وصف الأرض المقدّسة في فلسطين

دانيال الراهب

وصف الأرض المقدّسة في فلسطين

المؤلف:

دانيال الراهب


المترجم: د. سعيد عبدالله البيشاوي وداود إسماعيل أبو هدبة
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الشروق للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ١٧٩

كونتات نورماندي والفلاندرز ، أقاموا مخيما بالقرب من ذلك المكان أثناء الحصار ، كل هذا يأتي مؤيدا بأن هذه الكنيسة هي التي اكتشفت في عام (١٨٨١ م) عند النقطة المرقمة بالعلامة" ١" في الرسم التخطيطي. وفي هذا المكان وجدت آثار كثيرة من الواضح أنها لدير متصل بتلك الكنيسة. ومن الواضح أن دانيال يشير إلى تلك الكنيسة في رواياته ، وبالاقتراب من بيت المقدس بواسطة الطريق من الشمال (أ) سوف تكون الكنيسة على اليد اليسرى ، وقليلا قبل (أ) (د) (ب) وبعد (أ) (ج) (ب) وبعد المرور بها سوف ينعطف إلى اليمين ليصل إلى بوابة يافا ، والتي من خلالها كان الزوار والحجاج يدخلون إلى المدينة أثناء الاحتلال اللاتيني. وربما يقترح كحل ممكن بأن كنيسة يودكيا كانت عند أو قرب النقطة رقم (٤) على بعد رمية قوس من بوابة دمشق ، وعند ما دمرت هذه الكنيسة بين (٥٧٠ ـ ٦٧٠ م) أقيمت مجموعة جديدة من المباني عند نقطة (١) (١) والتي قربها أقام كونتات نورماندي مخميهم ، وأثناء الاحتلال الفرنجي الصليبي دمرت كنيسة جديدة قبل أن تحاصر المدينة من قبل المسلمين ، والتي كانت قد بنيت عند أو قرب النقطة (٤). ومن المؤسف أنه لم يكن هناك محاولة جادة للتنقيب والتأكد من موقع كنيسة القديس ستيفن العظيمة التي شيدتها يودكيا.

إن إشارة دانيال إلى الأرض الواقعة فوق مغارة إرميا" كجبل صخري منبسط" انشق ساعة صلب السيد المسيح واسم جهيناGhenna الذي يعطيه له ، هذه الاشارة لا يمكن أن تمر دون إبداء ملاحظة عليها. إن هذه الاشارة لم تذكر من قبل أي حاج آخر ويمكن أنها مستمدة من الاسم المحلي لذلك المكان ، " الهدهميةEl Heidhemieh " لقد اقترح بأن هذه الكلمة هي تحريف لاسم أدهمية المستخدم من قبل مجير الدين (٢) وأنها مستمدة من ضريح ابن أدهم Edhem ) : ولكن من المحتمل بأن اسم مجير الدين هو تحريف لكلمة الهدهمية والتي ربما تعود إلى الحفريات أو إلى سقوط سقوف (سطوح) المحاجر والتي فصلت مغارة إرميا عن الصخر إلى الجنوب.

والاسم جهيناGehenna يمكن مقارنته باسم الساهرةEs Sahira الذي اطلقه مجير الدين على الأرض المتاخمة لشرقي المغارة وللوادي الذي يجري عبر بركة إسرائيل نحو وادي قدرون ، وكان لهذا لمكان ارتباط بالموت والحساب طبقا لاعتقاد المسلمين ، وحسب الاعتقاد المحلي ربما كان هذا المكان تذكارا لذلك العهد الذي كان مقرا لتنفيذ الأحكام العامة في ذلك الموضع (٤).

__________________

(١) ربما كان هذا الموضع الذي يستقر فيه عمود الجلد بالسوط والذي ذكره انطونيوس في الفصل الخامس والعشرين. لكونه في منتصف الطريق ليس بعيدا عن المدينة.

(٢) كوندر Conder, Tent work in Palestine i. ٣٧٣; P. F. Q. S., ١٨٨١,. ١٠٢. لو أن أدهم دفن في المقبرة فوق مغارة ارميا فان هناك شك بإن يكون المكان استمد اسمه من ذلك ، ولكنه من غير العادة أن يسمى مكان مدفون فيه رجل نسبة إلى أبيه.

(٣) يبدو أن المقصود هنا هو أبو اليمن العليمي عبد الرحمن بن مجير الدين صاحب كتاب" الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل". وقد توفي هذا المؤلف سنة ٩٢٧ ه‍ / ١٥٢١ م.

(٤).P.F.Q.S.,١٨٨١ ,١٠٢

١٢١

الملحق الثاني

كنيسة الضريح المقدس

يعتبر وصف دانيال لكنيسة الضريح المقدس ، وللمباني والأماكن المقدسة المتصلة بها ذو أهمية عظيمة ، حيث إنه رأى تلك الأماكن قبل أن يقوم الفرنجة الصليبيون بالتغييرات التي أضفت على الكنيسة شكلها الحالي.

وفي بداية القرن الثاني عشر يظهر أن الضريح أو كنيسة الضريح المقدس اتخذت شكلا لا يختلف عن الموجود في شكل" ١". لقد كان يحميها سور محيط بها ، وعلى اتصال بهذا السور كان هناك رواقا له اثنا عشر عمودا واثنا عشر قوسا. ويبدو أن بناء السور في ثلاث فرجات بين الأعمدة قد استبدل جزئيا بمصبعات أو حواجز حديدية مفتوحة وفي كل واحدة فيها باب يؤدي إلى الضريح (١). لقد كان جدار السور ملبسا بالرخام وعلى أعمدة تستقر فوق هذا الجدار مقصورة عليا ذات قبة كانت تعلوها صورة فضية للمسيح (٢). وفي داخل الكنيسة وفي الجهة الشمالية منها ، كانت هناك أريكة ، حيث سجي عليها جثمان السيد المسيح ، وكانت هذه الاريكة محفورة في صخر المغارة ، ومغطاة بقطع من الرخام ، والتي كان فيها ثلاث فتحات صغيرة ، كانت تسمح للمسيحيين بلمس وتقبيل الصخرة الطاهرة (٣). وكانت إحدى القطع يمكن ازاحتها ، ويبدو أن حارس الضريح كان يزيد من دخله وذلك ببيع قطع من الصخرة للحجاج. ولم تكن كنيسة الملاك قد شيدت بعد ، ولكن الحجر الذي تدحرج بعيدا ، والذي جلس عليه الملاك : كان يظهر على بعد ثلاثة أقدام أمام مدخل حجرة الضريح (٤).

تظهر بعض الصعوبة بسبب الغموض الذي يكتنف ملاحظة دانيال حول الضريح المقدس. ففي وصف المبنى الصغير يقول بأنه كان هناك ثلاثة ابواب في المقصورة أو البرج الموجود فوق المغارة المقدسة ، كان الناس يدخلون إلى الضريح عبر هذه الابواب. وبعد ذلك في ملاحظاته حول هبوط النور المقدس يقول بأنه عند دخول الكنيسة بصحبة الملك ، ذهبوا إلى الباب الشرقي للضريح المقدس ، ثم تقدم بلدوين إلى المكان المعد له قرب دربزين المذبح أمام الباب الشرقي المقدس ثم طلب

__________________

(١) انظر صفحة ١٢ ـ ١٣.

(٢) قارن وصف كنيسة الضريح المقدس ليوحنا فورزبورغ الوارد في صفحة ١٠٣ ـ ١٠٤.

(٣) هذه الفتحات الصغيرة ذكرها ويلبراند وسيمون ورودلف فون سواخيم وآخرون ، والصخرة مغطاة الآن بقطعة واحدة دون وجود فتحات.

(٤) الحجر الذي جلس عليه الملاك ذكر أولا فيما يتعلق بالضريح من قبل القديس جيروم في رحلة القديسة بولا الكريمة.

