تاريخ مدينة دمشق - ج ٦٤

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٦٤

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٨٤
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا رشأ بن نظيف ، أنا الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، نا محمّد بن أحمد البغدادي ، نا عبد المنعم ، عن أبيه ، عن وهب قال : كان يحيى بن زكريا فقده أبوه ثلاثة أيام ، فوجده في قبر مضطجع [يبكي](١) ، فقال له : يا بني ما هذا البكاء كله؟ فقال له : يا أبة ، أنت أنت حدثتني عن جبريل صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه أخبرك أن بين الجنّة والنار مفازة لا يطفئ حرّها إلّا الدموع ، فقال له : فابك (٢) يا بني.

قال : ونا أحمد ، نا محمّد بن عبد العزيز ، نا أحمد بن أبي الحواري ، نا علي بن أبي الحسن ، قال : شبع يحيى بن زكريا ليلة شبعة من خبز الشعير ، فنام عن جزئه (٣) حتى أصبح فأوحى الله إليه : يا يحيى ، هل وجدت دارا خيرك لك من داري ، وجوارا خير لك من جواري ، وعزتي يا يحيى لو اطّلعت إلى الفردوس اطّلاعة لذاب جسمك ، وزهقت نفسك اشتياقا ، ولو اطّلعت إلى جهنم اطّلاعة لبكيت الصديد بعد الدموع ، وللبست الحديد بعد المسوح.

أخبرنا (٤) أبو محمّد الداراني ، أنا نصر بن أحمد المؤدّب ، أنا خليل بن هبة الله ، أنا الحسن بن محمّد بن درستويه ، نا أحمد بن محمّد بن إسماعيل ، نا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني ، حدّثني صاحب لي ، نا أحمد بن بشير ، نا محمّد بن صبيح بن السمّاك ، عن عبيد المكتب ، عن مجاهد أن يحيى بن زكريا بكا حتى قرّحت (٥) دموعه وجنتيه ، فقال له زكريا (٦) : يا بني ، ما يبكيك وقد سألت الله أن يهبك لي؟ فقال : إن جبريل أخبرني أن بين الجنّة والنار مفاوز لا يقطعها إلّا كل بكّاء.

قال : ونا نعيم ، نا عبد الله ، أنا مالك بن أنس ، عن حميد الأعرج ، عن مجاهد قال : كان طعام يحيى بن زكريا العشب ، وإن كان ليبكي من خشية الله حتى لو كان القار على عينيه لحرقه ، ولقد كانت الدموع اتخذت في وجهه مجرى (٧).

__________________

(١) سقطت من الأصل ، واستدركت للإيضاح عن م و «ز».

(٢) الأصل وم : «فابكي» خطأ ، والمثبت عن «ز».

(٣) الأصل وم : «جزوه» وفي «ز» : حزوه ، وفوقها ضبة.

(٤) كتب فوقها «س» بحرف صغير.

(٥) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : جرحت.

(٦) سقطت اللفظة من «ز».

(٧) رواه ابن كثير في البداية والنهاية ٢ / ٦٣.

٢٠١

قال : ونا محمّد بن وهب بن عطية ، حدّثني الوليد بن مسلم ، حدّثني بعض أصحابنا أن يحيى بن زكريا قال : يا إخوتاه (١) إنّي رأيت كأن القيامة قد قامت وكأنّ الجبّار وضع كرسيّه لفصل القضاء ، فخررت ميتا ، يا إخوتاه إنّما هذا رآه روحي ، فكيف لو عاينته معاينة.

قال الوليد : فحدّثني رجل أنه قام بهذا الكلام في مدينة من مدائن خراسان فصعق جماعة فماتوا.

