تاريخ مدينة دمشق - ج ٦٨

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٦٨

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٨٦
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

أخبرنا أبو القاسم الكاتب ، أنا الحسن بن علي الواعظ ، أنا ابن مالك ، نا عبد الله ، حدّثني أبي (١) ، نا بهز ، نا حماد بن سلمة ، أنا يعلى (٢) بن عطاء أنه سمع شيخا من أهل دمشق ، أنه سمع أبا أمامة الباهلي يقول : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا دخل في الصلاة من الليل كبّر ثلاثا وسبّح ثلاثا وهلّل ثلاثا ثم يقول : «اللهمّ إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه وشركه» [١٣٦٧٦].

٩٠٩٢ ـ رجل من أهل دمشق

كان في عصر الصحابة ، له ذكر.

أنبأنا أبو محمّد ابن صابر السلمي. أخبرنا أبو القاسم بن أبي العلاء ، أنا علي بن الحسن الربعي ، نا أحمد بن عتبة بن مكين [نا محمّد](٣) بن جعفر بن ملاس ، نا إبراهيم بن يعقوب ، نا صفوان ، يعني ابن صالح ، نا ضمرة ، نا ابن شوذب ، عن أبي غالب صاحب أبي أمامة قال :

كنت بدمشق ورجل ينشد المال ورجل من التجار معي ، فقال : لقد ذهب لي مال ما مثله يرد ، قلت : على ذاك لو أتيناه فسألناه ، فأتيناه فسألناه فقال : قد وجدت مالا وهو في المنزل ، فذهب بنا إلى منزله ، فلما نظر التاجر إلى خرجه قال : ما لي. فدفعه إليه ، فقال صاحب المال : خذ منه ما شئت. [قال :](٤) لا أرزؤك منه شيئا ، وما عندي عشاء ليلة ، ولقد كنت من مالي في غنى. قال : فإذا هو قد لف الخرج بشريط وطرحه على حجارة في البيت ، وكان المال أربعين ألف دينار.

قال : قال أبو غالب : فقلت للتاجر : كيف كان أمر مالك؟ قال : أتيت باب الفرما (٥) فخشيت من العشّارين ، فوضعت الخرج على حمار وخليت سبيله ، فانطلق الحمار فلم أجده (٦).

__________________

(١) رواه أحمد بن حنبل في المسند ٨ / ٢٧٧ رقم ٢٢٢٣٩ طبعة دار الفكر.

(٢) تحرفت بالأصل إلى : علي ، والمثبت عن المسند.

(٣) زيادة لازمة منا للإيضاح ولتقويم السند.

(٤) زيادة منا اقتضاها السياق.

(٥) الفرما بالتحريك والقصر. مدينة على الساحل من ناحية مصر. وقيل هي مدينة قديمة بين العريش والفسطاط (معجم البلدان).

(٦) بالأصل : «أخذه» ولعل الصواب ما أثبت عن مختصر ابن منظور.

١٢١

٩٠٩٣ ـ رجل رحبي (١)

أظنه من أهل حمص.

سمع واثلة بن الأسقع بدمشق.

روى عنه العلاء بن عتبة اليحصبي.

أنبأنا أبو طاهر بن الحنائي ، أنبأ أبو علي الأهوازي ، قراءة. أخبرنا عبد الوهاب الكلابي ، أنا ابن جوصا ، ثنا عمرو بن عثمان ، نا الحارث بن عبيدة ، عن العلاء بن عتبة اليحصبي ، عن رجل من الرحبة ، أنه قعد في حلقة بدمشق فيها واثلة بن الأسقع الليثي فحدّث القوم ، فلما أرادوا أن يتفرقوا أخذوا في عيب عليّ حتى وصل ذلك إلى ذلك الرجل ، وكان آخر من أراد القيام ، فتناوله واثلة بثوبه فأقعده فقال له : أتعرف عليا ، هل رأيته؟ قال : لا ، قال : أفلا أحدّثك عن علي؟ قال : بلى ، قال : أتيت عليا أطلبه في منزله فلم أصبه ، فاستجابت لي فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالت : من تريد؟ قلت : أبا حسن ، قالت : الساعة يأتيك من هذه الناحية ، قال : فجاء علي والنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم معه يتوكأ عليه ، فدخل على فاطمة وحسن وحسين ، ثم دعا بمرط (٢) فغشّاهم به ، ثم قال : «اللهمّ هؤلاء أهلي» ثم قال : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)(٣) قال : قلت : يا رسول الله وأنا فاجعلني من أهلك ، قال : «وأنت» قال : فو الله ما عندي شيء أرجى عندي منها [١٣٦٧٧].

٩٠٩٤ ـ رجل من حجور (٤)

سمع أنس بن مالك بدير المرّان.

روى عنه ثور بن يزيد الرحبي.

أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد ، وحدّثني أبو مسعود المعدل عنه ، أنا أبو نعيم

__________________

(١) رحبي نسبة إلى رحبة ، لعله أراد رحبة دمشق وهي قرية من قرى دمشق ، بينهما مسيرة يوم. (معجم البلدان) أو من رحبة مالك بن طوق وهي بين الرقة وبغداد ، على الفرات (معجم البلدان) ، والأول أشبه.

(٢) المرط : كساء من خز أو صوف أو كتان.

(٣) سورة الأحزاب ، الآية : ٣٣.

(٤) حجور بالفتح. قرية يمانية ، سميت باسم حجور بن أسلم بن عليان بن زيد بن جشم بن حاشد ... بن همدان ، وفي غوطة دمشق قرية حجور من همدان التي تدعى عين ثرماء وفيها من قبائل اليمن. (راجع معجم البلدان : حجور ٢ / ٢٢٥) وغوطة دمشق لمحمد كردعلي (ص ١٦٧).

١٢٢

الحافظ ، نا سليمان بن أحمد ، نا أحمد بن محمّد بن يحيى بن حمزة ، نا محمّد بن عائذ ، نا الهيثم بن حميد ، نا ثور بن يزيد ، عن الحجوري قال : سمعت أنس بن مالك يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «الإيمان يمان إلى هذين الحيين من لخم وجذام وربيعة ومضر» [١٣٦٧٨].

كذا قال ، وقد اختصر متنه فأفسده.

أخبرناه أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو القاسم بن مسعدة ، أنا حمزة بن يوسف ، أنا ابن عدي (١) ، نا الفريابي ، ثنا محمّد بن عائذ الدمشقي ، نا الهيثم بن حميد ، ثنا ثور بن يزيد ، عن الحجوري قال : سمعت أنس بن مالك يقول : وسأله الوليد بن عبد الملك بدير المرّان : حدثنا حديثا سمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إن الإيمان يمان إلى هذين الحيين لخم وجذام ، وإن الكفر والجفاء في هذين الحيين ربيعة ومضر».

قال الوليد : قد سمعت هذا ، فحدثني غيره ، فصمت (٢) أنس.

٩٠٩٥ ـ شيخ كبير من أهل دمشق

كان في عصر الصحابة.

