نشر المحاسن اليمانيّة

ابن الديبع الشيباني الشافعي

نشر المحاسن اليمانيّة

المؤلف:

ابن الديبع الشيباني الشافعي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر ـ دمشق
الطبعة: ١
الصفحات: ٣١٢

وهو دونهما. ومعدن في أرض بني مجيد (٦٩) وهو دونه.

وأما معادن الفضة فإن فيها معدنا في الرضراض (٧٠) وهو موضع بين نهم (٧١) بطن من همدان وبين خولان العالية وبين مراد (٧٢) ، وهو معدن جليل كان اعتماد اليمن عليه ، فلما ضيعت (٧٣) السلطنة تقالت (٧٤) العرب عليه ، وخرجت قرية الرضراض وكان أهلها من الفرس فانتقلوا إلى صنعاء.

__________________

(٦٩) أرض بني مجيد : في سواحل المندب (معجم البلدان ٥ / ٤٤٨) (البلدان اليمانية ص ٢٩٨).

(٧٠) في الأصل معدن الرصاص وهو تحريف ، وما أثبته من (صفة جزيرة العرب للهمداني ص ٢٠٢) ، ومن (معالم الآثار اليمنية ص ١٢٠ و١٢٤).

(٧١) في الأصل : فهم ، وهو تحريف ، ونهم : هو ابن ربيعة بن مالك بن معاوية بن صعب بن دومان بن بكيل بن جشم بن خيوان بن نوف بن همدان كما في (جداول الأنساب القحطانية الملحقة بكتاب العصبية القبلية للدكتور إحسان النص ، والعقد الفريد ٣ / ٣٩١ ، وجمهرة أنساب العرب ٣٧٣ ، والأعلام ٨ / ٥٠ ، واللباب ٣ / ٣٣٨). ونهم : موضع من أعمال صنعاء كما في (ص ١٥٨ من كتاب رحلتي إلى اليمن تأليف أحمد وصفي زكريا ومراجعة أحمد راتب حموش).

(٧٢) بين خولان العالية وبين مراد : خولان العالية : هي خولان الطيال في مشارق صنعاء ، وهي غير حولان الشام التي هي من أعمال صعدة ، ومركزها ساقين ، وهما معا ينتسبان إلى أصل واحد ، أي إلى خولان بن عمرو بن مالك بن الحارث بن مرة بن أدد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ. وبعض خولان يقولون : خولان بن عمرو بن الحاف بن قضاعة بن مالك بن عمرو بن مرة بن زيد بن مالك بن حمير بن سبأ (البلدان اليمانية ١٠٤) ، و (اللباب في تهذيب الأنساب ١ / ٤٧٢) ، و (معجم البلدان ٢ / ٤٠٦) ، و (معالم الآثار اليمنية ٤٦) ، و (رحلتي إلى اليمن ١٥٨).

أما مراد : فالمقصود هنا حي مراد ، واسمه يحابر بن مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ ، ومالك بن أدد هو مذحج. (اللباب في تهذيب الأنساب ٣ / ١٨٨).

(٧٣) في الأصل : فوقها كلمة (ضعفت).

(٧٤) تقالت : تهالك.

٨١

قال : وأما الجزع (٧٥) والبقراني (٧٦) والعقيق فهي جميعا بأرض مقرى (٧٧) من مخاليف اليمن الشرقية.

قال : وأما حجارة الحديد فإن في اليمن جبالا كثيرة يصلح منها الحديد ، بعضها بعدن أبين وبعضها بأرض وادعة (٧٨) بين صعدة والحجاز. وفي نجران (٧٩) أيضا جبل من حديد. ومنها ببيجان (٨٠) ضرب ، من حديده سيوف كثيرة ، كانت مع ولد سبأ بمأرب ، ما لها في السيوف قياس ولا مثيل.

__________________

(٧٥) الجزع : الخرز اليماني الصيني ، فيه سواد وبياض تشبه به الأعين ، والتختم به يورث الهم والحزن والأحلام المفزعة ومخاصمة الناس ، وإن لفّ به شعر معسر ولدت من ساعتها (القاموس).

(٧٦) البقراني : نوع من العقيق ، وهو من معدن الأحجار النفيسة ، وهو في الأصل محرف (واليغران) ، وما أثبت من (الإكليل ٨ / ٣٨ ، ٧٣) ، و (معالم الآثار اليمنية ٧٩ و١٢١) ، وجاء في الإكليل : والبقران النفيس ومعدنه بجبل أنس ، وهو يكون ألوانا ويبلغ المثلث من فصوصه مالا ، وهو أن يكون وجهه أحمر فوق عرق أبيض فوق عرق أسود.

(٧٧) مقرى : قرية على مرحلة من صنعاء ، وبها معدن العقيق أجوده ، فذكر معالجوه أنهم يجدون منه القطعة فوق عشرين رطلا فتكسّر ، وتلقى في الشمس في أشد ما يكون من الحر ، ثم يسخّن له تنانير بأبعار الإبل ، ويجعل في أشياء تكنّه عن ملامسة النار ، فينزّ منه ماء في مجرى يصنعونه له ، ثم يستخرجونه ، ولم يبق منه إلا الجوهر وما عداه قد صار رمادا. وفي البلدان اليمانية ٢٦٢ : مقرى : مخلاف يكون من مخلاف المنار ، من أعمال أنس ، ومن ناحية مغرب عنس ، وبعض مخلاف وادي الحار ، من أعمال ذمار ، وليس قرية كما ذكر ياقوت.

(٧٨) وادعة : من همدان صنعاء ، وهم بنو وادعة بن عمرو بن عامر بن ناشج بن دافع بن ذي بارق بن مالك بن جشم بن حاشد بن جشم بن خيوان بن نوف بن همدان ، وفي بلد وادعة جبل الحراز وفيه المآثر المتعددة ، أما وداعة فمن الأزد (البلدان اليمانية ٢٨٤) ، و (معالم الآثار اليمنية ٦٨) ، و (المدارس اليمنية ٢٩٧ ، ٣٠١) ، و (اللباب في تهذيب الأنساب ٣ / ٣٤٤ و٣٥٥) ، و (تاج العروس : ودع).

(٧٩) نجران : في مخاليف اليمن من ناحية مكة ، وسمي بنجران بن زيدان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ، لأنه كان أول من عمرها ونزلها ، وقيل : هي قرية أصحاب الأخدود باليمن ، وقد فتحت في زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم (معجم البلدان ٥ / ٢٦٥).

(٨٠) بيحان : واد وجبل في عسير بالقرب من أبها وفيه قرى ومزارع (البلدان اليمانية ٤٦).

