كتاب سيبويه - ج ١

أبو بشر عمرو بن عثمان [ سيبويه ]

كتاب سيبويه - ج ١

المؤلف:

أبو بشر عمرو بن عثمان [ سيبويه ]


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٣
الصفحات: ٥٨٢

مضمومة الى الصدر كما يضم المضاف اليه الى المضاف لأنهما كانا بائين وصل أحدهما بالآخر فالآخر بمنزلة المضاف اليه في أنه ليس من الأول ولا فيه ، وهما من الاعراب كاسم واحد لم يكن آخره بائنا من أوله ، واذا رخمت رجلا اسمه خمسة عشر قلت يا خمسة أقبل ، وفي الوقف تبين الهاء ، يقول لا تجعلها تاء لأنها تلك الهاء التي كانت في خمسة قبل أن تضم اليها عشر ، كما أنك لو سميت رجلا مسلمين كنت قائلا في الوقف يا مسلمه لأن الهاء لو أبدلت منها تاء لتلحق الثلاثة با لأربعة لم تحرّك الميم ، وأما اثنا عشر فاذا رخمته حذفت عشر مع الألف لأن عشر بمنزلة نون مسلمين والألف بمنزلة الواو وأمره في الاضافة والتحقير كأمر مسلمين ، يقول تلقي عشر مع الألف كما تلقي النون مع الواو.

واعلم أن الحكاية لا ترخّم لأنك لا تريد أن ترخّم غير منادى وليس مما يغيّره النداء وذلك نحو تأبّط شرّا وبرق نحره وما أشبه ذلك ، ولو رخمت هذا لرخمت رجلا يسمي بقول عنترة : * يا دار عبلة بالجواء تكلّمى*

[باب ما رخّمت الشعراء في غير النداء اضطرارا]

قال الراجز :

(١) * وقد وسطت مالكا وحنظلا*

وقال ابن أحمر :

(٢) أبو حنش يؤرّقنا وطلق

وعمّار وآونة أثالا

__________________

(٥٠٨) الشاهد في ترخيم حنظلة في غير النداء ضرورة ومعنى وسطت توسطتهم في الشرف ومالك هو مالك بن حنظلة بن تميم وهو أبو دارم بن مالك.

(٥٠٩) الشاهد في ترخيم اثالة في غير النداء ضرورة وتركه على لفظه وان كان في المعنى مرفوعا ، وقد قدمت أن سيبويه يرى أن اجراءه بعد الترخيم في غير النداء على الوجهين الجائزين فيما يرخم في النداء والمبرد لا يراه جائزا الاعلى لغة من جعله اسما على حياله متصرفا بوجوه الاعراب ، ويزعم أن قوله اثالا منصوب محمول على الضمير المنصوب في قوله يؤرقنا ، والمعروف من هذا ان عمرو بن أحمر رثى قوما منهم اثالة فهو من جملة من أرقه حزنا عليه.

٤٠١

وقال جرير :

(١) ألا أضحت حبالكم رماما

وأضحت منك شاسعة أماما

يشقّ بها العساقل مؤجدات

وكلّ عرندس ينفي اللّغاما

وقال زهير :

(٢) خذوا حظّكم يا آل عكرم واذكروا

أو اصرنا والرّحم بالغيب تذكر

وقال الآخر (وهو ابن حبناء التميمي) : [بسيط]

(٣) إنّ ابن حارث إن أشتق لرؤيته

أو أمتدحه فانّ الناس فد علموا

__________________

(٥١٠) الشاهد فيه ترخيم امامة في غير النداء ضرورة وتركها مفتوحة وهي في موضع رفع بأضحت كما تقدم في اثالة ، والقول فيهما واحد وكان المبرد يرد هذا ويزعم أن الرواية فيه* وما عهد كعهدك يا اماما* وان عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير أنشده هكذا وسيبويه أوثق من أن يتهم فيما رواه ، والرمام جمع رميم وهو الخلق البالي يريد أن حبال الوصل بينه وبين امامة قد تقطعت للفراق الحادث بينهما ، والشاسعة البعيدة ، والعساقل جمع عسقلة ، وعسقول وهما تلمع السراب واضطرابه ، يريد سيرها في الفلوات راجعة الى محضرها بعد انقضاء زمن الانتجاع ، والمؤجدة الناقة القوية وهي الأجد أيضا ، والعرندس الجمل الشديد ، واللغام ما يطرحه من الزبد لنشاطه.

(٥١١) الشاهد في ترخيم عكرمة وتركه على لفظه ويحتمل أن يجعل فتحته اعرابا على أن تجعله اسما لمؤنث فلا تصرفه لأن عكرمة وان كان اسم رجل فانه يقع على القبيلة وهو عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر والأواصر العواطف والأرحام ، ويقال أصرته على رحم أي عطفته والرحم التي ادعاها بينه وبين آل عكرمة أنه من مزينة بن أدبن طابخة ابن الياس بن مضر ، وعكرمة من مضر كما تقدم ، والمعنى خذوا حظكم من مودتنا ومسالمتنا وكانوا قد عزموا على غزو قومه.

(٥١٢) الشاهد فيه ترخيم حارثة وتركه على لفظه مفتوحا كما كان قبل الترخيم وهذا يقوى مذهب سيبويه في حمله على وجهي الترخيم في غير النداء ضرورة كما كان في النداء جاريا عليهما لأن حارثة هنا اسم رجل فاذا رخم واعرب لم يكن له مانع من الصرف لأنه ليس بقبيلة ولا اسم لمؤنث ، وهو حارثة بن بدر الغداني سيد غدانة بن يربوع بن حنظلة من تميم.

٤٠٢

وأما قول الأسود بن يعفر : [بسيط]

(١) أودى ابن جلهم عبّاد بصرمته

إنّ ابن جلهم أمسى حيّة الوادي

فانما أراد أمّه جلهم والعرب يسمّون المرأة جلهم والرجل جلهمة ، وأما قوله (وهو رجل من بني يشكر)

(٢) لها أشارير من لحم تتمّره

من الثّعالي ووخز من أرانبها

فزعم أنّ الشاعر لما اضطّرّ الى الياء أبدلها مكان الباء كما يبدلها مكان الهمزة ، وقال أيضا :

(٣) ومنهل ليس له حوازق

ولضفادي جمّه نقانق

__________________

(٥١٣) الشاهد في قوله جلهم وأنه أراد أمه جلهم فلا ترخيم فيه على هذا لأن العرب سمت المرأة جلهم بغير هاء والرجل جلهمة بالهاء كذا جرى استعمالهم للاسمين وان كان أراد أباه فقد رخم على ما تقدم والقول فيه كالقول في الذي قبله ، والصرمة القطعة من الابل ما بين الثلاثين الى الاربعين ، ومعنى أودي بها ذهب بها ، وقوله أمسى حية الوادي أى يحمي ناحيته ويتقي منه كما يتقي من الحية الحامية لواديها المانعة منه ، والوادي المطمئن من الارض.

