إلزام النّاصب في إثبات الحجّة الغائب عجّل فرجه - ج ٢

الشيخ علي اليزدي الحائري

إلزام النّاصب في إثبات الحجّة الغائب عجّل فرجه - ج ٢

المؤلف:

الشيخ علي اليزدي الحائري


المحقق: السيد علي عاشور
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٢٠
الجزء ١ الجزء ٢

فاكهة أخرى

في دعاء العهد وزيارته التي صدرت من الناحية المقدّسة

في البحار عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام أنّه قال : من دعا إلى الله أربعين صباحا بهذا العهد كان من أنصار قائمنا وإن مات قبله أخرجه الله تعالى من قبره وأعطاه بكل كلمة ألف حسنة ومحى عنه ألف سيّئة ، وهو هذا : اللهمّ ربّ النور العظيم وربّ الكرسي الرفيع وربّ البحر المسجور ومنزل التوراة والإنجيل والزبور وربّ الظلّ والحرور ومنزل القرآن العظيم وربّ الملائكة المقرّبين والأنبياء المرسلين ، اللهمّ إنّي أسألك بوجهك الكريم وبنور وجهك المنير وملكك القديم يا حيّ يا قيوم أسألك باسمك الذي أشرقت به السماوات والأرضون وباسمك الذي يصلح به الأوّلون والآخرون يا حيّ قبل كلّ حيّ ويا حيّ بعد كلّ حيّ ويا حيّ حين لا حيّ يا محيي الموتى ومميت الأحياء يا حيّ لا إله إلّا أنت ، اللهمّ بلّغ مولانا الإمام الهادي المهدي القائم بأمرك صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين عن جميع المؤمنين والمؤمنات في مشارق الأرض ومغاربها سهلها وجبلها برّها وبحرها وعنّي وعن والديّ وولدي من الصلوات زنة عرش الله ومداد كلماته وما أحصاه علمه وأحاط به كتابه ، اللهمّ إنّي أجدّد له في صبيحة يومي هذا وما عشت من أيّامي عهدا وعقدا وبيعة له في عنقي لا أحول عنها ولا أزول أبدا ، اللهمّ اجعلني من أنصاره وأعوانه والذابين عنه والمسارعين إليه في قضاء حوائجه والممتثلين لأوامره والمحامين عنه والسابقين إلى إرادته والمستشهدين بين يديه ، اللهمّ إن حال بيني وبينه الموت الذي جعلته على عبادك حتما مقضيا فأخرجني من قبري مؤتزرا كفني شاهرا سيفي مجرّدا قناتي ملبّيا دعوة الداعي في الحاضر والبادي ، اللهمّ أرني الطلعة الرشيدة والغرّة الحميدة وأكحل ناظري بنظرة منّي إليه وعجّل فرجه وسهّل مخرجه وأوسع منهجه واسلك بي محجّته وأنفذ أمره واشدد أزره واعمر اللهمّ به بلادك وأحي به عبادك فإنّك قلت وقولك الحقّ: (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ

٨١

بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) (١) فأظهر اللهمّ لنا وليّك وابن بنت نبيّك المسمّى باسم رسولك حتّى لا يظفر بشيء من الباطل إلّا مزّقه ويحقّ الحقّ ويحقّقه واجعله اللهمّ مفزعا لمظلوم عبادك وناصرا لمن لا يجد له ناصرا غيرك ومجدّدا لما عطّل من أحكام كتابك ومشيّدا لما ورد من أعلام دينك وسنن نبيّك صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واجعله اللهمّ ممّن حصّنته من بأس المعتدين ، اللهمّ وسرّ نبيّك محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم برؤيته ومن تبعه على دعوته وارحم استكانتنا بعده اللهمّ اكشف هذه الغمّة عن هذه الامّة بحضوره وعجّل لنا ظهوره إنّهم يرونه بعيدا ونراه قريبا العجل يا مولاي يا صاحب الزمان برحمتك يا أرحم الراحمين ، ثمّ تضرب على فخذك بيدك ثلاث مرّات وتقول : العجل يا مولاي يا صاحب الزمان ثلاثا (٢).

في الاحتجاج : عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري أنّه قال : خرج توقيع من الناحية المقدّسة حرسها الله ـ بعد المسائل ـ :

بسم الله الرحمن الرحيم

لا لأمر تعقلون ولا من أوليائه تقبلون حكمة بالغة فما تغني النذر عن قوم لا يؤمنون السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين إذا أردتم التوجّه بنا إلى الله وإلينا فقولوا كما قال الله تعالى :(سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) (٣) السلام عليك يا داعي الله وربانيّ آياته ، السلام عليك يا باب الله وديّان دينه ، السلام عليك يا خليفة الله وناصر حقّه ، السلام عليك يا حجّة الله ودليل إرادته ، السلام عليك يا تالي كتاب الله وترجمانه ، السلام عليك في آناء ليلك وأطراف نهارك ، السلام عليك يا بقيّة الله في أرضه ، السلام عليك يا ميثاق الله الذي أخذه ووكده ، السلام عليك يا وعد الله الذي ضمنه ، السلام عليك أيّها العلم المنصوب والعلم المصبوب والغوث والرحمة الواسعة وعدا غير مكذوب ، السلام عليك حين تقوم السلام عليك حين تقعد السلام عليك حين تقرأ السلام عليك حين تصلّي وتقنت السلام عليك حين تركع وتسجد السلام عليك حين تهلّل وتكبّر السلام عليك حين تحمد وتستغفر السلام عليك حين تصبح وتمسي ، السلام عليك في الليل إذا يغشى والنهار إذا تجلّى ، السلام عليك أيّها

__________________

(١) سورة الروم : ٤١.

(٢) مفاتيح الجنان : ٦١٥ ط. الأعلمي.

(٣) الصافات ، الآية : ١٣٠.