روى عنه حبان (٣) بن زيد الشرعبي.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني شفاها .......... (٤) عبد الله بن محمود البرزي ، وأبو عبد الله الحسين بن علي بن محمّد بن أبي الرضا الأنطاكي ، قالا : ثنا سعيد بن عبيد الله ابن أحمد بن محمّد بن فطيس ، ثنا المظفر بن برهان المقرئ ، أنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن سعيد بن فطيس ، نا إبراهيم بن عبد الرّحمن بن .... (٥) ، نا أبي ، نا الوليد ، أخبرني حريز ، عن حبان بن زيد قال : نفرنا مع صفوان بن عمرو ـ وكان واليا على حمص قبل الاق (٦) إلى الجراجمة ، فلقيت شيخا كبيرا من أهل دمشق على رحالة ، قد سقط حاجباه على عينيه ، فيمن أغاث ، فأقبلت فسلّمت عليه ، فقلت : يا عمّ ، لقد أعذر الله إليك ، قال : فرفع حاجبيه ، فقال :

__________________

(١) رواه ابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال ٢ / ١٠٤ في ترجمة ثور بن يزيد الكلاعي.

(٢) بالأصل : «فسمعت» خطأ ، والتصويب عن الكامل لابن عدي.

(٣) تحرفت بالأصل إلى : حيان ، وهو حبان بن زيد الشرعبي ، أبو خداش الشامي ، ترجمته في تهذيب الكمال ٤ / ٩٦.

(٤) كذا بياض بالأصل.

(٥) كلمة غير واضحة بالأصل.

(٦) كذا رسمها بالأصل.

١٢٣

يا ابن أخي ، إنّ الله استنفرنا خفافا وثقالا ، إنه من يحبه الله يبتليه ، ثم يعيذه فيقتنيه إنّما يبتلي الله من عباده من صبر وشكر وذكر ، ولم يعبد إلّا الله.

٩٠٩٦ ـ حرسي كان لمعاوية بن أبي سفيان

حدّث عن سهل بن الحنظلية (١).

روى عنه عبادة بن محمّد بن عبادة بن الصامت.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلص ، نا عبد الله بن محمّد ، نا داود بن رشيد ، نا حفص بن عمر ، يعني أبا سعيد الأنصاري الحلبي عن أبيه ، عن عبادة بن محمّد بن عبادة بن الصامت عن رجل كان في حرس معاوية قال : عرضت على معاوية خيل ، فقال لرجل من الأنصار يقال له ابن الحنظلية : يا ابن الحنظلية ما ذا سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول في الخيل؟ قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ، وصاحبها معان عليها ، والمنفق عليها كالباسط يده بالصدقة لا يقبضها» [١٣٦٧٩].

٩٠٩٧ ـ شاب من قريش

وفد على معاوية.

أنبأنا أبو محمّد بن صابر ، أنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا رشأ ، إجازة.

وأنبأناه أبو القاسم ، عن رشأ ، أنا الشريف أبو جعفر مسلم بن الحسين الجعفري ، نا أبو العباس أحمد بن الحسن بن إسحاق بن عتبة الرازي (٢) ، نا علي بن محمّد بن يونس الرقاشي ، قال : قال الأصمعي عبد الملك بن قريب :

خرجت ابنة لمعاوية بن أبي سفيان وجماعة من قريش جلوس ، فقال شاب من قريش : ما أكبر عجيزتها ، فدخلت إلى معاوية وهي تبكي ، فقال لها : ما يبكيك؟ قالت : سفل بي أحد القوم الذين بالباب ، فخرج معاوية وهو مغضب ، فقال : أيكم سفل بالصبية؟ فسكت القوم ، فأعادها ، فقال الشاب : أنا مازحتها يا أمير المؤمنين ، فقال معاوية : أما والله لقد رأيت أمك

__________________

(١) سهل ابن الحنظلية الأنصاري الأوسي ، له صحبة ، والحنظلية أمه وقيل : أم أبيه ، وقيل : أم جده ، وهو سهل بن عمرو ، ترجمته في تهذيب الكمال ٨ / ١٦٧.

(٢) ترجمته في سير الأعلام ١٦ / ١١٣.

١٢٤

وهي تصرف بصحنها فتؤذي جليسها وما نظرت نفسها ، وإنّي لأعلم قريش [بقريش](١) فقال له الرجل : مهلا فو الله إنّي لأعلم قريش بقريش ، فقال معاوية : واحدة بواحدة ، ولكم جوائزكم.

٩٠٩٨ ـ رجل من أهل البادية

وفد على معاوية في الكتاب الذي أخبرنا بنفعه أبو بكر محمّد بن أبي نصر ، أنا عبد الوهاب بن محمّد ، أنا أبو محمّد بن يوه ، أنا أبو الحسن اللنباني (٢) ، نا ابن أبي الدنيا ، حدّثني الفضل بن إسحاق ، أنا شبابة بن سوار (٣) الفزاري ، حدّثني علي بن عاصم ، عن عمارة ابن أبي حفصة ، عن عبد الله بن بريدة :

أن أعرابيا كان على عهد معاوية فقالت له امرأته وبناته : لو أتيت أمير المؤمنين فسألته وأخبرته بمالك ، لعل الله يرزقك منه شيئا ، قال : إنه ليس بيدي شيء ، فباعوا .... (٤) ومتاعا لهم ، وتجهّز حتى أتى معاوية ، فدخل عليه وقد نصب في الطريق ، فرأى جماعة الناس على معاوية ، فلم يقدر على كلامه ، فدار خلفه فقعد خلف السرير على متك بين وسادتين ، فجعل يخفق برأسه لما لقي من العناء في طريقه. قال ابن بريدة : والشيخ إذا كان قاعدا كان أكثر لنومه ، قال : فنام ، فتفرق الناس عن معاوية لما أمسوا ، وخرج للمغرب ، ثم رجع فتعشّى وخرج لصلاة العشاء ، والشيخ نائم لا يعلم ، حتى ذهب هويّ (٥) من الليل ، فدخل معاوية إلى أهله ، فانتبه الشيخ لمّا أصابه برد الليل ، فإذا هو بالسّرج وإذا ليس في البيت أحد غيره ، فقام فخرج إلى الدار ، فإذا الأبواب مقفلة ، فاسترجع وقال : إنا لله ، جئت أطلب الخير فالآن أؤخذ بظنّ أني حيث أغتال أمير المؤمنين. فجعل يطلب مكانا يختبئ فيه إلى أن يصبح فلم يجد ، فدخل تحت سرير معاوية ، فلما ذهب هويّ من الليل إذا معاوية قد أقبل ، شيخ ضخم البطن ، موشح بملحفة حمراء ، حتى قعد على السرير ، والشيخ ينظر وهو يسترجع في نفسه : الآن أقتل ، ثم قال معاوية : يا غلام ، فأتاه بعض الوصفاء فقال : انطلق إلى ابنة قرظة فادعها ،

__________________

(١) سقطت من الأصل وزيادة لازمة للإيضاح عن مختصر ابن منظور.

(٢) تحرفت بالأصل إلى : اللبناني ، بتقديم الباء.

(٣) تحرفت بالأصل إلى : «سول» والصواب ما أثبت ، وهو شبابة بن سوار الفزاري ، أبو عمرو المدائني ، ترجمته في تهذيب الكمال ٨ / ٢٦١.

(٤) غير مقروءة بالأصل.

(٥) هوي من الليل يعني ساعة منه.

