تاريخ مدينة دمشق - ج ٦٦

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٦٦

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٧٤
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

أخبرنا أبو الحسن الفرضي ، حدّثنا عبد العزيز بن أحمد ، أنبأنا تمام بن محمّد ، أخبرني أبو زرعة وأبو بكر ابنا عبد الله بن أبي دجانة ، قالا : نا إبراهيم بن دحيم ، نا محمود ـ وهو ابن خالد ـ نا الوليد ـ وهو ابن (١) مسلم ـ أخبرني سعيد بن بشير ، عن مطر الورّاق أنه أخبره عن أبي قلابة الجرمي عن أبي الأشعث الصنعاني :

أن أبا جندل بن سهيل والحارث بن معاوية مرّا على بلال مؤذّن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو يتوضأ عند ميضأة مسجد دمشق ، فسألاه عن المسح على الخفّين ، فقال بلال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يمسح على الخفّين والخمار [١٣٣٣١].

هذا حديث غريب ، والمحفوظ :

ما أخبرنا أبو محمّد بن محمّد الأكفاني ، نا عبد العزيز الكتاني ، أنبأنا تمام بن محمّد ، حدّثني أبو بكر بن أبي دجانة ، نا إبراهيم بن دحيم ، نا محمود بن خالد ، نا مروان ، عن محمّد ، نا سعيد بن عبد العزيز ، عن مكحول قال : كان الحارث بن معاوية الكندي وأبو جندل بن سهيل يتوضئان عند مطهرة باب البريد ، فذكرا المسح على الخفّين ، فمرّ بهما بلال مؤذّن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فسألاه عن ذلك فقال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «امسحوا على الخفّين والخمار».

رواه أحمد بن المعلّى عن محمود ، وقال : ابن عمرو :

وأخبرناه أبو [محمد](٢) أيضا ، نا عبد العزيز ، أنبأ تمام بن محمّد ، أنا ابن مروان ، نا أحمد بن المعلّى [عن](٣) محمود بن خالد ، نا مروان ، نا سعيد بن عبد العزيز ، عن مكحول أن الحارث بن معاوية الكندي وأبا جندل بن سهيل بن عمرو تذاكروا المسح على الخفّين ، فمرّ بهما بلال ، فسألا فقال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «امسحوا على الخفّين والخمار» [١٣٣٣٢].

ورواه أبو وهب الكلاعي ، عبيد الله بن عبيد (٤) ، عن مكحول ، عن الحارث بن معاوية الكندي وجوّده.

__________________

(١) الأصل : أبو.

(٢) سقطت من الأصل.

(٣) سقطت من الأصل.

(٤) ترجمته في تهذيب الكمال ١٢ / ٢٣٨.

١٢١

أخبرنا أبو الحسن السلمي الفقيه ، نا عبد العزيز ـ لفظا ـ أنبأ أبو نصر بن الجبّان ، أنا جمح بن القاسم ، نا أحمد بن عبد الواحد ، نا مروان ، نا الوليد ، حدّثني يحيى بن حمزة وغيره ، عن أبي وهب ، عن مكحول ، عن أبي جندل بن سهيل والحارث بن معاوية الكندي أنهما كانا على ميضأة مسجد دمشق ، فأزال أحدهما خفّه حتى صارت قدمه في الساق ، فتذاكرا المسح فأفتاهما بلال مؤذن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم [بالمسح](١) فردّ قدمه في الخفّ ومسح على خفّيه.

أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنا أبو الحسن الدار قطني ، نا أبو بكر يعقوب بن إبراهيم البزار ، نا الحسن بن عرفة ، نا إسماعيل بن عيّاش ، عن عبيد الله بن عبيد الكلاعي ، عن مكحول ، عن الحارث بن معاوية الكندي وأبي جندل بن سهيل قالا : سألنا بلال مؤذّن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ونحن على مطهرة الدرج بدمشق ونحن نتوضأ منها ـ عن المسح على الخفّين ، ونحن نريد أن ننزع خفافنا ، فقال بلال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «امسحوا على النصيف (٢) والموق (٣)» [١٣٣٣٣].

ورواه بعضهم فقلبه :

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، وأبو الفضل أحمد بن الحسن ، وأبو منصور علي بن علي بن عبيد الله ، قالوا : أخبرنا أبو محمّد الصّريفيني ، أنا أبو القاسم بن حبابة ، أنا أبو القاسم البغوي ، نا علي بن الجعد ، أنا ابن (٤) ثوبان ، عن أبيه ، عن مكحول ، عن الحارث بن معاوية ، وسهيل بن أبي جندل بأنهما سألا بلالا عن المسح فقال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «امسحوا على الخمر والموق» [١٣٣٣٤].

انتهى ، أبو جندل بن سهيل ، اسمه عبد الله بن سهيل ، قتل يوم اليمامة ، وأبو جندل هذا سأل بلالا بدمشق في خلافة عمر هو غيره (٥)(٦).

__________________

(١) استدركت عن مختصر أبي شامة.

(٢) النصيف : الخمار.

(٣) الموق ، واحد الأمواق ، وهو ضرب من الخفاف.

(٤) بالأصل : أبو.

(٥) بالأصل : «عبد الله» خطأ والتصويب عن المختصر.

(٦) عقب أبو شامة في مختصره الورقة ١١٤ قال : قلت هو هو لا شك فيه ، والذي باليمامة ليس أبا جندل ، إنما هو أخوه عبد الله وأبو جندل ليس اسمه عبد الله وإنما اسمه العاص ، كذلك سماه الحافظ أبو القاسم في موضعه من هذا الكتاب ، في أول باب العين. وليس له ترجمة في تاريخ مدينة دمشق الذي حققناه ، فتراجم حرف العين.

تبدأ فيمن اسمه : عاصم.

١٢٢

٨٤٣٥ ـ أبو الجنوب [المؤذن](١) المؤدب مؤذّن الضّحّاك بن قيس

له ذكر.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن الحسين [نا] ابن المهندس ، أنا علي بن عمر بن محمّد الحربي ، نا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبّار الصوفي ، ثنا الهيثم بن خارجة ، نا إسماعيل بن عيّاش ، عن عمرو بن مهاجر :

أن أبا الجنوب مؤذّن (٢) الضّحّاك بن قيس كان معلّم كتاب ، فجاءه فسلّم عليه ، ثم قال : والله إنّي لأحبّك أيها الأمير لله تعالى ، فقال له الضّحّاك بن قيس : وأنا والله أبغضك لله ، قال : ولم؟ قال : إنك ترتشي في التعليم وتبغي في التأذين.

٨٤٣٦ ـ أبو الجهم بن حذيفة العدوي

اسمه عبيد

تقدم ذكره في حرف العين.

٨٤٣٧ ـ أبو الجهم بن كنانة الكلبي

من خاصة الحجّاج بن يوسف.

وفد على عبد الملك بن مروان برأس قطري (٣) بن الفجاءة الخارجي لما قتل بطبرستان ، وولي عمالة الري ، ثم وفد مرة أخرى على الوليد بن عبد الملك مع آل الحجّاج بن يوسف بعد موته قيّما عليهم وحافظا لهم.

٨٤٣٨ ـ أبو الجودي اسمه الحارث بن عمير

تقدّم ذكره في حرف الحاء.

٨٤٣٩ ـ أبو الجلاس (٤) العبدريّ (٥)

كانت له قطيعة بدمشق ، وكان في عقله شيء.

