كتاب سيبويه - ج ١

أبو بشر عمرو بن عثمان [ سيبويه ]

كتاب سيبويه - ج ١

المؤلف:

أبو بشر عمرو بن عثمان [ سيبويه ]


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٣
الصفحات: ٥٨٢

(وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ) ما منعها أن تكون كقولك ما يدريك أنه لا يفعل فقال لا يحسن ذلك في هذا الموضع انما قال وما يشعركم ثم ابتدأ فأوجب فقال إنها اذا جاءت لا يؤمنون ، ولو قال وما يشعركم أنها كان ذلك عذرا لهم وأهل المدينة يقولون أنّها فقال الخليل هي بمنزلة قول العرب ائت السّوق أنّك تشتري لنا شيئا أي لعلّك فكأنه قال لعلّها اذا جاءت لا يؤمنون وتقول إن لك هذا علي وأنك لا تؤذى كأنك قلت وإن لك أنك لا تؤذى ، وان شئت ابتدأت ولم تحمل الكلام على إنّ لك ، وقد قرىء هذا الحرف على وجهين قال بعضهم وإنّك لا تظمأ فيها وقال بعضهم وأنّك

واعلم أنه ليس يحسن لأنّ أن تلي إنّ ولا أنّ كما قبح ابتداؤك الثقيلة المفتوحة وحسن ابتداء الخفيفة لأن الخفيفة لا تزول عن الأسماء.

واعلم أنه ليس يحسن أن تلي إنّ أنّ ولا أنّ إنّ ، ألا ترى أنك لا تقول إن أنك ذاهب في الكتاب ، ولا تقول قد عرفت أن إنك منطلق في الكتاب وإنما قبح هذا هيهنا كما قبح في الابتداء ألا ترى أنه قبيح أن تقول أنك منطلق بلغني أو عرفت لأن الكلام بعد أنّ وإنّ غير مستغن كما أن المبتدأ غير مستغن وإنما كرهوا ابتداء أنّ لئلّا يشبّهوها بالأسماء التي تعمل فيها إنّ ولئلا يشبّهوها بأن الخفيفة لأنّ أن والفعل بمنزلة مصدر فعله الذي ينصبه ، والمصادر تعمل فيها إنّ وأنّ ، ويقول الرجل للرجل لم فعلت ذلك فيقول لم أنّه ظريف كأنه قال قلت لمه قلت لأنّ ذلك كذلك وتقول اذا أردت أن تخبر ما يعني المتكلّم أي إنّى نجد اذا ابتدأت كما تبتدىء أي أنا نجد وإن شئت قلت أي أنّى نجد كأنك قلت أي لأنّى نجد.

[باب آخر من أبواب أنّ]

تقول ذلك وأنّ لك عندي ما أحببت وقال الله عزوجل (ذلِكُمْ وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ) وقال (ذلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ عَذابَ النَّارِ) وذلك لأنها شركت ذلك فيما حمل عليه كأنه قال الأمر ذلك وأن الله ، ولو جاءت مبتدأة لجازت يدلك على ذلك قوله عزوجل (ذلِكَ وَمَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ

٥٤١

بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ) فمن ليس محمولا على ما حمل عليه ذلك ، فكذلك يجوز إنّ منقطعة قال الشاعر (وهو الأحوص) : [بسيط]

(١) عوّدت قومي اذا ما الضّيف نبهني

عقر العشار على عسري وايساري

أني اذا خفيت نار لمرملة

ألقى بأرفع تل رافعا ناري

ذاك وإني على جاري لذو حدب

أحنو عليه بما يحنى على الجار

فهذا لا يكون إلا مستأنفا غير محمول على ما حمل عليه ذاك ، فهذا أيضا يقوّي ابتداء إنّ في الأول.

[باب آخر من أبواب أنّ]

تقول جئتك أنك تريد المعروف إنما تريد لأنك تريد المعروف ولكنك حذفت اللام هيهنا كما تحذفها من المصدر اذا قلت : [طويل]

وأغفر عوراء الكريم ادّخاره

وأعرض عن ذنب اللّئيم تكرّما

أي لادّخاره ، وسألت الخليل عن قوله جلّ ذكره (وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) فقال إنما هو على حذف اللام كأنه قال ولأنّ هذه أمّتكم أمّة واحدة وأنا ربّكم فاتّقون وقال نظيرها لإيلاف قريش لأنه انما هو لذلك

__________________

(٦٩٩) الشاهد في كسر إن لدخول لام التأكيد ولو لم تدخل لفتحت حملا على ما قبلها يقول اذا طرقنى الضيف نحرت له وان كنت معسرا وأرفع ناري بالتل ليعشو اليه المحتاج اذا أخفي غيري ناره للؤمه ، وأقوم بحق جاري وأعطف عليه وأواسيه ، والعشار جمع عشراء وهي التي أتى عليها من حملها عشرة أشهر ، وقوله أتى بالفتح محمول على البدل من العقر لأن عقر العشار مشتمل على ايقاد النار ودال عليه فكأنه قال عوّدت قومي أني أوقد النار لطارق وكسر ان هيهنا أجود على الاستئناف ، والقطع والمرملة الجماعة التي نفد زادها ورجل مرمل لا شيء له مشتق من الرمل كأنه لا يملك غيره كما يقال ترب الرجل اذا افتقر والتل ما ارتفع من الأرض ، وقوله ذاك وإني أي أمرى وشأني ذلك والحدب العطف ، وقد حدب علي اذا عطف والحنوّ مثله.

٥٤٢

فليعبدوا ، فان حذفت اللام من أن فهو نصب كما أنك لو حذفت اللام من لايلاف كان نصبا هذا قول الخليل ، ولو قرؤها (وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) كان جيّدا وقد قرىء ولو قلت جئتك إنك تحبّ المعروف مبتدء كان جيدا ، وقال سبحانه وتعالى (فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ) وقال (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ) إنما أراد بأني مغلوب وبأني لكم ولكنه حذف الباء وقال أيضا (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) بمنزلة (وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) والمعنى ولأنّ هذه أمتكم فاتّقون ولأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا ، وأما المفسّرون فقالوا على أوحى ، ولو قرئت وإنّ المساجد لله كان جيّدا.

