تاريخ مدينة دمشق - ج ٦٦

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٦٦

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٧٤
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

روى عنه أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد بن سنان حديثا تقدم في حرف الذّال في ترجمة ذؤالة.

٨٦٠٧ ـ أبو صالح المتعبد

الذي ينسب إليه المسجد الذي خارج الباب الشرقي.

صحب أبا بكر بن سيد حمدويه ، وتأدب به ، وحكى عنه ، واسم أبي صالح مفلح بن عبد الله.

روى عنه الموحد بن إسحاق ابن البرّي ، وأبو الحسن علي القجّة ، قيّم المسجد ، وأبو بكر محمّد بن داود الدّينوري الدّقّي.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن الحسن البروجردي (١) ، أنبأ أبو سعد علي بن عبد الله بن الصادق الحيري ، أنا أبو عبد الله محمّد بن عبد الله بن بالويه الشيرازي ، قال : سمعت الحسين بن أحمد الفارسي يقول : سمعت الدّقّي يقول :

سمعت أبا صالح الدمشقي يقول : كنت أدور في جبل اللّكام (٢) أطلب الزهاد والعبّاد ، فرأيت رجلا عليه مرقعة جالسا على حجر مطرقا إلى الأرض ، فقلت له : يا شيخ ما تصنع هاهنا؟ قال : أنظر وأرعى ، فقلت له : ما أرى بين يديك إلّا الحجارة ، فما الذي تنظر وترعى؟ قال : فتغيّر لونه ثم نظر إليّ مغضبا وقال : أنظر خواطر قلبي وأرعى أوامر ربي (٣) ، ويحقّ الذي أهظرك عليّ ألا جزت عني ، فقلت له : كلمني .... (٤) بشيء أنتفع به حتى أمضي ، فقال : من لزم الباب أثبت في الخدم ، ومن أكثر ذكر الذنوب أكثر الندم ، ومن استغنى بالله أمن العدم ، ثم تركني ومضى.

قال : وسمعت أبا صالح الدمشقي يقول : الدنيا حرام على القلوب ، حلال على النفوس ، لأن كلّ شيء يحلّ لك أن تنظر إليه بعين رأسك ، فيحرم عليك أن تنظر إليه بعين قلبك.

__________________

(١) الأصل : «الئروحركئي؟؟؟» تصحيف ، قارن مع مشيخة ابن عساكر ١٦٩ / ب.

(٢) جبل اللكام : جبل مشرف على أنطاكية (معجم البلدان).

(٣) بالأصل : «أمري» والمثبت عن مختصر أبي شامة.

(٤) كلمة غير واضحة بالأصل ، وليست في مختصري ابن منظور وأبي شامة ، والكلام متصل فيهما ، والمعنى تام.

٣٠١

قال : وسمعته يقول : البدن لباس القلب ، والقلب لباس الفؤاد ، والفؤاد لباس الضمير ، والضمير لباس السر ، والسر لباس المعرفة.

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم [و](١) أبو الوحش سبيع بن المسلم وغيرهما ، قالوا : ثنا عبد العزيز بن أحمد ، أنا أبو الحسن عبيد الله بن الحسن بن الوراق ، إجازة ، نا موحّد (٢) بن البرّي ، قال : حدّثنا أبو صالح ، قال :

أقمت ستة أيام ـ أو سبعة ـ لم آكل ولم أشرب ، ولحقني عطش عظيم ، فخرجت إلى النهر الذي من وراء المسجد ، فقعدت أنظر إلى الماء ؛ فخطر بقلبي قوله : (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ)(٣) فذهب ما بي من العطش ، وانصرفت ، فأقمت تمام عشرة أيام.

أنبأنا أبو طاهر أحمد بن محمّد الأصبهاني ، أنبأ أبو بكر أحمد علي بن الحسين الطوسي ، أنبأ أبي أبو الحسن ، نا أبو سعد الماليني ، قال : سمعت أبا بكر أحمد بن عبد الله بن المنتصر الأندلسي يقول : أخبرنا أبو الفرج الموحد بن إبراهيم بن إسحاق بن البرّي قال : قال لي أبو صالح مفلح بن عبد الله : أقمت أربعين يوما ما شربت ، فلمّا مضى أربعون يوما أخذ بيدي الشيخ أبو بكر محمّد بن سيد حمدويه ، وحملني إلى بيته فأخرج لي ماء وقال : اشرب ، فشربت فحكت لي امرأته أنّه قال لها : اشربي فضلة رجل له أربعون يوما ما شرب ماء ، قال أبو صالح : وما أطلع على تركي لشرب الماء أحد إلّا الله.

قرأت بخط أبي الحسن علي بن محمّد الحنّائي ، قال : سمعت أبا الحسن علي بن محارب يقول : سمعت أبا الحسن علي المعروف بالقجّة القيّم يقول : كنت عند أبي صالح إذ جاءه رجل فانكبّ عليه وقبّل رأسه ، وقال : أيها الشيخ كان لي كيس فيه أربع مائة درهم ، وقد افتقدته ، ولم يفتح لي دكان فقال : امض إلى الجبّ توضأ للصلاة ، وصلّ ركعتين ، فإنّ الله يردّ عليك الكيس ، فمضى الرجل فتوضأ ودخل المسجد إلى الموضع الذي رسم له الشيخ وصلّى ركعة. ، فلمّا قام إلى الثانية قطع الصلاة ، ومضى يعدو ، فقال الشيخ : قد ردّ عليه الكيس إلّا أنه ما أتم الصلاة. فغاب ساعة ورجع ، فجاء إلى الشيخ فقبّل رأسه وقال : إلى الله ، وإليك

__________________

(١) زيادة لازمة.

(٢) بالأصل هنا : «عمر» وفي مختصر أبي شامة أيضا : «عمر».

(٣) سورة هود ، الآية : ٧.

٣٠٢

المعذرة ، ذكرت أنّي كنت قد طمرته في زنبيل (١) الملح ، وكنت قبل [أن](٢) أجيئك قد أخرجت زنبيل الملح على باب الدكان ، فخشيت أن يجيء إنسان فيأخذه ، فقال له الشيخ : امض ، فتمم الصلاة.

أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل ، قال : قرئ على جدي وأنا أسمع عند أبي علي الحسن بن علي المقرئ ، ونقلته أنا من خط المقرئ ، قال : أخبرنا طلحة بن أسد الرقي ، قال : قال أبو الفرج الموحد بن إسحاق بن إبراهيم بن سلامة بن البرّي وأبو صالح سنة ثلاثمائة وثلاثين ، يعني مات.

قرأت على أبي محمّد السلمي ، عن أبي محمّد التميمي ، أنا مكي بن محمّد ، أنا أبو سليمان بن زبر ، قال : سنة ثلاثين وثلاثمائة أبو صالح الصوفي في جمادى (٣) الأول يعني مات (٤).

٨٦٠٨ ـ أبو الصباح بن سوادة

كان عند عمر بن عبد العزيز وهو خليفة ، وحكى عنه.

