تاريخ مدينة دمشق - ج ٦٥

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٦٥

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤١٦
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

أبو أحمد الحاكم قال : أبو عطاء يزيد بن عطاء ، ويقال : ابن أبي عطاء السّكسكي ، عن معاذ بن سعد السّكسكي ، عن جنادة بن أبي أمية ، روى عنه يزيد بن سعيد بن ذي عصوان.

٨٣٢٢ ـ يزيد بن أبي عطاء

غير منسوب ، أظنّه غير الذي ذكرناه آنفا.

سمع عمر بن عبد العزيز.

روى عنه : عمر بن ذرّ.

قرأت على أبي محمّد بن حمزة ، عن أبي بكر الخطيب ، حدّثني محمّد بن علي الصّوري ، أنبأ عبد الرّحمن بن عمر المعدّل ـ بمصر ـ أنا علي بن محمّد الطّبني (١) ، نا محمّد (٢) بن مخارق التونسي ، نا شجرة بن عيسى القاضي ، عن أبيه ، عن سعيد بن سالم القداح ، عن عمر بن ذرّ ، حدّثني يزيد بن أبي عطاء.

أنه سمع عمر بن عبد العزيز وهو يخطب الناس على المنبر في خلافته يقول : يا أيّها الناس ، من ألمّ بذنب فليستغفر الله وليتب إليه ، فإنّما الهلاك في الإصرار (٣) عن الاستغفار ، فإنّي قد علمت أنّ الله قد وصف في رقاب أقوام خطايا قبل أن يخلقهم ، لا بدّ لهم أن يعملوا بها ، فمن ألمّ بذنب فليستغفر الله وليتب إليه.

٨٣٢٣ ـ يزيد بن العقار (٤) الكلبي

ممن قام بأمر يزيد بن الوليد الناقص فأسره مروان بن محمّد بعين الجر ، فضربه بالسياط حتى قتله.

٨٣٢٤ ـ يزيد بن عقبة القرشي

من أهل دمشق.

له ذكر في كتاب أحمد بن حميد الأزدي.

__________________

(١) في «ز» : الطيبي ، تصحيف. والطبني بضم الطاء المهملة وضم الباء المنقوطة من تحتها بنقطة وكسر النون المشددة ، وقيل : بسكون الباء وتخفيف النون هذه النسبة إلى الطبن وهي بلدة بالمغرب منن أرض الزاب ، والزاب في عدوة بلاد المغرب ، وفي الأنساب : علي بن منصور الطبني يروي عن محمّد بن مخارق.

(٢) في «ز» : علي.

(٣) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي المختصر : «الإضراب» وبهامشه أن محققه أثبتها عن ابن عساكر (كذا).

(٤) بدون إعجام بالأصل وم ، وأعجمت عن «ز».

٣٢١

٨٣٢٥ ـ يزيد بن عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص

ابن أميّة بن عبد شمس بن عبد مناف الأموي (١)

حدّث عن أبيه ، عن أبي سلمة ، وقيل : إنه روى عن أبي سلمة.

روى عنه : معاوية بن إسحاق ، وأبو عائشة السعدي.

وذكره أبو محمّد بن حزم (٢) وقال : كان له عقب.

قرأت على أبي القاسم الخضر (٣) بن الحسين ، عن أبي عبد الله محمّد بن علي بن أحمد بن المبارك الفراء ، أنبأ أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرّحمن الصابوني ، أنا أبو عبد الله محمّد بن عبد الله (٤) الأصبهاني الزاهد ، نا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن المنخل الأصبهاني صاحب بكر بن بكّار ، نا أبو عمرو عثمان بن عبد الله الأموي ، نا رشدين (٥) بن سعد ، عن يونس بن يزيد ، وسلمة بن سنان ، عن معاوية بن إسحاق ، عن يزيد بن عمر بن عبد العزيز ، عن أبيه ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة وابن عبّاس قالا : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من خرج حاجّا أو معتمرا فله بكلّ خطوة حتى يئوب إلى رحله ألف ألف حسنة ، ويمحى عنه ألف ألف سيئة ، وترفع له ألف ألف درجة» [١٣٢٨٨].

أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد ، أنا جدي مقاتل بن مطكود ، نا أبو علي الأهوازي ، نا أبو بكر عبد الله بن محمّد بن عبد الله بن هلال البغدادي المعروف بالحنائي ، أنا عثمان بن أحمد بن عبد الله الدقّاق ، نا أبو عبد الله محمّد بن عيسى بن حيان المدائني ـ ببغداد ـ نا شعيب بن حرب المدائني ، أنا ميسرة بن عبد ربه ، عن أبي عائشة السعدي عن يزيد بن عمر بن عبد العزيز ، عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن بن عوف ، عن أبي هريرة وعبد الله بن عبّاس قالا : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يتخولنا بالموعظة بين الأيام شفقة علينا والتماس الرفق بنا ، وذكر الحديث بطوله.

[قال ابن عساكر :](٦) عندي أن يزيد هذا ليس بولد عمر بن عبد العزيز الخليفة.

فقد أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، وأبو البركات عبد الباقي بن أحمد بن إبراهيم

__________________

(١) جمهرة أنساب العرب ص ١٠٦.

(٢) راجع جمهرة ابن حزم ص ١٠٦.

(٣) بالأصل : «الحصرى».

(٤) أقحم بعدها بالأصل وم : الحافظ ، أنا أبو عبد الله محمّد بن عبد الله.

(٥) الأصل : «رشد» والمثبت عن «ز» ، وم.

(٦) زيادة منا للإيضاح.

٣٢٢

المحتسب ، قالا : أنا أبو القاسم عبد الله بن الحسن (١) بن محمّد بن الحسن بن الخلّال ، أنا أبو محمّد الحسن بن الحسين بن علي النوبختي (٢) ، نا أبو الحسن علي بن عبد الله بن مبشر ، نا أحمد بن سهيل أبو جعفر المعروف بأبي دلعلع ، نا عثمان بن عبد الله الشامي ، نا عبد الله بن وهب ، وعيسى بن واقد ، عن يونس بن يزيد ، عن أبي عائشة [قال :](٣) يزيد بن عمر بن عبد العزيز المقرائي ، عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن ، عن أبي هريرة ، وابن عبّاس قالا : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من عرضت له الدنيا والآخرة فأخذ الآخرة وترك الدنيا فله الجنّة ، وإن أخذ الدنيا وترك الآخرة فله النار» [١٣٢٨٩].

٨٣٢٦ ـ يزيد بن عمر بن حرب بن خالد بن يزيد

ابن معاوية بن أبي سفيان الأموي

له ذكر في كتاب أحمد بن حميد بن أبي العجائز.

٨٣٢٧ ـ يزيد بن عمر بن مورّق ، ويقال : ابن مورّد

كذا ذكره أبو الفرج الأصبهاني بالدال ، ويقال : عمر بن المورّق.

وفد على عمر بن عبد العزيز ، وحكى عنه.

حكى (٤) عنه : عيسى بن عبد الله بن محمّد بن عمر بن علي بن أبي طالب.

أنبأنا أبو سعد المطرّز ، وأبو علي الحدّاد ، قالا : أنا أبو نعيم الحافظ ، نا عمر (٥) بن محمّد بن السري ، نا عبد الله بن سليمان ، نا عمر بن شبة ، نا عيسى بن عبد الله بن محمّد بن عمر بن علي بن أبي طالب ، حدّثني يزيد بن عمر بن مورّق قال :

كنت بالشام وعمر بن عبد العزيز يعطي الناس ، فتقدمت إليه فقال لي : ممن أنت؟ فقلت : من قريش ، قال : من أيّ قريش؟ قلت : من بني هاشم ، قال : من أي بني هاشم؟ فسكتّ ، فقال : من أي بني هاشم؟ قلت : مولى علي ، قال : من علي؟ فسكتّ ، قال : فوضع

__________________

(١) كذا بالأصل وم : «عبد الله بن الحسن بن محمّد بن الحسن» وفي «ز» : «عبد الله بن محمّد بن الحسن بن محمّد بن الحسن» تصحيف ، راجع ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٨ / ٣٦٨.

