إلزام النّاصب في إثبات الحجّة الغائب عجّل فرجه - ج ٢

الشيخ علي اليزدي الحائري

إلزام النّاصب في إثبات الحجّة الغائب عجّل فرجه - ج ٢

المؤلف:

الشيخ علي اليزدي الحائري


المحقق: السيد علي عاشور
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٢٠
الجزء ١ الجزء ٢

يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) (١) روى المفيد في الإرشاد عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : ايكون ما تمدّون إليه أعناقكم حتّى تميّزوا وتمحّصوا فلا يبقى منكم إلّا الأندر ثمّ قرأ قوله : (الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) ثمّ قال : من علامات الفرج حدث يكون بين المسجدين ويقتل فلان من ولد فلان خمسة عشر كبشا من العرب (٢).

الآية الخامسة عشرة : قوله تعالى : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً) (٣) في غيبة النعماني عن أبي عبد الله عليه‌السلام : إذا كان ليلة الجمعة أهبط الربّ تعالى ملكا إلى سماء الدنيا فإذا طلع الفجر جلس ذلك الملك على العرش فوق البيت المعمور ونصب لمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي والحسن والحسين عليه‌السلام منابر من نور فيصعدون عليها وتجمع لهم الملائكة والنبيّون والمؤمنون وتفتح أبواب السماء فإذا زالت الشمس قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا ربّ ميعادك الذي وعدت في كتابك (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) الآية ، ويقول الملائكة والنبيّون مثل ذلك ، ثمّ يخرّ محمّد وعلي والحسن والحسين عليه‌السلام سجّدا ثمّ يقولون : يا ربّ اغضب فإنّه قد هتك حريمك وقتل أصفياؤك واذل عبادك الصالحون فيفعل الله ما يشاء وذلك يوم معلوم (٤).

الآية السادسة عشرة : قوله تعالى : (وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ وَقالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) (٥) في كتاب المحجّة للسيّد هاشم البحراني برّد الله مضجعه عن أبي جعفر عليه‌السلام : يكون لصاحب هذا الأمر غيبة وذكر حديثا طويلا يتضمّن غيبته وظهوره ، إلى أن قال : فيدعو الناس ـ يعني القائم ـ إلى كتاب الله وسنّة نبيّه والولاية لعلي بن أبي طالب عليه‌السلام والبراءة من عدوّه ولا يسمّي أحدا حتّى ينتهي إلى البيداء فيخرج إليه جيش السفياني فيأمر الله فتأخذهم من تحت أقدامهم ، وهو قول الله تعالى : (وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ وَقالُوا آمَنَّا بِهِ) يعني بقائم آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى آخر السورة ، فلا يبقى منهم إلّا رجلان يقال لهما وتر ووتير من مراد ، وجوههما في أقفيتهما

__________________

(١) سورة العنكبوت : ١ ـ ٢.

(٢) الإرشاد : ٢ / ٣٧٥ باب ذكر علامات قيام القائم.

(٣) سورة النور : ٥٥.

(٤) غيبة النعماني : ٢٧٦ ح ٥٦ باب ١٤.

(٥) سورة سبأ : ٥١ ـ ٥٢.

١٠١

يمشيان القهقرى فيخبران الناس بما فعل بأصحابهما. والحديث طويل اكتفينا منه بقدر الحاجة (١).

الآية السابعة عشرة : قوله تعالى : (لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) (٢) في غيبة النعماني عن الصادق عليه‌السلام قول الله تعالى : (عَذابَ الْخِزْيِ) ما هو عذاب خزي في الدنيا؟

فقال : أيّ خزي أخزى يا أبا بصير من أن يكون الرجل في بيته وأصحابه وعلى اخوانه وسط عياله إذ شق أهله الجيوب عليه وصرخوا فيقول الناس : ما هذا؟ فيقال : مسخ فلان الساعة ، فقلت : قبل قيام القائم (عج) أو بعده؟ قال : لا ، بل قبله (٣).

الآية الثامنة عشرة : قوله تعالى : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ) (٤) في غيبة النعماني سئل الباقر عليه‌السلام عن تفسير هذه الآية فقال : يريهم في أنفسهم المسخ ويريهم في الآفاق انتقاض الآفاق عليهم فيرون قدرة الله في أنفسهم وفي الآفاق ، وقوله : (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ) يعني بذلك خروج القائم هو الحقّ من عند الله عزوجل يراه الخلق لا بدّ منه (٥).

الآية التاسعة عشرة : قوله تعالى : (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ) (٦) قال : تأويلها فيما يأتي عذاب يقع في الثوية يعني حتّى ينتهي إلى الكناسة كناسة بني أسد حتّى تمرّ بثقيف ولا تدع وترا لآل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلّا أحرقته وذلك قبل خروج القائم عجّل الله تعالى فرجه (٧).

__________________

(١) تفسير العياشي : ٢ / ٥٦ في سورة الأنفال.

(٢) سورة فصّلت : ١٦.

(٣) غيبة النعماني : ٢٦٩ ح ٤١ باب ١٤.

(٤) سورة فصّلت : ٥٣.

(٥) الكافي : ٨ / ٣٨١ ح ٥٧٥.

(٦) سورة المعارج : ١.

(٧) غيبة النعماني : ٢٧٢ ح ٤٨ باب ١٤.

١٠٢

الفرع الثاني

إخبار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّة عليهم‌السلام بعلامات الظهور

في عمدة ابن بطريق عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا ضيعت الأمانة فانتظروا الساعة ، قالوا : كيف إضاعتها يا رسول الله؟

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظروا الساعة (١).

وفيه عن بشر بن جابر قال : ماجت ريح حمراء بالكوفة فجاء رجل ليس له هجير فقال : يا عبد الله بن مسعود جاءت الساعة ، قال : فقعد وكان متكيا فقال : إنّ الساعة لا تقوم حتّى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة ثمّ قال بيده هكذا ونحاها نحو الشام عدوا يجمعون لأهل الشام يجمع لهم أهل الإسلام قلت : الروم تعني؟

قال : نعم ، قال : وتكون عند ذلكم القتال ردة شديدة فتشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلى غالبة فيقتلون حتّى يمسوا فيبقى هؤلاء وهؤلاء كلّ غير غالب وتفنى الشرطة ، ثم تشترط المسلمون شرطة للموت فلا ترجع إلّا غالبة فيقتلون حتّى يمسوا فيبقى هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة ، فإذا كان اليوم الرابع نهد إليهم بقيّة أهل الإسلام فيجعل الله الدائرة عليهم فيقتلون مقتلة ، إمّا قال : لا يرى مثلها ، وإمّا قال : لا يرى منها (٢) حتّى أنّ الطائر ليمرّ بجنباتهم فما يلحقهم (٣) حتّى يخرّ ميّتا فيتعادّ بنو الأب وكانوا مائة فلا يجدونه بقي منهم إلّا الرجل الواحد فبأي غنيمة يفرح أو بأي ميراث يقاسم.

قال : فبينما هم كذلك إذ سمعوا ببأس هم أكثر من ذلك فجاءهم الصريخ أنّ الدجّال قد خلفهم في ديارهم فيرفضون ما في أيديهم فيقبلون فيبعثون عشرة فوارس طليعة. قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّي لأعرف أسماءهم وأسماء آبائهم وأسماء خيولهم ، هم خير الفوارس

__________________

(١) العمدة : ٤٢٣ ـ ٤٢٦ ح ٨٨٤ ـ ٨٩١ ذكر ما ورد في الاثني عشر من الصحاح.

(٢) في المستدرك : لن نرى مثلها.

(٣) في المستدرك : فلا يخلفهم.

