السيد جعفر مرتضى العاملي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-195-5
ISBN الدورة:
الصفحات: ٣٦٦
غطيطا لا يخفى ، فدعوني أتسمع ، فتسمع الحس فسمعه ، فأتاه حتى وجده نائما ، فقتله ، وضع السيف على صدره ، ثم اتكأ عليه فقتله.
ثم حملوا على الحيّ ، فصاح الحيّ : يا أحمر باسا ، فلا شيء لأحمر باسا ، قد قتل.
فنالوا من الحي حاجتهم ، ثم انصرفوا ، وتشاغل الناس بالإسلام.
فلما كان بعد الفتح بيوم دخل جنيدب بن الأدلع الهذلي مكة يرتاد وينظر ، والناس آمنون ، فرآه جندب بن الأعجم الأسلمي ، فقال : جنيدب بن الأدلع : قاتل «أحمر باسا»؟
قال : نعم .. فمه؟
فخرج جندب يستجيش عليه حيّه ، فكان أول من لقي خراش بن أمية الكعبي فأخبره.
فاشتمل خراش على السيف ، ثم أقبل إليه والناس حوله ، وهو يحدثهم عن قتل «أحمر باسا» ، فبينما هم مجتمعون عليه ، إذ أقبل خراش بن أمية ، فقال : هكذا عن الرجل.
فو الله ما ظن الناس إلا أنه يفرج الناس عنه لينصرفوا ، فانفرجوا ، فحمل عليه خراش بن أمية بالسيف فطعنه به في بطنه ، وابن الأدلع مستند إلى جدار من جدر مكة ، فجعلت حشوته تسيل من بطنه ، وإن عينيه لتزنّقان في رأسه ، وهو يقول : فعلتموها يا معشر خزاعة؟
فانجعف ، فوقع فمات (وهو مشرك).
فسمع رسول الله «صلىاللهعليهوآله» بذلك ، فقال : «يا معشر خزاعة» ، ارفعوا أيديكم عن القتل ، فقد كثر القتل ، لقد قتلتم قتيلا لأدينّه ، إن خراشا
لقتّال ـ يعيبه بذلك ـ لو كنت قاتلا مؤمنا بكافر لقتلت خراشا (١).
وعند الواقدي : ثم أمر «صلىاللهعليهوآله» خزاعة يخرجون ديته ، فكانت خزاعة أخرجت ديته.
قال عمران بن الحصين : فكأني أنظر إلى غنم عفر جاءت بها بنو مدلج في العقل (٢).
وعن ابن المسيب : أمر رسول الله «صلىاللهعليهوآله» بني كعب فأعطوا القتيل ماءة من الأبل (٣).
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٥٥ و ٢٥٦ و ٢٥٧ عن الواقدي ، وابن أبي شيبة ، وفي هامشه عن : معاني الآثار ج ٣ ص ٣٢٧ ، وعن فتح الباري ج ١٢ ص ١٨١ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٥٠ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٨٤٣ و ٨٤٤ و ٨٤٥ وتاريخ الخميس ج ٣ ص ٨٩ و ٩٠ وراجع : السيرة الحلبية ج ٣ ص ١٠٣ و (ط دار المعرفة) ص ٥٧ ونصب الراية ج ٦ ص ٣٢٢ والدراية في تخريج أحاديث الهداية ج ٢ ص ٢٦٣ وإمتاع الأسماع ج ١ ص ٣٩٦ ومسند أحمد ج ٤ ص ٣٢ والمعجم الكبير ج ٢٢ ص ١٨٦ وكنز العمال ج ١٠ ص ٥٠٠ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤٦ ص ٣٨ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ٨٧٢ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٥٧٩.
(٢) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٨٤٥.
(٣) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٨٤٦ ومسند أحمد ج ٤ ص ٣٢ وفتح الباري ج ٤ ص ٣٦ وشرح معاني الآثار ج ٣ ص ٣٢٧ والمعجم الكبير ج ٢٢ ص ١٨٦ والثقات ج ٢ ص ٥٨ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤٦ ص ٣٨ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٥٠ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٥٧٩ وعيون الأثر ج ٢ ص ٢٠٠ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ٨٧٢.
وعن ابن شريح ، خويلد بن عمرو العدوي ، عن ابن عباس ، وابن منيع ، وابن أبي عمرو. وعن ابن عمر ، وعن أبي هريرة ، وعن الزهري ، وغيرهم ، قالوا : لما كان الغد من يوم الفتح عدت خزاعة على رجل من هذيل فقتلوه ـ وهو مشرك ـ فقام رسول الله «صلىاللهعليهوآله» خطيبا بعد الظهر ، وأسند ظهره إلى الكعبة (١).
وعن أبي هريرة : أنه «صلىاللهعليهوآله» ركب راحلته ، فحمد الله وأثنى عليه ، وقال :
«أيها الناس إن الله تعالى حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض ، ويوم خلق الشمس والقمر ، ووضع هذين الجبلين ، ولم يحرمها الناس ، فهي حرام إلى يوم القيامة ، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر : أن يسفك فيها دما ، ولا يعضد فيها شجرا ، لم تحل لأحد كان قبلي ، ولم تحل لأحد يكون بعدي ، ولم تحل لي إلا هذه الساعة ، غضبا على أهلها. ألا قد رجعت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس ، فليبلغ الشاهد منكم الغائب ، فمن قال لكم : إن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» قد قاتل فيها ، فقولوا له : إن الله تعالى قد أحلها لرسول الله «صلىاللهعليهوآله» ولم يحلها لكم.
أيها الناس ، إن أعدى الناس على الله من قتل في الحرم ، أو قتل غير قاتله ، أو قتل بذحول الجاهلية ، «لا يحل أن يحمل السلاح بمكة».
