إلزام النّاصب في إثبات الحجّة الغائب عجّل فرجه - ج ٢

الشيخ علي اليزدي الحائري

إلزام النّاصب في إثبات الحجّة الغائب عجّل فرجه - ج ٢

المؤلف:

الشيخ علي اليزدي الحائري


المحقق: السيد علي عاشور
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٢٠
الجزء ١ الجزء ٢

أيديهم ما شاء الله ، ثمّ يخرج الدجّال حقّا ويفتح الله القسطنطينة على يد أقوام هم أولياء الله ، يدفع الله عنهم الموت والمرض والسقم حتّى ينزل عيسى ابن مريم فيقاتلون معه الدجّال أخرجه الإمام أبو عبد الله نعيم بن عماد في كتاب الفتن (١).

وفي الدمعة عن عقد الدرر عن كعب الأحبار أن أمّة تدّعي النصرانية في بعض جزائر البحر تجهز ألف مركب في كل عام فيقولون : اركبوا إن شاء الله وإن لم يشأ ، فإذا وقعوا في البحر أرسل الله عليهم ريحا عاصفة كسرت سفنهم قال : فيصنعون مرارا فإذا أراد الله تعالى اتخذت سفنا لم يوضع على البحر مثلها قال : فيقولون اركبوا إن شاء الله فيركبون ويمرّون بالقسطنطينة فيفزعون لهم فيقولون ما أنتم؟ فيقولون : نحن أمّة تدّعي النصرانية نريد هذه الامّة التي أخرجتنا من بلادنا وبلاد آبائنا ، وأمير المسلمين يومئذ ببيت المقدس فيبعث إلى مصر فيستمدّهم فيجيئه رسوله من قبل مصر فيقول بحفرة بحر والبحر حمال فلا يمدّونه قال : فيمرّ الرسول بحمص وقد أغلقها أهلها من العجم على من فيها من المسلمين وتمدّهم أهل اليمن على قلصهم قال : ويكتم الخبر ويقول : أي شيء تنتظرون؟ الآن تغلق كلّ مدينة على من فيها من المسلمين ويأخذ ثلث بأذناب الإبل ويلحقون بالبرية فيهلكون في سهيل الأرض لا إلى هؤلاء. ولا إلى هؤلاء قال : ويفتح البلد فيقبلونهم في جبل لبنان حتّى ينزل أمير المؤمنين في الخليج ويصير الأمر إلى ما كان عليه الناس أن يحمل لواه قال : فيركز لواه ويأتي الماء ليتوضّأ منه لصلاة الصبح قال : فيتباعد الماء منه قال : فيتبعه فيتباعد منه فإذا رأى ذلك أخذ لواه واتبع الماء حتّى يجوز من تلك الناحية ثمّ ينادي أيّها الناس أغيروا إنّ الله عزوجل قد فرق لكم البحر كما فرقه لموسى بن عمران قال : فتجوز الناس فيستقبل القسطنطينة قال:فيكبّرون فيهتزّ حائطها ثمّ يكبّرون فيسقط منها ما بين اثني عشر برجا فيدخلونها فيجدون فيها كنوزا من ذهب وفضّة وكنوزا من نحاس فيقتسمون غنائمهم على الترسة. أخرجه الإمام أبو عمر الداني في سننه (٢).

وفي البحار عن أبي جعفر عليه‌السلام : إذا خسف بجيش السفياني ... إلى أن قال : والقائم يومئذ بمكة عند الكعبة مستجيرا بها يقول : أنا ولي الله ، أنا أولى بالله وبمحمّد فمن حاجّني في آدم

__________________

(١) عقد الدرر : ١٣٧.

(٢) عقد الدرر : ١٣٧ ـ ١٣٩.

٢٤١

فأنا أولى الناس بآدم ومن حاجّني بنوح فأنا أولى الناس بنوح ومن حاجّني في إبراهيم فأنا أولى الناس بإبراهيم ومن حاجّني في محمّد فأنا أولى الناس بمحمّد فمن حاجّني في النبيّين فأنا أولى الناس بالنبيّين إنّ الله تعالى يقول : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (١) فأنا بقيّة آدم وخيرة نوح ومصطفى إبراهيم وصفوة محمّد ، ألا ومن حاجّني في كتاب الله فأنا أولى الناس بكتاب الله ، ألا ومن حاجّني في سنّة رسول الله فأنا أولى الناس بسنّة رسول الله وسيرته وأنشد الله من سمع كلامي لما يبلغ الشاهد الغائب ، فيجمع الله له أصحابه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا فيجمعهم الله على غير ميعاد ، قزع كقزع الخريف ، ثمّ تلا هذه الآية (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) (٢) فيبايعونه بين الركن والمقام ومعه عهد رسول الله ، قد تواترت عليه الآباء فإن أشكل عليهم من ذلك الشيء فإنّ الصوت من السماء لا يشكل عليهم إذا نودي باسمه واسم أبيه (٣).

وفي رواية : فيقوم رجل منه فينادي : أيّها الناس هذا طلبتكم قد جاءكم يدعوكم إلى ما دعاكم إليه رسول الله ، قال : فيقومون ، قال : فيقوم هو بنفسه فيقول : أيّها الناس أنا فلان بن فلان أنا ابن نبي الله أدعوكم إلى ما دعاكم إليه نبي الله فيقومون إليه ليقتلوه فيقوم ثلاثمائة أو ينيف على الثلاثمائة فيمنعونه خمسون من أهل الكوفة وسائرهم من أفناء الناس لا يعرف بعضهم بعضا ، اجتمعوا على غير ميعاد (٤).

وفيه : عنه عليه‌السلام يقول القائم لأصحابه يا قوم إنّ أهل مكّة لا يريدونني ولكنّي مرسل إليهم لأحتجّ عليهم بما ينبغي لمثلي أن يحتج عليهم فيدعو رجلا من أصحابه فيقول له : امض إلى أهل مكّة فقل : يا أهل مكّة أنا رسول فلان إليكم وهو يقول لكم : إنّا أهل بيت النبوّة ومعدن الرسالة والخلافة ونحن ذريّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسلالة النبيّين وإنّا قد ظلمنا واضطهدنا وقهرنا ، ابتز منّا حقّنا منذ قبض نبيّنا إلى يومنا هذا ونحن نستنصركم فانصرونا ، فإذا تكلّم هذا الفتى بهذا الكلام أتوا إليه فذبحوه بين الركن والمقام وهي النفس الزكية ، فإذا بلغ ذلك الإمام قال

__________________

(١) سورة آل عمران : ٣٣ ـ ٣٤.

(٢) سورة البقرة : ١٤٨.

(٣) إثبات الهداة : ٣ / ٥٨٢ ح ٧٧٠ ، والاختصاص : ٢٥٧.

(٤) البحار : ٥٢ / ٣٠٦ ح ٧٩.

