركن والمقام ، أو بين الباب والحجر ، أو بين الباب وزمزم ، أو نحو ذلك (٣).

ومن الواضح : أن هذا الأمر مما يهتم الناس لتحليله ولتحريمه على حد سواء.

سادسا : إن حديث سبرة متناقض في نفسه ، لأن بعض نصوصه تقول :

__________________

(١) راجع : مسند أحمد ج ٣ ص ٤٠٥ ومجمع الزوائد ج ٤ ص ٢٦٤ ، وقال : رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.

(٢) تحريم المتعة للمحمدي ص ١٦٦ و ١٦٧ وراجع : أحكام القرآن للجصاص ج ٢ ص ١٩٠.

(٣) راجع : التمهيد لابن عبد البر ج ٩ ص ١٠٧ وصحيح مسلم ج ٤ ص ١٣٢ ومسند الحميدي ج ٢ ص ٣٧٤ وتحريم نكاح المتعة للمقدسي ص ٦١ والتفسير الحديث ج ٩ ص ٥٣ والمرأة في القرآن والسنة ص ١٨٠ ومصادر كثيرة أخرى.

١٨٨

إن ما جرى من تحليل ، ثم تحريم المتعة قد كان عام الفتح (١).

وبعضها الآخر يصرح : بأن ذلك كان في حجة الوداع (٢).

__________________

(١) راجع : مسند أحمد ج ٣ ص ٤٠٤ و ٤٠٥ وسنن الدارمي ج ٢ ص ١٤٠ وصحيح مسلم ج ٤ ص ١٣٢ و ١٣٣ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٧ ص ٢٠٢ و ٢٠٤ وشرح مسلم للنووي ج ٩ ص ١٨٠ ومجمع الزوائد ج ٤ ص ٢٦٤ ومسند الحميدي ج ٢ ص ٣٧٤ والمصنف لابن أبي شيبة ج ٣ ص ٣٨٩ والآحاد والمثاني ج ٥ ص ٢٩ والسنن الكبرى للنسائي ج ٣ ص ٣٢٨ ومسند عمر بن عبد العزيز ص ١٧٥ وصحيح ابن حبان ج ٩ ص ٤٥٣ والمعجم الكبير للطبراني ج ٧ ص ١١٠ و ١١١ و ١١٢ والخلاف للطوسي ج ٤ ص ٣٤٢ وجامع الخلاف والوفاق ص ٤٦٠ والينابيع الفقهية ج ٣٨ ص ٥٥ والمجموع للنووي ج ١٦ ص ٢٥٤ والمبسوط للسرخسي ج ٥ ص ١٥٢ والشرح الكبير لابن قدامة ج ٧ ص ٥٣٧ وكشف القناع ج ٥ ص ١٠٦ ونيل الأوطار ج ٦ ص ٢٦٩ و ٢٧٣ والغدير ج ٦ ص ٢٣٩ وناسخ الحديث ومنسوخه ص ٤٦٤ و ٤٦٥ ومسند أبي حنيفة ص ٤٠ ومعرفة السنن والآثار ج ٥ ص ٣٤١ والإستذكار ج ٥ ص ٥٠٣ والتمهيد لابن عبد البر ج ١٠ ص ١٠٢ و ١٠٣ ونصب الراية ج ٣ ص ٣٣٦ والدراية في تخريج أحاديث الهداية ج ٢ ص ٥٨ وكنز العمال ج ١٦ ص ٥٢٥ وشرح مسند أبي حنيفة ص ٢١٠ وأحكام القرآن للجصاص ج ٢ ص ١٩٠ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٢٢٠ و ٣٦٤ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٣٦٦ و ٦٠١.

(٢) جامع الأصول ج ١٢ ص ١٣٥ والتمهيد ج ٩ ص ١٠٤ و ١٠٥ و ١٠٦ و ١٠٧ ، وفتح القدير ج ١ ص ٤٤٩ ، والإستذكار ج ١٦ ص ٢٩٠ و ٢٩١ ، والبناية في شرح الهداية ج ٤ ص ١٠٠ ، والجامع لأحكام القرآن ج ٥ ص ١٣١ ، ونيل الأوطار ج ٦ ص ٢٦٩ و ٢٧٢ ، وفتح الباري ج ٩ ص ١٤٦ و ١٤٩ ، والإعتصام بحبل الله المتين

١٨٩

أو في عمرة القضاء (١). فأي ذلك هو الصحيح؟!