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٥٦ ، عن البخاري ، ومسلم ، وأحمد ، والبيهقي ، وابن أبي شيبة ، وابن إسحاق ، والواقدي ، والسيرة الحلبية ج ٣ ص ١٠٢ و ١٠٣ و (ط دار المعرفة) ص ٥٦.
يا معشر خزاعة ، ارفعوا أيديكم عن القتل ، فقد والله كثر إن نفع ، فقد قتلتم قتيلا لأدينّه ، فمن قتل بعد مقامي هذا فأهله بخير النظرين : إن شاؤوا فديته كاملة ، وإن شاؤوا فقتله.
ثم ودى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ذلك الرجل الذي قتلته خزاعة. قال ابن هشام : مائة ناقة.
قال ابن هشام : وبلغني أنه أول قتيل وداه رسول الله «صلىاللهعليهوآله».
وقالوا : إن الرجل الذي قتلته خزاعة هو الأقرع الهذيلي من بني بكر (١).
ونقول : إننا نسجل هنا ما يلي :
أحلت لي ساعة من نهار :
وقد زعموا ـ كما تقدم ـ : أن «الساعة التي أحل للنبي «صلىاللهعليهوآله» القتل فيها بمكة ، هي : «من صبيحة يوم الفتح إلى العصر» (٢).
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٥٥ و ٢٥٦ و ٢٥٧ ، عن ابن أبي شيبة ، والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٨٤٤ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ١٠٣ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٩٠ عن الإكتفاء ، والمواهب اللدنية ، وراجع : فتح الباري ج ١٢ ص ١٨١ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٣٣٨ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٤٩ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ٨٧١ و ٨٧٢ والإصابة ج ١ ص ٦١١.
(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٦٨ ، عن أحمد ، والبيهقي ، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص والسيرة الحلبية ج ٣ ص ١٠٣ و (ط دار المعرفة) ص ٥٦ وسبل السلام ج ٤ ص ٥٤ ونيل الأوطار ج ٨ ص ١٧٥ وفتح الباري ج ٨ ص ١٣ وعمدة القاري ج ١٧ ص ٢٨٢.
وقد أشرنا إلى بعض الكلام حول هذا الأمر فلا داعي للإعادة.
دية القتيل المشرك :
وتقدم : أنه «صلىاللهعليهوآله» ودى قتيل خزاعة ـ ولم يكن مسلما ـ بماءة ناقة.
وأنه «صلىاللهعليهوآله» قد حكم : أن من قتل قتيلا فعليه مئة كاملة ، وإن شاؤوا فقتله.
وظاهر الكلام : أنه «صلىاللهعليهوآله» يتحدث حتى عما لو كان المقتول غير مسلم.
مع أن الصحيح الثابت هو : أن المسلم لا يقتل بغير المسلم .. بل يعطى : نصف الدية ، ولا يعطى الدية كاملة.
ولعل الأقرب إلى الصحة والإعتبار هو ما ذكروه : من أن خطبة النبي «صلىاللهعليهوآله» يوم الفتح كانت بسبب القتيل الذي قتلته خزاعة ، وكان له عهد ، فخطب النبي «صلىاللهعليهوآله» ، فقال : «لو قتلت مسلما بكافر لقتلته به» (١).
وقال : «لا يقتل مؤمن بكافر» (٢).
__________________
(١) المجموع للنووي ج ١٨ ص ٣٥٦ ونيل الأوطار ج ٧ ص ١٥٣ والغدير ج ٨ ص ١٧٢ وفتح الباري ج ١٢ ص ٢٣٢ والمعجم الكبير للطبراني ج ١٨ ص ١١٠.
(٢) الخلاف الشيخ الطوسي ج ٥ ص ١٤٧ وتحرير الأحكام ج ٥ ص ٤٥٦ والينابيع الفقهية ج ٤٠ ق ١ ص ١٢٣ وق ٢ ص ٦ وكتاب الأم للشافعي ج ٦ ص ٢٦ و ٤٠ و ٤٠ و ١١٣ وج ٧ ص ١٨٧ و ٢٧٥ و ٣٣٨ و ٣٣٩ و ٣٤٠ ومختصر المزني