٨٢

فصل [في طبيعة اليمن]

ومن خصائص اليمن أيضا أنها تسمى الخضراء لكثرة مزارعها ونخيلها وأشجارها وأثمارها ومراعيها وريعها. قال الكلاعي في قصيدته (٨١) : [الوافر]

هي الخضراء فاسأل عن رباع

يخبّرك اليقين المخبرونا (٨٢)

ويمطرها المهيمن في زمان

به كل البرية يظمؤونا

وفي أجبالها عزّ عزيز

يظل له الورى متقاصرينا

وأشجار منورة وزرع

وفاكهة تروق الآكلينا

يعني أن اليمن يمطر في تموز وآب ، وذلك الوقت هو الذي يشتد فيه ظمأ أهل نجد والحجاز وغيرهما من المخاليف والبلدان / ويشتد فيه الحرارة وينقطع فيه الغيث عن الجهات المذكورة ، واليمن يغاث فيه في كل يوم من وقت الزوال إلى غروب الشمس. وخاصة بلاد الكلاع (٨٣) معروفة ، ومنها بعدان وريمان (٨٤)

__________________

(٨١) للكلاعي قصيدتان مشهورتان ذكرهما البغدادي في إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون فقال : في ١ / ٤٤٢ :

«الدامغة قصيدة في أنساب حمير لمحمد بن الحسن بن محمد بن عبد الله بن محمد الكلاعي الحميري اليماني ، كان حيّا سنة ٤٠٤ أربع وأربع مئة».

وقال في ٢ / ٢١٨ : «القاصمة في التاريخ ، وتعرف أيضا بالقصيدة الكلاعية لمحمد بن حسن الحميري الكلاعي».

والنص المذكور من قصيدته الكلاعية الثانية المشهورة في التاريخ بقصيدة الكلاعي أو القاصمة في التاريخ أو القصيدة الكلاعية وهي القصيدة النونية وينظر في ذلك (معجم المؤلفين ٩ / ٢١٦) ، و (هدية العارفين ٦ / ٥٩).

(٨٢) رباع : جمع ربع هو الدار بعينها حيث كانت ، أو المحلة.

(٨٣) الكلاع : قبيلة من حمير (اللباب في تهذيب الأنساب ٣ / ١٢٣) ، وذو الكلاع هو إسميقع بن ناكور بن عمرو بن يعفر بن يزيد ، وهو ذو الكلاع الأكبر بن النعمان (الجمهرة ٤٠٧).

(٨٤) ريمان : مخلاف باليمن وقيل قصر (معجم البلدان ٣ / ١١٤) ، وهو في (البلدان اليمانية ١٢٦) الجبل الغربي من بعدان (المشروحة في التعليق ٣٧ من هذا الباب) المطل على مدينة إب ، وحصن ريمان من بني سيف العالي هو حصن إريان ، وريمان حصن مشرف على المذيخرة من بلاد العدين.

٨٣

والسّحول (٨٥) ، وما حاذاها من البلدان شرقا وغربا وشاما ويمنا (٨٦).

وقد ذكر صاحب كتاب المسالك والممالك (٨٧) جملة من العجائب في كتابه قال :

__________________

(٨٥) السحول : قرية من قرى اليمن يحمل منها ثياب قطن بيض تدعى السحولية ، وهي أيضا اسم قبيلة من اليمن تنسب إلى السحول بن سوادة بن عمرو بن سعد بن عوف بن عدي بن مالك بن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن قطن بن عريب بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن حمير بن سبأ (معجم البلدان ٣ / ١٩٥) ، والسحول في (البلدان اليمانية ١٣٥) : حقل يبدأ من سفوح مدينة إب الشمالية ، ويمتد شمالا إلى رحاب ، وهو من أخصب حقول اليمن وأكثرها خيرا وعطاء ، وكان أحد مخاليف اليمن وفيه كثير من القرى.

(٨٦) شاما ويمنا : شمالا وجنوبا.

(٨٧) كتاب المسالك والممالك : هناك أكثر من كتاب بهذا الاسم لمؤلفين عدة ، فالأول (المسالك والممالك) لأبي القاسم عبيد الله أو أحمد المشهور بابن خرداذبة (نحو ٢٠٥ ه‍ ـ نحو ٢٨٠ ه‍) ـ (نحو ٨٢٠ م ـ نحو ٨٩٣ م) ، وهو جغرافي فارسي الأصل من أهل بغداد ، واتصل بالمعتمد العباسي فولاه البريد والخبر ، وجعله من ندمائه ، وله تصانيف عدة.

والكتاب الثاني هو (المسالك والممالك) أو (مسالك الممالك) لأبي إسحاق إبراهيم بن محمد الفارسي أبو إسحاق الإصطخري (... ـ ٣٤٦ ه‍) ـ (... ـ ٩٥٧ م) ، ويقال له الكرخي ، جغرافي ، رحالة من العلماء من أهل (إصطخر) بإيران ، قام بسياحة طاف بها بلاد العرب وبعض بلاد الهند وبلغ الأقيانوس الأتلانتيكي ، وألف كتابيه (صور الأقاليم) و (مسالك الممالك) ، ونقل ياقوت عنهما أو عن أحدهما في معجم البلدان ، وأغفل ترجمته أو الإشارة إليه في كلامه على (إصطخر) مكتفيا بتسميته في مقدمة المعجم (أبا إسحاق الإصطخري).

والكتاب الثالث هو (المسالك والممالك) لأبي عبيد البكري ، عبد الله بن عبد العزيز البكري الأندلسي ، وهو مؤرخ جغرافي ثقة له علم بالأدب ، وله تصانيف عدة ، (الأعلام ١ / ٦١ و٤ / ٩٨ و٤ / ١٩٠) ، و (أعلام الجغرافيين العرب للدكتور عبد الرحمن حميدة ١٠٦ و١٩٩ ، ٣٥٦) ، و (معجم البلدان ١ / ١١).

أما الكتاب الرابع فهو (المسالك والممالك) المشهور بالعزيزي للحسين بن أحمد المهلبي المتوفى سنة ٣٨٠ ه‍ ، ألفه للعزيز بالله الفاطمي صاحب مصر ونسبه إليه (كشف الظنون ٢ / ١٦٦٥) ، وهو المقصود على الأغلب كما ورد في كلام الكلاعي ص ١٤٣ من هذا الكتاب.

٨٤

ومن جملة العجائب أن اليمن يمطر في تموز وآب وأن من أحب أن يلقى صاحبه في اليمن قال له : عجّل بنا في صدور (٨٨) قبل نزول الغيث لأنه ليس عندهم في نزوله شك.

فصل [في الآثار اليمنية من حصون ومساكن ومدائن]

ومن خصائص اليمن أيضا أن فيه ما لم يكن في غيره من الحصون والمساكن العامرة ، والقصور العجيبة الفاخرة.

وفيها قصر غمدان الذي بصنعاء ، وهو قصر عجيب فاخر أسسه أزال بن قحطان بأمر أخيه يعرب ، بناه عشرين طبقة بعشرين سقفا ، بين كل سقفين عشرين ذراعا ، وجعل فيه مئة مسكن. وكان أعلى غرفه ممردا بالزجاج.

ومدينة صنعاء هذه المذكورة من أحسن بلاد مساكن ، وأطيبه نوما ، وأصحه هواء ؛ ذلك أن الشتاء يكون بها باردا جدا ، ولست تلقى بها مفلوجا ولا صاحب رعشة ، ولا من به علة من البرد ، كما يحدث في بغداد وخراسان (٨٩) وسائر البلدان الشامية من العلل القبيحة ، ولا يزال فراش الرجل فيها ، في صيفه وشتائه في موضع واحد ، وجرّها (٩٠) مثل الفيروزج (٩١) أو مثل السيف الصقيل ، تشرب به الماء البارد ، ويتوضأ به في الشتاء ، فلا يضر في ظاهر ولا باطن.

