كتاب سيبويه - ج ١

أبو بشر عمرو بن عثمان [ سيبويه ]

كتاب سيبويه - ج ١

المؤلف:

أبو بشر عمرو بن عثمان [ سيبويه ]


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٣
الصفحات: ٥٨٢

فان شئت كان على لا تنفكّ نرمي بها أو على الابتداء ، وتقول الزمه أو يتّقيك بحقّك واضربه أو يستقيم ، وقال زياد الأعجم :

(١) وكنت اذا غمزت قناة قوم

كسرت كعوبها أو تستقيما

معناه إلا أن ، وإن شئت رفعت في الأمر على الابتداء لأنه لا سبيل الى الإشراك ، وتقول هو قاتلي أو أفتدي منه ، وان شئت ابتدأته كأنه قال أو أنا أفتدي ، وقال طرفة بن العبد : [طويل]

(٢) ولكنّ مولاي امرؤ هو خانقي

على الشّكر والتّسآل أو أنا مقتدي

وسألت الخليل عن قوله عزوجل (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ) فزعم أنّ النصب محمول على أن سوى هذه التي قبلها ، ولو كانت هذه الكلمة على أن هذه لم يكن للكلام وجه ولكنه لمّا قال إلا وحيا في معنى إلا أن يوحى ، وكان أو يرسل فعلا لا يجرى على الّا فاجرى على أن هذه لأنه قال الا أن يوحى او يرسل ، لأنه لو قال إلا وحيا وإلا أن يرسل كان حسنا كان أن يرسل بمنزلة الارسال فحملوه على أن اذ لم يجز أن يقولوا أو إلا يرسل فكأنه قال إلا وحيا أو أن يرسل ، وقال الحصين بن حمام المرّي : [طويل]

(٣) ولو لا رجال من رزام أعزّة

وآل سبيع أو أسوأك علقما

__________________

(٦٣٥) الشاهد فيه نصب تستقيم على معنى إلا أن تستقيم ومعنى غمزت لينت وهذا مثل والمعنى اذا اشتد عليّ جانب قوم رمت تليينهم حتى يستقيموا.

(٦٣٦) الشاهد فيه ابتداء ما بعد أو والاستدلال بذلك على جواز القطع في مثل قولك أنت قاتلي أو أفتدي منك على معنى أو أنا أفتدي والمولى هنا ابن العم ، وكان ابن عم لطرفة يعيره بسؤال الملوك ، ومدحهم فقال له هذا.

(٦٣٧) الشاهد فيه نصب أسوأك باضمار أن ليعطف على ما قبله من الاسماء والمعنى لو لا هؤلاء وأن أسوأك لفعلت كذا أي لو لا كون هؤلاء الموصوفين او أن أسوأك لفعلت كذا أي ومساءتك والبيت مضمن تمامه في غيره ورزام وسبيع قبيلتان.

٥٠١

يضمر أن وذاك لأنه امتنع أن يجعل الفعل على لو لا فأضمر أن كأنه قال لو لا ذاك أو لو لا أن أسوأك ، وبلغنا أنّ أهل المدينة يرفعون هذه الآية (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ) فكأنه والله أعلم قال الله عزوجل (لا يكلم الله البشر إلا وحيا أو يرسل رسولا) أي في هذه الحال وهذا كلامه إيّاهم كما تقول العرب تحيّتك الضرب وعتابك السيف وكلامك القتل وقال الشاعر (وهو عمرو بن معدى كرب) :

وخيل قد دلفت لها بخيل

تحيّة بينهم ضرب وجيع

وسألت الخليل عن قول الأعشى : [بسيط]

(١) إن تركبوا فركوب الخيل عادتنا

أو تنزلون فانّا معشر نزل

فقال الكلام هاهنا على قولك يكون كذا أو يكون كذا لمّا كان موضعها لو قال فيه أتركبون لم ينقض المعنى صار بمنزلة قولك ، ولا سابق شيئا ، وأما يونس فقال أرفعه على الابتداء كأنه قال أو أنتم نازلون ، وعلى هذا الوجه فسّر الرفع في الآية كأنه قال او يرسل رسولا كما قال طرفة : أو أنا مفتدي ، وقول يونس أسهل ، وأمّا الخليل فجعله بمنزلة قول زهير : [طويل]

بدالى أني لست مدرك ما مضى

ولا سابق شيئا اذا كان جائيا (٢)

والإشراك على هذا التوهّم بعيد كبعد ، ولا سابق شيئا ، ألا ترى أنه لو كان هذا كهذا لكان في الفاء والواو ، وإنما توهّم هذا فيما خالف معناه التمثيل يعني مثل هو

__________________

(٦٣٨) الشاهد في رفع تنزلون حملا على معنى إن تركبوا لأن معناه ومعني تركبون متقارب فكأنه قال أتركبون فذاك عادتنا أو تنزلون في معظم الحرب فنحن معروفون بذلك هذا مذهب الخليل وسيبويه ، وحمله يونس على القطع والتقدير عنده او أنتم تنزلون ، وهذا أسهل في اللفظ والأول أصح في المعنى والنظم ، والخليل ممن يأخذ بصحة المعاني ولا يبالي اختلال الألفاظ.

(١) تقدم شرحه وتفسيره في ص ١٠٣ رقم ١٢٩

٥٠٢

يأ تينا ويحدّثنا ، يقول يدخل عليك نصب هذا على توهّم أنك تكلّمت بالاسم قبله يعني مثل قولك لا تأته فيشتمك فتمثيله على لا يكن منك إتيان فشتيمة والمعنى على غير ذلك

[باب اشتراك الفعل في أن وانقطاع الآخر من الأوّل الذي عمل فيه أن]

فالحروف التي تشرك الواو والفاء وثم وأو ، وذلك قولك أريد أن تأتيني ثم تحدثنى ، أريد أن تفعل ذاك وتحسن ، وأريد أن تأتينا فتبايعنا ، وأريد أن تنطق بجميل أو تسكت ولو قلت أريد أن تأتيني ثم تحدّثني جاز كأنك قلت أريد إتيانك ثم تحدّثني ، ويجوز الرفع في جميع هذه الحروف التي تشرك على هذا المثال ، وقال عزوجل (ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ) ثم قال سبحانه (وَلا يَأْمُرَكُمْ) فجاءت منقطعة من الأول لأنه أراد ولا يأمركم الله وقد نصبها بعضهم على قوله (وما كان لبشر أن يأمركم أن تتخذوا) ، وتقول اريد أن تأتيني فتشتمني لم يرد الشتيمة ولكنه قال كلما أردت اتيانك شتمني هذا معنى كلامه فمن ثمّ انقطع من أن ، قال رؤبة :

(١) * يريد أن يعربه فيعجمه*

أي فاذا هو يعجمه ، وقال عزوجل (لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ) أي ونحن نقرّ في الأرحام لأنه ذكر الحديث للبيان ولم يذكره للاقرار ، وقال عزوجل (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى) فانتصب لأنه أمر بالاشهاد لأن تذكّر احداهما الأخرى ومن أجل أن تذكّر ، فان قال انسان كيف جاز أن تقول أن تضلّ ولم يعدّ هذا للضلال وللالتباس فانما ذكر أن تضلّ لأنه سبب الاذكار ، كما يقول الرجل أعددته أن يميل الحائط فأدعمه وهو لا يطلب باعداده ذلك ميلان الحائط ولكنه أخبر بعلّة الدّعم وبسببه ، وقرأ اهل الكوفة فتذكّر رفعا ، وسألت الخليل عن قول الشاعر (لبعض الحجازيّين) : [طويل]

__________________

(٦٣٩) الشاهد فيه رفع فيعجمه لأن المعنى فاذا هو يعجمه ولا يجوز نصبه على أن لفساد المعنى لأنه لا يريد اعجامه.

