إلزام النّاصب في إثبات الحجّة الغائب عجّل فرجه - ج ٢

الشيخ علي اليزدي الحائري

إلزام النّاصب في إثبات الحجّة الغائب عجّل فرجه - ج ٢

المؤلف:

الشيخ علي اليزدي الحائري


المحقق: السيد علي عاشور
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٢٠
الجزء ١ الجزء ٢

الآية الثامنة عشرة : قوله تعالى : (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (١) يعني فإنهم يرجعون أي الأئمة إلى الدنيا (٢).

الآية التاسعة عشرة : قوله تعالى : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) (٣) عن القمي : (الْإِنْسانَ) رسول الله ، (بِوالِدَيْهِ) إنّما عنى الحسن والحسين عليهما‌السلام ثم عطف على الحسين فقال : (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً) ووضعته كرها وذلك أنّ الله أخبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبشّره بالحسين قبل حمله وأنّ الإمامة تكون في ولده إلى يوم القيامة ، ثمّ أخبره بما يصيبه من القتل والمصيبة في نفسه وولده ، ثمّ عوضه بأن جعل الإمامة في عقبه وأعلمه أنّه يقتل ثمّ يرده إلى الدنيا وينصره حتّى يقتل أعداءه ويملكه الأرض وهو قوله تعالى : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ) (٤) الآية ، وقوله تعالى : (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) (٥) فبشّر الله تعالى نبيّه : إنّ أهل بيتك يملكون الأرض ويرجعون إليها ويقتلون أعداءهم ، فأخبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاطمة عليها‌السلام بخبر الحسين وقتله فحملته كرها ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : فهل رأيتم أحدا يبشّر بولد ذكر فتحمله كرها أي إنّها اغتمّت وكرهت لما أخبرت بقتله ووضعته كرها لما علمت من ذلك وكان بين الحسن والحسين طهر واحد وكان الحسين في بطن أمّه ستّة أشهر وفصاله أربعة وعشرون شهرا وهو قول الله تبارك وتعالى : (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) (٦) (٧).

الآية العشرون : قوله تعالى : (وَالشَّمْسِ وَضُحاها وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها) (٨) في تفسير الفرات عن قول الله تعالى : (وَالشَّمْسِ وَضُحاها) قال : محمد رسول الله : (وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها) قال : أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام : (وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها) هم آل محمّد صلوات الله عليهم وهما الحسن والحسين (٩).

__________________

(١) سورة الزخرف : ٢٨.

(٢) تفسير القمّي.

(٣) سورة الاحقاف : ١٥.

(٤) سورة القصص : ٦.

(٥) سورة الأنبياء : ١٠٥.

(٦) سورة الاحقاف : ١٥.

(٧) تفسير القمي : ٢ / ٢٩٧.

(٨) سورة الشمس : ٢.

(٩) تفسير العياشي : ٢ / ٢٥٧.

٢٨١

وفيه أيضا عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال الحارث الأعور للحسين عليه‌السلام : يا ابن رسول الله جعلت فداك أخبرني عن قول الله في كتابه (وَالشَّمْسِ وَضُحاها) قال : ويحك يا حارث ذاك محمّد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : قلت : جعلت فداك قوله (وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها) قال ذاك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام يتلو محمّدا ، قال : قلت : قوله (وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها) قال عليه‌السلام : ذاك القائم (عج) من آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يملأ الأرض عدلا وقسطا (١).

__________________

(١) المصدر السابق.

٢٨٢

الفرع الثالث

في الآيات المؤوّلة بالرجعة المطلقة

الآية الاولى : قوله تعالى : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) (١) عن مشارق الأنوار : الغيب ثلاثة : يوم الرجعة ويوم القيامة ويوم القائم وهي أيّام آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢).

الآية الثانية : قوله تعالى : (وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ) (٣) في الدمعة عن منتخب البصائر عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام سئل عن قول الله (وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ) الخ فقال : يا جابر أتدري ما سبيل الله؟ قلت : لا والله إلّا إذا سمعت منك ، فقال : القتل في سبيل الله علي وذريته ، من قتل في ولايته قتل في سبيل الله وليس أحد يؤمن بهذه الآية إلّا وله قتلة وميتة ، إنّه من قتل فينشر حتّى يموت ومن مات ينشر حتّى يقتل (٤). أقول : لعلّ المراد بالحشر (٥) الرجعة.

الآية الثالثة : قوله تعالى : (ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٦) عن مجمع البيان : استدلّ قوم من أصحابنا بهذه الآية على جواز الرجعة وقول من قال إنّ الرجعة لا تجوز إلّا في زمن النبيّ لتكون معجزا له ودلالة على نبوّته باطل لأنّ عندنا ، بل عند أكثر الامّة يجوز إظهار المعجزات على أيدي الأئمّة والأولياء ، والأدلّة على ذلك مذكورة في كتب الاصول. أقول : ويعلم من قوله (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) أنّ الشكر إنّما يكون لكونها دار التكليف وإنّما يقع الشكر منهم لرجعتهم والتشفّي لمن ينتقم وهو ساقط عنهم يوم القيامة فيكون ذلك دليلا على وقوعه في الرجعة فإنّها حق (٧).

الآية الرابعة : قوله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) (٨) في الدمعة عن تفسير كنز الدقائق

__________________

(١) سورة البقرة : ٣.

(٢) مشارق أنوار اليقين : ٢٩٥ ط. الأعلمي بتحقيقنا.

(٣) سورة آل عمران : ١٥٧ ـ ١٥٨.

(٤) تفسير العيّاشي : ١ / ٢٠٢.

(٥) بالنشر.

(٦) البقرة : ٥٦.

(٧) مجمع البيان : ١ / ٢٢٣.

(٨) سورة آل عمران : ١٨٥.

٢٨٣

عن زرارة : قلت للباقر عليه‌السلام : فإنّ الله يقول (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) من قتل لم يذق الموت ، قال : لا بدّ من أن يرجع حتّى يذوق الموت (١).

وعن تفسير نور الثقلين عن أبي جعفر عليه‌السلام : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) أو منشورة نزل بها على محمّد ليس أحد من هذه الامّة إلّا وينشر فأمّا المؤمنون فينشرون إلى قرّة عين ، وأمّا الفجّار فينشرون إلى خزي الله إيّاهم (٢).