١٢٢

راهب دير القديس سابا وكهنته ، وقساوسة الأرثوذكس أن يحتلوا مكانا فوق الضريح. وفي الوقت نفسه طلب من دانيال أن يأخذ مكانا مرتفعا فوق باب الضريح المقدس أمام المذبح العالي ، ليتسنى له الرؤية من خلال ابواب الضريح ، والذي كان مختوما بالختم الملكي. وفي الساعة الثامنة بدأ القساوسة الأرثوذكس والرهبان والنساك بترتيل صلاة المساء ، بينما بقي دانيال يراقب الأبواب الثلاثة من موقعه ، وبعد قليل غادر الأسقف المذبح العالي إلى باب الضريح ونظر من خلال فرجة مشبكة ، ثم وفي الساعة التاسعة سقط مطر خفيف من خلال السقف المفتوح وبلل جميع هؤلاء ومن كانوا فوق الضريح.

وكما أعتقد فانه ربما يكون هناك شك قليل فيما يتعلق بموقع الأبواب الثلاثة ، وأنها كانت في جدار السور المحيط ، وليس في البرج ، ولا بد أنها كانت من أرض المبنى الذي تعلوه قبة دائريةRotunda إلى المساحة الفارغة التي كانت تقع أمام باب حجرة الضريح والتي كان يشغلها جزء مرتفع. ويبدو أنه عند ما بنيت كنيسة الملاك حفظت الأبواب الثلاثة ، كما هو مبين في شكل (١) أ، ب ، ج.

ويحدد يوحنا فورزبورغ (١١٣٠ م) مكان الأبواب الثلاثة في الجهة الشرقية ، وان أحدهما كان يواجه الجوقة (١). ويشير الادريسي (٢) (١١٥٤ م) لوجود بابين أحدهما في الشمال ، والآخر في الجنوب وكانا في مواجهة المدخل الشمالي والمدخل الجنوبي للكنيسة.

وبالنسبة للأماكن الدقيقة التي اتخذها الكهنة والقساوسة ودانيال فهي مسائل أكثر صعوبة. وقد علمت أنه في كل حالة أن جميع المخطوطات الروسية تنص على كل كلمة فوق الضريح بمعنى الارتفاع ، وهذا ينص بالضرورة على وجود شرفة أو مصطبة فوق الكنيسة. ومع ذلك فلا يوجد أية إشارة لمثل هذه الشرفة في أي من الكتابات التي وصلت إلينا ، ووصف سايولف لضريح السيد المسيح الذي يقول بأنه محاط بسور قوي جدا ، وسقف خشية أن يسقط المطر عليه ، ومن الصعوبة بمكان أن يتفق هذا الوضع مع وجود مثل هذه الشرفة. إن كنيسة الضريح المقدس صغيرة ، ولا بد أنها كانت دائما كذلك ، ولا يمكن وجود متسع فوقها لكي يحتل العديد من الكهنة والقساوسة مكانا يمكن أن يوحي بوجود خدعة في عملية إصدار النور المقدس.

ومن الصعب أيضا شرح موقع دانيال ، الذي مكنه من الرؤية من خلال الأبواب الثلاثة للضريح على افتراض أنه كان فوق الضريح ، أثناء الاحتفال بشعائر النور المقدس. ويبدو لي أنه أكثر احتمالا

__________________

(١) جوقة المنشدين والمرتلين في الكنيسة.

(٢) الشريف الادريسي : هو ابو عبد الله محمد المتوفي سنة ٥٦٠ ه‍ ، الف كتابا في الجغرافيا تحت اسم نزهة المشتاق في اختراق الافاق. ولقد لقب الادريسي باسترابون العرب ، وهو يعتبر اعظم جغرافيي العرب في العصر الوسيط ، وكتابه يزخر بالمعلومات الصحيحة ، كما أنه يتضمن مادة وافرة عن بلاد إسلامية وأوروبية. ويقال إنه قدم لروجر ملك صقلية أول كرة أرضية في التاريخ ، وقد رسم عليها خريطة لجميع بلاد العالم. عبد العزيز سالم : التاريخ والمؤرخون العرب ، «مؤسسة شباب الجامعة» ، الإسكندرية ١٩٨١ م ، ص ١٩٣ ـ ١٩٤.

١٢٣

بأن القساوسة والكهنة اتخذوا مكانا على أرض المبنى الذي تعلوه قبة والواقع قرب شمال شرق زاوية الكنيسة كما يفعلون الآن ، وبأن مكان دانيال كان قرب المذبح العالي ، أمام الباب الشرقي للضريح المقدس تقريبا.

أود أن اقترح بأن الكلمة الروسية المترجمة" فوق" ربما تكون خطأ الناسخ ، وربما كان لها في القرن الثاني عشر معنى كلمة وراءBeyond أو شرقي مكان ، كما هو في اللاتينيةSuperior ) وليس بعيدا بما فيه الكفايةInterior ). وقد أشرت في الشكل (٢) إلى مواقع الأرقام (٥ و ٦) والتي ربما اتخذها دانيال والكهنة.

ويقع الضريح في وسط كنيسة القيامة ، التي كانت عبارة عن مبنى دائري الشكل تتصل به سلسلة من الكنائس ، والشكل المحتمل للكنيسة في وقت زيارة دانيال لها مبين في الخريطة المرفقة شكل (٢) وهي عبارة عن تعديل طفيف للشكل (٣) لوحة رقم (١) في بحث للبروفسور ويلي يسمى" التاريخ المعماري لكنيسة الضريح المقدس".

وقسمت أسوار الكنيسة إلى ثلاثة طوابق ، الطابق الأرضي ، والشرفة (٣) والمنور (٤). وفي الدور الأول كان هناك حسب رواية دانيال اثنا عشر عمودا وستة أخرى. ومن المحتمل أن الأرقام كانت أكثر من عشرة وثمانية مرتبة كما هو مبين في الخريطة. وكان هناك قوس أكبر في الطرف الشرقي يرتفع فوق الشرفة وتفتح على مذبح قصير وينتهي الى جزء ناتئ ، وفي هذا الجزء كان المذبح الحالي (٢) وهنا وقف كهنة اللاتين (٣) أثناء الاحتفال بشعائر هبوط النور المقدس ، ثم درجة مرتفعة أو مقعد (٤) ووراء دربزين المذبح حجز المكان للملك. وزين القوس الكبير والجزء المرتفع بالفسيفساء ، وعلى سبندل (٥) القوس كان هناك صور تمثل البشارة ، وكان الجزء الناتئ (البارز) مزينا بصورة" لرفع آدم" على سطح القنطرة. وقد شوهدت ووصفت آثار هذين الاثنين أولا من قبل كواريسموس Quarresmius (١٦٢٦ ـ ١٦١٦ م) ، أما الثالث فقد دمر عند ما أزال الفرنجة الصليبيون الجزء الناتئ وقاموا ببناء مكان الجوقة في الطرف الشرقي للمبنى الذي تعلوه القبة ، ولكن هناك نسخة تظهر بأنه قد نصب فوق المذبح العالي في حرم الكنيسة الجديدة (٦). وكان في الشرفة ستة عشر عمودا ، يستقر

__________________

(١) كلمةsuperior اللاتينية تعني «يقع في الأعلى situated above» وهي تعني «الأعلى higher» أو العلوي (الفوقي) upper (الترجمة العربية).

(٢) كلمةInterior اللاتينية تعني ليس بعيدا بما فيه الكفايةnot far enough ، وقد تعني قصيرshort.

وهي تأتي أيضا بمعنى قريب closely (الترجمة العربية).

(٣) شرفة فوق ممشى جانبي للكنيسة.

(٤) جزء من الكنيسة يرتفع فوق سطوح الأقسام الأخرى وتشتمل جدرانه على نوافذ لاضاءة الأجزاء الداخلية.

