وصف الأرض المقدّسة في فلسطين

دانيال الراهب

وصف الأرض المقدّسة في فلسطين

المؤلف:

دانيال الراهب


المترجم: د. سعيد عبدالله البيشاوي وداود إسماعيل أبو هدبة
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الشروق للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ١٧٩

المقدمة

يعتبر أدب الرحلات من العلوم المساعدة لدراسة التاريخ والجغرافية والاقتصاد وكثير من العلوم الأخرى ، وذلك لما يلقيه من أضواء على الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لمختلف المناطق التي يقوم الرحالة بزيارتها ، وقد اهتم الباحثون المسلمون بأدب الرحلات كثيرا ، ووضعوا المؤلفات القيمة عما كتبه الرحالة المسلمون في العصر الوسيط على وجه التحديد ، ولعل ذلك يرجع إلى أنهم اعتبروا الرحلة عنصرا قويا في حياة المجتمع الإسلامي في عصوره المختلفة ، ولأن الرحلة كان لها أسباب مختلفة أهمها الأسباب الدينية والرحلة في طلب العلم والرحلة من أجل التجارة ورحلة الرسل المترددين بين الملوك والأمراء والرحلة من أجل المغامرة (١).

وشهدت بلاد الشام زيارة العديد من الرحالة والحجاج الغربيين الذين تدفقوا على الأراضي المقدسة في العصر الفرنجي الصليبي وكتبوا عن اقتصادها وحياة سكانها السياسية والاجتماعية ، على الرغم أن جميع الرحالة الغربيين ركزوا على زيارة الأماكن الدينية المسيحية ووصفها كما شاهدوها على الطبيعة ، وكثيرا ما كان هؤلاء الحجاج يقتبسون من العهد القديم والجديد عن دراية ومعرفة بهما ، بينما كانت كتابات البعض تشير إلى جهل بالكتاب المقدس.

ومهما يكن من أمر فقد عكف المسلمون على دراسة كتب الرحالة المسلمين بكل عناية وتمحيص ، لكن كتابات الرحالة الغربيين لم تنل حظها من الاهتمام والدراسة من قبل الباحثين في الوطن العربي ، وبقيت كتابة هؤلاء الرحالة مدونة باللغات القديمة كاللاتينية والفرنسية والبعض منها ترجم إلى اللغات الأجنبية الحديثة كالفرنسية والإنجليزية والألمانية والروسية. ونظرا لأهمية هذه الرحلات وما تلقيه من أضواء على مختلف الجوانب في بلادنا ، وجدنا أنه من الواجب ترجمة بعضها إلى اللغة العربية والتعليق عليها ، حتى يتسنى للقارئ العربي في مختلف أرجاء وطنه الكبير ، التعرف على أحوال بلاده في مختلف العصور الغابرة.

ولعل من أشهر الرحالة والحجاج الذين زاروا الأراضي المقدسة في العصر الوسيط الرحالة الشهيد أنطونيوس (٢) الذي وفد إلى بلادنا في النصف الثاني من القرن السادس الميلادي وعلى وجه التحديد في الفترة الواقعة بين سنتي ٥٦٠ ـ ٥٧٠ م. وقد انطلق الشهيد أنطونيوس من مدينة بلاكنتيا (٣) وعبر القسطنطينية ومنها إلى جزيرة قبرص ، ثم الى مدينة سلاميس وبعد ذلك دخل

__________________

(١) خليل إبراهيم السامرائي : دراسات في تاريخ الفكر العربي ، ص ٢٣٣ ـ ٢٣٤.

(٢) حملت رحلة الشهيد انطونيوس اسم" من زيارة الأماكن المقدسةof the Holy Places visited وقام أوبري ستيوارت Aubrey Stewart بترجمتها إلى اللغة الانجليزية. وقد علق على الرحلة السير شارل. دبليو ويلسون Sir C.W.Wilson ونشرت رحلة الشهيد انطونيوس في لندن سنة ١٨٩٦ م.

(٣) تقع مدينة بلاكنتياPlacentia على الضفة اليمنى لنهر البوAlpo وتعرف باسم بياكنزاPiacenza Cf. Antoninus Martyr, of the Holy Places visited, Trans. by Aubrey Stewart and annotated by Sir C. W. Wilson, London ٦٩٨١, p. ١

٢١

الأراضي السورية ثم وصل إلى فلسطين (١). وتعتبر رحلة اركولف (٢) الذي زار المنطقة سنة ٦٧٠ م من الرحلات الهامة ، والمميزة لأنها حدثت في عهد الدولة الأموية ، في عصر القوة الإسلامية الناهضة ، كذلك تعرض اركولف لوصف الكثير من المواقع الهامة في بيت المقدس على وجه التخصيص ، فقد وصف وادي قدرون ، ووصف مسجد عمر ، ووصف كنيسة القيامة والمهد ... ويذكر أركولف أن سور بيت المقدس كان يضم أربعة وثمانين برجا وست بوابات. ويقول أن جماهير غفيرة من الناس تجتمع في المدينة المقدسة لشراء البضائع التجارية أو بيعها (٣). وبعده بحوالي إحدى وخمسين سنة حضر إلى الأراضي المقدسة الرحالة الانجليزي ويليبالد (٤) الذي زار فلسطين سنة ٧٢٣ م وقدم وصفا دقيقا للأماكن التي قام بزيارتها. ومن الرحلات الأوروبية التي تلقي كثيرا من الضوء على الأراضي المقدسة رحلة الحاج برنارد الحكيم (٥) التي زار خلالها مصر وفلسطين.

وشهدت فترة الحروب الفرنجية الصليبية قدوم العديد من الحجاج والرحالة الغربيين نخص بالذكر منها رحلة الحاج سايولف (٦) في الأراضي المقدسة في الفترة الواقعة بين سنتي

__________________

(١) Antoninus Martyr ,PP ١ ـ ٣.

(٢) أركولف : هو أحد الحجاج الفرنسيين ، وكان أحد رجال الدين ، وربما كان قسيساPriest أو اسقفاBishop ، قام بزيارة فلسطين في النصف الثاني من القرن السابع الميلادي / الأول الهجري. وهو بذلك يعتبر أول رحالة غربي زار بلاد الشام عقب الفتح الإسلامي للمنطقة ، وقد تواجد في بلاد الشام خلال الفترة الواقعة بين شهري يناير وسبتمبر سنة ٦٧٠ م انظر : محمود سعيد عمران : كتابات الرحالة اركولف كمصدر لبلاد الشام في عصر الراشدين في بلاد الشام في صدر الإسلام ، المؤتمر الدولي الرابع لتاريخ بلاد الشام ، المجلد الثالث ، عمان ١٩٨٧ م ، ص ٣١١. ويذكر أركولف أن معاوية بن أبي سفيان" ملك المسلمين".

ويتحدث أركولف عن خصوبة المزروعات في فلسطين وخاصة القمح والشعير في جبل الزيتون في المدينة المقدسة ، هذا إلى جانب أشجار الزيتون والكرمة. ويذكر أنه شاهد في العيزرية (بيشاني) عددا كبيرا من أشجار الزيتون ، وإلى جانب بيت المقدس شاهد أركولف مدن بيت لحم والخليل وأريحا ، وتحدث عن وجود بساتين واسعة من أشجار النخيل بين أريحا ونهر الأردن. انظر : رحلات في الأردن وفلسطين ، ترجمات ودراسات سليمان الموسى ، الطبعة الأولى ، " دار ابن رشد للنشر والتوزيع" ، عمان ١٩٨٤ م ، ص ١٤.

(٣) المرجع السابق ، نفس الصفحة.

(٤) ويليبالد : وصل إلى بلاد الشام في زمن الأمويين ، وقد نزل إلى طرطوس بطريق البحر ، وكان معه سبعة من رفاقه ، مضى بهم إلى مدينة حمص ، حيث تم اعتقالهم من قبل رجال الأمن اعتقادا منهم أنهم جواسيس ، وقد وضعوا في السجن فترة من الزمن ، وعند ما علم الخليفة بأمرهم اصدر أمرا بإطلاق سراحهم لعدم وجود أية بينة ضدهم. وقد ذهب ويليبالد لزيارة دمشق ومنها انتقل إلى الناصرة ثم طبرية ، وزار نهر الأردن وأريحا وبيت المقدس والخليل. وفي أطراف نابلس مر ورفاقه بسهل واسع تغطيه أشجار الزيتون. انظر رحلات في الأردن وفلسطين ، ص ١٥ ـ ١٦.

(٥) برنارد الحكيم : هو راهب من جبل القديس ميشيل في مقاطعة بريتاني الواقعة شمال غرب فرنسا ، ويمثل برنارد الحكيم ذلك النمط المألوف للمثقفين من أهل أوروبا في عصورها المظلمة الذين أفرزتهم الحركة الرهبانية البندكتية الواسعة التي شملت معظم أرجاء الغرب الأوروبي ، وقد قام برحلته إلى مصر وفلسطين في الفترة الواقعة بين سنتي ٨٦٧ ـ ٨٧٠ م ، ويبدو أنه حضر إلى مصر أولا ومنها دخل فلسطين سنة ٨٧٠ م ، ومر بمدينة غزة ووصفها بأنها مدينة غنية بجميع الأشياء. وبعد ذلك مر بقلعة الرملة وبعدها بقلعة عمواس ومنها إلى بيت المقدس ، حيث نزل ورفاقه في المبنى الذي أنشأه شارلمان ، انظر. علي أحمد السيد ، رحلة برنارد الحكيم إلى مصر وفلسطين ، دراسة تاريخية نقدية ، مجلة لكلية الآداب ، جامعة الاسكندرية ، ص ١٤٨ ، ١٥٧ ، رحلات في الأردن وفلسطين ، ص ١٧ ـ ١٨.

(٦) الحاج سايولف : Saewulf زار الأراضي المقدسة في بداية الحكم الفرنجي الصليبي لها ، وهناك من يشير إلى أن سايولف عبارة عن اسم مستعار فقط ، وقد اتخذه بسبب رحلاته المتكررة ، ولذلك فهو شخصية غير معروفة في التاريخ.

والمخطوطة الوحيدة المعروفة برحلة سايولف ، هي تلك المخطوطة التي استطاع متى باركر ـ رئيس أساقفة كانتربري ـ إنقاذها من الدمار الذي لحق بالمكتبات التابعة للأديرة أثناء حكم الملك هنري الثامن والملك إدوارد السادس.

Cf. Introduction of the Pilgrimage of saewulf to Jerusalem and the Holy Land, trans. by Conon ownlow, London ٢٩٨١.

٢٢

١١٠٢ ـ ١١٠٣ م / ٤٩٥ ـ ٤٩٦ ه‍ ورحلة الحاج الروسي دانيال الراهب في الأراضي المقدسة في الفترة الواقعة ١١٠٦ ـ ١١٠٧ م / ٥٠٠ ـ ٥٠١ ه‍ ورحلات الحاج يوحنا فوقاس (١) سنة ١١٨٥ م / ٥٨١ ه‍ وفيتلوس (٢) سنة ١١٣٠ م / ٥٢٤ ه‍ وبورشارد من دير جبل صهيون (٣) سنة ١٢٨٠ م / ٦٧٩ ه‍.

وتعتبر رحلة الحاج الروسي دانيال الراهب في الأراضي المقدسة من المصادر الهامة لدراسة أحوال تلك البلاد في بداية الاستيطان الفرنجي الصليبي ، فقد تعرض دانيال لمختلف جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية في فلسطين خلال بداية الغزو الفرنجي الصليبي. وتكمن أهمية هذه الرحلة في أنها جاءت مع بداية مرحلة جديدة في حياة الشرق الإسلامي بوجه عام والأراضي المقدسة بوجه خاص.

وقد زودنا الحاج الروسي بمعلومات قيمة عن أهم المزروعات التي كانت تشتهر بها فلسطين والأردن ، وخاصة زراعة الأشجار المثمرة والخضراوات والحبوب ، هذا إلى جانب تعرضه لذكر اليناببع والآبار التي كانت تشتهر بها تلك المناطق ، كما زودنا بمعلومات عن أهم الصناعات التي كانت سائدة في الأراضي المقدسة وقتذاك ، وخاصة صناعة استخراج زيت الزيتون والنبيذ ، فقد ذكر على سبيل المثال أن بيت المقدس كانت تحصل على جميع احتياجاتها من نابلس وضواحيها. وفضلا عن ذلك كله زودنا بوصف لأهم المدن والقرى التي زارها مع التركيز على وصف الأماكن المقدسة في بيت المقدس وان اعتمد في ذلك على العهد القديم.

