نشر المحاسن اليمانيّة

ابن الديبع الشيباني الشافعي

نشر المحاسن اليمانيّة

المؤلف:

ابن الديبع الشيباني الشافعي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر ـ دمشق
الطبعة: ١
الصفحات: ٣١٢

وسأل جماعة الشيخ الإمام مفتي الأنام رفيع القدر والمقام عز الدين بن عبد السلام (١٤٠) وقالوا : ما تقول في الخضر عليه‌السلام أحيّ هو أم ميت؟ / فقال : ما تقولون : لو أخبركم ابن دقيق العيد (١٤١) أنه رآه بعينه ، أكنتم تصدقونه أم تكذبونه؟ فقالوا : بل نصدقه.

قال : قد أخبر عنه سبعون صديقا أنهم رأوه بأعينهم ، كل واحد منهم أفضل من ابن دقيق العيد ؛ ومنهم أويس بن عامر القرني (١٤٢) ، ويكفي في فضله

__________________

أما الإمام النووي فهو يحيى بن شرف بن مري بن حسن الحزامي الحوراني النووي الدمشقي الشافعي ، ومحيي الدين (٦٣١ ـ ٦٧٦ ه‍) ـ (١٢٣٣ ـ ١٢٧٧ م) شيخ الإسلام ، الحافظ العلامة بالفقه والحديث ، ويراجع في سيرته ما كتبته عنه في ترجمته في مقدمة تحقيقي لكتابه الأذكار (الأذكار للنووي تحقيق أحمد راتب حموش ص ٨ ـ ١٥) ط دار الفكر الطبعة الأولى ١٤٠٣ ه‍ ـ ١٩٨٣ م.

(١٤٠) ويقال : العز بن عبد السلام وهو عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن الحسن السلمي الدمشقي ، عز الدين ، الملقب بسلطان العلماء (٥٧٧ ـ ٦٦٠ ه‍) ـ (١١٨١ ـ ١٢٦٢ م) : فقيه شافعي بلغ رتبة الاجتهاد ، ولد ونشأ في دمشق ، وزار بغداد سنة ٥٩٩ ه‍ ، فأقام شهرا وعاد إلى دمشق ، فتولى الخطابة والتدريس بزاوية الغزالي ، ثم الخطابة بالجامع الأموي ، ولما سلم الصالح إسماعيل بن العادل قلعة (صفد) للفرنج اختيارا ، أنكر عليه ابن عبد السلام ، ولم يدع له في الخطبة ، فغضب وحبسه ، ثم أطلقه ، فخرج إلى مصر ، فولاه صاحبها الصالح نجم الدين أيوب القضاء والخطابة ، ومكنه من الأمر والنهي ، ثم اعتزل ولزم بيته ، ولما مرض أرسل إليه الملك الظاهر يقول : إن في أولادك من يصلح لوظائفك. فقال : لا ، وتوفي بالقاهرة ، وله آثار في التفسير والفقه والعربية وغيرها (الأعلام ٤ / ٢١).

(١٤١) ابن دقيق العيد (٦٢٥ ـ ٧٠٢ ه‍) ـ (١٢٢٨ ـ ١٣٠٢ م) : محمد بن علي بن وهب بن مطيع أبو الفتح ، تقي الدين القشيري ، المعروف كأبيه وجده وأخيه بابن دقيق العيد : قاض من أكابر العلماء بالأصول ، مجتهد ، له تصانيف في الحديث والفقه والأصول وغيرها (الأعلام ٦ / ٢٨٣) و (غربال الزمان في وفيات الأعيان ٥٧٦).

(١٤٢) أويس بن عامر القرني (... ـ ٣٧ ه‍) ـ (... ـ ٦٥٧ م) : أويس بن عامر بن جزء بن مالك القرني من بني قرن بن ردمان بن ناحية بن مراد : أحد النساك العباد المقدمين ، من سادات التابعين ، أصله من اليمن ، يسكن القفار والرمال ، وأدرك حياة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولم يره ، فوفد على

١٠١

ما روى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه ، أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال : «إن الله يحب من خلقه الأصفياء الأخفياء الأبرياء (١٤٣) ، الشعشة (١٤٤) رؤوسهم ، المغبرّة وجوههم ، الخمصة بطونهم (١٤٥) ، الذين إذا استأذنوا على الأمراء لم يؤذن لهم ، وإن خطبوا المنعمات (١٤٦) لم ينكحوا ، وإن غابوا لم يفقدوا (١٤٧) ، وإن طلعوا لم يفرح بطلعتهم ، وإن مرضوا لم يعادوا ، وإن ماتوا لم يشهدوا.

قالوا : يا رسول الله ، كيف لنا برجال (١٤٨) منهم؟ قال : ذلك (١٤٩) أويس بن عامر القرني ، قالوا : وما أويس القرني؟ قال : رجل أشهل ذو صهوبة (١٥٠) ، بعيد ما بين المنكبين ، معتدل القامة ، آدم شديد الأدمة (١٥١) ، ضارب بذقنه إلى صدره ، رام ببصره إلى موضع سجوده ، واضع يمينه على شماله (١٥٢) ، يبكي على نفسه ، ذو طمرين لا يؤبه له (١٥٣) ، متزر بإزار من صوف

__________________

عمر بن الخطاب ثم سكن الكوفة ، وشهد وقعة صفين مع علي ، ويرجح الكثيرون أنه قتل فيها ، وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد أثنى عليه وذكر عنه أنه لو أقسم على الله لأبره (الأعلام ٢ / ٣٢) و (صحيح مسلم ٧ / ١٨٨) و (رياض الصالحين للنووي بتحقيقي الحديث الشريف رقم ٣٧١).

(١٤٣) في مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر تأليف ابن منظور ٥ / ٨٢ : الأحفياء والأتقياء. والأحفياء جمع حفيّ وهو المبالغ في الإكرام والإلطاف والعناية بالله عز وجل ، والمستقصي في السؤال لله والتضرع لله تعالى.

(١٤٤) الشعثة رؤوسهم : المغبرة رؤوسهم التي انتشر فيها الشعر.

(١٤٥) في مختصر تاريخ دمشق ٥ / ٨٣ : الخمصة بطونهم من كسب الحلال.

(١٤٦) في مختصر تاريخ دمشق ٥ / ٨٣ : المتنعمات وهما بمعنى واحد من الرفاه في العيش.

(١٤٧) في مختصر تاريخ دمشق ٥ / ٨٣ : لم يفتقدوا ، وإن حضروا لم يدعوا.

(١٤٨) في مختصر تاريخ دمشق ٥ / ٨٣ : برجل.

(١٤٩) في مختصر تاريخ دمشق ٥ / ٨٣ : ذاك.

(١٥٠) أشهل ذو صهوبة : الأشهل من خالط سواد عينه زرقة ، والصهوبة : حمرة أو شقرة في الشعر.

(١٥١) آدم شديد الأدمة : أسمر شديد السمرة.

(١٥٢) في مختصر تاريخ دمشق ٥ / ٨٣ : بعدها : يتلو القرآن.

(١٥٣) ذو طمرين لا يؤبه له : ذو ثوبين باليين لا يفطن له.