٨٢

الإمام المأمون ، السلام عليك أيّها المقدّم المأمول ، السلام عليك بجوامع السلام ، اشهد لي يا مولاي (١) أنّي أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له وأنّ محمّدا عبده ورسوله لا حبيب إلّا هو وأهله ، وأشهد أنّ أمير المؤمنين حجّته والحسن حجّته والحسين حجّته وعلي بن الحسين حجّته ومحمد بن علي حجّته وجعفر بن محمد حجّته وموسى بن جعفر حجّته وعلي بن موسى حجّته ومحمّد بن علي حجّته وعلي بن محمّد حجّته ، والحسن بن علي حجّته ، وأشهد أنّك حجّة الله أنتم الأوّل والآخر وأنّ رجعتكم حقّ لا شكّ فيها يوم لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ، وأنّ الموت حقّ وأنّ ناكرا ونكيرا حقّ وأشهد أنّ النشر والبعث حقّ وأنّ الصراط والمرصاد حقّ والميزان والحساب حقّ والجنّة والنار حقّ ، والوعد والوعيد بهما حقّ ، يا مولاي شقي من خالفكم وسعد من أطاعكم ، فاشهد عليّ ما أشهدتك عليه وأنا ولي لك بريء من عدوّك فالحقّ ما ارتضيتموه والباطل ما سخطتموه والمعروف ما أمرتم به والمنكر ما نهيتم عنه فنفسي مؤمنة بالله وحده لا شريك له وبرسوله وبأمير المؤمنين وبكم يا مولاي أوّلكم وآخركم ونصرتي معدة لكم ومودّتي خالصة لكم آمين آمين.

الدعاء عقيب هذا القول : بسم الله الرحمن الرحيم اللهمّ إنّي أسألك أن تصلّي على محمّد نبي رحمتك وكلمة نورك ، وأن تملأ قلبي نور اليقين وصدري نور الإيمان وفكري نور الثبات وعزمي نور العلم وقوّتي نور العمل ولساني نور الصدق وديني نور البصائر من عندك وبصري نور الضياء وسمعي نور وعي الحكمة ومودّتي نور الموالاة لمحمّد وآله عليهم‌السلام حتّى ألقاك وقد وفيت بعهدك وميثاقك فتسعني رحمتك يا وليّ يا حميد.

اللهمّ صلّ على حجّتك في أرضك وخليفتك في بلادك والداعي إلى سبيلك والقائم بقسطك والثائر بأمرك ، ولي المؤمنين وبوار الكافرين ومجلي الظلمة ومنير الحقّ والساطع بالحكمة والصدق ، وكلمتك التامّة في أرضك المرتقب الخائف والولي الناصح ، سفينة النجاة وعلم الهدى ونور أبصار الورى وخير من تقمّص وارتدى ومجلي العمى ، الذي يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا إنّك على كلّ شيء قدير.

اللهمّ صلّ على وليّك وابن أوليائك الذين فرضت طاعتهم وأوجبت حقّهم وأذهبت

__________________

(١) في المصدر : أشهدك يا مولاي.

٨٣

عنهم الرجس وطهّرتهم تطهيرا. اللهمّ انصره وانتصر به لدينك وانصر به أولياءك وأولياءه وشيعته وأنصاره واجعلنا منهم. اللهمّ أعذه من شرّ كل باغ وطاغ ومن شرّ جميع خلقك واحفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله واحرسه وامنعه من أن يوصل إليه بسوء واحفظ فيه رسولك وآل رسولك ، وأظهر به العدل وأيّده بالنصر وانصر ناصريه واخذل خاذليه واقصم قاصميه واقصم به جبابرة الكفرة واقتل به الكفّار والمنافقين وجميع الملحدين حيث كانوا من مشارق الأرض ومغاربها وبرّها وبحرها واملأ به الأرض عدلا وأظهر به دين نبيّك واجعلني اللهمّ من أنصاره وأعوانه وأتباعه وشيعته وأرني في آل محمّد عليهم‌السلام ما يأملون وفي عدوّهم ما يحذرون إله الحقّ آمين يا ذا الجلال والإكرام يا أرحم الراحمين(١).

وفي البحار عن السيّد ابن طاوس رحمه‌الله ممّا يزار به مولانا صاحب الزمان عليه‌السلام كلّ يوم بعد صلاة الفجر :

اللهمّ بلّغ مولاي صاحب الزمان صلوات الله عليه عن جميع المؤمنين والمؤمنات في مشارق الأرض ومغاربها وبرّها وبحرها وسهلها وجبلها حيّهم وميّتهم وعن والديّ وولدي وعنّي من الصلوات والتحيّات زنة عرش الله ومداد كلماته ومنتهى رضاه وعدد ما أحصاه كتابه وأحاط به علمه. اللهمّ اجدد له في هذا اليوم وفي كلّ يوم عهدا وعقدا وبيعة في رقبتي اللهمّ فكما شرّفتني بهذا التشريف وفضّلتني بهذه الفضيلة وخصصتني بهذه النعمة فصلّ على مولاي وسيّدي صاحب الزمان واجعلني من أنصاره وأشياعه الذابّين عنه واجعلني من المستشهدين بين يديه طائعا غير مكره في الصفّ الذي نعتّ أهله في كتابك فقلت صفّا (كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ) (٢) على طاعتك وطاعة رسولك وآله عليهم‌السلام اللهمّ هذه بيعة له في عنقي إلى يوم القيامة (٣).

وفيه : من زيارته عجّل الله فرجه زيارة يوم الجمعة وهو يومه عليه‌السلام واليوم الذي يظهر فيه عجّل الله فرجه :

السلام عليك يا حجّة الله في أرضه ، السلام عليك يا عين الله في خلقه ، السلام عليك

__________________

(١) الاحتجاج : ٤٩٤ ذكر طرف ممّا خرج عنه من المسائل الفقهية.

(٢) سورة الصف : ٤.

(٣) بحار الأنوار : ١٠٢ / ١١١ ح ٢ باب ٧.

٨٤

يا نور الله الذي يهتدي به المهتدون ويفرّج به عن المؤمنين ، السلام عليك أيّها المهذّب الخائف ، السلام عليك أيّها الوليّ الناصح ، السلام عليك يا سفينة النجاة ، السلام عليك يا عين الحياة ، السلام عليك صلّى الله عليك وعلى آل بيتك الطيّبين الطاهرين ، السلام عليك عجّل الله لك ما وعدك من النصر وظهور الأمر ، السلام عليك يا مولاي أنا مولاك عارف بأولاك وأخراك أتقرّب إلى الله تعالى بك وبآل بيتك وأنتظر ظهورك وظهور الحقّ على يدك وأسأل الله أن يصلّي على محمّد وآل محمّد وأن يجعلني من المنتظرين لك والتابعين لك على أعدائك والمستشهدين بين يديك في جملة أوليائك ، يا مولاي يا صاحب الزمان صلوات الله عليك وعلى آل بيتك هذا يوم الجمعة وهو يومك المتوقّع فيه ظهورك والفرج للمؤمنين على يدك وقتل الكافرين بسيفك وأنا يا مولاي فيه ضيفك وجارك وأنت يا مولاي كريم من أولاد الكرام مأمور بالإجارة فأضفني وأجرني صلوات الله عليك وعلى آبائك الطاهرين والحمد لله ربّ العالمين (١).