واعلم أنّ العرب تنشد هذا البيت على وجهين على ارادة اللام وعلى الابتداء قال الفرزدق : [طويل]

(١) منعت تميما منك أني انا ابنها

وشاعرها المعروف عند المواسم

وسمعنا من العرب من يقول إني أنا ابنها ، وتقول لبّيك إنّ الحمد والنعمة لك ، وان شئت قلت أنّ ولو قال انسان إن أنّ في موضع جر في هذه الأشياء ولكنه حرف كثر استعماله في كلامهم فجاز حذف الجار فيه كما حذفوا ربّ في قوله : [رجز]

(٢) *وبلد تحسبه مكسوحا*

لكان قولا قويا ، وله نظائر نحو قوله لاه أبوك والأول قول الخليل ويقوي ذلك قولهم وأنّ المساجد لله لأنهم لا يقدّمون أنّ ويبتدئونها ويعملون فيها ما بعدها الا أنه

__________________

(٧٠٠) الشاهد في جواز فتح أن على معنى لأني وكسرها على الاستئناف والقطع ، يقول هذا لجرير وكلاهما من تميم الا أنه نفي عنها جريرا للؤمه عنده واحتقاره له وجعل رهطه منها غير معدود فيها وجعل قومه من بني دارم ومن كان مثلهم في الشرف هم تميم في الحقيقة.

(٧٠١) الشاهد فيه اضمار رب وجعل جواز ذلك دليلا على أن حذف الجر في أن وان واضماره جائز تخفيفا لطولهما بالصلة ، وقد تقدم القول في اضمار رب والاختلاف فيه* وصف فلاة لا شيء فيها فكأنها اكتسحت أي كنست.

٥٤٣

يحتجّ الخليل بأن المعنى معنى اللام فاذا كان الفعل أو غيره موصلا اليه باللام جاز تقديمه وتأخيره لأنه ليس هو الذي عمل فيه في المعنى فاحتملوا هذا المعنى ، كما قال حسبك ينم الناس اذ كان فيه معنى الأمر وسترى مثله ومنه ما قد مضى.

[باب إنّما وأنّما]

اعلم أنّ كلّ موضع تقع فيه أنّ تقع فيه أنّما وما ابتديء بعدها صلة لها كما أنّ الذي ابتدىء بعد الذي صلة له ولا تكون هي عاملة فيما بعدها كما لا يكون الذي عاملا فيما بعده ، فمن ذلك قوله عزوجل (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) وقال الشاعر (وهو عمرو بن الإطنابة الأنصاري) : [خفيف]

(١) أبلغ الحرث بن ظالم المو

عد والناذر النّذور عليّا

أنما تقتل النّيام ولا تقتل

يقظان ذا سلاح كميّا

فانما وقعت أنما هيهنا لأنك لو قلت أن إلهكم إله واحد وأنك تقتل النيام كان حسنا ، وان شئت قلت انما تقتل النيام على الابتداء زعم ذلك الخليل ، فأما إنما فلا تكون اسما وانما هي فيما زعم الخليل بمنزلة فعل ملغى مثل أشهد لزيد خير منك لأنها لا تعمل فيما بعدها ولا تكون الا مبتدأة بمنزلة اذا لا تعمل في شيء.

واعلم أن الموضع الذي يجوز فيه إنّ إنما فيه مبتدأة وذلك قولك وجدتك إنما أنت صاحب كل خنى لأنك لو قلت وجدتك أنك صاحب كل خنى لم يجز ذلك لأنك اذا قلت أرى أنه منطلق فانما وقع الرأي على شيء لا يكون الكاف التي في وجدتك ونحوها من

__________________

(٧٠٢) الشاهد في فتح أنما حملا على ابلغ وجريها مجرى أن لأن ما فيها صلة فلا تغيرها عن جواز الفتح والكسر فيها* يقول هذا للحرث بن ظالم المرى وكان قد توعده بالقتل ونذر دمه ان ظفر به وانما قال تقتل النيام لانه قتل خالد بن جعفر بن كلاب غيلة وهو نائم في قبته ، ولما سمع الحرث هذا أقبل في سلاحه واستصرخ عمرو بن الاطنابة فلما بعد عن الحي قال له الست يقظان ذا سلاح قال له أجل قال فاني الحرث بن ظالم فاستخذى له ومن عليه الحرث بن ظالم وخلى سبيله والكمىّ الشجاع.

٥٤٤

الأسماء فمن ثم لم يجز رأيتك أنك منطلق فانما أدخلت إنّما على كلام مبتدإ كأنك قلت وجدتك أنت صاحب كل خنى ثم أدخلت انّما على هذا الكلام فصار كقولك انما أنت صاحب كل خنى لأنك أدخلتها على كلام قد عمل بعضه في بعض ، ولم تضع انّما فى موضع ذاك اذا قلت وجدتك ذاك لأنّ ذاك هو الأول وأنّما وأنّ انما يصيّران الكلام شأنا وحديثا فلا يكون الخبر ولا الحديث الرجل ولا زيدا ولا أشباه ذلك من الأسماء قال الشاعر (وهو كثير) : [طويل]

(١) أراني ولا كفران لله إنما

أواخي من الأقوام كلّ بخيل

لأنه لو قال أني هيهنا كان غير جائز لما ذكرنا فانما هيهنا بمنزلتها في قولك زيد انما يواخى كلّ بخيل وهو كلام مبتدء ، وانما في موضع خبره كما أنك اذا قلت كان زيد أبوه منطلق فهو مبتدأ ، وهو في موضع خبره ، وتقول وجدت خبره أنما يجالس أهل الخبث لأنك تقول أرى أمره أنه يجالس اهل الخبث ، وحسنت أنّه هاهنا لأن الآخر هو الأول.

[باب تكون فيه أنّ بدلا من شيء هو الأول]

وذلك قولك بلغتني قصّتك أنك فاعل ، وقد بلغني الحديث أنهم منطلقون وكذلك القصة وما أشبهها.

[باب تكون فيه أنّ بدلا من شيء ليس بالاول]

من ذلك (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ) فأنّ مبدلة من إحدى الطّائفتين موضوعة في مكانها كأنك قلت واذ يعدكم الله أنّ إحدى الطائفتين

__________________

(٧٠٣) الشاهد فيه كسر انما لوقوعها موقع الجملة المبتدأة النائبة مناب المفعول الثاني لأرى وأرى هنا بمعنى أجد وأعلم ، ولا يجوز فتح انما هنا كما لا تنصب الجملة النائبة مناب الخبر وانما ذكرته انه لا يؤاخى الا أهل البخل لانه متغزل والنساء موصوفات بالبخل فجعل ذلك عاما في كل من يؤاخيه مبالغة في الوصف