١٠٢

ورداء صوف (١٥٤) ، مجهول في أهل الأرض ، معروف في أهل السماء ، لو أقسم على الله لأبرّ قسمه ، ألا وإن تحت منكبه الأيسر لمعة بيضاء (١٥٥) ، ألا وإنه إذا كان يوم القيامة قيل للعبّاد : ادخلوا الجنة ، وقيل لأويس : قف واشفع (١٥٦) ، فيشفعه الله عز وجل في مثل ربيعة ومضر (١٥٧) ، يا عمر ويا علي ، إذا (١٥٨) لقيتماه فاطلبا إليه أن يستغفر لكما» (١٥٩) ، هذا لفظ الحديث (١٦٠).

وأما غيرهما من أرباب الفضائل والحظ الطائل فمنهم الشيخ ريحان (١٦١) في

__________________

(١٥٤) في مختصر تاريخ دمشق ٥ / ٨٣ : «متزر بإزار صوف ورداء» أي يلبس ألبسة صوفية من إزار يستر به أسفل البدن ، ورداء يستر به أعلى البدن ، وكلاهما غير مخيط.

أما قوله بعد ذلك : «مجهول ... ألا وإن» ليس في مختصر تاريخ دمشق.

(١٥٥) في المصدر السابق (تحت منكبه لمعة بيضاء). واللمعة : قطعة من النبت إذا أخذت في اليبس ، والمراد هنا : جزء من جلده.

(١٥٦) في المصدر السابق : «ويقال لأويس : قف لتشفع».

(١٥٧) في المصدر السابق : «في مثل عدد ربيعة ومضر» ، وهما قبيلتان من قبائل العرب كثيرتا العدد.

(١٥٨) في المصدر السابق : «إذا أنتما».

(١٥٩) في المصدر السابق جاء بعده : «يغفر الله لكما».

(١٦٠) الحديث رواه الحافظ أبو نعيم الأصفهاني في حلية الأولياء ٢ / ٨١ والحافظ ابن عساكر في تاريخه (مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر ٥ / ٨٢).

(١٦١) الشيخ ريحان في عدن : هو أبو المسك ريحان بن عبد الله العدني ، كان عبدا حبشيا عتيقا لبعض أهل عدن ، وكان صاحب كرامات خارقة ومكاشفات صادقة ، وكانت طريقته التخريب يظهر الوله ، وربما يكشف عورته ، ذكر له ذلك صاحب طبقات الخواص ص ٥١ ولم يتحقق من تاريخ وفاته ، غير أن الإمام اليافعي أدرك من أدركه ، وقبره بمدينة عدن مشهور ومقصود للزيارة والتبرك ، وقد ذكر صاحب غربال الزمان ص ٥٨٤ «أنه واحد من المتصوفة الذين يراهم الناس يأكلون في رمضان ولا يصلون ، ويذكر اليافعي أنه من المجربين الذين يصلون في أوقات لا يشاهدون فيها ، وأنهم لا يدخل أجوافهم شيء مما يراه الناس من أكلهم ، يفعلون ذلك تجريبا وتسترا ، فتأمل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

١٠٣

عدن ، وسفيان اليمني (١٦٢) ، وابن أبي الباطل (١٦٣) ، والشيخ أحمد بن علوان (١٦٤) في يفرس (١٦٥) ، والشيخ أحمد بن الجعد (١٦٦) ، والشيخ علي بن الغريب (١٦٧) في

__________________

(١٦٢) في الأصل : سفيان اليميني ، وما أثبت من (غربال الزمان ٦١٠) و (مرآة الجنان ٤ / ٣١٠) وهو فيهما سفيان اليمني الحضرمي ، وقد ذكر صاحب غربال الزمان ص ٦٢١ أنه : سفيان الحصوي ، وذكر له بعض الأحوال الصوفية.

(١٦٣) ابن أبي الباطل : هو أبو عبد الله محمد بن أبي الباطل الصريفي المعروف عند أهل عدن بصاحب النخلة ، كان شيخا كبيرا عارفا ربانيا مربيا صاحب أحوال وكرامات ، انتفع به جماعة من الأكابر كالشيخ علي المرتضى وغيره ، وكان كثير التعظيم لأمر الشرع يقول : لا يصحبني إلا من قرأ ربع العبادات ، وكان كثير المجاهدة لنفسه ، يروى أنه كان يشد على بطنه حجرا من شدة الجوع ، وكان مع ذلك يتظاهر بالغنى ويكبر عمامته ويطيل أكمامه سترا لحاله.

قال الإمام اليافعي رحمه الله تعالى : وهذا الذي ذكر عنه هو مذهب الملامتية أعني إخفاء الطاعات وإظهار الرغبة في المباحات ، وكان له ، نفع الله به ، كلام حسن في السلوك ، وكان انتقاله من مدينة زبيد ، وأصله من الصريفيين قبيلة معروفة من قبائل عك بن عدنان ، ولما وصل إلى عدن حصل له عند أهل تلك الناحية القبول التام ، واشتهرت بركاته حتى توفي بها ، ولأهل عدن فيه معتقد عظيم (طبقات الخواص ١٢٤ ـ ١٢٥).

(١٦٤) أحمد بن علوان ، أبو العباس ، صفي الدين (... ـ ٦٦٥ ه‍) ـ (... ـ ١٢٦٧ م) ، صوفي يماني متأدب من قرية (يفرس) (كيفرك) من ضواحي مدينة تعز ، وهو صاحب توين من نواحي تعز (الأعلام ١ / ١٧٠) ، و (غربال الزمان ٦٢٣).

(١٦٥) يفرس : في الأصل (يفرش) وهو تحريف ، وما أثبت عن (الأعلام ١ / ١٧٠) و (طبقات الخواص ص ٣١) ، وهي قرية على نحو مرحلة من مدينة تعز.

(١٦٦) هو الشيخ أحمد بن أبي الجعد ، متصوف يماني ذكر أنه مات مقعدا (غربال الزمان ٦٢١).

(١٦٧) الشيخ علي بن الغريب في السلامة : هو أبو الحسن علي بن محمد المعروف بابن الغريب ، وكان من كبار عباد الله الصالحين ، وله كرامات ، وكان كثير العزلة والاشتغال بالعبادات ، وكان غالب أوقاته وتعبده بمسجد معاذ الذي على رأس الوادي زبيد ، يقال : إن أصل بلده قرية الهرمة ، وأن أباه رجل غريب مغربي تزوج في هذه القرية وظهر له هذا الولد ، فقيل ابن الغريب لذلك ، وكان للناس فيه معتقد عظيم (طبقات الخواص للشرجي الزبيدي ص ٨٧).

١٠٤

السلامة ، والشيخ أحمد بن أبي الخير الصياد في زبيد (١٦٨) ، والشيخ عيسى الهتار (١٦٩) في التربية (١٧٠) ، وولده الشيخ طلحة (١٧١) في زبيد ، والشيخ محمد بن عمر النهارى (١٧٢) في ريمة ، والشيخ علي الأهدل (١٧٣) في المراوعة ، والشيخ أبو الغيث بن جميل (١٧٤) في بيت عطاء ، والشيخ أبو بكر الحكمي (١٧٥) ، والفقير

__________________

(١٦٨) الشيخ أحمد بن أبي الخير الصياد : كان أميا ... وقد تأدّب لديه الأكابر من الأولياء ، وقد ألّف في مناقب الصياد كتاب مستقل (غربال الزمان ٦٢٣).