__________________

(١) بحار الأنوار : ١٠٢ / ٢١٦ ح ١ باب ٩.

٨٥

الغصن السابع

في إخبار أهل السنّة والجماعة بوجوده الآن غائبا وأنّه سيظهر ويملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، وإن ذكرنا بعض كلماتهم في عداد المعترفين بولادته من أهل السنّة والجماعة في الفرع الثالث من الغصن الخامس ، ذكرنا هنا مقدار الحاجة إتماما للمرام منها :

الأوّل : كمال الدين محمد ذكر في كتابه أبو القاسم م ح م د بن الحسن بن علي ... إلى علي ابن أبي طالب ، المهدي الحجّة الخلف الصالح المنتظر (١).

الثاني : محمد بن يوسف الكنجي الشافعي في كتابه كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب عليه‌السلام بعد ذكر تاريخ ولادة أبي محمد ووفاته ، وصف ابنه وهو الإمام المنتظر (٢) وفي كتابه البيان في أخبار صاحب الزمان بعد ذكر الأئمّة من ولد علي عليه‌السلام : وخلّف ـ يعني عليّ الهادي ـ من الولد أبا محمد الحسن ابنه ثمّ ذكر تاريخ ولادته ووفاته وقال : ابنه وهو الحجّة الإمام المنتظر وكان قد أخفى مولده وستر أمره لصعوبة الوقت وخوف السلطان.

والباب الرابع والعشرون في الدلالة على جواز بقاء المهدي مذ غيبته حيّا إلى الآن وأنّه لا امتناع في بقائه كبقاء عيسى ابن مريم والخضر والالياس من أولياء الله وبقاء الأعور الدجال وإبليس اللعين من أعداء الله قد ثبت بقاؤهم بالكتاب والسنّة ، إلى أن يقول : وأمّا بقاء المهدي فقد جاء في الكتاب والسنّة ، أمّا الكتاب فقد قال سعيد بن جبير في تفسير قوله تعالى : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (٣) قال : هو المهدي من ولد فاطمة.

أمّا من قال بأنّه عيسى فلا تنافي بين القولين ؛ إذ هو مساعد للمهدي على ما تقدّم(٤). إلى آخر كلامه [الذي] ذكرناه مفصّلا في الفرع الثاني من الغصن الرابع في ذكر المعمّرين (٥).

__________________

(١) كمال الدين : ٤٤١ ح ١٣ ب ٤٣.

(٢) كفاية الطالب : ٤٥٨ ذيل الباب الثامن.

(٣) سورة الصف ، الآية : ٩.

(٤) البيان : ١٤٨.

(٥) في الجزء الأوّل.

٨٦

الثالث : سبط ابن الجوزي شمس الدين يوسف بن قزأغلي بن عبد الله البغدادي الحنفي سبط العالم الواعظ أبي الفرج عبد الرحمن بن جوزي في آخر كتابه الموسوم بتذكرة الخواص بعد ترجمة العسكري ذكر أولاده منهم م ح م د الإمام ابن الحسن بن علي ... إلى علي بن أبي طالب ، وكنيته أبو عبد الله وأبو القاسم وهو الخلف الحجّة صاحب الزمان القائم والمنتظر والتالي وهو آخر الأئمّة (١).

الرابع : الشيخ الأكبر محيي الدين بن العربي في الفتوحات : لا بدّ من خروج المهدي عليه‌السلام لكنّه لا يخرج حتّى تمتلئ الأرض جورا وظلما فيملأها قسطا وعدلا ، ولو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد طوّل الله ذلك اليوم حتّى يلي ذلك الخليفة ، وهو من عترة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من ولد فاطمة جدّه الحسين بن علي ووالده الحسن العسكري بن الإمام علي النقي إلى أن يقول : يضع الجزية على الكفّار ويدعو إلى الله بالسيف ويرفع المذاهب عن الأرض فلا يبقى إلّا الدين الخالص ، أعداؤه مقلّدة العلماء ، أهل الاجتهاد ، لمّا يرونه يحكم بخلاف ما ذهب إليه أئمّتهم فيدخلون كرها تحت حكمه خوفا من سيفه إلى أن يقول : ولو لا أنّ السيف بيده لأفتى الفقهاء بقتله ولكن الله يظهره بالسيف والكرم ، إلى آخر كلامه [وقد] ذكرنا في الفرع الثالث من الغصن السابع في إخبار أهل العرفان والحساب والكهنة بظهوره وعلاماته تمام كلماته (٢).

الخامس : الشيخ العارف عبد الوهاب بن علي بن أحمد بن علي الشعراني في كتابه المسمّى باليواقيت في بيان أن جميع أشراط الساعة التي أخبرنا بها الشارع حقّ لا بدّ أن تقع كلّها قبل قيام الساعة وذلك كخروج المهدي عليه‌السلام ثمّ الدجّال ثمّ نزول عيسى ، إلى أن قال : إلى انتهاء الألف ثمّ تأخذ في ابتداء الاضمحلال إلى أن يصير الدين غريبا كما بدئ ، وذلك الاضمحلال يكون بدايته من مضي ثلاثين سنة من القرن الحادي عشر فهناك يترقّب خروج المهدي وهو من أولاد الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام ، ومولده عليه‌السلام ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين ، وهو باق إلى أن يجتمع بعيسى ابن مريم فيكون عمره إلى وقتنا

__________________

(١) تذكرة الخواص : ٣٢٥ فصل ذكر الحجّة.

(٢) الفتوحات المكية : ٣ / ٤١٩ باب ٣٦٦ ط. بولاق ـ مصر ، واليواقيت والجواهر : ٤٢٢ ـ ٤٢٣.

٨٧

هذا وهو سنة ثمان وخمسين وتسعمائة وسبعمائة وثلاث سنين (١).

السادس : نور الدين علي بن محمد بن صباغ المالكي في الفصول المهمّة : أبو القاسم الحجّة الخلف الصالح ابن أبي محمد الحسن الخالص إلى أن يقول : إنّ له غيبتين إحداهما أطول من الاخرى والتمسّك بالآيات والأخبار (٢).