حكى عنه والد أبي ربيعة (٥) الكندي.

أخبرنا أبو البركات محفوظ بن الحسن بن محمّد بن صصرى (٦) ، قال : أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد الهمذاني (٧) المؤدب ، أنا أبو بكر الخليل بن هبة الله بن الخليل ، أنا أبو علي الحسن بن محمّد بن القاسم بن درستويه (٨) ، أنبأ أبو الدحداح أحمد بن محمّد بن إسماعيل التميمي ، ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني ، ثنا أبو توبة ، يعني الربيع بن نافع ، نا أبو ربيعة من ولد عدي بن عدي ، حدّثني أبي ، نا أبو الصباح بن سوادة قال : رأيت عمر بن عبد العزيز إذا جلس على المنبر جثوا بالبكاء حوله قبل أن يتكلم.

__________________

(١) الزنبيل : الوعاء يحمل فيه ، وقيل هو الجراب.

(٢) سقطت من الأصل ومختصر أبي شامة ، وأضيفت عن مختصر ابن منظور.

(٣) رسمها بالأصل : حرى ، والمثبت عن مختصر أبي شامة.

(٤) راجع العبر للذهبي والبداية والنهاية ، وفيات سنة ٣٣٠.

(٥) بالأصل : الوانى وتبعه الكندي ، كذا ، صوبنا الاسم عن مختصر أبي شامة.

(٦) قارن مع مشيخة ابن عساكر ٢٣٤ / ب.

(٧) بالأصل : الهمداني ، بالدال المهملة.

(٨) رسمها بالأصل : «لرسوئه؟؟؟» والمثب عن مشيخة ابن عساكر ٢٣٤ / ب.

٣٠٣

٨٦٠٩ ـ أبو صفوان الأموي

اسمه عبد الله بن سعيد بن عبد الملك ، تقدم ذكره في حرف العين.

٨٦١٠ ـ أبو صفوان بن علقمة الرّعيني

أحد الزهاد.

حكى عن الأوزاعي ، ويحيى بن حمزة القاضي.

حكى عنه أحمد بن أبي الحواري.

أخبرنا خالي (١) القاضي أبو المعالي محمّد بن يحيى ، أنا أبو القاسم علي بن محمّد ابن أبي العلاء ، أنا أبو نصر عبد الوهاب بن عبد الله المري ، أنا أبو عمر محمّد بن فضالة القرشي ، أنا أبو عبد الرّحمن محمّد بن العباس بن الدر [فس](٢) ، نا أحمد بن أبي [الحواري](٣) ، نا أبو صفوان ، عن يحيى قال :

شهدت (٤) عمرو بن عبيد ، ويونس بن عبيد [يتناظران](٥) في المسجد الحرام في قول الله : (إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ)(٦) ، فقالا : قالت عائشة كل [روعة تمر بقلب ابن آدم ، يخوف من شيء لا يحل به ، فهو كفارة لكل ذنب همّ به فلم يفعله](٧).

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر أحمد بن الحسين الحافظ [أنا](٨) أبو عبد الله الحافظ ، أنا الحسن بن محمّد بن إسحاق ، نا أبو عثمان الحناط ، ثنا أحمد بن أبي الحواري ، قال :

سمعت أبا سليمان الدّاراني يقول لأبي صفوان : أي شيء أول حدود الزهد؟ فقال أبو صفوان : استصغار الدنيا ، فقال له أبو سليمان : إذا كان هذا أوله فأي شيء يكون أوسطه؟

__________________

(١) بالأصل : «أبي» قارن مع مشيخة ابن عساكر ٢١٩ / ب.

(٢) بياض بالأصل ، وهو : محمد بن العباس بن الوليد بن الدرفس روى عن أحمد بن أبي الحواري ، راجع ترجمة أحمد في تهذيب الكمال ١ / ١٧٩.

(٣) بياض بالأصل ، والصواب ما أثبت ، راجع أول الترجمة.

(٤) تحرفت بالأصل إلى : «سهل بن» والتصويب عن مختصري ابن منظور وأبي شامة.

(٥) بياض بالأصل ، استدركت اللفظة عن مختصري أبي شامة وابن منظور.

(٦) سورة البقرة ، الآية : ٢٨٤.

(٧) بياض بالأصل ، والمستدرك بين معكوفتين عن ابن منظور وأبي شامة.

(٨) زيادة لازمة.

٣٠٤

وأي شيء يكون آخره؟ قال له أبو صفوان : إن زهد في شيء من الدنيا ثم تمنعه بعد نفسه ، فإذا بلغ الغاية استصغر الدنيا.

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو محمّد عبد الله بن يوسف ، أنا أبو سعيد بن الأعرابي ، نا عبد الصمد بن أبي يزيد ، نا ابن أبي الحواري ، قال : سمعت أبا سليمان سأل أبا صفوان ، ـ يعني الرعيني ـ أي شيء أول حدود الزهد؟ فقال له أبو صفوان : استصغار الدنيا.

قال أبو سعيد : سمعت جماعة ممن ينسب إلى علم ذلك يقولون : أول الزهد إخراج قدرها من القلب ، وآخره خروج قدرها حتى لا يقوم لها في القلب قدر ، ولا يخطر بباله رغبة فيها ، ولا زهد فيها ، لأن الرغبة والزهد لا يكونان إلّا فيما قام قدره في القلب.

أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قراءة ، عن أبي الحسين بن الآبنوسي ، أنا [أبو](١) القاسم بن عتاب ، أنا أحمد بن عمير ، إجازة.

وأخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد ، أنا [أبو](٢) الحسن بن سميع يقول في الطبقة السادسة : أبو صفوان الرعيني.

أنبأنا أبو طاهر بن الحنّائي ، أنا أبو علي الأهوازي.

وأخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد ، أنبأ سهل بن بشر ، أنبأ طرفة بن أحمد ، قالا : أنا عبد الوهاب بن الحسن ، أنا أبو الجهم بن طلاب ، ثنا أحمد هو ابن أبي الحواري ، قال : قلت لأبي صفوان الرعيني : أيّما أحب إليك يجلس ويجوع ويتفكر أو يأكل ويقوم يصلي؟ قال : يأكل ويقوم يصلي ويتفكر في صلاته أحب إليّ. فحدثت به مروان فأعجبه ، وحدّثت به أبا سليمان فقال : صدق أبو صفوان ؛ التفكر (٣) في صلاة خير منه في غير صلاة ، لأنه في الصلاة عملان ، وهو في غير الصلاة عمل. وعملان أفضل من عمل واحد ، فحدثت به بشر بن السري بمكة ، فأخذ حصاة من المسجد (٤) الحرام بمنزلة القمح فقال : لأن أنال من الجوع الذي وصفت مثل هذه أحبّ إلي من طواف الطائفين ، وصلاة المصلين ، وحج الحاجين ، وغزو الغازين.

__________________

(١) سقطت من الأصل.

(٢) سقطت من الأصل.

(٣) في مختصر ابن منظور : التفكير.

(٤) بالأصل : مسجد الحرام.