الآية الخامسة : قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً) (٣) عن تفسير الكشّاف قيل : الضمير متعلق بعيسى بمعنى وإن منهم أحد إلّا ليؤمننّ بعيسى قبل موت عيسى وهم أهل الكتاب الذين يكونون في زمان نزوله ، روي أنّه ينزل من السماء في آخر الزمان فلا يبقى أحد من أهل الكتاب إلّا ليؤمننّ به حتّى تكون الملّة واحدة فهي ملّة الإسلام ويهلك الله في زمانه المسيح الدجّال وتقع الأمنة حتّى ترتع الأسود مع الإبل والنسور مع البقر والذئاب مع الغنم ويلعب الصبيان بالحيات ويلبث في الأرض أربعين سنة ثمّ يتوفّى ويصلّي عليه المسلمون ويدفنونه (٤).

وعن تفسير علي بن إبراهيم عن شهر بن حوشب قال : قال لي الحجّاج : يا شهر آية في كتاب الله قد أعيتني فقلت : أيها الأمير أيّة آية؟ فقال : قوله (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) والله انّي لآمر اليهودي والنصراني فيضرب (٥) عنقه ثمّ أرمقه بعيني فما أراه يحرّك شفتيه حتّى يخمد ، فقلت : أصلح الله الأمير ليس على ما تأوّلت قال : كيف هو؟ قلت : إنّ عيسى عليه‌السلام ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا فلا يبقى أهل ملّة ، يهودي ولا غيره إلّا آمن قبل موته ويصلّي خلف المهدي ، قال : ويحك أنّى لك هذا ومن أين جئت؟ فقلت : حدّثني به محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقال: جئت بها والله من عين صافية (٦).

الآية السادسة : قوله تعالى : (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ)(٧)في

__________________

(١) تفسير كنز الدقائق : ٢ / ٢٤٩ وتفسير العياشي : ١ / ٢٠٢.

(٢) تفسير كنز الدقائق : ٢ / ٣٠٥.

(٣) سورة النساء : ١٥٩.

(٤) تفسير كنز الدقائق : ٢ / ٦٧٩ ، وقصص الأنبياء لابن كثير : ٢ / ٤٦٧ بتفاوت.

(٥) في بعض النسخ : فأضرب.

(٦) تفسير القمي : ١ / ١٥٨.

(٧) سورة الأعراف : ١٥٩.

٢٨٤

الدمعة عن الطبرسي اختلفت في هذه من هم على أقوال أحدها أنّهم قوم من وراء الصين وبينهم وبين الصين واد جار من الرمل لم يغيّروا ولم يبدلوا (١).

وهو المروي عن أبي جعفر عليه‌السلام ، إلى أن قال : وقيل : إنّ جبرئيل انطلق بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليلة المعراج إليهم فقرأ عليهم من القرآن عشر سور نزلت بمكة فآمنوا به وصدّقوه وأمرهم أن يقيموا مكانهم ويتركوا السبت وأمرهم بالصلاة والزكاة ولم تكن نزلت فريضة غيرهما ففعلوا ، ثمّ قال رحمه‌الله : وروى أصحابنا أنّهم يخرجون مع قائم آل محمّد (٢).

وعن المفيد في الإرشاد عن مفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : يخرج مع القائم من ظهر الكوفة سبعة وعشرون رجلا ، خمسة عشر من قوم موسى الذين كانوا يهدون بالحق وبه يعدلون وسبعة من أهل الكهف ويوشع بن نون وسلمان وأبو دجانة الأنصاري والمقداد بن الأسود ومالك الأشتر فيكونون بين يديه أنصارا وحكّاما (٣). وعن تفسير البرهان عن مفضّل عنه عليه‌السلام قريب من هذا باختلاف يسير (٤).

الآية السابعة : قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً) (٥) الآية ، عن الشيخ حسن بن سليمان في منتخب البصائر عن أبي بصير قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) الخ فقال : ذلك في الميثاق ثمّ قرأت (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ) (٦) فقال أبو جعفر عليه‌السلام : لا تقرأ هكذا ولكن اقرأ : التائبين العابدين ، إلى آخر الآية ، ثمّ قال : إذا رأيت هؤلاء فعند ذلك هؤلاء اشترى منهم أنفسهم وأموالهم يعني في الرجعة. ثمّ قال أبو جعفر عليه‌السلام : ما من مؤمن إلّا وله ميتة وقتلة ، من مات بعث حتّى يقتل ومن قتل بعث حتّى يموت (٧).

الآية الثامنة : قوله تعالى : (بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ) (٨) عن علي بن إبراهيم في هذه الآية قال : نزلت في الرجعة كذّبوا بها أي إنّها لا تكون ، ثمّ قال : (وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ

__________________

(١) تفسير مجمع البيان : ٤ / ٣٧٦.

(٢) تفسير مجمع البيان : ٤ / ٣٧٧.

(٣) الكنى والألقاب : ١ / ٦٦.

(٤) اعلام الورى : ٢ / ٢٩٢ وكشف الغمة : ٣ / ٢٦٥.

(٥) سورة التوبة : ١١١.

(٦) سورة التوبة : ١١٢.

(٧) تفسير العياشي : ٢ / ١١٨ ـ ١١٩.

(٨) سورة يونس : ٣٩.

٢٨٥

بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ) (١).

الآية التاسعة : قوله تعالى : (وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ) (٢) الآية في الدمعة عن تفسير علي بن إبراهيم (وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ) يا محمّد بعض الذي نعدهم من الرجعة وقيام القائم أو نتوفينّك قبل ذلك فإلينا مرجعهم ثمّ الله شهيد على ما يفعلون (٣).

الآية العاشرة : قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ ما فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ)(٤) الآية.

عن علي بن إبراهيم ، ثمّ قال : ولو انّ لكلّ نفس ظلمت آل محمّد حقّهم ما في الأرض جميعا لافتدت به في ذلك الوقت يعني الرجعة (٥).

الآية الحادية عشرة : قوله تعالى : (وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ) (٦) عن تفسير علي ابن إبراهيم إن متعناهم في هذه الدنيا إلى خروج القائم فنردهم ونعذّبهم (لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ) أي يقولون أما لا يقوم القائم ولا يخرج على حدّ الاستهزاء فقال الله تعالى : (أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) (٧) والامّة المعدودة أصحاب القائم الثلاثمائة والبضعة عشر (٨).

