نثر الدرّ المكنون

السيد محمد بن علي الاهدلي الحسيني اليمني الازهري

نثر الدرّ المكنون

المؤلف:

السيد محمد بن علي الاهدلي الحسيني اليمني الازهري


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
المطبعة: مطبعة زهران
الطبعة: ١
الصفحات: ١٥٣

الملحمة الكبرى بين المسلمين والكفار وحصرهم المسلمين فى دمشق وجبل المعتق بحمص بعد خراب الكفار بيت المقدس قال. (حتى تجيئهم مادة اليمن ألف ألف الله بين قلوبهم بالايمان معهم أربعون ألف من حمير حتى يأتون بيت المقدس فيقاتلون الروم فيهزمونهم ويخرجونهم من جند الى جند حتى يأتون قنسرين وتجيئهم مادة الموالى) الحديث وفيه ما معناه ان مسلمى الفرس تنصر مسلمى العرب فيلحقون الكفار الى القسطنطينية أى استنبول فيحصرونهم بها ليلة الجمعة الى الصباح فيفتحها الله لهم وترجع دار اسلام بيد المسلمين مرة اخرى. وفى مختصر تاريخ ابن عساكر جزء أول طبع الشام ما نصه قال كعب الاحبار ان لله فى اليمن كنزين جاء باحدهما يوم اليرموك قال ابن عساكر صدق كعب كان فيها الازد ثلث الناس وفيها حمير وهمدان ومذحج وخولان وخثعم وكنانة وقضاعة وجذام وزبيد وكنده وحضر موت وليس فيها أسد ولا تميم ولا ربيعة وقال ابن عساكر أيضا قالوا ولقلما رئى يوم أكثر ساقطا وعظما نادرا وكفا طائرة من ذلك الموطن. وعن ابن مسعود رضى الله عنه قال ان النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال (ان المدينة بين عينى السماء عين بالشام وعين باليمن وهى : أى : المدينة أقل الارض مطرا) : أخرجه ابن عساكر فى تاريخ دمشق قلت وقال فى وفاء الوفاء للسمهودى ص ٣٥ وللشافعى رحمه‌الله حديث (أسكنت أقل الارض مطرا وهى بين عينى السماء عين الشام وعين اليمن) اه. وعن أبى رافع قال بعث النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليا الى اليمن فعقد له لواء فلما مضى قال (يا أبا رفلع الحقه ولا تدعه من خلفه ولتقف ولا تلتفت حتى أجيئه) فاتاه فاوصاه باشياء فقال (يا على لان يهدى الله على يديك رجلا خير لك مما طلعت عليه الشمس) أخرجه الطبرانى. وعن على عليه‌السلام قال أتى النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ناس من اليمن فقالوا ابعث فينا من يفقهنا فى الدين ويعلمنا السنن ويحكم فينا بكتاب الله فقال النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (انطلق يا على الى أهل اليمن ففقهم فى الدين وعلمهم السنن واحكم فيهم بكتاب الله) فقلت ان أهل اليمن قوم يأتونى من القضاء ما لا علم لى به فضرب النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صدرى ثم قال (اذهب فان الله سيهدى قلبك ويثبت لسانك) فما شككت فى قضاء بين اثنين حتى الساعة أخرجه ابن جرير وسيأتى فى البعوث عنه عند أحمد وغيره وأخرج ابن جرير عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال (الخلافة فى قريش والقضاء فى الأنصار والأذان فى الحبشة والجفاء فى قضاعه والشرعة فى أهل اليمن والأمانة فى الازد) وقد تقدم نحوه عن أبى هريرة عند الترمذي وأحمد وفى جامع الاصول فى باب فضائل أهل اليمن عن

٤١

أنس أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نظر قبل اليمن (فقال اللهم اقبل بقلوبهم وبارك لنا فى صاعنا ومدنا أخرجه الترمذى كذا ذكره فى الجامع وقد تقدم نقلا عن سنن الترمذى فى باب فضائل أهل اليمن عن أنس عن زيد والله أعلم وفى الجامع الأزهر رواه أيضا أحمد والطبرانى باسناد حسن وفى تحفة الرمن لابن الديبع عن عقبة ابن عامر مرفوعا (أهل اليمن أرق قلوبا وألين أفئده (١) وأنجع طاعة) رواه الطبرانى فى مجامعه الثلاثة اه قلت قال العزيزى قال الشيخ حديث صحيح وقد تقدم هذا الحديث عن مجمع الزوائد وعن ابن مسعود عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (الفقه يمان والحكمة يمانية) رواه أحمد بن منيع وعن أبى هريرة مرفوعا (الايمان يمان والكفر قبل المشرق) رواه الطيالسى اه مسنده وعن البراء أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال (ألا ان الأيمان يمان والحكمة يمانية والقسوة وغلظ القلوب فى الفدادين فى ربيعه ومضر عند أصول اذناب الابل حيث يطلع قرن الشيطان) رواه الخطيب اه كنز ج ٥

الباب الرابع

فى الاحاديث الواردة بخصوص بعض القبائل اليمنية مفردا كل قبيلة بفصل خاص بها ومقدما همدان للمفخرة العظمى التى اختص الله تعالى بها شعب همدان دون سائر ابناء قحطان وهى سجوده صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم شكر الله على اسلامهم ولان قبائل اليمن غير النفر الاشعريين اقتدت بهمدان فى اعتناقها الاسلام من غير مناصبة حرب ولا قتال كما سيأتى بيانه ان شاء الله تعالى عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعرض نفسه على الناس بالمواقف فيقول (هل من رجل يحملنى الى قومه فان قريشا قد منعونى أن أبلغ كلام ربى عزوجل) فاتاه رجل من همدان فقال أنا يا رسول الله فقال (ممن أنت) فقال الرجل من همدان فقال (هل عند قومك من منعة) قال نعم ثمّ ان الرجل خشى أن يخفره قومه فاتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال آت قومى أخبرهم ثم آتيك من عام قابل قال «نعم» فانطلق وجاء وفد الانصار فى رجب رواه أحمد ورجاله ثقاة اه مجمع ج سادس

__________________

(١) روى الطبرانى من حديث أبن عنبة الخولانى رفعه (أن لله آنية من أهل الأرض وآنية ربكم قلوب عباده الصالحين وأحبها إليه ألينها وأرقها) وفيه بقيه بن الوليد مدلس صرح بالتحديث اه من تخريج الحافظ العراقى لأحاديث الاحياء ج ٣ ص ١٣ اه مؤلف

