تاريخ مدينة دمشق - ج ٦٤

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٦٤

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٨٤
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

يعني : ابن عبيد الله ، عن أبيه ، عن أم الدّرداء عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في قوله : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ)(١) قال : «يغفر ذنبا ، ويكشف كربا ، ويجيب داعيا ، ويرفع قوما ويضع آخرين» [١٣٠٥٣].

أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمّد بن البغدادي ، أنا أبو عبد الله العبدي ، أنا الحسن بن محمّد بن أحمد ، أنا أحمد بن محمّد بن عمر ، نا ابن أبي الدنيا ، أخبرني عمر بن بكير ، عن علي بن محمّد القرشي ، عن يحيى بن إسماعيل بن أبي المهاجر ، عن أبيه قال (٢) :

استشهد ابن لأبي أمامة الحمصي ، فكتب إليه عمر : الحمد لله على آلائه وقضائه وحسن بلائه ، [قد بلغني](٣) الذي ساق إلى عبد الله بن أبي أمامة الشهادة ، فقد عاش بحمد الله في الدنيا مأمونا ، وأفضى إلى الآخرة شهيدا ، فقد وصل إليكم من الله خير كثير (٤) إن شاء الله.

أنبأنا أبو الغنائم بن النرسي ، ثم حدّثنا أبو الفضل ، أنا أبو الفضل وأبو الحسين وأبو الغنائم ـ واللفظ له ـ قالوا : أنا أبو أحمد ـ زاد أبو الفضل ومحمّد بن الحسن قالا : ـ أنا أحمد بن عبدان ، أنا محمّد بن سهل ، أنا البخاري قال (٥) : يحيى بن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر ، مولى بني مخزوم ، الشامي.

أنبأنا أبو الحسين ، وأبو عبد الله ، قالا : أنا ابن مندة ، أنا حمد ـ إجازة ـ.

ح قال : وأنا أبو طاهر ، أنا علي.

قالا : أنا ابن أبي حاتم قال (٦) :

يحيى بن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر ، مولى بني مخزوم ، أخو عبد العزيز بن إسماعيل بن عبيد الله ، روى عن أبيه ، روى عنه الوليد بن مسلم ، وأبو مسهر ، سمعت أبي يقول ذلك ، سألت أبي عنه فقال : ليس به بأس.

__________________

(١) سورة الرحمن ، الآية : ٢٩.

(٢) الخبر في التعازي والمرائي للمبرد ص ٤٧.

(٣) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وم ، واستدرك لاقتضاء السياق عن التعازي والمرائي.

(٤) بالأصل : كبير ، والمثبت عن م ، والتعازي والمرائي.

(٥) التاريخ الكبير للبخاري ٨ / ٢٦١.

(٦) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٩ / ١٢٦.

٦١

أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله ـ قراءة ـ عن أبي الحسين الآبنوسي ، أنا أبو القاسم بن عتّاب ، أنا ابن جوصا ـ إجازة ـ.

ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّوسي ، أنا أبو عبد الله بن أبي الحديد ، أنا أبو الحسن الربعي ، أنا أبو الحسين الكلابي ، أنا ابن جوصا ـ قراءة ـ قال : سمعت ابن سميع يقول في الطبقة الخامسة : عبد الغفّار ، وعبد العزيز ، وعبد الحكيم ، وقال ابن عتّاب : وعبد الحليم ، ويحيى بنو إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر ، القرشي ، [المخزومي](١) دمشقي.

٨١٠٨ ـ يحيى بن أكثم بن محمّد بن قطن بن سمعان (٢) بن مشنّج (٣)

ابن عبد عمرو بن عبد العزّي بن أكثم بن صيفي بن شريف بن محاسن

ذي الأعواد بن معاوية بن رياح بن حروة بن أسيّد بن عمرو بن تميم

ابن أد بن طابخة أبو محمّد التميمي الأسيّدي المروزي (٤)

قاضي القضاة للمأمون.

حدّث عن عبد الله بن إدريس ، والفضل بن موسى السيناني ، ووكيع بن الجرّاح ، والنضر بن شميل ، وجرير بن عبد الحميد ، وعبد الله بن المبارك ، وحفص بن عبد الرّحمن النيسابوري ، ويحيى بن الضريس ، ومهران بن أبي عمر الرازيين ، وسفيان بن عيينة ، وعبد العزيز الدراوردي ، وعيسى بن يونس ، وعلي بن عيّاش الحمصي ، وأبي توبة الحلبي (٥) ، والمأمون.

روى (٦) عنه : محمّد بن إسماعيل البخاري ، وأبو حاتم الرّازي ، وأبو عيسى الترمذي ،

__________________

(١) سقطت من الأصل ، وزيدت عن م.

(٢) في تبصير المنتبه : سمعان بكسر السين (٤ / ١٢٨٩) ، والمثبت بفتحها عن وفيات الأعيان.

(٣) عن وفيات الأعيان ٦ / ١٦٤ وبالأصل وم : شيخ ، وضبطت كما قيدها ابن خلكان بضم الميم وفتح النون المشددة وفتح الشين.

(٤) ترجمته في تهذيب الكمال ٢٠ / ١٨٠ وتهذيب التهذيب ٦ / ١١٧ ووفيات الأعيان ٦ / ١٦٤ وتاريخ بغداد ١٤ / ١٩١ ومروج الذهب (الفهارس) والكامل لابن الأثير (الفهارس) وسير أعلام النبلاء ١٢ / ٥ وأخبار القضاة لوكيع ٢ / ١٦١ والتاريخ الكبير ٨ / ٢٦٣ والجرح والتعديل ٩ / ١٢٩ وميزان الاعتدال ٤ / ٣٦١ والأغاني ٢٠ / ٢٥٥.

والأسيّدي هذه النسبة إلى أسيّد بن عمرو ، بطن من تميم.

(٥) هو الربيع بن نافع الحلبي ، ترجمته في تهذيب الكمال ٦ / ١٥٠.

(٦) من قوله : الدراوردي ... إلى هنا سقط من م.

٦٢

وإسماعيل بن إسحاق القاضي ، وأخوه حمّاد بن إسحاق ، ومحمّد بن إبراهيم البرتي (١) ، وأبو عيسى بن العرّاد (٢) ، وأبو علي الحسن (٣) بن أحمد بن عبد الله المالكي ، وعبد الله بن محمود المروزي ، والقاسم بن محمّد بن عبد الرّحمن الجدّي.

وقدم دمشق مع المأمون.

أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك ، أنا أبو طاهر بن محمود (٤) ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، نا القاسم بن محمّد بن عبد الرّحمن الجدّي ، نا يحيى بن أكثم ، نا جرير ، عن منصور ، عن ربعي ، عن أبي مسعود البدري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن مما أدرك الناس من كلام النبوّة الأولى : إذا لم تستحي (٥) فاصنع ما شئت» [١٣٠٥٤].

أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين ، أنا أبو الحسين بن أبي نصر ، أنا أبو بكر الميانجي ، نا أبو عيسى بن عرّاد ـ ببغداد ـ نا يحيى بن أكثم ، نا عبد الله بن إدريس ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ضرب وغرّب (٦) ، وأن أبا بكر ضرب وغرّب ، وأن عمر ضرب وغرّب [١٣٠٥٥].

قال القاضي الميانجي : هكذا حدّثناه ابن عرّاد عن يحيى بن أكثم ، وهذا الحديث إنما هو معروف عن أبي كريب ، وأنه المنفرد به.