٥٤٥

لكم كما أنك اذا قلت رأيت متاعك بعضه فوق بعض فقد أبدلت الآخر من الأول وكأنك قلت رأيت بعض متاعك فوق بعض فانما نصبت بعضا لأنك أردت معنى رأيت بعض متاعك فوق بعض ، كما جاء الأول على معنى واذ يعدكم الله أنّ إحدى الطائفتين لكم ، ومن ذلك قوله عزوجل (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ) فالمعنى والله أعلم ألم يروا أنّ القرون الذى أهلكناهم اليهم لا يرجعون ، ومما جاء مبدلا من هذا الباب (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ) فكأنه على أيعدكم أنكم مخرجون اذا متم وذلك أريد بها ولكنها انما قدّمت أنّ الأولى ليعلم بعد أي شيء الاخراج ، ومثل ذلك قولهم زعم أنه اذا أتاك أنه سيفعل وقد علمت أنّه اذا فعل أنه سيمضى ولا يجوز أن تبتدىء إنّ هاهنا كما تبتدىء الأسماء بعد الفعل اذا قلت قد علمت زيدا أبوه خير منك وقد رأيت زيدا يقول أبوه ذاك لأنّ إنّ لا تبتدأ في كل موضع وهذا من تلك المواضع وزعم الخليل أنّ مثل ذلك قوله تبارك وتعالى (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ) ولو قال فإنّ ، كانت عربية جيّدة وسمعناهم يقولون في قول ابن مقبل : [طويل]

(١) وعلمي بأسدام المياه فلم تزل

قلائص تخدي في طريق طلائح

وأنّى اذا ملّت ركابي مناخها

فإني على حظّي من الأمر جامح

وإن جاء في الشعر قد علمت أنّك اذا فعلت إنك فاعل اذا أردت معنى الفاء جاز والوجه والحدّ ما قلت لك أوّل مرة ، وبلغنا أنّ الأعرج قرأ (أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ

__________________

(٧٠٤) الشاهد فيه كسران الثانية على الاستئناف ولو فتحت حملا على أن الاولى تأكيدا وتكريرا لجاز ، والأسدام المياه المتغيرة لقلة الوارد واحدها سدم يريد مياه الفلوات وعلمه بها لحسن دلالته ومعنى تخدي تسرع ، والطلائح المعيية لطول السفر ومعنى ملت ركابي مناخها يريد توالي سفرها واناختها فيه وارتحالها ، والجامح الماضي على وجهه أي لا يكسرني طول السفر ولكني أمضي قدما لما أرجوه من الحظ في أمري.

٥٤٦

سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ونظيره ذا البيت الذي أنشدتك.

[باب من ابواب أنّ تكون أنّ فيه مبنيّة على ما قبلها]

وذلك قولك أحقا أنّك ذاهب وآلحقّ أنك ذاهب ، وكذلك إن أخبرت فقلت حقا أنك ذاهب والحقّ انّك ذاهب وكذلك أأكبر ظنّك انّك ذاهب وأجهد رأيك أنك ذاهب ، وكذلك هما في الخبر وسألت الخليل ، فقلت ما منعهم أن يقولوا أحقا إنك منطلق على القلب كأنك قلت إنك ذاهب حقا وانك ذاهب الحقّ وأإنك منطلق حقا ، فقال ليس هذا من مواضع إنّ لأنّ إنّ لا يبتدأ بها في كل موضع ولو جاز هذا لجاز يوم الجمعة إنك ذاهب تريد إنّك ذاهب يوم الجمعة ولقلت أيضا لا محالة إنك ذاهب تريد إنك لا محالة ذاهب فلمّا لم يجز ذلك حملوه على أفى حق أنك ذاهب ، وعلى أفي أكبر ظنّك أنك ذاهب وصارت أنّ مبنيّة عليه كما يبنى الرّحيل على غد اذا قلت غدا الرحيل ، والدليل على ذلك إنشاد العرب هذا البيت كما أخبرتك زعم يونس أنه سمع العرب يقولون في بيت الأسود ابن يعفر : [طويل]

(١) أحقّا بني أبناء سلمى بن جندل

تهدّدكم إياي وسط المجالس

فزعم الخليل أنّ التهدّد هاهنا بمنزلة الرحيل بعد غد وأنّ أنّ بمنزلته وموضعه كموضعه ونظير أحقّا أنك ذاهب في أشعار العرب قول العبدي : [وافر]

(٢) أحقّا أنّ جيرتنا استقلوا

فنيّتنا ونيّتهم فريق

__________________

(٧٠٥) الشاهد فيه نصب حق على الظرف والتقدير أفي حق تهددكم اياي وجاز وقوعه ظرفا وهو مصدر في الاصل لما بين الفعل والزمان من المضارعة وكأنه على حذف الوقت واقامة المصدر مقامه كما قالوا أتيتك خفوق النجم أي وقت خفوق النجم فكان تقديره أفي وقت حق توعد تموني* يقول هذا لقومه وهو احد من توعده قومه بالهجا ، وسلمى بن جندل رهط من نهشل بن دارم.

(٧٠٦) الشاهد في نصبه حقا على الظرف وفتح أن لأنها وما بعدها في موضع اسم مبتدأ وخبره في الظرف ، والتقدير أفي حق استقلال جيرتنا ، ولا يجوز كسرها لأن الظرف ـ

٥٤٧

وقال عمر بن أبي ربيعة :

(١) أأحقّ أن دار الرّباب تباعدت

أو انبتّ حبل أنّ قلبك طائر

وقال النابغة الجعدي : [وافر]

(٢) ألا أبلغ بني خلف رسولا

أحقّا انّ أخطلكم هجاني

فكلّ هذه البيوت سمعناها من أهل الثقة هكذا ، والرفع في جميع ذا جيّد قوىّ وذلك أنك ان شئت قلت أحقّ أنك ذاهب وأأكبر ظنك أنك ذاهب تجعل الآخر هو الأول ، وأما قولهم لا محالة انك ذاهب فانما حملوا أنّ على أن فيه اضمار من على قوله لا محالة من انك ذاهب كما تقول لا بدّ أنك ذاهب كأنك قلت لا بدّ من أنك ذاهب حين لم يجز ان يحملوا الكلام على القلب ، وسألته عن قولهم اما حقّا فانك ذاهب فقال هذا جيد وهذا الموضع من مواضع إنّ الا ترى أنك تقول أما يوم الجمعة فانك ذاهب وأما فيها فانك قائم ، فانما جاز هذا في أمّا لأن فيها معنى يوم الجمعة مهما يكن من شيء فانك ذاهب ، واما قوله عزوجل (لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ) فأنّ جرم عملت فيها لأنها فعل ومعناها لقد حقّ أنّ لهم النار ولقد استحق أن لهم النار وقول المفسرين معناها حقّا ان لهم النار يدلّك انها بمنزلة هذا الفعل اذا مثّلت فجرم قد عملت في أنّ عملها في قول الفزاري : [كامل]

__________________

ـ لا يتقدم على ان المكسورة لانقطاعها مما قبلها ومعنى استقلوا نهضوا مرتفعين مرتحلين ، والنية الجهة التي ينوونها* يصف افتراقهم عند انقضاء المرتبع ورجوعهم الى محاضرهم والفريق يقع للواحد والجمع والمذكر والمؤنث ، ونظيره صديق وعدو.

