نشر المحاسن اليمانيّة

ابن الديبع الشيباني الشافعي

نشر المحاسن اليمانيّة

المؤلف:

ابن الديبع الشيباني الشافعي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر ـ دمشق
الطبعة: ١
الصفحات: ٣١٢

وبصارمي ومثقّفي نلت العلا

لا بالقرابة والعديد الأجزل (٥٣)

/ ولقد نكبت بني حذيفة نكبة

لما طعنت صميم قلب الأخيل (٥٤)

ناديت عبسا فاستجابت بالقنا

وبكل أبيض صارم لم يدخل

نادوا إليّ فما استجبت نداءهم

إلا بضرب كالقضاء المنزل

وجلوت (٥٥) مهري في العجاج فأدبروا

هربا وولّوا لم أجد من مقبل

وكم له غير ذلك من الأبيات والقصائد يشير بها إلى هذه المقاصد.

قلت : ولو تصور لقائل أن يقول : من سمع هذا المقال استبعد اسم عنترة على كل حال ، لقلنا : هذا صحيح من حيث دعوة القوم ، وأما من حيث آثار النبوة فكل من سمع شعره لم يستبعد أسره ، لأن في بعض كلامه ما يدل على العجب ، فقد ورد في الحديث عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال : «ثلاث مهلكات ؛ شحّ مطاع ، وهوى متبع ، وإعجاب المرء بنفسه» (٥٦) ، نسأل الله تعالى السلامة من كل فتنة ، والتوفيق لآداب الكتاب والسّنة ، إنه على ما يشاء قدير آمين آمين.

__________________

(٥٣) الصارم : السيف القاطع. المثقف : الرمح والقناة المسوّاة بالثقاف. والأجزل : الأعظم والكثير.

(٥٤) في الأصل : الأخبل ، ولا معنى له هنا كما آظن ، وقد آثبت الأخيل : وهو بمعنى ذو الاختيال والتكبر والاعتداد بالنفس ، أو أنه مثل الأخيل ، وهو الطائر الشاهين لخفته وطموره ، ولعل ذاك هو الصواب.

(٥٥) في الأصل : وجلوا ، ولا يستقيم الوزن به ، ولعله إما (وجلوت) كالمثبت أعلاه أو (وجلاء) وهو الانكشاف والوضوح.

(٥٦) هذا ليس بحديث شريف ، وإنما هو من كلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وقد ورد كذلك في (العقد الفريد ٣ / ٢١٤).

٢٠١
٢٠٢

٧ ـ الباب السابع

في ذكر وصاب ومن فيه من القبائل والمعروفين والعلماء

والصالحين

وفيه قاعدة وفصول وخاتمة ختم الله لنا بالحسنى.

القاعدة : [في جواز حكاية النسب بالتسامع]

اعلم أرشدك الله تعالى أنا قد ذكرنا في الباب الرابع كثيرا من بطون القحطانية وأكثرها من بطون حمير وكهلان ، وذكرنا أن الأشعريين من بطون كهلان ، ومنه تفرعت بطون الأشاعرة ، ومرادنا بإثبات هذه القاعدة أن يبني عليها جواز حكاية النسب مع عدم العلم الحقيقي باتصال نسب القبائل الذين سيأتي ذكرهم بالبطون المتقدم ذكرها ، لأن الأسماء كثيرة الاشتراك والمماثلة ، وإنما يحصل العلم بذلك من طريق التسامع والاستفاضة (١) بين الناس.

وقد عدّ العلماء رضي الله تعالى عنهم أن الاستفاضة لها وجه وتأثير في الأحكام الشرعية ، وخاصة في النسب وما جرى مجراه ، لأنه لا مدخل للروية فيه ، وخاصة في الأجداد المتوفين ، والقبائل القديمة ، لأنه لا يتحقق فيه الروية ، فجاز الاعتماد به على الاستفاضة.

وقد نصّ علماء الشريعة رضي الله تعالى عنهم أن الإنسان إذا سمع الناس يقولون : إن فلان بن فلان ، أو إن فلان من بني فلان ، وتكرر ذلك على ألسنتهم ، ووقع في قلبه صدق مقالتهم ، جاز له أن يشهد بذلك جزما اعتمادا على غلبة الظن وصدق المقال.

__________________

(١) الاستفاضة : انتشار الخبر.

٢٠٣

ونقل الأذرعي (٢) عن ابن المنذر (٣) أنه قال : أما الشهادة على النسب المشهور بالتسامع فأمر لا أعلم أحدا من أهل العلم منع منه ، قال الإصطخري (٤) وسبب جواز ذلك عسر إقامة (٥) البينة على ابتدائها مع طول المدة ، انتهى.

وقال غيره : عسر الوقوف على أوله وحقيقته / فجاز الاعتماد به على الظن.

قلت : وإذا كان جائزا في الشهادة ، وهو حكم من الأحكام الشرعية ، فينبغي أن يكون جوازه في حكايات النسب أولى. وكثير من أحكام الشرع مبنية على الظنون.

__________________

(٢) الأذرعي : (٧٠٨ ـ ٧٨٣ ه‍) ـ (١٣٠٨ ـ ١٣٨١ م) : أحمد بن حمدان بن أحمد بن عبد الواحد ، أبو العباس ، شهاب الدين الأذرعي : فقيه شافعي. ولد بأذرعات الشام ، وتفقه بالقاهرة ، وولي نيابة القضاء بحلب ، وراسل السبكي بالمسائل الحلبيات ، وهي في مجلد ، وجمعت فتاويه في رسالة ، وله جمع التوسط والفتح بين الروضة والشرح ، عشرون مجلدا ، وشرح المنهاج شرحين أحدهما غنية المحتاج ثماني مجلدات ، والثاني قوت المحتاج ثلاثة عشر جزءا منه ، وفي كل منهما ما ليس في الآخر ، وعاد إلى القاهرة سنة ٧٧٢ ه‍ ، ثم استقر في حلب إلى أن توفي ، وكان لطيف العشرة كثير الإنشاد للشعر ، وله نظم قليل (الأعلام ١ / ١١٩) ، و (الدرر الكامنة ١ / ١٢٥).

(٣) ابن المنذر (٢٤٢ ـ ٣١٩ ه‍) ـ (٨٥٦ ـ ٩٣١ م) محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري ، أبو بكر ، فقيه شافعي مجتهد من الحفاظ ، كان شيخ الحرم بمكة قال الذهبي : ابن المنذر صاحب الكتب التي لم يصنف مثلها ، منها (المبسوط في الفقه) ، وغير ذلك ، توفي بمكة (الأعلام ٥ / ٢٩٤) ، و (غربال الزمان ٢٧٤) ، و (تهذيب الأسماء واللغات ٢ / ١٩٦).