رواه الترمذي في جامعه عن يحيى بن أكثم ، ورواه أبو بكر الخطيب (٧) في تاريخه عن أبي الحسين بن أبي نصر ، وذكر كلام الميانجي ، ثم قال في ما أخبرنا أبو منصور بن زريق ، أنا ـ وأبو الحسن بن سعيد ، قالا : قال لنا أبو بكر الخطيب : الأمر على ما ذكر إلّا أن جماعة قد رووه عن عبد الله بن إدريس هكذا مرفوعا متصلا ، ولم يكن فيهم ثبت سوى أبي كريب.

ورواه يوسف بن محمّد بن سابق عن ابن إدريس ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مرسلا ، وخالفه محمّد بن عبد الله بن نمير ، وأبو سعيد الأشج ، فروياه عن ابن

__________________

(١) تقرأ بالأصل وم : البري ، والمثبت عن تهذيب الكمال.

(٢) واسمه : أحمد بن محمد بن موسى بن العراد البغدادي البزاز.

(٣) كذا بالأصل وم ، وفي تهذيب الكمال : الحسين.

(٤) من قوله : المروزي ... إلى هنا سقط من م.

(٥) كذا بالأصل وم والمختصر.

(٦) يعني في حدّ الزّنا.

(٧) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٤ / ١٩١ ـ ١٩٢.

٦٣

إدريس عن عبيد الله (١) ، عن نافع ، عن ابن عمر : أن أبا بكر ضرب وغرّب ، وأن عمر ضرب وغرّب ، ولم يذكرا النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهو الصواب.

قرأت على أبي محمّد بن حمزة ، عن عبد العزيز بن أحمد ، أنا تمام بن محمّد ، أنا أحمد بن عبد الله بن الفرج ، نا أحمد بن إبراهيم ـ يعني : ابن عبادل ـ نا أحمد بن إبراهيم بن هشام ، حدّثني أبي قال : لما دخل المأمون مسجد دمشق ومعه أبو إسحاق المعتصم ، ويحيى بن أكثم ، فذكر حكاية.

قرأت على أبي القاسم الشّحّامي ، عن أبي بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : سمعت أبا العبّاس المحبوبي يقول : سمعت محمّد بن جابر الفقيه يقول : سمعت هشام بن عمّار يقول : جلس (٢) يحيى بن أكثم هاهنا ، وأشار إلى موضع في مسجد دمشق ، وذكر حكاية.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا أبو محمّد بن الكتاني ، أنا أبو محمّد العدل ، أنا أبو الميمون ، نا أبو زرعة (٣) ، حدّثني سليمان ـ وهو ابن عبد الرّحمن ـ قال : سمعت يحيى بن أكثم يسأل أبا مسهر عن وفاة سليمان بن موسى ، فلم يجب في ذلك بشيء.

أنبأنا أبو الحسين الأبرقوهي ، وأبو عبد الله الخلّال ، قالا : أنا أبو القاسم بن مندة ، أنا أبو علي ـ إجازة ـ.

ح قال : وأنا أبو طاهر ، أنا علي.

قالا : أنا ابن أبي حاتم قال (٤) :

يحيى بن أكثم التميمي المروزي ، وهو ابن أكثم بن محمّد الأسيّدي (٥) ، روى عن الفضل بن موسى ، وابن إدريس ، ووكيع ، سمعت أبي يقول ذلك ، ويقول : كتبت عنه بمكّة.

أخبرنا أبو منصور بن زريق ، أنا ـ وأبو الحسن بن سعيد ، نا ـ أبو بكر الخطيب (٦) ، نا الصوري.

__________________

(١) الأصل وم : عبد الله ، والمثبت عن تاريخ بغداد.

(٢) الأصل : «حد» والمثبت عن م.

(٣) رواه أبو زرعة الدمشقي ٢ / ٦٩٥.

(٤) الجرح والتعديل ٩ / ١٢٩.

(٥) كذا بالأصل وم : «الأسيدي» وفي الجرح والتعديل : «الأسدي» وبهامشه عن إحدى نسخه : الأسيدي.

(٦) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٤ / ١٩٧.

٦٤

ح وقرأت على أبي الفضل بن ناصر ، عن جعفر بن يحيى ، أنا أبو نصر الوائلي.

قالا : أنا الخصيب بن عبد الله القاضي ، أنا عبد الكريم بن أحمد بن شعيب النسائي ، أخبرني أبي قال : أبو محمّد يحيى بن أكثم أحد الفقهاء ـ زاد الوائلي : مروزي ، روى عن ابن المبارك ، وعن جرير ، ووكيع ، وقالا : روى عنه علي بن المديني ، ومحمّد بن علي بن الحسن بن شقيق.

أنبأنا أبو جعفر [بن](١) أبي علي ، أنا أبو بكر الصفّار ، أنا أحمد بن علي بن منجويه ، أنا أبو أحمد قال :

أبو زكريا يحيى بن أكثم بن محمّد بن قطن الأسيّدي ، ويقال : التميمي ، المروزي ، القاضي ، سمع محمّد بن جعفر الهذلي ، ويحيى بن سعيد القطّان ، كنّاه لنا الثقفي.

كتب إليّ أبو زكريا يحيى بن عبد الوهّاب بن مندة ، وحدّثني أبو بكر اللفتواني عنه ، أنا عمي أبو القاسم ، عن أبيه أبي عبد الله قال : قال لنا أبو سعيد بن يونس : يحيى بن أكثم القاضي ، يكنّى أبا محمّد ، بغدادي ، قدم مصر مع المأمون سنة سبع عشرة ومائتين ، وكتب عنه بمصر ، ورجع مع المأمون إلى بغداد.

أخبرنا أبو منصور بن زريق ، أنا ـ وأبو الحسن (٢) بن سعيد ، نا ـ أبو بكر الخطيب (٣) ، أخبرني محمّد بن أحمد بن يعقوب ، أنا محمّد بن نعيم ، قال : سمعت أبا عبد الله محمّد بن يعقوب الشيباني يقول : سمعت أبي يقول : قال رجل ليحيى بن أكثم : يا أبا زكريا ، فقال له يحيى : قست فأخطأت ، وكانت كنيته أبو محمّد.

قال الخطيب (٤) : وأخبرني محمّد بن علي المقرئ ، أنا محمّد بن عبد الله أبو عبد الله الحافظ النيسابوري قال : يحيى بن أكثم بن محمّد التميمي ، أبو محمّد القاضي المروزي ، كان من أئمة أهل العلم ، ومن نظر له في كتاب «التنبيه» عرف تقدمه في العلوم.

قال الخطيب : وأنا التنوخي قال : قال طلحة بن محمّد بن جعفر : ويحيى بن أكثم

__________________

(١) سقطت من الأصل وزيدت عن م.

(٢) تحرفت بالأصل إلى : الحسين ، والمثبت عن م.

(٣) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٤ / ١٩٣.

(٤) تاريخ بغداد ١٤ / ١٩٧.

٦٥

أحد أعلام الدنيا ، ومن قد اشتهر أمره وخبره ، ولم يستتر عن الكبير والصغير من الناس فضله وعلمه ورئاسته ، وسياسته لأمره ، وأمر أهل زمانه من الخلفاء والملوك ، واسع العلم بالفقه ، كثير الأدب ، حسن العارضة (١) ، قائم بكل معضلة ، غلب على المأمون ، حتى لم يتقدمه أحد عنده من الناس جميعا ، وكان المأمون ممن برع في العلوم ، فعرف من حال يحيى بن أكثم وما هو عليه من العلم والعقل ما أخذ بمجامع قلبه ، حتى قلّده قضاء القضاة وتدبير أهل مملكته ، فكانت الوزراء لا تعمل في تدبير الملك شيئا إلّا بعد مطالعة يحيى بن أكثم ، ولا يعلم أحدا غلب على سلطانه في زمانه إلّا يحيى بن أكثم ، وابن أبي دؤاد (٢).