٣٠٥

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أحمد بن الحسين ، أنبأ أبو محمّد بن يوسف ، أنبأ أبو سعيد بن الأعرابي ، نا جعفر بن أحمد بن عاصم ، ثنا ابن أبي الحواري ، قال : قلت لأبي صفوان الرعيني : الدنيا التي ذمّها الله في القرآن ينبغي للعاقل أن يجتنبها قال : كل ما عملت في الدنيا تريد به الدنيا فهو مذموم ، وكل ما (١) أصبت منها تريد به الآخرة فليس منها. فحدثت بها مروان فقال : الفقه على ما قال أبو صفوان.

أخبرنا أبوا (٢) محمّد : عبد الله بن أحمد بن عمر ، وعبد الكريم بن حمزة ، إجازة.

قالا : نا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو الحسين (٣) بن بشران ، أنا الحسن بن صفوان [أنا](٤) ابن أبي الدنيا ، حدّثني من سمع ابن أبي الحواري قال : قلت لأبي صفوان الرعيني بمكة ـ وكان سفيان بن عيينة يجيء فيسلم عليه ويقف عليه ـ الدنيا التي ذمها الله في القرآن التي ينبغي للعاقل أن يجتنبها قال : كلّ ما أصبت في الدنيا تريد به الدنيا فهو مذموم ، وكلّ ما أصبت فيها تريد به الآخرة فليس منها.

أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني ، أنا علي بن الحسين بن أحمد بن صصرى ، نا عبد الرّحمن بن عمر بن نصر ، نا أحمد بن سليمان بن حذلم ، نا أبو زرعة ، نا أحمد بن أبي الحواري قال : قلت لأبي صفوان الرعيني : إنّ نفسي تنازعني الصمت ، قال : فإن كنت صادقا فتكلم فيما يعنيك ودع ما لا يعنيك.

٨٦١١ ـ أبو الصلت ، أو والد الصلت المروزي التّوذي (٥)

وفد على عمر بن عبد العزيز ، حكى عنه ابنه الصلت.

أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد ، أنا أبو بكر أحمد بن الفضل بن محمّد الباطرقاني ، أنا أبو عبد الله بن منده ، أنبأ أبو العباس القاسم بن عبد الله بن مهدي السياري ، قال : قال جدي أحمد بن سيار ، حدّثنا رافع بن أشرس أبو عبد الله ، نا الصلت التوذي ، قال : حدّثني أبي قال :

__________________

(١) بالأصل : وكلما.

(٢) بالأصل : «أبو» راجع مشيخة ابن عساكر ٨٩ / أو ١٢٢ / ب.

(٣) تحرفت بالأصل إلى : الحسن.

(٤) زيادة لازمة.

(٥) التوذي بضم التاء المنقوطة باثنتين وفي آخرها الذال المعجمة وهذه النسبة إلى توذ من قرى مرو (راجع الأنساب ، ومعجم البلدان).

٣٠٦

وفدنا إلى عمر في .... (١) وادي مرو.

قال : وقال أحمد بن سيار : أبو الصلت شيخ من أهل مرو من قرية يقال لها توذ ، وكان ممن وفد على عمر بن عبد العزيز ، ولم يرو عنه إلّا ابنه.

كذا قال أحمد بن سيار فلا أدري أراد بقوله : أبو الصلت أنه يكنى أبا الصلت ، أو أراد والد الصلت.

حرف الضاد

٨٦١٢ ـ أبو ضمرة الليثي

اسمه أنس (٢) بن عياض ، تقدّم ذكره في حرف الألف.

حرف الطاء

٨٦١٣ ـ أبو طالب بن عبد مناف ، وقيل شيبة بن عبد المطلب ،

شيبة الحمل بن هاشم (٣)

واسمه عمرو بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة ، عم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

قدم بصرى مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وحكى عنه.

حكى عنه ابنه علي ، وأبو رافع مولى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقيل إنه أسلم ولا يصح إسلامه ، وقد تقدم ذكره وفوده في صدر الكتاب.

أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن عبد الله ، أنا أبو بكر الخطيب ، أنا محمّد بن علي بن إبراهيم البيضاوي ، أنبأ سليمان بن محمّد بن أحمد الشاهد ، نا أحمد بن الحسن المعروف بدبيس ، نا محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم العلوي ، حدّثني عمّ أبي الحسين بن موسى ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن علي بن الحسين ، عن الحسين ، عن علي قال : سمعت

__________________

(١) كلمة غير مقروءة بالأصل.

(٢) تحرفت بالأصل إلى : اش.

(٣) ترجمته في الإصابة ٤ / ١١٥.

٣٠٧

أبا طالب يقول : حدّثني محمّد ابن أخي ـ وكان والله صدوقا ـ قال : قلت له : بما بعثت يا محمّد؟ قال : «بصلة الأرحام ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة» [١٣٤١٤].

قال الخطيب : لم أكتبه بهذا الإسناد إلّا عن هذا الشيخ ودبيس المقرئ صاحب غرائب ، وكثير الرواية للمناكير (١).

قال : وأنا أبو [بكر](٢) الحافظ ، نا محمّد بن فارس بن حمدان العبدي ببغداد ، نا علي بن سراج البرقعيدي ، نا جعفر بن عبد الواحد القاصّ ، قال : قال لنا محمّد بن عباد ، عن إسحاق بن عيسى ، عن مهاجر مولى بني نوفل ، قال : سمعت أبا رافع سمع أبا طالب يقول : حدّثني محمّد : «أن الله أمره بصلة الأرحام ، وأن يعبد الله وحده ولا يعبد معه أحدا» ، ومحمّد عندي الصدوق الأمين (٣).

قال الخطيب : وهذا الحديث لا يثبت عند أهل العلم بالنقل ، وفي إسناده غير واحد من المجهولين ، وجعفر بن عبد الواحد ذاهب الحديث.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيوية ، أنا أحمد بن معروف ، أنا الحارث بن أبي أسامة ، نا محمّد بن سعد ، أنا إسحاق بن يوسف الأزرق ، نا عبد الله بن عون ، عن عمرو بن سعيد أن أبا طالب قال :

كنت بذي المجاز (٤) مع ابن أخي ـ يعني النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فأدركني العطش ، فشكوت إليه ، فقلت : يا ابن أخي قد عطشت وما قلت له ذاك وأنا أرى عنده شيئا إلّا الجزع (٥) قال : فثنى وركه ثم نزل فقال : «يا عمّ ، أعطشت؟» قال : قلت : نعم ، قال : فأهوى بعقبه إلى الأرض ، فإذا أنا بالماء (٦) ، فقال : «اشرب يا عمّ» ، قال : فشربت (٧) [١٣٤١٥].

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الفضل بن البقال ، أنا أبو الحسين بن

__________________

(١) الخبر من هذا الوجه رواه ابن حجر في الإصابة ٤ / ١١٩.

(٢) سقطت من الأصل.

(٣) رواه ابن حجر في الإصابة ٣ / ١١٩.

