تاريخ مدينة دمشق - ج ٦٨

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٦٨

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٨٦
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

أول ما أنكر من عمر بن عبد العزيز أنه خرج في جنازة ، فأتى ببرد كان يلقى للخلفاء يقعدون (١) عليه إذا خرجوا إلى جنازة ، فألقي له فضربه برجله ثم قعد على الأرض ، فقالوا : ما هذا؟ فجاء رجل فقام بين يديه فقال : يا أمير المؤمنين اشتدت بي الحاجة ، وانتهت بي الفاقة ، والله سائلك عن مقامي هذا بين يديك ، وفي يده قضيب قد اتكأ عليه بسنانه فقال : أعد عليّ ما قلت ، فأعاد عليه ، فقال : يا أمير المؤمنين اشتدت (٢) بي الحاجة ، وانتهت بي الفاقة ، والله سائلك عن مقامي هذا بين يديك ، فبكى حتى جرت دموعه على القضيب ، ثم قال له : ما عيالك؟ قال : خمسة ، وأنا وامرأتي وثلاثة أولادي ، قال : فإنا نفرض لك ولعيالك عشرة دنانير ، ونأمر لك بخمس مائة ، مائتين من مالي وثلاثمائة من مال الله ، تبلغ بها حتى يخرج عطاؤك.

٩١٩٦ ـ أعرابي شاعر

كان في أيام عمر بن عبد العزيز.

أنبأنا أبو محمّد بن صابر ، أنا أبو الفتح نصر بن أحمد الهمداني المعلم ، أنا أبو بكر محمّد بن علي بن محمّد السلمي ، أنا عبد الرّحمن بن نصر ، نا الحسن بن حبيب ، نا عبد الله ابن عبد الحميد ، وكان أديبا من أهل العلم قال :

سرق أعرابي سرقة في خلافة عمر بن عبد العزيز ، فأتي به عمر ، فأمر بقطع يده ، فقال : يا أمير المؤمنين اسمع مقالتي ، ثم افعل ما ترى ، فقال له : قل ، فأنشأ يقول :

يميني أمير المؤمنين أعيذها

بعفوك أن تلقى نكالا يشينها

ولا خير في الدنيا ولا في نعيمها

إذا ما شمال فارقتها يمينها

ولو أن أهلي يعلمون لسيرت

إليك المطايا عينها وقطينها

فقال له : يا أعرابي هذا حدّ من حدود الله ، وتركه ذنب ، فقال : يا أمير المؤمنين ، فاجعل هذا من الذنوب التي تستغفر الله منها ، قال : فأمر بتخليته.

٩١٩٧ ـ رجل من أهل اليمامة

وفد على عمر بن عبد العزيز متظلما من عامله على اليمامة ، وقال رجزا في ذلك.

__________________

(١) الكلمة غير مقروءة بالأصل ، والمثبت عن حلية الأولياء.

(٢) تقرأ بالأصل : استمدت ، والمثبت عن حلية الأولياء.

٢٠١

أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع ، أنا سليمان بن إبراهيم بن محمّد ، وسهل بن عبد الله ابن علي ، وأبو الخير محمّد بن أحمد بن هارون الإمام ، وأبو الحسين أحمد بن عبد الرّحمن ابن محمّد الذكواني ، وأبو نصر أحمد بن عبد الله بن أحمد بن عمير.

ح وأخبرنا أبو بكر محمّد بن جعفر بن محمّد بن مهران ، أنا سهل القارئ.

ح وأخبرنا أبو محمّد بن طاوس ، نا سليمان بن إبراهيم قال : ثنا محمّد بن إبراهيم بن جعفر الجرجاني ، إملاء ، ثنا أبو علي الحسين بن علي ، نا محمّد بن زكريا ، نا محمّد بن عبد الرّحمن بن حفص بن عمر بن قبيصة بن المهلب ، حدّثني عمي ، عن أبيه :

أن أعرابيا أتى عمر بن عبد العزيز فقال : يا أمير المؤمنين إنّي قد بلغت غايتي ، والله سائلك عن مقامي هذا ، قال : قل ويحك ، قال : عاملك باليمامة قد غصبني حقي ، واعتدى عليّ في إبلي ، قال : فإنّ الله قد عزل عنك العامل ، وردّ عليك ظلامتك ؛ يا غلام اكتب إليه ، فخرج الأعرابي وهو يقول :

يا أيها المظلوم في بلاده

ائت الأمير عمرا فناده

خليفة الله على عباده

لم يؤثر الدنيا على معاده

قد أشبه الفاروق من أجداده

٩١٩٨ ـ شاعر من بني كلاب

عزّى عمر بن عبد العزيز عن ابنه عبد الملك بن عمر ، تقدم شعره في ترجمة عبد الملك.

٩١٩٩ ـ شاعر رثى عمر بن عبد العزيز

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله ، نا يعقوب (١) ، نا الربيع بن روح ، نا حنظلة بن عبد العزيز بن ربيع بن سبرة ، عن أبيه ، عن ابن لعمر بن عبد العزيز :

أن عمر بن عبد العزيز قال حين اشتكى شكواه [الذي](٢) هلك فيه اشتروا من الراهب

__________________

(١) الخبر والشعر في المعرفة والتاريخ ليعقوب بن سفيان ١ / ٦١٠ ـ ٦١١.

(٢) مكانها بياض بالأصل ، واستدركت اللفظة عن المعرفة والتاريخ.

٢٠٢

موضع قبري ، فاشتري منه موضع قبره بستة دنانير (١) ، فقال (٢) الشاعر وهو يذكر عمر (٣) رحمه‌الله :

قد غادر القوم في اللحد الذي لحدوا

بدير سمعان جريان الموازين

أقول لما نعى لي ناعيا (٤) عمرا (٥)

لا يبعدن قضاء العدل [والدين](٦)

٩٢٠٠ ـ رجل من بني نوفل

وفد على يزيد بن عبد الملك.

قرأت في كتاب أبي الفرج علي بن الحسين (٧) ، حدّثني أحمد بن عمار ، حدّثني علي بن محمّد النوفلي ، حدّثني عمي ، عن أبيه ، عن جده قال :

خرجنا إلى يزيد بن عبد الملك في شيء من أمورنا فألفيناه عليلا علّته التي مات ، فيها فكنا نبعث رسولا يأتينا كل يوم بخبره ، فجاءنا فقال : هو اليوم يثقل (٨) وما أراه يصبح ، فغدونا إليه ، والناس مجتمعون ، وسمعنا في الدار همهمة ، ثم راحت ، فما شعرنا إلّا سلّامة قد خرجت إلى الباب تنوح بهذا الشعر :

لا تلمنا إن خشعنا

أو هممنا بخشوع

وا أمير المؤمنينا ، فعلمناه بوفاته.