(٤) الإصطخري (٢٤٤ ـ ٣٢٨ ه‍) ـ (٨٥٨ ـ ٩٤٠ م) : هو الحسن بن أحمد بن يزيد الإصطخري ، أبو سعيد ، فقيه شافعي ، كان من نظراء ابن سريج ، ولي قضاة (قم) بين أصبهان وساوة ، ثم حسبة بغداد ، واستقضاه المقتدر على سجستان ، قال ابن الجوزي : له كتاب في القضاء لم يصنف مثله ، وقال الأسنوي : صنف كتبا كثيرة منها : أدب القضاء ، استحسنه الأئمة ، وكانت في أخلاقه حدة. (الأعلام ٢ / ١٧٩) ، و (غربال الزمان ٢٨٦) ، و (التبصرة في أصول الفقه ٢٤٣).

(٥) إقامة : قبلها فراغ ، بمقدار كلمتين وبعدها فراغ بمقدار كلمة واحدة في الأصل ، وقد استدركتها من كتاب الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع للشيخ محمد الشربيني الخطيب طبعة دار الخير (بيروت ـ دمشق) ج ٢ / ص ٣٢٠

٢٠٤

فلنرجع إلى ما كنا فيه ، ولنذكر نسب من سمعنا بنسبه من أهل وصاب ، وما قاربها من الجهات ، ونلحق كل أحد بمن نسب إليه من البطون المذكورة أولا من بطون الأشاعرة وغيرهم ، ولنبدأ أولا بذكر الأشاعر وما يتفرع منهم من البطون فنقول ، وبالله التوفيق :

ذكر الخزرجي (٦) رحمه الله تعالى في كتاب اللباب إلى معرفة الأنساب ، جملة من بطون الأشاعر ، وقد ذكرتها في الباب الرابع من هذا المختصر ، ثم إني تأملت مقالته فوجدت أكثر البطون التي ذكرها مفقودة ، لم يوجد منها في هذه الجهات وما قرب منها إلا خمس بطون ، وهم ثابت وعبدل ، وثلاثة بطون من الركب. وهو بنو نمر والرمالة والرجافة. فأحببت أن آتي بذكرهم على هذا الترتيب.

فصل [في بطون الأشاعرة]

قد تقرر بما ذكرنا أن ثابتا بطن من بطون الأشاعر الموجودة الآن ، وإذا صح ذلك فالذين ينسبون إلى ثابت قبائل معروفة ، منهم طائفة في حد قوارير (٧) يعرفون ببني ثابت أهل الفاضل ، ومنهم قبائل يعرفون ببني أحمد في جبل قرصان (٨) والحاجرية (٩) والشّعب (١٠).

__________________

(٦) الخزرجي (... ـ ٨١٢ ه‍) ـ (... ـ ١٤١٠ م) : هو علي بن الحسن بن أبي بكر بن الحسن بن وهاس الخزرجي الزبيدي ، أبو الحسن ، موفق الدين ، مؤرخ ، بحاثة ، من أهل زبيد في اليمن ، عاش نيفا وسبعين سنة ، له مصنفات كثيرة (الأعلام ٤ / ٢٧٤).

(٧) قوارير : كأنه جمع قارورة ، من حصون زبيد باليمن (معجم البلدان ٤ / ٤١١) ، وفي تعليق المحقق على البلدان اليمانية عند ياقوت الحموي ٢٢٧ : قوارير : حصن في وصاب السافل ، ويعرف اليوم باسم المكعل ، وقد خربت مبانيه منذ زمن قديم.

(٨) قرصان : لعله قرظان من حصون زبيد باليمن (معجم البلدان ٤ / ٣٢٥) ، وفي حاشية (البلدان اليمانية ٢١٩) : قرضان غير معروفة.

(٩) الحاجرية : من نواحي زبيد ، وقد ضبطها صاحب العسجد المسبوك بحاء مفتوحة وميم مكسورة وزاي (العسجد المسبوك ص ٥٠٤).

(١٠) الشعب : شعب : جبل باليمن نزله حسان بن عمرو اليحمري وولده ، فنسبوا إليه (معجم

٢٠٥

ويقال : إن بني غليس منهم ، وبلد بني غليس معروفة بزفن ممتدة من العدوتين (١١) إلى حد الركية (١٢)

ومنهم قبائل يعرفون ببني سليمان ، مساكنهم في جبل قوّر (١٣) ، وفي ألاق ساحل ما بين الركية وجبل الفخار ، وهؤلاء جملة من سمعت أنهم ينسبون إلى ثابت.

وأما عبدل فهو ابن المحنى ؛ أخبرني الفقيه المقرئ ، العلامة شهاب الدين ، شيخ شيوخ القراءات السبع في مدينة زبيد المحروسة ، وغيرها من قطر اليمن ، أحمد بن محمد الأشعري (١٤) أنه هو ومن انتسب إليه بالقراءة من ذرية عبدل المذكور ، وأن العبادل الذين بنجد (١٥) منهم تتحمل (١٦).

__________________

البلدان ٣ / ٣٤٧) ، وقال محقق (البلدان اليمانية ص ١٥٦) : ما يحمل اسم شعب كثير ، ولعله أراد شعب أرحب من بني زهير.

(١١) العدوتين : الكلمة في الأصل غير واضحة ، وربما كانت العدوتين كما أثبت ، أو العودتين أو غير ذلك ، ولم أهتد إلى حقيقتها.

(١٢) الركية : هكذا في الأصل ، ولم أعثر على موضعها فيما رجعت إليه من مصادر. وفي صفة جزيرة العرب للهمداني ص ٢١٥ و٢٦٣ و٢٦٤ : (الركبة) ويستشهد عليها بعدة شواهد شعرية.

(١٣) جبل قوّر : جبل باليمن من ناحية الدّملوة فيه شق يقال له حود (معجم البلدان ٤ / ٤١٢) ، وهو جبل صغير متصل بحصن منيف في الجنوب الغربي من التربة مركز الحجرية من أعمال تعز ، وينسب إليه حود قور (البلدان اليمنية ٢٢٧) ، وهو من عزلة الزريقة قريب من مخلاف المعافر (البلدان اليمنية ٨٨).

(١٤) أحمد بن محمد الأشعري : هو أحمد بن محمد بن أحمد الأشعري شيخ القراءات السبع ، معاصر للمؤلف ، وقد أخذ عنه ممن درس القراءات عبد الله بن محمد بن علي الناشري (المدارس الإسلامية في اليمن ١٥٩).