قال الخطيب (٣) : يحيى بن أكثم بن محمّد بن قطن بن سمعان بن مشنّج ، من ولد أكثم بن صيفي التميمي ، يكنى أبا محمّد ، وهو مروزي ، سمع عبد الله بن المبارك ، والفضل بن موسى السيناني ، وحفص بن عبد الرّحمن النيسابوري ، ويحيى بن الضريس ، ومهران بن أبي عمر الرازيين ، وجرير بن عبد الحميد الضبّي ، وعبد الله بن إدريس الأودي ، وسفيان بن عيينة ، وعبد العزيز الدراوردي ، وعيسى بن يونس ، ووكيع بن الجراح ، وعلي بن عيّاش الحمصي ، وأبا توبة الحلبي ، روى عنه محمّد بن إسماعيل البخاري ، وأبو حاتم الرّازي ، وإسماعيل بن إسحاق القاضي ، وأخوه حمّاد بن إسحاق ، ومحمّد بن إبراهيم البرتي (٤) ، وأبو عيسى بن العرّاد ، وغيرهم ، وكان عالما بالفقه ، بصيرا بالأحكام ، ولّاه المأمون القضاء ببغداد.

قال الخطيب (٥) : وأنبأنا محمّد بن أحمد بن رزق ، أنا أبو علي بن الصواف ، نا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : لما سمع يحيى بن أكثم بن ابن المبارك وكان صغيرا صنع أبوه طعاما ودعا الناس ثم قال : اشهدوا أن هذا سمع من ابن المبارك وهو صغير.

أخبرنا أبو الحسن الفرضي ، وأبو يعلى بن الحبوبي ، قالا : أنا سهل بن بشر ، أنا علي [بن منير](٦) بن أحمد ، أنا الحسن بن رشيق ، قال : قال لنا أبو عبد الرّحمن النسائي :

__________________

(١) رسمها بالأصل وم : العاصره.

(٢) تحرفت بالأصل وم إلى : داود ، والتصويب عن تاريخ بغداد.

(٣) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٤ / ١٩١.

(٤) تقرأ بالأصل وم : البري ، والمثبت عن تاريخ بغداد.

(٥) تاريخ بغداد ١٤ / ١٩٢.

(٦) اللفظتان استدركتا عن م.

٦٦

ومن فقهاء أهل خراسان : الضحّاك بن مزاحم ، وإبراهيم الصائغ ، قتله أبو مسلم ، وعبد الله بن المبارك ، والنضر بن محمّد المروزي ، وبعد هؤلاء : أحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهوية ، ويحيى بن أكثم (١).

أخبرنا أبو منصور الشيباني ، أنا ـ وأبو الحسن بن سعيد ، نا ـ أبو بكر الخطيب (٢) ، أنا أبو حازم عمر بن أحمد العبدوي ، أنا أبو الفضل بن خميرويه الهروي ، أنا أبو جعفر أحمد بن محمّد الشامي ، عن أبي داود السنجي ، قال : سمعت يحيى بن أكثم يقول : كنت عند سفيان فقال : ابتليت بمجالستكم بعد ما كنت أجالس من جالس أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، من أعظم مني مصيبة ، فقلت : يا أبا محمّد ، الذين بقوا حتى جالسوك بعد مجالسة أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كانوا أعظم مصيبة منك.

قال (٣) : وأنا الجوهري ، أنا طلحة بن محمّد بن جعفر الشاهد ، نا أبو بكر الصولي ، نا الكديمي ، نا علي بن المديني قال : خرج سفيان بن عيينة إلى أصحاب الحديث وهو ضجر فقال : أليس من الشقاء أن أكون جالست ضمرة بن سعيد ، وجالس أبا سعيد الخدري ، وجالست عمرو بن دينار وجالس جابر بن عبد الله ، وجالست عبد الله بن دينار ، وجالس ابن عمر ، وجالست الزهري وجالس أنس بن مالك ، حتى عدد جماعة ، ثم أنا أجالسكم ، فقال له حدث في المجلس : أتنصف (٤) يا أبا محمّد؟ قال : إن شاء الله ، قال له : والله لشقاء من جالس أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بك أشد من شقائك بنا ، فأطرق وتمثّل بشعر أبي نواس (٥) :

خلّ جنبيك لرام

وامض عنه بسلامه

مت بداء الصمت خير

لك من داء الكلام

فسأل : من الحدث؟ فقالوا : يحيى بن أكثم ، فقال سفيان : هذا الغلام يصلح لصحبة هؤلاء ـ يعني : السلطان ـ.

__________________

(١) رواه المزي في تهذيب الكمال ٢٠ / ٢٤.

(٢) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٤ / ١٩٢.

(٣) القائل : أبو بكر الخطيب ، والخبر في تاريخ بغداد ١٤ / ١٩٢ ورواه ، من طريق محمد بن يونس الكديمي ، المزي في تهذيب الكمال ٢٠ / ٢٥.

(٤) الأصل وم : «انتصف» والمثبت عن تاريخ بغداد.

(٥) البيتان في ديوان أبي نواس ص ٦٢٠ (طبعة بيروت) من قصيدة بعنوان : داء الصمت.

٦٧

قال (١) : وأنا أحمد بن الحسين حدثنا (٢) محمّد بن عبد الله بن بخيت الدقّاق ، أنا أبو نصر أحمد بن محمّد بن أحمد بن شجاع البخاري ، أنا خلف بن محمّد الخيام ، نا سهل بن شاذويه قال : سمعت عليا ـ يعني : ابن خشرم ـ يقول : أخبرني يحيى بن أكثم أنه صار إلى حفص بن غياث ، فتعشى عنده ، فأتى حفص بعسّ فشرب منه ، ثم ناوله أبا بكر بن أبي شيبة فشرب منه فناوله أبو بكر يحيى بن أكثم فقال له : يا أبا بكر ، أيسكر كثيره؟ قال : أي والله ، وقليله ، فلم يشرب.

أخبرنا أبو منصور عبد الرّحمن بن محمّد الشيباني ، أنا ـ وأبو الحسن علي بن الحسن ، نا ـ أبو بكر أحمد بن علي (٣) ، نا يحيى بن علي الدسكري ، أنا أبو بكر بن المقرئ ـ بأصبهان ـ.

ح وأخبرنا بها عالية أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء ، أنا منصور بن الحسين ، وأحمد بن محمود ، قالا : أنا أبو بكر بن المقرئ.

قال : سمعت صالح بن محمّد ـ يعني : أبا الفضل بن شاذان ـ يقول : سمعت منصور بن إسماعيل يقول : ولي يحيى بن أكثم قضاء البصرة وهو شاب ابن إحدى وعشرين سنة ـ أو كما قال ـ قال : فاستزري ـ وقال أبو الفرج : فاستزروا ـ به مشايخ البصرة واستصغروه ، فقالوا : كم سن القاضي؟ قال : سن عتاب بن أسيد حيث ولاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على مكّة.