١٠٣

على ظهر الأرض ـ أو من خير الفوارس على ظهر الأرض ـ (١).

وفي الدر النظيم عن الصادق عليه‌السلام : عام الفتح ينشق الفرات حتّى يدخل على أزقّة الكوفة وفيه عن سلمان الفارسي : أتيت عليّا فقلت : يا أمير المؤمنين متى يظهر القائم من ولدك؟ فتنفّس الصعداء ، وقال : لا يظهر القائم حتّى يكون أمر الصبيان وتضييع حقوق الرحمن والتغنّي بالقرآن (٢).

وفي العوالم عن ابن عقدة عن أبي الجارود قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : إذا ظهرت بيعة الصبي قام كلّ ذي صيصيّة بصيصيّته (٣). أقول : الصيصيّة شوكة الديك وقرن البقر والظباء (٤).

وفيه عن معروف بن خربوذ قال : ما دخلنا على أبي جعفر قط إلّا قال : خراسان خراسان ، سجستان سجستان كأنّه يبشّرنا بذلك (٥).

وفيه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ظهور البواسير وموت الفجأة والجذام من اقتراب الساعة(٦).

وفيه عن أبي جعفر عليه‌السلام أنّه قال : توقّعوا الصوت يأتيكم بغتة من قبل دمشق فيه لكم فرج عظيم (٧).

وفي الصراط المستقيم عن حذيفة وجابر : هبط جبرئيل عليه‌السلام على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبشّره بأنّ القائم من ولده لا يظهر حتّى تملك الكفّار الأنهر الخمسة : سيحون وجيحون والفراتين والنيل ، ينصر الله أهل بيته على الضلال فلا ترفع لهم راية إلى يوم القيامة (٨).

وفيه سئل الصادق عليه‌السلام عن ظهوره فقال : إذا حكمت في الدولة الخصيان والنسوان وأخذت الامارة الشبّان والصبيان وخرب جامع الكوفة من العمران وانعقدت الجيران فذلك الوقت زوال ملك بني عمّي العبّاس وظهور قائمنا أهل البيت (٩).

وفيه أنّ عليّا قال : إذا وقعت النار في حجازكم وجرى الماء بنجفكم فتوقّعوا ظهوره(١٠).

__________________

(١) العمدة : ٤٢٥ / ٨٩٠ ، ومستدرك الصحيحين : ٤ / ٤٧٧.

(٢) دلائل الإمامة : ٤٧٣.

(٣) غيبة النعماني : ٢٧٤ ح ٥٢.

(٤) غيبة النعماني : ٢٧٣ ح ٥١.

(٥) غيبة النعماني : ٢٧٣ ح ٥١.

(٦) البحار : ٥٢ / ٢٦٩.

(٧) غيبة النعماني : ٢٧٩ ح ٦٦.

(٨) الصراط المستقيم : ٢ / ٢٥٨.

(٩) الصراط المستقيم : ٢ / ٢٥٨.

(١٠) المصدر السابق.

١٠٤

وفيه عن كتاب عبد الله بن بشار رضيع الحسين عليه‌السلام : إذا أراد الله أن يظهر قائم آل محمّد بدأ الحرب من صفر إلى صفر وذلك أوان خروج المهدي (١).

وفيه عن زين العابدين عليه‌السلام : إذا ملأ نجفكم هذا السيل والمطر وظهرت النار في الحجاز والمدر وملكت بغداد التتر فتوقّعوا ظهور القائم المنتظر (٢).

وفي غيبة النعماني عن أبي عبد الله عليه‌السلام : لا يكون هذا الأمر حتّى يذهب تسعة أعشار الناس (٣).

وفي البحار عن جابر بن عبد الله عن أنس بن مالك وكان خادم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : لمّا رجع أمير المؤمنين عليه‌السلام من قتال أهل نهروان نزل براثا وكان بها راهب في قلايته (٤) وكان اسمه الحبّاب ، فلمّا سمع الراهب صيحة العسكر أشرف من قلايته إلى الأرض فنظر إلى عسكر أمير المؤمنين فاستفظع ذلك ونزل مبادرا فقال : من هذا ومن رئيس العسكر؟ فقيل : هذا أمير المؤمنين عليه‌السلام وقد رجع من قتال أهل نهروان فجاء الحبّاب مبادرا يتخطّى الناس حتّى وقف على أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين حقّا حقّا فقال له : وما علمك بأنّي أمير المؤمنين حقّا حقّا؟

قال له : بذلك أخبر علماؤنا وأحبارنا ، فقال عليه‌السلام له : يا حبّاب ، فقال الراهب : وما علمك باسمي؟ فقال عليه‌السلام : أعلمني بذلك حبيبي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال له الحبّاب : مدّ يدك فأنا أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمدا رسول الله وأنّك علي بن أبي طالب ووصيّه ، فقال له أمير المؤمنين : وأين تأوي؟ فقال : أكون في قلاية لي هاهنا فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام : بعد يومك هذا لا تسكن فيها ولكن ابن هاهنا مسجدا وسمّه باسم بانيه ، فبناه رجل اسمه براثا فسمّي المسجد براثا باسم الباني له ثمّ قال : ومن أين تشرب يا حبّاب؟ فقال : يا أمير المؤمنين من دجلة هاهنا ، قال : فلم لا تحفر هاهنا عينا أو بئرا؟ فقال له : يا أمير المؤمنين كلّما حفرنا بئرا وجدناها مالحة غير عذبة ، فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام : احفر هاهنا فحفر فخرجت عليهم صخرة لم يستطيعوا قلعها فقلعها أمير المؤمنين عليه‌السلام فانقلعت عن عين أحلى من الشهد وألذّ من الزبد ، فقال له : يا حبّاب يكون شربك من هذه العين أمّا إنّه يا حبّاب ستبنى إلى جنب

__________________

(١) المصدر السابق.

(٢) الصراط المستقيم : ٢ / ٢٥٩.

(٣) غيبة النعماني : ٢٧٤ ح ٥٤ باب ١٤.

(٤) القلاية : صومعة الراهب (البداية والنهاية : ١٠ / ٢٠٥).

١٠٥

مسجدك هذا مدينة تكثر الجبابرة فيها ويعظم البلاء حتّى إنّه ليركب فيها كلّ ليلة جمعة سبعون ألف فرج حرام ، فإذا عظم بلاؤهم سدّوا على مسجدك بقنطرة (١) ثم بنوه (٢) لا يهدمه إلّا كافر ، فإذا فعلوا ذلك منعوا الحج ثلاث سنين واحترقت خضرهم وسلّط الله عليهم رجلا من أهل السفح لا يدخل بلدا إلّا أهلكه وأهلك أهله ، ثمّ ليعود عليهم مرّة اخرى ثمّ يأخذهم القحط والغلاء ثلاث سنين حتّى يبلغ بهم الجهد ثمّ يعود عليهم ثم يدخل البصرة فلا يدع فيها قائمة إلّا سخطها وأهلك وأسخط أهلها ، وذلك إذا عمرت الخربة وبني فيها مسجد جامع فعند ذلك يكون هلاك البصرة ثمّ يدخل مدينة بناها الحجّاج يقال لها واسط فيفعل مثل ذلك ثمّ يتوجّه نحو بغداد فيدخل عفوا ثمّ يلتجئ الناس إلى الكوفة ولا يكون بلد من الكوفة تشوش (٣) له الأمر ، ثمّ يخرج هو والذي أدخله بغداد نحو قبري فيلقاهما السفياني فيهزمهما ثمّ يقتلهما ، ويتوجّه جيش نحو الكوفة فيستعبد بعض أهلها ويجيء رجل من أهل الكوفة فيلجئهم إلى سور فمن لجأ إليها أمن ، ويدخل جيش السفياني إلى الكوفة فلا يدعون أحدا إلّا قتلوه وإنّ الرجل منهم ليمرّ بالدرة (٤) المطروحة العظيمة فلا يتعرض لها ويرى الصبي الصغير فيلحقه فيقتله ، فعند ذلك يا حبّاب يتوقّع بعدها هيهات هيهات وامور عظام وفتن كقطع الليل فاحفظ عنّي ما أقول لك (٥).