(١٥) يتجد : في الأصل (يتحدب) هكذا ، وقد يكون المقصود نجد اليمن ، وهو غير نجد الحجاز كما يذكر صاحب معجم البلدان ويتابع فيقول : «غير أن جنوبي نجد الحجاز يتصل بشمالي نجد اليمن ، وبين النجدين وعمان برية ممتنعة ، ونجد اليمن أراد عمر بن معديكرب بقوله :

أولئك معشري وهم خيالي

وجدي في كتيبتهم ومجدي

هم قتلوا عزيزا يوم لحج

وعلقمة بن سعد يوم نجد

٢٠٦

وأما الركب أولاد أنعم بن الأشعر ، فمنهم بنو نمر (١٧) ولا يعرف هذا الاسم إلا للركب الذي بجبل المرثاة (بالثاء المثلثة) ، وهو جبل ما بين قرصان وقوارير.

ومنهم الرمالة وبلدهم ممتد من الخوخة (١٨) قرية من تعز إلى السلامة (١٩) عليا حيس (٢٠).

__________________

وقال أبو زياد ، فأما ديار همدان وأشعر وكندة وخولان فإنها مفترشة في أعراض اليمن ، وفي أضعافها مخاليف وزروع وبها بواد وقرى مشتملة على بعض تهامة وبعض نجد اليمن في شرقي تهامة ، وهي قليلة الجبال مستوية البقاع» ولعل ما أثبته هو الصحيح ، لأن الأشاعرة سكنوا كما رأينا بنجد اليمن ويراجع في ذلك كله : (معجم البلدان ٥ / ٢٦٥) ، و (البلدان اليمانية ٢٧٠) ، و (شعر عمرو بن معديكرب الزبيدي تحقيق مطاع الطرابيشي ص ٨٢).

(١٦)؟؟؟ : هكذا في الأصل ، وقد تكون ما أثبت أو غيره.

(١٧) بنو نمر : في الأصل : بنوا نمر ، وهو تحريف.

(١٨) في الأصل : (الحوحنه؟؟؟ ، وفي (طرفة الأصحاب ٣٨ ، ٣٩ : الحوبحته؟؟؟) ، وفي (العسجد المسبوك ص ١٠٠ : الخوهة) ، وفيه (ص ٣٤٥ : الحوحية) كما في الأصل ، والمثبت من (حدائق الأنوار ص ١٢٩٦) إذ قال : حيس بلدة مشهورة من تهامة جنوب زبيد وفرضتها (الخوخة) على ساحل البحر الأحمر ، وفي (المدارس الإسلامية ص ٧٧ ، و٢٣٠ قوله «مسجد الخوهة (الخوخة)».

(١٩) السلامة : قرية السلامة في وادي نخلة ، وتقع شرق مدينة حيس وفيها المدرسة الصلاحية (المدارس الإسلامية في اليمن ١٧٢).

(٢٠) حيس : هو بلد وكورة من نواحي زبيد باليمن ، بينها وبين زبيد نحو يوم للمجدّ ، وهو كورة واسعة ، وهي للراكب من الأشعريين (معجم البلدان ٢ / ٣٣٢) ، وحيس بلدة عامرة في تهامة وهي مركز الناحية التي سميت باسمها ، وهي من أعمال زبيد وتشتهر بصناعة الأواني الخزفية المعروفة بالحيسي نسبة إلى حيس (البلدان اليمانية ٩٩).

٢٠٧

ومنهم الرجافة ومسكنهم في بطحوات في قرية عسيق المنسوبة إلى الأشاعر. فهذه الخمس بطون الموجودة ، وثم طائفة في بطحوات يقال لهم الأشمور (٢١) ، وينسبون أنفسهم إلى الركب ، وطائفة أيضا في جبل شمير (٢٢) ينسبون أنفسهم إلى الركب ، ولم أعلم من أي بطن هم؟

ورأيت في تاريخ الجندي (٢٣) عند ذكر طبقات الفقهاء أنه لما عدّ الفقيه الصالح عمر بن علي (٢٤) صاحب الضنجوج (٢٥) من جملة الفقهاء المشهورين ، ذكر أن الفقهاء أهل الذئاب (٢٦) بطن من الأشاعر / قال وضبط الضّنجوج بضم الضاد ،

__________________

(٢١) الأشمور : عزلة من ناحية كحلان عفار وفيها مدرسة الشاهل في قرية الشاهل (المدارس الإسلامية ١٠٥) وكحلان عفار من أعمال حجة (البلدان اليمانية ٢٣١).

(٢٢) جبل شمير : ضبط بفتح الشين في (طرفة الأصحاب ٣٥ ، ٣٨) ، وهو كذلك في (صفة جزيرة العرب ٧٣ ـ ٧٨) إذ يقول : «ومن بلد الركب جبال شمير ، قال محمد بن عبد الله بن إسماعيل السكسكي : جميع ما بين عدن ووادي نخلة من أرض شرعب من الأودية الكبار التي تنتهي إلى البحر من تلقاء المغرب أولها ... والوادي الخامس من رسبان ... ومن بلد الركب جبال شمير والحدوم ، فتجتمع مياه رسبان حتى يلتقي بالجسيد ، ويصبان في موزع ، وموزع موطن فرسان وحلال لهم من الركب ... وجبال الركب ذخر وشمير ومعبر والجدون ودياس والمرير ...».

(٢٣) تاريخ الجندي : هو كتاب السلوك في طبقات العلماء والملوك ، ويعرف بطبقات الجندي ، وهو محمد بن يوسف بن يعقوب ، أبو عبد الله ، بهاء الدين الجندي من ثقات مؤرخي اليمن من أهل الجند ، بينه وبين صنعاء ٥٨ فرسخا ، توفي عام (... ـ ٧٣٢ ه‍) ـ (... ـ ١٣٣٢ م) كما في (الأعلام ٧ / ١٥١) ، و٧٣٠ ه‍ كما في (المدارس الإسلامية في اليمن ٣٧).

(٢٤) عمر بن علي : هو عمر بن علي الذئابي كما سيأتي في المتن ص ٢٢٣ والتعليق (٩٠) من هذا الباب ، وهو الذي أسس عمارة الضنجوج وبنى مدرستها ، وكان فقيها صالحا متصديا لتدريس العلم وتحصيل الكتب ، وكان ممن قرأ عليه البيان في الفقه القاضي عبد الرحمن الحبيشي المتوفي سنة ٧٨٧ ه‍.

(٢٥) الضنجوج : قرية من بلد أصاب ، نزل مستجيرا ، عند صاحبها الشيخ الصالح يحيى بن عمر الذئابي ، الملك المظفر حين نفر من ابن عمه إلى أصاب حيث تسلم الملك بقرية الضنجوج ، ثم سار منها إلى مدينة تعز فدخلها في موكب عظيم (العسجد المسبوك ص ٥١٧).