٩٢٠١ ـ بعض آل المهلب الذين قدم بهم

على يزيد بن عبد الملك

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، وأبو منصور بن العطار ، قالا : أنا أبو طاهر المخلص ، أنا عبيد الله السكري ، نا زكريا المنقري ، نا الأصمعي ، نا بعض

__________________

(١) بالأصل : لست الدنانير.

(٢) بالأصل : فقام.

(٣) والبيتان في سيرة عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي ص ٣٣٦.

(٤) كذا بالأصل والمعرفة والتاريخ ، وفي سيرة عمر لابن الجوزي : الناعون.

(٥) بالأصل : عمر.

(٦) سقطت من الأصل واستدركت عن المعرفة والتاريخ.

(٧) الخبر رواه أبو الفرج في الأغاني ٨ / ٣٤٦ في ترجمة سلامة القس.

(٨) بالأصل : يقتل ، والمثبت عن الأغاني.

٢٠٣

ولد أبي عيينة المهلبي قال : قال يزيد بن عبد الملك لبعض ولد المهلب حيث أتي بهم أسرى : كيف رأيتم الله صنع بكم؟ فقالوا : يا أمير المؤمنين قوم زرعتهم الطاعة ، وحصدتهم المعصية.

٩٢٠٢ ـ شاعر

كان في زمان يزيد بن عبد الملك.

ذكر أبو علي الحسين بن القاسم الكوكبي ، نا ابن أبي سعد ، نا أحمد بن عبد الرّحمن ابن المفضل ، قال :

مات خليفة (١) ليزيد بن عبد الملك فقال : هل ترك من خلف؟ قالوا : ترك ابنا (٢) له ، فأمر به فأدخل عليه فلمّا مثل بين يديه قال : يا بني إلى من أوصي بك أبوك؟ قال : فأطرق ساعة حتى ظنّ يزيد أنه قد أقحم قال : ثم رفع رأسه وهو يقول :

إن مثلي يوصي الرجال إليه

ليس مثلي يوصي به الآباء

إنني والذي يحج له النا

س ومن دون بيته البيداء

لمليّ بما يؤمل في المر

ء وإن كان في أخيك فتاء

قال : فأمر له يزيد بأرزاق أبيه.

٩٢٠٣ ـ شيخ من ثقيف من أهل الحجاز

وفد على الوليد بن يزيد ـ وهو ولي عهد ـ في خلافة هشام.

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلم ، عن رشأ بن نظيف ، أنا عبد الوهاب بن جعفر ، أنا أبو سليمان بن زبر ، أنبأ أبي ، أنا الخضر بن أبان ، نا الهيثم بن عدي ، عن طريح بن إسماعيل الثقفي قال :

كنت عند الوليد بن يزيد وهو ولي عهد ، فدعا بالشطرنج فأخذت معه فيها ، إذ دخل الآذن فقال : أيها الأمير بالباب رجل من أخوالك له نبل وهو (٣) يستأذن عليك ، فقال : أمّا في هذا الوقت فاصرفه ، فإنّي مقبل على ما ترى ، قال : فقلت : سبحان الله يأتيك رجل من

__________________

(١) كذا بالأصل.

(٢) بالأصل : «بنتا» والمثبت حسب ما اقتضاه السياق.

(٣) كذا وفي المختصر : وهيئة.

٢٠٤

أخوالك مسلّما فتحجبه؟! قال : كيف بنا ونحن على هذه الحال؟ فقلت : تأمر برفع الشطرنج وتأذن له ، فقال : ذاك لما اتجهت عليك ؛ فقلت يغطى بمنديل وتنحرف ، فيدخل لحظة وينصرف ، ثم تعود إليها ، ففعل ، فأذن له ، فدخل رجل جسيم معتمر (١) على قلنسوة مشرفة مشمرا ثيابه في زي الفقهاء بين عينيه سجادة (٢) فسلّم وجلس ، وقال : أيها الأمير خرجت من المدينة أريد عسقلان (٣) للرباط بها ، فأحببت أن أؤدي من حقّ القرابة والرحم ، فقال له الوليد : وصلك [الله](٤) يا خال ، وأحسن جزاءك ، فقد وصلت وبررت ثم أقبل عليه الوليد فقال : يا خال كيف حفظك لمغازي أهل بلدك لعلك أن تفيدنا منها أحرفا ، فقال : ما أحفظ منها شيئا قال : ولم؟ قال : لأن أبوي أضاعا ذلك مني ، قال : فكيف علمك بالسنّة ونظرك في الفرائض؟ قال : ما نظرت في شيء من ذلك ، قال : فكيف روايتك لشعر قومك وغيرهم من الشعراء؟ قال : ما أروي منه شيئا ، قال : فكيف علمك بأيام العرب وما تقدم من أخبارها وآثارها؟ قال : والله لقد أغفل ذاك خالك. قال : فعسى أن يكون همك مصروفا إلى [معنى](٥) آخر من مفاكهات أهل المدينة ومزاحاتهم؟ قال : خالك يربأ (٦) بنفسه عن ذلك. قال الوليد : يا غلام ارفع المنديل ، العب يا طريح ، فليس معنا أحد ، فلمّا سمع الرجل ذلك انصرف.

٩٢٠٤ ـ رجل أتى هشام بن عبد الملك متظلما

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله ، نا يعقوب (٧) ، حدّثني إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى ، حدّثني أبي ، عن جدي قال : كنت عند هشام بن عبد الملك جالسا ، فأتى رجل فقال : يا أمير المؤمنين إن عبد الملك أقطع جدي قطيعة فأقرها الوليد وسليمان حتى إذا استخلف عمر ـ رحم الله عمر ـ نزعها ، قال له هشام : أعد مقالتك ، قال : يا أمير المؤمنين إن عبد الملك أقطع جدي قطيعة فأقرها الوليد وسليمان حتى إذا استخلف عمر ـ رحم الله عمر ـ نزعها ، قال : والله إن فيك

__________________

(١) في المختصر : معتم. وكلاهما بمعنى ، وقد اعتمر أي تعمم بالعمامة ، ويقال للمعتمّ : معتمر (تاج العروس).

(٢) كذا ، وهو يريد أثر السجود بين عينيه.

(٣) عسقلان : مدينة بالشام من أعمال فلسطين على ساحل البحر بين غزة وبيت جبرين.

(٤) زيادة للإيضاح عن المختصر.

(٥) بياض بالأصل ، والزيادة عن مختصر ابن منظور.

(٦) بالأصل : «هربا» ولا معنى لها هنا ، والمثبت عن المختصر.

(٧) رواه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ ١ / ٦٠٤ ـ ٦٠٥.

٢٠٥

لعجبا إنك تذكر من أقطع جدك ومن أقرها في يده فلا تترحّم عليه ، وتذكر من نزعها فتترحم عليه ، فإنا قد أمضينا ما صنع عمر ـ رحم الله عمر ـ قم.