(٧٠٧) الشاهد في نصب الحق على الظرف وفتح ان بعده ، وقد تقدم القول فيهما وكنى بطيران القلب عن ذهاب عقله حزنا لفراقهم ، ويجوز ان يريد شدة خفقانه جزعا للفراق ، فجعله كالطيران ومعنى انبت انقطع ، واراد بالحبل التواصل والاجتماع.

(٧٠٨) الشاهد في نصب حق وفتح ان على ما تقدم ، وبنو خلف رهط الأخطل من بني تغلب وكانت بينه وبين النابغة مهما جاء والرسول هنا بمعنى الرسالة وهو بمعنى الرسالة وهو مما جاء على فعول من اسماء الأفعال كالوضوء والطهور ونظيرها الألوك وهو الرسالة ايضا.

٥٤٨

(١) ولقد طعنت أبا عيينة طعنة

جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا

أي أحقّت فزارة فزعم الخليل ان لا جرم انما تكون جوابا لما قبلها من الكلام يقول الرجل كان كذا وكذا وفعلوا كذا وكذا فتقول لا جرم أنهم سيندمون أو أنه سيكون كذا وكذا ، وتقول أما جهد رأيى فانه منطلق لأنك لم تضطرّ الى أن تجعله ظرفا كما اضطررت في الأول ، وهذا من مواضع إنّ لأنك تقول أما في رأيي فانك ذاهب أي فانت ذاهب ، وان شئت قلت فأنّك وهو ضعيف لأنك اذا قلت أما جهد رأيي فإنك عالم لم تضطرّ الى ان تجعل الجهد ظرفا للقصة لأن ابتداء إنّ يحسن هاهنا ، وتقول أما في الدار فانك قائم لا يجوز فيه الا إنّ تجعل الكلام قصة وحديثا ولم ترد أن تخبر ان في الدار حديثه ولكنك أردت ان تقول أما في الدار فأنت قائم فمن ثم لم تقل أنّ ، وان أردت ان تقول اما في الدار فحديثك وخبرك قلت اما في الدار فأنّك منطلق اي هذه القصة ، ويقول الرجل ما اليوم فتقول اليوم أنك مرتحل كأنه قال في اليوم رحيلك وعلى هذا الحد تقول أما اليوم فأنك مرتحل وأما قولهم أما بعد فان الله قال في كتابه فانه بمنزلة قولك أما اليوم فانك ، ولا يكون بعد أبدا مبنيا عليها اذا لم تكن مضافة ولا مبنية على شيء ، انما تكون لغوا وسألته عن شدّ ما أنك ذاهب وعزّ ما أنك ذاهب فقال هذا بمنزلة حقّا أنك ذاهب كما تقول أما أنك ذاهب بمنزلة حقّا انك ذاهب ، ولو بمنزلة لو لا ، ولا تبتدأ بعدها الأسماء سوى أنّ نحو لو أنك ذاهب ولو لا تبتدأ بعدها الأسماء ولو بمنزلة لو لا وإن لم يجز فيها ما يجوز فيما يشبهها ، تقول لو أنه ذهب لفعلت ، وقال عزوجل (لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي) وان شئت جعلت شدّ ما وعزّ ما كنعم ما كأنك قلت نعم العمل أنك

__________________

(٧٠٩) الشاهد في قوله جرمت فزارة ومعناه على مذهب سيبويه حقتها للغضب لانه فسر قولهم لا جرم انه سيفعل على معنى حق انه يفعل ولا عنده زائدة إلا أنها لزمت جرم لأنها كالمثل وغيره يزعم ان معنى قوله جرمت فزارة ان يغضبوا أكسبتهم الغضب من قوله عزوجل (لا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ) أي لا يكسبنكم ويقال حققته ان يفعل بمعنى احققته وحققته اي جعلته حقيقا بفعله.

٥٤٩

تقول الحقّ ، وسألته عن قوله كما أنه لا يعلم ذلك فتجاوز لله عنه ، وهذا حق كما أنك هاهنا فزعم أنّ العاملة في أن الكاف وما لغو إلا ان ما لا تحذف منها كراهية ان يجيء لفظها مثل لفظ كأنّ كما الزموا النون لأفعلنّ واللام قولهم إن كان ليفعل كراهية ان يلتبس اللفظان ، ويدلك على ان الكاف هي العاملة قولهم هذا حق مثل ما أنك هاهنا ، وبعض العرب يرفع فيما حدثنا يونس وزعم انه يقول ايضا إنّه لحق مثل ما انّكم تنطقون ، فلو لا ان ما لغو لم يرتفع مثل وان نصبت مثل فما ايضا لغو لأنك تقول مثل أنك هاهنا وان جاءت ما مسقطة من الكاف في الشعر جاز كما قال النابغة الجعدي : [طويل]

(١) قروم تسامى عند باب دفاعه

كان يؤخذ المرء الكريم فيقتلا

فما لا تحذف هاهنا كما لا تحذف في إمّا في قولك [وافر]

* فان جزعا وإن إجمال صبر (٢) *

ولكنه جاز في الشعر

[باب من أبواب إنّ]

تقول قال عمرو إن زيدا خير الناس وذلك لأنك أردت أن تحكي قوله ولا يجوز أن تعمل قال في إنّ كما لا يجوز لك أن تعملها في زيد وأشباهه اذا قلت قال زيد عمرو خير

__________________

(٧١٠) الشاهد فيه حذف ما ضرورة من قوله كأن يؤخذ والتقدير عنده كما أنه يؤخذ وقد خولف في هذا التقدير وجعلت أن الناصبة للفعل ونصب يؤخذ بعدها واستدل صاحب هذا القول على ذلك بقوله فيقتلا بالنصب وجعل الكاف جارة لأن على تقدير دفاعه كأخذ المرء وقتله وكلا القولين منهما خارج والآخر منهما أقرب وأسهل وفي قول سيبويه ضرورتان اسقاط ما والنصب بالفاء في الواجب* وصف قوما اجتمعوا عند باب ملك ومححب للتخاصم وجعل دفاع من وقف اليه وحجب شديدا عليه كأخذه وقتله والقروم السادة وأصل القرم الفحل من الابل ومعنى تسامى يفخر بعضهم على بعض ويسمو بنفسه وعشيرته.