(٢٦) الذئاب : في الأصل الرباب ، وما أثبته من (طبقات الخواص ص ٧٩) إذ يقول في ترجمة

٢٠٨

فهؤلاء الذين ذكرناهم من أول الفصل هم الذين سمعنا أنهم أشاعر من ذرية الأشعر بن أدد بن زيد بن عمرو بن عريب بن زيد بن كهلان.

فصل [في بني يشجب]

أتينا على ذكر الموجودين من بطون الأشاعر من بني ثابت وغيرهم ، وينبغي أن نأتي بعدهم بذكر بني يشجب لكونه أقرب لاتصال النسب ، فإني سمعت سماعا متواترا أنّ بني يشجب ينسبون أنفسهم إلى همدان ، فإن صح انتسابهم هذا إليه فهم أقرب إليهم نسبا ، لأن الجميع من ذرية كهلان ، لأن همدان اسمه أوسلة بن مالك الأعلى بن زيد بن أوسلة الأكبر بن ربيعة بن الخيار بن مالك الأرفع بن زيد بن كهلان ، وسمعت أيضا أن بني شعيب ينسبون أنفسهم إلى همدان فإن صح انتسابهم هذا فهم من ذرية كهلان.

فصل [في بعض البطون الكهلانية في الجهات الوصابية]

ذكر المؤرخون أن الأصهب بن الحارث من بني سعد العشيرة ، فإن صح انتساب المشايخ بني الأصهب إليه ، فهم من ذرية مذحج لأن الأصهب هو الأصهب بن الحارث بن عوف بن كعب بن الحارث بن سعد بن عمرو بن ذهل بن مران (٢٧) بن جعفي بن الساحر بن سعد العشيرة بن مذحج بن أدد بن زيد بن عمرو بن عريب بن زيد بن كهلان.

__________________

أبي عفان عثمان بن حسين بن عمر الذئابي ، أنه منسوب إلى قرية من جهات أصاب الأسفل تعرف بالذئاب جمع ذئب باسم الحيوان المشهور ... وبنو ذئابي جماعة الغالب عليهم العلم والصلاح ، وكان مسكن متقدميهم قرية الذئاب كما ذكرنا ، وسكن متأخروهم موضعا يعرف بالضنجوج. وكانت وفاة الفقيه عثمان المذكور على رأس السبع مئة تقريبا رحمه الله تعالى آمين.

(٢٧) مران : في الأصل (مراد) ، وما أثبته من (جمهرة الأنساب ٣٨٤ ، ٣٨٥).

٢٠٩

وأما ولاة جعر (٢٨) بنو المأمون فقد وقفت على خطوطهم أنهم ينسبون أنفسهم إلى كندة ، فإن صح انتسابهم هذا فهم من ذرية كهلان.

قلت : ولما ذكرنا كندة تذكرت أبياتا للمقنع الكندي (٢٩) فيها أخلاق حميدة ، وآداب مفيدة ، فأحببت أن أودعها في هذا المكان وهي هذه : [الطويل]

يعيرني بالدّين قومي وإنما

ديوني في أشياء تكسبهم حمدا

أسدّ به ما قد أخلّوا وضيّعوا

ثغور حقوق ما أطاقوا لها سدّا (٣٠)

وفي جفنة لم يغلق الباب دونها

مكلّلة لحما مدفّقة ثردا (٣١)

وفي فرس نهد عتيق جعلته

حجابا لبيتي ثم أخدمته عبدا (٣٢)

فإنّ الذي بيني وبين بني أبي

وبين بني عمي لمختلف جدّا (٣٣)

فإن أكلوا لحمي وفرت لحومهم

وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا (٣٤)

__________________

(٢٨) جعر : مخلاف في اليمن من وصاب العالي من قضاء زبيد من لواء الحديدة وفي (معالم الآثار اليمنية ٨١) : أن فيه عددا من الحصون ذوات آثار منها حصن جعر وحصن مدكن وجبل معهوهة في السيف (المدارس الإسلامية في اليمن ٦٨).

(٢٩) المقنع الكندي (... ـ نحو ٧٠ ه‍) ـ (... ـ نحو ٦٩٠ م) : محمد بن عمير ، بن أبي شمرين فرعان بن قيس بن الأسود بن عبد الله الكندي ، شاعر من أهل حضرموت ، مولود بها في وادي دوعن ، اشتهر في العصر الأموي ، وكان مقنعا طول حياته ، أما الأبيات التالية فقيل : إنها من نظم حاتم الطائي ، ونسبت أيضا إلى كرز بن شريك الحميري ، وقال الصولي : هي للمقنع ، وفي اسم أبيه خلاف ، قيل : عمير ، وقيل : ظفر بن عمير (الأعلام ٦ / ٣٢٠).

(٣٠) به : في الأصل : بها ، وما أثبت من العقد الفريد ١ / ٢٨١

(٣١) جفنة : قصعة الطعام ، ثردا : الخبز المكسر في اللحم والمفتت فيه.

(٣٢) فرس نهد : فرس حسن جميل. عتيق : أصيل.

(٣٣) فإن : في (العقد الفريد ١ / ٢٨١) : وإن.

(٣٤) الشطر الأول كناية عن امتناعه عن الغيبة ، حتى لو اغتابوه. وفي العقد : (يأكلوا) (يهدموا).

٢١٠

وإن زجروا طيرا بنحس يمرّ بي

زجرت لهم طيرا يمرّ بهم سعدا (٣٥)

لهم جلّ ما لي إن تتابع لي غنى

وإن قلّ مالي لم أكلفهم رفدا (٣٦)

ولا أحمل الحقد القديم عليهم

فليس كريم القوم من يحمل الحقدا (٣٧)

وإني لعبد الضيف ما دام نازلا

ولا شيمة لي غيرها تشبه العبدا (٣٨)

رجعنا إلى ما نحن فيه ، وأما بنو ذليف فقد سمعت أنهم نسبوا أنفسهم إلى السكاسك ، فإن صح انتسابهم / إليهم فهم من ذرية كهلان.

وأما بنو حرب فإن كان انتسابهم إلى حرب بن محمد بن أبي صفرة العتكي (٣٩) ، فهم من بطون الأزد من ذرية كهلان.

هذا جملة ما سمعنا أو ظننا في الجهات الوصابية أنهم من بطون الكهلانية أولاد كهلان بن سبأ الأكبر ، فبناء منا على قاعدة الاستفاضة المتقدم ذكرها ، والله بكل شيء عليم.