(٥) السبندل : الفسحة المثلثية المزخرفة بين المنحنى الخارجي الأيمن أو الأيسر من قوس قنطرة.

(٦) يوحنا فورزبورغ : وصف الأراضي المقدسة في فلسطين ، الفصل الثاني عشر ، ص ٦٦ ـ ٦٩.

١٢٤

كل واحد منها فوق دعامة ، ما عدا الدعامتين العاليتين في الطرف الشرقي ، وفيما يتصل بالشرفة فمن المحتمل أنه كانت هناك الحجرات التي أقام فيها البطريرك حيث يوجد الدير اليوناني الآن.

وكانت هناك ألواح مقوسة في جدار المنور وفوق الشرفة ، وقد زينت بأشكال من الفسيفساء ، وفي اللوح الكائن فوق المذبح العالي كان هناك رمزا للمسيح ، وعلى الألواح الواقعة في الشمال وفي الجنوب ، هيلانة وقسطنطين وفي الآخرين ، الحواريين والأنبياء. وذكرت هذه الفسيفساء من قبل عدة حجاج ، وهناك وصف كامل لتلك الأشياء التي بقيت في أعمدة كواريسموس (١).

وكان سقف الكنيسة من الخشب ، مبنيا من ١٣١ قطعة مربعة من خشب الأرز ، وهو على هيئة كوز مخروطي الشكل ، مقطوع من القمة ، حيث كان يسمح للنور بالدخول من خلال فتحة دائرية قطرها حوالي اثني عشر قدما (٢) وربما أكثر ، وهذه الفتحة ذكرت أولا من قبل سايولف ، ويبدو أنها حفظت أثناء جميع الإصلاحات والتغييرات حيث أشير إلى وجودها من قبل الحجاج الآخرين. لقد كان المبنى الذي تعلوه قبة محاطا جزئيا بجناح جانبي مقنطر ، في الجدار الذي كان فيه ثلاثة أجزاء ناتئة والتي ذكر" أركولف" بأنها تحتوي على المذابح ، وكانت اجزاء الجناح (٣) في الطرف الشرقي ذات شكل مربع ومتصلة ، كما هو مبين في الرسم ، بالكنائس إلى الشمال والجنوب. وينص دانيال على أنه كان للكنيسة ستة أبواب ، ويذكر واحدا منها على وجه الخصوص في جهة الغرب ، والذي دخل منه بصحبة الملك بلدوين ليشاهد شعائر هبوط النور المقدس.

ويمكن رؤية أماكن الأبواب الأربعة في الرسم المبين شكل (٢) وهناك باب خامس ذكره الدريسي (٤) وربما كان في الشمال ، والباب السادس أو الباب الغربي وإذا لم تكن كلمة" الغرب" من خطأ الناسخ ، لا بد وأن هذا الباب كان يؤدي من الشارع المسيحي ، إلى الشرفة ومن هناك يؤدي عبر عدد من الدرجات إلى أرض الكنيسة. ومع هذا فإن الرواية صفحة (٦٠) تبدو أنها تشير إلى أن بلدوين عند ما دخل الكنيسة ذهب مباشرة إلى الضريح المقدس ، دون النزول على أي درجة ، وفي هذه الحالة لا بد وأن الباب كان موجودا في الجهة الجنوبية (٥).

__________________

(١) Quarresmius ii.٩ ـ ٨٦٣.

(٢) ويلي : الضريح المقدس ، ص ٧٤.

(٣) جزء جانبي من الكنيسة مفصول عن صحنها بصف أعمدة.

(٤) " على الجانب الشمالي يوجد باب يسمى باب القديسة مريم يؤدي إلى سلم من ثلاثين درجة" الادريسي ، كما يستشهد ويلي Willis الضريح المقدس ، ص ٧٧.

(٥) ربما يكون هناك عدد من الدرجات تؤدي عبر الدير اليوناني إلى الجزء الجنوبي الغربي من المبنى الذي يعلوه قبة.

١٢٥

الأماكن المقدسة التي ذكرها دانيال

١ ـ وسط الأرض (١) : وهذا المكان يقع في مصلى صغير خارج جدار المرتفع الشرقي (٧) ، وذكر هذا المكان بأنه مركز الأرض من قبل اركولف وبيرنهارد ، وهذا المكان المسمى «كومباس» (٢) كما يقول سايولف. وعند ما وسعت الكنيسة من قبل الفرنجة الصليبيين دخل هذا المكان ضمن مكان الجوقة" الكورال" حيث يبين الآن للحجاج.

٢ ـ الجلجثة والجلجلة : وهذان المكانان كانا في مبنى صغير (٨ ، ٩) خارج الكنيسة ، وكان هناك كما هو في الوقت الحاضر كنيسة علوية وأخرى سفلية ، ويدعو دانيال الكنيستين باسم الجلجثة وربما أكثر صحة القول الجلجلة وجلجوثة كما يشير سايولف.

٣ ـ " مكان النزول من الصليب" : يبدو بأنه كان" كنيسة القديسة مريم ، الواقعة بالقرب من (الجلجلة) كما يشير سايولف إلى أنها ربما كانت في الموضع (١١) ، والتي يشغلها الآن كنيسة القديسة مريم المصرية". ويبدو أنه من الممكن أن يكون الفرنجة الصليبيون قد نقلوا" حجر المسح بالزيت" إلى داخل كنيستهم ، وذلك أثناء إعادة بناء الكنيسة ، وأن الحديث عن كنيسة القديسة مريم والمرتبطة بالمكان الأصلي وبالتدريج اتخذت شكلها الحالي المتغير.

٤ ـ مذبح ابراهيم (١٠) : لقد كان قرب مكان الصلب ، ويصف اركولف مكانه بين باسيلكا قسطنطين والكنيسة التي على الجلجلة ، بينما يقول انطونيوس أنه كان على أحد جوانب الصخرة التي صلب عليها المسيح ، بينما يشير سايولف إلى أنه كان على جبل الجلجلة. ويبين مكانه الآن في كنيسة منفصلة تقع على مسافة أقدام قليلة من جنوب شرق المكان الذي يقال بأن الصليب قد نصب عليه.

٥ ـ أماكن" تمزيق الملابس ، التتويج بالشوك السخرية ، الضرب الشديد (١٣) السجن (١٢) : يقال بأن كل هذه الأماكن كانت تحت سقف واحد إلى الشمال ، وغير بعيد عن مكان الصلب ، وطبقا لرواية سايولف كان السجن في ساحة كنيسة الضريح المقدس ، والأماكن الأخرى بجانبه. وعند ما قام سايولف ودانيال بزيارة بيت المقدس كانت الساحة المفتوحة والتي بنى الفرنجة الصليبيون فوقها بعد ذلك مكان الجوقة" الكورال" ، تبدو بأنها كانت محاطة جزئيا ببقايا رواق أو دير صغير ، والأماكن المقدسة في هذا الدير أو الرواق تشغل الأماكن المخصصة لها في الوقت الحاضر.

__________________

(١) هذا الرأي يدعمه التصميم الذي أعده أركولف والذي يبين كنيسة القديسة مريم جنوب الجلجلة.

ويعتقد الأستاذ ويلي بأن كنيسة القديسة مريم كانت تقع في موقع الجناح الجنوبي الحالي للكنيسة.

(٢) الكومباس Compas : بالرجوع إلى معاجم وقواميس اللغة اللاتينية والإنجليزية ، وجدنا أن كلمة كومباس تعني الأداة التي تستخدم لتحديد الاتجاهات ، كما أنها تستخدم لرسم الدوائر ، وقياس المسافات على الخرائط. وربما المقصود هنا الموضع الذي حدد فيه السيد المسيح النقطة التي تعتبر مركزا للأرض (الترجمة العربية).