(٥١٤) الشاهد فيه ابدال الياء من الباء في الثعالب والأرانب ضرورة ، ووجه ذلك أنه لما اضطر الى اسكان الحرفين لاقامة الوزن وهما مما لا يسكن في الوصل أبدل مكانهما الياء لأنها تسكن في حال الرفع والخفض ، وإنما ذكر سيبويه هذا لئلا يتوهم من باب الترخيم وان الياء زيدت كالعوض لأن المطرد في الترخيم أن لا يعوض من الحرف المحذوف شيء لأن التمام منوي فيه ، ولأن الترخيم تخفيف فلو عوض منه لرجع فيه الى التثقيل* وصف عقابا والأشارير جمع إشرارة وهي القطعة من اللحم يجفف للادخار والميشر ما يجفف عليه اللحم وغيره ومعنى تتمره تجففه واشتقاقه من التمر يريد بقاءه في وكرها حتى يجف لكثرته ، والوخز القطع من اللحم ، وأصل الوخز الطعن الخفيف كأنه يريد ما تقطعه من اللحم بسرعة.

(٥١٥) الشاهد فيه إبدال الياء من العين في الضفادع ضرورة وعلته كعلة الذي قبله والمنهل المورد ، والحوازق الجماعات واحدتها حزيقة فجمعها جمع فاعلة كأن واحدتها حازفة لأن الجمع قد يبني على غير واحده أي هو منهل مقفر لا وارد له ، والجم جمع جمة وهى معظم الماء ومجتمعه ، والنقانق أصوات الضفادع واحدتها نقنقة.

٤٠٣

وإنما أراد الضفادع فلما اضطّر الى أن يقف آخر الاسم كره أن يقف حرفا لا يدخله الوقف في هذا الموضع فأبدل مكانه حرفا يوقف في الرفع والجرّ ، وليس هذا لأنه حذف شيئا فجعل الياء عوضا منه ، لو كان ذلك لعوضت حارثا الياء حيث حذفت الثاء وجعلت البقيّة بمنزلة اسم يتصرّف في الكلام على ثلاثة أحرف وذلك حين قلت يا جار ، ولو قلت هذا لقلت يا مروى ، إذا أردت أن تجعل ما بقى من مروان بمنزلة ما بقى من حارث حين قلت يا حار.

[باب النّفي بلا ولا تعمل فيما بعدها فتنصبه بغير تنوين]

ونصبها لما بعدها كنصب إن لما بعدها ، وترك التنوين لما تعمل فيه لازم لأنها جعلت وما عملت فيه بمنزلة اسم واحد نحو خمسة عشر وذلك لأنها لا تشبه سائر ما ينصب مما ليس باسم وهو الفعل وما أجري مجراه لأنها لا تعمل إلا في نكرة ، ولا وما تعمل فيه في موضع ابتداء فلما خولف بها عن حال أخواتها خولف بلفظها كما خولف بخمسة عشر فلا لا تعمل إلا في نكرة ، كما أن ربّ لا تعمل إلّا في نكرة وكما أن كم لا تعمل في الخبر والاستفهام إلا في النكرة لأنك لا تذكر بعد لا اذا كانت عاملة شيئا بعينه كما لا تذكر ذلك بعد ربّ وذلك لأن ربّ انما هي للعدة بمنزلة كم ، فخولف بلفظها حين خالفت أخواتها كما خولف بأيّهم حين خالفت الذي ، وكما قالوا يا الله حين خالفت ما فيه الألف واللام ، وستري أيضا نحو ذلك ان شاء الله ، فجعلت وما بعدها كخمسة عشر في اللفظ وهي عاملة فيما بعدها كما قالوا يا ابن أمّ فهي مثلها في اللفظ وفي أنّ الأول عامل في الآخر ، وخولف بخمسة عشر لأنها انما هي خمسة وعشرة ، فلا لا تعمل إلا في نكرة من قبل أنها جواب فيما زعم الخليل لقوله هل من عبد أو جارية فصار الجواب نكرة كما أنه لا يقع في هذه المسئلة إلا نكرة.

واعلم أن لا وما عملت فيه في موضع ابتداء كما أنك اذا قلت هل من رجل فالكلام بمنزلة اسم مرفوع مبتدإ ، وكذلك ما من رجل وما من شيء ، والذي يبنى عليه في زمان أو في مكان ولكنك تضمره ، وان شئت أظهرته وكذلك لا رجل ولا شيء انما تريد لا

٤٠٤

رجل في مكان ولا شىء في زمان ، والدليل على أن لا رجل في موضع اسم مبتدإ وما من رجل في موضع اسم مبتدإ في لغة تميم قول العرب من أهل الحجاز لا رجل أفضل منك ، وأخبرنا يونس أن من العرب من يقول ما من رجل أفضل منك وهل من رجل خير منك كأنه قال ما رجل أفضل منك وهل رجل خير منك.

واعلم أنك لا تفصل بين لا وبين المنفى ، كما لا تفصل بين من وما تعمل فيه ، وذلك أنه لا يجوز أن تقول لا فيها رجل كما أنه لا يجوز لك أن تقول في الذي هو جوابه هل من فيها رجل ، ومع ذلك أنهم جعلوا لا وما بعدها بمنزلة خمسة عشر فقبح أن يفصلوا بينهما عندهم كما لا يجوز أن يفصلوا بين خمسة وعشر بشيء من الكلام لأنها مشبّهة بها.

[باب المنفى المضاف بلام الاضافة]

اعلم أنّ التنوين يقع من المنفى في هذا الموضع اذا قلت لا غلام لك كما يقع من المضاف الى اسم وذلك اذا قلت لا مثل زيد ، والدليل على ذلك قول العرب لا أبالك ولا غلامى لك ولا مسلمى لك ، وزعم الخليل أنّ النون انما ذهبت للاضافة ، ولذلك ألحقت الألف التي لا تكون إلا في الاضافة ، وانما كان ذلك من قبل أن العرب قد تقول لا أباك في معنى لا أبالك فعلموا أنهم لو لم يجيئوا باللام لكان التنوين ساقطا كسقوطه في لا مثل زيد فلما جاؤا بلام الاضافة تركوا الاسم على حاله قبل أن تجيء اللام اذا كان المعنى واحدا وصارت اللام بمنزلة الاسم الذي ثنّى به في النداء ولم يغيّروا الأول عن حاله قبل أن تجيء به ، وذلك قولك يا تيم تيم عدى ، وبمنزلة الهاء اذا لحقت طلحة في النداء لم يغيروا آخر طلحة عما كان عليه قبل أن تلحق وذلك قولهم : * كليني لهم يا أميمة ناصب (١) *

ومثل هذا الكلام ، قول الشاعر اذا اضطّرّ (وهو النابغة) : [بسيط]

(٢) * يا بؤس للجهل ضرارا لأقوام*

__________________

(١) استشهد به على اقحام الهاء توكيدا للترخيم والدلالة عليه ، وقد تقدم شرحه في ص ٣٦٨ رقم ٤٦٥.

(٥١٦) الشاهد فيه اقحام اللام بين المضاف والمضاف اليه في قوله يا بؤس للجهل توكيدا للاضافة على ما بينه في الباب ، ونصب ضرارا على الحال من الجهل ، والمعنى ما أبأس الجهل على صاحبه وأضره له.