أخبرنا أبو منصور ، أنا ـ وأبو الحسن ، نا ـ الخطيب (٤) ، أنا الحسن بن أبي بكر قال : ذكر أبو علي عيسى بن محمّد الطوماري أنه سمع أبا حازم القاضي يقول ـ زاد ابن خيرون : سمعت أبي يقول وقالا : ـ ولي يحيى بن أكثم القاضي البصرة وسنّه عشرون أو نحوها ، قال : فاستصغره (٥) أهل البصرة ، فقال له أحدهم : كم سنو القاضي؟ قال : فعلم أنه قد استصغر ، فقال : أنا أكبر من عتاب بن أسيد الذي وجّه به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قاضيا على أهل مكة يوم

__________________

(١) القائل : أبو بكر الخطيب ، والخبر في تاريخ بغداد ١٤ / ١٩٣.

(٢) بالأصل وم : «بن» والمثبت عن تاريخ بغداد.

(٣) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٤ / ١٩٨ ـ ١٩٩.

(٤) تاريخ بغداد ١٤ / ١٩٩.

(٥) بالأصل : فاستصغروه» والمثبت عن م ، وتاريخ بغداد.

٦٨

الفتح ، وأنا أكبر من معاذ بن جبل الذي وجه به النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قاضيا على أهل اليمن ، وأنا أكبر من كعب بن سور الذي وجّه به عمر بن الخطاب قاضيا على أهل البصرة ، قال : وبقي سنّه لا يقبل بها شاهدا ، قال : فتقدم إليه أبي ـ وكان أحد الأمناء ـ فقال له : أيها القاضي ، قد وقفت الأمور وترتبت. قال : وما السبب؟ قال : في ترك القاضي قبول الشهود ، قال : فأجاز في ذلك اليوم شهادة سبعين شاهدا.

قال (١) : وأخبرني محمّد بن أحمد بن يعقوب ، أنا محمّد بن نعيم الضبي ، قال : سمعت أبا منصور محمّد بن القاسم العتكي يقول : سمعت الفضل بن محمّد الشعراني يقول : سمعت يحيى بن أكثم يقول : القرآن كلام الله ، فمن قال : مخلوق يستتاب ، فإن تاب وإلّا ضربت عنقه.

قال (٢) : وأنا علي بن طلحة المقرئ ، أنا محمّد بن العبّاس ، نا أبو مزاحم موسى بن عبيد الله (٣) ، حدّثني عمّي من حفظه غير مرة قال : سألت أحمد بن حنبل عن يحيى بن أكثم؟ فقال : ما عرفناه ببدعة.

قال (٤) : وأنا أبو الحسن محمّد بن عبد الواحد ، نا محمّد بن العبّاس ، نا محمّد بن هارون بن المجدر ، نا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : وذكر يحيى بن أكثم عند أبي فقال : ما عرفت فيه بدعة ، فبلغت يحيى ، فقال : صدق أبو عبد الله ، ما عرفني ببدعة قط.

قال : وذكر له ما يرميه (٥) الناس ، فقال : سبحان الله ، سبحان الله ، ومن يقول هذا؟ وأنكر ذلك أحمد إنكارا شديدا.

قرأت على أبي محمّد طاهر بن سهل بن بشر ، عن أبي بكر الخطيب ، أنا محمّد بن أحمد بن رزق ، نا إسماعيل بن علي الخطبي ، نا الحارث بن محمّد بن أبي أسامة قال : قال لي بعض أصحابنا : سمعت يحيى بن أكثم يقول : وليت القضاء وقضاء القضاة ، والوزارة ، وكذا وكذا ، ما سررت بشيء كسروري بقول المستملي من ذكرت رضي الله عنك (٦).

__________________

(١) القائل : أبو بكر الخطيب ، والخبر في تاريخ بغداد ١٤ / ١٩٨.

(٢) تاريخ بغداد ١٤ / ١٩٨.

(٣) كذا بالأصل وم ، وفي تاريخ بغداد : موسى بن عبد الله.

(٤) تاريخ بغداد ١٤ / ١٩٨.

(٥) كذا بالأصل وم ، وفي تاريخ بغداد : يريب.

(٦) سير أعلام النبلاء ١٢ / ٨.

٦٩

أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله ـ مناولة وإذنا وقرأ عليّ إسناده ـ أنا محمّد بن الحسين (١) ، أنا المعافى بن زكريا ، نا محمّد بن الحسن بن زياد المقرئ ، نا عبد الله بن محمود ـ بمرو ـ قال : سمعت يحيى بن أكثم يقول : كنت قاضيا وأميرا ووزيرا وقاضيا على القضاة ، ما ولج سمعي أحلى من قول المستملي من ذكرت رضي الله عنك.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ـ قراءة ـ نا عبد العزيز الكتاني ، نا العلاء بن حزم ، نا علي بن بقاء ، نا عبد الغني بن سعيد ، حدّثني الحسن بن إسماعيل الغسّاني الضرّاب ، قال : سمعت أباك أبا بشر سعيد بن علي يقول : سمعت أحمد بن يحيى بن أبي المهاجر.

ح وأنبأنا أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن إبراهيم ، وحدّثنا أبو بكر يحيى بن سعدون بن تمام عنه ، أنا أبو إبراهيم أحمد بن القاسم بن حمزة الحسيني ، بانتقاء أبي نصر السجزي الحافظ عليه بمصر ، وكتبته عنه بخطي ، أنا أبو نزار أحمد بن عبد القوي بن جبريل ، نا أبو النجا ، وهو محمّد بن المطهّر الفارض ـ قال : سمعت أحمد بن يحيى بن أبي المهاجر.

يقول : سمعت يحيى بن عثمان بن صالح يقول : سمعت يحيى بن أكثم قاضي القضاة يقول : جالست الخلفاء ، وناظرت العلماء ، فلم أر شيئا أحلى من قول المستملي : من ذكرت يرحمك الله.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا عمر بن عبيد الله بن عمر ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا عثمان بن أحمد بن السمّاك ـ إجازة ـ أخبرني أبو أيوب العثماني الضرير.

ح وأخبرنا أبو منصور بن زريق ، أنا ـ وأبو الحسن بن سعيد ، نا ـ الخطيب (٢) ، أنا علي بن محمّد بن عبد الله المعدّل ، أنا عثمان بن أحمد الدقّاق أنّ أبا أيوب العثماني الضرير أخبرهم [قال :](٣) أخبرني بعض الأدباء عن بكر بن أحمد البزار البصري (٤) أنه دخل على يحيى بن أكثم فقال له : أيها القاضي ، أتأذن لي في الكلام ، فإنّ مجلسك مجلس حكم ، فقال له : قل ، فأنشأ يقول :

__________________

(١) تحرفت بالأصل إلى : الحسن ، والمثبت عن م.

(٢) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٤ / ١٩٤.

(٣) زيادة عن تاريخ بغداد.

(٤) كذا بالأصل وم ، وفي تاريخ بغداد : النضري.

٧٠

ما ذا تقول كلاك الله في رجل

يهوى عجوزا أراها بنت تسعين

قال : فنكت القاضي في الأرض ورفع رأسه وأنشأ يقول :

يبكي عليه وقد حقّ البكاء له

إنّ العجوز لها حين من الحين

أخبرنا أبو منصور ، أنا ـ وأبو الحسن (١) ، نا ـ الخطيب (٢) ، أنا التنوخي ، أنا طلحة بن محمّد بن جعفر ، حدّثني أحمد بن جعفر الصباغ ، نا إسماعيل بن إسحاق قال : سمعت يحيى بن أكثم يقول : اختصم إليّ هاهنا في الرصافة الجد الخامس يطلب ميراث ابن ابن ابن ابنه.