١٢٦

٦ ـ كنيسة ودير العذراء في المكان المسمى" سبودي" (٠٢) Spudi : من هذا المكان شاهدت العذراء الصلب وكان هناك أصدقاء ومعارف المسيح هناك ينظرون إلى الصلب من بعد. ويبدو أن هذه الكنيسة التي اقيمت تكريما للقديسة مريم ، وهي تشتمل على مكتبة عظيمة ، ويقال بأنها الحقت بالنزل الذي أقامه شارلمان. وطبقا لما يشير اليه سايولف فان الكنيسة التي كانت مسماة القديسة مريم اللاتينيةSt.Maria Latina كانت وراء بوابة الضريح المقدس جنوبا ، وألحقت بكنيسة مريم اللاتينية الصغرى Maria Latina , وفي المكان الذي يسمى سبودي Spudi ، يقال بأنها كانت تقع بين كنيسة ودير القديسة مريم الكبرى ومستشفى القديس يوحنا المعمدان ، ولذلك لا بد وأنها كانت تحتل إما الموقع الحالي لدير الجسمانية اليوناني الحالي ، أو موقع المسجد العمري (١).

٧ ـ المكان الذي وجدت فيه القديسة هيلانة الصليب المقدس" اكتشاف الصليب"Invention of the Cross : وكان هذا المكان شرقي مكان الصلب ، في وقت زيارة دانيال ، وكان هناك كنيسة صغيرة (١٤) في ذلك الموضع ، ولكن كان هناك كنيسة واسعة جدا كما يقول سايولف ، وقد بنيت تكريما للقديسة هيلانة ، وقد دمرت كليا من قبل الكفار (٢). ومن المحتمل أن تكون تلك الكنيسة الواسعة التي ذكرها سايولف ودانيال هي باسيليكا قسطنطين ، وان الكنيسة الصغيرة كانت هي الكنيسة الحالية للقديسة هيلانة والتي هي في جميع خصائصها الأساسية تعد بناء بيزنطيا.

٨ ـ البوابة التي جاءت إليها مريم المصرية (١٥). وكانت تقع شرقي المكان المسمى" اكتشاف الصليب" :

وكما يقول سايولف إن صورة العذراء التي قامت مريم بالصلاة أمامها ، كانت على الجدار الغربي لكنيسة القديسة مريم ، المتصلة بالجهة الشمالية للروتندا ، ولا بد أن تكون البوابة تلك هي البوابة الشمالية (٣). وبعد ذلك ينتقل الحديث حول باب غرب الكنيسة والذي يبدو بأنه كان الباب الذي كان يؤدي مباشرة إلى الشرفة (٤).

__________________

(١) طبقا لتوبلر (Tobler) يسمى هذا المسجد عبد الصمدTopog (٩٠٦) Abd es Samid.

(٢) أشرنا في اماكن مختلفة إلى أن الراهب دانيال الروسي كان مصرا على تسمية المسلمين بالكفار وبأوصاف أخرى لا تليق أن تخرج من رجل دين وصل إلى مرتبة رئيس دير. وقلنا إن هذه هي لغة العصر التي كانت سائدة بين المسلمين والصليبيين. فالمؤرخون والرحالة المسلمون وصفوا الفرنجة الصليبيين بأوصاف مشابهة. ولكن يؤخذ على دانيال أنه كان يشير في أكثر من موضع إلى تدمير الكنائس المسيحية من قبل المسلمين ، وهذه ليست من طبيعة المسلمين الذين يكنون الاحترام لأصحاب الديانات السماوية ، والذين كفلوا حرية ممارسة الشعائر الدينية لمختلف الطوائف المسيحية ولليهود ايضا. وقد وجد أهل الذمة معاملة طيبة من قبل المسلمين ، ولم يعرف عن المسلمين أنهم قتلوا ذميا أو هدموا كنيسة. وربما حدث وهدمت بعض الكنائس أثناء الحروب والفتن الداخلية ولكن دون قصد ، وهذه هي طبيعة الحروب ، فالدمار يصيب الجميع لا فرق في ذلك بين مسلم ومسيحي ويهودي. ويبدو أن دانيال كان متأثرا بسياسة الفرنجة الصليبيين الذين اتخذوا من الدين شعارا لهم ، وذلك من أجل إخفاء أهدافهم الحقيقة وهي السيطرة على الأراضي المقدسة ومقدرات الشعب الفلسطيني ، إضافة إلى ما حل بالمسلمين من كوارث على أيديهم. (الترجمة العربية)

(٣) يسمي الادريسي هذا الباب باسم «القديسة مريم».

(٤) المصادر المختلفة حول موضع هذا الباب واردة في توبلر. جلجثة ١٣٥.

١٢٧

وصف كنيسة الضريح المقدس

«سايلوف ١١٠٢ ميلادية»

إن أول مكان تتم زيارته هو كنيسة الضريح المقدس وهي تسمى بالمزار أو المشهد ، ليس بسبب ترتيب الشوارع فحسب ، بل بسبب شهرتها التي تفوق جميع الكنائس الأخرى. ويقع في وسط هذه الكنيسة ضريح السيد المسيح وهو محاط بسور قوي جدا ، وأعلاه مغطى ، خشية أن يسقط المطر فوق الضريح المقدس ، حيث إن الكنيسة مفتوحة أمام السماء. ويمكن رؤية بعض الأماكن المقدسة الاخرى الكائنة في ساحة كنيسة الضريح المقدس مثل السجن الذي أودع فيه السيد المسيح بعد الغدر به طبقا للرواية السريانية ، ثم إلى أعلى قليلا (١) يوجد المكان الذي وجد فيه الصليب المقدس والصلبان الأخرى وحيث أقيمت بعد ذلك كنيسة واسعة تكريما للملكة هيلانة وقد دمرت" هذه الكنيسة" كليا من قبل الوثنيين (٢) ، ومن الأسفل (باتجاه الغرب) وغير بعيد عن السجن يوجد عمود الرخام الذي قيد عليه يسوع المسيح في قاعة المحكمة (٣) وضرب ضربا قاسيا جدا. وبالقرب من المكان يوجد الموضع الذي مزقت فيه ملابس المسيح من قبل الجنود ، ثم يأتي المكان الذي ألبس في المسيح رداء أرجوانيا من قبل الجنود ، وتوج بتاج من الأشواك (٤) ، وبعد طرحه أرضا مزقوا ملابسه (٥).

ثم نصعد بعد ذلك فوق جبل الجلجلة حيث قدم ابراهيم (٦) قربانا ، وكاد أن يضحي بابنه مطيعا أمر الله ، وهناك قدم المسيح تضحيته الى الله وذلك من أجل تخليص العالم من الخطايا. وعلى ذلك الجبل نفسه تشهد تلك الصخرة على آلام السيد المسيح ، ويتسع الشق فيها قرب التجويف الذي ثبت فيه صليب المسيح حيث إنها لم تستطع تحمل موت صانعها دون أن تتشقق كما قرأنا في (آلام المسيح) و (والأرض تزلزلت والصخور تشققت) (٧). وفي الأسفل يوجد المكان المسمى (جلجثة) حيث يقال

__________________

(١) وهذا يعني إلى الوراء قليلا أو إلى الشرق ، كما أعتقد بأن سايولف استخدم الكلمة الروسية لمعنى" فوق" حيث تعني إلى الوراء أوالى الشرق.

(٢) المقصود هنا الأكاسرة الفرس زمن استيلائهم على الأراضي المقدسة سنة ٦١٤ م أثناء حروبهم مع الإمبراطور البيزنطي هرقل. (الترجمة العربية)

(٣) براتوريم Praetorium : لفظة لاتينية تعني الحرس الإمبراطوري. وقد تعني دار رئيس الكهنة أو المحكمة التي يقيم فيها القاضي ، والبريتورProetor هو موظف كان يعمل قاضيا في روما القديمة ويتم اختياره سنويا. وقد ورد في إنجيل مرقس أن القوم أخذوا يبصقون على السيد المسيح ويغطون وجهه ويكلمونه ويقولون له تنبأ. وكان الخدام يلطمونه. انظر : مرقس ٦٥ : ١٤ ، لوقا ٢٢ : ٦٥ (الترجمة العربية).

