الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٣

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ٢٣

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-195-5
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٦٦

ثم أمر رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بتلك المرأة (فقطعت).

وفي رواية النسائي : «قم يا بلال ، فخذ بيدها فاقطعها».

فحسنت توبتها بعد ذلك ، وتزوجت رجلا من بني سليم.

قالت عائشة : فكانت تأتيني بعد ذلك ، فأرفع حاجتها إلى رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» (١).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٩ ص ١٩٦ وج ٥ ص ٢٥٩ عن أحمد ، والبخاري ، ومسلم ، والنسائي ، والبيهقي ، وأشار في هامشه إلى : البخاري ج ٦ ص ٥١٣ (٣٤٧٥) ومسلم ج ٣ ص ١٣١٥ (٨ / ١٦٨٨) وأحمد ج ٣ ص ٣٦٣. وراجع : المحلى ج ١٠ ص ٤٩٦ وج ١١ ص ٣٥٩ وصحيح البخاري ج ٤ ص ١٥١ وج ٥ ص ٩٧ وج ٨ ص ١٦ وسنن النسائي ج ٨ ص ٧٣ و ٧٥ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٨ ص ٢٥٤ و ٢٦٧ و ٢٨٠ و ٣٣٢ وعمدة القاري ج ١٧ ص ٢٩١ والسنن الكبرى للنسائي ج ٤ ص ٣٣٤ والبداية والنهاية ج ٢ ص ١٧٢ وج ٤ ص ٣٦٤ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٦٠١ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٣ ص ٥٩ ونيل الأوطار ج ٧ ص ٣١١ وسنن الدارمي ج ٢ ص ١٧٣ وصحيح مسلم ج ٥ ص ١١٤ وسنن ابن ماجة ج ٢ ص ٨٥١ وتحفة الأحوذي ج ٤ ص ٥٨١ وسنن ابن داود ج ٢ ص ٣٣٢ وسنن الترمذي ج ٢ ص ٤٤٢ وعمدة القاري ج ١٦ ص ٦٠ وج ١٧ ص ٢٩١ وج ٢٣ ص ٢٧٦ ومجمع الزوائد ج ٦ ص ٢٥٩ وعون المعبود ج ١٢ ص ٢١ وشرح معاني الآثار ج ٣ ص ١٧١ وصحيح ابن حبان ج ١٠ ص ٢٤٨ والمعجم الأوسط ج ٧ ص ٢٧٢ ومعرفة السنن والآثار ج ٦ ص ٤٧٤ والإستذكار ج ٧ ص ٥٧٠ ورياض الصالحين ص ٣٣١ و ٣٣٢ و ٦٨١ وتخريج الأحاديث والآثار ج ٢ ص ٤١٤ وتفسير القرآن العظيم ج ٢ ص ٥٩ وتفسير الآلوسي ج ١٨ ص ٨٣ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٤ ص ٧١٠ وإمتاع الأسماع ج ١٠ ص ٢٦.

١٦١

وقال الحلبي : «وفي كلام بعضهم : كانت العرب في الجاهلية يقطعون يد السارق اليمنى» (١).

ولنا مع ما تقدم وقفات نوردها كما يلي :

لو سرقت فاطمة لقطعت يدها :

إننا بالنسبة لحديث : «لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها» نقول :

أولا : إن كلمة : «لو» كما يستظهرون من الأمثلة التالية قد يراد منها : بيان عدم وقوع الشرط جزما ، كقولك : لو جئتني لأكرمتك.

في حين أن كلمة : «إذا» قد يقصد بها الدلالة على اليقين ، بوقوع الشرط ، فيترتب الجزاء. كقوله تعالى : (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً) (٢).

وكلمة : «إن» قد تستعمل في موارد الشك في وقوع فعل الشرط (٣). كما في قولك : إن جاءك فلان فقل له : كذا.

والحاصل : أن قوله : «لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها» يراد به الدلالة على عدم وقوع الفعل ، ولكنه يرتب الجزاء على فرض الوقوع ، في صورة عدم الوقوع.

__________________

(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ١٠٤ و (ط دار المعرفة) ص ٥٩.

(٢) الآيات ١ ـ ٣ من سورة النصر.

(٣) راجع : مغني اللبيب (مطبوع مع حاشية الأمير) ج ١ ص ٢٠٥.

١٦٢

ثانيا : قال تعالى في القرآن الكريم :

١ ـ (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) (١). حيث يراد التأكيد على نفي فعل الشرط ، وأن الله ليس له ولد حتما وجزما.

٢ ـ وقال تعالى : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ) (٢). وقال تعالى : (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) (٣).

فإن المقصود هو : التأكيد على حتمية فعل الجزاء ، من قبل منشئه وجاعله. مع العلم بأن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» المعصوم ، لا يمكن أن يتقول على الله ، ولا أن يكون فظا غليظ القلب.

٣ ـ وقال تعالى : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٤). فالمراد : إظهار اليقين والوثوق بوقوع الجزاء ، وهو حبط العمل.

وحديث : «لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها» من قبيل هذه الآية الأخيرة وما سبقها.

أي أن المقصود : التأكيد على إجراء أحكام الله تبارك وتعالى ، وإفهام الناس أنه لا محاباة لأحد في هذا الأمر ، حتى لو كان الفاعل هو فاطمة «عليها‌السلام» ، وإن كان هذا الأمر يستحيل أن يصدر عمن هي معصومة ،

__________________

(١) الآية ٨١ من سورة الزخرف.

(٢) الآيات ٤٤ ـ ٤٦ من سورة الحاقة.