١٢٥

فأتاها ، فقالت : لا أستطيع فردّه إليها ، فقال : عزمت عليك ، فجاءت تمشي ومعها جواري يسترنها ، حتى صعدت على السرير معه ، فطرب للجواري (١) فكلّمها معاوية ساعة ثم قال : عزمت عليك إلّا نزلت فمشيت ، ورمى عنها ثيابها ، وبقيت في درع رقيق من قزّ يستبين منه جميع جسدها. فمشت ، فقال : اقبلي ثم قال : أدبري ، فأدبرت والشيخ ينظر ، ثم أقبلت ، فإذا هي ببريق عين الشيخ من تحت السرير ، فصاحت ، وقالت : افتضحت ، وقعدت وتقنعت بيديها فقام معاوية إليها فقال : ما لك ويحك ، قالت : رجل تحت السرير ، فأدخل معاوية يده فأخذ برأسه فإذا شعيرات ، فجعل لا يقدر على أن يقبض على شعره ، فلمّا علم أنه شيخ كبير تركه ، ولبست ابنة قرظة ثيابها وانطلقت إلى بيتها ، وخرج الشيخ إلى معاوية فقال : يا أمير المؤمنين لينفعني عندك الصدق ، قال : هيه ، فقصّ عليه القصة ، فقال : لا بأس عليك ، وجعل معاوية يضحك وجعل يسائله ، فإذا أعرابي منكر لا يسأله عن شيء إلّا أخبره ، فلما أصبح دعا معاوية خصيا له فقال : خذ بيد هذا الشيخ فأدخله على ابنة قرظة فقل لها : إن هذا الشيخ الذي تخلّاك البارحة وللخلوة نحلة ، فأعطيه نحلته. فأدخله الخصي عليها ، فأخبرها بما قال معاوية ، فصاحت بالخادم ، فخرج ، وحبست الأعرابي وقالت : ويحك ما قصتك؟ فقصّ عليها القصة ، فأعطته وأوقرت راحلته ثيابا وغير ذلك ، وقالت له : إذا خرجت من عندي فلا تقيمن في هذه البلاد ، فإن رآك أحد بها نكّلت بك ، وخافت أن يقيم ، فكلما ذكره معاوية دعاه ، وذكر له ما كان ، ثم قالت لغلام لها : انطلق فاحمله على الراحلة ، وما معه ، ثم انخس به حتى تخرجه من هذه الأرض ، فانطلق الأعرابي ، وقد أصاب حاجته.

٩٠٩٩ ـ مولى لشقيق أو ابن شقيق

من أهل البصرة ، قدم على معاوية ، له ذكر.

أخبرنا أبو سهل بن سعدويه ، أنا أبو الفضل الرازي ، أنا جعفر بن عبد الله ، نا محمّد ابن هارون ، نا محمّد بن بشار ، نا عبد الوهاب ، نا أيوب ، عن محمّد قال :

كان الذي بين شقيق بن عبد الله وبين عبد الله بن شقيق حسّ (٢) ، فأخذ له زياد ساجا (٣) بثلاثين ألف درهم فبعث شقيق غلاما له إلى معاوية وقال : إن أتيتني منه بكتاب فأنت حرّ ،

__________________

(١) تقرأ بالأصل : «ينظرون الجواري» والمثبت عن مختصر ابن منظور.

(٢) حسّ أي شرّ.

(٣) بالأصل : ساج ، خطأ.

١٢٦

فبلغ ذلك زيادا ، فأخذ بالرّصد. قال : فأراه قطع النهر بالسباحة ، فأتى معاوية ، فأخذ منه كتابا إلى زياد بردّ ذلك المال. وكان زياد بالكوفة وخليفته سمرة بن جندب (١) على البصرة ، فلما قدم على زياد كتب له إلى سمرة فقال : أصلحك الله ، عتقت مرتين ، ولم أعتق. قال : كيف ذاك؟ قال : أعتقني مولاي وأعتقني أمير المؤمنين وأقدم على سمرة فيقتلني. قال : أما والله إن كنت لأرجو أن اشتفي منك. قال : فكتب له إلى سمرة ، فلما قدم زياد خيره شقيق أو ابن شقيق بين ثلاثين ألفا وبين آنية من فضة ، فاختار الآنية ، قال : فقدم تجار من دارين (٢) فباعهم إياها بالعشر ثلاثة عشر ، ثم لقي أبا بكرة (٣) فقال : ألم تر كيف غبنتهم؟ قال : وكيف؟ قال : فذكر له ذلك ، قال : أقسمت لتردّنّها فإني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ينهى عن مثل هذا.

٩١٠٠ ـ رجل من بني المصطلق من خزاعة

شهد عند معاوية لزياد أنه ابن أبي سفيان ، تقدم ذكره في ترجمة زياد بن أسامة الحرمازي.

٩١٠١ ـ رجل شيخ كان يشبّه بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم

ويدخل على معاوية فيقوم له ويكرمه

قرأت على أبي محمّد عبد الكريم بن حمزة ، عن عبد العزيز بن أحمد ، ثنا أبو الحسين عبد الوهاب بن جعفر الميداني ، نا أحمد بن علي بن عبد الله الحافظ ، حدّثني عيسى بن أبي سليمان الأندلسي ، نا محمّد بن عبد الله البصري ، نا سهل بن محمّد ، نا العتبي محمّد بن عبيد الله البصري (٤) ، عن أبيه قال :

كان معاوية بن أبي سفيان يقوم لشيخ في منزله إذا دخل عليه ، فقيل له : أتقوم لهذا الشيخ وأنت أمير المؤمنين؟ قال : نعم ، لأنّي رأيت فيه مشابها من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأنا أقوم لذلك لا له.

وهذا الرجل هو كابس بن ربيعة ، وقد تقدم ذكره في حرف الكاف.

__________________

(١) هو سمرة بن جندب بن هلال ، أبو سعيد ، له صحبة ، نزل البصرة ترجمته في تهذيب الكمال ٨ / ١٣٦.

(٢) دارين : فرضة بالبحرين يجلب إليها المسك من الهند (معجم البلدان).

(٣) أبو بكرة نفيع بن الحارث الثقفي الطائفي ، له صحبة ، ترجمته في سير الأعلام ٣ / ٥.

(٤) هو محمد بن عبيد الله بن عمرو بن معاوية ، أبو عبد الرحمن البصري الأموي ترجمته في سير الأعلام ١١ / ٩٦.

١٢٧

٩١٠٢ ـ رجل من بني عمرو بن شيبان

كان عند معاوية حين ادّعى زيادا ، وكان فيمن شهد لزياد أنه ابن أبي سفيان ، تقدم ذكره في ترجمة زياد بن أسامة الحرمازي.

٩١٠٣ ـ رجل قاصّ من أهل الأردن

وفد على معاوية.

حكى عنه أبو عبيد الله مسلم بن مشكم.

أنبأنا أبو طالب عبد القادر بن محمّد بن يوسف ، أنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي الأزجي ، نا الحسن بن جعفر بن (١) الوضاح السمسار ، نا أبو بكر جعفر بن محمّد بن الحسن الفريابي ، نا عبد الرّحمن بن إبراهيم ، نا محمّد بن شعيب ، أخبرني يزيد بن أبي مريم ، ثنا أبو عبيد الله (٢) قال :

كنا مع معاوية بالجابية ، وكان يخرج إليها أبان العشب ، وفينا رجل يقصّ علينا من أهل الأردن ، إذ قام رجل من ناحية الناس فقال : ألا أخبركم بكلم يهتز لها عرش الرحمن وشجر الجنّة قلنا : بلى ، قال : لا إله إلّا الله ، وحده لا شريك له ، بيده الخير ، وهو على كل شيء قدير ، يهتز لها عرش الرحمن وشجر الجنة ، ثم قال في أثر ذلك : سبحان الله وبحمده ، ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي الكبير ، أعوذ بوجه الله الكريم من عذابه الأليم.