٥٠٣

(١) فما هو إلا ان أراها فجاءة

فأبهت حتّى ما اكاد أجيب

فقال انت في أبهت بالخيار إن شئت حملتها على أن وان شئت لم تحملها عليه فرفعت كأنك قلت ما هو إلا الرأي فأبهت ، وقال ابن احمر فيما جاء منقطعا من أن : [وافر]

(٢) يعالج عاقرا أعيت عليه

ليلقحها فينتجها حوارا

كأنه قال يعالج فاذا هو ينتجها وان شئت على الابتداء ، وتقول لا يعدو أن يأتيك فيصنع ما تريد وإن شئت رفعت كأنك قلت لا يعدو ذلك فيصنع ما تريد ، وتقول ما عدا أن رآني فيثب كأنه قال ما عدا ذلك فيثب لأنه ليس على أول الكلام ، فان أردت أن تحمل الكلام على أن فانّ أحسنه ووجهه أن تقول ما عدا أن رآني فوثب ، فضعف يثب هاهنا كضعف ما أتيتنى فتحدّثنى اذا حملت الكلام على ما ، وتقول ما عدوت أن فعلت وهذا هو الكلام ولا أعدو أن أفعل وما آلو أن أفعل يعني لقد جهدت أن أفعل وتقول ما عدوت أن آتيك أي ما عدوت ان يكون هذا من رأيى فيما أستقبل ، ويجوز أن يجعل أفعل في موضع فعلت ولا يجوز فعلت في موضع أفعل الا في مجازاة نحو إن فعلت فعلت ، وتقول والله ما أعدو أن جالستك أي أن كنت فعلت ذلك أي ما أجاوز مجالستك فيما مضى ، ولو أراد ما أعدو أن جالستك غدا كان محالا ونقضا كما أنه لو قال ما أعدو أن أجالسك أمس كان محالا ، وانما ذكرت هذا لتصرّف وجوهه ومعانيه وأن لا تستحيل منه مستقيما فانه كلام يستعمله الناس ، ومما جاء منقطعا قول الشاعر (وهو عبد الرحمن بن امّ الحكم : [طويل]

__________________

(٦٤٠) الشاهد فيه جواز الرفع والنصب في أبهت فالنصب محمول على أن ، والرفع على القطع والاستئناف.

(٦٤١) الشاهد في رفع ينتجها على القطع ولو نصب حملا على المنصوب قبله لكان أحسن لأن رفعه يوجب وقوعه وكونه ونتاج العاقر لا يكون* يقول هذا لرجل يحاول مضرته واذ لا له فجعله في طلب ذلك واعجازه اياه كمن حاول أن يلقح عاقرا أو ينتجها والقاحها الحمل عليها حتى تلقح ، والحوار ولد الناقة ، ويقال نتجت الناقة أنتجها وأنتجها اذا انتجت عندك وأنتجت اذا دنا نتاجها.

٥٠٤

(١) على الحكم المأتي يوما اذا قضى

قضيّته أن لا يجوز ويقصد

كأنه قال عليه غير الجور ولكنه يقصد أو هو قاصد فابتدأ ولم يحمل الكلام على أن كما تقول عليه ان لا يجوز ، وينبغي له كذا وكذا ، فالابتداء في هذا أسبق وأعرف لأنها بمنزلة قولك كأنه قال ونولك ، فمن ثم لا يكادون يحملونها على أن.

[باب الجزاء]

فما يجازى به من الأسماء غير الظروف من وما وأيّهم ، وما يجازى به من الظروف أيّ حين ومتى وأين وأنىّ وحيثما ، ومن غيرهما إن وإذ ما ، ولا يكون الجزاء في حيث ولا في إذ حتى يضمّ الى كلّ واحد منهما ما فتصير إذ مع ما بمنزلة إنّما وكأنما ، ليست ما فيهما بلغو ولكن كلّ واحد منهما مع ما بمنزلة حرف واحد ، فما كان من الجزاء باذما قول العباس بن مرداس :

(٢) اذ ما أتيت على الرسول فقل له

حقّا عليك اذا اطمأنّ المجلس

وقال الآخر (قالوا هو لعبد الله بن همام السّلولي) : [طويل]

(٣) اذ ما تريني اليوم مزجى ظعينتي

أصعّد سيرا في البلاد وأفرع

فإنىّ من قوم سواكم وإنما

رجالى فهم بالحجاز وأشجع

__________________

(٦٤٢) الشاهد في رفع يقصد وقطعه ، لأن المعنى وينبغى له أن يقصد ولم يحمله على أول الكلام وفيه معنى الأمر فكأنه قال وليقصد في حكمه ، ونظيره مما جاء على لفظ الخبر ومعناه الأمر قوله جل وعز (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ) أي ليرضعن أولادهن وينبغي لهن أن يرضعنهم.

(٦٤٣) الشاهد فيه مجازاته باذما ، ودل على ذلك اتيانه بالفاء جوابا لها والمعنى ان أتيت على الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقل له كذا حقا عليك لازما حملتك اياه والبيت مضمن وتمامه فيما بعده.

(٦٤٤) الشاهد في قوله اذ ما والفاء في أول البيت الثاني جوابها ولذلك جاء به والمزجي من أزجيته اذا سقته برفق ، والظعينة المرأة في الهودج ، والمفرع هنا المنحدر وهو من الاضداد وانتمى في النسب الى فهم وأشجع وهو من سلول بن عامر لأنهم كلهم من قيس عيلان بن مضر.

