نثر الدرّ المكنون

السيد محمد بن علي الاهدلي الحسيني اليمني الازهري

نثر الدرّ المكنون

المؤلف:

السيد محمد بن علي الاهدلي الحسيني اليمني الازهري


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
المطبعة: مطبعة زهران
الطبعة: ١
الصفحات: ١٥٣

فصل فى وفد غامد

هى قبيلة من الازد بجبال السراة من اليمن قدم عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سنة عشر من غامد فنزلوا فى بقيع الغرقد وفيه يومئذ أثل وطرفاء ثم انطلقوا الى النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخلفوا أصغرهم فى رحالهم فاقروا بالاسلام وسلموا على النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكتب لهم كتابا فيه شرائع الاسلام وقال لهم «من خلفتم فى رحالكم» قالوا أحدثنا سنا قال «فانه قد نام عن متاعكم حتى أتى آت فاخذ عيبة أحدكم» فقال أحدهم ما لاحد عيبة غيرى فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «قد أخذت وردت الى موضعها» فخرجوا حتى أتوا رحالهم فسألو الذى خلفوه فقال فزعت من نومى ففقدت العيبة فقمت فى طلها فاذا رجل كان قاعدا فثار يعد ومنى فانتهيت الى حيث ينتهى فاذا اثر حفر واذا هو قد غيب العيبة فاستخرجتها فقالوا نشهد أنه رسول الله فانه قد أخبرنا خبرها وانها قد ردت فرجعوا وأخبروه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجاء الغلام الذى خلفوه فاسلم وأمر النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أبى من كعب أن يعلمهم قرآنا ثم أجازهم كما يجيز الوفود وانصرفوا الى بلادهم اه

فصل فى وفد سعد هذيم

قبيلة من قضاعة من قبائل اليمن كما فى تاريخ الخميس عن النعمان قال قدمت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وافدا فى نفر من قومى وقد أوطأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم البلاد أى جعلها موطؤة قهرا وغلبة واستولى عليها والناس صنفان إما داخل فى الاسلام راغب فيه وأما خائف من السيف فنزلنا ناحية من المدينة ثم خرجنا نؤم المسجد حتى انتهينا الى بابه فنجد رسول الله صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم يصلى على جنازة فى المسجد وهى سهل بن بيضاء فقمنا خلفه ولم ندخل مع الناس فى صلاتهم وقلنا حتى يصلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونبايعه ثم انصرف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فنظر الينا فدعا بنا فقال «ممن أنتم» فقلنا بنى سعد بن هذيم فقال «أمسلمون أنتم؟» قلنا نعم فقال «هل صليتم على أخيكم؟» فقلنا يا رسول الله ظننا ان ذلك لا يحوز لنا حتى نبايعك فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «أينما أسلمتم فانتم مسلمون» قال فأسلمنا وبايعنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم انصرفنا الى رحالنا وقد كنا خلفنا عليها أصغرنا فبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فى طلبنا فأتى بنا اليه فتقدم صاحبنا فبايعه على الاسلام فقلنا يا رسول الله انه أصغرنا وأنه خادمنا فقال

١٠١

«أصغر القوم خادمهم بارك الله عليه» قال النعمان فكان والله خيرنا وأقرأنا للقران لدعاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم أمره رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علينا فكان يؤمنا فلما أردنا الانصراف امر بلالا فاجازنا باواق اه

فصل فى وفادة فيرون الديلمى رضى الله عنه

وهو من ابناء فارس الذين بعثهم كسرى الى اليمن مع سيف بن ذى يزن فنفوا الحبشة عن اليمن فلما بلغهم امر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفد فيروز بن الديلمى على النبى وفدا عن باذان نائب كسرى على اليمن فاسلم وسمع منه وروى عنه احاديث فمن اهل الحديث من يقول حدثنا فيروز بن الديلمى وبعضهم يقول الديلمى وهو واحد يعنون فيروز بن الديلمى وسأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن شراب القمح فقال «أيسكر» قال نعم قال «لا تشربوه» فقال يا رسول الله انا بارض باردة وانا نستعين بشرابه فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «ا يسكر» قال نعم قال «فلا تشربوه» فقال فيرون فانهم لا يصبرون عنه قال «فان لم يصبروا فاقتلهم» وكان يكنى فيروز ابا عبد الله وكان فيمن قتل الاسود الكذاب الذى ادعى النبوة فى اليمن فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قتله الرجل الصالح فيروز الديلمى ومات فى خلافة عثمان رضى الله عنه

فصل فى وفد النخع بفتح النول والخاء المعجمتين

وهم أخر الوفود وكانت وفادتهم سنة احدى عشرة فى النصف من المحرم وفد على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مائتا رجل مقرين بالاسلام وقد كانوا بايعوا معاذ بن جبل رضى الله عنه وعنهم فقال رجل منهم يقال له زرارة بن عمرو يا رسول الله انى رأيت فى سفرى هذا عجبا وفى رواية رأيت رؤيا هالتنى قال وما رأيت قال رأيت اتانا نركبها فى الحى ولدت جديا اى وهو ولد المعز أسفع أحوى والاسفع الذى سواده مشرب بحمرة والاحوى ليس شديد السواد فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هل تركت لك امة مصرة على حمل قال نعم قال فانها قد ولدت غلاما وهو ابنك قال يا رسول الله فما له اسفع احوى قال «ادن منى ، فدنا منه فقال هل بك برص تكتمه قال والذى بعثك بالحق ما علم به أحد ولا اطلع عليه غيرك قال هو ذاك قال يا رسول الله ورأيت النعمان من المنذر أى وهو ملك عرب الحيرة عليه قرطان أى والقرط ما يكون فى شحمة الاذن ودملجان بضم اللام وفتحها ومسكتان بفتح الميم والسين المهملة قال ذلك ملك العرب رجع الى أحسن زيه وبهجته قال يا رسول الله ورأيت عجوزا شمطاء أى يخالط شعر رأسها الابيض شعر اسود

١٠٢

خرجت من الارض قال تلك بقية الدنيا قال ورأيت نارا أخرجت من الارض فحالت بينى وبين ابن لى يقال له عمرو وهى تقول لظى لظى بصير واعمى اطعمونى أكلكم وأهلكم ومالكم فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تلك فتنة تكون فى أخر الزمان» قال يا رسول الله وما الفتنة قال «يقتل الناس إمامهم ويشتجرون اشتجار أطباق الرأس» أى يشتبكون فى الفتنة اشتباك أطباق الرأس وخالف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين أصابعه «يحسب المسىء فيها أنه محسن ويكون دم المؤمن عند المؤمن أسهل» وفى رواية «أحلى من شرب الماء وان مات ابنك أدركت الفتنة وان مت أنت أدركها ابنك» قال يا رسول الله ادع الله إنى لا أدركها فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «اللهم لا تدركها اياه» فمات وبقى ابنه عمرو ولم يجتمع بالنبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهو تابعى وكان ممن خلع عثمان قلت وفى الاصابة بترجمة أرطاة ما نصه قال ابن أبى شيبة حدثنا ابن ادريس عن حنش بن الحارث عن أبيه قال مرت النخع فى خلافة عمر رضى الله عنه فاتاهم فتصفحم وهم ألفان وخمسمائة وعليهم رجل يقال له أرطاة قد تقدم فى الوفد الثانى عشر فقال لهم انى لأرى السر فيكم سريعا سيروا الى أخوانكم من أهل العراق فقالوا نسير الى الشأم قال سيروا الى العراق فساروا الى العراق ورواه عن أبى نعيم عن حنش سمعت أبا الحارث يذكر قال قدمنا من اليمن فنزلنا المدينة فخرج علينا عمر فطاف فى النخع نحوه وزاد فاتينا القادسية فقتل منا كثير ومن سائر الناس قليل فسئل عمر عن ذلك فقال ان النخع ولو أعظم الامر وحده اه أحله؟؟؟ وحدهم