__________________

(١) سقطت من الأصل واستدركت عن مختصر أبي شامة.

(٢) بالأصل : كان مؤذن ، والمثبت يوافق مختصر أبي شامة.

(٣) تحرفت بالأصل إلى : فطر.

(٤) الجلاس : بضم الجيم وتخفيف اللام وآخره مهملة ، تقريب التهذيب.

(٥) كذا بالأصل ومختصر أبي شامة ، والذي في مختصر ابن منظور : العبدي.

١٢٣

ذكره أبو الحسين الرّازي في كتاب الدور.

أنبأنا أبو طالب عبد القادر بن محمّد بن يوسف ، أنا أبو محمّد الجوهري ، نا أبو سعيد الحسن بن جعفر بن الوضاح السمسار ، نا أبو بكر جعفر (١) بن محمّد بن الحسن الفريابي ، نا ميمون بن الأصبغ ، نا عبد الله بن يوسف ، نا سعيد بن عبد العزيز ، عن عطية بن قيس قال :

خرج أبو الدّرداء حتى إذا أتى الدرج ، رفع يديه وأصحابه. قال : فعاب الناس ذلك عليه وأبو الجلاس قال : فقال أبو الدّرداء : أن تعيبوا علينا أن نرفع أيدينا في الدنيا خير من أن تسلك في الأغلال يوم القيامة.

قرأته في كتاب أبي الحسين الرّازي ، أخبرني أبو الميمون أحمد بن محمّد بن بشر القرشي ، أخبرني أبي ، حدّثني الشافعي قال : قال أبو الدّرداء :

إنّا لنعرف خياركم من شراركم ، فذهب أبو الجلاس إلى معاوية فقال : هذا أبو الدّرداء يزعم أنه يعلم الغيب ، يزعم أنه يعرف خيارنا من شرارنا ، فبعث إليه معاوية ، فقال : يا أبا الدّرداء ، ما هذا الذي يقول أبو الجلاس؟ زعم أنك تعلم الغيب ، أنك تعلم خيارنا من شرارنا ، فقال أبو الدّرداء : نعم ، خياركم الذين إذا ذكرنا أعانونا ، وإذا نسينا ذكّرونا ، وشراركم الذين إذا ذكرنا لم يعينونا ، وإذا نسينا لم يذكّرونا ، والذين يتخذون مجالس الذكر هجرا ، ولا يأتون الصلاة إلّا دبرا ، قال : فقال معاوية لأبي الجلاس : خذها إليك حكمة غير جلاسية.

حرف الحاء

٨٤٤٠ ـ أبو حاتم الرّازي اسمه محمّد بن إدريس الحنظلي

تقدم ذكره في حرف الميم.

٨٤٤١ ـ أبو حاتم بن حبّان البستي (٢) اسمه محمّد بن حبّان

تقدّم ذكره في حرف الميم.

__________________

(١) تحرفت بالأصل إلى : «جعد» راجع ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٤ / ٩٦.

(٢) بالأصل : «السى».

١٢٤

٨٤٤٢ ـ أبو حارثة أظنه ابن عراك بن خالد

ابن يزيد بن صالح بن صبيح (١) المرّي (٢)

حكى وفاة خالد بن يزيد.

حكى عنه أبو زرعة الدمشقي.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا أبو محمّد الكتاني (٣) ، أنا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنا أبو الميمون ، نا أبو زرعة (٤) ، حدّثني أبو حارثة ، حدّثني ابن عراك قال : مات خالد بن يزيد بعد سعيد بن عبد العزيز بنحو من سنة ، وهو ابن تسع وثمانين سنة ، يكنى أبا هاشم ، انتهى.

وأورد أبو زرعة هذه الوفاة بعينها في موضع آخر فقال (٥) : حدّثني ابن عراك بن خالد بن يزيد ، عن أبيه : أن خالد بن يزيد.

[قال ابن عساكر :](٦) وأظن أنا أن ابن عراك هو أبو حارثة ، وأن الصواب في هذه الوفاة : حدّثني أبي عراك بدل ابن عراك ، لأن ابن عراك حكاها عن أبيه لا عن نفسه ، والله أعلم.

٨٤٤٣ ـ أبو الحارث بن الحسن بن يحيى الخشني البلاطي

يحدّث عن أبيه.

روى عنه : عبد الكريم بن يزيد الغسّاني.

تقدمت روايته.

٨٤٤٤ ـ أبو الحارث بن أبي عطيّة

حدّث عن أبي الحسين محمّد بن حامد بن السري البغدادي.

__________________

(١) تحرفت بالأصل إلى : صبح ، والتصويب عن مختصر أبي شامة.

(٢) بالأصل : المزني ، تحريف ، والتصويب عن مختصر أبي شامة.

(٣) تحرفت بالأصل إلى : الكناني.

(٤) رواه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه ٢ / ٧٠٤.

(٥) تاريخ أبي زرعة ١ / ٢٧٦.

(٦) زيادة منا.

١٢٥

كتب عنه : أبو الحسن أحمد بن حميد بن أبي العجائز الأزدي.

٨٤٤٥ ـ أبو الحارث الأولاسي (١) فيض بن الخضر

تقدّم ذكره في حرف الفاء (٢).

٨٤٤٦ ـ أبو الحارث الصّوفي

حكى عن أبي الحسن علي بن خشاف.

حكى عنه أحمد بن عبد الله بن سليمان الواعظ.

أخبرنا أبو محمّد بن حمزة ، ثنا عبد العزيز بن أحمد ، أنا تمام بن محمّد ، أخبرني أحمد بن عبد الله بن سليمان الواعظ ، حدّثني أبو الحارث الدّمشقي الصّوفي ، حدّثني أبو الحسن علي بن خشاف ، حدّثني الجنيد قال : قال لي سري السقطي :

وقفت على راهب فناديته ، فأشرف عليّ ، فقلت : منذ كم أنت في هذه الصومعة؟ قال : منذ ثلاثين سنة ، قال : قلت : فأيش ورثك الله؟ قال : فقال لي : هل رأيت وزيرا قط أخرج سر خليفته ، انتهى.

أنبأنا أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل ، أنا أبو بكر المزكي ، أنا أبو عبد الرّحمن السلمي ، قال : أبو الحارث الدّمشقي صحب الزقاق الكبير (٣) ، كان من السائحين ، دخل خراسان بعد قتل ابن ورقاء.

٨٤٤٧ ـ أبو الحارث بن أبي العجل

حكى عن أبيه.

حكى عنه أبو القاسم عثمان بن سعيد بن عبيد الله [بن فطيس](٤).

٨٤٤٨ ـ أبو حازم الأسدي بن الخناصري (٥)

حدّث عن أبي هريرة.

__________________

(١) أقحم بعدها بالأصل : أحمد.

(٢) راجع تاريخ مدينة دمشق ٤٩ / ٢٤ رقم ٥٦٤٣ طبعة دار الفكر.

(٣) هو أبو بكر أحمد بن نصر الزقاق الكبير ، وكان من أقران الجنيد ومن أكابر مصر. راجع أخباره في الرسالة القشيرية ص ٤١٧.

(٤) ما بين معكوفتين استدرك على هامش الأصل.

(٥) الخناصري نسبة إلى خناصرة ـ بضم الخاء المعجمة وفتح النون ـ موضع بالشام قريب من حلب (الأنساب).

١٢٦

وحكى عن عمر بن عبد العزيز ، ووفد عليه إلى دمشق.