(٣) الآية ١٥٩ من سورة آل عمران.

(٤) الآية ٦٥ من سورة الزمر.

١٦٣

ومن قد طهرها الله تعالى بنص آيات القرآن الكريم.

وليس المراد : وضع فاطمة «عليها‌السلام» في دائرة احتمال صدور السرقة منها بالفعل ، كما لا يمكن أن يصدر من الأنبياء والأوصياء ، فضلا عن سيد الخلق أجمعين.

أسامة حبّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله أم زيد؟! :

وقد زعمت الرواية المتقدمة : أن أحدا لا يجترئ على أن يكلم رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» سوى حب رسول الله ، أسامة بن زيد.

غير أننا نقول :

ألف : إن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد سمى زيد بن حارثة بزيد الحب ، ولم يسم أسامة نفسه بذلك (١).

وإنما أطلقوا عليه : أنه الحب ابن الحب (٢) ، لأنه كان بنظرهم يستحق

__________________

(١) البحار ج ٢٢ ص ٢١٥ والإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج ١ ص ٥٤٨ والمستدرك للحاكم ج ٣ ص ٢١٣ وتفسير القمي ج ٢ ص ١٧٢ والتفسير الصافي ج ٤ ص ١٦٣ وج ٦ ص ١٠ وتفسير نور الثقلين ج ٤ ص ٢٣٦ والطبقات الكبرى ج ٣ ص ٤٠ وج ٥ ص ٢٤٦ وتاريخ مدينة دمشق ج ١٩ ص ٣٤٦ والدرجات الرفيعة ص ٤٤٠ والمنتخب من ذيل المذيل ص ٥٠.

(٢) راجع : الإصابة ج ١ والإستيعاب (ترجمة أسامة) ، وعمدة القاري ج ٢ ص ٢٥٢ وجزء البغوي ص ١٦ ومسند أسامة بن زيد ص ٣٣ و ٣٤ وفيض القدير ج ١ ص ٦١٨ والإصابة ج ١ ص ٢٠٢ وتفسير القرآن العظيم ج ٣ ص ٤٩٩ وإكمال الكمال ج ٢ ص ٨ وتاريخ مدينة دمشق ج ٨ ص ٥١ و ٥٢ وج ١٩ ص ٣٥١ وتهذيب الكمال ج ١ ص ٣٠٧ وج ٢ ص ٣٣٨ وإكمال تهذيب الكمال ج ٢ ـ

١٦٤

هذا الوسام أكثر من أبيه ، لأن الأحداث بعد استشهاد رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد أظهرت أن له موقفا من علي «عليه‌السلام» يوجب على مناوئيه أن يكافؤوه عليه ، فهو لم يشترك مع علي «عليه‌السلام» في أي من حروبه (١) ، وقد منعه علي «عليه‌السلام» من العطاء (٢). وكان قد تخلف عن بيعته (٣) ، وإن كان سلّم له بعد ذلك.

ب : بالنسبة لجرأته على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» نقول :

لعلها كانت نوعا من الإدلال من أسامة ، وهو يرى تعزيز النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» له بعد استشهاد أبيه زيد ، الذي كان يحبه النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وربما كان يريد أن يحفظه في ولده ، فكأن إكرامه لأسامة قد جرأ

__________________

ص ٥٤ وتهذيب التهذيب ج ١ ص ١٨٢ والوافي بالوفيات ج ١ ص ٨٧ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٢٩٠ وإمتاع الأسماع ج ٦ ص ٣٠٨ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤٨١ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ١ ص ٨٥ وج ٣ ص ٢٢٨.

(١) أسد الغابة ج ١ ص ٦٥ ومكاتيب الرسول ج ٣ ص ٦٨١ وأعيان الشيعة ج ٣ ص ٢٤٩ والفصول المهمة لابن الصباغ ج ١ ص ٣٥١.

(٢) قاموس الرجال ج ١ ص ٤٦٨ ـ ٤٧٢ و (ط جماعة المدرسين ١٤١٩ ه‍) ج ١١ ص ٦٨ عن الكشي ، والبحار ج ٣٤ ص ٢٩٦ ج ٩٧ ص ٥٢ ورجال الكشي ص ٢٦ والغارات ج ٢ ص ٥٧٧ وميزان الحكمة ج ٤ ص ٢٩٩٦ ونهج السعادة ج ٤ ص ١٢٧ وشرح النهج للعتزلي ج ٤ ص ١٠٢ والدرجات الرفيعة ص ٤٤٥ ومستدرك الوسائل ج ١١ ص ٩٧ وجامع أحاديث الشيعة ج ١٣ ص ١٩١.

(٣) البحار ج ٣٢ ص ٢١٦ وراجع : أسد الغابة ج ١ ص ٦٥ ومكاتيب الرسول ج ٣ ص ٦٨١ وأعيان الشيعة ج ٣ ص ٢٤٩ والفصول المهمة لابن الصباغ ج ١ ص ٣٥١.

١٦٥

أسامة على النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وأطلق لسانه عنده. وليس من الضروري أن تكون هذه الجرأة مستحسنة ، أو مرضية.

ويشهد لذلك نفس هذه الحادثة ، التي كان يكلمه أسامة فيها ، ووجهه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يتلون تغيظا ، حتى انتهى الأمر بملامة رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» له ، ثم طلبه من النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن يستغفر له.

أشياء يحرم بيعها :

وعن جابر قال : سمعت رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عام الفتح يقول : «إن الله تعالى حرم بيع الخمر ، والخنازير ، والميتة ، والأصنام».