٢٤٢

لأصحابه : ألا أخبرتكم أنّ أهل مكّة لا يريدوننا ، فلا يدعونه حتّى يخرج فيهبط عن عقبة طوى في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا عدّة أهل بدر حتّى يأتي المسجد الحرام فيصلّي فيه عند مقام إبراهيم أربع ركعات ويسند ظهره إلى الحجر الأسود ثمّ يحمد الله ويثني عليه ويذكر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويصلّي عليه ويتكلّم بكلام لم يتكلّم به أحد من الناس فيكون أوّل من يضرب على يديه ويبايعه جبرئيل وميكائيل ويقوم معهما رسول الله وأمير المؤمنين فيدفعان إليه كتابا جديدا هو على العرب شديد ، بخاتم رطب فيقولون : اعمل بما فيه ويبايعه الثلاثمائة وقليل من أهل مكّة ثمّ يخرج من مكّة حتّى يكون في مثل الحلقة ، قلت : وما الحلقة؟ قال : عشرة آلاف رجل ، جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن شماله ثمّ يهزّ الراية الجلية وينشرها وهي راية رسول الله السحابة ودرع رسول الله السابقة ويتقلّد بسيف رسول الله ذي الفقار. وفي خبر آخر : ما من بلدة إلّا يخرج معه منهم طائفة إلّا أهل البصرة فإنّه لا يخرج معه منها أحد(١).

وفي العوالم عن الأنوار المضيئة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : لا يخرج القائم من مكة حتّى تستكمل الحلقة ، قلت : وكم الحلقة؟ قال : عشرة آلاف ، جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره ثمّ يهزّ الراية المغلبة ويسير بها فلا يبقى أحد في المشرق ولا في المغرب إلّا بلغها ثمّ يجتمعون قزعا كقزع الخريف من القبائل ما بين الواحد والاثنين والثلاثة والأربعة والخمسة والستّة والسبعة والثمانية والتسعة والعشرة (٢).

وفي الخصال عنه عليه‌السلام : سيأتي من مسجدكم هذا ـ يعني مكّة ـ ثلاثمائة وثلاثة عشر يعلم أهل مكّة أنّهم لم يلدهم آباؤهم ولا أجدادهم عليهم السيوف مكتوب على كلّ سيف كلمة تفتح ألف كلمة تبعث الريح فتنادي : هذا المهدي يقضي بقضاء آل داود لا يسأل عليه بيّنة (٣).

وفي البحار عن الرضا عليه‌السلام قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لما عرج بي إلى السماء نوديت : يا محمّد فقلت : لبيك ربّي وسعديك تباركت وتعاليت ، فنوديت : يا محمد أنت عبدي وأنا ربّك فإيّاي فاعبد وعليّ فتوكّل فإنّك نوري في عبادي ورسولي إلى خلقي وحجّتي على بريّتي، لك

__________________

(١) البحار : ٥٢ / ٣٠٧ ح ٨١.

(٢) غيبة النعماني : ١٥٥.

(٣) الخصال : ٦٤٩ ح ٤٢ أبواب الواحد إلى المائة.

٢٤٣

ولمن تبعك خلقت جنّتي ولمن خالفك خلقت ناري ولأوصيائك أوجبت كرامتي ولشيعتهم أوجبت ثوابي فقلت : يا رب ومن أوصيائي فنوديت يا محمّد أوصياؤك المكتوبون على ساق عرشي فنظرت وأنا بين يدي ربّي جل جلاله إلى ساق العرش فرأيت اثني عشر نورا في كل نور سطر أخضر عليه اسم وصي من أوصيائي أوّلهم علي بن أبي طالب عليه‌السلام وآخرهم مهدي أمّتي فقلت : يا ربّ هؤلاء أوصيائي بعدي؟ فنوديت : يا محمد هؤلاء أوليائي وأحبّائي وأصفيائي وحججي بعدك على بريتي وهم أوصياؤك وخلفاؤك وخير خلقي بعدك ، وعزّتي وجلالي لأظهرنّ بهم ديني ولأعلينّ بهم كلمتي ولأطهرنّ الأرض بآخرهم من أعدائي ولأملكنّه مشارق الأرض ومغاربها ولأسخرنّ له الرياح ولأذللنّ له السحاب الصعاب ولأرقينه في الأسباب ولأنصرنه بجندي ولأمدّنه بملائكتي حتّى يعلن دعوتى ويجمع الخلق على توحيدي ثمّ لاديمنّ ملكه ولاداولنّ الأيّام بين أوليائي إلى يوم القيامة (١).

وفيه : عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : له كنز بالطالقان ما هو بذهب ولا فضّة ، وراية لم تنتشر منذ طويت ورجال كأنّ قلوبهم زبر الحديد ، لا يشوبها شكّ في ذات الله ، أشدّ من الحجر ، لو حملوا على الجبال لأزالوها ، لا يقصدون برايتهم بلدة إلّا خرّبوها ، كأنّ على خيولهم العقيان (٢) ، يتمسّحون بسرج الإمام ، يطلبون بذلك البركة ويحفّون به يقونه بأنفسهم في الحروب ويكفونه ما يريد فيهم ، رجال لا ينامون الليل ، لهم دويّ في صلاتهم كدويّ النحل يبيتون قياما على أطرافهم ويصبحون على خيولهم ، رهبان بالليل ليوث بالنهار ، هم أطوع له من الأمة لسيدها ، كالمصابيح كأنّ قلوبهم القناديل وهم من خشية الله مشفقون يدعون بالشهادة ويتمنّون أن يقتلوا في سبيل الله شعائرهم يا لثارات الحسين ، إذا ساروا يسير الرعب أمامهم مسيرة شهر ، يمشون إلى المولى إرسالا ، بهم ينصر الله إمام الحقّ(٣).

وفيه : عنه عليه‌السلام : كأنّي بالقائم على نجف الكوفة ، وقد لبس درع رسول الله ، فينتقض هو بها فتستدير عليه فيغشيها بخداجة (٤) من استبرق ، ويركب فرسا أدهم ، بين عينيه

__________________

(١) مختصر البصائر : ١٨١ ، والهداية الكبرى : ٣٩٤ ، والبحار : ١٨ / ٣٤٦ ح ٥٦.

(٢) الذهب.

(٣) البحار : ٥٢ / ٣٠٧ ح ٨٢.

(٤) في غيبة النعماني : ٣٠٩ بحداجة. وفي اللسان : (٢ / ٤٤٧) الحدائج والاحداج مراكب النساء.

٢٤٤

شهراح (١) فينتفض فيه انتفاضة لا يبقى أهل بلاد إلّا وهم يرون أنّه معهم في بلادهم ، فينشر راية رسول الله من عمود العرش وسائرها من نصر الله لا يهوي بها على شيء أبدا إلّا أهلكه الله فإذا هزّها لم يبق مؤمن إلّا صار قلبه كزبر الحديد ، ويعطى المؤمن قوّة أربعين رجلا ولا يبقى مؤمن ميّت إلّا دخلت عليه تلك الفرحة في قبره وذلك حيث يتزاورون في قبورهم ويتباشرون بقيام القائم فينحط عليه ثلاثة عشر ألف ملك وثلاثمائة وثلاثة عشر ملكا ، قلت:كلّ هؤلاء الملائكة؟

قال : نعم ، الذين كانوا مع نوح في السفينة ، والذين كانوا مع إبراهيم عليه‌السلام حين ألقي في النار ، والذين كانوا مع موسى عليه‌السلام حين فلق البحر لبني إسرائيل ، والذين كانوا مع عيسى حين رفعه الله إليه وأربعة آلاف ملك مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مسوّمين وألف مردفين وثلاثمائة وثلاثة عشر ملائكة بدريين وأربعة آلاف ملك هبطوا يريدون القتال مع الحسين بن علي عليه‌السلام فلم يؤذن لهم في القتال فهم عند قبره شعث غبر يبكونه إلى يوم القيامة ورئيسهم ملك يقال له منصور فلا يزوره زائر إلّا استقبلوه ولا يودعه مودع إلى شيعوه ولا يمرض مريض إلّا عادوه ولا يموت ميّت إلّا صلّوا على جنازته واستغفروا له بعد موته وكلّ هؤلاء في الأرض ينتظرون قيام القائم (عج) إلى وقت خروجه (٢).

