تاريخ مدينة دمشق - ج ٦٦

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٦٦

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٧٤
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

٨٣٧٩ ـ أبو بكر بن بشر القرشي

حكى عن محمّد بن شعيب بن شابور ، وعبد الوهاب الثقفي.

حكى عنه : أحمد بن أبي الحواري.

٨٣٨٠ ـ أبو بكر بن حنظلة العنزي

كان من صحابة خالد بن يزيد بن معاوية ، فجفاه ، فقال في ذلك شعرا. ذكره البلاذري (١).

٨٣٨١ ـ أبو بكر بن سعيد الأوزاعي (٢)

حدّث عن مغيث بن سمي الأوزاعي الدمشقي.

روى عنه : الوليد بن مسلم.

وذكره ابن سميع في الطبقة الخامسة.

وقد سمي في بعض الروايات عمروا (٣). وقد تقدم في حرف العين (٤).

٨٣٨٢ ـ أبو بكر بن سليمان بن أبي السائب القرشي الدمشقي (٥)

حدّث عن عمرو بن مهاجر.

روى عنه الوليد بن مسلم.

ذكره أبو أحمد الحاكم (٦).

__________________

(١) جاء في أنساب الأشراف ٥ / ٣٩٠ (طبعة دار الفكر) : قال المدائني : كان أبو بكر بن حنظلة العنزي منقطعا إلى خالد بن يزيد ، فجفاه فقال :

بدا لي ما لم أخش منك ورابني

صدود وطرف منك دوني خاشع

وما ذاك من شيء سوى أن ألسنا

عليّ فرت ذنبا وهنّ سوابع

أبا هاشم لا ضارع إن جفوتني

ولا مستكين للذي أنت صانع

ولكن إعراضا جميلا وعفة

وبينا سليما عنك والبين فاجع

(٢) ترجمته في الأسامي والكنى للحاكم ٢ / ٢٥٨ رقم ٧٦٩ والتاريخ الكبير للبخاري ٨ / ١٤ كتاب الكنى. والجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٩ / ٣٤٣.

(٣) في مختصر أبي شامة : عمرو ، وفوقها صح.

(٤) تقدمت ترجمته في تاريخ دمشق ٤٦ / ٤٩ رقم ٥٣٤٥ وسماه عمرو بن سعيد أبو بكر الأوزاعي.

(٥) ترجمته في التاريخ الكبير ٨ / ١٣ كتاب الكنى.

(٦) الأسامي والكنى للحاكم النيسابوري ٢ / ٢٥٧ رقم ٧٦٧.

٢١

٨٣٨٣ ـ أبو بكر بن عبيد الله (١) بن أنس بن مالك الأنصاري (٢)

حدّث عن جده ، ويقال عن أبيه عن جده (٣).

روى عنه موسى بن عبيدة ، وإبراهيم بن محمّد بن أبي يحيى الأسلمي ، ومحمّد بن عبد العزيز الراسبي الجرمي (٤)(٥) ووفد مع جده على عبد الملك بن مروان.

٨٣٨٤ ـ أبو بكر بن عبد الله بن حويطب

ابن عبد العزّى بن أبي قيس بن عبد ودّ القرشي العامري

حكى عن أبي بحرية عبد الله بن قيس (٦).

روى عنه : شيخ من قريش ، وروى عنه : سليمان بن الحجاج شيخ لعبد الله بن المبارك المروزي.

وقدم الشام غازيا.

٨٣٨٥ ـ أبو بكر بن عبد الله بن محمّد بن أبي سبرة (٧)

ابن أبي رهم (٨) بن عبد العزّى بن أبي قيس بن عبد ودّ بن نصر

ابن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي بن غالب القرشي العامري المديني (٩)

قيل : إن اسمه عبد الله بن عبد الله ، وقيل : محمّد.

روى عن عبيد الله بن عمرو بن حفص ، وصفوان بن سليم ، ويحيى بن سعيد ، والأعرج ، وهشام بن عروة ، وموسى بن عقبة وغيرهم (١٠).

__________________

(١) في مختصر أبي شامة : أبو بكر بن عبيد بن عبد الله بن أنس ، والمثبت عن تهذيب الكمال.

(٢) ترجمته في تهذيب الكمال ٢١ / ٨٧ وتهذيب التهذيب ٦ / ٣٠٧ وتقريب التهذيب ، والأسامي والكنى للحاكم ٢ / ٢٥٨ رقم ٧٧٠ والكامل لابن عدي ٧ / ٢٩٥ رقم ٢٢٠٠ وميزان الاعتدال ٤ / ٥٠٣.

(٣) زيد في تهذيب الكمال : وعائشة بنت أنس بن مالك ، عمته.

(٤) في مختصر أبي شامة : الحرمي ، تصحيف ، والصواب ما أثبت ، راجع ترجمته في التاريخ الكبير ١ / ١ / ١٦٦.

(٥) وزيد في تهذيب الكمال : وأبو ليلى عبد الله بن ميسرة الحارثي.

(٦) هو عبد الله بن قيس الكندي السكوني التراغمي ، أبو بحرية الشامي ، ترجمته في تهذيب الكمال ١٠ / ٤٣٢.

(٧) سبرة : بفتح أوله وسكون ثانيه (تقريب التهذيب).

(٨) تحرفت في مختصر أبي شامة إلى : دهم. والتصويب عن تهذيب الكمال.

(٩) ترجمته في تهذيب الكمال ٢١ / ٧٥ وتهذيب التهذيب ٦ / ٣٠٤ وتاريخ بغداد ١٤ / ٣٦٧.

(١٠) انظر تهذيب الكمال فقد ذكر العديد من شيوخه.

٢٢

روى عنه : الوليد بن مزيد (١).

[قال الوليد بن مزيد :](٢) حدّثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة القرشي ثم الحسلي ، وكان قدم علينا دمشق في ولاية الفضل بن صالح سنة خمس وأربعين ومائة.

فذكر حديث العرنيين.

قال أحمد بن زهير : أخبرنا مصعب قال : (٣) أبو بكر بن عبد الله بن محمّد بن أبي سبرة. كان من علماء قريش. ولاه المنصور القضاء.

قال الزّبير (٤) :

وأمّه أمّ ولد.

وذكره ابن سعد في الطبقة السادسة (٥). وكان كثير العلم والسماع والرواية. ولي قضاء مكة لزياد بن عبيد الله. وكان يفتي بالمدينة ، ثم كتب إليه ، فقدم به بغداد ، فولي قضاء موسى بن المهدي وهو يومئذ وليّ عهد. ثم مات ببغداد سنة اثنتين وستين ومائة في خلافة المهدي وهو ابن ستين سنة. فلما مات ابن أبي سبرة بعث إلى أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم ، فاستقضي مكانه (٦) ، فلم يزل قاضيا مع موسى وهو وليّ عهد ، وخرج معه إلى جرجان.

أخبرنا محمّد بن عمر قال : سمعت أبو بكر بن أبي سبرة (٧) يقول : قال لي ابن جريج : اكتب لي أحاديث من أحاديثك جيادا. قال : فكتبت له ألف حديث ، ودفعتها إليه ، ما قرأها عليّ ، ولا قرأتها عليه.