فقال رجل : يا رسول الله!! ما ترى في شحوم الميتة ، فإنه يدهن بها السفن والجلود ، ويستصبح بها؟

قال : «قاتل الله اليهود ، إن الله لما حرم عليهم شحومهما أخذوها فجمدوها (فجملوها) ، ثم باعوها ، وأكلوا ثمنها» (١).

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٥٨ عن ابن أبي شيبة ، وفي هامشه عن : البخاري ج ٤ ص ٤٢٤ (٢٢٣٦) وج ٤ ص ٤١٤ (٣٢٢٣) ومسلم ج ٣ ص ١٣٠٧ (٧١ / ١٥٨١) و (٧٢ / ١٥٨٢).

وراجع : المغازي للواقدي ج ٢ ص ٨٦٤ و ٨٦٥ صحيح البخاري (ط دار الفكر) ج ٥ ص ١٩٤ وصحيح مسلم (ط دار الفكر) ج ٥ ص ٤١ وج ١١ ص ٦ وعون المعبود ج ٩ ص ٢٧٤ وتغليق التعليق ج ٣ ص ٢٧٤ والسنن الكبرى للنسائي ج ٤ ص ٥٤ ومسند أبي يعلى ج ٣ ص ٣٩٥ و ٣٩٦ وتفسير القرآن العظيم ج ٢ ص ١٩٣ والدر المنثور ج ٣ ص ٥٣ والخلاف ج ٣ ص ١٨٦ وجواهر الكلام ـ

١٦٦

ونقول :

إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أراد هنا : أن يعالج ظاهرة الطمع والحرص ، التي ظهرت في الناس ، والتي هي من شيم اليهود.

وقد ظهرت بوادر هذا الحرص الذي يجر وراءه ركاما من الشبهات والمشكلات في استقصاء السؤال عن شحوم الميتة ، حيث إن الإهتمام بالميتة إلى هذا الحد ، ربما يعطي الإنطباع عن أن ثمة علاقة شديدة للناس حتى بالميتة ، وبأدق أجزائها .. يصعب التغلب عليها.

وقد يشير إلى ذلك : أنهم صاروا يسألون عن دهن الجلود ، والإستصباح بها مع أنهما ليسا من الضرورات ، التي لا يمكن الإستغناء عن الميتة فيها ، إذ يمكن أن يستفاد في هذا وذاك من الشحوم الحلال ، التي يأمن الإنسان معها من ملابسة النجاسة الناشئة عن كونها ميتة. فإن هذه الإستفادة من شحوم الميتة تجعل من الصعب تجنب الإرتطام بالنجاسة في كثير من الأوضاع.

ويزيد الأمر سوءا حين لا ينحصر التعاطي مع تلك الشحوم ـ التي

__________________

ج ٢٢ ص ١١ والينابيع الفقهية ج ٣٥ ص ١٣٧ والمصنف لابن أبي شيبة ج ٨ ص ٥٤١ ومسند أبي يعلى ج ٣ ص ٣٩٦ وصحيح ابن حبان ج ١١ ص ٣١١ وكنز العمال ج ٤ ص ١٧٠ ومنتهى المطلب (ط ق) ج ٢ ص ١٠١٠ والمجموع ج ١٤ ص ٢٨٣ والمغني ج ٤ ص ٢٨٤ وج ٥ ص ٥١٣ والشرح الكبير ج ٤ ص ٤١ وج ٥ ص ٤٦٢ والمحلى ج ١ ص ١٢١ وج ٩ ص ٨ وسبل السلام ج ٣ ص ٥ ومسند أحمد ج ٣ ص ٣٢٦ وسنن أبي داود ج ٢ ص ١٤١ وسنن النسائي ج ٧ ص ٣١٠ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٦ ص ١٢ وج ٩ ص ٣٥٥ ومعرفة السنن والآثار ج ٧ ص ٢٨٤.

١٦٧

يستفاد منها ـ في الذين يعرفون بكونها ميتة. حيث إن التعامل معها سيكون على أساس كونها محكومة بالطهارة الظاهرية. ولا بد أن ينعكس ذلك على أكل الناس وشرابهم ، وتعاملهم مع لباسهم ، وأوانيهم ، التي يستعملونها في سائر شؤونهم الحياتية ، والعبادية.

كسر الدف والمزمار :

وقد رووا : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال في فتح مكة : «إنما بعثت بكسر الدف والمزمار».

فخرج الصحابة يأخذونها من أيدي الولدان ويكسرونها (١).

ونقول :

قد تقدم بعض الحديث عن هذا الأمر ، حين استعرضنا ما قالوه في حديث الهجرة ، من أن أهل المدينة قد استقبلوا رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» بالغناء ، وأن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» صار يرقص لهم بأكمامه.

غير أننا نشير هنا : إلى بعض ما رووه أو قالوه حول تحريم الضرب على المعازف والدفوف ، وغيرها من آلات الموسيقى .. فمن رواياتهم نذكر ما يلي :

١ ـ في تفسير قوله تعالى : (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ) (٢).

قال ابن عباس ومجاهد : إنه الغناء ، والمزامير ، واللهو (٣).

__________________

(١) بهجة النفوس ، شرح مختصر صحيح البخاري لابن أبي جمرة الأزدي ج ٢ ص ٧٤ والغدير ج ٨ ص ٧٢.

(٢) الآية ٦٤ من سورة الإسراء.