(٤) يوحنا ١٩ : ١ ـ ٦.

(٥) يوحنا ١٩ : ٢٢ ـ ٢٥.

(٦) ذكره الرحالة بلقب بطريرك.

(٧) ورد في إنجيل متى «وإذا حجاب الهيكل قد انشقّ إلى اثنين من فوق إلى أسفل. والأرض زلزلت والصّخور تشققت» ٢٧ : ٥١.

١٢٨

بأن آدم قد رفع من بين الموتى. وتقع كنيسة القديسة مريم قرب مكان الجلجلة في الموضع الذي أنزل فيه جثمان المسيح من على الصليب ، ثم دهن ولف بلفائف من الكتان قبل أن يدفن (١).

وفي مقدمة كنيسة الضريح المقدس في السور من الخارج وليس بعيد من مكان الجلجلة توجد البقعة التي تسمى (كومباس) (٢) حيث أشار اليها السيد المسيح بيده وقام بقياس مركز الأرض وقد ورد في أحد المزامير : " الله هو ملكي من القديم صانع الخلاص في وسط الأرض" (٣). ولكن البعض يقول إنه في ذلك المكان ظهر يسوع لمريم المجدلية عند ما كانت تبحث عنه وهي تبكي" فظنت أنه البستاني" (٤) كما ورد ذلك في الإنجيل. وتقع هذه المصليات المقدسة في ساحة الضريح المقدس في الجهة الشرقية. ولكن هناك كنيستان جميلتان أقيمتا تكريما للقديسة مريم والقديس يوحنا وهما متصلتان بجانبي الكنيسة نفسها واحدة من كل جانب ، حيث وقف شهود آلام المسيح على كلا جانبي يسوع عند ما كان على الصليب. وتوجد صورة والدة السيد المسيح مرسومة على الجانب الخارجي للسور الغربي لكنيسة القديسة مريم ، وقد بدت في الصورة وهي تتحدث بروح طاهرة إلى مريم المصرية إذ قامت بمواساتها بصورة رائعة ، كما نقرأ ذلك من سيرة حياتها (٥).

__________________

(١) متى ٢٧ : ٥٩ ، مرقس ١٥ : ٤٦ ، لوقا ٢٣ : ٥٣ ، يوحنا ١٩ : ٤٠ ـ ٤٣.

(٢) انظر صفحة ١٧٨ ـ ١٧٩ من هذه الرحلة.

(٣) المزامير ٧٣ : ١٢.

(٤) يوحنا ٢٠ : ١٥.

(٥) تقول القديسة مريم المصرية عند ما تسرد سيرة حياتها : " واصلت سلوكي الآثم حتى التاسعة والعشرين من عمري ، عند ما لاحظت عدة أشخاص يتجهون صوب البحر ، وقد استفسرت منهم عن وجهتهم ، وأخبرت أنهم على وشك الركوب على متن السفينة إلى الأراضي المقدسة في بيت المقدس من أجل الاحتفال بعيد تمجيد الصليب المقدس لمنقذنا في عام ٣٢٥ م. فقد ركبت معهم متحينة فقط للفرص الجديدة للاستمرار في الفسوق والإغواء في الاحتفال. وقد ذهب الجميع إلى الكنيسة ، واختلطت مع الجماعة للدخول إلى الكنيسة ، حيث كان الصليب المقدس ظاهرا هناك ، ومعروضا للمؤمنين المبجلين. وتضيف مريم المصرية أنها وجدت نفسها ممنوعة من الدخول إلى المكان بقوة خفية. وقد حدث هذا ثلاث أو أربع مرات. وقد انعزلت في زاوية من القاعة وبدأت أتساءل بيني وبين نفسي من أين ينشأ هذا. وفكرت مليا وبجدية أن حياتي الإجرامية قد تكون هي السبب. وقد ذبت في الدموع ، وهزمت مشاعري الآثمة ، مع التنهيدات والأنين ، وقد لاحظت صورة في الأعلى لأم الاله ، ركزت عيني عليها ، ووجهت كلامي إلى العذراء المقدسة ، توسلت إليها ، بطهارتها التي لا تقارن من أجل مساعدتي ـ مدنسة بمثل هذا الحمل من الأشياء البغيضة ـ وتقبل توبتي الموافقة الكبرى من الله. وقد توسلت إليها أنني أعاني من أجل الدخول إلى الكنيسة لمشاهدة الأريكة الخشبية المكرسة من أجل تخليصي ، واعدة من تلك اللحظة تكريس نفسي من أجل الله عن طريق حياة كلها من أجل التكفير عن الذنوب ، معتبرة أنها ستكون كفيلتي في هذا التغير في حياتي ، وبعد هذه الصلاة المتقدة ، أدركت في روحي مواساة خفية لأحزاني ، ونويت مرة أخرى الدخول إلى الكنيسة وبكل سهولة دخلت إلى منتصفها ، ووجدت التعزية في الأريكة الخشبية المقدسة الموضوع عليها الصليب المقدس الذي يجلب الحياة للإنسان. آخذين بعين الاعتبار رحمة الله الواسعة ، واستعداده لتلقي توبة المخطئين ، لقد ركعت على ركبتي ، توسلت شفاعتها وبأن تكون مرشدتي بعد صلاتي ، تخيلت أني سمعت هذا الصوت ، " إذا أنت ذهبت خلف نهر الأردن سوف تجدين الراحة هناك" ، وقد أمضيت سبعا وأربعين سنة هناك كفّارة ، وقد تلقيت آخر طقوس الكنيسة وأسرارهاSacrment عن القديسة زوسيموس St.Zosimos قبل وفاتها عام ٤٣١ م Cf.Acta ,ss ,Bolland ,in April. انظر : رحلة الحاج سايولف لبيت المقدس والأراضي المقدسة ، ص ٢٨ ـ ٢٩.

١٢٩

وعلى الجانب الآخر لكنيسة القديس يوحنا يوجد الدير الجميل للثالوث المقدس ، حيث يوجد مكان للتعميد ؛ يلتحق بالدير كنيسة القديس جيمس الحواري ، الذي شغل المنصب البابوي في بيت المقدس. وهذه الأماكن بنيت ونظمت حتى أن أي شخص يقف عند أبعد كنيسة ، يستطيع أن يرى بوضوح جميع الكنائس الخمس من باب إلى آخر".

ويوجد وراء بوابة كنيسة الضريح المقدس والى الجنوب كنيسة القديسة مريم التي تسمى الكنيسة اللاتينية لأن الكهنة هناك يؤدون الشعائر الإلهية باللغة اللاتينية ، ويقول السريان بأن أم المسيح المباركة وقفت أثناء صلب ابنها المسيح في المكان الذي يشغله مذبح الكنيسة الآن. ويتصل بهذه الكنيسة كنيسة أخرى للقديسة مريم والتي تسمى" بالكنيسة الصغرى" حيث تقول الراهبات بخدمة العذراء وابنها بورع وتقوى ، ويوجد قرب هذا المكان المستشفى الذي أنشىء فيه دير تكريما للقديس يوحنا المعمدان (١).