٥٠٥

سمعناهما ممن يرويهما عن العرب والمعنى إمّا ، ومما جاء من الجزاء بأنىّ قول لبيد : [طويل]

(١) فأصبحت أنىّ تأتها تلتبس بها

كلا مركبيها تحت رجلك شاجر

وفي أين قوله (وهو ابن همّام السّلولى) : [خفيف]

(٢) أين تضرب بنا العداة تجدنا

نصرف العيس نحوها للتّلاقي

وإنما منع حيث أن يجازى بها أنك تقول حيث تكون أكون ، فتكون وصل لها كأنك قلت المكان الذي تكون فيه أكون ، ويبيّن هذا أنها في الخبر بمنزلة إنّما وكأنّما وإذا إنه يبتدأ بعدها الأسماء ، أنك تقول حيث عبد الله قائم زيد ، وأكون حيث زيد قائم ، فحيث كهذه الحروف التي تبتدأ بعدها الأسماء في الخبر ولا يكون هذا من حروف الجزاء ، فاذا ضممت اليها ما صارت بمنزلة إن وما أشبهها ولم يجز فيها ما جاز فيها قبل أن تجيء بما وصارت بمنزلة إمّا ، وأما قول النحويّين يجازى بكلّ شيء يستفهم به فلا يستقيم من قبل أنك تجازي بإن وبحيثما وإذ ما ولا يستقيم بهن الاستفهام ولكنّ القول فيه كالقول في الاستفهام ، ألا ترى أنك اذا استفهمت لم تجعل ما بعده صلة فالوجه أن تقول الفعل ليس في الجزاء بصلة لما قبله ، كما أنه في حروف الاستفهام ليس صلة لما قبله ، واذا قلت حيثما تكن أكن فليس بصلة لما قبله ، كما أنك اذا قلت أين تكون وأنت تستفهم فليس الفعل بصلة لما قبله فهذا في الجزاء ليس بصلة لما قبله كما أنّ ذلك في الاستفهام ليس

__________________

(٦٤٥) الشاهد فيه جزم تأتها بأنىّ لان معناها معنى أين ومتى وكلاهما للجزاء وتلتبس جزم على جوابها* وصف داهيه شنيعة وقضية معضلة من أناها ورام ركوبها التبس بها ونشب واستعار لها مركبين وانما يريد ناحيتيها اللتين ترام منهما ، والشاجر من شجرت بين الشيئين اذا فرقت بينهما وشجر بين القوم أي اختلف وتفرق أي من ركبها شجرت بين رجليه فهوت به.

(٦٤٦) الشاهد في مجازاته بأين وجزم ما بعدها لأن معناها إن تضرب بنا العداة في موضع من الارض نصرف العيس نحوها للقاءه والعيس البيض من الإبل فكانوا يرحلون على الابل فاذا لقوا العدو وقاتلوا على الخيل ولم يرد أنهم يلقون العدو على العيس.

٥٠٦

بوصل لما قبله ، وتقول من يضربك في الاستفهام وفي الجزاء من يضربك أضربه فالفعل فيهما غير صلة ، وسألت الخليل عن مهما فقال هي ما أدخلت معها ما لغوا بمنزلتها مع متى اذا قلت متى ما تأتنى آتك وبمنزلتها مع إن اذا قلت إن ما تأتني آتك وبمنزلتها مع أين كما قال سبحانه وتعالى (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ) وبمنزلتها مع أيّ اذا قلت (أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) ولكنهم استقبحوا أن يكرّروا لفظا واحدا فيقولوا ما ما فأبدلوا الهاء من الألف التي في الأولى ، وقد يجوز أن يكون مه كاذ ضمّ اليها ما وسألت الخليل عن قوله كيف تصنع أصنع فقال هي مستكرهة وليست من حروف الجزاء ومخرجها على الجزاء لأنّ معناها على أيّ حال تكن أكن ، وسألته عن اذا ما منعهم أن يجاروا بها فقال الفعل في اذا بمنزلته في إذ إذا قلت أتذكر إذ تقول ، فاذا فيما تستقبل بمنزلة إذ فيما مضى ، ويبيّن هذا أنّ اذا تجىء وقتا معلوما ، ألا ترى أنك لو قلت آتيك اذا احمرّ البسر كان حسنا ولو قلت آتيك إن احمرّ البسر كان قبيحا فان أبدا مبهمة ، وكذلك حروف الجزاء ، واذا توصل بالفعل فالفعل في اذا بمنزلته في حين كأنك قلت الحين الذي تأتيني فيه آتيك فيه ، قال ذو الرمّة : [بسيط]

(١) تصغي إذا شدّها بالرّحل جانحة

حتّى اذا ما استوى في غرزها تثب

وقال الآخر (ويقال وضعه النحويون) [وافر]

(٢) إذا ما الخبز تأدمه بلحم

فذاك أمانة الله الثّريد

وقد جازوا بها في الشعر مضطّرين شبّهوها بان حيث رأوها لما يستقبل ، وأنه لا بدّ لها من جواب قال قيس بن الخطيم الأنصاري : [طويل]

__________________

(٦٤٧) الشاهد فيه رفع ما بعد اذا على ما يجب لها لأنها تخص وقتا بعينه ، وحرف الشرط يقتضي الابهام في الأوقات وغيرها على ما بينه سيبويه* وصف ناقة مؤدبة تسكن اذا رحلت فاذا استوى عليها الراكب سارت بسرعة والجانحة المائلة في شق ، والغرز للرحل كالركاب للسرج.

(٦٤٨) الشاهد فيه رفع ما بعد اذا كما تقدم ، ومعنى تأدمه تخلطه ونصب أمانة الله باسقاط حرف الجر ووصول الفعل المضمر والمعنى أحلف بأمانة الله.

٥٠٧

(١) اذا قصرت أسيافنا كان وصلها

خطانا الى أعدائنا فنضارب

وقال الفرزدق : [بسيط]

(٢) ترفع لي خندف والله يرفع لي

نارا اذا خمدت نيرانهم تقد

وقال بعض السّلوليّين : [طويل]

(٣) اذا لم تزل في كلّ دار عرفتها

لها واكف من دمع عينك يسجم

فهذا اضطرار وهو في الكلام خطأ ولكنّ الجيّد قول كعب بن زهير : [خفيف]

(٤) واذا ما تشاء تبعث منها

مغرب الشمس ناشطا مذعورا

واعلم أنّ حروف الجزاء تجزم الأفعال وينجزم الجواب بما قبله ، وزعم الخليل أنك اذا قلت إن تأتيني آتك فآتك انجزمت بان تأتني كما تنجزم اذا كانت جوابا للأمر حين قلت ائتني آتك ، وزعم الخليل أنّ إن هي أمّ حروف الجزاء فسألته لم قلت ذلك ،

__________________

(٦٤٩) الشاهد فيه جزم فنضارب عطفا على موضع كان لأنها في موضع جزم على جواب إذا لأنه قدرها عاملة عمل إن ضرورة* يقول اذا قصرت أسيافنا في اللقاء عن الوصول الى الأقران وصلناها بخطانا مقدمين عليهم حتى تنالهم.