(١٦٩) الشيخ عيسى الهتار : كان في التربية في نواحي زبيد ، متصوف له كرامات (غربال الزمان ٦٢٣).

(١٧٠) التربية : قرية من قرى وادي زبيد.

(١٧١) الشيخ طلحة بن عيسى الهتار : هو طلحة بن عيسى بن إبراهيم بن أبي بكر بن عيسى الهتار أوحد رجال الطريقة وعلماء الحقيقة ، صواما قواما عابدا زاهدا ورعا ، مشهورا له كرامات ظاهرة ، وكانت وفاته السادس عشر من شهر ربيع الآخر سنة ٧٨٠ ه‍ في زبيد (العسجد المسبوك ٤٣٦).

(١٧٢) الشيخ محمد بن عمر النهاري : ذكر الإمام عفيف الدين عبد الله بن أسعد اليافعي أن الشيخ محمد بن عمر النهاري كان من الذين ألبسوه خرقة التصوف (غربال الزمان ٦١٥).

(١٧٣) الشيخ علي الأهدل : هو الشيخ أبو الحسن علي بن عمر بن محمد المعروف بالأهدل ، توفي سنة (٦٠٣ ه‍) وقيل (٦٠٧ ه‍) ، كان من أعيان المشايخ أهل الكرامات والإفادات (غربال الزمان ٤٨٨).

(١٧٤) الشيخ أبو الغيث بن جميل : هو اليمني ، وكان كبير الشأن ، ظاهر البرهان ، تخرج به خلق ، وانتفع به الناس وكان عبدا قاطعا للطريق ، أميا ، ثم أقبل على الله تعالى (غربال الزمان ٥٢٦ ـ ٥٢٧).

(١٧٥) الشيخ أبو بكر الحاكمي : هكذا في الأصل ، وإنما هو الشيخ أبو بكر الحكمي كما في غربال الزمان ص (٥٠٠ و٦١٥) وهو أبو بكر بن علي بن محمد الحكمي ، وكان رجلا مباركا له مروءة وفضل ، وكفّ بصره في آخر المئة السابعة (المدارس الإسلامية في اليمن لإسماعيل بن علي الأكوع ص ١٩ ـ ٢٠).

١٠٥

[١٠] محمد البجلي (١٧٦) في عواجة ، / والشيخ محمد بن أبي حربة (١٧٧) ، وغير هؤلاء من الصوفية الأصفياء والسادات الأولياء.

وأما العلماء الأخيار والفضلاء الأبرار ففيه منهم : الإمام الكبير الفاضل الشهير عماد الدين قدوة المسلمين يحيي بن أبي الخير بن سالم العمراني (١٧٨) مصنف كتاب البيان في الفقه ، ومنهم الفتح الإمام إسحاق بن يوسف الصردفي (١٧٩)

__________________

(١٧٦) محمد البجلي : هو محمد بن حسين البجلي المعلم ، فقيه عالم صالح سكن مع محمد بن أبي بكر الحكمي في عواجة ، ومات بعد سنة ٦٢١ ه‍ ، وقبراهما متلاصقان ، ولهما رواية محترمة ، وذكر واسع وكرامات جمة ، وذرية أخيار ، تعدّد فيهم الصلحاء والعلماء ، وبصحبتهما وتاخيهما في الله يضرب المثل (غربال الزمان ٥٠٠ ـ ٥٠١) ، وقوله الفقير : يعني المتصوف.

(١٧٧) محمد بن أبي حربة (... ـ ٧٧٤ ه‍) ـ (... ـ ١٣٧٢ م) : هو أبو بكر بن محمد بن يعقوب بن الكميت بن سود بن الكميت ، من بني قهب بن راشد ، من قبائل عك بن عدنان ، المعروف بابن أبي حربة ، وكان أحد علماء الحنفية ومشايخ الطريقة ، عالما عاملا له كرامات مشهورة ، وكان فصيحا ، وكان يطعم الطعام ويكفل عدة من الأرامل والأيتام ، توفي في جمادى الآخرة من سنة ٧٧٤ ه‍ في قرية الواسط من قرى مور ، ودفن بها ، وكان يوم وفاته مشهورا (العسجد المسبوك ٤٢٧).

أما والده محمد المعروف بأبي حربة فكان صالحا من فقهاء الشافعية باليمن ، من أهل مريخة ، ووفاته بها سنة (٧٢٤ ه‍ ـ ١٣٢٤ م) ، وهي قرية في وادي مور شمالي زبيد ، وله (رسالة في كيفية رياض النفس) و (دعاء) جعله لختم القرآن ، شرحه الفقيه حسين الأهدل في نحو مجلدين (الأعلام ٧ / ١٤٦).

(١٧٨) يحيى بن أبي الخير بن سالم العمراني : هو أبو زكريا اليمني المتوفى عام ٥٢٨ ه‍ ، وهو من بني عمران المنتسبين إلى معد بن عدنان ، عالم يمني جليل ، ولي قضاء ذي جبلة وصنف كتبا كثيرة أجلها البيان ، وتراجع ترجمته في (غربال الزمان ٤٣٦ ـ ٤٣٨).

(١٧٩) إسحاق بن يوسف الصردفي : هو (إسحاق بن يوسف) كما جاء في المتن وفي كشف الظنون ، وهو (ابن يعقوب بن إبراهيم) في رواية هدية العارفين ومعجم البلدان ، الفرضي الزرقالي ، أبو يعقوب الصردفي ، اليمني الشافعي ، والصردف كجعفر بلدة خاربة شرقي الجند من اليمن ، بجوار جبل سورق ، وقبره بها ، توفي سنة (٥٠٥ ه‍) خمس وخمس مئة ، ومن تصانيفه الكافي في الحساب ، والكافي في الفرائض. (معجم البلدان ٣ / ٤٠١) و (هدية العارفين ٥ / ٢٠٠ ـ ٢٠١) و (كشف الظنون ٢ / ١٣٧٧) و (البلدان اليمانية ١٦٢).