(١) استشهد على جواز حذف ما من كما كما حذفت من إما ، وقد تقدم البيت بتفسيره في ص ١٦٠ رقم ٢١٥.

٥٥٠

الناس فانّ لا تعمل فيها قال كما لا تعمل قال فيما تعمل فيه أنّ لأن أنّ تجعل الكلام شأنا وانت لا تقول قال الشأن متفاقما كما تقول زعم الشأن متفاقما فهذه الأشياء بعد قال حكاية مثل قوله عزوجل (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ) وقال أيضا (قالَ اللهُ إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ) وكذلك جميع ما جاء في القرآن من ذا ، وسألت يونس عن قوله متى تقول أنه منطلق فقال اذا لم ترد الحكاية وجعلت تقول مثل تظنّ قلت متى تقول أنك ذاهب وان أردت الحكاية قلت متى تقول إنك ذاهب كما انه يجوز لك ان تحكي فتقول متى تقول زيد منطلق ، وتقول قال عمرو إنه منطلق فان جعلت الهاء عمرا أو غيره فلا تعمل قال كما لا تعمل اذا قلت قال عمرو هو منطلق فقال لم تعمل هاهنا شيئا وان كانت الهاء هي القائل كما لا تعمل شيئا اذا قلت قال وأظهرت هو فقال لا تغير الكلام عن حاله قبل أن تكون فيه قال فيما ذكرناه ، وكان عيسى يقرأ هذا الحرف فدعا ربّه إني مغلوب فانتصر أراد أن يحكى كما قال عزوجل (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ) كأنه قال والله أعلم قالوا ما نعبدهم ويزعمون أنها في قراءة ابن مسعود كذا ، ومثل ذلك كثير في القرآن وتقول اول ما اقول أني احمد الله كأنك قلت أول ما أقول الحمد لله وأنّ في موضعه وان اردت الحكاية قلت اول ما اقول اني احمد الله.

[باب آخر من أبواب إنّ]

وذلك قولك قد قاله القوم حتى انّ زيدا يقوله وانطلق القوم حتى ان زيدا لمنطلق فحتّى هاهنا معلّقة لا تعمل شيئا في إنّ كما لا تعمل اذا قلت حتى زيد ذاهب فهذا موضع ابتداء وحتّى بمنزلة اذا ، ولو أردت ان تقول حتى أن في هذا الموضع كنت محيلا لأن أنّ وصلتها بمنزلة الانطلاق ، ولو قلت انطلق القوم حتى الانطلاق أو حتى الخبر كان محالا لأن أنّ تصيّر الكلام خبرا فلم يجز ذا وجاز على الابتداء ، وكذلك اذا قلت مررت فاذا إنه يقول أن زيدا خير منك وسمعت رجلا من العرب ينشد هذا البيت كما أخبرك به : [طويل]

٥٥١

(١) وكنت أرى زيدا كما قيل سيّدا

اذا إنه عبد القفا واللهازم

فحال اذا هاهنا كحالها اذا قلت اذا هو عبد القفا واللهازم وانما جاءت انّ هاهنا لأنك هذا المعنى أردت كما أردت في حتّى معنى حتى هو منطلق ، ولو قلت مررت فاذا أنه عبد تريد مررت به فاذا العبودية واللؤم كأنك قلت مررت فاذا امره العبودية واللؤم ثم وضعت انّ في هذا الموضع جاز ، وتقول عرفت امورك حتى أنك أحمق كأنك قلت عرفت امورك حتى حمقك ثم وضعت أنّ في هذا الموضع ، هذا قول الخليل ، وسألته عن قوله هذا حق كما انك هيهنا هل يجوز على ذا الحدّ كما انك هيهنا فقال لا ، لأن إنّ لا يبتدأ بها في كل موضع ألا ترى أنك لا تقول يوم الجمعة انك ذاهب ولا كيف انك صانع فكما بتلك المنزلة.

[باب آخر من ابواب إنّ]

تقول ما قدم علينا امير الا إنه مكرم لي لأنه ليس هيهنا شيء يعمل في إنّ ، ولا يجوز أن تكون عليه أنّ ، وانما تريد ان تقول ما قدم علينا أمير الا هو مكرم لي فكما لا تعمل في ذا لا تعمل في إنّ ودخول اللام هيهنا يدلك على أنه موضع ابتداء قال سبحانه (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ) ومثل ذلك قول الشاعر : [كثير]

(٢) ما أعطياني ولا سألتهما

إلا واني لحاجزي كرمى

__________________

(٧١١) الشاهد في جواز فتح ان وكسرها بعد اذا فالكسر على نية وقوع المبتدأ والخبر بعد اذا والتقدير اذا هو عبد القفا والفتح على تأويل المصدر المبتدأ ، والاخبار عنه باذا والتقدير فاذا العبودية ، وان شئت قررت الخبر محذوفا على تقدير فاذا العبودية شأنه ومعنى قوله عبد القفا واللهازم أي اذا أنظرت الى قفاه ولهازمه تبينت عبوديته ولؤمه لان القفا موضع الصفع ، واللهزمة موضع اللكز وهي بضيعة في اصل الحنك الاسفل.

(٧١٢) الشاهد فيه كسر إن لدخول اللام في خبرها ولأنها واقعة موقع الجملة النائبة مناب الحال ولو حذف اللام لم تكن الا مكسورة لذلك ، وكان المبرد يزعم ان الرواية الا وأني ، وقوله يوجب أن كثيرا لم يسألهما ولا أعطياه لان كرمه حجزه عن السؤال ـ

٥٥٢

وكذلك لو قال الّا واني حاجزي كرمي ، وتقول ما غضبت عليك الا أنّك فاسق كأنك قلت إلا لأنك فاسق ، وأما قوله عزوجل (وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ) فانما حمله على منعهم ، وتقول اذا اردت معنى اليمين أعطيته ما إنّ شرّه خير من جيد ما معك وهؤلاء الذين إن أجبنهم لأشجع من شجعائكم ، وقال الله عزوجل (وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ) فإنّ صلة لما كأنك قلت ما والله إنّ شرّه خير من جيد ما معك.

