نشر المحاسن اليمانيّة

ابن الديبع الشيباني الشافعي

نشر المحاسن اليمانيّة

المؤلف:

ابن الديبع الشيباني الشافعي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر ـ دمشق
الطبعة: ١
الصفحات: ٣١٢

الستة ، وقد اختصره اختصارا حسنا ، فمحص زبدة هذه الكتب ، وأتى بالنافع المفيد والشائع الناجع ، فتداوله الطلاب وانتفعوا به.

٢ ـ تمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث :

وقد محص فيه كتاب أستاذه (الشمس السخاوي) المسمى (المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث الدائرة على الألسنة) ، فأثبت في كتابه الشائع من تلك الأحاديث ، ونبه عليه ، لتقريبه للطالبين وتيسيره للراغبين ، وشذب فيه ما ليس من الحديث ونبّه عليه.

٣ ـ حدائق الأنوار ومطالع الأسرار :

وهو في السيرة النبوية ، وقد اختار موضوعاته من أمهات مقروءاته في كتب السيرة النبوية الشريفة ، فأوردها فيه ، فجاءت سيرته نقية من الشوائب ، واضحة البيان ، مشرقة الأسلوب ، يستسيغها الذهن ، وتستروح إليها النفس ويطمئن القلب ، ويقبل عليها أيما إقبال ، ويدل مضمونه ونهجه على أنه من تأليف إمام كبير في علم الحديث ، وله فيه وفي فنونه باع طويل.

٤ ـ غاية المطلوب وأعظم المنة فيما يغفر الله تعالى به الذنوب ويوجب الجنة :

وقد ألفه في حياة أستاذه أحمد بن أحمد بن عبد اللطيف الشرجي.

٥ ـ كشف الكربة في شرح دعاء الإمام أبي حربة :

وقد ألفه بعد رجوعه من الحج إلى وطنه عام (٨٩٦ ه‍).

٦ ـ مصباح المشكاة.

٧ ـ اختلاف الفرقة الإسلامية في تكفير المعاهدين :

وهم فرقة من الباطنية ، وقد ذكر سبب تأليفه هذا الكتاب في كتابه هذا (نشر المحاسن اليمانية) فقال (٥٧) :

__________________

(٥٧) نشر المحاسن اليمانية ، القصة الثالثة في الخاتمة.

٤١

وسبب ذلك أنه كان في وصاب الأعلى منهم طائفة ... ولهم عقائد فاسدات ، وتأليفات مخالفات ، فظهر رجل صوفي أصله من ريمة يسمى الشيخ عبد الرحمن بن إبراهيم ... أعلموه بأفعالهم ومقاصدهم وفساد عقائدهم ... فلما لاح له فسادهم وفهم عنادهم ، استغاث عليهم بطوائف المسلمين ، وأخرجهم من الحصن والمعشار أجمعين ...

فلما وقف الشيخ على مصنفاتهم وعرف فساد عقائدهم ازداد غيظا ، وأمر بقتلهم واسترقاق أولادهم ونسائهم ، فخرجوا من الأوطان ، وتمزقت أحوالهم في جميع البلدان.

فلما كان الأمر كذلك انتهى العلم إلى الفقيه العلامة تاج العارفين شرف الدين إسماعيل بن أبي بكر المقري إلى زبيد ، فاستقبح فعل الشيخ ، وأنكر عليه ولامه وكتب إليه فقال :

إن هؤلاء يعدل بهم عن أحكام الدين؟!!

فضاق صدر الشيخ من كتابه وعتب عليه في جوابه ، ومن تلك الساعة لم يزل بينهم الجدال في المكاتبات والرسائل والبلاغات ، حتى اجتمع من تلك الرسائل كتاب كامل.

فلما وقفت على ذلك جمعته وألفته وسميته كتاب (اختلاف الفرقة الإسلامية في تكفير المعاهدين) ، وهم فرقة من الباطنية ، وهو كتاب مفيد فيه من الحجج الواضحات والبراهين القاطعات ، والدلائل والاستشهادات ، والدقائق والبحوثات ، والمسائل والجوابات ، ما يتعجب منه الناظر ، وينشرح به الخاطر.

