إلزام النّاصب في إثبات الحجّة الغائب عجّل فرجه - ج ١

الشيخ علي اليزدي الحائري

إلزام النّاصب في إثبات الحجّة الغائب عجّل فرجه - ج ١

المؤلف:

الشيخ علي اليزدي الحائري


المحقق: السيد علي عاشور
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٤٠
الجزء ١ الجزء ٢

المسافة البعيدة بزمان قليل (١).

والمراد من ابتلاء الامم بغضبة خسف الأرض بمخالفيه من السفياني (٢) وجنده وهم ثلاثمائة ألف نفر والخسف الواقع بخراسان ، وخراب كثير من البلدان فيأخذ كل ذي طريق طريقه ولا يتخلّف عنه ولا يؤذي أحد أحدا ، وهذا إشارة إلى الحديث المروي من تصفية القلوب حينئذ من الحقد والعدوان ، والمعز والذئب في المرعى يرعيان سيّان ، حتّى أن المرأة تخرج بزينتها وحليها من العراق إلى الشام تمشي على أراضي الخضرة المعشوشبة ولا يعارضها أحد ، ولا يؤذيها مفترس (٣).

والمراد بحركة السماء حركة ملائكتها لنصرته. والمراد من ظلمة الشمس والقمر ظلمتهما خلاف العادة ، فظلمة القمر في آخر رمضان ، والشمس في نصفه. والمراد من صيحة الصاحب قبالة الجند ، إلى آخر الآية والأحاديث المروية في كثرة جنده وكمال شجاعتهم وغاية إطاعتهم له عليه‌السلام ، ويومه أيضا يوم عظيم مهول لا يطيق المخالف عليه ، وهذا ظاهر لمن له أدنى تتبّع في حالاته وأيّام ظهوره (٤).

البشارة الثالثة والعشرون

في حسام الشيعة عن الفصل الأوّل من كتاب صفنيا النبي من قوله : قرب زمان الصاحب ، ويكون ذلك اليوم يوم مرّ تهرب منه الشجعان ويوم ضيق القلب واضطراب الحال ، والظلمة والعجة والرياح العاصفة والصوت العظيم في البلاد المعمورة والأماكن والغرف العالية ، فيضطرب الناس فيمشون مشي الأعمى لعصيانهم بالصاحب ، وتهرق دماؤهم وتطحن أجسادهم ، فلا ينجيهم ذهبهم وفضّتهم يوم غضب الصاحب ؛ لأنّه حين غضبه تحرق جميع وجه الأرض (٥). والنصارى زعموا انطباق هذه العلائم بالمسيح مع أنّ المعلوم من تواريخهم أنّ شيئا منها لا يلائم زمانه ، وكيف والمذكور في الآية قرب يوم الصاحب. إلى أن يقول :

__________________

(١) مستدرك الوسائل : ١٢ / ٣٣٥ ح ٦.

(٢) عقد الدرر : ٧٤ الباب الرابع.

(٣) سنن ابن ماجة : ٢ / ١٣٥٩ ح ٤٠٧٧ ، وعقد الدرر : ١٥٧ باب ٧ ، وإثبات الهداة : ٣ / ٥٩٩ ح ٦٥ باب ٣٢ فصل ٢ ، ومنتخب الأثر : ٤٦١ الباب السابع ح ٧.

(٤) راجع ما تقدّم من مصادر في الهوامش السابقة.

(٥) العهد القديم ، التوراة ، كتاب صفنيا ، الإصحاح الأوّل بتفاوت في اللفظ.

١٤١

وذلك لعصيانهم بالصاحب.

ثمّ قوله : لا ينجيهم ذهبهم وفضّتهم يوم غضب الصاحب ، واتّفقوا على أن المسيح لم يكن غضوبا وما غضب قط ، ويظهر من العبارة صحّة انطباقه على القائم عليه‌السلام لا غير ، وذلك لأنّه لا شك في أن المراد بالصاحب غير قائلها المخبر عن وجوده ومجيئه ، وأنّ النصارى يزعمون في المسيح الألوهية ، فباعتقادهم هو قائلها والمخبر بمجيئه والمبشّر لظهوره ، فيكون الصاحب غيره ، ولا يكون ذلك الغير إلّا القائم عليه‌السلام بدلالة لفظ الصاحب لظهوره واقتداره على المخالفين والمعاندين ، واستعلائه على الجبابرة الطاغين وتضييقه على الامراء والسلاطين ، فيكون يومئذ على كفّار والمعاندين يوما عبوسا قمطريرا وعذابا صبا ، أو المراد ما يقع في القلوب من الخوف والهول والاضطراب بنداء يناديه جبرائيل ، وذكره إيّاه باسمه ونسبه يفزع ويقوم النائم ويجلس القائم ويقوم الجالس لما دهاه من الاضطراب والاندهاش.

والمراد من الظلمة والعجة والأرياح العاصفة ما ورد في الأحاديث مع كسوف الشمس وخسوف القمر يومئذ ، وهبوب الريح السوداء حين إتيانه إلى المدينة وامتحانهم في الجبت والطاغوت فيهلكهم جميعا (١) ، والمراد من الصيحة العظيمة هي الصيحة التي ترتفع حين ظهوره عند قرص الشمس ، فيسمعها أهل السماوات والأرضين : ألا يا أهل العالم هذا مهدي آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، بايعوه تهتدوا. وقوله : فاضطرب حتّى أدعهم يمشون عميانا لأنّهم عصوا بالصاحب ، فالمعنى أن اضطرابهم يكون من اقتدار الصاحب وسلطنته عليهم وهم خائفون ، وفيما هم عليه عمون ، ويدلّ على هذا ما في الفصل الأوّل والثاني من هذا الكتاب بعيد هذه العبارة أن آمنوا واجتمعوا أيّتها الامّة الذليلة الخفيفة قبل انقضاء الفرصة ، واتبعوه قبل يوم التعب والانتقام ، والمراد من هرق الدماء وسحق الأجساد ما يشير إليه الإمام سيّد الشهداء عليه‌السلام في خطبته من إخباره بظهوره ، وسلّه سيف الانتقام في أيّام رجعته وأخذ ثأره (٢).

__________________

(١) تقدّم ذلك مع مصادره.

(٢) راجع معجم أحاديث الإمام المهدي : ٣ / ١٨١ انّه عليه‌السلام المنتقم من الظالمين ، ومناقب آل أبي طالب : ٤ / ٨٥.

١٤٢

البشارة الرابعة والعشرون

في سيف الامّة (١) عن يوحنا في الفصل الحادي والعشرين من كتاب ابكليس (٢) ما ترجمته : إنّ للجنّة اثني عشر بابا من ألوان الجواهر ، مكتوب على الأبواب الأسماء الاثنا عشر المنسوبون من عند من سبقوا العالمين في طاعتهم إيّاه ، وتشبّه بعض منهم بقتله في سبيل طاعته بالشاة.

البشارة الخامسة والعشرون

فيه : عن شعيا النبي في كتابه في السيمان السادس والعشرين والسابع والعشرين ، في بيان إخباره بالمهدي الموعود ، ففي السيمان السادس والعشرين (٣) قوله في عدة باسوق بحذف الزوائد : إنّه يقرأ في أرض يهودا ، أي في البيت المقدس وتوابعه ، تسبيحك وتقديسك وشكرك ، وستقول أنّك شافعنا فيبقى في تلك الحصن ، افتحوا الأبواب لدخول الأخيار فإنّهم أهل الخير وحافظو الخير ، إلى قوله : إنّي مدمّر ساكني أعاليكم والبلد التي أعلا بلدانكم ، وتطأها أقدام الفقراء والمساكين لاستقامة طريق المتنسكين وطريقة للمشاءين فيها مستقيم.