روى عنه رجل غير مسمى ، وأبو الزناد عبد الله بن ذكوان المدني ، انتهى.

أنبأنا أبو علي الحداد ، أنا أبو نعيم الحافظ (١) ، أنا عبد الله بن محمّد ، نا إسحاق بن إسماعيل الرّملي (٢) ، حدّثنا هشام بن عمّار ، نا بقية بن الوليد ، عن رجل عن أبي حازم الخناصري الأسدي قال :

قدمت دمشق في خلافة عمر بن عبد العزيز يوم الجمعة والناس رائحون إلى الجمعة ، فقلت : إن أنا صرت إلى الموضع الذي أريد نزوله فاتتني الصلاة ، ولكن أبدأ بالصلاة ، فصرت إلى باب المسجد ، فإذا أمير المؤمنين على الأعواد يخطب الناس ، فلمّا أن بصر بي عرفني ، فناداني : يا أبا حازم إليّ مقبلا؟ فلمّا أن سمع الناس نداء أمير المؤمنين لي أوسعوا لي ، فدنوت من المحراب ، فلمّا أن نزل أمير المؤمنين فصلّى بالناس ، التفت إليّ فقال : يا أبا حازم ، متى قدمت بلدنا؟ قلت : الساعة وبعيري معقول بباب المسجد ، فلمّا أن تكلّم عرفته ، فقلت : أنت عمر بن عبد العزيز؟ قال : نعم ، قلت له : تالله ، لقد كنت عندنا بالأمس بخناصرة أميرا لعبد الملك بن مروان ، فكان وجهك وضيئا (٣) ، وثوبك نقيا ، ومركبك وطيئا (٤) ، وطعامك شهيا ، وحرسك شديدا ، فما الذي غيّرك وأنت أمير المؤمنين؟ قال لي : يا أبا حازم أناشدك الله إلّا حدّثتني بالحديث الذي حدّثتني بخناصرة ، قلت له : نعم ، سمعت أبا هريرة يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إن بين أيديكم عقبة كئودا (٥) لا يجوزها إلّا كل ضامر مهزول» [١٣٣٣٥].

ثم ذكر معنى :

ما أخبرنا أبو القاسم هبة الله (٦) بن أحمد بن عمر ، أنا أبو إسحاق البرمكي ، أنا أبو بكر محمّد بن عبد الله بن خلف بن بخيت ، نا أحمد بن مطرف ، نا أحمد بن المغلس

__________________

(١) رواه أبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء ٥ / ٣٠٠ في ترجمة عمر بن عبد العزيز.

(٢) كذا بالأصل ومختصر أبي شامة ، وفي الحلية : الحربي.

(٣) بالأصل : «رضيا» والمثبت عن حلية الأولياء ومختصر أبي شامة.

(٤) بالأصل : «رطبا» والمثبت عن الحلية.

(٥) أي شاقة.

(٦) في مختصر أبي شامة : عبد الله.

١٢٧

الحمّامي (١) ، نا يحيى بن عبد الحميد الحمّاني ، نا ابن المبارك ، عن سفيان ، عن أبي الزناد عن أبي حازم (٢) قال :

قدمت على عمر بن عبد العزيز وقد ولي الخلافة ، فلمّا نظر إليّ عرفني ولم أعرفه ، فقال : ادن منّي ، فدنوت منه ، فقلت : أنت أمير المؤمنين؟ قال : نعم ، فقلت : ألم تكن عندنا بالمدينة أميرا على المسلمين فكان مركبك وطيئا ، وثوبك نقيا ، ووجهك بهيا ، وطعامك شهيا ، وقصرك مشيدا ، وخدمك (٣) كثيرا ، فما الذي غيّرك وأنت أمير المؤمنين؟ قال : فبكى ، ثم قال : يا أبا حازم ، كيف لو رأيتني بعد ثلاث في قبري وقد سالت حدقتاي على وجنتي ، ثم جفّ لساني ، وانشقّ بطني ، وجرت الديدان في بدني ، لكنت لي أشدّ إنكارا منك يومك هذا ، أعد عليّ الحديث الذي حدّثني به بالمدينة ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، سمعت أبا هريرة يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إنّ بين أيديكم عقبة كئودا (٤) مضرّسة (٥) لا يجوزها إلّا كل ضامر مهزول» ، قال : فبكى بكاء طويلا ، ثم قال : يا أبا حازم ، [ألا](٦) ينبغي [لي](٧) أن أضمّر نفسي لتلك العقبة ، فعسى أنجو منها يومئذ ، وما أظن أني مع هذا البلاء الذي ابتليت به من أمور المسلمين بناج (٨) ، ثمّ رقد ، ثم تكلم الناس فقلت : أقلّوا الكلام ، فما فعل به ما ترون إلّا سهر الليل ، ثمّ تصبب عرقا في نوم الله أعلم كيف كان ، ثم بكى حتى علا نحيبه ثم تبسّم فسبقت الناس إلى كلامه فقلت : يا أمير المؤمنين ، رأيت منك عجبا ، إنك لمّا رقدت تصبّبت عرقا حتى ابتلّ ما حولك ، حتى علا نحيبك ثم تبسّمت فقال لي : وقد رأيت ذاك؟ قلت : نعم ، من كان حولك من الناس رآه ، فقال لي : يا أبا حازم ، إنّي لما وضعت رأسي فرقدت ، رأيت كأن القيامة قامت ، واجتمع الخلق ، فقيل : إنهم عشرون ومائة صف ، ملء الأفق ، أمّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم من ذلك ثمانون (مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ)(٩) ينتظرون متى يدعون إلى

__________________

(١) تحرفت بالأصل إلى : الحمامي.

(٢) راجع حلية الأولياء ٥ / ٣٠١ ـ ٣٠٢.

(٣) في الحلية : وحديثك كثيرا.

(٤) بالأصل : كئود.

(٥) تقرأ بالأصل : «مفترشة» والمثبت عن مختصر ابن منظور.

(٦) زيدت للإيضاح عن مختصر ابن منظور ، وفي مختصر أبي شامة : أما.

(٧) زيادة عن مختصري أبي شامة وابن منظور.

(٨) من طريق آخر بسنده إلى إبراهيم بن هراسة رواه المصنف في ترجمة أبي حازم سلمة بن دينار ، راجع تاريخ مدينة دمشق ٢٢ / ١٧ رقم ٢٦١٣ طبعة دار الفكر.

(٩) سورة القمر ، الآية : ٨.

١٢٨

الحساب إذ نودي : أين عبد الله بن عثمان أبو بكر الصدّيق؟ فأجاب ، فأخذته الملائكة فأوقفوه (١) أمام ربّه ، فحوسب ثم نجا ، فأخذ به ذات اليمين ، ثم نودي بعمر ، فقرّبته الملائكة فأوقفوه أمام ربّه فحوسب ثم نجا ، ثم أمر به وبصاحبه إلى الجنّة ، ثم نودي بعثمان ، فأجاب ، فحوسب حسابا يسيرا ، ثم أمر به إلى الجنّة ، ثم نودي بعلي بن أبي طالب فحوسب ثم أمر به إلى الجنّة ، فلمّا قرب الأمر منّي أسقط في يدي ، ثم جعل يؤتى بقوم لا أدري ما حالهم ، ثم نودي : أين عمر بن عبد العزيز ، فتصبّبت عرقا ، ثم سئلت عن الفتيل والنقير والقطمير ، وعن كل قضية قضيت بها ، ثم غفر لي ، فمررت بجيفة ملقاة ، فقلت للملائكة : من هذا؟ قالوا : إنك إن كلمته كلّمك ، فوكزته برجلي ، فرفع رأسه إليّ وفتح عينيه فقلت له : من أنت؟ فقال : من أنت؟ قلت : أنا عمر بن عبد العزيز ، قال : ما فعل الله؟ قلت : تفضّل عليّ وفعل بي ما فعل بالخلفاء الأربعة الذين غفر لهم ، وأمّا الباقون فما أدري ما فعل بهم ، فقال لي : هنيئا لك ، ما صرت إليه ، من أنت؟ قال : أنا الحجّاج ، قدمت على الله فوجدته شديد العقاب ، فقتلني بكلّ قتلة قتلت قتلة ، وها أنا ذا موقوف بين يدي الله أنتظر ما ينتظر الموحّدون من ربّهم ، إمّا إلى جنّة وإمّا إلى نار.