ـ ب ـ

ومنها في التاريخ ، وتدل مؤلفاته التاريخية على أنه مؤرخ واسع الاطلاع ، عظيم الزاد من هذا العلم ومنها :

١ ـ بغية المستفيد في أخبار مدينة زبيد :

وهو كتاب مطول في تاريخ مدينة زبيد ومن أسسها من الملوك ، رتبه على السنين للأسر التي حكمت زبيد من أول عهدها حتى آخر المئة التاسعة من عصره ، ونقل فيه عن

٤٢

مؤرخي اليمن قبله ، مثل (عمارة اليمني) و (الجندي) و (الخزرجي) و (ابن عبد المجيد القرشي) النسابة و (شرف الدين ابن المقري) وغيرهم وفيه يقول (٥٨) :

إني لم أجد بين المؤرخين من أفرد تاريخا لأئمة اليمن وملوكها وبني طاهر ، فألفت كتابي هذا ، ورتبته على مقدمة في فضل اليمن وأهله ، وقسمته عشرة أبواب ، في ذكر مدينة زبيد وفضلها ووصفها وجغرافيتها ومن تملكها وذراريهم ، وملوك الحبشة باليمن ، ومن قام بعدهم [دولة دولة إلى الدولة المعاصرة له] من بني زياد وبني نجاح ووزرائهم والصليحيين وبني مهدي وبني أيوب وبني رسول وعلي الطاهري وابنه عبد الوهاب وابنه محمد.

وقد ألفته بعد كتابي كشف الكربة في شرح دعاء الإمام أبي حربة ، وجعلته في أخبار مدينة زبيد ، ولما وقف عليه مولانا السلطان الملك الظافر عامر بن عبد الوهاب بن داوود طاهر ، جدد الله سعوده ونصر جنوده ، وطلبني إلى مجلسه الشريف العالي المنيف ، واستجاده واستحسنه ، ودعاني ونبهني على إلحاق أشياء فيه ، كنت أغفلتها ، واستدراك فوائد وشوارد لم أكن ذكرتها.

٢ ـ العقد الباهر في تاريخ دولة بني طاهر :

وقد ضمنه ابن الديبع تاريخ الدولة الطاهرية وفيه يقول :

ثم اختصرت من كتابي بغية المستفيد في أخبار مدينة زبيد كتابي المسمى بالعقد الباهر في تاريخ دولة بني طاهر ، ذكرت فيه دولة جديه بني طاهر ووالده ، ومآثرهم الحميدة ، ودولتهم المباركة الميمونة السعيدة.

فلما وقف عليه مولانا السلطان ، أضاف علي مواهب الجود والإحسان ، وأجازني من مواهبه الهنية بجائزة ميمونة سنية ، ثم حصل هذا التاريخ تحصيلا عظيما ، وتقدمت به إلى مولانا السلطان ، وهو إذ ذاك بمحروسته المقرانة مقيما ، وقدمت إليه فأثابني بثوابه عليه ، وأفاض علي من مواهبه وكرمه ما يقصر صوب الغمام عن غزير ديمه.

__________________

(٥٨) بغية المستفيد في أخبار مدينة زبيد.

٤٣

٣ ـ الفضل المزيد على بغية المستفيد :

وجعله ذيلا على كتابه (بغية المستفيد في أخبار مدينة زبيد) ، أرّخ فيه من سنة (٩٠١ ـ ٩٢٣ ه‍) ـ (١٤٩٥ ـ ١٥١٧ م) ، وهو تاريخ فتح السلطان سليم للشام ومصر مرتبا على السنين.

٤ ـ أحسن السلوك في نظم من ولي مدينة زبيد من الملوك :

وهو منظومة شعرية ختم بها كتابه (الفضل المزيد) ، وجعلها أرجوزة في تاريخ مدينة زبيد ، رتب فيها الأسماء على السنين إلى سنة (٩٢٣ ه‍).

٥ ـ قرة العيون في أخبار اليمن الميمون إلى سنة (٩٢٣ ه‍) وفيه يقول :

إني اطلعت على ما ألفه القوم في اليمن ، فوجدت كتاب أبي الحسن الخزرجي المسمى بالعسجد أحسنها فجعلته قاعدة مؤلفي هذا ، وأضفت إليه من غيره إلى آخر دولة بني طاهر.