٤٠٥

حملوه على أن اللام لو لم تجيء لقلت يا بؤس الجهل ، وانما فعل هذا في المنفي تخفيفا كأنهم لم يذكروا اللام كما أنهم اذا قالوا يا طلحة أقبل فكأنهم لم يذكروا الهاء وصارت اللام من الاسم بمنزلة الهاء من طلحة لا تغير الاسم عن حاله قبل أن تلحق كما لا تغير الهاء الاسم عن حاله قبل أن تلحق فالنفي في موضع تخفيف كما أن النداء موضع تخفيف ، فمن ثم جاء فيه مثل ما جاء في النداء وإنما ذهبت النون في لا مسلمى لك على هذا المثال جعلوه بمنزلة ما لو حذفت بعده اللام كان مضافا الى اسم وكان في معناه اذا ثبتت بعده اللام ، وذلك قولك لا أباك فكأنهم لو لم يجيئوا باللام قالوا لا مسلميك فعلى هذا الوجه حذفوا النون في لا مسلمى لك وذا تمثيل وان لم يتكلم بلا مسلميك ، قال مسكين الدارمي : [طويل]

وقد مات شمّاخ ومات مزرّد

وأي كريم لا أباك يمتّع

ويروى مخلّد ، وتقول لا يدين بها لك ولا يدين اليوم لك ، إثبات النون أحسن وهو الوجه ، وذلك أنك اذا قلت لا يدى لك ولا أبالك فالاسم بمنزلة اسم ليس بينه وبين المضاف اليه شيء نحو لا مثل زيد فكما قبح أن تقول لا مثل بها زيد فتفصل قبح أن تقول لا يدي بها لك ، ولكن تقول لا يدين بها لك ولا أب يوم الجمعة لك كأنك قلت لا يدين بها ولا أب يوم الجمعة ثم جعلت لك خبرا فرارا من القبح ، وكذلك إن لم تجعل لك خبرا ولم تفصل بينهما وجئت بلك بعد أن تضمر في مكان أو زمان كاضمارك اذا قلت لا رجل ولا بأس ، وإن أظهرت فحسن ثم تقول لك لتبيّن المنفىّ عنه ، وربّما تركتها استغناء بعلم المخاطب وقد تذكرها توكيدا وان علم من تعنى ، فكما قبح أن تفصل بين المضاف والاسم المضاف اليه قبح أن تفصل بين لك وبين المنفىّ الذي قبله لأنّ المنفىّ الذي قبله اذا جعلته كأنه اسم لم تفصل بينه وبين المضاف اليه بشيء قبح فيه ما قبح في الاسم المضاف الى اسم لم تجعل بينه وبينه شيئا ، لأنّ اللام كأنها هيهنا لم تذكر ، ولو قلت هذا لقلت لا أخا هذين اليومين لك ، وهذا يجوز في الشعر لأنّ الشاعر اذا اضطّرّ فصل بين المضاف والمضاف اليه ، قال الشاعر (وهو ذو الرمّة) : [بسيط]

كأنّ أصوات من إيغالهنّ بنا

أواخر الميس أصوات الفراريج (١)

__________________

(١) قد تقدم شرحه في ص ١١٢ رقم ١٥٠

٤٠٦

وانما اختير الوجه الذي تثبت فيه النون في هذا الباب كما اختير في كم اذا قلت كم بها رجلا مصابا وأنت تخبر لغة من ينصب بها لئلا يفصل بين الجارّ والمجرور ، ومن قال كم بها رجل مصاب فلم يبال القبح قال لا يدي بها لك ولا اخا يوم الجمعة لك ولا أبا فاعلم لك والجرّ في كم بها رجل مصاب وترك النون في لا يدي بها لك قول يونس ، واحتجّ بأنّ الكلام لا يستغنى اذا قلت كم بها رجل ، والذي يستغنى به الكلام وما لا يستغنى به قبحهما واحد اذا فصلت بكلّ واحد منهما بين الجارّ والمجرور ، ألا ترى أنّ قبح كم بها رجل مصاب كقبح ربّ فيها رجل ولا حسن بالذي لا يستغنى به الكلام لحسن بالذي يستغنى به ، كما أنّ كل مكان حسن لك أن تفصل فيه بين العامل والمعمول فيه بما يحسن عليه السكوت حسن لك أن تفصل فيه بينهما بما يقبح عليه السكوت ، وذلك قولك إنّ بها زيدا مصاب وإن فيها زيدا قائم وكان بها زيد مصابا وكان فيها زيد مصابا وانما يفرق بين الذي يحسن عليه السكوت والذي لا يحسن في موضع غير هذا ، وإثبات النون قول الخليل وتقول لا غلامين ولا جاريتى لك اذا جعلت الآخر مضافا ولم تجعله خبرا له وصار الأوّل مضمرا له خبر ، كأنك قلت لا غلامين في ملكك ولا جاريتى لك كأنك قلت ولا جاريتيك في التمثيل ولكنهم لا يتكلّمون به ، فانما اختصّت لا في الأب بهذا كما اختصّ لدن مع غدوة بما ذكرت لك ، ومن كلامهم أن يجرى الشيء على ما لا يستعملونه في كلامهم نحو قولهم ملامح ومذاكير لا يستعملون لا ملمحة ولا مذكارا ، وكما جاء عذيرك على مثال ما يكون نكرة ومعرفة نحو ضربا وضربك ولا يتكلم به إلا معرفة مضافا ، وسترى نحو هذا ان شاء الله ومنه ما قد مضى ، وان شئت قلت لا غلامين ولا جاريتين لك اذا جعلت لك خبرا لهما وهو قول أبي عمرو ، وكذلك اذا قلت لا غلامين لك وجعلت لك خبرا لأنه لا يكون اضافة وهو خبر لأنّ المضاف يحتاج الى الخبر مضمرا أو مظهرا ، ألا ترى أنه لو جاز تيم تيم غدىّ في غير النداء لم يستقم لك إلا أن تقول ذاهبون فاذا قلت لا أبالك فهاهنا إضمار مكان ولكنه يترك استخفافا واستغناء ، قال الشاعر (وهو نهار بن توسعة اليشكرىّ) فيما جعله خبرا : [وافر]

٤٠٧

(١) أبى الاسلام لا أب لي سواه

اذا افتخروا بقيس أو تميم

واذا ترك التنوين فليس الاسم مع لا بمنزلة خمسة عشر لأنه لو أراد ذلك لجعل لك خبرا وأظهر النون أو أضمر خبرا ثم جاء بعدها بلك توكيدا ولكنه أجراه مجرى ما ذكرت لك في النداء لأنه موضع حذف وتخفيف كما أنّ النداء كذلك ، وتقول أيضا ان شئت لا غلامين ولا جاريتين لك ولا غلامين وجاريتين لك ، كأنك قلت لا غلامين ولا جاريتين في مكان كذا وكذا لك فجاء بلك بعد ما بنى على الكلام الأوّل في مكان كذا وكذا كما قال لا يدين بها لك حين صيّره كأنه جاء بلك فيه بعد ما قال لا يدين بها في الدّنيا.