قال أبو حازم : فعاهدت الله تعالى بعد رؤيا عمر بن عبد العزيز أن لا أقطع على أحد بالنار ممن يموت يقول لا إله إلّا الله ، انتهى.

ورواها السري بن عاصم عن إبراهيم بن هراسة ، عن سفيان الثوري ، عن أبي الزناد ، عن أبي حازم مختصرة (٢) ، وكأن رواية بقية (٣) أشبه بالصواب في قوله : كنت أميرا بخناصرة من قول ابن المبارك : كنت أميرا بالمدينة في هذه الرواية.

ورواها أبو التقي هشام بن عبد الملك اليزني عن إبراهيم بن هراسة عن سفيان ، عن أبي حازم.

أخبرنا أبو محمّد الحسن بن أبي بكر ، أنا أبو عاصم الفضيل بن يحيى الفضيلي ، أنبأ أبو محمّد عبد الرّحمن بن أحمد الأنصاري ، أنا أبو عبد الله محمّد بن عقيل البلخي ، نا أبو عبد الله محمّد بن صالح الترمذي ، ثنا أبو التقي هشام بن عبد الملك ، نا إبراهيم بن هراسة ، عن سفيان ، عن أبي الزناد ، عن أبي حازم قال :

__________________

(١) في مختصر أبي شامة : فوقفوه.

(٢) بالأصل : مختصر ، والمثبت عن أبي شامة.

(٣) تقرأ بالأصل : «فقيه» والمثبت عن مختصر أبي شامة.

١٢٩

قدمت على عمر بن عبد العزيز بخناصرة وهو يومئذ ، فلما نظر إليّ عرفني ولم أعرفه ، فقال لي : ادن يا أبا حازم ، فلما دنوت منه عرفته ، فقلت : أنت أمير المؤمنين؟ قال : نعم ، قلت : ألم تكن عندنا بالمدينة بالأمس أميرا لسليمان بن عبد الملك ، فكان مركبك وطيئا ، وثوبك نقيا ، ووجهك بهيا ، وطعامك شهيا ، وقصرك مشيدا ، وحرسك كثيرا ، فما الذي غيّر ما بك وأنت أمير المؤمنين ، فبكى ثم قال لي : يا أبا حازم ، كيف لو رأيتني بعد ثالثة وقد سالت حدقتاي على وجنتي ، وسال الصديد والقيح من منخري ، وانشق بطني ، وجرت الديدان في بدني لكنت لي أشدّ إنكارا منك من يومك هذا ، أعد عليّ الحديث الذي حدّثتنيه بالمدينة ، قال : قلت : نعم يا أمير المؤمنين ، سمعت أبا هريرة يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إنّ بين أيديكم عقبة كئودا مضرّسة لا يجوزها إلّا كل ضامر مهزول» ، فبكى طويلا ثم قال لي : يا أبا حازم ، أتلومني أن أضمّر نفسي لتلك العقبة عسى أنجو منها يوما ما وما أظنني بناج ، ثم فتر ثم رقد ، فتكلم الناس ، فقلت : أقلوا الكلام ، فما فعل به ما ترون إلّا سهر الليل ، ثم تصبّب عرقا في نومه حتى بلّ ما حوله ، ثم بكى حتى علا نحيبه ، ثم ضحك حتى تبدّت ثناياه ، ثم استيقظ ، فسبقت الناس إلى كلامه ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، لقد رأيت منك عجبا ، إنك لمّا رقدت تصبّبت عرقا في نومك حتى بللت ما حولك ، ثم بكيت حتى علا نحيبك ، ثم ضحكت حتى بدت ثناياك ، قال : رأيتموني في تلك الحالات كلّها؟ قلت : نعم ، فبكى ثم قال لي : يا أبا حازم ، إنّي لما وضعت رأسي فرقدت رأيت كأن القيامة قامت ، وكأن الله حشر الخلائق حفاة عراة ، ما على أحد منهم خرقة ، فكانوا عشرين ومائة صفّ ، ما بين كل صف ملء الأفق ، أمّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم من ذلك ثمانون صفا ، والموحّدون من سائر الأمم أربعون صفا ، مغتمين (مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ)(١) ينتظرون متى يقربون إلى الحساب ، إذ نادى مناد (٢) : أين عبد الله بن عثمان ، وهو أبو بكر الصدّيق غيّر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم اسمه فخرج رجل طويل القامة ، حسن الوجه ، يخضب بالحنّاء والكتم ، فأخذت الملائكة بيده (٣) فأوقفوه أمام الله ، فحوسب حسابا يسيرا ، ثم أمر به ذات اليمين إلى الجنّة ، ثم نادى المنادي : أين عمر بن الخطّاب ، فخرج رجل طويل القامة ، حسن الوجه ، حذر من الرجال ، له شعرة ، ناتئ الثديين ، يخضب (٤) بالحناء ، فأخذت الملائكة بيده ، فأوقفوه أمام الله ، فحوسب حسابا

__________________

(١) سورة القمر ، الآية : ٨.

(٢) بالأصل : منادي.

(٣) في حلية الأولياء ٥ / ٣٠٠ بضبعيه.

(٤) تقرأ بالأصل : مخضب.