الآية الثانية عشرة : قوله تعالى : (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ) (٩) عن منتخب البصائر عن أبي عبد الله عليه‌السلام : أيّام الله ثلاثة ، يوم القائم ويوم الكرّة ويوم القيامة (١٠). وعن البرسي : أنّ يوم القائم يوم آل محمد ويوم الكرة يوم آل محمد ويوم القيامة يوم آل محمد ، لأنّهم الشهداء على الامم في دار الفناء والشفعاء لمسيئي شيعتهم في دار البقاء فمن لم يؤمن بيوم القيامة لم يؤمن بالله فأولئك هم الكافرون (١١).

الآية الثالثة عشرة : قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) (١٢) الآية عن تفسير البرهان عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن هذه الآية والذين يدعون الخ

__________________

(١ و ٥) تفسير القمّي : ١ / ٣١٢.

(٢) سورة يونس : ٤٦.

(٣) تفسير القمي : ٢ / ٢٦١.

(٤) يونس : ٥٤.

(٦) سورة هود : ٨.

(٧) سورة هود : ٨.

(٨) تفسير القمّي : ١ / ٣٢٣.

(٩) سورة إبراهيم : ٥.

(١٠) تفسير نور الثقلين : ٢ / ٥٢٦ ح ٧.

(١١). مشارق أنوار اليقين : ٢٩٥.

(١٢) سورة النحل : ٢٠.

٢٨٦

قال عليه‌السلام : (الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) الأوّل والثاني والثالث كذّبوا رسول الله بقوله : والوا عليا واتبعوه ، فعادوا عليا ولم يوالوه ودعوا الناس إلى ولاية أنفسهم فذلك قول الله (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) قال : وأمّا قوله (لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً) لا يعبدون شيئا (وَهُمْ يُخْلَقُونَ) يعني وهم يعبدون وأما قوله : (أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ) يعني كفّار غير مؤمنين ، وأمّا قوله : (وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) فإنّه يعني أنّهم لا يؤمنون انّهم يشركون (إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) فانّه كما قال الله ، وأمّا قوله : (فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) فانّه يعني لا يؤمنون بالرجعة أنّها حق ... الخبر(١).

وعن تفسير علي بن إبراهيم عن أبي جعفر عليه‌السلام قريب من هذا (٢).

الآية الرابعة عشرة : قوله تعالى : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما ظَلَمَهُمُ اللهُ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (٣) عن القمي : أو يأتي أمر ربّك من العذاب والموت وخروج القائم (٤).

الآية الخامسة عشرة : قوله تعالى : (فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) (٥) عن القمّي : من العذاب في الرجعة (٦).

الآية السادسة عشرة : قوله تعالى : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ) (٧) عن تفسير القمّي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما تقول الناس فيها؟

قال : يقولون نزلت في الكفّار ، قال : إنّ الكفّار لا يحلفون بالله وإنّما نزلت في قوم من أمّة محمّد ، قيل لهم ترجعون بعد الموت قبل القيامة فيحلفون أنّهم لا يرجعون فردّ الله عليهم فقال ليبيّن للذين كفروا أنّهم كانوا كاذبين يعني في الرجعة يردهم فيقتلهم ويشفي صدور المؤمنين منهم (٨). وفي روضة الكافي والبرهان قريب من هذا (٩).

الآية السابعة عشرة : قوله تعالى : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ) إلى قوله : (وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً) (١٠) ، وقد ذكرناها مع شطر من الأخبار في

__________________

(١) تفسير العياشي : ٢ / ٢٥٧.

(٢) تفسير القمي : ١ / ٣٨٣.

(٣) سورة النحل : ٣٣.

(٤) تفسير القمي : ١ / ٣٨٥.

(٥) سورة النحل : ٣٤.

(٦ و ٨) تفسير القمّي : ١ / ٣٨٥.

(٧) سورة النحل : ٣٨ ـ ٣٩.

(٩) تفسير البرهان : ٢ / ٣٦٨ ح ٢.

(١٠) سورة الإسراء : ٤ ـ ٥.

٢٨٧

الغصن الثاني من هذا الكتاب المؤوّلة بقيام القائم عجّل الله فرجه.

الآية الثامنة عشرة : قوله تعالى : (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً) (١) عن منتخب البصائر والبرهان عن أبي بصير عن أحدهما : في الآخرة أعمى قال : في الرجعة (٢).

الآية التاسعة عشرة : قوله تعالى : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً) (٣) عن تفسير القمّي ومنتخب البصائر عن معاوية بن عمّار قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام قول الله : (فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً) قال : هي والله للنصّاب قال : جعلت فداك قد رأيتهم دهرهم الأطول في كفاية حتّى ماتوا قال : ذلك والله في الرجعة يأكلون العذرة (٤).

الآية العشرون : قوله تعالى : (وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ) (٥) عن تفسير القمّي عن محمد بن مسلم عنهما قالا : كلّ قرية أهلك الله أهلها بالعذاب لا يرجعون في الرجعة فهذه الآية من أعظم الدلالات في الرجعة لأنّ أحدا من أهل الإسلام لا ينكر أنّ الناس كلّهم يرجعون إلى يوم القيامة من هلك ولم يهلك فقوله : لا يرجعون يعني في الرجعة فأمّا إلى يوم القيامة فيرجعون ، وأمّا من محض الإيمان محضا وغيرهم ممّن لم يهلكوا بالعذاب ومحضوا الكفر محضا فيرجعون (٦).

الآية الحادية والعشرون : قوله تعالى : (وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ) (٧) الأخبار الواردة في ذيل الآية كثيرة منها ما عن تفسير القمّي عن مفضل عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال رجل لعمّار بن ياسر : يا أبا اليقظان آية في كتاب الله قد أفسدت قلبي وشككتني قال عمّار : وأيّة آية هي؟

قال : قول الله (وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ) الآية ، فأيّة دابّة هذه؟ قال عمّار : والله ما أجلس ولا آكل ولا أشرب حتّى أريكها فجاء عمّار مع الرجل إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام وهو يأكل تمرا وزبدا فقال : يا أبا اليقظان هلمّ فجلس عمّار وأقبل يأكل معه فتعجّب الرجل منه ، فلمّا قام عمّار

__________________

(١) سورة الإسراء : ٧٢.

(٢) مختصر البصائر : ٢٠.

(٣) سورة طه : ١٢٤.

(٤) تفسير القمي : ٢ / ٦٥.