تعدد نسخ تشريع المتعة :

أما حديث : أن هذا الزواج أبيح ثم نسخ ، ثم أبيح ، ثم نسخ ، مرتين أو ثلاثا ، أو أكثر ، فهو غير صحيح ، فإن المتعة قد شرعت بالقرآن ، وقام

__________________

ج ٣ ص ٢٠٤ و ٢٠٣ ، وراجع شرح الموطأ للزرقاني ج ٤ ص ٤٦ عن أبي داود ، وعن سنن أبي داود ج ١ ص ٢٨٣ وج ٢ ص ٢٢٦ و ٢٢٧ الحديث رقم (٢٠٧٢) ، وتفسير القرآن العظيم ج ١ ص ٤٧٤ ، والبداية والنهاية ج ٤ ص ٤١٨ ومسند أحمد ج ٣ ص ٤٠٤ و ٤٠٥ ، وتحريم نكاح المتعة للمقدسي ص ٣٤ و ٣٥ ، والإعتبار في الناسخ والمنسوخ ج ٥ ص ١٧٦ وراجع ص ١٧٧ ، وشرح النووي على صحيح مسلم ج ٩ ص ١٨٠ وتاريخ بغداد ج ٦ ص ١٠٥ و ١٠٦ وأوجز المسالك ج ٩ ص ٤٠٧ ، والمنتقى ج ٢ ص ٥٢٢ عن أحمد ، وأبي داود ، والسنن الكبرى ج ٧ ص ٢٠٣ و ٢٠٤ ، وراجع غاية المأمول شرح التاج الجامع للأصول ج ٢ ص ٣٣٥ ، وشرح معاني الآثار ج ٣ ص ٢٥ ، وكنز العمال ج ٢٢ ص ٩٧ و ٩٨ عن ابن جرير ، وعبد الرزاق ، وإرواء الغليل ج ٦ ص ٣١٢ وسنن ابن ماجة ج ١ ص ٦٣١ وسنن الدارمي ص ١٤٠ والإحسان ج ٩ ص ٤٥٤ و ٤٥٥ وكتاب العلوم لأحمد بن عيسى بن زيد ص ١٢ ، والسيرة الحلبية ج ٣ ص ١٠٣ ، والهداية في تخريج أحاديث البداية ج ٦ ص ٥٠٨ عن صحيح ابن حبان ، وعن المنتقى لابن الجارود ص ٢٣٤ ، ومجمع الزوائد ج ٤ ص ٢٦٤ عن أحمد ورجاله رجال الصحيح.

(١) راجع : التمهيد ج ٩ ص ١٠٨ ، ونيل الأوطار ج ٦ ص ٢٧٢ ، وشرح النووي على مسلم ج ٩ ص ١٨٠ والمجموع للنووي ج ١٦ ص ٢٥٤ وعمدة القاري ج ١٠ ص ١٦٦ والمصنف للصنعاني ج ٧ ص ٥٠٤ والإستذكار لابن عبد البر ج ٥ ص ٥٠٤ والجامع لأحكام القرآن ج ٥ ص ١٣١.

١٩٠

الإجماع على تشريعها ، ودلت على ذلك أيضا الأخبار المتواترة.

وقد ذكرنا : أن جماعات كثيرة من الصحابة والتابعين ، وأئمة المذاهب ، وعلماء السلف قائلون ببقاء تشريعها .. ولكن عمر هو الذي حرمها.