٩٢٠٥ ـ أعرابي وفد على هشام

ابن عبد الملك يتظلّم من بعض عمّاله

ذكر أبو بكر محمّد بن الحسن بن دريد ، أنا أبو حاتم يعني السجستاني ، عن أبي عبيدة ، عن يونس قال :

دخل أعرابي على هشام بن عبد الملك فذكر عاملا له فقال : إن فلانا ممن رفعت خسيسته ، وأثبتّ ركنه ، وأعليت ذكره ، وأمرته بنشر محاسنك فطواها (١) ، وإظهار مكارمك فأخفاها ، وعمد إلى أمورك في رعيتك فتعدّاها ، استخفافا بالحرمة ، وقلة شكر النعمة ، قد أخرب البلاد ، وأضاع الأجناد ، وأظهر الفساد ، وأخرج الناس من سعة العدل إلى ضيق الجور ، حتى باعوا الطارف (٢) والتلاد ، وهموا ببيع النسل والأولاد ، فقال هشام : يا أعرابي أحقا ما تقول؟ قال : نعم ، والذي بلغك أعلى مراتب الشرف ، والله لو كان على سويقة من أسواق البحرين ما أجزأها ، مع أنه يخلط ذاك بلؤم الحسب ، وذفر النسب ، وسوء الأدب.

٩٢٠٦ ـ رجل من جلساء هشام بن عبد الملك

أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا عبد العزيز الكتاني ، أنا عبيد الله بن أحمد الصيرفي ، إجازة ، أنا محمّد بن العباس الخزّاز (٣) ، أنا محمّد بن خلف بن المرزبان ، أنا أبو سعيد عبد الله بن شبيب ، حدّثني العتبي قال :

كان عند خالد (٤) بن عبد الله ذات ليلة فقهاء من أهل الكوفة فيهم أبو حمزة الثمالي إذ قال خالد : حدثني حديثا كحديث عشيق ليس فيه فحش ، فقال أبو حمزة الثمالي (٥) : أصلح الله الأمير ، زعموا أنه ذكر عند هشام بن عبد الملك غدر النساء وسرعة تزويجهن ، فقال

__________________

(١) بالأصل : وطواها.

(٢) التلاد : كل مال قديم من حيوان وغيره يورث عن الآباء ، وهو نقيض الطارف. (تاج العروس : تلد).

(٣) بدون إعجام بالأصل.

(٤) تحرفت بالأصل إلى : «خلف» وهو خالد بن عبد الله بن يزيد بن أسد أبو الهيثم القسري الدمشقي. ترجمته في سير الأعلام ٥ / ٤٢٥.

(٥) هو ثابت بن أبي صفية أبو حمزة الثمالي الأزدي الكوفي ، مولى المهلب ، ترجمته في تهذيب الكمال ٣ / ٢٣٣.

٢٠٦

هشام : إنّه ليبلغني من ذلك العجب ، فقال بعض جلسائه أنا أحدثكم عما بلغني من ذلك ، بلغني أن رجلا من بني يشكر يقال له غسان بن (١) جهضم بن العذافر ، كانت تحته ابنة عمّ له يقال لها أم عقبة بنت عمرو بن الأبجر ، وكان لها محبّا ، وكانت له كذلك ، فلمّا حضره الموت ، وظنّ أنه مفارق الدنيا قال ثلاثة أبيات ، ثم قال لها : يا أم عقبة ، اسمعي ما أقول ، وأجيبيني بحقّ ، فقد تاقت نفسي إلى مسألتك عن نفسك بعد ما تواريني التراب ، فقالت : قل ، فو الله لا أجيبك بكذب ولأجعلنّه آخر حظك مني ، فقال وهو يبكي بكاء يكاد يمنعه الكلام :

أخبريني ما ذا تريدين بعدي

والذي تضمرين يا أم عقبه

تحفظيني من بعد موتي لما قد

كان مني من حسن خلق وصحبه

أم تريدين ذات جمال ومال

وأنا في التراب في سجن غربه

فأجابته ببكاء وانتحاب :

قد سمعنا الذي تقول وما قد

خفته يا غسان من أم عقبه

أنا من أحفظ النساء وأرعاه

لما قد أوليت من حسن صحبه

سوف أبكيك ما حييت بشجوّ

ومراثي أقولها وبندبه

قال : فلما قالت ذلك ، طابت نفسه ، وفي النفس ما فيها فقال :

أنا والله واثق بك لكن

ربما خفت منك غدر النساء

بعد موت الأزواج يا خير من عو

شر فارعي حقي بحسن الوفاء

إنني قد رجوت أن تحفظي العه

د فكوني إن مت عند الرجاء

ثم اعتقل لسانه ، فلم ينطق حتى مات ، فلم تلبث بعده إلّا قليلا حتى خطبت من كل جانب ، ورغب فيها الأزواج لاجتماع الخصال الفاضلة فيها ، من العقل والجمال والعفاف والحسب ، فقالت مجيبة لهم :

سأحفظ غسانا على بعد داره

وأرعاه حتى نلتقي يوم نحشر

وإني لفي شغل عن الناس كلهم

فكفوا ، فما مثلي بمن مات يغدر

سأبكي عليه ما حييت بعبرة

تجول على الخدين مني فتكثر

فأيس الناس من إجابتها ، فلما مرت بها الأيام نسيت عهده ، وقالت : من مات فقد

__________________

(١) بالأصل : من.

٢٠٧

فات ، فأجابت بعض خطابها فتزوجها ، فلما كانت الليلة التي أراد الدخول بها ، جاءها غسان في النوم ، وقد أغفت ، فقال :

غدرت ولم ترعي لبعلك حرمة

ولم تعرفي حقّا ولم تحفظي عهدا

ولم تصبري حولا حفاظا لصاحب

حلفت له يوما ولم تنجزي وعدا

غدرت به لما ثوى في ضريحه

كذلك ينسى كل من يسكن اللحدا

فلما قال هذه الأبيات تنبّهت مرتاعة مستحيية منه ، كأنه بات معها في جانب البيت ، وأنكر ذلك من حضرها من نسائها فقلت : ما لك؟ وما حالك؟ وما دهاك؟ فقالت : ما ترك غسان لي في الحياة إربا ، ولا بعده في سرور رغبة ، أتاني في منامي الساعة فأنشدني هذه الأبيات ، ثم أنشدتها وهي تبكي بدمع غزير ، وانتحاب شديد ، فلما سمعن منها ، أخذن بها في حديث آخر لتنسى ما هي فيه ، فتغافلتهن ثم قامت فلم يدركنها حتى ذبحت نفسها حياء مما كادت تركب بعده من الغدر به ، والنسيان لعهده ، فقالت امرأة منهن : قد بلغنا أن امرأة أتاها زوجها في المنام فلامها وأنّبها في مثل هذا ، فأما القتل فما سمعنا به ، قال : وكانت المرأة القائلة هذا الكلام صاحبة شعر ورجز فقالت :

ما ذا صنعت وما ذا

لقيت من غسان

قتلت نفسك حزنا

يا خيرة النسوان

وفيت من بعد ما قد

هممت بالعصيان

إن الوفاء من الله

لم يزل بمكان

قال : فلما بلغ زوجها ، وكان يقال له : المقدام بن حبيش ، وكان قد أعجب بها ورجا أن تصير إليه ، فقال : ما كان لي مستمتع بعد غسان وقال : هكذا فليكن النساء في الوفاء ، وقلّ من يحفظ ميتا ، إنّما هي أيام قلائل حتى ينسى وعنه يسلى ، فقال هشام : صدق وبرّ ، لجاد ما أدركه عقله ، وحسن عزاؤه حين فاتته طلبته ، وأحسنت المرأة ووفت ، وأحسن الرجل وصبر.