وفيها أنواع الفواكه ، والعنب ، لا ينقطع عنها دائم الزمان.

ومن صحة هوائها ما حكى بعض الناس أنه طبخ بها قدر سكباج (٩٢) ، وعزم

__________________

(٨٨) في صدور : في رجوع أو انتهاء إلى مكان ما.

(٨٩) خراسان منطقة واسعة في الشمال الشرقي من بلاد فارس.

(٩٠) جرها : الجرّ جمع الجرة : إناء من الخزف ويجمع على جرار أيضا ، وهو كالقدر.

(٩١) الفيروزج : ضرب من الأصباغ ، ويطلق على حجر معروف.

(٩٢) السكباج : لحم يطبخ بخل ، وهو فارسي معرب مركب من سك وهو الخل ، وبأج وهو اللون ، وكأنه قال : لون خل ، والفرس يضيفون الاسم الثاني إلى الأول بخلاف ما تصنع العرب.

٨٥

على السفر إلى الحج فنسيه ، وسافر إلى مكة ، فأقام فيها ثلاثة أشهر ، ثم رجع فوجد السكباج على حاله لم يتغير ، فسخّنه في النار وأكله.

[٧] / ومنها ظفار وهو قصر الملك أبرهة (٩٣) ، ومنها سلحين قصر بناه الحارث

__________________

(٩٣) قوله : وظفار قصر الملك أبرهة ، لم يذكر المؤلف أي أبرهة هذا ، وهناك أكثر من أبرهة واحد ، وعلى الرغم من إيماني بصحة ما قاله ابن حزم في أنساب التبابعة ملوك اليمن ، وأن فيها اختلافا وتخليطا وتقديما وتأخيرا ونقصانا وزيادة ، وأنه لا يصح من كتب أخبار التبابعة وأنسابهم إلا طرف يسير (جمهرة أنساب العرب ٤١١) ، فإن ذلك لا يمنع من استقراء النصوص لمعرفة ظفار وأبرهة معا.

ابتدأ الهمداني الجزء الثامن من كتابه الإكليل ص ٥ بالباب التالي :

(باب ما جاء من ذكر قصور اليمن ومعاقلها) ، ثم أورد في ص ٢٩ منه العنوان التالي : (ذكر ظفار المعروفة بحقل يحصب).

وقال فيه : وقصر ريدان : قصر المملكة بظفار.

ثم نقل في ص ٣٧ عن أسعد تبع من قصيدة له طويلة قوله :

وريدان قصري في ظفار ومنزلي

بها أسّ جدي دورنا والمناهلا

على الجنة الخضراء من أرض يحصب

ثمانون سدا تقذف الماء سائلا

كما نقل في ص ٣٨ عن امرئ القيس قوله :

وأبرهة الذي زالت قواه

على ريدان إذ حال الزوال

وذكر في ص (١٠٨ و٢١٦) قول لبيد :

وغلبن أبرهة الذي ألفينه

قد كان يخلد فوق غرفة موكل

فمن هذا يتبين أن المقصود بقصر ظفار هو قصر ريدان قصر المملكة بظفار المعروفة بحقل يحصب ، وأن بانيها هو أبرهة الذي بنى قصر موكل ، وفي ذلك يقول صاحب (معجم البلدان ٥ / ٤٣١) : ويحصب مخلاف فيه قصر ريدان ، ويزعمون أنه لم يبن قصر مثله.

وإذا كان ابن الديبع مؤلف كتابنا هذا قد ذكر قصر موكل هذا بعد أسطر قليلة من ذكره قصر ظفار هذا ، فقال : (ومنها موكل قصر في المشرق بناه أبرهة ذو المنار بن الحارث الرائش) ، فإنه يتضح لنا أن (أبرهة ذا المنار) هذا هو الذي بنى قصر ظفار أيضا ، وهو جد أسعد تبع الذي افتخر به في الشعر الذي استشهدت به آنفا ، وذكر أنه جده الذي بنى قصر ظفار ، وهو قصر ريدان فيها ، وإليك تفصيل ذلك من الأعلام ١ / ٨٢ ، ومن جمهرة الانساب ٤١٠

٨٦

الرائش (٩٤) بين صنعاء ومأرب. ومنها ناعط (٩٥) قصر ملوك همدان في الشرق.

__________________

أسعد تبع هو ابن ملكيكرب بن تبع الأكبر بن تبع الأقرن بن شمر بن الإفريقيس بن أبرهة ذي المنار بن الحارث الرائش بن شدد بن الملطاط بن عمرو ذي أبين بن ذي يقدم بن الصوار بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن حيدان بن قطن بن عريب بن زهير بن الهميسع بن حمير.

وأما ما مرّ بي عن ظفار أنها حقل يحصب ، فيحصب هو القيل ليشرح بن الحارث بن صيفي بن سبأ جد بلقيس كما جاء في (جمهرة الأنساب ص ٤١١). وجاء قبله في الصفحة نفسها : أبرهة وهو تبع وهو ذو المنار بن الرائش بن قيس بن صيفي المذكور.

ولما ذكر الهمداني كنوز اليمن في كتابه الإكليل قال : والرابع ظفار جنان ، وهو حصن التبابعة بحقل يحصب (الإكليل ٨ / ١٣٩) ، فصح بذلك أن ظفار هو قصر الملك أبرهة ذي المنار.

(٩٤) الحارث الرائش : هو الحارث بن همّال بن عاد ، من بني وائل ، من حمير ، ملك يماني جاهلي قديم يعرف بالرائش الأصغر ـ والرائش الأكبر عمه لقمان بن عاد ـ ويلقب الحارث الرائش بذي مراثد ، وهي الأيدي في لغة حمير ، ولي الملك بعد موت أبيه ، وركب البحر غازيا ، فدخل الهند وغنم منها أموالا كثيرة وأوسع الرحلة في مغازيه. ثم عاد إلى صنعاء فمات فيها ، بغمدان. (الأعلام ٢ / ١٥٨ عن التيجان ٧٨).

(٩٥) الناعط : المسافر سفرا بعيدا ، والسيئ الأدب في أكله ومروءته وعطائه.

وناعط : حصن في رأس جبل بناحية اليمن قديم ، كان لبعض الأذواء قرب عدن ، قال وهب :

قرأنا على حجر في قصر ناعط : بني هذا القصر سنة كانت مسيرتنا من مصر ، فإذا ذلك أكثر من ألف وست مئة سنة ، وناعط قصر على جبلين باليمن لهمدان (معجم البلدان ٥ / ٢٥٣) ، وفي البلدان اليمانية ص ٢٦٩ : ناعط : بلدة أثرية خاربة في رأس جبل ثنين من خارف شرق ريدة البون ، وقد بني على أطلالها قرية تحمل الاسم نفسه ، ولا صحة لما قال ياقوت من أن هذا الحصن قرب عدن فبينهما أكثر من (٥٠٠) كم.