١٣٠

يسيرا ثم أمر به ذات اليمين إلى الجنّة ، ثم نادى المنادي : أين عثمان بن عفّان ، فخرج رجل طويل القامة ، حسن الوجه ، طلق يتبسم أحيانا ، يصفّر لحيته ، فأخذت الملائكة بيده ، فأوقفوه أمام الله ، فحوسب حسابا يسيرا ، ثم أمر به ذات اليمين إلى الجنّة ، ثم نادى المنادي : أين علي بن عبد مناف ، فخرج رجل ربعة ، عظيم البطن ، مضطرب (١) الساقين ، أصلع ، أبيض الرأس واللحية ، فأخذت الملائكة بيده ، فأوقفوه أمام الله ، فحوسب حسابا يسيرا ثم أمر به ذات اليمين إلى الجنّة ، ثم قال عمر : يا أبا حازم ، فلمّا أن قرب الأمر منّي شغلت بنفسي ، فجعل المنادي ينادي بالخلفاء الذين بيني وبين علي : أين فلان ، لا أدري ما يفعل بهم ، إذ نادى المنادي : أين عمر بن عبد العزيز؟ فتصبّبت عرقا ، فذلك العرق الذي رأيتموه ، ثم أخذت الملائكة بيدي فأوقفوني أمام الله ، فسألني عن الفتيل والنقير والقطمير ، وعن كلّ قضية قضيت بها حتى ظننت أنّي لست بناج ، ثم إنّ الله تفضّل عليّ برحمته فغفر لي ، وأمر بي ذات اليمين إلى الجنّة ، فمررت بجيفة ملقاة ، فقلت للملائكة : من هذا؟ قالوا : كلّمه يكلّمك ، فوكزته برجلي ، فرفع رأسه وفتح عينيه ، فإذا رجل أفطس ، أثرم ، شديد الأدمة ، وحش المنظر ، فقال لي : من أنت؟ قلت : عمر بن عبد العزيز ، قال : فما فعل الله بك؟ قلت : تفضّل عليّ برحمة منه ، فغفر لي ، وأمر بي ذات اليمين ، قال : فما فعل أصحابك الخلفاء الذين معك؟ قلت : أما أربعة فغفر لهم وأمر بهم ذات اليمين إلى الجنّة ، وأمّا الباقون فلا أدري ما فعل بهم ، فسبق إليّ البكاء ، ثم قال لي : هنّاك ما صرت إليه؟ قلت : من تكون؟ قال : أنا الحجّاج بن يوسف ، قدمت على ربّي فوجدته شديد العقاب ذا بطشة ، منتقم ممن عصاه ، فقتلني بكلّ قتلة قتلت قتلة ، وبكلّ شيء قتلت قتلة مثله ، ثم ها أنا ذا موقوف بين يدي [ربي](٢) أنتظر ما ينتظر الموحّدون من ربّهم إمّا إلى الجنّة ، وإمّا إلى النار ، قال أبو حازم : فأعطيت الله عهدا من رؤيا عمر بن عبد العزيز ألّا أقطع الشهادة على أحد يقول لا إله إلّا الله ، انتهى (٣).

__________________

(١) في الحلية : دقيق الساقين.

(٢) سقطت من الأصل ، واستدركت للإيضاح عن الحلية.

(٣) قال أبو شامة في المختصر الورقة ١١٧ : قلت : قد تقدم في حرف السين في ترجمة سلمة بن دينار أبي حازم الأعرج دون هذه الترجمة إن كان صاحب هذه الترجمة معروفا فإن أحدا من الحفّاظ لم يذكره في كتابه ، ولم يسبق الحافظ ذكره في شيء سوى هذه الحكاية الأولى وراويها بقية بن الوليد على ضعفه عن رجل مجهول ، فكيف يقدمها الحافظ أبو القاسم على رواية مثل عبد الله بن المبارك وغيره عن مثل سفيان الثوري عن أبي الزناد فإذا لم يقدم رواية ابن المبارك على رواية بقية فلا أقل من أن يجعلهما قضيتين ، والأشبه أن يكون الوهم في رواية بقية عن الرجل المجهول حيث جعل أبا حازم خناصريا ، والقدوم إلى دمشق والله أعلم.

١٣١

٨٤٤٩ ـ أبو حازم الأعرج

اسمه سلمة بن دينار

تقدّم ذكره في حرف السين (١).

٨٤٥٠ ـ أبو حامد الجرجاني اسمه أحمد بن علي بن إسحاق

تقدّم ذكره في حرف الألف (٢).

٨٤٥١ ـ أبو حديرة (٣) ، ويقال : أبو حديرج (٤) ،

ويقال : أبو حدير الجذامي ، ويقال : الأجذمي ، ويقال : اللخمي (٥)

ثم من بني [جذيم بن](٦) لخم أدرك النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وشهد خطبة عمر بالجابية.

أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة ـ بقراءتي عليه ـ عن عبد العزيز بن أحمد ، أنا محمّد بن أحمد بن هارون ، وعبد الرّحمن بن حمزة ـ بقراءتي عليه ـ عن عبد العزيز بن أحمد ، أنا محمّد بن أحمد بن هارون ، وعبد الرّحمن بن الحسين بن الحسن بن علي بن يعقوب ، قالا : أنا علي بن يعقوب ، أنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم ، نا ابن عائذ ، قال : قال الوليد : حدّثني عبد الله بن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب :

أن عبد العزيز بن مروان سأل عن من شهد خطبة عمر هذه ، فأخبروه بسفيان بن وهب ، فأرسل إليه ، فأتاه ، فقال : أشهدت خطبة عمر بالجابية؟ فقال : نعم ، شهدتها ، قال : قال عمر : قد اجتمعت هذه الأموال ، فأنا قاسمها على من أفاءها الله عليه إلّا هذين الحيين من لخم وجذام ، فقام أبو حديرة الجذامي فقال : أنشدك الله يا أمير المؤمنين ، والعدل ، فقال عمر : العدل أردت ، والله ، أجعل أقواما أنهكوا الظّهر وشدّوا الغرض (٧) ، فلو أنّ الهجرة

__________________

(١) تاريخ مدينة دمشق ٢٢ / ١٧ رقم ٢٦١٣ طبعة دار الفكر.

(٢) تاريخ مدينة دمشق ٥ / ٢٩ رقم ١٥.

(٣) في الإصابة : أبو حديدة.

(٤) في الأصل : حدير ، والمثبت عن المختصر لأبي شامة.

(٥) ترجمته في الإصابة ٤ / ٤٧.

(٦) زيادة عن مختصر ابن منظور ، وفي مختصر أبي شامة : بني أجذم.

(٧) الغرض : حزام الرحل ، وأغرضت البعير : شددت عليه الغرض.

١٣٢

كانت بصنعاء ما هاجر من لخم وجذام ، فقال أبو حديرة : إنّ الله وضعنا في بلاده حيث شاء ، ثم ساق إلينا الهجرة ، فأسلمنا ، وقاتلنا ، ونصرنا ، فذلك الذي تقطع بحظنا ، فقال عمر : لكم حظكم مع المسلمين.

كذا في هذه الرواية ، وقد أسقط من إسناده أبو الخير.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله ، نا يعقوب (١) ، حدّثني سعيد بن كثير بن عفير المصري ، نا ابن لهيعة أن يزيد بن أبي حبيب حدّثه أن أبا الخير حدّثه :

أن عبد العزيز بن مروان قال لكريب بن أبرهة : أحضرت عمر بن الخطاب بالجابية؟ قال : لا ، قال : فمن يحدّثنا عنها؟ قال : كريب ، إن بعثت إلى سفيان بن وهب الخولاني ، حدّثك عنها ، فأرسل إليه فقال : حدّثني عن خطبة عمر بن الخطّاب يوم الجابية ، قال سفيان : إنه لما اجتمع الفيء أرسل أمراء الأجناد إلى عمر بن الخطّاب أن يقدم بنفسه ، فقدم ، فحمد الله وأثنى عليه ، : ثم قال : أمّا بعد ، فإنّ هذا المال نقسمه على من أفاء الله عليه بالعدل إلّا هذين الحيين من لخم وجذام ، فلا حقّ لهم فيه ، فقام إليه أبو حديرة الأجذمي فقال : ننشدك الله يا عمر في العدل ، فقال عمر : العدل أريد أنا أجعل أقواما أنفقوا في الظهر ، وشددوا الغرض وساحوا في البلاد مثل قوم مقيمين في بلادهم؟ ولو أن الهجرة كانت بصنعاء أو عدن ما هاجر إليها من لخم ولا جذام أحد ، فقام أبو حديرة فقال : إنّ الله وضعنا من بلاده حيث شاء ، وساق إليها الهجرة في بلادنا ، فقبلناها ونصرناها ، أفذلك يقطع حقّنا يا عمر؟ قال : لكم حقّكم مع المسلمين ، ثم قسم فكان للرجل نصف دينار ، فإذا كانت معه امرأته أعطاه دينارا ثم دعا ابن قاطوراء صاحب الأرض ، فقال : أخبرني ما يكفي الرجل من القوت في الشهر وفي اليوم؟ فأتى بالمدي (٢) والقسط ، فقال : يكفيه هذان المديان في الشهر ، وقسط زيت وقسط خل ، فأمر عمر بمدين من قمح ، فطحنا ثم عجنا ثم خبزا ثم أدمهما بقسطين زيت ، ثم أجلس عليهما ثلاثين رجلا ، فكان كفاف شبعهم ، ثم أخذ عمر المدين بيمينه والقسط بيساره ثم قال : اللهمّ لا أحلّ لأحد أن ينقصها بعدي ، اللهمّ فمن نقصها فأنقص من

__________________

(١) رواه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ ١ / ٤٦٤ ومن هذا الطريق في الإصابة ٤ / ٤٧.