ثمّ يقول شعيا : يا نور الله إن ذكرك واسمك أقصى مقاصدنا ، وظهورك لنا في الليالي أسنى مرامنا ، ولأجله استيقظت في طلوع الصبح أرواحنا ، يا نور الله ؛ إذ قلعت من على الأرض المجانين ، تعلّم العدل منك ساكنيها ، ولذلك لم ترحم المنافق لأنّه حينئذ لا يتعلّم العدل منك مع ذلك لمعصية في أرض يسكنها المقدسون ، فيا نور الله تعلو يدك القاهرة إن شاء الله ، فلا يرون يرون ، وتندم حسّادك وتحرق أعاديك نار غضبك ، فيا نور الله كنّا في غيبتك وعدم حضورك واستتارك مأسورا متصرّفا ، ومع ذلك كنّا نسلّي قلوبنا بذكرك فلا ترجع أهل النار فتنكسر وتنعدم من كنّا في تصرّفه وأذاه ، حيث يمحى عن الأرض ذكره واسمه.

__________________

(١) سيف الامّة وبرهان الملّة في الردّ على الغادري النصراني ، تأليف ملّا أحمد بن مهدي الكاشاني المتوفى ١٢٤٤ ه‍ ، طبع بإيران بالفارسية على الطبع الحجري.

(٢) لم نجد هذا الكتاب في التوراة.

(٣) كتاب العهد القديم ، كتاب أشعيا : ١٠٣٦ باب ٢٦.

١٤٣

يا نور الله ليست جلالتك بديعة ، بل إنّما هي قديمة ، وتابعوك تفحّصوا عنك في ضيقهم ، وحديثك دينهم وطريقتهم في الشدّة ، وسيقولون في رخائهم : إنّا كنّا في غيبتك كالمرأة الحامل المتحملة لضيق المخاض ووجع الارتياض ، ونقرّ بسوء أعمالنا وإن بسببه وإدبارنا عن العدل أصابنا ما أصابنا ، ولم ينقطع آثار الجبّارين عنّا ، فلو أنا سمعنا ما أقرعت أسماعنا من كلام ربّنا ووعينا لقطعت عنّا أذى الجبّارين من قبل ، ولأدركنا زمان الفرج والراحة ، فما جرعناها من أذاهم ليست إلّا بما كسبت أيدينا ، فإنّا لم نخلص أعمالنا فأخّرنا ظهورك ، فنحن السبب في استتارك. إلى قوله في السيمان السابع والعشرون في الباسوق السابع والعشرون في خطاب شعيا لقومه : يا قوم ادخلوا مساكنكم وأغلقوا عليكم أبوابكم مدّة انقضاء الغضب ، فإنّ هذا نور الله سيظهر لديوان العاصين وقلعهم من الأرض رادا عصيانهم إليهم ، وستظهر الأرض حينئذ دماءها وقتلاها وسينتقم يومئذ نور الله منهم ، أي الجبابرة والقتلة بسيفه القوي الشديد ، وفي العبارة : وينتقم من ليوياتان ، وليوياتان يطلق في اصطلاحهم بالعبري تارة على : بالإجماع والاتّفاق ، وتارة على : التحالف والتواخي في الخدعة والاحتيال ، مأخوذ من ليوتان وهي الآلة الملتفة طرفاها بها تجذب الأشياء من العالي إلى السافل ، محتوية بالعقد وزيادة الاعوجاج ، والمراد انتقامه من هؤلاء ، إلى قوله : وسيطلب نور الله بستانه وحديقة مهره وصداقه إلى باسوق آخر بعده ، وإني أحافظها وأتعوض بها ما غصبته واجتلبته الليوياتان (١).

أقول : فالمنصف لو تأمّل فيما ذكرت من الآيات يرى أنّ ما أخبر به نبيّنا في ولده وقضية ليوياتان صريح في اتّفاقهم وعهدهم ومؤاخاتهم في غصب حقوق آباء الحجّة المنتقم عجّل الله فرجه ، وطلبه البستان والحديقة في فدك التي غصبها وحازها الليوياتان الآخرين صريح في المقصود ، سيما بعد ضميمة ما يظهر من كلام شعيا في السيمان الثاني والثلاثين (٢) من كتاب من أوّل الباسوق إلى آخره ما خلاصته ومحصّله : إنّه يقوم في سلطنته بالعدل ، وأبناء السلاطين أقرب من بحضرته ، ويكون يومئذ يوما يكون فيه ذلك الرجل ـ ولعلّ المراد بالرجل هو الليوياتان ـ كالمنهزم من الطوفان ، ينهزم من مكان إلى مكان مختفيا هاربا من الرعد والبرق وما نزل من الحدثان ، ويكون ذلك السلطان منقذا كالشط الجاري للظامئين في

__________________

(١) كتاب العهد القديم ، كتاب أشعيا : ١٠٣٨ ـ ١٠٣٩ باب ٢٧.

(٢) المصدر السابق : ١٠٤٥ باب ٣٢.

١٤٤

العطش الشديد ، أو كظل شجرة عظيمة في القفر ، فلا ينصدع يومئذ العيون وتقرب الآذان بالسماع والقلوب بالإدراك ، ويتكلّم ويفصح الأخرس ولا يأتم الجاهل الغبي ولا يستعظم المنافق الشقي ، إلى قوله : فيمهد للمنافق بئس الأوقات وأسوأ الساعات ؛ لأنّ فكره دائما لإضاعة الحقوق وتكلّمه بكلمات لأذيّة المظلوم.

فانظر أيّها المنصف بما صرّح في المقام من قرب أولاد السلاطين بمحضره وديوانه ، من أنّ ذلك اليوم رجعة الأئمّة الاثني عشر وفرار الليوياتان ، فإنّه وصف المنافقين به ومن كونه باتّفاق رفيقه منبعثا لإضاعة حقوق المظلومين ، ومصاديق هذه البشارات كلّها ظاهرة ومنطبقة على الأوّل والثاني ، وائتلافهما شدّة الائتلاف وما سنح منها. وكذا ما ذكر في آخر السيمان الحادي عشر (١) بعد اخباره عن آخر الزمان من قوله : إنّ نور الله يقوم لديوان المساكين وينتقم للمظلومين ، متحزم بالايمان ومستظهر بالعدل ، يرعى في زمانه الذئب والشاة على المرعى ، والنمر والمعز يتراكضان معا ، والأسد والبقر يأكلان معا ، ويدخل الرضيع يده في جحر الحشرات والحيات (٢).

البشارة السادسة والعشرون

فيه : ما أخبر به شعيا في آخر السيمان الثاني والأربعين من كتابه : ألا أنبئكم بحدث الأخبار وأعلمكم بها قبل وقوعها ، ستقرون وتثنون لنور الله ثناء جديدا ، ومنتهى الأرض في البحر والجزائر عند سكنة تلك الجزائر (٣) ، والمراد من الجزائر والبحر ما في أخبار الشيعة من كون القائم في منتهى الأرض في بحر المغرب وجزائر الخضراء.