قال محمّد بن عمر (٨) :

ثم رأيت ابن جريج قد أدخل في كتبه أحاديث كثيرة من حديثه ، يقول : حدّثني أبو

__________________

(١) ذكر المزي أسماء أخرى كثيرة رووا عن أبي بكر.

(٢) زيادة منا.

(٣) الخبر من طريق مصعب بن عبد الله الزبيري رواه المزي في تهذيب الكمال ٢١ / ٧٧.

(٤) نسب قريش للمصعب ص ٤٢٨.

(٥) سقطت ترجمته من الطبقات الكبرى المطبوع لابن سعد. والخبر في تاريخ بغداد ١٤ / ٣٦٩.

(٦) إلى هنا ينتهي الخبر في تاريخ بغداد.

(٧) الخبر في تاريخ بغداد ١٤ / ٣٦٩.

(٨) تاريخ بغداد ١٤ / ٣٦٩ ونقله المزي عنه في تهذيب الكمال ٢١ / ٧٧.

٢٣

بكر بن عبد الله ، وحدّثني أبو بكر بن عبد الله ـ يعني ابن أبي سبرة ـ وكان كثير الحديث ليس بحجّة (١).

وأخوه محمّد بن عبد الله مات في ولاية زياد بن عبيد الله ، وكان ولاه قضاء المدينة.

قال الخطيب (٢) :

وأبو سبرة صحابي شهد مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بدرا. وأبو بكر من أهل مدينة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهو أخو محمّد بن عبد الله بن أبي سبرة الذي تولّى قضاء المدينة من قبل زياد بن عبيد الله الحارثي.

حدث عن زيد بن أسلم ، وشريك بن عبد الله بن أبي نمر ، وموسى بن ميسرة ، [وفضيل بن أبي عبد الله](٣) وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة ، ومحمّد بن عبد الرّحمن بن أبي ذئب. روى عنه ابن جريج ، وعبد الرزّاق بن همام ، وأبو عاصم النبيل ، وسعيد بن سلام العطار ، والواقدي وغيرهم.

قدم بغداد ، وولي القضاء [بها](٤) ، وبها كانت وفاته.

قال مصعب بن عبد الله (٥) :

خرج محمّد بن عبد الله بن حسن بالمدينة على المنصور ، وكان أبو بكر [بن عبد الله بن محمّد](٦) بن أبي سبرة على صدقات أسد وطيء ، فقدم على محمّد بن عبد الله منها بأربعة وعشرين ألف دينار ، دفعها إليه ، فكانت قوّة لمحمّد (٧) بن عبد الله ؛ فلمّا قتل محمّد بن عبد الله بالمدينة قيل لأبي بكر : اهرب ، قال : ليس مثلي يهرب. فأخذ أسيرا ، فطرح في حبس المدينة ، ولم يحدث فيه عيسى بن موسى شيئا غير حبسه. فولّى المنصور جعفر بن سليمان المدينة ، فقال له : إن بيننا وبين أبي بكر بن عبد الله رحما ، وقد أساء ، وقد أحسن ، فإذا قدمت عليه فأطلقه ، وأحسن جواره.

__________________

(١) قوله : «وكان كثير الحديث ليس بحجة» ليس في تاريخ بغداد.

(٢) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٤ / ٣٦٧.

(٣) زيادة عن تاريخ بغداد.

(٤) زيادة عن تاريخ بغداد.

(٥) راجع الخبر في نسب قريش للمصعب بن عبد الله الزبيري ص ٤٢٨ ـ ٤٢٩ ورواه الخطيب في تاريخ بغداد ١٤ / ٣٦٧ ـ ٣٦٨.

(٦) زيادة عن نسب قريش.

(٧) في مختصر أبي شامة : «محمد» والمثبت عن نسب قريش وتاريخ بغداد.

٢٤

وكان الإحسان الذي ذكر المنصور من أبي بكر : أن عبد الله بن الربيع الحارثي قدم المدينة بعد ما شخص عيسى بن موسى ، ومعه جند ، فعاثوا بالمدينة ، وأفسدوا ، فوثب عليه سودان المدينة والرّعاع والصبيان ، فقاتلوا جنده ، وطردوهم ، وانتهبوهم (١) ، وانتهبوا عبد الله بن الربيع ؛ فخرج عبد الله بن الربيع حتى نزل بئر المطلب يريد العراق على خمسة أميال إلى المدينة ـ بالميل الأول ـ وكسر السودان السجن ، وأخرجوا أبا بكر ، فحملوه حتى جاءوا إلى المنبر ، وأرادوا كسر حديده ، فقال لهم : ليس على هذا فوت ، دعوني حتى أتكلّم ، فقالوا له : فاصعد المنبر ، فأبى ، وتكلم أسفل من المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، وصلّى على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم حذّرهم الفتنة ، وذكرهم ما كانوا فيه ، ووصف عفو الخليفة عنهم ، وأمرهم بالسمع والطاعة ، فأقبل (٢) الناس على كلامه ، واجتمع القرشيون ، فخرجوا إلى عبد الله بن الربيع ، فضمنوا له ما ذهب منه ومن جنده ، وقد كان تأمّر على السودان زنجيّ منهم يقال له : وثيق ، فمضى إليه محمّد بن عمران بن إبراهيم بن محمّد بن طلحة ، فلم يزل يخدعه حتى دنا منه ، فقبض عليه ، وأمر من معه فأوثقوه ، فشدّوه في الحديد ؛ وردّ القرشيون عبد الله بن الربيع إلى المدينة ، وطلبوا ما ذهب من متاعه ، فردّوا ما وجدوا منه ، وغرموا لجنده. وكتب بذلك إلى المنصور ، فقبل منه. ورجع ابن أبي سبرة أبو بكر بن عبد الله إلى الحبس ، حتى قدم عليه جعفر بن سليمان ، فأطلقه ، وأكرمه ؛ فصار بعد ذلك إلى المنصور فاستقضاه ببغداد ، ومات ببغداد.

قال الزبير : وحدّثني سعيد بن عمرو قال :

كان أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عاملا لرياح (٣) بن عثمان بن حيان على مسعاة (٤) أسد وطيّىء ، فلما خرج محمّد بن عبد الله بن حسن جاءه أبو بكر بما صدّق من مسعاة أسد وطيّئ ، فدفع ذلك إليه ، فلمّا قتل محمّد أمر المنصور بحبس أبي بكر وتحديده. فحبس وحدد. فلما قام السودان بعبد الله بن الربيع الحارثي أخرج القرشيّون أبا بكر ، فحملوه على منبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فنهى عن معصية أمير المؤمنين ، وحثّ على طاعته. وقيل

__________________

(١) العبارة في نسب قريش : «فوثب عليهم سودان المدينة والصبيان والرعاع والنساء فقتلوا فيهم وطردوهم» والمثبت يوافق عبارة تاريخ بغداد.

(٢) كذا عند أبي شامة وتاريخ بغداد ، وفي نسب قريش : فافترق.