أنبأنا أبو جعفر أحمد بن محمّد بن عبد العزيز المكّي ، أنا الحسين بن يحيى بن إبراهيم ، أنا الحسين بن علي بن محمّد ، أنا علي بن عبد الله بن جهضم ، نا أحمد بن عيسى ، نا يوسف بن الحسين ، عن القاسم بن عثمان الجوعي ، قال : قال أبو سليمان : حدّثني من أثق به قال :

رأيت (٢) إبراهيم بن أدهم وقد أقبل على بعض إخوانه بطرسوس فقال له : أتحب أن تكون لله تعالى وليا ويكون لك (٣) محبّا؟ قال : نعم ، قال : دع الدنيا والآخرة لله عزوجل ، قال : فما ذا أصنع؟ قال له : اقبل على ربك بقلبك يقبل عليك بوجهه ، فإنه بلغني أنّ الله أوحى إلى يحيى بن زكريا : يا يحيى إني قضيت على نفسي أن لا يحبني أحد من خلقي أعلم ذلك من نيته إلّا كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، وفؤاده الذي يعقل به ، فإذا كنت له كذلك بغضت إليه الاشتغال بأحد غيري ، وأدمت فكرته ، وأسهرت ليله ، وأظمأت نهاره ، أطلع عليه كل يوم سبعين نظرة ، فأرى قلبه مشتغلا بي ، فأزداد من حبي في قلبه نورا ، حتى ينظر بنوري ، أقرّبه مني ، وأمسح برأسه ، وأضع يدي على ألمه ، فإنه لا يشكو إليّ ألمه لأنه مشغول بحبي عن ألم أوجاعه ، فإنه يعرف الألم إذا فقدني من قلبه ، وعند ما يطلبني كما تطلب الوالدة الشفيقة ولدها إذا غاب عنها ، أسمع خفقان فؤاده ، فأقول ما بال قلبه يخفق ، فيقول : حقيق على قلبي أن لا يسكن بعد أن مننت عليه بحبك ، فكيف يسكن قلبه يا يحيى وأنا جليسه وغاية أمنيته؟ وعزتي وجلالي لأبعثنه مبعثا يغبطه النبيّون والمرسلون ثم أمر مناديا ينادي : هذا حبيب الله وصفيّه ، دعاه الله إلى زيارته ، فإذا جاءني رفعت الحجاب في ما بيني وبينه ، فلمّا ذكر الحجاب صاح يحيى صيحة فلم يفق ثلاثة أيام ، قال : من لم يرض بك صاحبا فبمن يرضى؟ فكيف أصاحب خلقك وقد دعوتني إلى مصاحبتك؟.

__________________

(١) كذا بالأصل وم و «ز» : يا اخوتاه ، وفي المختصر : يا حوباه.

(٢) استدركت على هامش «ز» ، وبعدها صح.

(٣) في «ز» : وتكون لنا محبّا.

٢٠٢

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الحسن علي بن أحمد ، قالا : نا ـ وأبو منصور عبد الرّحمن بن محمّد ، أنا ـ أبو بكر الخطيب (١) ، أنا أبو طالب عمر بن إبراهيم الفقيه ، أنا القاضي أبو الحسين (٢) عيسى بن حامد القنّبيطي (٣).

ح وأخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، نا عيسى بن حامد القاضي ـ ببغداد.

نا أحمد بن الصلت أبو العبّاس ، حدّثني عمي جبارة بن المغلّس ، ومحمّد بن عبد الله بن نمير ، وأبو بكر بن أبي شيبة ، قالوا : نا يحيى بن اليمان ، عن سفيان الثوري ، عن ليث ، عن مجاهد قال : سأل يحيى بن زكريا ربه عزوجل قال : ربّ اجعلني أسلم على ألسنة الناس ـ زاد زاهر (٤) : ولا يقولون فيّ إلّا خيرا ـ وقالوا : قال : فأوحى الله إليه : يا يحيى لم أجعل هذا لي ، فكيف أجعله لك؟!.

أخبرنا أبو محمّد الحسن بن أبي بكر ، أنا الفضيل بن يحيى الفضيلي ، أنا أبو محمّد بن أبي شريح ، أنا محمّد بن عقيل بن الأزهر ، نا أبو عبيد الله الورّاق ، نا سيّار بن حاتم ، نا جعفر ، نا ثابت البنّاني قال :

بلغنا أن إبليس ظهر ليحيى بن زكريا فرأى عليه معاليق من كل شيء ، فقال له : ما هذه المعاليق التي أراها عليك؟ قال : هذه الشهوات التي أصيب بها بني آدم ، فقال له يحيى : فهل لي فيها شيء؟ قال : لا ، قال : فهل تصيب مني شيئا؟ قال : ربما شبعت فشغلناك (٥) عن الصلاة والذكر ، فقال له يحيى : هل غير؟ قال : لا ، قال : لا جرم ، والله لا أشبع أبدا.