قال (٣) : وأخبرني القاضي أبو عبد الله الحسين بن علي الصميري ، نا محمّد بن عمران المرزباني ، أخبرني الصولي ، نا أبو العيناء ، نا أحمد بن أبي دؤاد (٤) قال الصولي : وحدّثنا محمّد بن أبي (٥) موسى بن حمّاد ، نا المشرف بن سعيد ، نا محمّد بن منصور ـ واللفظ لأبي العيناء ـ قال : كنا مع المأمون في طريق الشام ، فأمر فنودي بتحليل المتعة ، فقال لنا يحيى بن أكثم : بكّرا غدا إليه ، فإن رأيتما للقول وجها فقولا ، وإلّا فاسكتا إلى أن أدخل ، قال : فدخلنا إليه وهو يستاك ويقول : وهو مغتاظ ، متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وعلى عهد أبي بكر ، وأنا أنهى عنهما ، ومن أنت يا أحول حتى تنهى عما فعله النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأبو بكر؟ فأومأت إلى محمّد بن منصور أن أمسك رجل يقول في عمر بن الخطّاب ما يقول نكلمه نحن؟ فأمسكنا وجاء يحيى ، فجلس وجلسنا. فقال المأمون ليحيى : ما لي أراك متغيرا؟ قال : هو غمّ يا أمير المؤمنين ، لما حدث في الإسلام ، قال : وما حدث؟ قال : النداء بتحليل الزنا ، قال : الزنا؟ قال : نعم ، المتعة زنا ، قال : ومن أين قلت هذا؟ قال : من كتاب الله ، وحديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال الله تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) إلى قوله : (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ)(٦) يا أمير المؤمنين ، زوجة المتعة ملك يمين؟ قال : لا ، قال : فهي الزوجة التي

__________________

(١) تحرفت بالأصل إلى : الحسين ، والمثبت عن م ، والسند معروف.

(٢) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٤ / ١٩٦ ـ ١٩٧.

(٣) القائل : أبو بكر الخطيب ، والخبر بطوله في تاريخ بغداد ١٩٩ / ـ ٢٠٠.

(٤) تحرفت بالأصل وم إلى : داود ، والمثبت عن تاريخ بغداد.

(٥) كذا بالأصل وم ، وفي تاريخ بغداد : بن موسى.

(٦) سورة المؤمنون : الآيات ١ ـ ٧.

٧١

عنى الله ترث وتورث ، وتلحق الولد ولها شرائطها؟ قال : لا ، قال : فقد صار متجاوز هذين من العادين ، وهذا الزهري يا أمير المؤمنين روى عن عبد الله والحسن ابني محمّد بن الحنفية عن أبيهما محمّد ، عن علي بن أبي طالب قال : أمرني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بأن أنادي بالنهي عن المتعة وتحريمها ، بعد أن كان أمر بها ، فالتفت إلينا المأمون فقال : أمحفوظ هذا من حديث الزهري؟ فقلنا : نعم يا أمير المؤمنين ، رواه جماعة منهم مالك ، فقال : أستغفر الله ، نادوا بتحريم المتعة ، فنادوا بها.

قال الصولي : فسمعت إسماعيل بن إسحاق يقول : وقد ذكر يحيى بن أكثم فعظم أمره وقال : كان له يوم في الإسلام لم يكن لأحد مثله ، وذكر هذا اليوم. فقال له رجل : فما كان يقال؟ قال : معاذ الله أن تزول عدالة مثله بتكذيب باغ وحاسد ، وكانت كتبه في الفقه أجلّ كتب ، فتركها الناس لطولها.

قرأت على أبي محمّد بن حمزة ، عن (١) عبد العزيز بن أحمد ، أنا علي بن موسى بن الحسين ، أنا محمّد بن عبد الله بن أحمد الربعي ، أنا أبو أحمد العباسي محمّد بن عبد الله بمكّة ـ نا اليمان بن عباد البصري ، نا مسلم بن حاتم الأنصاري قال :

كنا يوما عند زهير البابي (٢) نعوده ، وإذا نحن برجل يقول في الدار : يا جارية ، يا غلام ، قال : فأشرف عليه بعض من كان يخدمه ، فقال : من هذا؟ قال : أخبر أبا عبد الرّحمن أن القاضي بالباب ، قال : فجاء فأخبره ، قال : فقال زهير : ما لي وللقاضي ، وما للقاضي ولي ، قال : وقد كان جاءه قبل ذلك بيوم فحجبه ، قال : فقدم إليه رجلين من أمنائه : العيشي وإسحاق بن حمّاد بن زيد ، قال : وقال لهما : إنّي قد ذهبت إلى زهير اليوم فحجبني ، فاغدوا عليه وكونا عنده حتى أجيء ، فإن أذن لي فذاك وإلّا فسهّلا أمري ، قال : فأقبل عليه العيشي ، فقال : يا أبا عبد الرّحمن قاضي أمير المؤمنين جاء يعودك إن رأيت أن تأذن له ، قال : يا عيشي أنت أيضا من هذا الضرب ، ما للقاضي وعيادة زهير؟ قال : فأقبل عليه ابن حمّاد بن زيد فقال : يا أبا عبد الرّحمن ، إن رأيت أن تأذن له ، فلعله أن يسمع منك كلمة ينفعه الله بها ،

__________________

(١) تحرفت بالأصل إلى : بن ، والمثبت عن م.

(٢) البابي نسبة إلى باب الأبواب ، موضع بالثغور ، وهي مدينة دربند على بحر الخزر ، وعليها سور من الحجارة ممتد من الجبل طولا. وهو زهير بن نعيم أبو عبد الرحمن البابي السلولي العجلي ، راجع ترجمته في تهذيب الكمال ٦ / ٣٥٠.

٧٢

قال : فما زالا بالشيخ حتى قال : ائذنوا له ، قال : فصعد إلينا يحيى بن أكثم وهو يومئذ كهل وعليه كسوة عجيبة ، قال : فتخشخش جميع من في البيت ، قال : وزهير لا يتحرك ، قال : حتى جلس يحيى ، فانكبّ على رأسه فقبّله ثم قال : يا أبا عبد الرّحمن كيف أصبحت؟ كيف تجدك؟ قال : أنا بخير والحمد لله ، وأنا في عافية ، قال : جعلك الله بخير يا أبا عبد الرّحمن ، جئتك أمس فمنعتني ، وجئتك اليوم ، فكدت أن لا تأذن لي ، بلغك عني أمر تكرهه؟ اشتكاني إليك أحد؟ تظلم أحد من قبلي ، فأستغفر الله وأرجع وأتوب ، إلى أن قال [في](١) كلامه ، والله يا أبا عبد الرّحمن ما تركت ، قال : فقال زهير : خذوا بيدي ، قال : فأخذوا بيده ، فجلس فقال : يا يحيى ، من لم يدعك؟ ضربت سوطا قط! أخذ من مالك دينار قط! حبست يوما إلى الليل قط ، قال : لا ، والله ، ولكن ما أرى الله أتى بك من أقاصي مرو ، وقلّدك هذه القلادة لخير يريده بك ، قال : فجعل يبكي ، ثم قال له في آخر كلامه : يا أبا عبد الرّحمن لك حاجة توصي بها بشيء؟ قال : ما لي إليك حاجة إلّا أن تؤثر الله على ما سواه.