٨٧

ومنها بينون (٩٦) قصر بناه تبع الرّائد (٩٧) بأرض عنس (٩٨) من مذحج (٩٩). ومنها

__________________

(٩٦) بينون : اسم حصن عظيم كان باليمن قرب صنعاء اليمن ، وله ذكر في أخبار حمير وأشعارهم ، قال ذو جدن الحميري :

أبعد بينون لا عين ولا أثر

وبعد سلحين يبني الناس أبياتا

وقال ذو جدن أيضا واسمه علقمة من شعب ذي رعين :

يا بنت قيل معافر لا تسخري

ثم اعذريني بعد ذلك أو ذري

أولا ترين ، وكلّ شيء هالك

بينون هالكة كأن لم تعمر؟

(معجم البلدان ١ / ٥٣٥).

وبينون هنا قصر من محافد عنس ، وهو اليوم من مخلاف ثوبان من الحداء وأعمال ذمار على مسافة (١٢٠) كم من صنعاء تقديرا (البلدان اليمانية ٢٠٩).

(٩٧) تبع الرائد : الرائد لقب ملك من ملوك حمير ، وهو تبع الأكبر ابن تبع الأقرن بن شمّر يرعش بن إفريقيس بن أبرهة ذي المنار بن الحارث الرائش بن قيس بن صيفي بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ، وسمي الرائد لكثرة مسيره في الأرض وافتتاحه لأمصارها كأنه يرودها. (شمس العلوم لنشوان الحميري ص ٤٣) ، و (الإكليل حاشية ٨ / ٢٣٥). وقد جاءت كلمة الرائد محرفة في الأصل (الذائد).

(٩٨) عنس : في الأصل (عنتر) والتصحيح من (الإكليل ٨ / ٦٦) و (البلدان اليمانية ص ٤٩) ، إذ يقول : بينون بلدة حميرية قديمة خربت ، وقامت فوقها قرية حديثة ، وتقع على رأس جبل صغير ، كانت معدودة من محافد عنس ، كما ذكر ذلك الهمداني في صفة جزيرة العرب ، ثم صارت مع مخلاف ثوبان الذي تقع فيه من أعمال (الحدا) ، وألحقت هذه الناحية منذ سنوات بلواء ذمار ، وهو في الإكليل شرقي بلاد عنس ، ومقابله الكراع بحرة كومان ، وهي هجر ...

ويقول أسعد تبع :

وبينون مبهمة بالحديد

ملازبها الساج والعرعر

شهران قصر بناه الذي

بناه ببينون قد يشهر

(٩٩) مذحج : أكمة حمراء ولد عليها أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان (مرة) وأخوه نبت (الأشعر) وأمهما ذلة بنت ذي منشجان الحميري ، فهلكت فخلف على أختها مذلّة ، بنت ذي منشجان ، فولدت له مالكا وطيئا واسمه جلهمة ، ثم هلك أدد فلم تتزوج مذلّة ، وأذ حجت على ولدها أي أقامت ، فسمي مالك وطيئ مذحجا ، ومذحج قبيل كبير من اليمن ينسب إليه قبائل كثيرة وبطون عظيمة منها النخع وبنو الحارث بن كعب وسعد العشيرة وجعفي ومراد وجنب وصدا ورها وعنس وطيئ وغيرها. (اللباب ٣ / ١٨٦ ، ومعجم البلدان ٥ / ٨٩ ، والبلدان اليمانية ٢٥٥).

٨٨

مأرب (١٠٠) مدينة ملوك حمير. ومنها صرواح (١٠١) لسعد بن خولان (١٠٢). ومنها

__________________

(١٠٠) مأرب : العاصمة السبئية المشهورة ، وتقع إلى الشرق من صنعاء على مسافة مئة وسبعين كيلومترا ، وفيها قصر مأرب ، وهو قصر عظيم عالي الجدران ، وفيه قال الشاعر :

أما ترى مأربا ما كان أحصنه

وما حواليه من سور وبنيان

ظل العبادي يسقى فوق قلته

ولم يهب ريب دهر جد خوّان

حتى تناوله من بعد ما هجعوا

يرقى إليه على أسباب كتّان

وقال جهم بن خلف :

ولم تدفع الأحساب عن ربّ مأرب

منيّته وما حواليه من قصر

ترقى إليه تارة بعد هجعة

بأمراس كتان أمرّت على شزر

(معجم البلدان ٥ / ٣٨ والبلدان اليمانية ٢٣٩ ، ٢٤٤).

(١٠١) صرواح : بلدة خاربة أثرية في اليمن ، في بطن وادي جهم من بني جبر وأعمال خولان ، كانت العاصمة الأولى للدولة السبئية ، وتبعد غربا عن مأرب بنحو أربعين كيلومترا تقريبا ، وفيها قصر صرواح قرب مأرب ، يقال : إنه من بناء سليمان بن داوود عليهما‌السلام ، وأنشد ابن دريد لبعضهم في أماليه :

حل صرواح ، فابتن ، في ذراه

حيث أعلى شعافه ، محرابا

(معجم البلدان ٣ / ٤٠٢ والبلدان اليمانية ١٦٣).

(١٠٢) سعد بن خولان : قال ابن الدمينة : سعد بن خولان بن عمران بن الحاف بن قضاعة ، وهو الذي تملك بصرواح ، وأنشد لبعض أهل خولان :

وعلى الذي قهر البلاد بعزة

سعد بن خولان أخي صرواح

وقال عمرو بن زيد الغالبي من بني سعد بن سعد :

أبونا الذي أهدى السروج بمأرب

فآبت إلى صرواح يوما نوافله

لسعد بن خولان رسا الملك واستوى

ثمانين حولا ثم رجت زلازله

(معجم البلدان ٣ / ٤٠٢ والبلدان اليمانية ١٦٣).

٨٩

قصر القشيب (١٠٣). ومنها قصر العنقاء (١٠٤). ومنها موكل (١٠٥) قصر في المشرق

__________________

(١٠٣) القشيب : في الأصل (العشب) والتصحيح من (الإكليل ٨ / ٥٥) إذ يقول : وكان بمأرب قصر سلحين والهجر والقشيب ، وقصور من بمأرب اليوم من مبانيهم : الهجر والقشيب ، قال علقمة : والذي بنى القشيب : القشيب بن ذي يزن جذيمة حزفر من ملوك حمير ، فسمي به على حد الاختصار ، يراد موضع القشيب ، وقال الهمداني :

بل أين من قيّلهم لمن ذكر

أهل القشيب ذي النهى والحجر

وأهل صرواح وظهر وهكر

بددهم ريب الزمان عن قدر

وقال علقمة بن ذي جدن في (الإكليل ٨ / ٢٩٥) :

يابنة القيل قيل ذي فائش الفارس

غضّي الكلام ويحك غضّي

لو رأيت القشيب بعد بهاء

حاويا هد بعضه فوق بعض

(١٠٤) العنقاء : أكمة فوق جبيل مشرف يظنه ياقوت في (معجم البلدان ٤ / ١٦٢) في البحرين ، ولكن الغنقاء هنا قصر لعله قصر الملك الحارثة العنقاء ، أو قصر أبيه الملك ثعلبة العنقاء جد الأنصار ، وهو ابن عمرو (الملقب بمزيقياء أو البهلول) ابن عامر (الملقب ماء السماء) ابن حارثة الغطريف ابن امرئ القيس البطريق ابن ثعلبة البهلول ابن مازن بن الأزد من قحطان ، وعمرو هذا ملك جاهلي يماني من التبابعة قيل : هو أعظم ملك بمأرب. كان له تحت السد من الحدائق ما لا يحاط به ، وكانت الجارية تمشي من بيتها وعلى رأسها مكتل فيمتلئ فاكهة من غير أن تمس شيئا منها ، وكانت له ولآبائه من قبله بادية كهلان (باليمن) تشاركهم حمير ، ثم استقلوا بالملك من بعد حمير (الإكليل ٨ / ٢٦٩ و٢٨٤) و (الجمهرة ٣١٠ ـ ٣١١) و (الأعلام ٥ / ٨٠).