وفيه : عن كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه‌الله : إنّي وجدت في صحف إدريس النبي عند ذكر سؤال إبليس وجواب الله له قال : ربّ فأنظرني إلى يوم يبعثون ، قال : لا ولكنّك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم فانّه يوم قضيت وحتمت أن اطهّر الأرض ذلك اليوم من الكفر والشرك والمعاصي وانتخبت لذلك الوقت عبادا لي امتحنت قلوبهم للايمان وحشوتها بالورع والإخلاص واليقين والتقوى والخشوع والصدق والحلم والصبر والوقار والتقى والزهد في الدنيا والرغبة فيما عندي وأجعلهم دعاة الشمس والقمر وأستخلفهم في الأرض وامكّن لهم دينهم الذي ارتضيته لهم ثمّ يعبدونني لا يشركون بي شيئا ، يقيمون الصلاة لوقتها ويؤتون الزكاة لحينها ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وألقي في ذلك الزمان الأمان على الأرض فلا يضرّ شيء شيئا ولا يخاف شيء من شيء ثمّ تكون الهوام

__________________

(١) في كامل الزيارات ٢٣٤ : شمراخ وهو غرة الفرس دقت وسالت وجللت الخيشوم.

(٢) البحار : ٥٢ / ٣٢٨ ح ٤٨.

٢٤٥

والمواشي بين الناس فلا يؤذي بعضهم بعضا وأنزع حمة كلّ ذي حمة من الهوام وغيرها وأذهب سمّ كلّما يلدغ وأنزل بركات من السماء والأرض وتزهر الأرض بحسن نباتها ويخرج كلّ ثمارها وأنواع طيبها والقي الرأفة والرحمة بينهم فيتواسون ويقتسمون بالسوية فيستغني الفقير ولا يعلو بعضهم بعضا ويرحم الكبير الصغير ويوقر الصغير الكبير ويدينون بالحقّ وبه يعدلون ويحكمون ، اولئك أوليائي اخترت لهم نبيّا مصطفى وأمينا مرتضى فجعلته لهم نبيّا ورسولا وجعلتهم له أولياء وأنصارا ، تلك أمّة اخترتها للنبي المصطفى وأميني المرتضى ، ذلك وقت حجبته في علم غيبي ولا بدّ أنّه قائمكم واقع ، أبيدك يومئذ وخيلك ورجلك وجنودك أجمعين فاذهب فإنّك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم (١).

وفي الكافي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : كأنّي بالقائم على منبر الكوفة عليه قباء فيخرج من وريان (٢) قبائه كتابا مختوما بخاتم من ذهب فيفكه فيقرأ على الناس فيجفلون إجفال الغنم فلم يبق إلّا النقباء فيتكلّم بكلام فلا يلحقون ملجأ حتّى يرجعوا إليه وانّي لأعلم علم الكلام الذي يتكلّم به (٣).

وفي الدمعة عن عقد الدرر عن حذيفة بن يمان عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قصة المهدي (عج) في فتحه لرومية ، ثمّ يكبّرون عليها أربع تكبيرات فيسقط حائطها فيقتلون بها ستمائة ألف ويستخرجون منها حلية بيت المقدس والتابوت الذي فيه السكينة ومائدة بني إسرائيل ورضاضة الألواح وعصا موسى ومنبر سليمان وقفيز (٤) من المن الذي انزل على بني إسرائيل أشدّ بياضا من اللبن ، قال حذيفة : قلت يا رسول الله كيف وصلوا إلى هذا؟ فقال رسول الله : إنّ بني إسرائيل لما اعتدوا وقتلوا الأنبياء بعث الله عليهم بخت نصّر فقتل بها سبعين ألفا ثمّ إنّ الله رحمهم فأوحى إلى ملك من ملوك فارس أن سر إلى عبادي واستنقذهم من بخت نصر وردهم إلى بيت المقدس مطيعين له أربعين سنة ثمّ يعودون فذلك قوله تعالى في القرآن (وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا) (٥) أي إلى المعاصي عدنا عليكم بشر من العذاب فعادوا فسلّط الله عليهم طيالس ملك رومية فسباهم واستخرج حلي بيت المقدس ،

__________________

(١) سعد السعود : ٣٤ ، والبحار : ٥٢ / ٣٨٤.

(٢) أي من جيبه.

(٣) الكافي : ٨ / ١٦٧ ح ١٨٥.

(٤) قفيز : مكيال.

(٥) سورة الاسراء : ٨.

٢٤٦

ثمّ يسيرون حتّى يأتي مدينة يقال لها القاطع وهي على البحر الذي لا يحمل جارية وهي السفينة قيل : يا رسول الله ولم لا يحمل جارية؟

قال : لأنّه ليس له قعر وإنّ ما ترون من البحار خلجان ذلك البحر ، جعله الله تعالى منافع لبني آدم لها قعور فهي تحمل السفن ، قال حذيفة : فقال عبد الله بن سلام : والذي بعثك بالحقّ إنّ صفة هذه المدينة في التوراة طولها ألف ميل وعرضها خمسمائة ميل قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لها ستّون وثلاثمائة باب يخرج من كلّ باب ثلاثمائة ألف مقاتل فيكبّرون عليها أربع تكبيرات فيسقط حائطها فيغتنمون ما فيها ثمّ يقيمون سبع سنين ثمّ ينقلون منها إلى بيت المقدس فيبلغهم أنّ الدجّال قد خرج في يهودية أصفهان. أخرجه الإمام أبو عمر والمقري في سننه (١).

وعن الكتاب المذكور عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام في قصّة المهدي قال:ويتوجّه إلى الآفاق فلا تبقى مدينة وطئها ذو القرنين إلّا دخلها وأصلحها ولا يبقى كافر إلّا هلك على يديه ويشفي الله قلوب أهل الإسلام ويحمل حلي بيت المقدس ويأتي مدينة فيها ألف سوق وفي كلّ سوق مائة دكّان فيفتحها ثمّ يأتي مدينة يقال لها القاطع وهي على البحر الأخضر المحيط بالدنيا ليس خلفه إلّا أمر الله عزوجل ، طول المدينة ألف ميل وعرضها خمسمائة ميل فيكبّرون الله عزوجل ثلاث تكبيرات فتسقط حيطانها فيقتلون بها ألف ألف مقاتل ويقيمون فيها سبع سنين يبلغ الرجل منهم في تلك المدينة مثل ما صح معه من سائر بلاد الروم ويولد لهم الأولاد ويعبدون الله تعالى حق عبادته ، ويبعث المهدي إلى أمرائه لسائر الأمصار بالعدل بين الناس ، ويرعى الشاة والذئب بمكان واحد ويلعب الصبيان بالحيات والعقارب لا يضرّهم شيء ويذهب الشرّ ويبقى الخير ويزرع الإنسان مدّا يخرج سبعمائة مدّ ويذهب الوباء والزنا وشرب الخمر والربا وتقبل الناس على العبادة والمشروعات والديانة والصلاة في الجماعة وتطول الأعمار وتؤدّى الأمانة وتحمل الأشجار وتتضاعف البركات ويهلك الأشرار ويبقى الأخيار ولا يبقى من يبغض أهل البيت ، ثمّ يتوجّه المهدي من مدينة القاطع إلى القدس الشريف بألف مركب فينزلون شام وفلسطين بين صور وعكا وغزّة وعسقلان فيخرجون ما معهم من الأموال فينزلون المهدي بالقدس الشريف

__________________

(١) العطر الوردي : ٦٨ كما في معجم أحاديث المهدي : ١ / ٣٤٨.