فإذا كانت المتعة قد شرعت بالقرآن ، فالسنة لا تنسخ القرآن (١). كما أن

__________________

(١) المستصفى للغزالي ج ١ ص ١٢٤ و (ط دار الكتب العلمية) ص ٩٩ و ١٠٠ و ١٠١ وفواتح الرحموت بهامشه ج ٢ ص ٧٨ ، والإحكام في أصول الأحكام للآمدي ج ٣ ص ١٣٩ وراجع ج ٤ ص ١٠٧ ونهاية السؤل للأسنوي ج ٢ ص ٥٧٩ و ٥٨٠ و ٥٨٦ متنا وهامشا ، وراجع ج ٤ ص ٤٥٧ ، وإرشاد الفحول ص ١٩١ ، وقال : وبه جزم الصيرفي والخفاف ، وأصول السرخسي ج ٢ ص ٦٧ و ٦٨ و ٦٩ ، ولباب التأويل للخازن ج ١ ص ٣٤٣ والإعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار ص ٢٨ وتنقيح الفصول ص ٣١١ وأحكام الفصول لابن خلف الناجي ص ٣٥٨ وتيسير التحرير ج ٣ ص ٢٠١ وإرشاد الفحول ص ١٩٠ وفواتح الرحموت ج ٢ ص ٧٦ والغدير ج ٦ ص ٢٣٣ وأحكام القرآن للجصاص ج ١ ص ٢٠٣ وتفسير البحر المحيط ج ٣ ص ٢٠٦ والمحصول للرازي ج ٣ ص ٣٥١ والمجموع للنووي ج ١٥ ص ٤٢٢ ونيل الأوطار ج ٦ ص ١٥٢ وفتح الباري ج ٥ ص ٢٧٨ وتحفة الأحوذي ج ٦ ص ٢٦١ وتفسير الرازي ج ٢٠ ص ١١٦ والفصول في الأصول للجصاص ج ٢ ص ٣٥٣ والإستذكار ج ٧ ص ٢٦٤ وفقه القرآن للراوندي ج ٢ ص ٣٧٠ وتفسير البحر المحيط ج ٣ ص ٢٠٦ والإتقان في علوم القرآن ج ٢ ص ٥٦ وأضواء البيان للشنقيطي ج ٢ ص ٤٥١ واللمع في أصول الفقه ص ١٧٤ وإختلاف الحديث للشافعي ص ٤٨٤ وعمدة القاري ج ١ ص ٢٤٧ والتبيان ج ٣ ص ١٦٧.

١٩١

السنة المتواترة لا تنسخ بأخبار الآحاد (١).

وقد قال الشيخ المفيد «رحمه‌الله» : والقول بأن السنة لا تنسخ القرآن مذهب أكثر الشيعة ، وجماعة من المتفقهة وأصحاب الحديث ، ويخالفه كثير من المتفقهة والمتكلمين (٢).

وتعدد النسخ مما لا يعهد في الشرع ، ولا يقع مثله فيها (٣).

وقال العسقلاني عن روايات النسخ : لا يصح من الروايات شيء بغير

__________________

(١) الإحكام في أصول الأحكام للآمدي ج ٢ ص ١٣٤ ، وإرشاد الفحول ص ١٩٠ وأضواء البيان للشنقيطي ج ٤ ص ٤٠٣ و ٤٥١ ونيل الأوطار ج ٩ ص ١٩٤ وفتح الباري ج ٥ ص ٢٠٧ وتحفة الأحوذي ج ٤ ص ٤٧٩ وشرح مسلم للنووي ج ٤ ص ٣٧ واللمع في أصول الفقه ص ١٧٣ منتهى المطلب (ط ج) ج ٢ ص ٨٣ والينابيع الفقهية ج ١٢ ص ١٥٦ وج ٣٤ ق ١ ص ٢٧١ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٩ ص ٤٢ والتبيان ج ٢ ص ١٠٨ وتفسير جوامع الجامع ج ١ ص ١٨١ ونواسخ القرآن ص ٢٧ وتفسير الرازي ج ٥ ص ٦٨ وج ٩ ص ٢٣٢ وج ١٠ ص ٤٣ وج ١١ ص ٢١ و ١٦٣ وتفسير البحر المحيط ج ٣ ص ٢٠٤ وعدة الأصول (ط ج) ج ٢ ص ٥٣١ والفصول في الأصول ج ١ ص ١٦٣ و ١٩٦ وج ٢ ص ٢٧٦ و ٣٢١ والمستصفى ص ٢٤٨ والمحصول ج ٣ ص ٣٤٩.

(٢) راجع : أوائل المقالات ص ١٢٣.

(٣) راجع : زاد المعاد ج ٢ ص ١٨٣ وفقه السنة ج ٢ هامش ص ٤٢ والمنتقى ج ٢ هامش ص ٩٢ والبداية والنهاية ج ٤ ص ١٩٣ وتفسير النيسابوري (مطبوع بهامش الطبري) ج ٥ ص ١٩ والتفسير الكبير للرازي ج ١٠ ص ٥٢ وسنن البيهقي ج ٧ ص ٢٠١ و ٢٠٧.