٩٢٠٧ ـ شيخ من أهل الشام

كان في صحابة هشام بن عبد الملك ، ومن ثقاته.

قرأت بخط أبي الحسن المقرئ ، وأنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش المغربي ، عنه ، أنا أبو الفتح إبراهيم بن علي بن سيبخت ، نا محمّد بن أحمد بن إبراهيم بن

٢٠٨

قريش الحكيمي ، نا أبو العيناء (١) ، نا الأصمعي ، حدّثني إبراهيم بن الحسن بن سهل ، عن أبيه :

أن أبا جعفر المنصور وجه إلى شيخ من أهل الشام وكان بطانة هشام فساءله عن تدبر هشام في بعض حروبه للخوارج ، فوصف له الشيخ ما دبر ، فقال : فعل رحمه‌الله كذا ، وصنع رحمه‌الله كذا ، قال له المنصور : قم ، عليك لعنة الله ، تطأ بساطي وتترحم على عدوي؟ فقال الرجل وهو مولى : إنّ نعمة عدوك لقلادة في عنقي لا ينزعها إلّا غاسلي. فقال له المنصور : ارجع يا شيخ ، فرجع فقال : أشهد أنك نهيض حرّ ، وغراس شريف ، عد إلى حديثك. فعاد الشيخ في حديثه حتى إذا فرغ دعا له بمال فأخذه ، فقال : والله يا أمير المؤمنين ما بي حاجة إليه ، ولقد مات من كنت في ذكره آنفا ، فما أحوجني إلى وقوف على باب أحد بعده ، ولو لا جلالة أمير المؤمنين وإيثار طاعته ما لبست لأحد بعده ثوبا ، فقال له المنصور : مت إذا شئت ، لله أنت ، فلو لم يكن لقومك غيرك كنت قد أبقيت لهم مجدا مخلدا ، وذكرا باقيا.

وبلغني عن أبي جعفر أحمد بن يوسف بن إبراهيم الكاتب ، قال : حدّثني أحمد بن أبي يعقوب ، حدّثني أبي أبو يعقوب ، عن جدي واضح مولى المنصور قال :

كنت بين يدي المنصور وقد أحضر رجلا كان من رجال هشام بن عبد الملك وهو يسائله عن سيرة هشام لأنها كانت تعجب المنصور ، فكان الرجل يترحم على هشام عند كل جاز من ذكره فاحفظ ذلك جماعتنا فقال له : ارجع كم تترحم على عدو أمير المؤمنين ، فقال الرجل للربيع : مجلس أمير المؤمنين ـ أيّده الله ـ أحقّ المجالس بشكر المحسن ومجازاة المجمل ، ولهشام في عنقي قلادة لا ينزعها إلّا غاسلي. فقال له المنصور : وما هذه القلادة؟ قال : قدّمني في حياته وأغناني عن غيره بعد وفاته ، فقال له المنصور : أحسنت بارك الله عليك وبحسن المكافأة تستحق الصنائع ، وتزكو العوارف ، ثم أدخله في خاصّته.

٩٢٠٨ ـ رجل كان في صحابة هشام

روى عنه الزهري.

أخبرنا أبو القاسم بن أبي الحسن العلوي ، أنبأ رشأ المقرئ ، أنا أبو محمّد المصري ،

__________________

(١) غير واضحة بالأصل ، وهو أبو العيناء محمد بن القاسم بن خلاد راجع ترجمة عبد الملك بن قريب الأصمعي في تهذيب الكمال ١٢ / ٨٠.

٢٠٩

أنا أحمد بن مروان ، نا إبراهيم الحربي ، نا محمّد بن الحارث ، عن المدائني قال : قال صالح ابن كيسان :

خرج علينا الزهري من عند هشام بن عبد الملك فقال : لقد تكلم اليوم رجل عند أمير المؤمنين ما سمعت كلاما أحسن منه قال له : يا أمير المؤمنين اسمع مني أربع كلمات فيهن صلاح دينك ، وملكك ، وآخرتك ، ودنياك ، قال : ما هنّ؟ قال : لا تعدنّ أحدا عدة وأنت لا تريد إنجازها ، ولا يغرّنّك مرتقى سهل إذا كان المنحدر وعرا ، واعلم أن الأعمال آخرا فاحذر العواقب ، وإنّ الدهر تارات فكن على حذر.

٩٢٠٩ ـ رجل من ولد علي بن أبي طالب

وفد على هشام.

أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن بن الحسين الموازيني ، قراءة ، أنا أبو عبد الله القضاعي ، إجازة ، أنا أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن محمّد بن عمرو بن شاكر القطان ، نا الحسن بن رشيق ، نا محمّد بن رمضان بن شاكر الحميري ، نا محمّد بن عبد الله بن عبد الحكم ، أنا الشافعي :

أن رجلا من ولد علي بن أبي طالب كان طويل اللسان بليغا ، فاستأذن على هشام بن عبد الملك وهو خليفة ، فأذن له ، وهو في موضع مشرف وأمر ليجعل به ليقطعه ذلك عن بلاغته ، فلما دخل على هشام سلّم فقال : إيها تكلّم قال : حتى يذهب عني بهر (١) الدرجة ، وبهجة الخلافة.

٩٢١٠ ـ رجل من بني مخزوم بصري

وفد على هشام بن عبد الملك.

أنبأنا أبو علي بن نبهان.

وحدّثنا أبو الفضل بن ناصر ، أنا أحمد بن الحسن بن أحمد ، ومحمّد بن إسحاق بن إبراهيم ، وابن نبهان.

ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أحمد بن الحسن ، قالوا : أنا أبو علي بن

__________________

(١) بهر الدرجة : البهر : تتابع النفس من الإعياء.

٢١٠

شاذان ، أنا أبو بكر محمّد بن الحسن بن مقسم المقرئ ، نا أبو العباس أحمد بن يحيى ، نا عمر بن شبة (١) ، حدّثني ابن عائشة قال : سمعت أبي يقول :

كانت دار محمّد بن سليمان لرجل من بني مخزوم فوفد إلى هشام فقال : يا أمير المؤمنين إنّ دار عبد الله بن نافع بن الحارث في وجه داري ، فأذن لي أن أقدّم داري حتى تستوي بها ، فقال : وأين دارك؟ قال : في مربد (٢) البصرة ، قال : لا والله ولا شبرا.