٢٤٧

ويقيم بها إلى أن يخرج الدجّال وينزل عيسى بن مريم عليه‌السلام فيقتل الدجّال (١).

وفي البيان لمحمد بن يوسف بن محمد القرشي الكنجي الشافعي عن حذيفة بن اليمان قال : قال رسول الله : غزا طاهر بن أسماء بني إسرائيل فسباهم وأخذ حلي بيت المقدس وأحرقها بالنيران وحمل منها ألف وتسعمائة سفينة في البحر حتّى أوردها رومية. قال حذيفة : سمعت رسول الله يقول : ويستخرج المهدي ذلك حتّى يرده إلى بيت المقدس ، ثمّ يسيرون إلى مدينة يقال لها : القاطع على البحر الأخضر المحدق بالدنيا ليس خلفه إلّا أمر الله تعالى ، طول المدينة ألف ميل وعرضها خمسمائة ميل ، لها ثلاثة آلاف باب وذلك البحر لا يحمل جارية أي سفينة لأنّه ليس له قعر وكلّما ترونه من البحار إنّما هو خلجان ذلك البحر ، جعله الله منافع لبني آدم ، قال رسول الله : فالدنيا مسيرة خمسمائة عام. أخرجه أبو نعيم في صفة المهدي (٢).

وفي الدمعة عن عقد الدرر قال كعب الأحبار : يخرج المهدي إلى بلد الروم ويفتح القسطنطينة ثمّ يأتيه الخبر بخروج الأعور الدجّال وهو رجل عريض عينه اليمنى مطموسة وأمّا اليسرى فكأنّها كوكب ، بين عينيه مكتوب : كافر بالله وبرسول الله ، يخرج ويدّعي أنّه الربّ ولا يسمعه أحد إلّا تبعه إلّا من عصمه الله عزوجل ويكون له جنّة ونار فيقول هذه جنّة لمن سجد لي ومن أبى أدخلته النار (٣).

وقال وهب بن منبه عن خروج الأعور الدجّال : تهب ريح قوم عاد وسماع صيحة كصيحة قوم صالح ويكون مسخ كمسخ أصحاب الرس وذلك عند ترك الناس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويسفكون الدماء ويستحلّون الزنا ويعظم البلاء ويشرب الخمر ويكتفي الرجال بالرجال والنساء بالنساء فعند ذلك يخرج الدجّال من ناحية المشرق من قرية يقال لها دراس يخرج على حماره ، مطموس العين مكسور الظفر ويخرج منه الحيات محدودب الظهر قد صور كل السلاح في يديه حتّى الرمح والقوس ، يخوض البحار إلى كعبه ويكون أجناده أولاد الزنا ويجيء إلى الشجرة وإذا جاء بلدا قال : أنا ربّكم.

__________________

(١) الصراط المستقيم : ٢ / ٢٥٧ والعطر الوردي : ٦٨.

(٢) البيان : ١٤٠ باب ٢٠ ، وعقد الدرر : ١٤٣.

(٣) عقد الدرر : ١٩١ الفصل الثاني من الباب الثاني عشر.

٢٤٨

فقال الخضر : كذبت يا دجّال ، إنّ ربّنا ربّ العالمين ربّ السماوات والأرضين فيقتله الدجّال ويقول : قل لربّ العالمين يحييك فيحيي الله الخضر عليه‌السلام فيقوم ويقول : ها أنا ذا يا دجّال ويقول لأصحاب الدجّال : ويلكم لا تعبدوا هذا الكافر الملعون ويقتله ثلاث مرّات فيحييه الله تعالى ثمّ يخرج الدجّال نحو مكّة فينظر الملائكة محدقين بالبيت الحرام ثمّ يسير إلى المدينة فيجدها كذلك يطوف البلاد إلّا أربع مدن مكة والمدينة وبيت المقدس وطرسوس ، فأمّا المؤمنون فإنّهم يصومون ويصلّون غير أنّهم تركوا المساجد ولزموا بيوتهم ، والشمس تطلع عليهم مرّة بيضاء ومرّة حمراء ومرّة سوداء والأرض تزلزل والمسلمون يصبرون حتّى يسمعوا بمسير المهدي إلى الدجّال فيفرحون بذلك ، قال : ويقال إنّ المهدي يسير إلى قتال الدجّال وعلى رأسه عمامة بيضاء فيلتقون ويقتتلون قتالا شديدا فيقتل من أصحاب الدجّال ثلاثين ألفا وينهزم الدجّال ومن معه نحو بيت المقدس فيأمر الله عزوجل الأرض بإمساك خيولهم ثمّ يرسل عليهم ريحا حمراء فيهلك منهم أربعين ألفا ، ثمّ يسير المهدي في طلبه فيجد من عسكره نحوا من خمسين ألفا فيريهم الآيات والمعجزات ويدعوهم إلى الإيمان فلا يؤمنون فيمسخهم الله تعالى قردة وخنازير ، ثمّ يأمر الله تعالى بجبرئيل أن يهبط بعيسى عليه‌السلام إلى الأرض وهو في السماء الثانية فيأتيه فيقول : يا روح الله وكلمته ، ربّك يأمرك بالنزول إلى الأرض فينزل ومعه سبعون ألفا من الملائكة وهو بعمامة خضراء متقلّد بسيف على فرس بيده حربة فإذا نزل إلى الأرض نادى مناد : يا معاشر المسلمين جاء الحقّ وزهق الباطل فأوّل من يسمع بذلك المهدي فيسير إليه ويذكر الدجّال فيسير إليه فإذا نظر الدجّال إليه ارتعد كأنّه العصفور في يوم ريح عاصف فيتقدّم إليه عيسى فإذا رآه الدجّال يذوب كما يذوب الرصاص ، فيقول عيسى : ألست زعمت أنّك إله تقتل فلم لا تدفع عن (١) نفسك القتل؟ ثمّ يطعنه بحربة فيموت ثمّ يضع المهدي سيفه وأصحابه في أصحاب الدجّال فيقتلونهم فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا حتّى ترعى الوحوش والسباع وتلعب بهم الصبيان وتأمن النساء من أنفسهنّ حتّى لو أنّ امرأة في العرباء (٢) لم تخف على نفسها ، ويظهر الله كنوز الأرض للمؤمنين ويستغني كلّ مؤمن فقير بقدرة الله (٣).

__________________

(١) في المطبوع : تنهي.

(٢) في المصدر : العراء.

(٣) عقد الدرر : ١٩١ ـ ١٩٢ ـ ١٩٣.