(٢) المدي : مكيال لأهل الشام يسع خمسة عشر مكوكا ؛ والمكوك : صاع ونصف.

١٣٣

عمره ، فغضب عبد العزيز وقال : إنّك شيخ قد خرفت قال سفيان : [قد اعتذر](١) الله لي في العمر ، ثم قال عمر بن الخطّاب : هل من شراب؟ فقال عندنا العسل ولا يشبع ، وعندنا شراب نشربه من العنب ، فدعا به عمر ، فأتي به وهو مثل الطلاء (٢) ـ طلاء (٣) الإبل ـ فأدخل عمر فيه إصبعه ثم قال : ما أرى بهذا بأسا ، انتهى.

ورواه عبد الحميد بن جعفر ، عن يزيد فقال : أبو جدير.

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد بن الفضل ، أنا أبو منصور بن شكرويه ، أنا أبو بكر بن مردويه ، أنا أبو بكر الصائغ ، نا معاذ بن المثنّى بن معاذ ، نا مسدّد بن مسرهد ، نا يحيى ، عن عبد الحميد بن جعفر ، حدّثني يزيد بن أبي حبيب ، عن سفيان (٤) بن وهب الخولاني قال :

شهدت خطبة عمر بن الخطّاب بالجابية ، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال :

أمّا بعد ، فإنّ هذا الفيء فيء أفاءه الله عليكم ، الرفيع فيه بمنزلة الوضيع ، ليس أحد أحق فيه من أحد ، إلّا ما كان من هذين الحيين لخم وجذام ، فإنّي غير قاسم لهما شيئا ، فقام رجل من لخم فقال : يا ابن الخطّاب ، أنشدك الله في العدل والتسوية ، فقال : إنّما يريد ابن الخطّاب العدل والتسوية ، والله ، إنّي لأعلم لو كانت الهجرة بصنعاء ما خرج إليها من لخم وجذام إلّا قليل ، فلا أجعل (٥) من تكلّف السفر وابتاع (٦) الظهر بمنزلة قوم إنّما قاتلوا في ديارهم؟ فقام أبو جدير حينئذ فقال : يا أمير المؤمنين إن كان الله ساق إلينا الهجرة في ديارنا فنصرناها وصدّقناها ، فذاك الذي يذهب حقنا في الإسلام؟ فقال عمر : والله لأقسمن ثلاث مرات ، ثم قسم بين الناس غنائمهم ، فأصاب كلّ رجل نصف دينار ، وإذا كانت معه امرأته أعطاهما دينارا ، وإذا كان وحده أعطاه نصف دينار ، انتهى.

ورواه أبو عبيد (٧) عن يحيى فقال : أبو حدير (٨).

__________________

(١) بياض بالأصل ، والمثبت عن المعرفة والتاريخ.

(٢) الأصل : «الطا» والمثبت عن المعرفة والتاريخ.

(٣) طلاء الإبل هو القطران ، ويطلى به البعير.

(٤) تقرأ بالأصل : «سدى» خطأ.

(٥) في الأموال لأبي عبيد : أفأجعل.

(٦) ابتاع الظهر أي اشترى ما يركبه.

(٧) رواه أبو عبيد في كتاب الأموال ص ١١٣ (طبعة مؤسسة ناصر للثقافة).

(٨) الذي في كتاب الأموال : «أبو حدير» وهو ما أثبتناه ، وكان بالأصل : أبو جدير.

١٣٤

أخبرناه أبو علي بن نبهان ـ في كتابه ـ.

ثم أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا أحمد بن الحسن بن أحمد ، قالا : أنا أبو علي بن شاذان ، أنا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم.

وأخبرنا أبو البركات أيضا ، أنا طراد بن محمّد ، أنا أحمد بن علي بن الحسين ، أنا حامد بن محمّد ، أنا علي بن عبد العزيز ، نا القاسم بن سلام ، نا يحيى بن سعيد ، عن عبد الحميد بن جعفر ، حدّثني يزيد بن أبي حبيب ، عن سفيان بن وهب الخولاني قال :

شهدت خطبة عمر بالجابية ، قال : فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال : أمّا بعد ، فإن هذا الفيء شيء أفاءه الله عليكم ، الرفيع فيه بمنزلة الوضيع ، ليس أحد أحقّ به من أحد إلّا ما كان من هذين الحيين : لخم وجذام ، فإنّي غير قاسم لهما شيئا ، فقال رجل من لخم : أحدنا ... (١) فقال : يا ابن الخطّاب ، أنشدك الله في العدل والتسوية ، فقال : ما يريد ابن الخطّاب بهذا إلّا العدل والتسوية ، والله ، إنّي لأعلم أن الهجرة لو كانت بصنعاء ما خرج إليها من لخم وجذام إلّا قليل ، أفأجعل من تكلّف السفر وابتاع الظهر بمنزلة قوم إنّما قوتلوا (٢) في ديارهم؟ فقام أبو حدير (٣) فقال : يا أمير المؤمنين ، إن كان الله ساق الهجرة إلينا في ديارنا فنصرناها وصدّقناها ، أذاك الذي يذهب حقنا؟ فقال عمر : والله لأقسمن لكم ، ثم قسم بين الناس ، فأصاب كل رجل منهم نصف دينار ، إذا كان وحده ، فإذا كانت معه امرأته أعطاه دينارا.

٨٤٥٢ ـ أبو حرب اليماني المبرقع الذي زعم أنه السفياني

خرج على السلطان بفلسطين ودعا إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ثم قتل بناحية دمشق.

قرأت على أبي القاسم الخضر (٤) بن الحسين بن [علي ، أنا](٥) عبد العزيز بن أحمد ، أنا عبد الوهّاب الميداني ، أنا أبو سليمان بن زبر ، أنا عبد الله بن أحمد بن جعفر ، أنا أبو

__________________

(١) غير مقروءة بالأصل وصورتها : «احرنا حدم» وليست في كتاب الأموال.

(٢) كذا بالأصل ، وفي كتاب الأموال : قاتلوا.

(٣) بالأصل : أبو جدير ، والمثبت عن كتاب الأموال.

(٤) بالأصل : الحصري.

(٥) زيادة منا لتقويم السند ، راجع مشيخة ابن عساكر ٦١ / ب.

١٣٥

جعفر الطبري (١) ، قال : ثم دخلت سنة سبع (٢) وعشرين ومائتين كان فيها من الأحداث خروج أبي حرب المبرقع اليماني بفلسطين ، وخلافه على السلطان.