(٤) ذو المجاز : موضع سوق بعرفة كانت تقوم في الجاهلية ثمانية أيام (معجم البلدان).

(٥) الجزع : منعطف الوادي أو منقطعه أو وسطه أو منحناه (تاج العروس : جزع).

(٦) ونقل أبو شامة رواية أخرى قال : وفي رواية : فركل الأرض برجله ، فنبع الماء.

(٧) رواه ابن حجر في الإصابة عن ابن سعد في الطبقات ٤ / ١١٩.

٣٠٨

بشران ، أنا عثمان بن أحمد ، نا حنبل بن إسحاق ، قال : قال أبو نعيم : قلت لمالك بن أنس : ما كان اسم أبي طالب؟ قال : شيبة ، قلت : فعبد المطلب؟ قال : شيبة ، قلت : فهاشم؟ قال : عمرو ، قلت : فعبد مناف؟ قال : لا أدري ، قلت : التي أدري اسمه المغيرة.

أخبرنا أبو البركات بن المبارك ، أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن ، وأبو الفضل بن خيرون ، قالا : أنا أبو القاسم بن بشران ، أنا أبو علي بن الصواف ، نا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة ، حدّثني هاشم بن محمّد ، عن الهيثم بن عدي ، عن ابن عيّاش ، قال : اسم أبي طالب عبد مناف.

أخبرنا أبو الأعزّ قراتكين (١) بن الأسعد ، أنبأ أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو الحسن بن مردك ، أنبأ عبد الرّحمن بن أبي حاتم ، قال : حدّثنا علي بن الحسن ، قال : سمعت أحمد ـ يعني ابن حنبل ـ عن الشافعي قال : أبو طالب اسمه عبد مناف بن عبد المطلب ، وعبد المطلب اسمه شيبة بن هاشم ، وهاشم اسمه عمرو بن عبد مناف بن قصي ، وقصي اسمه زيد.

أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمّد قالت : أنبأ أبو طاهر بن محمود ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، نا أبو الطيب محمّد بن جعفر المنبجي الزّرّاد ، ثنا عبيد الله بن سعد الزهري ، أنا أحمد بن حنبل ، قال بعضه عن الشافعي وبعضه عن آخر ، قال علي بن أبي طالب : اسمه عبد مناف بن عبد المطلب ، وعبد المطلب اسمه شيبة بن هاشم ، وهاشم اسمه عمرو بن عبد مناف بن قصي ، وقصي اسمه زيد.

أخبرنا أبو سعد إسماعيل بن أبي صالح ، وأبو الحسن مكي بن أبي طالب ، قالا : أنا أبو بكر بن خلف ، أنا أبو عبد الله الحافظ.

وأخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر ، أنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك ، أنا أبو الحسن بن السقا ، وأبو محمّد بن بالويه ، قالوا : ثنا أبو العباس محمّد بن يعقوب ، قال : سمعت العباس بن محمّد يقول : سمعت يحيى بن معين يقول : اسم أبي طالب عبد مناف ، زاد وجيه (٢) : واسم أبي جهل عمرو بن هشام.

__________________

(١) تحرفت بالأصل إلى : «وأبي بكير».

(٢) بالأصل : «زاد : ابن دحية».

٣٠٩

قال الحاكم أبو عبد الله الحافظ : هكذا ذكره أحمد بن حنبل عن الشافعي ، وأكثر المتقدمين على أنّ اسمه كنيته ، والله أعلم.

أخبرنا أبو الحسين المعدل ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا أبي علي ، قالوا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلص ، أنا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن بكار ، قال (١) : فولد عبد المطلب بن هاشم : عبد الله أبا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأبا طالب واسمه عبد مناف وفي حجره كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد جده عبد المطلب ، قال عمي مصعب : وإلى أبي طالب أوصى عبد المطلب برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأ نصر بن أحمد بن نصر ، أنبأ محمّد بن أحمد بن عبد الله الجواليقي بالكوفة.

وأخبرنا أبو البركات بن المبارك ، أنا [أبو](٢) الحسين بن الطّيّوري ، وأبو طاهر أحمد بن علي ، قالا : أنا أبو الفرج الحسين بن علي ، قالا : أنا محمّد بن زيد بن علي ، أنا محمّد بن عقبة ، نا هارون بن حاتم ، قال : اسم أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب ، واسم عبد المطلب شيبة ، واسم هاشم عمرو ، واسم عبد مناف مغيرة.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأ أبو الحسين بن النقور ، أنبأ أبو طاهر المخلص ، أنا رضوان بن أحمد ، أنا أحمد بن عبد الجبار ، نا يونس بن بكير ، عن محمّد بن إسحاق ، قال (٣) : وقال أبو طالب يعني حين توجه إلى بصرى (٤) :

بكى طربا لما رآنا محمّد

كأن لا يراني راجعا لمعاد

فبت يجافيني تهلل دمعه

وقرّبته من مضجعي ووسادي

فقلت له قرب قعودك وارتحل

ولا تخش مني جفوة ببلادي

وخلّ زمام العيس وارتحلن بنا

على عزمة من أمرنا ورشاد

ورح رائحا في الراشدين مشيّعا

لذي رحم في القوم غير معادي

__________________

(١) نسب قريش للمصعب الزبيري ص ١٧.

(٢) سقطت من الأصل.

(٣) الخبر والأبيات في سيرة ابن إسحاق ص ٥٦ ـ ٥٧.

(٤) بصرى : قصبة كورة حوران ، مشهورة عند العرب قديما وحديثا (معجم البلدان).

٣١٠

فرحنا مع العيس التي (١) راح ركبها

يؤمون من غوري أرض إياد

وحتى رأوا أحبار كل مدينة

سجودا له من عصبة وفراد

فما رجعوا حتى رأوا من محمّد

أحاديث تجلو غمّ كل فؤاد

زبيرا وتماما وقد كان شاهدا

دريسا (٢) وهموا كلهم بفساد

فقال لهم قولا بحيرا وأيقنوا

له بعد تكذيب وطول بعاد

كما قال للرهط الذي تهودوا

وجاهدهم في الله كل جهاد

فقال ولم يملك له النصح رده

فإن له أرصاد كل مضاد

فإني أخاف (٣) الحاسدين وإنه

أخو الكتب مكتوب بكل مداد

أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالوا : أنا أبو جعفر المعدل ، أنا أبو طاهر المخلص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزبير ، قال : وحدّثني محمّد بن حسن ، عن إسحاق بن عيسى ، قال : سمعت بعض المشيخة يقول :

لم يكن أحد يسود في الجاهلية إلّا بمال إلّا أبو طالب بن عبد المطلب ، وعتبة بن ربيعة.

وقيل لتأبط شرا أخبرنا عن أشراف العرب ، فقال : أفعل ، سيد قريش ذو مالها ، وإنّما يسود في قريش ذو المال بالفعال.