البشارة السابعة والعشرون

فيه : ما أخبر به شعيا في السيمان التاسع والأربعين من قوله : ولقد سمع الله دعاءك وقد حميتك وأوثقتك لامّة لإحيائك ، وتصرّفك المواريث المنتهية وإخراجك المحبوسين المقيّدين ، وبشائرك بظهور من كان مبتلى بظلمة الغيبة (٤).

__________________

(١) العهد القديم كتاب أشعيا : ١٠٢١ باب ١١.

(٢) كما تقدّم.

(٣) العهد القديم ، كتاب أشعيا ، الباب الثاني والأربعون : ١٠٦٠ ط. لندن ـ فارسي. كمال الدين : ١٥٨ عن بشارة عيسى. وبحار الأنوار : ٥٣ / ٢٧٦.

(٤) العهد القديم ، كتاب أشعيا : ١٠٦٩ باب ٤٩.

١٤٥

البشارة الثامنة والعشرون

في سيف الامّة عن كتاب جاماسب بعد ذكر نبذة من أحوال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من أنّ سبطه من بنته المسمّاة بخورشيدجهان وشاه زنان يصير ملكا بحكم اليزدان ، يكون وصي ذلك النبي وتتصل دولته بالقيامة ، فتتمّ الدنيا بعد سلطنته وتنطبق السماوات بعد دولته ، وتخسف الأرض في الماء وتزول الجبال وتقيد ، وتحبس الاهرمن الذي هو بضد اليزدان ، والعبد العاصي للإله الديان ، ويأخذ السمندع وقزح وعبائل وقنفذ من رؤساء الاهرمن ، ويكون اسمه ومذهبه برهان القاطع فيحضر عنده البشر والسروش والاسمان ، والمراد بهم ميكائيل وجبرائيل وعزرائيل ، وينزل عليه البهرام وهو الملك الموكل بالمسافرين وفرخ زاد الموكّل بالأرض وبهمن الموكّل بالثيران والشاة وآذر الملك الموكّل بأوّل يوم من شهر مهر ماه وآذركشسب الموكّل بالنار. وكذا ينزل روان بخش والمراد منه روح القدس.

ويحيي كثيرا من الخلائق من السعداء والأشقياء ، وكثيرا من الأنبياء كملكان ومهراس والدي الخضر ، والإلياس ولغوماس والدارسطاليس ويحيي آصف بن برخيا وزير حوسب وهو سليمان ، وكذا يحيي أرسطو الماقدوني وسام بن فريدون وهو نوح وشمسون العابد ، وكذا سولان وشادول وشموئل وبحذقل وسيينا وشعيا وحيو أوّل وحوقوق وزخويا ، ويحضر عنده رخ.

ومن الطلحاء والأشقياء يحيي سورپوس وهو النمرود فيحرقه بالنار ، وپرع وقرح وهما الفرعون وقارون ويحيي هامان وزير فرعون فيصلبه حيّا ، ويخرج الضحاك من البئر ويكافيه بسوء ظلامته ، ويحرق بخت النصر الذي يخرب الهجة وهو البيت المقدس ، ويحيي الشمامو مخرّب دين البهلويين ، وكذا سدوم قاضي قوم لوط وأسقف قاضى مجوس واود وباغ مبدع عمل قوم لوط ، وكذا زردون من أكابر الفرس ، ويحيي شيذرنكر أو صائب اللذين أبدعا عبادة النجوم ، وكذا الكيوان فيحرقهم جميعا ، ثمّ يحيي سلاطين الجور والفتن من عشيرته وبني عمومته الذين أطفئوا السنن وأظهروا البدع وقتلوا الصالحين.

ومن الشجعان يحيي رستم بن زال وكيخسرو ويكون اسم هذا السلطان بهرام ، وهو من بطن خورشيد جهان ، وشاه زنان بنت السنين ، والسنين بالبهلوي اسم محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ومن ذلك

١٤٦

قوله تعالى مخاطبا لنبيّه عليه‌السلام (يس) ، وظهوره إنّما هو في الدنيا ويكون عمره بقدر عمر سبعة نسور ويكون يوم ظهوره وخروجه قاضيا ثلاثين قرنا ، ويقتل في أيّام خروجه الوردر يعني الدجّال وهو رجل أعمى ، راكب على حمار له ، يدّعي الألوهية ويكون معه ذو حياء وهو عيسى أو اسكندر بن دارا وهو ذو القرنين ، ويفتح القسطنطينية والهند وينشر فيها أعلام الإسلام ، ومعه عصا سرخ شبان باهودار يعني موسى ، ومعه خاتم ذهب يعني سليمان وهو من ولد زمان العظيم ، والمراد به إبراهيم وهو آذرگشب يعني به المطيع لله ، وهو الاتابك العظيم ، وهو الكياوند والشيروية يعني صاحب عظمة وابّهة وهو من بنت السنين.

إلى قوله : ويدوم سلطنته وملكه في مدةاند وهو عبارة عن خمسمائة قرن ، ويمضي إلى مقدونية دار الفيلقوس ، ويخيم في ساحل بحر أقيانوس الذي هو آخر الدنيا ويتّحد به أديان العالمين ، فلا يبقى من المجوس وطريقته أثر ، ثمّ يرجع من المغرب ويدخل الظلمات ويخرب جزيرة النسناس(١).

البشارة التاسعة والعشرون

وفيه أيضا : إنّي رأيت في كتاب جاماسب بعض السوانح المستقبلة والأخبار الآتية ، فممّا شاهدت فيه تعبيره عن موسى بسرخ شبان باهودار ، وكتب : إنّ النبي الخاتم يخرج من صلب هاشم دوال پشت ، وذكر بعض أوصافه فمنها : إنّه ليس له عقب من ذكور ، ومنها أنّه يغصب حق وصيّه ، وذكر في آخرها : إنّ ابنه عليه‌السلام يظهر وتخضر الدنيا بوجوده.

البشارة الثلاثون

فيه : عن كتاب پاتنكل وهو من أعظم كتب كفرة الهند في باب عمر الدنيا : إنّ عمر الدنيا أربعة أطوار ، كلّ طور أربعة أكوار ، كلّ كور أربعة أدوار ، كل دور أربعة آلاف سنة ، فإذا انقضى الدورة واستكملت العدّة وتمام المدّة يأتي صاحب الملك وهو من ولد مقتداءين ، أحدهما ناموس خاتم النبيّين صلى‌الله‌عليه‌وآله والآخر وصيّه وخليفته الأكبر الذي اسمه بش ، فيكون ملكا بحق ويحكم في البرية في مقام الأنبياء كإبراهيم وخضر الحي ، ويكون كثير المعجزات والآيات ،

__________________

(١) سيف الامة وبرهان الملّة ، مخطوط.

١٤٧

من اعتصم به واختار دين آبائه يكون محمرّ اللون ، فتطول دولته وعمره أكثر من سائر ولد الناموس الأكبر ، وبه تختم الدنيا ويسخر من ساحل بحر المحيط وقبر آدم وجبال القمر وشمال هيكل الزهرة إلى سيف البحر (١).

البشارة الحادية والثلاثون

فيه : عن كتاب الشاكيوني تزعم كفرة هند أنّه نبي ، صاحب كتاب ، مبعوث على الخطا والختن ، ومولده بلدة كيلواس ما ملخّصه : إنّ زوال الدنيا ودولتها وحكومتها إنّما يكون بابن سيّد الخلائق ومميت العالم ، السيّد العظيم وهو الحاكم على أعالي جبال المشرق والمغرب ، ويركب السحاب وعمّاله الملائكة ، ويتصرّف من السودان الذي هو تحت خط الاستواء إلى عرض فلسطين الذي هو تحت خط قطب الشمال ، وما وراء الاقليم السابع وجنّة الإرم ، وبه يتّحد دين الله (٢).