(١٠٥) موكل : موضع باليمن ذكره لبيد فقال يصف الليالي :

وغلبن أبرهة الذي ألفينه

قد كان خلّد فوق غرفة موكل

(معجم البلدان ٥ / ٢٢٧).

وموكل في (الإكليل ٨ / ١٠٦) قصر ببلد عنس بن مذحج على جبل أسود ، وهو قصر أسود وما يصلاه من يمانية أفيق مصنعة فيها قصور ، وفي قلته أبراج قصر أبيض في جبل حصين.

٩٠

بناه أبرهة ذو المنار بن الحارث الرائش (١٠٦). ومنها براقش (١٠٧) ومعين (١٠٨)

__________________

(١٠٦) أبرهة (ذوالمنار) بن الحارث الرائش بن شدد بن الملطاط بن عمرو (ذي أبين) من حمير : من تبابعة اليمن ، جاهلي كان مع أبيه في بعض حروبه بالعراق ، ومات أبوه فيها ، فولي الملك بعده و (أبرهة) بالحبشية (وجه أبيض) وقيل : سماه أبوه على اسم إبراهيم الخليل ، غزا وفتح كأسلافه ، ومات بغمدان ، وقال مؤرخوه : لقب بذي المنار لأنه جعل في الطريق أعلاما يهتدى بها (الأعلام ١ / ٨٢) و (جمهرة الأنساب ٤١٠) و (الحور العين ٢٠) و (التيجان ١٢٦).

(١٠٧) في الأصل : براقين ، وهو تحريف. وفي معجم البلدان ١ / ٣٦٤ : براقش ومعين حصنان باليمن ، كان بعض التبابعة أمر ببناء سلحين فبني في ثمانين عاما ، وبني براقش ومعين بغسالة أيدي صنّاع سلحين ، قال : ولا ترى لسلحين أثرا ، وهاتان قائمتان ، وقال الجعدي :

تستنّ بالضّر ومن براقش ، أو

هيلان ، أو يانع من العتم

يصف بقرأ تستنّ بالشوك ، والضر وشجر يستاك به ، والعتم : شجر الزيتون.

(١٠٨) معين : اسم حصن باليمن ، ومعين مدينة باليمن ، قال عمرو بن معد يكرب :

ينادي من براقش أو معين

فأسمع فاتلأبّ بنا مليع

(معجم البلدان ١ / ٣٦٤ و٥ / ١٦٠).

٩١

قصران مقتبلان بالجوف (١٠٩). ومنها تلفم (١١٠) قصر همدان بريدة (١١١). ومنها

__________________

(١٠٩) الجوف : الوادي واسم واد بأرض عاد ، فيه ماء وشجر ، وهو أيضا موضع بأرض مراد ، وهو في أرض سبأ ، وهو كذلك جوف المحورة ببلاد همدان ، وهو شرق صنعاء الشمالي ، وبراقش وهيلان مدينتان عاديتان باليمن خربتا ، أما براقش ومعين فهما بلدتان أثريتان في الجوف بينهما نحو اثني عشر كيلومترا تقريبا ، فأما براقش فتقع على رأس ربوة ترابية وقد تعرضت للخراب أواخر القرن السادس وأوائل السابع ، وقد سكنت حتى عهد قريب ، وأقيم بها مبان من أنقاض المباني القديمة ، وما يزال معظم سورها قائما وكانت تسمى (يثيل).

وأما معين وكانت تدعى قرنا وفتقع في الشرق الجنوبي من الحزم ، مركز الجوف ، على مسافة خمسة كيلومترات ، وما يزال بعض مبانيها قائما بارزا على وجه الأرض ، وكانت حاضرة الدولة المعينية ، ثم إن براقش ومعين بأسفل جوف أرحب في أصل جبل هيلان. (تاج العروس «برقش وجوف») و (معجم البلدان ٢ / ١٨٨) و (البلدان اليمانية ٣٨ و٢٦١) و (معالم الآثار اليمنية ٥٤ ـ ٥٧).

(١١٠) تلفم : في الأصل ومعجم البلدان (تلقم) وما أثبته من (الجزء الثامن من الإكليل والبلدان اليمانية ٥٦ ومعجم البلدان ٣ / ١١٢) وهو جبل باليمن فيه ريدة والبئر المعطلة والقصر المشيد وقال علقمة ذو جدن :

وذا القوة المشهور من رأس تلفم

أزلن ، وكان الليث حامي الحقائق

وتلفم في البلدان اليمانية حصن تقع في سفحه الشرقي ريدة البون في الشمال من صنعاء على مسافة سبعين كيلومترا (معجم البلدان ٢ / ٤٣) و (البلدان اليمانية ٥٦).

(١١١) ريدة : مدينة باليمن على مسيرة يوم من صنعاء ، ذات عيون وكروم ، وقال الهمداني : ثم بعد صنعاء من قرى همدان في نجد بلد ريدة ، وبها البئر المعطلة والقصر المشيد وهو تلفم (معجم البلدان ٣ / ١١٢).

٩٢

هكر (١١٢) والأهجر (١١٣) قصران في أرض عنس (١١٤) أيضا. ومنها دورم (١١٥)

__________________

(١١٢) هكر : قرية معروفة في جبل زبيد وبها آثار عجيبة (معالم الآثار اليمنية ٨٣) وهي بفتح الهاء وسكون الكاف وقيل بكسرها ، وعن الثقة بفتح الهاء وكسر الكاف : مدينة لمالك بن سقار من مذحج ، وهو حصن باليمن من أعمال ذمار (معجم البلدان ٥ / ٤٠٩) وهي قرية أثرية تاريخية تقوم على أنقاضها قرية حديثة تحمل الاسم نفسه وهي من مخلاف عنس وأعمال ذمار (البلدان اليمانية ٢٩١).

(١١٣) الأهجر : هي بلاد تحت جبل كوكبان من جهة الجنوب ، وموقع الأهجر كالجفنة محيطة بها الجبال والغيول محفوفة بالزراعة (معالم الآثار اليمنية ٧٥).

(١١٤) في الأصل (عبس) وهو تحريف. والتصحيح من (معالم الآثار اليمنية ٨٢) ، وهو مخلاف في اليمن ، ينسب إلى عنس بن مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ، رهط الأسود العنسي الذي تنبأ في أيام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (معجم البلدان ٤ / ١٦١) ، وكان مخلاف عنس يطلق على كثير من مخاليف ذمار المعروفة اليوم ، ولكنه يطلق حاليا على مخلاف (عنس السلامة) ويقع في مشرق ذمار على مسافة خمسة عشر كيلومترا أو أكثر ، وينسب أليه العلماء بنو العنسي الساكنون في ذمار وغيرها

(البلدان اليمانية ٢٠٠).