(٢) إعجامها مضطرب بالأصل ، وفي م : «النويحي» وفي «ز» : «التوبجني» كله تصحيف ، والتصويب عن الأنساب ، ترجم له السمعاني. والنوبختي نسبة إلى نوبخت اسم جدّ.

(٣) سقطت من الأصل وم ، وأضيفت للإيضاح عن «ز».

(٤) في «ز» : روى.

(٥) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : عمرو.

٣٢٣

يده على صدره وقال : أنا والله مولى علي بن أبي طالب ، ثم قال : حدّثني عدة أنهم سمعوا النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «من كنت مولاه فعليّ مولاه» ، ثم قال : يا مزاحم كم تعطي أمثاله؟ قال : مائة أو مائتي درهم ، قال : أعطه ستين دينارا لولائه لعلي بن أبي طالب ، ثم قال : الحق ببلدك ، فسيأتيك مثل ما يأتي نظراءك.

٨٣٢٨ ـ يزيد بن عمر بن هبيرة بن معيّة (١) بن سكين بن خديج بن بغيض

ابن مالك ، ويقال : ـ حممة بدل مالك ـ بن سعد بن عدي بن فزارة بن ذيبان (٢)

ابن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان أبو خالد الفزاري (٣)

أصله من الشام.

ولي قنّسرين (٤) للوليد بن يزيد بن عبد الملك ، وكان مع مروان بن محمّد يوم غلب على دمشق ، وجمع له ولاية العراق.

حكى عنه عبد الله بن شبرمة الضبّي الكوفي الفقيه.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع ، أنا أبو عمرو بن مندة ، أنا أبو محمّد بن يوه ، أنا أبو الحسن اللبناني (٥) ، نا ابن أبي الدنيا ، ثنا ابن أبي عمر المكّي ، نا سفيان ، عن ابن شبرمة ، عن ابن هبيرة قال : لا ينبغي للقاضي إلّا أن يكون عالما ، فهما ، صارما.

أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، أنبأ أبي أبو يعلى.

وأخبرنا أبو السعود أحمد بن علي ، نا ابن المهتدي.

قالا : أنا عبيد الله (٦) بن أحمد ، أنا محمّد بن مخلد قال : قرأت على علي بن عمرو ، حدّثكم الهيثم بن عدي قال : يزيد بن عمر بن هبيرة ، يكنى أبا خالد.

__________________

(١) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي سير أعلام النبلاء ٤ / ٥٦٢ في نسب عمر بن هبيرة : معاوية.

(٢) مكانها بياض في «ز».

(٣) ترجمته في المعارف (الفهارس) ، تاريخ الطبري (الفهارس) وفيات الأعيان ٦ / ٣١٣ تاريخ الإسلام (١٢١ ـ ١٤٠) ص ٥٦٧ الكامل لابن الأثير (الفهارس) تاريخ خليفة (الفهارس) ، سير أعلام النبلاء ٦ / ٢٠٧ الأسامي والكنى للحاكم ٤ / ٢٨١.

(٤) الأصل : «قسر ابن الوليد» وفي م : «قسر بن الوليد» والمثبت عن تاريخ الإسلام. وفي «ز» : ولي قنسرين ليزيد بن الوليد بن عبد الملك.

(٥) تحرفت بالأصل وم و «ز» إلى : اللبناني ، بتقديم الباء.

(٦) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : عبد الله.

٣٢٤

أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر ، أنبأ أبو صالح أحمد بن عبد الملك ، أنبأ أبو الحسن بن السقا ، وأبو محمّد بن بالويه ، قالا : ثنا عبّاس بن محمّد قال : قال يحيى : ابن هبيرة الأكبر يقال له : يزيد بن هبيرة ، والأصغر هو عمر بن يزيد بن هبيرة ، وقتله الهاشميون ، يعني الأصغر.

[قال ابن عساكر :](١) هذا وهم : الأكبر عمر ، والأصغر يزيد بن عمر.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا أحمد بن الحسن بن خيرون ، أنا أبو القاسم بن بشران ، أنبأ أبو علي بن الصوّاف ، نا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة قال : يزيد بن عمر بن هبيرة أبو خالد.

أنبأنا أبو جعفر بن أبي علي ، أنا أبو بكر الصفّار ، أنا أحمد بن علي ، أنا أبو أحمد قال (٢) : أبو خالد يزيد بن عمر بن هبيرة الفزاري ، ولي العراق كلها [في] زمن بني أميّة.

أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنا أبو الحسن السيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى ، نا خليفة قال : وفيها ـ يعني : سنة سبع وثمانين ـ ولد يزيد (٣) بن عمر بن هبيرة الفزاري والي العراق.

وذكر أبو العبّاس أحمد بن يونس بن المسيّب الضبّي أنه ولد سنة سبع وثمانين ، وكذا ذكر سعيد بن عفير.

أخبرنا أبو غالب ، أنا أبو الحسن ، أنا أحمد ، نا موسى ، نا خليفة قال (٤) : وفي هذه السنة ـ يعني : سنة ثمان وعشرين ـ وجّه مروان بن محمّد يزيد بن عمر بن هبيرة واليا على العراق ، وذلك قبل قتل الضحّاك ، فسار حتى نزل هيت (٥).

أخبرنا أبو القاسم (٦) بن أبي بكر ، أنا أبو بكر بن أبي (٧) القاسم ، أنا محمّد بن

__________________

(١) زيادة منا.

(٢) الأسامي والكنى للحاكم النيسابوري ٤ / ٢٨١ رقم ١٩٧١.

(٣) الذي في تاريخ خليفة ص ٣٠١ ولد عمر بن هبيرة الفزاري والي العراق. وهو خطأ ، ولعله سقط سهوا اسم «يزيد» ولم يتنبه المحقق إلى هذا السقط.

(٤) تاريخ خليفة ص ٣٨٢.

(٥) هيت : بلدة على الفرات من نواحي بغداد فوق الأنبار ذات نخل وخيرات واسعة (معجم البلدان).

(٦) في «ز» : أبو بكر بن أبي القاسم.

(٧) قوله : «أنا أبو بكر بن أبي» استدرك على هامش م.

٣٢٥

الحسين ، أنا عبد الله ، نا يعقوب قال : وفيها ـ يعني : سنة ثمان وعشرين ومائة ـ استعمل يزيد بن عمر بن هبيرة على العراق.

أخبرنا أبو السعود بن المجلي ، نا أبو الحسين.

ح وأخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، أنا أبي.

قالا : أنا أبو القاسم الصيدلاني ، أنا أبو عبد الله العطّار ، قال : قرأت على علي بن عمرو ، حدّثكم الهيثم ، عن ابن عيّاش قال في تسمية من ولي العراق وجمع له المصران : يزيد بن عمر بن هبيرة.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأ أبو الحسين بن النّقّور ، وأبو منصور بن العطّار ، قالا : أنا أبو طاهر المخلّص ، أنبأ عبيد الله السكري ، نا زكريا المنقري ، نا الأصمعي قال : ثم ولي مروان بن محمّد ، فولّى العراق يزيد بن عمر بن هبيرة.