وفي غيبة النعماني عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : قال لي أبي ـ يعني الباقر عليه‌السلام ـ : لا بدّ لنا من أذربايجان ، لا يقوم لها شيء فإذا كان ذلك فكونوا أحلاس بيوتكم والبدوا ما لبدنا والنداء بالبيداء ، فإذا تحرّك متحرّك فاسعوا إليه ولو حبوا ، والله لكأنّي أنظر إليه بين الركن والمقام يبايع الناس على كتاب جديد ، على العرب شديد ، قال : وويل للعرب من شرّ قد اقترب (٦).

وفيه عنه عليه‌السلام : أنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام حدّث عن أشياء تكون بعده إلى قيام القائم فقال الحسين عليه‌السلام : يا أمير المؤمنين متى يطهّر الله الأرض من الظالمين؟

__________________

(١) في المطبوع والبحار : فطوة وفي بعض النسخ : فطرة ، والصحيح ما ذكر.

(٢) في المطبوع : وابنه.

(٣) في نسخة ثانية من البحار : تستوثق.

(٤) الدرة بالكسر آلة يضرب بها. عن هامش الأصل.

(٥) اليقين لابن طاوس : ٤٢٢ ، وبحار الأنوار : ٥٢ / ٢١٩ ح ٨٠ باب ٢٥ ، وفي نسخة ثانية : هنات وهنات.

(٦) غيبة النعماني : ٢٦٣ ح ٢٤ باب ١٤.

١٠٦

فقال عليه‌السلام : لا يطهّر الله الأرض من الظالمين حتّى يسفك الدم الحرام ثمّ ذكر بني أمية وبني العبّاس في حديث طويل ثمّ قال : إذا قام القائم بخراسان وغلب على أرض كرمان والملتان وحاز جزيرة بني كلوان وقام منّا قائم بجيلان وأجابته الابر والديلم وظهرت لولدي رايات الترك متفرّقات في الأقطار والخبات وكانوا بين هنات وهنات ، إذا خرّبت البصرة وقام أمير الأمراء بمصر إلى أن قال : إذا جهّزت الألوف وصفّت الصفوف وقتل الكبش الخروف ، هناك يقوم الآخر ويثور الثائر ويهلك الكافر ثمّ يقوم القائم المأمول والإمام المجهول له الشرف والفضل ، وهو من ولدك يا حسين لا ابن مثله يظهر بين الركنين في دريسين باليين يظهر على الثقلين ولا يترك في الأرض دمين ، طوبى لمن أدرك زمانه ولحق أوانه وشهد أيّامه (١).

وفيه عن بشر بن أبي أراكة النبّال قال : لما قدمت المدينة انتهيت إلى منزل أبي جعفر الباقر عليه‌السلام فإذا أنا ببغلة مسرجة بالباب فجلست حيال الدار فسلّمت عليه فنزل عن البغلة وأقبل نحوي فقال لي : ممّن الرجل؟ فقلت : من أهل العراق فقال : من أيّها؟ قلت : من أهل الكوفة فقال : من صحبك في هذا الطريق؟ قلت : قوم من المحدثة فقال : وما المحدّثة؟ قلت : المرجئة ، فقال : ويح هذه المرجئة إلى من يلجئون غدا إذا قام قائمنا؟ قلت : إنّهم يقولون : لو كان ذلك كنّا نحن وأنتم في العدل سواء فقال : من تاب تاب الله عليه ومن أسرّ نفاقا فلا يبعد الله غيره ومن أظهر شيئا أحرق دمه ثمّ قال : يذبحهم والذي نفسي بيده كما يذبح القصّاب شاته وأومى بيده إلى حلقه قلت : إنّهم يقولون : إنّ المهدي لو قام لاستقامت له الامور عفوا ولا يهرق محجمة دم فقال : كلّا والذي نفسي بيده لو استقامت لأحد عفوا لاستقامت لرسول الله حين أدميت رباعيته وشجّ في وجهه ، كلّا والذي نفسي بيده حتّى نمسح نحن وأنتم العرق والعلق ثمّ مسح جبهته (٢).

وفيه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : لا يقوم القائم حتّى تفقأ عين الدنيا وتظهر الحمرة في السماء وتلك دموع حملة العرش على أهل الأرض حتّى يظهر فيهم أقوام لا خلاق لهم ، يدعون لولدي وهم برآء من ولدي ، تلك عصابة ردية ، على الأشرار مسلّطة وللجبابرة مفتنة وللملوك مبيرة ، تظهر في سواد الكوفة يقدمهم رجل أسود اللون والقلب رثّ الدين لا خلاق له ، مهجن زنيم تداولته أيدي العواهر من الامّهات من شر نسل لا سقاها الله المطر من سنة إظهار

__________________

(١) غيبة النعماني : ٢٧٤ ح ٥٥ باب ١٤.

(٢) غيبة النعماني : ٢٨٣ ح ١ باب ١٥.

١٠٧

غيبة المتغيّب من ولدي صاحب الراية الحمراء والعلم الأخضر ، أيّ يوم للمخيبين بين الأنبار وهيت ذلك يوم فيه صيلم الأكراد وخراب دار الفراعنة ومسكن الجبابرة ومأوى الولاة الظلمة وأمّ البلاء واخت العار ، تلك وربّ علي يا عمر بن سعد بغداد ألا لعنة الله على العصابة من بني أمية وبني فلانة الخونة الذين يقتلون الطيّبين من ولدي لا يرقبون فيهم ذمّتي ولا يخافون الله فيما يفعلونه بحرمتي ، إن لبني العبّاس يوما كيوم الطموح (١) ولهم فيه صرخة كصرخة الحبلى ، الويل لشيعة ولد العبّاس من الحرب التي منح (٢) بين نهاوند والدينور ، تلك صعاليك الشيعة يقدمهم رجل من همدان اسمه على اسم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، منعوت موصوف باعتدال الخلق ونضارة اللون ، له في صوته ضحك وفي أشفاره وطف وفي عنقه سطح ، فرق الشعر ، مفلّج الثنايا ، على فرسه كبدر التمام تجلى عنه الغمام ، يسير بعصابة خير عصابة آوت وتقرّبت ودانت الله بدين تلك الأبطال من العرب الذين يلفحون حرب الكريهة والدبرة (٣) يومئذ على الأعداء إنّ للعدو يوم ذلك الصيلم والاستئصال. انتهى (٤).

وفي الدمعة عن الإكمال عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : يخرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس وهو رجل ربعة وحش الوجه ضخم الهامة بوجهه أثر جدري إذا رأيته حسبته أعور ، اسمه عثمان وأبوه عنبسة وهو من ولد أبي سفيان حتّى يأتي أرضا ذات قرار ومعين فيستوي على منبرها (٥).

وعن عقد الدرر عن أبي مريم عن أشياخه قال : يرى السفياني في منامه فيقال له : قم فاخرج فيقوم فلا يجد أحدا ثمّ يرى الثانية فيقال مثل ذلك ثم يقال في الثالثة : قم فاخرج فانظر على باب دارك فينحدر في الثالثة إلى باب داره فإذا هو بسبعة نفر أو تسعة ومعهم لواء فيقولون : نحن أصحابك فيخرج فيهم وبينهم ناس من قربات (٦) الوادي اليابس فيخرج إليهم صاحب دمشق ليلقاه [ويقاتله] فإذا نظر [إلى] رايته انهزم (٧).