السابع : شهاب الدين المعروف بملك العلماء شمس الدين بن عمر الهندي صاحب تفسير البحر الموّاج في كتابه الموسوم ب هداية السعداء عن جابر بن عبد الله دخلت على فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبين يديها ألواح فيها أسماء أئمّة ولدها ، إلى أن قال : أوّلهم زين العابدين ـ أي التسعة من ولد الحسين عليهم‌السلام ـ والثاني الإمام محمد الباقر ، إلى أن قال : والتاسع الإمام حجّة الله القائم الإمام المهدي ابنه ، وهو غائب وله عمر طويل كما بين المؤمنين عيسى والياس وخضر وفي الكافرين الدجّال والسامري (٣).

الثامن : الشيخ العالم المحدّث علي المتّقي بن حسام الدين بن القاضي عبد الملك بن قاضي خان القرشي من كبار العلماء وقد مدحوه في التراجم في كتابه البرهان في علامات مهدي آخر الزمان عن أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما‌السلام قال : لصاحب هذا الأمر ـ يعني المهدي ـ غيبتان إحداهما تطول حتّى يقول بعضهم : مات ، وبعضهم ذهب لا يطّلع على موضعه أحد من ولي (٤). وفي كتابه المرقاة في بيان الاثني عشر : محمد المهدي بن الحسن العسكري عليهما‌السلام (٥).

التاسع : العالم المعروف فضل بن روزبهان عند شرح قول العلّامة في نهج الحق : المطلب في زوجته وأولاده إلى أن يقول : نعم ما قلت فيهم منظوما :

__________________

(١) اليواقيت والجواهر : ٤٢٢ المبحث الخامس والستّون.

(٢) الفصول المهمّة : ٢٨١ ـ ٢٩٣ الفصل الثاني عشر.

(٣) في مقدّمة غيبة النعماني اسمه : شهاب الدين آبادي : ١٥ وكذا في الغدير : ٦ / ٦٨ ، وحديث اللوح ذكره جملة من العلماء ، راجع : كشف الغمة : ٣ / ٢٤٦ ، وفرائد السمطين : ٢ / ١٣٦ ح ٤٣٢.

(٤) راجع معجم أحاديث المهدي ٢ / ٤٦٥.

أقول : في البرهان المطبوع لا يوجد الحديث ، نعم ، ذكر عدّة أحاديث حول المهدي عليه‌السلام في الباب الأوّل في الكرامات.

(٥) أقول : مرقاة المفاتيح لعلي القاري وقد ذكر ذلك في كتابه ص ١٧٩.

٨٨

سلام على المصطفى المجتبى

سلام على السيّد المرتضى

إلى أن يقول :

سلام على السيّد العسكري

إمام يجهز جيش الصفا

سلام على القائم المنتظر

أبي القاسم العرم نور الهدى

سيطلع كالشمس في غاسق

ينجيه من سيفه المنتقى

ترى يملأ الأرض من عدله

كما ملئت جور أهل الهوى

سلام عليه وآبائه

وأنصاره ما تدوم السما

فنصّ من غير تردّد أنّ المهدي الموعود القائم المنتظر هو الثاني عشر من هؤلاء الأئمّة(١).

العاشر : عن عبد الله بن محمد المطري عن الإمام جمال الدين السيوطي في رسالة إحياء الميت بفضائل أهل البيت أنّ من ذريّة الحسين بن علي المهدي عليه‌السلام المبعوث في آخر الزمان ، إلى أن قال : الحادي عشر ابنه محمد القائم المهدي وقد سبق النصّ عليه في ملّة الإسلام من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو صاحب السيف القائم المنتظر إلى آخر ما قال (٢).

__________________

(١) كتاب چهارده معصوم : ٣١ المقدّمة.

(٢) أقول : في رسالة إحياء الميت للسيوطي المطبوعة بهامش كتاب الاتحاف بحبّ الأشراف (ط. مصر الأدبية) لا يوجد كلام عن الإمام المهدي عليه‌السلام فتأمّل!.

٨٩

فاكهة ثالثة

في البحار عن الكافي عن حسن بن راشد عن أبي إبراهيم عليه‌السلام يقول : لما احتفر عبد المطلب زمزم وانتهى إلى قعرها خرجت عليه من أحد جوانب البئر رائحة منتنة أقطعته وأبى أن ينثني ، وخرج ابنه الحارث عنه ثمّ حفر حتّى أمعن فوجد في قعرها عينا تخرج عليه برائحة المسك ، ثمّ احتفر فلم يحفر إلّا ذراعا حتّى تجلاه النوم فرأى رجلا طويل الباع حسن الشعر جميل الوجه جيّد الثوب طيّب الرائحة يقول : احفر تغنم وجد تسلم ولا تدخرها للمقسم ، الاسياف لغيرك والبئر لك ، أنت أعظم العرب قدرا ومنك يخرج نبيّها ووليّها والأسباط والنجباء والحكماء العلماء البصراء والسيوف لهم وليس اليوم منك ولا لك ولكن في القرن الثاني منك ، بهم يطهر الأرض ويخرج الشياطين من أقطارها ويذلّها في عزّها ويهلكها بعد قوّتها ويذلّ الأوثان ويقتل عبّادها حيث كانوا ، ثمّ يبقى بعده نسل من نسل هو أخوه ووزيره ودونه في السن وقد كان القادر على الأوثان لا يعصيه حرفا ولا يكتمه شيئا ويشاوره في كل أمر هجم عليه واستعيى (١) عنها عبد المطّلب فوجد ثلاثة عشر سيفا مسندة إلى جنبه فأخذها وأراد أن يبث (٢) فقال : وكيف ولم أبلغ الماء ثمّ حفر ولم يحفر شبرا حتّى بدا له قرن الغزال ورأسه واستخرجه ، وفيه طبع لا إله إلّا الله محمّد رسول الله علي وليّ الله فلان خليفة الله فسألته وقلت : فلان متى كان قبله أو بعده؟ قال : لم يجيء بعد وإلّا جاء شيء من أشراطه ، فخرج عبد المطّلب وقد استخرج الماء وأدرك وهو يصعد فإذا أسود له ذنب طويل يسبقه بدارا إلى فوق فضربه فقطع أكثر ذنبه ثمّ طلبه ففاته وفلان قاتله إن شاء الله ومن رأى عبد المطّلب أن يبطل الرؤيا التي رآها في البئر ويضرب السيوف مفاتيح للبيت فأتاه الله بالنوم فغشيه في حجر الكعبة فرأى ذلك الرجل بعينه وهو يقول : يا شيبة الحمد احمد ربّك فانّه سيجعلك لسان الأرض ويتبعك قريش خوفا ورهبة وطمعا ، ضع السيوف

__________________

(١) أي عجز ولم يهتد لوجهه.