فصل فى وفد نهد من حضرموت

وفد على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفد نهد فيهم طهفة ابن زهير النهدى فقال يا رسول الله أتيناك من غورآء تهامه باكوار الميس ترمى بنا العيس نستحلب الصبير ونستخلب الخبير ونستعضد البرير ونستخيل الرهام ونستجيل الجهام من أرض غائلة النطا غليظة الوطا نشف المدهن ويبس الجعثن وسقط الاملوج ومات العسلوج وهلك الهدى ومات الودى برئنا اليك يا رسول الله من الدثن والعنن وما يحدث الزمن لنا دعوة الاسلام وشريعة الاسلام ما طما البحر وقام تعار ولنا نعم همل أغفال ما تبض ببلال ووفير كثير الرسل أصابتها سنية حمراء مؤزلة ليس بها علل ولا نهل

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «اللهم بارك لهم فى محضها ومخضها ومذقها وابعث راعيها فى الدثر ويانع الثمر وافجر له الثمد وبارك فى المال والولد

١٠٣

من أقام الصلاة كان مسلما ومن أتى الزكاة كان محسنا ومن شهد أن لا اله الا الله كان مخلصا لكم يا بنى نهد ودائع الشرك ووضائع الملك لا تلطط فى الزكاة ولا تلحد فى الحياة ولا تثاقل فى الصلاة»

وكتب معه كتابا الى بنى نهد صورته :

بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله الى بنى نهد بن زيد السلام على من آمن بالله ورسوله لكم يا بنى نهد فى الوظيفة الفريضة ولكم العارض والفريش وذو العنان الركوب والفلو الضبيس لا يمنع سرحكم ولا يغضد طلحكم ولا يحبس دركم ما لم تضمروا الرماق وتأكلوا الرباق من اقر بما فى هذا الكتاب فله من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الوفاء بالعهد والذمة ومن ابى عليه فعليه الربوة اه

فصل فى تفسير الفاظ طهفة

عن على بن أبى طالب كرم الله وجهه ورضى عنه قلنا يا نبى الله نحن بنو أب واحد ونشأنا فى بلد واحد ولك تتكلم بلسان العرب ما لا نعرف اكثره فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «ان الله ادبنى فاحسن تأديبى» أى علمنى رياضة ومحاسن الاخلاق الظاهرة والباطنة «ونشأت فى بنى سعد بن بكر» اى فجمع لى بذلك قوة عارضة البادية وجزالتها وخلوصى الفاظ الحاضرة ورونق كلمها قال فى المواهب وتحتاج هذه الالفاظ البالغة اعلا أنواع البلاغة الى التفسير فغورى تهامة ما تحدر منها والاكوار الرحل والميس بفتح الميم وسكون التحتية شجر صلب يعمل منه رحال الابل وتستحلب بالحاء المهملة الصبير بفتح الصاد المهملة وكسر الموحدة سحاب أبيض متراكب بتكائف اى نستدر السحاب ونستخلب الخبير بالخاء المعجمة فيهما والخبير هو العشب فى الارض شبه بخبير الابل وهو وبرها واستخلابه احتشاشه بالخلب وهو المنجل ويقال له الشريم وقيل نستخلب الخبير اى نقطع النبات ونأكله ونستعضد البرير وهو تمر الاراك اى نقطعه لقلة الزاد ونستخيل الرهام بكسر الراء الامطار الضعيفة واحدتها رهمة اى نتخيل المآء فى السحاب القليل ونستجيل الجهام اى نراه جائلا يذهب به الريح ههنا وههنا والجهام بفتح الجيم السحاب الذى فرغ ماؤه وقيل نستخيل بالخآء المعجمة اى لا نتخيل فى السحاب الا المطر وان كان جهاما لشدة احتياجنا اليه وقوله من أرض غائلة النطا بكسر النون اى المهلكة للبعد يقال بلد نطىء أى بعيد والمدهن بالضم نقرة فى الجبل يجتمع فيها الماء وكل موضع حفره السيل وآله المدهن وقارورته وهذا كناية عن جفاف الماء فى جميع نواحيهم والجعثن بالجيم المعجمة والثاء المثلثه المكسورتين بينهما

١٠٤

بينهما مهملة ساكنة أخره نون أى أصل النبات والأملوج بضم الهمزة واللام وبالجيم ورق شجر يشبه الطرفاء والعسلوج بضم الميم واسكان السين وضم اللام أخره جيم معجمة أى الغصن أى يبست أغصان الشجر وهلكت من الجدب وهلك الهدى بفتح الهاء وسكون الدال ما يهدى الى البيت الحرام من النعم لينحر فاطلق على جميع الابل وان لم تكن هدايا لصلوحها له تسمية للشىء ببعضه ومات الودى بتشديد الياء أى فسيل النخل يريد هكلت الابل ويبس النخيل وقوله برئنا اليك من الوثن اى من الصنم بمعنى تركوا عبادة الاصنام والعنن الشرك والظلم وقيل أراد به الخلاف والباطل وقوله ما طما البحر اى ارتفع بامواجه وقوله تعار بكسر المثاة الفوقية بعدها عين مهملة فالف فراء بوزن كتاب اسم جبل ولنا نعم همل بفتحتين أى مهملة لا رعاة لها ولا من يصلحها ويهديها كانها ضالة واغفال اى لالين بها والوقير القطيع من الغنم كثير الرسل بفتح الراء اى شديد التفرق فى طلب المرعى وقوله سنية بالتصغير وحمراء شديدة الجدب ومؤزلة كناية عن شدة قحطها وكانها سنين عديدة وليس لها علل اى شرب ثانيا ولانهل اى شرب أولا