وفيه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : من ولد خالد بن يزيد بن أبي سفيان ، رجل ضخم الهامة ،

__________________

(١) أي شديد.

(٢) في المصدر : سنح ، وفي بعض النسخ : يفتح ، وفي بعضها : تنتح.

(٣) أي الهزيمة.

(٤) غيبة النعماني : ١٤٧ ح ٥ باب ١٠.

(٥) كمال الدين : ٦٥١ ح ٩ باب ٥٧.

(٦) في المصدر : ويتبعهم ناس من قريات.

(٧) عقد الدرر : ٥٦ في الخسف.

١٠٨

بوجهه أثر الجدري ، بعينه ركنة بياض ، يخرج من ناحية مدينة دمشق في واد يقال له الوادي اليابس ، يخرج مع سبعة نفر مع أحدهم لواء معقود يعرفون في النصير يسيرون على ثلاثين ميلا لا يرى ذلك العلم أحد إلّا انهزم (١). وعن خالد بن معدان : يخرج السفياني وبيده ثلاث قصبات لا يقرع بهذا إلّا مات (٢).

وفيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام : لو رأيت السفياني رأيت أخبث الناس ، أشقر أحمر أزرق يقول : ثاري ثمّ النار ثاري ثمّ النار ، ولقد بلغ من خبثه أنّه يدفن أمّ ولد له وهي حيّة مخافة أن تدلّ عليه (٣).

وفيه عن عبد الملك بن أعين كنت عند أبي جعفر عليه‌السلام فجرى ذكر القائم (عج) فقلت له : أرجو أن يكون عاجلا ولا يكون السفياني فقال : لا والله إنّه لمن المحتوم الذي لا بدّ منه (٤).

وفيه عن الإكمال عن عبد الله بن أبي منصور سألت أبا عبد الله عن اسم السفياني قال : وما تصنع باسمه؟ إذا ملك كنوز الشام الخمس دمشق وحمص والأردن وقنسرين فتوقّعوا عند ذلك الفرج ، قلت : يملك تسعة أشهر قال : لا ولكن يملك ثمانية أشهر لا يزيد يوما (٥).

وعن معاني الأخبار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : إنّا وآل أبي سفيان أهل بيتين تعادينا في الله ، قلنا : صدق الله وقالوا : كذب الله ، قاتل أبو سفيان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقاتل معاوية علي بن أبي طالب عليه‌السلام وقاتل يزيد بن معاوية الحسين بن علي عليهما‌السلام والسفياني يقاتل القائم. وعن أبي جعفر عليه‌السلام : السفياني والقائم عليه‌السلام في سنة واحدة (٦).

وفيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام : اليماني والسفياني كفرسي رهان (٧).

وفيه عن أبي عبد الله السدير : يا سدير الزم بيتك وكن حلسا (٨) من أحلاسه واسكن ما

__________________

(١) عقد الدرر : ٥٦.

(٢) المصدر السابق.

(٣) لم أجده في عقد الدرر ، ورواه في كمال الدين : ٢ / ٦٥ ح ١٠ باب ٥٧.

(٤) لم أجده في عقد الدرر وهو موجود في غيبة النعماني : ٢٨٢.

(٥) لم أجده في عقد الدرر وهو في الكافي : ٢ / ٣٦٦ والبحار : ٥٢ / ٢٠٦.

(٦) معاني الأخبار : ٣٤٦ باب معنى قول الصادق عليه‌السلام : إنّا وآل أبي سفيان ....

(٧) غيبة النعماني : ٢٥٣ باب ما جاء في العلامات ح ١٣ باب ١٤.

(٨) الحلس بالكسر : كساء يوضع في ظهر البعير تحت البرذعة في المجمع.

١٠٩

سكن الليل والنهار فإذا بلغك أنّ السفياني قد خرج فارحل إلينا ولو على رجلك (١).

وفيه عن عقد الدرر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يخرج رجل يقال له السفياني في عمق دمشق وعامة من يتبعه من كلب فيقتل حتّى يبقر بطون النساء ويقتل الصبيان فيجمع لهم قيس فيقتلها حتّى لا يمنع ذئب يبلغه ، ويخرج رجل من أهل بيتي في الحرم فيبلغ إليه السفياني فيبعث إليه جندا من جنده فيهزمهم فيسير إليه السفياني بمن معه حتى إذا جاء ببيداء من الأرض خسف بهم فلا ينجو منهم إلّا المخبر (٢).

وفيه عن نزال بن سبرة قال : خطبنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال عليه‌السلام : سلوني أيّها الناس قبل أن تفقدوني ثلاثا فقام إليه صعصعة بن صوحان فقال : يا أمير المؤمنين : متى يخرج الدجّال؟ فقال عليه‌السلام : اقعد فقد سمع الله كلامك وعلم ما أردت ، والله ما المسئول عنه بأعلم من السائل ولكن لذلك علامات وهيئات يتبع بعضها بعضا حذو النعل بالنعل وإن شئت أنبأتك بها ، قال : نعم يا أمير المؤمنين فقال عليه‌السلام : احفظ فإنّ علامة ذلك إذا أمات الناس الصلاة وأضاعوا الأمانة واستحلّوا الكذب وأكلوا الربا وأخذوا الرشا وشيّدوا البنيان وباعوا الدين بالدنيا واستعملوا السفهاء وشاوروا النساء وقطعوا الأرحام واتّبعوا الأهواء واستخفوا بالدماء ، وكان الحلم ضعفا والظلم فخرا وكانت الامراء فجرة والوزراء ظلمة والعرفاء خونة والقرّاء فسقة وظهرت شهادات الزور واستعلن الفجور وقول البهتان والإثم والطغيان وحليت المصاحف وزخرفت المساجد وطوّلت المنائر وأكرم الأشرار وازدحمت الصفوف واختلفت الأهواء ونقضت العهود واقترب الموعود وشارك النساء أزواجهنّ في التجارة حرصا على الدنيا وعلت أصوات الفسّاق واستمع منهم جما وكان زعيم القوم أرذلهم واتّقي الفاجر مخافة شرّه وصدّق الكاذب وائتمن الخائن واتخذت القيان والمعازف ولعن آخر الامّة أوّلهم وركبت ذوات الفروج السروج وتشبّهت النساء بالرجال والرجال بالنساء وشهد الشاهد من غير أن يستشهد وشهد الآخر قضاء بغير حق عرفه وتفقّه لغير الدين وآثروا عمل الدنيا على عمل الآخرة ولبسوا جلود الضأن على قلوب الذئاب وقلوبهم أنتن من الجيف وأمرّ من الصبر ، فعند ذلك الوحا الوحا العجل العجل ، خير المساكن يومئذ بيت المقدس ليأتينّ على الناس زمان يتمنّى أحدهم أنّه من سكّانه ، فقام إليه

__________________

(١) الكافي : ٨ / ٢٦٥ ح ٣٨٣.

(٢) عقد الدرر : ٧٣ باب ٣ الفصل ٢.