(٥) سورة الأنبياء : ٩٥.

(٦) تفسير القمي : ١ / ٢٤.

(٧) سورة النمل : ٨٢.

٢٨٨

قال الرجل : سبحان الله يا أبا اليقظان حلفت أنّك لا تأكل ولا تشرب ولا تجلس حتّى ترينيها ، قال : قد أريتكها إن كنت تعقل (١) :

الآية الثانية والعشرون : قوله تعالى : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ) (٢) عن منتخب البصائر عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً) فقال : ليس أحد من المؤمنين قتل إلّا سيرجع حتّى يموت ولا أحد من المؤمنين مات إلّا سيرجع حتّى يقتل (٣).

وفيه عن أبي بصير قال : قال لي أبو جعفر عليه‌السلام : هل ينكر أهل العراق الرجعة؟

قلت : نعم ، قال : أما يقرءون (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً) الآية (٤).

الآية الثالثة والعشرون : قوله تعالى : (أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ) (٥) عن تأويل الآيات قال : الموعود علي بن أبي طالب عليه‌السلام وعده الله تعالى أن ينتقم له من أعدائه في الدنيا أي وعده أن ينتقم من أعدائه في الرجعة ووعده الجنّة له ولأوليائه في الآخرة (٦).

الآية الرابعة والعشرون : قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) (٧)

عن القمّي سئل أبو جعفر عليه‌السلام عن جابر فقال : رحم الله جابرا بلغ من فقهه أنّه كان يعرف تأويل الآية (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) يعني الرجعة (٨).

الآية الخامسة والعشرون : قوله تعالى : (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (٩) عن تفسير البرهان عن الصادق عليه‌السلام في قول الله ويومئذ (يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ) قال : في قبورهم بقيام القائم عجّل الله فرجه (١٠).

الآية السادسة والعشرون : قوله تعالى : (وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ)(١١)

عن الكافي عن أبي إبراهيم عليه‌السلام قال : ليس يحييها بالقطر ولكن يبعث الله رجالا فيحيون

__________________

(١) تفسير القمي : ٢ / ١٣١.

(٢) سورة النمل : ٨٣.

(٣) منتخب البصائر : ٢٥.

(٤) المصدر السابق.

(٥) سورة القصص : ٦١.

(٦) تأويل الآيات : ١ / ٤٢٢ وتفسير البرهان : ٣ / ٢٣٤ ح ٢.

(٧) سورة القصص : ٨٥.

(٨) تفسير القمي : ٢ / ١٤٧.

(٩) سورة الروم : ٤ ـ ٥.

(١٠) تفسير البرهان : ٣ / ٢٥٧ ح ٢ والمحجّة : ١٧١.

(١١) سورة الروم : ١٩.

٢٨٩

العدل فتحيا الأرض لإحياء العدل ، ولإقامة الحدود فيها أنفع في الأرض من القطر أربعين صباحا(١).

الآية السابعة والعشرون : قوله تعالى : (قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ) (٢) عن روضة الكافي عن الحسن بن شاذان الواسطي قال : كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه‌السلام أشكو جفاء أهل واسط وحملهم عليّ وكانت عصابة من العثمانية تؤذيني فوقّع عليه‌السلام بخطّه أنّ الله جلّ ذكره أخذ ميثاق أوليائنا على الصبر في دولة الباطل ، فاصبر لحكم ربّك فلو قد قام سيّد الخلق لقالوا : (يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ). والمراد بسيّد الخلق القائم المهدي الحجّة ابن الحسن عجّل الله ظهوره آمين ثمّ آمين (٣).

الآية الثامنة والعشرون : قوله : (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (٤) وعن منتخب البصائر في خبر جابر كما مرّ في آية (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) عن أبي جعفر عليه‌السلام أنّه قال : ما في هذه الامّة أحد برّ ولا فاجر إلّا سينشر ، فأمّا المؤمنون فينشرون إلى قرّة أعينهم ، وأمّا الفجّار فينشرون إلى خزي الله إيّاهم ، ألم تسمع انّ الله يقول : (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ) (٥) وعن القمي : العذاب الأدنى عذاب الرجعة بالسيف (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) يعني فإنّهم يرجعون في الرجعة حتّى يعذّبوا (٦). وعن منتخب البصائر عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : العذاب الأدنى دابة الأرض (٧).

الآية التاسعة والعشرون : قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً) (٨) إلى آخر السورة ، عن القمّي : الأرض الجرز الأرض الخراب وهو مثل ضربه الله في الرجعة والقائم ، فلمّا أخبرهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بخبر الرجعة قالوا متى هذا الفتح إن كنتم صادقين فقال الله قل لهم يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون فأعرض عنهم يا محمد وانتظر انّهم منتظرون (٩).

__________________

(١) الكافي : ٧ / ١٧٤ ح ٢.

(٢) سورة يس : ٥٢.

(٣) الكافي : ٨ / ٢٤٧ ح ٣٤٦.

(٤) سورة السجدة : ٢١.

(٥) سورة السجدة : ٢١.

(٦) تفسير القمّي : ٢ / ١٧٠.

(٧) مختصر البصائر : ٢١٠ وتأويل الآيات : ٢ / ٤٤٤ ح ٧.

(٨) سورة السجدة : ٢٧.

(٩) تفسير القمي : ٢ / ١٧١.

٢٩٠

الآية الثلاثون : قوله تعالى حاكيا عن المشركين (رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ) (١) عن منتخب البصائر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : هو خاص لأقوام في الرجعة بعد الموت ويجري في القيامة ، فبعدا للقوم الظالمين (٢). عن البحار عن الرضا عليه‌السلام والله ما هذه الآية إلّا في الكرّة (٣).

الآية الحادية والثلاثون : قوله تعالى : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ) (٤) الآية سيأتي تفسيرها في سورة الشمس إن شاء الله.

الآية الثانية والثلاثون : قوله تعالى : (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ) ـ إلى ـ (يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ) (٥) عن القمّي قال : ذلك إذا أخرجوا في الرجعة من القبر يغشى الناس كلّهم الظلمة فيقولون : (هذا عَذابٌ أَلِيمٌ رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ) فقال الله ردّا عليهم : (أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى) في ذلك اليوم (وَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ) أي رسول قد بيّن لهم (ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ) قال : قالوا ذلك لمّا نزل الوحي على رسول الله وأخذه الغشي فقالوا هو مجنون ، ثمّ قال : (إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عائِدُونَ) يعني إلى القيامة ولو كان قوله : (يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ) في القيامة لم يقل انّكم عائدون لأنّه ليس بعد القيامة والآخرة حالة يعودون إليها ، ثمّ قال : (يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى) يعني في القيامة انّا منتقمون (٦).