قرأت على أبي محمّد بن حمزة ، عن أبي بكر الخطيب ، أخبرني الحسن بن علي الجوهري ، أنبأ محمّد بن العبّاس الخزّاز (١) ، أنا أبو محمّد عبيد الله بن عبد الرّحمن بن محمّد السكري ، نا أبو محمّد عبد الله بن أبي سعد ، حدّثني علي بن محمّد بن الحارث القرشي النوفلي ، حدّثني عبد الملك بن عبد الواحد بن أبي كعب مولى الحجّاج ، عن عمّه عبد الأحد قال :

كان يزيد بن عمر بن هبيرة سخيا ، وكان خلاف أبيه ، وكان أبوه بخيلا ، فحضر مهرجان (٢) فجلس يزيد في قصر الحجّاج وأمر بطعام يتّخذ له يطعمه أصحابه ، ثم جلس على سرير في وسط الدار في صحن دار الحجّاج ، وأذن لأصحابه ، فدخل فيمن دخل خلف بن خليفة الأقطع ، فجلس حيال وجهه يذكّر بنفسه ، وجاء الدهاقين بوظائف المهرجان من المال وآنية الذهب والفضّة واللباس ، فملئوا بها الدار ، فأقبل ابن هبيرة يقول لأصحابه : يا فلان خذ ، يا فلان خذ ، ويومئ لهم إلى الأشياء ويعطيهم المال ، ويفعل ذلك بمن إلى جنب خلف بن خليفة ويتعدى خلفا ، فأقبل خلف يرفع رأسه إليه يريه نفسه ، فلما كثر ذلك ونظر إلى ما في الدار ينفذ ويولي قام فقال :

__________________

(١) بالأصل وم : الحرار ، بدون إعجام ، أعجمت عن «ز».

(٢) كذا بالأصل وم و «ز» ، ولعله أراد : يوم المهرجان ، وهو يوم عيد عندهم ، وهي كلمة فارسية مركبة من كلمتين : مهر ومن معانيها الشمس ، وجان : ومن معانيها الحياة أو الروح (المعجم الوسيط).

٣٢٦

ظللنا نسبح في المهرجان

في الدار حسن جاماتها

فسبحت ألفا فلما انقضت

عجبت لنفسي وإخباتها

وأشرعت رأسي فوق الرءوس

لأرفعه فوق هاماتها

لأكسب صاحبتي صحفة (١)

تغيظ بها بعض جاراتها

وأبدلها بصحاف الأمير

قوارير كانت لجدّاتها

قال : فضحك ابن هبيرة ، وقال : خذ ذلك الخادم (٢) ، فأعطاه جام ذهب كثير الورق ، فأخذه في يده ثم قام فقال :

أصبحت (٣) صحفة (٤) بيتي من ذهب

وصحاف الناس حولي من خشب

شفني (٥) الجام فلما نلته

زيّن الشيطان لي ما في الجرب

إن ما أنفقت باق كله

يذهب الباقي ويبقى ما ذهب

قال : فضحك ابن هبيرة وقال : خذ وخذ ، فأعطاه حتى أرضاه.

قال : وسكر خلف بن خليفة ليلة ، فتمنّى أنه أمير العراق ، فخيّل إليه أنه كذلك ، فجلس على سريره ، وأعطى ومنع ، وضرب وحمل ، وكسا وغلب ، فنام ، فانتبه ، ونظر فإذا هو خلف بن خليفة على حاله ، فأنشأ يقول :

خلوت بنفسي فمنيتها

أماني جادت ولم تصدق

بأني أمير على سرجع

طويل المناة للمرتقي

عظيم تساق إليه الرجال

هذا أجلداه وهذا أحلق

وحفت كراسي مبثوثة

تكاد عصائبها (٦) تلتقي

وحفّ بها كل ذي لمة

ومستلم سابغ اليلمق

فما زلت أحمل أهل الغنى

على كل أجرد لم يسبق

لهذا الأغر وهذا الكميت

وهذا حملت على الزردق

وأعطي الوصيفة أو مثلها

مفرج برحب العرطق

__________________

(١) في «ز» ، وم : «صفحة» تصحيف.

(٢) كذا بالأصل : «ذلك الخادم» وفي م : «ذلك الجام» وفي «ز» : هذا الجام.

(٣) في «ز» : فأصبحت.

(٤) في «ز» ، وم ، صفحة.

(٥) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : شغفني.

(٦) في «ز» : عصابتها.

٣٢٧

وأصبحت إذ ذهبت (١) منيتي

كأن الإمارة لم تخلق

سرير زياد طويل العماد

وعود سريري من برزق

أنبأنا أبو المعالي ثعلب (٢) بن جعفر بن أحمد السرّاج ، أنبأ أبي ، أنبأ أبو طاهر محمّد بن علي بن محمّد البيع ، أنبأ أبو الحسن محمّد بن أحمد بن محمّد بن رزقويه ، أنبأ أبو علي محمّد بن أحمد بن الصوّاف ـ إجازة ـ ثنا أبو محمّد الحارث بن محمّد بن أبي أسامة ، نا أبو الحسن علي بن محمّد المدائني قال :

وكان يزيد بن عمر بن هبيرة شديد الأكل ، كان إذا أصبح أتوه بعسّ لبن قد حلب على عسل ، وأحيانا على سكّر ، فيشربه ، فإذا صلّى الغداة جلس في مصلّاه حتى تحلّ الصلاة ، فيصلّي ، ثم يدخل فيدعو بالغداء ، فيأكل دجاجتين ، وناهضين (٣) ونصف جدي وألوان من اللحم ، ثم يخرج فينظر في حوائج الناس إلى نصف النهار ، ثم يدخل فيدعو بالحكم وبشر (٤) ابني عبد الملك بن بشر بن مروان ، وخالد بن سلمة المخزومي ، وعتبة بن عمر بن عبد الرّحمن بن الحارث بن هشام ، وسعيد بن عبد الرّحمن بن عنبسة بن سعيد في أشباههم فيتغدى ، فيضع منديلا على صدره ، فيكثر الأكل ، ويعظم اللقم ، فإذا فرغ تفرقوا ، ودخل إلى نسائه حتى يخرج إلى الظهر ، فينظر في أمور الناس ، فإذا صلّى العصر وضعت الكراسي للناس ، ووضع له سرير ، فإذا أخذ الناس مجالسهم أتوهم بعساس اللبن والعسل ، وألوان الأشربة ، ثم يؤتى بالطعام ، فيأكل إلى المغرب.

قال : ونا أبو الحسن المدائني ، قال : ثم قدم يزيد بن عمر بن هبيرة على العراق ، وكان جسيما ، طويلا ، سمينا ، خطيبا ، أكولا ، شجاعا ، وكان فيه حسد ، فكان إذا أصبح أتي بعسّ لبن قد حلب على عسل ، وأحيانا سكّر ، فيشربه ، فإذا صلّى الغداة جلس في مصلّاه حتى تحلّ الصلاة ، فيصلّي ، ثم يدخل فيحركه اللبن ، فيدعو بالغداء ، فيأكل دجاجتين وناهضين ، ونصف جدي ، وألوان من اللحم ، ثم يخرج فينظر في أمور الناس إلى نصف النهار ، ثم يدخل فيدعو أبا الحكم وبشر (٥) ابني عبد الملك بن بشر (٦) بن مروان ، وخالد بن سلمة ،

__________________

(١) في م : دهشت.

(٢) في «ز» : تغلب ، قارن مع مشيخة ابن عساكر ٣٧ / أ.

(٣) الناهض : فرخ الطائر الذي وفر جناحه وتهيأ للطيران.

(٤) في م : «بشير» في الموضعين.

(٥) بدون إعجام بالأصل في الموضعين ، وفي م : «بشير» في الموضعين والمثبت عن «ز».