واعلم أنّ المنفىّ الواحد اذا لم يل لك فانما يذهب منه التنوين كما أذهب من آخر خمسة عشر لا كما أذهب من المضاف ، والدليل على ذلك أنّ العرب تقول لا غلامين عندك ولا غلامين فيها ولا أب فيها وأثبتوا النون لأنّ النون لا تحذف من الاسم الذي يجعل وما قبله أو ما بعده بمنزلة اسم واحد ، ألا تراهم قالوا الذين في الدار فجعلوا الذين وما بعده من الكلام بمنزلة اسمين جعلا اسما واحدا ولم تحذف النون لأنها لا تجيء على حدّ التنوين ألا تراها تدخل في الألف واللام وما لا ينصرف ، وإنما صارت الأسماء حين وليت لك بمنزلة مضاف لأنهم كانوا ألحقوا اللام بعد اسم كان مضافا كما أنك قلت «يا تيم تيم عدىّ» فانما ألحقت الاسم اسما كان مضافا ولم يغيّر الثاني المعنى كما أنّ اللام لم تغيّر معنى لا أباك ، وإذا قلت لا أب فيها فليست في من الحروف التي اذا لحقت بعد مضاف لم تغيّر المعنى الذي كان قبل أن تلحق ألا ترى أن اللام لا تغيّر معنى المضاف الى الاسم اذا صارت بينهما كما أن الاسم الذي يثنّى به لا يغيّر المعنى اذا صار بين الأوّل والمضاف اليه ، فمن ثم صارت اللام بمنزلة الاسم الذى يثنّى به ، وتقول لا غلام وجارية فيها لأن لا إنما تجعل وما تعمل فيه اسما واحدا

__________________

(٥١٧) الشاهد فيه جعله المجرور خبر لا في قوله لا أب لي ، ولو أراد الاضافة وتأكيدها باللام المقحمة لقال لا أبالى واحتاج الى اضمار الخبر كما يحتاج اليه اذا اضيف فقيل لا أباك كما قال : * وأى كريم لا أباك يخلد* يقول اذا اعتزى غيري الى قومه وانتمى في الشرف اليهم فأنا معتز للاسلام منتم في الشرف اليه ، وانما قال هذا لأن يشكر من بكر بن وائل في غير البيت وموضع الشرف.

٤٠٨

اذا كانت الى جنب الاسم فكما لا يجوز أن تفصل خمسة من عشر كذلك لم يستقم هذا لأنه مشبّه به فاذا فارقه جرى على الأصل ، قال الشاعر :

(١) لا أب وابنا مثل مروان وابنه

اذا هو بالمجد ارتدى وتأزّرا

وتقول لا رجل ولا امرأة يافتى اذا كانت لا بمنزلتها في ليس حين تقول ليس لك رجل ولا امرأة فيها ، وقال رجل من بني سليم (وهو أنس بن العبّاس السلمي) : [سريع]

(٢) لا نسب اليوم ولا خلّة

إتّسع الخرق على الراقع

وتقول لا رجل ولا امرأة فيها فتعيد لا الأولى كما تقول ليس عبد الله وليس أخوه فيها فتكون حال الآخرة في تثنيتها كحال الأولى ، فان قلت لا غلامين ولا جاريتين لك اذا كانت الثانية هي الأولى ، أثبتّ النون لأنّ لك خبر عنهما والنون لا تذهب اذا جعلتهما كاسم واحد لأنّ النون أقوى من التنوين فلم يجروا عليها ما أجروا على التنوين في هذا الباب لأنه مفارق للنون ولأنها تثبت فيما لا يثبت فيه.

واعلم أن كلّ شيء حسن لك أن تعمل ربّ حسن لك أن تعمل فيه لا ، وسألت الخليل عن قول العرب ولا سيّما زيد فزعم أنه مثل قولك ولا مثل زيد وما لغو ، وقال ولا سيّما زيد كقولهم دع ما زيد وكقوله مثلا ما بعوضة ، فسي في هذا الموضع بمنزلة مثل فمن ثم عملت فيه لا كما تعمل ربّ في مثل وذلك قولك ربّ مثل زيد ، وقال أبو محجن الثّقفي :

(٣) يا ربّ مثلك في النساء غريرة

بيضاء قد متّعتها بطلاق

__________________

(٥١٨) الشاهد فيه عطف ابن على المنصوب بلا وتنوينه لأن المعطوف لا يجعل وما بعده بمنزلة اسم واحد لأنهما مع حرف العطف ثلاثة أشياء والثلاثة لا تجعل اسما واحدا* مدح مروان بن الحكم وابنه عبد الملك ، وجعلهما لشهرة مجدهما كاللابسين له المترديين به ، وجعل الخبر عن أحدهما وهو يعنيهما اختصارا لعلم السامع.

(٥١٩) الشاهد فيه نصب المعطوف وتنوينه على إلغاء لا الثانية وزيادتها لتأكيد النفى والتقدير لا نسب وخلة اليوم والقول فيه كالقول في الذي قبله ، ولو رفعت الخلة على الموضع لجاز* وصف شدة أصابته تبرأ منه فيها الولي والصديق وضرب اتساع الخرق مثلا لتفاقم الأمر وقطع الألف من اتسع ضرورة ، وساغ له ذلك لأن القسيم الأول يوقف عليه ثم يستأنف ما بعده فيبتدأ به.

(٥٢٠) استشهد فيه على أن رب تلزم العمل في النكرة كما تلزمه لا في التبرئة وقد مر في ص ٢٤٨

٤٠٩

[باب ما يثبت فيه التنوين من الاسماء المنفيّة]

وذلك من قبل أن التنوين لم يصر منته الاسم فصار كأنه حرف قبل آخر الاسم ، وإنما يحذف في النفي والنداء منته الاسم وهو قولك لا خيرا منه لك ولا حسنا وجهه لك ، ولا ضاربا زيدا لك ، لأن ما بعد حسن وضارب وخير صار من تمام الأسماء فقبح عندهم أن يحذفوا قبل أن ينتهوا الى منته الاسم ، لأنّ الحذف في النفي في أواخر الأسماء ومثل ذلك قولك لا عشرين درهما لك ، وقال الخليل كذلك لا آمرا بالمعروف لك ، اذا جعلت بالمعروف من تمام الاسم وجعلته متّصلا به ، كأنك قلت لا آمرا معروفا لك ، وان قلت لا آمر بمعروف فكأنك جئت بمعروف بعد ما بنيت على الأوّل كلاما كقولك لا آمر في الدار يوم الجمعة ، وان شئت جعلته كأنك قلت لا آمر يوم الجمعة فيها فيصير المبنيّ على الأوّل مؤخّرا ويكون الملغى مقدّما ، وكذلك لا داعيا الى الله لك ، ولا مغيّرا على الأعداء لك ، اذا كان الآخر متّصلا بالأوّل كاتصال منك بأفعل ، وان جعلته منفصلا من الأوّل كانفصال لك من سقيا لك لم تنوّن لأنه يصير حينئذ بمنزلة يوم الجمعة ، وان شئت قلت لا آمرا يوم الجمعة اذا نفيت الآمرين يوم الجمعة لا من سواهم من الآمرين ، فاذا قلت لا آمر يوم الجمعة فأنت تنفي الآمرين كلّهم ثم أعلمت في أي حين ، واذا قلت لا ضاربا يوم الجمعة فانما تنفي ضاربي يوم الجمعة في يومه أو في يوم غيره ، وتجعل يوم الجمعة فيه منته الاسم ، وإنما تؤنّث لأنه صار منته الاسم اليوم كما صار ما ذكرت منته الاسم وصار التنوين كأنه زيادة في الاسم قبل آخره نحو واو مضروب وألف مضارب فنوّنت كما نوّنت في النداء كلّ شيء صار منته الاسم فيه ما بعده وليس منه ، فنوّن في هذا ما نوّنته في النداء مما ذكرت لك إلا النكرة فانّ النكرة في هذا الباب بمنزلة المعرفة في النداء ولا تعمل لا إلّا في النكرة تجعل معها بمنزلة خمسة عشر فالنكرة هيهنا كالمعرفة هناك.