(٢) أي ينشر ويذكر خبر الرؤيا فكتمه ، وفي بعض النسخ : يئب.

٩٠

في مواضعها ، فاستيقظ عبد المطّلب فأجابه أن يأتيني في النوم فإن يكن من ربّي فهو أحبّ إليّ وإن يكن من شيطان فأظنّه مقطوع الذنب فلم ير شيئا ولم يسمع كلاما ، فلمّا أن كان الليل أتاه في منامه بعدّة من رجال وصبيان فقالوا : نحن أتباع ولدك ونحن من سكّان السماء السادسة ، السيوف ليست لك فتزوّج في مخزوم تقوى واضرب بعد في بطون العرب ، فإن لم يكن معك مال فلك حسب فادفع هذه الثلاثة عشر سيفا إلى ولد المخزومية ولا يبال لك أكثر من هذا ، وسيف لك من هذا واحد يقع من يدك فلا تجد له أثرا إلّا أن يسجنه جبل كذا وكذا فيكون من أشراط قائم آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فانتبه عبد المطلب وانطلق والسيوف على رقبته فأتى ناحية من نواحي مكة ففقد منها سيفا كان أرقّها عنده فيظهر من ثم ، ثم دخل معتمرا فطاف بها على رقبته والغزالين أحد عشر طوافا وقريش تنظر إليه وهو يقول : اللهمّ صدق وعدك فأثبت لي قولي وانشر ذكري وشدّ عضدي ، وكان هذا ترداد كلامه وما طاف حول البيت بعد رؤياه في البئر ببيت شعر حتّى مات ، ولكن قد ارتجز على بنيه يوم أراد نحر عبد الله فدفع الأسياف جميعها إلى بني المخزومية إلى الزبير وإلى أبي طالب وإلى عبد الله فصار لأبي طالب من ذلك أربعة أسياف سيف لأبي طالب وسيف لعلي وسيف لجعفر وسيف لطالب ، وكان للزبير سيفان وكان لعبد الله سيفان ثمّ عادت فصار لعلي الأربعة الباقية اثنتين من فاطمة واثنتين من أولادها فطاح سيف جعفر يوم اصيب فلم يدر في يد من وقع حتّى الساعة ، ونحن نقول لا يقع سيف من أسيافها في يد غيرنا إلّا رجل يعين به معنا إلّا صار فحما قال : وإنّ لواحد في ناحية يخرج كما تخرج الحيّة فيبين منه ذراع وما يشبهه فتبرق له الأرض مرارا ثمّ يغيب فإذا كان الليل فعل مثل ذلك فهذا دأبه حتّى يجيء صاحبه ولو شئت أن اسمي مكانه لسمّيته ولكن أخاف عليكم من أن أسمّيه فتسمّوه فينسب إلى غير ما هو عليه (١).

أقول : حتّى تجلاه النوم أي : غلب عليه وجل أي : لا تدخر تبر الذهب ، واستعيى عنها تحير ، وأراد أن يبث أي : يذكر خبر الرؤيا أو يفرق السيوف على الناس ، فلان خليفة الله أي : القائم عليه‌السلام ، والأسود لعلّه كان الشيطان ، والقائم يقتله ويضرب السيوف صفائح للبيت ، وفي بعض النسخ مفاتيح أي يجاهد المشركين فيستولي عليهم ويخلّص البيت من أيديهم ،

__________________

(١) الكافي : ٤ / ٢٢٠ ح ٧ وبحار الأنوار : ١٥ / ١٦٧ ح ٩٦ باب ١.

٩١

واضرب بعد في بطون العرب أي : تزوّج بعد فاطمة المخزومية في أي بطن منهم شئت ، والحاصل أنّك لا بدّ لك من أن تتزوّج في بني مخزوم ليحصل والد النبي والأوصياء ويرثوا السيوف وأمّا سائر القبائل فالأمر إليك ، يسجنه أي : يخفيه ويستره ، يظهر من ثم ـ أي زمن القائم ـ من هذا الموضع الذي ـ أو من الجبل الذي ـ قدم ذكره إلّا صار فحما أي يسودّ ويبطل.

٩٢

الغصن الثامن

في علامات ظهور القائم من آيات القرآن وإخبار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّة الطاهرين وأهل العرفان والحساب والكهنة من الخاصّة والعامّة وفيه فروع :

الآية الاولى : من سورة البقرة قوله تعالى : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) (١) عن الإكمال عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : إنّ لقيام القائم علامات تكون من الله عزوجل للمؤمنين قلت : وما هي جعلني الله فداك؟ قال عليه‌السلام : قول الله عزوجل (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ) يعني المؤمنين قبل خروج القائم (بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) قال : نبلوهم بشيء من الخوف من ملوك بني فلان في آخر سلطانهم والجوع بغلاء أسعارهم ونقص من الأموال قال : كساد التجارات وقلّة الفضل ونقص من الأنفس قال : موت ذريع ونقص من الثمرات : قلّة ريع ما يزرع ، وبشّر الصابرين عند ذلك بتعجيل خروج القائم (عج) (٢).

الآية الثانية : من سورة آل عمران قوله تعالى : (ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) (٣) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لا تمضي الأيّام والليالي حتّى ينادي مناد من السماء يا أهل الحقّ اعتزلوا يا أهل الباطل اعتزلوا ، فيعزل هؤلاء من هؤلاء وهؤلاء من هؤلاء قلت : أصلحك الله يخالط هؤلاء وهؤلاء بعد ذلك النداء؟ قال : كلّا إنّه يقول في الكتاب : (ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ) الآية (٤).

الآية الثالثة : من سورة النساء قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها) (٥) عن أبي جعفر عليه‌السلام لجابر

__________________

(١) سورة البقرة : ١٥٥.

(٢) كمال الدين : ٦٤٩ ح ٣ باب ٥٧.

(٣) سورة آل عمران : ١٧٩.

(٤) تفسير العياشي : ١ / ٢٠٧ سورة آل عمران : ١٧٩.

(٥) سورة النساء : ٤٧.

٩٣

الجعفي : الزم الأرض ولا تحرّك يدا ولا رجلا حتّى ترى علامات أذكرها لك وما أراك تدرك ذلك ولكن حدّث به بعدي ـ وساق الحديث إلى آخره : ولا يفلت منهم إلّا ثلاثة نفر يحوّل الله وجوههم في أقفيتهم وهم من كلب وفيهم نزلت هذه الآية (يا أَيُّهَا الَّذِينَ) الآية(١).