البشارة الثانية والثلاثون

فيه : عن كتاب ناسك أحد أنبياء كفرة هند وهم يزعمون أنّ الإنسان حاله كالنبت ينبت فيخضر ثمّ يصفرّ ويذبل فييبس ويبلى ، لعنهم الله ، وهو أنّ زوال الدنيا بملك في آخر الزمان يكون إمام الملائكة والإنس وهو من أولاد خاتم النبيين صلى‌الله‌عليه‌وآله ومعه الحق والصدق ، ويخرج ما في الجبال والبحار والأرضين (٣).

البشارة الثالثة والثلاثون

فيه : عن ماهي شور أحد أنبياء كفرة هند في كتابه في باب خراب الدنيا وزوالها أنّه سيظهر في آخر الزمان ملك يؤمّ الخلائق ، ويملك الدنيا ويتصرّف في العالم ويدخلهم في دينه من المؤمن والكافر ، يعرفه الجميع ويعطيه الله تعالى ما سأله (٤).

__________________

(١) سيف الامّة ، مخطوط.

(٢) المصدر السابق.

(٣) المصدر السابق.

(٤) المصدر السابق.

١٤٨

البشارة الرابعة والثلاثون

فيه : ما ذكره صاحب الوش المسمّى يحوك : إنّ اليوم الآخر من الدنيا تدور بمن يحب الله ، وهو من المقرّبين إلى الله وإمام الخلق بالحق ، يحيي الخلق بحكم من الجائن أي بحكم الله ، ويحيي المبتدعين الضالّين ومن أضاع حقوق النبيّين فيحرقهم أجمعين ، فيجدّد الدنيا ، ودولته الملك والكرور ، وبه وبعشيرته تدور السلطنة والملك (١).

البشارة الخامسة والثلاثون

في العوالم : عن عبد الله بن سليمان وكان قارئا للكتب قال : قرأت في الإنجيل ، وذكر أوصاف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أن قال تعالى لعيسى : أرفعك إليّ ثمّ اهبطك في آخر الزمان ؛ لترى من أمّة ذلك النبي العجائب ، ولتعينهم على اللعين الدجّال ، اهبطك في وقت الصلاة لتصلّي معهم ، إنّهم أمّة مرحومة (٢).

مائدة : في أوائل البراهين الساباطية من قاضي جواد الساباطي الذي مضت ترجمته في أوّل هذا الفرع من إخبار الله تعالى من كتب أنبياء السلف : (اعلم) أنّ العهد العتيق عبارة عن جميع رسائل الأنبياء التي كتبت قبل المسيح عليه‌السلام ، والعهد الجديد عبارة عمّا كتب بعده ، فاليهود لا يعتقدون إلّا بالعتيق ، والنصارى يعتقدون بالعتيق وبالجديد معا ، وكتب العهد العتيق هي سفر الخليقة وسفر الخروج وسفر الأخبار وسفر العدد وسفر الاستثناء ، ثمّ صحيفة يوشع بن نون وراعوث ، وصحائف احمويل (٣) والملوك والاحبار وعزرا ونحميا واستير وأيوب وزبور داود وأمثال سليمان والجامعة ، ونشيد الانشاد وصحيفة أشعيا وأرميا ومراثيه (٤) ، وصحيفة خرقيال (٥) ودانيال وهوشع ويونيل (٦) وعاموس وعوبديا ويونس (٧) وميخا وناحوم وحبقوق وصفونيا (٨) ويحيى وزكريا وملاخيا (٩) عليهم‌السلام.

__________________

(١) سيف الامة ، مخطوط.

(٢) أعلام الورى : ١ / ٦٠ وكمال الدين : ١٥٩ ح ١٨.

(٣) في العهد : صموئيل.

(٤) في العهد : مراثي أرميا.

(٥) في العهد : حزقيل.

(٦) في العهد : يوئيل.

(٧) في العهد : يونان.

(٨) في العهد : صفنيا.

(٩) في العهد : ملاخي.

١٤٩

وكتب العهد الجديد هي إنجيل متى ومرقس ولوقا ويوحنا ، وأعمال الرسل ورسائل بولوس إلى أهل الرومية وقورنثيه (١) ، ورسائله إلى أهل غلاطية وأفس والفيلبين (٢) والكولوصائيين (٣) ، ورسالتاه إلى التسالونيعيين (٤) ، ورسالتاه إلى طيموطاؤس (٥) ، ورسالته إلى طيطوس (٦). وفليمون والعبرانيين ، ورسالة يعقوب ورسالتا بطرس ورسائل يوحنا ورسالة يهوذا ورؤيا يوحنا (٧).

البشارة السادسة والثلاثون

وفيه : البرهان الرابع عشر من المقالة الثانية من التبصرة الثالثة ما ورد في الفصل التاسع في الآية الثالثة والثلاثين من رومية ، وفي الفصل الثامن في الآية الرابعة عشرة من أشعيا ما ترجمته بالعربية : ها أنا واضع في صهيون حجرة عثرة وصخرة شك وكلّ من يؤمن بها لا يخجل.

أقول : تقييد عدم الخجالة بالإيمان بها دليل على صحّة نبوّته وأخذه النصارى ، واستدلّوا به على ربوبية المسيح ، وليس بشيء لما مرّ آنفا.

وصهيون جبل في اورشليم وقيل : بل عقبة اسست عليها اورشليم ، والحجرة والصخرة والعثرة والشك من المترادفات ، وسياق الكلام في رومية أنّ بولوس كان يعظ بعيسى عليه‌السلام ويوبخ اليهود على عدم إيمانهم به إلى أن يقول : وأمّا إسرائيل فإنّه قد طلب شريعة العدل ولم يظفر بشريعة العدل ، لم لم يظفر بها؟ لأنّهم لم يطلبوها بالإيمان ، بل بأعمال الشريعة إلى أن يقول : ولسكنة اورشليم مصيدة وسيعثرون ويسقطون وينكسرون ويقيّدون ويؤسرون ، فاطووا الشهادة واختموا الصحف التي عند تلاميذي ، وأنا سأنتظر الربّ الذي يغطي وجهه عن أهل بيت إسرائيل والرقبة ، وها أنا والأولاد الذين وهب لي ربّي علامة عجيبة في إسرائيل لرب الجنود الذي يسكن في صهيون (٨) ، وهذا لا دلالة فيه على عيسى ابن مريم

__________________

(١) في العهد : كورنثوس.

(٢) في العهد : فيلبي.

(٣) في العهد : كولوسي.

(٤) في العهد : تسالونيكي.

(٥) في العهد : تيموثاوس.

(٦) في العهد : تيطس أو تيطوس.

(٧) والعهد العتيق هو التوراة والعهد الجديد هو الإنجيل.

(٨) رسالة بولس إلى مدينة رومية من العهد الجديد ، رومية ٩ ، الآية ٣٣.

١٥٠

لأنّ أوّل صفاته ربّ الجنود ولم يكن المسيح ابن مريم كذلك والصفة الثانية كونه حجرة عثرة.