١١٠

الأصبغ بن نباتة فقال : يا أمير المؤمنين من الدجّال؟ فقال عليه‌السلام : ألا إنّ الدجّال صائد بن صيد ، فالشقيّ من صدّقه والسعيد من كذّبه ، يخرج من بلدة يقال لها أصبهان من قرية تعرف باليهودية ، عينه اليمنى ممسوحة والاخرى في جبهته تضيء كأنّها كوكب الصبح ، فيها علقة كأنّها ممزوجة بالدم ، بين عينيه مكتوب : كافر يقرأه كاتب وأمّي ، يخوض البحار وتسير معه الشمس بين جبل من دخان ، وخلفه جبل أبيض يرى الناس أنّه طعام يخرج حين يخرج في قحط شديد ، تحته حمار أقمر ، خطوة حماره ميل ، تطوى له الأرض منهلا منهلا ، لا يمرّ بماء إلّا غار إلى يوم القيامة ، ينادي بأعلى صوته ، يسمع ما بين الخافقين من الجن والإنس والشياطين يقول إليّ أوليائي ، أنا الذي خلق فسوّى وقدّر فهدى أنا ربّكم الأعلى وكذب عدوّ الله ، إنّه أعور ويطعم الطعام ويمشي في الأسواق وإنّ ربكم ليس بأعور ولا يطعم ولا يمشي ولا يزول تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا. ألا وإنّ أكثر أشياعه يومئذ أولاد الزنا وأصحاب الطيالسة الخضر ، يقتله الله عزوجل بالشام على عقبة تعرف بعقبة أفيق لثلاث ساعات من يوم الجمعة على يدي من يصلّي المسيح عيسى ابن مريم خلفه ، ألا إنّ بعد ذلك الطامّة الكبرى ، قلنا : وما ذلك يا أمير المؤمنين؟

قال : خروج دابة من الأرض من عند الصفا معها خاتم سليمان وعصا موسى ، تضع الخاتم على وجه كلّ مؤمن فيطبع فيه : هذا مؤمن حقّا وتضعه على وجه كلّ كافر فيكتب فيه : هذا كافر حقّا ، حتّى إنّ المؤمن لينادي الويل لك يا كافر وإنّ الكافر ينادي طوبى لك يا مؤمن ، وددت أنّي اليوم مثلك فأفوز فوزا عظيما. ثمّ ترفع الدابّة رأسها فيراها من بين الخافقين بإذن الله عزوجل بعد طلوع الشمس من مغربها فعند ذلك ترفع التوبة فلا توبة تقبل ولا عمل يرفع ولا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا. ثمّ قال عليه‌السلام : لا تسألوني عما يكون بعد ذلك فإنّه عهد إليّ حبيبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن لا أخبر به غير عترتي ، فقال النزال بن سبرة لصعصعة : ما عنى أمير المؤمنين عليه‌السلام بهذا القول؟ فقال صعصعة : يا ابن سبرة إنّ الذي يصلّي خلفه عيسى ابن مريم هو الثاني عشر من العترة التاسع من ولد الحسين بن علي عليهما‌السلام وهو الشمس الطالعة من مغربها يظهر عند الركن والمقام فيطهّر الأرض ويضع ميزان العدل فلا يظلم أحد أحدا ، فأخبر أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّ حبيبه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عهد إليه أن لا يخبر بما يكون بعد ذلك غير عترته الأئمّة. وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يتبع الدجّال من أمّتي

١١١

سبعون ألفا عليهم السيجان (١).

وفيه عن أسماء بنت يزيد قالت : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بيتي فذكر الدجّال فقال : إنّ بين يديه ثلاث سنين : سنة تمسك السماء فيها ثلث قطرها والأرض ثلث نباتها والثانية تمسك السماء ثلثي قطرها والأرض ثلثي نباتها والثالثة تمسك السماء قطرها كلّه والأرض نباتها كلّه فلا تبقى ذات ظلف ولا ذات خرس من البهائم إلّا هلك ، وإنّ من أشدّ فتنته أنّه يأتي الاعرابي يقول : أرأيت إن أحييت لك إبلك ، ألست تعلم أنّي ربّك؟ فيقول : بلى ، فيمثل له نحو إبله كأحسن ما يكون ضروعا وأعظمه أسنمة قال : ويأتي الرجل قد مات أخوه ومات أبوه فيقول : أرأيت إن أحييت لك أباك وأخاك ألست تعلم أنّي ربّك؟ فيقول : بلى فيمثل له الشياطين نحو أبيه ونحو أخيه قالت : ثمّ خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لحاجته ثمّ رجع والقوم في اهتمام وغمّ ممّا حدّثهم قالت : فأخذ بلحمتي الباب فقال : ميهم يا أسماء قلت : يا رسول الله لقد خلعت أفئدتنا بذكر الدجّال قال : إن يخرج وأنا حي فأنا حجيجه وإلّا فإنّ ربي خليفتي على كلّ مؤمن ، فقلت : يا رسول الله والله إنّا لنعجن عجيننا فما نخبزه حتّى نجوع فكيف بالمؤمنين يومئذ؟

قال : يجزئهم ما يجزئ أهل السماء من التسبيح والتقديس (٢).

وفيه عن أبي بكرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا يدخل المدينة لرعب المسيح الدجّال ولها يومئذ ثلاثة أبواب ، لكلّ باب ملكان (٣).

وفيه عن عائشة : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يستعيذ في صلاته من فتنة الدجّال (٤).

وفيه قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجّال (٥).

وفيه عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : المدينة يأتيها الدجّال فيجد الملائكة يحرسونها فلا يقربها الدجّال ولا الطاعون (٦).

وفي البحار عن عمر بن يزيد قال : قال لي الصادق عليه‌السلام : إنّك لو رأيت السفياني لرأيت

__________________

(١) كمال الدين : ٥٢٧ باب حديث الدجّال.

(٢) معاني الأخبار : ١٣٦ باب قصة غزو بدر ، مسند أحمد : ٦ / ٤٥٦ ط. الميمنية.

(٣) معاني الأخبار : ٢١٧.

(٤) فقه السنّة : ١ / ٥٧٣ ح ١ بتفاوت.

(٥) المحلّى : ٧ / ٢٨١ ح ٩١٩ بتفاوت.

(٦) مسند أحمد : ٢ / ١٢٣ وسنن الترمذي : ٤ / ٥١٤ ح ٢٢٤٢.

١١٢

أخبث الناس أشقر أحمر أزرق يقول يا ربّ يا ربّ يا ربّ ثمّ للنار أي : ثم مع إقراره ظاهرا بالربّ يفعل ما يستوجب للنار ويصير إليها ، ولقد بلغ من خبثه أنّه يدفن أمّ ولد له وهي حيّة مخافة أن تدلّ عليه (١).

وفيه عن غيبة الطوسي عن بنت الحسن بن علي عليهما‌السلام تقول : لا يكون هذا الأمر الذي تنتظرون حتّى يبرأ بعضكم من بعض ويلعن بعضكم بعضا ويتفل بعضكم في وجه بعض وحتّى يشهد

بعضكم بالكفر على بعض قلت : ما في ذلك خير؟ قالت : الخير كلّه في ذلك ، عند ذلك يقوم قائمنا فيرفع ذلك كلّه (٢).

وفيه عن محمد بن بشر قال : قلت لمحمد بن الحنفية : قد طال هذا الأمر ، حتّى متى؟قال : فحرّك رأسه ثمّ قال : أنّى يكون ذلك ولم يمض الزمان؟ أنّى يكون ذلك ولم يجف الإخوان؟ أنّى يكون ذلك ولم يظلم السلطان؟ أنّى يكون ذلك ولم يقم الزنديق من قزوين فيهتك ستورها ويكفر صدورها ويغيّر سورها ويذهب ببهجتها ، من فرّ منه أدركه ومن حاربه قتله ومن اعتزله افتقر ومن تابعه كفر ، حتى يقوم باكيان : باك يبكي على دينه وباك يبكي على دنياه (٣).

وفيه عن غيبة الطوسي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يخرج بقزوين رجل اسمه اسم نبي يسرع الناس إلى طاعته المشرك والمؤمن ، يملأ الجبال خوفا (٤).