(٣) في مختصر ابن منظور : رباح ، تصحيف ، راجع تاريخ خليفة ص ٤٢٠.

(٤) سعى المصدق يسعى سعاية : إذا عمل على الصدقات ، وأخذ من أغنيائها ، وردها على فقرائها.

٢٥

له : صلّ بالناس؟ فقال : إنّ الأسير لا يؤمّ. ورجع إلى محبسه. فلمّا ولّى المنصور جعفر بن سليمان بن علي المدينة أمر بإطلاق ابن أبي سبرة ، وأوصاه به ، وقال له : إنه إن كان أساء فقد أحسن. فأطلقه جعفر بن سليمان ، فجاء إلى جعفر ، فسأله أن يكتب له بوصاة إلى معن بن زائدة (١) ، وهو إذ ذاك على اليمن ، فكتب له بوصاة إليه ، فلقي الرابحي ، فقال : هل لك في الخروج معي إلى العمرة؟ قال : والله ما أخرجني من منزلي إلا طلب شيء لأهلي ؛ ما تركت عندهم شيئا ، قال ابن أبي سبرة : تكفاهم. فأمر لأهله بما يصلحهم ، وخرج به معه. فلمّا قضيا عمرتهما قال للرابحي : هل لك بنا في معن بن زائدة؟ قال : حال أهلي ما أخبرتك! فخرج معه ، وأمر لأهله بما يصلحهم.

وقدم ابن أبي سبرة على معن والرابحي معا (٢) ، فدخل عليه ابن أبي سبرة ، فدفع إليه كتاب جعفر بن سليمان ، فقرأه بالوصاة به. ثم قال له معن : جعفر أقوى على صلتك منّي ، انصرف ، فليس لك عندي شيء. فانصرف مغموما ، فلما انتصف النهار أرسل إليه ، فجاءه ، فقال له : يا بن أبي سبرة ، ما حملك على أن قدمت علي وأمير المؤمنين عليك واجد؟ ثم سأله : كم دينه؟ فقال : أربعة آلاف دينار ، فأعطاه إياها ، وأعطاه ألفي دينار ، فقال : أصلح بهما من أمرك. فانصرف ، وأخبر الرابحي ، فراح الرابحي إلى معن.

فأنشده الرابحي يقول في مدح لأبي الوليد أخي المهدي الغمر :

ملك بصنعاء الملوك ، له

ما بين بيت الله والشّحر (٣)

لو جاودته الريح مرسلة

لجرى بجود فوق ما تجري

حملت به أمّ مباركة

فكأنّها بالحمل ما تدري

حتى إذا ما تمّ تاسعها

ولدته أوّل ليلة القدر

فأتت به بيضا أسرّته

يرجى لحمل نوائب الدهر

مسح القوابل (٤) وجهه فبدا

كالبدر ، أو أبهى من البدر

__________________

(١) هو أبو الوليد معن بن زائدة الشيباني ترجمته في سير الأعلام ٧ / ٩٧ وتاريخ بغداد ١٣ / ٢٣٥.

(٢) في مختصر أبي شامة : معي.

(٣) الشحر : بكسر أوله وسكون ثانيه. الشط ، وهو صقع على ساحل بحر الهند من ناحية اليمن ، قال الأصمعي هو بين عدن وعمان (معجم البلدان).

(٤) القوابل واحدتها القابلة ، وهي المرأة التي تقبل الولد وتتلقاه.

٢٦

فنذرن حين رأين غرّته

إن عاش ، أن سيفين بالنّذر

لله صوما شكر أنعمه

والله أهل الحمد والشكر

فنشا بحمد الله حين نشا

حسن المروءة نابه الذكر

حتّى إذا ما طرّ (١) شاربه

خضع الملوك لسيّد فهري (٢)

فإذا رمي ثغر يقال له :

يا معن أنت سداد ذا الثّغر

قال : أنا أبو الوليد ؛ أعطه ألف دينار ، فأعطيها. فرجع إلى ابن أبي سبرة. فخرج ابن أبي سبرة إلى مكة وخرج به معه ، فلما قدما مكّة قال ابن أبي سبرة للرابحي : أما الأربعة الآلاف التي أعطاني معن في ديني فقد حبستها حتى أقضي بها ديني ، لا أوثر عليه شيئا ، وأما ألفا الدينار اللذان أعطاني فلي منها ألف دينار ، وخذ أنت ألفا. فقال الرابحي : قد أعطاني ألف دينار! فقال : أقسمت عليك إلّا أخذت. فأخذها ، وقام هو الربحي حتى بلّغه أهله بالمدينة. فانصرف ابن أبي سبرة لقضاء دينه ، وفضل ألف دينار ، وانصرف الرابحي بألفي دينار.

قال : ونمي (٣) الخبر إلى المنصور فكتب إلى معن : ما الذي حملك على أن تعطي ابن أبي سبرة ما أعطيته ، وقد علمت ما فعل؟ فكتب إليه معن : إن جعفر بن سليمان كتب إليّ يوصيني به ، فلم أحسب جعفرا أوصاني به حتى رضي عنه أمير المؤمنين. فكتب المنصور إلى جعفر بن سليمان يبكّته (٤) بذلك ، فكتب إليه جعفر : إنك يا أمير المؤمنين أوصيتني به ، فلم يكن من استيصائي به شيء أيسر من كتاب وصاة إلى معن بن زائدة.

قال يعقوب بن سفيان (٥) : حدّثنا إبراهيم بن المنذر ، حدّثني معن ، عن مالك قال :

لما لقيت أبا جعفر قال لي : يا مالك ، من بقي بالمدينة من المشيخة؟ قلت : [يا أمير المؤمنين :](٦) ابن أبي ذئب ، وابن أبي سلمة ، وابن أبي سبرة.

__________________

(١) طرّ شاربه : أي طلع ، ونبت (تاج العروس).

(٢) في مختصر أبي شامة : فهر.

(٣) في مختصر أبي شامة : «ونما» يقال : نمى إليه الحديث أي ارتفع ونميته ونميّته رفعته وأبلغته (تاج العروس : نمي).

(٤) بكّته بالعصا تبكيتا ، وقيل : بكته تبكيتا : إذا قرعه تقريعا والتبكيت : التقريع والتوبيخ (تاج العروس : بكت).

(٥) رواه يعقوب بن سفيان الفسوي في المعرفة والتاريخ ١ / ٦٨٥ ونقلا عن يعقوب في تاريخ بغداد ١٤ / ٣٦٩ وتهذيب الكمال ٢١ / ٧٧.

(٦) زيادة عن المعرفة والتاريخ.

٢٧

قال (١) : وحدّثنا إبراهيم ، حدّثنا عبد الله بن الحارث المخزومي قال :

كتب ابن جريج إلى ابن أبي سبرة ، فكتب إليه بأحاديث من أحاديثه ، وختم عليها.

قال يحيى بن معين (٢) :

روى ابن جريج عن أبي بكر السّبري ، وكتبه منه إملاء.

قال : وكان ابن أبي سبرة (٣) قدم العراق ، فجعل يقول لمن أتاه : عندي سبعون ألف حديث ، فإن أخذتم عني كما أخذ ابن جريج فخذوا (٤).