٢٤٩

وفي غيبة النعماني عن أبي حمزة الثمالي قال سمعت أبا جعفر محمّد بن علي عليه‌السلام يقول : لو قد خرج قائم آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لنصره الله بالملائكة المسومين والمردفين والمنزلين والكروبيين ، يكون جبرئيل أمامه وميكائيل عن يمينه وإسرافيل عن يساره والرعب مسيره أمامه وخلفه وعن يمينه وعن شماله والملائكة المقرّبون حذاه ، أوّل من يتبعه محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي عليه‌السلام الثاني ، ومعه سيف مخترط ، يفتح الله له الروم والصين والترك والديلم والسند والهند وكابل شاه والخزر.

يا أبا حمزة لا يقوم القائم إلّا على خوف شديد وزلازل وفتنة وبلاء يصيب الناس وطاعون قبل ذلك وسيف قاطع بين العرب واختلاف شديد بين الناس وتشتيت وتشتّت في دينهم وتغيّر من حالهم حتّى يتمنّى المتمنّي الموت صباحا ومساء من عظم ما يرى من كلب الناس وأكل بعضهم بعضا ، وخروجه إذا خرج عند الإياس والقنوط فيها طوبى لمن أدركه وكان من أنصاره والويل كلّ الويل لمن خالفه وخالف أمره وكان من أعدائه ، قال : يقوم بأمر جديد وسنّة جديدة وقضاء جديد ، على العرب شديد ليس شأنه إلّا القتل ولا يستتيب أحدا ولا تأخذه في الله لومة لائم (١).

وفيه : عن الصادق عليه‌السلام : ما بقي بيننا وبين العرب إلّا الذبح وأومى بيده إلى حلقه(٢).

وفيه عن سدير الصير في عن رجل من أهل الجزيرة كان قد جعل على نفسه نذرا في جارية وجاء بها إلى مكّة قال : فلقيت الحجبة فأخبرتهم بخبرها وجعلت لا أذكر لأحد منهم أمرها إلّا قال : جئني بها وقد وفى الله نذرك ، فدخلني من ذلك وحشة شديدة فذكرت ذلك لرجل من أصحابنا من أهل مكة فقال لي : تأخذ عنّي؟ فقلت : نعم ، فقال : انظر الرجل الذي يجلس عند (٣) الحجر الأسود وحوله الناس وهو أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين عليه‌السلام فأته فأخبره بهذا الأمر فانظر ما ذا يقول لك فاعمل به ، قال : فأتيته فقلت : رحمك الله إنّي رجل من أهل الجزيرة ومعي جارية جعلتها عليّ نذرا لبيت الله في يمين كانت عليّ وقد أتيت بها وذكرت للحجبة وأقبلت لا ألقى منهم أحدا إلّا وقال : جئني بها وقد وفى الله نذرك ، فدخلني من ذلك وحشة شديدة فقال : يا عبد الله إنّ البيت لا يأكل ولا يشرب فبع

__________________

(١) غيبة النعماني : ٢٣٤ ح ٢٢ باب ١٣.

(٢) غيبة النعماني : ٢٣٦ ح ٢٤ باب ١٣.

(٣) بحذاء.

٢٥٠

جاريتك واستقض وانظر أهل بلادك ممّن حجّ هذا البيت ، فمن عجز منهم عن نفقة فأعطه حتّى يقوى على العود إلى بلادهم ففعلت ذلك ثمّ أقبلت لا ألقى أحدا من الحجبة إلّا قال :ما فعلت بالجارية فأخبرتهم بالذي قال أبو جعفر عليه‌السلام فيقولون : هو كذّاب جاهل لا يدري ما يقول فذكرت مقالتهم لأبي جعفر فقال : قد بلغتني فبلّغ عنّي ، فقال : قل لهم : قال لكم أبو جعفر : كيف بكم لو قد قطعت أيديكم وأرجلكم وعلّقت في الكعبة ، ثمّ يقال لكم : نادوا نحن سرّاق الكعبة. فلمّا ذهبت لأقوم قال : إنني لست أفعل ذلك وإنّما يفعله رجل منّي (١).

وفي إثبات الهداة للشيخ حرّ العاملي رحمه‌الله سأل الصادق عليه‌السلام معلى بن خنيس : أيسير القائم بخلاف سيرة علي عليه‌السلام؟

قال عليه‌السلام : نعم وذلك أنّ عليا سار بالمن والكفّ لأنّه علم أنّ شيعته سيظهر عليهم وأنّ القائم إذا قام سار فيهم بالسيف والسبي وذلك أنّه يعلم أنّ شيعته لم يظهر عليهم من بعد أبدا (٢).

وفيه عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : إذا قام قائمنا قال : يا معشر الفرسان سيروا في وسط الطريق يا معشر الرجالة سيروا على جنبي الطريق (٣).

وفيه عن القرطبي من علماء أهل السنّة في كتاب التذكرة بأحوال المولى وامور الآخرة أنّ ملوك جميع الدنيا أربعة مؤمنان وكافران فالمؤمنان سليمان بن داود وذو القرنين والكافران نمرود وبخت نصّر وسيملك هذه الامّة خامس وهو المهدي عجّل الله فرجه (٤).

وفي البحار عن الحكم بن الحكم قال : أتيت أبا جعفر عليه‌السلام وهو بالمدينة فقلت له : عليّ نذر بين الركن والمقام إن أنا لاقيتك أن لا أخرج من المدينة حتّى أعلم أنّك قائم آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أم لا ، فلم يجبني بشيء فأقمت ثلاثين يوما ثمّ استقبلني في طريق فقال : يا حكم وإنك لهاهنا بعد ، فقلت إنّي أخبرتك بما جعلت لله عليّ فلم تأمرني ولم تنهني عن شيء ولم تجبني بشيء فقال : بكّر عليّ غدوة المنزل فغدوت عليه فقال عليه‌السلام : سل حاجتك

__________________

(١) غيبة النعماني : ٢٣٦ ح ٢٥ باب ١٣.

(٢) إثبات الهداة : ٣ / ٤٤٩ ح ٥٢ وعلل الشرائع : ١٤٩ ح ٩ باب ١٢٢ بتفاوت في اللفظ.

(٣) التهذيب : ١٠ / ٣١٤ ح ١١٦٩ باب ٢٨ وإثبات الهداة : ٣ / ٤٥٥.

(٤) الخصال : ١ / ١٢١ بتفاوت بسيط.

٢٥١

فقلت : إنّي جعلت لله عليّ نذرا وصياما وصدقة بين الركن والمقام إن أنا لقيتك أن لا أخرج من المدينة حتّى أعلم أنّك قائم آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أم لا ، فإن كنت أنت رابطتك وإن لم تكن أنت سرت في الأرض وطلبت المعاش فقال : يا حكم كلّنا قائم بأمر الله فقلت : فأنت المهدي (عج) قال : كلّنا يهدي إلى الله ، قلت : فأنت صاحب السيف؟ قال : كلّنا صاحب السيف ووارث السيف ، قلت : فأنت الذي تقتل أعداء الله ويعزّ بك أولياء الله ويظهر بك دين الله؟ فقال : يا حكم كيف أكون أنا وقد بلغت خمسا وأربعين فإنّ صاحب هذا أقرب عهدا باللبن منّي (١).