فصل فى تفسير الفاظه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

«اللهم بارك لهم فى محضها» بالحاء المهملة والضاد المعجمة أى خالص لبنها «ومخضها» بالمعجمتين ما مخض من اللبن وأخذ زبده «ومذقها» اى اللبن الممزوج بالماء «وابعث راعيها فى الدثر» بالدل بالمهملة المفتوحة ثم المثلثة الساكنة ويجوز فتحها ثم الراء اى المال الكثير وقيل الخصب والنبات الكثير لانه من الادثار وهو الغطاء لانها غطى وجه الارض «وفجر له الثمد» بفتح المثلثة واسكان الميم وتفتح ألماء القليل اى صيره كثيرا وقوله «ودائع الشرك» قيل المراد بها العهود والمواثيق التى كانت بينهم وبين من جاورهم من الكفار هو وضائع الملك» بكسر الميم اى الوظائف التى تكون على الملك وهو ما يلزم الناس فى اموالهم من الزكاة والصدقة بمعنى لكم وظائف المسلمين الدين عندكم لا تناط بغيركم وقوله لا «تلطلط» بضم المثناة الفوقية ثم اللام الساكنة ثم طاءين الاولى مكسورة والثانية ساكنة اى لا تمنع الزكاة يقال لط الغريم اى منع اعطاء الحق «ولا تلحد» بضم المثناة الفوقية واسكان اللام وكسر الحاء المهملة أخره دال مهملة اى لا تمل عن الحق ما دمت حيا والخطاب لطهفة بن رهم ويروى ولا تلطط فى الزكاة وتلحد فى الحياة بصيغة التفعل «ولا تتثاقل عن الصلاة» اى لا تتخلف عنها وعن ادائها فى وقتها وقوله فى الكتاب «وفى الوظيفة الفريضة» اى الحق الواجب والفريضة هى الهرمة المسنة التى انقطعت عن العمل والأنتفاع بها

١٠٥

أى لا تأخذ فيها الصدقات هذا الصنف كما لا تأخذ خيار المال «والفارض» بالفاء والضاد المعجمة المريضة اى فهى لكم ولا تأخذها فى الزكاة أيضا «والفريش» بالفاء وكسر الراء وتحتية ساكنة أخرها شين معجمة الابل الحديثة العهد بالنتاج كالنفاس من بنى أدم اى لكم خيار المال كالفريش لانها لبون نفيسة «ولكم شراره» أيضا كالفريضة والفارض «ولنا وسطه» رفقا بالفريقين «وذو العان» بكسر العين ونونين بينهما الف سير اللجام «والركوب» بفتح الراء أى الفرس «والذلول» أى المذلل المركوب أى لا تؤخذ الزكاة من الفرس المعد للركوب بحلاف المعد لغير الركوب بل للتجارة «والفلو» بفتح الفاء وضم اللام وشد الواو المهر الصغير و «الضبيس» بفتح المعجمة وكسر الموحدة أخره سين مهملة المهر العسر الركوب الصعب امتن عليهم بترك الصدقة فى الخيل جيدها وهو ذو العنان الركوب ورديها وهو الفلو الضبيس أى أظهر المنة عليهم فى ذلك لان الله تعالى ما أوحى اليه بأخذ الزكاة فى ذلك لا عليهم ولا على غيرهم وقوله «لا يمنع سرحكم» بضم المشاة انتحتيه وفتح النون وفتح السين وسكون الراء المهملة وبالحاء المهملة ما سرح من المواشى أى لا يدخل عليكم أحد فى مراعيكم «ولا يعضد طلحكم» أى لا يقطع شجركم الذى لا ثمر له فغيره من باب أولى وقوله «ولا يحبس دركم» أى ذوات اللبن عن المرعى الى ان تجتمع الماشية ثم تعد أى يعدها الساعى لما فيه من ضرر صاحبها لعدم رعيها ومنعها درها القصد الرفق بمن تؤخذ منهم الزكاة أى لا تؤخذ ذوات الدر «ما لم تضمروا الآماق» أى ما لم تحلفوا «وتكتموا الآماق» اى الغدر والبغض وفى رواية الرماق وهو الغدر أيضا وقال الزمخشرى هو الكفر وقوله «وتاكلوا الرباق» بكسر الراء وبالموحدة المخففة جمع ربق أصله الحبل الذى يجعل فيه عرى وتشد به البهيمة لتتخلص من الرباط أى لا أن تنقضوا العهد فعليكم ما على الكفرة وقوله «فعليه الربوة» بكسر الراء وفتحها وضعها أى الزيادة يعنى من تقاعد عن اعطاء الزكاة فعليه الزيادة فى الفريضة عقوبة له وهو صادق باى زيادة كانت أى زيادة فى عقوبته ولو بقناله فان مانع الزكاة يقاتل قال فى المواهب فانظر الى هذا الدعاء والكتاب الذى انطبق على لغتهم أى من حيث المماثلة فى غرابة الالفاظ مع أنه زاد عليها فى الجزالة أى حسن النظم والتأليف وقد كان من خصائصه صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله أن يكلم كل ذى لغة بلغته على اختلاف لغة العرب وتركيب الفاظها وأساليب كلمها فلما كان كلام من تقدم على هذا الحذو وبلاغتهم على هذا النمط وأكثر استعمالهم لهذه الالفاظ

١٠٦

استعملها معهم فاستعمالها مع من هى لغته لا يخل بالفصاحة بل هى من أعلى طبقاتها اللهم زده شرفا وتعظيما ومهابة واجلالا ووفقنا لمحبته والعمل بسنته وتوفنا على ملته واحشرنا تحت لوائه واجعلنا من أحبائه ورفقائه ومن المحبوبين لديه أمين اللهم امين

فصل فى وفد مذحج

وفد على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ظيان بن حداد فى سراة مذحج فقال بعد السلام على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والتناء على الله عزوجل بما هو أهله الحمد لله الذى صدع الارض بالنبات وفتق السماء بالرجع ثم قال نحن قوم من سرات مذحج من بحائر بن مالك ثم قال فتوقلت بنا القلاص من اعالى الحوف ورؤس الهضاب يرفعها عوار الربا ويخفضها بطنان الرفاق وتلحقها دياجى الدجا ثم قال وسروات الطايف كانت لبنى مهلائيل بن قيان غرسوا ودانها وذللوا خشانه ورعوا قربانه ثم ذكر نوحا حين خرج من السفينة بمن معه ثم قال فكان أكثر بنيه بناتا واسرعهم نباتا عادا وثمودا فرماهم الله بالدمالق وأهلكهم بالصواعق ثم قال وكانت بنوهانىء من ثمود تسكن الطائف وهم خطوا مشاربها وأتوا جداولها واحيوا غراسها ورفعوا عريشها ثم قال ان حمير ملكوا معاقل الارض وقرارها وكهول النّاس وعمارها ورؤس الملوك وغرارها فكان لهم البيضاء والسوداء وفارس الحمراء والجزية الصفراء فبطروا النعم واستحقوا النقم فضرب الله بعضهم بعض ثم قال وان قبائل من الازد نزلوا على عهد عمرو بن عامر ففتحوا فيها الترائع وبنوا فيها المصانع واتحذوا الدسائع ثم ترامت مذحج باسنتها وتنزت باعنتها فغلب العزيز ذليلها وقتل الكثير أقلها ثم قال وكان بنو عمرو بن حدبة يخبطون عصيدها ويأكلون حصيدها ويرشحون خضيدها

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «ان نعيم الدنيا أقل واصغر عند الله من خرء بعوضة ولو عدلت عند الله جناح ذباب لم يكن لكافر خلاق ولا لمسلم منها لحاق» اه