قال : وكان ابن جريج أخذ عنه مناولة (٥).

وقال يحيى القطان ، ويحيى بن معين ، وابن المديني ، والبخاري ، وأبو زرعة ، والجوزجاني ، والدار قطني ، وغيرهم :

ابن أبي سبرة ضعيف (٦).

قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : قال أبي (٧) :

أبو بكر بن أبي سبرة كان يضع الحديث. قال لي حجاج : قال لي أبو بكر السّبري : عندي سبعون ألف حديث في الحلال والحرام.

[وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل](٨) : قال أبي :

ليس بشيء ، كان يضع الحديث ، ويكذب (٩).

وقال : أبو بكر بن أبي سبرة لا يساوي حديثه شيئا. قال الواقدي : تروى عنه العجائب.

__________________

(١) القائل : يعقوب بن سفيان ، والخبر في المعرفة والتاريخ ٢ / ٨٢٥.

(٢) تاريخ ابن معين ٢ / ٦٩٥.

(٣) أقحم بعدها في مختصر أبي شامة : قال : وحدّثنا إبراهيم حدّثنا عبد الله بن الحارث المخزومي قال. وفوق كل كلمة خط أفقي ، تنبيها على حذفها.

(٤) باختلاف الرواية في تهذيب الكمال ٢١ / ٧٧ من طريق عباس الدوري.

(٥) تهذيب الكمال ٢١ / ٧٧ وتاريخ بغداد ١٤ / ٣٧٠.

(٦) نقل أقوالهم جميعا فيه المزي في تهذيب الكمال ٢١ / ٧٧.

(٧) قوله رواه المزي في تهذيب الكمال ٢١ / ٧٧ وتاريخ بغداد ١٤ / ٣٧٠.

(٨) زيادة منا.

(٩) تهذيب الكمال ٢١ / ٧٧ وتاريخ بغداد ١٤ / ٣٧٠.

٢٨

قال يحيى بن معين (١) :

أبو بكر بن أبي سبرة الذي يقال له : السّبري ، هو مديني ، كان ببغداد ، وليس حديثه بشيء ، قدم هاهنا فاجتمع الناس عليه ، فقال : عندي سبعون ألف حديث ، إن أخذتم كما أخذ ابن جريج ـ يعني عرضا ـ وإلّا فلا.

قال : وقال ابن المديني والبخاري (٢) :

أبو بكر بن أبي سبرة منكر الحديث ـ زاد ابن المديني : هو عندي نحو ابن أبي يحيى ـ.

وقال النسائي (٣) :

هو متروك الحديث.

وقال أبو أحمد الحاكم :

ليس بالقوي عندهم.

وذكره يعقوب بن سفيان في باب من يرغب عن الرواية عنهم. ورأيت أصحابنا يضعفونهم (٤).

قال ابن عدي (٥) :

عامة ما يرويه غير محفوظ ، وهو في جملة من يضع الحديث.

ومات ببغداد سنة اثنتين وستين ومائة ، وبلغ ستين سنة (٦).

٨٣٨٦ ـ أبو بكر بن عبد الله الأسوار ابن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان

ـ أخو أبي محمّد بن عبد الله (٧) ـ القرشي الأموي. وكان شاعرا ، وكان ممن بايع

__________________

(١) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد نقلا عن يحيى بن معين ١٤ / ٣٦٩ وتهذيب الكمال ٢١ / ٧٧.

(٢) تهذيب الكمال ٢١ / ٧٧ وتاريخ بغداد ١٤ / ٣٧١.

(٣) تاريخ بغداد ١٤ / ٣٧١ وميزان الاعتدال ٤ / ٥٠٤.

(٤) رواه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ ٣ / ٤٠.

(٥) الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي ٧ / ٢٩٧ وعنه في تهذيب الكمال ٢١ / ٧٨.

(٦) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٤ / ٣٧١ وتهذيب الكمال ٢١ / ٧٨ وميزان الاعتدال ٤ / ٥٠٤.

(٧) أبو محمد بن عبد الله بن يزيد قتل بالمدينة في خلافة المنصور ، وكان مختفيا بقناة أحد ، فدل عليه زياد بن عبيد الله الحارثي أمير المدينة ، فخرجوا إليه وقتلوه. راجع نسب قريش للمصعب ص ١٣١ وأنساب الأشراف ٥ / ٣٩٤.

٢٩

مروان بن محمّد بدمشق. وهو الذي يقول لولد عباد بن زياد (١) ، ونزل عليهم فاعتلّوا باحتباس العطاء :

بتنهج ليلة طالت علينا

وأخلفنا المواعد والدّعاء

نناديهم ليقرونا فقالوا :

سنقريكم إذا خرج العطاء

ذكر الجاحظ في (كتاب البخلاء) (٢) ، وذكر البلاذري عن المدائني (٣) :

كان أبو بكر بن يزيد ذا نيقة في الطعام ، وكان صاحب تنعّم ، فمرّ بقرية لعبّاد بن زياد بن أبي سفيان ، ومعه رجل من تيم اللّات (٤) بن ثعلبة بن عكابة ، وكانت القرية تدعى تنهج ، فلم يقروهم ، فقال التيمي :

بتنهج (٥) ليلة طالت علينا

وأخلفنا المواعد والعشاء

نناديهم ليقرونا فقالوا :

سنقريكم إذا خرج العطاء

ودون عطائهم شهرا ربيع

ونحن نسير إن متع (٦) الضّحاء

أنادي خالدا (٧) والباب دوني

وكيف يجيبك الفدم (٨) العياء

ويقال : إنّ الأبيات لأبي بكر نحلها التيميّ. فأجاب خالد بن عبّاد على (٩) الشعر ، على أنه للتيمي فقال (١٠) :

وما علم الكرام بجوع كلب

عوى ، والكلب عادته العواء؟

وتيم اللات لا ترجى لخير

وتيم اللات تفضلها النساء

قال الحافظ أبو القاسم :

__________________

(١) يعني عباد بن زياد بن أبيه ، تقدمت ترجمته في كتابنا تاريخ مدينة دمشق ٢٦ / ٢٧٧ رقم ٣٠٧٦.

(٢) لم أعثر على الخبر في كتاب البخلاء.

(٣) الخبر والأبيات في أنساب الأشراف ٥ / ٣٩٥ طبعة دار الفكر.

(٤) كذا عند أبي شامة ، وفي أنساب الأشراف : تيم الله.

(٥) تنهج : قرية بها حصن من مشارف البلقاء من أرض دمشق (معجم البلدان).

(٦) متع الضحى : بلغ آخر غايته ، وهو عند الضحى الأكبر (القاموس).

(٧) يعني خالد بن عباد بن زياد ، تقدمت ترجمته في تاريخ دمشق ١٦ / ١١٩ رقم ١٨٨٩.

(٨) في أنساب الأشراف : البرم.

(٩) في مختصر أبي شامة : عن ، والمثبت عن أنساب الأشراف.

(١٠) البيتان في أنساب الأشراف ٥ / ٣٩٦ وتقدمت في ترجمة خالد بن عباد بن زياد في هذا الكتاب ١٦ / ١١٩.