٤٢

قلت. رواه أحمد فى مسنده ج ثالث ص ٣٩٠ والحاكم فى المستدرك وقال على شرط الشيخين وأقره الذهبى فقال على شرطهما. والترمذى فى فضائل القرآن وقال حسن صحيح وأبو داود فى السنة وابن أبى شيبه فى مصنفه ورجاله من رجال الصحيحين الا محمد بن عبد الله الأسدى المعروف بكناسة فثقة له ترجمة حسنة فى تهذيب التهذيب وأخرجه ابن سيد الناس فى عيون الأثر باسناده من طريق ابن أبى شيبة وأبو نعيم فى الدلائل والبيهقى فى الدلائل من طريق الحاكم والزرقانى فى شرح المواهب وقال أخرجه اصحاب السنن وابن سعد فى طبقاته وزاد من رواية هشام بن محمّد بسنده أن الرجل الهمدانى رجع ليأخذ النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى قومه همدان فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «نعم وافد القوم قيس» وقال «وفيت وفى الله لك» ومسح بناصيته وأطعمه ثلاثمائة فرق من خيوان زبيب وذرة شطران ومن عمران الجوف مائة فرق جارية من مال الله والفرق مكيال لاهل اليمن. قلت واسم الرجل كما فى الاصابة وغيرها قبس بن مالك بن لائى الارحبى قبيلة من همدان مشهورة بارحب باقى اسمها الى الآن. وعن البراء بن عازب رضى الله عنه قال بعث النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خالد بن الوليد الى اليمن يدعوهم الى الاسلام قال البراء فكنت فيمن خرج مع خالد بن الوليد رضى الله عنهما فأقمنا ستة أشهر يدعوهم الى الاسلام فلم يجيبوه ثم ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعث عليا عليه‌السلام وأمره أن يقفل خالدا الا رجلا ممن كان مع خالد أحب أن يعقب مع على عليه‌السلام فليعقب معه قال البراء رضى الله عنه فكنت فيمن عقب مع على عليه‌السلام فلما دنونا من القوم خرجوا الينا ثم تقدم بنا فصلى بنا على كرم الله وجهه ثم صفنا صفا واحدا وتقدم بين أيدينا وقرأ عليهم كتاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاسلمت همدان جميعا فكتب على عليه‌السلام الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم باسلامهم فلما قرأ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الكتاب خرسا جدا ثمّ رفع رأسه فقال السلام على همدان السلام على همدان ثم تتابعت أهل اليمن على الاسلام رواه الاسماعيلى والبيهقى فى السنن وفى المعرفة وفى الدلائل من طريق الاسماعيلى وقال رواه البخارى مختصرا وتمامه صحيح على شرطه. قلت وأخرجه ابن جرير الطبرى برجال ثقات من طريق يحيى بن عبد الرحمن الارحبى حدثنا ابراهيم بن يوسف الخ وهو الذى أخرجه البخارى من طريقه وأخرجه ابن عبد البر كما فى الرياض النظرة فى مناقب العشرة وفى نيل الاوطار ج ثالث قال المذرى وقد جاء حديث سجدة الشكر من حديث البراء باسناد صحيح يريد هذا الحديث. وأورده ابن سيد الناس

٤٣

فى عيون الأثر عن الرشاطى وقال السراج البلقينى وهو الذى أشار اليه : أى هذا الحديث : الامام الشافعى رضى الله عنه فى استدلاله على مشروعية سجدة الشكر وذكره الفقهاء وصححوه واستدلوا به على مشروعيتها منهم ابن القيم فى زاد المعاد والحافظ فى تلخيصه وفى ادلة الاحكام والقسطلانى فى المواهب وفى سبل الهدى للشامى والنووى فى المجموع وغيرهم وفى تاريخ ابن الاثير وابن خلدون ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كرر (السلام على همدان) ثلاث مرات والله أعلم. وعن أبى ثور القهمى قال كنا عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوما فاتى بثوب من ثياب المعافر فقال أبو سفيان بن حرب لعن الله هذا الثوب ولعن من يعمله فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (لا تلعنهم فانهم منى وأنا منهم رواه أحمد والطبرانى وإسنادهما حسن اه مجمع ج عاشر. قلت أخرجه أحمد فى ج رابع من مسنده ص ٣٠٥ وأخرجه الحاكم فى الكنى والحسن بن سفيان والبغوى كلهم من طريق ابن لهيعة وأخرجه ابن منده. ومعافر من بلاد همدان كما فى نيل الاوطار وقال (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نعم الحى همدان ما أسرعها الى النصر واصبرها على الجهد وفيهم أبدال وفيهم أوتاد الاسلام) أخرجه ابن سعد فى طبقاته عن على بن عبد الله بن يوسف القرشى عمن سمى من رجاله من أهل العلم. اه من كنز العمال عن ابن سعد وفى السيرة النبوية للسيد دحلان كذلك وقد أجمع أئمة المغازى والسير والطبقات أن همدان أول شعب عظيم اعتنق الدين الاسلامى فى اليمن بعد النفر الاشعريين أصحاب السفينة وهم على ما قيل على أصح الاقوال أربعة وخمسون نفرا وأن قبائل اليمن تتابعت على الدخول فى دين الله أفواجا أفواجا بعد همدان والى ذلك يشير العلامة النحرير والنسابة الشهير الشيخ أحمد البدوى الشنقيطى فى نظمه لعمود نست قبائل العرب والعجم

همدان عيبة على التى

يود لو يتحفها بالجنة

على يديه أسلموا جميعهم

وجاء خير مرسل اسلامهم

فخر ساجدا وبعدها اليمن

فى الدين قد تتابعوا على سنن

وكانوا أجل أنصار الإمام على عليه‌السلام ومحبيه وبلوا معه فى حروبه البلاء الحسن فقال يمدحهم

يممت همدان الذين همو هموا

إذا ناب أمر جنتى وسهامى

وناديت فيهم دعوة فاجابنى

فوارس من همدان غير لئام

فوارس ليسوا فى العجاج بعزل

غزاة الوغا من شاكر وشبام

٤٤

ومن أرحب الشم المعاطيس بالقنا

دونهم؟؟؟ واحياء السبيع ويام

فلو كنت بوابا على باب جنة

لقلت لهمدان ادخلوا بسلام

وقال شاعرهم سعيد بن قيس البكيلى فى يوم الجمل رضى الله عنه وأرضاه

أية حرب أضرمت نيرانها

وكسرت يوم الوغا مرانها

قل للوصى أقبلت قحطانها

فادع بها تكفيكها همدانها

همو بنوها وهموا اخوانها

وأخرج ابن سعد عن على أنه قال يا أهل الكوفة لا تزوجوا الحسن فانه رجل مطلاق فقال رجل من همدان لنزوجنه فما رضى أمسك وماكره طلق

فصل فيما جاء فى النخع

عن علقمة قال كنا جلوسا مع ابن مسعود رضى الله عنه فجاء خباب فقال يا أبا عبد الرحمن أيستطيع هؤلاء الشباب أن يقرؤا كما نقرأ قال أما انك لو شئت أمرت بعضهم يقرأ عليك قال أجل قال أقرأ يا علقمة فقال زيد بن حدير أخو زياد بن حدير أتأمر علقمة أن يقرأ وليس باقرئنا قال أما إنك ان شئت أخبرتك بما قال النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فى قومك وقومه أخرجه البخارى. قال الحافظ فى الفتح فكانه يشير الى ثناء النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على النخع وان علقمة من النخع فقد أثنى على النخع فيما أخرجه أحمد والبزار باسناد حسن عن ابن مسعود قال شهدت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يدعو لهذا الحى من النخع حتى تمنيت انى رجل منهم. وفى رواية عن شعبة عن الاعمش عند أبى نعيم فى المستخرج لتسكتن أولا أحدثنك بما قيل فى قومك وقومه اه قال الحافظ الهيثمى فى كتابه مجمع الزوائد ج عاشر أخرجه البزار وأحمد والطبرانى ورجالهما رجال الصحيح وفى محجة القرب رواه أحمد واسناده صحيح والبزار والطبرانى فى الكبير وفى سبيل الهدى ورجال أحمد ثقات