١٩٢

علة إلا غزوة الفتح (١).

وروايات الفتح خبر واحد ، لا يصح النسخ بها ، بالإضافة إلى عاهات وعلل أخرى ذكرنا بعضها في كتاب : «زواج المتعة تحقيق ودراسة» فراجعه.

على أن نفس القائلين بنسخ المتعة في زمان رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يروون : أن الصحابة كانوا يستمتعون على عهد أبي بكر وعمر ، حتى نهاهم عمر.

وأما ما نسب إلى ابن عباس : من أنه رجع عنها ، إلا في حال الضرورة ، فهو لا يفيد شيئا ، لأن المفروض : أن الرجوع عنها يقتضي القول بنسخها مطلقا.

مع أنهم ينسبون إليه أنه قال : إنه إنما أحلها حال الضرورة. وأنه لم يرجع عن قوله هذا. والحال أنهم ينكرون بقاء تشريعها حتى في هذه الحال أيضا.

مدة الإقامة التي يجب فيها القصر :

عن ابن عباس قال : أقام رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بمكة تسعة عشر يوما يصلى ركعتين (٢).

__________________

(١) فتح الباري ج ٩ ص ١٤٦ و ١٤٧.

(٢) سبل السلام ج ٢ ص ٤٠ وصحيح البخاري ج ٥ ص ٩٥ وفتح الباري ج ٧ ص ١٨ وعمدة القاري ج ١٧ ص ٢٨٨ وراجع : معرفة السنن والآثار ج ٢ ص ٤٣٤ والمجموع للنووي ج ٤ ص ٣٦٠ وفتح الباري ج ٢ ص ٤٦٣ وج ٨ ص ١٧ وسنن ابن ماجة ج ١ ص ٣٤١ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٣ ص ١٤٩ و ١٥٠ وصحيح ابن خزيمة ج ٢ ص ٧٥ وشرح معاني الآثار ج ١ ص ٤١٦ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٦١ وتلخيص الحبير ج ٤ ص ٤٥٠.

١٩٣

وفي لفظ : «أقمنا مع رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بمكة تسعة عشر نقصر الصلاة» (١).

وعند أبي داود : سبعة عشر (٢).

وعن عمران بن حصين قال : غزوت مع رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» الفتح ، فأقام بمكة ثماني عشرة ليلة لا يصلي إلا ركعتين» (٣).

__________________

(١) سبل السلام ج ٢ ص ٤٠ وصحيح البخاري ج ٥ ص ٩٥ وعمدة القاري ج ١٧ ص ٢٨٨ معرفة السنن والآثار ج ٢ ص ٤٣٤ ونصب الراية ج ٢ ص ٢٢١ وأضواء البيان ج ١ ص ٢٧٥ وتاريخ الإسلام للذهبي ج ٢ ص ٥٦٢ والمجموع للنووي ج ٤ ص ٣٦٠ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٦٢ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٥٩٩ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٦١.

(٢) الطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ١٤٣ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٦١ عن البخاري ، وأبي داود ، والسيرة الحلبية ج ٣ ص ١٠٤ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٩٠ ونصب الراية ج ٢ ص ٢٢١ وراجع : سبل السلام ج ٢ ص ٤٠ وتاريخ الإسلام للذهبي ج ٢ ص ٥٦٢ ونيل الأوطار ج ٣ ص ٢٥٦ والمجموع للنووي ج ٤ ص ٣٦٠ والمعجم الكبير للطبراني ج ١١ ص ٢٥٨ وفتح الباري ج ٢ ص ٤٦٣ وتحفة الأحوذي ج ٣ ص ٩٣ وتلخيص الحبير ج ٤ ص ٤٥٠ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٦٢ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٥٩٩ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٣ ص ١٤٩ و ١٥٠ ومنتخب مسند عبد بن حميد ص ٢٠٢ والمعجم الكبير للطبراني ج ١١ ص ٢٠٧.

(٣) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٦١ وج ٨ ص ٢٣١ عن أبي داود ، والسيرة الحلبية ج ٣ ص ١٠٤ وتحفة الأحوذي ج ٣ ص ٩١ و ٩٣ وعون المعبود ج ٤ ص ٧٠ والمصنف لابن أبي شيبة ج ١ ص ٤١٩ وج ٢ ص ٣٣٨ والمعجم الكبير للطبراني

١٩٤

وعن أنس قال : «أقمنا مع رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عشرة نقصر الصلاة» (١).