٣٠

سألت بعض من يخبر الشام عن تنهج فقال : حصن من مشارف البلقاء مما يلي البرية ، وذكر أنّه خراب اليوم.

وقد ذكرت في ترجمة مروان بن محمّد أن أبا بكر بن عبد الله كان حيّا حين قدم مروان دمشق ، وكان ذلك سنة سبع وعشرين ومائة (١).

٨٣٨٧ ـ أبو بكر بن عبد الرّحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة

ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي المدني (٢)

الفقيه الضرير. أحد فقهاء المدينة السبعة. ويقال : اسمه أبو بكر ، وكنيته أبو عبد الرّحمن (٣).

حدّث عن أبي هريرة ، وابن مسعود ، وعقبة بن عمرو المعروف بالبدري ، وعائشة ، وأم سلمة ، وأسماء بنت عميس ، وأم معقل الأسدية ، وأبيه عبد الرّحمن بن الحارث ، ونوفل (٤) بن معاوية المدني ، وعبد الله بن زمعة ، ومروان بن الحكم ، وغيرهم (٥).

روى عنه : ابناه عبد الملك وعبد الله ، والشعبي ، والزهري ، وعمرو بن دينار (٦) ، وعمرو بن عبد العزيز ، وسمي مولى أبي بكر ، وعبد ربه بن سعيد ، وعراك بن مالك ، وعكرمة بن خالد ، ومجاهد بن جبر ، والحكم بن عتيبة ، ويزيد بن [أبي](٧) سمية أبو صخر الأيلي وغيرهم.

وروي أنّه وفد على الوليد بن عبد الملك.

قال : وأنا أستبعد ذلك لأنه كان ضرير البصر ، والمحفوظ أنّ دخوله عليه كان بالمدينة عام حج الوليد بعد ما استخلف.

__________________

(١) راجع ترجمة مروان بن محمد بن مروان بن الحكم في تاريخ دمشق ٥٧ / ٣٣٠.

(٢) ترجمته في تهذيب الكمال ٢١ / ٨٢ وتهذيب التهذيب وتقريبه (١٠ / ٣٤ ترجمة ٨٢٥٧) ط دار الفكر وطبقات ابن سعد ٥ / ٢٠٧ وحلية الأولياء ٢ / ١٨٧ ونسب قريش ص ٣٠٣ والتاريخ الكبير ٨ / ٩ (كتاب الكنى) وتذكرة الحفاظ ١ / ٥٩ وسير أعلام النبلاء : (٥ / ٣٥٣ ترجمة ٥٣٢) ط دار الفكر وطبقات خليفة ت ٢٠٩٧ وشذرات الذهب ١ / ١٠٤.

(٣) قال المزي في تهذيب الكمال : والصحيح أن اسمه وكنيته واحد.

(٤) في مختصر أبي شامة : الحارث بن نوفل ، تصحيف ، والتصويب عن تهذيب الكمال.

(٥) راجع تهذيب الكمال وسير الأعلام فقد ذكرا له شيوخا أخر.

(٦) مطموسة في مختصر أبي شامة.

(٧) سقطت من أبي شامة ، راجع ترجمته في تهذيب الكمال ٢٠ / ٣٢٣.

٣١

ذكر أبو محمّد عبد الله بن سعد القطربلي قال :

روي أن أبا بكر بن عبد الرّحمن بن الحارث بن هشام قدم على الوليد بن عبد الملك ، فأجلسه معه على سريره ، وأقطعه أموال بني طلحة بن عبيد الله ـ وقد كان سخط على بعضهم ، فاصطفى أموالهم ـ فلمّا خرج أتاه بنو طلحة ، فاستأذنوا عليه ، فأذن لهم ، وحضره بنوه ، فحمد الله وأثنى عليه ، وصلّى على محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم قال : إنّ الله قد ردّ عليكم أموالكم ، وما قبلتها من أمير المؤمنين إلّا مخافة أن تصير إلى غيري ، فابعثوا من يقبضها. فقال له بنوه : أفلا تركت القوم حتى يتكلموا؟ قال : فما أتعبت عليهم بعد وجوههم.

قال الزّبير بن بكار (١) :

فولد عبد الرّحمن بن الحارث بن هشام : أبا بكر بن عبد الرّحمن ، وكان قد كفّ بصره ، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة ، وكان يسمى الراهب ، وكان من سادة قريش. وكان من التابعين ؛ قد سمع من أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ومن أبي هريرة ، وحمل عنه ابن شهاب ، وأمّه الشريدة فاختة بنت عنبة (٢) بن سهيل بن عمرو ، وإخوته لأبيه وأمه : عمر ، وعثمان ، وعكرمة ، وخالد ، ومحمّد ـ وبه كان يكنى عبد الرّحمن ـ وحنتمة (٣) ولدت لعبد الله بن الزبير بن العوام : عامرا ، وموسى ، وفاختة ، وأم حكيم (٤).

قال ابن سعد في الطبقة الثانية من أهل المدينة (٥) :

أبو بكر بن عبد الرّحمن. وأمه فاختة ـ فذكر نسبهما كما سبق ، ثم قال : ـ فولد أبو بكر : عبد الرّحمن ، لا بقية له ، وعبد الله ، وعبد الملك ، وهشاما لا بقية له ، وسهيلا لا بقية له ، والحارث ، ومريم. وأمّهم سارة بنت هشام بن الوليد بن المغيرة ، وأبا سلمة لا بقية له ، وعمر ، وأمّ عمرو وهي ربيحة. وأمهم قريبة بنت عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزّى بن قصي ، وأمّها زينب بنت أبي سلمة بن عبد الأسد ، وأمّها أمّ سلمة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وفاطمة بنت أبي بكر ، وأمّها من نسل قيس بن عاصم المنقري.

__________________

(١) الخبر في نسب قريش للمصعب ص ٣٠٣ ـ ٣٠٤.

(٢) في مختصر أبي شامة ونسب قريش : عتبة ، تصحيف. والصواب ما أثبت. سترد ترجمتها.

(٣) في مختصر أبي شامة : خيثمة ، والمثبت عن نسب قريش.

(٤) نسب قريش ص ٢٤٣ ولم يذكر مصعب : فاختة وأم حكيم.

(٥) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٥ / ٢٠٧ ونقل الخبر عن ابن سعد المزي في تهذيب الكمال ٢١ / ٨٨.

٣٢

قال محمّد بن عمر (١) :

ولد أبو بكر في خلافة عمر بن الخطاب ، وكان يقال له : راهب قريش ، لكثرة صلاته ، ولفضله. وكان قد ذهب بصره. وليس له اسم ، كنيته اسمه. واستصغر يوم الجمل ، فردّ هو وعروة بن الزبير. وقد روى أبو بكر عن أبي مسعود الأنصاري ، وعائشة ، وأمّ سلمة. وكان ثقة ، فقيها ، كثير الحديث ، عالما ، عاليا ، عاقلا ، سخيا.