فصل فيما جاء فى الاشعريين

روى البيهقى فى دلائل النبوة ان النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال للاشعريين حين قدموا عليه من اليمن (من أين جئتم) قالوا من زبيد قال (بارك الله فى زبيد) قالوا وفى رمع قال (بارك الله فى زبيد) قالوا وفى رمع قال بارك الله فى رمع اه من سيرة الشامى ج ثالث. وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (انى لأعرف أصوات الاشعريين بالقرآن حين يدخلون بالليل وأعرف منازلهم من أصواتهم بالقرآن بالليل وان كنت لم أر منازلهم حين نزلوا بالنهار) رواه البخارى فى صحيحه. وعن

٤٥

أبى موسى قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان الاشعريين إذا أرملوا فى الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم فى ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم فى اناء واحد بالسوية فهم منى وانا منهم) رواه مسلم وعن زيد بن أسلم رضى الله عنه أن الاشعريين لما هاجروا الى رسول الله وقدموا عليه أرملوا من الزاد فأرسلوا رجلا منهم فلما أتى دار النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سمعه يقرأ (وما من دابة فى الارض إلا على الله رزقها) الآية فقال الرجل ما الاشعريون بأهون من الدواب على الله فرجع ولم يدخل على النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال لأصحابه ابشروا أتاكم الغيث ولا يظن قومه الا انه قد كلم النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فبينما هم كذلك اذ أتاهم رجلان يحملان قصعة مملوءة خبزا ولحما فأكلوا منها ما شاءوا ثم قال بعضهم لو انا رددنا هذا الطعام الي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقضى به حاجته فقالوا للرجلين إذهبا بهذا الطعام الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فانا قد قضينا حاجتنا ثم أتوا رسول الله فقالوا يا رسول الله ما رأينا طعاما أكثر ولا أبرك من طعام أرسلت به الينا فقال رسول الله ما أرسلت لكم بشىء فاخبروه أنهم أرسلوا اليه صاحبهم فسأله النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخبره بما سمع وبما قال لهم فقال لهم النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذاك شىء رزقكم الله تعالى به رواه الإمام أحمد والحاكم أبو عبد الله والترمذى اه من تحفة الزمن للدبيع

فصل فيما جاء فى الازد

عن بشر بن عصمة صاحب النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال قال رسول الله للازد (هم منى وأنا منهم أغضب لهم إذا غضبوا وارضى لهم إذا رضوا) فقال معاوية ابن أبى سفيان انما قال ذلك لقريش فقال بشر فاكذب على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لو كذبت عليه جعلتها لقومى رواه الطبرانى وفيه من لم أعرفهم اه مجمع عاشر قلت رواه أبو نعيم أيضا اه. وعن عبد الله بن الحرث بن جزى الزبيدى قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (العلم فى قريش والامانة فى الازد) رواه الطبرانى فى الاوسط والكبير واسناده حسن وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (الامانة فى الازد والحياء فى قريش) أخرجه الطبرانى عن أبى معاوية الازدى وفيه من لم أعرفه اه مجمع عاشر. قال أبو نعيم حدثنا سليما بن أحمد حدثنا إبراهيم ابن شهاب البصرى حدثنا سليمان بن داود الشادلونى حدثنا محمد بن حمران حدثنا أبو عمران محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن عن ابيه عن وجده وكانت له صحبة قال نظر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى عصابة قد اقبلت فقال (اتتكم الازد أحسن

٤٦

الناس وجوها واعذبها افواها واصدقها لقاء اللهم اجبر كسرهم وآو طريدهم. ولا ترد منهم سائلا «قلت رواه الديلمى من طريقه والطبرانى فى الكبير والاوسط وعن أنس قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» الازد أسد الله فى الارض يريد الناس أن يضعوهم ويأبى الله الا ان يرفعهم وليأتين على الناس زمان يقول الرجل يا ليت أبى كان ازديا ويا ليت أمى كانت ازدية) أخرجه الترمذى وقال هذا حديث غريب حسن وقد روى موقوفا على انس وهو عندنا أصح وعن أبى هريرة مرفوعا أنه قال «نعم القوم الازد نقية قلوبهم أيمانهم ـ كذا ـ طيبة أفواههم هذا حديث حسن رواه أحمد فى مسنده عن حسن بن موسى عن ابن لهيعه اه محجة القرب وعن عيلان قال سمعت انس يقول ان لم نكن من الازد فلسنا من الناس رواه الترمذى وقال حسن صحيح غريب وفى المستدرك عن ابن عباس قال وفد على النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اربعمائة أهل بيت أو اربعمائة رجل من أزدشنوءة فقال مرحبا بالازد أحسن الناس وجوها وأطيبه أفواها وأشجعه لقاء وآمنه أمانة شعاركم يا مبرور هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه وتعقبه الذهبى فقال بل إسماعيل بن عبد الله الرقى منكر الحديث قلت رواه فى الميزان من غير طريقه ولكن ضعف شيخه عمرو بن صالح بن أبى الزاهرية الرقى وفى كنز العمال رواه ابن عدى وابن عساكر عن ابن عباس وابن سعد عن منير بن عبد الله الازدى وسياتى عن الطبرانى فى الاوسط والكبير ولكن فيه أن الوافدين من دوس ولا منافاة فان دوس من ازد شنوءة اه

فصل فيما جاء فى الازد والاشعريين

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «نعم الحى الازد والاشعريون لا يفرون فى القتال ولا يغلبون هم منى وأنا منهم» أخرجه أحمد والترمذى وقال حديث غريب وأبو يعلى والحاكم والطبرانى وابن عساكر عن أبى عامر الاشعرى اه كنز ج سادس وعن أبى يعلى بن الاشدق عن عبد الله ابن جراد عن أبيه قال بعث النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سرية فيها الازد والاشعريون فغنموا وسلموا فقال النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «اتنك الازد والاشعريون حسنة وجوههم طيبة أفواههم لا يغلبون» أخرجه أبو نعيم كنز سادس

فصل فيما جاء فى أحمس

عن جابر بن عرفطة قال رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رافعا يديه يقول «اللهمّ بارك فى خيل أحمس ورجالها رواه الطبرانى وفيه من لم أعرفه اه مجمع الزوائد قلت فى الكنز رواه طب ض والرمز الاخير هو رمز الضياء فى المختارة وقد تقدم