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو محمّد عبد الرّحمن بن أبي حامد (٦) ، قالا : نا أبو العبّاس بن يعقوب ، نا الخضر بن أبان ، نا سيّار ، نا جعفر ، نا ثابت قال :

__________________

(١) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٤ / ٢٠٧ في ترجمة أحمد بن الصلت الحماني.

(٢) الأصل : الحسن ، تصحيف والمثبت عن «ز» ، وم وتاريخ بغداد.

(٣) غير مقروءة بالأصل وم «ز» ، وهو عيسى بن حامد بن بشر بن عيسى بن أشعث ، أبو الحسين القاضي ، يعرف بابن بنت القنبيطي ترجمته في تاريخ بغداد ١١ / ١٧٨.

(٤) تحرفت في «ز» إلى : وآهم.

(٥) في المختصر : «فثقلناك». وسترد في إحدى الروايات التالية.

(٦) غير مقروءة بالأصل ، والمثبت عن م ، و «ز».

٢٠٣

بلغنا أن إبليس ظهر ليحيى بن زكريا حتى رآه ، فإذا عليه معاليق من كلّ شيء ، فقال له يحيى : يا إبليس ، ما هذه المعاليق التي أراها عليك؟ قال : هذه الشهوات التي أصيب بها ابن آدم ، قال له يحيى : ما لي فيها شيء؟ قال : لا ، قال : فهل طمعت أن تصيب مني شيئا؟ قال : ربما شبعت فشغلتك عن الصلاة والذكر ، قال : هل غيره؟ قال : لا ، قال : لا جرم ، لا أشبع أبدا.

أخبرنا أبو القاسم علي بن عبد السيد بن محمّد بن الصباغ ، وإسماعيل بن محمّد بن عمر ، وأبو العبّاس أحمد بن علي بن الحسين (١) بن نصر ، وأبو النجم (٢) بدر بن عبد الله ، قالوا : أنا أبو محمّد الصريفيني ، أنا أبو القاسم بن حبابة ، نا أبو القاسم البغوي ، نا علي بن مسلم ، نا سيّار ، نا جعفر ، نا ثابت البناني قال :

بلغني أن إبليس ظهر ليحيى بن زكريا فرأى عليه معاليق ، فقال يحيى : يا إبليس ، ما هذه المعاليق التي أرى عليك؟ قال : هذه الشهوات التي أصبت (٣) من بني آدم قال : فهل لي فيها من شيء؟ قال : ربما شبعت فثقلناك (٤) عن الصلوات وعن الذكر ، قال : هل غيره؟ قال : لا ، قال : لله عليّ أن لا أملأ بطني من طعام أبدا ، قال إبليس : ولله عليّ أن لا أنصح مسلما أبدا.

أخبرنا أبو السعادات أحمد بن أحمد المتوكلي ، قال : أخبرنا ـ وأبو محمّد عبد الكريم بن حمزة ، نا ـ أبو بكر الخطيب.

ح وأخبرنا أبو محمّد بن طاوس ، أنا عاصم بن الحسن ، قالا : أنا علي بن محمّد بن عبد الله المعدل ، أنا الحسين بن صفوان ، نا ابن أبي الدنيا ، نا محمّد بن يحيى المروزي ، نا عبد الله بن خبّيق قال :

لقي يحيى بن زكريا إبليس في صورته ، فقال له : يا إبليس أخبرني بأحب الناس إليك ، وأبغض الناس إليك ، قال : أحب الناس إليّ المؤمن البخيل ، وأبغضهم إليّ الفاسق السمح ، قال يحيى : وكيف ذلك؟ قال : لأن البخيل قد كفاني بخله ، والفاسق السخي أتخوف أن يطّلع الله عليه في سخائه فيتقبله ، ثم ولّى وهو يقول : لو لا أنك يحيى لم أخبرك.