قال موسى بن عقبة : سمعت علقمة بن وقّاص الليثي قال :

لما خرج طلحة والزّبير وعائشة لطلب دم عثمان عرضوا من معهم بذات عرق (٢) ، فاستصغروا عروة بن الزّبير ، وأبا بكر بن عبد الرّحمن ، فردّوهما.

وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «نعم أهل البيت بنو الحارث بن هشام» [١٣٣١٩].

قال الزّبير : حدّثني محمّد بن سلام عن بعض العلماء قال (٣) :

كان يقال : ثلاثة أبيات من قريش توالت خمسة خمسة بالشرف ، كل رجل منهم من أشرف أهل زمانه. فمن الثلاثة [الأبيات](٤) : أبو بكر بن عبد الرّحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة.

[وقال (٥) أبو بكر بن أبي خيثمة : حدّثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي قال : حدّثنا معن بن عيسى القزاز عن عبد الرّحمن بن أبي الزناد](٦) :

أن السبعة الفقهاء الذين كان يذكرهم أبو الزّناد : سعيد بن المسيّب ، وعروة بن الزبير ، والقاسم بن محمّد ، وأبو بكر بن عبد الرّحمن بن الحارث بن هشام ، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، وخارجة بن زيد بن ثابت ، وسليمان بن يسار.

وقال ابن أبي الزّناد :

__________________

(١) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٥ / ٢٠٧ ـ ٢٠٨ وعن الواقدي في تهذيب الكمال ٢١ / ٨٣ وسير الأعلام : (٥ / ٣٥٣) ط دار الفكر.

(٢) ذات عرق : مهل أهل العراق ، وهو الحد بين نجد وتهامة (معجم البلدان : عرق).

(٣) رواه المزي في تهذيب الكمال ٢١ / ٨٤ من طريق محمد بن سلام الجمحي.

(٤) زيدت عن تهذيب الكمال.

(٥) ما بين معكوفتين زيادة استدركت للإيضاح عن تهذيب الكمال.

(٦) الخبر رواه المزي في تهذيب الكمال ٢١ / ٨٤ ـ ٨٥ وسير الأعلام (٥ / ٣٥٣) ط دار الفكر.

٣٣

والسبعة الذين يستشيرهم الناس :

فذكر مثله.

[وقال (١) يعقوب بن سفيان (٢) : حدّثنا عبد الله بن محمّد المصري أبو محمّد قال : حدّثنا عبد الرّحمن (٣) بن أبي الزناد ، قال : قال أبو الزناد] :

أدركت من فقهاء أهل المدينة وعلمائهم ، ومن يرتضى (٤) وينتهى إلى قولهم ، منهم : سعيد ، وعروة ، والقاسم ، وأبو بكر ، وخارجة ، وعبيد الله ، وسليمان ، في مشيخة سواهم من نظرائهم أهل فقه وفضل.

قال أحمد العجلي (٥) :

أبو بكر بن عبد الرّحمن : مدني ، تابعي ، ثقة.

وذكره النسائي في تسمية فقهاء المدينة.

وقال ابن خراش :

هو أحد أئمة المسلمين (٦).

وقال في موضع آخر (٧) : عمر ، وأبو بكر ، وعكرمة ، وعبد الله ، هؤلاء ولد [عبد الرّحمن بن](٨) الحارث بن هشام ، كلهم جلة ثقات ، يضرب بهم المثل. وروى الزهري عنهم كلّهم إلّا عمر.

عن عثمان بن محمّد (٩) :

أنّ عروة استودع أبا بكر بن عبد الرّحمن مالا من مال بني مصعب. فأصيب ذلك المال ، أو بعضه. فأرسل إليه عروة أن لا ضمان عليك ، إنّما أنت مؤتمن. فقال أبو بكر : قد

__________________

(١) ما بين معكوفتين زيادة عن المعرفة والتاريخ وتهذيب الكمال للإيضاح.

(٢) الخبر في المعرفة والتاريخ ١ / ٥٥٩ ونقله عن يعقوب بن سفيان في تهذيب الكمال ٢١ / ٨٥.

(٣) تحرفت في تهذيب الكمال إلى : عبد الله.

(٤) في مختصر أبي شامة : ونرتضي.

(٥) تاريخ الثقات للعجلي ص ٤٩٢ وعنه رواه المزي في تهذيب الكمال ٢١ / ٨٣ وسير الأعلام (٥ / ٣٥٣).

(٦) تهذيب الكمال ٢١ / ٨٣ وسير الأعلام (٥ / ٣٥٣) ط دار الفكر.

(٧) تهذيب الكمال ٢١ / ٨٣.

(٨) زيادة لازمة للإيضاح عن تهذيب الكمال.

(٩) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٥ / ٢٠٨.

٣٤

علمت أن لا ضمان عليّ ، ولكن لم يكن لتحدث قريش أنّ أمانتي خربت. فباع مالا له ، فقضاه.

قال هشام بن عبد الله بن عكرمة :

جاء المطلب بن عبد الله بن حنطب المخزومي إلى أبي (١) بكر بن عبد الرّحمن يسأله في غريم ألطّ (٢) به ، فلمّا جلس قال له أبو بكر : قد أعانك الله على غرمك (٣) بعشرين ألفا ؛ فقال له من كان معه : والله ما تركت الرجل يسألك! فقال : إذا سألني فقد أخذت منه أكثر مما أعطيه.

قال مصعب بن عبد الله (٤) :

ذكر أن قوما من بني أسد بن خزيمة قدموا عليه يسألونه في دماء كانت بينهم ، فاحتمل عنهم أربع ديات ، ثم قال لابنه عبد الله بن أبي بكر : اذهب إلى عمّك المغيرة بن عبد الرّحمن فأعلمه ما حملنا من هذه الدّيات ، وسله المعونة. فذهب عبد الله (٥) إلى عمه ، فذكر ذلك له ، فقال المغيرة : أكثر علينا أبوك. فانصرف عنه عبد الله ، فأقام أياما لا يذكر لأبيه شيئا ، وكان يقود أباه إلى المسجد ، فقال له أبوه يوما : أذهبت إلى عمك؟ قال : نعم ، وسكت ، فعرف حين سكت عبد الله أنّه لم يجد عند عمّه ما يحبّ ، فقال له أبو بكر : يا بني ، لا تخبرني ما قال لك ، فإن لا يفعل أبو هاشم ـ يعني أخاه المغيرة ـ فربما فعل (٦) ، واغد غدا إلى السوق فخذ لي عينة (٧). فغدا عبد الله ، فتعيّن عينة من السوق لأبيه ، وباعها ، فأقام أياما ما يبيع أحد في السوق طعاما ، ولا زيتا غير عبد الله من تلك العينة ، فلمّا فرغ أمره أبوه أن يدفعها إلى الأسديين ، فدفعها إليهم.

عن عمر بن عبد الرّحمن (٨) :

__________________

(١) سقطت من مختصر أبي شامة.

(٢) لط الغريم : منع من الحق ، والغريم : الذي له دين.

(٣) الغرم : الدين.

(٤) رواه مصعب بن عبد الله الزبيري في نسب قريش ص ٣٠٤.

(٥) في نسب قريش : فذهب عبد الرحمن بن أبي بكر.