(٦٥٠) الشاهد فيه جزم تقد على جواب اذا ، والقول فيه كالقول في الذي قبله* يقول ترفع لي قبيلتي من أشرف ما هو في الشهرة كالنار المتوقدة اذا قعدت بغيري قبيلته وخندف أم مدركة ، وطابخة ابني إلياس بن مضر ، وتميم من ولد طابخة بن إلياس فلذلك فخر بخندف على قيس عيلان بن مضر.

(٦٥١) الشاهد في جزم يسجم على جواب اذا كما تقدم ، وتقدير لفظ البيت اذا لم تزل في كل دار عرفتها من ديار الأحبة يسجم لها واكف من دمع عينك ومعنى يسجم ينصب ، والواكف القاطر ورفعه باضمار فعل دل عليه يسجم ، ويجوز أن يكون مرتفعا به على التقديم والتأخير ضرورة.

(٦٥٢) الشاهد في رفع ما بعد اذا على ما يجب فيها* وصف ناقته بالنشاط والسرعة بعد سير النهار كله فشبهها في انبعاثها مسرعة بناشط قد ذعر من صائد أو سبع ، والناشط الثور يخرج من بلد الى بلد فذلك أوحش له وأذعر.

٥٠٨

فقال من قبل أني أرى حروف الجزاء قد يتصرّفن فيكنّ استفهاما ومنها ما يفارقه ما فلا يكون فيه الجزاء وهذه على حال واحدة أبدا لا تفارق المجازاة

واعلم أنه لا يكون جواب الجزاء الّا بفعل أو بالفاء ، فأما الجواب بالفعل فنحو قولك إن تأتني آتك ، وإن تضرب أضرب ونحو ذلك ، وأما الجواب بالفاء فقولك إن تأتني فأنا صاحبك ولا يكون الجواب في هذا الموضع بالواو ولا بثمّ ، ألا ترى أن الرجل يقول افعل كذا وكذا فتقول فاذن يكون كذا وكذا ، ويقول لم أغث أمس فتقول فقد أتاك الغوث اليوم ولو أدخلت الواو وثمّ في هذا الموضع تريد الجواب لم يجز ، وسألت الخليل عن قوله عزوجل (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ) فقال هذا كلام معلّق بالكلام الأول كما كانت الفاء معلّقة بالكلام الأول ، وهذا هاهنا في موضع قنطوا كما كان الجواب بالفاء في موضع الفعل ، قال ونظير ذلك قوله تعالى (سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ) بمنزلة أم صمتّم ومما يجعلها بمنزلة الفاء أنها لا تجيء مبتدأة كما أنّ الفاء لا تجىء مبتدأة ، وزعم الخليل أنّ إدخال الفاء على إذا قبيح ، ولو كان إدخال الفاء على إذا حسنا لكان الكلام بغير الفاء قبيحا فهذا قد استغنى عن الفاء كما استغنت الفاء عن غيرها فصارت إذا هاهنا جوابا كما صارت الفاء جوابا وسألته عن قوله إن تأتني أنا كريم فقال لا يكون هذا ، الّا أن يضطرّ شاعر من قبل أنّ أنا كريم يكون كلاما مبتدءا والفاء وإذا لا يكونان الّا معلّقين بما قبلهما فكرهوا أن يكون هذا جوابا حيث لم يشبه الفاء ، وقد قاله الشاعر مضطرّا يشبّهه بما يتكلّم به من الفعل ، قال حسّان بن ثابت : [بسيط]

(١) من يفعل الحسنات الله يشكرها

والشرّ بالشرّ عند الله سيّان

وقال الأسدي : [طويل]

__________________

(٦٥٣) الشاهد في حذف الفاء من الجواب ضرورة والتقدير فالله يشكرها وزعم الأصمعي أن النحويين غيروه وأن الرواية* من يفعل الخير فالرحمن يشكره*

٥٠٩

(١) بني ثعل لا تنكعوا العنز شربها

بني ثعل من ينكع العنز ظالم

وزعم أنه لا يحسن في الكلام إن تأتني لأفعلنّ من قبل أنّ لأفعلنّ تجيء مبتدأة ألا ترى أن الرجل يقول لأفعلنّ كذا وكذا ، فلو قلت إن أتيتني لأكرمنّك وإن لم تأتني لأغمّنّك جاز لأنه في معنى لئن أتيتني لأكرمنّك ولئن لم تأتني لأغمّنّك ولا بدّ من هذه اللام مضمرة أو مظهرة لأنها لليمين كأنك قلت والله لئن أتيتني لأكرمنّك فان قلت لئن تفعل لأفعلنّ قبح لأنّ لأفعلنّ على أول الكلام ، وقبح في الكلام أن تعمل إن أو شيء من حروف الجزاء في الأفعال حتى تجزمه في اللفظ ثم لا يكون لها جواب ينجزم بما قبله ، ألا ترى أنك تقول آتيك إن أتيتني ولا تقول آتيك إن تأتني الّا في شعر لأنك أخّرت إن وما عملت فيه ولم تجعل لإن جوابا ينجزم بما قبله ، فهكذا جرى هذا في كلامهم ، ألا ترى أنه قال عزوجل (وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ ،) وقال عزوجل (وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ) لمّا كانت إن العاملة لم يحسن الّا أن يكون لها جواب ينجزم بما قبله فهذا الذي يشاكلها في كلامهم اذا عملت ، وقد تقول إن أتيتني آتيك أي آتيك إن أتيتني ، قال زهير :

(٢) وان أتاه خليل يوم مسئلة

يقول لا غائب مالي ولا حرم

ولا يحسن إن تأتني آتيك من قبل أن هي العاملة ، وقد جاء في الشعر ، قال جرير ابن عبد الله البجلي : [رجز]

__________________

(٦٥٤) الشاهد فيه حذف الفاء ضرورة ، والقول فيه كما تقدم في الذي قبله ومعنى تنكع تمنع والنكوع القصيرة كأنها منعت من الطول والشرب الخط من الماء وثعل حيّ من طيء.

(٦٥٥) الشاهد فيه رفع يقول على نية التقديم والتقدير يقول ان أتاه خليل وجاز هذا لأن إن غير عاملة في اللفظ والمبرد يقدره على حذف الفاء ، يقول هذا لهرم بن سنان المرى والخليل المحتاج ذو الخلة ، والحرم بمعنى الحرام أي اذا سئل لم يعتلّ بغيبة مال ولا حرمه على سائليه.