ذكر لي بعض أصحابي ممن ذكر أنه خبر (٣) أمره وأن سبب خروجه على السلطان كان لأن بعض الجند أراد النزول في داره وهو غائب عنها ، وفيها إمّا زوجته وإمّا أخته ، فمانعته عن ذلك ، فضربها بسوط معه ، فاتّقته بذراعها ، فأصاب السوط ذراعها ، فأثّر فيها ، فلمّا رجع أبو حرب إلى منزله بكت وشكت إليه ما فعل بها ، وأرته الأثر الذي بذراعها من ضربه ، فأخذ أبو حرب سيفه ومشى إلى الجندي وهو غارّ ، فضربه حتى قتله ، ثم هرب وألبس وجهه برقعا كيلا يعرف ، فصار إلى جبل من جبال الأردن ، وطلبه السلطان ، فلم يعرف له خبرا ، فكان أبو حرب يظهر بالنهار فيقعد على الجبل الذي أوى إليه مبرقعا ، فيراه الرائي فيأتيه يذكّره ويحرّضه على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ويذكر السلطان وما يأتي إلى الناس ويعيبه ، فما زال ذلك دأبه حتى استجاب له قوم من حرّاثي أهل تلك الناحية ، وأهل القرى ، وكان يزعم أنه أموي ، فقال الذين استجابوا له : هذا السفياني ، فلمّا كثرت غاشيته وتبّاعه من هذه الطبقة من الناس ، دعا أهل البيوتات من تلك الناحية ، فاستجاب له جماعة من رؤساء اليمانية ؛ منهم رجل يقال له ابن بيهس (٤) ، وكان مطاعا في أهل اليمن ، ورجلان آخران من أهل دمشق ، واتّصل الخبر بالمعتصم ، وهو عليل ؛ علّته التي مات فيها ، فوجه إليه رجاء بن أيوب الحضاريّ (٥) في زهاء ألف رجل من الجند (٦) ، فلمّا صار رجاء إليه وجده في عالم من الناس.

[قال أبو جعفر :] فذكر الذي أخبرني بقصته أنه كان في زهاء مائة ألف ، فكره رجاء مواقعته (٧) ، وعسكر (٨) بحذائه حتى إذا كان أول عمارة الناس الأرضين وحراثتهم ، انصرف

__________________

(١) رواه أبو جعفر الطبري في تاريخه ٩ / ١١٦ حوادث سنة ٢٢٧.

(٢) تحرفت بالأصل إلى : تسع.

(٣) عند الطبري : خبير بأمره.

(٤) بالأصل : «بهيس» ، وفي المختصر لأبي شامة : «بهيش» والمثبت عن الطبري.

(٥) بالأصل : الخضاري ، والمثبت عن الطبري ومختصر أبي شامة.

(٦) تقرأ بالأصل : «الخيار» والمثبت عن تاريخ الطبري.

(٧) الأصل : «موافقته» أو «موافقته» والمثبت عن الطبري.

(٨) بالأصل : وعسكره ، والمثبت عن تاريخ الطبري.

١٣٦

من كان من الحرّاث مع أبي حرب إلى حراثته وأرباب الأرضين إلى أرضيهم ، وبقي أبو حرب في نفر ، في زهاء ألف أو ألفين ، ناجزه رجاء الحرب ، فالتقى العسكران : عسكر رجاء وعسكر المبرقع ، فلمّا التقوا تأمل رجاء عسكر المبرقع ، فقال لأصحابه : ما أرى في عسكره رجلا له فروسية غيره ، وإنه سيظهر لأصحابه من نفسه بعض ما عنده من الرّجلة (١) ، فلا تعجلوا عليه ، قال : فكان الأمر كما قال رجاء ، فلما لبث المبرقع أن حمل على عسكر رجاء ، فقال رجاء لأصحابه : أفرجوا له ، فأفرجوا له ، حتى جاوزهم ثم كرّ راجعا إلى عسكر نفسه ، ثم أمهل رجاء ، وقال لأصحابه : إنه سيحمل عليكم مرة أخرى فأفرجوا له ، فإذا أراد أن يرجع فحولوا بينه وبين ذلك ، وخذوه ، ففعل المبرقع ذلك ، حمل على أصحاب رجاء ، فأفرجوا له حتى جاوزهم ثم كر راجعا ، فأحاطوا به ، وأخذوه ، وأنزلوه عن دابته.

قال : وقد كان قدم على رجاء حين ترك معاجلة المبرقع [الحرب](٢) من قبل المعتصم مستحث ، فأخذ الرسول فقيّده إلى ما كان من أمره ، وأمر أبي حرب ما كان مما ذكرنا ، فأطلقه ، فلمّا قدم رجاء بأبي حرب على المعتصم ، عذله المعتصم على ما فعل برسوله ، فقال له رجاء : يا أمير المؤمنين وجهتني في ألف إلى مائة ألف ، فكرهت أن أعاجله فنهلك ويهلك من معي ، ولا نغني شيئا ، فتمهّلت حتى خفّ من معه ووجدت فرصة ، ورأيت لحربه وجها ، فناهضته وقد خفّ من معه وهو في ضعف ، ونحن في قوة ، وقد جئتك بالرجل أسيرا.

[قال أبو جعفر :] وأما غير من ذكرت أنه حدّثني حديث أبي حرب على ما وصفت ، فإنه زعم أن خروجه كان في سنة ست وعشرين ومائتين ، وأنه خرج بفلسطين (٣) ـ أو قال : مكة ـ فقالوا : إنه سفياني ، فصار في خمسين ألفا من أهل اليمن وغيرهم ، واعتقد ابن بيهس (٤) وآخران معه من أهل دمشق ، فوجّه إليه المعتصم رجاء الحضاريّ في جماعة كثيرة ، فواقعهم بدمشق ، فقتل من أصحاب ابن بيهس وصاحبيه نحوا من خمسة آلاف وأخذ ابن بيهس أسيرا ، وقتل صاحبيه ، وواقع أبا حرب بالرّملة ، فقتل من أصحابه نحوا من عشرين ألفا ، وأسر أبا حرب ، فحمل إلى سامرّاء (٥) فجعل وابن بيهس في المطبق ، انتهى.

__________________

(١) الرجلة : القوة والشجاعة.

(٢) زيادة عن الطبري.

(٣) في تاريخ الطبري : «بالرملة» قوله : «أو قال مكة» ليس في تاريخ الطبري.

(٤) بالأصل : بهيس.

(٥) رسمها بالأصل : «سرمرا» والمثبت عن الطبري.

١٣٧

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر محمّد بن هبة الله ، أنا محمّد بن الحسين ، أنا عبد الله ، نا يعقوب قال : سنة سبع وعشرين ومائتين خرج المبرقع بفلسطين وقاتل رجاء الحضاريّ أهل كفر بطنا.

٨٤٥٣ ـ أبو حرّة الحجازي

وفد على عبد الملك بن مروان.

أنبأنا أبو غالب محمّد بن محمّد بن [أسد](١) العكبري ، أنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبّار بن أحمد ، أنا أبو القاسم عبد العزيز علي الأزجي ، أنا أبو الحسين عبد الرّحمن بن عمر بن أحمد الخلّال ، نا أبو بكر محمّد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة ، نا جدي ، نا أحمد بن رشويه المروزي ، نا سليمان بن صالح قال : قال عبد الله بن المبارك : قال عروة بن الزبير لأبي حرّة : كأنك ببعض بني أميّة قد ملك فأتيته فلم يزدك على مائتين ، فلمّا ملك عبد الملك قدم عليك وعنده عروة ، فأمر له بمائتي درهم ، فكلّمه عروة فيه ، فزاده مائة.