أقول : أقرب عهدا باللبن منّي أي بحسب المرئي والنظر أي يحسبه الناس شابّا بكمال قوّته وعدم ظهور أثر الكهولة والشيخوخة فيه.

وفي الدر النظيم عن علي عليه‌السلام كأنني به وقد عبر من وادي سلام إلى سبيل السهلة على فرس محجل له شمراخ (٢) يزهو ويدعو ويقول في دعائه : لا إله إلّا الله حقّا حقّا ، لا إله إلّا الله إيمانا وصدقا ، لا إله إلّا الله تعبّدا ورقّا ، اللهمّ معزّ (٣) كلّ مؤمن ومذلّ كلّ جبّار عنيد ، أنت كهفي حين تعييني المذاهب وتضيق عليّ الأرض بما رحبت ، اللهمّ خلقتني وكنت غنيّا عن خلقي ولو لا نصرك إيّاي لكنت من المغلوبين ، يا منشر الرحمة من مواضعها ومخرج البركات من معادنها ويا من خصّ نفسه بشموخ الرفعة وأولياؤه بعزّه يتعزّزون ، يا من وضعت له الملوك المذلّة على أعناقهم فهم من سطوته خائفون ، أسألك باسمك الذي فطرت به خلقك فكلّ لك مذعنون ، أسألك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد وأن تنجز لي أمري وتعجل لي في الفرج وتكفيني وتعافيني وتقضي حوائجي الساعة الساعة الليلة الليلة إنّك على كلّ شيء قدير (٤).

في العوالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام : إذا قام قائم آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بنى في ظهر الكوفة مسجدا له ألف باب واتصلت بيوت الكوفة بنهر كربلاء (٥).

وفيه عن علي بن الحسين عليه‌السلام أنّه قال : إذا قام القائم أذهب الله عن كلّ مؤمن العاهة وردّ

__________________

(١) البحار : ٥١ / ١٤٠ ح ١٤.

(٢) الشمراخ : غرة الفرس إذا جللت الانف.

(٣) في المصدر : معين.

(٤) دلائل الإمامة : ٤٥٨.

(٥) اعلام الورى : ٢ / ٢٨٧ الفصل الثالث.

٢٥٢

إليه قوّته (١).

وفيه عن التهذيب : إذا ظهر القائم ودخل الكوفة بعث الله تعالى من ظهر الكوفة سبعين ألف صدّيق فيكونون في أصحابه وأنصاره ويرد السواد إلى أهله ، هم أهله ، ويعطي الناس عطايا مرّتين في السنة ويرزقهم في الشهر رزقين ويسوّي بين الناس حتّى لا ترى محتاجا إلى الزكاة ويجيء أصحاب الزكاة بزكاتهم إلى المحاويج من شيعته فلا يقبلونها فيصرّونها ويدورون في دورهم فيخرجون إليهم فيقولون : لا حاجة لنا في دراهمكم. وساق الحديث إلى أن قال : وتجتمع إليه أموال أهل الدنيا كلّها من بطن الأرض وظهرها فيقال للناس : تعالوا إلى ما قطعتم فيه الأرحام وسفكتم فيه الدم الحرام وركبتم فيه المحارم فيعطي عطاء لم يعطه أحد قبله(٢).

وفيه عن كتاب الخرائج عنه عليه‌السلام قال : العلم سبعة وعشرون حرفا فجميع ما جاءت به الرسل حرفان فلم يعرف الناس حتّى اليوم غير الحرفين فإذا قام قائمنا (عج) أخرج الخمسة والعشرين حرفا فبثّها في الناس وضمّ إليها الحرفين حتّى يبثّها سبعة وعشرين حرفا(٣).

في مدحه عليه‌السلام : للشيخ رجب البرسي عليه الرحمة :

فليس للدين من حام ومنتصر

إلّا الإمام الفتى الكشّاف للظلم

القائم الخلف المهدي سيّدنا

الطاهر العلم ابن الطاهر العلم

بدر الغياهب بل بحر المواهب من

صور الكتائب حامي الحل والحرم

يا ابن النبي ويا بن الطهر حيدرة

يا ابن البتول ويا ابن الحل والحرم

أنت الفخار ومعناه وصورته

ونقطة الحكم لا بل خطة الحكم

متى نراك فلا ظلم ولا ظلم

والدين في رغد والكفر في رغم

أقبل فسبل الهدى والدين قد طمست

ومسّها نصب والحق في عدم (٤)

أيضا في مدحه عليه‌السلام عن البهائي رحمه‌الله :

خليفة رب العالمين وظلّه

على ساكن الغبراء من كل ديّار

__________________

(١) غيبة النعماني : ٣١٧ ح ٢ باب ٢١ والخصال : ٢ / ٥٤١ ح ١٤.

(٢) البحار : ٥٢ / ٣٩٠ ح ٢١٢ عن غيبة السيّد علي بن عبد الحميد.

(٣) الخرائج والجرائح : ٢ / ٨٤١.

(٤) الغدير : ٧ / ٦٥ ، ومشارق أنوار اليقين : ٢٤٤.

٢٥٣

هو العروة الوثقى الذي من بذيله

تمسك لا يخشى عظائم أوزار

إمام هدى لاذ الزمان بظلّه

وألقى إليه الدهر مقود خوّار

علوم الورى في جنب أبحر علمه

كغرفة كفّ أو كغمسة منقار

فلو زار أفلاطون أعتاب قدسه

ولم يغشه عنها سواطع أنوار

رأى حكمة قدسية لا يشوبها

شوائب أنظار وأدناس أفكار

بإشراقها كل العوالم أشرقت

كما لاح في الكونين من نورها الساري

إمام الورى طود النهى منبع الهدى

وصاحب سرّ الله في هذه الدار

به العالم السفلي يسمو ويعتلي

على العالم العلوي من دون إنكار

ومنه العقول العشر تبغي كمالها

وليس عليها في التعلم من عار

أيا حجّة الله الذي ليس جاريا

بغير الذي يرضاه سابق أقدار

ويا من مقاليد الزمان بكفّه

وناهيك من مجد به خصّك الباري

أغث حوزة الإيمان واعمر ربوعه

فلم يبق منها غير دارس آثار

وخلّص عباد الله من كل غاشم

وطهّر عباد الله من كل كفّار

وعجّل فداك العالمون بأسرهم

وبادر على اسم الله من غير إنظار

تجد من جنود الله خير كتائب

وأكرم أعوان وأشرف أنصار (١)

__________________

(١) لم أجده في مصادره.

٢٥٤

الغصن العاشر

في رجعة الأئمّة عليه‌السلام وفيه فروع

الفرع الأوّل : في أنّ الرجعة وقعت في الامم السابقة والأنبياء والأوصياء السابقين وفي هذه الامّة ، وفيه ثمرتان :

الثمرة الاولى : في الآيات القرآنية المشعرة برجعة السابقين.

الآية الاولى : قال الله تعالى : (وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (١) وهم سبعون من خيار قومه ، وتفسيره وشرّاح أخباره في كتب الأخبار مشحونة (٢).

الآية الثانية : قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أتَتَّخِذُنا هُزُواً) إلى قوله : (فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى وَيُرِيكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (٣) وفيه قصّة ذبح البقرة وسببه وإحياء الميّت وإنطاقه ، وإخباره بذكر قاتله مفصّلا في تفسير الإمام (٤).