وقد رتبته على ثلاثة أبواب في ذكر اليمن وفي ملك صنعاء وعدن ، وفي ذكر مدينة زبيد وأمرائها وملوكها ، وفي ذكر الدولة الطاهرية (وهو أول من أرّخ لها).

٦ ـ تاريخ الدولتين الطاهرية والناصرية.

٧ ـ تحفة الزمن بفضائل اليمن :

ويشتمل على أحاديث وآيات.

٨ ـ فضل اليمن وأهله :

وهو مختصر في فضائل اليمن.

٩ ـ مختصر طبقات الملك الأشرف الرسولي.

١٠ ـ المعراج.

١١ ـ مولد شريف نبوي.

١٢ ـ نشر المحاسن اليمانية في خصائص اليمن ونسب القحطانية :

وهو كتابنا هذا فماذا عنه؟؟!!

٤٤

كتاب ابن الديبع

نشر المحاسن اليمانية

في خصائص اليمن ونسب القحطانية

أ ـ توثيق نسبة الكتاب إلى مؤلفه :

١ ـ جاء في الصفحة ٥٤٨ في الجزأين الأول والثاني من المجلد الرابع لمجلة الزهراء الصادرة في القاهرة في الربيعين من عام (١٣٤٦ ه‍) ، بحث تحت عنوان :

(تواريخ مخطوطة للبلاد اليمنية) وفيه ما يلي :

«أربع تواريخ مخطوطة للبلاد اليمانية :

قرة العيون لابن الديبع عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي الشيباني المعروف بالديبع.

نشر المحاسن اليمنية.

روح الروح.

اللطائف السنية.

أما قرة العيون فهو في مجلد واحد معه كتابان سيأتيك ذكرهما ....

أما الكتاب الثاني في هذا المجلد فهو (كتاب الذخيرة وكشف التوقيع لأهل البصيرة في تأويل الأحكام في الليالي والأيام) ويغلب على الظن أنه لمؤلف قرة العيون ....

٤٥

ويتابع بعد ذلك في ص ٥٥٣ الحديث عن نشر المحاسن اليمانية في خصائص اليمن ونسب القحطانية فيقول :

ويليهما هذا الكتاب ، ويظهر أنه لمؤلف قرة العيون ، وقد ذكر جملة من علماء اليمن وأفاضلها منهم الفقيه العلامة شرف الدين إسماعيل المقري صاحب عنوان الشرف المتوفى سنة (٨٣٧ ه‍).

وهو في ٢٧ صفحة عدد سطورها كسطور الكتابين السابقين.

والكتب الثلاثة بخط واحد ، وهذا الكتاب على صغر حجمه غزير المادة كثير الفوائد قال في خطبته :

الحمد لله الذي أخرج الموجودات من العدم إلى الوجود .... [خطبة كتابنا هذا نفسها].

وهذا المجلد المشتمل على هذه الكتب الثلاثة ابتاعه الشيخ أحمد رجب الحلبي ، حينما كان في صنعاء بوظيفة مفتي لواء سنة (١٣٥٥ ه‍) ، وبقي هناك نحو أربع سنوات ، كما ابتاع غيره من مخطوطات أحضرها إلى مدينة حلب ، وكانت وفاته في حوالي سنة ١٣٣٦ ه‍ والكتاب الآن في خزانة ولده.

ثم يتحدث الدكتور صلاح الدين المنجد في ص ٥٥٣ من المجلة نفسها عن الكتاب ، فيقول تحت عنوان :

النشر في كتاب نشر المحاسن اليمانية .... تأليف عبد الرحمن بن علي الديبع في القرن التاسع ، ويذكر أن له في الظاهرية مخطوطتين بالرقمين ٣٧٥٤٧ و٣٧٥٤٩» (٥٩).

__________________

(٥٩) مجلة الزهراء ـ القاهرة ٤ / ١٣٤٦ ه‍.