فصل فى قوم وائل بن حجر ملك حضرموت

روى البخارى فى تأريخه والبزار والطبرانى والبيهقى عن وائل بن حجر قال بلغنا ظهور رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنا بملك عظيم وطاعة عظيمة فرفضت ذلك ورغبت الى الله ورسوله وفى دينه فلما قدمت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واخبرنى اصحابه انه بشرهم بمقدمى عليهم قبل ان اقدم بثلاث أيام زاد الطبرانى فلما قدمت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم رد (هنا بياض فى الاصل) على وبسط لى

١٠٧

رداءه واجلسنى عليه ثم صعد منبره واقعدنى معه فرفع يديه وحمد الله واثنى عليه واجتمع الناس اليه فقال لهم ايها الناس هذا وائل بن حجر قد اتاكم من ارض بعيدة من حضرموت طائعا غير مكره راغبا فى الله ورسوله وفى دينه بقية ابناء الملوك فقلت يا رسول الله ما هو الا ان بلغنا ظهورك ونحن فى ملك عظيم وطاعة عظيمة فاتيتك راغبا فى الله وفى دينه قال صدقت وعن وائل بن حجر قال جئت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال «هذا وائل بن حجر جاءكم لم يحثكم رغبة ولا رهبة جاءكم حبا لله ولرسوله» وبسط رداءه واجلسه الى جنبه وضمه اليه وصعد به المنبر فخطب الناس فقال ارفعوا به فانه حديث عهد بالملك فقلت ان أهلى غلبونى على ملكى فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «أنا اعطيكه وأعطيك ضعفه» الحديث رواه الطبرانى بسند لا بأس به وذكره ابن سعد وأبو عمر بأبسط من هذاين يزيد احدهما على الاخر قال أبو عمر هو وائل بن حجر بن ربيعة بن وائل الحضرمى يكنى (١) من اقيال حضرموت وكان أبوه من ملوكهم وروى الطبرانى وأبو نعيم ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم اصعده على المنبر ودعا له ومسح رأسه وقال «اللهم بارك فى وائل وولده وولد ولدوه» ونؤدى الصلاة جامعة ليجتمع الناس سرورا لقدوم وائل بن حجر وامر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معاوية ابن أبى سفيان ان ينزله منزلا بالحيرة فمشى معه ووائل راكب فقال له معاوية اردفنى قال لست من ارداف الملوك قال فالق لى نعليك قال لا لأنى لم اكن لألبسها وقد لبستها قال ان الرمضاء احرقت قدمى قال إمشى فى ظل ناقتى كفاك به شرفا فلما اراد الشخوص الى بلاده كتب له صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كتابا بما طلب وزيادة تقدم فى الفصل الخامس قلت وهذه اصح الروايات لم يثبت ان معاوية ذهب الى حضر موت او غيرها من البلاد اليمانية

فصل فى وفد أحمس بطن من بجيلة

قال ابن سعد رحمه‌الله تعالى وفد قيس بن عذرة الأحمسى على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فى مائتين وخمسين رجلا من أحمس فقال لهم النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «من أنتم» قال أحمس الله تعالى وكان يقال لهم ذلك فى الجاهليه فقال لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأنتم اليوم لله وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لبلال «اعط ركب بجيلة وأبدء بالأحمسيين» ففعل وعن طارق بن شهاب رضى الله عنه قال قدم وفد بجيلة على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال «اكتبو البجليين وابدؤا بالأحمسيين»

__________________

(١) بياض فى الأصل

١٠٨

فصل فى وفد بارق

وفد على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وفد بارق فدعاهم الى الاسلام فاسلموا وبايعوه وكتب لهم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كتابا تقدم فى الباب الساس

فصل فى وفد جيشان

وقدم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وفد جيشان عن نفيل بن سعد عن عمرو بن شعيب قال قدم أبو وهب الجيشانى. على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فى نفر من قومه فسألوه عن أشربة تكون باليمن فسموا له البتع من العسل والمزر من الشعير فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «هل تسكرون منها» قالوا نعم أن أكثرنا يسكرنا قال «فحرام قليل ما اسكر كتيره» وسألوه عن الرجل يتخذ الشراب عماله فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «كل مسكر حرام» اه

فصل فى وفد الرهاويين بطن من مذحج

وقدم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفد الرهاويين روى الطبرانى برجال ثقات عن قتادة الرهاوى رضى عنه قال لما عقدلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على قومى اخذت بيده فودعته فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جعل الله التقوى زادك وغفر ذنبك ووجهك للخير حيث سرت وروى ابن سعد فى وفادة العرب عن أبى طلحة التيمى قال قدم خمسة عشر رجلا من الرهاويين وهم حى من مذحج على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فنزلوا دار رملة بنت الحارث فاتاهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتحدث عندهم طويلا واهدوا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فرسا يقال له المرواح فأمر به فسور بين يديه فاعجبه فاسلموا وتعلموا القرآن والفرائض وأجازهم بارفع ما يجيز به الوافد ثم رجعوا الى بلادهم وقدم منهم نفر فحجوا مع رسول الله صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم من المدينة واقاموا معه فى المدينة الشريفة حتى انتقل الى الرفيق الاعلا ووصى لهم بخادم ووسق هكذا بخيبر فى الكتيبة جارية عليهم وكتب لهم به كتابا فباعوا ذلك فى زمن معاوية

فصل فى وفد زبيد بضم الزاى

وقدم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفد زبيد فى السنة التى انتقل فيها الى الرفيق الاعلا رأت زبيد قبائل اليمن تقدم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مصدقين به ثم يرجع راجعهم الى بلادهم وهم على ما هم عليه وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم استعمل خالد بن سعيد بن العاص على صدقاتهم ارسله

١٠٩

مع فروة بن مسيك المرادى فقالوا لخالد والله لقد دخلنا فيما دخل فيه الناس وصدقنا بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخلينا بينك وبين صدقات أموالنا وكنا لك عونا على من خالفك من قومنا قال خالد قد فعلتم قالوا فأوفد منا نفرا يقدمون على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويخبرونه باسلامنا ويقيسون منه خيرا قال خالد ما أحسن ما دعوتم اليه وانا أجيبكم ولم يمنعنى ان أقول لكم هذا الا أنى رأيت وفود العرب تمربكم فلا يهيجنكم ذلك على الخروج فساءنى ذلك منكم حتى ساء ظنى بكم وكنتم على ما كنتم عليه من احداث عهدكم بالشرك فخشيت ان يكون الاسلام لم يرسخ فى قلوبكم فاما إذا طلبتم ذلك فانا ارجوا ان يكون الاسلام راسخا فى قلوبكم

فصل فى وفد عبد الله بن ذباب الآنسى

روى ابن سعد عن عبد الرّحمن بن سبرة الجعفى قال لما سمعوا بظهور رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وثب ذباب رجل من بنى آنس الله بن سعد العشيرة الى صنم كان لسعد العشير يقال له قراض فحطمه ثم وفد الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال

تبعت رسول الله إذ جاء بالهدى

وخلفت قراضا بدار هوان

شددت عليه شدة فتركته

كان لم يكن والدهر ذو حدثان

ولما رأيت الله اظهر دينه

اجبت رسول الله حين دعانى

فاصبحت للاسلام ما عشت ناصرا

والقيت فيه كلكلى وجرانى

فمن مبلغ سعد العشيرة اننى

شريت الذى يبقى بآخر فانى

وروى بن سعد عن عبد الله بن شريك النخعى قال كان عبد الله بن ذباب الآنسى مع أمير المؤمنين على عليه‌السلام بصفين فكان له عناء عظيم فى نصرته رضى الله عنه وارضاه آمين

