كتاب سيبويه - ج ١

أبو بشر عمرو بن عثمان [ سيبويه ]

كتاب سيبويه - ج ١

المؤلف:

أبو بشر عمرو بن عثمان [ سيبويه ]


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٣
الصفحات: ٥٨٢

قلت مررت بزيد الذي تعلم ، وإذا قلت مررت بزيد هذا فقد قلت بزيد الذي ترى أو الذي عندك ، واذا قلت مررت بقومك كلّهم فأنت لا تريد أن تقول مررت بقومك الذين من صفتهم كذا وكذا ، ولا مررت بقومك الهنين ، وعلى هذا المثال جاء مررت بأخيك زيد فليس زيد بمنزلة الألف واللام ، ومما يدلّك على أنه ليس بمنزلة الألف واللام أنه معرفة بنفسه لا بشيء دخل فيه ولا بما بعده ، فكلّ شىء جاز أن يكون هو والمبهم بمنزلة اسم واحد هو عطف عليه وإنما جرت المبهمة هذا المجرى لأن حالها ليس كحال غيرها من الأسماء ، وتقول يا أيّها الرجل وزيد الرجلين الصالحين من قبل أن رفعهما مختلف ، وذلك أن زيدا على النداء والرجل نعت ، ولو كان بمنزلته لقلت يا زيد ذو الجمّة كما تقول يا أيّها الرجل ذو الجمّة ، وهو قول الخليل.

واعلم أنه لا يجوز لك أن تنادي اسما فيه الألف واللام البتّة إلا أنهم قد قالوا يا ألله اغفر لنا وذلك من قبل أنه اسم يلزمه الألف واللام يفارقانه وكثر في كلامهم فصار كأن الألف واللام فيه بمنزلة الألف واللام التي من نفس الكلمة وليس بمنزلة الذي قال ذلك من قبل أنّ الذي قال ذلك وإن كان لا يفارقه الألف واللام ليس اسما بمنزلة زيد وعمرو غالبا ، ألا ترى أنك تقول يا أيّها الذي قال ذاك ، ولو كان اسما غالبا بمنزلة زيد وعمرو لم يجز ذا فيه ، وكأنّ الاسم والله أعلم إله فلمّا أدخل فيه الألف واللام حذفوا الألف وصارت الألف واللام خلفا منها ، فهذا أيضا مما يقوّيه أن يكون بمنزلة ما هو من نفس الحرف ومثل ذلك أناس ، فاذا أدخلت الألف واللام قلت الناس إلا أنّ الناس قد يفارقهم الألف واللام ويكون نكرة والله لا يكون فيه ذلك تعالى ذكره ، وليس النّجم والدّبران بهذه المنزلة لأن هذه الأشياء الألف واللام فيها بمنزلتها في الصّعق وهي في الله بمنزلة شيء غير منفصل في الكلمة كما كانت الهاء في الجحاجحة بدلا من الياء ، وكما كانت الألف في يمان بدلا من الياء وغيروا هذا لأنّ الشيء إذا كثر في كلامهم كان له نحو ليس لغيره مما هو مثله ، ألا ترى أنك تقول لم أك ولا تقول لم أق اذا أردت أقل وتقول لا أدركما تقول هذا قاض ، وتقول لم أبل ولا تقول لم أرم تريد لم أرام فالعرب مما يغيّرون الأكثر في كلامهم عن حال نظائره ،

٣٦١

وقال الخليل اللهمّ نداء والميم هيهنا بدل من يا فهي هيهنا فيما زعم الخليل آخر الكلمة بمنزلة يا في أوّلها إلا أنّ الميم هيهنا في الكلمة كما أنّ نون المسلمين في الكلمة بنيت عليها فالميم في هذا الاسم حرفان ، أوّلهما مجزوم والهاء مرتفعة لأنه وقع عليها الاعراب واذا ألحقت الميم لم تصف الاسم من قبل أنه صار مع الميم عندهم بمنزلة صوت كقولك يا هناه وأما قوله عزوجل ، (اللهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فعلى يا فقد صرّفوا هذا الاسم على وجوه لكثرته في كلامهم ولأنّ له حالا ليست لغيره ، وأما الألف والهاء اللتان لحقتا أىّ توكيدا فكأنك كرّرت يا مرّتين اذا قلت يا أيّها وصار الاسم بينهما كما صار هو بين ها وذا اذا قلت ها هو ذا ، وقال الشاعر : [وافر]

(١) من اجلك يا التي تيّمت قلبي

وأنت بخيلة بالودّ عنّى

شبّهه بيا الله ، وزعم الخليل أنّ الألف واللام انما منعهما أن يدخلا في النداء من قبل أنّ كل اسم في النداء مرفوع معرفة ، وذلك أنه اذا قال يا رجل ويا فاسق فمعناه كمعنى يا أيّها الفاسق ويا أيّها الرجل ، وصار معرفة لأنك أشرت اليه وقصدت قصده واكتفيت بهذا عن الألف واللام وصار كالأسماء التي هي للاشارة نحو هذا ، وما أشبه ذلك وصار معرفة بغير ألف ولام لأنك انما قصدت قصد شىء بعينه وصار هذا بدلا في النداء من الألف واللام واستغنى به عنهما كما استغنيت بقولك اضرب عن لتضرب ، وكما صار المجرور بدلا من التنوين ، وكما صارت الكاف في رأيتك بدلا من رأيت إيّاك ، وانما يدخلون الألف واللام ليعرّفوك شيئا بعينه قد رأيته أو سمعت به ، فاذا قصدوا قصد الشىء بعينه دون غيره وعنوه ولم يجعلوه واحدا من أمّة فقد استغنوا عن الالف واللام ، فمن ثم لم يدخلوهما في هذا ولا في النداء ، ومما يدلك على أنّ يا فاسق معرفة قولك يا خباث ويا لكاع ويا فساق تريد يا فاسقة ويا خبيثة ويا لكعاء فصار هذا اسما لهذا

__________________

(٤٥٤) الشاهد فيه دخول حرف النداء على الألف واللام في قولهم يا التي تشبيها بقولهم يا ألله للزوم الألف واللام لها ضرورة لا يجوز ذلك في الكلام ، ومعنى تيمت ذللت واستعبدت ومنه تيم اللات أي عبد اللات ، وقوله وأنت بخيلة بالود عني أي على وحروف الجر يبدل بعضها من بعض.