فصل [في بعض بطون حمير في الجهات الوصابية]

قد أتينا على ذكر بطون أولاد كهلان الموجودين الآن في الجهات الوصابية وما قاربها من البلدان ، فلنأت بعدهم ببطون أولاد أخيه حمير الموجودين في الجهة المذكورة.

__________________

(٣٥) في البيت ذكر لعادة عربية قديمة ، وهي زجر الطير أي عيافتها ، وأصله أن يرمي الطير بحصاة ويصيح ، فإن ولّاه في طيرانه ميامنه تفاءل به ، أو مياسره تطيّر منه وتشاءم ، وهو ضرب من التكهن ، والمقصود من البيت أنه إن تمنّوا له الخيبة والضلال قدم لهم السعادة والهناء ، وفي (العقد الفريد : (تمرّ) (تمرّ)).

(٣٦) الرفد : العطاء والصلة.

(٣٧) في العقد الفريد ١ / ٢٨١ : وليس رئيس القوم.

(٣٨) في العقد الفريد ١ / ٢٨١ : وما شيمة.

(٣٩) في جمهرة أنساب العرب ٣٤٨ ـ ٣٤٩ : من أولاد العتيك بن الأزد ... حرب بن محمد بن المهلب بن أبي صفرة (وهو صاحب الطيلسان ، طيلسان بن حرب الذي أكثر فيه القول إسماعيل بن إبراهيم بن حمدويه الشاعر).

٢١١

فنقول : منهم في الهرامة وهم بطن من بطون الكعبيين (٤٠) ، ولا يعرف هذا الاسم في وصاب إلا للمشايخ بني المارع الرمادي ، ومن نسب إليهم.

ومنهم الأشموس وهم بطن من بطون عبد شمس (٤١).

أخبرني بذلك الفقيه العالم تقي الدين عمر بن موسى العلوي الشمسي (٤٢) وهو كذلك في تاريخ الخزرجي.

ومنهم بنو سلمة (٤٣) ، قال الخزرجي : وضبطه بكسر اللام ، وهو بطن من بطون الخزرج.

وأما بنو سوادة وبنو البكالي فإن كان انتساب السوادي إلى سوادة بن عمر ، وانتساب البكالي إلى بكيل بن عريب بن زهير فهم من بطون حمير.

وأما سكان جبل الفخار فمنهم أناس ينسبون أنفسهم إلى حي ، وأناس ينسبون أنفسهم إلى همدان ، فكل من انتسب منهم إلى بطن ألحق بها.

وأما بنو حي فإن كان انتسابهم إلى حي بن خولان فهم من بطون حمير لأن حيّا هو حي بن خولان بن عمر بن الحافي بن قضاعة بن مالك بن عمرو بن مرة بن زيد بن مالك بن حمير.

__________________

(٤٠) الكعبيين : نسبة إلى قبائل متعددة يراجع فيها (اللباب في تهذيب الأنساب ٣ / ١٠١).

(٤١) عبد شمس : هو أحد أولاد الأشعر ، وقد ولد الأشعر الجماهر والأنعم والأدغم وجدة وعبد شمس وعبد الثريا ، وكانت ديارهم من حدود بني مجيد بأرض الشقاق فإلى حيس فزبيد ، ومن بلدانهم القحمة والحصيب (معجم قبائل العرب ١ / ٣٠ ـ ٣١) ، و (جمهرة الأنساب ٣٧٤).

(٤٢) عمر بن موسى العلوي الشمسي : معاصر للمؤلف لم أعثر على ترجمة له.

(٤٣) بنو سلمة : بطن من الأنصار وهو سلمة بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة بن تزيد بن جشم بن الخزرج (اللباب في تهذيب الأنساب ٢ / ١٢٩).

٢١٢

وأما الحارثة (٤٤) وبنو السلمي (٤٥) فظاهر الحال ومسموع المقال أنهم من بطون حمير.

وأما سلاطين عتمة (٤٦) ومن نسب إليهم فهم من بطون حمير ، ذكر ذلك الخزرجي في تاريخه.

وكل من صح انتسابه من قبائل خولان إلى عمر الحافي بن قضاعة فهو من بطون حمير ، وفي جبل السانة (٤٧) ونقذ (٤٨) قبائل ينسبون أنفسهم إلى ربيعة ، فكل من صحّ انتسابه إلى ربيعة بن سعد أو إلى حي بن خولان فهو من بطون حمير.

وليس بعد هؤلاء المذكورين في الجهة اليمانية إلا حمير وحاظة ، وهم من آل الكلاع وقد تقدم ذكرهم.

وهذه أيضا جملة بطون حمير الموجودين في الجهات الوصابية.

__________________

(٤٤) الحارثة : نسبة إلى قبائل متعددة يراجع فيها (اللباب في تهذيب الأنساب ١ / ٣٢٨).

(٤٥) بنو السلمي : نسبة إلى سلمة بن نصر بن غطفان بن قيس بن جهينة بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحافي بن قضاعة بن مالك بن عمرو بن مرة بن زيد بن مالك بن حمير ، أو إلى سلمة غيره ، ويراجع فيه (اللباب في تهذيب الأنساب ٢ / ١٢٩ ـ ١٣٠).

(٤٦) عتمة : حصن في جبل وصاب من أعمال زبيد (معجم البلدان ٤ / ٨٢) ، وهي ناحية تقع ما بين مغرب عنس شرقا ، ووصاب غربا ، وهي في زمننا الحاضر من أعمال ذمار (البلدان اليمانية ١٨٧).

(٤٧) السانة : حصن في جبل وصاب من أعمال زبيد (معجم البلدان ٣ / ١٧٩) ، وهي عزلة من مخلاف نقذ وأعمال وصاب العالي ، منها العلامة أحمد بن عبد الله السانة المتوفى سنة ١١٠٥ ه‍ ، ويظهر أن وصاب كان من أعمال زبيد (البلدان اليمانية ١٣٣).

(٤٨) نقذ : في الأصل (تقد) ، وفي (البلدان اليمانية ١٣٣ و١٨٢) : نقذ ، وفي (معالم الآثار اليمانية) : وفي حصون مخلاف نقد آثار قديمة وخرائب (معالم الآثار اليمنية ٨١ ـ ٨٢).

٢١٣

فصل

في ذكر بلد بني غليس ومن فيها

وجملتهم ستة (٤٩) بيوت منهم بنو عبد الله ، وكانت إقامتهم في جبل قور ، ولهم فيه مساكن معروفة ، منها الحاشدي ومنها المحار ومنها الكنين ومنها المحترسة ومنها حاظية ، ولهم هنالك وقوفات وصدقات مؤبّدات تساق إليهم إلى الآن.