وعلى الرغم من أهمية الرحلة وتوقيتها إلا أن هناك بعض الملاحظات عليها أهمها : اعتماد الحاج الروسي على كتاب العهد القديم في توثيق كثير من الأمور ، على الرغم من أنه لم يكن ضليعا به ، الأمر الذي أوقعه في بعض الأخطاء بسبب جهله بالعهد القديم ، ومثل هذه الأخطاء تعتبر غير مشرفة بالنسبة إليه أو إلى مرشده راهب دير القديس سابا. وفضلا عن ذلك وقع دانيال في بعض الأخطاء

__________________

(١) يوحنا فوقاس : ولد في كريت ، وكان والده يدعى متى Matthew وقد توفي في جزيرة باتموس Patmos ، ويبدو أنه كان يتمسح بالرهبان ، ويتصرف حسب ما يفعلونه. وعند ما شب يوحنا فوقاس ووصل إلى سن الرجال خدم في الجيش تحت قيادة مانويل كومنيين. وقد تعهده شيخا إسبانيا ، وعلمه حياة الزهد والتقشف عدة سنوات ، وكان تعليمه يتم على صخرة بالقرب من البحر. وبعد ذلك أصبح يوحنا راهبا ، وقد حضر إلى زيارة الأماكن المقدسة سنة ١١٨٥ م / ٥٨١ ه‍.

Cf. Introduction of the Pilgrimage of Joannes Phocas in Holy Land, trans. by Aubrey ownlow, Stewart, London ٩٨٨١.

(٢) تمت هذه الرحلة حوالي سنة ١١٣٠ م / ٥٢٤ ه‍ أي في عهد الملك الفرنجي الصليبي فولك الانجوي. أما كاتب الرحلة فهو غير معروف ، ولا يوجد أية معلومات عنه ، ويكتب اسمه بصيغ مختلفة منها فيتلوس Fetellus أو فريتلوس.Fretellus

(٣) كان بورشارد مواطنا ألمانيا من بلدة سترازبورغ ، وقد عمل في سلك الرهبنة ، وأصبح راهبا في جماعة الدومنيكان ، وذهب إلى الشرق في سنة ١٢٣٢ م / ٦٣٠ ه‍ ، وقام بزيارة سوريا ومصر وأرمينيا. ويقال أنه توفي في الشرق ، على الرغم من أن تاريخ وفاته غير معروف. وكان بورشارد بعيدا عن التعصب ، تقيا متدينا ، محبا لكافة الطوائف المسيحية. ويبدو أنه كان على درجة كبيرة من التعليم. وقد أظهر ذكاء جادا في استيعاب جميع المعلومات التي حصل عليهاCf.Introduction of Mount Sion ,PP.١١١ ـ VI.

٢٣

الجغرافية ومنها : موقع كفر ناحوم (١) على ساحل البحر قرب الكرمل ، وتعريف اللد بالرملة وقيسارية فيليبي بقيسارية فلسطين ، والسامرة بنابلس وباشان ببيسان إلى جانب كثير من الأخطاء الأخرى. ويبرر مترجم الرحلة من الفرنسية إلى الانجليزية أخطاء دانيال الجغرافية إلى الجهل العام في تلك الفترة. وفي رأينا فإن مثل هذه الأخطاء كافية لكي تنفي عن الحاج صفة الدقة في الكتابة.

وقد ذكر الحاج الروسي أنه كان يتوخى الدقة والبعد عن الكذب ، ولكننا نرى أن من يقدم الرشوة والهدايا في سبيل الحصول على ما يريده ، فإنه من السهل عليه تلقي الرشوة وتقبلها. والحاج الروسي قدم هدية على سبيل الرشوة للمشرف على الضريح المقدس. واعتمادا على ما سبق فإننا نعتقد أنه تحامل كثيرا على المسلمين أثناء تعرضه لذكرهم ، فقد وصفهم تارة بالأعداء ، وتارة أخرى بالوثنيين وأشار إلى أنهم كانوا يعتدون على المسيحيين ، ولا بد وأن تحامل دانيال على المسلمين كان بسبب تلقيه الرشوة من الفرنجة الصليبيين ، أو بسبب تعرضه لضغط قادتهم ، الذين ربما أجبروه على كتابة العبارات المشينة بحقهم ، وإلا فما الذي دفع بهذا الحاج إلى وصفهم بهذه الأوصاف المشينة ، والتي لا يليق إطلاقها على أناس موحدين بالله.

إن العلاقات المسيحية الاسلامية كانت جيدة في جميع الأوقات ، ولم يعرف أن المسلمين تعرضوا لأهل الذمة ، ولكن الهجمة الفرنجية الصليبية ، كانت هجمة استعمارية ضد العالم الإسلامي ، وكان على المسلمين والمسيحيين الشرقيين مقاومة هذه الهجمة الشرسة ووقفوا إلى جانب المسلمين من أجل تحرير الأراضي المقدسة من قبضة المعتدين. وكما يعرف الجميع فقد تعرض المسيحيون الشرقيون إلى المضايقات المستمرة من قبل الفرنجة الصليبيين ، الذين حولوا الأسقفيات الأرثوذكسية ، فضلا عن قيامهم بحرمان المسيحيين الشرقيين من العمل في الكنائس والأديرة.

وعلى الرغم من بعض الملاحظات التي أبديناها على الحاج الروسي دانيال الراهب ، إلا أن ذلك لا يقلل من أهميتها وفائدتها للباحثين ، فقد أشار الحاج الروسي إلى اشتعال حركة الجهاد الإسلامي ضد الغاصبين ، فضلا عن أنه تحدث عن النشاط الاقتصادي في فلسطين خلال تلك المرحلة. هذا إلى جانب أنه تعرض لذكر كل ما شاهده في تلك المنطقة من مدن ومواقع مختلفة.

وعلى الرغم أننا بذلنا جهدا كبيرا في ضبط وتحقيق كثير من المعلومات والمواقع ، إلا أنه ربما يجد القارئ بعض الأخطاء سواء المطبعية أو الفنية. وسنكون شاكرين جدا لأي قارئ يرشدنا إلى مثل هذه الأخطاء ، ونرحب بأي انتقادات يوجهها أي باحث من أجل الإفادة منها ، والعمل على تصويب أي أخطاء فيما لو قدر لنا إعادة طبع هذا الكتاب مرة أخرى.

والله من وراء القصد.

المترجمان

د. سعيد عبد الله البيشاوي والأستاذ داود إسماعيل أبو هدبة

__________________

(١) كفرناحوم : تدعى الآن باسم كفرلام Kefr Lam قرب عتليت Cf.Moarion Sanoto ,P.٢ ,note ٣

٢٤

مقدمة الترجمة الإنجليزية

بقلم : الكولونيل السيرسي. دبليو ويلسون

بدأت رحلات الحج الروسية إلى الأراضي المقدسة منذ أن بدأ الروس يعتنقون الديانة المسيحية في نهاية القرن العاشر الميلادي. وقد وردت إشارة لوجود الحجاج الروس في فلسطين في سيرة حياة القديس ثيودوسيوس مع بداية عام ١٠٢٢ م. وكان القديس فارلام St.varlaan ـ راهب دير مدينة كييف (١) أول شخص عرف من بين هؤلاء (الحجاج الروس) ، وقد زار بيت المقدس سنة ١٠٦٢ م. إن أول رحلة مدونة إلى الأراضي المقدسة هي رحلة الراهب دانيال أو رئيس الدير الروسي ، والذي ليس هناك شيء مؤكد معروف عنه. ويمكن أن يستدل من خلال إشارة دانيال إلى نهر سنوف (٢) ، كجدول ماء يمتلك عدة خصائص من نهر الأردن (٣) ، أنه قدم من إقليم تشرنيجوف" تكرينكوف"Tchernigov ، في روسيا الصغرى ، حيث يجري نهر سنوف ، ويعتقد بأن دانيال هو الذي كان اسقفا في سيرييف (سوريف) Suriev عام ١١١٥ م والذي توفي في التاسع من سبتمبر سنة ١١٢٢ م.

كان دانيال معاصرا ل (نسطور) ـ أقدم المؤرخين الروس ـ الذي كانت كتاباته إحدى أهم الوثائق الروسية عن بداية القرن الثاني عشر ، والتي انتشرت بشكل كبير وأصبحت شائعة ، بسبب ما تضمنته من حقائق. وهناك ما لا يقل عن خمس وسبعين مخطوطة ، يرجع تاريخ أولها إلى عام ١٤٧٥ م. ويمكن التثبت من تاريخ الرحلة من كتابات دانيال نفسه. فهو يذكر الدوق العظيم ميشل سفياتابولوك اسياسلافوتيش (١٠٩٣ ـ ١١١٣ م) Michal Sviatapolk Isiaslavowitsch والملك بلدوين الأول (٤) ملك بيت المقدس (١١٠٠ ـ ١١١٨ م). ويبين أن عكا كانت ملكا للفرنجة الصليبيين ، حيث إن هذه المدينة احتلت من قبل الفرنجة الصليبيين في السادس والعشرين من

__________________

(١) كييف : Kiev إحدى المدن الروسية ، وتقع على الضفة اليمنى لنهر «دنيبر» ، وقد تأسست في القرن التاسع الميلادي ، ومن اشهر معالمها التاريخية كاتدرائية القديسة صوفيا البيزنطية.

(٢) يقع نهر سنوف Snov في مقاطعة تكرينكوف الروسية.

(٣) نهر الأردن : ترجع هذه التسمية إلى الأصل السامي الكنعاني بمعنى المتدهور أو سريع الجريان ، وفي العصور الوسطى عرف باسم نهر الشريعة ، ويبلغ طوله نحو ٢٥٢ كيلومتر ويصل عرضه إلى ثلاثين مترا.

انظر : قسطنطين خمار : موسوعة فلسطين الجغرافية ، بيروت ١٩٦٩ م ، ص ١١ ، لي سترانج : فلسطين في العهد الإسلامي ، ترجمة محمود عمايري ، ط ١ ، عمان ، جمعية المطابع التعاونية ، ١٩٧٠ م ، ص ٦٩ ـ ٧٠ سعيد البيشاوي : نابلس : الأوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية في عصر الحروب الصليبية ، الطبعة الأولى ، عمان ، ١٩٩١ م ، ص ٥٥ ، هامش ٢٦.

(٤) بلدوين الأول : هو أول ملك لاتيني يحكم مملكة بيت المقدس في العهد الفرنجي الصليبي ، وقد حكمها نحو ثمانية عشر عاما. وكان وصوله إلى بيت المقدس في التاسع من نوفمبر سنة ١١٠٠ م (الرابع من محرم سنة ٤٩٤ ه‍) بعد رحلة شاقة واجه خلالها مصاعب جمة ، وخرج الفرسان والبارونات وقسم كبير من رجال الدين لاستقباله وابتهج سكان بيت المقدس الفرنجة بقدومه. انظر : سعيد البيشاوي : كتاب نابلس ، ص ٥٢ ، ٧١.

٢٥

مايو عام ١١٠٤ م (١). ويخبرنا دانيال بأنه صحب الملك بلدوين في حملته ضد دمشق. ويوضح هنري هاجنمايرHeinrich Hagenmeyer من خلال ما كتبه (اكهارد رئيس دير أورجين Ekkhardi Uraugiensis ) في كتابه المعروف بتاريخ بيت المقدس Hierosolymita Historia بأن هذه كانت إحدى الحملات التي قام بها الملك بين عامي (١١٠٦ ـ ١١٠٨ م) (٣).

ومرة أخرى يتحدث دانيال عن الهجمات التي كان يتعرض لها الحجاج (المسيحيون) من قبل المسلمين في عسقلان (٤) ، ويشير المؤرخ وليم الصوري William of Tyre ) إلى هذه

__________________

(١) اتفقت المصادر الإسلامية والأجنبية على أن سقوط عكا بيد الفرنجة الصليبيين كان في شهر مايو سنة ١١٠٤ م / شعبان سنة ٤٩٧ ه‍. انظر : ابن القلانسي : تاريخ دمشق ، تحقيق د. سهيل زكار ، الطبعة الأولى ، دمشق ١٤٠٣ ه‍ / ١٩٨٣ م ، ص ٢٣٢ ابن الأثير : الكامل في التاريخ ، ج ١٠ ، بيروت ١٩٦٦ م ، ص ٣٧٣. انظر أيضا : سعيد البيشاوي : الممتلكات الكنسية في مملكة بيت المقدس الصليبية ، " دار المعرفة الجامعية" الإسكندرية ١٩٩٠ م ، ص ٧٦ سعيد البيشاوي : نابلس ، ص ٧٤.

Fulcher of Chartres, A History of the Expedition to Jerusalem, trans. by Frances Rita Ryan) sisters of st. Joseph (. edited with an introducation by Harold\'s Fink, Konuville, U. S. A. ٩٦٩١. P. ٦٧١ ـ Monitum in Balduini ١١١, Historia Nicenae vel Antoichenae Prologum, Ed. R. H. C. H. Occ, tome IV, Paris ٩٧٨١, P. ٠٨١ ـ Albert d\'Aix, Historia Hierosolymitana, Ed., R. H. C. H ـ Occ, tome IV, Paris ٩٧٨١, PP. ٦٠٦ ـ ٨٠٦.