٤٦

٢ ـ جاء في ص م / ٦٠ من كتاب حدائق الأنوار ومطالع الأسرار لابن الديبع أنّ له كتاب (نشر المحاسن اليمانية في خصائص اليمن ونسب القحطانية) وأن منه نسخة مخطوطة في عام (٩٢٨ ه‍) في ٣٤ ورقة بالمكتبة الظاهرية بدمشق لابن الديبع الشيباني الشافعي وجيه الدين عبد الرحمن بن علي بن محمد (٨٦٦ ـ ٩٤٤ ه‍) ـ (١٤٦١ ـ ١٥٣٧ م).

٣ ـ جاء في فهرس التاريخ لمخطوطات المكتبة الظاهرية للأستاذ خالد الريان اسم الكتاب تحت رقم ٣٤٨٥ في ص ٧٠١ منه ، ويصفه أنه في ٦٣ صفحة كتب في سنة (١٣٣٤ ه‍) (٦٠).

٤ ـ جاء في فهرس التاريخ وملحقاته لمخطوطات المكتبة الظاهرية للدكتور يوسف العش اسم الكتاب ومؤلفه ابن الديبع ، تحت رقم ٨٢٩ في ص ١٠١ منه.

ويصف الدكتور العش الكتاب أنه في ٦٣ صفحة قياسها ٢٣* ١٨ سم ، ومسطرتها ٢٤ سطرا ، وفي سم واحد حاشية ، وهو بخط رقعي وفيه ألفاظ وإشارات بالحمرة ، وقد علقه محمود شكري عبد الله الآلوسي ١٣٣٤ ه‍.

[ويظهر أن هذه النسخة هي عينها النسخة التي تحدث عنها الأستاذ خالد الريان آنفا ، وقد فقد منها صفحة غلاف الكتاب التي أشار إليها الدكتور العش ، وعليها رقم الظاهرية (٨٢٩) ، واستبدل بها ورقة أخرى وضع عليها الرقم ٣٤٨٥ الذي ذكره الأستاذ الريان].

ثم يذكر الدكتور العش محتويات الكتاب مشيرا إلى أرقام الصفحات فيه فيقول :

__________________

(٦٠) فهرس التاريخ لخالد الريان ص ٧٠١

٤٧

ص

٢ شرح خصائص اليمن.

١١ الآثار العلوية وما يحمد منها وما يدم وما جاء في ذكر الجنوب المنسوبة إلى اليمن.

١٦ نسب قحطان.

٢٤ بطون قحطان ومساكنهم في اليمن والشام وغيرهما من البلدان وبيان قبائل حمير وكهلان.

٢٨ من تولى أمر الحرمين الشريفين وسكن فيهما من ذرية قحطان.

٣٨ ذكاء فطن القحطانيين وكرم طباعهم.

٤٥ ذكر وصاب ومن فيها من القبائل المعروفين والعلماء والصالحين.

٥٤ الخاتمة فيما ظهر في وصاب من القصص والعجائب والأمور الغرائب (٦١).

وهذه المخطوطة التي يصفها الدكتور العش هي عينها المخطوطة الوحيدة التي اعتمدتها لتحقيق الكتاب إلا أنها تحمل رقم الظاهرية ٣٤٨٥ / تاريخ ، التي تحدث عنها الأستاذ الريان ، كما أسلفت ، والتي لم أستطع الحصول على غيرها على الرغم من سعيي الحثيث إلى ذلك.

وفضلا عن نسبة تأليف كتاب نشر المحاسن اليمانية لابن الديبع في أكثر من مصدر ، كما سبق ذكره ، فإن من استعراض أسماء أساتذة المؤلف ومن عاصرهم من الذين وردت أسماؤهم في كتابنا هذا المحقق ، أو وردت أسماؤهم في كتبه الأخرى كحدائق الأنوار ، وبغية المستفيد ، والنور السافر ، وكذلك من دراسة شعره في كتبه وأسلوبه في الكتاب فيها جميعا ، ونقل الأخبار بنصها في كتابه نشر المحاسن

__________________

(٦١) فهرس التاريخ وملحقاته تأليف الدكتور يوسف العش ص ١٠١

٤٨

هذا ، وغيره من كتبه الأخرى ، فإننا نجد تطابقا يكاد يكون تاما. وهذا ما يجعلني أثق بصحة نسبة كتابنا المحقق (نشر المحاسن اليمنية) إلى مؤلفه (ابن الديبع) نسبة لا مجال للشك أو الريب فيها.