٣٦٢

كما صارت جعار اسما للضّبع ، وكما صارت حذام ورقاش اسما للمرأة وأبو الحارث اسما للأسد ، ويدلّك على أنه اسم للمنادى أنهم لا يقولون في غير النداء جاءتني خباث ولكاع ولا لكع ولا فسق ، فانما اختصّ النداء بهذا الاسم أنّ الاسم معرفة كما اختصّ الأسد بابي الحارث إذ كان معرفة ولو كان شيء من هذا نكرة لم يكن مجرورا ، لأنها لا تجرّ في النكرة ، ومن هذا النحو أسماء اختصّ بها الاسم المنادى لا يجوز منها شيء في غير النداء نحو يا نومان ويا هناه ويافل ويقوّى ذلك كلّه أن يونس زعم أنه سمع من العرب من يقول يا فاسق الخبيث ، ومما يقوي أنه معرفة ترك التنوين فيه لأنه ليس اسم يشبه الأصوات فيكون معرفة إلّا إذا لم ينوّن وينوّن إذا كان نكرة ألا ترى أنهم قالوا هذا عمرويه وعمرويه آخر ، وقال الخليل إذا أردت النكرة فوصفت أو لم تصف فهذه منصوبة لأن التنوين لحقها فطالت فجعلت بمنزلة المضاف لمّا طال نصب وردّ الى الأصل كما فعل ذلك بقبل وبعد ، وزعموا أنّ بعض العرب يصرف قبلا وبعدا فيقول إبدأ بهذا قبلا فكأنه جعلها نكرة ، وإنما جعل الخليل المنادى بمنزلة قبل وبعد وشبّهه بهما مفردين إذا كان مفردا فاذا طال وأضيف شبهه بهما مضافين اذا كان مضافا لأن المفرد في النداء في موضع نصب كما أن قبل وبعد قد يكونان في موضع نصب وجرّ ولفظهما مرفوع فاذا أضفتهما رددتهما الى الأصل وكذلك نداء النكرة لمّا لحقها التنوين وطالت صارت بمنزلة المضاف ، ومن ذلك قول الشاعر : (وهو ذي الرمّة) : [طويل]

(١) أدارا بحزوى هجت للعين عبرة

فماء الهوي يرفضّ أو يترقرق

__________________

(٤٥٥) الشاهد فيه نصب دار لأنه منادى منكور في اللفظ لاتصاله بالمجرور بعده ووقوعه في موضع صفته كأنه قال أدارا مستقرة بحزوى فجرى لفظه على التنكير وان كان مقصودا بالنداء معرفة في التحصيل ونظيره مما ينتصب وهو معرفة لأن ما بعده من صلته فضارع المضاف قولهم يا خيرا من زيد وكذلك ما نقل الى النداء موصوفا بما توصف به النكرة جرى عليه لفظ المنادى المنكور وان كان في المعنى معرفة* وصف انه نظر الى دار بعينها عهد فيها ـ

٣٦٣

وقال الآخر (وهو توبة بن الحميّر) :

(١) لعلّك يا تيسا نزا في مريرة

معذّب ليلى أن تراني أزورها

وقال عبد يغوث بن وقاص الحرثي : [طويل]

(٢) فيا راكبا إمّا عرضت فبلّغن

نداماى من نجران أن لا تلاقيا

وأمّا قول الطّرمّاح : [سريع]

(٣) يا دار أقوت بعد أصرامها

عاما وما يعنيك من عامها

فانما ترك التنوين فيه لأنه لم يجعل أقوت من صفة الدار ولكنه قال يا دار ثم أقبل بعد يحدّث عن شأنها ، فكأنه لمّا قال يا دار أقبل على إنسان فقال أقوت وتغيّرت

__________________

ـ من يحب فهاجت شوقه وحزنه ، وحزوى موضع بعينه وأراد بماء الهوى الدمع لأنه يبعثه ومعنى يرفض ينصب متفرقا ، ومنه سميت الرافضة لتفرقهم عن زيد بن علي وترقرقه جولانه في العين.

(٤٥٦) الشاهد فيه نصب تيس لأنه منادى منكور في اللفظ لوصفه بالفعل ولا يوصف به إلا النكرات والقول فيه كالقول في الذي قبله* توعد زوج ليلى الاخيلية لمنعه من زيارتها فجعله كالتيس النازي في حبله والمريرة الحبل المحكم الفتل وهي أيضا طاقة من طاقات الحبل.

(٤٥٧) الشاهد فيه نصب راكبا لأنه منادى منكور إذ لم يقصد به قصد راكب بعينه انما التمس راكبا من الركبان يبلغ قومه خبره وتحيته ولو أراد راكبا بعينه لبناه على الضم ولم يجز له تنوينه ونصبه لانه ليس بعده شيء نكرة يكون من وصفه كما كان في الذي تقدم ، وإنما قال هذا لأنه كان أسيرا ، وقيل هذا البيت لمالك بن الريب فانه قاله في غربته وعند موته بخراسان غازيا وقصته مشهورة.

(٤٥٨) الشاهد فيه رفع الدار وان كان بعدها الفعل وكان الظاهر أن تنصب على ما تقدم إلا أنه لم يجعل أقوت في موضع الوصف إنما ناداها ثم جعل يخاطب غيرها ويخبره عنها فقال أقوت هذه الدار بعد أصرامها أي أقفرت بعد أهلها والأصرام الجماعات واحدها صرم وجعل مدة اقوائها عاما ثم قال وما يعنيك من عامها منكرا على نفسه التشاغل بها والاهتمام بتغيرها في عامها إذ لا يجدى عليه ذلك شيئا.

٣٦٤

وكأنه لمّا ناداها قال إنها أقوت يا فلان ، وإنما أردت بهذا أن تعلم أنّ أقوت ليس بصفة ، ومثل ذلك قول الأحوص :

(١) يا دار حسرها البلى تحسيرا

وسفت عليها الريح بعدك مورا

وأما قول الشاعر (وهو عمرو بن قنعاس) :

(٢) ألا يا بيت بالعلياء بيت

ولو لا حبّ أهلك ما أتيت

فانه لم يجعل بالعلياء وصفا ولكنه قال بالعلياء لي بيت وانما تركته لك أيّها البيت لحبّ أهله ، وأما قول الأحوص :

(٣) سلام الله يا مطر عليها

وليس عليك يا مطر السّلام

فانما لحقه التنوين كما لحق مالا ينصرف لأنه بمنزلة اسم لا ينصرف وليس مثل النكرة لأنّ التنوين لازم للنكرة على كل حال والنصب ، وهذا بمنزلة مرفوع لا ينصرف يلحقه التنوين اضطرارا لأنك أردت في حال التنوين في مطر ما أردت حين كان غير منوّن ، ولو نصبته في حال التنوين لنصبته في غير حال التنوين ولكنه اسم اطّرد الرفع في أمثاله في

__________________

(٤٥٩) الشاهد فيه رفع الدار وبعدها الفعل للعلة التي تقدمت في البيت الذي قبله ومعنى حسرها غيرها وأخفى آثارها والبلى القدم ومعنى سفت طيرت والمور ما تطيره الريح من التراب.

(٤٦٠) الشاهد فيه رفع البيت لأنه قصده بعينه ولم يصفه بالمجرور بعده فينصبه لانه أراد لي بالعلياء بيت غيرك ولكني أترك عليه لمحبتي في أهلك ، وبعده :

ألا يا بيت قومك أبعدوني

كأني كل ذنب قد جنيت

أى كأني جنيت كل ذنب أتاه اليهم آت.

(٤٦١) الشاهد فيه تنوين مطر وتركه على ضمه لجريه في النداء على الضم واطراد ذلك في كل علم مثله فأشبه المرفوع غير المنصرف في غير النداء فلما نون ضرورة ترك على لفظه كما ينون الاسم المرفوع الذي لا ينصرف فلا يغيره التنوين من رفعه ، وهذا مذهب الخليل وأصحابه واختيارهم ، وأبو عمرو ومن تابعه يختارون نصبه مع التنوين لمضارعته النكرة بالتنوين ولأن التنوين يعاقب الاضافة فيجرونه على أصله لذلك وكلا المذهبين مسموع من العرب ، والرفع أقيس لما تقدم من العلة.