[باب آخر من أبواب إنّ]

تقول أشهد إنه لمنطلق فأشهد بمنزلة قوله والله إنه لذاهب وإنّ غير عاملة فيها أشهد لأنّ هذه اللام لا تلحق أبدا إلا في الابتداء ، ألا ترى أنك تقول أشهد لعبد الله خير من زيد كأنك قلت والله لعبد الله خير من زيد فصارت إنّ مبتدأة حين ذكرت اللام كما كان عبد الله مبتدء حين أدخلت فيه اللام ، فاذا ذكرت اللام هيهنا لم تكن إلا مكسورة كما أن عبد الله لا يكون هيهنا إلا مبتدأ ، ولو جاز ان تقول أشهد أنّك لذاهب لقلت أشهد بلذاك فهذه اللام لا تكون الا في الابتداء وتكون اشهد بمنزلة والله ، ونظير ذلك قول الله عزوجل (وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) وقال عزوجل (فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) لأن هذه توكيد كأنه قال يحلف بالله إنه لمن الصادقين وقال الخليل أشهد بأنك لذاهب غير جائز ، من قبل أن حروف الجرّ لا تعلّق ، وقال اقول اشهد إنه لذاهب وإنه منطلق أتبع آخره اوّله ، وان قلت اشهد أنه ذاهب وانّه لمنطلق لم يجز إلا الكسر في الثاني لأن اللام لا تدخل ابدا على أن وانّ محمولة على ما قبلها ولا تكون الّا مبتدأة باللام ، ومن ذلك ايضا قولك قد علمت انّه لخير منك فإن هيهنا مبتدأة وعلمت هيهنا بمنزلتها في قولك لقد علمت

__________________

ـ والصحيح قول سيبويه لأنه ذكر عبد الملك وعبد العزيز ابني مروان بن الحكم ومشهور سؤاله اياهما واعطاؤهما اياه وانما يريد اذ سألهما وأعطياه حجزه كرمه عن الالحاف بالسؤال وعن كفر النعمة.

٥٥٣

ايّهم قال ذلك معلّقة في الموضعين جميعا وهذه اللام تصرف إنّ الى الابتداء كما تصرف عبد الله الى الابتداء اذا قلت قد علمت لعبد الله خير منك فعبد الله هيهنا بمنزلة إنّ في أنه يصرف الى الابتداء ، ولو قلت قد علمت أنه لخير منك لقلت قد علمت لزيدا خيرا منك ورأيت لعبد الله هو الكريم فهذه اللام لا تدخل على أن ولا على عبد الله الّا وهما مبتدآن ، ونظير ذلك قوله عزوجل (وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ) فهو هيهنا مبتدأ ، ونظير انّ مكسورة اذا لحقتها اللام قوله تعالى (وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) وقال ايضا (هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) فإنّكم هيهنا بمنزلة أيّهم اذا قلت ينبّئهم أيّهم افضل ، وقال الخليل مثله (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ) فما هيهنا بمنزلة أيّهم ويعلم معلّقة.

قال الشاعر : [طويل]

(١) ألم تر إني وأبن أسود ليلة

لنسري الى نارين يعلو سناهما

سمعناه ممن ينشده عن العرب ، وسألت الخليل عن قوله أحقا إنّك لذاهب فقال لا يجوز كما لا يجوز يوم الجمعة إنّه لذاهب ، وزعم الخليل ويونس أنه لا تلحق هذه اللام مع كل فعل ألا ترى أنك لا تقول وعدتك انّك لخارج ، انما يجوز هذا في العلم والظنّ ونحوه كما يبتدأ بعدهن أيّهم فإن لم تذكر اللام قلت قد علمت أنه منطلق لا تبتدئه وتحمله على الفعل لأنه لم يجيء ما يضطرّك الى الابتداء وانما ابتدىء إنّ حين كان غير جائز أن تحمله على الفعل فاذا حسن أن تحمله على الفعل لم تخطّ الفعل الى غيره ونظير ذلك قوله ان خيرا فخير وان شرّا فشر حملته على الفعل حين لم يجز أن تبتدىء بعد إنّ الأسماء وكما قلت أما انت منطلقا انطلقت معك حين لم يجز أن تبتدىء الكلام بعد أما فاضطررت في هذا الموضع الى ان تحمل الكلام على الفعل ، فاذا قلت إن زيدا منطلق لم يكن في إنّ الا الكسر لأنك لم تضطر الى شيء ، ولذلك تقول اشهد أنك ذاهب اذا لم

__________________

(٧١٣) الشاهد فيه كسران من اجل اللام والسنا الضوء مقصور وسناء المجد ممدود.

٥٥٤

تذكر اللام وهذا نظير هذا ، وهذه كلمة تكلم بها العرب في حال اليمين وليس كلّ العرب تتكلم بها تقول لهنّك لرجل صدق ، يريدون انّ ولكنهم ابدلوا الهاء مكان الألف كقوله هرقت ، ولحقت هذه اللام انّ كما لحقت ما حين قلت انّ زيدا لما لينطلقنّ فلحقت انّ اللام في اليمين كما لحقت ما فاللام الأولى في لهنّك لام اليمين واللام الثانية لام إنّ كما إنّ اللام الثانية في قولك انّ زيدا لما ليفعلنّ لام اليمين ، وقد يجوز في الشعر أشهد انّ زيدا ذاهب يشبّهها بقوله والله انّه لذاهب لأن معناه معنى اليمين ، كما أنه لو قال أشهد انت ذاهب ولم يذكر اللام لم يكن الّا ابتداء وهو قبيح ضعيف الا باللام ومثل ذلك في الضعف علمت إنّ زيدا ذاهب كما أنه ضعيف قد علمت عمرو خير منك ولكنه على ارادة اللام ، كما قال عزوجل (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها) وهو على اليمين وكان في هذا حسنا حين طال الكلام ، وسألت الخليل عن كأنّ فزعم أنها انّ لحقتها الكاف للتشبيه ولكنها صارت مع انّ بمنزلة كلمة واحدة وهي نحو كأيّ رجلا ونحو له كذا وكذا درهما ، واما قول العرب في الجواب انّه فهو بمنزلة أجل ، واذا وصلت قلت انّ يافنى وهي التي بمنزلة أجل.

قال الشاعر : [كامل]

بكر العواذل في الصبّو

ح يلمنني وألو مهنّه

ويقلن شيب قد علا

ك وقد كبرت فقلت إنّه

[باب أن وإن]

فأن مفتوحة تكون على وجوه ، فأحدها أن تكون فيه أن وما تعمل فيه من الأفعال بمنزلة مصادرها ، والآخر أن تكون فيه بمنزلة أى ووجه آخر هي فيه مخفّفة محذوفة ، ووجه آخر تكون فيه لغوا نحو قولك لمّا أن جاؤا ذهبت وأما والله أن لو فعلت لأكرمتك.