(٦) بدون إعجام بالأصل في الموضعين ، وفي م : «بشير» في الموضعين والمثبت عن «ز».

٣٢٨

وعتبة بن عمر المخزوميين ، وسعيد بن عبد الرّحمن بن عنبسة بن سعيد في أشباههم ، ويدعو بالغداء ، فيتغدى ويضع منديلا على صدره ، ويعظم اللقم ويتابع ، فإذا فرغ من الغداء تفرق من كان عنده ، ودخل إلى نسائه حتى يخرج إلى (١) صلاة الظهر ، ثم ينظر بعد الظهر في أمور الناس ، فإذا صلّى العصر وضع له سرير ووضعت الكراسي للناس ، فإذا أخذ الناس مجالسهم أتوهم بعساس اللبن والعسل وألوان الأشربة ، ثم توضع السفر والطعام للعامة ، ويوضع له ولأصحابه خوان مرتفع ، فيأكل معه الوجوه إلى المغرب ، ثم يتفرقون للصلاة ، ثم يأتيه سمّار فيحضرون مجلسا يجلسون فيه ، حتى يدعوهم ، فيسامرونه حتى يذهب عامة الليل ، وكان يسأل كلّ ليلة عشر حوائج ، فإذا أصبحوا قضيت ، وكان رزقه ستمائة ألف ، فكان يقسمه كلّ شهر في أصحابه ، من قومه [و](٢) من الفقهاء ، ومن الوجوه ، وأهل البيوتات (٣) فقال ابن شبرمة وكان من سمّاره :

إذا نحن أعتمنا ومال بنا الكرى

أتانا بإحدى الراحتين عياض

وعياض بوّابه ، كان تحت يد أبي عثمان الحاجب ، وإحدى الراحتين الدخول ، أو الإذن بالانصراف ، ولم يكن لهم مناديل ، كان ابن هبيرة إذا دعا بالمنديل قام الناس.

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلم ، عن رشأ بن نظيف ، أنبأ أبو الحسن محمّد بن العبّاس بن جعفر الجهازي ، نا أبو محمّد الحسن بن حمدان الضرّاب ، نا الحسن بن رشيق ، ثنا يموت بن المزرع ، نا عيسى تينه (٤) ، نا أبو عبيدة قال :

بصرت جارية لابن هبيرة بابن هبيرة وهو أمير العراق ، وعليه قميص مرقوع ، فضحكت من ترقيع قميصه ، فأنشأ ابن هبيرة يقول :

هزئت أمامة أن رأتني مخلقا

ثكلتك أمك أي ذاك يروع (٥)

قد يدرك الشرف الفتى ورداؤه

خلق وجيب قميصه مرقوع

__________________

(١) في «ز» : لصلاة الظهر.

(٢) زيادة عن «ز» ، سقطت من الأصل وم.

(٣) في المختصر : البيوت.

(٤) رسمها بالأصل : «ينيه» وفي «ز» : «ينيه» والمثبت عن م ، وقد ضبطت عن تبصير المنتبه ٤ / ١٤٠٨ وهو لقب عيسى بن إسماعيل البصري روى عن الأصمعي وغيره.

(٥) في «ز» : أن ذاك نزوع.

٣٢٩

ولربّ لذة ليلة قد نلتها

وحرامها بحلالها مرفوع

أنبأنا أبو الحسن علي بن المسلم الفرضي ، أنبأ محمّد بن علي بن أحمد بن المبارك ، أنا رشأ بن نظيف ـ قراءة ـ.

وأنبأنا أبو القاسم العلوي ، وأبو الوحش المقرئ ، عن رشأ بن نظيف ، أنا أحمد بن محمّد بن يوسف بن العلّاف ، أنا الحسين بن صفوان ، نا ابن أبي الدنيا ، حدّثني أحمد بن الحارث ، عن شيخ من قريش قال :

أذن يزيد بن عمر بن هبيرة في يوم صائف شديد الحر للناس ، فدخلوا (١) عليه وعليه قميص مرقوع الجيب ، فجعلوا ينظرون إليه ويعجبون ، ففطن بهم ، فتمثل بشعر ابن هرمة :

هزئت أمامه إذ رأتني مخلقا

ثكلتك أمك أيّ ذاك يروع

أمّا تريني ساحبا متبذلا

كالسيف يخلق جفنه فيضيع

قد يدرك الشرف الفتى ورداؤه

خلق وجيب قميصه مرقوع

وينال حاجته التي يسمو بها

ويضيع دين المرء وهو منيع

أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن ، أنا أبو الحسن السيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى ، نا خليفة (٢) ، حدّثني محمّد بن معاوية ، عن بيهس بن حبيب قال :

لما جاءنا أبو جعفر نهضوا إلينا بجماعتهم ، فجعلنا نقاتلهم حتى أتتنا هزيمة مروان بن محمّد ، فكنا في القتال شعبان وشهر رمضان وشوال ، فجاءنا الحسن بن قحطبة في آخر شوال ، فقال : إلى من تمدّون أعينكم (٣)؟ ما بقي أحد إلّا وقد دخل في طاعة أمير المؤمنين ، لكم عهد الله وميثاقه ، إنكم آمنون على كل شيء ، فقبلنا ذلك ، ثم أصبحنا الغد ، فأتانا خازم بن خزيمة ، فقال مثل ذلك ، ثم جاءنا الحارث بن نوفل الهاشمي ، ثم جاءنا إسحاق (٤) بن مسلم العقيلي فقال : اليوم يعطونكم ما تريدون ، فاكتتبنا بيننا وبينهم صلحا ، وذلك في أول ذي القعدة سنة اثنتين وثلاثين ومائة على ما شئنا : على أن ابن هبيرة على رأس أمره مع

__________________

(١) الأصل وم : فدخل ، والمثبت عن «ز».

(٢) رواه خليفة بن خياط في تاريخه ص ٤٠١.

(٣) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي تاريخ خليفة : أعناقكم.

(٤) بالأصل وم : «ابن إسحاق» وفي «ز» : «أبو إسحاق» وجميعه خطأ ، والتصويب عن تاريخ خليفة.

٣٣٠

خمسمائة من أصحابه ينزل خمسين يوما مدينة الشرقية لا يبايع ، فإذا تمت فإن شاء لحق بمأمنه ، وإن شاء دخل فيما دخل فيه الناس ، وما كان في أيدينا فهو لنا ، ففتحنا الأبواب يوم السبت لأيام خلون من ذي القعدة ، فدخلوا المدينة ، وجوّلوا فيها ، ثم خرجوا ففعلوا مثل ذلك يوم الأحد ، فلمّا كان يوم الاثنين دخل علج من علوجهم في خيل فتتبع كل دابة عليها سمة : له (١) ، فأخذها وقال : هذه للإمارة.

قال خليفة (٢) : قال بيهس : فأخبرت أبا عثمان فأخبر ابن هبيرة فقال : غدر القوم وربّ الكعبة ، وقال لأبي عثمان : انطلق إلى أبي جعفر ، فأقرئه السّلام وقل له : إن رأيت أن تأذن لنا في إتيانك فأذن له ، فركب يوم الاثنين ، وركبنا معه نحو من مائتين حتى انتهينا إلى الرواق ، فنزل ابن هبيرة وأبو عثمان وسعد (٣) ، فجئنا نمشي معه حتى [إذا](٤) بلغنا باب الحجرة ، دفع الباب ، فإذا أبو جعفر قاعد ، فقال له ابن هبيرة : السّلام عليك أيها الأمير ورحمة الله وبركاته ، ثم أرخى الباب ، فسمعنا أبا جعفر يقول : يا يزيد ، إنا بنو هاشم نتجاوز عن المسيء ، ونأخذ بالفضل ، لست عندنا كغيرك ، إنّ لك وفاء ، وأمير المؤمنين يرغب في الصنيعة إلى مثلك ، فأبشر بما يسرّك.