٣٦٥

النداء فصار كأنه يرفع بما يرفع من الأفعال والابتداء ، فلمّا لحقه التنوين اضطرارا لم يغيّر رفعه كما لا يغيّر رفع ما لا ينصرف اذا كان في موضع رفع لأن مطرا وأشباهه في النداء بمنزلة ما هو في موضع رفع فكما لا ينتصب ما هو في موضع رفع لا ينتصب هذا ، وكان عيسى بن عمر يقول يا مطرا يشبّهه بقوله يا رجلا يجعله اذا نوّن وطال كالنكرة ولم نسمع عربيا يقوله وله وجه من القياس اذا نوّن وطال كالنكرة ، ويا عشرين رجلا كقوله يا ضاربا رجلا.

[باب ما يكون الاسم والصفة فيه بمنزلة اسم واحد]

ينضمّ فيه قبل الحرف المرفوع حرف وينكسر فيه قبل الحرف المجرور الذي ينضمّ قبل المرفوع وينفتح فيه قبل المنصوب ذلك الحرف ، وهو ابنم وامرؤ ، فان جررت قلت في ابنم وامرىء ، وان نصبت قلت ابنما وامرءا ، وان رفعت قلت هذا ابنم وامرؤ ، ومثل ذلك قولك يا زيد بن عمرو ، وقال الراجز (وهو من بني الحرماز)

(١) * يا حكم بن المنذر بن الجارود*

وقال العجّاج :

(٢) * يا عمر بن معمر لا منتظر*

__________________

(٤٦٢) الشاهد فيه بناء حكم على الفتح إتباعا لحركة الابن لأن النعت والمنعوت كأسم ضم الى اسم مع كثرة الاستعمال وهو مشبه في الاتباع بقولهم يا تيم تيم عدى وبقولهم ابنم وأمرؤ على ما بينه سيبويه ، والرفع في حكم أقيس لأنه اسم مفرد نعت بمضاف فقياسه أن يكون بمنزلة قولهم يا زيد ذا الجمة ونحوه* مدح أحد بني المنذر بن الجارود العبدي ابن عبد القيس بن أفصى بن دعمى وهم حى من ربيعة وحكم هذا أحد ولاة البصرة لهشام بن عبد الملك وبعده :

* سرادق المجد عليك ممدود*

وسمى جده الجارود لانه أغار على قوم فاكتسح أموالهم فشبه بالسيل الذي يجرد ما مر به.

(٤٦٣) القول فيه كالقول في الذي قبله ، وعمر هذا هو عمر بن عبيد الله بن معمر ـ

٣٦٦

وانما حملهم على هذا أنهم أنزلوا الرفعة التي في قولك زيد بمنزلة الرفعة في راء امرىء والجر بمنزلة الكسر في الراء والنصب كفتحة الراء وجعلوه تابعا لابن ألا تراهم يقولون هذا زيد ابن عبد الله ، ويقولون هذه هند بنت عبد الله فيمن صرف فتركوا التنوين هيهنا لأنهم جعلوه بمنزلة اسم واحد لمّا كثر في كلامهم ، فكذلك جعلوه في النداء تابعا لابن ، وأمّا من قال يا زيد بن عبد الله فانه انما قال هذا زيد بن عبد الله وهو لا يجعله اسما واحدا وحذف التنوين لأنه لا ينجزم حرفان ، فان قلت هلّا قالوا هذا زيد الطويل ، فانّ القول فيه أن تقول جعل هذا لكثرته في كلامهم بمنزلة قولهم لد الصلاة حذفها لأنه لا ينجزم حرفان ولم يحرّكها ، واختصّ هذا الكلام بحذف التنوين لكثرته كما اختصّ لا أدر ، ولم أبل لكثرتهما ، ومن جعله بمنزلة لدن فحذفه لالتقاء الساكنين ولم يجعله بمنزلة اسم واحد ، قال هذه هند بنت فلان ، وزعم يونس أنها لغة كثيرة في العرب جيّدة وأمّا يا زيد ابن أخينا فلا يكون الا هكذا من قبل أنك تقول هذا زيد ابن أخينا فلا تجعله اسما واحدا كما تقول هذا زيد أخونا وزيد في قولك يا زيد بن عمرو في موضع نصب كما أنّ الأمّ في موضع جر في قولك يا ابن أمّ ، ولكنه لفظه كما ذكرت وهو على الأصل.

[باب يكرّر فيه الاسم في حال الاضافة ويكون الأوّل بمنزلة الآخر]

وذلك قولك يا زيد زيد عمرو ، ويا زيد زيد أخينا ويا زيد زيدنا ، زعم الخليل ويونس أن هذا كلّه سواء وهي لغة للعرب جيّدة ، وقال جرير : [بسيط]

يا تيم تيم عدىّ لا أبا لكم

لا يلقينّكم في سوأة عمر (١)

وقال بعض ولد جرير :

__________________

ـ القرشي ، وكان سيد أهل البصرة وواليها ، وقوله لا منتظر أي لا انتظار أي يحثه الى اعطائه وتسريحه ويروى* يا عمر بن معمر فتى مضر*

(١) قد تقدم تفسيره وشرحه في ص ٣٧ رقم ٣٩

٣٦٧

(١) * يا زيد زيد اليعملات الذّبّل*

وذلك لأنهم قد علموا أنهم لم يكرروا الاسم صار الأول نصبا فلما كرروا الاسم توكيدا تركوا الأول على الذي كان يكون عليه لو لم يكرّروا ، وقال الخليل هو مثل لا أبالك ، قد علم أنه لو لم يجيء بحرف الاضافة قال لا أباك فتركه على حاله الأولى واللام هيهنا بمنزلة الاسم الثاني في قوله : يا تيم تيم عدى ، وكذلك قول الشاعر اذا اضطّر «يا بؤس للحرب» انما يريد يا بؤس الحرب وكأن الذي يقول : يا تيم تيم عدى ، لو قاله مضطرّا. على هذا الحدّ في الخبر لقال هذا تيم تيم عدى قال وان شئت قلت يا تيم تيم عدى ، كقولك يا تيم أخانا لأنك تقول : هذا تيم تيم عدى كما تقول هذا تيم أخونا ، وزعم الخليل أن قولهم يا طلحة أقبل يشبه ، يا تيم تيم عدى ، من قبل أنهم قد علموا أنهم لو لم يجيئوا بالهاء لكان آخر الاسم مفتوحا ، فلما ألحقوا الهاء تركوا الاسم على حاله التي كان عليها قبل ان يلحقوا الهاء ، وقال النابغة الذّبياني : [طويل]