٨٤٥٤ ـ أبو حريش الكناني

من أهل دمشق.

روى عن : مكحول.

روى عنه : حمزة بن أبي محمّد المديني ، والوليد بن مسلم.

أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن عبد الله ، أنا أبو بكر الخطيب.

ح وأخبرنا أبو حامد أحمد بن نصر بن علي الحاكمي ـ بطوس ـ أنا أبي أبو الفتح.

قالا : أنا القاضي أبو بكر الحيري ، نا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب الأصم ، نا إبراهيم بن سليمان البرلسي ، نا أصبغ بن الفرج ، أخبرني حاتم بن إسماعيل ، عن حمزة بن أبي محمّد ، عن شيخ من أهل دمشق يقال له أبو حريش ، عن مكحول الدّمشقي قال :

شهدت مع أنس بن مالك جنازة بالبصرة ، فرجعت معه إلى منزله ، فأتى فراشا له ، فاضطجع عليه ، ثم أخذ رائطة بصرية (٢) فغطى بها وجهه ثم بكى ، قال مكحول : فقلت : ما

__________________

(١) بياض في الأصل ، والمثبت عن مشيخة ابن عساكر ٢٠٨ / أ.

(٢) كذا بالأصل ، وفي مختصر ابن منظور : مصرية.

١٣٨

يبكيك يا أبا النّضر؟ فو الله إنّك لخادم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وإنك لنجيّ (١) ، وإن في بيتك لطعام وشراب (٢) ، قال : ما على هذا أبكي ، أبكي على [هذه الأمة](٣) أخاف عليها الشرط (٤) والشهوة الخفية ، قال مكحول : لا يجعل في هذه الأمة شركا ، قال : فقال أنس : وأنا من الأخرى أخوف ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من ركب فرسه ، ثم استعرض أمّتي يقتلهم بسيفه خرج من الإسلام» ، وأما الأخرى فانطلاق الرجل إلى جاره يخالفه في أهله ، انتهى [١٣٣٣٦].

ورواه إبراهيم بن عبد الرّحمن بن مروان ، عن إبراهيم بن سليمان بن أبي داود البرلسي ، فقال فيه : لا يجعل الله في هذه الأمة شركا.

وكذلك رواه محمّد بن عبّاد عن حاتم إلّا أنه قال : عن حمزة أبي محمّد وهو وهم.

أخبرناه أبو الحسن علي بن عبيد الله بن نصر ، أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا يحيى بن محمّد بن صاعد ، نا محمّد بن إسحاق ، نا محمّد بن عبّاد ، نا حاتم بن إسماعيل ، عن حمزة أبي محمد عن شيخ من أهل دمشق يقال له أبو حريش ، عن مكحول قال :

شهدت مع أنس جنازة ، فرجعت معه إلى منزله ، فأتى فراشا له ، فاضطجع عليه ، وأخذ ريطة فغطّى بها وجهه ثم بكى ، قال مكحول : فقلت : ما يبكيك يا أبا النّضر؟ فو الله إنك لخادم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وإن .... (٥) لبخير ، وإنّ في بيتك لطعام وشراب ، فقال : ما على هذا أبكي ، ولكن أبكي على هذه الأمة ، أخاف عليها الشرك والشهوة الخفية ، قال مكحول : فقلت : لا يجعل الله في هذه الأمة شركا ... (٦) وأنا من الاثنين أخوف قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من ركب فرسا ثم استعرض أمّتي يقتلهم خرج من الإسلام» ، وأما الأخرى فانطلاق الرجل إلى جاره يخالفه في أهله ، انتهى.

أنبأنا أبو الحسين ، وأبو عبد الله ، قالا : أنا ابن مندة ، أنا حمد ـ إجازة ـ.

__________________

(١) كذا بالأصل ، وفي مختصر ابن منظور : وإنك لبخير.

(٢) كذا بالأصل : وفي مختصر ابن منظور : وإن في بيتك لطعاما وشرابا.

(٣) الزيادة للإيضاح عن مختصر ابن منظور.

(٤) في مختصر ابن منظور : الشرك.

(٥) رسمها بالأصل : حرى.

(٦) بياض بالأصل.

١٣٩

ح قال : وأنا أبو طاهر ، أنا علي.

قالا : أنا أبو محمّد (١) قال :

سألت أبي عن حمزة بن أبي محمّد فقال : ضعيف الحديث ، منكر الحديث ، لم يرو عنه غير حاتم ، وسئل أبو زرعة عنه فقال : مديني لين (٢).

أنبأنا أبو القاسم العلوي ، وأبو محمّد بن الأكفاني ، وأبو تراب حيدرة بن أحمد المقرئ ، قالوا : ثنا عبد العزيز بن أحمد ، أنا عبد الرّحمن بن عثمان بن القاسم ، نا أحمد بن إبراهيم القرشي ، نا محمّد بن عائذ ، أنا الوليد ، عن أبي حريش الكناني قال :

كنا في سنة خمس ـ يعني : وثلاثين ومائة ـ وعبد الله بن علي يومئذ بدابق (٣) على صائفة الناس ، ومعه من أهل الشام وغيرهم نحو من مائة ألف ، قال أبو الحريش : أظنه عام عمورية ، قلنا : وما ذلك يا أبا حريش؟ قال : غزونا الصائفة مع عثمان بن (٤) حيان في خلافة يزيد بن عبد الملك ، حتى نزلنا على عمورية ، وأقام عليها ستة وثلاثين منجنيقا ، وجدّ في حصارها ، وقتالهم. إذ خرج رجل منّا من كنانة من أهل فلسطين إلى البراز في دير الحبيش الذي دونها ، فكلّمه الحبيش وقال له في ذلك قولا أتانا به عنه ، فذهبنا به إلى عثمان بن حيان فأخبره بمقالته ، فركب معه حتى وقف على الحبيش وأمر صاحبنا أن نكلمه ، فتقدم ، فكلّمه ، فقال : إنّي قد أخبرت أميرنا (٥) بمقالتك ، وها هو ذا قد أحبّ أن يسمعه منك ، قال الحبيش : أجل هو كما قلت لك ، لا تقدرون على فتحها حتى يكون الذي بينكم رجل من أهل بيت نبيكم وحتى يكون فيكم قوم شعورهم شعور النساء ، ولباسهم لباس الرهبان ، فيومئذ يفتحونها ، فو الله ، لكأني أنظر إليهم يدخلونها من هذا الباب ، ويخرجون من ذاك.

قال أبو الحريش : فعاد عثمان إلى منزله وأمر بتحريق المجانيق ، وأمر مناديا ينادي : يا أيها الناس أصبحوا على ظهر مغيرين إلى داخل أرض الروم ، ففعل الناس ، فمضى ، ثم قفل بنا.

__________________

(١) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ١ / ٢ / ٢١٥.

(٢) تحرفت بالأصل إلى : «ابن» والمثبت عن الجرح والتعديل.

(٣) غير مقروءة بالأصل ، والمثبت عن مختصر ابن منظور ، ومختصر أبي شامة.

(٤) بالأصل : «وابن» والمثبت عن مختصر ابن منظور.

(٥) بالأصل : «اخترت أمرنا» والمثبت عن مختصر أبي شامة.

١٤٠