٥١٠

(١) يا أقرع بن حابس يا أقرع

إنك إن يصرع أخوك تصرع

أي إنك تصرع إن يصرع أخوك ، ومثل ذلك قوله : [بسيط]

(٢) هذا سراقة للقرآن يدرسه

والمرء عند الرّشا إن يلقها ذيب

أي المرء ذئب إن يلق الرّشا ، قال الأصمعي هو قديم أنشدنيه أبو عمرو ، وقال ذو الرمة :

(٣) وإني متى أشرف على الجانب الذي

به أنت من بين الجوانب ناظر

أي ناظر متى أشرف فجاز هذا في الشعر وشبّهوه بالجزاء اذا كان جوابه منجزما لأنّ المعنى واحد كما شبّه ، الله يشكرها ، وظالم ، بإذاهم يقنطون جعله بمنزلة يظلم ويشكرها الله كما كان هذا بمنزلة قنطوا ، وكما قالوا في اضطرار إن تأتني أنا صاحبك يريد معنى الفاء فشبّهه ببعض ما يجوز في الكلام حذفه وأنت تعنيه ، وقد يقال إن أتيتني آتك وان لم تأتني أجزك لأنّ هذا في موضع الفعل المجزوم وكأنه قال إن تفعل أفعل ، ومثل ذلك قوله عزوجل (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها) فكان فعل ، وقال الفرزدق : [بسيط]

(٤) دسّت رسولا بأن القوم إن قدروا

عليك يشفوا صدورا ذات توغير

__________________

(٦٥٦) الشاهد فيه على مذهبه تقديم تصرع في النية وتضمنه الجواب في المعنى والتقدير إنك تصرع إن يصرع أخوك وهذا من ضرورة الشعر لأن حرف الشرط قد جزم الأول فحكمه أن يجزم الآخر وهو عند المبرد على حذف الفاء كما تقدم.

(٦٥٧) تقديره عنده والمرء عند الرشا ذيب إن يلقها والمبرد يجعله على ارادة الفاء كما تقدم* هجا رجلان من القراء فنسب اليه الرياء وقبول الرشا والحرص عليها والهاء في يدرسه كناية عن المصدر والفعل متعد باللام الى القرآن لتقدمه على حد قولك لزيدا ضرب والتقدير هذا سراقة يدرس القرآن درسا.

(٦٥٨) تقديره واني ناظر متى أشرف والقول فيه كالقول في الذي قبله* يقول لكلفي بك لا أنظر الى سواك.

(٦٥٩) الشاهد فيه جزم يشفوا على الجواب لأن الاول في موضع جزم والتوغير الغضب والحقد وأصله من وغرة القدر وهي فورتها عند الغلي.

٥١١

وقال الأسود بن يعفر : [طويل]

ألا هل لهذا الدهر من متعلّل

عن الناس مهما شاء بالناس يفعل (١)

وقال إن تأتني فأكرمك أى فأنا أكرمك فلا بدّ من رفع فأكرمك اذا سكتّ عليه لأنه جواب وإنما ارتفع لأنه مبني على مبتدإ ، ومثل ذلك قوله عزوجل (وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ) ومثله (وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً) ومثله (فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً).

[باب الأسماء التي يجازى بها وتكون بمنزلة الّذي]

وتلك الأسماء من وما وأيّهم فاذا جعلتها بمنزلة الذي قلت ما تقول أقول فيصير تقول صلة لما حتى تكمل اسما فكأنك قلت الذي تقول أقول وكذلك من يأتني آتيه وأيّها تشاء أعطيك ، وقال الفرزدق : [بسيط]

(٢) ومن يميل أمال السيف ذروته

حيث التقى من حفافي رأسه الشّعر

وتقول آتي من يأتيني وأقول ما تقول وأعطيك أيّها تشاء هذا وجه الكلام وأحسنه ، وذلك أنه قبيح أن تؤخّر حرف الجزاء اذا جزم ما بعده فلمّا قبح ذلك حملوه على الذي ، ولو جزموه هاهنا لحسن أن تقول آتيك إن تأتني ، فاذا قلت آتي من أتاني فأنت بالخيار إن شئت كانت أتاني صلة وان شئت كانت بمنزلتها في إن ، وقد يجوز في الشعر آتي من يأتني وقال الهذلي (وهو ابو ذؤيب) : [طويل]

(٣) فقلت تحمّل فوق طوقك إنّها

مطبّعة من يأتها لا يضيرها

__________________

(١) أي مهما شاء أن يفعل بالناس يفعل وقد مر البيت بتفسيره في ص ٣٨٩ رقم ٤٩٠

(٦٦٠) الشاهد في رفع يميل لانه جعل من بمعنى الذي وفيها معنى الشرط لأنها هاهنا مبهمة لا تخص شيئا بعينه أي من مال عن الحق والتزام الطاعة قتل ، وأراد بالذروة الرأس لعلوه وذروة كل شيء أعلاه ، وحفافا الرأس جانباه ، وملتقى شعرهما القفا.

(٦٦١) الشاهد فيه رفع يضيرها على نية التقديم في مذهبه ، والتقدير لا يضيرها من يأتها ، وهو عند المبرد على ارادة الفاء لأن يضيرها اذا تقدمت على من ارتفعت به ويطل فيها الجزاء لأن حرف الشرط لا يعمل فيه ما قبله والحجة لسيبويه أنه يقدر الضمير في يضير ـ

٥١٢

هكذا أنشدناه يونس ، كأنه قال لا يضيرها من يأتها كما كان ، وإني متى أشرف ناظر على القلب ولو أريد به حذف الفاء جاز فجعلت كإن ، وإن قلت أقول مهما تقل وأكون حيثما تكن ، وأكون أين تكن ، وآتيك متى تأتني ، وتلتبس بها أنّى تأتها لم يجز إلا في الشعر وكان جزما وإنما كان من قبل أنهم لم يجعلوا هذه الحروف بمنزلة ما يكون محتاجا الى الصلة حتّى يكمل اسما ألا ترى أنه لا يقول مهما تصنع قبيح ولا في الكتاب مهما تقول ، اذا اراد أن يجعل القول وصلا فهذه الحروف بمنزلة إن لا يكون الفعل صلة لها فعلى هذا فأجر ذا الباب.

[باب ما تكون فيه الأسماء التي يجازي بها بمنزلة الذي]

وذلك قولك إنّ من يأتيني آتيه ، وكان من يأتيني آتيه ، وليس من يأتيني آتيه وإنما أذهبت الجزاء من هاهنا لأنك أعملت كان وإنّ ولم يسغ لك أن تدع كان وأشباهه معلّقة لا تعملها في شيء فلمّا أعملتهن ذهب الجزاء ولم يكن من مواضعه ، ألا ترى أنك لو جئت بان ومتى تريد إنّ إن وإنّ متى كان محالا فهذا دليل على أنّ الجزاء لا ينبغي له أن يكون هاهنا بمن وما وأي ، فان شغلت هذه الحروف بشيء جازيت فمن ذلك قولك إنّه من يأتنا نأته ، وقال عزوجل (إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ) وكنت من يأتني آته وتقول كان من يأته يعطه وليس من يأته يحببه اذا أضمرت الاسم في كان أو في ليس لأنه حينئذ بمنزلة لست وكنت ، فان لم تضمر فالكلام على ما ذكرنا ، وقد جاء في الشعر انّ من يأتني آته ، قال الأعشي : [خفيف]

(١) إنّ من لام في بني بنت حسّا

ن ألمه وأعصه في الخطوب

__________________

ـ على ما هو عليه في التأخير ومن مبتدأة على أصلها* وصف قرية كثيرة الطعام من امتار منها وحمل فوق طاقته لم ينقصها والطوق الطاقة والمطبعة التي ملئت وطبع عليها.