قال خليفة : قال أبو الحسن : قال له ابن هبيرة : إنّ إمارتكم محدثة ، فأذيقوا الناس حلاوتها ، وجنبوهم مرارتها تجلبوا (٥) قلوبهم ، وما زلت منتظرا لهذه الدعوة ، ثم قام ، فقال أبو جعفر : عجبا لرجل يأمرني بقتل هذا.

قال خليفة (٦) : قال بيهس : فلما كان يوم الاثنين لثلاث عشرة بقيت من ذي القعدة سنة اثنتين وثلاثين ومائة بعث أبو جعفر خازم بن خزيمة فقتل ابن هبيرة ، وكان الذي ولي قتله عبد الله بن البختري الخزاعي ، وقتل رباح بن أبي عمارة مولى لبني أمية ، وعبيد الله بن الحبحاب الكاتب ، وقتلوا داود بن يزيد بن عمر بن هبيرة ، وأخرج أبا عثمان كاتب ابن هبيرة خازم بن خزيمة فقتله ، وأخذ بشر بن عبد الملك بن [بشر بن](٧) مروان ، وأبان بن

__________________

(١) كذا بالأصل و «ز» ، وم ، وفي تاريخ خليفة : لله.

(٢) تاريخ خليفة ص ٤٠١ ـ ٤٠٢.

(٣) في تاريخ خليفة : وسعيد.

(٤) زيادة عن تاريخ خليفة.

(٥) بالأصل : تحلبون ، وفي م : «تجلبون» والمثبت عن «ز» ، وتاريخ خليفة.

(٦) تاريخ خليفة بن خيّاط ص ٤٠٢.

(٧) الزيادة عن «ز» ، سقطت من الأصل وم.

٣٣١

عبد الملك بن بشر بن مروان ، وابنين لأبان بن عبد الملك بن بشر ، والحوثرة بن سهيل ، ومحمّد بن نباتة ، وقعد الحسن بن قحطبة في مسجد حسان النبطي على الدجلة مما يلي المدائن ، فحملوا إليه ، فضرب أعناقهم ، وأتي بحارث بن قطن الهلالي فأمر به إلى السجن ، وطلب خالد بن سلمة المخزومي ، فلم يقدر عليه ، فنادى مناديهم : إن خالد بن سلمة آمن ، فخرج بعد ما قتل القوم يوما ، فقتلوه أيضا.

قرأت على أبي القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان ، عن عبد العزيز بن أحمد ، أنا عبد الوهّاب الميداني ، أنا أبو سليمان بن زبر ، أنا عبد الله بن أحمد بن جعفر ، أنبأ محمّد بن جرير قال (١) : ذكر علي بن محمّد ، عن أبي عبد الله السلمي ، عن عبد الله بن بدر أو زهير (٢) بن هنيد ، وبشر بن عيسى ، وأبي السري.

أن ابن هبيرة لما انهزم تفرّق الناس عنه ، فأتى واسطا ، فدخلها وتحصّن ، فبعث ـ يعني : السفاح ـ أبا جعفر ، فقدم واسط ، فلمّا كان الحصار على ابن هبيرة وأصحابه تحنّى عليه أصحابه فقالت اليمانية : لا نعين مروان وآثار فينا آثاره ، وقالت النزارية : لا نقاتل حتى يقاتل معنا اليمانية ، وهمّ ابن هبيرة بأن يبعثوا إلى محمّد بن عبد الله بن حسن ، فكتب إليه ، فأبطأ جوابه ، وكاتب أبو العبّاس اليمانية من أصحاب ابن هبيرة فأطمعهم (٣) ، فخرج إليه زياد بن صالح ، وزياد بن عبد الله (٤) الحارثيان ، ووعدا ابن هبيرة أن يصلحا له ناحية أبي العبّاس ، فلم يفعلا ، وجرت السفراء بين أبي جعفر وبين ابن هبيرة حتى جعل له أمانا ، وكتب به كتابا ، مكث يشاور (٥) فيه العلماء أربعين يوما حتى رضيه ابن هبيرة ، ثم أنفذه إلى أبي جعفر ، فأنفذه أبو جعفر إلى أبي العباس ، فأمره بإمضائه ، وكان رأي أبي جعفر الوفاء له بما أعطاه ، وكان أبو العبّاس لا يقطع أمرا دون أبي مسلم ، وكان أبو الجهم عينا لأبي مسلم على أبي العبّاس يكتب إليه بأخباره كلها ، فكتب أبو مسلم إلى أبي العبّاس : إن الطريق السهل إذا ألقيت فيه الحجارة فسد ، ولا والله لا صلح طريق فيه ابن هبيرة.

__________________

(١) رواه أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري في تاريخه ٧ / ٤٥١ وما بعدها.

(٢) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي الطبري : وزهير.

(٣) بالأصل : «فأطعمهم ، خطأ ، والتصويب عن «ز» ، وم.

(٤) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي الطبري : عبيد الله.

(٥) الأصل وم و «ز») بتشاور ، والمثبت عن الطبري.

٣٣٢

ولما تم الكتاب خرج ابن هبيرة إلى أبي جعفر في ألف وثلاثمائة من البخارية ، فأراد أن يدخل الحجرة على دابته ، فقام إليه الحاجب سلّام بن سليم ، فقال : مرحبا بك أبا خالد ، انزل راشدا ، وقد أطاف بالحجرة نحو من عشرة آلاف من أهل خراسان ، فنزل ودعا له بوسادة يجلس عليها ، ثم دعا بالقوّاد ، فدخلوا ، ثم قال سلّام : أدخل أبا خالد ، فقال : أنا ومن معي؟ فقال : إنّما استأذنت لك وحدك ، فقام ودخل ، ووضعت له وسادة ، فجلس عليها ، فحادثه ساعة ، ثم قام وأتبعه أبو جعفر بصره حتى غاب عنه ، ثم مكث يقيم عنه يوما ، ويأتيه يوما في خمس مائة فارس وثلاثمائة راجل ، فقال يزيد بن حاتم لأبي جعفر : أيها الأمير ، إن ابن هبيرة ليأتي فيتضعضع له العسكر ، وما نقص من سلطانه شيء ، فقال أبو جعفر لسلّام : قل لابن هبيرة يدع الجماعة ويأتينا في حاشيته (١) ، فقال ذلك له سلام ، فتغير وجهه ، وجاء في حاشيته نحو من ثلاثين فقال له سلّام : كأنك تأتي متأهبا (٢) ، فقال : إن أمرتم أن نمشي إليكم مشينا ، فقال : ما أردنا بك استخفافا ، ولا أمر الأمير بما أمر إلّا نظرا لك ، وكان بعد ذلك ، يأتي في ثلاثة.

وذكر أبو زيد أن محمّد بن كثير حدّثه قال : كلّم يوما ابن هبيرة أبا جعفر ، فقال : يا هناه أو أيها المرء ، ثم رجع ، فقال : أيها الأمير ، إنّ عهدي بكلام الناس بمثل ما خاطبتك به حديث ، فسبقني لساني إلى ما لم أرده ، وألحّ أبو العبّاس على أبي جعفر يأمره بقتله ، وهو يراجعه حتى كتب إليه : والله لتقتلنّه أو لأرسلن إليه من يخرجه من حجرتك ، ثم يتولى قتله ؛ فأزمع على قتله ، فبعث خازم بن خزيمة ، والهيثم بن شعبة بن ظهير ، وأمرهما بختم بيوت الأموال ، ثم بعث إلى وجوه من معه من القيسية والمضرية فأقبل محمّد بن نباتة والحوثرة بن سهيل وطارق بن قدامة ، وزياد بن سويد ، وأبو بكر بن كعب العقيلي ، والحكم (٣) بن بشر بن عبد الملك بن بشر في اثنين وعشرين رجلا من قيس ، وجعفر بن حنظلة وهزّان بن سعد.