[باب وصف المنفي]

اعلم أنك اذا وصفت المنفىّ فان شئت نوّنت صفة المنفيّ وهو أكثر في الكلام وان شئت لم تنوّن ، وذلك قولك لا غلام ظريفا لك ولا غلام ظريف لك ، فأما الذين نوّنوا فانهم

٤١٠

جعلوا الاسم ولا بمنزلة اسم واحد وجعلوا صفة المنصوب في هذا الموضع بمنزلته في غير المنفي ، وأما الذين قالوا لا غلام ظريف لك فانهم جعلوا الموصوف والوصف بمنزلة اسم واحد ، فاذا قلت لا غلام ظريفا عاقلا لك فأنت في الوصف الأول بالخيار ولا يكون الثاني إلا منوّنا من قبل أنه لا تكون ثلاثة أشياء منفصلة بمنزلة اسم واحد ، ومثل ذلك لا غلام فيها ظريفا اذا جعلت فيها صفة أو غير صفة ، واذا كررت الاسم فصار وصفا فأنت فيه بالخيار ان شئت نونت وان شئت لم تنوّن ، وذلك قولك لا ماء ماء باردا ولا ماء ماء باردا ، ولا يكون باردا إلا منوّنا لأنه وصف ثان.

[باب لا يكون الوصف فيه إلا منوّنا]

وذلك قولك لا رجل اليوم ظريفا ولا رجل فيها عاقلا اذا جعلت فيها خبرا أو لغوا ولا رجل فيك راغبا من قبل أنه لا يجوز لك أن تجعل الاسم والصفة بمنزلة اسم واحد ، وقد فصلت بينهما كما أنه لا يجوز أن تفصل بين عشر وخمسة في خمسة عشر ومما لا يكون الوصف فيه إلا منوّنا قوله لا ماء سماء لك باردا ولا مثله عاقلا من قبل أن المضاف لا يجعل مع غيره بمنزلة خمسة عشر ، وانما يذهب التنوين منه كما يذهب منه في غير هذا الموضع فمن ثم صار وصفه بمنزلته في غير هذا الموضع ، ألا ترى أن هذا لو لم يكن مضافا لم يكن إلا منوّنا كما يكون في غير باب النفي ، وذلك قولك لا ضاربا زيدا لك ولا حسنا وجه الأخ فيها فاذا كففت التنوين وأضفت كان بمنزلته في غير هذا الباب كما كان كذلك غير مضاف ، فلما صار التنوين انما يكفّ للاضافة جرى على الأصل فاذا قلت لا ماء ولا لبن ثم وصفت اللبن فأنت بالخيار في التنوين وتركه ، فان جعلت الصفة للماء لم يكن الوصف إلا منوّنا لأنه لا يفصل بين الشيئين اللذين يجعلان بمنزلة اسم واحد مضمرا أو مظهرا لأنهما قد صارا اسما واحدا بمنزلة زيد ويحتاجان الى الخبر مضمرا أو مظهرا ، ألا ترى أنه لو جاز تيم تيم عدى لم يستقم لك إلا أن تقول ذاهبون ، فاذا قلت لا أبالك فها هنا إضمار مكان.

[باب لا يسقط فيه النون وإن وليت لك]

وذلك قولك لا غلامين ظريفين لك ولا مسلمين صالحين لك من قبل أن الظريفين

٤١١

والصالحين نعت للمنفي ومن اسمه ، وليس واحد من الاسمين ولى لا ثم وليته لك ولكنه وصف وموصوف فليس للموصوف سبيل الى الاضافة ، ولم يجيء ذلك في الوصف لأنه ليس بالمنفي وانما هو صفة ، وانما جاز التخفيف في النفي فلم يجز ذلك إلا في المنفي كما أنه يجوز في المنادى أشياء لا تجوز في وصفه من الحذف والاستخفاف ، وقد بين ذلك.

[باب ما جرى على موضع المنفي لا على الحرف الذي عمل في المنفي]

فمن ذلك قول ذي الرمة :

(١) بها العين والأر آم لا عدّ عندها

ولا كرع إلا المغارات والرّبل

وقال رجل من مذحج : [كامل]

(٢) هذا لعمركم الصّغار بعينه

لا أمّ لى إن كان ذاك ولا أب

فزعم الخليل أن هذا أجرى على الموضع لا على الحرف الذي عمل في الاسم كما أن الشاعر حين قال (وهو عقيبة الأسدي) :

* فلسنا بالجبال ولا الحديدا (٣) *

أجراه على الموضع ، ومثل ذلك أيضا قول العرب لا مال له قليل ولا كثير رفعوه على الموضع ومثل ذلك أيضا قول العرب لا مثله أحد ولا كزيد أحد ، وإن شئت حملت

__________________

(٥٢١) الشاهد فيه رفع كرع عطفا على موضع الاسم المنصوب بلا ، والتقدير لا فيها عد ولا كرع ولو نصب حملا على اللفظ لجاز* وصف فلاة لا ماء بها الا ما غار من ماء السماء ولا شجر الا ما تربل في أصول اليبس ، وهو الربل والعين بقر الوحش واحدها أعين وعيناء سميت بذلك لسعة عيونها ، والأرآم جمع ريم وهو الظبي الخالص البياض ، والعد الماء الثابت المعتد به كماء الآبار والعيون ، والكرع ما تكرع فيه الواردة من ماء السماء مما يظهر على وجه الأرض والمغارات حيث يغور ماء السماء.

(٥٢٢) الشاهد فيه عطف الأب على موضع الأم والقول فيه كالقول في الذي قبله ، وقد تقدم معنى البيت وخبره والبيت الذي قبله يبينه وهو قوله :

واذا تكون كريهة أدعي لها

واذا يحاس الحيس يدعي جندب

(١) تقدم شرحه في ص ٤٦ رقم ٥١

٤١٢

الكلام على لا فنصبت وتقول لا مثله رجل اذا حملته على الموضع كما قال بعض العرب لا حول ولا قوة إلا بالله ، وان شئت حملته على لا فنوّنته ونصبته ، وان شئت قلت لا مثله رجلا على قوله لي مثله غلاما. وقال ذو الرمة :

(١) هي الدار اذمي لأهلك جيرة

ليالي لا أمثالهنّ لياليا

وقال الخليل يدلك على أنّ لا رجل في موضع اسم مبتدإ مرفوع قولك لا رجل أفضل منك كأنك قلت زيد أفضل منك ، ومثل ذلك بحسبك قول السّوء كأنك قلت حسبك قول السّوء ، وقال الخليل حين مثّله كأنك قلت رجل أفضل منك ، وأما قول الشاعر (وهو جرير) :