١٠٦

مصنف كتاب الكافي في الفرائض (١٨٠). ومنهم الفقيه العارف بحر العلوم والمعارف شهاب الدين قدوة العارفين أحمد بن موسى بن عجيل (١٨١). ومنهم الفقيه شرف الدين إسماعيل الحضرمي (١٨٢) ، ومنهم الفقيه جمال الدين العامري (١٨٣) مصنف شرح التنبيه المعروف بشرح الجمال ، ومنهم الفقيه جمال الدين محمد بن عبد الله الريمي (١٨٤) ، شرح التنبيه أيضا شرحا بسيطا سماه التفقيه ، ومنهم الفقيه

__________________

(١٨٠) الكافي في الفرائض : لإسحاق بن يوسف الفرضي الزرقالي الصردفي اليمني المتوفى في حدود سنة ٥٠٠ ه‍ خمسة مئة ، استغنى به أهل زمانه عن الكتب القديمة في المواريث ، وهو نافع مبارك واضح بكثرة الأمثلة كالجمل في النجوم ، وهو كاسمه ومنذ وجد ، لم يتفقه أحد من أهل اليمن إلا منه ، واعترفوا بفضل مصنفه ، شرحه علي بن أحمد بن موسى البجلي ولد ٧٣٢ ه‍ وهو تصنيف حسن ، وشرحه علي بن أحمد بن موسى الركبي المتوفى سنة ٧٣٢ ه‍ ، وشرحه ابن سراقة محيي الدين أبو بكر محمد بن محمد بن إبراهيم الأنصاري الشاطبي المصري شيخ دار الحديث بالكاملية المتوفى سنة ٦٦٢ ه‍ ، وشرحه أبو عبد الله صالح بن عمر بن أبي بكر البريهي السكسكي الشافعي المتوفى ٧١٤ ه‍ ، أربع عشرة وسبع مئة ، وفيه للقاضي أبي محمد مسعود بن حسين الناصحي الحنفي صاحب المسعودي ، وفيه أيضا للشيخ أبي محمد مسعود بن الحسين (كشف الظنون ٢ / ١٣٧٧ ، وفيه (الصرد) بدلا من (الصردفي) وهو تحريف).

(١٨١) أحمد بن موسى بن عجيل الذوالي المغربي : المتوفى سنة ٦٩٠ ه‍ عن اثنتين وثمانين سنة ، وقيل توفي سنة ٦٨١ ه‍ وهو الإمام السيد الجليل فقيه اليمن وبركة الزمن أبو العباس. انتهت إليه رئاسة الفقه والفتوى حتى قال شيخه الكرماني في إجازته له : «علامة اليمن وأعجوبة الزمن» وقد أخذ عنه كثيرون (غربال الزمان ٥٦٦).

(١٨٢) إسماعيل بن محمد بن علي بن عبد الله بن إسماعيل الحضرمي (... ـ ٦٧٦ ه‍) ـ (... ـ ١٢٧٨ م) قطب الدين ، فاضل زاهد من فقهاء الشافعية : أصله من حضرموت ، ومولده ووفاته في قرية (الضحيّ) من أعمال المهجم التابعة لزبيد ، ولي قضاء الأقضية في زبيد ، وصنف كتبا كثيرة (الأعلام ١ / ٣٢٤) وله ترجمة في غربال الزمان (٥٥١ ـ ٥٥٤).

(١٨٣) جمال الدين العامري : هو أحمد بن علي العامري فقيه يمني تفقه به بعض علماء اليمن (المدارس الإسلامية في اليمن ١٦٧).

(١٨٤) جمال الدين محمد بن عبد الله الريمي الصردفي الحثيثي الملقب جمال الدين النزاري (٧١٠ ـ ٧٩٢ ه‍) من كبار الشافعية في اليمن ، نسبته إلى ناحية (ريمة) وكان مقدما عند الملوك ، وتولى قضاء الأقضية في زبيد ، أيام الملك الأشرف ، وتوفي وهو قاض فيها ، وكان

١٠٧

موفق الدين الأزرق (١٨٥) ، شرح التنبيه أيضا شرحا مفيدا. ومنهم القاضي شهاب الدين أحمد ابن أبي بكر الناشري (١٨٦) كان عارفا إماما نقل الوسيط في الفقه ، وكانت له فتاوى مشهورات ، وتصرف واختيارات. ومنهم الفقيه العالم رضي الدين أبو بكر بن الخياط (١٨٧) وولده الفقيه جمال الدين محمد بن الخياط (١٨٨) ، وغير هؤلاء من العلماء الموفقين والصلحاء المشهورين ، نفع الله ببركاتهم أجمعين.

__________________

حسن الوساطة بين السلطان والرعية ، كثير السعي في قضاء حوائج الأصحاب من السلطان وغيره ، واتفقت له أربعة أشياء لم تتفق لأحد غيره .. كما يقول الخزرجي : بسطة في العلم وامتداد في العمر ، واتساع في الجاه ، وكثرة في المال.

(الأعلام ٦ / ٢٣٦ والمدارس الإسلامية في اليمن ١٩٤).

(١٨٥) موفق الدين الأزرق (... ـ ٥٦٢ ه‍) ـ (... ـ ١١٦٧ م) : هو علي بن أبي بكر بن خليفة موفق الدين بن الأزرق ، فقيه شافعي ، يمني الأصل ، من أهل الموصل ، له كتب في الفقه والنحو منها : (التحقيق الوافي بالإيضاح الشافي) في مكتبة الكاف بجامع تريم ، شرح به التنبيه على مذهب الشافعي لأبي إسحاق الشيرازي و (نفائس الأحكام) في فروع الشافعية ، و (المعونة) في النحو (الأعلام ٤ / ٢٦٦).

(١٨٦) شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن علي بن محمد بن أبي بكر الناشري (٧٤٢ ـ ٨١٥ ه‍) : درس في المدرسة الصلاحية في اليمن ، وهو ناصر السنة ، وكان عالما ، فقيها كاملا ، فريدا تقيا ذكيا ، غاية في الحفظ وجودة النظر في الفقه ودقائقه ، مقصودا من أنحاء كثيرة ، وكان يزدحم عليه الناس مع تواضع وتقلل من الدنيا ، وبذل همته للطلبة ، ولا سيما من أنس منه الفائدة حتى كان يقصده بنفسه إلى موضعه ، وقد تفقه به جمع كثير ، وولي القضاء ، وأنكر على الصوفية الاشتغال بكتب ابن عربي واعتقاد ما فيها ولا سيما كتاب (الفصوص) فتعصبوا عليه وله كتب كثيرة (المدارس الإسلامية في اليمن ١٦٨).

(١٨٧) رضي الدين أبو بكر بن الخياط (٧٤٢ ـ ٨١١ ه‍) : هو أبو بكر بن محمد بن صالح الهمداني المعروف بابن الخياط من علماء ذي جبلة ، تفقه بجماعة من أئمة بلده ، ومهر في الفقه ، ودرّس بالمدرسة الأشرفية والمدرسة الشمسية ، ومدرسة تقي الدين ، والمدرسة المعتبية والمجاهدية ، فأقام بها ، ثم ولي القضاء مكرها مدة يسيرة ثم استعفى (المدارس الإسلامية في اليمن ١١٩).

(١٨٨) جمال الدين محمد بن الخياط : فقيه محدث ، ولي القضاء مدة في تعز ، ودرّس فيها. وأخذ عنه وفقه به كثير من العلماء (المدارس الإسلامية في اليمن ٨٧ ، ١٣٤ ، ١٤٧).