(٢) كليني لهمّ يا أميمة ناصب

وليل أقاسيه بطيء الكواكب

__________________

(٤٦٤) الشاهد فيه اقحام زيد الثاني بين الأول ، وما أضيف اليه والتقدير يا زيد اليعملات زيدها فحذف الضمير اختصارا وقدم زيدا فاتصل باليعملات فوجب له النصب ، وقد كان زيد الأول مضافا اليها فبقى على نصبه ، وجاز هذا لأن النداء كثير الاستعمال فاحتمل التغيير ورفع زيد الاول أكثر وأقيس لانه منادى مفرد بين باسم مضاف على طريق البدل أو عطف البيان الذى يقوم مقام الصفة ، واليعملات الابل القوية على العمل ، والذبل الضامرة لطول السفر وأضاف زيدا اليها لحسن قيامه عليها ومعرفته بحدائها وبعده :

* تطاول الليل عليك فانزل*

أي انزل عن راحلتك واحد الابل

(٤٦٥) الشاهد فيه اقحام الهاء بعد حذفها للترخيم ضرورة والقياس البناء على الضم وجاز الحذف والاقحام لما تقدم من أن النداء كثير الاستعمال محتمل للتغيير ، وناصب من نعت الهم وفعله أنصب ، وكان القياس أن يقول : منصب فجاء على معنى ذي نصب ولم يجر على الفعل ومعنى كليني اتركيني وهو من وكلتك الى كذا اذا تركتك وإياه أي اتركينى وما أنا فيه من الهم ومقاساة طول الليل بالسهر اولا تزيديني باللوم والعذل وجعل بطء الكواكب دليلا على طول الليل كأنها لا تغرب فينقضي الليل.

٣٦٨

فصار يا تيم تيم عدي اسما واحدا وكان الثاني بمنزلة الهاء في طلحة يحذف مرة ويجاء به أخرى والرفع في طلحة ، ويا تيم تيم عدى القياس.

واعلم أنه لا يجوز في غير النداء أن تذهب التنوين من الاسم الأول لأنهم جعلوا الأول والآخر بمنزلة اسم واحد نحو طلحة في النداء واستخفوا بذلك لكثرة استعمالهم إياه ولا يجعل بمنزلة ما جعل من الغايات كالصوت في غير النداء لكثرته في كلامهم ، ولا يحذف هاء طلحة في الخبر فيجوز هذا في الاسم مكرّرا من تيم تيم عدى في الخبر يقول لو فعل هذا بطلحة جاز هذا ، وانما فعلوا هذا بالنداء لكثرته في كلامهم ولأن أول الكلام أبدا النداء إلا أن تدعه استغناء باقبال المخاطب عليك فهو أول كل كلام لك به تعطف المكلم عليك فلما كثر وكان الأول في كل موضع حذفوا منه تخفيفا ، لأنهم مما يغيّرون الأكثر في كلامهم حتى جعلوه بمنزلة الأصوات وما أشبه الأصوات من غير الأسماء المتمكنة ويحذفون منه كما فعلوا في لم أبل ، وربما ألحقوا فيه كقولهم أمّهات ، ومن قال يا زيد الحسن قال يا طلحة الحسن لأنها كفتحة الحاء اذا حذفت الهاء ، ألا ترى أنّ من قال يا زيد الكريم قال يا سلم الكريم.

[باب إضافة المنادى الى نفسك]

اعلم أنّ ياء الاضافة لا تثبت في النداء كما لم يثبت التنوين في المفرد لأن ياء الاضافة في الاسم بمنزلة التنوين لأنها بدل من التنوين ولأنه لا يكون كلاما حتى يكون في الاسم ، كما أن التنوين اذا لم يكن فيه لا يكون كلاما فحذف وترك آخر الاسم جرّا ليفصل بين الاضافة وغيرها ، وصار حذفها هيهنا لكثرة النداء في كلامهم حيث استغنوا بالكسرة عن الياء ، ولم يكونوا ليثبتوا حذفها إلا في النداء ولم يكن لبس في كلامهم لحذفها فكانت الياء حقيقة بذلك لما ذكرت لك اذ حذفوا ما هو أقلّ اعتلالا في النداء ، وذلك قولك يا قوم لا بأس عليكم ، وقال عزوجل (يا عِبادِ فَاتَّقُونِ) وبعض العرب يقول يا ربّ اغفر لي ويا قوم لا تفعلوا ، وثبات الياء فيما زعم يونس في الأسماء.

واعلم أنّ بقيان الياء لغة في النداء في الوقف والوصل تقول يا غلامى أقبل ، وكذلك

٣٦٩

اذا وقفوا ، وكان أبو عمرو يقول يا عبادي فاتقون ، قال الراجز (وهو عبد الله بن عبد الأعلى القرشى) : [رجز]

(١) فكنت اذا كنت إلهى وحدكا

لم يك شيء يا إلهي قبلكا

وقد يبدلون مكان الياء الألف لأنها أخفّ ، وسنبيّن ذلك ان شاء الله ، وذلك قولك يا ربّا تجاوز عنّا ، ويا غلاما لا تفعل فاذا وقفت قلت يا غلاماه ، وانما ألحقت الهاء ليكون أوضح للألف لأنها خفيّة ، وعلى هذا النحو يجوز يا أباه ، ويا أمّاه ، وسألت الخليل عن قولهم يا أبه ويا أبت لا تفعل ويا أبتاه ويا أمّتاه فزعم الخليل أن هذه الهاء مثل الهاء في عمّة وخالة ، وزعم الخليل أنه سمع من العرب من يقول يا أمة لا تفعلي ويدلك على أن الهاء بمنزلة الهاء في عمة أنك تقول في الوقف يا أمّه ويا أبه كما تقول يا خاله وتقول يا أمّتاه كما تقول يا خالتاه ، وانما يلزمون هذه الهاء في النداء اذا أضفت الى نفسك خاصة كأنهم جعلوها عوضا من حذف الياء ، وأرادوا ان لا يخلّوا بالاسم حين اجتمع فيه حذف الياء وأنهم لا يكادون يقولون يا أباه ويا أماه ، وصار هذا محتملا عندهم لما دخل النداء من التغيير والحذف ، فأرادوا أن يعوّضوا هذين الحرفين كما قالوا أينق لما حذفوا العين جعلوا الياء عوضا ، فلما ألحقوا الهاء في أبه وأمّه صيرّوها بمنزلة الهاء التي تلزم الاسم في كل موضع نحو عمّه وخاله ، واختص النداء بذلك لكثرته في الكلام كما اختصّ النداء بيا أيّها الرجل ، ولا يكون هذا في غير النداء لأنهم جعلواها تنبيها فيها بمنزلة يا ، وأكّدوا بها التنبيه حين جعلوا يا مع ها ، فمن ثم لم يجز لهم أن يسكتوا على أي ولزمه التفسير ، قلت فلم دخلت الهاء في الأب وهو مذكّر ، قال قد يكون الشيء المذكّر يوصف بالمؤنّث ويكون الشيء المذكّر له الاسم المؤنّث نحو نفس وأنت تعني الرجل به ، ويكون الشيء المؤنّث يوصف بالمذكّر وقد يكون الشىء المؤنّث له

__________________

(٤٦٦) الشاهد فيه اثبات الياء في قوله يا الهي على الأصل ، وحذفها أكثر في الكلام لأن النداء باب حذف وتغيير والياء تشبه التنوين في الضعف والاتصال فتحذف كما يحذف التنوين من المنادى المفرد ، ولو حذفها هنا لقام الوزن ولكنه روي باثبات الياء وتقدير البيت وكنت يا الهي اذ كنت وحدك لم يك شيء قبلك.