وصف نسخة المخطوطة المحققة :

يبدو كما ذكرت آنفا ، أن صفحة الغلاف الأولى للكتاب وعنوانه واسم مؤلفه قد فقدت ، فأخذ عنوانه من خطبة الكتاب المذكورة في الصفحة التالية لصفحة الغلاف مباشرة ، والتي ورد فيها بشكل واضح لا غموض فيه.

ثم صنع الناسخ ورقة غلاف جديدة كتب فيها بالخط الريحاني (اسم الكتاب) ، ثم توبعت الكتابة بالخط الرقعي بقوله :

«لأحد فضلاء وصاب في بلاد اليمن ، ولم أقف على اسمه ولم يذكر اسم هذا الكتاب في كشف الظنون ، ولم أقف على زمن المؤلف ولا ترجمته».

ثم كتب في وسط الصفحة نفسها :

«وصاب جبل يحاذي زبيد باليمن فيه عدة بلاد وقرى وحصون».

وعلى هذه الصفحة ذاتها ظهرت أختام المكتبة الظاهرية ودار الكتب العربية بدمشق. هذا في ورقة الغلاف ، أما الكتاب نفسه ، فقد نسخه الأستاذ محمود شكري بن عبد الله الآلوسي ، وقد نقله صفحة صفحة معقبا بين الصفحات بالكلمات التي تثبت في آخر كل صفحة يمنى ما يدل على أول كلمة من الصفحة اليسرى لتدل على تتابع النص.

وقد حشّى الناسخ النص أحيانا قليلة جدا بخط أصغر حجما من خط المتن فيه ، بشروح وتعليقات أو إيضاحات لبعض مفردات النص ، كما في الصفحة الثانية من النسخة المخطوطة المنقول عنها ، وكذلك في الصفحات الرابعة والخامسة

٤٩

والثامنة والحادية عشرة والخامسة والعشرين والسادسة والخمسين والتاسعة والخمسين والثالثة والستين.

وكان يضع خط الاهتمام فوق بعض الكلمات لأهميتها أو للأبواب والفصول ، فصلا للكلام عما سبقه ، وتنبيها لبداية بحث جديد في المتن ، وذلك على الطريقة العربية الأصيلة في رسم علامات الترقيم :

وقد ترك قليلا من الفراغات لكلمة أو كلمتين في موضع ، يبدو أنه لم يتبين المكتوب فيه في الأصل المنسوخ عنه ، كما أشار في الهامش في موضع آخر إلى نقص الأصل بقوله : (كذا الأصل) كما في الصفحة الأخيرة من المخطوط.

وكان أحيانا يتابع نقل النص في هامش الصفحة لعدم اتساعها ولأهمية ربط الكلام في الصفحة نفسها قبل الانتقال إلى غيرها.

والنسخة التي نقل عنها تامة كاملة بيد أنه أشار في الصفحة السادسة والخمسين إلى أن خرما في الكتاب أسقط أولا ، تسعة أبيات من قصيدة هناك ، ثم أسقط نحوا من تسعة أبيات أخرى في الصفحة نفسها بعد ذكر بعض أبيات القصيدة بعد الخرم الأول ، وهذا هو الخرم المزدوج الوحيد في الكتاب ، ولم أستطع ترميمه.

وكان عند ما يكتب كلاما من المتن في الهامش يذيّله بكلمة (صح) ويوقع جانبه كما في الصفحة التاسعة والخمسين من المخطوط.

وعند ما انتهى الكتاب وأعلن المؤلف تمامه ، ذيّله الناسخ الآلوسي بقوله :

تم تحريره على يد الفقير إليه تعالى محمود شكري بن عبد الله الآلوسي صباح يوم الثلاثاء في ٢٢ صفر ١٣٣٤ ه‍ أواسط كانون الأول [١٩١٦] ، ويظهر خاتم دار الكتب العربية بدمشق واضحا في وسط الهامش الأيمن ، وقد علقت على ذلك هناك بالترجمة للناسخ ، وهو من أفاضل العلماء بالتاريخ والأدب والدين ، ومن

٥٠

دعاة الإصلاح السياسي المتمسكين بالسنة ، المحاربين للبدع ، المتصدرين للتدريس والتأليف والدعوة إلى الله تعالى ، رحمه الله رحمة واسعة. آمين.