ذكر الناس أنهم كانوا هنالك أصحاب رزق وثروة وحياء ومروءة ، فلما وفر فيهم المال ، وكثرت فيهم الرجال عصوا الله تعالى وفعلوا أفعال الجاهلية ، وأخافوا طرقات المسلمين / وأحدثوا الملاوم (٥٠). وهتكوا المحارم ، فأحاط بهم دعاء المظلومين وعاقبهم الله تعالى بضعف الحال ، وقلة الرجال. فانتقلوا من الجبل المذكور وأقاموا على ذلك الضعف مدة سنين. ثم أقال الله تعالى عثرتهم.

ومنهم الشعاور انتقلوا من حاشد ، ولهم هنالك أراض وقرابة يسمون شعاور المعاربة ، وأظن أن أرض حاشد (٥١) هذه المذكورة منسوبة إلى حاشد بن جشم ، فإن صح انتسابهم إليه ، فهم من ذرية همدان ، لأن حاشدا المذكور هو حاشد بن جشم بن نوف بن همدان.

ومنهم بنو عمر ، وهم قوم أصحاب نجدة وحملة وعزائم قوية. أخبرني الثقات أنه جرت عداوة في بعض الجدود اشتد فيها القتال ، وكثرت فيه عرات (٥٢)

__________________

(٤٩) في الأصل : ست بيوت وكأنه أراد ست قبائل.

(٥٠) في الأصل : الملازم.

(٥١) أرض حاشد : هي في مخلاف همدان ، وهو ما بين الغائط وتهامة والسراة في شمال صنعاء ما بينها وبين صعدة من بلد خولان بن عمرو بن الحاف بن قضاعة ، وهو منقسم بخط عرضي ما بين صنعاء وصعدة فشرقيه لبكيل ، وغربيه لحاشد (جمهرة الأنساب ٣٦٩) ، و (الأطلس التاريخي ٦ ج ٦) ، و (معجم البلدان ٥ / ٦٩) ، و (البلدان اليمانية ٢٥٢).

(٥٢) عرات الجيال : شدائده أو إصاباته بالمكروه ، والعين مطموسة في الأصل ، والعرات : إما جمع عرّة بفتح العين وهي الشدة في الحرب ، أو جمع عرّة بضم العين وهي الإصابة بمكروه.

٢١٤

الجبال ، فلبس جد من جدودهم خوذة من حديد ، وأقامت على رأسه مدة طويلة ، ثم لم يتفرغ لنزعها من كثرة النوائب وملازمة المراتب.

قالوا : فلما هم بنزعها انتزع معها شعر الرأس وجلده. ولا أعلم من أي جهة كان انتقالهم إلى هذه الجهة.

ومنهم بنو قيس كان إقامة أكثرهم في جهة الخناقية (٥٣) وشمعون وما والى تلك الجهات ، وهم أصحاب سيرة محمودة قانعون بما وهب الله لهم من المال ، وبما رزقهم من الرزق الحلال ، ولا أعلم إلى أي قيس ينتسبون (٥٤) ، لأن هذا الاسم كثير الوجود في جميع الأنساب.

ومنهم الأجراف وهم بطن من الرمالة ، أخبرني بذلك الشيخ الفاضل النسيب الكامل شمس الدين يوسف بن أحمد بن عون الرميلي (٥٥) في دار الجبيل المعروف بجبيل الرمالة عليا السلامة من المشرق ، وقال لي : ما سمعتم من كلام أكابركم ، أنتم منا أم نحن منكم؟ فقلت له : ما سمعت شيئا من ذلك. فقال : بل أنتم منا لأن أحدكم هو الخارج إلى وصاب ، وأخبرني بذلك غيره جماعة من الثقات.

ومنهم بنو عوام (٥٦) وهم أصحاب كرم ونخوة وشجاعة وفتوة ، وبنو يوسف وبنو الفضل والمراع وأهل الباهي منهم.

أخبرني الشيخ الأجل محب الدين حاتم بن أبي بكر بن يوسف بن

__________________

(٥٣) الخناقية؟؟؟ : هكذا في الأصل. ولعل ما أثبت هو الصواب.

(٥٤) في معجم قبائل العرب ٣ / ٩٧٠ : «قيس : من قبائل اليمن ويقال لهم قيس الأعماس تقيم في شرقي صنعاء» ، وفيه أيضا : «قيس قبيلة من قبيلة رجال المع التي تمتد ديارها بين أنمار وصبيا في اليمن ، وفيهم رئاسة رجال المع». وقد يكون بنو قيس المذكورين أحد هذين الأصلين».

(٥٥) يوسف بن أحمد بن عون الرميلي : معاصر للمؤلف لم أعثر على ترجمة له.

(٥٦) في الأصل : وهم بنو عوام.

٢١٥

عبد الله بن أحمد بن عوام اليوسفي العوامي أن أحدهم كان مسكنه بالعنبرة (٥٧) عند ساحل البحر ، مزارعه متصلة بمزارع قرية الحجوف (٥٨) المنسوبة إلى الأشاعر فانتقل منها إلى سر (٥٩) ، وأقام فيها مدة طويلة ، ثم انتقل إلى هذه البلدة المسماة بالثجة (٦٠) ، ولم يكن فيها مساكن ، فحصل استئناس بعضهم ببعض ، وكثرت الرجال ، وعمرت فيها الأرض في السهول والجبال.

فهذه جملة ما سمعنا في أمر بلد بني غليس ، ولا أعلم باتصال نسبهم بعضهم ببعض ، واسم غليس أيضا لم أقف عليه في تاريخ ، ولا رويت هذا الاسم إلا للفقهاء أصحاب ذي بديهة في موضع في حد فلشط في بلد بني شعيب (٦١) ، وسيأتي ذكره في الفصل الذي بعد هذا عند ذكر فقهاء وصاب إن شاء الله تعالى. وقد

__________________

(٥٧) العنبرة : قرية بسواحل زبيد ، منها علي بن مهدي الحميري الخارج بزبيد ، والمستولي على نواح كثيرة من اليمن (معجم البلدان ٤ / ١٦١) ، وهي بلدة خربة في وادي زبيد ، منها علي بن مهدي الرعيني الحميري الذي استولى على نواح كثيرة في تهامة وفي اليمن الأسفل (البلدان اليمانية ٢٠٠).

(٥٨) الحجوف : قرية من قرى وادي زبيد في أسفل الحل أقرب القرى إلى ساحل البحر كما ورد في متن هذا الكتاب.

(٥٩) السر : من مخاليف اليمن ومقابله مرسى للبحر (معجم البلدان ٣ / ٢١١) ، و (البلدان اليمانية ١٣٨).