أشار ابن الأثير إلى استيلاء الفرنجة الصليبيين على مدينة عكا بقوله : " وملك الافرنج البلد وفعلوا بأهله الأفعال الشنيعة". انظر : الكامل في التاريخ ، ج ١٠ ، ص ٣٧٣. وقد أشار المؤرخون الصليبيون أيضا إلى عمليات القتل التي ارتكبت ضد سكان عكا من مسلمين ومسيحيين شرقيين.

Cf. also : Fulcher of Chartres, P. ٦٧١ ـ Albert d\'Aix, PP. ٦٠٦ ـ ٨٠٦

(٢) اكهاردEkkhardi : هو أحد رجال الدين الألمان ، وصل إلى منصب رئيس دير اوراAura ، وقد عاش في العصر الوسيط ، وقدم إلى بيت المقدس حوالي سنة ١١٠١ م ، ووضع كتابا عن تاريخ بيت المقدس. اعتمد فيه من ناحية على أعمال الفرنجة ، ومن ناحية أخرى على كتاب أعمال تانكرد الذي ألفه راؤول كاين. انظر : ارنست باركر : الحروب الصليبية ، ترجمة السيد الباز العريني ، ط ٢ ، «دار النهضة العربية» ، بيروت بدون تاريخ ، ص ١٨٩ ـ ١٩٠. وفي سنة ١٨٧٦ م قام هنري هاجنماير الألماني بنشر هذا الكتاب تحت عنوان القدس Hierosolymita ,Tub.٦٧٨١ (الترجمة العربية).

(٣) Cf.Ekkhardi Hierosolymita ,PP.٠٦٣ ـ ٢٦٣.

(٤) كانت عسقلان من أجمل المدن الفلسطينية ، وهي مدينة ساحلية حصينة ، تكثر فيها أشجار الفاكهة ، وصفها الكثير من الرحالة والجغرافيين الذين زاروا المنطقة خلال فترات مختلفة. وقد ذكرها القزويني «بأنها مدينة على ساحل الشام من أعمال فلسطين ، وكان يقال لها عروس الشام لحسنها» انظر : آثار البلاد وأخبار العباد ، بيروت ١٩٦٩ م ، ص ٢٢٢. وذكرها المقدسي البشاري : بأنها مدينة جميلة حصينة تقع على شاطئ البحر ، وهي" تشتهر بكثرة الفواكه ، وخاصة الجميز الذي يسمح لكل شخص بأكل ثمره دون مقابل ، يقع مسجدها وسط سوق تجار المنسوجات ، وقد بلطت أرضه بالرخام". والمدينة واسعة وغنية ومناخها صحي وموقعها حصين جدا. وتشتهر بدودة الحرير وبمصنوعاتها الخزفية ، الحياة فيها جميلة وهنية وأسواقها مزدحمة بالتجار ، وحراسها دائما على أهبة الاستعداد ، ولكن ميناءها غير محصن ، وماؤها يميل إلى الملوحة.

انظر : أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم ، ليدن" مطبعة بريل" ١٩٠٦ م ، ص ١٧٤. (الترجمة العربية)

(٥) ولد وليم الصوري في بيت المقدس حوالي سنة ١١٣٠ م / ٥٢٤ ه‍ ، وهو ينتمي لأسرة فرنسية شاركت في الحملة الفرنجية الصليبية الأولى. وقد عاش وليم الصوري فترة شبابه في الشرق الإسلامي ، وأتقن اللغة العربية واليونانية واللاتينية والفرنسية. وتوجه في مقتبل عمره إلى أوروبا الغربية طلبا للعلم والمعرفة ـ ـ

٢٦

الهجمات على المسيحيين العابرين من يافا (١) إلى بيت المقدس والتي حدثت

__________________

=وتلقى علومه في بعض المدن الفرنسية ، وخاصة في باريس وشارتر وأورليان ، كما ذهب إلى إيطاليا وأمضى بها بعض الوقت ، وبعد أن أمضى نحو عشرين سنة في أوروبا. عاد إلى الأراضي المقدسة سنة ١١٦٥ م / ٥٦٠ ه‍. وعمل وليم الصوري في خدمة الملك عموري الأول ، وكان مربيا لابنه بلدوين الرابع (المجذوم) ، وقد عينه الملك عموري الأول رئيسا لأساقفة صور ، وكاد وليم أن يصل إلى منصب بطريرك بيت المقدس ، عند ما اقترح رجال الدين اللاتين في كنيسة القيامة ترشيح وليم الصوري (رئيس أساقفة صور) وهرقل (رئيس أساقفة قيسارية) ، ليتم اختبار أحدهما لشغل منصب البطريرك. ويبدو أن مؤامرة حيكت في المملكة من أجل إبعاد وليم ، والعمل على انتخاب هرقل ، الذي فاز بمنصب البطريرك في أكتوبر سنة ١١٨٠ م / جمادى الأولى سنة ٥٧٨ ه‍. وقد أشار بعض المؤرخين إلى أن وليم لم يتقبل ذلك ، وذهب إلى روما لكي يرفع الشكاوي ضد تعيين هرقل في منصب بطريرك بيت المقدس. ويقال إن هرقل خافه ، فأرسل له من سقاه السم وقتله في سنة ١١٨٤ م / ٥٨٠ ه‍. وقد تميز وليم الصوري بحسّه التاريخي وبعد نظره ، ولذلك لم يكن مجرد ناقل للأخبار وإنما كان ناقدا للأحداث ، ولكثير من الشخصيات التي لعبت دورا فيها. وعلى الرغم من أهمية كتاب وليم الصوري إلا أنه يجب الحذر عند الرجوع إليه ، وذلك لأنه كان يستخدم بعض العبارات والألفاظ المشينة بحق المسلمين. فقد وصفهم بالأعداء وبالوثنيين كما أسماهم بالسراقتة.

Cf. Chronique d\'Ernoul et de Bernard, Ed. M. L. de Mas Latyries, Paris\'\'Societe de Histoire de France ١٧٨١, PP. ٣٨ ـ ٦٨ ـ Eracles, I\'Estoire d, Eracles Emperent et La conquest de la Terre d\'outremer, Cf. R. H. C., H. Occ, tome ١١, Paris ٩٥٨١, PP. ٨٣ ـ ٩٣, ٨٥ ـ ٩٥ ـ Richard, J., The Latin Kingdom of Jerusalem, vol ـ ـ ١ Trans. from the original by Jenat shirly, Amsterdam ٩٧٩١, P. ٠١١ ـ Edbury, P. W., William of Tyre : A historian of the Crusades and the Kingdom of Jerusalem (٠٣١١ ـ ٤٨١١) , in the Buletin of the faculty of Arts in Alexandria Unversity, ٨٨٩١, PP. ٣٤ ـ ٢٥.

السيد الباز العريني : مؤرخو الحروب الصليبية ، القاهرة ١٩٦٢ م ، ص ١٠١ ـ ١٠٣ ، ١١٠ ـ ١١٣ ، ـ ١٤٥ ـ ١٥٦ نظير حسان سعداوي : المؤرخون المعاصرون لصلاح الدين ، القاهرة ١٩٦٢ م ، ص ٤١ ـ ٤٢ سعيد الببشاوي : الممتلكات الكنسية ، ص ٣٦ ـ ٣٧ ، هامش ٢ ، ص ٤١ ريموند داجيل : تاريخ الفرنجة غزاة بيت المقدس ، ترجمة حسين عطية ، ط ١ ، " دار المعرفة الجامعية" ، الإسكندرية ١٩٩٠ م ، ص ٢٧ ، سعيد البيشاوي : كتاب نابلس ، ص ٢٩. ويعتبر كتاب وليم الصوري من أهم المؤلفات التي كتبت في تاريخ الحروب الصليبية والكتاب مدون باللغة اللاتينية تحت اسم Historia Rerum in Partibus Transmarinis Gestram. Cf. R. H. C ـ H. Occ. Tome ١, PP ١ ـ ٤٣١١

وقد ترجم الكتاب إلى اللغة الإنجليزية تحت عنوان : ـ A History of Deeds Done be yond the sea, Trans. by Emily Atwater Babcock and Krey, New York ٣٤٩١

وقد قام الأستاذ الدكتور سهيل زكار بترجمته إلى العربية في جزئين ، وقد صدرت الترجمة عن دار الفكر للنشر في مدينة دمشق المحروسة عام ١٩٩٠ م ، كما قام الأستاذ الدكتور حسن حبشي بترجمته إلى العربية في أربعة أجزاء ، وقد صدرت الترجمة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب في مدينة القاهرة ١٩٩١ ـ ١٩٩٥ م.

(١) يافا إحدى المدن الكنعانية العربية القديمة ، واسمها تحريف للكلمة يافي Yafi الكنعانية بمعنى جميل.

وتقع المدينة القديمة على التلة القائمة على ميناء يافا. وقد ذكرت يافا في النقوش المصرية القديمة باسم يابوYapu وIapu ، وفي نقش أشوري ذكرت باسم يا آب بوya ـ ap. ـ pu. وفي العهد اليوناني سميت يوبا ـ Yop pa ، إلا أن البعض يذكر أنها مشتقة من" يوبي" بنت ايلوس إله الريح عند اليونان. وقد تعرضت يافا للتدمير مرتين على يد الجيش الروماني ، ولكن تم إعادة بناء المدينة على الساحل بأمر الإمبراطور الروماني فاسبسيان.

انظر : مصطفى مراد الدباغ : بلادنا فلسطين ، ج ٤ ، ق ٢ ، ط ١ ، " دار الطليعة" بيروت ١٩٧٢ ، ص ٩٧ ـ ٩٨ ، ١٠٣ ، ١٠٥ جونز : مدن بلاد الشام ، ترجمة إحسان عباس ، ط ١ ، عمان" دار الشروق" ١٩٨٧ م ، ص ٩٥. وقد زار المقدسي البشاري مدينة يافا ووصفها بأنها" تقع على ساحل البحر ، ولكنها بلدة صغيرة ، رغم أنها مركز تجارة فلسطين وميناء الرملة. يحميها سور منيع له أبواب حديدية على البر والبحر ، مسجدها جميل ويشرف على البحر ، وميناؤها أحسن الموانئ". انظر : أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم ، ص ١٧٤ ـ ـ ووصفها أبو الفداء بأنها" بلدة جميلة وصغيرة تقع على ساحل البحر ، لها ميناء هام وهي محصنة جدا ، أسواقها مكتظة بالتجارة والتجار. وتتم فيها كثير من الصفقات التجارية ، ميناؤها واسع تقصده جميع السفن الآتية إلى فلسطين ومنه تتجه السفن إلى جميع الجهات. انظر : تقويم البلدان ، ص ٢٣٩. (الترجمة العربية)

٢٧

عام ١١٠٧ م (١). وأخيرا يلاحظ من الوصف الدقيق لدانيال عن النار المقدسة أنه لم يكن هناك أية إشارة عن البطريرك اللاتيني ، وأن أحد الأساقفة يحتل المكان الذي يعينه فوشيه الشارتري (٢) للبطريرك. والآن ندرك بأنه لم يكن هناك بطريرك لاتيني في بيت المقدس أثناء يوم عيد القيامة لعام ١١٠٧ م ، إذ كان دايمبرت البيزي (٣) قد غادر المدينة في عام ١١٠٣ م (٤) بينما اتجه بديله

__________________

(١) ذكر وليم الصوري في حوادث سنة ١١٠٧ م أن أهل عسقلان وضعوا خمسمائة فارس وألف جندي في كمين في أماكن مناسبة على طول الطريق التي توصل من بيت المقدس إلى البحر. وقد سمعوا أن مجموعة من مواطنينا قد غادروا يافا على الطريق إلى بيت المقدس. ويقول وليم أن الحجاج المتجهين من يافا إلى بيت المقدس أهملوا جميع مواقع المصائد المعدة ضدهم واستمروا في طريقهم ، ولكنهم وقعوا في المصيدة التي أعدت لهم. وفي النهاية يشير وليم إلى أن المسيحيين انتصروا في معركتهم مع المسلمين.