__________________
ص ٢٣٧ والمجموع للنووي ج ١٨ ص ٣٥٦ و ٣٥٧ والمبسوط للسرخسي ج ٢٦ ص ١٣١ و ١٣٤ وبدائع الصنائع ج ٧ ص ٢٣٧ والجوهر النقي ج ٨ ص ٣٤ و ١٠٠ وتكملة حاشية رد المحتار لابن عابدين ج ١ ص ٩٩ والشرح الكبير لابن قدامه ج ٩ ص ٣٦١ والمحلى لابن حزم ج ١٠ ص ٣٤٩ و ٣٥٣ و ٣٥٤ و ٣٥٥ والمحلى لابن حزم ج ١١ ص ٣٩ و ٣٣٨ و ٣٣٩ وبداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد الحفيد ج ٢ ص ٣٢٥ و ٣٢٦ ونيل الأوطار للشوكاني ج ٧ ص ١٥٠ و ١٥١ و ١٥٢ و ١٥٣ وفقه السنة ج ٢ ص ٥٢٨ ومستدرك الوسائل ج ١٨ ص ٢٤٨ والأمالي للشيخ الطوسي ص ٢٦٣ وعوالي اللآلي ج ١ ص ٢٣٥ وج ٣ ص ٥٨٨ والبحار ج ٩٣ ص ٨١ وج ٩٧ ص ٣٢ وجامع أحاديث الشيعة ج ٢٦ ص ٢٠٧ والغدير ج ٨ ص ١٦٨ و ١٧٠ و ١٧٢ ومكاتيب الرسول ج ٢ ص ١٢٢ و ١٢٣ و ١٢٥ و ١٢٧ واختلاف الحديث للشافعي ص ٥٦٥ و ٥٦٦ ومسند أحمد ج ١ ص ١١٩ و ١٢٢ وج ٢ ص ١٨٠ و ١٩٤ و ٢١١ وسنن ابن ماجة ج ٢ ص ٨٨٨ وسنن أبي داود ج ١ ص ٦٢٥ وج ٢ ص ٣٦٨ و ٣٧٥ وسنن الترمذي الترمذي ج ٢ ص ٤٣٣ وسنن النسائي ج ٨ ص ٢٠ و ٢٤ والمستدرك للحاكم ج ٢ ص ١٤١ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٨ ص ٢٩ و ٣٠ و ٣١ و ١٠٠ و ١٩٤ ومجمع الزوائد ج ٦ ص ٢٩٢ وفتح الباري ج ٤ ص ٧٣ وج ١٢ ص ١٨٠ و ٢٣١ و ٢٣٢ وعمدة القاري ج ٢ ص ١٦١ و ١٦٢ وعمدة القاري ج ١٠ ص ٢٣٣ وج ٢٤ ص ٦٦ وتحفة الأحوذي ج ٤ ص ٥٥٧ وعون المعبود ج ٧ ص ٣٠٣ وج ١٢ ص ١٤٥ و ١٦٨ و ١٦٩ والمصنف ابن أبي شيبة الكوفي ج ٦ ص ٣٦٤ والسنن الكبرى للنسائي ج ٤ ص ٢١٧ و ٢١٨ و ٢٢٠ والسنن الكبرى النسائي ج ٥ ص ٢٠٨ و ٢٠٩ ومسند أبي يعلى ج ١ ص ٤٢٤ و ٤٦٢ والمنتقى من السنن المسندة ص ٢٦٩ وصحيح ابن خزيمة ج ٤ ص ٢٦ وشرح معاني الآثار ج ٣ ص ١٩٢ و ١٩٣ و ١٩٤ والمعجم الكبير ج ٢٠ ص ٢٠٦ وسنن الدارقطني ج ٣ ص ١٠٠
ولم يقل : إن أهل القتيل إن رضوا بالدية فبها ، وإن لم يرضوا بها فلهم
__________________
ومعرفة علوم الحديث ص ١٣٩ ومعرفة السنن والآثار للبيهقي ج ٦ ص ١٤٩ و ١٥٥ و ٢٣٢ و ٢٣٦ و ٢٦٦ و ٢٦٧ و ٢٦٨ و ٢٦٩ والإستذكار لابن عبد البر ج ٥ ص ٣٦ وج ٨ ص ١٢١ و ١٢٢ و ١٢٣ و ١٢٤ و ١٧٧ والتمهيد لابن عبد البر ج ٢٤ ص ٢٣٤ والكافي لابن عبد البر ص ٥٨٧ وتنقيح التحقيق في أحاديث التعليق للذهبي ج ٢ ص ٢٢٧ وتخريج الأحاديث والآثار للزيلعي ج ١ ص ١٠٨ وج ٢ ص ٣٣٧ ونصب الراية للزيلعي ج ٤ ص ٢٤٦ وج ٦ ص ٣٢٩ و ٣٣٠ والدراية في تخريج أحاديث الهداية لابن حجر ج ٢ ص ٢٦٢ وكنز العمال ج ١ ص ٩٢ و ٩٣ وج ٤ ص ٤٣٥ وج ١١ ص ٣٢٧ و ٣٣٦ وج ١٤ ص ١٣٠ وج ١٥ ص ٦ و ٩٦ وج ١٦ ص ٧٠٩ وأحكام القرآن لمحمد بن إدريس الشافعي ج ١ ص ٢٧٥ و ٢٨٤ وأحكام القرآن للجصاص ج ١ ص ١٧٣ و ١٧٤ و ١٧٥ ومفردات غريب القرآن للراغب الأصفهانى ص ٣٥٠ وتفسير الرازي ج ١٩ ص ١٤٦ والتسهيل لعلوم التنزيل ج ١ ص ١٧٨ وتفسير الآلوسي ج ٦ ص ١٤٨ وأضواء البيان للشنقيطي ج ٤ ص ٢٠٨ وعدة الأصول (ط ج) ج ٢ ص ٤٤٥ و (ط ق) ج ٣ ص ١١ ومعارج الأصول ص ١٠٠ والمستصفى للغزالي ص ٢٥٦ و ٣٢٥ والمحصول للرازي ج ٣ ص ١٣٦ و ١٣٨ وضعفاء العقيلي ج ٢ ص ٩٨ والكامل لابن عدي ج ٥ ص ٣٣٢ والكامل لابن عدي ج ٧ ص ١٩١ وتهذيب الكمال للمزي ج ٢٦ ص ٢٨ وتاريخ الإسلام الذهبي ج ٢ ص ٥٥٧ وإمتاع الأسماع للمقريزي ج ١٤ ص ٤٨٤ وسبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣١٠ وغريب الحديث لابن سلام ج ٢ ص ١٠٤ والنهاية في غريب الحديث لابن الأثير ج ٣ ص ٣٢٥ ولسان العرب ج ٣ ص ٣١٢ ومجمع البحرين الشيخ ج ٣ ص ٢٦٧ وتاج العروس ج ٥ ص ١٤٥ ونهج الحق وكشف الصدق ص ٥٤٢ و ٥٤٣ وتدوين السنة الشريفة للجلالي ص ٥٤.
أن يقتلوه. كما تزعم بعض الروايات.