الآية الرابعة : من سورة الأنعام (ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) (٢) عن حمران بن أعين عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إنّهما أجلان أجل محتوم وأجل موقوف. قال له حمران : ما المحتوم؟ قال : الذي لا يكون غيره ، قال : وما الموقوف؟ قال : هو الذي لله فيه المشيئة ، قال حمران : إنّي لأرجو أن يكون السفياني من الموقوف فقال أبو جعفر عليه‌السلام : لا والله انّه من المحتوم (٣).

الآية الخامسة : قوله تعالى : (قُلْ إِنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (٤) عن القمي عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً) وسيريك في آخر الزمان آيات منها دابّة الأرض والدجّال ونزول عيسى بن مريم وطلوع الشمس من مغربها (٥).

الآية السادسة : (قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ) إلى (لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ) (٦) عن القمي عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ) هو الدجّال والصيحة أو (مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) وهو الخسف (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً) وهو اختلاف في الدين وطعن بعضكم على بعض (وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) وهو أن يقتل بعضكم بعضا وكلّ هذا في أهل القبلة بقول الله (انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ) (٧).

الآية السابعة : من سورة يونس قوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً أَوْ نَهاراً ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ) (٨) عن أبي جعفر عليه‌السلام : فهو عذاب ينزل في آخر الزمان على فسقة أهل القبلة وهم يجحدون نزول العذاب عليهم (٩).

الآية الثامنة : من سورة يونس عليه‌السلام قوله تعالى : (حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ

__________________

(١) كتاب الغيبة للنعماني : ٢٧٩.

(٢) سورة الانعام : ٢.

(٣) غيبة النعماني : ٣٠١.

(٤) سورة الأنعام : ٣٧.

(٥) غيبة الشيخ : ٤٣٦.

(٦) سورة الأنعام : ٦٥.

(٧) تفسير القمي : ٢ / ٢٠٤.

(٨) سورة يونس : ٥٠.

(٩) تفسير القمي : ١ / ٣١٢ وتفسير البرهان : ٢ / ١٨٧ ح ٢.

٩٤

وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (١) عن غيبة النعماني عن محمد بن بشير قال : سمعت محمد ابن الحنفية أنّ قبل رايتنا راية لآل جعفر واخرى لآل مرداس ـ بنو مرداس كناية عن بني العبّاس ـ فأمّا راية آل جعفر فليست بشيء ولا إلى شيء ، فغضبت وكنت أقرب الناس إليه فقلت : جعلت فداك إنّ قبل راياتكم رايات؟ قال : أي والله ان لبني مرداس ملكا موطدا لا يعرفون في سلطانهم شيئا من الخير ، سلطانهم عسر ليس فيه يسر ، يدنون فيه البعيد ويقصون فيه القريب حتّى إذا أمنوا مكر الله وعقابه صيح بهم صيحة لم يبق لهم مناد يسمعهم ولا جماعة يجتمعون إليها وقد ضربهم الله مثلا في كتابه (حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً) الآية ، ثمّ حلف محمد ابن الحنفية بالله أنّ هذه الآية نزلت فيهم فقلت : جعلت فداك لقد حدّثتني عن هؤلاء بأمر عظيم فمتى يهلكون؟ فقال : ويحك يا محمد إنّ الله خالف علمه علم الموقّتين ، وإنّ موسى وعد قومه وكان في علم الله زيادة عشرة أيّام لم يخبر بها موسى فكفر قومه واتخذوا العجل من بعده لما جاز عنهم الوقت ، وإنّ يونس وعد قومه العذاب وكان في علم الله أن يعفو عنهم وكان من أمره ما قد علمت ، ولكن إذا رأيت الحاجة قد ظهرت وقال الرجل بتّ بغير عشاء حتّى يلقاك الرجل بوجه ثمّ يلقاك بوجه آخر قلت هذه الحاجة قد عرفتها فما الاخرى وأي شيء هي؟ قال : يلقاك بوجه طلق فإذا جئت تستقرضه قرضا لقيك بغير ذلك الوجه فعند ذلك تقع الصيحة من قريب (٢).

الآية التاسعة : قوله تعالى : (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (٣) في روضة الكافي عن عبد الرحمن بن مسلمة الجريري قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام يوبّخوننا ويكذّبوننا أنّا نقول : صيحتان تكونان ، يقولون : من أين يعرف المحقّة من المبطلة إذا كانتا؟ قال : فما ذا تردّون عليهم؟ قلت : ما نردّ عليهم شيئا ، قال : قولوا : يصدّق بها إذا كانت من كان يؤمن بها من قبل ، انّ الله عزوجل يقول (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِ

__________________

(١) سورة يونس : ٢٤.

(٢) غيبة النعماني : ٢٩٠ باب ما جاء في المنع عن التوقيت.

(٣) سورة يونس : ٣٥.

٩٥

أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (١).

الآية العاشرة : من النحل قوله تعالى : (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ) (٢) في كتاب المحجّة وعن البحار والعوالم عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه‌السلام يقول : الزم الأرض ولا تحركن يدك ولا رجلك أبدا حتّى ترى علامات أذكرها لك في سنة وتر ، وترى مناديا ينادي بدمشق ، وخسف بقرية من قراها ، وتسقط طائفة من مسجدها فإذا رأيت الترك جازوها فأقبلت الترك حتّى نزلت الجزيرة وأقبلت الروم حتّى نزلت الرملة ، وهي سنة اختلاف في كل أرض من أرض العرب ، وإنّ أهل الشام يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات : الأصهب والأبقع والسفياني مع بني ذنب الحمار مضر ، ومع السفياني أخواله كلب ، يظهر السفياني ومن معه على بني ذنب الحمار وهي الآية التي يقول الله تبارك وتعالى (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (٣) ويظهر السفياني ومن معه حتّى لا يكون له همّة إلّا آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وشيعتهم فيبعث بعثا إلى الكوفة فيصاب بأناس من شيعة آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالكوفة قتلا وصلبا ، وتقبل راية من خراسان حتّى تنزل ساحل الدجلة ، يخرج رجل من الموالي ضعيف ومن تبعه فيصاب بظهر الكوفة ويبعث بعثا إلى المدينة فيقتل بها رجلا ويهرب المهدي والمنصور منها ويؤخذ آل محمّد صغيرهم وكبيرهم لا يترك منهم أحد إلّا حبس ، ويخرج الجيش في طلب الرجلين ويخرج المهدي (عج) منها على سنّة موسى خائفا يترقّب حتّى يقدم مكّة ويقبل الجيش حتّى إذا نزلوا البيداء وهو جيش الهملات وخسف بهم فلا يفلت منهم إلّا مخبر ، فيقوم القائم (عج) بين الركن والمقام فيصلّي وينصرف ومعه وزيره فيقول : يا أيّها الناس إنّا نستنصر الله على من ظلمنا وسلب حقّنا من يحاجّنا في الله فإنّا أولى الناس بالله ، ومن يحاجّنا في آدم فإنّا أولى الناس بآدم ، ومن حاجّنا في نوح ، فإنّا أولى الناس بنوح ومن حاجّنا في إبراهيم فإنّا أولى الناس بإبراهيم عليه‌السلام ، ومن حاجّنا بمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنّا أولى الناس بمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومن حاجّنا في النبيّين فنحن أولى الناس بالنبيّين ، ومن حاجّنا في كتاب الله فنحن أولى الناس بكتاب الله ، إنّا نشهد وكلّ مسلم