١٠٨

ومنهم الفقيه العلامة شرف الدين إسماعيل بن أبي بكر المقري (١٨٩) ، اختصر الحاوي الصغير بكتاب سماه إرشاد الغاوي في مسالك الحاوي (١٩٠) ، واختصر الروضة (١٩١) أيضا بكتاب سماه الروض ، وصنف كتابا عجيبا سماه عنوان

__________________

(١٨٩) إسماعيل بن أبي بكر المقري (٧٥٥ ـ ٨٣٧ ه‍) ـ (١٣٥٤ ـ ١٤٣٣ م) : هو إسماعيل بن أبي بكر بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم الشرجي الحسيني المقري الشاوري اليمني ، باحث من أهل اليمن ، والحسيني نسبة إلى (أبيات حسين) باليمن ، مولده فيها ، والشرجي نسبة إلى (شرجة من سواحلها) ، والشاوري نسبة إلى بني شاور قبيلة أصله منها ، وهو الفقيه العلامة الأديب الشاعر البليغ المبدع. تولى التدريس بتعز وزبيد ، وولي إمرة بعض البلاد ، في دولة الأشرف ومات بزبيد ، له تصانيف كثيرة (الأعلام ١ / ٣١٠) و (المدارس الإسلامية في اليمن ٨٠).

(١٩٠) اسم الكتاب في المدارس الإسلامية في اليمن ص ٨١ : إخلاص الناوي من إرشاد الغاوي في مسالك الحاوي للقزويني في الفروع.

أما كتاب الحاوي الصغير فهو لعبد الغفار القزويني (... ـ ٦٦٥ ه‍) ـ (... ـ ١٢٦٦ م) نجم الدين ، عالم بالحساب ، من فقهاء الشافعية من أهل قزوين. من كتبه الحاوي الصغير في فروع الشافعية. وقد ألين له الفقه كما ألين الحديد لداوود عليه‌السلام (الأعلام ٤ / ٣١) و (غربال الزمان ٥٤٦).

(١٩١) في الأصل : الروض ، وما أثبت من المدارس الإسلامية في اليمن ص ٨١ حيث قال : الروض في مختصر الروضة للنووي.

١٠٩

الشرف (١٩٢) متضمنا لخمسة فنون من أنواع العلم ، والفقه ، والنحو ، وتاريخ الملوك بني رسول ، وعلم القوافي ، وعلم العروض ، أول كل حرف من كل شطر منه / من أول الكتاب إلى آخره ، وكذلك حروف منه مخصوصة من أوله إلى آخره من أفردها وجدها علما كاملا ، وإذا قرأت الكتاب بكماله وجدته فقها ، أبوابه مترتبة على وضع تصانيف الفقه. أدام الله تعالى بالعلم والعلماء ونفع المسلمين. وأعزهم بعز طاعته آمين.

__________________

(١٩٢) اسم الكتاب في المدارس الإسلامية في اليمن ص ٨١ : «عنوان الشرف الوافي في علم الفقه والتاريخ والنحو والعروض والقوافي» وقال فيه : «إنه لم يكمله إلا بعد وفاة الأشرف فقدمه لابنه الناصر ، فوقع عنده ، وعند علماء عصره موقعا عظيما ، وهو كتاب نسيج وحده ، فإذا قرئ على حسب سياق السطور فهو فقه ، وإذا قرئ أوائل السطور عموديا ، فهو علم العروض ، وأواخرها عموديا فهو علم القوافي ، وإذا قرئ العمود الأول الذي يخترق الصفحة فهو تاريخ الدولة الرسولية ، والعمود الثاني علم النحو». وفي هذا ما يوضح ما غمض من الكلام عن هذا الكتاب بعد ذكر اسمه في المتن أعلاه.

١١٠

٢ ـ الباب الثاني

في ذكر الآثار العلوية

وهي الشمس والقمر [والسماوات] والسحاب والمطر والبرق والرعد والزلازل ، والرياح الأربع [وجهات هبوبها وصفاتها] وما يحمد منها ويذم ، وما جاء في ذكر الجنوب المنسوبة إلى اليمن.

فصل [في الشمس والقمر]

أما الشمس والقمر فقد روى ابن عباس (١) رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «خلق الله الشمس والقمر من نور العرش ، وجعل قدر الشمس كقدر الدنيا من مشارقها إلى مغاربها مرارا ، والقمر دون الشمس ولكن إنما (٢) يرى صغرهما من شدة ارتفاع السماء وبعدها من الأرض ، وخلق الله لهما عجلتين من ضوء نور العرش ، لكل عجلة ثلاث مئة وستون عروة ، ووكل بكل واحد منهما وعجلته ثلاث مئة وستين ملكا ، فتعلق كل واحد منهم بعروة من تلك العرى ، يجرون كل واحد منهما في بحر مكفوف في الهواء ، بإذن الله تعالى ، لا يقطر له قطرة ، فإذا أراد الله تعالى أن يري العباد أنه

__________________

(١) ابن عباس (٣ ق ه ـ ٦٨ ه‍) ـ (٦١٩ ـ ٦٨٧ م) : هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب القرشي الهاشمي ، أبو العباس ، حبر الأمة ، الصحابي الجليل ، ابن عم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولد بمكة ، ونشأ في بدء عصر النبوة ، فلازم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وروى عنه الأحاديث الصحيحة ، له في الصحيحين وغيرهما (١٦٦٠) حديث نبوي شريف (الأعلام ٤ / ٩٥).

(٢) في الأصل : إنماء. والتصحيح من تاريخ الطبري ١ / ٦٦ وقد أتى فيه هذا الخبر مفصلا في الصفحات ٦٥ ـ ٦٩ والكامل في التاريخ لابن الأثير ١ / ١٥

١١١

يخوفهم بها ، جرّ أحدهما ، بإذن الله ، من فوق العجلة ، فوقع في البحر إما كله أو بعضه على قدر ما يريد الله من شدة التخويف ، وذلك هو الكسوف ، فإذا كان ذلك افترقت الملائكة فرقتين ، فرقة منهم يجرون الشمس نحو العجلة ، وفرقة يجرون العجلة نحو الشمس ، وكذلك القمر ، والذي ترون من خروج الشمس والقمر قليلا من السواد الذي يعلوهما بعد الكسوف فذلك السواد هو البحر (٣).

فصل [في المطر]

وأما المطر فهو الأصل في حياة الحيوان والنبات وسائر المخلوقات ، والدليل على ذلك قوله تعالى : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ) [الأنبياء ٢١ / ٣٠]. وهذا لفظ يقتضي العموم ، وشواهد الكتاب والسنة كثيرة ناطقة بأن المطر من السماء ، ومنها قوله تعالى : (وَنَزَّلْنا)(٤)(مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً) [ق ٥٠ / ٩] ، وقوله تعالى : (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ) [الذاريات ٥١ / ٢٢] ، قال المفسرون ، هو المطر. وقوله تعالى : (وَيُنَزِّلُ)(٥)(مِنَ السَّماءِ ماءً) [الروم ٣٠ / ٢٤].

وقال العلماء : المياه التي تنزل من السماء ثلاثة : ماء المطر ، وذوب الثلج ، والبرد ، والمياه التي نبعت من الأرض ثلاثة : ماء البحر وماء الأنهار وماء الآبار.

__________________

(٣) لم أجد لهذا الحديث أصلا فيما رجعت إليه من كتب السنة ولعله غير صحيح كما صرح ابن الأثير في الكامل ١ / ١٥ بقوله : «ولكن الحديث غير صحيح ومثل هذا الأمر العظيم لا يجوز أن يسطر في الكتب بمثل هذا الإسناد الضعيف» ، وقد علق ناسخ الكتاب الأستاذ محمود شكري بن عبد القادر الآلوسي على هذا النص في هامش المتن بقوله : «ليس لهذا الخبر حقيقة في الشريعة».