(٢) يا صاحبىّ دنا الرّواح فسيرا

لا كالعشيّة زائرا ومزورا

فلا يكون إلا نصبا من قبل أنّ العشية ليست بالزائر ، وانما أراد لا أرى كالعشيّة زائرا كما تقول ما رأيت كاليوم رجلا فكاليوم كقولك في اليوم لأنّ الكاف ليست باسم وفيه معنى التعجب كما قال تالله رجلا وسبحان الله رجلا وانما أراد تالله ما رأيت رجلا ، ولكنه يترك إظهار الفعل استغناء لأنّ المخاطب يعلم أنّ هذا الموضع انما يضمر فيه هذا الفعل لكثرة استعمالهم إيّاه وتقول لا كالعشيّة عشيّة ولا كزيد رجل لأنّ الآخر هو

__________________

(٥٢٣) الشاهد فيه قوله لا أمثالهن لياليا فنصب أمثالهن بلا لأن المثل نكرة وان كان مضافا الى معرفة كما تقدم ونصب ليالي على التبيين لأمثالهن على مثال قولك لا مثلك رجلا فرجل تبيين للمثل على اللفظ ولو حمل على المعنى لجاز ، ويجوز نصب ليالي على التمييز كما تقول لا مثلك رجلا على تقدير لا مثلك من رجل ، وفي نصبه على التمييز قبح لأن حكم التمييز أن يكون واحدا يؤدي عن الجميع* يقول هذه الدار كانت لمية دارا زمن المرتبع وتجاوز الأحياء وفضل تلك الليالي لما نال فيها من التنعيم بالوصال واجتماع الشمل.

(٥٢٤) الشاهد فيه نصب زائر ومزور باضمار فعل والتقدير لا أرى كالعشية زائرا ومزورا أي لا أرى زائرا ومزورا كزائر العشية ومزورها ، فحذف اختصارا لعلم السامع كما قالوا ما رأيت كاليوم رجلا أي كرجل أراه اليوم ولا يحسن في هذا رفع الزائر لأنه غير العشية وليس بمنزلة لا كزيد رجل لأن زيدا من الرجال.

٤١٣

الأوّل ولأن زيدا رجل وصار لا كزيد كأنك قلت لا أحد كزيد ثم قلت رجل كما تقول لا مال له قليل ولا كثير على الموضع ، قال الشاعر (وهو امرؤ القيس) :

(١) ويلمّها في هواء الجوّ طالبة

ولا كهذا الذي في الأرض مطلوب

كأنه قال ولا شيء كهذا ورفع على ما ذكرت لك ، وإن شئت نصبته على نصبه [طويل]

(٢) * فهل في معدّ فوق ذلك مرفدا*

كأنه قال لا أحد كزيد رجلا وحمل الرجل على زيد كما حمل المرفد على ذلك ، وإن شئت نصبته على ما نصبت عليه لا مال له قليلا ولا كثيرا ، ونظير لا كزيد في حذفهم الاسم قولهم لا عليك وانما تريد لا بأس عليك ولا شيء عليك ولكنه حذف لكثرة استعمالهم إيّاه.

[باب ما لا تغيّر فيه لا الأسماء عن حالها التي كانت عليها قبل أن تدخل لا]

ولا يجوز ذلك إلّا أن تعيد لا الثانية من قبل أنه جواب لقوله أغلام عندك أم جارية اذا أدّعيت أنّ أحدهما عنده فلا يحسن إلّا أن تعيد لا كما أنه لا يحسن اذا أردت المعنى الذي تكون فيه أم إلا أن تذكرها مع اسم بعدها ، واذا قال لا غلام فانما هي جواب لقوله هل من غلام وعملت لا فيما بعدها وان كان في موضع ابتداء كما عملت من في الغلام وان كان في موضع ابتداء ، فمما لا يتغيّر عن حاله قبل أن تدخل عليه لا قول الله عزوجل (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) وقال الشاعر (وهو الراعي) :

(٣) وما صرمتك حتّى قلت معلنة

لا ناقة لي في هذا ولا جمل

__________________

(٥٢٥) الشاهد فيه رفع مطلوب حملا على موضع الكاف لأنها في تأويل مثل وموضعها موضع رفع وهو بمنزلة لا كزيد رجل ، ولو نصب حملا على اللفظ أو على التمييز لجاز* وصف عقابا تتبع ذئبا لتصيده فتعجب منها في شدة طلبها ومنه في سرعته وشدة هروبه ، وأراد ويل أمها فحذف الهمزة لثقلها ثم أتبع حركة اللام حركة الميم.

(٥٢٦) استشهد به على نصب رجل على التمييز في قولك لا مثلك رجلا والتقدير فهل في معد مرفد فوق ذلك مرفدا وقد تقدم البيت بتفسيره في ص ٣٤٩ رقم ٤٤٢.

(٥٢٧) الشاهد فيه رفع ما بعد لا بالابتداء والخبر لتكريرها على ما يجب فيها مع ـ

٤١٤

وقد جعلت وليس ذلك بالأكثر بمنزلة ليس ، وان جعلتها بمنزلة ليس كانت حالها كحال لا في أنها في موضع ابتداء وأنها لا تعمل في معرفة ، فمن ذلك قول سعد بن مالك : [كامل]

من صدّ عن نيرانها

فأنا ابن قيس لا براح (١)

واعلم أن المعارف لا تجرى مجرى النكرة في هذا الباب لأنّ لا لا تعمل في معرفة ابدا ، فأمّا قول الشاعر :

(٢) * لا هيثم الليلة للمطىّ*

فانه جعله نكرة كأنه قال لا هيثم من الهيثمين ، ومثل ذلك لا بصرة لكم ، وقال ابن الزّبير الأسديّ :

(٣) أرى الحاجات عند أبي خبيب

نكدن ولا أمّيّة بالبلاد

__________________

ـ التكرير ، ولو نصب على إعمالها لجاز والرفع أكثر لأنها جواب لمن قال ألك في ذا ناقة أو جمل فقيل له لا ناقة لي في هذا ولا جمل فجرى ما بعدها في الجواب مجراه في السؤال* يقول ما صرمها حتى تبرأت منه وصرمته وأعلنت بذلك ، وضرب قوله لا ناقة لى في هذا ولا جمل مثلا لبراءتها منه وقطعها له وهذا مثل سائر في هذا المعني.

(١) استشهد به على إعمال لا عمل ليس في بعض اللغات ولزومها للنكرة في الرفع كلزومها لها في النصب ، وقد تقدم البيت بعلته وتفسيره في ص ٣٩ رقم ٤١.

(٥٢٨) الشاهد فيه نصب هيثم وهو اسم علم معرفة بلا وهي لا تعمل الا في نكرة وجاز ذلك لأنه أراد لا أمثال هيثم ممن يقوم مقامه في حداء المطي فصار هذا شائعا فأدخل هيثم في جملة المنفيين وهو كقولهم قضية ولا أبا حسن يراد علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، والمعني ولا قاضي ولا فاصل مثل أبي حسن لها.