فإن قلت : إنّهم قد عثروا بالمسيح أي شكّوا فيه. قلت : إنّ مطلق الشك لا يكفي في صدقه عليه لقوله : يعثرون ويسقطون الخ ، والصفة الثالثة كونه يغطي وجهه عن إسرائيل ، وابن مريم كان مختصّا بدعوتهم ، كما صرّح به في الفصل الخامس عشر في الآية الثانية والأربعين من متى فلا يصدق عليه. والصفة الرابعة كونه ناسخا لما قبله من الشرائع كلّها لقوله : أطووا الشهادة واختموا الصحف ، وعيسى ابن مريم عليه‌السلام يقول في الفصل العاشر في الآية الخامسة من متى ما ترجمته : هؤلاء الاثنا عشر أرسلهم عيسى وأمرهم وهو يقول : لا تنطلقوا إلى طريق العوام ، ولا تدخلوا في أحد أمصار السامريين ، بل اذهبوا إلى غنم بيت إسرائيل الضالة. ويقول في الفصل التاسع عشر في الآية السابعة عشرة من متى ما ترجمته : لكنك إن أردت أن تلج الحياة فحافظ على الأحكام الخ (١). وهذه كلّها صريحة في خصوصية نبوّته وعدم نسخ ناموس موسى فلا يصدق عليه ، فلا دلالة له عليه.

إذا فهمت هذا فاعلم أنّ غاية هذا الفصل التبشير ببعثة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله والإخبار بعد بعثته بظهور المهدي عليه‌السلام. إلى أن يقول بعد كلام طويل : ولربّ الجنود الذي يسكن في صهيون ، إشارة إلى المهدي عليه‌السلام لأنّه وصف محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله بربّ الجنود الذي يغطي وجهه عن إسرائيل ، فإذا كان كذلك لا يمكن أن يسكن في صهيون ، وإلى هذا ذهب أكثر العلماء وصرّحوا بأنّ المهدي عليه‌السلام يستقرّ في اورشليم ويعمرها بأموال الهند ، وفي هذا البرهان إقناع كامل لليهود والنصارى والمسلمين معا.

__________________

(١) إنجيل متى من العهد الجديد ، متى ١٠ ، الآية ٥.

١٥١

الغصن الثالث

في إخبار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمّة من طرق الخاصة والعامة بقيام المهدي عليه‌السلام في آخر الزمان من ولد فاطمة عليها‌السلام مع عيسى ، وأخبار الدجّال وما جرى مع الدجّال وهو مشتمل على فروع :

الفرع الأوّل

إخبار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة عليهم‌السلام بقيام المهدي عليه‌السلام من ولد فاطمة عليها‌السلام من طرق العامّة.

في غاية المرام عن أبي سعيد عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : يكون في أمّتي المهدي عليه‌السلام إن قصر عمره فسبع وإلّا فثمان وإلّا فتسع ، تتنعّم أمّتي في زمانه نعيما لم يتنعّم مثله قط البرّ والفاجر ، ترسل السماء مدرارا ولا تدّخر الأرض شيئا من نبات (١).

وفي الفصول المهمّة لابن صباغ عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : يخرج المهدي عجل الله فرجه وعلى رأسه غمامة فيها ملك ينادي هذا خليفة الله المهدي فاتبعوه (٢).

وعن أبي أمامة الباهلي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : بينكم وبين الروم أربع هدن ، تتم الرابعة على يد رجل من أهل هرقل ، تدوم سبع سنين ، فقال له رجل من عبد القيس يقال له المستور بن غيلان : يا رسول الله من إمام الناس يومئذ؟ قال : المهدي من ولدي ، ابن أربعين سنة ، كأنّ وجهه كوكب درّيّ ، في خدّه الأيمن خال أسود ، عليه عبايتان قطوانيتان ، كأنّه من رجال بني إسرائيل ، يستخرج الكنوز ويفتح مدائن الشرك (٣).

وفيه عنه عليه‌السلام : لا تقوم الساعة حتّى يملك رجل من أهل بيتي القسطنطينية وجبل الديلم ، ولو لم يبق إلّا يوم لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يفتحها (٤).

وفيه عنه عليه‌السلام : سيكون بعدي الخلفاء ومن بعد الخلفاء أمراء ومن بعد الامراء ملوك

__________________

(١) كتاب الفتن لنعيم بن حمّاد : ٢٢٣ وملاحم ابن طاوس : ٦٩.

(٢) تلخيص المتشابه للبغدادي : ١ / ٤١٧.

(٣) مجمع الزوائد : ٧ / ٣١٩ وفيه : قطوانيتان وكذا في كنز العمّال : ١٤ / ٢٦٨ ح ٣٨٦٨١.

(٤) كشف الغمة : ٣ / ٢٧٤ وحديث خيثمة : ١٩٢ ط. دار الكتاب العربي.

١٥٢

جبابرة ، ثمّ يخرج المهدي عليه‌السلام من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا (١).

وفيه عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : تتنعّم أمّتي في زمن المهدي عليه‌السلام نعمة لم تتنعّم مثلها قط ، يرسل السماء عليهم مدرارا ، ولا تدع الأرض شيئا من نباتها إلّا أخرجته (٢).

وفيه عن هارون العبدي قال : أتيت أبا سعيد الخدري فقلت له : هل شهدت بدرا؟ قال:نعم ، قلت : أفلا تحدّثني بما سمعت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في على عليه‌السلام وفضله؟ قال : بلى اخبرك أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مرض مرضه الذي فقد منه ، فدخلت عليه فاطمة عليها‌السلام وأنا جالس عن يمين النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلمّا رأت فاطمة عليهما‌السلام ما برسول الله من الضعف خنقتها العبرة حتّى بدت دموعها على خدّها فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما يبكيك يا فاطمة؟

قالت : أخشى الضيعة يا رسول الله.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا فاطمة إنّ الله اطلع على الأرض اطلاعة على خلقه فاختار منهم أباك فبعثه نبيّا ، ثمّ اطلع ثانية فاختار منهم بعلك فأوحى إليّ أن أنكحه فاطمة فأنكحته إيّاك واتخذته وصيّا ، أما علمت أنك بكرامة الله إيّاك زوّجك أغزرهم علما وأكثرهم حلما وأقومهم سلما فاستبشرت ، فأراد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يزيدها عن مزيد الخير الذي قسمه الله تعالى لمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لها : يا فاطمة ، ولعليّ ثمانية أضراس يعني مناقب : إيمانه بالله ورسوله وحكمته وزوجته وسبطاه الحسن والحسين وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر.

يا فاطمة إنّا أهل بيت اعطينا ست خصال لم يعطها أحد من الأوّلين ، ولم يدركها أحد من الآخرين غيرنا ، نبيّنا خير الأنبياء وهو أبوك ووصينا خير الأوصياء وهو بعلك ، وشهيدنا خير الشهداء وهو عمّ أبيك ، ومنّا من له جناحان يطير بهما في الجنّة حيث يشاء وهو جعفر ، ومنّا سبطا هذه الامّة وهما ابناك ، ومنّا مهدي هذه الامّة الذي يصلّي خلفه عيسى ابن مريم عليه‌السلام ، ثمّ ضرب على منكب الحسين وقال : من هذا مهدي هذه الامّة (٣).

وفي عمدة ابن بطريق عن صحيح مسلم وغيره عن أبي نضرة قال : كنّا عند جابر بن عبد الله الأنصاري فقال : يوشك أهل العراق أن لا يجبى إليهم قفيز ولا درهم. قلنا : من أين؟ قال : من قبل العجم ، يمنعون ذلك ، ثمّ قال : يوشك أهل الشام أن لا يجبى إليهم دينار ولا مدّ.