قال عمر بن الخطاب : إذا كان هذا المال في قريش فاض ، وإذا كان في غيرها غاض (٤). قال الزبير : وكانت بيده السقاية ثم أسلمها إلى العباس بن عبد المطلب ، وكان نديمه مسافر بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس ، وكان مسافر (٥) بن أبي عمرو (٦) قد حبن (٧) ، فخرج ليتداوى بالحيرة فمات بهبالة (٨) فقال أبو طالب يرثيه (٩) :

__________________

(١) بالأصل : الذي ، والمثبت عن سيرة ابن إسحاق.

(٢) زبير ، وتمام ، ودريس هم نفر من أهل الكتاب رأوا نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لما كان في سفره مع عمه أبي طالب ، فأرادوه فردهم عنه بحيرا وذكّرهم الله فيه (راجع سيرة ابن إسحاق ص ٥٥).

(٣) سيرة ابن إسحاق : أخشى.

(٤) بالأصل : «فاض» والمثبت عن مختصري ابن منظور وأبي شامة.

(٥) تحرفت بالأصل إلى : «مساور» راجع أخباره في الأغاني ٩ / ٥١ وقد صححناه في كل مواضع الخبر.

(٦) تحرفت بالأصل إلى : عمر.

(٧) الحبن : داء يأخذ في البطن ، فيعظم منه ويرم.

(٨) هبالة ماء لبني نمير ، كما في معجم البلدان.

(٩) الأبيات في الأغاني ٩ / ٥١ ونسب قريش ص ١٣٦ ـ ١٣٧ ومعجم البلدان (هبالة).

٣١١

ليت شعري مسافر بن أبي عم

رو وليت يقولها المحزون

كيف كانت مذاقة الموت إذ

مت ، وما ذا بعد الممات يكون؟

رجع الركب قافلين (١) إلينا

وخليلي في مرمس (٢) مدفون

بورك الميت الغريب كما بو

رك نضر الريحان والزيتون

ميت رزء (٣) على هبالة قد حا

لت فياف من دونه وحزون

مدره يدفع الخصوم بأيد

وبوجه يزينه العرنين

كم خليل وصاحب وابن عم

وحميم قفّت عليه المنون

فتعزّيت بالجلادة والصب

ر وإني بصاحبي لضنين

كل من كان بالأباطح والجل

س عليه من شيبة توشين

أصبحوا بعده كدابغة اله

ناءة (٤) منها معين وعطين

قال الزبير : وقال عمي مصعب بن عبد الله : خرج مسافر في تجارة فمات بالحيرة عند النعمان ، ولما هلك مسافر نادم أبو طالب عمرو بن عبد بن أبي قيس بن عبد ود بن (٥) نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي. ولذلك قال عمرو بن عبد لعلي بن أبي طالب يوم الخندق حين دعاه إلى البراز : إنّ أباك كان لي صديقا.

أخبرنا أبو الحسن الفرضي ، نا عبد العزيز بن أحمد ، أنا أبو نصر المرّي ، ثنا عبد الرّحمن بن عمر الشيباني ، قال : حدّثنا أحمد بن محمود الشمعي البغدادي ، نا محمّد بن يونس الكديمي قال : حدّثنا عفان بن مسلم ، عن علي بن زيد بن جدعان ، عن سعيد بن المسيّب ، عن أبي سعيد الخدري ، قال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «بعثت ولي أربع عمومة ، فأما العباس فيكنى بأبي الفضل ، ولولده الفضل إلى يوم القيامة ، وأما حمزة فيكنى بأبي يعلى فأعلى الله قدره في الدنيا والآخرة ، وأما عبد العزى فيكنى بأبي لهب ، فأدخله الله النار ، وألهبها عليه ، وأما عبد مناف فيكنى بأبي طالب فله ولولده المطاولة والرفعة إلى يوم القيامة» [١٣٤١٦].

__________________

(١) الأغاني : «سالمين» وفي نسب قريش : وهل الركب قافلون.

(٢) المرمس : القبر.

(٣) الأغاني : بيت صدق.

(٤) الهناء : ضرب من القطران تطلى به الإبل.

(٥) كتبت فوق الكلام بين السطرين بالأصل.

٣١٢

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا عمر بن عبيد الله بن عمر ، ومحمّد وأحمد ابنا أبي عثمان.

وأخبرنا أبو محمّد بن طاوس ، أنا محمّد بن أبي عثمان ، قالوا : أنا عبد الله بن عبيد الله بن يحيى البيع ، ثنا أبو عبد الله المحاملي ، قال : حدّثنا يحيى بن معلى ، قال : حدّثنا محمّد بن الصلت ، حدّثنا يحيى بن سلمة بن كهيل ، عن أبيه ، عن جده قال :

رأيت عليا على المنبر ضحك ضحكا لم أره ضحك مثله ، ثم قال : بينا أنا والنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ببطن نخلة نصلي إذ أشرف علينا أبو طالب قال : فدعاه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : نعم ، ما تصنعان ـ أو نعم ما تقول ـ ولكن والله لا تعلوني استي أبدا ، قال : فضحك عليّ من قول أبيه.

أخبرنا أبو علي الحسن بن المظفر ، أنا أبو محمّد الجوهري.

وأخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أنا أبو علي الكاتب ، قالا : أنا أحمد بن جعفر ، نا عبد الله ، حدّثني أبي (١) ، نا أبو سعيد مولى بني هاشم ، قال : حدّثنا يحيى بن سلمة ، يعني ابن كهيل (٢) قال : سمعت أبي يحدث عن حبة العرني قال : رأيت عليا ضحك على المنبر ضحكا لم أره ضحك ضحكا أكثر منه ، حتى بدت نواجذه ثم قال : ذكرت قول أبي طالب ظهر علينا (٣) أبو طالب وأنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ونحن ببطن نخلة ، فقال : ما ذا تصنعان يا بن أخي؟ فدعاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى الإسلام فقال : ما بالذي تصنعان بأس ، أو بالذي تقولان بأس ، ولكن والله لا تعلوني استي أبدا ، فضحك تعجبا بقول أبيه ، ثم قال : اللهم لا أعرف أن عبدا لك من هذه الأمة عبدك قبلي غير نبيّك ، مرارا ، لقد صلّيت قبل أن يصلي الناس سبعا.

أنبأنا أبو علي الحداد ، ثم أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأ يوسف بن الحسن ، قالا : أنا أبو نعيم ، ثنا عبد الله بن جعفر بن أحمد ، ثنا يونس بن حبيب ، ثنا سليمان بن داود الطيالسي ، نا يحيى بن سلمة بن كهيل ، عن أبيه ، عن حبة العرني ، قال :

سمعت عليا يخطب فضحك ضحكا ما رأيته ضحكه وهو على المنبر ، فقال : لقد رأيتني أصلي مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فاطّلع أبي علينا وأنا أصلي مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال لي

__________________

(١) رواه أحمد بن حنبل في المسند ١ / ٢١٣ رقم ٧٧٦ طبعة دار الفكر ، ومن طريق أحمد بن حنبل في الإصابة ٤ / ١١٥.

(٢) تحرفت بالأصل إلى : جهيل.

(٣) بالأصل : عليه ، والمثبت عن المسند.