الآية الثالثة والثلاثون : قوله تعالى : (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ) (٧) عن كتاب تأويل الآيات عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : الأيّام المرجوة ثلاثة يوم قيام القائم ويوم الكرة ويوم القيامة (٨).

الآية الرابعة والثلاثون : قوله تعالى : (وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ) (٩) عن تفسير القمّي قال : ينادي المنادي باسم القائم (عج) واسم أبيه وقوله : (يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ) قال : صيحة

__________________

(١) سورة غافر : ١١.

(٢) مختصر البصائر : ١٩٥.

(٣) البحار : ٥٣ / ١٤٤ ح ١٦٢.

(٤) سورة فصلت : ١٧.

(٥) سورة الدخان : ١٠ إلى ١٦.

(٦) تفسير القمي : ٢ / ٢٩٠.

(٧) سورة الجاثية : ١٤.

(٨) تأويل الآيات : ٢ / ٥٧٦.

(٩) سورة ق : ٤١ ـ ٤٢.

٢٩١

القائم من السماء (ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ) هي الرجعة (١).

الآية الخامسة والثلاثون : قوله تعالى : (يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً) (٢) عن القمّي قال : في الرجعة (٣).

الآية السادسة والثلاثون : قوله تعالى : (يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ) (٤) في منتخب البصائر عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : يكسرون في الكرّة كما يكسر الذهب حتّى يرجع كلّ شيء إلى شبهه يعني إلى حقيقته (٥).

الآية السابعة والثلاثون : قوله تعالى : (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ) (٦) عن القمّي المطر ينزل من السماء فيخرج به أقوات العالم من الأرض وما توعدون من أخبار الرجعة والقيامة والأخبار التي في السماء ثمّ أقسم عزوجل بنفسه فقال : (فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) (٧) يعني ما وعدتكم (٨).

الآية الثامنة والثلاثون : قوله تعالى : (وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (٩) عن القمّي والبحار والعوالم وانّ الذين ظلموا آل محمّد حقّهم عذابا دون ذلك قال : عذاب الرجعة بالسيف (١٠).

الآية التاسعة والثلاثون : قوله تعالى : (وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى) (١١) عن القمي : المؤتفكة البصرة والدليل على ذلك قول أمير المؤمنين عليه‌السلام : يا أهل البصرة يا أهل المؤتفكة يا جند المرأة وأتباع البهيمة رغا فأجبتم وعقر فانهزمتم (١٢) ماؤكم زعاق وأحلامكم وفاق (١٣) وفيكم ختم النفاق ولعنتم على لسان سبعين نبيّا ، إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخبرني أن جبرئيل أخبره أنّه طوى له الأرض فرأى البصرة أقرب الأرضين إلى الماء وأبعدها من السماء وفيها تسعة أعشار الشرّ والداء العضال المقيم فيها بذنب والخارج منها [متدارك] برحمة وقد ائتفكت

__________________

(١) تفسير القمّي : ٢ / ٣٢٧.

(٢) سورة ق : ٤٤.

(٣) تفسير القمي : ٢ / ٣٢٧.

(٤) سورة الذاريات : ١٣.

(٥) مختصر البصائر : ٢٨.

(٦) سورة الذاريات : ٢٢.

(٧) سورة الذاريات : ٢٣.

(٨) تفسير القمي : ٢ / ٣٣٠.

(٩) سورة الطور : ٤٧.

(١٠) تفسير القمي : ٢ / ١٧٠.

(١١) سورة النجم : ٥٣.

(١٢) في المصدر : فهربتم.

(١٣) في البحار دقاق ، وفي المصدر : رقاق.

٢٩٢

بأهلها مرّتين وعلى الله تمام الثالثة ، وتمام الثالثة في الرجعة (١).

الآية الأربعون : قوله تعالى : (اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) (٢) الكافي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : هو العدل بعد الجور (٣). في تأويل الآيات والإكمال باختلاف يسير عن أبي جعفر عليه‌السلام : يعني بموتها كفر أهلها والكافر ميّت فيحييها الله بالقائم (عج) فيعدل فيها فتحيا الأرض ويحيا أهلها بعد موتهم (٤).

الآية الحادية والأربعون : قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ) (٥) في الدمعة عن تفسير كنز الدقائق في الآية (قَوْماً غَضِبَ اللهُ) يعني عامة الكفّار وقيل اليهود ؛ لأنّها نزلت في بعض فقراء المسلمين كانوا يواصلون اليهود بأخبار المسلمين ليصيبوا من ثمارهم (قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ) لكفرهم بها أو لعلمهم بأنه لا حظّ لهم فيها لعنادهم الرسول المنعوت في التوراة المؤيّد بالمعجزات (كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ) أن يبعثوا ويثابوا وينالهم خير منهم ، وعلى الأوّل وضع الظاهر فيه موضع الضمير للدلالة على أنّ الكفر آيسهم (٦).

الآية الثانية والأربعون : قوله تعالى : (إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ) (٧) في البحار قال : أي الثاني (أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) أي أكاذيب الأوّلين (سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ) قال : في الرجعة إذا رجع أمير المؤمنين عليه‌السلام ويرجع أعداؤه فيسمهم بميسم معه كما توسم البهائم على الخراطيم الانف والشفتان (٨).

الآية الثالثة والأربعون : قوله تعالى : (خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ) (٩) في تفسير البرهان وتأويل الآيات عن أبي عبد الله عليه‌السلام : يعني خروج القائم (عج) (١٠). وهذا ممّا يدلّ على الرجعة في أيامه عليه وعلى آبائه أفضل صلوات ربّه وسلامه.

__________________

(١) تفسير القمي : ٢ / ٣١٦ والمؤتفكات : الرياح تختلف مهابها ، ورغا البعير : صوّت ، وزعاق : مالح.

(٢) سورة الحديد : ١٧.

(٣) الكافي : ٨ / ٢٦٧ ح ٣٩٠.

(٤) كمال الدين : ٦٦٨ ح ١٣ باب ٥٨.

(٥) سورة الممتحنة : ١٣.

(٦) تفسير الصافي : ٥ / ١٦٧.