٤٧

لنا فى هذا الكتاب نقلا عن السيوطى فى أول الجامع أن جميع ما فى المختارة صحيح وقال فى ابراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون ذكر جمع من الحفاظ منهم ابن تيمية والزركشى وابن عبد الهادى أن تصحيح صاحب المختارة أعلا مزية من تصحيح الحاكم اه وعن طارق بن شهاب قال قدم وفد بجيلة على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال «اكتبوا البجليين وابدؤا بالاحمسيين» فتخلف رجل من قريش قال حتى انظر ما يقول لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال فدعى لهم رسول الله خمس مرات «اللهمّ صلّى عليهم أو بارك فيهم» مخارق الّذى شك وفى رواية قدم وفد قيس على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال «ابدؤا بالاحمسيين قبل القيسيين» ودعا لا حمس فقال «اللهم بارك فى أحمس وخيلها ورجالها سبع مرات» رواه كله أحمد والطبرانى بعضه الا أنه قال «ابدؤا بالاحمسيين قبل القيسيين» ورجالهما رجال الصحيح اه من مجمع الزوائد ج عاشر قلت رواه أحمد فى مسنده ج رابع ص ٣١٥ وعن جرير أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم برك على خيل أحمس ورجالها خمس مرات أخرجه البخارى فى صحيحه وفى المصنف لابن أبى شيبه عن قيس أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لبلال «أجهزت الركب أو الرهط البجليين» قال لا قال «فجهزهم وأبدأ بالاحمسيين قبل القسيريين» وفى سنن أبى داود فى باب فى بعثة البشرآء عن جرير قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ألا تريحنى من ذى الخلصة فاتاها فحرقها ثمّ بعث رجلا من أحمس الى النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يبشره يكنى أبا أرطاه وعن عثمان بن حازم عن جده صخر أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غزا ثقيفا فلما أن سمع ذلك صخر ركب فى خيل يمد النّبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فوجده قد انصرف ولم يفتح فجعل حينئذ عهد الله وذمته أن لا يفارق هذا القصر حتى ينزلوا على حكم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلم يفارقهم حتى نزلوا على حكم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكتب صخر الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أما بعد فان ثقيفا قد نزلت على حكمك يا رسول الله وأنى مقبل بهم وهم فى خيل فامر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالصلاة جامعة فدعا لاحمس عشر دعوات «اللهم بارك لاحمس فى خيلها ورجالها» الحديث أخرجه أبو داود اه جامع الاصول ج أول ص ١٤٨ قلت وفى الباب أحاديث تركناها للاختصار

فصل فيما جاء فى حمير

عن أبى هريرة رضى الله عنه قال كنت جالسا عند النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله

٤٨

وسلّم فجاء رجل فقال يا رسول الله العن حمير فاعرض عنه ثم جاء من ناحيه فاعرض عنه وهو يقول العن حمير فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «رحم الله حمير أفواههم سلام وأيديهم طعام أهل أمن وايمان» أخرجه أحمد فى مسنده ج ثانى ص ٢٧٨ وأخرجه رزين وذكر فى روايته أن الرجل قال للنبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم العن حمير فاعرض عنه ثم جاء من الشق الآخر فاعرض عنه ثم جاء من الشق الآخر ثم ذكر النبى الحديث وفى رواية للترمذى قال كنا عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجاءه رجل أحسبه من قيس فقال يا رسول الله العن حمير الحديث وعن على عليه‌السلام وأبى بكر رضى الله عنهما قالا ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «قال إذا أقبلت حمير تحمل أولادها ومعها نساؤها نصر الله المسلمين وخذل المشركين» اه من فتوح الشام للواقدى والازدى وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أثناء حديث عبد الله بن عمرو المتقدم فى الباب الثانى من حديث حفر الخندق ثم ضرب أخرى وكبر فسمعت هدة لم أسمع مثلها قط «جاء الله بحمير أنصارا وأعوانا رواه الطبرانى من طريقين وأبو نعيم كما تقدم وروى وثيمة فى الرده عن ابن اسحق قال بينما حمير مجتمعة الى مقاولها إذ أقبل راكب من الازد يقال له اهود بن عياص فقال يا معشر حمير أنعى اليكم النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال له ابن ذى أصبح جدعك الله وافد قوم كذبت ما مات قال بلا والذى بعثه بالحق فما جزعكم فو الله أنا أجزع : مكم ولو وجدت أرق معكم أحد او أغزر عيونا لنعيته اليهم فاخرجوه من بينهم وكان عابدا فقال اللهم انى انما نعيت لهم رسولك لئلا يفتتنوا بعده وليواسونى فى جزعى عليه فلما تواترت الركبان بموته بعد ذلك قال ابن ذى أصحيح المذكور

جزع القلب أهود

اذ نعى لى محمّدا

ليتنى لم أكن رأيت

أخا الازد أهودا

اه اصابة

فصل فيما جاء فى دوس

عن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه قال جاء الطفيل بن عمرو الدوسى الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال ان دوسا قد عصت وابت فادع الله عليهم فاستقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم القبلة ورفع يديه فقال الناس هلكت فقال «اللهم اهد دوسا وائت بهم اللهمّ اهد دوسا وائت بهم» أخرجه أحمد فى مسنده ج ثانى ص ٢٤٣. قلت ورواه الشيخان عن أبى هريرة أيضا اه تيسر الاصول. وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال قدم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أربعمائة من

٤٩

دوس فقال «مرحبا أحسن الناس وجوها وأطيبهم أفواها وأعظمهم أمانة» رواه الطبرانى فى الكبير والاوسط وفيه عمرو بن صالح الازدى وهو متروك اه مجمع عاشر

فصل فيما جاء فى حضرموت

أخرج العراقى فى محجة القرب باسناده الى عكراش الحضرمى قال بعثنى بنو مرة بن عبيد بصدقات أموالهم الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقدمت عليه المدينة فوجدته جالسا بين المهاجرين والانصار فاتيته بايل كانها عروق الارطاة فقال من الرجل فقلت عكراش بن ذئيب فقال أرفع فى النسب فقلت ابن حرقوص ابن جعدة بن عمر بن النزال بن مرة بن عبيد وهذه صدقات بنى مرة بن عبيد فتبسم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ثمّ قال هذه ابل قومى هذه صدقات قومى فامر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ان توسم بميسم الصدقات وتضم اليها ثم اخذ بيدى فانطلق الى منزل أم سلمة رضى الله عنها زوج النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال «هل من طعام» فاتينا بجفة كثيرة الثريد الحديث هذا حديث غريب أخرجه الترمذى بتمامه وابن ماجه مختصرا. قال العراقى فى كتابه السابق وفى أثناء حديث صحيح عن عمرو ابن عبسة وحضرموت خير من بنى الحرث» رواه أحمد متصلا ومرسلا. قلت روى من طرق صحاح عند الحاكم والطحاوى والطبرانى وغيرهم وقد تقدم بتمامه ومن خرجه. وفى رواية عن معاذ بن جبل «وحضر موت خير من كندة» رواه أحمد وفى رشفة الصادى للسيد أبو بكر بن شهاب صحيفة ١٥١ نقلا عن مرآة الشموس للسيّد عبد الرحمن مصطفى العيد روس قال أخرج الطبرانى فى الاوسط قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «حضرموت تنبت الاولياء كما تنبت الأرض البقل» وفى كتاب انساب العرب لسلمة بن مسلم العونى الصحارى باسناده الى ابن قلابة قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «الامانة فى الازد وحضر موت فاستعينو بهم» اه منه ص ١٠٨

فصل فيما جاء فى مذحج

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «دخلت الجنة فرأيت أكثر أهلها اليمن ورأيت أكثر أهل اليمن مذحج» رواه الطبرانى فى الكبير والديلمى عن عائشة رضى الله عنها وجاء فى الحديث الطويل المرفوع أكثر القبائل فى الجنة مذحج وهو حديث صحيح تقدم تخريجه

فصل فيما جاء فى جمع من القبائل

لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «ألا أخبركم بخير قبائل العرب السكون