(١١٥) دورم : حصن في وادي ضهر على بعد ١٥ كم من صنعاء ، وهي في مقدمة جبل قرية طيبة المشهورة المطلة على وادي ضهر المعروف ، وهو وادي قريب من صنعاء منسوب إلى ضهر بن سعد ، وفيه قلعة تسمى حصن دورم ، كان فيها قصور الملوك وهي الآن خراب ، وتنسب أيضا إلى ضهر بن سعد بن عرينة بن ذي يقدم ، وأهل اليمن يقولون : خرج من ضهر سبعة من الفراعنة (الإكليل ٢ / ٥١ و٨ / ٧٤) و (تاريخ مدينة صنعاء ٢٣٨ ـ ٢٤٣ و٦٢٧) و (معالم الآثار اليمنية ٣٠).

٩٣

لضهر (١١٦) [بن سعد] [والقليس] لأبرهة بن الصباح (١١٧). ومنها أعماد لشبام ذي أقيان (١١٨) وهو من ولد سبأ الأصغر.

__________________

(١١٦) لضهر بن سعد : في الأصل : (لضهر أبرهة بن الصباح) وفي ذلك تحريف وإسقاط لكلام ومزج بين قصرين معا باسم قصر واحد لشخص واحد ، وما أثبته هو الصحيح ، وقد تداركته من المصادر المتنوعة.

وقصر دورم ليس (لضهر أبرهة بن الصباح) ، وإنما هو لضهر بن سعد بن عرينة بن ذي يقدم ، وقد ذكره الهمداني في (الإكليل ١٠ / ٦١) قال : ضهر ، واد وقلعة ومصنعة منسوب كل ذلك إلى ضهر بن سعد ، وهو على بعد ساعتين من صنعاء أو أقل ، سيرا على القدم. (معالم الآثار اليمنية ٣٠).

وهو يقع في مخلاف ماذن المعروف اليوم بهمدان كما في (البلدان اليمانية ٣٩٠؟؟؟).

(١١٧) والقليس لأبرهة بن الصباح : في الأصل (دورم لضهر أبرهة بن الصباح) كما بينت في تعليقي السابق قبل هذا ، وفيه إسقاط من الناسخ لاسم صاحب قصر دورم ، ولاسم القصر (القليس) ، وجعل قصر دورم خطأ لأبرهة بن الصباح ، وإنما دورم لضهر بن سعد ، والقليس لأبرهة بن الصباح كما أثبت.

والقليس اسم للكنيسة التي بناها أبرهة بن الصباح الأشرم الحبشي ، وما يزال موضعها في صنعاء معروفا في حي القطيع شرق شمال باب اليمن. وذلك لما ملك أبرهة اليمن وأراد أن يصرف لها حج العرب ، وسيّر للكعبة جيشا ومعه الفيل ، فكانت قصة الفيل المذكورة في القرآن الكريم ، وهو غير أبرهة بن الصباح الحميري الذي هو من ملوك اليمن في الجاهلية ، وقد ولي بعد حسان بن عمرو ، واستمر ٧٣ سنة ، وكان عالما جوادا ، وكان ملك تهامة ، وهو من ولد ذي أصبح ، واسمه الحارث بن مالك بن زيد بن الغوث (العقد الفريد ٣ / ٣٧٠) و (الأعلام ١ / ٨٢ عن التيجان ٣٠٠) و (القاموس : بره) و (معالم الآثار اليمنية ٩٢) و (ابن الأثير ١ / ١٥٦) و (السيرة لابن كثير ١ / ٢٩) و (السيرة لابن هشام ١ / ٤٣) و (تفسير ابن كثير ٧ / ٣٦٩) و (معجم البلدان ٤ / ٣٩٤) و (البلدان اليمانية ٢٢٥).

(١١٨) شبام ذي أقيان : في الأصل (لسنام بذي شان) مصحفا محرفا كما أظن ، وفي الإكليل : ومن قصور اليمن شبام .... وسميت شبام بسكنى شبام أقيان ، وهو أقيان بن حمير ، ويقال : هو شبام بن عبد الله بن أسعد بن جشم بن خيران بن نوف بن همدان بن مالك بن زيد بن أوسلة بن ربيعة بن الخيار بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ، وبها أعماد حجارة جاهلية تسمى (أعماد بسال) عليها عرش وليست أعماد مثل مأرب

٩٤

قلت : ومن العجب من الكلاعي كيف عدد حصون اليمن ومدائنه وسكت عن مدينة زبيد ، وهي من أحسن مدائن اليمن المعدودات ، وفيها إقامة الملوك ، ومن واديها ونخلها وثمراتها وأعمالها تستخرج الآلاف واللكوك (١١٩). وفيها من العلم والعلماء ما يروي العطشان من شدة الظمأ. وفي أعمالها ونواحيها من القرى الكبار ما هو مشهور معظم كبيت الفقيه (١٢٠) والقحمة (١٢١) والمحالب (١٢٢) والمهجم (١٢٣) ، وخيرات هذه الجهات معروفة ومنافعها موصوفة.

__________________

في العتق والنفاسة ، وهي إحدى جنان اليمن ، وهي في أسفل جبل ذخار مشتق منه نهران في وسط الغولة ، وهي شبام كوكبان المعروف قديما بشبام ذخار أو شبام ذي أقيان ويبعد عن صنعاء غربا بشمال نحو أربعين كيلومترا ، ومياهه تنحدر إلى وادي سردد ، وفيه شجر وعيون (الإكليل ٨ / ١٠٣ ـ ١٠٥ ومعجم البلدان ٣ / ٣١٨ والبلدان اليمانية ١٥٠).

(١١٩) الآلاف واللكوك : هكذا في الأصل ، وقد تكون اللكوك جمع لك ، واللك : الخلط واللحم كاللكيك ، وهو أيضا صبغ أحمر تصبغ به جلود المعزى للخفاف وغيرها ، واللك بالضم ثفله يركب به النصل في النصاب ، واللك واللكة عصارته التي يداوى بها الخفقان واليرقان والاستسقاء ، وأوجاع الكبد والمعدة والطحال والمثانة ويهزل السمان ، ويصبغ به إذا طبخ واستخرج صبغه ، وهو أيضا ما ينحت من الجلود المصبوغة فتشد به نصب السكاكين.

(اللسان ، القاموس ، الصحاح ، التاج).

(١٢٠) بيت الفقيه : في جنوبي الحديدة وعلى بعد اثنتي عشرة ساعة ، وهي مبنية على تل مرتفع ، وهواؤها وماؤها أجود ما في مدن تهامة ، وفي جنوبيها وعلى بعد ست ساعات تقع مدينة زبيد (رحلتي إلى اليمن ٨٦).

(١٢١) القحمة : بليدة قرب زبيد ، وهي قصبة وادي ذوال ، بينها وبين زبيد يوم واحد من ناحية مكة ، وهي للأشاعرة فيها خولان وهمدان ، وهي بلدة عامرة بجوار مدينة بيت الفقيه من تهامة ، وهي على الساحل شمال جيزان (معجم البلدان ٤ / ٣١١) و (البلدان اليمانية ٢١٧).

(١٢٢) المحالب : بليدة وناحية دون زبيد من أرض اليمن وهي بلدة خاربة جنوب وادي مور على مقربة من سوق بجيلة في بلاد الزعلية (معجم البلدان ٥ / ٥٩ والبلدان اليمانية ٢٤٦).