__________________

(١) الكافي : ١ / ٢٠٢ ح ١ والآية في سورة يونس : ٣٥.

(٢) سورة النحل : ٤٥ ـ ٤٦.

(٣) سورة مريم : ٣٧.

٩٦

اليوم أنّا قد ظلمنا وطردنا وبغي علينا واخرجنا من ديارنا وأموالنا وأهالينا. إنّا نستغفر الله اليوم وكل مسلم ، ويجيء والله ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا فيهم خمسون امرأة يجتمعون بمكّة على غير ميعاد قزعا كقزع الخريف يتبع بعضهم بعضا وهي الآية التي قال الله تعالى : (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١) فيقول رجل من آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اخرج منها وهي القرية الظالمة أهلها ثمّ يخرج من مكة هو ومن معه الثلاثمائة وبضعة عشر يبايعونه بين الركن والمقام ، معه عهد نبي الله ورايته وسلاحه ووزيره معه ، فينادي المنادي بمكة باسمه وأمره من السماء حتّى يسمعه أهل الأرض كلّهم ، اسمه اسم نبي ما أشكل عليكم فلم يشكل عليكم عهد نبي الله ورايته وسلاحه والنفس الزكية من ولد الحسين عليه‌السلام فإن أشكل عليكم هذا فلا يشكل عليكم الصوت من السماء باسمه وأمره ، وإيّاك وشذاذ من آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنّ لآل محمّد وعلي راية ولغيرهم رايات فالزم الأرض ولا تتبع منهم رجلا أبدا حتى ترى رجلا من ولد الحسين عليه‌السلام معه عهد نبي الله ورايته وسلاحه فإنّ عهد نبي الله صار عند علي بن الحسين ثمّ صار عند محمد بن علي ويفعل الله ما يشاء ، فالزم هؤلاء أبدا وإيّاك ومن ذكرت لك فإذا خرج رجل منهم معه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا ومعه راية رسول الله عامدا إلى المدينة حتّى يمرّ بالبيداء حتّى يقول هذا مكان القوم الذي يخسف بهم وهي الآية التي قال الله (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا) (٢) إلى (فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ) (٣) فإذا قدم المدينة أخرج محمد بن الشجري على سنّة يوسف ، ثمّ يأتي الكوفة فيطيل بها المكث ما شاء الله أن يمكث حتّى يظهر عليها ، ثمّ يسير حتّى يأتي العذراء هو ومن معه وقد لحق به ناس كثير والسفياني يومئذ بوادي الرملة حتّى إذا التقوا وهم يوم الأبدال يخرج أناس كانوا مع السفياني من شيعة آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويخرج ناس كانوا مع آل محمد إلى السفياني ، فهم من شيعته حتى يلحقوا بهم ، ويخرج كل ناس إلى رايتهم وهو يوم الأبدال.

قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : يقتل يومئذ السفياني ومن معه حتّى لا يترك منهم مخبر ، والخائب يومئذ من خاب من غنيمة كلب ، ثم يقبل إلى الكوفة فيكون منزله بها فلا يترك عبدا مسلما إلّا اشتراه وأعتقه ولا غارما إلّا قضى دينه ولا مظلمة لأحد من الناس إلّا ردّها

__________________

(١) البقرة : ١٤٨.

(٢) سورة النحل : ٤٥.

(٣) سورة النحل : ٤٦.

٩٧

ولا يقتل منهم عبد إلّا أدّى ثمنه دية مسلمة إلى أهلها ولا يقتل قتيل إلّا قضى عنه دينه وألحق عياله في العطاء حتّى يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا وعدوانا ويسكن هو وأهل بيته الرحبة ، والرحبة إنّما كان مسكن نوح وهي أرض طيّبة ولا يسكن رجل من آل محمّد ولا يقتل إلّا بأرض طيّبة زاكية فهم الأوصياء الطيّبون (١).

الآية الحادية عشرة : من سورة الرعد قوله تعالى : (شَدِيدُ الْمِحالِ) (٢) عن غيبة النعماني عن علي عليه‌السلام أنّ بين يدي القائم (عج) سنين خدّاعة يكذب فيها الصادق ويصدق فيها الكاذب ويقرب فيها الماحل وينطق فيها الرويبضة قلت : وما الرويبضة وما الماحل؟

قال : أما تقرءون القرآن ، قوله (وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ) قال : يريد المكر ، فقلت: وما الماحل؟

قال : يريد المكار (٣).

الآية الثانية عشرة : من سورة بني إسرائيل قوله تعالى : (ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً) (٤) عن كتاب سرور أهل الايمان وفي البحار عن أصبغ بن نباتة قال : سمعت أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول للناس : سلوني قبل أن تفقدوني لأنّي بطرق السماء أعلم من العلماء وبطرق الأرض أعلم من العالم ، أنا يعسوب الدين أنا يعسوب المؤمنين وإمام المتّقين وديّان الناس يوم الدين ، أنا قاسم النار وخازن الجنان وصاحب الحوض والميزان وصاحب الأعراف فليس منّا إمام إلّا وهو عارف بجميع أهل ولايته وذلك قوله تعالى : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) ألا أيّها الناس سلوني قبل أن تفقدوني فتشغر برجلها (٥) فتنة شرقية وتطأ في خطامها بعد موتها وحياتها وتشبّ نار بالحطب الجزل من غربي الأرض رافعة ذيلها تدعو يا ويلها لرحله ومثلها فإذا استدار الفلك قلتم : مات أو هلك بأي واد سلك فيومئذ تأويل هذه الآية (ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً) ولذلك آيات أوّلهن إحصار الكوفة بالرصد والخندق وتخريق الروايا في سكك الكوفة وتعطيل المساجد أربعين ليلة وكشف الهيكل وخفق رايات حول

__________________

(١) بحار الأنوار : ٥٢ / ٢٢٥ ح ٨٧ باب ٢٥.