(٣) راجع : جامع البيان ج ١٥ ص ٨١ و (ط دار الفكر) ص ١٤٧ وزاد المسير ج ٥ ص ٤٨ والجامع لأحكام القرآن (ط مؤسسة التاريخ العربي) ج ١٠ ص ٢٨٨ وج ١٤ ص ٥١ والغدير ج ٨ ص ٦٩ وتفسير القرآن العظيم ج ٣ ص ٤٩ و (ط دار المعرفة) ص ٥٣ أحكام القرآن للجصاص ج ٣ ص ٢٦٦ وتفسير السمعاني ج ٣ ص ٢٥٨ وتفسير الثعالبي ج ٣ ص ٤٨٤ وتفسير الأندلسي ج ٣ ص ٤٧٠ وعن تفسير الخازن ج ٣ ص ١٧٨ وعن تفسير النسفي ج ٣ ص ١٧٨ وعن تفسير ابن جزي ج ٢ ص ١٧٥ وعن تفسير الآلوسي ج ١٥ ص ١١١.

١٦٨

٢ ـ وروي مرفوعا : ليكونن في أمتي قوم يستحلون الخز ، (والحرير) والخمر ، والمعازف (١).

٣ ـ عن ابن عباس ، وأنس ، وأبي أمامة مرفوعا : «ليكونن في هذه الأمة خسف ، وقذف ، ومسخ. وذلك إذا شربوا الخمور ، واتخذوا القينات ، وضربوا بالمعازف» (٢).

__________________

(١) السنن الكبرى ج ١٠ ص ٣٢١ وتفسير الآلوسي ج ٢١ ص ٧٦ وسنن ابن ماجة ج ٢ ص ١٣٣٣ وعن سنن أبي داود ج ٤ ص ٤٦ وعن صحيح البخاري ج ٥ ص ٢١٢٣ وعن أحمد ، وأبي نعيم ، والمحلى ج ٩ ص ٥٩ ونيل الأوطار ج ٢ ص ٨٦ والغدير ج ٨ ص ٧٠ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٣ ص ٢٧٢ وفتح الباري ج ١٠ ص ٤٢ وكنز العمال ج ١١ ص ١٣٤ وتاريخ مدينة دمشق ج ٦٧ ص ١٨٩.

(٢) الدر المنثور ج ٢ ص ٣٢٤ والمعجم الكبير ج ٦ ص ١٥٠ وتفسير الآلوسي ج ٢١ ص ٧٦ وعن مسند أحمد ج ٢ ص ٣٤٧ ومجمع الزوائد ج ٨ ص ١٠ والمعجم الأوسط ج ٧ ص ٧٧ والمعجم الكبير ج ٦ ص ١٥٠ والجامع الصغير ج ٢ ص ٦٢ و ٢٢٩ و ٤٧١ ومنز العمال ج ٥ ص ٣٤٧ وج ١٤ ص ٢٧٧ و ٢٨١ وفيض القدير ج ٤ ص ١٦٨ وج ٥ ص ٥٠٣ وسبل الهدى والرشاد ج ١٠ ص ١٩٥ و ١٩٦.

١٦٩

٤ ـ وروي مرفوعا أيضا : «بعثني (رحمة للعالمين وأمرني) بمحق المعازف ، والمزامير ، وأمر الجاهلية» (١).

٥ ـ عن عبد الله بن عمر (أو عمرو) في قوله تعالى : (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٢).

قال : هي في التوراة. إن الله أنزل الحق ليذهب به الباطل ، ويبطل به اللعب ، والزفن ، والمزامير ، والكبارات (يعني البرابط) والزمارات (يعني الدف) والطنابير (٣).

٦ ـ عن علي «عليه‌السلام» مرفوعا : تمسخ طائفة من أمتي قردة ، وطائفة خنازير ، ويخسف بطائفة ، ويرسل على طائفة الريح العقيم ، بأنهم

__________________

(١) نيل الأوطار ج ٨ ص ١١١ والدر المنثور ج ٢ ص ٣٢٣ وجامع بيان العلم ج ١ ص ١٥٣ تكملة حاشية رد المحتار ج ١ ص ٥٧١ والشرح الكبير ج ١٢ ص ٤٨ والغدير ج ٨ ص ٧٠ ومسند أحمد ج ٥ ص ٢٦٨ ومسند ابي داود الطيالسي ص ١٥٥ وجزء أشيب ص ٣٩ والمعجم الكبير ج ٨ ص ١٩٧ وكنز العمال ج ١١ ص ٤٤٣ وتفسير الثعلبي ج ٧ ص ٣١٠.

(٢) الآية ٩٠ من سورة المائدة.

(٣) السنن الكبرى للبيهقي ج ١٠ ص ٢٢٢ والدر المنثور ج ٢ ص ٣١٧ وتفسير القرآن العظيم ج ٢ ص ٩٩ والغدير ج ٨ ص ٧٠ ومجمع الزوائد ج ٧ ص ١٩ والفايق في غريب الحديث ج ٢ ص ٨٤ وغريب الحديث ج ٤ ص ٢٧٦ والنهاية في غريب الحديث ج ٢ ص ٣٠٥ وج ٤ ص ٣٢٦ ولسان العرب ج ٥ ص ١٥٢ وج ١٣ ص ١٩٧ وتاج العروس ج ٧ ص ٤٥٨.

١٧٠

شربوا الخمر ، ولبسوا الحرير ، واتخذوا القيان ، وضربوا بالدفوف (١).