ونوضح ذلك فيما يلي :
١ ـ إن النصوص الكثيرة صرحت : بأنه لا يقتل مسلم (أو مؤمن) بكافر (١). ويشهد لهذا : نفس خطبة النبي «صلىاللهعليهوآله» التي نحن
__________________
(١) راجع : سنن ابن ماجة ج ٢ ص ٨٨٧ و ٨٨٨ والجامع الصحيح للترمذي ج ٤ ص ٧ و ١٨ ومسند أحمد ج ١ ص ٧٩ و ١١٩ و ١٢٢ وج ٢ ص ٢١١ ، وكتاب الأم ج ٦ ص ٣٣ و ٩٢ وج ٧ ص ٢٥٥ وسنن النسائي ج ٨ ص ٢٣ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٨ ص ٢٨ و ٢٩ و ٣٠ و ١٩٤ وعن صحيح البخاري ج ٦ ص ٢٥٣٤ ح ٦٥١٧ وأحكام القرآن للجصاص ج ١ ص ٦٥ و ١٦٥ و ١٦٩ والإعتبار للحازمي ص ١٩٠ و ١٨٩ وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج ١ ص ٢١٠ وسنن أبي داود ج ٤ ص ١٨٠ و ١٨١ ونيل الأوطار ج ٧ ص ١٠ و ١٥٠ و ١٥٢ و ١٥٣ والديات لأبي عاصم ص ٢٧ و ٥١ ومغني المحتاج ج ٤ ص ١٦ وحواشي الشيرواني ج ٨ ص ٤٠٠ وإعانة الطالبيين ج ٤ ص ١٣٤ والمغني ج ٩ ص ٣٤١ و ٣٤٢ وج ١٠ ص ٣٠٧ والشرح الكبير ج ٩ ص ٣٦٠ و ٣٦١ وج ١٠ ص ٣٠٦ وكشف القناع ج ٥ ص ٦١٦ والمحلى ج ١٠ ص ٣٥٣ ونيل الأوطار ج ٧ ص ١٥٠ و ١٥٢ و ١٥٣ و ١٥٤ وعوالي اللآلي ج ٢ ص ١٥٨ والغدير ج ٨ ص ١٦٨ و ١٧١ و ١٧٢ ومكاتيب الرسول ج ٢ ص ١١٤ و ١٢٢ و ١٢٥ وكتاب المسند ص ٣٤٤ ومسند أحمد ج ٢ ص ١٧٨ و ١٨٠ و ١٩٢ وسنن الدارمي ج ٢ ص ١٩٠ وصحيح البخاري ج ١ ص ٣٦ وج ٤ ص ٣٠ وج ٨ ص ٤٥ وسنن ابن ماجة ج ٢ ص ٨٨٧ وسنن الترمذي ج ٢ ص ٤٣٢ وسنن النسائي ج ٨ ص ٢٤ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٨ ص ٢٨ و ٢٩ و ٣٠ و ٣٣ و ٣٤ ومجمع الزوائد ج ٦ ص ٢٩٣ وفتح الباري ج ٤ ص ٧٣ وج ١٢ ص ٢٣٢ وعمدة القاري ج ٢ ص ١٦١ و ١٦٢ وتحفة الأحوذي ج ٤ ص ٥٥٧ والمصنف للصنعاني ج ٩
بصدد الحديث عنها ، فراجعها فيما تقدم.
٢ ـ قد صرحت النصوص الكثيرة أيضا : بأن دية الكافر هي نصف دية المسلم (١).
__________________
ص ٤٠٤ وج ١٠ ص ٩٩ والمصنف لابن أبي شيبة ج ٦ ص ٣٦٣ ج ٦ ص ٣٦٣ و ٣٦٤ والسنن الكبرى للنسائي ج ٤ ص ٢٢٠ ومسند ابي يعلى ج ١ ص ٣٥١ وج ٨ ص ١٩٧ والمنتقى من السنن المسندة ص ٢٠١ وشرح معاني الآثار ج ٣ ص ١٩٢ و ١٩٦ والأحاديث الطوال ص ١٥٠ والمعجم الأوسط ج ٣ ص ٨١ وسنن الدارقطني ج ٣ ص ٩٩ ومعرفة السنن والآثار ج ٦ ص ١٥١ وج ٧ ص ٣٨ والفايق في غريب الحديث ج ٣ ص ١٥٨ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٧ ص ٢٨١ ونصب الراية ج ٤ ص ٢٤٦ وج ٦ ص ٣٢٩ والجامع الصغير ج ٢ ص ٧٥٨ وكنز العمال ج ١ ص ٩٨ و ٩٩ و ٣٧٥ وج ٥ ص ٨٤٧ وج ١٥ ص ٦ وفيض القدير ج ٦ ص ٥٨ وأحكام القرآن للجصاص ج ١ ص ١٧٣ وتفسير الثعلبى ج ٢ ص ٥٤ وأحكام القرآن لابن عربي ج ٢ ص ١٢٩ والجامع لأحكام القرآن ج ٢ ص ٢٤٧ وج ٦ ص ١٩١ وج ٧ ص ١٣٤ وتفسير القرآن العظيم ج ١ ص ٢١٥ وج ٢ ص ٥٩ وتفسير الآلوسي ج ٦ ص ١٩١ والأحكام لابن حزم ج ٥ ص ٦٤١ والأحكام للآمدي ج ٢ ص ٢٥٨ والطبقات الكبرى ج ١ ص ٤٨٦ وسير أعلام النبلاء ج ٨ ص ٤١ وميزان الإعتدال ج ٣ ص ١٤٨ وتاريخ الإسلام ج ٩ ص ٣٩٠ والبداية والنهاية ج ٧ ص ٢٩٧ و ٢٩٨ وإمتاع ألأسماع ج ١ ص ٣٩٣ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٤٣ وج ٩ ص ٢١٢ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٤٩ وغريب الحديث ج ٢ ص ١٠٢ و ١٠٦ و ١٠٧ والنهاية في غريب الحديث ج ٣ ص ٣٢٥ ولسان العرب ج ٣ ص ٣١٢.
(١) الديات لأبي عاصم ص ٥١ وسنن النسائي ج ٨ ص ٤٥ والجامع الصحيح للترمذي ج ٤ ص ١٨ وأمالي الطوسي ص ٢٦٣ والبحار ج ٩٣ ص ٨١ وج ٩٧
وفي بعض النصوص عبر : بالمعاهد (١).