في البحار عن الصادق عليه‌السلام : قبل قيام القائم (عج) خمس علامات محتومات : اليماني والسفياني والصيحة وقتل النفس الزكية والخسف بالبيداء (٥).

وفيه عن أبي جعفر عليه‌السلام : آيتان بين يدي هذا الأمر : خسوف القمر وكسوف الشمس لخمس عشرة ولم يكن ذلك منذ هبط آدم عليه‌السلام إلى الأرض ، وعند ذلك سقط حساب المنجّمين (٦).

وفيه عن الصادق عليه‌السلام قال : لا يكون هذا الأمر حتّى يذهب ثلثا الناس ، فقيل : فإذا ذهب

__________________

(١) كمال الدين : ٦٥١ ح ١٠ باب ٥٧ ، وبحار الأنوار : ٥٢ / ٢٠٥ ح ٣٧ باب ٢٥.

(٢) غيبة الطوسي : ٤٣٨ ح ٤٢٩.

(٣) بحار الأنوار : ٥٢ / ٢١٠ باب ٢٥ ح ٦١.

(٤) غيبة الطوسي : ٤٤٤ ح ٤٣٨ ، والبحار : ٥٢ / ٢١٣ ح ٦٦.

(٥) كمال الدين : ٦٥٠ / ح ٧ باب ٥٧ ، والبحار : ٥٢ / ٢٠٤ ح ٣٤.

(٦) درر الأخبار : ٣٩٤ ، والبحار : ٥٢ / ٢٠٧ ح ٤١.

١١٣

ثلثا الناس فمن يبقى؟ فقال عليه‌السلام : أما ترضون أن تكونوا الثلث الباقي (١).

وفيه عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : حججت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حجّة الوداع ، فلمّا قضى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما افترض عليه من الحج أتى مودع الكعبة فلزم حلقة الباب ونادى برفيع صوته : أيّها الناس ، فاجتمع أهل المسجد وأهل السوق فقال : اسمعوا إنّي قائل ما هو بعدي كائن فليبلغ شاهدكم غائبكم ، ثمّ بكى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتّى بكى لبكائه الناس أجمعين ، فلمّا سكت من بكائه قال : اعلموا ـ رحمكم الله ـ أنّ مثلكم في هذا اليوم كمثل ورق لا شوك فيه إلى أربعين ومائة سنة ثمّ يأتي من بعد ذلك شوك وورق إلى مائتي سنة ثمّ يأتي من بعد ذلك شوك لا ورق فيه حتّى لا يرى فيه إلّا سلطان جائر أو غني بخيل أو عالم راغب في المال أو فقير كذّاب أو شيخ فاجر أو صبي وقح أو امرأة رعناء ، ثم بكى رسول الله ، فقام إليه سلمان الفارسي رحمه‌الله وقال : يا رسول الله أخبرنا متى يكون ذلك؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا سلمان إذا قلّت علماؤكم وذهبت قراؤكم وقطعتم زكاتكم وأظهرتم منكراتكم وعلت أصواتكم في مساجدكم وجعلتم الدنيا فوق رءوسكم والعلم تحت أقدامكم والكذب حديثكم والغيبة فاكهتكم والحرام غنيمتكم ولا يرحم كبيركم صغيركم ولا يوقّر صغيركم كبيركم ، فعند ذلك تنزل اللعنة عليكم ويجعل بأسكم بينكم ، وبقي الدين لفظا بألسنتكم ، فإذا أوتيتم هذه الخصال توقّعوا الريح الحمراء أو مسخا أو قذفا بالحجارة ، وتصديق ذلك في كتاب الله عزوجل (قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ) (٢) فقام إليه جماعة من الصحابة فقالوا : يا رسول الله أخبرنا متى يكون ذلك؟

فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عند تأخير الصلاة واتباع الشهوات وشرب القهوات وشتم الآباء والامّهات حتّى تروا الحرام مغنما والزكاة مغرما ، وأطاع الرجل زوجته وجفا جاره وقطع رحمه وذهبت رحمة الأكابر وقلّ حياء الأصاغر وشيّدوا البنيان وظلموا العبيد والإماء وشهدوا بالهوى وحكموا بالجور ، ويسبّ الرجل أباه ويحسد الرجل أخاه ويعامل الشركاء بالخيانة ، وقلّ الوفاء وشاع الزنا وتزيّن الرجال بثياب النساء وسلب عنهنّ قناع الحياء ودبّ الكبر في

__________________

(١) غيبة الطوسي : ٣٣٩ ح ٢٨٦ ، البحار : ٥٢ / ٢٠٧ ح ٤٤.

(٢) سورة الانعام : ٦٥.

١١٤

القلوب كدبيب السمّ في الأبدان وقل المعروف وظهرت الجرائم وهونت الفطائم وطلبوا المدح بالمال وأنفق المال للغناء وشغلوا بالدنيا عن الآخرة وقلّ الورع وكثر الطمع والهرج والمرج وأصبح المؤمن ذليلا والمنافق عزيزا ، مساجدهم معمورة بالأذان وقلوبهم خالية من الإيمان واستخفوا بالقرآن ، بلغ المؤمن عنهم كلّ هوان فعند ذلك ترى وجوههم وجوه الآدميين وقلوبهم قلوب الشياطين ، كلامهم أحلى من العسل وقلوبهم أمرّ من الحنظل فهم ذئاب وعليهم ثياب ، ما من يوم إلّا يقول الله تعالى : أفبي تغترون أم عليّ تجترون أفحسبتم أنّما خلقناكم عبثا وأنّكم إلينا لا ترجعون ، فو عزّتي وجلالي لو لا من يعبدني مخلصا ما أمهلت من يعصيني طرفة عين ولو لا ورع الورعين من عبادي لما أنزلت من السماء قطرة ولا أنبتّ ورقة خضراء ، فوا عجباه لقوم آلهتهم أموالهم وطالت آمالهم وقصرت آجالهم وهم يطمعون في مجاورة مولاهم ولا يصلون إلى ذلك إلّا بالعمل ولا يتمّ العمل إلّا بالعقل (١).

وفي الدمعة عن تفسير علي بن إبراهيم عن عبد الله بن عبّاس قال : حججنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حجّة الوداع فأخذ بحلقة باب الكعبة ثمّ أقبل علينا بوجهه فقال : ألا أخبركم بأشراط الساعة؟ وكان أدنى الناس يومئذ منه سلمان قال : بلى يا رسول الله فقال : إنّ من أشراط الساعة إضاعة الصلاة واتباع الشهوات والميل مع الأهواء وتعظيم المال وبيع الدين بالدنيا ، فعندها يذوب قلب المؤمن في جوفه كما يذوب الملح في الماء ممّا يرى من المنكر فلا يستطيع أن يغيّره ، قال سلمان رضى الله عنه : إنّ هذا لكائن يا رسول الله؟

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إي والذي نفسي بيده ، يا سلمان إنّ عندها يليهم أمراء جورة ووزراء فسقة وعرفاء ظلمة وأمناء خونة ، فقال سلمان : إنّ هذا لكائن يا رسول الله؟

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إي والذي نفسي بيده يا سلمان إنّ عندها يكون المنكر معروفا والمعروف منكرا ويؤتمن الخائن ويخوّن الأمين ويصدّق الكاذب ويكذّب الصادق قال سلمان : وإن هذا لكائن يا رسول الله؟

قال : إي والذي نفسي بيده يا سلمان فعندها إمارة النساء ومشاورة الإماء وقعود الصبيان على المنابر ويكون الكذب طرفا والزكاة مغرما والفيء مغنما ويجفو الرجل والديه ويبرّ صديقه ويطلع الكوكب المذنب ، قال سلمان : وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟

__________________

(١) البحار : ٥٢ / ٢٦٤ ح ١٤٨.