(٢) سورة الرعد : ١٣.

(٣) غيبة النعماني : ٢٧٨ باب ١٤ ح ٦٢.

(٤) سورة الإسراء : ٦.

(٥) تشغر برجلها : ترفعها لتبول.

٩٨

المسجد الأكبر تهتزّ ، القاتل والمقتول في النار ، وقتل سريع وموت ذريع ، وقتل النفس الزكية بظهر الكوفة في سبعين والمذبوح بين الركن والمقام وقتل الأشقع صبرا في بيعة الأصنام وخروج السفياني براية حمراء أميرها رجل من بني كلب ، واثنا عشر ألف عنان من خيل السفياني يتوجّه إلى مكّة والمدينة ، أميرها رجل من بني اميّة يقال له خزيمة ، أطمس العين الشمال على عينه ظفرة غليظة ، يتمثّل بالرجال ، لا ترد له راية حتّى ينزل المدينة في دار يقال لها دار أبي الحسن الأموي ، ويبعث خيلا في طلب رجل من آل محمد وقد اجتمع إليه ناس من الشيعة ، يعود إلى مكّة ، أميرها رجل من غطفان إذا توسط القاع الأبيض خسف بهم فلا ينجو إلّا رجل يحوّل الله وجهه إلى قفاه لينذرهم ويكون آية لمن خلفهم ويومئذ تأويل هذه الآية (وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) (١).

ويبعث مائة وثلاثين ألفا إلى الكوفة وينزلون الروحاء والفاروق فيسير منها ستّون ألفا حتّى ينزلوا الكوفة موضع قبر هود بالنخيلة فيهجمون إليهم يوم الزينة وأمير الناس جبّار عنيد يقال له الكاهن الساحر فيخرج من مدينة الزوراء إليهم أمير في خمسة آلاف من الكهنة ويقتل على جسرها سبعون ألفا حتّى تحمى الناس من الفرات ثلاثة أيّام من الدماء ونتن الأجساد ويسبى من الكوفة سبعون ألف بكر لا يكشف عنها كفّ ولا قناع حتى يوضعن في المحامل ويذهب بهن إلى الثوية وهي الغري ، ثمّ يخرج من الكوفة مائة ألف ما بين مشرك ومنافق حتّى يقدموا دمشق لا يصدّهم عنها صاد وهي إرم ذات العماد ، وتقبل رايات من شرقي الأرض غير معلمة ، ليست بقطن ولا كتّان ولا حرير ، مختوم في رأس القنا بخاتم السيّد الأكبر ، يسوقها رجل من آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تظهر بالمشرق وتوجد ريحها بالمغرب كالمسك الأذفر يسير الرعب أمامها بشهر حتّى ينزلوا الكوفة طالبين بدماء آبائهم ، فبينما هم على ذلك إذ أقبلت خيل اليماني والخراساني تستبقان كأنّهما فرسي رهان ، شعث غبر جرد أصلاب نواطي وأقداح ، إذا نظرت أحدهم برجله باطنه فيقول : لا خير في مجلسنا بعد يومنا هذا ، اللهمّ فإنّا التائبون ، وهم الأبدال الذين وصفهم الله في كتابه العزيز (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (٢) ونظراؤهم من آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويخرج رجل من أهل نجران يستجيب للإمام فيكون أوّل النصارى إجابة فيهدم بيعته ويدق صليبه فيخرج بالموالي

__________________

(١) سورة السبأ : ٥١.

(٢) سورة البقرة : ٢٢٢.

٩٩

وضعفاء الناس فيسيرون إلى النخيلة بأعلام هدى فيكون مجمع الناس جميعا في الأرض كلّها بالفاروق ، فيقتل يومئذ ما بين المشرق والمغرب ثلاثة آلاف ألف يقتل بعضهم بعضا فيومئذ تأويل هذه الآية (فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ) (١) بالسيف ، وينادي مناد في شهر رمضان من ناحية المشرق عند الفجر : يا أهل الهدى اجتمعوا ، وينادي مناد من قبل المغرب بعد ما يغيب الشفق : يا أهل الباطل اجتمعوا ، ومن الغد عند الظهر تتلوّن الشمس وتصفرّ فتصير سوداء مظلمة ، ويوم الثالث يفرّق الله بين الحقّ والباطل وتخرج دابة الأرض وتقبل الروم إلى ساحل البحر عند كهف الفتية فيبعث الله الفتية من كهفهم مع كلبهم ، منهم رجل يقال له تمليخا وآخر حملاها وهما الشاهدان المسلمان للقائم (عج) (٢).

الآية الثالثة عشرة : من سورة النحل قوله تعالى : (وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ) (٣) عن غيبة النعماني عن عباية بن ربعي قال : دخلت على أمير المؤمنين عليه‌السلام وأنا خامس خمسة وأصغر القوم سنّا فسمعته يقول : حدّثني أخي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : إنّي خاتم ألف نبي وانّك خاتم ألف وصي وكلّفت ما لم يكلّفوا فقلت : ما أنصفك القوم يا أمير المؤمنين ، فقال : ليس حيث تذهب يا ابن أخي والله لأعلم ألف كلمة لا يعلمها غيري وغير محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإنّهم ليقرءون منها آية في كتاب الله عزوجل وهي (وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ) وما يتدبّرونها حقّ تدبّرها. ألا أخبركم بآخر ملك بني فلان؟ قلنا : بلى يا أمير المؤمنين ، قال : قتل نفس حرام في يوم حرام في بلد حرام عن قوم من قريش والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ما لهم ملك بعده غير خمس عشرة ليلة ، قلنا : هل قبل هذا من شيء أو بعده من شيء؟ فقال : صيحة في شهر رمضان تفزع اليقظان وتوقظ النائم وتخرج الفتاة من خدرها (٤).

الآية الرابعة عشرة : من سورة العنكبوت قوله تعالى : (الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ

__________________

(١) سورة الأنبياء : ١٥.

(٢) بحار الأنوار : ٥٢ / ٢٧٥ ح ١٦٧ باب ٢٥.

(٣) النمل : ٨٢.

(٤) غيبة النعماني : ٢٥٨ ح ١٧ باب ١٤.

١٠٠