٣٧٠

الاسم المذكّر ، فمن ذلك هذا رجل ربعة وغلام يفعة ، فهذه الصفات ، والأسماء قولهم نفس وثلاثة أنفس ، وقولهم ما رأيت عينا يعني عين القوم ، فكأن أبه اسم مؤنّث يقع للمذكّر لأنهما والدان كما يقع العين للمذكّر والمؤنّث لأنهما شخصان فكأنهم انما قالوا أبوان لأنهم جمعوا بين أب وأبة ، إلا أنه لا يكون مستعملا إلا في النداء اذا عنيت المذكّر واستغنوا بالأمّ في المؤنّث من أبة وكان ذلك عندهم في الأصل على هذا ، فمن ثم جاؤا عليه بالأبوين وجعلوه في غير النداء أبا بمنزلة الوالد ، وكأن مؤنّثه أبة كما أن مؤنّث الوالد الوالدة ، ومن ذلك أيضا قولك للمؤنّث هذه امرأة عدل ، ومن الأسماء فرس هو للمذكّر فجعلوه لهما وكذلك عدل وما أشبه ذلك ، وحدثنا يونس أنّ بعض العرب يقول يا أمّ لا تفعلي جعلوا هذه الهاء بمنزلة هاء طلحة اذ قالوا يا طلح أقبل لأنهم رأوها متحرّكة بمنزلة هاء طلحة فحذفوها ، ولا يجوز ذلك في غير الأم من المضاف ، وانما جازت هذه الأشياء في الأب والأم لكثرتهما في النداء كما قالوا يا صاح في هذا الاسم وليس كلّ شيء يكثر في كلامهم يغيّر عن الأصل لأنه بالقياس عندهم فكرهوا ترك الأصل.

[باب ما تضيف اليه ويكون مضافا اليك]

وتثبت فيه الياء لأنه غير منادى وانما هو بمنزلة المجرور في غير النداء ، وذلك قولك يا ابن أخي ، ويا ابن أبي ، يصير بمنزلته في الخبر وكذلك يا غلام غلامي ، وقال الشاعر (وهو أبو زبيد الطائي) [خفيف]

(١) يا ابن أمي ويا شقيّق نفسي

أنت خلّيتني لدهر شديد

وقالوا يا ابن أمّ ويا ابن عمّ فجعلوا ذلك بمنزلة اسم واحد لأن هذا أكثر في كلامهم من يا ابن أبي ويا غلام غلامي ، وقد قالوا أيضا يا ابن أمّ ويا ابن عمّ كأنهم جعلوا الأول والآخر اسما ، ثم أضافوا الى الياء كقولك يا أحد عشر أقبلوا ، وان شئت قلت حذفوا الياء لكثرة هذا في كلامهم وعلى هذا قال أبو النجم :

__________________

(٤٦٧) الشاهد فيه اثبات الياء في الأم ، والنفس لأنهما غير مناديين فجر يا في اثبات الياء مجرى الاسم المضاف اليه في قولك يا ابن زيد في اثبات التنوين ، وصغر قوله يا شقيق نفسي دلالة على قربه من نفسه ولطف محله من قلبه.

٣٧١

(١) * يا ابنة عمّا لا تلومي واهجعي*

واعلم أن كل شيء ابتدأناه في هذين البابين أولا هو القياس وجميع ما وصفنا من هذه اللغات سمعناه من الخليل ويونس عن العرب.

[باب ما يكون النداء فيه مضافا الى المنادى بحرف الاضافة]

وذلك في الاستغاثة والتعجّب وذلك الحرف اللام المفتوحة ، وذلك قول الشاعر وهو مهلهل بن ربيعة التغلبي : [مديد]

(٢) يا لبكر أنشروا لى كليبا

يا لبكر أين أين الفرار

فاستغاث بهم لأن ينشروا له كليبا ، وهذا منه وعيد وتهدّد ، وأما قوله : يا لبكر أين أين الفرار فانما استغاث بهم لهم أي لم تفرّون ، استطالة عليهم ووعيدا ، وقال أميّة ابن أبي عائذ الهذليّ :

(٣) ألا يالقوم لطيف الخيال

أرّق من نازح ذي دلال

__________________

(٤٦٨) الشاهد فيه ابدال الألف من الياء في قوله يا ابنة عما كراهة لاجتماع الكسرة والياء مع كثرة الاستعمال* خاطب امرأته أم الخيار وهي ابنة عمه ولها يقول :

قد أصبحت أم الخيار تدعي

علىّ ذنبا كله لم أصنع

والهجوع النوم بالليل خاصة.

(٤٦٩) الشاهد فيه ادخال لام الاستغاثة على بكر مفتوحة للفرق بينها وبين لام المستغاث من أجله ، وكانت أولى بالفتح لوقوع المنادى موقع الضمير ، ولام الجر تفتح مع الضمائر ، وأيضا فان الفعل لا يظهر معها لأن حرف النداء بدل من اللفظ به ويظهر مع لام المدعو له فتقول يا لزيد أدعوك لكذا فغيرت الاولى كما غير الفعل بالحذف وتركت الثانية على المستعمل فيها لظهور الفعل معها على ما يجب في الأصل ، والمستغاث من أجله في البيت هو المستغاث به ، والمعنى يا لبكر أدعوكم لأنفسكم مطالبا لكم في انشار كليب وإحيائه وهذا منه استطالة ووعيد وكانوا قد قتلوا كليبا أخا في أمر البسوس وخبرها مشهور.

(٤٧٠) الشاهد فيه فتح اللام الأولى وكسر اللام الثانية فرقا بين المستغاث به والمستغاث من أجله ، وقد تقدمت علته والطيف ما يطيف بالانسان في النوم من خيال من يحب ، ومعنى أرق منع النوم والنازح البعيد وذكره لأنه أراد الشخص والدلال الدلالة بحسن ومحبة ونحوهما.

٣٧٢

وقال قيس بن ذريح : [وافر]

(١) تكنّفني الوشاة فأزعجوني

فيا للنّاس للواشي المطاع

وقالوا يا لله يا للناس اذا كانت الاستغاثة به فالواحد والجميع فيها سواء ، وقال الآخر

(٢) يا لقوم من للعلى والمساعي

يا لقوم من للنّدى والسمّاح

يا لعطّافنا ويا لرياح

وأبي الحشرج الفتى النّفّاح

ألا تراهم كيف سوّوابين الواحد والجميع ، وأمّا في التعجّب فقوله (وهو فرّار الأسدى)

(٣) لخطّاب ليلى يا لبرثن منكم

أدلّ وأمضى من سليك المقانب

وقالوا يا للعجب ويا للفليقة ، كأنهم رأوا أمرا عجبا فقالوا يا لبرثن أي مثلكم دعي للعظائم ، وقالوا يا للعجب يا للماء أو رأوا ماء كثيرا كأنه يقول تعال يا عجب أو تعال يا ماء فانه من أيّامك وزمانك ، ومثل ذلك قولهم يا للدّوا هي أي تعالين فانه لا يستنكر لكن لأنه من أحيانكن ، وكلّ هذا في معنى التعجب والاستغاثة وإلّا

__________________

(٤٧١) الشاهد في قوله فيا للناس للواشي والقول فيه كالقول في الذي قبله ومعنى تكنفني أحاطوا بي ، والكنف الجانب والوشاة النمامون لأنهم يزينون الباطل واحدهم واش واصله من الوشى ، ومعنى أزعجوني روّعوني وأصل الازعاج تحريك الشيء وحثه والمرتاع تتحرك نفسه.