٧ ـ وعن عبد الرحمن بن عوف : أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال : إنما نهيت عن صوتين ، أحمقين ، فاجرين : صوت عند نغمة لهو ، ومزامير الشيطان ، وصوت عند مصيبة : خمش وجوه ، وشق جيوب ، ورنة شيطان. ونحوه عن أنس مرفوعا (٢).

__________________

(١) الدر المنثور ج ٢ ص ٣٢٤ والغدير ج ٨ ص ٧١ وكنز العمال ج ١٥ ص ٢٢٣.

(٢) راجع : الجامع الصحيح للترمذي ج ٣ ص ٣٢٨ وشرح معاني الآثار ج ٤ ص ٢٩٣ وعن المصنف لابن أبي شيبة ج ٣ ص ٢٦٦ ونيل الأوطار ج ٤ ص ١٥٤ وج ٨ ص ٢٦٨ وفتح القدير ج ٤ ص ٢٣٦ والجامع لأحكام القرآن ج ١٤ ص ٥٣ وتلبيس إبليس ص ٢٣٣ وكنز العمال ج ١٥ ص ٢١٩ والدر المنثور ج ٥ ص ١٦٠ وتذكرة الفقهاء (ط ج) ج ٢ ص ١١٩ والذكرى للشهيد الأول ج ٢ ص ٤٩ والتحفة السنية (مخطوط) ص ٤٤ والمغني ج ٢ ص ٤١١ والشرح الكبير ج ٢ ص ٤٢٩ ومستدرك الوسائل ج ٢ ص ٤٥٤ و ٤٥٦ و ٤٥٨ وعوالي اللآلي ج ١ ص ٨٩ و ١٢٢ ومكسن الفؤاد ص ٩٣ والبحار ج ٧٩ ص ٩٠ وجامع أحاديث الشيعة ج ٣ ص ٤٨٦ وج ١٧ ص ١٩٩ و ٢٠٤ والغدير ج ٨ ص ٦٩ وميزان الحكمة ج ٢ ص ١٦٧٤ وسنن الترمذي ج ٢ ص ٢٣٧ والمستدرك للحاكم ج ٤ ص ٤٠ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٤ ص ٦٩ ومجمع الزوائد ج ٣ ص ١٧ وفتح الباري ج ٣ ص ١٣٩ وعمدة القاري ج ٨ ص ١٠٢ وتحفة الأحوذي ج ٤ ص ٧٦ وعون المعبود ج ١٣ ص ١٨٦ ومسند أبي داود الطيالسي ص ٢٣٥ ومنتخب مسند عبد بن حميد ص ٣٠٩ والتمهيد ج ١٧ ص ٢٨٤ وج ٢٤ ص ٤٤٣ وتخريج الحاديث والآثار ج ٢ ص ١٧٦ ونصب الراية ج ٥ ص ٨٩ والدراية في تخريج أحاديث الهداية ج ٢ ص ١٧٢ وكنز العمال ج ١٥ ص ٦١١ و ٦١٦ وأحكام ـ

١٧١

٨ ـ عن أبي هريرة ، وأنس ، وأبي أمامة ، وعمران بن حصين ، والغازي بن ربيعة ، وعبد الرحمن بن سابط ، وصالح بن خالد ، يسأل رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في مسخ قوم في آخر الزمان قردة وخنازير ، فقال : «اتخذوا المعازف ، والدفوف ، والقينات ، وباتوا على شربهم ، ولهوهم الخ ..» (١).

٩ ـ قال نافع : سمع ابن عمر مزمارا ، فوضع إصبعيه على أذنيه ، ونأى عن الطريق ، وقال لي : يا نافع ، هل تسمع شيئا؟

فقلت : لا.

فرفع أصبعيه عن أذنيه ، وقال : كنت مع رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فصنع مثل هذا (٢).

__________________

القرآن للجصاص ج ٣ ص ٤٤٢ و ٥٨٩ وأحكام القرآن لابن العربي ج ٣ ص ٢٠٧ وفتح القدير ج ٤ ص ٢٣٦ والطبقات الكبرى ج ١ ص ١٣٨ وكتاب المجروحين ج ٢ ص ٢٤٦ وفتوح مصر وأخبارها ص ١٢٤ وسيرة ابن غسحاق ج ٥ ص ٢٥١ وسبل الهدى والرشاد ج ٨ ص ٣٥٥ وج ١١ ص ٢٢ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٣ ص ٣٩٥.

(١) الدر المنثور ج ٢ ص ٣٢٤ عن ابن أبي الدنيا ، والحاكم ، وابن عدي ، وابن أبي شيبة ، والبيهقي ، وأبي داود ، وسنن ابن ماجة ج ٢ ص ١٣٢٣ وعن المستدرك على الصحيحين ج ٤ ص ٥٦٠ و ٥٦١ وعن المصنف لابن أبي شيبة ج ٧ ص ١٠٧ وسنن أبي داود ج ٤ ص ٤٦ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٨ ص ٢٩٥ والمحلى ج ٩ ص ٥٨ ونيل الأوطار ج ٢ ص ٨٦ وعمدة القاري ج ٢١ ص ١٧٧ وعون المعبود ج ١١ ص ٥٩ وسبل الهدى والرشاد ج ١٠ ص ١٩٣ والغدير ج ٨ ص ٧١.

(٢) السنن الكبرى للبيهقي ج ١٠ ص ٢٢٢ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢٦ ص ١٦٩ وج ٢٧ ص ٣٥ وسنن أبي داود ج ٢ ص ٤٦١ والمغني ج ١٢ ص ٣٩ والشرح

١٧٢

١٠ ـ عن علي «عليه‌السلام» مرفوعا : إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء ، فذكر منها : إذا اتخذت القينات والمعازف (١).