أخبرنا أبو محمّد هبة الله بن سهل بن عمر ، أنا جدي السيّد أبو المعالي عمر بن القاضي أبي عمر محمّد بن الحسين البسطامي ، نا الحاكم أبو عبد الله محمّد بن عبد الله الحافظ ، قال : سمعت إسماعيل بن محمّد بن الفضل الشعراني يقول : سمعت جدي يقول (٢) : سمعت يحيى بن أكثم يقول : كان لي أخ مروزي ، فكان يكتب إليّ في الأحايين ، وما كتب إليّ إلّا انتفعت بكتابه ، قال : فكتب إليّ مرة : بسم الله الرّحمن الرحيم ، يا يحيى اعتبر بما ترى ، واتّعظ بما تسمع قبل أن تصير عبرة للناظرين ، وعظة للسامعين ، قال : قلت : لقد جمع فيه.

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر أحمد [بن الحسين ، أنا أبو عبد](٣) الله الحافظ ، نا أبو سعيد موفق بن محمّد بن الجراح الهروي الأديب ، نا أبو إسحاق أحمد بن محمّد بن [سعيد ، نا محمّد بن](٤) عبد الكريم المروزي قال : لما ولي يحيى بن أكثم القضاء كتب إليه أخوه عبد الله بن أكثم من مرو ، وكان من الزهّاد :

__________________

(١) سقطت من الأصل وم.

(٢) من طريقه روي الخبر في تهذيب الكمال ٢٠ / ٢٦.

(٣) ما بين معكوفتين سقط من الأصل ، واستدرك عن م لتقويم السند.

(٤) ما بين معكوفتين سقط من الأصل ، واستدرك لتقويم السند عن م.

٧٣

ولقمة بجريش الملح آكلها

ألذّ من تمرة تحشى بزنبور

وأكلة قربت للهلك صاحبها

كحيّة الفخّ دقّت عنق عصفور

أخبرنا أبو منصور الشيباني ، أنا ـ وأبو الحسن بن سعيد ، نا ـ الخطيب (١) ، أنا محمّد بن الحسن (٢) بن محمّد المتوثي ، أنا محمّد بن الحسن بن زياد النقاش أن أحمد بن يحيى ثعلبا أخبرهم أنا أبو العالية الشامي ـ مؤدب ولد المأمون ـ قال : لقي رجل يحيى بن أكثم وهو يومئذ على قضاء القضاة ، فقال له : أصلح الله القاضي ، كم آكل؟ قال : فوق الجوع ودون الشبع ، قال : فكم أضحك؟ قال : حتى يسفر وجهك ولا يعلو صوتك ، قال : فكم أبكي؟ قال : لا تملّ البكاء من خشية الله تعالى ، قال : فكم أخفى من عملي؟ قال : ما استطعت ، قال : فكم أظهر منه؟ قال : ما يقتدي بك البر الخير ، ويؤمن عليك قول الناس ، فقال الرجل : سبحان الله ، قول قاطن ، وعمل ظاعن.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ـ قراءة ـ نا عبد العزيز بن أحمد ، أنا الحاكم أبو محمّد منصور بن محمّد بن محمّد ، نا أبو إسحاق ، نا محمّد بن إسحاق بن إبراهيم قال : سمعت محمّد بن منصور الطوسي قال (٣) : سمعت يحيى بن سعيد اليماني يقول : قال يحيى بن أكثم : من خالط الناس داراهم ، ومن داراهم راآهم.

كتب إليّ أبو نصر بن القشيري ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : سمعت أبا الحسين محمّد بن يعقوب الأصبهاني الأديب يقول : سمعت بشر بن موسى الأسدي ينشد ليحيى بن أكثم القاضي في رجل من القضاة قد كان استخف بحقوقه ، ثم رجع (٤) إلى خدمته :

ذهبت بنضرة وجهك الأيام

ولقد مضى زمن وأنت إمام

ما كان ضرّك لو ذخرت ذخيرة

تبقى لصاحبها يد وذمام

فاليوم إذ نزل البلاء بك زرتنا

هيهات ما منّا عليك سلام

أخبرنا أبو منصور عبد الرّحمن بن محمّد ، أنا ـ وأبو الحسن بن سعيد ، نا ـ أبو بكر

__________________

(١) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٤ / ٢٠٠.

(٢) كذا بالأصل وم ، وفي تاريخ بغداد : الحسين.

(٣) من طريقه رواه المزي في تهذيب الكمال ٢٠ / ٢٧.

(٤) بالأصل : ذهب ، والمثبت عن م.

٧٤

الخطيب (١) ، أنا القاضي أبو العلاء الواسطي ، أنا محمّد بن جعفر بن محمّد بن هارون النحوي الكوفي ، أنا أبو القاسم الحسن بن محمّد ، نا وكيع ، أخبرني أبو بكر محمّد بن علي ورّاق المخرمي ، حدّثني قاسم بن الفضل قال : قرأت كتابا ليحيى بن أكثم بخطه إلى صديق له :

جفوت وما في ما مضى كنت تفعل

وأغفلت من لم تلفه (٢) عنك يغفل

وعجّلت قطع الوصل في ذات بيننا

بلا حدث أو كدت في ذاك تعجل

فأصبحت لو لا أنني ذو تعطّف

عليك بودي صابر متحمّل

أرى جفوة أو قسوة من أخي ندى

إلى الله فيها المشتكى والمعول

فأقسم لو لا أنّ حقك واجب عليّ

وإنّي بالوفاء موكّل

لكنت عزوف النفس عن كلّ مدبر

وبعض عزوف النفس عن ذاك أجمل (٣)

فإنّ مصاب المرء في أهل وده

بلاء عظيم عند من كان يعقل

أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنشدنا أبو القاسم عبد الصّمد الخولاني ، أنشدني إسماعيل بن علي الخزاعي ـ يعني : ابن أخي دعبل ـ أنشدني (٤) أبي ، أنشدنا القاضي يحيى بن أكثم :

أما ترى كيف طيب ذا اليوم

وكيف سالت مدامع الغيم

وكيف سرى الندا بأدمعه

فهبّ نوّاره من النوم

لو سيم ذا اليوم لاشتراه

أخو اللهو ولو كان غالي السّوم

ونحن ظامون في صبيحتنا

فامنن علينا بشرب ذا اليوم

أخبرنا أبو منصور الشيباني ، أنا ـ وأبو الحسن ، نا ـ أبو بكر الخطيب (٥) ، أنا أبو طالب عمر بن إبراهيم الفقيه ، أنا محمّد بن العبّاس ، قال : سمع أبا أيوب سليمان بن إسحاق بن الخليل الجلّاب يقول : سمعت إبراهيم بن إسحاق الحربي يقول : جاء رجل يسأل يحيى بن

__________________

(١) الخبر والشعر في تاريخ بغداد ١٤ / ١٩٣ ـ ١٩٤.

(٢) الأصل وم : يلقه ، والمثبت عن تاريخ بغداد.

(٣) زيد بعده في تاريخ بغداد ، وقد سقط من الأصل وم :

ولكنني أرعى الحقوق وأستحي

وأحمل من ذي الود ما ليس يحمل

(٤) بالأصل : أنشدت ، والمثبت عن م ، والمختصر.

(٥) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٤ / ١٩٧.

٧٥

أكثم فقال له : إيش قوسمت فيّ؟ أنا قاضي (١) والقاضي يأخذ ولا يعطي ، وأنا من مرو وأنت تعرف ضيق أهل مرو ، وأنا من تميم ، [والمثل إلى بخل تميم](٢).