قال : فخرج سلّام بن سليم فقال : أين حوثرة ، ومحمّد بن نباتة؟ فقاما ، فدخلا وقد أجلس عثمان بن نهيك والفضل بن سليمان ، وموسى بن عقيل في مائة في حجرة دون

__________________

(١) زيد عند الطبري : نحوا من ثلاثين.

(٢) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي الطبري : مباهيا.

(٣) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي الطبري : وأبان وبشر ابنا عبد الملك بن بشر.

٣٣٣

حجرته ، فنزعت سيوفهما وكتّفا ، ثم دخل بشر (١) وأبان ابنا عبد الملك بن بشر ، ففعل ذلك بهما ، ثم دخل أبو بكر بن كعب وطارق بن قدامة ، فقام جعفر بن حنظلة وقال : نحن رؤساء الأجناد ، ولم يكن هؤلاء يقدمون علينا. فقال : ممن أنت؟ فقال : من بهراء ، فقال : وراءك أوسع لك ، ثم قام هزّان ، فتكلم فأخّر. فقال روح بن حاتم : يا أبا يعقوب نزعت (٢) سيوف القوم ، فخرج عليهم موسى بن عقيل فقال له : أعطيتمونا عهد الله ثم حنثتم (٣) به ، إنا لنرجو أن يدرككم الله ، وجعل ابن نباتة يضرط في لحية نفسه. فقال له الحوثرة : إنّ هذا لا يغني عنك شيئا ، فقال : كأني أنظر إلى هذا ، فقتلوا ، وأخذت خواتيمهم.

وانطلق خازم والهيثم بن شعبة والأغلب بن سالم في نحو من مائة ، فأرسلوا إلى ابن هبيرة إنا نريد حمل المال ، فقال ابن هبيرة لحاجبه : يا أبا عثمان انطلق فدلّهم عليها ، فأقاموا عند كل بيت نفرا ، ثم جعلوا ينظرون في نواحي الدار ومع ابن هبيرة ابنه داود ، وكاتبه عمرو بن أيوب ، وحاجبه وعدة من مواليه ، وبنيّ له صغير في حجره ، فجعل ينظر (٤) نظرهم ، فقال : أقسم بالله إنّ في وجوه القوم لشرا ، فأقبلوا نحوه ، فقام حاجبه في وجوههم ، فقال : [ما](٥) وراءكم؟ فضربه الهيثم بن شعبة على حبل عاتقه فصرعه ، وقاتل ابنه داود فقتل ، وقتل مواليه ، ونحّي الصبي من حجره ، وقال : دونكم هذا الصبي ، وخرّ ساجدا ، فقتل وهو ساجد ، ومضوا برءوسهم إلى أبي جعفر ، فنادى بالأمان للناس إلّا الحكم بن عبد الملك بن بشر ، وخالد بن سلمة المخزومي ، وعمر بن ذرّ ، فاستأمن زياد بن عبيد الله لابن ذرّ ، فأمّنه أبو العبّاس ، وهرب الحكم ، وأمّن أبو جعفر خالدا فقتله أبو العبّاس ، ولم يجز أمان أبي جعفر ، وهرب أبو علاقة وهشام بن هشيم بن صفوان بن مرثد (٦) الفزاري (٧) ، فلحقهما حجر بن سعيد الطائي ، فقتلهما على الزاب ، فقال أبو عطاء السندي يرثيه (٨) :

ألا إن عينا لم تجد يوم واسط

عليك بجاري دمعها لجمود

عشية قام النائحات وصفقت (٩)

خدود بأيدي مأتم وخدود

__________________

(١) في م : بشير ، في الموضعين.

(٢) قسم من الكلمة ممحو ، والحرفان الأولان بدون إعجام ، وفي «ز» : برقت ، والمثبت عن م ، وتاريخ الطبري.

(٣) في «ز» والطبري : خستم.

(٤) في الطبري : ينكر.

(٥) زيادة عن الطبري.

(٦) الطبري : مزيد.

(٧) الطبري : الفزاريان.

(٨) الأبيات في الطبري ٧ / ٤٥٦ ووفيات الأعيان ٦ / ٣١٧.

(٩) الطبري : وشققت جيوب.

٣٣٤

فإن تمس مهجور الفناء فربما

أقام به بعد الوفود وفود

وإنك لم تبعد على متعهد

بلى كل من تحت التراب بعيد

وقال منقذ بن عبد الرّحمن الهلالي يرثيه :

منع العزاء حرارة الصدر

وانحلّ عقد عزيمة الصبر

لما سمعت بوقعة شملت

بالشيب لون مفارق الشعر

أفنى الحماة الغرّ أن عرضت

دون الوفاء حبائل الغدر

مالت حبائل أمرهم بفتى

مثل النجوم حففن بالبدر

عالى بنعيهم فقلت له

هلّا أتيت بصيحة الحشر

لله درك من زعمت لنا

أن قد حوته حوادث الدهر

من للمنابر بعد مهلكهم (١)

أو من يسد مكارم الفخر (٢)

قتلى بدجلة ما يجنّهم

إلّا عباب زواخر البحر

فإذا ذكرتهم شكا ألما

قلبي لفقد فوارس زهر

فلتبك نسوتنا فوارسها (٣)

خير الحماة ليالي الذعر

قال الطبري (٤) : وذكر أبو زيد أن أبا بكر الباهلي حدّثه قال : حدّثني شيخ من أهل خراسان قال : كان هشام بن عبد الملك خطب إلى يزيد بن عمر بن هبيرة ابنته على ابنه معاوية ، فأبى أن يزوجه ، فجرى بعد ذلك بين يزيد بن عمر ، وبين الوليد بن القعقاع كلام ، فبعث به هشام إلى الوليد بن القعقاع ، فضربه وحبسه ، فقال ابن طيسلة :

يا قلّ خير رجال لا عقول لهم

من يعدلون إلى المحبوس في حلب

إلى امرئ لم تصبه الدهر معضلة

إلّا استقل بها مسترخي اللبب

وذكر أبو جعفر الطبري أن قتل ابن هبيرة كان في سنة اثنتين وثلاثين ومائة.

أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنا أبو الحسن السيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى ، نا خليفة قال (٥) : قتل ابن هبيرة بواسط يوم الاثنين لثلاث عشرة

__________________

(١) الأصل وم و «ز» : هلكهم ، والمثبت عن الطبري ٧ / ٤٥٧.

(٢) الأصل وم و «ز» : مكاره القعر ، والمثبت عن الطبري.

(٣) في «ز» : فوارسنا.

(٤) تاريخ الطبري ٧ / ٤٥٧.

(٥) تاريخ خليفة بن خيّاط ص ٤٠٩.

٣٣٥

بقيت من ذي القعدة سنة وثنتين وثلاثين ومائة ، وهو ابن نحو من أربعين سنة.

٨٣٢٩ ـ يزيد بن عميرة (١) الزّبيدي ، ويقال الكلبي ، ويقال الكندي ، حمصي (٢)

روى عن : أبي بكر ، وعمر ، ومعاذ بن جبل ، وشهد وفاته بالأردن ، وعبد الله بن مسعود.

روى عنه : أبو إدريس الخولاني ، وأبو قلابة ، وشهر بن حوشب ، وراشد بن سعد (٣) ، وعطية بن قيس ، ومعبد (٤) الجهني.