وفي بعضها عبر : بأهل الكتاب (٢).
__________________
ص ٣٢ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٨ ص ٢٩ والمصنف لابن أبي شيبة ج ٦ ص ٣٦١ والمنتقى من السنن المسندة ص ٢٦٤ وصحيح ابن خزيمة ج ٤ ص ٢٦ والإستذكار ج ٨ ص ١١٧ وراجع : المجموع للنووي ج ١٩ ص ٥٢ والدراية في تخريج أحاديث الرواية ج ٢ ص ٢٧٤ ونيل الأوطار ج ٧ ص ٢٢١ و ٢٢٢ ومسند أحمد ج ٢ ص ١٨٠ وسنن الترمذي ج ٢ ص ٤٣٣ وتحفة الأحوذي ج ٤ ص ٥٥٨ وسنن الدارقطني ج ٣ ص ١٠٢ والتمهيد ج ١٧ ص ٣٦٠ وتنقيح التحقيق في أحاديث التعليق ج ٢ ص ٢٤٦ ونصب الراية ج ٦ ص ٣٨٥ والجامع الصغير ج ١ ص ٦٥٢ وكنز العمال ج ١٦ ص ٧٠٩ وأحكام القرآن للجصاص ج ٢ ص ٣٠٠ وتاريخ الإسلام ج ٢ ص ٥٥٧ وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج ١ ص ٥٤٨.
(١) سنن ابن ماجة ج ٢ ص ٣٨٦ والمغني ج ٩ ص ٥٢٨ والشرح الكبير ج ٩ ص ٥٢٢ وسبل السلام ج ٣ ص ٢٥١ ونيل الأوطار ج ٧ ص ٢٢٤ والغدير ج ٨ ص ١٧٢ وسنن أبي داود ج ٢ ص ٣٨٦ ومجمع الزوائد ج ٦ ص ٢٩٩ وعون المعبود ج ١٢ ص ٢١٠ والمعجم الأوسط ج ٧ ص ٣٠٩ والتمهيد ج ١٧ ص ٣٦٠ ونصب الراية ج ٦ ص ٣٨٦ والدراية في تخريج أحاديث الرواية ج ٢ ص ٢٧٤ والجامع الصغير ج ١ ص ٦٥٢ وكنز العمال ج ١٥ ص ٥٤ وشرح مسند أبي حنيفة ص ٢٠٨٠ وأضواء البيان ج ٣ ص ١١٥.
(٢) سنن ابن ماجة ج ٢ ص ٨٨٣ وسنن النسائي ج ٨ ص ٤٥ وسنن أبي داود ج ٤ ص ١٨٤ و ١٩٤ وراجع : كتاب الأم ج ٧ ص ٢٩١ وفقه السنة ج ٢ ص ٥٦٤ وسن الدارقطني ج ٣ ص ١٢٠.
ولا يعقل أن تكون دية المشرك أكثر من دية الكتابي ، فضلا عن أن تصل الى مستوى دية المسلم المؤمن!!
٣ ـ على أن نفس تناقض النصوص يشير إلى عدم إمكان الإعتماد على ما زعموه في أمر قاتل «أحمر بأسا» ، فهل أعطي الدية مائة من الإبل؟! أم أعطاهم غنما؟! وهل خطب وهو مسند ظهره إلى الكعبة؟! أم خطب وهو على ظهر راحلته؟!
٤ ـ قوله «صلىاللهعليهوآله» في الخطبة عن مكة : «ولم تحل لي إلا هذه الساعة» يتناقض مع النصوص الأخرى ..
لأن المفروض : أنها إنما أحلت له ساعة من نهار في أول يوم من أيام الفتح.
والخطبة المتقدمة تصرح : بأن قتل الهذلي كان في اليوم التالي.
ثم إن الحكم في قتيل المشركين هو : تخيير أهله بين أن يقتلوا القاتل ، وبين أن يأخذوا الدية. فلما ذا فرض عليهم الدية ، ثم حكم بهذا التخيير على من يأتي بعد ذلك؟!
ولكن أبا حنيفة خالف في ذلك ، فقال : إن دية غير المسلم كدية المسلم (١).
__________________
(١) راجع : الغدير ج ٨ ص ١٧٢ عن شرح سنن ابن ماجة في ذيل الحديث المشار إليه ، وراجع : الخلاف للطوسي ج ٥ ص ٢٦٥ وجامع الخلاف والوفاق ص ٥٦٣ والينابيع الفقهية ج ٤٠ ق ٢ ص ٧٢ ومغني المحتاج ج ٤ ص ٥٧ وحواشي الشرواني ج ٨ ص ٤٥٦ ونيل الأوطار ج ٧ ص ٢٢٢ وفقه السنة ج ٢ ص ٥٦٦ وتنقيح التحقيق في أحاديث التعليق للذهبي ج ٢ ص ٢٤٥ ونصب الراية ج ٦ ص ٣٩٠ والدراية في تخريج أحاديث الهداية ج ٢ ص ٢٧٦ وكنز العمال ج ١٥ ص ١٤٠ وشرح مسند أبي حنيفة ص ٢٠٩ وتفسير الرازي ج ١٠ ص ٢٣٦.
لما ذا التزوير؟!
وقد يحق للبعض : أن يحتمل ، أو يظن : بأن سبب هذا الخلاف هو السعي إلى تنزيه رأي بعض الخلفاء عن الزلل والخطل ، أو لأجل اعتبار كلامهم تشريعا وسنة ، يمكن الأخذ بها حتى حينما تخالف شرع الله وسنة رسوله .. وخصوصا إذا كان ذلك الخليفة هو عمر بن الخطاب ، فقد قالوا :
إن عمر بن الخطاب قدم الشام ، فوجد رجلا من المسلمين قتل رجلا من أهل الذمة ، فهمّ أن يقيده ، فقال له زيد بن ثابت : أتقيد عبدك من أخيك؟
فجعله عمر دية (١).