٥٠

سكون كندة والأملوك أملوك ردمان» وفى رواية رمان «وفرق من الاشعريين وفرق من خولان» أخرجه البغوى عن أبى نجيح وأبو أحمد الحاكم. وعن أبى امامة قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «ان من خيار الناس الا ملوك أملوك حمير وسفيان والسكون والاشعريون» أخرجه الطبرانى فى الكبير اه من الكنز ج سادس. وعن رجل من قيس يقال له أبو يحى قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «ألا أخبركم بخير قبائل العرب» قالوا بلى يا رسول الله قال «السكون سكون كندة والا ملوك أملوك رمّان والسكاسك وفرق من الاشعريين وفرق من همدان» أخرجه بسنده ابن عساكر فى تبيين كذب المفترى طبع الشام وعن عمرو بن عبسة رضى الله عنه قال صلّى النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على السكون والسكاسك وعلى خولان العالية وعلى الاملوك أملوك ردمان رواه أحمد فى مسنده ج رابع ص ٣٨٧ قلت رواه الطبرانى ورجاله ثقات الا عبد الرحمن بن يزيد فلم أجد فيه تعديلا ولا جرحا اه محجة القرب للعراقى ورواه أيضا أبو يعلى وابن عساكر عن الشعبى قال «همدان هامة اليمن وكندة فى اليمن كالشاهير فى الريحان» هذا حديث مقطوع بين الشعبى والنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ورجال أسناده ثقات اه محجة القرب فى محبة العرب للحافظ العراقى وعن عمرو بن عبسة قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعلى السكون السكاسك وأعلى خولان العاليه وأعلى الاملوك أملوك كوان كذا أخرجه الطبرانى فى مجامعه التلاثة اه تحفة الزمن وفى العقد الثمين فى اثبات وصاية أمير المؤمنين للحافظ الشوكانى نقلا عن المغازى لابن اسحاق قال لم يوص رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند موته الّا بثلاث لكلّ من الداريين والرهاويين والاشعريين بخادم ومائة وسق من خيبر الحديث قلت والرهاويون والاشعريون من اليمن

الباب الخامس

فيما لبسه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصحابه رضى الله عنهم من منسوجات اليمن كانت اليمن مهيع الحضارة البشرية ومهد الصناعات العمرانية وقد بقى بيدهم شىء يسير مما كان عليه اسلافهم الى زمن البعتة المحمديه على صاحبها وآله أزكا الصلاة والسلام فكانت منسوجات اليمن هى السائدة فى أسواق الجزيرة العربية وغيرها وكانت كسوة الكعبة فى الجاهلية من عصائب اليمن وكساها النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من برود اليمن وكذلك أبو بكر وعمر وعثمان وعلى زمن خلافتهم رضى الله عنهم وكان لباسه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فى الغالب من برود اليمن

٥١

وبالاخص يوم الجمع ومواسم الاعياد وعند مقابلة الوفود وكذلك أصحابه رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ففى تيسير الوصول لابن الديبع ج ٤ أخرج أبو داود بسنده عن ابن عباس رضى الله عنهما قال لما خرجت الحرورية أتيت عليا عليه‌السلام فقال ائت هؤلاء القوم فلبست أحسن ما يكون من حلل اليمن قال أبو زميل وكان ابن عباس رجلا جميلا جهيرا قال ابن عباس فاتيتهم فقالوا مرحبا بابك يا ابن عباس ما هذه الحلة قال ما تعييون على لقد رايت على رسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحسن ما يكون من الحلل. قلت سكت عليه المنذرى وأخرجه الحاكم فى المستدرك وأبو نعيم فى الحلية وفيه فلبست أحسن ما أقدر عليه من هذه البمانية. وفى كنز العمال ج ٥ عن جندب من مكيث بن جراد قال ان النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إذا وفدت عليه الوفود لبس أحسن ثيابه وأمر أصحابه بذلك فرأيته وقد وفد عليه وفد كندة وعليه حلة يمانية وعلى أبى بكر وعمر مثلها رواه الواقدى وأبو نعيم. وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يلبس القلانسى اليمانية وهى البيض المضربة أخرجه الرويانى وابن عساكر اه وأخرج أحمد عن يعلى ابن أمية أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما قدم مكة طاف بالبيت وهو مظطبع ببرد حضرمى اه نيل الاوطار ج ٥ ص ١١٠ وفى مسند أبى داود الطيالسى فى مسند اسامة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال فى مرضه الّذى مات فيه أدخلوا على أصحابى فدخلوا عليه وهو متقنع ببرد معافرى الحديث. وأخرج البخارى فى صحيحه بكتاب اللباس عن أنس رضى الله عنه قال كنت أمشى مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليه برد نحرانى غليظ الحاشية الحديث «وعن أنس رضى الله عنه قال كان أحب الثياب الى النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يلبسها الحبرة : وعن أنس أنه سئل عن أحب الثياب الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال الحبرة وعن عائشة رضى الله عنها أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين توفى سجى برد حبرة. وفى سبل الهدى للشامى ج ٣ عن عروة بن الزبير ان ثوب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الّذى كان يخرج فيه للوفود ورداؤه حضرمى طوله أربعة أذرع وعرضه ذراعان وشبر فهو عند الخلفاء حتى خلق بطنووه بثوب يلبسونه يوم الاضحى والفطر رواه ابن سعد. وأخرج أحمد عن ابن عباس رضى الله عنهما قال لقد رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصلى من الليل فى برد حضرمى متوشحه ما عليه غيره اه ج ١ ص ٢٦ .. وفى دلائل النبوة لأبى نعيم من حديث إجماع قريش على قتل رسول

٥٢

الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه قال لعلى كرم الله وجهه حين خرج من بيته ليلا مهاجرا الى حيث أمره الله تعالى (نم على فراشى وتسج ببردى هذا الاخضر الحضرمى فانه لا يخلص اليك شىء تكرهه) الحديث. ومن دعائه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما فى سنن أبى داود «الحمد لله الذى أطعمنا الخمير وألبسنا الحبير». وعن عامر المزنى عند أبى داود باسناد فيه اختلاف قال «رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمنى وهو يخطب على بغلة وعليه برد أحمر وعلى عليه‌السلام أمامه يعبر عنه قال فى البدر المنير واسناده حسن اه نيل الاوطار كتاب اللباس قال الحافظ فى الفتح قال الجوهرى الحبرة بوزن عنبه برديمانى وقال الهروى موشية مخططة .. وقال الداودى لونها أخضر لانها لباس أهل الجنة .. وقال بن بطال هى من برود اليمن تصنع من قطن وكانت أشرف الثياب عندهم .. وقال القرطبى سميت حبرة لانها تجبراى تزين والتحبير التزيين اه

وفى الاصابة فى ترجمة حازم بن حرام الجذامى انه قال ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كسانى عمامة عدنية رواه الباورى والدولابى والعقيلى اه

وعن الحسن بن على عليهما‌السلام أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أراد أن ينهى عن متعة الحج فقال له أبى ليس ذلك لك قد تمتعنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأضرب عمر وأراد ان ينهى عن حلل الحبرة لأنّها تصبغ بالبول فقال له أبى ليس ذلك لك قد لبسهن النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولبسنا هذا فى عهده رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح الا أن الحسن لم يسمع من عمر اه من مجمع الزوائد ج ٥

وعن انس أن مالك ذى يزن اهدى الى النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حلة قومت بعشرين بعيرا فلبسها ثم كساها عمر رضى الله عنه ثم قال اياك ان تخدع عنها وفيه عماره بن زادان وثق كما فى الميزان للذهبى

«فصل فى تكفينه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من ثياب السحول»