(٦) في نسب قريش : أفعل.

(٧) العين : بالكسر : السلف. وعيّن الرجل أخذ بالعينة أو أعطى بها. وباعه بعينة : بنسيئة لأنها زيادة. وقال الأزهري : عين التاجر تعيينا وعينة. وأكثر العلماء كرهوا الفقهاء (راجع تاج العروس : عين).

(٨) رواه المزي في تهذيب الكمال ٢١ / ٨٥ والذهبي في سير الأعلام (٥ / ٣٥٣) ط دار الفكر.

٣٥

أن أخاه أبا بكر بن عبد الرّحمن كان يصوم ، ولا يفطر ، فدخل عليه ابنه وهو مفطر ، فقال : ما شأنك اليوم مفطرا؟ قال : أصابتني جنابة ، فلم أغتسل حتى أصبحت ، فأفتاني أبو هريرة أن أفطر. فأرسلوا إلى عائشة يسألونها ، فقالت : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم تصيبه الجنابة فيغتسل بعد ما يصبح ، ثم يخرج رأسه يقطر ، فيصلي بأصحابه ، ثم يصوم ذلك اليوم [١٣٣٢٠].

قال ابن سعد : [قال أخبرنا أبو أسامة حماد] بن أسامة عن هشام بن عروة قال (١) :

رأيت على أبي بكر بن عبد الرّحمن كساء خزّ.

[قال محمّد بن عمر](٢) : أخبرنا معن بن عيسى قال : حدّثنا محمّد بن هلال (٣) :

أنه رأى أبا بكر بن عبد الرّحمن لا يحفي شاربه جدا ، يأخذ منه أخذا حسنا.

قال مصعب الزبيري :

كان عبيد الله بن عبد الله بن عتبة مكفوفا. وقد كفّ بصر أبي بكر بن عبد الرّحمن ؛ وكفّ بصر ابن عباس في آخر عمره ، وهو ممن رأى جبريل.

قال الواقدي (٤) :

وكان عبد الملك بن مروان مكرما لأبي بكر ، مجلّا له ، فأوصى (٥) الوليد وسليمان بإكرامه. وقال عبد الملك : إنّي لأهم بالشيء أفعله بأهل المدينة لسوء أثرهم عندنا ، فأذكر أبا بكر بن عبد الرّحمن ، فأستحي منه ، وأدع (٦) ذلك الأمر له.

قال الزّبير (٧) :

وكان أبو بكر ذا منزلة من عبد الملك ، فأوصى به حين حضرته الوفاة ابنه الوليد ، فقال له : يا بني ، إنّ لي بالمدينة صديقين ، فاحفظني فيهما : عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ،

__________________

(١) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٥ / ٢٠٨.

(٢) زيادة منا.

(٣) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٥ / ٢٠٨.

(٤) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٥ / ٢٠٨ ـ ٢٠٩.

(٥) في طبقات ابن سعد : وأوصى.

(٦) في طبقات ابن سعد : فأدع.

(٧) راه المصعب الزبيري في نسب قريش ص ٣٠٤.

٣٦

وأبا (١) بكر بن عبد الرّحمن (٢).

قال ابن أبي سبرة :

وزوج أبو (٣) بكر في غداة واحدة عشرة من بني المغيرة ، وأخدمهم.

قال : وتعيّن (٤) مالا عظيما فأدّاه في ديات تحملها.

وقال صالح بن حسان :

سمعت عمر بن عبد العزيز يقول لي في خلافته : ـ وذكر أبا بكر بن عبد الرّحمن ـ فكثّروا جلالته ، وهيبته ، ونبله.

وقال أبو عون مولى المسور بن مخرمة :

رأيت أبا بكر بن عبد الرّحمن وقد ذهب بصره يفرش له في وسط الدار ، وهي دار فيها من أهل بيته ، ما يفتح باب ، ولا يغلق ، ولا يدخل داخل ولا يخرج ، ولا يمر به أحد حتى يقوم إعظاما له.

وقال عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرّحمن : قال لي أبي :

يا بني ، لا يفقدنّ مني جليسي إلّا وجهي ، هذا عهدي إليك ، وهو عهد أبي كان إليّ.

قال خليفة بن خياط (٥) ، وعلي بن المديني :

مات أبو بكر بن عبد الرّحمن سنة ثلاث وتسعين.

قال ابن سعد (٦) : أخبرنا محمّد بن عمر ، أخبرنا عبد الله بن جعفر قال :

__________________

(١) كذا في مختصر أبي شامة ، وفي نسب قريش : وأبو بكر.

(٢) زاد بعدها أبو شامة قال : قلت : وقال ابن المديني : أبو بكر بن عبد الرحمن أحد العشرة الفقهاء ، وهو قديم ، لقي أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولا أنكر أن يكون سمع من صفوان بن معطل. وفي تاريخ البلاذري قال : وأما أبو بكر بن عبد الرحمن فكان ذا قدر وفضل ومنزلة من عبد الملك وأوصى به وبعبد الله بن جعفر الوليد ولم يمت ... وله عقب بالمدينة ... عن عبد الله بن عكرمة قال : سمعت أبي يقول : ما رأيت أحدا قط جمع الله فيه من خصال الخير ما جمع في أبي بكر بن عبد الرحمن عبادة ، وعلما ، وشرفا ، وبذلا ، وأفضالا ، فأغضى عن الأذى ، واحتمالا لكل ما ناب العشيرة.

(٣) في مختصر أبي شامة : أبي بكر.

(٤) في مختصر ابن منظور : وتبين.

(٥) تاريخ خليفة بن خيّاط ص ٣٠٦ ونقل المزي في تهذيب الكمال ٢١ / ٨٥ قول خليفة وابن المديني. وذكر خليفة بن خياط في الطبقات ص ٤٢٥ رقم ٢٠٩٧ أنه توفي سنة أربع وتسعين. ونقل قوله هذا المزي في تهذيب الكمال.

(٦) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٥ / ٢٠٨ ونقله عن الواقدي المزي في تهذيب الكمال ٢١ / ٨٦.

٣٧

صلى أبو بكر بن عبد الرّحمن العصر ، فدخل مغتسله ، فسقط ، فجعل يقول : والله ما أحدثت في صدر نهاري هذا شيئا. قال : فما علمت غربت الشمس حتى مات ، وذلك سنة أربع وتسعين بالمدينة.

قال محمّد بن عمر (١) :

وكان يقال لهذه السنة سنة الفقهاء لكثرة من مات منهم فيها.

قال غيره : مات فيها : سعيد بن المسيب ، وعروة بن الزّبير ، وسليمان بن يسار ، وعلي بن الحسين.

وقيل : مات أبو بكر بن عبد الرّحمن سنة خمس وتسعين (٢).

قال ابن أبي فروة :

دخل مغتسله فمات فيه فجاءة.

٨٣٨٨ ـ أبو بكر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم القرشي الأموي (٣)

أخو عمر بن عبد العزيز لأبويه ؛ أمهما أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب. وكان أبو بكر فاضلا ، وكان الأسن منهما ، وكان له ابنان : الحكم بن أبي بكر ، ومروان بن أبي بكر.