يوحنا فورزبورغ

الفصل الثاني عشر

كنيسة (٢) الضريح المقدس ـ مذبح الضريح المقدس ـ النقوش ـ الكنيسة الجديدة ـ الجوقة «الكورال» (٣) ـ مذبح البعث ـ الانبثاق (الزياح)

تعتبر الكنيسة التي تحتوي على ضريح السيد المسيح دائرية الشكل تقريبا ، وهي مزخرفة من الداخل بأعمال الفسيفساء. ويتم الدخول اليها من الشرق من خلال باب صغير ، يوجد أمامه حجرة انتظار مربعة مغطاة ذات بابين. ويسمح لزوار كنيسة الضريح بالدخول عبر أحدهما ، ويخرج المغادرون من الكنيسة عبر الباب الآخر. ويوجد للكنيسة باب ثالث صغير باتجاه (مقابل) الجوقة" الكورال". وخارج الكنيسة هناك مذبح متصل بالجهة الغربية وذلك عند مقدمة الضريح ، ويتسم هذا المذبح بأنه قوي البناء ، كما توجد الأسوار الثلاثة والتي صممت منها شبكة من الحديد (٤) بشكل جميل ، ويسمى هذا المذبح باسم مذبح الضريح المقدس. ويوجد فوق هذه الكنيسة ظلة قبية

__________________

(١) أنشئت هيئة فرسان الاستبارية سنة ١٠٩٩ م بعد انتخاب الأمير جودفري البويوني ، وكان جيرارد كونت افسنس أول سيد كبير لهذه الهيئة. وقد أصبحت هيئة عسكرية عام ١١١٨ م ، والمستشفى التابعة لهيئة فرسان الاستبارية تقع بالقرب من كنيسة الضريح المقدس. (الترجمة الإنجليزية)

(٢) يستخدم يوحنا فورزبورغ دائما الكلمة بارز أو تذكاري monumentum للكنيسة أوedicula التي تشتمل القبر.

(٣) "The chorus diminorum " هو كورال (الجوقة) الكنيسة الذي أضافه الفرنجة الصليبيون.

(٤) من الواضح أن الجدران كانت مصنوعة من مصبعات حديدية مثل تلك التي تحيط الآن بالصخرة" في مسجد قبة الصخرة".

١٣٠

مستديرة (١) الشكل وسطحها العلوي مغطى بالفضة ، وترتفع إلى أعلى باتجاه تلك الفتحة الواسعة إلى الفضاء عاليا في ذلك المبنى الواسع (٢). والمبنى دائرى الشكل يشبه المبنى الذي تعلوه القبة ، انها واسعة جدا حول الكنيسة ، والجدار المحيط (٣) مزخرف بأشكال مرسومة لمختلف القديسين ومضاء بعدد من المصابيح. وفي أضيق بقعة من هذا البناء الضخم ، يوجد ثمانية أعمدة مستديرة من الرخام ، وضعت جميعها حول نقطة المركز لتثبيت السطح المعمد (٤) تحت السقف الذي قلنا إنه مفتوح من منطقة الوسط.

وكما أسلفنا فإن الأعمدة العديدة المذكورة سابقا مرتبة على نحو دائري ، ولكن عددها وتنظيمها عدل الآن في الجانب الشرقي ، بسبب إضافة الكنيسة الجديدة ويحتوي ذلك المبنى الجديد والمضاف مؤخرا على مكان واسع للجوقة" الكورال" ، وعلى حرم (٥) واسع أيضا يحتوي على مذبح عال كرس على شرف انستاس (Anastasis) وهذا يعني البعث المقدس ، وهناك أيضا صورة من الفسيفساء فوق ذلك المكان. وتحتوي هذه على صورة للمسيح ينهض من بين الموتى ثم بعد كسر قضبان جهنم يسحب المسيح أبانا القديم آدم (٦). ويوجد وراء هذا الحرم في المذبح. وفي داخل دائرة جدار السور هناك ساحة واسعة مناسبة للسير (الانبثاق) (٧) حول هذا المبنى الجديد ، كما هو حول المبنى القديم للكنيسة كما ذكر سابقنا.

__________________

(١) الظلة القبية : هي غطاء مقوس مدعم بأربعة أعمدة فوق مذبح ، وقد استخدم الوصف جيدا لقبه صغيرة مدعمة بوساطة الأعمدة التي تشاهد فوق القبر ، كما يظهر من خلال رسم برنارد عام ١٦٠٩ م.

(٢) والمقصود هنا الجزء العلوي للكنيسة يرتفع باتجاه الفتحة يسارا في سطح المبنى الذي تعلوه القبة" الروتندا".

(٣) هو الجدار المقنطر من الجزء الجانبي من الكنيسة والمفصول عن صحنها بصف من الأعمدة والذي يحيط بالمبنى الدائري الشكل.

(٤) جزء من الكنيسة يرتفع فوق سطوح الأقسام الأخرى وتشتمل جدرانه على نوافذ لإضاءة الأجزاء الداخلية ، وبكلام مختصر هو منور الكنيسة.

(٥) جزء من الكنيسة الفرنجية الصليبية المخصص للكهنة القائمين بالقداس.

(٦) " رفع آدم" من الواضح أنها نسخت عن الفسيفساء الموجودة في المرتفع الشرقي للروتندا والتي دمرها الفرنجة الصليبيون.

(٧) المساحة المشار إليها هي التي يزودها الممشى الذي يحيط بالمكان المخصص لكهنة القداس والجزء الناتئ (البارز) ويتصل من كل جانب بأجنحة الكنيسة وأيضا بأرض الروتندا. إن طريق الموكب الذي وصف أعلاه قد وصل إلينا غالبا دون تغيير.

١٣١

الملحق الثالث

قبة الصخرة

يجب مقارنة وصف دانيال لقبة الصخرة بالوصف الذي قدمه سايولف الذي زار المبنى أيضا قبل تحويله إلى كنيسة لاتينية :

" إننا نهبط من ضريح السيد المسيح ونتجه مسافة رميتي قوس إلى معبد السيد (١) باتجاه شرق الضريح المقدس ، ثم إلى الساحة الكبيرة من حيث طولها واتساعها ، وهي تشتمل على بوابات كثيرة. ولكن البوابة الرئيسة الواقعة أمام المعبد تدعى باسم" الجميلة" بسبب صنعها الجميل ، وتنوع الألوان فيها ، وهناك أيضا البقعة التي قام فيها بطرس بعلاج كلاديوس (٢). وكان المكان الذي بنى فيه سليمان المعبد يدعى قديما باسم بيت إيل وحيث لاذ يعقوب بأمر من الله ، وحيث عاش وشاهد سلّما تلمس قمته عنان السماء والملائكة تصعد وتهبط عليه وقال" حقا إن هذا المكان مقدس" (٣). وهناك رفع حجرا كتذكار ، وبنى مذبحا وصب عليه الزيت ، وبعد ذلك بنى سليمان في المكان نفسه" معبدا للآلهة" بإرادة الله. وتشاهد في وسط هذا المعبد صخرة كبيرة عالية مجوفة من الأسفل ، وعليها كانت أقدس الأقداس. وضع سليمان تابوت العهد في هذا المكان ، وحصل على المن وعصاة هارون التي ازهرت وترعرعت وأنتجت اللوز ، ووضع أيضا لوحين من ألواح العهد. وهنا اعتاد سيدنا المسيح أن يرتاح من التعب الذي كان يسببه له مضايقات اليهود ، وهنا كان يوجد مكان الاعتراف حيث قدم الحواريون اعترافهم للمسيح ، وهنا ظهر الملاك جبريل لزكريا قائلا : " إنك سوف ترزق بولد وأنت طاعن في السن (٤) ، وهنا ذبح زكريا ابن براخياس بين المعبد والمذبح ، وهنا ختن المسيح الطفل في يومه الثامن وسمي يسوع والتي فسرت بمعنى المنقذ ، وهنا أيضا قدم اليسوع من قبل والديه مع مريم العذراء في يوم طهرها واستقبلت من قبل سمعان الطاعن في السن ، وهنا وجد المسيح عند ما كان عمره اثنا عشر عاما وسط الأطباء (٥). وهنا بعد ذلك طرد الثيران والغنم والحمام قائلا" سيكون منزلي مكانا للصلاة" وهنا قال اليهود : " دمروا هذا المعبد وسوف أبنيه في ثلاثة أيام ، وما

__________________

(١) اطلق الفرنجة الصليبيون على قبة الصخرة المشرفة اسم معبد السيد ووافقهم في ذلك جميع الرحالة الأوروبيين الذين زاروا المنطقة في العصور الوسطى. (الترجمة العربية).