(الترجمة العربية)Cf. A History of Deeds Done Beyond the Sea, Vol. ١, p. ٨٦٤ ـ ٩٦٤

(٢) ولد فوشيه بمدينة شارتر بفرنسا في الفترة الواقعة بين سنتي ١٠٥٨ ـ ١٠٥٩ م ، واشترك في الحملة الفرنجية الصليبية الأولى في شهر اكتوبر سنة ١٠٩٦ م ، ضمن قوات روبرت دوق نورمانديا وكونت فلاندر وستيفن كونت بلوا وشارتر ، وكان مرافقا لبلدوين الأول وأقام معه في الرها نحو سنتين ، ثم حضر معه إلى بيت المقدس ، وبقي ملازما له حتى وفاته سنة ١١١٨ م ، ثم أن فوشيه مكث في بيت المقدس حتى سنة ١١٢٧ م / ٥٢١ ه‍. وقد وضع فوشيه كتابا مدونا باللغة اللاتينية تحت عنوان :Gesta Francorum Iherusalem Peregrinantium وقد ترجم الكتاب إلى اللغة الإنجليزية تحت عنوان :A History of the Expedition to Jerusalem, Tr. by Frances Rita Ryan,) Sisters of St. Joseph Edite) With an introduction by Harold\'s Fink (Konuville, U. S. A. ٩٦٩١. وأخيرا قام الدكتور زياد العسلي بترجمة كتاب فوشيه تحت عنوان : " تاريخ الحملة إلى بيت المقدس" ، الطبعة الأولى ، " دار الشروق" ، عمان ١٩٩٠ م. لمزيد من التفاصيل عن فوشيه الشارتري : انظر : السيد الباز العريني : المرجع السابق ، ص ٣٧ ـ ٤٣ جوزيف نسيم يوسف : العرب والروم واللاتين في الحرب الصليبية الأولى ، الطبعة الأولى ، الاسكندرية ١٩٦٣ م ، ص ٧ سعيد البيشاوي : الممتلكات الكنسية ، ص ٣٢ ، هامش ١ سعيد البيشاوي : نابلس ، ص ١٦ ـ ٢٨

Cf. also : Introduction of Fulcher of Chartres, in the English translation, pp. ٣, ٧ ـ ٩.

(٣) دايمبرت البيزي : Daimbert of Pisa ذكره دانيال باسم داجوبيرت وقد كان رئيسا لاساقفة بيزا ، وحضر مع مجموعة من المرافقين إلى ميناء اللاذقيةLaodicea ، وقد اختير بطريركا على بيت المقدس في ديسمبر سنة ١٠٩٩ م / صفر سنة ٤٩٣ ه‍. وقد لعب دورا كبيرا في عزل البطريرك السابق. وحاز دايمبرت على مكانة كبيرة عند الأمير جودفري البويوني ، بسبب ما قدمه من هدايا للأمير. وكان دايمبرت يسعى إلى تبوء منصب بطريرك بيت المقدس من أجل جمع المال أكثر من الاهتمام بشؤون الكنيسة. وقد اعتمد على تأييد بوهيمند النورماندي وبلدوين سيد الرها ، بعد أن قدم لهما الهدايا بنفسه Cf.Albert d\'Aix ,pp ١١٥ ـ ٢١٥ انظر أيضا : سعيد البيشاوي : الممتلكات الكنسية ، ص ١١٠. وقد حاول دايمبرت إقامة حكومة ثيوقراطية ولكنه فشل في ذلك فشلا ذريعا بسبب كثير من الظروف المحيطة. لمزيد من التفصيل عن هذا الموضوع : انظر : سعيد البيشاوي : الممتلكات الكنسية ، ص Cf. Fulcher of Chartres, pp. ٩٣. ٢٣١, ٠٤١ ـ William of Tyre, Vol. ١., p. ٩٩. ١٢١ – ١١١ وقد أشار أحد المؤرخين الحديثين إلى أن دايمبرت كان من المؤيدين المخلصين للبابا اربان الثانيCf. Richard, J., The Latin Kingdom of jerusalem, Vol. ١., p. ٩٩ انظر أيضا : سعيد البيشاوي : نابلس ، ص ٧٠ ، هامش ٢٧٠ سعيد البيشاوي : الممتلكات الكنسية ، ص ٧٠ ـ ٧١ ، هامش ٧ (الترجمة العربية).

(٤) بعد أن عزل دايمبرت من منصب البطريركية ، اتجه إلى مدينة يافا ، حيث قضى بها خريف وشتاء سنة ١١٠١ م ـ ١١٠٢ م. وفي مارس سنة ١١٠٢ م / جمادى الأولى سنة ٤٩٥ ه‍ ، ترك يافا متجها إلى انطاكية ، حيث ـ ـ

٢٨

افريمار (١) إلى روما في نهاية عام ١١٠٦ م ، ولا بد أن يكون أسبوع عيد الفصح الذي صادف وجود دانيال في بيت المقدس عام ١١٠٧ م ، ولا بد أن رحلة الحاج (دانيال) قد حدثت بين عامي ١١٠٦ ـ ١١٠٧ م.

إن المجال الواسع الذي تعالجه روايات دانيال كان أكبر من أي رحلات حج سابقة حيث تتميز بسرد التفاصيل ، وتلقي الضوء على حالة البلاد بعد سنوات (قليلة) من الغزو الفرنجي الصليبي لها ، وتتميز أيضا بالصدق الواضح ، وكل ذلك يكسبها أهمية كبيرة وقيمة متميزة ، ولكن هذه الأهمية لم تتميز بفاعلية كبيرة. وقد تنقل دانيال كثيرا في فلسطين غرب نهر الأردن ، وزار معظم الأماكن التي يلوذ بها المسيحيون ، والأماكن المقدسة ، والأديرة ، وفي كل مكان كان يختار لنفسه افضل المرشدين ، وكان يكتب وصفا دقيقا لكل ما كان يشاهده. وطبقا لما يرويه دانيال في هذه الرحلة (ص : ٧٣) فانه لم يصف شيئا لم يره بأم عينه ويؤيد هذا الاتجاه الدليل المتضمن في رواياته ، حيث إنه إذا لم يستطع زيارة مكان بنفسه ، فانه يعترف صراحة بأنه يعتمد على الآخرين في إعطاء المعلومات عن ذلك المكان. وبشكل عرضي يلقي الراهب الروسي الضوء على الأحوال غير المستقرة في البلاد ، والأخطار التي كان يتعرض لها المسافرون على الطرقات ، في السنوات الأولى لقيام مملكة (بيت المقدس) اللاتينية. وفي اللد (٢) على الطريق من يافا إلى بيت المقدس كان الحجاج يعبرون الطريق ليلا ويعتريهم خوف كبير من غارات المسلمين في عسقلان (٣) ، وعلى التلال المكسوة بالاحراج قرب برك سليمان (٤) ، حيث كان يكمن قطاع الطرق من أهل عسقلان بانتظار المسافرين

__________________

=استقبله الأمير تانكرد بالترحاب والحفاوة البالغة.Cf. Albert d\'Aix, P. ٨٤٥ ـ Runciman, S., A History of the Crusades, Vol. ٢, London ٣٧٩١. p. ٢٨ انظر أيضا : سعيد البيشاوي : الممتلكات الكنسية ، ص ١٢١. (الترجمة العربية)

(١) افريمار شوكس : Evremar or Chocques ذكره دانيال باسم ابريمارEbremar ، وهو احد رجال الدين اللاتين الذين حضروا إلى الأراضي المقدسة مع الحملة الصليبية الأولى ، وكان متقدما في العمر ، وقد حاز ثفة جميع الفرنجة الصليبيين في الأراضي المقدسة بسبب تقواه العميقة ، وشخصيته البسيطة وحياته المستقيمة وكرمه ونبل اخلاقه. وجرى انتخابه بطريركا على بيت المقدس سنة ١١٠٢ م / ٤٩٦ ه‍. وفي سنة ١١٠٧ م / ٥٠١ ه‍ تم عزله عن كرسي البطريركية ، وتعيينه في منصب رئيس أساقفة قيسارية بسبب شغور المنصبCf. William of Tyre, Vol ـ ـ ١, pp. ٢٥٤, ٧٦٤ ـ ٨٦٤ ـ Albert d\'Aix, pp. ٠٩٦ – ٥٩ انظر أيضا : سعيد البيشاوي : الممتلكات الكنسية ، ص ١٢٣ هامش ٢ (الترجمة العربية).

(٢) اللد : من أشهر المدن الفلسطينية ، وهي تقع في الجنوب الشرقي من يافا وعلى بعد ١٣ ميلاد (حوالي ٢٤ كلم) منها. وهي تقع في الشمال الشرقي من الرملة وعلى بعد ثلاثة أميال (نحو خمسة كيلو مترات ونصف) منها. وقد أحرقها الرومان عدة مرات ثم أعادوا بناءها ، وأطلق عليها فسبسيان اسم ديوبوليس Diapolis بمعنى مدينة الاله. انظر : مصطفى مراد الدباغ : بلادنا فلسطين ، ج ٤ ، ق ٢ ، ص ٤٦٥ (الترجمة العربية).

(٣) سعيد البيشاوي : المقاومة الشعبية الفلسطينية ضد الفرنجة الصليبيين ٤٩٢ ـ ٥٨٣ ه‍ / ١٠٩٩ ـ ١١٨٧ م ، مجلة جامعة النجاح للأبحاث ، مجلد ١٥ ، حزيران ٢٠٠١ م ، ص ٣٧١.

(٤) برك سليمان : تقع على بعد عدة أميال جنوب بيت المقدس ، وبالقرب من مدينة بيت لحم ، وقد ورد أن برك سليمان بركتين يطلق عليهما بركتي المرجة. انظر : لي سترانج : فلسطين في العهد الاسلامي ، ص ٧٨.

(الترجمة العربية)

٢٩

من بيت لحم (١) إلى الخليل (٢) ، وكانت الجبال جنوب شرقي بيت لحم تكتظ بقطاع الطرق حتى كان على دانيال وصحبه السفر بحماية رجل من المسلمين له مكانه عالية ، ولم يكن باستطاعة أحد المسير من بيت المقدس إلى بحيرة طبرية (٣) دون حماية مسلحة. وكان المسلمون في منطقة بيسان (٤) يهاجمون المسافرين عند خوضهم الجداول ، كما كانوا يتركون المسيحيين المتجهين من جبل طابور (٥) إلى الناصرة (٦) ، ولم يستطع هؤلاء زيارة لبنان بسبب وجود قطاع الطرق. ونعلم أيضا أن النمور وحمر الوحش كانت تجد لها مأوى في برية بيت المقدس (٧) ، وأن الأسود بأعداد كبيرة كانت تتردد

__________________

(١) مدينة بيت لحم : تقع على بعد ثلاثة أميال من بيت المقدس ، وفيها ولد السيد المسيح عليه السلام ، وقد وصفها الكثير من الرحالة والجغرافيين المسلمين ، وذكروا أن بها كنيسة عظيمة (كنيسة المهد) ، فضلا عن وجود شجرة النخيل التي ورد ذكرها في القرآن الكريم. انظر : لي سترانج : فلسطين في العهد الاسلامي ، ص ٢٤٧ ـ ٢٤٩ ، وقد ذكر ناصر خسرو أن بيت لحم بلد" يقيم بجانبه مجاورون دائما ويحج إليه كثيرون" ويقصده الحجاج من بلاد الروم. انظر : سفرنامة ، ترجمة يحيى الخشاب ، ط ٣ ، دار الكتاب الجديد ، بيروت ١٩٨٣ م ، ص ٧٠ (الترجمة العربية).

(٢) الخليل : تعرف ببيت حبرون وبها قبر إبراهيم واسحق ويعقوب عليهم السلام ونسائهم. انظر : أبو الفداء :

تقويم البلدان ، ص ٢٤١ القلقشندي : صبح الأعشى ، ج ٤ ، القاهرة ١٩١٣ ـ ١٩٢٠ م ، ص ١٠ سعيد البيشاوي : كتاب نابلس ، ص ٥٨ ، هامش ٨٢ (الترجمة العربية).

(٣) بحيرة طبرية : تعرف باسم بحر الجليل ، ويبلغ طول البحيرة ١٢ ميلا طولا وعرضها ما بين ٤ ـ ٧ أميال ، وعمقها نحو ١٦٠ قدما. وتقع على بعد ستين ميلا شمالي بيت المقدس وسبعة وعشرين ميلا شرقي البحر المتوسط. وتقع مدينة طبرية على شاطئ البحيرة الغربي. انظر : أحمد سوسة : العرب واليهود في التاريخ ، الطبعة السادسة ، " العربي للإعلان والنشر" دمشق بدون تاريخ ، ص ٧٧٦ ، وقد ذكرت بحيرة طبرية في التوراة باسم بحر كنروت (يوشع ١٢ : ٣) ، وبحر كنارة (تثنية ٣ : ١٧).