وفي نص آخر : أن أبا عبيدة اعترض على عمر في قصة مشابهة ، فعدل إلى الدية (٢).
ولعلهما قصة واحدة ، ويكون أبو عبيدة وزيد قد اعترضا معا على عمر. إلا إذا ثبت : أن أحدهما لم يكن مع عمر في سفره إلى الشام.
وفي حادثة أخرى : ضرب عبادة بن الصامت ذميا (نبطيا) ، فشجه ، لأنه أبى أن يمسك له دابته ، فأراد عمر أن يقتص له منه ، فقال زيد بن ثابت :
__________________
(١) راجع : المصنف للصنعاني ج ١٠ ص ١٠٠ والغدير ج ٦ ص ١٣٣ عن كنز العمال ج ١٥ ص ٩٤ و ٩٧ عن عبد الرزاق ، وابن جرير ، والسنن الكبرى للبيهقي ج ٨ ص ٣٢ وراجع : المصنف لابن أبي شيبة ج ٦ ص ٤١٩ ومعرفة السنن والآثار ج ٦ ص ١٥٤ وتاريخ مدينة دمشق ج ١٩ ص ٢٩٧ وتذكرة الحفاظ ج ١ ص ٣١.
(٢) السنن الكبرى للبيهقي ج ٨ ص ٣٢ وكنز العمال ج ١٥ ص ٩٤ و ٩٧ والغدير ج ٦ ص ١٣٣.
أتقيد عبدك من أخيك ، فترك القود ، وقضى عليه بالدية (١).
وفي عهد عثمان : تتكرر الحوادث بنفس الطريقة ، وتكون لها نفس النتائج ، فراجع المصادر (٢).
ولعل هذا هو الذي دعا أبا حنيفة للحكم بلزوم كامل الدية في غير المسلمين ..
أول قتيل وداه النبي صلىاللهعليهوآله :
وقد تقدم : أن ابن هشام زعم : أن هذا القتيل الذي قتلته خزاعة ، هو أول قتيل وداه رسول الله «صلىاللهعليهوآله»!!
لكن هذا غير مسلم ، فقد تقدم أنهم يقولون : إنه «صلىاللهعليهوآله» كان قد ودى قتيلا هو في خيبر (٣) فراجع.
لعلها خطبة أخرى في مكة :
روي في الكافي ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حنان ، عن أبيه ، عن
__________________
(١) السنن الكبرى للبيهقي ج ٨ ص ٣٢ وكنز العمال ج ١٥ ص ٩٤ ومعرفة السنن والآثار للبيهقي ج ٦ ص ١٥٤ وتاريخ مدينة دمشق ج ١٩ ص ٢٩٧ وتذكرة الحفاظ للذهبي ج ١ ص ٣١ والغدير ج ٦ ص ١٣٣ وسير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٤٤٠.
(٢) راجع : كتاب الأم ج ٧ ص ٣٣٨ و ٣٣٩ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٨ ص ٣٣ و ٧٦ والجوهر النقي ج ٨ ص ٣٣ والغدير ج ٨ ص ١٦٧ وكتاب المسند ص ٣٤٤ ومعرفة السنن والآثار ج ٦ ص ١٥٠.
(٣) السيرة الحلبية ج ٣ ص ١٠٣ وراجع : عون المعبود ج ١٢ ص ١٨٨ والجامع لأحكام القرآن ج ٥ ص ٣١٧ وحاشية السندي على النسائي ج ٨ ص ٤٤.
أبي جعفر «عليهالسلام». ونقله المجلسي عن كتاب المؤمن ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي عبيدة الحذاء ، عن أبي جعفر «عليهالسلام» ، قال :
«لما كان يوم فتح مكة ، قام رسول الله «صلىاللهعليهوآله» في الناس خطيبا ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال :
أيها الناس ، ليبلغ الشاهد الغائب ، إن الله تبارك وتعالى قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية ، والتفاخر بآبائها وعشائرها.
أيها الناس إنكم من آدم ، وآدم من طين.
ألا وإن خيركم عند الله وأكرمكم عليه أتقاكم وأطوعكم له.
ألا وإن العربية ليست بأب والد ، ولكنها لسان ناطق ، فمن طعن بينكم ، وعلم أنه يبلغه رضوان الله حسبه.
ألا وإن كل دم مظلمة ، أو إحنة ، كانت في الجاهلية ، فهي مطل تحت قدمي إلى يوم القيامة» (١).
وروى عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن
__________________
(١) البحار ج ٢١ ص ١٣٧ و ١٣٨ وج ٦٤ ص ١٧٥ وج ٧٠ ص ٢٩٣ عن الكافي ج ٨ ص ٢٤٦ وعن ج ١ ص ٤٠٣ و ٤٠٤ عن كتاب المؤمن ، ودعائم الإسلام ج ٢ ص ١٩٩ ومعاني الأخبار ص ٢٠٧ وشرح أصول الكافي ج ١٢ ص ٣٣٩ ومستدرك الوسائل ج ١٢ ص ٨٩ وج ١٤ ص ١٨٤ وكتاب الزهد ص ٥٦ وجامع أحاديث الشيعة ج ١٤ ص ٧٥ وج ٢٠ ص ٧٦ ودرر الأخبار ص ٤٩٨ وراجع : تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٦٠ ولسان العرب ج ١٥ ص ٣٢٤ وموسوعة أحاديث أهل البيت «عليهمالسلام» ج ١١ ص ٢٨٦.
أبي نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد الله «عليهالسلام» : أن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» خطب الناس في مسجد الخيف ، فقال :
نضّر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها ، وحفظها ، وبلغها من لم يسمعها ، فربّ حامل فقه غير فقيه ، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ، ثلاث لا يغلّ عليهنّ قلب امرئ مسلم : إخلاص العمل لله ، والنصحية لأئمة المسلمين ، واللزوم لجماعتهم ، فإن دعوتهم محيطة من ورائهم ، المسلمون إخوة تتكافأ دماؤهم ، ويسعى بذمّتهم أدناهم (١).