أما بقية صفات عملية النسخ فهي لا تختلف عما جاء به الدكتور يوسف العش ، وسجلته له قبل قليل ، عند توثيق نسبة الكتاب إلى مؤلفه ، إلا في مسطرة الورقة ، التي لم تكن ثابتة على الرقم الذي ذكره الدكتور العش ، (٢٤) سطرا في جميع صفحات الكتاب ، ويبدو أنه أحصى ذلك من بعض صفحات الكتاب لا كله.

وأما الرسم الإملائي ، فإن الناسخ قد اعتمد قواعده المتعارف عليها في أوائل القرن الرابع عشر الهجري ، فهو يهمل همزة القطع كثيرا جدا ، سواء كانت ترسم فوق الألف أم تحتها ، كما أهمل رسم التنوين في جميع حالاته رفعا ونصبا وجرأ ، ولكنه اعتنى غالبا برسم الهمزة المتوسطة والمتطرفة والمدة.

وأما الألف اللينة ، الممدودة منها أو المقصورة ، فقد اضطرب في رسمها اضطرابا ليس له فيه قاعدة أو ضابط ، بل إنه أحيانا يزيد الألف بعد واو ليست ضمير الجماعة كما في (بنوا نمر).

ثم إنه كان يقلب أحيانا كتابة بعض الحروف ، فيكتب الضاد ظاء أو بالعكس ، أو يهمل إعجام الحروف الواجبة الإعجام فيوقعنا في لبس كبير لا يستطاع معه الوصول إلى الحق الكامل فيه كما في قوله ص ٤٦ من المخطوط :

(وبلد بني علس؟؟؟ معروفة بزفن ممتدة من العود بين إلى حد الركه؟؟؟).

وهو يحار في رسم بعض الكلمات فيرسمها كما يتوهمها كما في ص ٤٦ من المخطوط أيضا :

(وأن العبادل الذين يتحدب منهم يتحمل).

٥١

فيضطرني إلى التأويل والرجوع إلى المظان الكثيرة لاكتشاف الصواب فيها ، وهذا ما يجعل النقل عن نسخة المخطوط هذه صعبا يحتاج إلى تنبه كامل وتيقظ حذر.

ولعل سبب ذلك أن الناسخ كان يعاني من النسخة الأصلية التي كان ينقل عنها أضعاف ما عانيته في النقل عن نسخته التي نقلت عنه منها.

٥٢

٥٣

٥٤

٥٥

عملي في تحقيق كتاب نشر المحاسن اليمانية

وضوء على أهمية الجهد المبذول فيه ، ونثر اللآلئ عليه ، ونشره

١ ـ كان اعتمادي على النسخة الوحيدة التي استطعت الحصول عليها ، فأثبت نصها ، غير مبدّل فيه ، إلا إن لاح لي فيه التصحيف أو التحريف أو الخطأ ، فإني أستبدل به الصواب الذي رجحته ، وأشير في الهامش إلى ما كان عليه الأصل ، وما أشد ما عانيت من صعوبة قراءة بعض النص المخطوط على الرغم من جماله ، كما أشرت إلى ذلك حين الحديث عن الرسم الإملائي للمخطوطة ـ حتى اهتديت إلى ما أظنه الصواب فيها.

٢ ـ رجعت إلى مصادر كثيرة ومراجع ، تدل عليها الحواشي والتعليقات ، ومسرد مصادر التحقيق ومراجعه ، فعارضت كل ما جاء في الكتاب عليها ، ولا سيما ما أشكل منه. وكذلك عدت بالأشعار إلى دواوين أصحابها أو مظانها مبينا أسماء أصحابها من الشعراء ما أمكنني ذلك ، وسجلت بحورها العروضية بجانبها بين معكوفين [].

٣ ـ خرجت الآيات الكريمة وأشرت إلى مواقعها من السور في كتاب الله تعالى ، وذكرت رقم السورة ورقم الآية معها.

٤ ـ خرجت الأحاديث الشريفة على أصولها ، وأشرت إلى مصادرها في الكتب الصحاح وغيرها ما وسعني ذلك.