(٥٢٩) الشاهد فيه نصب امية بالتبرئة على معنى ولا أمثال أمية والقول فيه كالقول في الذي قبله* يقول هذا لعبد الله بن الزبير رحمه‌الله وكنيته أبو خبيب ومعنى نكدن ضقن وتعذرن والنكد ضيق العيش ، وكان ابن الزبير مبخلا فذمه ومدح بني أمية وأراد بالبلاد ما كان في طاعة ابن الزبير من خلافته ، وهذا الشاعر من أسد بن خزيمة واسم أبيه الزبير بفتح الراء وكسر الباء والزبير طي البئر وذكرت هذا لأن الناس يغيرونه فيقولون عبد الله ابن الزبير بضم الزاي وفتح الباء غلطا.

٤١٥

وتقول قضيّة ولا أبا حسن تجعله نكرة ، قلت فكيف هذا وإنما أراد عليّا عليه‌السلام فقال لأنه لا يجوز لك أن تعمل لا في معرفة وإنما تعملها في النكرة فاذا جعلت أبا حسن نكرة حسن لك تعمل لا وعلم المخاطب أنه قد دخل في هؤلاء المنكورين علي ، وأنه قد غيّب عنها ، فان قلت إنه لم يرد أن ينفي منكورين كلّهم في قضيّته مثل عليّ كأنه قال لا أمثال عليّ لهذه القضيّة ، ودلّ هذا الكلام على أنه ليس لها عليّ وأنه قد غيّب عنها ، وإن جعلته نكرة ورفعته كما رفعت لا براح فجائز ، ومثله قول الشاعر (وهو مزاحم العقيليّ) :

(١) فرطن فلا ردّ لما بتّ فانقضى

ولكن بغوض أن يقال عديم

وقد يجوز في الشعر رفع المعرفة لا تثنّي لا ، قال الشاعر : [طويل]

(٢) جزعا واسترجعت ثم آذنت

ركائبها أن لا إلينا رجوعها

واعلم أنك اذا فصلت بين لا والاسم بحشو لم يحسن إلا أن تعيد لا الثانية لأنه جعل جواب إذا عندك أم ذا ، ولم تجعل لا في هذا الموضع بمنزلة ليس ، وذلك لأنهم جعلوها اذا رفعت مثلها اذا نصبت لا تفصل لأنها ليست بفعل ، فمما فصل بينه وبين لا بحشو قوله عزوجل ، (لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ) ولا يجوز لا فيها أحد ، إلا ضعيفا ، ولا يحسن لا فيك خير فان تكلّمت به لم يكن إلا رفعا لأن لا لا تعمل

__________________

(٥٣٠) الشاهد فيه رفع ما بعد لا تشبيها لها بليس كما تقدم* وصف كبره وذهاب شبابه وقوته وفتوّته فيقول فرطن أي ذهبن وتقدمن فلا رد لما فات منهن ، ومعنى بت قطع ثم قال ولكن بغوض ان يقال عديم أي مبغض الى الناس لأن قيل عديم شبابه ، وبغوض تكثير بغيض ، ويروى تعوض أي تعوض من شبابك حلما مخافة أن يقال عديم شباب وحلم.

(٥٣١) الشاهد فيه ابتداء المعرفة بعد لا مفردة وإنما يبتدأ بعدها المعارف مكررة كقولهم لا زيد في الدار ولا عمرو* ووجه جوازه تشبيه لا بليس ضرورة في افراد الاسم بعدها ، وان لم تعمل فيه عملها فكأنه قال ليس الينا رجوعها* وصف أنها فارقته فبكت واسترجعت لفراقه ، ومعنى آذنت أشعرت وأعلمت ، والركائب جمع ركوبة وهي الراحلة تركب.

٤١٦

اذا فصل بينها وبين الاسم رافعة ولا ناصبة لما ذكرت لك ، وتقول لا رجل أفضل منك اذا جعلته خبرا وكذلك لا أحد خير منك ، قال الشاعر : [بسيط]

(١) وردّ جازرهم حرفا مصرّمة

ولا كريم من الولدان مصبوح

لما صار خبرا جرى على الموضع لأنه ليس بوصف ولا محمول على لا فجرى مجرى لا أحد فيها إلّا زيد وإن شئت قلت لا أحد أفضل منك في قول من جعلها كليس ويجريها مجراها ناصبة في الموضع وفيما يجوز أن يحمل عليها ولم تجعل لا التي كليس مع ما بعدها كاسم واحد لئلّا يكون الرافع كالناصب وليس أيضا كلّ شيء يخالف بلفظه يجري مجرى ما كان في معناه.

[باب لا تجوز فيه المعرفة إلّا أن تحمل على الموضع]

لأنه لا يجوز للا أن تعمل في معرفة كما لا يجوز ذلك لربّ ، فمن ذلك قولك لا غلام لك ولا العبّاس ، فان قلت أحمله على لا فانه ينبغي لك أن تقول ربّ غلام لك والعبّاس ، وكذلك لا غلام لك وأخوه ، فأمّا من قال كلّ نعجة وسخلتها بدرهم فانه ينبغي له أن يقول لا رجل لك وأخاه لأنه كأنه قال لا رجل لك وأخا له.

[باب ما ذا لحقته لا لم تغيّره عن حاله التي كان عليها قبل أن تلحق]

وذلك لأنها لحقت ما قد عمل فيه غيرها كما أنها اذا لحقت الأفعال التي هي بدل منها لم تغيّرها عن حالها التي كانت عليها قبل أن تلحق ، ولا يلزمك في هذا الباب تثنية لا

__________________

(٥٣٢) الشاهد فيه رفع مصبوح على خبر لا ، لأنها وما عملت فيه في موضع اسم مبتدإ ، ويجوز أن يكون مصبوح نعتا لاسمها محمولا على الموضع ، ويكون الخبر محذوفا لعلم السامع تقديره موجود ونحوه ، يقول هم في جدب فاللبن عندهم متعذر لا يسقاه الوليد الكريم النسب فضلا عن غيره لعدمه فجازرهم يرد عليهم من المرعي ما ينحرون للضيف إذ لا لبن عندهم ، والحرف الناقة الضامر ، ويقال هي القوية الصلبة شبهت بحرف الجبل ، وهو ناحية منه وطرف وسميت الضامر جرفا لانحرافها عن السمن الى الهزال ، والمصرمة المقطوعة اللبن لعدم المرعي ، والمصبوح المسقي صبوحا وهو شرب الغداة.

٤١٧

كما لا تثني لا في الأفعال التي هي بدل منها ، وذلك قولك لا مرحبا ولا أهلا ولا كرامة ولا مسرّة ولا شللا ولا سقيا ولا رعيا ولا هنيئا ولا مريّا ، صارت لا مع هذه الأسماء بمنزلة اسم منصوب ليس معه لا لأنها أجريت مجراها قبل أن تلحق لا ، ومثل ذلك لا سلام عليك لم تغيّر الكلام عما كان عليه قبل أن تلحق ، وقال جرير :

(١) ونبّئت جوّابا وسكنا يسبّني

وعمرو بن عفرا لا سلام على عمر

ولم يلزمك في ذا تثنية لا كما لم يلزمك ذلك في الفعل الذي فيه معناه ، وذلك لا سلمّ الله عليه فدخلت في ذا الباب لتنفي ما كان دعاء كما دخلت على الفعل الذي هو بدل من لفظه ، ومثل لا سلام على عمرو ، لابك السّوء لان معناه لا ساءك الله ، ومما جرى مجرى الدعاء مما هو تطلّق عند طلب الحاجة وبشاشة نحو كرامة ومسرّة ونعمة عين ، فدخلت على هذا كما دخلت على قوله ولا أكرمك ولا أسرّك ولا أنعمك عينا ، ولو قبح دخولها هيهنا لقبح في الاسم كما قبح في لا ضربا ، لأنه لا يجوز لا اضرب في الأمر ، وقد دخلت في موضع غير هذا فلم تغيره عن حاله قبل أن تدخله ، وذلك قولهم لا سواء ، وانما دخلت لا هيهنا لأنها عاقبت ما ارتفعت عليه سواء ، ألا ترى أنك لا تقول هذان لا سواء فجاز هذا كما جاز لاها الله ذا حين عاقبت ولم يجز ذكر الواو وقالوا لا نولك أن تفعل لأنهم جعلوه معاقبا لقوله لا ينبغي أن تفعل كذا وكذا وصار بدلا منه فدخل فيه ما دخل في ينبغي كما دخل في لا سلام ما دخل في سلّم.