الآية الثالثة : قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ) (٥) الآية ، شرحنا هذه الآية من قبل ومشروحة في تفسير مجمع البيان وغيره (٦).

الآية الرابعة : قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللهُ الْمُلْكَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ) (٧) قال نمرود : (أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ) أي أنا أحيي بالتخلية من

__________________

(١) سورة البقرة : ٥٥ ـ ٥٦.

(٢) راجع بحار الأنوار : ٣٩ / ٥٨ و ٥٣ / ٧٣ والصراط المستقيم : ١ / ١٠١.

(٣) سورة البقرة : ٦٧ ـ ٧٣.

(٤) تفسير الامام الحسن العسكري عليه‌السلام : ٢٧٣ ح ١٤٠ مورد الآية.

(٥) سورة البقرة : ٢٤٣.

(٦) الطرائف : ١ / ١٩١ ونور البراهين : ٢ / ٤٥٤.

(٧) سورة البقرة : ٢٥٨.

٢٥٥

الحبس من وجب عليه القتل واميت بالقتل من شئت ممّن هو حيّ ، قال إبراهيم : (فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (١) وفي هذه الآية دلالة على إمكان الرجعة بل على وقوعها لما أتى في الحديث : أنّ الله تعالى أحيى بدعائه الموتى وأنّ كلّ ما كان في الامم السالفة يقع مثله في هذه الامّة(٢).

الآية الخامسة : قوله تعالى : (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٣) وهذه حكاية عزير النبي عليه‌السلام وشرح حاله وقريته مشروحة في تفسير مجمع البيان وغيره (٤).

الآية السادسة : قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً) (٥).

وفي ذلك أخبار منها عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه رأى جيفة تمزّقها السباع فتأكل منها سباع البر وسباع الهواء والدواب فسأل الله سبحانه إبراهيم فقال : يا ربّ قد علمت أنّك تجمعها من بطون سباع الطير ودواب البحر فأرني كيف تحييها لاعاين ذلك (٦).

وغير ذلك أخبار مختلفة بطرق متعدّدة من كتب التفاسير ومن الكافي والعلل والخصال(٧).

الآية السابعة : قوله تعالى حكاية عن قول عيسى لما بعث إلى بني إسرائيل (أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ

__________________

(١) سورة البقرة : ٢٥٨.

(٢) مجمع البيان : ٢ / ٢٥٩.

(٣) سورة البقرة : ٢٥٩.

(٤) تأويل الآيات : ١ / ٢٩٥.

(٥) سورة البقرة : ٢٦٠.

(٦) نور البراهين : ١ / ٣٣٨.

(٧) الكافي : ٨ / ٣٠٥ وعلل الشرائع : ٢ / ٥٨٦ ح ٣١.

٢٥٦

لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (١).

وفي التفسير أنّه صنع من الطين كهيئة الخفاش فنفخ فصار طائرا ، وأحيى الموتى أحيى أربعة أنفس عاذر وكان صديقا له وكان قد مات منه ثلاثة أيام فقال لاخته انطلقي بنا إلى قبره ثمّ قال : اللهمّ ربّ السماوات السبع وربّ الأرضين السبع إنّك أرسلتني إلى بني إسرائيل أدعوهم إلى دينك وأخبرهم بأني احيي الموتى فأحي عاذر فخرج من قبره وبقي وولد له ، وابن العجوز مرّ به ميّتا على سريره فدعا الله عيسى فجلس على سريره ونزل من أعناق الرجال ولبس ثيابه ورجع إلى أهله وبقي وولد له ، وابنة قيل : أتحييها وقد ماتت أمس؟ فدعا الله فعاشت وبقيت وولدت ، وسام بن نوح دعا عليه باسم الله الأعظم فخرج من قبره فشاب نصف رأسه فقال : قد قامت القيامة؟ قال : لا ، ولكنّي دعوتك باسم الله الأعظم قال : ولم تكونوا تشيبون في ذلك الزمان ، لأنّ سام بن نوح عاش خمسمائة سنة وهو شاب ثمّ قال له : مت قال : بشرط أن يعيذني الله من سكرات الموت فدعا الله ففعل (٢).

الآية الثامنة : قوله تعالى : (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي) (٣) الآية في الدمعة عن أمالي الصدوق عن ابن عبّاس قال : لما مضى بعيسى ثلاثون سنة بعثه الله عزوجل إلى بني إسرائيل فلقيه إبليس لعنه الله على عقبة بيت المقدس وهي عقبة أفيق فقال له : يا عيسى أنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنّك تكونت من غير أب؟

قال : بل العظمة لله ، كوّنني وكذلك كوّن آدم وحوّاء ، قال إبليس : يا عيسى فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنّك تكلّمت في المهد صبيا؟ قال عيسى : يا إبليس بل العظمة للذي أنطقني في صغري ولو شاء لأبكمني ، قال إبليس : فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنّك تخلق من الطين كهيئة الطير فتنفخ فيه فيصير طيرا؟

قال عيسى : بل العظمة للذي خلقني وخلق ما سخّر لي ، قال إبليس : فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنّك تشفي المرضى؟ قال عيسى : بل العظمة للذي بإذنه أشفيهم وإذا شاء أمرضني ، قال إبليس : فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنّك تحيي الموتى؟ قال عيسى : بل العظمة للذي بإذنه احييهم ولا بدّ أن يميت ما أحييت ويميتني ... الحديث (٤).

__________________

(١) سورة آل عمران : ٤٩.

(٢) نور البراهين : ١ / ٥١١ بتفاوت.

(٣) سورة المائدة : ١١٠.

(٤) أمالي الصدوق : ٢٧٢ ح ٣٠٠ مجلس ٣٧.

٢٥٧

الآية التاسعة : قوله تعالى عليهم‌السلام (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ)(١).

في الدمعة عن تأويل الآيات الظاهرة عن جابر بن عبد الله رضي‌الله‌عنه قال : رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام وهو خارج من الكوفة فتبعته من ورائه حتّى إذا صار إلى جبانة اليهود فوقف في وسطها ونادى : يا يهود فأجابوه من جوف القبور ، لبيك لبيك ملطايخ يعنون بذلك يا سيدنا فقال : كيف ترون العذاب؟ فقالوا : بعصياننا لك كهارون فنحن ومن عصاك في العذاب إلى يوم القيامة ، ثمّ صاح صيحة كادت السماوات أن ينقلبن فوقعت مغشيا على وجهي من هول ما رأيت ، فلمّا أفقت رأيت أمير المؤمنين عليه‌السلام على سرير من ياقوتة حمراء على رأسه إكليل من الجوهر وعليه حلل خضر وصفر ووجهه كدارة القمر ، فقلت : يا سيدي هذا ملك عظيم ، قال عليه‌السلام : نعم يا جابر إنّ ملكنا أعظم من ملك سليمان بن داود وسلطاننا أعظم من سلطانه ، ثمّ رجع ودخلنا الكوفة ودخلت خلفه إلى المسجد فجعل يخطو خطوات وهو يقول : لا والله لا فعلت ، لا والله لا كان ذلك أبدا ، فقلت : يا مولاي لمن تكلّم؟ ولمن تخاطب وليس أرى أحدا؟ فقال : يا جابر كشف لي عن برهوت فرأيت سنبوبة (٢) وحبتر وهما يعذّبان في جوف تابوت في برهوت فنادياني : يا أبا الحسن يا أمير المؤمنين ردّنا إلى الدنيا نقرّ بفضلك ونقرّ بالولاية لك ، فقلت : لا والله لا كان ذلك أبدا ثمّ قرأ هذه الآية (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ).