عن عائشة رضى الله عنها قالت كفن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فى ثلاثة أثواب بيض سحولية يمانيه ليس فيها قميص ولا عمامة ادرج فيها ادراجا رواه الجماعة اه نيل الاوطار ج ٥ قلت الجماعة أصحاب الكتب السته والإمام أحمد وقد وود فى السنة استحباب اتخاذ الكفن من برود اليمن ففر نيل الاوطار بباب اللباس ثبت عند أبى داود قال الحافظ باسناد حسن من حديث جابر مرفوعا إذا توفى أحدكم فوجد شيئا فليكفن فى ثوب حبرة اه

٥٣

وقد استحبت الحنفيه ان يكون فى الاثواب التى يكفن فيها ثوب حبرة أفاده الشوكانى فى باب الكفن والسحول مخلاف باليمن مشهور عندهم بسحول ابن ناجى ولعل هذا الباب وحده أكبر حاث وأبلغ واعظ وأعظم مشجع اليوم لابناء اليمن الميمون أبناء إسماعيل وقحطان ونعنى منهم بصورة خاصة اصحاب الاموال والوجاهة ذو والهمم العليه والغيرة الوطنية والنفوس الحية المتشبعة بروح الايمان والاخلاص لترقية الوطن العزيز ان يكونوا منهم الشركات الوطنية لترقية المنسوجات والصناعات والمزروعات وتصدير منسوجات بلادهم وخيرات ارضهم الغنية بتربتها الخصبة الى اسواق العالم واظهارهم فى معترك الحياة بين الامم بمظهر الند للند مستغنين بمنتوجات ارضهم عن استيراد غيرها ليعيدوا لوطنهم حضارته التاريخيه مع ما لهم من العزة والتمسك بالدين ومنهم الّذى قد تغرب عن وطنه ورأى المخترعات البخارية المسهلة للغزل والنسيج ورفع المياه الكثيرة وحلج الاقطان وغير ذلك من مرافق الحياة وتسهيل اسباب المعائش والصنائع ونال بجده ومثابرته على الاتجار سعة من المال أمثال اخواننا الحضارمة يمكنهم من تاسيس ما ذكر فى وطنهم الآمن المفتقر لابنائه البررة أصحاب الاموال فما نهضت الشعوب وترقت فى الصنائع والمخترعات الا بالمخلصين من أبنائها فقد صارت اليمن بحمد الله بيد حكومته الوطنية الهاشمية وراية العدل والامان ترفرف على ربوعه تحت ظل قانون الشريعة الآهية فى سهوله وجباله بهمة صاحب المقامات المشهورة والمواقف المحمودة مولانا أمير المؤمنين يحى وأنجاله الصالحين علماء الدين وحماته المتقين حرسهم الله من كل سوء آمين فاالله الله اخوانى فى وطنكم فان محبته من الايمان وهو أصلح لكم ولابنائكم فى دينهم ودنياهم من البقاء فى الغربة فقد بان لكم واتضح ما حل بالدين الاسلامى من أعدائه حتى من أبنائه ولقد رأينا الكثير من أبنائكم المولدين خارج وطنكم انهمكوا فى الملذات الدنيوية غير ملتفتين لمعرفة دينهم واقامة شعائره مع ضياع لغتهم العربية لغة القرآن الكريم والاستصبح العلاقات الدينية مقطوعة بينكم وبين أبنائكم فى المستقبل لان البيئة تحول بينكم وبين تربيتهم التربية الدينية هذه كلمتى أوجهها باخلاص لبنى وطنى أهل المقدرة والنجابة والقدم الراسخ فى الدين الصادق عليهم قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «الايمان يمان والحكمة يمانية» بمناسبة ما جاء فى هذا الباب من الاحاديث الدالة على قدم حضارة اليمن فى الصناعات وسائر مرافق ألحياة وقال الله تعالى (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) (تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى)

٥٤

الباب السادس

فى مناقب بعض التابعين من أهل اليمن

اويس بن عامر المرادى وأبو مسلم الخولانى ونقثصر عليهما لان الابناء مرتبطة بالآباء فى العمل الصالح واتباع الحق الواضح قائمين بواجب ما يطلبه الشارع محافظين على دينهم القويم ووطنهم الحصين من طمع الطامعين ودسائس المستعمرين يقظين غير نائمين بزعامة ائمتهم القائمين فى كل عصر بحفظ الشريعة والدين مستعينين بالله وحده لا رب غيره المتكفل بنصر من نصره روى الامام أحمد فى الزهد ومسلم فى صحيحه والحاكم فى المستدرك وابن سعد فى طبقاته عن عمر رضى الله عنه. أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال «ياتى عليكم أويس بن عامر مع امداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن كان به برص فبرى منه الا موضع درهم له والدة هو بها بر لو أقسم على الله لا بره فان استطعت أن يستغفر لك فافعل» وروى ابن عدى وابن عساكر عن ابن عباس رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «سيكون فى أمتى رجل يقال له أويس ابن عبد الله القرنى وان شفاعته فى أمتى مثل ربيعة ومضر» وفى لفظ «مسلم ان خير التابعين رجل يقال له أويس وله والدة وكان به بياض فمروه فليستغفر لكم». وفى لفظ له «أن رجلا ياتيكم من اليمن يقال له أويس لا يدع باليمن غير أم له قد كان به بياض فدعا الله فاذهبه عنه الا موضع الدينار أو الدرهم فمن لقيه منكم فليستغفر لكم» وروى أبو يعلى والبيهقى من وجه آخر عن عمر رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «انه سيكون فى التابعين رجل من قرن يقال له أويس بن عامر يخرج به وضح فيدعو الله أن يذهبه عنه فيقول اللهم دع لى فى جسدى ما أذكر به نعمتك على فيدع له منه ما يذكر به نعمته عليه فمن أدركه منكم فاستطاع أن يستغفر له فليفعل». وروى ابن سعد والحاكم من طريق أسير بن جابر عن عمر رضى الله عنة أنه قال لاويس القرنى استغفر لى قال كيف استغفر لك وأنت صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال سمعت رسول الله يقول (أن خيرا التابعين رجل يقال له أويس القرنى) وروى الحاكم عن على عليه‌السلام والبيهقى وأبى عساكر عن رجل أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال (من خير التابعين أويس القرنى) وروى مسلم عن عمر رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «خير التابعين رجل من قرن يقال له أويس القرنى

٥٥

له والده وكان به بياض فدعا الله فاذهبه عنه الا موضع الدرهم من سرته» قلت لم أجد فى نسخ مسلم المطبوعة لفظة من سرته لعلها سقطت وروى ابن أبى شيبة عنه قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «سيقدم عليكم رجل يقال له أويس كان به بياض فدعا الله فاذهبه عنه فمن لقيه منكم فليستغفر لكم وروى ابن سعد والحاكم فى المستدرك واحمد بسند جيد عن عبد الرّحمن بن أبى ليلى قال نادى رجل من أهل الشام يوم صفين أفيكم أويس قالوا نعم قال انى سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول «إن من خير التابعين أويس القرنى» ثم ضرب دابته فدخل فى أصحاب على عليه‌السلام وروى الرويانى فى مسنده وغيره بسند لا بأس به من طريق نوفل بن عبد الله عن الضحاك عن أبى هريرة فذكر حديثا فى وصف الاتقياء الاصفياء قال فقلنا يا رسول الله كيف لنا برجل منهم قال ذاك أويس وساق الحديث وأخرج احمد فى الزهد عن عبد الرحمن بن مهدى عن عبد الله بن أشعت ابن سوار عن محارب بن دمار يرفعه أن من أمتى من لا يستطيع أن يأتى مسجده أو مصلاه من العرى يجزئه ايمانه أن يسأل الناس منهم أويس القرنى وفرات بن حيان