__________________

(١) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : الحسن ، قارن مع مشيخة ابن عساكر ١٠ / أ.

(٢) كتب فوقها في «ز» : «ح» بحرف صغير.

(٣) في «ز» وم : أصيب.

(٤) كذا بالأصل و «ز» هنا ، وفي م : فشغلناك.

٢٠٤

أخبرنا أبو سهل محمّد بن إبراهيم ، أنا أبو الفضل الرّازي ، أنا جعفر بن عبد الله ، نا محمّد بن هارون الروياني ، نا أحمد ـ هو ابن عبد الرّحمن ـ نا عمي ، أخبرني ابن سمعان أن ابن شهاب حدّث.

أن يحيى بن زكريا كان ابن خالة عيسى بن مريم ، وكان أكبر منه بسنتين ، قال ابن شهاب : فبينما يحيى جالس إذ سمع رجلا ، فقال يحيى : يا روح الله ما هذا؟ فقال عيسى : إبليس ، فقال يحيى : يا روح الله أرنيه ، فقال عيسى : وما حاجتك إليه ، هو أكذب البرية ، وأسحر البرية ، [وأخبث البرية](١) وأفسق البرية ، فقال : يا روح الله أرنيه ، فقال عيسى : يا إبليس تبدّ (٢) له (٣) ، قال : فتبدّى له إبليس ، فإذا عليه برنس ، فيه أباريق من رأسه إلى قدمه ، فقال يحيى : يا إبليس ما هذه الأباريق التي أرى عليك؟ قال : هي اللذات التي أفتن بها الناس ، قال يحيى : فأنشدك بالذي جعل عليك اللعنة (٤) إلى يوم الدين ، هل أصبتني بشيء منها؟ فقال : نعم ، هذه ، وأشار بإصبعه إلى شيء فيها عند كعبه ، فقال يحيى : وما هي؟ فقال إبليس : إنك رجل تصوم فأحبب إليك الطعام ، لتنهله (٥) فتثقل عن الصلاة ، قال يحيى : أما والذي جعل عليك اللعنة إلى يوم الدين لا آكل مما عملته أيدي بني آدم حتى ألقى الله ، وكان يأكل من نبات (٦) الأرض.

أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة ، نا أبو بكر الخطيب.

ح وأخبرنا أبو محمّد بن طاوس ، أنا عاصم بن الحسن بن محمّد ، قالا : أنا أبو الحسين علي بن محمّد بن عبد الله ، أنا أبو علي الحسين بن صفوان البردعي ، أنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن أبي الدنيا ، نا أحمد بن إبراهيم العبدي ، نا محمّد بن يزيد بن خنيس (٧) ، عن وهيب (٨) بن الورد قال :

بلغنا أن الخبيث إبليس تبدّى ليحيى بن زكريا فقال : إنّي أريد أن أنصحك ، قال :

__________________

(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل ، واستدرك عن «ز» ، وم.

(٢) الأصل وم : «تبدا» وفي «ز» : تبدى.

(٣) سقطت من «ز».

(٤) استدركت على هامش «ز» ، وبعدها صح.

(٥) في «ز» : «أشهكه» كذا.

(٦) في م و «ز» : نبت الأرض.

(٧) كذا رسمها بالأصل وم حنيس وفي «ز» : حبيش. والمثبت الصواب ، راجع ترجمته في تهذيب الكمال ١٧ / ٣٤٣.

(٨) في المختصر : وهب.