٣١٣

أبي : بنيّ ما كنتما تصنعان؟ قلت : كنا نصلي ، فقال أبو طالب : والله والله لا تعلوني استي أبدا ، فرأيته يضحك من قول أبيه ، ثم قال : والله لقد رأيتني صلّيت قبل الناس حججا.

أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالوا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن بكار ، قال :

وكان أبو طالب عليه ـ يعني النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ رفيقا شفيقا ، يمنعه من مشركي قريش ، جاءوه ذات صباح بعمارة بن الوليد ، فقالوا له : قد عرفت حال عمارة بن الوليد في قريش ، ونحن ندفعه إليك مكان محمّد وادفعه إلينا ، قال : ما أنصفتموني ، أعطيكم ابن أخي تقتلونه وتعطوني ابن أخيكم أغذوه (١) لكم ، وهو الذي يقول (٢) :

عجبت لحلم يا بن شيبة حادث

وأحلام أقوام لديك سخاف (٣)

يقولون شائع من أراد محمّدا

بسوء وقم في أمره بخلاف

أضاميم : إما حاسد ذو خيانة

وإما قريب منك غير مصاف

فلا تركبن الدهر مني ظلامة

وأنت امرؤ من خير عبد مناف

فإن له قربى إليك وسيلة

وليس بذي حلف ولا بمضاف (٤)

ولكنه من هاشم في صميمها

إلى أبحر فوق البحور طواف

فإن غضبت فيه قريش فقل لهم (٥)

بني عمنا ما قومكم بضعاف

فما قومكم بالقوم يغشون ظلمهم

وما نحن فيما ساءكم (٦) بخفاف

وقال أبو طالب (٧) :

__________________

(١) بدون إعجام بالأصل ، والمثبت عن مختصر ابن منظور.

(٢) الأبيات في سيرة ابن إسحاق ص ١٨٩.

(٣) السخيف العقل : الرجل الضعيف العقل.

(٤) المضاف : الملصق بالقوم ، وليس منهم.

(٥) بالأصل : لها ، والمثبت عن ابن إسحاق.

(٦) روايته في سيرة ابن إسحاق :

وما قومنا بالقوم تغشون ظلمنا

وما نحن فيما ساءهم بخفاف

(٧) الأبيات من قصيدة طويلة في سيرة ابن هشام ١ / ٢٩١ وما بعدها ومطلعها :

ولما رأيت القوم لا ودّ فيهم

وقد قطعوا كل العرى والوسائل

قالها أبو طالب لما خشي دهماء العرب أن يركبوه مع قومه ، وأنه يخبرهم أنه غير مسلم لهم ابن أخيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولا تاركه لشيء أبدا حتى يهلك دونه.

٣١٤

كذبتم وبيت الله نبزى (١) محمّدا

ولما نطاعن دونه ونناضل

ونسلمه حتى نصرع حوله

ونذهل عن أبنائنا والحلائل

وينهض قوم نحوكم غير عزّل

ببيض حديث عهدها بالصياقل

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه

ثمال اليتامى عصمة للأرامل

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النقور ، أنبأ أبو طاهر المخلص ، أنبأ رضوان بن أحمد.

وأخبرنا أبو عبد الله محمّد بن الفضل ، أنا أبو بكر أحمد بن الحسين (٢) ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : ثنا أبو العباس محمّد بن يعقوب ، نا أحمد بن عبد الجبار ، نا يونس بن بكير ، عن طلحة بن يحيى بن عبيد (٣) الله ، هن موسى بن طلحة ، أخبرني عقيل بن أبي طالب قال : جاءت قريش إلى أبي طالب ، فقالوا : إنّ ابن أخيك هذا قد أذانا في نادينا ومسجدنا فانهه عنا ، فقال : يا عقيل انطلق فائتني بمحمّد ، فانطلقت إليه ، فاستخرجته من كبس (٤) ـ زاد أبو العباس : أو قال حفش ، وقالا : ـ يقول : بيت صغير ، فجاء به في الظهيرة في شدة الحر ـ زاد أبو الحسن فجعل يطلب الفيء يمشي فيه من شدة الحرّ الرمض ، قالا : ـ فلمّا أتاهم ، قال أبو طالب إنّ بني عمك هؤلاء زعموا أنك تؤذيهم في ناديهم ومسجدهم ، فانته عن أذاهم ، فحلق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ببصره إلى السماء فقال : «أترون هذه الشمس؟» قالوا : نعم ، قال : «فما أنا بأقدر على أن أدع ذلك منكم على أن تستشعلوا منها شعلة» فقال أبو طالب : والله ما كذبنا (٥) ابن أخي ، فارجعوا ـ وقال أبو العباس : ما كذبت ابن أخي قط ، فارجعوا [١٣٤١٧].

رواه البخاري في التاريخ (٦) عن محمّد بن العلاء ، عن يونس.

أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الواحد بن أحمد بن العباس.

__________________

(١) نبزى محمدا : أي نسلبه ونغلب عليه.

(٢) رواه البيهقي في دلائل النبوة ٢ / ١٨٦.

(٣) في دلائل النبوة : عبد الله.

(٤) تحرفت بالأصل إلى : «كنس» والتصويب عن مختصر ابن منظور ، ودلائل النبوة للبيهقي ، والكبس هو الكن الذي يأوي إليه الإنسان.

(٥) رسمها بالأصل : «ررئئا؟؟؟؟» والمثبت عن مختصري ابن منظور وأبي شامة.

(٦) التاريخ الكبير للبخاري ٤ / ١ / ٥١.

٣١٥

أخبرنا أبو محمّد الحسن بن محمّد بن الحسن الخلال ، نا أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان ، ثنا إبراهيم بن عبد الله بن محمّد الزينبي قرئ عليه الأستاذ بعض المتن وأنا أسمع وأجاز لنا باقي الحديث قال : ثنا محمّد بن عبد الأعلى الصنعاني ، نا المعتمر بن سليمان ، حدّثني أبي قال :