فذلك كله يدل بوضوح : على أن استعمال المعازف والدفوف ، ونحوها لا يرضاه الإسلام ، ولا يقره.

والتفريق بين الموسيقى الكلاسيكية وغيرها لا أثر له في مصادر التشريع ، ولا يعرف ذلك بين أهل ذلك الزمان ، سواء في ذلك المتشرعة أو غيرهم.

روايات مكذوبة :

ومن رواياتهم المكذوبة والمتناقضة نذكر :

١ ـ استأذن أبو بكر على النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وجارية تضرب

__________________

الكبير ج ١٢ ص ٤٨ والمحلى ج ٩ ص ٦٨ والغدير ج ٨ ص ٧٥ وميزان الحكمة ج ٣ ص ٢٣١٣ وعون المعبود ج ١٣ ص ١٨١ ومسند الشاميين ج ١ ص ١٨٦ ومعرفة السنن والآثار ج ٧ ص ٤٤٣ وكنز العمال ج ١٥ ص ٢٢٧ وأحكام القرآن للجصاص ج ٢ ص ٣٦٣ والكامل ج ٣ ص ٢٦٩ وطبقاتن المحدثين بإصبهان ج ٤ ص ١٦١ وسير أعلام النبلاء ج ٥ ص ٤٣٧ وسبل الهدى والرشاد ج ٩ ص ٤٠٢.

(١) راجع : الجامع الصحيح للترمذي ج ٤ ص ٤٢٨ وتلبيس إبليس ص ٢٤٩ والجامع لأحكام القرآن ج ١٤ ص ٥٣ ونيل الأوطار ج ٨ ص ٢٦٣ وتحف العقول ص ٥٣ ومستدرك الوسائل ج ٣ ص ٣٨٢ وأمالي الطوسي ص ٥١٦ والبحار ج ٦ ص ٣١١ وج ٧٤ ص ١٥٧ والغدير ج ٨ ص ٧١ وسنن الترمذي ج ٣ ص ٣٣٤ والجامع الصغير ج ١ ص ١١٩ والعهود المحمدية ص ٨٠٧ والجامع لأحكام القرآن ج ١٤ ص ٥٣ وتاريخ بغداد ج ٣ ص ٣٧٦.

١٧٣

بالدف ، فدخل. ثم استأذن عمر ، فدخل. ثم استأذن عثمان ، فأمسكت.

فقال «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : إن عثمان رجل حييّ (١).

٢ ـ انصرف رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» من بعض غزواته ، فجاءته جارية سوداء ، فزعمت أنها نذرت : إن رد الله النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» صالحا أن تضرب بين يديه بالدف ، وتغني. فأذن لها أن تفي بنذرها ، فدخل أبو بكر وهي تضرب ، ثم علي ، ثم عثمان ، فلما دخل عمر ألقت الدف تحت إستها ، وقعدت عليها ، فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : إن الشيطان يخاف (ليخاف) منك يا عمر الخ .. (٢).

__________________

(١) مسند أحمد ج ٤ ص ٣٥٣ و ٣٥٤ وراجع ص ٢٤٩ وج ٦ ص ١٥٥ و ١٦٧ والغدير ج ٨ ص ٨٠ وج ٩ ص ٢٧٤ وصحيح مسلم ج ٧ ص ١١٧ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٢ ص ٢٣١ ومجمع الزوائد ج ٩ ص ٨١ وعمدة القاري ج ٤ ص ٨١ و ٨٢ وج ١٦ ص ٢٠٢ والمصنف للصنعاني ج ١١ ص ٢٣٣ ومسند ابن راهويه ج ٢ ص ٥٦٥ و ٥٦٦ وج ٣ ص ١٠٢١ والأدب المفرد ص ١٣١ وكتاب السنة ص ٥٧٥ ومسند ابي يعلى ج ٨ ص ٢٤٢ والمعجم الكبير ج ٦ ص ٦١ ومسند الشاميين ج ٤ ص ٢٥٩ وكنز العمال ج ١١ ص ٥٨٦ وتاريخ مدينة دمشق ج ٣٩ ص ٨٣ و ٨٥ و ٩٣ وج ٦٢ ص ٢٣٢ و ٢٣٣ وأسد الغابة ج ٢ ص ٣١٠ والبداية والنهاية ج ٧ ص ٢٢٧ وسبل الهدى والرشاد ج ١١ ص ٢٧٩ والنهاية في غريب الحديث ص ٤٤٤ ولسان العرب ج ٨ ص ٢٥٣.

(٢) أسد الغابة ج ٤ ص ٦٤ ونوادر الأصول للحكيم الترمذي ص ٥٨ ومسند احمد ج ٥ ص ٣٥٣ و ٣٥٤ وسنن البيهقي ج ١٠ ص ٧٧ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٦٢ و (ط دار المعرفة) ص ٢٤٧ ومصابيح السنة للبغوي ، ودلائل الصدق ج ١ ص ٣٩٠ و ٣٩١ وعن الترمذي ج ٢ ص ٢٩٣ والتراتيب الإدارية ج ٢ ـ

١٧٤

٣ ـ عن جابر : دخل أبو بكر على رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وكان يضرب بالدف عنده ، فقعد ولم يزجر لما رأى من رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، فجاء عمر ، فلما سمع رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» صوته قال : كف عن ذلك.

فلما خرجا قالت عائشة : يا رسول الله ، كان حلالا ، فلما دخل عمر صار حراما؟!

فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : يا عائشة ، ليس كل الناس مرخى عليه (١).

٤ ـ إن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» دخل بيت عائشة ، فوجد فيه جاريتين تغنيان ، وتضربان بالدف ، فلم ينههما عن ذلك ، وقال عمر بن

__________________

ص ١٣١ والغدير ج ٨ ص ٦٤ و ٦٥ و ٩٦ ونيل الأوطار ج ٨ ص ٢٧١ وسنن الترمذي ج ٥ ص ٢٨٤ وفتح الباري ج ١١ ص ٥١٠ وتحفة الأحوذي ج ١٠ ص ١٢٢ وعون المعبود ج ٩ ص ١٠٠ والمصنف لابن أبي شيبة ج ٧ ص ٤٨١ وكتاب السنة لابن أبي عاصم ص ٥٦٧ وصحيح ابن حبان ج ١٥ ص ٣١٥ ونصب الراية ج ٤ ص ٦٤ وموارد الظمآن ج ٧ ص ٩٩ والجامع الصغير ج ١ ص ٣١٢ وكنز العمال ج ١١ ص ٥٧٤ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤٤ ص ٨٣ و ٨٤ وأسد الغابة ج ٤ ص ٦٤ وتاريخ الإسلام للذهبي ج ٣ ص ٢٥٩ وإحقاق الحق (الأصل) ص ٢٣٣.

(١) نيل الأوطار ج ٨ ص ٢٧١ ونوادر الأصول ص ١٣٨ والغدير ج ٨ ص ٦٤ و ٦٥ وعن مشكاة المصابيح ص ٥٥ وغيره ، وكنز العمال ج ٤ ص ٢٤٨ وذكر أخبار إصبهان ج ٢ ص ٩٥.

١٧٥

الخطاب حين غضب : أمزمار الشيطان في بيت رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله»؟!

فقال رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» : دعهما يا عمر ، فإن لكل قوم عيدا (١).

وروت عائشة : أن أبا بكر دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى تدفعان وتضربان والنبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» متغش بثوبه ، فانتهرهما أبو بكر ، فكشف النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عن وجهه فقال : «دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد» (٢).

٥ ـ زعموا : أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» كان يرعى الغنم مع رفيق له ، فطلب من رفيقه أن يحفظ له غنمه ، ليسمر كما يسمر غيره ، ثم جاء إلى

__________________

(١) اللمع لأبي نصر الطوسي ص ٣٤٥ والغدير ج ٨ ص ٦٦ عنه.

(٢) راجع : فقه السنة ج ١ ص ٣٢٣ ومسند أحمد ج ٦ ص ٣٣ و ٩٩ و ١٢٧ و ١٦٨ وصحيح البخاري ج ٢ ص ٣ وج ٤ ص ٢٦٦ وصحيح مسلم ج ٣ ص ٢١ وسنن ابن ماجة ج ١ ص ٦١٢ وسنن النسائي ج ٣ ص ١٩٥ والسنن الكبرى للبيهقي ج ١٠ ص ٢٢٤ وعمدة القاري ج ٦ ص ٢٧٠ و ٢٧٤ وج ١٧ ص ٦٤ والمصنف للصنعاني ج ١١ ص ٤ ومسند أبي راهويه ج ٢ ص ٢٧٢ والسنن الكبرى للنسائي ج ١ ص ٥٥٢ ومسند ابي يعلى ج ١ ص ٥٠ وصحيح ابن حبان ج ١٣ ص ١٨٨ والمعجم الكبير ج ٢٣ ص ١٨٠ وأمالي الحافظ الأصبهاني ص ٥٧ ومعرفة السنن والآثار ج ٧ ص ٤٣٦ وتغليق التعليق ج ٢ ص ٣٨٤ وكنز العمال ج ١٥ ص ٢١٢ وتفسير الآلوسي ج ٢١ ص ٧٠ والبداية والنهاية ج ١ ص ٣٢٠ وقصص الأنبياء لابن كثير ص ٩٣.

١٧٦

مكة ، فسمع في اول دار منها عزفا بالدفوف والمزامير ، فجلس ينظر ، فضرب الله على أذنه ، فنام ، فلم يستيقظ حتى مسته الشمس.

ثم جرى له في الليلة الثانية مثلما جرى له في سابقتها .. ثم لم يهمّ بعدها بسوء حتى أكرمه الله برسالته (١).

ونقول :

إن الحديث حول هذه الروايات طويل ، ولكننا نذكر هنا بعض الإشارات الخاطفة من ذلك ، فنقول :

ألف : إن الروايات الأولى تقول : إن عثمان رجل حييّ ، فهل ذلك يعني : أن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لم يكن كذلك ، وكذا الحال بالنسبة لأبي بكر وعمر ، وهل يرضى اتباعهما ومحبوهما بنسبة ذلك إليهم؟!

يضاف إلى ذلك : أنه إذا كان عثمان رجلا حييا فما شأن الجارية؟! هل كانت تعرف ذلك فيه فتراعيه ، وتعرف خلافه في غيره ، فتعامله وفق ما تعرفه منه؟!