(٦٠) الثجة : من مخاليف اليمن بينه وبين الجند ثمانية فراسخ ، وكذلك بينه وبين السحول (معجم البلدان ٢ / ٧٤) ، وهي بلدة خربة كانت في السفح الشرقي الجنوبي لجبل التعكر من عزلة المكتب. وأعمال ذي جيلة (البلدان اليمانية ٥٩).

(٦١) أصحاب ذي بديهة في موضع حد فلشط في بلد بني شعيب : بنى الشيخ علي بن محمد غليس العريقي ثلاث مدارس في مخلاف بني شعيب في وصاب ، إحداها مدرسة المدير في ظفران ، والثانية مدرسة الأحجور وكان يسكن هو وأخوه عمر بن محمد غليس في قرية الهجر بالقرب من جبل العنين ، (المدارس الإسلامية في اليمن ٢٣ ، ٣٩٣). وظفران حصن في جبل وصاب باليمن قرب زبيد ، وحصن في نواحي الكاد باليمن أيضا (معجم البلدان ٤ / ٦١) ، وظفران حصن في مخلاف القائمة من وصاب العالي كما في (البلدان اليمانية ١٨٠) ، وبهذا يتبين أن اسم غليس هو الصواب هنا وليس عليش.

٢١٦

ذكرنا بني غليس (٦٢) في الفصل الأول من هذا الباب عند تقسيم بطن بني ثابت ، فنسأل الله تعالى أن يؤلف بين قلوب العباد ، ويهديهم إلى طريق الرشاد ، إنه على ذلك قدير. آمين. آمين.

[٥٠] / فصل

في ذكر من في وصاب من الأخيار والصلحاء الأبرار

ولنبدأ أولا بأقدمهم زمانا فنقول : منهم الفقيه الإمام كمال الدين الفاضل معدن العلوم والفضائل فريد دهره ووحيد عصره كمال الدين موسى بن أحمد الوصابي (٦٣) ، كانت إقامته في قرية كونعة (٦٤) في بلد ظفران (٦٥) ، إذ كان فقيها من الفقهاء المعتبرين ، عارفا متفننا في أصول الفقه وفروعه ، وفي علم النحو واللغة والفرائض ، وغير ذلك من العلوم ، شرح كتاب اللمع المنسوب إلى الإمام أبي إسحاق الشيرازي (٦٦) ثلاثة شروح مفيدة بسيط ووسيط ووجيز ، فانتشرت في

__________________

(٦٢) بني غليس : في الأصل : بني عليش ، وهو تصحيف ، كما بينت في تعليقي السابق.

(٦٣) موسى بن أحمد بن يوسف بن موسى التباعي ثم الحميري ، أبو عمران الوصابي (٥٧٧ ـ ٦٢١ ه‍) ـ (١١٨١ ـ ١٢٢٤ م) : فقيه يماني من الشافعية ، من قرية (الكونعة) بفتح الكاف وسكون الواو وفتح النون ، إحدى قرى حصن (ظفران) بفتح الظاء وخفض الفاء من حصون وصاب بقرب زبيد (الأعلام ٧ / ٣١٩).

(٦٤) في الأصل : كوتعة ، في بلد طفر ، وفيه تحريف ، والصواب ما أثبت ، وقد ذكر صاحب طبقات الخواص (كونعة) وهجّاها بالعبارة حرفا حرفا وقال : إنها قرية من قرى (أصاب) (طبقات الخواص ١٥٨) ، و (الأعلام للزركلي ٧ / ٣١٩) ، كما أسلفت في تعليقي السابق برقم ٦٣ من هذا الباب.

(٦٥) ظفران : حصن في مخلاف القائمة من وصاب العالي في جبل وصاب باليمن قرب زبيد ، وحصن في نواحي الكاد باليمن أيضا (معجم البلدان ٤ / ٦١) ، و (البلدان اليمانية ١٨٠).

(٦٦) أبو إسحاق الشيرازي (٣٩٣ ـ ٤٧٦ ه‍) ـ (١٠٠٣ ـ ١٠٨٣ م) هو إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروز آبادي الشيرازي العلامة المناظر ، ولد في فيروز آباد بفارس ، وانتقل إلى شيراز فقرأ على علمائها ، وانصرف إلى البصرة ومنها إلى بغداد سنة ٤١٥ ه‍ ، فأتم ما بدأ به من الدرس والبحث ، وظهر نبوغه في علوم الشريعة الإسلامية ، فكان مرجع الطلاب ومفتي الأمة في عصره ، واشتهر

٢١٧

اليمن والشام ، وانتفع بها الخاص والعام ، وشرح المهذب أيضا شرحا كاملا ، ومات رحمه الله تعالى ، وعاد الشرح كراريس لم يجلد ، فتنازع الورثة في الميراث ، وتحاسدوا عليه ، فأخذ بعضهم الكتب وطرحها في الماء ، فتلفت ، ولم يدرك منها شيء إلا بعض ألفاظ يسيرة من الشرح ، كانت معلقة في كتب بعض الدرسة.

ومنهم القاضي وجيه الدين عبد الرحمن بن عمر الحبيشي (٦٧) كانت إقامته في قرية الجرق في غربي جعر ، كان أعلم أهل زمانه إماما فصيحا بارعا حافظا ، صنف النظم والبيان في الفقه ، نظمه على قافية النون من أوله إلى آخره ، فصارت أبياته اثني عشر ألف بيت ومئتين ، وله في غير الفقه تصانيف كثيرة.

ومنهم ولده الفقيه الصالح جمال الدين محمد بن عبد الرحمن (٦٨) ، كان أيضا إماما عارفا تقيا صنف عدة من التصانيف منها كتاب (البركة في فضل (٦٩) السعي والحركة ، وما ينجي بإذن الله من الهلكة) ، قال في خطبة الكتاب المذكور : أرجو أن من حصّل ما فيه مع كتاب التنبيه (٧٠) ، استحق أن يدعى

__________________

بقوة الحجة في الجدل والمناظرة ، وبنى له الوزير نظام الملك المدرسة النظامية على شاطئ دجلة ، فكان يدرس فيها ويديرها ، عاش فقيرا صابرا ، وكان حسن المجالسة ، طلق الوجه ، فصيحا مناظرا ، ينظم الشعر ، وله تصانيف كثيرة. مات ببغداد وصلى عليه المقتدى العباسي (الأعلام ١ / ٥١).

(٦٧) عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن عبد الله بن سلمة الحبيشي أبو محمد (... ـ ٧٨٧ ه‍) ـ (... ـ ١٣٨٥ م) : قاض من فقهاء الشافعية باليمن ، ولي القضاء في جهة أصاب ، له مصنفات (الأعلام ٣ / ٣١٩).