وقال الشافعي : «قد قصر أصحاب رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله»

__________________

ج ١٨ ص ٢٠٩ والإستذكار ج ٢ ص ٢٢٩ وج ٢ ص ٢٤٣ و ٢٥٠ والتمهيد لابن عبد البر ج ١٦ ص ٣١٤ وج ٢٢ ص ٣٠٧ ونصب الراية ج ٢ ص ٢٢٤ و ٢٢٥ و ٢٢٦ والدراية في تخريج أحاديث الهداية ج ١ ص ٢١٢ وكنز العمال ج ٧ ص ٥٤٥ وج ٨ ص ٢٣٧ وأحكام القرآن للجصاص ج ٢ ص ٣١٨ وأضواء البيان للشنقيطي ج ١ ص ٢٧٧ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٦٢ و ٤٦٣ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٥٩٩ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ١٤٣ و ١٤٤ وتاريخ الإسلام للذهبي ج ٢ ص ٥٦٢ والمغني لابن قدامة ج ٢ ص ١٣٠ و ١٣٨ والشرح الكبير لابن قدامة ج ٢ ص ١٠٣ وتلخيص الحبير ج ٤ ص ٤٤٩ ونيل الأوطار ج ٣ ص ٢٥٦ والغدير ج ٨ ص ١١٣ ومسند أحمد ج ٤ ص ٤٣١ و ٤٣٢ وسنن أبي داود ج ١ ص ٢٧٥ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٣ ص ١٥٧ وفتح الباري ج ٢ ص ٤٦٣.

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٦١ عن البخاري باب مقام النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بمكة زمان الفتح ، وعن صحيح مسلم ج ٢ ص ١٤١ ح (١٥) و (ط دار الفكر) ص ١٤٥ وعن صحيح البخاري ج ١ ص ٣٦٧ ح (١٠٣١) وج ٤ ص ١٥٦٤ ح (١٠٤٦). وراجع : المحلى ج ٥ ص ٢٦ وتلخيص الحبير ج ٤ ص ٤٤٤ وسنن ابن ماجة ج ١ ص ٣٤٢ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٢ ص ١٥٣ وشرح مسلم للنووي ج ٥ ص ٢٠٢ والديباج على مسلم ج ٢ ص ٣٢٨ وضعفاء العقيلي ج ٤ ص ٤٠٠ وصحيح ابن خزيمة ج ٢ ص ٧٥.

١٩٥

معه عام الفتح» (١).

وعن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، وابن عباس : «أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أقام بمكة عام الفتح خمس عشرة يقصر الصلاة» (٢).

وعن عراك بن مالك : أقام رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عشرين ليلة يصلي ركعتين (٣).

قال الحلبي : «وبهذا الثاني قال أئمتنا : إن من أقام بمحل لحاجة يتوقعها

__________________

(١) الأم ج ١ ص ١٦٥ وراجع : السنن الكبرى للبيهقي ج ٣ ص ١٥٣ ومعرفة السنن والآثار ج ٢ ص ٤٣٧.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٦١ وج ٨ ص ٢٣١ عن أبي داود ، والنسائي ، وصححه الحافظ. والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٨٧١ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٩٠ وأضواء البيان ج ١ ص ٢٧٦ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ١٤٤ وتاريخ الإسلام للذهبي ج ٢ ص ٥٦٢ والمجموع للنووي ج ٤ ص ٣٦٠ وتحفة الأحوذي ج ٣ ص ٩٢ و ٩٣ وعون المعبود ج ٤ ص ٧٠ والمصنف لابن أبي شيبة ج ٢ ص ٣٤٠ وج ٨ ص ٥٤٠ والمعجم الكبير للطبراني ج ١٠ ص ٣٠٤ وتاريخ الإسلام للذهبي ج ٢ ص ٥٦٢ ومعرفة السنن والآثار ج ٢ ص ٤٣٤ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٦٢ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٥٩٩ وسنن ابن ماجة ج ١ ص ٣٤٢ وشرح معاني الآثار ج ١ ص ٤١٧ وتلخيص الحبير ج ٤ ص ٤٥٠ وج ٧ ص ٣٥٥ وسبل السلام ج ٢ ص ٤٠ ونيل الأوطار ج ٣ ص ٢٥٦ والإستذكار لابن عبد البر ج ٢ ص ٢٤٦ و ٢٤٨ ونصب الراية ج ٢ ص ٢٢٤ والجوهر النقي ج ٣ ص ١٥١ وسنن أبي داود ج ١ ص ٢٧٥ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٣ ص ١٥١.