(٤٧٢) الشاهد فيه ادخال لام الاستغاثة على الأسماء وفتحها للعلة المتقدمة* رثى رجالا من قومه فيقول لم يبق للعلى والمساعى من يقوم بها بعدهم ، والنفاح الكثير العطاء ، ويروى الوضاح وهو المشهور الكرم ، والوضح البياض أي هو من الشهرة كالأغر من الخيل.

(٤٧٣) الشاهد فيه ادخال لام الاستغاثة على برثن متعجبا لا مستغيثا بهم وكانوا قد دخلوا امرأته وأفسدوها عليه فقال لهم هذا متعجبا من فعلهم ، وجعلهم في الاهتداء الى افسادها والتلطف في تغيرها عليه واستمالتها أهدى من السليك بن السلكة في الفلوات وهو أحد رجيلي العرب وصعاليكهم ، وهو من مقاعس من بني سعد بن زيد مناة من تميم والمقانب جماعات الخيل واحدها مقنب وبعد هذا :

تزورونها ولا أزور نساءكم

ألهفى لأولاد الاماء الحواطب

٣٧٣

لم يجز ، ألا ترى أنك لو قلت يا لزيد وأنت تحدّثه لم يجز ، ولم يلزم في هذا الباب إلّا يا للتنبيه لئلا تلتبس هذه اللام بلام التوكيد كقولك لعمر وخير منك ، ولا يكون مكان يا سواها من حروف التنبيه نحو أي وهيّا وأيا ، لأنهم أرادوا أن يميزوا هذا من ذلك الباب الذي ليس فيه معنى استغاثة ولا تعجّب ، وزعم الخليل أنّ هذا اللام بدل من الزيادة التي تكون في آخر الاسم اذا أضفت نحو قولك يا عجباه ويا بكراه اذا استغثت أو تعجّبت فصار كلّ واحد منهما يعاقب صاحبه كما كانت هاء الجحاجحة معاقبة ياء الجحاجيح وكما عاقبت الألف في يمان الياء في يمنّي ونحو هذا في كلامهم كثير وستراه ان شاء الله.

[باب ما تكون اللام فيه مكسورة لأنه مدعو له هيهنا وهو غير مدعوّ]

وذلك قول بعض العرب يا للعجب ، ويا للماء وكأنه نبّه بقوله يا غير الماء للماء ، وعلى ذلك قال أبو عمرو يا ويل لك ويا ويح لك كأنه نبّه انسانا ثم جعل الويل له ، وعلى ذلك قال قيس بن ذريح :

* فيا للنّاس للواشي المطاع*

(١) ويا لقوم لفرقة الأحباب

كسروها لأن الاسم الذي بعدها غير منادى فصار بمنزلته اذا قلت هذا لزيد فاللام المفتوحة أضافت النداء الى المنادى المخاطب واللام المكسورة أضافت المدعوّ الى ما بعده لأنه سبب المدعوّ ، وذلك أن المدعوّ إنما دعي من أجل ما بعده لأنه مدعو له ، ومما يدلك على أن اللام المكسورة ما بعدها غير مدعوّ قوله : [بسيط]

(٢) يا لعنة الله والأقوام كلّهم

والصالحين على سمعان من جار

فيا لغير اللعنة ، وتقول يالزيد ولعمرو ، واذا لم تحبيء بيا الى جنب اللام كسرت ورددت الى الأصل.

__________________

(٤٧٤) الشاهد فيه كسر اللام الثانية لأنها لام المدعو له فجرت على الكسر المستعمل في لام الجر لوقوعها في موضوعها على ما تقدم.

(٤٧٥) الشاهد فيه حذف المدعو لدلالة حرف النداء عليه ، والمعنى يا قوم لعنة الله على سمعان ، ولذلك رفع اللعنة بالابتداء ولو أوقع النداء عليها لنصبها.

٣٧٤

[باب النّدبة]

اعلم أنّ المندوب مدعو ولكنه متفجّع عليه ، فان شئت ألحقت آخر الاسم الألف لأنّ الندبة كأنهم يترنّمون فيها ، وان شئت لم تلحق كما لم تلحق في النداء.

واعلم أنّ المندوب لا بدّ له من أن يكون قبل اسمه يا أو وا كما لزم يا المستغاث به والمتعجّب منه

واعلم أنّ الألف التي تلحق المندوب تفتح كلّ حركة قبلها مضمومة كانت أو مكسورة لأنها تابعة للألف ولا يكون ما قبل الألف إلّا مفتوحا ، فأمّا ما تلحقه الألف فقولك وازيداه اذا لم تضف الى نفسك وان أضفت الى نفسك فهو سواء لأنك إذا أضفت زيدا الى نفسك فالدال مكسورة واذا لم تضف فالدال مضمومة ففتحت المكسور كما فتحت المضموم ، ومن قال يا غلامي وقرأ يا عبادي قال وازيدياه إذا أضاف من قبل أنه انما جاء بالألف فألحقها الياء وحرّكها في لغة من جزم الياء لأنه لا يجزم حرفان وحرّكها بالفتح لأنه لا يكون ما قبل الألف إلّا مفتوحا ، وزعم الخليل أنه يجوز في النّدبة واغلاميه من قبل أنه قد يجوز أن أقول واغلامي فأبيّن الياء كما أبيّنها في غير النداء ، وهي في غير النداء مبيّنة فيها لغتان الفتح والوقف ، ومن لغة من يفتح أن يلحق الهاء في الوقف حين يبيّن الحركة كما ألحقت الهاء بعد الألف في الوقف لأن يكون أوضح لها في قولك يا ربّاه ، فاذا بيّنت الياء في النداء كما بيّنتها في غير النداء جاز فيها ما جاز اذا كانت غير نداء ، قال الشاعر (وهو عبد الله ابن قيس الرّقيّات) : [كامل]

(١) تبكيهم دهماء معولة

وتقول سلمى وارزيّتيه

__________________

(٤٧٦) الشاهد فيه ادخال هاء السكت على المندوب لبيان الحركة في الوقف بعد أن قدر المندوب على غير حاله في غير الندبة من حذف الزيادة التي تلحق آخره من قولك وازيداه ونحوه* رثى قوما من قريش قتلوا بالمدينة يوم الحرة والمعولة الباكية يقال أعول الرجل وعول إذا بكى والاسم العويل ، ونصب معولة على الحال المؤكدة لأن قولهم تبكيهم دال على انها معولة فذكر عويلها توكيدا.