(٢) قال بطرس للرجل الأعرج وكان يرافقه يوحنا : «ليس لي فضة ولا ذهب ولكنني أعطيك ما عندي باسم يسوع المسيح الناصري قم وامش ، وأمسكه بيده اليمنى وأنهضه ففي الحال تشددت ساقاه ورجلاه فوثب وقام وطفق يمشي ودخل معهما إلى الهيكل وهو يمشي ويسبح الله». أعمال الرسل ٣ : ١ ـ ٨.

(٣) خاف وقال : ما أهول هذا الموضع ، ما هذا إلا بيت الله ، هذا باب السماء ، ثم بكر يعقوب في الغداة وأخذ الحجر الذي وضعه تحت رأسه وأقامه نصبا وصب على رأسه دهنا. التكوين ٢٨ : ١٧ ـ ١٨ ، انظر أيضا : يوحنا ، حنين الشخصيات النسائية في الكتاب المقدس ، ط ١ ، القاهرة ١٩٨٦ ، ص ٤٢٨ ـ ٤٣٠.

(٤) لوقا ١ : ١٣.

(٥) يوحنا ٥ : ١ ـ ٤٧.

١٣٢

زالت تشاهد آثار أقدام المسيح في الصخر ؛ وهنا أحضر اليهود المرأة التي اتهمت بالزنا لتقف أمام المسيح (١). وهناك بوابة المدينة في الجهة الشرقية للمعبد تسمى البوابة الذهبية حيث قابل يواكيم والد مريم المباركة ، زوجته حنّة بأمر من ملاك الآلهة ، ومن البوابة نفسها دخل يسوع المسيح بيت المقدس في يوم الزيتون قادما من بيثاني وهو يركب جحشا (٢). ومن هذه البوابة دخل الإمبراطور هرقل بيت المقدس ، عند ما عاد منتصرا من بلاد فارس ومعه صليب المسيح (٣). ويوجد في ساحة معبد المسيح جنوب معبد سليمان (٤) وهو عظيم الحجم ، ويوجد في الجانب الشرقي منه مصلى يحتوي على مهد المسيح وحمّامه وسرير مريم العذراء طبقا لرواية العهد الآشوري (٥).

الملحق الرابع

الميعة (٦) أو العبهر (٧)The Storax

توجد الميعة هنا قرب (سيلج Selge) بوفرة عظيمة ، وهي شجرة ليست كبيرة ولكنها معتدلة في نموها. وتصنع الرماح ـ المشابهة لشجرة القرانيا (٨) ـ من أخشاب هذه الشجرة. وتتربى هناك في جذع الشجرة دودة تأكل لحاء الشجر حتى سطحه وتلقي بكومة من نشارة الخشب مثل النخالة أو نشارة الخشب ، تتجمع عند الجذور. وبعد ذلك يتقطر سائل والذي يتجمد في الحال في كتلة مثل الصمغ. وينزل جزء من هذا السائل ويختلط مع نشارة الخشب عند جذع الشجرة مختلطا بالتراب ، ويكتسب جزء من هذه المادة تماسكا على سطح الكتلة ويبقى نقيا.

ويظل ذلك الجزء الذي يجري على طول سطح جذع الشجرة جامدا ونقيا أيضا. ويتكون مزيج من الجزء غير النقي وهو عبارة عن مزيج من نشارة الخشب والتراب ، وهذا له رائحة أكثر مما لدى الميعة النقية ، ولكنه أدنى منه في جميع خصائصه الأخرى. وهذا غير منتشر بشكل شائع. ويستخدم بكميات كبيرة في البخور الذي يستعمله العبّاد المؤمنون بالخرافات (٩).

__________________

(١) أحضر اليهود إلى السيد المسيح امرأة اتهمت بالزنا وقالوا : «يا معلم إن هذه المرأة قد أخذت في الزنا» ورد عليهم السيد المسيح : " من كان منكم بلا خطيئة فليبدأ ويرمها بحجر». وخاطب المرأة قائلا : «أما حكم عليكم أحد". قالت : " لا يا رب" فقال يسوع : " ولا أنا أحكم عليك اذهبي ولا تعودي تخطئين». انظر : يوحنا ٨ : ٤ ـ ١٢.

(٢) يوحنا ١٤ : ١٢.

(٣) انتصر الإمبراطور البيزنطي هرقل على الفرس عند ما سحق قواتهم على مقربة من أطلال مدينة نينوى عام ٦٢٧ م ، وقد اضطر الفرس إلى طلب الصلح واسترد البيزنطيون جميع البلاد التي فقدوها ، وبعد ذلك بثلاث سنوات حضر الإمبراطور هرقل إلى بيت المقدس ، وأعاد من جديد الصليب المقدس الذي استرده من الفرس.

أنظر : محمد حسنين ربيع ، دراسات في تاريخ الدولة البيزنطية ، " دار النهضة العربية" ، القاهرة ١٩٨٣ م ، ص ٦٣.

(٤) درج الرحالة الغربيون على اطلاق اسم معبد السيد على المسجد الاقصى. (الترجمة العربية).

(٥) من «الرحلات الأولى في فلسطين» Early travels in Palestine ٩٣ ـ ١٤.

(٦) الميعة : مادة صمغية يابسة أو جامدة ، وهي تستخرج من الأصطرك ، أو اللّبني.

(٧) العبهر : شجرة أو جنبة ذات صمغ يعرف بالميعة.

(٨) القرانياConel : نوع من الأشجار يكون مزهرا.

(٩) Strabo ,xxi ,٧ ,٣. ترجمة هاملتون والفكونر في سلسلة بونز

Hamilton and Faconer\'s translation in Bohn\'s series

١٣٣

الملحق الخامس

Appendix V

خلاصة وصف شعائر هبوط النور المقدس طبقا لفوشيه الشارتري ١١٠١ ميلادية

Abstract of the description of the ceremony of the descent of the Holy light by Fulcher de Chartres, ١٠١١ A. D., in (Gesta dei per Francos). p ٧٠٤.

في يوم سبت النور المقدس ، من كل عام ، عند ما يهبط النور المقدس بشكل غامض على ضريح السيد المسيح وتظهر القوة الإلهية بإضاءة المصابيح المعلقة هناك ، فإنه من عادة هؤلاء الأشخاص في الكنيسة أن يقضوا اليوم في المراقبة ، والصلاة لله ، لكي ينزل النور بفضل منه ورحمة. وتمتلئ الكنيسة وقتذاك بالجماهير الغفيرة التي تنتظر الصنع الإلهي والرحمة.