(٤) ذكرها أبو الفداء «إنها مدينة صغيرة بلا أسوار ، ذات بساتين وأنهار وأعين ، وهي على الجانب الغربي من الغور ، وهي كثيرة الخصب». وتبعد بيسان عن نابلس حوالي ٧٦ كيلو مترا. انظر : طوطح وخوري : جغرافية فلسطين ، ص ٧٤ ، سعيد البيشاوي : نابلس ، ص ٦٨ ، هامش ٢٤٦. وقد عرفت بيسان بالاسم اليوناني سكيثوبوليس Scythopolis. جونز : مدن بلاد الشام ، ص ٢٠. (الترجمة العربية)

(٥) جبل طابور : يقع في إقليم الجليل شرقي مدينة الناصرة وعلى بعد أربعة أميال منها ، ويسمى الآن جبل طابور ويشرف على سهل مرج بن عامر ، ويرتفع عن سطح البحر ١٩٣٠ قدم (٥٨٨ مترا) انظر : جورج بوست : قاموس الكتاب المقدس ، ج ١ ، ص ٢٧٦ قسطنطين خمار : موسوعة فلسطين الجغرافية ، ص ١٢. سعيد البيشاوي : نابلس ، ص ٦٩ ، هامش ٢٥١.

Cf. also : John of Wurzburg, Description of the Holy Land, A. D. ٠٦١١ ـ ٠٧١١, trans. by C. W ـ ـ

(الترجمة العربية) William, in P. P. T. S., Vol. V. London ٠٩٨١, pp. ٤ ـ ٥ Benvenisti, M., p ٨٥٣.

(٦) الناصرة : تقع على بعد نحو ٧٠ ميلا (حوالي ١٣٠ كيلومتر) شمال بيت المقدس ، وهي واقعة على بعد ٧٦ كيلو مترا شمال نابلسCf. Antressian, A. The timeless holy land, ٢ nd. ed. Jerusalem ٩٧٩١. p ٣٥

، انظر أيضا : القزويني : آثار البلاد وأخبار العباد ، ص ٢٧٧ سعيد البيشاوي : نابلس ، ص ٦٨ ، هامش ٢٤٦ (الترجمة العربية).

(٧) وردت في النص الإنجليزي كلمةJudaea وربما يقصد الرحالة منطقة أو بلدانية بيت المقدس والخليل والقرى المحيطة بهما ؛ لأن بعض المؤرخين والجغرافيين والباحثين يطلقون اسم Judaea على هاتين المنطقتين.

٣٠

على الأدغال في وادي الأردن ، بينما أشجار النخيل ـ والتي اختفت منذ ذلك الحين ـ كانت مزدهرة في ذلك المناخ شبة الاستوائي في أريحا (١) وبيسان.

وتستمد روايات دانيال مزيدا من الاهتمام ، ليس لان الكاتب في حقيقة الأمر عضو في الكنيسة الروسية (اليونانية) فقط ، ولكن لأنه راهب دير ومن المفترض انه انسان ذو علم وذكاء. وهي مكتوبة أيضا بروح ورعة مؤمنة كما هو متوقع من كاهن يوناني لا يحمل أي عداوة تجاه المذهب اللاتيني السائد. وكان يصحب دانيال في رحلته راهبا ينتمي إلى دير القديس سابا (٢) وكان هذا رجلا مسنا ، ضليعا في الكتب المقدسة ، كما كان ضيفا مكرما لدى العديد من الأديرة اليونانية في مختلف أنحاء البلاد. إن تعاليمه هي تعاليم الكنيسة الشرقية المحلية ، والتي أشار إليها سايولف (٣) وغيره بأنها التعاليم (النواميس) السوريةSyrian. من الواضح أنه كان لديه معرفة جيدة بالعهد القديم (الأناجيل) في أشكالها اليونانية ، وهو يقتبس من of Protevangelium of James ، حيث استمدت عدة تعاليم (نواميس). وكانت العلاقة بين اليونانيين والكنائس اللاتينية في فلسطين تبدو ودية في تلك الفترة ، وقد كان إذعان ملك بيت المقدس لرجال الدين ورهبان القديس سابا جديرا بالملاحظة (٤) وكان اليونانيون مسؤولين عن كنيسة الضريح المقدس (كنيسة القيامة) ، وقد احتفظوا بمفاتيح الضريح المقدس. وكانت المصابيح اليونانية توضع على الضريح نفسه أثناء الاحتفال بشعائر

__________________

(١) أريحا : من أقدم المدن في العالم ذكرها الرحالة والجغرافيون المسلمون بأنها مدينة الجبارين ، وتشتهر بكثرة أشجار النخيل ، ويوجد فيها نبات الوصمة الذي تصنع منه النيلة. انظر : لي سترانج : فلسطين في العهد الاسلامي ، ص ٣١٤. وقد شيدت المدينة قبل ثلاثة آلاف سنة (٣٠٠٠ ق. م) وسميت بريحو وتعني في الكنعانية والآرامية مدينة القمر. وتتميز بموقعها الجغرافي الجميل ، وكانت من الممالك الكنعانية الشهيرة. وهي أول من تعرضت للغزو العبراني ، وورد في كتاب العهد القديم أن يوشع بن نون أمر جماعته بإحراق المدينة وقتل أهلها انظر : يوشع ٦ : ٢١ ـ ٢٤ ابراهيم الشريقي : أورشليم وأرض كنعان (حوار مع أنبياء وملوك اسرائيل) ، شركة الشرق الأوسط للطباعة عمان ١٩٨٥ م ، ص ٦٤. (الترجمة العربية)

(٢) دير القديس سابا : شيد هذا الدير على شرف القديس سابا أحد أتباع السيد المسيح عليه السلام ، وهو من الأديرة الضخمة الجميلة ، وكان يعيش فيه نحو ثلاثمائة راهب يوناني في الفترة الواقعة بين سنتي ١١٠٢ ـ ١١٠٣ م / ٤٩٦ ـ ٤٩٧ ه‍.

Cf. Saewulf\'s Pilgrimage to Jerusalem and the Holy Land, trans. by W. R. Brownlow, London ٩٨٨١, p ١٢

سعيد البيشاوي : الممتلكات الكنسية ، ص ١٤٦ ، هامش ٥. ودير القديس سابا مشهور جدا باسم دير مار سابا وهو واقع بين بيت لحم والبحر الميت. انظر : سعيد البيشاوي : الممتلكات ، ص ١٤٦ ، هامش ٥.

(٣) سايولف : وهو أحد الرحالة الغربيين الذين زاروا الأراضي المقدسة في بداية الغزو الفرنجي الصليبي للمنطقة وعلى وجه التحديد في الفترة الواقعة بين سنتي ١١٠٢ ـ ١١٠٣ م.

(٤) وجد رجال الدين في دير القديس سابا الأرثوذكسي معاملة حسنة من الملك بلدوين الأول ، خاصة وأن هذا الدير كان من أهم الأديرة الأرثوذكسية التي بقيت في فلسطين زمن الغزو الصليبي. انظر سعيد البيشاوي : الممتلكات الكنسية ، صCf. also : Runciman, S., History of the Crusades, Vo. ٢١. ٦٤١ p. ١٢٣ ـ Hamilton, B. The Latin Church in the Crusader States, London ٠٨٩١, p. ٦٦١.

٣١

عيد القيامة ، بينما كانت المصابيح اللاتينية تعلق فوقه. إن وصف هبوط النور المقدس يتفق في كل تفاصيله الجوهرية مع تلك التي بينها فوشيه الشارتري سنة ١١٠١ م ، والذي كان موجودا في المناسبة المشهودة عند ما لم تشعل النار المقدسة المصابيح حتى يوم عيد القيامة. ويصف كلا الكاتبين اللهب بأنه مائل إلى الحمرة ويذكران بأن جميع الموجودين رددوا معا الصيحة اليونانية يا رب ارحمنا (١) ، ويقول دانيال بأن اليونانيين واللاتين قرأوا شعائر يوم السبت في يوم عيد القيامة مع بعضهم البعض ، ويشير فوشيه إلى أن الفرنجة قرأوا أولا كل فصل باللاتينية ، ثم قام اليونانيون بقراءة الفصل نفسه باليونانية. وفي الوصف الفرنجي يقال ان البطريرك فتح باب الضريح ، بينما في الوصف الروسي أحد الأساقفة اللاتين ، وهذا الاختلاف يعزى إلى غياب البطريرك اللاتيني وقت زيارة دانيال (٢).

ويعد دانيال كاتبا مدققا بشكل عام ، ولكنه يقع في أخطاء في بعض الأحيان ، وتأتي بعض أخطائه الكبيرة عن جهل بالعهد القديم ، وهي غير مشرفة بالنسبة إليه أو إلى مرشده الراهب العالم من دير القديس سابا. ويمكن أن تعزى بعض الأخطاء الجغرافية إلى الجهل العام في تلك الفترة ، ومن هذه الأخطاء : موقع كفر ناحوم على ساحل البحر قرب الكرمل (٣) ، وتعريف اللد بأنها الرملة وقيسارية فيليبي (٤) بقيسارية فلسطين (٥) والسامرة بنابلس وباشان ببيسان ، كما أشار إلى أن

__________________

(١) ترد هذه الكلمات في مطلع صلاةKyrie Eleison.

(٢) تم عزل البطريرك افريمار شوكس عن كرسي البطريركية في الاجتماع الذي ترأسه المندوب البابوي جبلين سابران في بيت المقدس في خريف سنة ١١٠٧ م / ٥٠١ ه‍ ؛ وذلك لأن انتخاب افريمار لشغل كرسي البطريركية كان شاذا ولا يتفق مع القانون الكنسي. وقد أصر الملك بلدوين على عزل افريمار عن كرسيه بعد تشاوره مع عدد كثير من رجال الدين وأخذ موافقتهم. وقد فقد افريمار كرسيه بسبب الحقد والكراهية.

Cf. William of Tyre, Vol. ١., pp. ٦٧٤ ـ ٨٧٤ ـ Albert d\'Aix, pp. s ٤٥٦, ٨٥٦ ـ ٩٥٦ ـ de Roziere, Cartulaire du chapiter de saint ـ sepulcre de Jerusalem, Paris ٩٤٨١, Doc. No. ٠١, p. ٨. Rohricht R., Regest, Regni Hierosdimitani, Innsbruk ٣٩٨١, Doc. No. ٠٥. p. ٠١. انظر أيضا : سعيد البيشاوي : الممتلكات الكنسية ، ص ١٢٤ ـ ١٢٥. يتضح من سير الأحداث أن كرسي البطريركية في بيت المقدس قد أصبح شاغرا من خريف ١١٠٧ م. وهذا يعني أن الاحتفال بأسبوع عيد القيامة كان في الشتاء. مما يؤكد ما أورده دانيال بالنسبة لعدم وجود بطريرك لاتيني خلال تلك الفترة.

(٣) سيرد الكلام عنه في مكان آخر.

(٤) قيسارية فيليبي : تقع عند منابع نهر الأردن ، تأسست في السنة الثانية قبل الميلاد ، وقد أصدرت عملة تحمل تاريخ تأسيسها ، وكان سكانها في غالبيتهم وثنيين مع أنه كان يقطنها عدد كبير من اليهود ، وقد كان لها منذ بداية تأسيسها مقاطعة واسعة. انظر : جونز : مدن بلاد الشام ، ص ١٠٤.

(٥) قيسارية فلسطين : هي إحدى أجمل المدن الفلسطينية ، عرفت منذ القدم باسم مدينة دورDor ، كما عرفت باسم برج ستراتو ، وقام الحاكم هيرودس بإعادة بنائها وسماها قيسارية ، وتبعد عن عكا ٢١ ميلا (سبعة فراسخ) وعن قلعة الحجاج ١٥ ميلا (خمسة فراسخ). وتشتهر قيسارية بأرضها الخصبة ومياهها الغزيرة ، وحاصلاتها الوافرة ، وخاصة النخيل والنارنج والحمضيات. وقد شيدت حولها الأسوار الحصينة لحمايتها ، وكان لها باب حديدي. ومسجدها الجامع جميل ، حيث يقع في أحسن بقعة من المدينة ، وقد دمرت المدينة على يد الظاهر بيبرس سنة ٦٦٣ ه‍ / ١١٦٥ م ، ولم يبق منها سوى آثار. انظر : المقدسي البشاري ، أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم ، ص ١٧٤ ناصر خسرو : سفرنامة ، ص ٥٤ لي سترانج : فلسطين في العهد الإسلامي ، ص ٤٤٧ ـ ٤٤٨ جونز : مدن بلاد الشام ، ص ١٢ ، ١٤ ، ١٥ ، ٦٠Cf.also : Burchard of mount Sion.