٩٢١١ ـ أعرابي

وفد على هشام بن عبد الملك.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، وأبو منصور بن العطار ، قالا : أنا أبو طاهر المخلص ، أنا عبيد الله السكري ، ثنا زكريا المنقري ، نا الأصمعي ، قال : حدّثنا عن أبي جناب قال :

كنت جالسا عند هشام بن عبد الملك ودخل عليه أعرابي من بني أسد ، فسلّم عليه ثم قال : يا أمير المؤمنين ، أتت علينا سنون ثلاث ذهبت بالأموال ، ونحتت القلوب ، أما الأولى فأذابت الشحم ، وأما الثانية فنحضت (٣) اللحم ، وأما الثالثة فهاضت (٤) العظم ، وفي يديك فضول أموال ، فإن تك لله فبثها في عباد الله ، وإن تك لهم ، ففيم تحبسها عنهم؟ وإن تك لك فتصدّق علينا ، إنّ الله يجزي المتصدقين ، فأمر له بعشرة آلاف درهم ، فقال : والله لا أقبلها ، لبئس وافد القوم إذا أنا إن ذهبت إلى قومي غنيا وهم فقراء ، فكتب هشام إلى خالد بن عبد الله القسري يحمل إلى البادية ما يكتفون به.

أخبرنا أبو القاسم العلوي ، أنا رشأ ، أنا الحسن ، أنا أحمد بن مروان ، نا محمّد بن يونس قال : سمعت الأصمعي يقول :

قام أعرابي بين يدي هشام فقال : يا أمير المؤمنين أتت على الناس سنون أما الأولى فلحت اللحم ، وأما الثانية فأكلت الشحم ، وأما الثالثة فهامت العظم ، وعندكم فضول أموال فإن كانت لله فاقسموها بين عباده ، وإن كانت لهم ففيم تحظر عليهم ، وإن كانت لكم

__________________

(١) بالأصل : شيبة ، تصحيف.

(٢) مربد البصرة : هو موضع سوق الإبل ، وهو من أشهر محلات البصرة (معجم البلدان ٥ / ٩٨).

(٣) نخضت اللحم أي أهزلته.

(٤) هاضت العظم أي كسرته.

٢١١

فتصدّقوا ، فإنّ الله يجزي المتصدقين ، فأمر له هشام بمال وقسم مالا بين الناس ، فقال الأعرابي : أكلّ المسلمين له مثل هذا؟ قال : لا يقوم بذلك بيت المال ، قال : فلا حاجة لي فيما آخذ من بيت مال المسلمين ، ولا يأخذه غيري ، فمضى وتركه.

٩٢١٢ ـ رجل دخل على هشام بن عبد الملك

قرأت على أبي محمّد عبد الله بن أسد بن عمار ، عن عبد العزيز بن أحمد ، أنا عبد الوهاب بن جعفر ، ونقلته من خطه ، حدّثني أحمد بن علي بن عبد الله ، حدّثني أبو الحسن محمّد بن سليمان السليماني ، نا أبو بكر بن دريد ، نا أبو حاتم ، عن العسي (١) عبيد الله قال :

بلغ هشام بن عبد الملك عن رجل كلام ، فأتي به فتكلّم بحجته ، فقال هشام : أو تتكلم أيضا؟! فقال : يا أمير المؤمنين إنّ الله يقول : (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها)(٢) ، أفنجادل الله جدالا ولا تكلم أنت كلاما ، قال : يا ويحك ، فتكلم بما أحببت.

٩٢١٣ ـ شيخ راجز (٣) من بني والية من بني أسد

وفد على هشام بن عبد الملك.

قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف ، وأنبأنيه أبو القاسم النسيب ، وأبو الوحش المقرئ عنه ، أنا أبو مسلم محمّد بن أحمد بن علي الكاتب ، ثنا أبو بكر محمّد بن الحسن بن دريد ، أنبأ أبو حاتم ، حدّثني الأصمعي ، أخبرني محمّد بن حرب الهلالي ، قال :

خرجت مرّة أريد مكة ، فنزلت بحيّ من بني أسد ، ثم من بني والبة ، فإذا أنا بشيخ كبير السن ، حسن اللباس ، فسلّمت عليه ، ثم جلست فسألته عن سنّه ، فقال : خلفت عشرين ومائة [سنة] فسألته عن طعمه فقال : ما أزيد على الصّبوح (٤) والغبوق شيئا. فسألته عن الباه فقال : أيهات والله لقد وفدت على هشام وهو في رصافته يشرب اللبن ، وذلك أنّي ذكرت له فسألني عن طعمي فقلت : الصّبوح والغبوق ، وسألني عن الباه؟ فقلت : والله إن لي لثلاث نسوة ، بتّ عند إحداهن ليلة وأصبحت غاديا إلى الأخرى وفي رأسي أثر الغسل ، فقالت : امط عني ،

__________________

(١) كذا.

(٢) سورة النحل ، الآية : ١١١.

(٣) الذي بالأصل «... جر» والمثبت : راجز ، عن مختصر ابن منظور.

(٤) الصبوح : ما حلب من اللبن بالغداة ، والصبوح : كل ما أكل أو شرب غدوة ، وهو خلاف الغبوق (تاج العروس : صبح) طبعة دار الفكر.

٢١٢

أفرغت ما في صلبك. فقلت : والله لأوفينّك ما وفيتها ، فلاعبتها ثم تورّكتها ، حتى إذا أردت الإنزال أخرجته فأمسكته ، فنزا الماء حتى حاذى رأسها ، فقلت : أيكون هذا ممن أفرغ ما صلبه؟ ثم تناولت عشر حصيات فكلّما صرت إلى الفراغ ناولتها حصاة حتى أتيت على العشر ، فسألتها كم في يدك؟ فقالت : تسع ، فقلت : لا بل عشر ، فقالت : والله لا أحسب لك ما لم يصل إليّ ، فضحك هشام حتى استلقى على فراشه ثم إنّي سألته كيف أنت اليوم؟ فقال : هيهات ، والله إنّي لأظل اليومين والثلاثة وما في الثاني طائل (١) ، ثم ضرب بيده على فخذه وقال :

قد كبرت بعد شباب سني

وأضعف الأزلم (٢) مني ركني

والدهر يبلي جدّه ويفني

وأعرضت أم عيالي عني

إذ عزّ عندي ما تريد مني

وقالت الحسناء يوما ذرني

ولم ترد ذرني ولكن نكني

لكنها عن ذاك كانت تكني

٩٢١٤ ـ رجل من الفصحاء

وفد على هشام.

وفد على هشام بن عبد الملك ووعظه.

أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله ، إذنا ومناولة ، وقرأ علي إسناده ، أنا محمّد بن الحسين ، أنا المعافى بن زكريا القاضي (٣) ، نا محمّد بن الحسن بن دريد ، نا أبو عثمان ، عن العتبي قال :

صعد رجل إلى هشام بن عبد الملك في خضراء معاوية ، فمثل بين يديه لا يتكلم ، فقال له هشام : ما لك لا تتكلم؟ قال : هيبة الملك وبهر الدّرج ، فلمّا رجعت نفسه إليه قال له هشام : تكلّم وإياك ومدحنا ، فقال : لست أمدحك (٤) إنّما أحمد الله فيك ، ثم قال : إن الدنيا ذمّت بأعمال العباد إذا أساءوا (٥) ، ولم تحمد بأعمالهم فيها إذا أحسنوا ، وإن الدنيا لم تكتم

__________________

(١) بالأصل : «ظانك» والمثبت عن مختصر ابن منظور.

(٢) يعني الدهر.

(٣) رواه المعافى بن زكريا الجريري في الجليس الصالح الكافي ٣ / ١٠١ ـ ١٠٢.

(٤) في الجليس الصالح : أحمدك.

(٥) بالأصل : «شاءوا» والمثبت عن الجليس الصالح.

٢١٣

بما فيها فتذمّ ولكن إنّما جهرت به ، فأخذها من أخذها بذلك وهي عليه ، وتركها من تركها لذلك وهي له ، وإنّ الدنيا نادت أهلها بأنها تاركة من أخذها ومفارقة من صحبها ، ومخربة عمران من عمرها ، فمن زرع فيها شرورا (١) حصد حزنا ، ومن أبرّ فيها هوى اجتنى ندامة ، وإنما هي لمن زهد فيها اليوم وأعرض عنها وآثر الحق عليها ، وأخذها من أخذها بعد البيان منها والإخبار عن نفسها ، فغرّ نفسه وسماها غرّارة وكذّب نفسه وسماها كذابة ، وزهد فيها آخرون فصدّقوا مقالتها ، ورأوا آثارها في فعالها فأخذوا منها قليلا ، وقدّموا فيها كثيرا ، وسلموا من الباطل ، وصارت لهم عونا على الحق في غيرها ، فلم تحمد بإحسان من أحسن فيها وهي له ، وذمّت بإساءة من أساء فيها وهي عليه ، فأنت أحق بإساءتك فيها إذ كان الإحسان لك دونها ، فأطرق هشام يفكّر في كلامه وامّلس الرجل فلم يره.

قال القاضي (٢) : من أبر فيها هوى أي لقح ، يقال : أبرت النخل وأبرته إذا لقحته (٣) ومنه قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من باع نخلا مؤبرا» [١٣٦٨٦] وقوله : سكة مأبورة ، وقال الشاعر (٤) :

لا تأمنن قوما وترتهم

وبدأتهم بالغشم والظلم

أن يأبروا نخلا لغيرهم

والشيء تحقره وقد ينمي

وقوله : فاملس معناه زال عن موضعه بسهولة ، وهو مأخوذ من الملاسة ، يقال : أملس من كذا وتملّس أي زال بسرعة لملاسة موضعه وأنه ليس فيها أجزاء لها نتوء ونبوّ وتضاريس ويقال في هذا المعنى انملص وتملّص ، وكأنه من الدحض والزلق ؛ ويقال : إنّ هذا الوجه أفصح الكلامين ومنه انملصت المرأة فأزلقت إذا أسقطت جنينها ، ومنه الخبر الوارد أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قضى في إملاص المرأة [بغرّة](٥) عبد أو أمة ، وذلك إذا ضربت فأسقطت جنينا ميتا.

وهذا الخبر مما ينبه على الحذر من غرور الدنيا ، وقال الله تعالى ذكره : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ)(٦).

__________________

(١) تحرفت بالأصل إلى : سرورا.

(٢) يعني المعافى بن زكريا الجريري ، صاحب كتاب الجليس الصالح الكافي.

(٣) كذا بالأصل ، وفي الجليس الصالح : ألقحته.

(٤) نسبها بحواشي الجليس الصالح إلى : الحارث بن وعلة.

(٥) زيادة عن الجليس الصالح.

(٦) سورة فاطر ، الآية : ٥.

٢١٤

٩٢١٥ ـ رجل من ولد خبّاب (١)

وفد على هشام بن عبد الملك.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا نصر بن الحسن الشاشي ببغداد ، أنا علي بن المشرف الأنماطي ، أنا محمّد بن حمود بن عمرة ، أنا محمّد بن أحمد الخطيب ، أنا عمر بن علي بن الحسن العتكي ، نا منصور بن الحسن الفقيه ، أن محمّد بن زكريا حدّثهم ، نا أبو سليمان قال :

خرج رجل من ولد سعيد بن العاص ورجل من ولد أبي معيط يريدان هشام بن عبد الملك فلحقهم رجل من ولد خبّاب بن الأرتّ فلما قدموا دمشق قيل للسعيدي : أين تنزل؟ قال : على آل أبي أحيحة وقيل للمعيطي : أين تنزل؟ قال : على آل أبي معيط ، وقيل للخبّابي : أين تنزل؟ قال : لا أدري ، ولكن أنزل على ربي ، فجاء حتى قعد على باب هشام ، وجاءت هدايا من عند ابن الحبحاب (٢) عامل مصر ، فأدخلت على هشام ، فأخذ الخبّابي رزمة ثم دخل ، فلما صار بين يدي هشام ، انتسب له ، فسأل عنه فوجد أمره صحيحا ، فما أمسى حتى كتب ثلاث صحائف إلى عامل المدينة ؛ صحيفة بجائزته (٣) وصحيفة بقطيعته وصحيفة بأرزاقه ، وبقي السعيدي والمعيطي يغدوان ويروحان.

٩٢١٦ ـ مولى لمسلمة بن عبد الملك

حدّث عن مسلمة.

روى عنه هشام بن الغاز.

أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، نا يحيى بن محمّد ، حدّثنا الحسين بن الحسن ، أنا عبد الله (٤) ، أنا هشام بن الغاز قال : حدّثني مولى لمسلمة بن عبد الملك قال : حدّثني مسلمة قال :

دخلت على عمر بن عبد العزيز بعد صلاة الفجر في بيت كان يخلو فيه بعد الفجر ، فلا يدخل عليه أحد ، فجاءته جارية بطبق عليه تمر صيحاني وكان يعجبه التمر ، فرفع بكفيه منه

__________________

(١) يعني خباب بن الأرت بن جندلة بن سعد بن خزيمة ، أبو عبد الله.

(٢) تحرفت بالأصل إلى : «الحباب» وهو عبيد الله بن الحبحاب ، وكان صاحب خراج مصر في زمن هشام بن عبد الملك ، راجع ولاة مصر للكندي ص ٩٥ و ٩٨.

(٣) تحرفت بالأصل إلى : حانوته ، والتصويب عن المختصر.