وأمّا إن فتكون للمجازاة وتكون إن يبتدأ ما بعدها في معنى اليمين وفي اليمين كما قال الله عزوجل (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ إِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ

٥٥٥

لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) وحدّثنى من لا أتّهم عن رجل من أهل المدينة موثوق به أنه سمع عربيّا يتكلم بمثل قولك إن زيد لذاهب وهي التي في قوله جلّ ذكره (وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ) وهذه إن محذوفة وتكون في معنى ما ، قال الله عزوجل (إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ) أي ما الكافرون الّا في غرور وتصرف الكلام الى الابتداء كما صرفتها ما الى الابتداء في قولك إنّما وذلك قولك ما إن زيد ذاهب.

وقال الشاعر [وهو فروة بن مسيك] : [وافر]

(١) وما إن طبّنا جبن ولكن

منايانا ودولة آخرينا

[باب من أبواب أن التي تكون والفعل بمنزلة مصدر]

تقول أن تأتينى خير لك كأنك قلت الاتيان خير لك ، ومثل ذلك قوله تبارك وتعالى (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) يعنى الصوم خير لكم.

وقال الشاعر (وهو عبد الرحمن بن حسّان) : [كامل]

(٢) إنى رأيت من المكارم حسبكم

أن تلبسوا حرّ الثياب وتشبعوا

كأنه قال رأيت حسبكم لبس الثياب.

وأعلم أنّ اللام ونحوها من حروف الجرّ قد تحذف من أن كما حذفت من أنّ جعلوها بمنزلة المصدر حين قلت فعلت ذاك ، حذر الشر أي لحذر الشرّ ويكون مجرورا على التفسير الآخر ، ومثل ذلك قولك انما انقطع اليك أن تكرمه ، ومثل ذلك قولك لا تفعل كذا وكذا أن يصيبك أمر تكرهه كأنه قال لأن يصيبك أو من أجل أن

__________________

(٧١٤) الشاهد فيه زيادة ان بعد ما توكيدا وهي كافة لها عن العمل كما كفت ما ان عن العمل ، والطب هنا العلة والسبب أي لم يكن سبب قتلنا الجبن ، وانما كان ما جرى به القدر من حضور المنية وانتقال الحال عنا والدولة.

(٧١٥) الشاهد في قوله أن تلبسوا ووقوع أن وما بعدها موقع المصدر والمعنى رأيت حسبكم وكافيكم لبس حر الثياب والشبع وقوله من المكارم أي بدلا منها.

٥٥٦

يصيبك ، وقال عزوجل (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما) وقال تعالى (أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ) كأنه قال ألأن كان ذا مال وبنين ، قال الأعشى : [بسيط]

(١) أأن رأت رجلا أعشى أضرّبه

ريب المنون ودهر تابل خبل

فأن هاهنا حالها في حذف حرف الجرّ كحال أنّ وتفسيرها كتفسيرها وهي مع صلتها بمنزلة المصدر ومن ذلك أيضا قوله ائتني بعد أن يقع الأمر وأتاني بعد أن وقع الأمر كأنه قال بعد وقوع الأمر ، ومن ذلك قوله أما أن أسير الى الشام فما أكرهه وأما أن أقيم فلي فيه أجر كأنه قال أما السّيرورة فما أكرهها وأما الاقامة فلي فيها أجر ، وتقول لا يلبث أن يأتيك أى لا يلبث عن إتيانك ، وقال تعالى (فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا فأن محمولة على كان كأنه قال فما كان جواب قومه الّا قول كذا وكذا ، وإن شئت رفعت الجواب فكانت أن منصوبة وتقول ما منعك أن تأتينا أراد من إتياننا فهذا على حذف حرف الجرّ وفيه ما يجىء محمولا على ما يرفع وينصب من الأفعال تقول قد خفت أن تفعل وسمعت عربيا يقول «أنعم أن تشدّه» أى بالغ في أن يكون ذلك هذا المعنى وأن محمولة على أنعم وقال جلّ ذكره (بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ) ثم قال (أَنْ يَكْفُرُوا) على التفسير كأنه قيل له ما هو فقال هو أن يكفروا ، وتقول إنى مما أن أفعل ذاك كأنه قال إني من الأمر أو من الشأن أن أفعل ذاك فوقعت ما هذا الموقع كما تقول العرب بئسماله ، يريدون بئس الشىء ماله وتقول ائتني بعد ما تقول ذاك كأنك قلت ائتني بعد قولك ذاك كما أنك اذا قلت بعد أن تقول فانما تريد ذاك ولو كانت بعد مع ما بمنزلة كلمة واحدة لم تقل ائتني من بعد ما تقول ذاك القول ولكانت الدال على حال واحدة ، وان شئت قلت إني مما أفعل فتكون ما مع من بمنزلة كلمة واحدة نحو ربّما ، قال الشاعر (وهو أبو حيّة النّميرى) : [طويل]

__________________

(٧١٦) الشاهد في قوله أأن رأت رجلا والتقدير ألأن رأت وهو متصل بقوله* صدت هريرة عنا ما تكلمنا* والمعنى أصدت لان رأتني أعشى والمنون الدهر وريبه صرفه وما يريب منه والخبل الشديد الفساد.

٥٥٧

(١) وإنا لممّا نضرب الكبش ضربة

على رأسه تلقى اللسان من الفم

وتقول اذا أضفت الى أن الأسماء إنّه أهل أن يفعل ومخافة أن يفعل ، وإن شئت قلت إنّه أهل أن يفعل ومخافة أن يفعل كأنك قلت إنّه أهل لأن يفعل ومخافة لأن يفعل ، وهذه الاضافة كاضافتهم بعض الاشياء الى أن ، قال الشاعر : [وافر]

(٢) تظلّ الأرض كاسفة عليه

كآبة أنها فقدت عقيلا

وسمعناه فصحاء العرب يقولون لحقّ أنّه ذاهب فيضيفون كأنه قال ليقين أنّه ذاهب أي ليقين ذاك أمرك وليست في كلام كلّ العرب ، وتقول إنّه خليق لأن يفعل وإنّه خليق أن يفعل على الحذف ، وتقول عسيت أن تفعل فأن هاهنا بمنزلتها في قولك قاربت أن تفعل أي قاربت ذاك وبمنزلة دنوت أن تفعل واخلو لقت السماء أن تمطر أي لأن تمطر وعسيت بمنزلة اخلولقت السماء ، ولا يستعملون المصدر هاهنا كما لم يستعملوا الأسماء التي الفعل في موضعها كقولك اذهب بذى تسلم ولا يقولون عسيت الفعل ولا عسيت للفعل ، وتقول عسى أن تفعل وعسى أن تفعلوا وعسى أن تفعلا وعسى محمولة عليها أن كما تقول دنا أن يفعلوا. وكما قالوا اخلولقت السماء أن تمطر وعلى ذا تكلم به عامّة العرب ، وكينونة عسى للواحد والجميع والمؤنّث تدلّك على ذلك ، ومن العرب من يقول عسى وعسيا وعسوا وعستا وعسين ، فمن قال ذلك كانت أن فيهن بمنزلتها في عسيت في أنها منصوبة.