(٧) سورة القلم : ١٥ ـ ١٦.

(٨) البحار : ٥٣ / ١٠٣ ح ١٢٨.

(٩) سورة المعارج : ٤٤.

(١٠) تأويل الآيات : ٢ / ٧٢٦ ح ٧ وتفسير البرهان : ٤ / ٣٨٦ ح ١.

٢٩٣

الآية الرابعة والأربعون : قوله تعالى : (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) (١) في البحار سئل أبو عبد الله عن اليوم قال : هي كرّة رسول الله فيكون ملكه في كرّته خمسين ألف سنة ويملك أمير المؤمنين عليه‌السلام في كرّته أربعة وأربعين ألف سنة (٢).

الآية الخامسة والأربعون : قوله تعالى : (حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً) إلى قوله عزوجل (رَصَداً) (٣) عن القمّي (حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ) قال القائم وأمير المؤمنين عليه‌السلام في الرجعة (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً) قال : هو قول أمير المؤمنين لزفر : والله يا ابن الصهّاك لو لا عهد من رسول الله وكتاب من الله سبق لعلمت أيّنا أضعف ناصرا وأقلّ عددا ، قال : فلمّا أخبرهم رسول الله ما يكون من الرجعة قالوا : متى يكون هذا؟

قال الله : قل يا محمد (إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً) ، وقوله : (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) الله (فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً) ، قال : يخبر الله رسوله الذي يرتضيه بما كان قبله من الأخبار وما يكون بعده من أخبار القائم والرجعة والقيامة (٤).

الآية السادسة والأربعون : قوله تعالى : (قُمْ فَأَنْذِرْ) (٥) في البحار قال : قيامه في الرجعة ينذر فيها (٦).

الآية السابعة والأربعون : قوله تعالى : (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً) (٧) عن منتخب البصائر سئل أبو عبد الله عن الرجعة أحقّ هي؟

قال : نعم ، وساق الحديث فيما يدلّ على رجعة الحسين كما سيأتي إن شاء الله في محلّه ، إلى أن قال : قلت : ومعه الناس كلّهم؟

قال : لا بدّ ، كما ذكر الله تعالى في كتابه : (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً) قوما بعد قوم (٨).

__________________

(١) سورة المعارج : ٤.

(٢) البحار : ٥٣ / ١٠٣ ح ١٣٠.

(٣) سورة الجن : ٢٤ ـ ٢٧.

(٤) تفسير القمي : ٢ / ٣٩١.

(٥) سورة المدّثر : ٢.

(٦) تفسير القمي : ٢ / ٣٩٣.

(٧) سورة النبأ : ١٨.

(٨) مختصر البصائر : ٤٨.

٢٩٤

الآية الثامنة والأربعون : قوله تعالى : (تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ) (١) في تفسير البرهان وعن منتخب البصائر قيل لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما تقول في الكرة قال : أقول فيها ما قال الله عزوجل وذلك أنّ تفسيرها صار إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل أن يأتي هذا الحرف بخمسة وعشرين ليلة ، قول الله عزوجل : (تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ) إذا رجعوا إلى الدنيا ولم يقضوا دخولهم فقيل له : يقول الله عزوجل : (فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ) أي شيء أراد بهذا؟ فقال : إذا انتقم منهم وماتت الأبدان بقيت الأرواح ساهرة لا تنام ولا تموت (٢).

الآية التاسعة والأربعون : قوله تعالى : (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ) (٣) قال : هو أمير المؤمنين قال : ما أكفره أي ما ذا فعل وأذنب حتّى قتلوه ، ثمّ قال : (مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ) قال : يسّر له طريق الخبر (ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ) قال : في الرجعة (كَلَّا لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ) (٤) أي لم يقض أمير المؤمنين ما قد أمره وسيرجع حتّى يقضي ما أمره (٥).

الآية الخمسون : قوله تعالى : (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَأَكِيدُ كَيْداً فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) (٦) عن القمّي عن أبي بصير في قوله : (فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ) ، قال : ما له قوّة يقوى بها على خالقه ولا ناصر من الله ينصره إن أراد به سوءا ، قلت : انّهم يكيدون كيدا قال : كادوا رسول الله وكادوا عليا وكادوا فاطمة فقال الله : يا محمّد انّهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا فمهل الكافرين يا محمّد أمهلهم رويدا لو قد بعث القائم فينتقم لي من الجبّارين والطواغيت من قريش وبني اميّة وسائر الناس (٧).

الآية الحادية والخمسون : قوله تعالى : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها) إلى قوله عزوجل : (فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها وَلا يَخافُ عُقْباها) (٨) عن تأويل الآيات عن أبي عبد الله عليه‌السلام في خبر في قوله عزوجل : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها) قال : ثمود رهط من الشيعة قال الله

__________________

(١) سورة النازعات : ١٢ ـ ١٤.

(٢) مختصر البصائر : ٢٨.

(٣) سورة عبس : ١٧.

(٤) سورة عبس : ١٨ ـ ٢٣.

(٥) البرهان : ٨ / ٢١٣.

(٦) سورة الطارق : ١٥ ـ ١٧.

(٧) تفسير القمي : ٢ / ٤١٦.

(٨) سورة الشمس : ١١ ـ ١٥.

٢٩٥

سبحانه : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ) (١) وهو السيف إذا قام القائم وقوله : (فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ) وهو النبي (ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها) قال : الناقة الإمام الذي فهم عن الله وفهمهم عن الله ، وسقياها أي عند سقي القلم: (فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها) قال : في الرجعة (وَلا يَخافُ عُقْباها) (٢) قال : لا يخاف من مثلها إذا رجع. ذكر في توجيه الخبر ، ثمود رهط من الشيعة وهم البلد الخبيث الذي لا يخرج نباته إلّا نكدا وهم الزيدية وما في فرق الشيعة ، وقوله ناقة الله يعني أمير المؤمنين والأئمّة عليهم‌السلام من بعده. وقد جاء في الزيارة الجامعة أنّهم الناقة المرسلة وقوله : فكذّبوه أي رسول الله فعقروها أي الناقة يعني قتلوا أمير المؤمنين عليه‌السلام والأئمّة بالسيف والسهم فدمدم عليهم ربّهم أي أهلكهم بعذاب الاستئصال في الدنيا والآخرة (٣).