فازداد البلاء من قبل قريش على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فائتمروا بينهم أن يكلّموا أبا طالب في ابن أخيه ، فإن فعل وإلا تعاقدوا على عقد أن لا يناكحوهم ، ولا يبايعونهم حتى يدفعوه إليهم ، فكتبوا في صحيفتهم عهدا بينهم أن لا يناكحوهم ولا يبايعونهم ولا يجالسوهم ولا يكلموهم حتى يدفعوا إليهم محمّدا ، فيقتلونه ؛ فمشوا إلى أبي طالب وقد كتبوا كتابهم ، قالوا : يا ابن عبد المطلب ، أنت أفضل قريش اليوم حلما ، وأكبرهم سنا ، وأعظمهم شرفا ، وقد رأيت صنيع ابن أخيك والسفهاء الذين معه الصّباة (١) المخلصين (٢) لأمرهم ، إنّ قومك قد نفروا في أمر فيه صلاح قومك ، وصلاحهم لك صلاح إن فعلت ، وإن أبيت فقد أبلغوا إليك في العذر ، وفيه هلاكك وهلاك أهل بيتك ، لا يعدوكم ذلك إلى أحد غيركم ، قد كتب قومك كتابا فيه الذي تكرهون إن أبيتم [أن تدفعوا](٣) إليهم حاجتهم ، قال : ما حاجتكم فيما قبلي ، قالوا : حاجتنا أن تدفع إلينا هذا الصابئ الذي فرّق كلمتنا ، وأفسد جماعتنا ، وقطع أرحامنا ، فنقتله ، ونعطيك ديته. قال : لا تطيب بذلك نفسي أن أرى قاتل ابن أخي يمشي بمكة ، وقد أكلت ديته ، قالوا : فإنّا ندفعه إلى بعض العرب فيكون هو يقتله ، وندفع إليك ديته ، ونعطيك أيّ أبنائنا شئت ، فيكون لك ولدا مكان هذا الصابئ ، فقال لهم : ما أنصفتموني ، تقتلون ولدي (٤) وأغذو أولادكم؟ أو لا تعلمون أنّ الناقة إذا فقدت ولدها لم تحن إلى غيره؟ ولكن أمر هو أجمع لكم مما أراكم تخوضون فيه ، تجمعون شباب قريش ، ممن كان منهم بسن محمّد ، ويقتلونهم جميعا ، وتقتلون معهم محمّدا ، قالوا : لا لعمر أبيك ، لا نقتل أبناءنا وإخواننا من أجل هذا الصابئ ولكن سنقتله سرّا وعلانية ، فائتمر لذلك أمرك. فعند ذلك يقول لهم :

كذبتم وبيت الله نترك (٥) محمّدا

ولما نضارب دونه ونناضل

__________________

(١) بالأصل : «الصا» والصباة : جمع صبابي ، بدون همزة ، وكان العرب يسمون رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الصابئ ، وقد خرج على دينهم وملة آبائهم واتبع ملة جديدة ـ الإسلام ـ.

(٢) كذا بالأصل ، وفي مختصر ابن منظور : المخلطين.

(٣) الزيادة عن مختصر ابن منظور.

(٤) في مختصر ابن منظور : ابني.

(٥) كذا بالأصل هنا ، ومرّ : نبزى.

٣١٦

ونسلمه حتى نصرع حوله

ونذهل عن أبنائنا والحلائل

وينهض نهضا في نحوركم القنا

كنهض الروايا (١) في طريق حلاحل (٢)

وحتى نرى ذا الدرع يركب ردعه

من الطعن مشي الأنكب (٣) المتحامل

في قول كثير يقول لهم.

فلما سمعت بذلك قريش وعرفوا منه الجد ، يئسوا منه ، وأظهروا لبني عبد المطلب العداوة ، واللفظ القبيح ، والشتم وأقسموا ليقتلنّه سرا وعلانية ، فلما عرف أبو طالب أن القوم قاتلو (٤) ابن أخيه إن استطاعوا خافهم وتتابعت معهم القبائل كلها. فلما رأى ذلك أبو طالب جمع رهطه فانطلق بهم ، فقاموا بين الأستار والكعبة ، فدعوا الله على ظلمة قومهم في قطيعتهم أرحامهم ، وانتهاكهم محارمهم وتناولهم سفك دمائهم. فقال أبو طالب : إن أبى قومنا إلّا البغي علينا ، فعجّل نصرنا ، وحل بينهم وبين الذي يريدون من قتل ابن أخي. ثم أقبل إلى جمع قريش ، وهم ينظرون إليه وإلى أصحابه ، فقال لهم : إنا قد دعونا رب هذا البيت على القاطع ، المنتهك المحارم ، والله ، لتنتهن عن الذي تريدون ، أو لينزلن الله لكم في قطيعتنا بعض الذي تكرهون. قال (٥) : فأجابوه أن يا ابن عبد المطلب لا صلح بيننا وبينكم أبدا ولا رحم إلّا على قتل الصابئ السفيه. ثم عمد فدخل الشعب بابن أخيه وبني أبيه ومن اتبعهم من بين مؤمن دخل لنصر الله ونصر رسوله ، ومن بين مشرك يحمي أنفا ، فدخلوا شعبهم ، وهو شعب أبي طالب في ناحية مكة.

أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن ، أنا محمّد بن علي بن أحمد بن إبراهيم ، أنا القاضي أبو القاسم علي بن الحسين الشافعي ، قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن محمّد بن خشنام المالكي قال : حدّثنا أبو يزيد خالد بن النصر القرشي قال : حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى ، نا معتمر بن سليمان ، نا أبي قال :

وأراد الملأ من قريش قتل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فائتمروا بينهم أن يكلموا أبا طالب في ابن

__________________

(١) الروايا واحدتها راوية ، وهي الإبل التي تحمل الماء والأسقية.

(٢) حلاحل : موضع.

(٣) الأنكب : المائل إلى جهة.

(٤) بالأصل : قاتلي.

(٥) بالأصل : كان.

٣١٧

أخيه ، فإن فعل فعل وإلا تعاقدوا أن لا ينكحوهم ولا يبايعوهم ، حتى يدفعوا إليهم على عقد محمّدا ، فكتبوا في صحيفتهم عهدا (١) بينهم أن لا ينكحوا بني عبد المطلب ، ولا يبايعوهم ، ولا يجالسوهم ، ولا يكلموهم حتى يدعوا إليهم محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فيقتلوه ، فمشوا إلى أبي طالب وقد كتبوا كتابهم ، فقالوا : يا ابن عبد المطلب ، أنت أفضل قريش اليوم حلما ، وأكبرهم سنا ، وأعظمهم شرفا ، وقد رأيت صنع ابن أخيك والسفهاء الذين معه الصّباة (٢) المخلطين لأمرهم ، وإنّ قومك قد نفروا إليك في أمر فيه صلاح قومك ، وصلاحهم لك صلاح ، إن فعلت وإن أبيت ، فقد أبلغوا العذر وفيه هلاكك وهلاك أهل بيتك ، لا يعدوكم ذلك إلى أحد غيركم. قد كتب قومك كتابا فيه الذي يكرهون إن أبيتم أن تدفعوا إليهم حاجتهم ، قال : ما حاجتهم فيما قبلي؟ قالوا : حاجتنا أن تدفع إلينا هذا الصابئ الذي فرّق كلمتنا ، وأفسد جماعتنا ، وقطع أرحامنا ؛ فنقتله ونعطيك الدية ، قال : لا تطيب بذلك نفسي ، أن أرى قاتل ابن أخي يمشي بمكة ، وقد أكلت ديته ، قالوا : فإنّا ندفعه إلى بعض ذؤبان العرب فيكون هو يقتله وندفع إليك الدية ، ونعطيك أيّ أبنائنا شئت ، فيكون لك ولدا مكان هذا الصابئ ، فقال لهم : ما أنصفتموني تقتلون ولدي وأغذو أولادكم ، إذ لا تعلمون أنّ الناقة إذا فقدت ولدها لم نحن إلى غيره ، ولكن أمر هو أجمع مما أراكم تخوضون فيه ، تجمعون شباب قريش من كان منهم بسنّ محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم فتقتلونهم جميعا وتقتلون معهم محمّدا ، قالوا : لا ، لعمرو أبيك ، لا نقتل أبناءنا وإخواننا من أجل هذا الصابئ ، ولكنا سنقتله سرّا أو علانية ، فائتمر لذلك أمرك ، فعند ذلك يقول أبو طالب :

كذبتم وبيت الله تبارك محمّدا

ولما نضارب دونه ونناضل

ونسلمه حتى نصرّع حوله

ونذهل عن أبنائنا والحلائل

وننهض نهضا في نحوركم القنا

نهوض الروايا في طريق حلاحل

وحتى نرى ذا الدرع يركب ردعه (٣)

من الطعن مشي الأنكب المتحامل

في قول كثير يقول لهم.