٥ ـ شرحت ما يحتاج إلى شرح من معاني المفردات اللغوية الغامضة ، وأثبت الشرح في الهوامش.

٦ ـ أعطيت عناوين للأبواب والفصول من عندي إن لم تكن موجودة ،

٥٦

ليأتي الكتاب كله على منهج واحد ، ووضعت ما جئت به من عندي بين قوسين هكذا [] تمييزا له مما وضعه المؤلف من عنده من العناوين.

٧ ـ كثيرا ما يذكر المؤلف الأعلام بما يشتهر من تسميتها ويشيع في عصره من لقب أو كنية ، غير مشير إلى ما يدلنا عليها من مؤلفات أو نحوه ، فاضطرني إلى البحث الطويل عنها كما في (أبي الحسن الكلاعي) ، فقد أخذ عنه كثيرا دون أن يشير إلى المصادر التي نقل عنه منها ، ولا إلى اسمه الذي سماه به أبوه من قبل أن يصبح (أبا الحسن الكلاعي). وقد عانيت من ذلك الكثير الذي أحتسبه عند الله تعالى وحده.

٨ ـ تسهيلا على القارئ الكريم ولا سيما المحقق الذي يرغب في الإفادة من الكتاب بسرعة وسهولة ويسر ، وضعت الفهارس التالية :

١ ـ مسرد الآيات القرآنية الكريمة.

٢ ـ مسرد الأحاديث النبوية الشريفة.

٣ ـ مسرد الشعر الوارد في متن الكتاب.

٤ ـ مسرد أعلام الأشخاص والقبائل والأمم.

٥ ـ مسرد أعلام الزمان والمكان وما إليهما.

٦ ـ مسرد أسماء الكتب الواردة في متن الكتاب.

٧ ـ مسرد مصادر التحقيق ومراجعه.

٨ ـ مسرد آثار الشارح المحقق.

٩ ـ مسرد محتويات الكتاب.

٩ ـ وأخيرا وليس آخرا :

نستطيع أن ندرج هذا الكتاب في عداد كتب الأدب العامة الموسوعية التي تحتوي على طرف من كل علم ، لا يستغني عنها مثقف أو قارئ.

٥٧

فهو يتناول بلاد اليمن وخصائصها وطبيعتها الجغرافية ، وما جرى فيها من القصص والعجائب والغرائب ، ويتحدث أيضا عن سكانها وذكائهم وفطنهم وكرم طباعهم وأنسابهم وتنقلاتهم ، ومن تولى منهم أمر الحرمين الشريفين ، ومن اشتهر منهم من قبائل وعلماء وصالحين ، مستشهدا ما وسعه الاستشهاد بالقرآن الكريم ، والحديث النبوي الشريف والشعر ، الذي إن لم يجده صنعه ، فالمؤلف شاعر مطبوع يجري الشعر على لسانه فيؤرخ الحوادث ، ويعيش الحياة ، ويترجمها إلى أدب يبقى خالدا على الدهر.

ومكتبتنا العربية اليوم ، فقيرة جدا فيما كتب عن اليمن ، هذا الجزء العزيز من العالمين العربي والإسلامي ، وإن من حقه علينا أن نحيي تراثه بتحقيق الكتب النفيسة التي سطرها علماؤه السابقون الأجلاء ، فكانت درة في جبين الدهر ، وهذا الكتاب بحق منها ، فنربط الحاضر بالماضي ، ونعرف عن أنفسنا ما نجهله ويعرفه الآخرون ، فيكون التاريخ لنا عبرة نتعظ بها في كل حين تبعا لقوله تعالى : (لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ) [يوسف ١٢ / ١٠٩] ، وما أكثر ما يعيد التاريخ نفسه على مرّ الأيام والسنين ، والسعيد من وعظ بغيره والشقي من وعظ بنفسه ، وقد أمرنا الله تعالى بالسير في الأرض والنظر في عاقبة الماضين بآيات كثيرة منها قوله جلّ من قائل :

(قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا) [آل عمران ٣ / ١٣٧].

وقوله : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها ، أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها ، فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ ، وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) [الحج ٢٢ / ٤٦].