ونقول :
قد صرحت الرواية المتقدمة عن الإمام أبي جعفر «عليهالسلام» : بأنه «صلىاللهعليهوآله» قد خطب الناس بمكة يوم الفتح ..
أما الرواية الثانية عن الإمام الصادق «عليهالسلام» فليس فيها ما يدل على : أن ذلك كان في يوم الفتح ، فلعل ذلك كان في حجة الوادع.
__________________
(١) راجع : شرح أصول الكافي ج ٧ ص ١٤ والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج ٩ ص ٥٢٥ وج ٢٩ ص ٧٥ و ٧٦ و (ط دار الإسلامية) ج ٦ ص ٣٦٦ وج ١٩ ص ٥٥ و ٥٦ والبحار ج ٢٧ ص ٦٨ و ٦٩ وج ٣٧ ص ١١٤ وج ٦٧ ص ٢٤٢ وج ٧٤ ص ١٣٠ و ١٤٦ وج ٩٧ ص ٤٦ وجامع أحاديث الشيعة ج ١ ص ٢٣٠ ومكيال المكارم ج ٢ ص ٢٣٥ وأمالي الصدوق ص ٤٣٢ وتحف العقول ص ٤٣ والغارات ج ٢ ص ٨٢٨ ومستدرك سفينة البحار ج ٣ ص ٨٣ وج ٩ ص ١٢٦ وموسوعة أحاديث أهل البيت «عليهمالسلام» ج ١ ص ١٢٨ وتفسير القمي ج ١ ص ١٧٣.
كما أن من القريب جدا : أن يكون «صلىاللهعليهوآله» ، قد خطب الناس في فتح مكة مرات عديدة ، حيث إن إقامته فيها قد امتدت أياما كثيرة ، كما تقدم في أوائل الحديث عن فتح مكة ..
فلعل ما روي عن الإمام أبي جعفر «عليهالسلام» يراد به إحدى تلك الخطب.
ومن جهة أخرى ، فإن التأمل في هذه الخطبة يعطي : أن ثمة أمورا كثيرة كان «صلىاللهعليهوآله» يتصدى لمعالجتها.
وقد ركزت هذه الخطبة على العصبية العربية ، ونخوة الجاهلية ، والتفاخر بالآباء ، والعشائر.
وبعد أن قدم الدليل العقلي على عدم صحة ذلك ، باعتبار : أن الجميع من آدم ، وآدم من طين. ولا معنى للتفريق ، ولا موجب لتمييز هذا على ذاك ، ولا العكس.
وحيث إن التناسل ، والولادة من هذا الأب أو من ذاك ، في المكان والزمان المحدد ليست من الأمور الاختيارية للإنسان ، فقد أعطى ضابطة تخضع للإختيار ، ويقدر عليها البشر كلهم ، وهي : التقوى والعمل الصالح ، والطاعة لله سبحانه تعالى ، لا للطواغيت ، ولا للأهواء.
وأما اللغة فإنها هي الأخرى لا تعطي امتيازا ، لأنها مجرد وسيلة تعبير ، ولسان ناطق ، فلا معنى للتعصب لها. حتى لو قلنا : بأن الأبوة والوالدية تبرر التعصب.
ثم إنه «صلىاللهعليهوآله» أعلن بطلان كل مظلمة ، أو إحنة كانت في الجاهلية. وأعلن أنها تحت قدميه إلى يوم القيامة.
وبذلك يكون قد أعطى الضابطة ، ورسم المنطلق الصحيح لعلاقات الناس ببعضهم البعض. وأعلن موقفه من منطق الجاهلية ، وغسل بذلك أدرانها ، وخلص الناس من تبعاتها ..
تجديد أنصاب الحرم :
قالوا : أول من نصب أنصاب الحرم إبراهيم «عليهالسلام» ، كان جبريل «عليهالسلام» يدله على مواضعها. فلم تحرك حتى كان إسماعيل «عليهالسلام» فجددها ، ثم لم تحرك حتى كان قصي بن كلاب فجددها ، ثم لم تحرك حتى كان يوم الفتح ، فبعث رسول الله «صلىاللهعليهوآله» تميم بن أسد الخزاعي ، فجدد أنصاب الحرم (١).
ونقول :
إن هذا التسلسل الذي ذكروه فيمن تصدى لتجديد أنصاب الحرم يشير إلى أن هناك أناسا اختارهم الله تعالى لهذا الأمر ..
ولعلنا نستطيع أن نفهم من اختيار هؤلاء الأشخاص لذلك أمرين :
أحدهما : أن قصي بن كلاب ، وهو أحد آباء رسول الله «صلىاللهعليهوآله» لم يكن إنسانا عاديا ، بل لعله كان من الأنبياء ، بل من ذوي المراتب
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ١ ص ٢٠٣ وج ٥ ص ٢٤٩ عن الواقدي ، والأزرقي ، والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٨٤٢ وفقه السنة ج ١ ص ٦٨٩ وكنز العمال ج ١٤ ص ١١٣ والدر المنثور ج ١ ص ١٢٢ و ١٢٣ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ١٣٧ وج ٤ ص ٢٩٥ وأسد الغابة ج ١ ص ٢١٤ والإصابة ج ١ ص ٤٨٧ وإمتاع الأسماع ج ١ ص ٣٩٥ وعيون الأثر ج ٢ ص ٢٠٢.
العليا فيهم. وقد تقدم في بعض المواضع من هذا الكتاب : أن الحديث الذي يقول : ما زال الله ينقلني من صلب نبي إلى صلب نبي ، حتى أخرجني من صلب أبي عبد الله (١) يدل على أن قصيا كان من الأنبياء أيضا.