__________________

(١) حديث خيثمة : ٢٠٢ والبحار : ٥١ / ٨٤.

(٢) كتاب الفتن لنعيم : ٢٢٣ والفصول المهمّة : ٢٩٨ الفصل ١٢.

(٣) منتخب الأثر : ١٥٦ ح ٤٧.

١٥٣

قلنا : من أين؟ قال : من قبل الروم ، ثمّ سكت هنيئة ، ثمّ قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يكون في آخر أمّتي خليفة يحثو المال حثوا لا يعدّه عدّا. قلنا : أترى أنه عمر بن عبد العزيز ، قال : لا. وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : يكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال ولا يعدّه (١).

وفيه عن تفسير الثعلبي في تفسير (حم. عسق) (٢) قال سين سناء المهدي عليه‌السلام ، قاف قوّة عيسى حين ينزل فيقتل النصارى ويخرب البيع (٣).

وفيه أيضا عن الثعلبي في تفسير قوله تعالى : (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ) (٤) وذكر حديث البساط ومسيرهم إلى الكهف ويقظتهم ثمّ قال : قال : وأخذوا مضاجعهم فصاروا إلى رقدتهم إلى آخر الزمان عند خروج المهدي عليه‌السلام فقال : إنّ المهدي يسلّم عليهم فيحييهم الله عزوجل ، ثمّ يرجعون إلى رقدتهم ولا يقومون إلى يوم القيامة (٥).

وفيه عن أمّ سلمة عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : المهدي من عترتي من ولد فاطمة (٦).

وفيه عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : المهدي منّي وهو أجلى الجبهة ، أقنى الأنف يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، يملك سبع سنين (٧).

وفيه عنه عليه‌السلام : يكون اختلاف عند موت خليفة فيخرج رجل من أهل المدينة هاربا إلى مكّة ، فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره فيبايعونه بين الركن والمقام ، ويبعث إليهم بعثا إلى الشام ، فيخسف بهم بالبيداء بين مكّة والمدينة ، فإذا رأى الناس ذلك أتاه أبدال [الشام] وعصائب أهل العراق فيبايعونه ، ثمّ ينشأ رجل أخواله كلب فيبعث إليه بعثا فيظهرون عليهم ، وذلك بعث كلب ، والخيبة لمن يشهد غنيمة كلب ، فيقسم المال ويعمل بسنّتي ـ أو قال بسنّة نبيّهم ـ ويلقي الإسلام بجرانه إلى الأرض فيثبت سبع سنين ، وعن بعض الرواة تسع سنين (٨).

وفيه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في قصة المهدي : فيجيء إليه الرجل فيقول يا مهدي أعطني ، فيجبي

__________________

(١) العمدة : ٤٢٤ ح ٨٨٥ وصحيح مسلم : ٨ / ١٨٥ ط. دار الفكر ومسند أحمد : ٣ / ٣١٧.

(٢) الشورى : ١ ـ ٢.

(٣) العمدة : ٤٢٩ ح ٨٩٨ وإثبات الهداة : ٣ / ٦٠٤ ح ٩٧.

(٤) الكهف : ١٠.

(٥) العمدة : ٣٧٣ ح ٧٣٣.

(٦) العمدة : ٤٣٣ ح ٩٠٩ ، وسنن أبي داود : ٢ / ٣١٠ ح ٤٢٨٤.

(٧) تحفة الأحوذي : ٦ / ٤٠٣.

(٨) العمدة : ٤٣٣ ومسند ابن راهويه : ٤ / ١٧٠.

١٥٤

له في ثوبه ما استطاع أن يحمله (١).

وفيه عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : المهدي طاوس أهل الجنّة (٢).

وفيه عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : المهدي من ولدي ، وجهه كالقمر الدريّ ، اللون لون عربي ، والجسم جسم إسرائيلي ، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا ، يرضى بخلافته أهل السماوات والأرض والطير في الجو ، يملك عشرين سنة.

وفيه عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : يصيب هذه الامّة بلاء حتّى لا يجد الرجل ملجأ إليه من الظلم ، فيبعث إليه رجلا من عترتي فيملأ به الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، يرضى عنه ساكن السماوات والأرض ، لا تدع السماء من قطرها شيئا إلّا صبّته مدرارا ولا تدع الأرض من نباتها شيئا إلّا أخرجته حتّى يتمنّى الأحياء للأموات ، تعيش في ذلك سبع سنين أو تسع سنين (٣).

وفيه عن الصحاح من قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : كيف تهلك أمّة أنا أوّلها والمهدي أوسطها والمسيح آخرها (٤). ولا يتوهّم أن عيسى يبقى بعد المهدي ، وذلك لا يجوز ؛ لأنّ المهدي إذا كان إمام آخر الزمان ومات فلا إمام بعده. مذكور في رواية أحد من الأئمّة ، فقد بقيت الامّة بغير إمام ، وهذا ما لا يمكن أنّ الخلق تبقى بغير إمام ، فإن قيل : إنّ عيسى عليه‌السلام يبقى بعده وتقتدي الامّة به ، فغير ممكن أيضا لأنّ عيسى لا يجوز أن يكون إماما لامّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولو كان ذلك جائزا لانتقلت الملة المحمّدية إلى ملّة عيسى ، فلا يمكن أن يكون ذلك.

وذلك لا يقوله عاقل ولا محصل ، بل للخبر معنى صحيح يحمل عليه وهو أنّه قد تقدّم معنى من الأخبار في هذا الباب أنّ عيسى ينزل وقد صلّى الإمام ـ وهو المهدي ـ بالناس العصر وقيل : الصبح ، فيتأخّر فيقدّمه عيسى ويصلّى عيسى خلفه. وما نزل عيسى على مقتضى هذه الأخبار إلّا بعد نفوذ دعوة الإمام واجتماع الناس عليه ، فيكون مصدّقا لدعوة الإمام دعواه ، وقوّة له وعونا إلّا أنّه لا يغيّر شيئا ممّا جاء به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيكون فائدة الخبر أنّ النبي أولها لأنّه هو الداعي إلى الإسلام ، والمهدي أوسطها وإن كان آخر الأئمّة فجعله وسطا

__________________

(١) كشف الغمة : ٣ / ٢٧٩ وكنز العمّال : ١٤ / ٢٧٣ ح ٣٨٧٠١ وفيهما وفي بقية المصادر فيحثي.

(٢) العمدة : ٤٣٩ ح ٩٢٢ والفردوس : ٤ / ٢٢١ ح ٦٦٦٧.

(٣) مصنف عبد الرزاق : ١١ / ٣٧٢ ح ٢٠٧٧٠.

(٤) العمدة : ٢٢٣ ، ومسند أبي يعلى : ١ / ١٦٥ ، وصحيح ابن حبان : ٩ / ١٧٦ ح ٧١٨٢.

١٥٥

إذ ظهوره قبل نزول عيسى فيكون في نزوله آخر المصدّقين بهذه الملّة ، والمهدي عليه‌السلام قبله صدّق بهذه الملّة قبل نزوله ، والنبي فهو صاحب الملة لا بدّ أن يكون أولا ، فعلى هذا يكون آخر المصدّقين والمعتنين لأنّه آخر الامّة.