(٤) في الأصل : وأنزلنا.

(٥) في الأصل : وننزل.

١١٢

[١٢] / قلت : وفي كل واحد منها من المصالح ما لا يخفى ، ولكن الرحمة التي يغيث الله بها العباد في جميع البلاد هي ماء المطر ؛ والدليل على ذلك قوله تعالى : (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ) الآية [فاطر ٣٥ / ٢] ، قال المفسرون هذه الرحمة هي الغيث ، نسأل الله تعالى أن يرحمنا برحمته الواسعة في جميع الأوقات ، وأن يسقينا الغيث في أيام الحاجات. آمين ، إنه على ما يشاء قدير.

فائدة : قد ذكرنا قوله تعالى : (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها) [فاطر ٣٥ / ٢]. وبهذه الآية يبطل قول من يقول من الفساق الجاهلين ، والغواة المارقين (٦) ، إنه يتصرف بالغيث حيث كان ، ويصرفه ويجلبه إلى حيث أحب من البلدان ، لأن المخلوق ضعيف لا يملك التصرف لنفسه ولا لغيره ، لا يعطي ولا يمنع ، ولا يضر ولا ينفع ، فكيف يملك التصرف بالغيث؟! نعوذ بالله من فساد هذه المقالة ، المؤدية إلى الضلالة ، التي يأباها الطبع. وينكرها الشرع ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

فصل [في الرعد والبرق]

وأما الرعد والبرق فقد ذكر الواحدي (٧) في تفسيره الوسيط أن الرعد ملك موكل بالسحاب ، والصوت الذي يسمع هو زجره للسحاب إذا زجر (٨). ويقال : الرعد صوت الملك إذا زجر ؛ والبرق أثر ضرب الملك للسحاب.

__________________

(٦) الفساق الجاهلين ، والغواة المارقين : العصاة الجهلة وأصحاب الضلال والخيبة الخارجين عن الدين.

(٧) الواحدي (... ـ ٤٦٨ ه‍) ـ (... ـ ١٠٧٦ م) : علي بن أحمد بن محمد بن علي بن متّوية ، أبو الحسن الواحدي ، مفسر عالم بالأدب ، نعته الذهبي بإمام علماء التأويل. له مصنفات في التفسير واللغة والأدب (الأعلام ٤ / ٢٥٥).

(٨) زجره للسحاب إذا زجر : سوقه للسحاب إذا أصدر صوته.

١١٣

وفي تفسير الثعالبي (٩) أنه قال : الصاعقة أشد من صوت الرعد ، تسقط قطعة من نار تحرق ما أصابت ، ذكره ابن الجوزي (١٠) والجوهري (١١).

فصل [في فوائد]

وهذه فوائد أيضا مناسبة لما مضى من الآثار العلوية منها :

أنه إذا نزل المطر قال : «اللهم صيّبا نافعا» (١٢) ، مرتين أو ثلاثا.

__________________

(٩) تفسير الثعالبي : هو كتابه (الجواهر الحسان في تفسير القرآن) ، والثعالبي (٧٨٦ ـ ٨٧٥ ه‍) ـ (١٣٨٤ ـ ١٤٧٠ م) هو أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي الجزائري ، مفسر ، من أعيان الجزائر ، زار تونس والمشرق. وله مصنفات في علوم القرآن والسيرة النبوية والفقه والدين (لمحات في المكتبة والبحث والمصادر للدكتور محمد عجاج الخطيب ١٣٥) و (الأعلام ط ٣ ، ٤ / ١٠٧).

(١٠) ابن الجوزي (٥٠٨ ـ ٥٩٧ ه‍) ـ (١١١٤ ـ ١٢٠١ م) : هو عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي القرشي البغدادي ، أبو الفرج ، علامة عصره في التاريخ والحديث ، كثير التصانيف ، مولده ووفاته ببغداد له نحو ثلاث مئة مصنف في علوم شتى منها (المنتخب في النوب) وهو مخطوط ، ويعرف بابن الجوزي (الأعلام ٣ / ٣١٦).

(١١) الجوهري (... ـ ٣٩٣ ه‍) ـ (... ـ ١٠٠٣ م) ، أبو نصر ، إسماعيل بن حماد الجوهري : أول من حاول الطيران ومات في سبيله ، لغوي من الأئمة وخطه يذكر مع خط ابن مقلة ، أشهر كتبه (الصحاح). (الأعلام ١ / ٣١٣).

(١٢) هو نص حديث نبوي شريف رواه البخاري في الاستسقاء ٢٣ ، وأبو داوود في الأدب ١٠٤ ، والنسائي في الاستسقاء ١٥ ، وابن ماجة في الدعاء ٢١ ، وأحمد في مسنده ٦ / ٤١ ، ٩٠ ، ١١٩ ، ١٢٩ ، ١٣٨ ، ١٦٦ ، ١٩٠ ، ٢٢٣ ، والصيب : المطر المنهمر المتدفق.

١١٤

ومنها إجابة الدعاء عند نزوله ، قال الشافعي (١٣) رضي الله عنه : «حفظت عن غير واحد إجابة الدعاء عند نزول الغيث» (١٤).

ومنها أن يقال عند نزول الغيث : «مطرنا بفضل الله ورحمته ويكثر حمد الله عز وجل» ولا يقال : «مطرنا بنوء كذا» (١٥). فذلك مكروه لقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ثلاث من الجاهلية : الطعن بالأنساب ، والنياحة ، والأنواء» (١٦).

__________________

(١٣) الشافعي (١٥٠ ـ ٢٠٤ ه‍) : هو الإمام محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع الهاشمي القرشي المطلبي ، أبو عبد الله : أحمد الأئمة الأربعة عند أهل السنة ، وإليه نسبة الشافعية كافة. وكان من أشعر الناس وآدبهم وأعرفهم بالفقه والقراءات وأيام العرب والحديث ، وكان من أحذق قريش بالرمي ، وله مصنفات كثيرة في جميع ما ذكر. (الأعلام ٦ / ٢٦).

(١٤) يراجع الأم للشافعي ١ / ٢٢٣ ، وقد ذكر فيه قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «اطلبوا إجابة الدعاء عند التقاء الجيوش وإقامة الصلاة ، ونزول المطر» الحديث ، وقد أورده الألباني برقم ١٤٦٩ في المجلد الثالث من سلسلة الأحاديث الصحيحة وحسّنه.

(١٥) الترمذي / جنائز ٢٣ ومسند أحمد ٢ / ٥٢٦ ، وفي الباب أيضا قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : عن زيد بن خالد رضي الله عنه قال : صلى بنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلاة الصبح بالحديبية في إثر سماء كانت من الليل ، فلما انصرف أقبل على الناس ، فقال : «هل تدرون ماذا قال ربكم؟» قالوا : الله ورسوله أعلم. قال : «أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر ، فأما من قال : مطرنا بفضل الله ورحمته ، فذلك مؤمن بي ، وكافر بالكوكب ، وأما من قال : مطرنا بنوء كذا وكذا ، فذلك كافر بي ومؤمن بالكوكب».