٩١٠٤ ـ رجل من بني تيم الله بن ثعلبة

من أهل البصرة.

وفد على معاوية ، له ذكر.

أنبأنا خالي أبو المعالي محمّد بن يحيى ، أنبأ سهل بن بشر ، أنا محمّد بن الحسين بن أحمد بن السري ، أنا الحسن بن رشيق ، نا يموت (٣) بن المزرع ، نا محمّد بن حميد ، نا أبو عبيدة معمر بن المثنّى قال :

__________________

(١) هو الحسن بن جعفر بن محمد بن الوضاح ، أبو سعيد السمسار البغدادي الحرفي ، ترجمته في سير الأعلام ١٦ / ٣٦٩.

(٢) يعني مسلم بن مشكم الخزاعي أبو عبيد الله الدمشقي ترجمته في تهذيب الكمال ١٨ / ٩٠.

(٣) تحرفت بالأصل إلى : لون.

١٢٨

أوفد زياد إلى معاوية وفدا من أهل البصرة فيهم رجل من بني تيم الله (١) بن ثعلبة من بكر بن وائل ، فلمّا دخلوا على معاوية قام التيمي ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : يا أمير المؤمنين إنّ السامع المطيع (٢) لا حجة عليه ، وإن السامع العاصي لا حجة عليه ، وإن الله إذا أراد بقوم خيرا ولي أمرهم علماؤهم ، وقضى بينهم فقهاؤهم ، وجعل الأموال في سمحائهم ، وإذا أراد بقوم سوءا ولي أمرهم سفهاؤهم وقضى في الأحكام جهلاؤهم وجعل الأموال في بخلائهم ، قال : فأحفظ معاوية ، ثم دعا له على رءوس الناس بعطية جزيلة ، فقال : خذها يا أخا بني تيم ، أبخيل أنا؟ فقال : سبحان الله إذ لم تكن بخيلا فأخاف أن تكون مبذرا ، أو لكلّ الناس أعطيت كما أعطيتني؟ قال : لا ، ولا يمكن هذا ، فقال التيمي : فاجعل (٣) نصيبي في هذا الفيء أكثر من نصيب رجل من المسلمين. ففرّق (٤) في ذلك الوفد معاوية مالا عظيما ، وأمرهم بالشخوص إلى بلدهم ، وكتب إلى زياد : لا تزال توجّه إليّ الرجل بعد الرجل فيقف بين يدي مؤنبا ، أولى لك. فلمّا قرأ الكتاب زياد قال : عليّ نذر لأصلبن التيمي على أربع جذوع ، ثم جعل ينتظر قدومه يوما يوما ، ويعدّ له المراحل حتى انتهى التيمي إلى بعض المنازل ، فمات به ، وبلغ زيادا موته فبعث إلى ابن أخ له من أهل البصرة فقال : عمّك الحروري يؤنب أمير المؤمنين؟ فقال الفتى : والله أيها الأمير ما استأمرتني فيه حين أردت توجيهه ولا ضمنت لك سقطة إن جاءت على لسانه ، ولو انتخبته بعلمك واخترته برأيك ، فإن جاءتك فلا عليك بل على نفسه ، وبعد ، فمهما كنت صانعا به ـ أيها الأمير ـ لو ظفرت به أهو أكثر من أن تقتله؟ فقد قتله الله وكفاك أمره ، فقال زياد : يا سلم ، انطلق به ، فاحتبسه الليلة حتى ينكّل به غدا على رءوس الناس. فدفعه سلم (٥) إلى غلام له فقال : امض به إلى الحبس (٦) ، فمضى به الغلام ، فلمّا كانوا في بعض الطريق أفلته الفتى ، وفرّ هاربا وأنشأ يقول :

وأيقنت أني إن تلبثت (٧) ساعة

على باب سلم (٨) سار جسمي إلى قبري

__________________

(١) بالأصل : «تيم الكلاب» كذا ، راجع جمهرة ابن حزم ص ٣١٥.

(٢) تحرفت بالأصل إلى : الطبع.

(٣) كذا بالأصل.

(٤) بالأصل : فعرف ، ولعل الصواب ما أثبت.

(٥) بالأصل هنا : سالم.

(٦) تحرفت بالأصل إلى : الجيش.

(٧) تقرأ بالأصل : بليت ، والمثبت «تلبثت» عن مختصر ابن منظور.

(٨) بالأصل : سالم.

١٢٩

جميعا وشتى مدرجا في عباءة

فرأسي بعيد وهو أقرب من شبر

وجاء البخاريون يبتدرونني

عيون لهم خزر توقّد كالجمر

عكوف على الأبواب من يؤمروا [به](١)

فليس براء أهله آخر الدهر

عشية يدعوهم دويد ومن يجب

دويدا فقد لاقى العظيم من الأمر

ولله أيام أتين ثلاثة

غلبن علينا القوم من كل ذي صبر

تحدر فيهن المنايا تحدّرا

كأن دماء القوم من راحهم تجري

وكان زياد تواعد الناس بالقتل في ثلاثة أيام ، فقتل منهم خلقا كثيرا ، قال يموت : دويد هذا رجل كان من البخاريين على عذاب زياد.

٩١٠٥ ـ رجل من كلب

بعثه معاوية إلى علي بن أبي طالب (٢) عن قضية وقعت بالشام ، له ذكر.

أخبرنا أبو سهل محمّد بن إبراهيم بن محمّد ، أنا عبد الرّحمن بن أحمد بن الحسن ، أنبأ جعفر بن عبد الله بن يعقوب ، أنا أبو بكر محمّد بن هارون الروياني ، نا خالد بن يوسف ابن خالد أبو الربيع السمتي ، نا أبو عوانة ، نا سماك (٣) عن حنش بن المعتمر :

أن رجلا من أهل الشام قتل امرأته ، فأخذه والدها فرفعوه إلى معاوية فلم يدر ما يقول فيها ، فأرسل أعرابيا من كلب إلى علي بن أبي طالب فأخبره خبرها فقال : إن شاء أهل المرأة أدوا إلى الرجل ديته ثم قتلوه ، وإن أحبوا أخذوا من القاتل نصف الدية ، وإنّما هما امرأتان برجل.

٩١٠٦ ـ رجل من كلب

شاعر كان في عصر معاوية.

حكى عيسى ابن لهيعة بن عيسى الحضرمي عن أبي خالد علوان بن داود البجلي ، ولم يدركه ، عن أدهم بن محرز الباهلي ، قال :

أجرى معاوية الخيل وفيها فرس له يقال له سالم فقال معاوية :

__________________

(١) زيادة عن المختصر.

(٢) غير واضحة بالأصل ، والمثبت يوافق سياق الخبر التالي.

(٣) تحرفت «نا سماك» بالأصل إلى : «باسما» ، والصواب ما أثبت راجع ترجمة سماك بن حرب البكري الكوفي في تهذيب الكمال ٨ / ١٢٨.