فصل فى استشهاده رضى الله عنه بصفين مع على عليه‌السلام

روى الحاكم فى المستدرك من طريق يحيى بن معين عن أبى عبيدة الحداد أبو مكيس قال رأيت امرأة فى مسجد اويس القرنى قالت كان يجتمع هو وأصحاب له فى مسجده هذا يصلون ويقرؤن القرآن حتى غزوا فاستشهد أويس وجماعة من أصحابه فى الرجالة بين يدى على عليه‌السلام ومن طريق الاصبع بن نباته قال شهدت عليا كرم الله وجهه يوم صفين يقول من يبايعنى على الموت فبايعه تسعة وتسعون رجلا فقال أين التمام فجاء رجل عليه أطمار صوف محلوق الرأس فبايعه فقيل هذا أويس القرنى فما زال يحارب حتى قتل ومن أثناء حديث فى المستدرك أن أويسا كان يقول اللهم ارزقنى شهادة توجب لى الحياة والرزق قال أسير فلم يلبث حتى ضرب على كرم الله وجهه على الناس بعثا فخرج صاحب القطيفة أويس وخرجنا معه حتى نزلنا بحضرة العدو قال ابن المبارك فحدثنى حماد بن سلمة عن الجريرى بن نضرة عن أسير. قال فنادى على عليه‌السلام يا خيل الله أركبى وأبشرى فصف الناس لهم فانتضى أويس سيفه حتى كسر جفنه فالقاه ثم جعل يقول ايها الناس تموا تموا ليتمن وجوه ثم لا ينصرف حتى يرى الجنة فجعل يقول ذلك ويمشى اذ جاءته رمية فاصابت فؤاده فترى مكانه كانما مات منذ زمن وهو صحيح السند. وعن سعيد بن المسيب قال نادى عمر رضى الله عنه بمنى على المنبر يا أهل قرن فقال شيخ

٥٦

أفيكم من اسمه أويس فقال شيخ يا امير المؤمنين ذاك مجنون يسكن القفار والرمال قال ذاك الّذى أعنيه اذا عدتم فاطلبوه وبلغوه سلامى وسلام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعادوا الى قرن فوجدوه فى الرمال فابلغوه سلام عمر وسلام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال عرفنى عمر وشهر اسمى ثم هام على وجهه فلم يوقف له بعد ذلك على أثر دهرا ثم عاد فى أيام على عليه‌السلام فقاتل بين يديه فاستشهد بصفين فنظر فاذا عليه نيف وأربعون جراحة وروى سنان بن هارون عن حمزة الزيات قال حدثنى بشر سمعت زيد بن على يقول قتل أويس يوم صفين وقال أيضا ولو لا أن البخارى ذكر أويسا فى الضعفاء لما ذكرته أصلا فانه من أولياء الله الصادقين وما روى الرجل شيافيضعف أو يوثق اه بحروفه من الميزان للذهبى

فصل فيما جاء فى شبيه خليل الرحمن عبد الله بن ذؤيب الخوالانى

قيل أنه أول من أسلم من أهل اليمن وسماه النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبد الله كما فى الاصابة وغيرها. روى ابن عساكر من طريق اسماعيل بن عباس عن شرحبيل ابن مسلم الخولانى. وابن وهب عن ابن لهيعة. والحافظ أبى طاهر السلفى عن شر حبيل بن مسلم الخولانى أن الاسود بن قيس العنسى الكذاب لما ادعى النبوة باليمن بعث الى أبى مسلم الخولانى فلما جاءه قال أتشهد أنى رسول الله قال ما أسمع فال أتشهد أن محمدا رسول الله قال نعم فردد ذلك عليه فامر بنار عظيمة فاججت فالقى فيها أبو مسلم فلم تضره فقيل للاسود أنفه عنك والا أفسد عليك من اتبعك فامره بالرحيل فانى ابو مسلم المدينة وقد توفى رسول الله عليه وآله وسلّم واستخلف أبو بكر رضى الله عنه فاناخ ابو مسلم راحلته بباب المسجد فقام يصلى الى سارية فبصر به عمر رضى الله عنه فقام اليه فقال ممن الرجل فقال من أهل اليمن قال فلعلك الذى حرقه الكذاب بالنار قال ذلك عبد الله بن ثوب قال نشدتك الله انت هو قال اللهم نعم فاعتنقه ثم بكى ثم ذهب به حتى أجلسه فيما بينه وبين أبى بكر فقال الحمد لله الذى لم يمتنى حتى أرانى فى امة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من فعل به كما فعل بابراهيم صلى‌الله‌عليه‌وسلم خليل الرحمن وفى ذلك يقول صاحب عمود النسب

خولان معشر ذؤيب بن كليب

القاه فى النار وما حرت ذؤيب

عبهلة العنسى ذو الخمار

فكان كالخليل للمختار

فال النووى فى بستان العارفين قلت هذه من أجل الكرامات وأنفس الاحوال الباهرات وأخرج ابن لهيعة أن الاسود العنسى لما ادعى النبوه وغلب على صنعاء أخذ ذؤئب بن كليب

٥٧

فألقاه فى النار لتصديقه بالنبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلم تضره النّار فذكر ذلك النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأصحابه قبل وفاته فقال عمر الحمد لله الذى جعل فى أمتنا مثل إبراهيم وأخرج ابن عساكر من طريق أبى بشر جعفر بن أبى وحشية ان رجلا من خوالان أسلم فاراده قوم الأسود العنسى على الكفر فأبى فالقوه فى النار فلم يحترق منه الا أمكنة لم يكن فيما مضى يصيها الوضوء فقدم على أبى بكر رضى الله عنه فقال له استغفر لى قال أنت أحق قال أبو بكر انك القبيت فى النار فلم تحترق فاستغفر له ثم خرج الى الشام فكانوا يشبهونه بإبراهيم عليه الصلاة والسلام وروى البيهقى بسند صحيح عن سليمان بن المعيزة وابن عساكر عن حميد ابن هلال العدوى وأبو داود فى سننه روايه الاعرابى عن محمد بن زياد وأبو داود وأحمد فى كتاب الزهد عن حميد قالوا ان أبا مسلم الخولانى جاء الى دجلة وهى ترمى الخشب من مدها فقال أجيزوا بسم الله ومر بين أيديهم وفى لفظ أنه وقف على دجلة فحمد الله وأثنى عليه وذكر آلاءه ونعمه ثم قال اللهم أجزت بنى إسرائيل البحر وإنا عبادك وفى سبيلك فأجزنا هذا النهر اليوم تم قال اعبروا بسم الله ومر بين أيديهم فلم يبلغ الماء بطون الخيل حتى عبر الناس كلهم ثم وقف فقال يا معشر المسلمين هل ذهب لاحد منكم شىء فادعو الله تعالى برده وفى لفظ التفت الى أصحابه وقال هل تفقدون من متاعكم شيئا فندعو الله وكان رجل قد القى مخلاته عمدا فقال الرجل مخلاتى وقعت فى النهر فقال له اتبعنى فاذ المخلاة قد تعلقت ببعض اعواد النهر فقال خذها وباسناد الإمام أحمد أيضا أن أبا مسلم كان بأرض الروم فبعث الوالى سرية ووقت لهم وقتا فابطاوا عن الوقت فاهتم أبو مسلم بابطائهم فبينما هو يتوضأ على شط نهر وهو يحدث نفسه فى أمرهم إذ وقع غراب على شجرة مقابلة فقال يا أبا مسلم اهتممت بأمر السرية فقال أجل فقال لا تهتم فانهم غنموا وسيردون عليكم يوم كذا فى وقت كذا فقال له أبو مسلم من أنت يرحمك الله فقال أنا مفرح قلوب المؤمنين فجاء القوم فى الوقت الذى ذكر على ما ذكر. وباسناد أحمد أن أبا مسلم كان جالسا مع أصحابه فى أرض الروم يحدثهم فقالوا يا أبا مسلم قد اشتهينا اللحم فلو دعوت الله تعالى يرزقنا فقال اللهم قد سمعت قولهم وأنت على ما سألوا قادر فما كان الا أن سمعوا صياح العسكر فإذا بظبى قد أقبل حتى مر بأصحاب أبى مسلم فوثبوا اليه فاخذوه. وباسناد النووى الى عطاء عن أبيه قال قالت امرأة أبى مسلم يعنى الخولانى يا أبا مسلم ليس لنا دقيق قال عندك شىء قالت درهم بعنابه غزلا قال أبغينيه أى أعطينيه وهاتى الجراب فدخل السوق فوقف على رجل يبيع الطعام