(٦٨) محمد بن عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن عبد الله أبو حامد جمال الدين الحبيشي الوصابي : (٧١٢ ـ ٧٨٦ ه‍) ـ (١٣١٢ ـ ١٣٨٤ م) ، فقيه شافعي يماني ، نسبته إلى وصاب قرب زبيد. (الأعلام ٦ / ١٩٣).

(٦٩) كلمة فضل : ليست في الأصل ، وما أثبت من (الأعلام ٦ / ١٩٣).

(٧٠) التنبيه هو لأبي إسحاق الشيرازي : وقد شرحه جمال الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي بكر الريمي الحثيثي الملقب جمال الدين النزاري فحمل هذا الشرح إلى الملك الأشرف في

٢١٨

باسم الفقيه ، ومنها كتاب (فرحة القلوب وسلوة (٧١) الكروب عن المحبوب ، الملقب بالرسالة الوصابية إلى كل من أصيب ببلية) ، ومنها (كتاب النورين في صلاح (٧٢) الدارين) ، ومنها كتاب (شرطي التعريف في فضل حمل العلم الشريف) ، ومنها (كتاب التذكير بما إليه المصير) ، ومنها (كتاب عمدة الطالب في الاعتقاد الواجب).

ومنهم المقرئ الإمام ، رفيع القدر والمقام ، جمال الدين محمد بن يوسف التباعي العنيني (٧٣) ، كانت إقامته بالعنين (٧٤) ، كان رجلا مشهورا بالعلم والصلاح ومعرفة القراءات السبع وطرق المشايخ والرواة والجمع والإفراد. وله في أصول ذلك تعاليق مفيدات ، وبحث ومذاكرات ، يعترف بفضله من وقف عليها.

ومنهم الفقيهان الصالحان العارفان بالله عمر وعلي ابنا غليس (٧٥) أصحاب ذي بديهة.

__________________

أطباق الفضة ملفوفا بالحرير والديباج يتقدمه العلماء والوزراء وأجاز الملك الأشرف مؤلفه.

(المدارس الإسلامية في اليمن ١٩٥).

(٧١) في (الأعلام ٦ / ١٩٣) : وسلوى المكروب.

(٧٢) في المصدر السابق : وإصلاح.

(٧٣) محمد بن يوسف التباعي العنيني : في الأصل كلمة (العنيني) غير واضحة ، وما أثبته يوافق ما جاء في (طبقات الخواص ١٠٣ ـ ١٠٤).

(٧٤) بالعنين : الكلمة غير واضحة في الأصل ، وما أثبته يوافق ما جاء في (طبقات الخواص ١٠٣ ـ ١٠٤) ، والعنين جبل بالقرب منه موضع يعرف بالهجر ، والهجر : بلد باليمن بينه وبين عثر يوم وليلة من جهة اليمن ، وقال ابن الحائك : الهجر قرية ضمد وجازان (معجم البلدان ٥ / ٣٩٣) ، و (البلدان اليمانية ٢٩٠) ، و (المدارس الإسلامية في اليمن ٢٣).

(٧٥) عمر وعلي ابنا غليس العريقي : أصحاب ذي بديهة : هما عمرو وعلي ابنا محمد بن غليس العريقي ، وقد بنى الشيخ علي بن محمد غليس العريقي ثلاث مدارس إحداها مدرسة المدير في ظفران ، والثانية مدرسة الأحجور ، والثالثة لم يذكر مكانها صاحب المدارس الإسلامية في اليمن ولعلها في ذي بديهة ، وكان يسكن هو وأخوه عمر بن محمد غليس في قرية الهجر بالقرب من جبل العنين ، وكان علي بن محمد فقيها فاضلا يتردد إلى مكة المشرفة ، وارتحل إلى الشام

٢١٩

ذكر الجندي في تاريخه (٧٦) أنه اجتمع جماعة من فقهاء وصاب إلى العنيني (٧٧) لقراءة (يس) (٧٨) كما يعتاد / في الجامع وابنا غليس المذكوران بينهم ، فبينما الناس في التلاوة نزلت من الجو ورقة خضراء ، وقعت بين الجمع ، مكتوب فيها ، هذه براءة لعمر وعلي من النار (٧٩).

ومنهم الفقيه الأوحد ، العالم الأمجد صالح بن محمد السوادي ، كانت إقاسته في ذي حمد ، كان رجلا مشهورا في العلم والصلاح في جميع البلدان ، يلتمس منه الدعاء ويقصده الناس من كل مكان.

ومنهم الفقيه العابد الصالح الزاهد طاهر بن عبد الله السوادي أيضا ، كانت إقامته في ذي حمد ، وهو من قرابة الفقيه المذكور أولا ، كان عارفا فقيها مجتهدا متصديا للفتوى والتدريس انتفع به العباد. وجاءت إليه طلبة العلم من كل البلاد.

__________________

والعراق ، وجاور في المساجد الثلاثة وكانت لديه دنيا واسعة ، ابتنى ثلاث مدارس في وصاب ووقف عليها من ماله ومال أخيه عمر ، وأجلب لها كتبا كثيرة ووقفها. توفي علي بن محمد لبضع عشرة وست مئة ، وقال الحبيشي في الاعتبار سنة ٥٩٦ ه‍ وقيل ٥٩٧ ه‍. (المدارس الإسلامية في اليمن ٢٣ ـ ٢٤) ، و (طبقات الخواص ١٠٣ ـ ١٠٤).

(٧٦) الجندي في تاريخه : الجندي (... ـ ٧٣٢ ه‍) ـ (... ـ ١٣٣٢ م) : محمد بن يوسف بن يعقوب ، أبو عبد الله بهاء الدين الجندي : من ثقات مؤرخي اليمن ، من أهل الجند (بينه وبين صنعاء ٥٨ فرسخا) ، ولي (الحسبة) بعدن ، واشتهر بكتابه (السلوك في طبقات العلماء والملوك) ، ويعرف بطبقات الجندي (الأعلام ٧ / ١٥١).

(٧٧) في الأصل : العنين ، والصواب العنيني كما أثبت في المتن ، وكما بينت ذلك في التعليق ٧٤ الآنف الذكر في هذا الباب.

(٧٨) يس : أي سورة يس ، وهي السورة السادسة والثلاثون في القرآن الكريم.

(٧٩) ورد هذا الخبر أيضا في (طبقات الخواص ص ١٠٣ ـ ١٠٤) ، ولكن هذه الأخبار يصعب تصديقها إذا لم يتحقق من صحة وقوعها وصدق من رواها وتوثيقهم ، ولا سيما أنها أخبار غيبية عن الله تعالى ، لا تؤخذ عن طريق الشطحات والأوهام.

٢٢٠