فلما سمعت بذلك قريش وعرفوا منه الجد يئسوا منه ، وأظهروا لبني عبد المطلب

__________________

(١) قوله : «فكتبوا في صحيفتهم عهدا» مكرر بالأصل.

(٢) بالأصل : الصبا.

(٣) تحرفت بالأصل إلى : «درعه» والمثبت عن الروايات السابقة يقال للقتيل : ركب ردعه إذا خرّ لوجهه على دمه.

٣١٨

العداوة ، واللفظ القبيح ، السيّئ ، وأقسموا لنقتلنه سرّا أو علانية.

فلما عرف أبو طالب أن القوم قاتلو (١) ابن أخيه إن استطاعوا خافوا وتبايعت معهم القبائل كلها ، فلما رأى ذلك أبو طالب جمع رهطه فانطلق بهم فقاموا بين الأستار والكعبة فدعوا الله على ظلمة قومهم في قطيعتهم أرحامهم ، وانتهاكهم محارمهم وتناولهم سفك دمائهم ، وقال أبو طالب : اللهمّ إن أبى قومنا إلّا البغي علينا فعجّل نصرنا وخلّ بينهم وبين الذي يريدون من قتل ابن أخي ، ثم أقبل إلى جمع قريش وهم .... (٢) ينظرون إليه وإلى أصحابه ، فقال لهم : إنّا قد دعونا ربّ هذا البيت على القاطع المنتهك المحارم ، والله لينتهين عن الذي تريدون ، أو لينزلنّ الله بكم في قطيعتنا بعض الذي تكرهون ، فأجابوه : أن يا ابن عبد المطلب لا صلح بيننا وبينكم أبدا ، ولا رحم إلّا على قتل هذا الصابئ السفيه ، فعند ذلك يقول أبو طالب (٣) :

ولما رأيت القوم لا ودّ فيهم

وقد طاوعوا أمر العدو المزايل (٤)

حسيبك بالله رهطي ومعشري (٥)

وأمسكت من أثوابه بالوصائل (٦)

وثور ومن (٧) أرسى ثبيرا مكانه

وراق ليرقى في حراء (٨) ونازل

وبالحجر الأسود إذ يمسحونه

إذا أسلموه بالضحى والأصائل

في قول كثير يقول لهم.

ثم دعا على قومه في سفره ، ثم عمد فدخل الشعب بابن أخيه وبني أبيه ومن اتّبعهم من بين مؤمن داخل بنصر الله ونصر رسوله ، وبين مشرك يحمي أنفا فدخلوا شعبهم ، وهو شعب أبي طالب في ناحية مكة.

__________________

(١) بالأصل : قاتلي.

(٢) غير واضحة وبدون إعجام ورسمها : «حب؟؟؟؟».

(٣) الشعر في سيرة ابن هشام ١ / ٢٩١.

(٤) البيت ملفق من بيتين كما في سيرة ابن هشام وروايتهما :

ولما رأيت القوم لا ود فيهم

وقد قطعوا كل العرى والوسائل

وقد صارحونا بالعداوة والأذى

وقد طاوعوا أمر العدو المزايل

(٥) صدره في سيرة ابن هشام : وأحضرت عند البيت رهطي وإخوتي.

(٦) الوصائل : ثياب حمر فيها خطوط ، كانوا يكسون بها البيت.

(٧) بالأصل : «وبعدنا عن» والمثبت عن سيرة ابن هشام.

(٨) ثور وثبير وحراء جبال بمكة.

٣١٩

أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن بكار قال (١) : هشام بن عمرو يعني العامري الذي قام في نقض الصحيفة التي كتب مشركو قريش على بني هاشم في نفر قاموا معهم منهم : مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف ، وزمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى ، وأبو البختري بن هاشم (٢) بن الحارث بن أسد بن عبد العزى ، وزهير بن أبي أمية بن المغيرة ، تبرءوا من الصحيفة ، وفي ذلك يقول أبو طالب بن عبد المطلب (٣) :

جزى الله رهطا من لؤي (٤) تبايعوا

على ملأ يهدي لحزم ويرشد

قعودا لدى جنب الحطيم كأنهم

مقاولة بل هم أعز وأمجد

هم رجعوا سهل بن بيضاء (٥) راضيا

وسرّ أبو بكر بها ومحمّد

ألم يأتكم أن الصحيفة مزقت

وأن كلّ ما لم يرضه الله مفسد

أعان عليها كل صقر كأنه

شهاب بكفي قابس يتوقد

جرىء على جلّ الأمور كأنه

إذا ما مشى في رفرف الدرع أحرد

وكان سهل بن بيضاء الفهري الذي مشى إليهم في ذلك حتى اجتمعوا عليه.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النقور ، أنا أبو طاهر المخلص ، أنا رضوان بن أحمد ، أنا أحمد بن عبد الجبار ، نا يونس بن بكير ، عن ابن (٦) إسحاق (٧) [قال :] فقال أبو جهل وعتبة وشيبة ابنا ربيعة ، والعاص بن سعيد ، وأمية بن خلف يا معشر قريش إن هذا الأمر يزداد ، وإن أبا طالب ذو رأي ، وشرف ، وسن ، وهو على دينكم ، وهو اليوم مدنف ، فامشوا إليه فاعطوه السواء يأخذ لكم وعليكم في ابن أخيه ، فإنكم إن خلوتم

__________________

(١) راجع حديث نقض الصحيفة في سيرة ابن هشام ٢ / ١٤ وما بعدها.

(٢) في سيرة ابن هشام : هشام.

(٣) الأبيات من قصيدة في سيرة ابن هشام ٢ / ١٧ ـ ١٨.

(٤) في سيرة ابن هشام : «بالحجون» بدلا من «من لؤي».

(٥) قوله : سهل بن بيضاء ، بيضاء هي أمه وهي دعد بنت جحدم بن أمية بن ضرب بن الحارث ، وأبوه وهب بن ربيعة بن هلال بن ضبة بن الحارث بن فهر.

(٦) تحرفت بالأصل إلى : أبي.

(٧) الخبر في سيرة ابن إسحاق ص ٢٢٠ رقم ٣٢٤.

٣٢٠