قرأت على أبي محمّد بن حمزة ، عن عبد العزيز بن أحمد ، أنا علي بن موسى بن الحسين ، أنا أبو سليمان بن زبر ، أنا أبو جعفر الطحاوي ، نا أبو زرعة عبد الرّحمن بن عمرو الدمشقي قال :

لما قدم علينا يحيى بن أكثم مع المأمون كان ينظر في أمور الناس ، فدخل إليه رجل في يوم من الأيام ، فكلّمه بكلام لا يصلح له أن يكلّمه به ، فأمر بحبسه ، فلمّا كان في العشيّ ركب إليه المشايخ ، فحدّثني ابن ذكوان وكان فيهم ، قال : فكلّمناه وسألناه تخليته ، قال : فقال : ما أنا حبسته ، فكأنا أنكرنا (٣) ذلك من قوله ، قال : الحقّ حبسه ، والحقّ يطلقه.

أخبرنا أبو العزّ بن كادش ـ إذنا ومناولة وقرأ عليّ إسناده ـ أنا محمّد بن الحسين ، أنا المعافى بن زكريا (٤) ، نا الحسين بن القاسم الكوكبي ، حدّثني يعقوب بن بيان (٥) الكاتب ، حدّثني علي بن يحيى ، قال : كان يحيى بن أكثم وقاعة في الناس شريرا ، وكان يغري المأمون بالناس ، ويقع فيهم عنده ، وكان يثني على عمرو بن مسعدة ويقرّظه عنده ، ولا يزال يذكر فراهته (٦) ونصيحته وحسن صناعته ، فبلغ ذلك عمروا ، فدخل على المأمون فقال : يا أمير المؤمنين ، بلغني أن يحيى بن أكثم يثني عليّ عندك ، وأنا أسألك بالله يا أمير المؤمنين أن تريه أنك قبلت شيئا من قوله فيّ ، فإنه إنما قدّم الثناء عليّ لوقيعة يريد [أن](٧) يوقعها بي لديك لتصدقه في ما يقول ، قال : فضحك المأمون منه وقال : قد أمنت من ذلك ، فلا تخفه مني.

قال : ونا المعافى (٨) ، نا محمّد بن الحسن بن زياد المقرئ ، نا أحمد بن يحيى ثعلب ، أنا أبو العالية الشامي (٩) مؤدب ولد المأمون ، قال : قال المأمون ذات يوم ليحيى بن

__________________

(١) كذا بالأصل وم : قاضي ، بإثبات الياء.

(٢) ما بين معكوفتين سقط من الأصل ، واستدرك للإيضاح عن م وتاريخ بغداد.

(٣) بالأصل : «أنكر» والمثبت «أنكرنا» عن م.

(٤) رواه القاضي المعافى بن زكريا الجريري في الجليس الصالح الكافي ٣ / ١٤.

(٥) كذا بالأصل وم «بيان» ، وفي الجليس الصالح : «بنان» وهو ما أثبت.

(٦) الفراهة : النشاط.

(٧) سقطت من الأصل وم ، وزيدت عن الجليس الصالح.

(٨) الجليس الصالح الكافي ٣ / ١٤ ـ ١٥.

(٩) كذا بالأصل وم ، والجليس الصالح : الشامي.

٧٦

أكثم القاضي : أريد منك أن تسمّي لي ثقلاء أهل عسكري وحاشيتي ، فقال له : يا أمير المؤمنين ، أعفني ، فإنّي لست أذكر أحدا منهم وهم لي على ما تعلم ، فكيف إن جرى مثل هذا؟ قال له : فإن كنت لا تفعل فاضطجع حتى أفتل لك مخراقا (١) [دبيقيا](٢) وأضربك به ، وأسمي مع كل ضربة رجلا ، فإن كان ثقيلا تأوّهت ، وإن يك غير ذلك سكتّ ، فأكون أنا على معرفة منهم ويقين من ثقلائهم ، فاضطجع له يحيى وقال : ما رأيت (٣) قاضي قضاة ، وأميرا ، ووزيرا يعمل به مثل ذا. فلفّ له مخراقا دبيقيا وضربه به ضربة وذكر رجلا ثقيلا ، فصاح يحيى ، أوه أوه يا أمير المؤمنين في المخراق آجرّة ، فضحك منه حتى كاد يغشى عليه ، وأعفاه من الباقين.

قال : ونا المعافى (٤) ، نا الحسين بن القاسم الكوكبي ، نا أبو يوسف يعقوب بن بيان (٥) الكاتب ، نا علي بن يحيى المنجم أن المأمون كان احتظى يحيى بن أكثم ورفع منزلته وخصّ به خاصة باطنة ، فداخل عليه يوما وهو يتغدى وعبد الوهّاب بن علي إلى جانب المأمون ، فسلّم ، فردّ عليه‌السلام ثم قال : هلمّ يا أبا يا غلام وضّئه ، قال : فخرج يحيى والطويلة على رأسه ليتوضأ ، فقال المأمون : أوسع لأبي محمّد ، فأوسع له عبد الوهّاب بينه وبين المأمون ، فغسل يده ودخل فوضع طويلته عن غير إذنه ، فقال المأمون لعبد الوهّاب : عد إلى مكانك ، وأقعد يحيى بين يديه ، وكان ذلك بدء ما نقمه عليه.

أخبرنا أبو منصور بن زريق ، أنا ـ وأبو الحسن (٦) ، نا ـ الخطيب (٧) ، أخبرني الصيمري ، نا محمّد بن عمران المرزباني ، أخبرني أبو عبد الله الحكيمي ، عن أبي العيناء قال : سئل رجل من البلغاء عن يحيى بن أكثم ، وابن أبي دؤاد (٨) أيهما أنبل؟ قال : كان أحمد يجدّ مع جاريته وابنته ، ويحيى يهزل مع خصمه وعدوه.

__________________

(١) المخراق : ثوب يلف ويضرب به الصبيان بعضهم بعضا.

(٢) سقطت من الأصل ، وأضيفت عن م والجليس الصالح.

(٣) كذا بالأصل وم ، وفي الجليس الصالح : أرأيت.

(٤) رواه المعافى بن زكريا في الجليس الصالح الكافي ٣ / ٦١.

(٥) كذا بالأصل وم : «بيان» وفي الجليس الصالح : «بنان» وهو ما أثبت.

(٦) تحرفت بالأصل إلى : الحسين ، والمثبت عن م.

(٧) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٤ / ١٩٨.

(٨) تحرفت بالأصل إلى : داود ، والمثبت عن تاريخ بغداد.

٧٧

قال (١) : وأنا البرقاني ، نا يعقوب بن موسى الأردبيلي ، نا أحمد بن طاهر بن النجم الميانجي ، نا سعيد بن عمرو البردعي ، قال : قلت لأبي زرعة : كتبت عن يحيى بن أكثم شيئا؟ فقال : ما أطمعته (٢) من هذا قط ، ولقد كان شديد الإيجاب لي لقد مرضت مرضة ببغداد ، فما أحسن أصف ما كان يوليني من التعاهد والافتقاد ، وحدث ذات يوم عن الحارث بن مرة الحنفي بحديث الأشربة ، فقال : يعيش وصحّف فيه. فقلت : له نشيش فقال : نفيس من أسامي العبيد ، وخجل. فقلت له : حدّثنا أحمد بن حنبل والقواريري ، قالا : نا الحارث بن مرة ، فرجع لما ورد عليه أحمد والقواريري ، قال أبو زرعة : جبلان ـ أو نحو ما قال ـ ـ يعني : أن أحمد بن حنبل والقواريري جبلان ـ أو نحوه.