١١٥

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إي والذي نفسي بيده ، يا سلمان عندها تشارك المرأة مع زوجها في التجارة ويكون المطر قيظا ويغيظ الكرام غيظا ويحتقر الرجل المعسر فعندها تقارب الأسواق إذ قال هذا : لم أبع شيئا وقال هذا : لم أربح شيئا فلا ترى إلّا ذامّا لله ، قال سلمان : وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إي والذي نفسي بيده ، يا سلمان فعندها يليهم أقوام إن تكلّموا قتلوهم وإن سكتوا استباحوهم ليستأثرنّ أنفسهم بفيئهم وليطؤنّ حرمتهم وليسفكنّ دماؤهم وليملأنّ قلوبهم رعبا فلا تراهم إلّا وجلين خائفين مرعوبين مرهوبين ، قال سلمان : وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إي والذي نفسي بيده يا سلمان ، إنّ عندها يؤتى بشيء من المشرق ويؤتى بشيء من المغرب يلون أمّتي فالويل لضعفاء أمّتي والويل لهم من الله ، لا يرحمون صغيرا ولا يوقّرون كبيرا ولا يتجاوزون عن مسيء ، جثتهم جثة الآدميين ، وقلوبهم قلوب الشياطين ، قال سلمان : وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إي والذي نفسي بيده يا سلمان ، وعندها تكتفي الرجال بالرجال والنساء بالنساء ويغار على الغلمان كما يغار على الجارية في بيت أهلها ويشبّه الرجال بالنساء والنساء بالرجال ويركبن ذوات الفروج السروج من أمّتي فعليهنّ من أمتي لعنة الله ، قال سلمان : وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إي والذي نفسي بيده يا سلمان إنّ عندها تزخرف البيع والكنائس وتحلّى المصاحف وتطول المنارات وتكثر الصفوف بقلوب متباغضة وألسن مختلفة ، قال سلمان : وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إي والذي نفسي بيده وعندها يتحلّى ذكور أمّتي بالذهب ويلبسون الحرير والديباج ويتّخذون جلود النمور صفافا ، قال سلمان : وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟

قال : إي والذي نفسي بيده ، وعندها يظهر الربا ويعاملون بالغيبة والرشا ، ويوضع الدين وترفع الدنيا. قال سلمان : وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إي والذي نفسي بيده يا سلمان ، وعندها يكثر الطلاق فلا يقام لله حدّ ولن يضرّ الله شيء ، قال سلمان : وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟

١١٦

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إي والذي نفسي بيده يا سلمان ، عندها تظهر القينات والمعازف ويليهم أشرار أمّتي ، قال سلمان : وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إي والذي نفسي بيده يا سلمان ، وعندها تحجّ أغنياء أمّتي للنزهة وتحجّ أوساطها للتجارة وتحجّ فقراؤهم للرياء والسمعة ، وعندها يكون أقوام يتفقهون لغير الله وتكثر أولاد الزنا ويتغنّون بالقرآن ويتهافتون بالدنيا ، قال سلمان : وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إي والذي نفسي بيده ، ذاك إذا انتهكت المحارم واكتسبت المآثم وسلّط الأشرار على الأخيار ويفشو الكذب وتظهر الحاجة وتفشو الفاقة ويتباهون في اللباس ويمطرون في غير أوان المطر ويستحسنون الكوبة (١) والمعازف وينكرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتّى يكون المؤمن في ذلك الزمان أذلّ من الأمة ، وتظهر قرّاؤهم وعبّادهم فيما بينهم التلاوم فأولئك يدعون في ملكوت السماوات الأرجاس الأنجاس ، قال سلمان : وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إي والذي نفسي بيده يا سلمان ، فعندها لا يخشى الغني إلّا الفقر حتّى إنّ السائل ليسأل فيما بين الجمعتين لا يصيب أحدا يضع في يده شيئا ، قال سلمان : وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إي والذي نفسي بيده يا سلمان ، عندها يتكلّم الرويبضة قال : وما الرويبضة يا رسول الله فداك أبي وأمّي؟

قال : يتكلّم في أمر العامة من لم يتكلّم فلم يلبثوا إلّا قليلا حتّى تخور الأرض خورا فلا يظنّ كلّ قوم إلّا أنّها خارت في ناحيتهم فيمكثون ما شاء الله ثمّ يمكثون في مكثهم فتلقي لهم الأرض أفلاذ كبدها ، قال : ذهب وفضّة ثمّ أومأ بيده إلى الأساطين فقال : مثل هذا فيومئذ لا ينفع ذهب ولا فضّة ، فهذا معنى قوله (فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها) (٢). (٣)

وفي روضة الكافي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : سرت مع أبي جعفر المنصور وهو في موكبه وهو على فرس وبين يديه خيل ومن خلفه خيل وأنا على حمار إلى جانبه فقال لي : يا أبا عبد الله قد كان ينبغي لك أن تفرح بما أعطانا الله من القوّة وفتح لنا من العزّ ، ولا تخبر الناس

__________________

(١) الكوبة : النرد والشطرنج والطبل الصغير.

(٢) سورة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ١٨.

(٣) تفسير القمّي : ٢ / ٣٠٧.

١١٧

أنّك أحقّ بهذا الأمر منّا وأهل بيتك ، فنصرتنا بك وبهم قال : فقلت : ومن رفع هذا إليك عنّي فقد كذب فقال : أتحلف على ما تقول؟

قال : فقلت : إنّ الناس شجرة بغي يحبّون أن يفسدوا قلبك عليّ فلا تمكّنهم من سمعك فإنّا إليك أحوج منك إلينا ، فقال : تذكر يوم مسألتك : هل لنا ملك؟ قلت : نعم طويل عريض شديد فلا تزالون في مهلة من أمركم وفسحة من دنياكم حتّى تصيبوا منّا دما حراما في شهر حرام في بلد حرام فعرفت أنّه قد حفظ الحديث فقلت : لعلّ الله عزوجل أن يكفيك فإنّي لم أخصّك بهذا وإنّما هو حديث رويته ، ثمّ لعلّ غيرك من أهل بيتك أن يتولّى ذلك فسكت عنّي ، فلمّا رجعت إلى منزلي أتاني بعض موالينا فقال : جعلت فداك ، والله رأيتك في موكب أبي جعفر وأنت على حمار وهو على فرس وقد أشرف عليك يكلّمك كأنّك تحته فقلت بيني وبين نفسي : هذا حجّة الله على الخلق وصاحب هذا الأمر الذي يقتدى به ، وهذا الآخر الذي يعمل بالجور ويقتل أولاد الأنبياء ويسفك الدماء في الأرض بما لا يحبّ الله وهو في موكبه على حمار ، فدخلني من ذلك شكّ حتّى خفت على ديني ونفسي قال : لو رأيت من كان حولي وبين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي من الملائكة لاحتقرته واحتقرت ما هو فيه فقال : الآن سكن قلبي ثمّ قال : إلى متى هؤلاء يملكون أو متى الراحة منهم؟ فقلت : أليس تعلم أنّ لكلّ شيء مدّة؟ قال : بلى ، فقلت : هل ينفعك علمك أنّ هذا الأمر إذا جاء كان أسرع من طرفة العين ، إنّك لو تعلم حالهم عند الله عزوجل وكيف هي كنت لهم أشدّ بغضا ، ولو جهدت أو جهد أهل الأرض أن يدخلوهم في أشدّ ممّا هم فيه من الإثم لم يقدروا ، فلا يستفزنّك الشيطان فإنّ العزّة لله ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون.