واعلم أنهم لم يستعملوا عسى فعلك استغنوا بأن تفعل عن ذلك كما استغنى أكثر العرب بعسى عن أن يقولوا عسيا وعسوا ، وبلو أنه ذاهب عن لو ذهابه ومع هذا أنهم لم يستعملوا المصدر في هذا الباب كما لم يستعملوا الاسم الذي في موضعه يفعل في عسى وكاد فترك هذا لأنّ من كلامهم الاستغناء بالشيء عن الشيء.

__________________

(٧١٧) الشاهد في قوله لمما ، ومعناه لربما وهي من زيدت اليها ما وجعلت معها على معنى ربما كما ركبت تركيبها ، وأراد بالكبش الرئيس لانه يقارع دون القوم ويحميهم.

(٧١٨) الشاهد في اضافة الكآبة الى أن على تأويل كآبة فقدها عقيلا والمعنى كآبة لفقدها اياه ، وانتصاب كآبة على المفعول له أي كسفت لكآبتها وحزنها لفقده.

٥٥٨

واعلم أنّ من العرب من يقول عسى يفعل يشبّهها بكاد يفعل فيفعل حينئذ في موضع الاسم المنصوب في قوله «عسى الغوير أبؤسا» فهذا مثل من أمثال العرب أجروا فيه عسى مجرى كان ، قال هدبة : [وافر]

(١) عسى الكرب الذي أمسيت فيه

يكون وراءه فرج قريب

وقال :

(٢) عسى الله يغني عن بلاد ابن قادر

بمنهمر جون الرّباب سكوب

وقال :

(٣) فأمّا كيّس فنجا ولكن

عسى يغترّ بي حمق لئيم

وأمّا كاد فانهم لا يذكرون فيها أن ، وكذلك كرب يفعل ومعناهما واحد ، يقولون كرب يفعل وكاد يفعل ولا يذكرون الأسماء في موضع هذه الأفعال لما ذكرت لك في الكرّاسة التي تليها ، ومثله جعل يقول لا تذكر الاسم هيهنا ، ومثله أخذ يقول فالفعل هيهنا بمنزلة الفعل في كان اذا قلت كان يقول ، وهو في موضع اسم منصوب كما أنّ هذا في موضع اسم منصوب وهو ثمّ خبر كما أنه هيهنا خبر إلا أنك لا تستعمل الاسم فأخلصوا هذه الحروف للأفعال كما خلصت حروف الاستفهام للأفعال نحو هلّا وألّا ، وقد جاء في الشعر كاد أن يفعل شبّهوه بعسى ، قال رؤبة : [رجز]

(٤) * قد كاد من طول البلى أن يمصحا*

__________________

(٧١٩) الشاهد في اسقاط أن ضرورة ورفع الفعل والمستعمل في الكلام عسى أن يكون كما قال الله عزوجل (سى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ)(فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ) يقول هذا لرجل من قومه أسر.

(٧٢٠) الشاهد فيه اسقاط أن من قوله يغنى والقول فيه كالقول في الذي قبله والمنهمر السائل والجون الأسود والرباب ما تدلى من السحاب دون سحاب فوقه والسكوب المنصب.

(٧٢١) الشاهد فيه اسقاط أن ضرورة كما تقدم ، والحمق الأحمق ويقال هو حمق وأحمق كما قيل هو شعث وأشعث ووجل وأوجل والكيس العقل والدهاء.

(٧٢٢) الشاهد فيه دخول أن على كاد ضرورة والمستعمل في الكلام اسقاطها ودخلت ـ

٥٥٩

والمحص مثله ، وقد يجوز في الشعر أيضا لعلّى أن أفعل بمنزلة عسيت أن فعل ، وتقول يوشك ان تجىء ، وأن محمولة على يوشك وتقول يوشك أن تجيء فأن في موضع نصب كأنك قلت قاربت أن تفعل ، وقد يجوز يوشك يجيء بمنزلة عسى يجىء ، قال الشاعر (وهو أمية بن أبي الصلت) :

(١) يوشك من فرّ من منيّته

في بعض غرّاته يوافقها

وهذه الحروف التي هي لتقريب الأمور شبيهة بعضها ببعض ولها نحو ليس لغيرها من الأفعال ، وسألته عن معنى قوله أريد لأن تفعل فقال انما يريد ان يقول إرادتي لهذا كما قال عزوجل (وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ) انما هو أمرت لهذا ، وسألت الخليل عن قول الفرزدق :

(٢) أتغضب إن أذنا قتيبة حزّتا

جهارا ولم تغضب لقتل ابن خازم

__________________

ـ عليها تشبيها بعسى كما سقطت من عسى تشبيها بها لاشتراكهما في معنى المقاربة* وصف منزلا بالقدم وعفوّ الأثر ، والبلى القدم ويمصح في معنى يذهب يقال مصح الظل اذا انتقله الشخص عند قائم الظهيرة.

(٧٢٣) الشاهد فيه اسقاط أن بعد يوشك ضرورة كما أسقطت بعد عسى والمستعمل في الكلام اثباتها ومعنى يوشك يقارب يقال أوشك فلان أن يفعل كذا ويوشك أن يفعله اذا قارب فعله والوشيك السريع الوقوع والقريب ، والغرة الغفلة عن الدهر وصروفه أي لا ينجي من المنية شيء.

(٧٢٤) الشاهد فيه كسر ان وحملها على معنى الشرط لتقديمه الاسم على الفعل الماضي كما تقدم ولو فتح ان لم يحسن لأنها موصولة بالفعل فيقبح فيها الفصل ، ورد المبرد كسرها والزم الفتح لأن الكسر يوجب أن أذني قتيبة لم تحزا بعد ، ولم يقل الفرزدق هذا الا بعد قتله وحز أذنيه ، والحجة لسيبويه أن لفظ الشرط قد يقع لما في معنى الماضي ، وكان وكيع ابن أبي اسود التميمي قتل قتيبة بن مسلم الباهلي وباهلة من قيس وقد كانت تميم قتلت عبد الله ابن خازم السلمي وسليم من قيس أيضا ففخر الفرزدق عليهم ، وزعم أن قيسا غضبت لقتل قتيبة ولم تغضب لقتل ابن خازم.

٥٦٠