(٣) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٨٧١ وتلخيص الحبير ج ٤ ص ٤٤٩ وتحفة الأحوذي ج ٣ ص ٩٤ ومنتخب مسند عبد بن حميد ص ٢٠١.

١٩٦

كل وقت قصر ثمانية عشر يوما غير يومي الدخول والخروج ، ولعل سبب إقامته المدة المذكورة : أنه كان يترجى حصول المال الذي فرقه في أهل الضعف من أصحابه ، فلما لم يتم له ذلك خرج من مكة إلى حنين لحرب هوازن» (١).

ونقول :

١ ـ إن الثابت عن أئمة أهل البيت «عليهم‌السلام» : أن من نوى إقامة عشرة أيام فإنه يتم الصلاة ، أما من بقي مترددا فإنه يقصر الصلاة إلى شهر ، ثم يبدأ بالإتمام.

وقد أظهرت النصوص المتقدمة : أن ثمة اختلافا في مدة بقاء النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في مكة ، ما بين عشرة أيام إلى عشرين يوما.

فإن أخذنا برواية بقائه عشرة أيام ، فإن القصر في الصلاة يصبح أمرا طبيعيا إذا كانت العشرة غير تامة.

وإن أخذنا بسائر الروايات : فإن تقصير الصلاة لا بد أن يكون بسبب التردد في مدة البقاء ، وتوقع الخروج يوما بعد آخر.

فإن اعترض أحد : بأنه كيف يتردد النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وأنتم تقولون : إن الله يطلعه على غيبه؟!

فالجواب : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إنما يتعامل مع الأمور وفق مسارها الطبيعي ، لا وفق ما يطّلع عليه بوسائط غير عادية. فإذا علم بعلم الشاهدية : أن فلانا مثلا سارق ، فليس له أن يقطع يده إذا لم يشهد شاهدان عليها بالسرقة ، أو يقر هو بذلك.

__________________

(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ١٠٤.

١٩٧

وكذلك الحال : لو أخبره جبرئيل «عليه‌السلام» : بأن مقامه بمكة سوف يستمر إلى عشرين يوما. لكن مسار الأمور يعطي : أن يتوقع الخروج يوما بعد آخر. فإن عليه أن يعمل وفق هذا المسار الطبيعي ، الذي يجعل الناس عادة في موقع التردد ؛ فيأخذ حكم المتردد في الإقامة في عباداته ، ومعاملاته مع الناس. وغير ذلك.

٢ ـ إن ما ذكروه : من أن سبب بقائه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في مكة هو توقع حصول المال الذي اقترضه ، ليؤديه لأصحابه. غير سديد :

أولا : لأن أداء دينه لا يحتاج إلى بقائه ، إذ يمكنه أن يرجع إلى المدينة ، ويرسل به إلى دائنه. خصوصا وأن الذين يعطون الأخماس والزكوات لم يحملوا أموالهم إلى مكة ليؤدوا للنبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» الحق الشرعي منها .. ولم يكن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يعتمد في أداء ديونه على غنائم الحرب ، ولا كان يخطط لشن غزوات من أجل أدائها منها.

ثانيا : إنه ليس ثمة ما يدل على أنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد التزم بأداء ذلك المال وهو في مكة ، كما لا دليل على أنه التزم بأدائه لهم في هذه المدة الوجيزة ، فلعل مهلة الأداء تمتد إلى شهور ، أو سنوات.

ثالثا : إن خروجه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» إلى حرب هوازن ليس لأجل الحصول على المال ، بل لأنها حرب قد فرضت عليه في هذا الوقت ، بسبب جمعهم له ، وظهور خطرهم .. على أن حصول النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» على المال لا ينحصر بأن يكون عن طريق الغزو ، فهناك مصادر أخرى له ، مثل الزراعات والتجارات ، والأخماس المترتبة على الناس في أموالهم حسبما ألمحنا إليه.

١٩٨

الفصل الرابع :

مكة بعد الفتح بيد عتّاب .. ومعاذ

١٩٩
٢٠٠