(١٢٣) المهجم : بلد وولاية من أعمال زبيد باليمن ، وهي مدينة خاربة قبالة الزيدية من جهة الشرق ، بينها وبين زبيد ثلاثة أيام ، ويقال لناحيتها : خزاز ، وأكثر أهلها خولان من أعلاها وأسافلها وشمالها بعد السّردد (معجم البلدان ٥ / ٢٢٩ ، والبلدان اليمانية ٢٦٧).

٩٥

وسكت عن مدينة تعز أيضا ، وهي مدينة حسنة ، وفيها من الخيرات المستحسنة ما تقرّ به عين الناظر ، ويطيب به القلب والخاطر ، فكم فيها من المطعومات الطيبات ، والأشجار المثمرات ، والفواكه اللذيذات ، والمشمومات الفاخرات ، وفيها يحاذيها من المشرق مدينة إبّ (١٢٤) وجبلة (١٢٥) وما قرب منها يمنا وقبلة ، وغير ذلك مما قرب من الأماكن والقرى والمساكن. وفيها منافع لا تحصى وخيرات لا تستقصى.

فصل [الأنبياء في اليمن]

ومن خصائص اليمن أنه ظهر فيه جماعة من الأنبياء والسادات الأولياء.] / فمن الأنبياء عليهم‌السلام :

__________________

(١٢٤) إبّ : من قرى ذي جبلة باليمن (معجم البلدان ١ / ٦٤) ولكنها اليوم كما في (البلدان اليمانية ١٥) مدينة عامرة مشهورة تبعد عن صنعاء جنوبا بنحو مئتي كيلومتر ، وهي مركز لواء إب ، ويتبعها عدد من النواحي ، منها ناحية ذي جبلة التي كانت في الماضي حاضرة المنطقة ، وكانت إب من أعمالها.

(١٢٥) جبلة : ذو جبلة : مدينة باليمن تحت جبل صبر ، وتسمى ذات النهرين ، وهي من أحسن مدن اليمن وأنزهها وأطيبها ، هذا في (معجم البلدان ٢ / ١٠٦) وأما في (البلدان اليمانية ص ٦٥) فهي مدينة مشهورة شمال جبل التعكر وليست تحت صبر وبينه وبينها نحو ستين كيلومترا.

٩٦

هود (١٢٦) بن شالخ وهو ابن قحطان وهو الذي أرسله الله إلى عاد (١٢٧).

ومنهم صالح (١٢٨) وهو الذي أرسله الله إلى ثمود (١٢٩) وهو من نسل قحطان.

__________________

(١٢٦) هود : النبي عليه‌السلام : نبي عربي من قوم عاد الأولى ، من سكان الأحقاف شمالي حضرموت ، كان يتكلم بالعربية ، وكان قومه وثنيين ، فدعاهم إلى الله فكذبوه واتهموه في عقله ، فأنذرهم وحذرهم غضب الله ، وأمسك الله عنهم المطر ، ثم أرسلت عليهم ريح استمرت ثمانية أيام ، فهلك أكثرهم ، ونجا هود ومن آمن معه ، فأقام في حضرموت إلى أن توفي ودفن على مراحل من مدينة (تريم) ، وقيل : إنه دفن بالأحقاف أو غيرها (الأعلام ٨ / ١٠١).

(١٢٧) عاد : هم عاد الأولى القديمة ، ومنهم من يجعل عادا اسما للقبيلة ، وقيل : إن المتقدمين من قوم عاد كانوا يسمون بإرم اسم جدهم ، وقيل : إرم هم قبيلة من عاد ، وكان فيهم الملك ، وكانوا بمهرة اسم موضع باليمن ، وكان عاد أباهم فنسبوا إليه ، وهو إرم بن عاد بن شيم بن سام بن نوح.

وقال الكلبي : إرم هو الذي يجتمع إليه نسب عاد وثمود ، وأهل السواد وأهل الجزيرة ، وكان يقال : عاد إرم ، وثمود إرم ، فأهلك عاد وثمود وأبقي أهل السواد وأهل الجزيرة ، وكان لعاد إرم حضارة وعناية بالعمران ، ومن آثارهم : أبنية حجرية لا تزال أنقاضها في حضرموت (تفسير الخازن ٤ / ٣٧٤).

(١٢٨) صالح ، النبي عليه‌السلام : نبيّ عربي ، وهو من بني ثمود ويقال لهم أصحاب الحجر ، وهي بلادهم المعروفة اليوم بمدائن صالح نسبة إليه ، وكان صالح قبل زمن موسى وشعيب بعث لهداية قومه ، فكذبوه ، إلا قليلا منهم ، فأخذتهم الصيحة. ويقول النسابون : هو صالح بن عبيد بن جابر ، وفيهم من سماه صالح بن آسف (الأعلام ٣ / ١٨٨).

(١٢٩) ثمود : وتعرف بمدائن صالح إلى اليوم ، وفيها من عجيب الآثار بيوت منقورة في الصخور ، وكانت ثمود أول من قطع الصخر ونحته ، واتخذوا مساكن في الجبال وبيوتا ، وقد بعث الله صالحا نبيا لهم ، وجعل الناقة آية تصديقه فكذبوه ، فأبادهم الله تعالى بالزلازل الشديدة العظيمة (تفسير الخازن ٢ / ١٠٦ و٤ / ٣٧٦).

٩٧

ومنهم شعيب (١٣٠) وهو الذي أرسله الله تعالى إلى مدين (١٣١) ؛ وهو شعيب بن ممرى ولد وائل بن زيد مناة بن أفصى بن سعد بن إياس بن حرام بن جذام ولد كهلان.

ومنهم حنظلة بن صفوان ابن الأقيّون بن الحارث بن قحطان (١٣٢).

ومنهم ذو القرنين فإنه صفي الله بن الصعب بن خالد بن الغوث بن النبت بن مالك بن زيد بن كهلان (١٣٣).

__________________

(١٣٠) شعيب ، النبي عليه‌السلام : نبي عربي من بني مدين ، من نسل إبراهيم ، كان بعد هود وصالح ، وقبيل أيام موسى ، منازل قومه بقرب تبوك ، بين المدينة والشام. وكان لسانه العربية ، وفهم بعض المفسرين ، من الآية(وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً) [هود ١١ / ٩١] أنه كان أعمى ، فجعله ابن حبيب أول من ذكرهم تحت عنوان : «أشراف العميان» (الأعلام ٣ / ١٦٥).

(١٣١) مدين : قوم شعيب كفروا بالله وكثر فسادهم ، ونقص تجارهم المكاييل والموازين ، وجاءتهم رسل قبل شعيب فكذبوهم ، وكان لبعضهم شجرة يصلون لها ، فسموا (أصحاب الأيكة) ، ودعاهم شعيب ونهاهم عما كانوا عليه ، وتبعه رهط منهم ، وكفر به آخرون ، فأخذهم الله بالزلازل ، ونجا شعيب وأصحابه من شرّ الزلزال (الأعلام ٣ / ١٦٦).