أخبرنا أبو الوفاء عبد الواحد بن حمد ، وأم المجتبى بنت ناصر ، قالا : أنا أبو طاهر بن محمود ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، أنبأ أبو العبّاس بن قتيبة ، نا حرملة ، نا ابن وهب ، حدّثني معاوية بن صالح ، عن ربيعة بن يزيد ، عن أبي إدريس الخولاني (٥) ، عن يزيد بن عميرة أن معاذ بن جبل لما حضرته الوفاة قالوا : يا أبا عبد الرّحمن ، أوصنا ، قال : أجلسوني ، ثم قال : إن العلم والإيمان مكانهما ، من التمسهما وجدهما ، فالتمسوا العلم عن أربعة رهط : عند عويمر أبي الدّرداء ، وعند سلمان (٦) الفارسي ، وعبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن سلام الذي كان يهوديا فأسلم ، فإنّي سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إنه عاشر عشرة في الجنّة» [١٣٢٩٠].

ورواه الزهري عن أبي إدريس.

أخبرناه أبو طاهر (٧) يحيى بن محمّد بن أحمد الفقيه ، وأبو محمّد علي بن عبد القاهر الفرضي ، وأبو خازم (٨) محمّد بن محمّد بن الحسين الفقيه ، وأبو الفرج هبة الله بن أبي نصر محمّد بن علي ، وأبو عبد الله محمّد بن محمّد بن أحمد الورّاق ، وأبو عبد الله محمّد ـ ويسمى الحسين بن أحمد الطرائفي ـ وأبو بكر بن المزرفي (٩) ، وأبو

__________________

(١) عميرة بفتح العين ، كما في تقريب التهذيب والاكمال.

(٢) ترجمته في تهذيب الكمال ٢٠ / ٣٦١ وتهذيب التهذيب ٦ / ٢٢١ والإصابة ٣ / ٦٧٥ والتاريخ الكبير ٨ / ٣٥٠ وطبقات خليفة ص ٥٦٣ وطبقات ابن سعد ٧ / ٤٤٠ والجرح والتعديل ٩ / ٢٨٢.

(٣) في تهذيب الكمال : سعيد.

(٤) بالأصل و «ز» : سعيد ، وفي م : معيد ، والتصويب عن تهذيب الكمال.

(٥) استدركت على هامش م ، وبعدها صح.

(٦) في م : سليمان ، خطأ.

(٧) لفظتا «أبو طاهر» سقطتا من «ز».

(٨) بالأصل وم و «ز» : حازم ، بالحاء المهملة.

(٩) بالأصل وم : «المزرقي» وفي «ز» : المرزقي.

٣٣٦

منصور بن خيرون ، وأبو غالب محمّد بن علي المؤذّن ، وأبو نصر محمّد بن سعد بن الفرج الشيباني ، وبشارة بنت محمّد بن عبد الوهّاب ، وابنتها مهناز ابنة يانس (١) بن عبد الله ـ ببغداد ـ وأبو يعقوب يوسف بن أيوب الهمداني (٢) بمرو ، وأم أبيها فاطمة بنت علي بن الحسين بدمشق ، قالوا : أنا أبو جعفر محمّد بن أحمد بن محمّد بن المسلمة ، قال (٣) : أنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرّحمن بن محمّد ، أنا جعفر بن محمّد بن الحسن ، نا أبو خالد يزيد بن خالد بن موهب الرملي ـ بالرملة ـ سنة اثنتين وثلاثين ، نا الليث بن (٤) سعد ، عن عقيل بن خالد ، عن ابن شهاب الزهري أن أبا إدريس عائذ الله بن عبد الله الخولاني أخبره أن يزيد بن عميرة وكان من أصحاب معاذ بن جبل قال :

كان معاذ بن جبل لا يجلس مجلسا للذكر إلّا قال حين يجلس : الله حكم قسط ، تبارك اسمه ، هلك المرتابون.

قال معاذ يوما : إنّ من ورائكم فتنا (٥) يكثر فيها المال ، ويفتح فيها القرآن ، حتى يأخذه المؤمن والمنافق ، والرجل والمرأة ، والصغير والكبير ، والحرّ والعبد ، فيوشك قائل يقول : ما للناس لا يتبعوني ، وقد قرأت القرآن؟ ما هم بمتّبعي حتى ابتدع ـ وفي نسخة : حتى أحدث ـ لهم عبرة ، فإيّاكم وما ابتدع ، فإنّ ما ابتدع ضلالة ، وأحذركم زيغة الحكيم ، فإن الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على لسان الحكيم ، وقد يقول المنافق كلمة الحق (٦).

قال : ونا جعفر ، نا العبّاس بن محمّد ، نا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، حدّثني أبي عن صالح بن كيسان ، عن ابن شهاب الزهري ، حدّثني أبو إدريس الخولاني أن يزيد بن عميرة وكان من أصحاب معاذ بن جبل أخبره.

أن معاذا كان لا يجلس مجلسا يذكر الله إلّا قال حين يجلس : الله حكم ، قسط ، تبارك اسمه ، هلك المرتابون ، قال يزيد : قال معاذ في مجلس جلسه : إنّ وراءكم فتنا ، يكثر فيها المال ويفتح فيها القرآن حتى يأخذه المؤمن والمنافق ، والرجل والمرأة ، والصغير والكبير ، والحرّ والعبد ، فذكر مثله.

__________________

(١) في «ز» : ياسر ، وفي م : ناشر.

(٢) في م : «الهمدوي».

(٣) في «ز» : قالوا.

(٤) في «ز» : أبو.

(٥) بالأصل وم و «ز» : «فتن» خطأ.

(٦) رواه أبو داود في سننه (٣٤) كتاب السنة (٧) باب ، رقم ٤٦١١ وتهذيب الكمال ٢٠ / ٣٦٢ ـ ٣٦٣.

٣٣٧

أخبرناه أتم من هذا أبو القاسم غانم بن خالد [بن عبد الواحد ،](١) أنا أبو الطّيّب عبد الرزّاق بن عمر بن موسى ، أنا أبو بكر محمّد بن إبراهيم بن علي ، نا أبو العبّاس بن قتيبة ، نا أبو خالد ، حدّثني الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب أن أبا إدريس عائذ الله بن عبد الله الخولاني أخبره أن يزيد بن عميرة كان من أصحاب معاذ بن جبل ، [قال : إن معاذا](٢) كان لا يجلس مجلسا للذكر إلّا قال حين يجلس : الله حكم قسط ، تبارك اسمه ، هلك المرتابون ، وقال معاذ يوما : إن وراءكم فتنا (٣) يكثر فيها المال ، ويفتح فيها القرآن حتى يأخذه المؤمن والمنافق ، والمرأة ، والصغير والكبير ، والحرّ والعبد ، فيوشك قائل يقول : ما للناس لا يتبعوني وقد قرأت القرآن ، ما هم بمتبعي حتى ابتدع لهم غيره ، فإيّاكم وما يبتدع ، فإن ما ابتدع ضلالة ، وأحذّركم زيغة الحكيم ، فإنّ الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على لسان الحكيم ، وقد يقول المنافق كلمة الحق.