٣٢

الديكابوليس (١) كانت مدينة ، إلى جانب أخطاء أخرى عن تلك الفترة. وعلى سبيل المثال فإن الوصف الغريب للمعركة التي وقعت قرب أريحا ، التي حدث خلالها أن توقفت الشمس ثابتة بينما كان يوشع يغزو عوج ملك باشان ، والبيان فيما يتعلق بهذه الأحداث يقول بأنها حدثت في بيسان ، والطريقة التي حدث فيها خلط في إنجيل مرقس في الاصحاح الأول بين الفقرات ١٦ ـ ١٨ و ١٩ ـ ٢٠ من الاصحاح نفسه. ولا يمكن الاعتماد كثيرا على المسافات والأبعاد المعطاة فقط. إن تصاميم خطوط الرحلات الرومانية القديمة لم تعد تستعمل ، فكانت المسافة تقريبية فقط. أما الأخيرة فهي خاطئة في معظم الحالات ، إما بسبب تلف النصوص (المخطوطات) أو لأنها نقلت على عجل من معلومات ناقصة. وكان دانيال عند إعطاء اتجاه مكان كثيرا ما يلجأ إلى الانقلاب الشمسي في الشتاء أو الانقلاب الصيفي للشمس الذي يبدو مثل تذكر الأيام الخوالي ، عند ما كانت الحجارة المؤشرة توضع لتبين انحراف الشمس شمالا أو جنوبا ، وقد أبدى ارتياحا عاما بدأت نقطة شروق الشمس تعود باتجاه الشمال.

ويبدأ دانيال بتخطيط رحلته من القسطنطينية ، حيث بدأ رحلته بحرا إلى يافا ، وزار في طريقه (مدينة) أفسوس ، وجزيرة قبرص ، والعديد من الأماكن الأخرى ، ويبدو أن رحلته كانت مليئة بالأحداث ، وهو يفصّل حديثه بعناية عن الأماكن التي دفن بها القديسون والرجال المبجلون ، ويذكر" الغبار الطاهر" الذي يرتفع كل عام من ضريح القديس يوحنا ، والصليب المعلق في الهواء فوق جبل ترودوس Troodos في قبرص ويصف الطريقة التي تجمع بها الميعة (٢) Storax على جبل ليسياLycia. ومن يافا سافر عبر اللد التي وجدها مهجورة ، إلى منطقة النبي صموئيل (٣) المعروفة

__________________

(١) سيرد الكلام عن الديكابوليس في مكان آخر ، وذلك أعم للفائدة ، وتمشيا مع وصف دانيال لهذا الموقع.

(٢) انظر الملحق الخامس من هذه الدراسة.

(٣) هذا آخر قضاة بني اسرائيل ، ولما رأى قومه قد ابتعدوا عن عبادة الله وإطاعة أوامره ، وارتكابهم للفواحش. عمل جاهدا من أجل إعادتهم لعبادة الله وإصلاح ما أعوج من اخلاقهم. وكلمة صموئيل هي تحريف ل" صموئيل" وقد ذكر مصطفى الدباغ أنها كلمة عبرانية بمعنى اسمه الله. أو اسمه إيل انظر : بلادنا فلسطين : ج ٨ ، ق ٢ ، ص ٩٢ ـ ٩٣ لا نعتقد في أن كلمة صموئيل ذات أصل عبري ، لأن كلمة إيل هي كلمة عربية بمعنى الاله أو الرب ، وقد استخدمت منذ أقدم العصور في بلاد اليمن ، وكذلك عند العرب الكنعانيين في فلسطين. ومن المحتمل أن العبريين استخدموا الكلمة بالمفهوم العربي نفسه ، أما فيما يتعلق بمنطقة النبي صموئيل فهي تقع في الشمال الغربي من بيت المقدس. وقد شيدت قرية في المنطقة تحمل اسم قرية النبي صموئيل وتم بناؤها على قمة جبل يرتفع عن سطح البحر بحوالي ٨٨٥ متر. ويشير بعض الباحثين إلى أن القرية بنيت في موقع بلدة مصفاة الكنعانية. ويشتمل موقع النبي صموئيل على مجموعة من الآثار منها : حظيرة محصنة ، خزان منقور في الصخر ، صهاريج ، أساسات مدافن ، فضلا عن جامع كان في الأصل كنيسة صليبية. انظر : مصطفى مراد الدباغ : بلادنا فلسطين ، ج ٨ ، ق ٢ ، ص ٩٢ ـ ٩٣. أما الجبل الذي شيدت عليه القرية فيحمل أيضا اسم جبل النبي صموئيل ، ويعتبر من أعلى القمم الموجودة قرب بيت المقدس. وقد أطلق عليه الفرنجة الصليبيون اسم Mont Joie بمعنى جبل الابتهاج أو جبل السرور والبهجة ، حيث تراءت لهم لأول مرة بيت المقدس بأسوارها وأبراجها العالية سنة ١٠٩٩ م. انظر : مصطفى مراد الدباغ : بلادنا فلسطين ، ج ٨ ، ق ٢ ، ط ١ ، بيروت" دار الطليعة" ١٩٧٤ ، ص ١٤.

٣٣

باسم رماثيام زوفيم Ramathaim Zophim ثم إلى بيت المقدس ، وعلى حافة جبل سكوبس (١) المطل على المدينة المقدسة ، نزل دانيال لكي يصلي ، ثم بنفس تملأها البهجة سار على قدميه أمام الكنيسة وضريح القديس ستيفن (٢) ثم توجه إلى بوابة يافا حيث يمر تحت ظلال الحصن جميع المسافرين داخلين إلى بيت المقدس أثناء حكم الفرنجة.

واتخذ الراهب مكانا لاقامته في ميتوكيا ، أو «بيت حجاج» القديس سابا ، قرب برج داود ، والذي كان محتلا في ذلك الوقت من قبل الكهنة اليونانيين الذين فروا من مجزرة بدير القديس سابا ، والمعروف الآن باسم مارسابا. وبرفقة راهب من هذا الدير قام دانيال بزيارة الأماكن المقدسة وهو يصف هذه الأماكن بصورة أوسع مما فعله سايولف الذي زار بيت المقدس قبل دانيال بأربع أو خمس سنوات. ويذكر دانيال هنا بعض الأماكن المقدسة الصغيرة مثل قبر إرميا ومنزل أوريا ومجمع يهوذا وبولس والتي لم يتم ملاحظتها من قبل الحجاج الانجلوسكسون. إن وصفه لكنيسة القيامة والضريح المقدس ومجموعة الأماكن المقدسة حوله تمت مناقشتها في الملحق رقم ٢ ، بأن كنيسة قدس الأقداس الآن هي قبة الصخرة جديرة بالملاحظة حيث إن البناء كان من عمل أحد رؤساء المسلمين والذي يدعى عمرAmor ) ومن الواضح أن ذلك تحريف لاسم عمر فاتح بيت المقدس. وتدور الأساطير حول ضريح العذراء في وادي قدرون (٤) وكنيسة جبل

__________________

(١) جبل سكوبس يرتفع عن سطح البحر نحو ثلاثة آلاف قدم ، وهو يقع شمال بيت المقدس بانحراف قليل إلى الشرق ، وعلى بعد ميل (نحو ١٨٤٨ م) عنها. وفي شرقه تقع قرية العيسوية. ويعرف هذا الجبل بعدة أسماء منها «جبل المشارف» ، «وجبل الصوانة» و «جبل المشهد». وكلمة سكوبس Scopus يونانية الأصل بمعنى ملاحظ أو مشاهد. والبعض يشير إلى أن المؤرخ اليهودي يوسيفوس هو الذي أطلق هذا الاسم على الجبل نسبة إلى قائد كان اسمه سكوبس. انظر : مصطفى مراد الدباغ : بلادنا فلسطين ، ج ٨ ، ق ٢ ، ص ١٥. (الترجمة العربية)

(٢) سيرد الحديث عنه في مكان آخر من هذه الدراسة.

(٣) عمر بن الخطاب : هو ثاني الخلفاء الراشدين ، قام بفتح بيت المقدس سنة ٦٣٥ م / ١٤ ه‍. وحسب الأحاديث المتواترة أقام عمر مسجدا (من المحتمل أن يكون من الخشب في بيت المقدس ٦٣٥ م / ١٤ ه‍. ويمكن القول أن عبد الله بن مروان أعاد بناء المسجد الذي استغرق العمل فيه من سنة ٦٨٥ ـ ٦٩١ م / ٦٥ ـ ٧٢ ه‍. أي ان العمل في بناء المسجد استغرق سبع سنوات. وقد اكتمل بناء هذا الصرح الاسلامي بأيدي صناع ماهرين اختيروا من مختلف الأمصار والولايات الاسلامية. وجاء بناء القبة من احسن وأروع البناء ، فزينت جدرانها وسقفها بالفسيفساء والجواهر. وصبت أبواب المسجد بصفائح من الذهب. وفي الداخل وضعت قناديل من الذهب والفضة. انظر : لي سترنج : فلسطين في العهد الاسلامي ، ص ١٠١ ـ ١٠٢ ابراهيم الشريقي : أورشليم وأرض كنعان ، " شركة الشرق الأوسط للطباعة" عمان ١٩٨٥ م ، ص ١٩٠.

وقد أشار الرحالة الفرنسي آركولف في حديثه عن بيت المقدس أن العرب شيدوا مسجدا غير حسن البناء وأن هذا المسجد مقام على دعائم خشبية ، وأنه أقيم في بقايا خربة ، وأنه يتسع لثلاثة آلاف في وقت واحد. انظر أيضا : محمود سعيد عمران : المرجع السابق ، ص ٣٢١.Cf.Arculfus ,P.٥

(٤) وادي قدرون : هو أحد أودية بيت المقدس العميقة ، ويمتد شرقي بيت المقدس بين جبل الزيتون شرقا وجبل موريا غربا ، وقد أطلق عليه المؤرخون في العصور الوسطى اسم وادي جهنم Jehenam ، ويعتبر جزءا من وادي قدرون ، ويعرف بعدة أسماء منها : «وادي جهنم» ، «وادي الدموع» ، «وادي النار» ، «وادي سلوان» ، «وادي يهوشافاط» وقد أطلق عليه اليهود اسم وادي بن هنوم Ben Hinnom.

Cf. William of Tyre, Vol. ١, p. ١٤٣ ـ Zevi ـ lang, Benh Hinnom lengeds of Jerusalem, U. S. A. ٥٧٩١, pp. ٦١٢ ـ ٢٦٢.

انظر أيضا : لي سترانج : فلسطين في العهد الاسلامي ، ص ١٩٠ ـ ١٩٢ مصطفى مراد ـ ـ

٣٤

صهيون (١) والذي يعتقد بأنه كان للقديس يوحنا وهذه الأساطير تفصل بشكل مطول وهي تحمل إيضاحات هامة عن نوع المعلومات المعطاة من قبل مرشدي بيت المقدس في الحقبة الأولى من القرن الثاني عشر الميلادي للحجاج التابعين للكنيسة الشرقية.

ومن بيت المقدس قام دانيال برحلتين : الأولى إلى نهر الأردن والبحر الميت والتي زار أثناءها اريحا والأديرة اليونانية في وادي الأردن وفي برية بيت المقدس ، والرحلة الثانية كانت إلى بيت لحم ، والخليل ، حيث لم يكن الفرنجة الصليبيون قد شيدوا كنيستهم بعد ، وزار أيضا دير القديس شاريتون Chariton ، وبعد عودته من الخليل إلى بيت المقدس حصل على إذن من الملك بلدوين الأول بأن يرافق القوات التي كانت على وشك الزحف على دمشق تحت قيادة الملك نفسه. وكان الطريق الذي سلكته هذه القوات يمر بالبيرة (٢) ، اللبن (٣) ، نابلس

__________________

الدباغ : بلادنا فلسطين ، ج ٨ ، ق ٢ ، ص ١٥ ـ ١٧. سعيد البيشاوي : الممتلكات الكنسية ، ص ١٣ ، هامش ٤ ، سعيد البيشاوي : كتاب نابلس ، ص ٩٥ ، هامش ٣٦. وذكر بورشارد من دير جبل صهيون أن هذا الوادي يعتبر من الأودية العميقة ، وهو يمر بالجانب الشرقي من بيت المقدس عند سفح جبل الزيتونCf. A description of the holy land, A. D. ٠٨٢١, tr. From the original latin by Aubrey Stewart.

(الترجمة العربية) London ,٦٩٨١ ,pp ١٧ ـ ٢٧

(١) جبل صهيون : يقع جنوب شرق بيت المقدس ، وقد أقيمت عليه كنيسة تحمل الاسم نفسه. انظر : ياقوت الحموي : معجم البلدان ، ج ٣ ، ص ٤٣٦ سعيد البيشاوي : الممتلكات الكنسية ، ص ١١٤ ، هامش (١)

Cf. Also : antressian, A., The Timeless Holy land, ٢ nd. Ed. Jerusalem ٩٧٩١, p. ٢٧

(الترجمة العربية).