٥٨

فوقف عليه سائل وقال ايابا مسلم تصدق على فهرب منه وأتى حانوتا اخر فتبعه السائل فقال تصدق علينا فلما أضجره أعطاه الدرهم ثم عمد الى الجراب فملاءه من نحاتة النجارين مع التراب ثم أقبل الى باب منزله فنقر الباب وقلبه مرعوب من أهله فلما فتحت الباب رمى بالجراب وذهب فلما فتحته إذا هو بدقيق حوارى فعجنت وخبرت فلما ذهب من الليل الهوى جآء أبو مسلم فنقر الباب فلما دخل وضعت بين يديه خوانا وارغفة حوارى فقال من أين لكم هذا فقالت يا أبا مسلم من الدقيق الذى جئت به فجعل يأكل ويبكى قال النووى قلت ما انفس هذه الحكاية واكثر فوائدها اه وباسناد أبى نعيم الى محمد ابن زياد عن أبى مسلم الخولانى ان امرأته خبثت فدعا عليها فذهب بصرها فاتته فقالت يا أبا مسلم قد كنت فعلت وفعلت ولا أعود لمثلها فقال اللهم ان كانت صادقة فاردد عليها بصرها قال فابصرت اه من الجزء الثالث من سيرة الشامى وبستان العارفين للنووى والجزء الثانى من الحلية لابن نعيم والجزء ٢ من الخصائص للسيوطى دخل أبو مسلم على معاوية فقال السلام عليك أيها الاجير فقالوا قل السلام عليك أيها الأمير فقال السلام عليك أيها الاجير فقالوا قل السلام عليك أيها الأمير فقال السلام عليك أيها الأجير فقال لهم معاوية دعوا أبا مسلم فانه أعلم بما يقول فقال أبو مسلم انما أنت أجير استأجرك رب هذه الغنم لرعايتها فان أنت هنأت جرباها وداويت مرضاها وحبست أولاها على أخراها وقال سيدها وان أنت لم تهنأ جرباها ولم تداو مرضاها ولم تحبس أولاها على أخرها عاقبك سيدها

فصل فيما ذكر الأنبياء المدفونين باليمن

المشهور منهم نبى الله ورسوله الى قوم عاد هود عليه الصلاة والسلام قبره فى حضرموت فى الكثب الأحمر كما فى تحفة الزمن وله شهرة عظيمة عند أهل حضرموت يتوارثها الأبناء عن الآباء ويعملون له زيارة كبيرة فى كل سنة تشترك فيها جميع قبائل حضر موت وبعض قبائل الشمال مع ما بينهم من الحروبات الدائمة والغارات المستمرة والأحقاد المتأصلة فينبذونها من قلوبهم كان لم تكن مدة ايام الزيارة وحتى ترجع كل قبيلة الى مربعها وتعدى حدود بلادها احتراما لهذا النبى الكريم وقيل أن فى حضور اثنا عشر نبيا مدفونين وفى تحفه الزمن للحافظ ابن الديبع قال ومنهم شعيب المرسل لا أهل حضور كصبور وهو جبل غربى صنعاء وبه قبره وبيته معروف ومشهور وهو غير نبي الله شعيب المرسل لأهل مدين والله أعلم وعن أبى الطفيل عامر بن وائلة قال سمعت على بن أبى طالب يقول لرجل من حضر موت أرأيت كثيبا أحمر بخالطه مدرة حمراء وسدر

٥٩

كثير بناحية كذا وكذا من حضرموت هل رأيته قال يا أمير المؤمنين انك لتنعته نعت رجل قد رآه قال لا ولكن حدثت عنه قال الحضرمى ما شأنه يا أمير المؤمنين قال فيه قبر هود أخرجه الحاكم فى المستدرك وسكت عليه وكذا الذهبى وفى الكنز ج ٦ ص ٣١٠ عن أصبغ بن نباته قال أقبل رجل من حضرموت فاسلم على يدى على فقال له على أتعرف الاحقاف فقال له الرجل كأنك تسأل عن قبر هود قال نعم قال خرجت وأنا فى عنفوان شبيبتى فى غلمة من الحى ونحن نريد أن نأتى قبره لبعد صوته (كذا) فينا وكثرة من يذكره منافسرنا فى بلاد الاحقاف أياما ومعنا رجل قد عرف الموضع فانتهينا الى كثيب أحمر فيه كهوف كثيرة فمضى بنا الرجل الى كهف منها فدخلنا فامعنا فيه طويلا فانتهينا الى حجرين قد أحدهما دون الاخر وفيه خلل يدخل فيه الرجل النحيف فدخلته فرأيت رجلا على سرير شديد الادمة طويل الوجه كث اللحية قد يبس على سريره فاذا مسست شيئا من جسده أصبته صليبا لم يتغير ورأيت عند رأسه كتابا بالعربية أنا هود الذى أسفت على عاد بكفرها وما كان لامر الله من مرد فقال لنا على كذلك سمعت من أبى القاسم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رواه ابن عساكر

الباب السابع

فى كتب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى عظماء أهل اليمن

يدعوهم الى الاسلام

مقدما كتاب رسول الله الى كسرى لعلاقته باسلام باذان نائبه بصنعاء وهذا نصه (بسم الله الرّحمن الرّحيم من محمد رسول الله الى كسرى عظيم فارس سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله وشهد ان لا اله الا الله وأن محمدا عبده ورسوله وانى أدعوك بدعاء الله وانى رسول الله الى الناس كافة لانذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين فاسلم تسلم وان توليت فان اثم المجوس عليك) فلما قرأه شقه وقال يكتب الى بهذا ويقدم اسمه على اسمى ثم كتب الى باذان باليمن أن ابعث الى هذا الرجل الذى بالحجاز رجلين من عندك جلدين فليأتيانى به فبعث باذان رجلا اسمه نابوه وكان كاتبا حاسبا ورجلا آخر من الفرس يقال له خر خسرو وكتب معهما كتابا الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأمره أن يذهب معهما الى كسرى وقال لنابوه أن يفحص حقبقة

٦٠