(٦٦٢) الشاهد في جعل من للجزاء مع اضمار المنصوب بان ضرورة ولذلك جزم ألمه والتقدير انه من يلمني في تولي هؤلاء القوم والتعويل عليهم في الخطوب ألمه وأعص أمره في كل خطب يصيبني.

٥١٣

وقال أميّة بن أبي الصلت : [طويل]

(١) ولكنّ من لا يلق أمرا ينوبه

بعدّته ينزل به وهو أعزل

وزعم الخليل أنه انما جازى حيث أضمر الهاء وأراد انه ولكنّه ، كما قال الراعي [طويل]

(٢) فلو أنّ حقّ اليوم منكم اقامة

وان كان سرح قد مضى فتسرّعا

أراد فلو أنه حقّ اليوم ولو لم يرد الهاء كان الكلام محالا ، وتقول قد علمت أن من يأتني آته من قبل أنّ أن هاهنا فيها إضمار الهاء ولا تجيء مخففّة هاهنا الّا على ذلك كما قال : [وافر]

(٣) أكاشره وأعلم أن كلانا

على ما ساء صاحبه حريص

ولا يجوز أن تنوي في كان واشباه كان علامة إضمار المخاطب ولا تذكرها ، لو قلت ليس من يأتك تعطه تريد لست لم يجز ولو جاز ذلك لقلت كان من يأتك تعطه تريد به كنت وقال الأعشي :

في فتية كسيوف الهند قد علموا

أن هالك كلّ من يحفى وينتعل (٤)

__________________

(٦٦٣) الشاهد فيه حذف الضمير من لكنه والمجازاة بمن ، والقول فيه كالقول في الذي قبله* يقول من لم يعد لما ينوبه من الزمان قبل حلوله به ضعف عنه عند نزوله ، ومعنى ينوبه ينزل به والأعزل الذي لا سلاح معه.

(٦٦٤) الشاهد فيه حذف الضمير من أن ضرورة ولذلك وليها الفعل في اللفظ لأن حرف التأكيد لا يليه الا الاسم مضمرا أو مظهرا* يقول ليتهم أقاموا وان كانوا قد رحلوا ، وتقدم سرحهم ، ومعنى حق حقق اي ليت اقامتكم حققت لنا ومعنى لو هنا التمني ولا جواب لها كما تقول لو أنك أقمت عندنا أي ليت أقمت والسرح المال الراعي ويقال حققت الشيء وأحققته أي حققته.

(٦٦٥) الشاهد في حذف الضمير من أن وابتداء ما بعدها على نية اثبات الضمير ومعنى أكاشره أضاحكه ويقال كثر عن نابه اذا كشف عنه.

(١) استشهد به على حذف الضمير من أن مع التخفيف وقد مر بشرحه في ص ٣٢٩ رقم ٤١٢.

٥١٤

فهذا يريد معنى الهاء ولا تخفّف أن الّا عليه كما قال قد علمت أن لا يقول ذاك أي أنه لا يقول وقال عزوجل (أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً) وليس هذا بقوي في الكلام كقوة أن لا يقول لأنّ لا عوض من ذهاب العلامة ، ألا ترى انهم لا يكادون يتكلّمون به بغير الهاء فيقولون قد علمت أن عبد الله منطلق.

[باب يذهب فيه الجزاء من الأسماء]

كما ذهب في إنّ وكان وأشباههما غير أنّ إنّ وكان عوامل فيما بعدهن والحروف في هذا الباب لا يحدثن فيما بعدهن من الأسماء شيئا كما أحدثت إنّ وكان وأشباههما ، لأنها من الحروف التي تدخل على المبتدا والمبني عليه فلا تغير الكلام عن حاله وسأبيّن لك كيف ذهب الجزاء فيهن ان شاء الله ، فمن ذلك قولك أتذكر اذ من يأتينا نأتيه وما من يأتينا نأتيه ، وأما من يأتينا فنحن نأتيه ، وانما كرهوا الجزاء هاهنا لأنه ليس من مواضعه ألا ترى أنه لا يحسن أن تقول أتذكر ان تأتنا نأتك كما لم يجز أن تقول انّ ان تأتنا نأتك فلما ضارع هذا الباب باب إنّ وكان كرهوا الجزاء فيه ، وقد يجوز في الشعر أن يجازي بعد هذه الحروف فتقول أتذكر إذ من يأتنا نأته ، وانما أجازوه لأن إذ وهذه الحروف لا تغيّر ما دخلت عليه عن حاله قبل أن تجىء بها فقالوا ندخلها على من يأتنا نأته ولا تغيّر الكلام كأنا قلنا من يأتنا نأته ، كما أنّا اذا قلنا اذ عبد الله منطلق فكأنا قلنا عبد الله منطلق لأن إذ لم تحدّث شيئا لم يكن قبل أن تذكرها.

وقال لبيد :

(١) على حين من تلبث عليه ذنوبه

يرث شربه اذ فى المقام تداثر

__________________

(٦٦٥) الشاهد مجازاته بمن مع اضافة حين الى جملة الشرط ضرورة وحكمها أن لا تضاف هي واذا الا الى جملة مخبر بها والمبهمات انما تفسر وتوصل بالأخبار لا بحروف المعاني وما دخلت عليه كما بين في الباب ، وجاز هذا في الشعر تشبيها لجملة الشرط بجملة الابتداء والخبر والفعل والفاعل* وصف مقاما فاخر فيه غيره وكثرت المخاصمة والمحاجة فيه ، وضرب الذنوب وهي الدلو مملوءة ماء مثلا لما يدلي به من الحجة ، والشرب الحظ من الماء ، والريث ـ