واعلم أنّ لا قد تكون في بعض المواضع بمنزلة اسم واحد هي والمضاف اليه ليس معه شيء وذلك نحو قولك أخذته بلا ذنب وأخذته بلا شيء وغضبت من لا شيء وذهبت بلا عتاد ، والمعنى معنى ذهبت بغير عتاد وأخذته بغير ذنب اذا لم

__________________

(٥٣٣) الشاهد فيه رفع سلام على الابتداء وان كانت لا غير مكررة لأنه في المعنى بدل من اللفظ بالفعل والفعل لا يلزم معه تكرير لا وكأنه قال لا سلم الله عمرا لأن معنى قولهم سلام عليك سلمك الله وأفرد يسبني اكتفاء بخبر الواحد عن خبر الاثنين كما تقدم وقصر عفراء ضرورة.

٤١٨

ترد أن تجعل غير اشياء أخذه به يعتدّ به عليه ، ومثل ذلك قولك للرجل أجئتنا بغير شيء أي رائقا ، وتقول اذا قلّلت الشيء او صغّرت أمره ما كان إلا كلا شيء وإنك ولا شيئا سواء ، ومن هذا النحو قول الشاعر :

(١) تركتني حين لا مال أعيش به

وحين جنّ زمان الناس أو كلبا

والرفع عربي على قوله :

* حين لا مستصرخ ولا براح*

والنصب أجود وأكثر من الرفع لأنك اذا قلت لا غلام فهي أكثر من الرافعة التي بمنزلة ليس قال الشاعر :

(٢) * حنّت قلوصى حين لا حين محنّ*

وأمّا قول جرير : [بسيط]

(٣) ما بال جهلك بعد الحلم والدين

وقد علاك مشيب حين لا حين

فانما هو حين حين ولا بمنزلة ما اذا ألغيت.

__________________

(٥٣٤) الشاهد في اضافة حين الى المال والغاء لا وزيادتها في اللفظ على حد قولهم جئت بلا زاد وغضبت من لا شيء ولو رفع المال على شبه لا بليس لجاز* يرثي ابنا له فقده أحوج ما كان اليه لفقره وكلب الزمان وشدته وضرب الجنون والكلب مثلا لشدة الزمان ، وأصل الكلب السعار.

(٥٣٥) الشاهد فيه نصب حين بالتبرئة واضافة حين الأولى الى الجملة وخبر لا محذوف والتقدير حين لا حين محن لها أي حنت في غير وقت الحنين ، ولو جرا لحين على الغاء لا لجاز كالذي قبله ، والقلوص الناقة الفتية وهي من الابل كالجارية من الأناسى وحنينها صوتها شوقا الى أصحابها ، والمعني انها حنت اليها على بعد منها ولا سبيل لها اليها.

(٥٣٦) الشاهد فيه اضافة حين الأولى الى الآخرة على تقدير زيادة لا لفظا ومعني ، والمعني قد علاك مشيب حين حين وجوبه هذا تفسير سيبويه ، ويجوز أن يكون المعني ما بال جهلك بعد الحلم والدين حين لا حين جهل ولا صبا فيكون لا لغوا في اللفظ دون المعني ، وانما أضاف الحين الى الحين لأنه قد رأى أحدهما بمعني التوقيت فكأنه قال حين وقت حدوثه ووجوبه.

٤١٩

واعلم أنه قبيح أن تقول مررت برجل لا فارس حتى تقول لا فارس ولا شجاع ومثل ذلك هذا زيد لا فارسا لا يحسن حتى تقول لا فارسا ولا شجاعا ، وذلك أنه جواب لمن قال أو لمن تجعله ممن قال أبرجل شجاع مررت أم بفارس ولقوله أفارس زيد أم شجاع وقد يجوز على ضعفه في الشعر قال رجل من بني سلول [طويل]

(١) وأنت امرؤ منّا خلقت لغيرنا

حياتك لا نفع وموتك فاجع

فكذلك هذه الصفات وما جعلته خبرا للأسماء نحو زيد لا فارس ولا شجاع.

واعلم أنّ لا في الاستفهام تعمل فيما بعدها كما تعمل فيه اذا كانت في الخبر ، فمن ذلك قوله (البيت لحسّان بن ثابت) :

(٢) ألا طعان ألا فرسان غادية

إلا تجشّؤكم عند التّنانير

وقال في مثل أفلا قماص بالعير ، ومن قال لا غلام ولا جارية قال ألا غلام وألا جارية

واعلم أنّ لا إذا كانت مع ألف الاستفهام ، ودخل فيها معنى التمنّي عملت فيما بعدها فنصبته ولا يحسن لها أن تعمل في ذا الموضع إلّا فيما تعمل فيه في الخبر ، ويسقط النون والتنوين في التمنّي كما سقط في الخبر فمن ذلك ألا غلام لي وألا ماء باردا ، ومن

__________________

(٥٣٧) الشاهد فيه رفع ما بعد لا من غير تكرير وقد تقدم قبحه ، ونظير البيت قوله زيد لا قائم ولا يحسن حتى يقول لا قائم ولا قاعد ، وسوغ الافراد هنا أن ما بعده يقوم مقام التكرير في المعني لأنه اذا قال وموتك فاجع دل على أن حياته لا تضر فكأنه قال حياتك لا نفع ولا ضر* يقول هو منا في النسب الا أن نفعه لغيرنا فحياته لا تنفعنا لعدم مشاركته لنا وموته يفجعنا لأنه أحدنا.

(٥٣٨) الشاهد فيه عمل ألا عمل لا لأن معناها كمعناها وان كانت ألف الاستفهام داخلة عليها للتقرير ، وكذلك حكمها إذا دخلت عليها لمعنى التمني ، لأن الأصل فيه كله لحرف التبرئة فلم تغير المعاني الداخلة عليه عمله وحكمه* يقول هذا لبنى الحرث بن كعب ، ومنهم النجاشي وكان يهاجيه فجعلهم أهل نهم وحرص على الطعام لا أهل غارة وقتال ، والعادية المستطيلة ، ويروي غادية بالغين المعجمة وهي التي تغدو للغارة وعادية أعم لأنها تكون بالغداة وغيرها ، ويجوز رفع التجشؤ على البدل من موضع الاسم المنفي ونصبه على الاستثناء المنقطع

٤٢٠