١٣٠

رأيت لسالم خيرا وشرا

فلا أدري لأيهما يصير

فقال رجل من كلب من أهل البادية وكان له فرس في الحلبة يقال له المستنير : ائذن لي يا أمير المؤمنين أجبك ، وأعطني الأمان ، قال معاوية : قد فعلت ، فقال الأعرابي :

تصير إلى التي أشفقت منها

إذا ما قيل جاء المستنير

فجاء فرس اعرابي سابقا ، فقال له معاوية : ويحك يا أعرابي ، لقد جئت بفأل له شأن ، وأعطاه سبقه أربعة آلاف درهم.

٩١٠٧ ـ رجل من المعمّرين

من أهل نجران ، اليمن.

وفد على معاوية.

أنبأنا أبو محمّد بن السمرقندي ، نا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا الحسين بن صفوان.

أنبأنا أبو العلاء حمد بن مكي بن حسنويه القاضي بزنجان ، نا أبو سهل غانم بن محمّد ابن عبد الواحد بن عبيد الله الأصبهاني إملاء ، ثنا أحمد بن جعفر بن محمّد الفقيه ، نا عبد الله ابن محمّد بن أحمد السلمي ، نا أحمد بن محمّد بن عبيد ، نا الحسين بن عبيد ، نا الحسين بن علي بن عبد الله البزار ، عن علي بن عيّاش الحمصي ، نا إسماعيل بن عيّاش (١) ، عن عبد الرّحمن البجلي وغيره قالوا :

قدم على معاوية رجل من نجران ، يقولون : له يوم قدم عليه ما مائتا سنة ، فسأله عن الدنيا فقال : سنيات بلاء ، وسنيات رخاء ، يوم فيوم ، وليلة فليلة ، يولد مولود ، ويهلك هالك ، فلو لا المولد (٢) باد الخلق ، ولو لا الهالك ضاقت الدنيا بمن فيها ، فقال له : سل ، فقال : عمر مضى فتردّه ، وأجل حضر فتدفعه (٣) قال : لا أملك ذلك ، قال لا حاجة لي إليك ثم قال (٤) :

__________________

(١) تحرفت بالأصل إلى : عباس.

(٢) بالأصل : «المولود ياد أو الخلق» والمثبت عن مختصر ابن منظور.

(٣) بالأصل : فرفعه ، والمثبت عن مختصر ابن منظور.

(٤) الأبيات في تاج العروس : دهر ـ طبعة دار الفكر ـ ونسبها أبو عمرو بن العلاء لرجل من أهل نجد ، ونقل عن ابن بري أنها لعثير بن عبيد العذري ، وقيل : هو لحريث بن جبلة العذري ، ونسبها في البصائر لأبي عيينة المهلبي.

١٣١

استرزق الله خيرا وارضينّ (١) به

فبينما العسر إذا دارت مياسير

وبينما المرء في الأحياء مغتبط

إذ صار رمسا تعفيه الأعاصير

كأنه لم يكن إلّا تذكّره

والدهر أهلكنا منه الدهارير (٢)

٩١٠٨ ـ رجل شاب من غسان

بعثه معاوية إلى ملك الروم.

قرأت على أبي محمّد بن حمزة ، عن عبد العزيز بن أبي طاهر ، أنا عبد الوهاب الميداني ، أنا أبو عبد الله محمّد بن عبد الله بن أبي الخطاب الملطي ، قدم علينا ، نا أبو الحسن مزاحم بن عبد الوارث بن إسماعيل بن عباد البصري العطار ، نا محمّد بن زكريا الغلابي ، نا محمّد بن عبيد الله الجشمي ، نا الهيثم بن عدي ، عن عبد الله بن عياش ، عن الشعبي قال :

كان أول من سمر من الخلفاء ، واتّخذ له أقوام معاوية ، وكان ملك الروم في زمانه فوق ابن مورق بن هرقل بن قيصر بن فوق بن مورق بن الأصفر ، وكان معاوية يقول : ما أردت بالشام شيئا قط إلّا ظننت أنه معي ، وكان ملك الروم يقول مثل ذلك. فسمر معاوية ذات ليلة ثم أوى فراشه فأرق فامتنع منه النوم ، فأراده فلم يستطعه ، حتى أسحر ، فسمع أصوات النواقيس فآذته ، فلم يزل يتململ على فراشه حتى أصبح ، فلمّا صلى الفجر أمر بسريره فأبرز إلى المسجد ونادى في الناس : الصلاة جامعة ، فلمّا اجتمعوا أمر مناديا فنادى : من يبيعني نفسه؟ فقام شاب من غسان فقال : أنا يا أمير المؤمنين. فقال : بكم؟ فقال : بثلاث ديات : إما دية فلي ، وإما دية فاخلفها لأهلي ، وإما دية فاشتري لهم بها ضيعة. فأعطاه أربعة آلاف دينار. ثم قال : قد أجلتك ثلاثا فتهيّأ وافرغ من حوائجك ثم ائتني ؛ ففعل ، فإذا كتاب بين يدي معاوية إلى ملك الروم ، فقال انطلق بهذا إلى صاحب الروم ، فإنك تجوز من موضع كذا إلى كذا ، ومن كذا إلى كذا حتى تنتهي إلى الخليج ، فتحبس يوما ثم تجوز ثم تحبس يوما ، ثم تدخل عليه وهو جالس على سريره وبطارقته حوله وقد وضع تاجه على رأسه ، فإذا عاينته (٣) فضع لنا كتابك ثم أدخل يديك (٤) في أذنيك ، فأذّن وقل : الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله

__________________

(١) الأصل : وارفي ، والمثبت عن تاج العروس.

(٢) في تاج العروس : والدهر أيّتما حين دهارير.

(٣) بالأصل : ينته ، والمثبت عن المختصر.

(٤) كذا وفي المختصر : إصبعيك.

١٣٢

إلّا الله ، أشهد أن محمّدا رسول الله حتى تفرغ قال : فخرج الغساني قال : فو الذي لا إله غيره لكأنّ معاوية كان معه في كل ما كان ، حتى أدخلت عليه ، وهو على سريره وتاجه على رأسه وبطارقته (١) عنده فلما عاينته وضعت كتابي ثم رفعت صوتي بالآذان ، فانتضوا سيوفهم ثم أقبلوا نحوي ، ووثب عن سريره ، يخصر حتى كان بيني وبينهم ، فاستدبرني واستقبلهم ثم قال : أفّ لكم ، كنت أظنه يقاس برأيكم ، فإذا رأيكم قد عجز عنكم ، ارجعوا ، فما رجعوا إلّا بعد شرّ (٢) ، فلما عادوا إلى مجالسهم قال : أتدرون ما قصة هذا؟ قالوا : لا ، قال : تجدون معاوية أرق فسمع أصوات النواقيس فآذنه ، وقد علم أن النصارى بالشام لهم أنصاف منازل المسلمين ، وأنصاف مساجدهم ، وقد عاهدهم على ذلك من هو أفضل منه من أهل دينه ، فلم يستطع نقضه ، فقال : من يبيعني نفسه ، فتجدون هذا اليابس ولم يأخذ لنفسه ثمنها؟ فوجهه وأمره بما سمعتم لتستحلوا به قتله ويستحل بذلك قتل من بالشام من النصارى ، وهدم كنائسهم. قال : يقول الغساني : والذي لا إله غيره ما علمت ما أراد بي معاوية إلّا تلك الساعة. قالوا : أيها الملك ما تصنع به؟ قال : فنحسن جائزته ونرد جواب (٣) كتبه ونمضيه إلى صاحبه. فما أتت على معاوية إلّا ثمانية وأربعين ليلة حتى إذا للغساني عنده فلمّا رآه معاوية قال : أفلت وانحصّ الذّنب (٤) قال : يا أمير المؤمنين إنك والله عرضتني للقتل قال : أما والذي لا إله إلّا هو لو قتلك ما تركت فيما بين العريش إلى الفرات نصرانيا إلّا قتلته ، وسبيت ذريته ، ولا كنيسة إلّا هدمتها ، ولكن اللعين كان أوفى بالذمة (٥).