فصل فى وفادة ربيعة العنسى

وفد على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ربيعة بن رداءة العنسى فوجده يتعشى فدعاه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى العشاء فأكل وقال له «اتشهد ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله» فقال ربيعة أشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا عبده ورسوله فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «راغبا أو راهبا» فقال ربيعة اما الرغبة فو الله ما بيدك مال وأما الرهبة فو الله انا لببلاد ما تبلغها جيوشك ولا خيولك ولكنى خوفت فجئت وقيل لى آمن فآمنت فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «رب خطيب من عنس» فاقام يختلف الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم جاءه فودعه فقال له النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «اذا احسست حسا

١١٠

فزائل الى أهل قرذة» فخرج فأحس حسا فولى الى أهل قردة فمات بها رضى الله عنه اه جامع المسانيد والسنن عن الطبرانى وأخرجه بن سعد فى طبقاته والشامى فى سيرته

فصل فى وفادة أبى سبرة

وهو يزيد ، مالك بن عبد الله بن الذؤيب بن سلمة بن عوف بن ذهل بن مران ابن جعفى وفد على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومعه أبناه سبرة وعزيز فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعزيز «ما اسمك» قال عزيز فقال له «لا عزيز الا الله أنت عبد الرحمن» فاسلموا وقال له أبو سبرة يا رسول الله ان ببطن كفى سلعة قد منعتنى من خطام راحلتى فدعا له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقدح فجعل يضرب به على السلعة ويمسحها فذهبت ودعا له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولابنه وقال لرسول الله اقطعنى وادى قومى باليمن وكان يقال له حردان ففعل وعبد الرحمن هو أبو خيثمة بن عبد الرحمن اخرجه ابن سعد واخرجه البيهقى عن الواقدى والطبرانى عن أبى سبرة

فصل فى وفادة قيس بن مالك الأرحبى

قال ابن سعد اخبرنا هشام بن محمّد قال حدثنا هانى ابن مسلم بن قيس ابن عمرو ابن مالك الارحبى المهدانى عن اشياخهم قالوا قدم قيس بن مالك بن سعد بن لأى الارحبى على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو بمكة قبل الهجرة فقال يا رسول الله اتيتك لاؤمن بك وانصرك فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «مرحبا أتأخذونى بما فى يا معشر همدان» قال نعم بابى وامى قال «فاذهب الى قومك فاءن فعلوا فارجع اذهب معك» فخرج قيس الى قومه ارحب فاسلموا واغتسلوا فى جوف المحورة وتوجهوا الى القبلة ثم خرج باسلامهم الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال قد اسلم قومى وامرونى فقال النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «نعم وافد القوم قيس» وقال «وفيت وفى الله لك» ومسح بناصيته وكتب عهده على قومه واطعمه ثلاثمائة فرق من خيوان مائتان زبيب وذرة شطران ومن عمران الجوف مائة فرق برجارية ابدا من مال الله (والفرق مكيال لاهل اليمن) اه باختصار من طبقات ابن سعد. وفى الاصابة فى ترجمة نمط بن قيس ان وفد ارحب كانوا مائة وعشرين رجلا وقد تقدم فى الباب الرابع بيان من خرج وفادته غير ابن سعد (وارحب هذه بطن من همدان التى اسلمت كلها بعد ذلك على يد امير المؤمنين على رضى الله عنه كما تقدم)

١١١

فصل فى وفادة كليب الحضرمى

اخرج ابن سعد بسنده فى طبقاته عن مهاجر الكندى قال كانت امرأة من حضرموت ثم من تبعة يقال لها تهاة بنت كلبب صنعت لرسول الله صلّى الله كسوة ثم دعت ابيها كليب بن سعد بن كليب فقالت له انطلق بهذه الكسوة الى النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأتاه بها واسلم فدعا له فقال رجل من ولد ولده يعرض بناس من قومه

لقد منح؟؟؟ الرسول ابا؟؟؟

ولم يمنح؟؟؟ وجوه بنى بحير

شبابهم وشيبهم سواء

فهم فى اللؤم لسان الحمير

وقال كليب حين اتى النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

من وشز برهوت تهوى بى عذافره

اليك يا خير من يحفى وينتعل

تجوب بى صفصفا غبرا مناهله

تزداد عفوا اذا ما كلت الابل

شهرين اعملها نضا على وجل

ارجوا بذاك ثواب الله يا رجل

انت النبى الذى كنا نخبره

وبشرتنا بك التوراة والرسل

فصل فى وفادة زامل العذرى

اخرج ابن سعد بسنده فى طبقاته قال وفد زامل بن عمرو العذرى على النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاخبره بما سمع من صنمهم فقال ذلك مؤمن الجن فاسلم وعقد له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لواء على قومه وانشد يقول

اليك رسول الله اعملت نصها

اكلفها حزنا وقوزا (١) من الرمل

وانصر خير الناس نصرا مؤزرا

واعقد حبلا من حبالك فى حبل

واشهد ان الله لا شى غيره

ادين له ما اتقلت قدمى نعلى

فصل فى وفادة عبد الرحمن الاسدى

وقيل أبى عبيد وقيل عبد الله الازدى على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال قدمت على للنبى فى مائة رجل من قومى فلما؟؟؟ من النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقفوا وقالوا لى تقدم اليه فان رأيت ما تحب رجعت الينا حتى نتقدم اليه وان لم ترى ما تحب انصرفت الينا حتى نصرف فأيت النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقلت أنعم صباحا فقال «ليس هذا سلام المؤمنين» فقلت فكيف يا رسول الله قال «اذا أتيت قوما من المسلمين قل السلام عليكم ورحمة الله» فقلت السلام عليكم ورحمة الله فقال وعليك السلام ورحمة الله فقال لى النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «انت

__________________

(١) القوز الكثيب الصغير اه مصباح

١١٢

ابو راشد عبد الرحمن» ثم اكرمنى واجلسنى وكسانى رداءه ودفع الى عصاه فأسلمت فقال له رجل من جلسائه يا رسول الله انا نراك اكرمت هذا الرجل قال «ان هذا شريف قوم واذا اتاكم شريف قوم فاكرموه» قال وكان معى عبد لى يقال له سرحان فقال لى النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «من هذا معك يا ابا راشد» قلت عبد لى يقال «هل لك ان تعتقه فيعتق الله عنك بكل عضو منه عضوا من النار» قال فاعتقته فقلت هو حر لوجه الله وانصرفت الى اصحابى فانصرف منهم قوم وادركت منهم قوما فاتو النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاسلموا واخرجه ابن مندة من هذا الوجه مختصرا واخرجه ابن السكن من وجه آخر ايضا مختصرا واخرج العقيلى خبرا آخر عن عبد الرحمن بن خالد من وجه آخر وفى سياقه عن ابن راشد الازدى صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال قدمت أنا واخى عاتكة من سروات الازد فاسلمنا جميعا فكتب لى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كتابا الى جهة الازد اه اصابة من ترحمته رضى الله عنه