(١٣٢) حنظلة بن صفوان الرسّي : من أنبياء العرب في الجاهلية ، كان في الفترة التي بين الميلاد وظهور الإسلام ، وهو من أصحاب الرس الوارد ذكرهم في القرآن الكريم ، بعث لهدايتهم فكذبوه وقتلوه ، وقال ابن خلدون : حنظلة بن صفوان نبيّ الرسّ. والرس ما بين نجران إلى اليمن ومن حضرموت إلى اليمامة (الأعلام ٢ / ٢٨٦).

وفي الأصل : حنظلة بن صفوان بن الأفيون ، والتصحيح من جمهرة الأنساب ٣١٠ وهو فيها : حنظلة بن صفوان بن فهم (الأقيون) بن الحارث بن قحطان.

(١٣٣) ذو القرنين : نقل الإمام فخر الدين ، في تفسيره عن أبي الريحان السروري المنجم في كتابه المسمى بالآثار الباقية عن القرون الخالية ، أنه من حمير واسمه أبو كرب سمي بن عير بن إفريقيس الحميري ، واختلفوا في نبوته ، والأصح الذي عليه الأكثرون أنه كان ملكا صالحا عادلا ، وأنه بلغ أقصى المشرق والمغرب والشمال والجنوب ، وهذا هو القدر المعمور من الأرض ، وقد أورد الله ذكر رحلته هذه في سورة الكهف من القرآن الكريم (تفسير الخازن ٣ / ٢١٠).

٩٨

ومنهم صالح ذي رعين وهو صالح بن الهميسع بن ذي مازن بن رعين (١٣٤) كان نبيا غير مرسل.

ومنهم عمرو بن حجر بن عمران بن عمرو [مزيقياء] بن عامر [ماء السماء](١٣٥) كان نبيا غير مرسل.

ومنهم شعيب حضور وهو شعيب بن مهدم بن ذي مهدم بن المقدم بن حضور بن عدي بن مالك بن زيد بن شداد بن زرعة بن سبأ الأصغر بن حمير (١٣٦) ، بعثه الله تعالى برسالته إلى قومه من حضور ، فكذبوه وقتلوه ، وقبره في رأس جبل حضور ، وهو جبل من جبال اليمن الشريفة ، يظهر فيه الثلج ، وذكر أنه لم يظهر به هامة قط.

__________________

(١٣٤) ذو رعين : واسمه يريم بن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن عوف بن حمير (جمهرة الأنساب ٤٠٧).

(١٣٥) عمرو بن الحجر بن عمران ، من بني مزيقياء ، من الأزد ، من قحطان : حكيم جاهلي : تقول الأزد : إنه كان نبيا. (جمهرة الأنساب ٣٥) وما وضع بين قوسين في الاسم فراغ في الأصل رمّمته من كتب الأنساب وجداول الأنساب في كتاب العصبية القبلية للدكتور إحسان النص.

(١٣٦) في الأصل : مالك بن يزيد بن شداد بن زركة ، وما أثبته في المتن من كتب الأنساب وجداول العصبية القبلية ، وشعيب هذا بعثه الله إلى أهل حضور وهي قرية باليمن ، وكان أهلها عربا فدعاهم إلى الله فكذبوه فقتلوه ، فسلط الله عليهم بختنصر ، فقتلهم وسباهم ، فلما استمر فيهم القتل هربوا فقالت لهم الملائكة استهزاء(لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ) [الأنبياء ٢١ / ١٣] أي تسألون شيئا من دنياكم فتعطون من شئتم ، وتمنعون من شئتم ، فإنكم أهل ثروة ونعمة ، فاتبعهم بختنصر وأخذتهم السيوف ، ونادى مناد من جو السماء : يا لثارات الأنبياء ، فلما رأوا ذلك أقروا بالذنوب حين لم ينفعهم (قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ ، فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ) [الأنبياء ٢١ / ١٤] أي محصودين بالسيوف كالزرع وفي حضور هذه قال تعالى : (وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً) [الأنبياء ٢١ / ١١].

وتقول اليمن : إن شعيب بن ذي مهدم النبي الذي قتله قومه كان جده حضور أخا لذي رعين (تفسير الخازن ٣ / ٢٥٥ ـ ٢٥٦) و (جمهرة الأنساب ٤٠٧).

٩٩

فصل [الأولياء في اليمن والعلماء الأخيار والفضلاء الأبرار فيه]

وأما من ظهر فيه من الأولياء فمنهم الخضر وهو العبد الصالح الذي ذكره الله تعالى في سورة الكهف ، وأخبر عن قصته هو وموسى بن عمران عليه‌السلام (١٣٧) ، وهو الخضر بن ملكان بن يقطن بن هود ، وقد اختلف العلماء ؛ هل هو نبي أم ولي؟ قالوا : والصحيح أنه ولي. واختلفوا أيضا هل هو حي أو ميت؟ والصحيح عند الجمهور من المحققين أنه حي ، وبه قطع الأولياء ، ورجحه الفقهاء والأصوليون وأكثر المحدثين رضي الله تعالى عنهم أجمعين (١٣٨). وممن حكى ذلك عن جميع المذكورين الشيخ العارف محيي الدين النووي رضي الله تعالى عنه وقرره (١٣٩).

__________________

(١٣٧) تراجع قصته مع موسى عليه‌السلام في القرآن الكريم في سورة [الكهف ١٨ / ٦٥ ـ ٨٢] والخضر : لقب له سمي به لأنه جلس على فروة بيضاء ، فإذا هي تهتز تحته خضراء ، والفروة قطعة نبات مجتمعة يابسة ، أما اسمه ففي تفسير الخازن ٣ / ٢٠٥ أنه إيليا بن ملكان ، وكنيته أبو العباس ، وكان من بني إسرائيل ، وقيل كان من أبناء الملوك الذين تزهدوا وتركوا الدنيا ، وقد ورد اسمه في الأصل : الخضر بن ما كان وهو تحريف.

(١٣٨) هو ليس بحيّ عند المحققين ، وإنما هو ميت لقوله سبحانه وتعالى : (وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ) [الأنبياء ٢١ / ٣٤] ولقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد ما صلى العشاء ليلة : «أرأيتكم ليلتكم هذه ، فإن على رأس مئة سنة منها لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد» (مسلم ٧ / ١٨٧) ، ولو كان الخضر حيّا لكان لا يعيش بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم تصديقا لقوله تعالى في سورة الأنبياء أعلاه.

(١٣٩) ذكر ذلك النووي في كتابه تهذيب الأسماء ، وقال ابن كثير في تفسيره (تفسير ابن كثير ، سورة الكهف ١٨ / ٨٢) : حكى النووي وغيره في كون الخضر باقيا إلى الآن ، ثم إلى يوم القيامة قولين ، ومال هو وابن الصلاح إلى بقائه ، وذكروا في ذلك حكايات وآثارا عن السلف وغيرهم ، وجاء ذكره في بعض الأحاديث ولا يصح شيء من ذلك ، وأشهرها أحاديث التعزية ، ورجح آخرون من المحدثين وغيرهم خلاف ذلك ، كما ذكرنا في التعليق السابق برقم (١٣٨) إلى غير ذلك من الدلائل [ابن كثير ٤ / ٤١٦] ويراجع أيضا (مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر ط دار ـ الفكر ٨ / ٥٧ ـ ٧١).

١٠٠