٩١٠٩ ـ رجل كان في زمان معاوية

ولقّب أمّ عمّار ، له ذكر.

أنبأنا أبو بكر محمّد بن طرخان بن بلبكين ، أنا أبو الفضائل محمّد بن أحمد بن عبد الباقي بن طوق قال : قرئ على أبي القاسم عبد الله بن علي بن عبيد الله الرقي ، نا أبو أحمد

__________________

(١) بالأصل : وبطارقة.

(٢) بالأصل : الأسر.

(٣) بالأصل : جوابان.

(٤) قول : أفلت وانحص الذنب. مثل. في النهاية : أفلتّ ، وفي اللسان : أفلت. يضرب المثل لمن أشفى على الهلاك ثم نجا. وقال أبو عبيد : يضرب في إفلات الجبان من الهلاك بعد الإشفاء عليه.

(٥) بالأصل : «بالمدينة» والمثبت عن مختصر ابن منظور.

١٣٣

عبيد الله بن محمّد بن أبي مسلم ، أنا أبو عمر محمّد بن عبد الواحد الزاهد ، أنا ثعلب ، عن ابن الأعرابي ، عن رجاله ، عن ابن عياش قال :

خطب معاوية ـ وكان خليفة ـ فقال في خطبته ، ولم يتم البيت لأنه كان على المنبر (١) :

إذ الناس ناس (٢) والزمان بعزّة (٣)

وأعادها ، ولم يتم البيت لأنه على المنبر ، فظنّ بعض العامة أنه أشكل (٤) عليه البيت ، وأنه يريد من يتممه له فقام قائما فقال :

وإذ أمّ عمار صديق مساعف

قال : فقال له : اسكت يا أمّ عمّار ، ما أردنا هذا منك. قال فبقي عليه لقبا ، فكان إذا مرّ بالصبيان صاحوا يا أمّ عمّار ، يا أمّ عمّار ، حتى رمي بالآجر.

٩١١٠ ـ أعرابي

حدث له مع معاوية محاورة ، وحكى (٥) عنه.

قرأت على أبي محمّد عبد الله بن أسد بن عمار ، عن عبد العزيز بن أحمد ، أنا أبو الحسين عبد الوهاب بن جعفر الميداني ـ ونقلتها من خطه ـ حدّثني أحمد بن علي الحافظ ، أنا أبو العباس عيسى بن يحيى النحوي ، أنا القاسم بن بشّار (٦) الأنباري ، نا عبد الله بن رستم البصري ، نا محمّد بن قادم النحوي ، عن أبان بن ثعلب ، قال :

خطب معاوية يوما فقال في خطبته : إنّ عاملا لنا بمكان كذا وكذا كتب إليّ يذكر أن بني قشير كان منهم إليه أمر ، لهمت أن أجد من كان منهم في البر (٧) فأحمله في البحر في السفن ، ثم أحرقها عليهم ، فلا أبقي منهم أحدا. فقام إليه أعرابي من عرض الناس عليه عباءة يرفعها من جانب وتسقط من آخر ، فقال : يا معاوية ، أما والله لو أردت ذلك لجاءك مائة ألف أمرد

__________________

(١) البيت لأوس بن حجر ، ديوانه ط صادر ص ٧٤.

(٢) بالأصل : يأتين ، والمثبت عن الديوان.

(٣) بدون إعجام بالأصل ورسمها : «بعرة» وفي المختصر : «بغرة» والمثبت عن الديوان.

(٤) بالأصل : «أشول» والمثبت عن المختصر.

(٥) في المختصر : وحلم.

(٦) تحرفت بالأصل إلى : يسار.

(٧) تحرفت بالأصل إلى : أكثر ، والمثبت عن المختصر.

١٣٤

على مائة ألف أجرد ، فجعلوا صدرك (١) ترسة لرماحهم (٢) فقال : اسكت أيها الغراب الأبقع (٣). فقال : إن الغراب الأبقع يحجل إلى الرّخمة البيضاء ، فينقر رأسها ، ويستخرج دماغها ، فيأكله فأعرض عنه معاوية وأخذ في خطبته ، فقال له عمرو بن العاص : يا أمير المؤمنين ، ما هذه الاستكانة؟ أما رأيت ما قال لك؟ فقال : يا أبا عبد الله ، والله لنخلي بينهم وبين ألسنتهم ما خلّوا بيننا وبين ملكنا.

٩١١١ ـ رجل من كنانة

أو من بكر بن وائل ، حدث له محاورة مع معاوية.

أخبرنا أبو بكر بن كرتيلا ، أنا أبو بكر الخياط ، أنا أبو الحسين بن السّوسنجردي (٤) ، أنا أبو جعفر أحمد بن أبي طالب علي بن محمّد الكاتب ، حدّثني أبي ، حدّثني أبو عمرو محمّد بن مروان السعدي ، حدّثني يوسف بن موسى ، نا عبد الله بن حشف (٥) ، حدّثني محمّد بن أحمد النرسي ، عن أبيه قال :

خطب معاوية بن أبي سفيان الناس فقال : أيها الناس إن أمير المؤمنين عثمان بن عفان ولّاني بعض ما ولّاه الله عليه ، فو الله ما خنت ، ثم وليت الأمر فيما بيني وبين الله عزوجل ، فهل ترون خللا (٦)؟ قال : فوثب رجل من كنانة (٧) أو من بكر بن وائل فقال : نعم والله يا معاوية خللا كخلل (٨) المنخل قال : فقال : اقعد ، أقعد الله رجليك ، كأني بك وقد ارتبطت عشر أعنز في مثل حافر عير معهن تيس تحتلبهن. قال : والله إن قلت ذاك ، إن ثمّ (٩) لحسبا غير ذميم ، والله ما قتلت نفسا (١٠) حراما ولا أكلت مالا (١١) حراما [أنت أذل وأخزى من

__________________

(١) تحرفت بالأصل إلى مدرك ، والمثبت عن المختصر.

(٢) بالأصل : لرماهم ، والمثبت عن المختصر.

(٣) الغراب الأبقع : الذي فيه سواد وبياض.

(٤) بدون إعجام بالأصل ورسمها : «السوسعوري» والمثبت والضبط عن الأنساب وهذه النسبة إلى : سوسنجرد ، قرية بنواحي بغداد.

(٥) كذا رسمها بالأصل ، ولم أتبينه ، ولعلها : خبيق.

(٦) اللفظة غير واضحة بالأصل ونميل إلى قراءتها : «حالا» والمثبت عن مختصر ابن منظور.

(٧) اللفظة غير مقروءة بالأصل ، والمثبت عن المختصر.

(٨) بالأصل : «حالا كحال». والمثبت عن المختصر.