(٤) رواه عبد الله بن المبارك في الزهد والرقائق ص ٢٧٠ رقم ٧٨٣.

٢١٥

فقال : يا مسلمة أترى لو أن رجلا أكل هذا ثم شرب عليه من الماء ، فإن الماء على التمر طيب أكان مجزيه إلى الليل؟ قال : فقلت : لا أدري ، قال : فرفع أكثر منه ، فقال : فهذا؟ فقلت : نعم يا أمير المؤمنين ، كان كافيه دون هذا حتى ما يبالي أن لا يذوق طعاما غيره ، قال : فعلام تدخل النار؟ قال : فقال مسلمة : فما وقعت مني موعظة ما وقعت مني هذه.

٩٢١٧ ـ شاعر من قريش مدني

وفد على الوليد بن يزيد.

قرأت في كتاب أبي الفرج علي بن الحسين الأصبهاني (١) ، حدّثني محمّد بن يحيى الصولي ، نا خالد بن النضر القرشي بالبصرة ، نا أبو حاتم السجستاني ، نا العتبي قال :

كانت للوليد بن يزيد جارية يقال لها صدوف فغاضبها ثم لم يطعه قلبه ، فجعل يتسبب (٢) لصلحها (٣) فدخل عليه رجل قرشي من أهل المدينة فكلّمه في حاجة وقد عرف خبره ، فبرم به فأنشده :

أعتبت أن عتبت عليك صدوف

وعتاب مثلك مثلها تشريف

لا تقعدن تلوم نفسك دائما

فيها وأنت بحبها مشغوف

إن القطيعة لا يقوم بمثلها

إلّا القوي ومن يحب ضعيف

الحب أملك بالفتى من نفسه

والذّلّ (٤) فيه مسلك مألوف

قال : فضحك وجعل ذلك سببا لصلحها ، وأمر بقضاء حوائج القرشي كلّها.

٩٢١٨ ـ شاعر من شعراء اليمن

قيل اسمه مهدي.

قرأت على أبي الوفاء حفاظ بن الحسن بن الحسين ، عن عبد العزيز الكتاني ، أنا عبد الوهاب الميداني ، أنا أبو محمّد بن زبر ، أنا عبد الله بن أحمد بن جعفر ، أنا محمّد بن جرير (٥) قال :

__________________

(١) الخبر والشعر في الأغاني ٧ / ٤٤ ـ ٤٥ في أخبار الوليد بن يزيد.

(٢) بدون إعجام بالأصل ورسمها : «سست» والمثبت عن الأغاني.

(٣) بالأصل : يصلحها ، والمثبت عن الأغاني.

(٤) بالأصل : والدل ، والمثبت عن الأغاني.

(٥) الخبر والشعر في تاريخ الطبري ٤ / ٢٣٧ (حوادث سنة ١٢٦) ط. بيروت.

٢١٦

قال الوليد بن يزيد فيما زعم الهيثم بن عدي شعرا يوبخ به أهل اليمن في تركهم نصرة خالد بن عبد الله.

[قال](١) وأما أحمد بن زهير فإنه حدّثني عن علي بن محمّد عن (٢) [محمّد بن](٣) سعيد العامري ، عامر كلب ، أن هذا الشعر قاله بعض شعراء اليمن على لسان الوليد يحرض عليه اليمانية :

ألم تهتج فتذكر الوصالا

وحبلا كان متصلا فزالا

بلى فالدمع منك له سجام

كماء المزن (٤) ينسجل انسجالا

فدع عنك ادكارك آل سعدى

فنحن الأكثرون حصى (٥) ومالا

ونحن المالكون الناس قسرا

نسومهم المذلّة والنكالا

وطئنا الأشعرين بعزّ قيس

فيا لك وطأة لن تستقالا

وهذا خالد فينا أسيرا

ألا منعوه إن كانوا رجالا

عظيمهم وسيدهم قديما

جعلنا المخزيات له ظلالا

فلو كانت قبائل ذات عزّ

لما ذهبت صنائعه ضلالا

ولا تركوه مسلوبا أسيرا

يسامر من سلاسلنا الثقالا

ورواه المدائني : يعالج من سلاسلنا.

وكنده والسكون فما استقالوا

ولا برحت خيولهم الرحالا

بها سمنا البرية كل خسف

وهدّمنا السهولة والجبالا

ولكن الوقائع ضعضعتهم

وجذّتهم وردتهم شلالا

وما زالوا لنا أبدا (٦) عبيدا

نسومهم المذلة والسفالا

فأصبحت الغداة عليّ تاج

لملك الناس ما يبغي انتقالا

__________________

(١) ما بين معكوفتين سقطت من الأصل.

(٢) بالأصل : أبي ، والمثبت عن تاريخ الطبري.

(٣) ما بين معكوفتين زيادة عن الطبري.

(٤) بالأصل : «كان المري» والمثبت : «كماء المزن» عن تاريخ الطبري.

(٥) الأصل : «حصبا» والمثبت عن الطبري.

(٦) غير مقروءة بالأصل ، والمثبت عن الطبري.

٢١٧

٩٢١٩ ـ شاعر وفد على مروان بن محمّد

أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله السلمي ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، ثنا أبو بكر محمّد بن القاسم بن الأنباري ، نا أبو الحسن بن البراء ، أنا أبو الفضل العباس بن الفضل الربعي ، نا مبارك الطبري ، حدّثني الفضل بن الوضاح صاحب قصر الوضاح ، عن أبيه قال :

خرجت مع أبي جعفر المنصور إلى مروان بن محمّد فصحبنا في الطريق رجل ضرير كان عنده أدب ومعرفة فاستجلاه أبو جعفر وقال له : من تقصد؟ قال : أمير المؤمنين مروان ، قال : في أي شيء؟ قال : في شعر أمتدحه به ، قال : إن سهل عليك أن تنشدنيه فافعل ، قال : فأنشده :

ليت شعري أفاح رائحة المس

ك وما إن أخال بالخيف أنسي

حين غابت بنو أمية عنه

والبهاليل من بني عبد شمس

خطباء على المنابر فرسا

ن عليها وقالة غير خرس

لا يعابون صامتين وإن قا

لوا أصابوا ولم يقولوا بلبس

بحلوم إذا الحلوم استخفّت

ووجوه مثل الدنانير ملس

قال أبو جعفر : فما أتمّها حتى ظننت أن العمى قد أخذني من حسدي بني أمية عليها.