ب : في الرواية الثانية : يصف النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» فعل تلك

__________________

(١) دلائل النبوة لأبي نعيم ج ١ ص ٥٨ والبداية والنهاية ج ٢ ص ٢٨٧ والخصائص الكبرى للسيوطي ج ١ ص ٨٨ وأعلام النبوة للماوردي ص ١٤٠ والكامل في التاريخ ج ١ ص ٤٧١ وعن المصادر التالية : عيون الأثر ج ١ ص ٤٤ والسيرة الحلبية ج ١ ص ١٢٢ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٢٧٩ والبحار ج ١٥ ص ٣٦٢ والغدير ج ٨ ص ٧٦ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٣ ص ٢٠٧ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٣٤ وموسوعة التاريخ الإسلامي ج ١ ص ٣٠٠ و ٣٦٠ والشفا بتعريف حقوق المصطفى ج ١ ص ١٣٦ وتفسير الرازي ج ٣١ ص ٢١٨.

١٧٧

الجارية أمامه بما يفيد : أنه فعل شيطاني. فكيف رضي رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» أن يفعل ذلك بحضرته؟!

ج : كيف ينعقد نذر في أمر يكون من أفعال الشياطين؟!

د : في الرواية الثالثة : إشارة إلى أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يتستر على أمور قد تكون من الحرام.

ه : في الرواية الرابعة : دلالة على أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» يرضى بسماع مزمارة الشيطان ، وأن تستعمل في داخل بيته.

و: إنها تدل على حلية سماع مزمارة الشيطان في أيام العيد.

ي : إذا كان ذلك من مزامير الشيطان ، ويحل لتينك الجاريتين أن يستمعاه في عيدهما ، فإن هذا العيد لم يكن لرسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، ليحل له سماع مزامير الشيطان.

ك : إن الرواية الخامسة : تدل على أن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قد همّ بفعل السوء.

ل : وفيها دلالة على أن الله قد تدخل لمنعه من ذلك السوء بصورة تكوينية ، حيث ضرب على أذنه.

م : إنه «صلى‌الله‌عليه‌وآله» لم يرتدع من المرة الأولى ، فأعاد الكرة في الليلة الثانية أيضا.

ن : وآخر ملاحظة نذكرها هنا : أن هذه الروايات رغم انها مكذوبة ، فإنها تدل على حرمة الضرب على المعازف والدفوف ، وعلى أنها من السوء ، وأنها مزامير الشيطان ، وما إلى ذلك ، وهذا يعني : أن الأولى الإستدلال بها على الحرمة ، وأنها من الأمور المفروغ عنها.

١٧٨

هذا ولا بد لنا من العودة لتذكير القارئ الكريم بلزوم مراجعة ما ذكرناه في أوائل هذا الكتاب ، في فصل : «حتى المدينة ..» للاطلاع على المزيد مما قد يكون من المفيد الإطلاع عليه.

متعة النساء عام الفتح :

قال الحلبي الشافعي : وحلل المتعة ثم بعد ثلاثة أيام حرمها.

ففي صحيح مسلم ، عن بعض الصحابة : «لما أذن رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في المتعة خرجت أنا ورجل إلى امرأة من بني عامر كأنها بكرة غيطاء».

وفي لفظ : «مثل البكرة العنطنطة ، فعرضنا عليها أنفسنا. فقلنا لها : هل لك أن يستمتع منك أحدنا؟

فقالت : ما تدفعان؟

قلنا : بردينا».

وفي لفظ : «رداءينا».

فجعلت تنظر ، فتراني أجمل من صاحبي ، وترى برد صاحبي أحسن من بردي ، فإذا نظرت إليّ أعجبتها ، وإذا نظرت إلى برد صاحبي أعجبها ، فقالت : أنت وبردك تكفيني ، فكنت معها ثلاثا».

والحاصل : أن نكاح المتعة كان مباحا ، ثم نسخ يوم خيبر ، ثم أبيح يوم الفتح ، ثم نسخ في أيام الفتح ، واستمر تحريمه إلى يوم القيامة.

وكان فيه خلاف في الصدر الأول ، ثم ارتفع. وأجمعوا على تحريمه ، وعدم جوازه.

١٧٩

قال بعض الصحابة : «رأيت رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» قائما بين الركن والباب وهو يقول : أيها الناس ، إني كنت أذنت لكم في الإستمتاع ، ألا وإن الله حرمها إلى يوم القيامة ، فمن كان عنده منهن شيء ، فليخلّ سبيلها ، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا».

لكن في مسلم ، عن جابر رضي الله تعالى عنه أنه قال : «استمتعنا على عهد رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، وأبي بكر ، وعمر».

وفي رواية عنه : حتى نهى عنه عمر.

وقد تقدم في غزاة خيبر ، عن الشافعي : لا أعلم شيئا حرم ثم أبيح ثم حرم إلا المتعة ، وهو يدل على : أن إباحتها عام الفتح كانت بعد تحريمها بخيبر ، ثم حرمت به.

وهذا يعارض ما تقدم : أن الصحيح أنها حرمت في حجة الوداع.

إلا أن يقال : يجوز أن يكون تحريمها في حجة الوداع تأكيدا لتحريمها عام الفتح ، فلا يلزم أن تكون أبيحت بعد تحريمها أكثر من مرة ، كما يدل عليه كلام الشافعي.

لكن يخالفه ما في مسلم عن بعض الصحابة : «رخص لنا رسول الله «صلى‌الله‌عليه‌وآله» عام أوطاس في المتعة ثلاثا ، ثم نهى عنها».

وقد يقال : مراد هذا القائل بعام أوطاس عام الفتح ، لأن غزاة أوطاس كانت في عام الفتح كما تقدم.

وما تقدم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما من جوازها رجع عنه.

فقد قال بعضهم : والله ، ما فارق ابن عباس رضي الله تعالى عنهما الدنيا حتى رجع إلى قول الصحابة في تحريم المتعة.

١٨٠