والسماء : هنا المطر. والحديث متفق عليه رواه البخاري في الاستسقاء والمغازي والأذان ، ومسلم في كتاب الإيمان. وهو الحديث ذو الرقم ١٧٣١ من رياض الصالحين للإمام النووي تحقيق أحمد راتب حموش.

(١٦) حديث شريف رواه الترمذي في الجنائز ٢٣ وأحمد ٢ / ٢٥٦.

والأنواء : جمع نوء ، وهو سقوط نجم من المنازل في المغرب مع الفجر ، وطلوع رقيبه من المشرق يقابله من ساعته في كل ثلاثة عشر يوما ، ما خلا الجبهة فإن لها أربعة عشر يوما ، وكانت العرب تضيف الأمطار والرياح والبرد إلى الساقط منها ، وقيل إلى الطالع منها ، لأنه في سلطانه.

١١٥

والمراد بالأنواء منازل القمر الثمانية والعشرون المعروفة المطالع في أزمنة السنة ، أولها الشّرطان (١٧) وهو النطح (١٨) ، وآخرها الرشاء وهو بطن الحوت.

وقد كانت العرب إذا سقط منها نجم / وطلع آخر ، قالوا : لا بد عند ذلك من مطر ورياح ، فينسبون كل غيث يكون عند ذلك إلى النجم الساقط حينئذ ، وقال الأصمعي : بل ينسبونه إلى الطالع ، فيقولون : مطرنا بنوء الثريا ونحوه ؛ فورد النهي عن ذلك بأحاديث كثيرة.

قال العلماء : فمن قال ذلك معتقدا أن النجم هو الفاعل كفر ، ومن قال معتقدا أن الله هو الفاعل ، وأن النجم علامة لنزول المطر لم يكفر ، بل يرتكب مكروها لتلفظه بلفظ كانت الجاهلية تستعمله ، وقد نهينا عن استعمال ألفاظهم.

ومنها : أنه إذا كثر المطر وخيف الضرر على المساكن والزرع ونحوه ، يسأل الله تعالى رفعه فنقول : «اللهم حوالينا ولا علينا ، اللهم على الآكام (١٩)

__________________

(١٧) الشرطان : في الأصل (الشرطين) وهو تحريف ، والشرطان نجمان من الحمل وهما قرناه ، وإلى جانب الشمالي منهما كوكب صغير ، ومن العرب من يعده معهما فيقول هو ، أي هذا المنزل ، ثلاثة كواكب ، ويسميها الأشراط (التاج : شرط).

(١٨) النطح ، والناطح : الشرطان ، وهما قرنا الحمل ، وهما يثنيان معا لأن أحدهما لا ينفصل عن الآخر ، وتكون حالتهما واحدة في كل شيء.

قال ابن سيده : والنطح نجم من منازل القمر يتشاءم به (التاج : نطح ، شرط).

(١٩) على الآكام : وهو بيان لقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في بداية الحديث : «حوالينا ولا علينا» والآكام والإكام والأكام : جمع أكمة : وهي التل مما ارتفع من متن الأرض من حجارة واحدة أو هي دون الجبال ، أو هي الموضع يكون أشد ارتفاعا مما حوله ، وهو غليظ لا يبلغ أن يكون حجرا ، وقيل : إن الإكام جمع لأكم وجمع الأكم آكام ، وكل ذلك بمعنى التراب المجتمع.

١١٦

والظراب (٢٠) وبطون الأدوية ومنابت الشجر» (٢١) ، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا محق (٢٢) ولا بلاء ولا هدم ولا غرق.

ومنها أنه إذا انقض نجم من السماء فلا يتبعه بصره ويقول : «ما شاء الله لا قوة إلا بالله» (٢٣).

ومما قال الشافعي رضي الله عنه : إذا رأى البرق أو الودق (٢٤) فلا يشير إليه ، وقد كانت العرب تكرهه.

__________________

(٢٠) والظراب : في الأصل : الضراب وهو تحريف ، والظراب جمع ظرب : وهو مانتأ من الحجارة وحدّ طرفه ، أو الجبل المنبسط ليس بالعالي أو الصغير.

(٢١) من قوله : «اللهم حوالينا ـ منابت الشجر» نص حديث شريف متفق عليه ، رواه البخاري ومسلم والنسائي وصاحب الموطأ في الاستسقاء ، وابن ماجة في الإقامة ، وأبو داوود في الاستسقاء ، وأحمد في ٣ / ١٠٤ ، ١٨٧ ، ١٩٤ ، ٢٦١ ، ٢٧١ ، و٤ / ٢٣٦ ولم أعثر على ما بعده من كلام فيما رجعت إليه من كتب السنة الشريفة.

(٢٢) محق : محقه أبطله ومحاه ، ومحقه الله : ذهب ببركته.

(٢٣) حديث شريف رواه ابن مسعود ، وقد رواه النووي في كتابه الأذكار ، وقال ابن علان في شرح الأذكار : «قال في المرقاة نقلا عن المصنف : إسناده ليس بثابت ، وقال الحافظ بعد أن أورده بإسناده إلى الطبراني : حديث غريب أخرجه ابن السني ، قال الطبراني : لم يروه عن حماد ، يعني ابن أبي سليمان إلا عبد الأعلى تفرد به موسى ، قلت : عبد الأعلى هذا ابن أبي المساور بضم الميم وتخفيف المهملة ضعيف جدا ، وفي الراوي عنه ضعف أيضا. وقال الحافظ في باب ما يقول : إذا سمع الرعد ، أن حديث ابن مسعود تفرد به من اتهم بالكذب ، وهو عبد الأعلى» اه. (الأذكار للنووي بتحقيقي ٢٢٧ ، والفتوحات الربانية على الأذكار النواوية لابن علان ٤ / ٢٨١).

(٢٤) الودق : المطر. وقول الشافعي هذا ، رواه في كتابه الأم بإسناده عن شيخه إبراهيم أبي إسحاق المدني ونصه : [«عن عروة بن الزبير رضي الله عنهما قال : إذا رأى أحدكم البرق أو الودق ، فلا يشر إليه ، وليصف ولينعت» قال الشافعي : ولم تزل العرب تكرهه] وقال الحافظ في التقريب عن إبراهيم المدني : وهو متروك.

وفي الأصل (وقد كانت العرب تكره) وهو تحريف ، وما أثبت من كتاب الأم للشافعي ، والأذكار للنووي تحقيق أحمد راتب حموش ص ٢٧٧ والفتوحات الربانية على الأذكار النواوية لابن علان ٤ / ٢٨٢ ـ ٢٨٦

١١٧

ومنها : أن هذه التي تظهر في السماء على صفة القوس ، ولونها أخضر وأحمر وأزرق ، يكره أن تسمى قوس قزح ، كما هو مذكور في كتب الفلاسفة والطبائعيين ونحو ذلك من الأسماء كلها ، كما يقال في الجهات الوصابية (٢٥) قوس عسر ، بل يقال لها قوس الله ، وهي أمان لأهل الأرض (٢٦).

ومنها أنه ورد النهي عن سبّ الريح لأنها مبشرة بالمطر الذي هو الرحمة ، وهي التي تحمل الماء فتمجه (٢٧) في السحاب ، ثم تمر به فيدر كما تدر اللقحة (٢٨).