٥١٥

ولو اضطرّ شاعر فقال أتذكر اذ إن تأتنا نأتك جاز له كما جاز في من ، وتقول أتذكر إذ نحن من يأتنا نأته فنحن فصلت بين إذ ومن كما فصل الاسم في كان بين كان ومن ، وتقول مررت به فاذا من يأتيه يعطيه ، وان شئت جزمت لأنّ الاضمار يحسن هاهنا ، ألا ترى أنك تقول مررت به فاذا أجمل الناس ومررت به فاذا أيّما رجل ، فاذا أردت الاضمار فكأنك قلت فاذا هو من يأته يعطه فاذا لم تضمر وجعلت إذا هي لمن فهي بمنزلة إذ لا يجوز فيها الجزم ، وتقول لا من يأتك تعطه ولا من يعطك تأته من قبل أن لا ليست كاذ وأشباهها وذلك لأنها لغو بمنزلة ما في قوله عزوجل (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ)، فما بعده كشيء ليس قبله لا ، ألا تراها تدخل على المجرور فلا تغيّره عن حاله تقول مررت برجل لا قائم ولا قاعد ، وتدخل على النصب فلا تغيّره عن حاله تقول لا مرحبا ولا أهلا فلا تغيّر الشيء عن حاله التي كان عليها قبل أن تنفيه ولا تنفيه مغيّرا عن حاله يعني في الاعراب الذي كان فصار ما بعدها معها بمنزلة حرف واحد ليست فيه لا ، وإذ وأشباهها لا يقعن هذه المواقع ولا يكون الكلام بعدهن إلا مبتدء ، وقال ابن مقبل : [طويل]

(١) وقدر ككفّ القرد لا مستعيرها

يعار ولا من يأتها يتدسّم

ووقوع إن بعد لا يقوّي الجزاء فيما بعد لا وذلك قول الرجل لا إن أتيناك أعطيتنا ولا إن قعدنا عندك عرضت علينا ، ولا لغو في كلامهم ، ألا ترى أنك تقول خفت أن لا تقول ذاك ويجري مجرى خفت أن تقول ، وتقول إن لا يقل أقل فلا لغو وإذ

__________________

ـ الابطاء ، والتدابر التقاطع وأصله أن يولى كل واحد من المتقاطعين صاحبه دبره ، ويروي تداثر وهو التزاحم ، وأصله من الدثر وهو المال الكثير ، وأراد بالمقام المجلس الذي جمعهم للخصام.

(٦٦٦) الشاهد مجازاته بمن بعد لا لأنها تخالف ما النافية في أنها تكون لغوا وتقع بين الجار والمجرور فلا تغير الكلام عن حاله فلذلك دخلت على جملة الشرط فلم تغير عمله* هجا قوما فجعل قدرهم في الصغر ككف القرد وجعلها لا تعار ولا ينال من دسمها للؤمهم.

٥١٦

وأشباهها ليست هكذا إنما يصرفن الكلام أبدا الى الابتداء ، وتقول ما أنا ببخيل ولكن إن تأتنى أعطك ، جاز هذا وحسن لأنك قد تضمر هاهنا كما تضمر في إذا ألا ترى أنك تقول ما رأيتك عاقلا ولكن أحمق وإن لم تضمر تركت الجزاء كما فعلت ذلك في اذا ، قال طرفة : [طويل]

(١) ولست بحلّال التّلاع مخافة

ولكن متى يسترفد القوم أرفد

كأنه قال أنا ولا يجوز في متى أن يكون الفعل وصلا لها كما جاز في من والذي ، وسمعناهم ينشدون قول العجير السّلولي : [طويل]

(٢) وما ذاك أن كان ابن عمّي ولا أخي

ولكن متى ما أملك الضرّ أنفع

والقوافي مرفوعة كأنه قال ولكن أنفع متى ما أملك الضرّ ويكون أملك على متى في موضع جزاء وما لغو ولم تجد سبيلا الى أن يكون بمنزلة من فتوصل ولكنها كمهما ، وأما قوله عزوجل (وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ) فانما هو كقولك أما غدا فلك ذاك وحسنت إن كان لأنه لم يجز بها كما حسنت في قوله أنت ظالم إن فعلت.

[باب اذأ ألزمت فيه الأسماء التي تجازي بها حروف الجرّ لم تغيّرها عن الجزاء]

وذلك قولك على أىّ دابّة أحمل أركبه وبمن تؤخذ أوخذ به ، هذا قول يونس والخليل جميعا فحروف الجرّ لم تغيّرها عن حال الجزاء كما لم تغيرها عن حال الاستفهام ، ألا ترى أنك تقول بمن تمرّ وعلى أيّها أركب ، فلو غيرتها عن الجزاء غيّرتها عن الاستفهام ، وقال ابن همّام السّلولي :

__________________

(٦٦٧) الشاهد فيه حذف المبتدأ بعد لكن ضرورة والمجازاة بمتى بعدها والتقدير ولكن أنا متى أسترفد أرفد والرفد العطاء ، والتلاع ما انحدر من الأرض ، وهي أيضا ما ارتفع أي لا أحل تلاع الأرض وبطونها مخافة من الضيف الطارق.

(٦٦٨) الشاهد في رفع أنفع على نية التقديم والجزم بمتى على الشرط ، والتقدير ولكن أنفع متى ما أملك الضر ، وما زائدة مؤكدة* يقول اذا قدرت على الضر أخذت بالفضل فجعلت النفع بدلا منه.

٥١٧

(١) لمّا تمكّن دنياهم أطاعهم

في أيّ نحو يميلوا دينه يمل

وذاك لأنّ الفعل انما يصل الى الاسم بالباء ونحوها ، فالفعل مع الباء بمنزلة فعل ليس قبله حرف جر ولا بعده ، فصار الفعل الذي يصل باضافة كالفعل الذي لا يصل باضافة لأنّ الفعل يصل بالجرّ الى الاسم كما يصل غيره رافعا وناصبا فالجرّ هاهنا نظير النصب والرفع في غيره ، فان قلت بمن تمرّ به أمرّ وعلى أيهم تنزل عليه أنزل وبما تأتيني به آتيك رفعت لأن الفعل ، انما أوصلته الى الهاء بالباء الثانية والباء الأولى للفعل الآخر فتغيّر عن حال الجزاء كما تغير عن حال الاستفهام فصارت بمنزلة الذي لأنك أدخلت الباء للفعل حين أوصلت الفعل الذي يلي الاسم بالباء الثانية الى الهاء فصارت الأولى ككان وإنّ ، يقول لا يجازى بما بعدها وعملت الباء فيما بعدها عمل كان وإنّ فيما بعدهما ، وقد يجوز أن تقول بمن تمرّ أمرّ وعلى من تنزل أنزل اذا أردت معنى عليه وبه وليس بحدّ الكلام وفيه ضعف ، ومثل ذلك قول الشاعر (وهو بعض الأعراب)

(٢) إنّ الكريم وأبيك يعتمل

إن لم يجد يوما على من يتّكل

__________________

(٦٦٩) الشاهد في ادخال حرف الجر على أي وهي للجزاء فلم يغيرها عن عملها لأن حروف الجر وصلة للفعل بعدها والفعل في الحقيقة هو العامل وحرف الجر لا ينفصل من المجرور فكان دخوله كخروجه* وصف رجلا اتصل بالسلطان فضيع دينه في اتباع أمره ولزوم طاعته وذكر فعل الدنيا لأنها في معنى الزمان والحال.