(٢) البيرة : بلدة قديمة تعود بتاريخها إلى العرب الكنعانيين وقد عرفت باسم بيرون وفي العهد الروماني حملت اسم Berea. انظر : مصطفى مراد الدباغ : بلادنا فلسطين ، ج ٨ ، ق ٢ ، ص ٢٥٦ ـ ٢٥٧ ، محمد سلامة النحال : فلسطين أرض وتاريخ ، ط ١ ، دار الجليل للنشر ، عمان ١٩٨٤ م ، ص ١٢٧. وتقع البيرة على بعد ستة عشر كيلو مترا شمال بيت المقدس ، على الطريق المؤدي إلى نابلس ، وتحتل القرية سهلا واسعا وتربتها خصبة ومناطقها المجاورة مليئة بالينابيع :Cf. Benvenisti, M., P. ٢٣٢ ـ Pringle, D. Magna Mahumeria al Birah (, Archaeology. of Frankish New town in Palestine, Cf. Crusade and settlement, p. ٧٤١.

وقام الفرنجة الصليبيون بإنشاء مستوطنة مكان قرية البيرة عرفت باسم Magna Mahumeria أي منطقة التعبد الكبرى أو «المنبر الأكبر» ، وقد أقيمت هذه المستوطنة بوساطة رجال الدين الغربيين. انظر : سعيد البيشاوي : الممتلكات الكنسية ، ص ٢٨٢ ـ ٢٨٨ سعيد البيشاوي : كتاب نابلس ، ص ٩٩ ، هامش ٨٢. وتجدر الإشارة إلى أنه يوجد قرية أخرى تحمل اسم البيرة وتقع شمال مدينة بيسان بالقرب من قلعة كوكب الهوا. وأشار أبو الفداء إلى وجود مدينة تحمل اسم البيرة ، وتقع ضمن جند قسرين ، ووصفها بأنها" قلعة حصينة على الفرات في البر الشرقي ، ولها وادي يعرف بوادي الزيتون به أشجار وأعين ، وهي بلدة ذات سوق وعمل. انظر : تقويم البلدان ، نشره رينو وديسلان ، باريس ١٨٤٠ م ، ص ٢٦٩. كذلك توجد مدينة شهيرة في بلاد الأندلس تحمل اسم البيرة.

(٣) اللبن : يحتمل أن كلمة اللبن مأخوذة من الجذر لبن مما يرمز إلى البياض ، وربما تكون الكلمة من لبانونا السريانية بمعنى (صنع اللبن) ومن المرجح أن المقصود هنا قرية اللبن الشرقي الواقعة جنوب نابلس وعلى بعد ٢٢ كيلو مترا منها. وقد حملت اسم اللبن الشرقي تمييزا لها عن قرية اللبن من أعمال الرملة. وقرية اللبن الشرقي تشتهر بزراعة الحبوب والقطاني ، وكميات قليلة من الخضار إلى جانب زراعة الأشجار المثمرة مثل أشجار الزيتون والتين واللوز وأشجار الفواكه المختلفة. ويحيط بأراضي قرية اللبن الشرقي أراضي قرية الساوية واسكاكة وسلفيت وعمورية وسنجل وعبوين. انظر : مصطفى مراد الدباغ : بلادنا فلسطين ، ج ٢ ، ق ٢ ، ط ١ ، بيروت ١٩٧٠ م. ص ٥١٨ ـ ٥١٩ (الترجمة العربية).

٣٥

وتياسير (١) ثم إلى بيسان حيث جرت بعض الأحداث المتعلقة بحياة المسيح مثل شفاء الضريرين. ومن بيسان زحف الجيش إلى جسرين قرب منابع نهر الأردن ، وكما يقول دانيال كان هناك جدولين هما جورJor ودان Dan ، وكانا يتدفقان من بحيرة طبرية. ويبدو أن الجسور كانت قريبة إلى نقطة حيث يبتعد النهر عن البحيرة والتي بالإمكان رؤية آثارها ، وتعرف اليوم بجسر السد (٢) ، وتحت ملتقى الجدولين جور ودان بقليل واللذان كانا يجريان من البحيرة إلى خارجها تكونت جزيرة أكرك Kerak والموقع الآخر المعروف للجسر هو جسر المجامع (٣) ، بمسافة قصيرة أسفل النهر ، وفي تلك الحالة يجب أن نفترض بأن الجدولين المذكورين لا بد وأنهما الأردن واليرموك (٤). وعند ما عبر بلدوين (الأول) نهر الأردن ، ذهب دانيال إلى طبرية ، وأمضى عشرة أيام في زيارة الأماكن المقدسة على حدود بحر الجليل. ويبدو أنه لم يكن قادرا على الابتعاد من جوار البحيرة ، ولكنه كان قادرا فقط على رؤية ضواحي بحيرة الحولة التي يعرفها بأنها بحيرة جينساريت (٥) من بعد. وطبقا لما

__________________

(١) تياسير : هي إحدى القرى الفلسطينية القديمة ، ويرجح أنها شيدت في المكان نفسه الذي كانت تقوم عليه قرية" أشير" بمعنى" سعيد أو مسرور" الكنعانية وفي العهد الروماني عرفت باسم اسيرAser. وقرية تياسير تقع في الشمال الشرقي من طوباس ، وعلى بعد ثلاثة كيلو مترات ونصف منها. وترتفع القرية عن سطح البحر نحو ثلاثمائة متر ، ويقطنها في الوقت الحالي نحو سبعمائة نسمة معظمهم من المسلمين مع وجود أقلية مسيحية ، ويوجد في القرية مبنى كبير تابع للبطريركية اليونانية الأرثوذكسية. انظر : مصطفى مراد الدباغ : بلادنا فلسطين ، ج ٢ ، ق ٢ ، ص ٤٥٩ (الترجمة العربية).

(٢) جسر السد : Jiser es sidd من المرجح أن يكون هذا الجسر هو الذي بني من الحجارة على عرض نهر الأردن لحجز الماء في المجرى. انظر : المقدسي البشاري ، أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم ، ص ١٦٠ ـ ١٦١. (الترجمة العربية).

(٣) جسر المجامع : يقع على مسافة ٢١ كيلومترا جنوبي مدينة طبرية. انظر : محمد سلامة النحال ، فلسطين أرض وتاريخ ، ص ٣٥. (الترجمة العربية)

(٤) نهر اليرموك : يبلغ طوله ٥٧ كيلو مترا منها ١٧ كيلو مترا في فلسطين كما يبلغ معدل تصريفه ١٥ مترا مكعبا في الثانية. انظر : محمد سلامة النحال : المرجع السابق ، ص ٥٤. (الترجمة العربية)

(٥) بحيرة جينساريت : اطلق دانيال الراهب هذا الاسم على بحيرة الحولة التي عرفت بعدة أسماء منها : بحيرة قدس ، نسبة إلى قدس الواقعة على المرتفعات الغربية منها ، كذلك عرفت باسم بحيرة بانياس نسبة إلى مدينة بانياس الواقعة إلى الشمال قليلا من البحيرة. كذلك عرفت باسم بحيرة سماخونتس (بحيرة سمخ) انظر : جونز : مدن بلاد الشام ، ص ١٠٤. وقد ذكرها الكتاب المقدس باسم بحيرة ميروم. انظر : لي سترانج : فلسطين في العهد الاسلامي ، ص ٨١ ووصفها المقدسي بأنها" بحيرة صغيرة تقع على بعد ساعة من قدس تجري مياهها نحو بحيرة طبرية. ولتكوين البحيرة بني سد من الحجارة على عرض النهر يحجز الماء في المجرى. وتوجد على شواطئها غابات قصب الحلفى الذي هو مورد رزق سكان المنطقة الذين يعملون من هذا النبات الحصير والجدال. انظر : المقدسي البشاري ، أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم ، ص ١٦٠ ـ ١٦١ انظر أيضا : لي سترانج : فلسطين في العهد الاسلامي ، ص ٨١. وقد ذكرها الرحالة الالماني بورشارد من دير جبل صهيون Burchard of Mount Sion باسم بحيرة ميروم ووصفها بأنها تتحول إلى بحيرة في وقت ذوبان الجليد على جبال لبنان ، وعند ما تجف المياه في فصل الصيف تنمو الشجيرات والحشائش الكثيفة مكانها ، كما أنه يحدد موقعها بأنها في منتصف الطريق بين بانياس وبحيرة طبرية. وتجدر الإشارة إلى أن الصهاينة قاموا بتجفيف مياه هذه البحيرة في النصف الثاني من القرن العشرين ، من أجل تنفيذ أطماعهم في المنطقة وإقامة المستوطنات الصهيونية والمستعمرات الزراعية وكل ذلك من شأنه تغيير معالم السطح في فلسطين.

Cf. A description of the Holy Land, trans. by Aubrey Stewart, London ٦٩٨١, pp. ٣٢ ـ ٤٢

انظر أيضا : علي السيد إمارة الجليل تحت حكم اللاتين ودورها السياسي في الصراع الصليبي الاسلامي في منطقة الشرق الأدنى الاسلامي ، رسالة ماجستير غير مطبوعة ، الاسكندرية ، ١٩٨٨ م ، ص ٥٠.

٣٦

يقوله الراهب دانيال فإن نهر الأردن يبدأ عند خروجه من بحيرة طبرية ، ويلاحظ بأن جزءا منه فوق البحيرة مجرد نهر كبير يتدفق من بحيرة جينساريت ، وانطلق دانيال من طبرية إلى جبل طابور ، حيث سمع أساطير تتعلق بمغارة ملكي صادق (١) ، والناصرة حيث أسس اللاتين أنفسهم بشكل ثابت ، ثم زار قانا الجليل وعكا ، وبعد أن استقر أربعة أيام ارتحل جنوبا إلى حيفا ، وقيسارية ونابلس ثم إلى بيت إيل ، فبيت المقدس.

وبعد مشاهدته لشعائر نزول" النور المقدس" في كنيسة الضريح المقدس في يوم عيد القيامة الموافق السبت عام ١١٠٧ م. انطلق الحاج الروسي دانيال في رحلة العودة إلى وطنه. وسافر عبر دير الصليب (٢) ، وعين كارم (٣) موطن زكريا ، ومكان ميلاد يوحنا المعمدان (٤) ، ثم إلى عمواس ، ثم إلى يافا ، ومن ثم إلى أرسوف وقيسارية وحيفا ، ثم إلى صور وصيدا ، ثم إلى بيروت ومن غير المؤكد انطلاقه من بيروت فالسويدية ، فميناء انطاكية ، ولكن في كلا الحالين فإنه سار بالقرب من الساحل ، وبعد أن سلب من قبل القراصنة ، انطلق مبتعدا عن ساحل ليسيا قرب باتارا (٥) ، وفي النهاية وصل القسطنطينية بسلام.

__________________

(١) ملكي صادق : هو اسم كنعاني بمعنى ملك البر ـ وسيد العدل ـ ويطلق هذا الاسم على أحد الملوك الكنعانيين الذين حكموا مدينة بيت المقدس (يبوس) وكان ملكي صادق من الموحدين ، كما كان صديقا لسيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام. انظر : مصطفى مراد الدباغ : بلادنا فلسطين ، ج ٩ ، ق ٢ ، ص ٢٥ ـ ٢٦.

(٢) دير الصليب : أنشأ الفرنجة الصليبيون هذا الدير في القرن الحادي عشر الميلادي في المنطقة الواقعة بين بيت المقدس وعين كارم وقد ألحقت بالدير كنيسة حملت اسم كنيسة الصليب المقدس ، بينما حمل الدير اسم دير الصليب. ويرجح أنه تم تشييد المبنى في بداية الغزو الفرنجي الصليبي للأراضي المقدسة. انظر : مصطفى مراد الدباغ : بلادنا فلسطين ، ج ٨ ، ق ٢ ، ص ٥٩.

(٣) عين كارم : تقع على بعد سبعة كيلو مترات جنوب غرب بيت المقدس. وهناك إشارة في بعض الكتب إلى أن قرية عين كارم هي موطن النبي زكريا (عليه السلام) والمكان الذي ولد فيه النبي يحيى (عليه السلام). وعين كارم من قرى فلسطين المشهورة بجمالها وحسنها ، فهي محاطة بجمال الطبيعة الخلاب ؛ بسبب ما تحتويه أراضيها من الينابيع والبساتين المزروعة بأشجار الزيتون والكرمة ومجموعة أخرى من الأشجار المثمرة. انظر : مصطفى مراد الدباغ : بلادنا فلسطين ، ج ٨ ، ق ٢ ، ص ١٥٧. (الترجمة العربية)

(٤) يوحنا المعمدان : هو سيدنا يحيى عليه السلام ، ويروى أنه ولد في إحدى المغاور الواقعة في منطقة عين كارم ، وقد أقام المسيحيون كنيسة في المكان الذي ولد فيه يحيى عليه السلام ، وعرفت هذه الكنيسة باسم كنيسة القديس يوحنا وقام الفرنجة الصليبيون بتجديدها أثناء غزوهم للأراضي المقدسة ، وأعاد الفرنسيسكان بناءها مرة أخرى سنة ١٦٧٤ م. انظر : مصطفى مراد الدباغ : بلادنا فلسطين ، ج ٨ ، ق ٢ ، ص ١٥٩ (الترجمة العربية).