فصل فى وفادة النعمان بن أبى الجون الكندى

وهو الاسود ابن شراحيل بن حجر بن معاوية الكندى ذكره الطبرى عن الواقدى وقال قدم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مسلما وقال لرسول الله أزوجك أجمل ايم فى العرب يريد اخته اسماء وساق الحديث فى تزويجها ثم فراقها واخرج قصته الحاكم من طريق الواقدى عن محمد بن يعقوب بن عتبة عن عبد الواحد بن ابى عوف قال قدم النعمان بن ابى الجون فذكره وزاد وكان ينزل هو وابوه مما يلى الشرفة قال وكانت أسماء تحت ابن عم لها هلك عنها وقد رضيت فيك وخطبت اليك قال فتزوجها على اثنتى عشرة أوقية ونش فقال يا رسول الله لا تقصر بها فى المهر فقال «ما اصدقت احدا من نسائى ولا اصدقت احدا من بناتى فوق هذا» فقال النعمان فيك الاسوة يا رسول الله فابعث الى اهلك فبعث معه ابا اسيد الساعدى فلما قدم عليها جلست فى بيتها فاذنت له ان يدخل فقال ابو اسيد ان نساء النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يراهن احد من الرجال فقالت ارشدنى قال لا تكلمى احدا من الرجال الا ذا محرم منك قال ابو اسيد فتحملت معى فى محفة فقدمت بها المدينة فانزلتها فى بنى ساعدة فدخل عليها نساء الحى فرحين بها وكانت من اجمل النساء فدخل عليها داخل من النساء فقالت لها انك من الملوك وان كنت تريدين ان تحظى عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاستعيذى منه الحديث اه من ترجمة اخيها النعمان وفى ترجمتها كانت اسماء الكندية من اجمل

١١٣

النساء فخاف نساؤه صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن تغلبهن عليه فقلن لها انه يحب اذا دنا منك ان تقولى اعوذ بالله منك ففعلت وقال محمد بن حبيب احضرها أبو اسيد الساعدى فتولت عائشة وحفصة امرها فقالت لها احداهما انه يعجبه اذا دخلت عليه المرأة ان تقول أعوذ بالله منك القصة فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «لقد عذت بعظيم الحقى باهلك» فتزوجها المهاجرين امية المخزومى ثم قيس بن مكشوح المرادى المتقدم ذكره اه اصابه

فصل فى وفادة نفير بن مالك بن عامر الحضرمى

قدم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بابنته التى تزوجها النبى فامر له بوضوء فقال «توضأ يا أبا جبير» فبدأ بفيه فقال له النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «لا تبدأ بفيك» ذكر الحديث الحاكم فى صفة الوضوء اه اصابه من ترجمته

فصل فى وفادة عبد كلال

قال الهمدانى فى الانساب وفد الحارث بن عبد كلال الحميرى أحد أقيال اليمن الى النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلّم فقال قبل ان يدخل عليه يدخل عليكم من هذا الفج رجل كريم الجدين صبيح الخدين فدخل الحارث فاسلم فاعتنقه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأفرشه رداءه اه من الخصائص الكبرى للسيوطى

فصل فى وفد جعفى

وبسند ابن سعد قال اخبر هشام بن محمد بن السائب الكلبى عن ابيه وعن أبى بكر بن قيس الجعفى قال كانت جعفى تحرم أكل القلب فى الجاهلية فوقد الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رجلان منهم قيس بن سلمة بن شراحيل من بنى مران بن الجعفى وسلمة بن يزيد بن المجمع وهما أخوان لأم وامهما مليكة بنت الحلوبى فاسلما وقال لهما النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «بلغنى أنكم لا تأكلون القلب» قالا نعم فقال لا يكمل اسلامكم الا بأكله ودعا لهما بقلب فشوى ثم ناوله سلمة بن يزيد فلما أخذه ارتعدت يده فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كله فاكله وأنشد يقول

على انى أكلت القلب كرها

وترعد حين مسته بنانى

قال وكتب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لقيس بن سلمة كتابا تقدم ذكره فى الباب الخامس ومن هذه القبيلة أبو سبرة المتقدم ذكره

فصل فى وفد ثمالة والحدان

وهما بطنان من ازدشنؤة قدم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبد الله بن علس الثمالى ومسيلمة بن هزان الحدانى على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فى رهط من قومهما بعد فتح مكة فاسلموا وبايعوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على

١١٤

قومهم وكتب لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كتابا بما فرض عليهم من الصدقة فى أموالهم كتبه ثابت بن قيس ابن شماس وشهد فيه سعد بن عبادة بن سلمة

فصل فى وفادة ابى ظبيان

وبسند ابن سعد عن هشام بن الكلبى حدثنا لوط بن يحيى قال كتب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى أبى ظبيان الازدى الغامدى يدعوه ويدعو قومه فاجاب فى نفر من قومه منهم مخنف وعبد الله وزهير بنو سليم وعبد شمس بن عفيف ابن زهير هؤلاء قدموا بمكة عليه زاده الله شرفا وتعظيما ومهابة واجلالا وقدم عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جندب بن زهير وجندب بن كعب وابن عبد الله قاتل الساحر بالعراق والحجر بن المرقع ثم قدم عليه بعد الاربعين الحكم بن مغفل وروى البخارى فى تاريخه من طريق خالد الحداء عن ابن عثمان هو النهدى قال كان عند الوليد أمير العراق رجل يلعب فذبح انسانا وابان رأسه فعجبنا فاعاد رأسه فجاء جندب بن كعب فقتله ومن طريق عاصم عن أبى عثمان قال قتله جندب بن كعب وروى البيهقى فى الدلائل من طريق أبى وهب عن ابن لهيعة عن أبى الاسود أن الوليد بن عقبة كان اميرا بالعراق فى خلافة عثمان وكان بين يديه ساحر يلعب فكان يضرب رأس الرجل ثم يصيح به فيقوم خارجا فيرتد فيه رأسه فقال الناس سبحان الله يحيى الموتى ورأه رجل صالح من المهاجرين فنظر اليه فلما كان من الغد اشتمل سيفه فذهب يلعب لعبه ذلك فاخترط سيفه فضرب عنقه وقال ان كان صادقا فليحيى نفسه وروى ابن السكن من طريق صاحب البصرى حدثنى أبى حدثنا الجريرى عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال ساق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم باصحابه فجعل يقول «جندب وما جندب» حتى أصبح فقال أصحابه لأبى بكر لقد لفظ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكلمتين ما ندرى ما هما فسأله فقال «يضرب بضربة فيكون أمة وحده» قال فلما ولى عثمان الخلافة ولى الوليد بن عقبة الكوفة فاجلس رجلا يسحر يريهم انه يحيى ويميت فذكر قصة جندب فى قتله وان أمره رفع الى عثمان فقال له اشهرت سيفا فى الاسلام لو لا ما سمعت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيك لضربتك باجود سيف بالمدينة وأمر به الى جبل الدخان وفى الاستيعاب مزوجه آخر ان ابن أخى جندب ضرب السبحان واخرج عمه من السجن وقال فى