وفي حوالي الساعة الثالثة من اليوم يصدر البطريرك توجيهاته إلى رجال الدين للبدء في شعائر ذلك اليوم. ثم بدأت قراءة فصول الكتاب المقدس على التبادل : يبدأ اللاتين أولا باللغة اللاتينية يتلوهم اليونان باليونانية. وهكذا استمرت الشعائر حتى الساعة التاسعة من اليوم ، حتى قام أحد اليونانيين الواقفين في مكانهم المخصص بإطلاق صيحة حسب التقليد القديم قائلا : «ارحمنا يا رب» Kyrie Eleison بأعلى صوته ، وبعد ذلك اشترك جميع الحاضرين في الترتيل. وفوشيه الذي تأثر كثيرا بالمشهد كان ينظر «عبثا» في كل مكان ، باحثا عن ظهور النور المقدس. وعند ما ردد اليونانيون وجميع الحاضرين المساعدين في الشعائر صيحة ارحمنا يا رب ثلاث مرات ، كانت الشعائر التي لم تتوقف أبدا توشك على الانتهاء ، وبحث الحشد من الجمهور الورع بحماس عن النور المقدس والذي كان يظهر عادة في الساعة التاسعة. وبعد ذلك بقليل بدأ ترديد صيحة «ارحمنا يا رب» ولكن النور المقدس لم يظهر بعد ، وخيم صمت عميق على الجميع ، بينما استمر رجال الدين بقراءة فصول الكتاب المقدس وشعائر ذلك اليوم. ثم مرت الساعة التاسعة من اليوم ، وصاح البطريرك «ارحمنا يا رب» للمرة الثالثة في نغمة رزينة ، وأخذ مفاتيح الضريح المقدس ، ثم فتح الباب ودخل ، ووجد أن النور الذي كنا بانتظاره لم يظهر بعد ، وانحنى بنفسه أمام الضريح المقدس والدموع في عينيه ، وطلب من العظيم أن يستمع لدعاء المصلين ويرسل لهم النور المقدس كما حدث في المناسبات السابقة. ونحن بدورنا قمنا بترديد الصيحة «ارحمنا يا رب» ووجهنا دعاءنا للعال المتعال آملين من البطريرك أن يأتي لنا بالنور المقدس من الله عند خروجه من الضريح المقدس. وعند ما طالت صلواته

١٣٤

المحمومة ، وعند ما رجع بوجهه إلى الأرض ، خرج أخيرا من الضريح دون الحصول على الفضل الذي طلبه ، وعندها عم الجميع شعور مؤلم بالإحباط واليأس.

وصعد فوشيه برفقة أحد قساوسة البطريرك إلى الجمجمة ليروا فيما إذا جاء النور المقدس ، ولكنهما لم ينجحا في ذلك ، ثم ملأت الصيحات المكان مرة ثانية طالبة الرحمة والفضل من الله ، وتليت الصلوات بحماس أكبر ، ولكن دون جدوى ، وعند ما اقترب المساء طلب البطريرك من الجميع مغادرة الكنيسة لكي تبقى خالية أثناء الليل. وعند فجر يوم عيد القيامة تجمع كل الناس الذين انتظروا رحمة الله في الكنيسة ودخل البطريرك الضريح ليرى فيما إذا ظهر النور المقدس أم لا ، وعند ما لم يجده خرج يعتريه كثير من الإحباط ، ولكن الجميع صمموا على مواصلة الدعاء والصلاة. ودخل رجال الدين اللاتين مع الملك وحاشيته في موكب وهم حفاة الأقدام إلى معبد السيد المسيح (١) حيث وعد الله سليمان بالاستماع لدعائه وصلاته ، وهناك دعا الجميع العظيم بأن يرسل لهم النور المقدس ، وبينما صلى اللاتين هكذا في معبد السيد المسيح ، سار اليونانيون والسريان ، والذين ظلوا في الكنيسة ، في موكب حول الضريح مقدمين صلواتهم إلى الله ، وكانوا في حالة من اليأس ، كانوا يخدشون وجوههم ، ويشدون شعورهم في تذمر وشكوى مرتفعة ، وبينما كان اللاتين راجعين أبلغ البطريرك بأن النور الذي طال انتظاره قد ظهر في أحد المصابيح في الضريح المقدس وأن هؤلاء القريبين استطاعوا رؤية لونه المائل للحمرة ، وعند سماع ذلك أسرع البطريرك الخطى وفتح باب الضريح بالمفتاح الذي كان يمسكه بيده ثم رأى في الحال النور الذي طال انتظاره يشع في أحد المصابيح.

وبنفس تملأها البهجة انحنى أمام الضريح المقدس وشكر الله على ذلك ، ثم أضاء مشعلا وخرج ليري الجميع ذلك النور المقدس ، وبقلوب تغمرها البهجة والدموع تملأ العيون صاح جميع الحاضرين «ارحمنا يا رب».

وبعد أداء القداس حضر الملك لابسا التاج على رأسه وطبقا للعادة الملكية أقام الملك بلدوين وليمة عظيمة في معبد سليمان (٢). وبينما كانت الوليمة قائمة أعلن أن النور المقدس قد ظهر في مصباحين معلقين في الضريح المقدس ، وعاد الملك وضيوفه إلى الكنيسة لرؤية المعجزة الجديدة.

__________________

(١) المقصود هنا مسجد قبة الصخرة الذي اطلق عليه الصليبيون اسم معبد السيد اثناء سيطرتهم على بيت المقدس ١٠٩٩ ـ ١١٨٧ (الترجمة العربية).

(٢) اطلق الصليبيون على المسجد الأقصى اسم معبد سليمان ، وقد سيطر عليه فرسان المعبد (فرسان الداوية) الذين قسموه إلى عدة اقسام ، قسم استخدم ككنيسة ، وقسم استخدم للمعيشة وتخزين الاسلحة ، وقسم حولوه إلى اسطبل للخيل. (الترجمة العربية).

١٣٥

١٣٦

الشكل الأول

كنيسة الضريح المقدس كما شاهدها سايولف ودانيال

أ، ب ، ج ـ الأبواب الثلاثة.

د ـ الحجر الذي جلس عليه الملاك.

ي ـ المقعد الذي أسجي عليه جثمان المسيح عليه السلام (١).

__________________

(١) حسب الاعتقاد المسيحي.

١٣٧

الشكل الثاني

كنيسة الضريح المقدس في وقت زيارة دانيال الروسي لها

١ ـ القبر.

٢ ـ المذبح العالي في الجزء البارز النصف دائري من الكنيسة.

٣ ـ مذبح الكنيسة من خلال حواجز المذبح ، حيث وقف القساوسة اللاتين خلال شعائر هبوط الضوء المقدس.

٤ ـ مكان الملك بلدوين. ٥ ـ مكان الراهب دانيال. ٦ ـ مكان الكهنة اليونان. ٧ ـ وسط الأرض. ٨ ـ كنيسة الجلجلة.

٩ ـ الجلجلة (مكان الصلب). ١٠ ـ مذبح إبراهيم. ١١ ـ مكان الهبوط أو التكريس. ١٢ ـ سجن المسيح.

١٣ ـ مواضع تمزيق الرداء الكهنوتي ، السخرية ، الجلد ، التتويج (١) (وضع تاج من الشوك على رأس المسيح عليه السلام).

١٤ ـ كنيسة دعوة الصليب الصغيرة. ١٥ ـ المدخل الذي حضرت منه مريم المصرية. ١٦ ـ كنيسة القديسة مريم.

١٧ ـ كنيسة القديس يوحنا. ١٨ ـ كنيسة الثالثوث المقدس. ١٩ ـ كنيسة القديس جيمس.

٢٠ ـ المكان الذي يدعى سبودي حيث وقفت السيدة العذراء أثناء الصلب.

__________________

(١) المقصود هنا أماكن تعذيب السيد المسيح عليه السلام حسب الاعتقاد المسيحي.

١٣٨

الشكل الثالث

رسم تخطيطي محتمل لإظهار موقع كنيسة القديس ستيفن خارج بوابة دمشق

١ ـ آثار الكنيسة والدير الذي اكتشف سنة ١٨٨١ م.

٢ ـ السنيريةThe Asneria.

٣ ـ مغارة ارمياJeremiah\'s Grotto.

٤ ـ آثار الكنيسة التي اكتشفت سنة ١٨٧٥ م.

٥ ـ بوابة القديس ستيفن (الان تعرف ببوابة دمشق).

٦ ـ بوابة بنيامين (الآن تعرف ببوابة يافا).

أ. أ. أ. الطريق من يافا إلى بيت عور.

ب. ب. ب. الطريق الجديدة من يافا.

أ. ب. سي. الطريق السابقة التي اتبعها دانيال.

أ. د. ب. طريق بديل.

١٣٩

بيان بالمختصرات الواردة في الترجمة العربية والانجليزية

١٤٠