(٥) باترا أو باتاراPatara : إحدى مدن آسيا الصغرى ، وهي تقع على بعد خمسين ميلا (حوالي ٩٢ كيلو مترا) غرب جزيرة رودوس ، وعلى شاطئ آسيا الصغرى. وقد اشتهرت باترا بهيكلها المفرز لإله الشمس ، واليه كان يحج آلاف من الناس لمعرفة ما تبطنه لهم الأيام في المستقبل وما يخفيه الزمان في طياته من أحداث. انظر : حبيب سعيد : سيرة بولس الرسول ، ط ٣ ، «دار التأليف والنشر للكنيسة الأسقفية بالتعاون مع دار الثقافة المصرية» القاهرة ١٩٨٧ م ، ص ١٧٠ (الترجمة العربية).

٣٧

وأشهر طبعات رواية (رحلة) دانيال (١) السابقة هي :

١ ـ الترجمة الفرنسية من النص الروسي لصاحبها. دي نوروف.M.de Norov التي أثبتت وأكدت بوساطة المترجم نفسه ، وتمت طباعتها في سان بطرسبورغ سنة ١٨٦٤ م (٢).

٢ ـ الترجمة اليونانية لصاحبها الراهب إبيفانيوس Epiphanius وقد طبعت في بطرسبورغ سنة ١٨٦٧ م.

٣ ـ الترجمة الألمانية لصاحبها السيد ليسكين Leskien وتمت طباعتها سنة ١٨٨٤ م (٣). وقد أصدرتها الجمعية الألمانية لأبحاث فلسطين في الجزء الخامس في سنة ١٨٨٤ م على مدى الصفحات ١٧ ـ ٦٤.

٤ ـ الطبعة الجديدة للنص الروسي ، طبعتها الجمعية الروسية الفلسطينية ، ونشرها م. أر. فينفيتنوف M.R Venevitinov من المخطوطة التي ترجع إلى سنة ١٤٩٦ م (٤) والتي توجد في المكتبة الإمبراطورية في سان بطرسبورغ والتي قورنت مع متن اثنتي عشرة مخطوطة كاملة.

٥ ـ الترجمة الفرنسية للنص والذي أثبتها م. أر فينفيتنوف والذي نفذتها مدام صوفيا خيتروMadme Sophie de Khitrow ) لصالح جمعية الشرق اللاتيني.

والطبعة الانجليزية هي الطبعة الأولى في هذه البلاد ، وقد ترجمت عن الترجمة الفرنسية التي نفذتها مدام صوفيا خيترو والتي قام الملازم (لفتنانت) كلودكوندرC.R. بوضعها بكل لطف في ترتيب الجمعية الفلسطينية لنصوص الحجاج P.P.T.S. وفي أثناء إعداد النسخة الإنجليزية أعتبره ضروريا بأية حال ، ملاحظة الاختلافات في النسخة الفرنسية.M.K والموجودة في الترجمة الفرنسية.U.N الترجمة الألمانيةH.L.

وفي الختام يتوجب عليّ التأكيد على شكري العظيم للسيدة دوخيتروKhitrow M.De لتفصلها بتزويدي بالعديد من النقاط التفصيلية الخاصة بدانيال التي قمت بجمعها آنفا. وفي تصدير التوضيحات لبعض الصفحات المثيرة للشك في الرواية.

__________________

(١) عن أشهر طبعات رحلة الحاج الروسي دانيال الراهب وأهم الدراسات والترجمات الخاصة بها انظر :

Tobler, Bibliographica Palaestinae Leipzeq ٧٦٨١, P. ٤.

(٢)Pelerinage en Terre sainte de ١ igoumene Russe Daniel au commencement du xii me. siecle. Traduit par a. de Norov, St. Petersbourg, ٤٨٨١. The Russian test with the French translation.

(٣)Die Pilgerrf russischen Abres Daniel ins beilige land ٣١١١ ـ ٥١. Aus dein Russischen ubersetzt von A. leskien in leoprig. in Z. D. P. V. Vil. ٧١ ـ ٤٦ .

(٤)In the Imperial Library at St. Petersburg, XVII. Q. No. ٨٨.

(٥) صدر عمل مدام صوفيا خيترو في كتاب عن رحلات الحاج الروسية في الشرق ، المجلد الأول ، جنيف

١٨٨٩ مDe Khitrow, Itineriars Russes eu Orient, Geneva ٩٨٨١ ـ ـ

٣٨

رحلة الحاج الروسي الراهب دانيال في الأراضي المقدسة حوالي ١١٠٦ ـ ١١٠٧ م

Pilgrimage of the Russian Abbot Daniel in the Holy Land ٦٠١١ ـ ٧٠١١

أنا الراهب الروسي دانيال غير الجدير والأقل مكانة بين الرهبان ، والمضطرب بسبب كثرة المعاصي وقلة الأعمال الصالحة ، سيطرت عليّ الأفكار ، ثم الحنين المتعطش لرؤية مدينة القدس وأرض الميعاد. وبفضل من الله وصلت إلى مدينة بيت المقدس الطاهرة (١) ، ورأيت الأماكن المقدسة ، وقمت بزيارة معظم المناطق في الجليل ، وجميع الأماكن المقدسة حول بيت المقدس ، التي جاسها السيد المسيح بقدميه ، وحيث ظهرت عليه المعجزات المدهشة.

لقد شاهدت كل هذه الأماكن بعيني الآثمتين ، والله برحمته قدر لي أن أرى كل ذلك بعد أن انتابني شوق عظيم لسنوات عديدة. إخواني ، آبائي ، أسيادي اغفروا لي خطاياي ، واصفحوا عن جهلي وعن البساطة التي سوف أقدم بها وصفا عن مدينة بيت المقدس الطاهرة ، وتلك الأرض المباركة ، وعن الطريق التي تؤدي إلى الأماكن المقدسة. إن الشخص الذي ينجز هذه الرحلة بتواضع ، وخشية من الله لن يأثم أبدا أمام الرحمة الإلهية ، بينما سلكت ذلك الطريق المقدس عن غير جدارة ، وبكل ضعف وتكاسل ، وبدون تمنع وهبت نفسي لارتكاب كل الرذائل. ولكني آمل أن رحمة الرب ودعواتكم لي أن تمنحني عفو الرب المسيح عن خطاياي الكثيرة ، لقد وصفت تلك الطريق والأماكن المقدسة بدون فخر أو اعتزاز بشيء ما ، كالحصول على مكافئة أو تقدير. هذا التفكير في حقيقة الأمر بعيد عني ، لأنني لم اعمل شيئا صالحا أثناء رحلتي ، وإني أكتب عن مشاهداتي بدافع حبي لتلك الأماكن المقدسة ، وحتى يتسنى لي أن أتذكر كل ما سمح الله لي برؤيته بالرغم من عدم جدارتي ، وخشية من أن أكون ذلك العبد الفاسد الذي يدفن الموهبة التي منحها له مولاه. قمت بالكتابة من اجل المؤمنين ليتسنى لهم عند سماع وصف هذه الأماكن المقدسة ، أن ينتقلوا إليها ذهنيا من أعماق أرواحهم ، وهكذا يكسبون من الله الثواب نفسه الذي حصل عليه من زاروا تلك الأماكن (٢).

__________________

(١) في إحدى المخطوطات لم يرد ذكر مدينة بيت المقدس وإنما أرض الميعاد.

Cf. Floristchensk) Monas Terede (, government de Jadimir, No. ٩٤١) xve ـ xvie s., pap (

(الترجمة الإنجليزية) وأشارت مخطوطة أخرى إلى مقاطعة الأردن بدلا من مدينة بيت المقدس.

(الترجمة الإنجليزية)Cf. Moscou, Musee Roumiantzev, no. ٥٣٣ xve ـ xvie s., pap

(٢) يحث الرحالة الروسي دانيال جميع المسيحيين على زيارة الأراضي المقدسة ، ويذكرهم بالثواب من الله سبحانه وتعالى الذي حصل عليه من زاروا المنطقة قبل ذلك حسب زعمه (الترجمة العربية).

٣٩

ويستطيع كثير من الناس الوصول إلى تلك الأماكن المقدسة دون مغادرة منازلهم ، وذلك بممارسة الأعمال الصالحة والإحسان إلى الفقراء ، وهكذا يجعلون من أنفسهم أهلا لثواب الرب والمسيح. الآخرون وأنا على رأسهم يفخرون بأنفسهم لزيارة المدينة المقدسة ، وكأنهم عملوا شيئا يستحق المكافأة (الثواب). وهكذا يخسرون ثمرة عملهم. وأيضا هناك الآخرون الذين قاموا برحلة الحج ، يعودون دون رؤية الأماكن القيمة ، لأنهم حريصون على العودة إلى وطنهم بسرعة ، علما بأن مثل هذه الرحلة لا يمكن القيام بها بسرعة ، ولا يمكن المرور بجميع الأماكن المقدسة وغيرها من الأماكن بشكل عابر.

١ ـ بيت المقدس ودير (١) القديس سابا (٢) : أنا الراهب دانيال مكثت عند وصولي إلى بيت المقدس ، مدة ستة عشر شهرا في محل إقامة الحجيج (٣) في دير القديس سابا ، وهكذا كان بإمكاني زيارة واستكشاف جميع الأماكن المقدسة ، على الرغم انه كان من غير الممكن زيارة واستكشاف جميع الأماكن المقدسة دون وجود مرشد ومفسر ، ولذلك فقد أعطيت كل ما أستطيع كمكا فأة لهؤلاء الذين يعرفون ويرشدونني إلى الأماكن المقدسة في المدينة والمواضع الأخرى ، ليتسنى لي رؤية كل شيء بالتفصيل ، وقد نجحت في ذلك.

وبفضل الله وجدت في دير القديس سابا رجلا ورعا متقدما في العمر ، وكان ضليعا في العهد القديم. إن الله حنن قلب هذا الرجل لكي يحب رجلا غير جدير مثلي ، وهو الذي جعلني بكل عناية أشاهد جميع الأماكن المقدسة في بيت المقدس وكافة أنحاء البلاد ، واصطحبني إلى بحيرة طبرية ، (وجبل) طابور ، والناصرة ، والخليل ، ونهر الأردن (٤). وبدافع من العاطفة نحوي صحبني إلى عدد كبير من الأماكن المقدسة ، بالرغم من معاناته من التعب والتي سأتحدث عنها في وقت لاحق.

__________________

(١) اللوراLaura : دير صغير يعيش فيه الرهبان في خلايا منفصلة تحت ظروف محددة بصرامة ، وتخضع هذه الخلايا لمراقبة وتوجيه رئيس الدير ، وعلى الرغم من حياة العزلة فان الخلايا كانت تعيش في بقعة مسورة ، الواحدة قرب الأخرى ، يتجمعون حول مكان العبادة المخصص للجماعة. وهناك من يرى بأن كلمة اللورا غير محددة بصورة قاطعة. (الترجمة الإنجليزية)

(٢) أعطيت الكلمات التي تشكل اسم القديس ساباSt.of Sabbas كما وردت في المخطوطة التي تحمل الرمزD والمخطوطة التي تحمل الرمزAR والتي كانت مفقودة في مخطوطات أخرى. ودير القديس سابا الصغير ، يعرف الآن جيدا (من أيام دانيال) بدير مار ساباMar Sabba بين بيت لحم والبحر الميت وقد وصف في :

P. F. the memoirs to accompany the survey of Western Palestine published by the Palestine

(الترجمة الإنجليزية)Exploration Fund. iii ٩١٢ and by Tabler, Tepog. Umgebungen, ٧٣٨

(٣) التكية أو نزل الحجاج الفقراء التابع لدير القديس سابا ، على بعد رمية حجر من برج داود (ch.xv.) وفي وصف سايولف بالقرب من برج داودCf.Early Travels in Palestine ,P ٤٤ .. وطبقا لما رواه يوحنا فورزبورغ John of Worzburg. فإنه كان يقع جنوبا وبالقرب من الشارع الذي يصل من بوابة داود إلى المعبد ويستشهد يوحنا فوقاس بوصف خاطئ من نورف Norov ان المكان الذي يقع على الجانب الأيسر أو في الشمال من الشارع (الترجمة الإنجليزية).

(٤) تشير مخطوطات أخرى إلى أن دانيال توجه من الخليل إلى نهر الأردن ثم إلى بيت لحم.

Cf. Moscou, Musee Roumiantzev, Fonds Oundolsky, No. ٩٠٧) Xvles., pap (. ـ Cf. slso : Moscou, Bible de la Societe d\'Histoire and d\'Antiquites ruffes No. ٩٨١) fin du Xvles., pap (.

لا اعتقد أن الرحالة توجه من الخليل إلى نهر الأردن ثم جاء بعد ذلك إلى بيت لحم (الترجمة الإنجليزية).

٤٠