ذلك أفى مضرب السحان يسجن جندب

وتقتل أصحاب النبى الاوائل

فان يك ظنى بابن سلمى ورهطه

هو الحق يطلق جندب أو نقاتل

اه اصابه

١١٥

(فصل فى وفادة سعد بن مالك بن الابيض الازدى)

وفد على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعقد له راية على قومه سوداء فيها هلال أبيض وشهد فتح مصر وله بها عقب اه اصابه من ترجمته

(فصل فى وفد بجيلة)

وفدوا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سنة عشر فيهم جرير ابن عبد الله البجلى ومعه من قومه مائة وخمسون رجلا عن عبد الله بن حمزة أنه قال بينما هو ذات يوم عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فى جماعة من أصحابه اكثرهم أهل اليمن «إذ قال لهم سيطلع عليكم من هذه الفجه خير ذى يمن» قال فبقى القوم كل رجل منهم يرجو أن يكون من أهل بيته فإذا هم بجرير بن عبد الله البجلى قد طلع عليهم من الثنية فجاء حتى سلّم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى أصحابه وقال له «على هذا يا جرير فاقعد» فقال أصحابه يا رسول الله لقد رأينا منك اليوم منظرا وما رأيناه منك لاحد قال «نعم هذا كريم قوم وإذا اتاكم كريم قوم فاكرموه» أخرجه أبو سعيد النقاش فى معجمه وابن النجار والديلمى اه كنز العمال من فضائل الصحابه وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «يطلع عليكم من هذا الفج خير ذى يمن على وجهه مسحة ملك» فطلع جرير بن عبد الله على راحلته ومعه قومه فأسلموا وبايعوا قال جرير بايعنى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال «وعلى ان تشهد ان لا اله الا الله وانى رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة وتصوم شهر رمضان وتنصح للمسلمين وتطيع الوالى وان كان عبدا حبشيا» فقلت نعم فبايعته وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يسأله عما وراءه فقال يا رسول الله أظهر الله الاسلام والاذان وهدمت القبائل أصنامها التى تعبد قال «ما فعل ذو الخلصة» قال هو على حاله فبعثه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى هدم ذى الخلصة وعقد له لواء فقال انى لأثبت على الخيل فمسح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على صدره وقال «اللهم اجعله هادئا» فخرج فى قومه ومن أحمس وهم زهاء مائتين فما أطال الغيبة حتى رجع وقال له رسول الله «هدمته» قال نعم والذى بعثك بالحق وأحرقته بالنار فتركته يسؤ اهله فدعا لبجيلة ولأحمس اه من تاريخ الخميس وفى تاريخ الذهبى كان جرير بن عبد الله البجلى بديع الجمال مليح الصورة الى الغاية طويلا يصل الى سنام البعير وكان نعله ذراعا اه وهو من الذين امرهم عمر بن الخطاب رضى الله عنه بالتلثم خوف الافتتان بهم وفى الخصائص الكبرى للسيوطى اخرج البيهقى عن جرير البجلى قال قدمت على النبى صلّى الله

١١٦

عليه وآله وسلّم فلبست حلتى ودخلت وهو يخطب فرمانى الناس بالحدق فقلت لجليسى هل ذكر رسول الله من أمرى شيئا قال نعم ذكرك بأحسن الذكر بينما هو يخطب اذ عرض له فى خطبته فقال (أنه سيدخل عليكم من هذا الباب أو من هذا الفج من خير ذى يمن فان على وجهه لمسحة ملك اه

(فائدة)

كان الذين بذوا الناس فى عصرهم طولا وجمالا العباس بن عبد المطلب وولده عبد الله رضى الله عنهما والاشعث بن قيس الكندى وجرير بن عبد الله البجلى وعدى بن حاتم الطائى وابن جدل الطعان الكنانى وابو زيد الطائى وزيد الخيل ابن مهلهل

فصل فى وفد جرم

حى من قضاعة اليمن من نهد حالفت بنوا زبيد لدم اصابته من نهد وفد على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منهم رجلان أحدهما الاصقع بن شريح بن صريم بن عمر بن رباح بن عوف بن عميره بن الهون بن أعجب بن قدامة بن جرم بن ريان بن حلوان بن عمرو بن لحاف بن قضاغة والآخر هوذة بن عمرو ابن يزيد بن عمرو بن رياح فأسلما وكتب لهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كتابا اه من بلوغ الارب

فصل فى وفادة سواد بن قارب الدوسى أو السداوسى

قال ابن الكلبى وقال ابن ابى خيثمة سواد بن قارب سدوسى من بنى سدوس قال أبو حاتم له صحبة قال أبو عمرو كان يتكهن فى الجاهلية وكان شاعرا ثم أسلم وداعبه عمر بن الخطاب رضى الله عنه يوما فقال ما فعلث كهانتك يا سواد؟ فغضب وقال ما كنا عليه نحن وأنت يا عمر من جاهليتنا وكفرنا شر من الكرنة؟؟؟ فما لك تعيرنى بشىء تبت منه وأرجوا من الله العفو عنه وقد روى أن عمر قال له وهو خليفة كيف كهانتك اليوم فغضب سواد وقال يا أمير المؤمنين ما قالها لى احد قبلك فاستحيا عمر ثم قال إبه يا سواد الذى كنا عليه من الشرك أعظم من كهانتك ثم سأله عن حديثه فى بدء الاسلام وما آتاه به رئيه من ظهور رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخبره انه أتاه رئيه ثلاث ليال متواليات وهو فيها كلها بين النائم واليقظان فقال له قم يا سواد فاسمع مقالتى واعقل إن كنت تعقل قد بعث رسول من لؤى بن غالب يدعو الى الله والى عبادته وانشده فى كل ليلة من الثلاث لبال ثلاثة أبيات معناها واحد وأولها

١١٧

عجبت للجن وتطلا بها

وشدها العيس باقتابها

تهوى الى مكة تبغى الهدى

ما صادق الجن ككذابها

فارحل الى الصفوة من هاشم

ليس قدامها كأذنابها

وذكر تمام الخبر وفى آخره شعر سواد حين قدم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأنشده ما كان من الجن رئيه اليه ثلاث ليال متواليات وذكر قوله فى ذلك