ألا تعلم أنّ من انتظر أمرنا وصبر على ما يرى من الأذى والخوف هو غدا في زمرتنا؟ فإذا رأيت الحقّ قد مات وذهب أهله ورأيت الجور قد شمل البلاد ورأيت القرآن قد خلق وأحدث فيه ما ليس فيه ووجه على الأهواء ورأيت الدين قد انكفأ كما ينكفئ الماء ورأيت أهل الباطل قد استعلوا على أهل الحقّ ورأيت الشرّ ظاهرا لا ينهى عنه ويعذر أصحابه ورأيت الفسق قد ظهر ، واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء ورأيت المؤمن صامتا لا يقبل قوله ورأيت الفاسق يكذب ولا يرد عليه كذبه وفريته ورأيت الصغير يستحقر الكبير ورأيت الأرحام قد تقطّعت ورأيت من يمتدح بالفسق يضحك منه ولا يرد عليه قوله ورأيت

١١٨

الغلام يعطى ما تعطى المرأة ورأيت النساء يتزوجن بالنساء ورأيت الثناء قد كثر ورأيت الرجل ينفق المال في غير طاعة الله فلا ينهى عنه ولا يؤخذ على يديه ورأيت الناظر يتعوّذ بالله مما يرى المؤمن فيه من الاجتهاد ورأيت الجار يؤذي جاره وليس له مانع ورأيت الكافر فرحا لما يرى في المؤمن مرحا لما يرى في الأرض من الفساد ورأيت الخمور تشرب علانية ويجتمع عليها من لا يخاف الله عزوجل ورأيت الأمر بالمعروف ذليلا ورأيت الفاسق فيما لا يحبّ الله قويا محمودا ورأيت صاحبي الآثار يحتقرون ويحتقر من يحبهم ورأيت سبيل الخير منقطعا وسبيل الشرّ مسلوكا ورأيت بيت الله قد عطل ويؤمر بتركه ورأيت الرجل يقول ما لا يفعله ورأيت الرجال يتسمنون للرجال والنساء للنساء ورأيت الرجل معيشته من دبره ومعيشة المرأة من فرجها ورأيت النساء يتخذن المجالس كما يتّخذها الرجال ورأيت التأنيث في ولد العبّاس قد أظهروا الخضاب وامتشطوا كما تمشط المرأة لزوجها وأعطوا الرجال الأموال على فروجهم وتنوفس في الرجل وتغير عليه الرجال وكان صاحب المال أعزّ من المؤمن وكان الربا ظاهرا لا يعير وكان الزنا تمتدح به النساء ورأيت المرأة تصانع زوجها على نكاح الرجال ورأيت أكثر الناس وخير بيت من يساعد النساء على فسقهنّ ورأيت المؤمن محزونا محتقرا ذليلا ورأيت الرجال يعتدّون بشهادة الزور ورأيت الحرام يحلل ورأيت الحلال يحرم ورأيت الدين بالرأي ، وعطل الكتاب وأحكامه ورأيت الليل لا يستخفى به من الجرأة على الله ورأيت المؤمن لا يستطيع أن ينكر إلّا بقلبه ورأيت العظيم من المال ينفق في سخط الله عزوجل ورأيت الولاة يقرّبون أهل الكفر ويباعدون أهل الخير ورأيت الولاة يرتشون في الحكم ورأيت الولاية قبالة لمن زاد ورأيت ذوات الأرحام ينكحن ويكتفى بهن ورأيت الرجل يقتل على التهمة وعلى الظنّة ويتغاير على الرجل الذكر فيبذل له نفسه وماله ورأيت الرجل يعيّر على إتيان النساء ورأيت الرجل يأكل من كسب امرأته من الفجور ، يعلم ذلك ويقيم عليه ورأيت المرأة تقهر زوجها وتعمل ما لا يشتهي وتنفق على زوجها ورأيت الرجل يكري امرأته وجاريته ويرضى بالدنيّ من الطعام والشراب ورأيت الأيمان بالله عزوجل كثيرة على الزور ورأيت القمار قد ظهر ورأيت الشراب يباع ظاهرا ليس له مانع ورأيت النساء يبذلن أنفسهنّ لأهل الكفر ورأيت الملاهي يمرّ بها لا يمنعها أحد أحدا ولا يجتري أحد على منعها ورأيت الشريف يستذلّه الذي يخاف سلطانه ورأيت

١١٩

أقرب الناس من الولاة من يمتدح بشتمنا أهل البيت ورأيت من يحبّنا يزور ولا تقبل شهادته ورأيت الزور من القول يتنافس فيه ورأيت القرآن قد ثقل على الناس استماعه وخفّ على الناس استماع الباطل ورأيت الجار يكره الجار خوفا من لسانه ورأيت الحدود قد عطّلت وعمل فيها بالأهواء ورأيت المساجد قد زخرفت ورأيت أصدق الناس عند الناس المفتري الكذب ورأيت الشرّ قد ظهر والسعي بالنميمة ورأيت البغي قد فشا ورأيت الغيبة تستملح ويبشر بها الناس بعضهم بعضا ورأيت طلب الحجّ والجهاد لغير الله ورأيت السلطان يذلّ للكافر ورأيت الخراب قد أديل من العمران ورأيت الرجل معيشته من بخس المكيال والميزان ورأيت سفك الدماء يستخف بها ورأيت الرجل يطلب الرئاسة بغرض الدنيا ويشهر نفسه بخبث اللسان ليتّقى ويسند إليه الامور ورأيت الصلاة قد استخفّ بها ورأيت الرجل عنده المال الكثير ولم يزكّه منذ ملكه ورأيت الميّت ينبش من قبره ويؤذى وتباع أكفانه ورأيت الهرج قد كثر ورأيت الرجل يمسي نشوان ويصبح سكران لا يهتم بما الناس فيه ورأيت البهائم تنكح ورأيت البهائم تفترس بعضها بعضا ورأيت الرجل يخرج إلى مصلّاه ويرجع وليس عليه شيء من ثيابه ورأيت قلوب الناس قد قست وجمدت أعينهم وثقل الذكر عليهم ورأيت السحت قد ظهر يتنافس فيه ورأيت المصلّي إنّما يصلّي ليراه الناس ورأيت الفقيه يتفقّه لغير الدين يطلب الدنيا والرئاسة ورأيت الناس مع من غلب ورأيت طالب الحلال يذمّ ويعيّر وطالب الحرام يمدح ويعظم ورأيت الحرمين يعمل فيهما بما لا يحبّ الله ، لا يمنعهم مانع ولا يحول بينهم وبين العمل القبيح أحد ورأيت المعازف ظاهرة في الحرمين ورأيت الرجل يتكلّم بشيء من الحقّ ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فيقوم من ينصحه في نفسه فيقول : هذا عنك موضوع ورأيت الناس ينظر بعضهم إلى بعض ويقتدون بأهل الشرّ ورأيت مسلك الخير وطريقه خاليا لا يسلكه أحد ورأيت الميّت يمرّ به فلا يفزع له أحد ورأيت كلّ عام يحدث فيه من الشرّ والبدعة أكثر ممّا كان ورأيت الخلق والمجالس لا يتابعون إلّا الأغنياء ورأيت المحتاج يعطى على الضحك به ويرحم لغير وجه الله ورأيت الآيات في السماء لا يفزع لها أحد ورأيت الناس يتسافدون كما تسافد البهائم لا ينكر أحد منكرا تخوّفا من الناس ورأيت الرجل ينفق الكثير في غير طاعة الله ويمنع اليسير في طاعة الله ورأيت العقوق قد ظهر واستخف بالوالدين وكانا من أسوأ الناس حالا عند

١٢٠