قال : قلت لمعاذ : ما يدريني رحمكم الله ، إن الحكيم يقول كلمة الضلالة ، وأن المنافق يقول كلمة الحق؟ فقال : اجتنب (٤) من كلام الحكيم المشتبهات (٥) التي يقال ما هذه ولا يثنك (٦) ذلك عنه ، فإنه لعله يرجع ويتبع الحق إذا سمعه (٧) فإن على الحق نورا ، فلبثت ما شاء الله ثم قدمت الكوفة ، فطفق قرّاء من أهل الكوفة يقولون : يا أخا أهل الشام ، أتشهد أنك مؤمن؟ فأقول نعم ، فيقولون : أتشهد أنك في الجنّة؟ فأقول : لا ، فبلغ الأمر عبد الله بن مسعود ، فمررت به في المسجد ، فقالوا : هذا الشامي الذي ذكرنا ، فأرسل إليّ ابن مسعود ، فقال : أتشهد أنك مؤمن؟ فقلت : نعم ، قال : فتشهد أنك من أهل الجنّة ، فقلت : إنّي أخاف الذنوب ، قال : فتبسّم عبد الله بن مسعود ثم قال : لو شهدت أنّي مؤمن ما باليت أن أشهد أني في الجنّة ، قال : قلت يغفر الله لك ، هذا ما كان معاذ يحذّرنا من أمثالك ، قال : وما

__________________

(١) زيادة عن «ز» ، وم.

(٢) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وم و «ز» ، استدركناه قياسا على الروايات السابقة.

(٣) الأصل وم و «ز» : فتن ، خطأ.

(٤) في «ز» : «إذا أصبت» وفي م : «بل لقيت».

(٥) في سير أعلام النبلاء ١ / ٤٥٧ (في ترجمة معاذ بن جبل) : المشتهرات.

(٦) تقرأ بالأصل : «وتلق» وفي م : «ولا يقتل وتلقي» ومكان اللفظة بياض في «ز» ، وكتب على هامشها : طمس بالأصل. والمثبت عن المختصر ، وكتب محققه بالهامش أنه استدركها عن ابن عساكر (كذا) وفي سير الأعلام : يثنيك.

(٧) الأصل وم و «ز» : سمعته والمثبت عن سير الأعلام.

٣٣٨

حذّركم معاذ؟ قال : حذرنا زيغة الحكيم ، وقال : إنّ الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على فم الحكيم ، وقد يقول المنافق كلمة الحق ، ثم قال له : ارمم نفسك ، أو أرصم نفسك ـ شك يزيد ـ فو الله ما أنت إلّا أحد الثلاثة : مؤمن ، أو كافر ، أو منافق ، ثم قال : يرحم الله معاذ بن جبل ، ثم ما زال بعد لينا مقاربا في المجلس.

ورواه معبد عن يزيد.

أخبرناه أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن محمّد ، نا محمّد بن سعد ، أنا حمّاد بن عمرو النصيبي ، نا زيد بن رفيع ، عن معبد الجهني ، عن يزيد بن عميرة السّكسكي وكان تلميذا لمعاذ أن معاذا أمره أن يطلب العلم من أربعة : عبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن سلام ، وسلمان الفارسي ، وعويمر أبي الدّرداء.

وأخبرناه بتمامه أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأ أبو محمّد أحمد بن علي بن الحسن ، وأبو طاهر أحمد بن محمّد بن إبراهيم ، قالا : أنا إسماعيل بن الحسن بن عبد الله ، ثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي ، نا موسى بن خاقان ، نا حمّاد بن عمرو ، عن زيد بن رفيع ، عن معبد الجهني قال : جاء رجل يقال له يزيد بن عميرة السكسكي ، وكان تلميذا لمعاذ بن جبل ، فلمّا حضرت معاذا الوفاة قعد يزيد عند رأسه يبكي ، فنظر إليه معاذ فقال : ما يبكيك؟ فقال له يزيد : أنا والله ما أبكي لدنيا كنت أصيبها ، ولكني أبكي لما فاتني من العلم ، فقال له معاذ : إنّ العلم كما هو لم يذهب ، فاطلب العلم بعدي عند أربعة : عند عبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن سلام الذي قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «هو عاشر عشرة في الجنّة» [١٣٢٩١] ، وعند عمر ، ولكن عمر يشتغل عنك ، وعند سلمان الفارسي ، قال : فقبض معاذ ولحق يزيد بالكوفة ، فأتى مجلس عبد الله بن مسعود وهو ليس ثمّ ، فجعلوا يتذاكرون الإيمان ، فقال بعضهم : لو شهدت أنّي مؤمن لشهدت أنّي في الجنّة ، فقال يزيد : فأنا أشهد أنّي مؤمن ولا أشهد أنّي في الجنّة ، قال : فجاء عبد الله بن مسعود على ذلك الحال (١) ، فقالوا : يا أبا عبد الرّحمن ، ألا تسمع إلى ما يقول هذا الرجل؟ قال : وأيّ شيء يقول؟ قال : يشهد أنه مؤمن ولا يشهد أنّه في الجنّة ، فقال ابن مسعود ليزيد : وكذلك؟ قال : نعم ، قال :

__________________

(١) بالأصل وم : «من الحال» والمثبت عن «ز».

٣٣٩

ومن أين ذاك؟ قال يزيد : يا أبا عبد الرّحمن ، إنّ الله يقول : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا)(١) فمن أيّ هؤلاء أنت يا أبا عبد الرّحمن؟ قال : من الذين آمنوا ، قال : نعم ، [حتى قال ابن مسعود : اتقوا زلة العالم. قال يزيد : أبا لله كنت تلميذا لمعاذ بن جبل؟ قال : نعم](٢) قال ابن مسعود : إنّ معاذ بن جبل كان أمة قانتا لله حنيفا ، ولم يك (٣) من المشركين ، فقال أصحابه : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)(٤) ، فقال ابن مسعود : إنّ معاذ بن جبل كان أمّة قانتا لله حنيفا ولم يك (٥) من المشركين.

ورواه أبو قلابة الجرمي عن يزيد ولم يسمّه.

أخبرناه أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر محمّد بن هبة الله ، أنا محمّد بن الحسين ، أنا عبد الله ، نا يعقوب ، نا سليمان بن حرب ، نا حمّاد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة عن رجل كان يخدم معاذا قال :

لما مرض معاذ مرضه الذي مات فيه كان يغشى عليه أحيانا ويفيق أحيانا ، فغشي عليه غشية ظنناه لما به ، قال : فأفاق وأنا قبالته أبكي ، فقال لي : ما يبكيك؟ قال : قلت : أم والله ما أبكي على دنيا كنت أنا لها منك ، ولا على نسب بيني وبينك ، ولكني أبكي على العلم والحكم الذي كنت أسمع منك يذهب ، قال : لا تبك ، فإن العلم والإيمان مكانهما ، من ابتغاهما وجدهما ، وابتغه حيث ابتغاه إبراهيم ، فإنه سأل الله تبارك وتعالى وهو لا يعلم ثمّ تلا [قوله تعالى](٦) : (إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ)(٧) وابتغه بعدي عند أربعة نفر ، فإن وجدته عندهم وإلّا فسائر الناس أغنى به ، عبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن سلام ، وسلمان الفارسي ، وعويمر أبي الدّرداء ، وإيّاك وزيغة الحكيم ، وحكم المنافق ، قلت له : وكيف أعلم زيغة الحكيم وحكم المنافق؟ قال : كلمة الضلالة يلقيها الشيطان على لسان الحكيم فلا تحملها ولا تقبل منه ، وإن المنافق قد يقول الحكم ، وخذ العلم إذا جاءك فإنّ على الحق نورا ، وإياك ومغمضات الأمور.

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية : ٦٢.

(٢) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن «ز» ، وم.

(٣) الأصل : يكن ، والمثبت عن «ز» ، وم.

(٤) سورة النحل ، الآية : ١٢٠.

(٥) الأصل : يكن ، والمثبت عن «ز» ، وم.

(٦) زيادة عن «ز» ، سقطت من الأصل وم.

(٧) سورة الصافات ، الآية : ٩٩.

٣٤٠