قال الزّبير بن بكار (٤) :

وولد عبد العزيز بن مروان : عمر بن عبد العزيز ، وعاصما ، وأبا بكر ، ومحمّدا لا عقب له. وأمّهم أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب.

عن عبد الله بن أبي عبيدة بن عمار بن ياسر قال (٥) :

خرجت أنا والأحوص الأنصاري مع عبد الله بن حسن [بن حسن](٦) للحج ، فلما كنا

__________________

(١) طبقات ابن سعد ٥ / ٢٠٨ ونقله عن الواقدي المزي في تهذيب الكمال ٢١ / ٨٦ والذهبي في سير الأعلام (٥ / ٣٥٤).

(٢) تهذيب الكمال ٢١ / ٨٦ وسير الأعلام (٥ / ٣٥٤) ط دار الفكر.

(٣) ترجمته في نسب قريش ص ١٦٨ وجمهرة ابن حزم ص ١٠٥ وأنساب الأشراف ٦ / ٣٣٦.

(٤) رواه المصعب الزبيري في نسب قريش ص ١٦٨.

(٥) الخبر والشعر في الأغاني ٢١ / ٩٦ ـ ٩٧ من طريق الحرمي عن الزبير بسنده إلى عبد الله بن أبي عبيدة.

(٦) زيادة عن الأغاني للإيضاح.

٣٨

بقديد (١) قلنا لعبد الله بن حسن : لو أرسلت إلى سليمان (٢) بن أبي دباكل الخزاعي فأنشدنا [شيئا] من شعره (٣). فأرسل إليه ، فجاءه ، وأنشدنا قصيدة :

يا بيت خنساء الذي أتجنّب

ذهب الزمان وحبّها لا يذهب

أصبحت أمنحك الصّدود وإنّني

قسما إليك مع الصّدود لأجنب

ما لي أحنّ إذا (٤) جمالك قرّبت

وأصدّ عنك وأنت مني أقرب

لله درّك هل لديك معوّل

لمتيّم ، أو هل لودّك مطلب؟

فلقد رأيتك قبل ذلك وإنّني

لمتيّم بهواك لو أتجنّب (٥)

وأرى السّميّة باسمكم فيزيدني

شوقا إليك جنابك المتسبّب (٦)

وأرى العدوّ يودّكم فأودّه

إن كان ينسب منك أو يتنسّب (٧)

وأخالف الواشين فيك تجمّلا

وهم عليّ ذوو ضغائن درّب (٨)

ثم اتّخذتهم عليّ وليجة (٩)

حتى غضبت ، ومثل ذلك يغضب

فلما كان القابل حج أبو بكر بن عبد العزيز بن مروان ، فمررنا بالمدينة ، فدخل عليه الأحوص ، فاستصحبه ، فأصحبه ؛ فلما خرج الأحوص قال له بعض من عنده : تقدم بالأحوص الشام فتعيّر به؟ فبعث إلى الأحوص فقال له : يا خال ، إني نظرت فيما سألتني من الاستصحاب فكرهت أن أهجم بك على أمير المؤمنين بلا إذن ، ولكني أستأذنه لك ، فإن أذن كتبت إليك في المسير إليّ. فقال الأحوص : لا والله ، ما بك ما ذكرت ، ولكني سبعت (١٠) عندك. ثم خرج. فأرسل إليه عمر بن عبد العزيز بصلة ، واستوهبه عرض أبي بكر ، فوهبه له ، ثم قال (١١) :

__________________

(١) قديد : اسم موضع قرب مكة راجع معجم البلدان.

(٢) في مختصر أبي شامة : «سليمان من دباكل» صوبنا الاسم عن الأغاني. وسليمان بن أبي دباكل شاعر خزاعي من شعراء الحماسة.

(٣) في مختصر أبي شامة : «فأنشده من شعره» والمثبت والزيادة عن الأغاني.

(٤) في الأغاني : إلى.

(٥) عجزه في الأغاني :

لموكل بهواك أو متقرّب

(٦) عجزه في الأغاني :

شوقا إليك رجاؤك المتنسّب

(٧) في الأغاني : أو لا ينسب.

(٨) الأغاني : دؤّب.

(٩) وليجة الرجل : أصدقاؤه وأعوانه وبطانته.

(١٠) سبع فلان فلانا : شتمه ووقع فيه. وسبعه يسبعه : طعن عليه وعابه ، يريد أنك تغيرت عليّ بسبب الوشاية.

(١١) الأبيات في الأغاني ٢١ / ٩٨.

٣٩

يا بيت عاتكة الذي أتعزّل

حذر العدى وبه الفؤاد موكّل

إني لأمنحك الصّدود وإنّني

قسما إليك مع الصّدود لأميل

ثم قال يعرّض بأبي بكر بن عبد العزيز (١) :

ووعدتني في حاجتي (٢) فصدقتني

ووفيت إذ كذبوا الحديث وبدّلوا

حتّى إذا رجع الحديث (٣) مطامعي

يأسا وأخلفني الذين أؤمّل

قابلت (٤) ما صنعوا إليك برحلة

عجلى ، وعندك منهم (٥) متحوّل

وأراك تفعل ما تقول وبعضهم

مذق اللسان (٦) يقول ما لا يفعل

فقال له عمر بن عبد العزيز : ما أراك أعفيتني ما استعفيتك به!.

قال أبو سعيد بن يونس :

أبو بكر بن عبد العزيز بن مروان.

قال أحمد بن يحيى بن وزير :

توفي في رجب سنة ست وتسعين.

وذكر غير ابن يونس : أن عمر كان قد رضيه للخلافة بعده ، فسقيا (٧) السم ، فماتا معا (٨).

٨٣٨٩ ـ أبو بكر بن عبد الواحد بن قيس الأفطس

حدّث عن أبيه.

روى عنه : عمر بن بكر (٩) السكسكي ـ وكان عمر (١٠) ضعيفا (١١) ـ.

وهو محمّد بن عبد الواحد ، تقدم ذكره في حرم الميم (١٢).

__________________

(١) الأغاني ٢١ / ١٠٠.

(٢) الأغاني : حاجة.

(٣) في الأغاني : اليقين.

(٤) الأغاني : زايلت.

(٥) الأغاني : عنهم.

(٦) في الأغاني : مذق الحديث. المذق : المزج والخلط ، ومذق الود : لم يخلصه.

(٧) في مختصر أبي شامة : فسقي ، والمثبت عن ابن حزم ص ١٠٥.

(٨) جاء في أنساب الأشراف ٦ / ٣٣٦ قال : وكان أبو بكر من خيار المسلمين ، وكان عمر بن عبد العزيز على توليته عهده ، وكان معجبا به.

(٩) كذا ورد هنا في مختصر أبي شامة ، وفيما تقدم : عمر بن أبي بكر.

(١٠) في مختصر أبي شامة : عمرو.

(١١) قوله : وكان عمرو ضعيفا تعقيب لأبي شامة.

(١٢) ترجمته في تاريخ مدينة دمشق ٥٤ / ١٥٢ رقم ٦٦٩٠ طبعة دار الفكر.

٤٠