وقوله : (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [العنكبوت ٢٩ / ٢٠].

٥٨

وقوله : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ، كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ ، فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) [المؤمن ٤٠ / ٨٢].

والكتاب رحلة فكرية للقارئ تضيء له بنور الماضي طريق المستقبل ، فيسير فيها في الأرض والسماء ، ويحلق فيها عبر الآفاق ، لا تحده حدود ، ولا تقف دونه الحواجز والمسافات ، فتكون الثقافة بذلك من أكبر عوامل تقدم الأفراد والأمم معا.

ولذا كان من واجب المهتمين بالفكر في العالم عامة ، وفي دنيا العرب خاصة ، تزويد قارئهم بالكتب التي تحمل الفكر النظيف دون تعمد إساءة للوقائع أو تشويه أو تحريف ، فيتركون للقارئ وحده حرية استنتاج الحقائق والسير في الطريق الذي يختاره ويريد.

وهأنذا اليوم أساهم في ذلك بتحقيق كتاب (نشر المحاسن اليمانية) ليطلع الإنسان المثقف عامة ، أيّا كان موقعه من بلاد الله الواسعة ، والقارئ العربي خاصة ، على أرضه وتاريخه وبلاده ، وقد غدا يعلم مع الأسف الشديد عن غيره أكثر مما يعلم عن نفسه ، ويقدس كل ما هو غريب ، ويحتقر كل ما هو قريب ، ويعتذر عن الأجنبي ، ويلوم كل ما هو عربي.

وقد سعيت جاهدا إلى إزالة الغربة بين العربي وتراثه ، فعمدت إلى التعريف بكل ما ورد في الكتاب من أعلام وجماعات وأماكن وبلدان وأيام ومعارك ، وجعلت ذلك في نطاق التعليقات والحواشي ، فأضأت بذلك النصوص ما استطعت إلى ذلك سبيلا.

وقد بذلت في ذلك من الجهد الكبير ، وتحملت من المشاق ، ما يعلمه كل من مارس صنعة التأليف والتحقيق بأمانة وصدق ، وخاصة عند شح المصادر أو قلتها وندرتها.

٥٩

وبهذا أغنيت الكتاب إغناء كبيرا يجعل القارئ يعيش مع المؤلف وكتابه في عصره الذي ألّفه فيه ، بل يعيش مع كل فترات التاريخ التي تناولها المؤلف من القديم إلى زمنه الذي يعيش فيه.

والكتاب يغلب عليه التاريخ ، فلا ضير من التوسع فيه بكل ما يفسر غوامضه ويزيل الإبهام عنه ، فتأتي الشروح والفهارس والتعليقات كالدرر الغر والجواهر الحسان على جيد الغانية البارعة الجمال ، مما يستحق معه بعد ذلك كله أن أسميه :

(نثر اللآلئ السنية على نشر المحاسن اليمنية)

راجيا أن أكون قمت بواجبي تجاه أبناء أمتي الأماجد.

ولا يسعني هنا إلا أن أتقدم بالشكر الجزيل إلى إدارة دار الفكر التي كان لها فضل إخراج هذا الكتاب ، وإلى كل العاملين فيها الذين أسهموا في إظهاره بثوبه الذي يبدو فيه الآن.

وكلي أمل أن يأتي عملي هذا أنفع ما يكون للقارئ ، وأقرب ما يكون إلى الصواب الذي رغبه له مؤلفه رحمه الله تعالى.

فإن أدركني التوفيق فيما قمت به ، فلله تعالى وحده الحمد والشكر على ما فضل وأنعم. وإن قصرت أو أخطأت ، فذلك من نفسي ، وعذري فيه أني قد اجتهدت ، وبذلت كل ما أستطيع من جهد ، وما أعظم شكري واعترافي بالجميل لكل من يلفت نظري إلى ما يطلع عليه في الكتاب من نقص أو خطأ ، لعلي أستدركه ، إن شاء الله تعالى ، في طبعة قادمة.

والله سبحانه وتعالى أسأل ، أن يثيب ابن الديبع على تأليفه هذا الكتاب خير الثواب ، وأن يبارك لي في عملي عليه ، ويجعله خالصا لوجهه العظيم ،

٦٠