(٦٧٠) الشاهد فيه حذف العائد على من في مذهبه والتقدير على من يتكل عليه ، ورد هذا المبرد لدخول على قبل من وحمله على وجهين أحدهما أن يكون من استفهاما ويحذف مفعول يجد فكأنه قال ان لم يجد شيئا فعلى من يتكل أي على أي الناس ، والوجه الآخر أن يكون يجد في معنى يعلم أي يعتمل ان لم يعلم أعلى هذا يتكل فيعينه أم على هذا وتقدير سيبويه أقرب وأبين ، ويكون تقديم على توكيدا كما تقول سأعلم على من تنزل وسأرى من تمر تريد سأعلم من تنزل عليه وسأرى من تمر به فتحذف الآخر وتقدم حرف الجر توكيدا او عوضا ، ويجوز أن يكون التقدير يعتمل على من يتكل عليه من عياله أي يسعى لهم وان لم يكن ذا جدة ومعنى يعتمل يحترف لاقامة العيش.

٥١٨

يريد يتّكل عليه ولكنه حذف وهذا قول الخليل ، وتقول غلام من تضرب أضربه لأنّ ما يضاف الى من بمنزلة من ، ألا ترى أنك نقول أبو أيّهم رأيته كما تقول أيّهم رأيته ، وتقول بغلام من تؤخذ أوخذ به كأنك قلت بمن تؤخذ أوخذ به وحسن الاستفهام هاهنا يقوّى الجزاء تقول غلام من تضرب وبغلام من مررت ، ألا ترى أن كينونة الفعل غير وصل ثابتة ، وتقول بمن تمرر أمر ربه ، وبمن تؤخذ أؤخذ به ، فحدّ الكلام أن تثبت الباء في الآخر لأنه فعل لا يصل الا بحرف الاضافة ، يدلك على ذلك أنك لو قلت من تضرب أنزل لم يجز حتى تقول عليه الّا في شعر ، فان قلت بمن تمرر أمرر أو بمن تؤخذ أؤخذ فهو أمثل وليس بحد الكلام ، وانما كان في هذا أمثل لأنه قد ذكر الباء في الفعل الأول فعلم أن الآخر مثله لأنه ذلك الفعل.

[باب الجزاء اذا أدخلت فيه ألف الاستفهام]

وذلك قولك أإن تأتني آتك ولا تكتفى بمن لأنها حرف جزاء ومتي مثلها ، فمن ثم أدخل عليه الألف تقول أمتى تشتمني أشتمك وأمن يقل ذاك أزره ، وذلك لأنك أدخلت الألف على كلام قد عمل بعضه في بعض فلم يغيّره ، وإنما الألف بمنزلة الواو والفاء ولا ونحو ذلك لا تغيّر الكلام عن حاله وليست كاذ وهل وأشباههما ، ألا ترى أنها تدخل على المجرور والمنصوب والمرفوع فتدعه على حاله ولا تغيّره عن لفظ المستفهم ، ألا ترى أنه يقول مررت بزيد فتقول أزيد وإن شئت أزيدنيه وكذلك تقول في الرفع والنصب وإن شئت أدخلتها على كلام المخبر ولم تحذف منه شيئا وذلك اذا قال مررت بزيد قلت أمررت بزيد ولا يجوز ذلك في هل وأخواتها ، وان قلت هل مررت بزيد كنت مستأنفا ، ألا ترى أنّ الألف لغو ، فان قيل فانّ الألف لا بدّ لها من أن تكون معتمدة على شيء فانّ هذا الكلام معتمد لها كما يكون صلة للذي إذا قلت الذي إن تأته يأتك زيد فهذا كلّه وصل ، فان قال الذي إن تأته يأتيك زيد وأجعل يأتيك صلة الذي لم يجد بدّا من أن يقول أنا إن تأتني آتيك لأنّ أنا لا يكون كلاما حتى يبنى عليه شي ، وأما يونس فيقول أإن تأتني آتيك وهذا قبيح يكره في الجزاء وان كان في الاستفهام ،

٥١٩

وقال عزوجل (أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ) ولو كان ليس موضع جزاء قبح فيه ان كما يقبح أن تقول أتذكر اذ إن تأتني آتيك فلو قلت إن أتيتني آتيك على القلب كان حسنا.

[باب الجزاء اذا كان القسم في أوله]

وذلك قولك والله ان أتيتني لا أفعل لا يكون الّا معتمدة عليه اليمين ، ألا ترى أنك لو قلت والله ان تأتني آتك لم يجز ولو قلت والله من يأتنى آته كان محالا واليمين لا تكون لغوا كلا والألف لأنّ اليمين لآخر الكلام وما بينهما لا يمنع الآخر أن يكون على اليمين ، واذا قلت أإن تأتني آتك فكأنك لم تذكر الألف واليمين ليست هكذا في كلامهم ألا ترى أنك تقول زيد منطلق فلو أدخلت اليمين غيّرت الكلام ، وتقول أنا والله إن تأتني لا آتك لأنّ هذا الكلام مبني على أنا ، ألا ترى أنه حسن أن تقول أنا والله ان تأتني آتك فالقسم هاهنا لغو ، فاذا بدأت بالقسم لم يجز الّا أن يكون عليه ، ألا ترى أنك تقول لئن أتيتني لا أفعل ذاك لأنها لام قسم ، ولا يحسن في الكلام لئن تأتني لا أفعل لأنّ الآخر لا يكون جزما وتقول والله ان أتيتني آتيك وهو معنى لا آتيك فان أردت أن الاثيان يكون فهو غير جائز وان نفيت الاتيان وأردت معنى لا آتيك فهو مستقيم ، وأما قول الفرزدق : [طويل]

(١) وأنتم لهذا الناس كالقبلة التي

بها أن يضلّ الناس يهدى ضلالها

فلا يكون الآخر إلا رفعا لأنّ أن لا يجازى بها وإنما هي مع الفعل اسم فكأنه قال لأن يضلّ الناس يهدى وهكذا أنشده الفرزدق :

__________________

(٦٧١) الشاهد فيه رفع يهدي لأن أن ليست من حروف الجزاء والمعنى أنتم كالقبلة التي يهتدي بها الضلال وجعل الفعل للضلال مجازا ، وقال أن يضل الناس توكيدا ولأن الضلال سبب الهدى فذكر لذلك كما تقول أعددت الخشبة أن يميل الحائط فأدعمه فالاعداد للدعم وذكر الميل لأنه سببه ، والهاء في قوله ضلالها عائدة على الناس لأنهم جماعة ويجوز أن يكون للقبلة على معنى يهدي الضلال عنها ، وقوله لهذا الناس محمول في التذكير على لفظ الناس لانه واحد في معنى جمع.

٥٢٠