يا جابر وما أحد خالف وصيّ نبي إلّا حشره الله يتكبكب في عرصات القيامة (٣).

الآية العاشرة : قوله تعالى : (وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ)

إلى قوله : (سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) (٤) ذكر تفسيره في العيون والتوحيد والبحار : أحيى الله بني إسرائيل بعد أن ردّ الله روح موسى وأفاق وقال (سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) (٥).

الآية الحادية عشرة : قوله تعالى : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ

__________________

(١) سورة الأنعام : ٢٨.

(٢) سنبوبة بالسين المهملة والنون والباء الموحّدة سوء الخلق في سرعة والغضب وهو الثاني والحبتر بالحاء المهملة والباء الموحّدة الثعلب وهو الأوّل.

(٣) تأويل الآيات : ١ / ١٦٣.

(٤) سورة الأعراف : ١٤٣.

(٥) كفاية الأثر : ٢٦٢.

٢٥٨

الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا) (١).

والحق أنّ هؤلاء السبعين غير الذين قالوا : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ) (٢) كما عن ابن عباس : أمر الله تعالى موسى أن يختار من قومه سبعين رجلا فاختارهم وبرز بهم ليدعوا ربّهم فكان فيما دعوا أن قالوا : اللهمّ أعطنا ما لم تعط أحدا قبلنا ولا تعطيه أحدا بعدنا فكره الله ذلك من دعائهم فأخذتهم الرجفة. وروي عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام أنّه قال : إنّما أخذتهم الرجفة من أجل دعواهم على موسى قبل هارون وذلك أنّ موسى وهارون وشبّر وشبير ابني هارون انطلقوا إلى سفح جبل فنام هارون على سرير فتوفّاه الله ، فلمّا مات دفنه موسى فلمّا رجع إلى بني إسرائيل قالوا له : أين هارون؟

قال : توفّاه الله ، فقالوا : لا بل أنت قتلته حسدتنا على خلقه ولينه ، قال : فاختاروا من شئتم فاختاروا منهم سبعين رجلا وذهب بهم فلمّا انتهوا إلى القبر قال موسى : يا هارون أقتلت أم مت؟ فقال هارون : ما قتلني أحد ولكن توفاني الله ، فقالوا : لن تعصى بعد اليوم فأخذتهم الرجفة وصعقوا وقيل : إنهم ماتوا ثمّ أحياهم الله وجعلهم أنبياء (٣).

الآية الثانية عشرة : قوله تعالى : (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ) إلى قوله : (بِكُمْ أَحَداً) (٤) وقوله أيضا : (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً) (٥) الآية ، وقصّتهم معروفة وشرح حالهم في التفاسير وكتب الأخبار مشحونة لا مجال لذكر حالهم هنا(٦).

الآية الثالثة عشرة : قوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً) إلى قوله تعالى : (قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً) (٧) والأخبار في بيان حاله وأنّه نبي أو ملك وفي تسميته ذي القرنين كثيرة جدّا ، سأل ابن الكوّاء عليّا عليه‌السلام عن ذي القرنين وقال : أملك أو نبي؟ قال عليه‌السلام : لا ملك ولا نبي كان عبدا صالحا ضرب على قرنه الأيمن على طاعة الله فمات ثمّ بعثه الله فضرب على قرنه الأيسر فمات فبعثه الله فسمّي ذا القرنين (٨). وباقي الأخبار وشرح الأحوال في البحار وفي كتابنا هذا في حديقة أحوال

__________________

(١) سورة الأعراف : ١٥٥.

(٢) سورة البقرة : ٥٥.

(٣) مجمع البيان : ٤ / ٤٨٢.

(٤) سورة الكهف : ١٨ ـ ١٩.

(٥) سورة الكهف : ٢٥.

(٦) الاحتجاج : ٢ / ٨٨ وسعد السعود : ٢٠.

(٧) سورة الكهف : ٨٣ ـ ٨٦.

(٨) سعد السعود : ٦٥ والبحار : ٥٣ / ١٤١.

٢٥٩

الأنبياء (١).

الآية الرابعة عشرة : قوله تعالى : (وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ) (٢) وشرح حاله عليه‌السلام معروف ومشهور ، وفي المجمع والبحار والكافي وغيرها مكشوف ، وإحياء أهله وولده مذكور فمن أراد فليطلب في محلّه (٣).

الآية الخامسة عشرة : قوله تعالى : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ) (٤) والقرية انطاكية والمرسلون رسل عيسى إلى أهلها بعثهم دعاة إلى الحق وكانوا عبدة أوثان أرسل إليهم اثنين ، فلمّا قربا من المدينة رأيا شيخا يرعى غنيمات وهو حبيب نجار صاحب يس فسألهما فأخبراه فقال : أمعكما آية؟ فقالا : نشفي المريض ونبرئ الاكمه والأبرص ، وكان له ولد مريض سنتين فمسحاه فقام وآمن حبيب وفشا الخبر فشفي على أيديهما خلق ورقي حديثهما إلى الملك ، وقال لهما : ألنا إله سوى آلهتنا؟

قالا : نعم من أوجدك وآلهتك فقال : قوما حتّى أنظر في أمركما فتبعهما الناس وضربوهما وقيل حبسا ثمّ بعث عيسى شمعون فدخل متنكّرا وعاشر حاشية الملك حتّى استأنسوا به ورفعوا خبره إلى الملك فأنس به فقال له ذات يوم : بلغني أنّك حبست رجلين فهل سمعت ما يقولانه؟ قال : لا حال الغضب بيني وبين ذلك فدعاهما فقال شمعون : من أرسلكما؟ قالا : الله الذي خلق كلّ شيء وليس له شريك فقال : صفاه وأوجزا قالا : يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد قال : وما آتاكما؟

قالا : ما يتمنّى الملك فدعا بغلام مطموس العين فدعوا الله حتّى انشق له بصر وأخذا بندقتين فوضعاهما في حدقتيه فكانتا مقلتين ينظر بهما فقال له شمعون : أرأيت لو سألت إلهك حتّى يصنع مثل هذا فيكون لك وله الشرف؟ فقال : ليس عندك سرّ إنّ إلهنا لا يبصر ولا يسمع ولا يضرّ ولا ينفع وكان شمعون يدخل معهم الصنم فيصلّي ويتضرّع ويحسبون انّه منهم ثمّ قال : إن قدر إلهكم على إحياء ميّت آمنا به فدعوا لغلام مات من سبعة أيّام فقام وقال : إنّي ادخلت في سبعة أودية من النار وأنا أحذّركم ما أنتم فيه فآمنوا وقال : فتحت

__________________

(١) قصص الأنبياء للجزائري : ١٥٤ الباب الثامن.

(٢) سورة الأنبياء : ٨٤.

(٣) معاني الأخبار : ٢٠٧ ، وقصص الأنبياء : ١٥٤.

(٤) سورة يس : ١٤.

٢٦٠