أتانى نجى بعد هدء ورقدة

ولم يك فيما قد بلوت بكاذب

ثلاث ليال قوله كل ليلة

أتاك نبى من لؤى بن غالب

فرفعت أذيال الازار وشمرت

بى الفرس الوجناء بين السباسب

فأشهد أن الله لا رب غيره

وانك مأمون على كل غائب

وانك أدنى المرسلين وسيلة

الى الله يا ابن الاكرمين الاطائب

فمرنا بما يأتيك من وحى ربنا

وان كان فيما جئت شيب الذوائب

وكن لى شفيعا يوم لاذو شفاعة

بمغن فتيلا عن سواد بن قارب

اه من الاستيعاب لابن عبد البر

وفى الروض الانف ان له مقاما محمودا فى دوس حين بلغهم وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قام فيهم حينئذ واعظا فقال يا معشر الازد ان من سعادة القوم أن يتعظوا بغيرهم ومن شقائهم الا يتعظوا الا بانفسهم ومن لم تنفعه التجارب ضرته ومن لم يسعه الحق لم يسعه الباطل وانما تسلمون اليوم بما أسلمتم به أمس وقد علمتم أن النّبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد تناول قوما أبعد منكم فظفر بهم وأوعد قوما أكثر منكم فأخافهم ولم يمنعه منكم عدة ولا عدد وكل بلاء منسى الا ما بقى أثره فى الناس ولا ينبغى لاهل البلاء الا أن يكونوا أذكر من أهل العافية للعافيه وانما كف نبى الله عنكم ما كفكم عنه فلم تزالوا خارجين مما فيه أهل البلاء داخلين مما فيه أهل العافيه حتى قدم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خطيبكم ونقيبكم فعبر الخطيب عن الشاهد ونقب القيب عن الغائب ولست أدرى لعله تكون للناس جولة فان تكن فالسلامة منها الاناة والله يحبها فاحبوها فاجابه القوم وسمعوا قوله فقال فى ذلك

ملت مصيبتك الغداة سود

وأرى المصيبة بعدها تزداد

أبقى لنا فقد النبى محمد

صلى الاله عليه ما يعتاد

حزنا لعمرك فى الفؤاد مخامرا

وهل لمن فقد النبى فؤاد

١١٨

كنا نحل به جنابا ممرعا

جف الجناب فاجذب الرواد

فبكت عليه أرصنا وسماؤنا

وتصدعت وجدا به الاكباد

قل المتاع به وكان عيانه

حلما تضمن سكرتيه رقاد

كان العيان هو الطريف وحزنه

باق لعمرك فى النفوس تلاد

ان النبى وفاته كحياته

الحق حق والجهاد جهاد

لو قيل تفدون النبى محمدا

بذلت له الاموال والاولاد

وتسارعت فيه النفوس ببذلها

هذا له الاغياب والاشهاد

هذا وهذا لا يرد نبينا

لو كان يفديه فداه سواد

انى أحاذر والحوادث جمة

أمرا لعاصف ريحه أرعاد

ان حل منه ما يخاف فانتم

للارض ان رجعت بنا أوتاد

لو زاد قوم فوق منية صاحب

زدتم وليس لمنية مزداد

فصل فى وفادة ابو ذباب المذحجى من سعد العشيرة

قال الحافظ فى الاصابة بسنده قدم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيوم جمعة قال فكنت استقبل منبره الشريف فصعد يخطب فقال بعد ان حمد الله تعالى واثنى عليه «انى لرسول الله اليكم بالآيات البينات وان اسفل منبرى هذا لرجل من سعد العشيرة قدم يريد الاسلام ولم اره قط ولم يرنى الاساعتى هذه وسيحدثكم بعد ان اصلى عجبا» قال فصلى وقد ملئت منه عجبا فلما صلّى قال لى «ادن منى يا اخا سعد العشيرة حدثنا خبرك وخبر صافى وقراط» يعنى كلبه وصنمه قال فقمت على قدمى فحدثته حديثى حتى اتيت على اخره فرأيت وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانه للسرور مذهب فدعانى الى الاسلام وقرأ على القرآن فاسلمت الحديث وكذا أخرجه أبو سعيد النيسابورى فى شرف المصطفى مطولا وفى اخره ثم استأذنته فى القدوم على قومى فاتيتهم ورغبتهم فى الاسلام فاسلموا فاتيت بهم النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفى ذلك أقول

تبعت رسول الله اذا جاء بالهدى

وخلفت قراطا بدار هوان

فمن مبلغ سعد العشيرة أننى

شربت الذى يبقى بما هو فان

اه اصابة

فصل فى وفادة حجر رضى الله عنه

هو حجر بن عدى بن معاوية بن جبلة بن عدى بن ربيعة ابن معاوية الاكرمين الكندى الحضرمى المعروف بحجر الادبر وحجر الخير ذكر ان

١١٩

سعد ومصعب الزبيرى فيما رواه الحاكم عنه أنه وفد على النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم هو وأخوه هانى بن عدى شهد رضى الله عنه حروب القادسية وكان على اليسرة وفتح مرج عذراء وكان من جملة من شهد موت أبى ذر ودفنه بالربذة رضى الله عنهم وكان صاعدا بالحق لا يخاف فى الله سيوف لظلمة الملوله شهد مع على عليه‌السلام حرب الجمل وصفين وكان على كندة ومن فضلآء الصحابة الزاهدين العابدين والأبطال الجاهدين وكان فى الفين وخمسمائة من العطاء وكان شديد الانكار على شاتمى على عليه‌السلام حىء به مغلغلا فى الحديد من الكوفة الى دمشق مع جمامعة من العباد وقتل بمرج عذراء بامر معاوية فى قصة طويله ليس هذا محلها وقبل قتله صلّى ركعتين وقال لو لا ان تظنوا بى غير الذى بى لا اطلتهما فانها أخر صلاتى من الدنيا وقال لا ننزعوا عنى حديدا ولا تغسلوا عنى دما فانى لاق معاوية على الجادة ولما بلغ عائشة رضى الله عنها حبسه ارسلت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام الى معاوية تتشفع فيه وأصحابه فوصل دمشق بعد قتلهم بيوم ولما بلغ الربيع بن زياد الحارثى وكان عاملا لمعاوية على خراسان قتل حجر دعا الله عزوجل وقال اللهم ان كان الربيع عندك خير فاقبضه اليك وعجل فلم يبرح من جلسه حتى مات قال نافع كان ابن عمر فى السوق فنعى اليه حجر فاطلق حبوته وقام وقد غلبه النحيب وكان الحسن البصرى يعظم قتل حجر اه من أسد الغابة والاصابة باختصار وفى الاستيعاب لابن عبد البر فى ترجمته عن محمد بن سيرين أنه كان اذا سئل عن الركعتين عند القتل قال صلاهما خبيب وحجر وهما فاضلان وروى أيضا عن مبارك بن فضالة قال سمعت الحسن يقول وقد ذكر معاوية وقتله حجرا واصحابه ويل لمن قتل حجرا واصحاب حجر قال احمد قلت ليحيى بن سليمان أبلغك ان حجرا مجاب الدعوة قال نعم وكان من افاضل اصحاب النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعن مسروق بن الاجدع قال سمعت عائشة ام المؤمنين تقول اما والله لو علم معاوية ان عند اهل الكوفة منعة ما جتراء على ان يأخذ حجرا واصحابه من بينهم حتى يقتلهم بالشام ولكن ابن أكلة الاكباد علم انه قد ذهب الناس أما والله أن كانوا لجمجمة العرب عزا ومنعة وفقها ولله در لبيد حيث يقول

ذهب الذين يعاش فى اكنافهم

وبقيت فى خلف كجلد الاجرب

لا ينفعون ولا يرجى خيرهم

ويعاب قاتلهم وان لم يشعب

اه من ترجمته

وروى يعقوب بن سفيان وابن عساكر عن ابن الاسود قال دخل معاوية على عائشة رضى الله عنها فقالت له ما حملك على قتل أهل عذرا حجرا وأصحابه فقال

١٢٠