٣٧٥

وإذا لم تلحق الألف قلت وازيد اذا لم تضف ، ووازيد ، إذا أضفت ، وان شئت قلت وازيدي فالإلحاق وغير الإلحاق عربيّ فيما زعم الخليل ويونس ، واذا أضفت المندوب وأضفت الى نفسك المضاف اليه المندوب فالياء فيه أبدا بيّنة ، وان شئت ألحقت الألف ، وإن شئت لم تلحق وذلك قولك وا انقطاع ظهرياه ووا انقطاع ظهري ، وإنما لزمته الياء لأنه غير منادى.

واعلم أنك إذا وصلت كلامك ذهبت هذه الهاء في جميع الندبة كما تذهب في الصلة اذا كانت تبيّن بها الحركة ، وتقول واغلام زيداه اذا لم تضف زيدا نفسك وإنما حذفت التنوين لأنه لا ينجزم حرفان ، ولم يحرّكوها في هذا الموضع في النداء إذ كانت زيادة غير منفصلة من الاسم فصارت تعاقب ، وكان أخفّ عليهم فهذا في النداء أحرى لأنه موضع حذف ، وإن شئت قلت واغلام زيد كما قلت وازيد ، وزعموا أنّ هذا البيت ينشد على وجهين (وهو قول رؤبة) : [رجز]

(١) فهي ترثّي بأبي وابنيما

وبأبا وابناما فما فضل وإنما حكى ندبتها.

واعلم أنه اذا وافقت الياء الساكنة ياء الاضافة في النداء لم تحذف أبدا ياء الاضافة ولم يكسر ما قبلها كراهية للكسرة في الياء ولكنهم يلحقون ياء الاضافة وينصبونها لئلّا ينجزم حرفان ، فاذا ندبت فأنت بالخيار ، ان شئت ألحقت الألف وإن لم تلحق جاز كما جاز لك في غيره ، وذلك قولك واغلاميّاه ووا قاضيّاه ووا غلاميّ ووا قاضيّ يصير مجراه هيهنا كمجراه في غير الندبة إلّا أنّ لك في الندبة أن تلحق الألف

__________________

(٤٧٧) قال ويروى بابا وابنيما ، يريد أن المندوب المضاف الى المتكلم يجوز فيه ما جاز في المنادى غير المندوب من قلب الياء ألفا وتركها على أصلها ، وفي بعض النسخ وابنا ما وهو غلط لأن القافية مردفة بالياء والألف لا تجوز معها في الردف ، كما تجوز الواو وقبله :

* بكاء ثكلي فقدت حميما*

وإنما الشاهد في قوله بأبا وأدخل الباء في المندوب وتركه محكيا على لفظه ، والمعنى فهي دتناى بيا أباه ، وما في قوله وابنيما زائدة مؤكدة.

٣٧٦

وكذلك الألف إذا أضفتها اليك مجراها في الندبة كمجراها في الخبر إذا أضفت اليك ، واذا وافقت ياء الاضافة ألفا تحرّك الألف لأنها إن حرّكت صارت ياء والياء لا تدخلها كسرة في هذا الموضع ، فلمّا كان تغييرهم إيّاها يدعوهم الى ياء أخرى وكسرة تركوها على حالها كما تركت ياء قاضي إذ لم يخافوا التباسا وكانت أخف وأثبتوا ياء الاضافة ونصبوها لأنه لا ينجزم حرفان ، فاذا ندبت فأنت بالخيار ، إن شئت ألحقت الألف كما ألحقتها في الاول وإن شئت لم تلحقها وذلك قولك وامثنّاياه ووا مثنّاي ، فان لم تضف الى نفسك قلت وامثنّاه وتحذف الأولى لأنه لا ينجزم حرفان ولم يخافوا التباسا فذهبت كما تذهب في الألف واللام ولم يكن كالياء لأنه لا يدخلها نصب.

[باب تكون ألف الندبة فيه تابعة لما قبلها]

إن كان مكسورا فهى ياء وان كان مضموما فهي واو ، وانما جعلوها تابعة ليفرقوا بين المؤنّث والمذكّر وبين الاثنين والجميع وذلك قولك واظهرهوه ، اذا أضفت الظهر الى مذكّر وانما جعلتها واوا لتفرق بين المذكّر والمؤنّث اذا قلت واظهراه وتقول واظهرهموه ، وانما جعلت الألف واوا لتفرق بين الاثنين والجميع اذا قلت واظهرهماه ، وانما حذفت الحرف الأول لأنه لا ينجزم حرفان كما حذفت الألف الأولى من قولك وامثناه ، وتقول واغلامكيه اذا أضفت الغلام الى مؤنث ، وانما فعلوا ذلك ليفرقوا بينها وبين المذكّر واغلامكاه ، وتقول وا انقطاع ظهرهوه في قول من قال مررت بظهر هو قبل ، وتقول وا انقطاع ظهرهيه في قول من قال مررت بظهر هي قبل ، وتقول وا أبا عمرياه وان كنت انما تندب الأب وإياه تضيف الى نفسك لا عمرا ، من قبل أن عمرا مجراه هنا كمجراه لو كان لك ، لأنه لا يستقيم لك اضافة الأب اليك حتى تجعل عمرا كأنه لك لأن ياء الاضافة عليه تقع ولا تحذفها لأن عمرا غير منادى ، ألا ترى أنك تقول يا أبا عمري ، ومما يدلك على أن عمرا هيهنا بمنزلته لو كان لك أنه لا يجوز أن تقول هذا أبو النّضرك ولا هذه ثلاثة الأثوابك ، اذا أردت أن تضيف الأب والثلاثة من قبل أنه لا يسوغ لك ، ولا تصل الى أن تضيف الأول حتى تجعل الآخر مضافا اليك كأنه لك.

٣٧٧

[باب مالا تلحقه الألف التي تلحق المندوب]

وذلك قولك وازيد الظريف والظريف وزعم الخليل أنه منعه من أن يقول الظريفاه أن الظريف ليس بمنادى ، ولو جاز ذا لقلت وازيدا أنت الفارس البطلاه لأن هذا غير نداء لأن هذا غير نداء ، وليس هذا مثل وا أمير المؤمنيناه ولا مثل واعبد قيساه ، من قبل أن المضاف والمضاف اليه بمنزلة اسم واحد منفرد والمضاف اليه هو تمام الاسم ومقتضاه ، ومن الاسم ألا ترى أنك لو قلت عبدا أو أميرا وأنت تريد الاضافة لم يجز لك ، ولو قلت هذا زيد كنت في الصفة بالخيار ان شئت وصفت وان شئت لم تصف ، ولست في المضاف اليه بالخيار لأنه من تمام الاسم ، وانما هو بدل من التنوين ، ويدلك على ذلك أن ألف الندبة انما تقع على المضاف اليه كما تقع على آخر الاسم المفرد ولا تقع على المضاف ، والموصوف انما تقع ألف الندبة عليه لا على الوصف ، وأما يونس فيلحق الصفة الالف فيقول وازيد الظريفاه واجمجمتىّ الشاميتيناه ، وزعم الخليل أن هذا خطأ ، وتقول واقنّسروناه لانّ هذا اسم مفرد وكذلك رجل سمى باثنى عشر تقول وا اثنا عشراه لأنه اسم مفرد بمنزلة قنّسرين ، واذا ندبت رجلا يسمّى ضربوا قلت واضربوه ، وان سمي ضربا قلت واضرباه فهذا بمنزلة واغلامهوه ووا غلامهاه ، جعلت ألف الندبة تابعة لتفرق بين الاثنين والجميع ، ولو سميت رجلا بغلامهم أو غلامهما لم تحرّف واحدا منهما عن حاله قبل أن يكون إسما ولتركته على حاله الأولى في كل شيء فكذلك ضربا وضربوا انما تحكى الحال الأولى قبل أن يكونا اسمين وصارت الألف تابعة لهما كما تبعت التثنية والجمع قبل أن يكونا اسمين نحو غلامهما وغلامهم لأنهما كما لم يتغيرا في سائر المواضع لم يتغيرا في الندبة.