يشهد بصحّة هذا التأويل لفظ الخبر لأنّه قال : كيف تهلك أمّة أنا أوّلها والمهدي أوسطها والمسيح آخرها ، والمسيح ليس من أمّتنا هذه وإنّما نبيّها منها بلا خلاف لأنّه إمام آخر الزمان ، ومن ولد رسول الله ، ومن ولد علي وفاطمة ، والمسيح ليس من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا من علي وفاطمة ، ولا من أمّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل هو آخر من ينزل لنصرة ملّة محمّد وآخر من يدعو إليها ، لأنّ المهدي يكون قبل نزوله وقد تبعت الامّة وقد دخلت تحت أمره ونهيه ، بدليل ما ورد في هذه الأخبار الصحاح أن المسيح يصلّي خلفه ، إمّا صلاة الصبح أو صلاة العصر كما تقدّمت الرواية ، فصار آخر هذه الامّة داعيا ومصدّقا ، لأنّه منفرد ببقاء الدولة ، والنبي أوّل داع إلى ملّة الإسلام والمهدي أوسط داع والمسيح آخر داع ، معنى هذا الخبر ، فلله الحمد والمنّة.

وفيه عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تذهب الدنيا حتّى يملك العرب رجل من أهل بيتي ، يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي ، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما (١).

أقول : اورد أنّ بعض هذه الصفات لا ينطق عليه عليه‌السلام ، فإنّ اسم أبيه عليه‌السلام لا يوافق اسم والد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويمكن أن يجاب شيوع إطلاق لفظ الأب على الجدّ الأعلى كقوله تعالى : (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ) (٢) ، وفي حديث الإسراء أنّ جبرئيل قال : هذا أبوك إبراهيم (٣). ويمكن أن يجاب : إطلاق الاسم على الكنية واللقب كما سمّي علي أبو تراب فكان كنية أبيه أبو محمد كما كان كنية أب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أبو محمد ، ويمكن أن يكون أبي مصحّف ابني كما هو الظاهر.

وفيه عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : المهدي من عترتي ومن ولد فاطمة (٤). وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : المهدي منّا أهل البيت ، يصلحه الله عزوجل في ليلة (٥).

وعن الحمويني عن ابن عبّاس : قال رسول الله : إنّ علي بن أبي طالب إمام أمّتي وخليفتي عليها بعدي ، ومن ولده القائم المنتظر الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما

__________________

(١) العمدة : ٤٣٦ ومسند أحمد : ١ / ٣٧٦ ط الميمنية.

(٢) الحج : ٧٨.

(٣) روضة الواعظين : ٥٨.

(٤) كنز العمال : ١٤ / ٢٦٤ ح ٣٨٦٦٢.

(٥) مسند أبي يعلى : ١ / ٣٥٩ ح ٤٦٥.

١٥٦

وجورا ، والذي بعثني بالحقّ بشيرا ونذيرا الثابتون على القول بإمامته في زمان غيبته لأعزّ من الكبريت الأحمر. فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاري فقال : يا رسول الله وللقائم من ولدك غيبة؟ قال : إي وربّي ليمحص الذين آمنوا ويمحق الكافرين ، يا جابر إنّ هذا الأمر من أمر الله وسرّ من سرّ الله علّته مطوية عن عباده فإيّاك والشكّ ، فإنّ الشكّ في أمر الله عزوجل كفر (١).

وعنه أيضا عن حسن بن خالد عن علي بن موسى الرضا عليه‌السلام : لا دين لمن لا ورع له ، ولا إيمان لمن لا تقية له ، وإنّ أكرمكم عند الله أتقاكم ، أي أعملكم بالتقيّة ، فقيل : إلى متى يا ابن رسول الله؟ قال : إلى يوم الوقت المعلوم ، وهو يوم خروج قائمنا ، فمن ترك التقية قبل خروج قائمنا فليس منّا. فقيل له : يا ابن رسول الله ومن القائم منكم أهل البيت؟ قال : الرابع من ولدي ، ابن سيّدة الإماء ، يطهّر الله به الأرض من كلّ جور ويقدّسها من كلّ ظلم ، وهو الذي يشكّ الناس في ولادته ، وهو صاحب الغيبة قبل خروجه ، فإذا خرج أشرقت الأرض بنوره ووضع ميزان العدل بين الناس فلا يظلم أحد أحدا ، وهو الذي تطوى له الأرض ولا يكون له ظلّ ، وهو الذي ينادي مناد من السماء يسمعه جميع أهل الأرض للدعاء إليه يقول : ألا إنّ حجّة الله قد ظهر عند بيت الله فاتبعوه فإنّ الحقّ فيه ومعه ، وهو قول الله (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) (٢) (٣).

وعن تفسير الثعلبي في تفسير قوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ) (٤) قال : ذاك عيسى ابن مريم (٥). وروى ذلك جماعة. قال : وقرأ ابن عبّاس وأبو هريرة وقتادة ومالك بن دينار وضحاك : وإنّه لعلم للساعة ، أي أمارة وعلامة (٦).

في الحديث : أنّ عيسى ينزل بثوبين مهرودين أو مصبوغين بالهرد وهو الزعفران (٧). وفي الحديث : ينزل عيسى في ثنية من الأرض المقدّسة يقال لها : اثبني وعليه ممصرتان وشعر رأسه دهين وبيده حربة وهي التي يقتل بها الدجّال ، فيأتي بيت المقدس والناس في صلاة العصر والإمام يؤمّ بهم فيتأخّر الإمام فيقدّمه عيسى ويصلّي خلفه على شريعة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ،

__________________

(١) أعلام الورى : ٢ / ٢٢٧ ، وفرائد السمطين : ٢ / ٣٣٤ ح ٥٨٩.

(٢) الشعراء : ٤.

(٣) أعلام الورى : ٢ / ٢٤١ وكفاية الأثر : ٢٧٠.

(٤) الزخرف : ٦١.

(٥) منتخب الأثر : ١٤٩ ح ٢٤ والفصول المهمّة : ٣٠٠.

(٦) تفسير الثعلبي ، مخطوط ، ذيل الآية ٦١ من الزخرف.

(٧) العمدة : ٤٣٠ ح ٩٠١.

١٥٧

ثمّ يقتل الخنازير ويكسر الصليب ويخرّب البيع والكنائس ويقتل النصارى إلّا من آمن به (١). وبرواية : ويقبض أموال القائم ويمشي خلفه أهل الكهف ، وهو الوزير الأيمن للقائم وحاجبه ونائبه ويبسط في المشرق والمغرب الأمن كرامة الحجّة بن الحسن عليه‌السلام (٢).

أقول : فإن قال معترض : هذه الأحاديث النبويّة متّفق على صحّتها ومجمع على نقلها عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهي صحيحة صريحة في كون المهدي عليه‌السلام من ولد فاطمة عليها‌السلام وأنّه من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنّه من عترته وأنّه من أهل بيته وأنّ اسمه يواطئ اسمه وأنّه يملأ الأرض قسطا وعدلا وأنّه من ولد عبد المطلب وأنّه سادات الجنّة وذلك ممّا لا نزاع فيه ، غير أنّ ذلك لا يدلّ على أنّ المهدي الموصوف بما ذكر من الصفات والعلامات هو هذا أبو القاسم محمد بن الحسن الحجّة الخلف الصالح ، فإنّ ولد فاطمة كثيرة ، وكل من يولد من ذريتها إلى يوم القيامة يصدق عليه أنّه من ولد فاطمة وأنّه من العترة الطاهرة وأنّه من أهل البيت ، فيحتاجون مع هذه الأحاديث المذكورة إلى زيادة دليل يدلّ على أنّ المهدي المراد هو الحجّة المذكور ليتمّ مرامكم.