قال (٣) : وأنا عبيد الله بن عمر الواعظ ، نا أبي ، نا أحمد بن محمّد بن عمّار المخرمي ، نا جعفر بن أبي [عثمان قال : سمعت يحيى بن معين يقول : يحيى بن](٤) أكثم كان يكذب ، جاء إلى مصر وأنا بها مقيم سنتين وأشهرا ، فبعث يحيى بن أكثم فاشترى كتب الورّاقين وأصولهم ، فقال : أجيزوها لي.

قال (٥) : وأنبأنا أحمد بن [محمد بن](٦) عبد الله الكاتب ، أنا محمّد بن حميد المخرمي ، نا علي بن الحسين بن حبان قال : وجدت في كتاب أبي بخط يده قال أبو زكريا : قال لي أحمد بن خاقان أخو يحيى بن خاقان : كان يحيى بن أكثم رفيقي بالكوفة ، فما سمع من حفص بن غياث إلّا عشرة أحاديث ، فنسخ أحاديث حفص كلها ، ثم جاء بها معه إلى البيت. وقال أبو زكريا : سمعت يحيى بن أكثم يقول : سمعت من ابن المبارك عن يونس الأيلي أربعة آلاف حديث ، أملى علينا ابن المبارك إملاء قال أبو زكريا : ولا والله ما سمع ابن المبارك من يونس ألف حديث.

قال (٧) : وأخبرني البرقاني ، حدّثني محمّد بن أحمد الأدمي ، نا محمّد بن علي

__________________

(١) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٤ / ٢٠١.

(٢) الأصل : أطعمته ، تحريف ، والمثبت عن م وتاريخ بغداد.

(٣) تاريخ بغداد ١٤ / ٢٠١ ـ ٢٠٢.

(٤) ما بين معكوفتين سقط من الأصل ، واستدرك عن م وتاريخ بغداد للإيضاح.

(٥) تاريخ بغداد ١٤ / ٢٠٢.

(٦) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن م ، وتاريخ بغداد.

(٧) تاريخ بغداد ١٤ / ٢٠١.

٧٨

الإيادي ، نا زكريا الساجي ، نا بدعة عبيد الله (١) بن إسحاق الجوهري قال : سمعت أبا عاصم يقول : يحيى بن أكثم كذّاب.

أخبرنا أبو منصور بن زريق ، أنا الخطيب (٢) ، أخبرني أبو بكر محمّد بن عبد الملك بن محمّد القرشي ، أنا علي بن عمر الحافظ ، نا محمّد بن مخلد العطار ، نا مسلم بن الحجّاج قال : سمعت إسحاق بن راهوية يقول : ذاك الدجّال ـ يعني : يحيى بن أكثم ـ يحدّث عن ابن المبارك.

أخبرنا أبو الحسين الأبرقوهي ، وأبو عبد الله ـ إذنا ـ قالا : أنا ابن مندة ، أنا أبو علي ـ إجازة ـ.

ح قال : وأنا الحسين ، أنا علي.

قالا : أنا ابن أبي حاتم قال (٣) :

سألت أبي عنه ، قلت : ما تقول فيه؟ قال : فيه نظر ، قلت : فما ترى فيه؟ قال : نسأل الله السلامة.

قال (٤) : سمعت علي بن الحسين بن الجنيد يقول : كانوا لا يشكون أن يحيى بن أكثم كان يسرق حديث الناس ، ويجعله لنفسه.

أخبرنا أبو منصور ، أنا ـ وأبو الحسن ، نا ـ الخطيب (٥). أنبأنا أحمد بن محمّد الكاتب ، أنا أبو مسلم بن مهران ، قال : قرأت على أبي الحسن (٦) محمّد بن طالب بن علي ، قال : سألت أبا علي صالح بن محمّد البغدادي عن يحيى بن أكثم قلت : أكان يكتب عنه؟ فقال : نعم ، كان عنده حديث كثير إلّا أنّي لم أكتب عنه ، وذاك أنه كان يحدّث عن عبد الله بن إدريس بأحاديث لم يسمعها منه.

قرأت على أبي القاسم زاهر بن طاهر ، عن أبي بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ،

__________________

(١) كذا بالأصل وم ، وفي تاريخ بغداد : عبد الله.

(٢) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٤ / ٢٠١.

(٣) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٩ / ١٢٩.

(٤) القائل : أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم.

(٥) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٤ / ٢٠٢.

(٦) كذا بالأصل وم ، وفي تاريخ بغداد : الحسين.

٧٩

أخبرني أبو النضر محمّد بن محمّد بن يوسف الفقيه ، قال : وسئل صالح بن محمّد جزرة عن حديث يحيى بن أكثم ، فقال : أكره والله الحديث عنه ، وذكر كلمة (١).

أخبرنا أبو منصور ، أنا ـ وأبو الحسن ، نا ـ الخطيب ، حدّثني أحمد بن محمّد العزال ، أنا محمّد بن جعفر الشروطي ، أنا أبو الفتح محمّد بن الحسين الأزدي الحافظ (٢) ، قال يحيى بن أكثم قاضي القضاة ، يتكلمون فيه ، روى عن الثقات عجائب لا يتابع عليها.

أخبرنا أبو العزّ بن كادش ـ إذنا ومناولة وقرأ عليّ إسناده ـ أنا أبو علي محمّد بن الحسين الجازري ، أنا المعافى بن زكريا الجريري (٣) ، حدّثني جعفر بن أحمد بن جعفر النهرواني ، حدّثني أبي عن من حدّثه قال : ولّى يحيى بن أكثم إسماعيل (٤) بن سماعة القضاء بغربي بغداد ، وولّى سوار بن عبد الله شرقيها ، وكانا أعورين ، فكتب محمّد بن [راشد](٥) الكاتب :

رأيت من العجائب قاضيين

هما أحدوثة في الخافقين

هما فال الزمان [بهلك](٦) يحيى

إذا فتح (٧) القضاء بأعورين

فلو جمع العمى يوما بأفق

[لكانا للزمانة خلتين](٨)

وتحسب منهما من هزّ رأسا

[لينظر في مواريث ودين](٩)

كأنك قد جعلت عليه دنّا

فتحت [بزاله من فرد عين](١٠)

وكان يحيى بن أكثم أعور.

__________________

(١) تهذيب الكمال ٢٠ / ٢١.

(٢) من طريقه رواه المزي في تهذيب الكمال ٢٠ / ٢١ وسير الأعلام ١٢ / ٩.

(٣) الخبر والشعر في الجليس الصالح الكافي ٢ / ٣٢٨ ـ ٣٢٩.

(٤) كذا ورد بالأصل وم والجليس الصالح ، والصواب أنّه : محمد بن سماعة بن عبد الله بن هلال التميمي القاضي راجع ترجمته في تاريخ بغداد ٥ / ٣٤١ وتهذيب التهذيب ٩ / ٢٠٤.

(٥) بياض بالأصل وم ، والمستدرك عن الجليس الصالح.

(٦) سقطت من الأصل ، ومكانها فراغ في م ، والمثبت عن الجليس الصالح.

(٧) في الجليس الصالح : إذا افتتح.

(٨) سقط العجز من الأصل وم ، واستدرك عن الجليس الصالح.

(٩) سقط عجزه من الأصل وم ، واستدرك عن الجليس الصالح.

(١٠) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وم ، واستدرك لإقامة الوزن عن الجليس الصالح.

٨٠