__________________

(٢٥) في الأصل : الوساله؟؟؟ : هكذا بلا نقط.

(٢٦) هذا الكلام مأخوذ من الحديث النبوي الشريف التالي :

عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لا تقولوا ، قوس قزح ، فإن قزح شيطان ، ولكن قولوا : قوس الله عز وجل ، فهو أمان لأهل الأرض».

والحديث مروي في كتاب (حلية الأولياء لابن نعيم ٢ / ٣٠٩ في ترجمة أبي رجاء العطاردي) وفي سنده زكريا بن حكيم الحبطي البصري ، وهو ضعيف.

(٢٧) تمجه : ترميه وتلفظه فيمتزج في السحاب.

(٢٨) اللقحة : الناقة الحلوب الغزيرة اللبن : ولعل هذا الكلام مأخوذ من الأحاديث النبوية الشريفة التالية :

١ ـ قال أبو هريرة رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول :

«الريح من روح الله تأتي بالرحمة ، وتأتي بالعذاب ، فإذا رأيتموها فلا تسبّوها ، واسألوا الله خيرها ، واستعيذوا بالله من شرها» خرجه أبو داوود وابن ماجة وأحمد بإسناد حسن كما قال النووي وصححه غيره.

وقوله : من روح الله : أي من رحمته بعباده كما قال النووي في الحديث ١٧٢٨ من رياض الصالحين تحقيق أحمد راتب حموش.

ب ـ عن أبي المنذر أبيّ بن كعب رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا تسبوا الريح ، فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا : اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح ، وخير ما فيها ، وخير ما أمرت به ، ونعوذ بك من شرّ هذه الريح ، وشر ما فيها وشر ما أمرت به» رواه الترمذي ، وقال : حديث حسن صحيح.

وقد رواه النووي بالحديث رقم ١٧٢٧ في رياض الصالحين بتحقيقي.

ج ـ عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا اشتدت الريح يقول :

«اللهم لقحا لا عقيما».

١١٨

ومنها أنه يسن عند هبوب الرياح الشديدة والزلازل وسماع الصواعق إكثار الدعاء والتضرع والاستغفار (٢٩).

والصواعق هي البوارق التي تحرق كل ما أصابت ويهلك بها كثير من الناس وأنواع الحيوان فنسأل الله تعالى السلامة والعافية من كل بلاء ومحنة ، والفوز بالجنة ، إنه على ما يشاء قدير.

__________________

رواه النووي بالإسناد الصحيح في كتاب ابن السني ، وذكره في كتابه الأذكار ص ٢٧٦ تحقيق أحمد راتب حموش ، وقال : اللقح : الحامل للماء كاللقحة من الإبل ، والعقيم التي لا ماء فيها كالعقيم من الحيوان : لا ولد فيها.

قال الحافظ في تخريج الأذكار : هذا حديث صحيح ، أخرجه البخاري في الأدب المفرد هكذا ، وأخرجه ابن حبان في صحيحه وابن السني معا ، عن أبي يعلى ، وأخرجه الطبراني أيضا في المعجم الأوسط. ويراجع فيه أيضا الفتوحات الربانية لابن علان ٤ / ٢٧١ ـ ٢٨١

(٢٩) ورد ذلك في أحاديث شريفة منها ما أثبتناه في الحاشية السابقة ومنها :

أ ـ عن عائشة رضي الله عنها قالت : «كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا عصفت الريح قال : اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها ، وخير ما أرسلت به ، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به» خرّجه مسلم.

وعصفت الريح : أي اشتد هبوبها.

ب ـ روى الإمام الشافعي رحمه الله في كتابه (الأم) بإسناده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : «ما هبت الريح إلا جثا النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم على ركبتيه وقال : اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابا ، اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا» وهو حديث حسن. وقد سأل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن تكون رياحا لا ريحا ، اقتباسا من قوله تعالى : (إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً) [فصلت ٤١ / ١٦] و (أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ) [الذاريات ٥١ / ٤١] وقال تعالى : (وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ) [الحجر ١٥ / ٢٢]. وقال سبحانه : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ) [الروم ٣٠ / ٤٦]. (الأذكار للنووي بتحقيقي ٢٧٤ ـ ٢٧٧) و (الفتوحات الربانية ٤ / ٢٧١ ـ ٢٨١).

١١٩

فائدة : ورد في الحديث عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «إذا سمعتم الرعد فاذكروا الله فإنه لا يصيب ذاكرا» (٣٠).

وقد كان صلى‌الله‌عليه‌وسلم يتحصن منه بالذكر فيقول إذا سمع صوت (٣١) الرعد والصواعق : «اللهم لا تقتلنا بغضبك ، ولا تهلكنا بعذابك ، وعافنا قبل ذلك» (٣٢) ، «سبحان الله يسبح الرعد والبرق بحمده ، والملائكة من خيفته» (٣٣). أخرجه الترمذي والحاكم في المستدرك على الصحيحين وكذلك هو في موطأ مالك رضي الله عنهم.

__________________

(٣٠) قال الطبراني : حدثنا زكريا بن يحيى الساجي ، حدثنا أبو كامل الجحدري ، حدثنا يحيى بن كثير أبو النضر ، حدثنا عبد الكريم ، حدثنا عطاء عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إذا سمعتم الرعد فاذكروا الله ، فإنه لا يصيب ذاكرا» (تفسير ابن كثير ، سورة الرعد ١٣ / ١٣ [٤ / ٧٣]) و (منتخب كنز العمال عن الطبراني ٢ / ٤٥٩).

(٣١) صوت : ليس في الأصل. وأضيف من كتب السنة الشريفة ، وصوت الرعد هو صوت الملك (رعد) الموكل بالسحاب. وقد نقل الشافعي أن الرعد ملك ، والبرق أجنحته يسوق السحاب بها ، وعليه فالمسموع هو صوته أو صوت سوقه ، وقد روي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «بعث الله السحاب فنطقت أحسن النطق ، وضحكت أحسن الضحك ، فالرعد نطقها ، والبرق ضحكها».

(٣٢) إلى هنا نص حديث ضعيف : ضعفه الترمذي وقال : «غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه».

(٣٣) هذا نص حديث آخر ، قال النووي فيه في كتابه الأذكار تحقيق أحمد راتب حموش ص ٢٧٧ : «روينا بالإسناد الصحيح في الموطأ عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما : أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال : سبحان ...» الحديث.

وهو كما قال الأستاذ المحدث ناصر الدين الألباني في تخريجه لأحاديث الكلم الطيب لابن تيمية ص ٨٨ : «صحيح الإسناد موقوفا ، أخرجه مالك ٣ / ١٥٤ ، وعنه البخاري في الأدب المفرد ، والبيهقي في السنن الكبرى (٣ / ٣٦٢) بسند صحيح عن عبد الله بن الزبير ، لكن سقط من الموطأ : (عن عبد الله بن الزبير) فصار الحديث عنده مقطوعا.

ومن هنا يتبين أن المؤلف مزج بين حديثين بتخريج واحد ، وليس له ذلك».

١٢٠