فجوابه أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا وصف المهدي عليه‌السلام بصفات متعدّدة من ذكر اسمه ونسبه ومرجعه إلى فاطمة وإلى عبد المطلب ، وأنّه أجلى الجبهة أقنى الأنف ، وعدّد من الأوصاف الكثيرة التي جمعتها الأحاديث المذكورة آنفا ، وجعلها علامة ودلالة على أنّ الشخص الذي يسمّى بالمهدي وثبتت له الأحكام المذكورة هو الشخص الذي اجتمعت تلك الصفات فيه ، ثمّ وجدنا تلك الصفات المجعولة علامة ودلالة مجتمعة في أبي القاسم محمد الخلف الصالح دون غيره فيلزم القول بثبوت تلك الأحكام وأنّه صاحبها ، وإلّا فلو جاز وجود ما هو علامة ودليل ولا يثبت ما هو مدلوله قدح ذلك في تعينها علامة ودلالة من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وذلك ممتنع.

ثمّ أقول : سلّمنا لكن مع انضمام الأخبار الآتية عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمّة عليهم‌السلام بأعيان الأئمّة في الفرع الرابع من طرق أهل السنّة والجماعة يثبت المدّعى والمطلوب.

__________________

(١) المستدرك : ٢ / ٥٩٥ والعمدة : ٤٣٠ ح ٩٠١.

(٢) حلية الأبرار : ٢ / ٦٢٠ ب ٣٤.

١٥٨

الفرع الثاني

إخبار النبي والأئمّة عليهم‌السلام بقيامه من طرق الخاصّة

في البحار عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تقوم الساعة حتّى يقوم القائم الحق منّا ، وذلك حين يأذن الله عزوجل له ، من تبعه نجا ومن تخلّف عنه هلك ، الله الله عباد الله فأتوه ولو [حبوا] على الثلج فإنّه خليفة الله عزوجل وخليفتي (١).

وفيه عن ابن عبّاس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لمّا عرج بي إلى السماء السابعة ومنها إلى سدرة المنتهى ومن السدرة إلى حجب النور ناداني ربّي جل جلاله : يا محمد أنت عبدي وأنا ربك ، فلي فاخضع وإيّاي فاعبد وعليّ فتوكّل وبي فثق ، فإنّي قد رضيت بك عبدا وحبيبا ورسولا ونبيّا ، وبأخيك علي خليفة وبابا ، فهو حجّتي على عبادي وإمام لخلقي ، به يعرف أوليائي من أعدائي وبه يميّز حزب الشيطان من حزبي ، وبه يقام ديني وتحفظ حدودي وتنفذ أحكامي ، وبك وبه وبالأئمّة من ولدك أرحم عبادي وإمائي ، وبالقائم منكم أعمر أرضي بتسبيحي وتقديسي وتهليلي وتكبيري وتمجيدي ، وبه اطهّر الأرض من أعدائي واورثها أوليائي ، وبه أجعل كلمة الذين كفروا بي السفلى وكلمتي العليا ، وبه احيي عبادي وبلادي بعلمي ، وله اظهر الكنوز والذخائر بمشيئتي ، وإيّاه اظهر على الأسرار والضمائر بإرادتي ، وأمدّه بملائكتي ليؤيّدوه على إنفاذ أمري وإعلان ديني ، ذلك وليي حقّا ومهدي عبادي صدقا (٢).

وفيه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تذهب الدنيا حتّى يقوم بأمر أمّتي رجل من ولد الحسين يملؤها عدلا كما ملئت ظلما وجورا (٣).

وفيه قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في مرضه لفاطمة : والذي نفسي بيده لا بدّ لهذه الامّة من مهدي

__________________

(١) البحار : ٥١ / ٦٥ ح ٢.

(٢) البحار : ١٨ / ٣٠٤ ح ٨ والأمالي للصدوق : ٧٣١ ح ١٠٠٢.

(٣) البحار : ٣ / ٢٦٨ ح ٣ وكفاية الأثر : ٩٧.

١٥٩

وهو والله من ولدك (١).

وفيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام : لمّا كان من أمر الحسين بن علي ما كان ضجّت الملائكة إلى الله تعالى وقالت : يا ربّ يفعل هذا بالحسين صفيك وابن نبيّك ، قال : فأقام الله لهم ظلّ القائم ، قال : بهذا أنتقم له من ظالميه (٢).

وفيه عن الحكم بن الحكم قال : أتيت أبا جعفر عليه‌السلام وهو بالمدينة فقلت : عليّ نذر بين الركن والمقام إذا أنا لاقيتك أن لا أخرج من المدينة حتّى أعلم أنك قائم آل محمّد أم لا ، فلم يجبني بشيء فأقمت ثلاثين يوما ثمّ استقبلني في طريق فقال عليه‌السلام : يا حكم وإنّك لهاهنا بعد ، فقلت : إنّي أخبرتك بما جعلت لله علي ، فلم تأمرني ولم تنهني عن شيء ولم تجبني بشيء. فقال عليه‌السلام : بكّر عليّ غدوة المنزل ، فغدوت عليه فقال عليه‌السلام : سل عن حاجتك؟ فقلت : إني جعلت لله عليّ نذرا وصياما وصدقة بين الركن والمقام إن لقيتك أن لا أخرج من المدينة حتّى أعلم أنك قائم آل محمّد أم لا ، فإن كنت أنت رابطتك ، وإن لم تكن أنت سرت في الأرض فطلبت المعاش. فقال : يا حكم كلّنا قائم بأمر الله. قلت : فأنت المهدي؟ فقال : كلّنا يهدي إلى الله.

قلت : فأنت صاحب السيف؟ قال : كلّنا صاحب السيف ووارث السيف. قلت : فأنت الذي تقتل أعداء الله ويعزّ بك أولياء الله ويظهر بك دين الله؟ فقال : يا حكم كيف أكون أنا وقد بلغت خمسا وأربعين ، وإنّ صاحب هذا أقرب عهدا باللبن منّي ، وأخفّ على ظهر الدابة(٣).

بيان : أقرب عهدا باللبن منّي أي بحسب المرئي والنظر ، أي يحسبه الناس شابّا بكمال قوّته ، وعدم ظهور أثر الكهولة والشيخوخة فيه.

وفيه عن جبوا بن نوف قال : قلت لأبي سعيد الخدري : والله ما يأتي علينا عام إلّا وهو شرّ من الماضي ، ولا أمير إلّا وهو شرّ ممّن كان قبله ، فقال أبو سعيد : سمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول ما تقول ، ولكن سمعت رسول الله يقول : لا يزال بكم الأمر حتّى يولد في الفتنة والجور من لا يعرف عندها ، حتّى تملأ الأرض جورا فلا يقدر أحد يقول : الله ، ثمّ يبعث الله عزوجل

__________________

(١) البحار : ٣٧ / ٤١ ح ١٦.

(٢) البحار : ٤٥ / ٢٢١ ح ٣. والأمالي : ٤١٨ ح ٩٤١.

(٣) البحار : ٥١ / ١٤١ ح ١٤ واصول الكافي : ١ / ٥٣٦.

١٦٠