الآية الثالثة والخمسون : قوله تعالى : (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) (٤) عن تأويل الآيات عن أبي عبد الله عليه‌السلام قوله عزوجل : (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) يعني مرّة في الكرّة ومرّة اخرى يوم القيامة (٥).

__________________

(١) سورة فصّلت : ١٧.

(٢) سورة الشمس : ١٣ ـ ١٥.

(٣) تأويل الآيات : ٢ / ٨٠٥ ح ٢.

(٤) سورة التكاثر : ٣ ـ ٤.

(٥) تأويل الآيات : ٢ / ٨٥٠ والبرهان : ٤ / ٥٠١ ح ٢.

٢٩٦

الفرع الرابع

في الأخبار الواردة في خصوص رجعة الأئمّة

في البحار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إنّ لعلي في الأرض كرّة مع الحسين ابنه صلوات الله عليهما ، يقبل برايته حتّى ينتقم له من بني اميّة ومعاوية وآل معاوية ومن شهد حربه ثمّ يبعث الله إليهم بأنصاره يومئذ من أهل الكوفة ثلاثين ألفا ومن سائر الناس سبعين ألفا فيلقاهم بصفّين مثل المرّة الاولى فيقتلهم (١) ولا يبقي منهم مخبرا ثمّ يبعثهم الله عزوجل فيدخلهم أشدّ عذابه مع فرعون وآل فرعون ، ثمّ كرّة اخرى مع رسول الله حتّى يكون خليفة في الأرض وتكون الأئمّة عمّاله وحتّى يبعثه الله علانية فتكون عبادته علانية في الأرض كما عبد الله سرّا ثمّ قال : إي والله وأضعاف ذلك ثمّ عقد بيده أضعافا يعطي الله نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ملك جميع أهل الدنيا منذ يوم خلق الله (٢) الناس إلى يوم يفنيها حتّى ينجز له موعوده في كتابه كما قال : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)(٣) (٤).

وفيه قال الصادق عليه‌السلام : ليس منّا من لم يؤمن بكرّتنا ويستحلّ متعتنا (٥).

وفي زيارة الجامعة المنسوبة إلى أبي الحسن الثالث : وجعلني ممّن يقتص آثاركم ويسلك سبيلكم ويهتدي بهداكم ويحشر في زمرتكم ويكرّ في رجعتكم ويملك في دولتكم ويشرف في عافيتكم ويمكّن في أيّامكم وتقرّ عينه غدا برؤيتكم. وفي زيارة الوداع : ومكّنني في دولتكم وأحياني في رجعتكم. وعن الصادق عليه‌السلام في زيارة الأربعين : وأشهد أنّي بكم مؤمن وبإيابكم موقن بشرائع ديني وخواتيم عملي (٦).

في الكافي والبحار عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله تعالى : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي

__________________

(١) في بعض النسخ : حتّى يقتلهم.

(٢) في بعض النسخ : الدنيا.

(٣) سورة التوبة : ٣٣.

(٤) مختصر البصائر : ٢٩ ، والبحار : ٥٣ / ٧٤ ح ٧٥.

(٥) من لا يحضره الفقيه : ٣ / ٤٥٨ ح ٤٥٨٣.

(٦) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام : ١ / ٣٠٨.

٢٩٧

الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ) (١) قتل علي بن أبي طالب عليه‌السلام وطعن الحسن ، (وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً) قتل الحسين عليه‌السلام ، (فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما) إذا جاء نصر دم الحسين عليه‌السلام (بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ) قوم يبعثهم الله قبل خروج القائم فلا يدعون وترا لآل محمّد إلّا قتلوه (وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً) خروج القائم (ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ) خروج الحسين عليه‌السلام في سبعين من أصحابه عليهم البيض المذهبة لكلّ بيضة وجهان ، المؤدّون إلى الناس أنّ هذا الحسين قد خرج حتّى لا يشكّ المؤمنون فيه وأنّه ليس بدجّال ولا شيطان ، والحجّة القائم بين أظهرهم فإذا استقرّت المعرفة في قلوب المؤمنين أنّه الحسين جاء الحجّة الموت فيكون الذي يغسّله ويكفّنه ويحنّطه ويلحده في حضرته الحسين بن علي عليهما‌السلام ولا يلي الوصي إلّا وصي ، وعن الصادق عليه‌السلام برواية صفوان في زيارة مولانا الحسين عليه‌السلام المعروفة بالوارث : واشهد الله وملائكته وأنبياءه ورسله أنّي بكم مؤمن وبإيابكم موقن بشرائع ديني وخواتيم عملي (٢).

وأيضا في زيارة العبّاس عليه‌السلام : إنّي بكم وبإيابكم من الموقنين ، وفي الزيارة الرجبية عن الناحية المقدّسة : ويرجعني من حضرتكم خير مرجع إلى جناب ممرع وخفض عيش موسع ودعة ومهل إلى حين الأجل وخير مصير ومحل في النعيم الأزل والعيش المقتبل ودوام الأكل وشرب الرحيق والسلسبيل وعل ونهل لا سأم منه ولا ملل ورحمة الله وبركاته وتحيّاته حتّى العود إلى حضرتكم والفوز في كرّتكم (٣).

والدعاء الوارد في يوم تولّد الحسين عليه‌السلام عن أبي القاسم بن العلاء وكيل أبي محمّد عليه‌السلام إلى قوله : وسيّد الأسرة ، الممدود بالنصرة يوم الكرّة ، المعوض من قتله أنّ الأئمّة من نسله والشفاء في تربته والفوز معه في أوبته والأوصياء من عترته بعد قائمهم وغيبته حتّى يدركوا الأوتار ويثأروا الثار ويرضوا الجبّار ويكونوا خير أنصار إلى قوله : فنحن عائذون بقبره نشهد تربته وننتظر أوبته آمين ربّ العالمين. وفي زيارة القائم (عج) في السرداب : ووفّقني يا ربّ للقيام بطاعته والمثوبة في خدمته والمكث في دولته واجتناب معصيته فإن توفيتني اللهمّ قبل ذلك فاجعلني يا ربّ فيمن يكرّ في رجعته ويملك في دولته ويتمكّن في أيّامه ويستظلّ

__________________

(١) سورة الإسراء : ٤.

(٢) مزار المشهدي : ٥١٦.

(٣) إقبال الاعمال : ٣ / ١٨٤.