قال الوضاح : ثم حجّ أبو جعفر سنة ثلاث وأربعين ومائة ، وهو خليفة ، فحججت معه ، وقد كان نوى أن يمشي حتكا (١) فرودا (٢) ، فإنه ليمشي إذ بصر بالضرير فقال : يا مسيب عليّ بالأعمى ، فأتي به فقال : ما صنع بك مروان؟ قال : أغناني ، ولا أسأل والله بعده أحدا شيئا ، قال : ما أعطاك؟ قال : أربعة آلاف دينار ، وعشرة غلمان ، وعشر جوار ، وحملني على عشرة من الدواب ، وأوقر لي خمسة أبغل خرثيا (٣) ثم تنفس الصعداء وأنشأ يقول :

آمت نساء بني أمية منهم

وبناتهم بمضيعة أيتام

نامت خدودهم وأسقط نجمهم

والنجم يسقط والخدود تنام

خلت المنابر والأسرة منهم

فعليهم حتى الممات سلام

__________________

(١) بالأصل : حكبى ، والمثبت عن المختصر ، والحتك : أن يقارب الخطو ويسرع رفع الرجل ووضعها.

(٢) الرود في المشي : أي على مهل.

(٣) الخرثي متاع البيت وأثاثه.

٢١٨

فقال له أبو جعفر : أما تعرفني؟ قال : ما أنكرك من سوء ، من أنت؟ قال : أنا أمير المؤمنين المنصور ، فأخذ الضرير أفكل ـ يعني رعدة ـ وقال : يا أمير المؤمنين ، إنّ القلوب جبلت على حبّ من أحسن إليها ، وبغض من أساء إليها ، قال : صدقت ، خلوا عنه ، ثم تتبعته نفسه بعد فطلبه ، فكأنّ البيداء بادت به.

قال أبو بكر : البيت الذي أوله : «لا يعابون» والبيت الذي أوله : «خطباء المنابر» لم أكتبهما عن أبي الحسن (١) بن البراء ، سمعناهما بغير هذا الإسناد ، رواها الصولي عن إسماعيل المادراني عن عبيد الله بن أحمد الرصافي قال : سمعت أبي يقول سمّي عندي أبو الفضل العباس بن وضاح فحدّثني عن أبيه : أن أبا جعفر المنصور قال : صحبت رجلا ضريرا إلى الشام ، فذكرها.

٩٢٢٠ ـ رجل من ولد أبي سفيان

دخل على عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس.

أخبرنا أبو العزّ بن كادش ، قراءة عليه ، أنا أبو الحسين محمّد بن محمّد بن علي بن عبد الله بن محمّد الورّاق ، قال : قرئ على أبي الحسن محمّد بن عمر بن بهتة البزاز قيل له : سمعت أبا بكر محمّد بن القاسم ابن الأنباري يقول : حدّثني أبي ، حدّثني أحمد بن عبيد ، أنا المدائني قال :

كان في ولد أبي سفيان رجل به وضح (٢) ومرض ؛ ذكر لعبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس أنه قال : أنا السفياني الذي يذهب ملك بني العباس على يده ، فطلبه عبد الله فتوارى ، فأمر عبد الله بإخراج نساء أبي سفيان والتماسه منهن. فلما هتك الحرم وافى باب عبد الله بن علي على بغل ومعه ابناه على فرسين م؟؟؟ ا؟؟؟ ن حد؟؟؟ (٣) فقال للحاجب : عبد الله هذا جالس؟ ولم يقل الأمير. قال : لا ، قال : أفتأذن في الجلوس إليك؟ قال : نعم ، فنزل ونزل ولداه ، فجلسوا مع الحاجب ، فنظر للحاجب فإذا أحسن خلق الله حديثا ، وأحلاهم كلاما ، فغلب على قلبه ، ثم عرف الحاجب جلوس عبد الله. قال : فدخل إليه ، وقال : أنا أذكرك له فقد أحببتك وملت إليك ثم خرج إليه ، فقال له : يقول : ما اسمك؟ فقال : قل له رجل يأتيك بما

__________________

(١) غير مقروءة بالأصل ، وقد تقدم في أول السند السابق.

(٢) الوضح : البرص.

(٣) كذا بالأصل بدون إعجام.

٢١٩

تحب ، فدخل إليه ثم خرج فقال : قال لي : فتّشه وأدخله ، فضحك ، فقال : ليس هذا الخبر قبلك ، فلمّا دخل قال له لمن دلّك على فلان ـ وذكر اسمه ـ من الجبابرة قال : حكمه. قال : فأنا فلان ، وهذان ابناي ، فما دعاك إلى أن برزت أسوق (١) بنات (٢) عمك يراهنّ أنباط الشام في طلبي؟ قال عبد الله : أتدري ما قال جابر؟ قال : لا ، قال : فإنه يقول (٣) :

جرد (٤) السيف وارفع السوط حتى

لا ترى فوق ظهرها أمويا

قال : إن شاعركم قال : لكم ما تحبون ، أفتدري ما قال شاعرنا؟ قال : لا ، قال : فإنه يقول (٥) :

شمس (٦) العداوة حتى يستقاد لهم

وأعظم الناس أحلاما إذا قدروا

وأنا أعلم إن حكمت بما لا تهواه أنك (٧) لا تجيز حكمي ، فتركتك قال : اقتلوه. قال : فإن كنت فاعلا فابني قبلي ، فقتلا ثم قتل من بعدهما ، رحمهم‌الله.

٩٢٢١ ـ شيخ من كتّاب بني أمية

حكى عن عبد الله بن سوار.

أخبرنا أبو العزّ السلمي ، مناولة وإذنا وقرأ علي إسناده ، أنا محمّد بن الحسين ، أنا المعافى بن زكريا ، نا محمّد بن الحسن بن دريد ، أنا أبو حاتم قال : سمعت بعض أصحابنا يحدّث عن عبد الله بن سوار ، قال :

كنت غلاما بين يدي يحيى بن خالد ، فدخل عليه شيخ ضخم جميل الهيئة فأعظمه يحيى وأقعده إلى جانبه وحادثه ثم قال له : ما بالكم كنتم تكتبون الكتب إلى عمّالكم في سائر أموركم فلا تطيلون ، وإنّما الكتاب بقدر الفضل من كتبنا ، ونحن نطيل إطالة لا يمكننا غير ذلك ، فقال : اعفني ، فأبى عليه إلّا أن يجيبه (٨) فقال : وأنت غير ساخط؟ قال : نعم ، قال : إن

__________________

(١) بدون إعجام ، وأسوق جمع ساق.

(٢) تحرفت بالأصل إلى : ثياب ، والمثبت عن مختصر ابن منظور.

(٣) البيت لسديف بن ميمون مولى أبي العباس السفاح مع بيت آخر في الأغاني ٤ / ٣٤٨ والكامل للمبرد ٣ / ١٣٦٦.

(٤) في الكامل للمبرد : فضع السيف.

(٥) البيت للأخطل ، وهو في ديوانه ص ١٠٦ (ط. بيروت) من قصيدة طويلة قالها يمدح عبد الملك بن مروان.

(٦) الشمس مفردها الشموس ، وهو الصعب العسير.

(٧) تقرأ بالأصل : «أهل» والمثبت عن مختصر ابن منظور.

(٨) تقرأ بالأصل : «كتبه» وهو خطأ ، والمثبت عن المختصر.

٢٢٠