(٩) بالأصل : «إنك» والمثبت : «إن ثم» عن المختصر.

(١٠) تقرأ بالأصل : بغتة ، والمثبت عن المختصر.

(١١) بالأصل : «الا» والمثبت عن المختصر.

١٣٥

ذلك ، اسكت ، دقّ الله فاك ، قال : لا ، بل أذهب حيث لا أرى شخصك ولا أسمع صوتك. قال : أبعد وأبعد. قال : لئن طرت بك لأطيرن بك طيرة بعيدا وقوعها. قال](١) الأعرابي : فهل إلّا إلى الله ، ثم تقع يا معاوية ، وأنا أستغفر الله.

٩١١٢ ـ رجل وفد على معاوية فلقي الخضر عليه‌السلام

أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد المالكي ، وأبو الحسن علي بن المسلم الشافعي ، قالا : أنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنا جدي أبو بكر ، أنا أبو بكر الخرائطي ، نا إبراهيم بن هانئ ، نا أصبغ بن الفرج المصري ، نا عبد الله بن وهب.

ح وأخبرنا أبو المظفر بن القشيري ، وأبو القاسم تميم بن أبي سعيد ، قالا : أنا أبو عثمان سعيد بن محمّد بن أحمد ، أنا أبو العباس محمّد بن أحمد بن محمّد السليطي ، نا عبد الله بن محمّد بن مسلم الإسفرايني ، نا يونس بن عبد الأعلى ، أنا ابن وهب قال : حدّثني ـ وفي حديث الخرائطي : عن ـ عمر بن محمّد ، عن مسلم بن أبي مريم قال :

خرج رجل إلى معاوية ـ زاد الخرائطي : ابن أبي سفيان ـ فلقي الخضر ، فقال له : لعلك تريد هذا الرجل؟ قال : نعم ، قال : فإذا أردت الدخول عليه فتوضّأ ثم صلّ ركعتين ، ثم قل : اللهمّ اجعل بدو يومي هذا صلاحا وأوسطه فلاحا وآخره نجاحا ، وأسألك باسمك ـ زاد ابن مسلم (٢) : الأحد ، وقالا : ـ الكبير الوتر (٣) المتعال ، ثم سل حاجتك ؛ فدخل الرجل على معاوية ، ونسي أن يصنع ما أمر به ، فلم يلتفت إليه ـ زاد ابن مسلم : معاوية ، قالا : ـ فلمّا كان بعد صنع الذي أمر به فقال معاوية : سحرتني والذي نفسي بيده ، لقد جئتني وما أريد أن أعطيك شيئا ، فأخبره بالذي قيل له ، فأعطاه وأحسن إليه.

٩١١٣ ـ رجل دخل على معاوية بعد طول مقامه ببابه وقال في ذلك شعرا

أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع ، أنا أبو عمرو بن مندة ، أنا الحسن بن محمّد بن أحمد ، أنا أحمد بن محمّد بن عمر ، نا ابن أبي الدنيا ، حدّثني المفضل بن غسان ، نا روح بن الزبرقان الثقفي :

__________________

(١) ما بين معكوفتين مكانه بياض بالأصل ، استدركت الفقرة عن مختصر ابن منظور.

(٢) يعني «عبد الله بن محمد بن مسلم الإسفرايني» نسبة إلى جده.

(٣) ليست في مختصر ابن منظور.

١٣٦

أن رجلا طال مقامه بباب معاوية ، ثم أذن له ، فقال : يا أمير المؤمنين انقطعت إليك بالأمل ، واحتملت جفوتك بالصبر ، وليس لمقرب أن يأمن وليس لمباعد أن يأنس (١) ، وكلّ صائر إلى حظه من رزق الله ، فقال معاوية : هذا كلام له ما بعده ، فأمر بعهده له إلى فلسطين فقال الرجل :

دخلت على معاوية بن حرب

وكنت وقد يئست من الدخول

وما أدركت ما أمّلت (٢) حتى

حللت محلة الرجل الذليل

وأغضيت العيون على قذاها

ولم أنظر إلى قال وقيل

٩١١٤ ـ رجل من كلب

دخل على معاوية.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن محمّد بن علي ، أنا أبو بكر محمّد بن علي بن محمّد ، أنا أبو الحسين أحمد بن عبد الله ، أنا أحمد بن أبي طالب علي بن محمّد ، حدّثني أبي ، حدّثني أبو عمرو محمّد بن مروان بن عمر ، حدّثني يوسف بن موسى المرورّوذي ، نا عبد الله بن خبيق ، حدّثني محمّد بن أحمد القرشي قال :

دخل رجل من كلب على معاوية فقال : يا أمير المؤمنين إن لي في بيت مال المسلمين حقا ولي رحم ، فقال : أما ما ذكرت فيما لك في بيت مال المسلمين فقد صرفناه (٣) ، وأما رحمك فما هي؟ قال : إنّ أم إلياس بن مضر كانت امرأة من كلب ، قال : فقال معاوية : وأبيك (٤) ، لقد منت برحم بعيدة ، وعنده ابن عباس ، فقال : لا تقل ذلك يا أمير المؤمنين ، فإنّي سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إن الله ليعذب على قطيعة الرحم التي تلقاك إلى ثلاثين أبا» قال : فقال له : الله عليك ، لقد سمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ قال : سل حاجتك. قال : مائة ألف أشتري بها دارا. قال : هي لك ، قال : مائة ألف أقضي بها تجارا. قال : هي لك ، قال : مائة ألف أشتري بها عقارا ، قال : هي لك ، قال ابن الأعرابي : يا أبه ، أبرمت أمير المؤمنين. قال : فنتف رأسه بيده ثم قال : اسكت ، إنما أمير المؤمنين كما قال خال بني جبار :

__________________

(١) كذا بالأصل ، ولعل الصواب : ييأس.

(٢) بالأصل : «أحب» والمثبت لتقويم الوزن عن المختصر.

(٣) كذا ، وفي المختصر : عرفناه.

(٤) بدون إعجام بالأصل واللفظة غير واضحة ، والمثبت عن مختصر ابن منظور.

١٣٧

نميل على جوانبه كأنا

إذا ملنا نميل على أبينا

نقلبه لنخبر حالتيه

فنخبر منهما كرما ولينا

٩١١٥ ـ رجل من همدان شاعر

قدم على معاوية.

حكى عيسى بن لهيعة بن عيسى بن لهيعة بن عقبة الحضرمي المصري عن عيسى بن داب ، عن عبد الملك بن نوفل بن مساحق قال :

كان لمعاوية فرس يقال له البشير ، قد سبق عليه سوابق أهل الشام ، فقيدت إليه في خلافة عثمان أفراس العرب في حلبة قد استعدّ لها معاوية ، وقدم رجل من مدد همدان ، فرأى الناس يحلفون (١) نحو الحلبة فقال لهم : ما هذا؟ فأخبر فبادر إلى معاوية بفرس له يقال له المستطير ، قدم راكبا عليه من اليمن ، فقال أيها الأمير ، قدمت الساعة من شبام (٢) على فرسي هذا ، وهو يعجبني ، فسمعت بهذه الحلبة ، فأسرعت به ، فقال له معاوية : فرسك مخبّل (٣) وليس بمخبّل ، وهو بعد نضي (٤) وجيّ (٥) فقال : أنشدك الله يا ابن الكرام ، فأمر بفرسه فختم وأنفذ مع الخيل إلى المقوس (٦) ، وقعد معاوية يتشوّف (٧) لها ثم أنشأ يقول :

أخاف على البشير وأتقيه

فما أدري إلى ما ذا يحور

فقال الهمداني : أتأذن لي في جواب ما قلت أيها الأمير؟ قال : هات ، لله أبوك ، فقال :

يحور إلى التي أرجو سناها

إذا ما قيل هذا المستطير

فضحك معاوية وصاح الناس : الخيل ، الخيل ، وطلع المستطير فرس الهمداني.