[باب ما لا يجوز أن يندب]

وذلك قولك وارجلاه ويا رجلاه وزعم الخليل ويونس أنه قبيح وأنه لا يقال ، وقال الخليل انما قبح لأنك أبهمت ، ألا ترى أنك لو قلت واهذه كان قبيحا لأنك اذا ندبت فانما ينبغي لك أن تفجّع بأعرف الأسماء وأن تختصّ فلا تبهم لأن الندبة على

٣٧٨

البيان ، ولو جاز هذا لجاز يا رجلا ظريفا فكنت نادبا نكرة ، وانما كرهوا ذلك أنه تفاحش عندهم أن يختلطوا وأن يتفجعوا على غير معروف ، فكذلك تفاحش عندهم في المبهم لابهامه لأنك اذا ندبت نخبر أنك قد وقعت في عظيم ، وأصابك جسيم من الأمر فلا ينبغي لك أن تبهم وكذلك وا من في الداراه في القبح ، وزعم أنه لا يستقبح وا من حفر زمزماه لأن هذا معروف بعينه كأن التبيين في الندبة عذر للتفجع ، فعلى هذا جرت الندبة في كلام العرب ، ولو قلت هذا لقلت وا من لا يعنيني أمرهوه ، فاذا كان ذا ترك لأنه لا يعذر على أن يتفجع عليه فهو لا يعذر بأن يتفجع ويبهم كما لا يعذر على أن يتفجع على من لا يعنيه أمره.

[باب يكون الاسمان فيه بمنزلة اسم واحد ممطول وآخر الاسمين]

(مضموم الى الأول بالواو)

وذلك قولك وا ثلاثة وثلاثيناه ، وإن لم تندب قلت يا ثلاثة وثلاثين كأنك قلت يا ضاربا رجلا وليس هذا بمنزلة قولك يا زيد وعمرو لأنك حين قلت يا زيد وعمرو جمعت بين اسمين كلّ واحد منهما مفرد يتوهم على حياله ، واذا قلت يا ثلاثة وثلاثين فلم تفرد الثلاثة من الثلاثين لتتوهّم على حيالها ولا الثلاثين من الثلاثة ، ألا ترى أنك تقول يا زيد ويا عمرو ، ولا تقول يا ثلاثة ويا ثلاثون لأنك لم ترد أن تجعل كلّ واحد منهما على حياله فصار بمنزلة قولك ثلاثة عشر لانك لم ترد أن تفصل ثلاثة من العشرة ليتوهموها على حيالها ولزمها النصب كما لزم يا ضاربا رجلا حين طال الكلام ، وقال يا ضاربا رجلا معرفة كقولك يا ضارب ، ولكنّ التنوين انما يثبت لأنه وسط الاسم ورجلا من تمام الاسم فصار التنوين بمنزلة حرف قبل آخر الاسم ، ألا ترى أنك لو سميت رجلا خيرا منك لقلت يا خيرا منك فألزمته التنوين وهو معرفة لأنّ الراء ليست آخر الاسم ولا منتهاه فصار بمنزلة الذي اذا قلت هذا الذي فعل ، فكما أن خيرا منك لزمه التنوين وهو معرفة كذلك لزم ضاربا رجلا لأنّ الباء ليست منته الاسم ، وانما يحذف التنوين في النداء من آخر الاسم ، فلمّا لزمت التنوينة وطال الكلام

٣٧٩

رجع الى أصله ، وكذلك ضارب رجل اذا ألقيت التنوين تخفيفا لأنّ الرجل لا يجعل ضاربا نكرة اذا أردت معنى التنوين ، كما لا يجعله معرفة في غير النداء اذا أردت معنى التنوين وحذفته نحو قولك هذا ضاربك قاعدا ، ألا ترى أنّ حذف التنوين كثباته لا يغيّر الفاعل اذا كنت تحذفه وأنت تريد معناه ، وأمّا قولك يا أخا رجل فلا يكون الأخ هيهنا إلا نكرة لأنه مضاف الى نكرة كما أنّ الموصوف بالنكرة لا يكون إلا نكرة ولا يكون الرجل هيهنا بمنزلته اذا كان منادى ، لأنه ثمّ يدخله التنوين ، وجاز لك أن تريد معنى الألف واللام ولا تلفظ بهما ، وهو هيهنا غير منادى وهو نكرة فجعل ما أضيف اليه بمنزلته.

[باب الحروف التي ينبّه بها المدعوّ]

فأما الاسم غير المندوب فينبّه بخمسة أشياء بيا وأيا وهيا وأي ، وبالألف ، نحو قولك أحار بن عمرو إلا أن الأربعة غير الألف قد يستعملونها اذا أرادوا أن يمدّوا أصواتهم للشيء المتراخي عنهم أو للانسان المعرض عنهم الذي يرون أنه لا يقبل عليهم إلا باجتهاد ، أو النائم المستثقل ، وقد يستعملون هذه التي للمد في موضع الألف ولا يستعملون الألف في هذه المواضع التي يمدون فيها ، وقد يجوز لك أن تستعمل هذه الخمسة غيروا اذا كان صاحبك قريبا مقبلا عليك توكيدا ، وان شئت حذفتهن كلّهن استغناء كقولك حار بن كعب ، وذلك أنه جعلهم بمنزلة من هو مقبل عليه بحضرته يخاطبه ، ولا يحسن أن تقول هذا ولا رجل ، وأنت تريد يا هذا ويا رجل ، ولا تقول ذلك في المبهم لأن الحرف الذي ينبّه به لزم المبهم كأنه صار بدلا من أي حين حذفته فلم تقل يا أيّها الرجل ولا يا أيّهذا ولكنك تقول ان شئت من لا يزال محسنا افعل كذا وكذا لأنه لا يكون وصفا لأي ، وقد يجوز حذف يا من النكرة في الشعر قال العجاج :

(١) * جاري لا تستنكرى عذيري*

__________________

(٤٧٨) الشاهد فيه حذف حرف النداء ضرورة من قوله جارى وهو اسم منكور قبل النداء لا يتعرف الا بحرف النداء وانما يطرد الحذف في المعارف ورد المبرد على سيبويه ـ

٣٨٠