الثاني : إن الذين تصدوا لوضع أنصاب الحرم ، ولتجديدها هم رسول الله «صلىاللهعليهوآله» وآباؤه الطاهرون. وليس فيهم أي نبي من غير آبائه «صلىاللهعليهوآله» ..
وفي هذا إشارة ظاهرة إلى موقع رسول الله «صلىاللهعليهوآله» من هذا البيت ، وهذا البلد ، واختصاص إبراهيم ، وإسماعيل ، وذريته به. كما أن اقتران اسم قصي باسم هؤلاء الأنبياء العظام يدل على مقامه ، وعلو درجته أيضا.
النبي صلىاللهعليهوآله يقترض أموالا ويقسمها :
عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي قال : أرسل رسول الله «صلىاللهعليهوآله» يوم الفتح ، فاستسلف من عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة أربعين ألف درهم ، فأعطاه ، فلما فتح الله تعالى هوازن ، وغنّمه أموالها ردها ، وقال : «إنما جزاء السلف الحمد والأداء».
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ١ ص ٢٣٥ ، وراجع : مجمع الزوائد ج ٧ ص ٨٦ وتفسير السمعاني ج ٤ ص ٧١ وتفسير القرآن العظيم ج ٣ ص ٣٦٥ وإختيار معرفة الرجال ج ٢ ص ٤٤٨ ومعجم رجال الحديث ج ١٨ ص ١٣٢ وإمتاع الأسماع ج ٣ ص ١٩٠ والبحار ج ١٥ ص ٣ وج ٣٧ ص ١٧٥ وتفسير فرات ص ٥٠٥.
وقال له : «بارك الله لك في مالك وولدك» (١).
وعن أبي حصين الهذلي ، قال : استقرض رسول الله «صلىاللهعليهوآله» من ثلاثة نفر من قريش ، من صفوان بن أمية خمسين ألف درهم فأقرضه. ومن عبد الله بن أبي ربيعة أربعين ألف درهم. ومن حويطب بن عبد العزى أربعين ألف درهم ، فكانت ثلاثين ومائة ألف درهم ، فقسمها رسول الله «صلىاللهعليهوآله» بين أصحابه من أهل الضعف.
قال أبو حصين : فأخبرني رجال من بني كنانة كانوا مع رسول الله «صلىاللهعليهوآله» في الفتح : أنه قسم فيهم دراهم ، فيصيب الرجل خمسين درهما ، أو أقل ، أو أكثر من ذلك (٢).
زاد الواقدي قوله : ومن ذلك المال بعث إلى بني جذيمة (٣).
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٥٧ عن الواقدي ونقله في هامشه عن : المغازي الواقدي ج ٢ ص ٨٦٣ والنسائي في البيوع باب ٩٧ ، والبيهقي في السنن ج ٥ ص ٣٥٥ وأبي نعيم في الحلية ج ٧ ص ١١١ والبخاري في التاريخ ج ٥ ص ١٠ وابن السني ص ٢٧٢ ، ومسند أحمد ج ٤ ص ٣٦ وابن ماجة (٢٤٢٤) وراجع :
السنن الكبرى للنسائي ج ٤ ص ٥٧ وج ٦ ص ١٠١ والأذكار النووية ص ٣١٠ وسنن النسائي ج ٧ ص ٣١٤ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ١٠٤ و (ط دار المعرفة) ص ٥٨ والإصابة ج ٤ ص ٧٠ وإمتاع الأسماع ج ١ ص ٤٠٠.
(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٥٨ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٨٦٣ و ٨٦٤ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ١٠٤ وإمتاع الأسماع ج ١ ص ٤٠٠.
(٣) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٥٨ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٨٦٤ وإمتاع الأسماع ج ١ ص ٤٠٠.
فالنبي «صلىاللهعليهوآله» لا يعد الفقراء من أصحابه بالمال ، ولا يمنّيهم به ، كما أنه لا ينتظر إلى حين حصول المال عنده ليفرقه عليهم ، بل هو حين يرى حاجة أصحابه ، يبادر إلى الاستدانة ، لسد عوز اهل الحاجة منهم.
وحين أوقع خالد بن الوليد ببني جذيمة بغير حق ، بادر النبي «صلىاللهعليهوآله» إلى إصلاح الخلل ، ورتق الفتق من هذا المال الذي اقترضه. وأصبح هو المسؤول عن أدائه كشخص.
فهو «صلىاللهعليهوآله» حين أخذ المال للفقراء من أصحابه ، ثم للمظلومين بسبب عدوان خالد لم يجعل أداء المال المقترض بعهدة بيت المال. ولم يشرك معه أحدا في تحمل مسؤولية الأداء ، ولا طالب خالدا ومن معه بشيء مما أخذوه ، أو أتلفوه ، أو تسببوا بنشوء حق فيه ، بل تحمل هو نفسه «صلىاللهعليهوآله» كامل المسؤولية عن الأداء.
على أن ثمة أمرا آخر تحسن الإشارة إليه ، وهو أن اقتراض النبي «صلىاللهعليهوآله» ثم أداؤه لما اقترضه ، يعطي دروسا للناس في ذلك المحيط الجديد ، مفادها :
١ ـ أنه رغم كل هذا الاتساع في النفوذ ، وكل هذه النجاحات التي حققها «صلىاللهعليهوآله» لم يكن يهدف إلى الإحتفاظ بالمال ليكون ذا قوة إقتصادية هائلة.
٢ ـ إنه برغم انتصاره العظيم الذي لم تمض بضعة أيام على حصوله لا يأخذ شيئا من أموال هؤلاء الذين حاربوه طيلة كل تلك السنين ، وقد هيمن الآن على بلادهم بقوة السلاح ، رغم أن له الحق في أخذ تلك الأموال ، كما كان له الحق في استرقاق محاربيه منهم ، ولكنه لم يفعل ذلك ، بل أطلقهم ، ولم