وكان معاوية جعل لمن سبق البشير أربعين أوقية ذهب وفريضة في الشرف ، وفرائض لعشرة رجال من قرابته أو عشيرته ، فشاطر معاوية الهمداني في فريضته ، ووفر عليه السبق ، وفرائض عشرة من أهل بيته فقال الهمداني :

__________________

(١) رسمها بالأصل : «يجلسون» والمثبت عن مختصر ابن منظور ، ويقال : حفل الناس احتشدوا واجتمعوا (اللسان : حقل).

(٢) شبام : جبل عظيم بينه وبين صنعاء يوم وليلة (معجم البلدان).

(٣) مخبل : الفرس الذي يمنعه وجعه من الانبساط في المشي.

(٤) نضي : هزيل.

(٥) وجيّ : يقال وجي الفرس هو أن يجد وجعا في حافره.

(٦) المقوس : الخيل الذي تصف عليه الخيل عند السباق.

(٧) بالأصل : «سسرف» والمثبت عن مختصر ابن منظور.

١٣٨

ألا ليت الرياح إذا استطرت (١)

تبشر أهلنا كنفي شبام

بأن المستطير أهلّ يهوى

أمام الخيل في جمع السنام

ولم يسكن وجاه بعد شهر

وعشر سنين محتفر الظلام

فأبت بسبقه وعلوت حدا

على شرف الفرائض والكرام

فبعث إليه معاوية ، فاشترى منه المستطير بألف دينار ، فسبق عليه العرب أيامه كلها.

٩١١٦ ـ رجل أرسله علي إلى معاوية رضي‌الله‌عنه

أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمّد ، أنا أبو الفضل أحمد بن الحسن ، أنا الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن الحسين ، ثنا يحيى بن سليمان الجعفي قال : وحدّثني خلاد بن يزيد الجعفي ، نا عمرو بن شمر الجعفي ، نا جابر الجعفي ، عن عامر الشعبي قال :

ادّعى أبو جعفر محمّد بن علي .... (٢) خلّاد قال : لما ظهر أمر معاوية بالشام وتابعوه على أمره دعا عليّ رجلا فأمره أن يتجهز ، وأن يسير إلى دمشق ، وأمره إذا دخل إلى دمشق أناخ راحلته بباب المسجد ، ثم يدخل المسجد ، ولا يحط عن راحلته من متاعها شيئا ، فلا يكفي عن نفسه من .... (٣) السفر شيئا ، وقال له : إنك إذا فعلت ورأوا أثر الغربة والسفر عليك سيسألونك من أين أقبلت ، .... (٤) يذكر حكاية قد سقتها في ترجمة معاوية.

٩١١٧ ـ رجل استسقى به معاوية كان مجاب الدعوة

أخبرنا أبو القاسم الخضر (٥) بن عبدان ، أنا محمّد بن علي بن أحمد بن المبارك ، أنا عبد الله بن الحسين بن عبيد الله بن عبدان ، أنا عبد الوهاب الكلابي ، نا أحمد بن الحسين بن طلاب ، نا هشام بن عمار ، ثنا الوليد ، نا عثمان بن أبي العاتكة :

أن معاوية بن أبي سفيان خرج فاستسقى فجعل يقول : قم يا فلان ، قم يا فلان ، فقيل له : إن في قرية كذا وكذا رجلا مجاب الدعوة ، فأرسل إليه ، فأتى على حماره ، وهو مسمط (٦) إداوة له لأن لا تأتي عليه حالة إلا وهو فيها متوضئ فقال له معاوية : أردنا أن

__________________

(١) الأصل : «استطرف» والمثبت عن مختصر ابن منظور.

(٢) كلمة غير واضحة بالأصل.

(٣) كلمة غير واضحة بالأصل.

(٤) كلمتان غير مقروءتين بالأصل.

(٥) بالأصل : الحصري.

(٦) مسمط إداوة. أي معلق إداوة.

١٣٩

تستسقي لنا فاستعفاه فأبى أن يعفيه ، فأتى إداوته ، فأحدث وضوءا ، ثم صلى ركعتين ، ثم استسقى ، وعزم على ربه فقال : ارفعوا أيديكم ، قال : فما فرّق بينهم إلّا المطر حيث يصلي ، حتى جرى الماء من تحته ، فأتاه أهل قريته فاحتملوه. وقال : اللهمّ ، إن معاوية أقامني مقام سمعة ورياء ، فاقبضني إليك ، فقبض قبل الجمعة.

٩١١٨ ـ رجل من ولد خلف الجمحي

كان من أصحاب معاوية.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن محمّد بن علي ، أنا أبو بكر محمّد بن علي المقرئ ، أنا أحمد بن عبد الله بن الخضر ، أنا أحمد بن أبي طالب ، حدّثني أبي علي بن محمّد ، حدّثني أبو عمرو السعيدي ، حدّثني جعفر بن أحمد بن معدان ، نا الحسن بن جهور ، نا القاسم بن عمرو مولى أبي أيوب المكي ، عن ابن داب قال :

بلغني أن شابا من قريش من بني جمح ، ..... (١) الجمحي وكان مع معاوية بصفين ، وكان فارس أهلها ، والذي رد الأشتر عن معاوية بعد ما غشيه دخل على معاوية فقال : يا أمير المؤمنين إنا تركنا الحق عيانا ، وعلي بن أبي طالب يدعو إليه في المهاجرين والأنصار ، وبايعناك على ما قد علمت ، ثم طاعنت عنك أشدّ أهل العراق بعد ما غشيك حتى إذا نلت ما رجوت وأمنت ما خفت ، جعلت الدهر أربعة أيام يوما لسعيد بن العاص ، ويوما لمروان بن الحكم ، ويوما لعمرو بن العاص ، ويوما للمغيرة بن شعبة ، وصرنا لا في [عير ولا في](٢) نفير (٣) ، ثم خرج من عنده وهو يقول :

أظن قريشا باعثي الحرب مرة

عليك ابن هند أو تجر الدواهيا

أيوم لمروان ويوم لصهره

سعيد ويوم للمغير معاويا؟

ويوم لعمرو والحوادث جمة

وقد بلغت منا النفوس التراقيا

أتنسى بلائي يوم صفين والقنا

رواء وكانت قبل ذاك صواديا

أو الأشتر النخعي في مرجحنة

يمانية يدعو ربيسا يمانيا

__________________

(١) كلمة غير واضحة بالأصل.

(٢) ما بين معكوفتين سقط من الأصل ، واستدرك لاقتضاء السياق عن مختصر ابن منظور.

(٣) قوله : فلان لا في العير ولا في النفير ، مثل لقريش من بين العرب ، يضرب لمن لا يستصلح لمهمّ (تاج العروس : نفر).

١٤٠