٢٩٨

تحت أعلامه ويحشر في زمرته وتقرّ عينه برؤيته. وفي زيارة اخرى له : وإن أدركني الموت قبل ظهورك فأتوسّل بك إلى الله سبحانه أن يصلّي على محمّد وآل محمّد وأن يجعل لي كرّة في ظهورك ورجعة في أيّامك لأبلغ من طاعتك مرادي وأشفي من أعدائك فؤادي. وفي زيارة اخرى : اللهمّ أرنا وجه وليّك الميمون في حياتنا وبعد المنون ، اللهمّ إنّي أدين لك بالرجعة بين يدي صاحب هذه البقعة (١).

وفيه عن الصادق عليه‌السلام في زيارة النبي والأئمّة من بعيد فليقل وساق الزيارة إلى قوله : إنّي من القائلين بفضلكم مقرّ برجعتكم لا أنكر لله قدرة ولا أزعم إلّا ما شاء الله (٢).

وفيه عن أبي عبد الله : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أنا الفاروق الأكبر وصاحب الميسم وأنا صاحب النشر الأوّل والنشر الآخر وصاحب الكرّات ودولة الدول وعلى يدي يتمّ موعد الله وتكمل كلمته وبي يكمل الدين ... إلى آخر كلامه عليه‌السلام.

وفي زيارة الحسين المروية عن أبي حمزة عن الصادق عليه‌السلام : ونصرتي لكم معدة حتّى يحييكم الله بدينه ويبعثكم وأشهد أنّكم الحجّة وبكم ترجى الرحمة فمعكم معكم لا مع عدوّكم إنّي بكم من المؤمنين ولا أنكر لله قدرة ولا أكذّب منه بمشيئة ، ثم قال : اللهمّ صلّ على أمير المؤمنين عبدك وأخي رسولك إلى أن قال : اللهمّ أتمم به كلماتك وأنجز به وعدك وأهلك به عدوّك واكتبنا في أوليائه وأحبّائه ، اللهمّ اجعلنا شيعته وأنصارا وأعوانا على طاعتك وطاعة رسولك وما وكّلته به واستخلفته عليه يا ربّ العالمين. وعن أبي عبد الله عليه‌السلام : إذا أتيت عند قبر الحسين ويجزيك عند قبر كلّ إمام وساق [الزيارة] إلى قوله : اللهمّ لا تجعله آخر العهد من زيارة قبر ابن نبيك وابعثه مقاما محمودا تنتصر به لدينك وتقتل به عدوّك فإنّك وعدته وأنت الربّ الذي لا تخلف الميعاد (٣). وفي دعاء يوم دحو الأرض : وابعثنا في كرّته حتّى نكون في زمانه من أعوانه (٤).

وفي تفسير (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ) (٥) قال : هو أمير المؤمنين قال ما أكفره أي ما ذا فعل وأذنب حتّى قتلوه (٦). إلى آخر ما ذكرنا في الآية التاسعة والأربعين المؤوّلة بالرجعة المطلقة

__________________

(١) الكافي : ٨ / ٢٠٦ ح ٢٥٠ والبحار

(٢) جمال الاسبوع ١٥٤ ، والبحار : ٥٣ / ٩٧ ح ١١٢.

(٣) كامل الزيارات : ٥٢٦.

(٤) البحار : ٥٣ / ٩٨ ـ ٩٩ ح ١١٨.

(٥) سورة عبس : ١٧.

(٦) تفسير القمي : ٢ / ٤٠٥.

٢٩٩

قبيل هذا (١).

وفيه عن أبي جعفر عليه‌السلام قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لقد أعطيت الست : علم المنايا والبلايا وفصل الخطاب وإنّي لصاحب الكرّات ودولة الدول وإنّي لصاحب العصا والميسم والدابة التي تكلّم الناس (٢).

وفيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام : والله لا تذهب الأيّام والليالي حتّى يحيي الله الموتى ويميت الأحياء ويردّ الحقّ إلى أهله ويقيم دينه الذي ارتضاه لنفسه. إلى آخر الحديث (٣).

وفيه في تفسير القمّي : انّ للذين ظلموا آل محمّد حقّهم عذابا دون ذلك قال : عذاب الرجعة بالسيف.

وفي تفسير (إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ) أي الثاني (أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ) (٤) كما ذكرنا آنفا (٥).

وفيه عن أحمد بن عقبة عن أبيه عن أبي عبد الله سئل عن الرجعة أحقّ هي؟

قال : نعم ، فقيل له : من أوّل من يخرج؟ قال : الحسين يخرج على أثر القائم ، قلت : ومعه الناس كلّهم؟ قال : لا ، بل كما ذكر الله في كتابه (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً) (٦) قوم بعد قوم ، وعنه : ويقبل الحسين عليه‌السلام في أصحابه الذين قتلوا معه ومعه سبعون نبيّا كما بعثوا مع موسى بن عمران فيدفع إليه القائم الخاتم فيكون الحسين هو الذي يلي غسله وكفنه وحنوطه ويواريه في حفرته (٧).

وفيه عن أبي جعفر عليه‌السلام : والله ليملكنّ منّا أهل البيت رجل بعد موته ثلاثمائة سنة ويزداد تسعا ، قلت : متى يكون ذلك؟ قال : بعد القائم ، قلت : وكم يقوم القائم في عالمه؟

قال : تسع عشرة سنة ثمّ يخرج المنتصر إلى الدنيا وهو الحسين عليه‌السلام فيطلب بدمه ودم أصحابه فيقتل ويسبي حتّى يخرج السفّاح وهو أمير المؤمنين (٨).

وفيه عن أبي جعفر عليه‌السلام : إذا ظهر القائم ودخل الكوفة بعث الله تعالى أمير المؤمنين عليه‌السلام(٩).

__________________

(١) مختصر البصائر : ٤٨.

(٢) بصائر الدرجات : ٢٢٠ ، والبحار : ٢٥ / ٣٥٤ ح ٣.

(٣) تهذيب الاحكام : ٤ / ٩٧ ح ٢٧٤.

(٤) سورة القلم : ١٤ ـ ١٦.

(٥) مختصر البصائر : ٤٦ وتفسير القمي : ٢ / ١٧٠.

(٦) سورة النبأ : ١٨.

(٧) مختصر البصائر : ٤٨.

(٨) مختصر البصائر : ٤٩ وغيبة النعماني : ٣٣٢.

(٩) مختصر البصائر : ٤٧.

٣٠٠