٢٠٥

كذبت ، أنت لا تنصحني ، ولكن أخبرني عن بني آدم ، قال : هم عندنا على ثلاثة أصناف : أما صنف منهم فهم أشدّ الأصناف علينا ، نقبل عليه حتى نفتنه ونستمكن منه ، ثم يفزع إلى الاستغفار والتوبة ، فيفسد علينا كل شيء أدركنا منه ، ثم نعود له ـ وقال ابن طاوس : إليه ـ فيعود ، فلا نحن نيأس منه ولا نحن ندرك منه حاجتنا ، فنحن من ذلك في عناء ، وأما الصنف الآخر فهم في أيدينا بمنزلة الكرة في أيدي صبيانكم نتلقفهم حيث ـ وقال ابن طاوس : كيف ـ شئنا ، قد كفونا أنفسهم ، وأما الصنف الآخر فهم مثلك معصومون لا نقدر معهم على شيء ، قال يحيى : هل قدرت مني على شيء ـ زاد عبد الكريم : أبدا ـ وقالا : قال : لا ، إلّا مرة واحدة ، فإنك قدمت طعاما تأكله ، فلم أزل أشهّيه إليك حتى أكلت منه أكثر مما تريد فنمت تلك الليلة ، فلم تقم إلى الصلاة كما كنت تقوم إليها ، فقال له يحيى : لا جرم ، لا شبعت من طعام أبدا ، قال له الخبيث : لا جرم ، لا نصحت آدميا بعدك ـ زاد عبد الكريم : أبدا ـ.

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، نا أبو العباس بن يعقوب ، نا الحسن بن قتيبة ، نا أبو بكر الهذلي ، عن (١) الحسن ، عن أبيّ بن كعب قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إن من هوان الدنيا على الله أن يحيى بن زكريا قتلته امرأة» [١٣١٢٠].

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا رشأ بن نظيف ـ قراءة ـ أنا عبد الرّحمن بن عمر بن محمّد ، أنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن علي بن فراس ، نا علي بن عبد العزيز البغوي ، نا أبو عبيد القاسم بن سلام ، نا أبو النّضر عن سليمان بن المغيرة ، عن علي بن زيد بن جدعان ، نا علي بن الحسين قال :

أقبلنا مع الحسين بن علي فكان قلّما نزلنا منزلا إلّا حدّثنا حديث يحيى بن زكريا حيث قتل ، قال : كان ملك من هذه الملوك مات ، وترك امرأته وابنته ، فورث ملكه أخوه ، فأراد أن يتزوج امرأة أخيه ، فاستشار يحيى بن زكريا في ذلك ، وكانت الملوك في ذلك الزمان يعملون بأمر الأنبياء ، فقال له : لا تزوجها فإنها بغيّ ، فعرفت المرأة أنه قد ذكرها وصرفه عنها فقالت : من أين هذا حتى بلغها أنه من قبل يحيى ، فقالت : ليقتلن يحيى أو ليخرجنّ من ملكه ، فعمدت إلى بنتها فصنعتها ثم قالت : اذهبي إلى عمّك عند الملأ ، فإنه إذا رآك سيدعوك

__________________

(١) من قوله : زاهر ... إلى هنا مكانه بياض في «ز» ، وكتب على هامشها : مقصوص بالأصل.

٢٠٦

ويجلسك في حجره ، ويقول : سليني ما شئت ، فإنك لن تسأليني شيئا إلّا أعطيتك ، فإذا قال لك ، قولي : لا أسأل شيئا إلّا رأس يحيى ، قال : وكانت الملوك إذا تكلم أحدهم بشيء على رءوس الملأ ثم لم يمض له نزع من ملكه ، ففعلت ذلك ، قال : فجعل يأتيه الموت من قتله يحيى ، وجعل يأتيه الموت من خروجه من ملكه ، فاختار ملكه ، فقتله ، قال : فساخت بأمها الأرض.

قال ابن جدعان فحدّثت بهذا الحديث ابن المسيّب قال : أفما أخبرك كيف كان قتل زكريا؟ قلت : لا ، قال : إن زكريا حيث قتل ابنه انطلق هاربا منهم ، واتبعوه حتى أتى على شجرة ذات ساق ، فدعته إليها وانطوت عليه ، وبقيت من ثوبه هدبة تكفيها الريح ، فانطلقوا إلى الشجرة ، فلم يجدوا أثره بعدها ، ونظروا بتلك الهدبة ، فدعوا بالمنشار فقطعوا الشجرة ، فقطعوه فيها.

أخبرنا أبو محمّد بن حمزة ، نا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو علي بن صفوان ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، نا إسحاق بن إسماعيل ، نا أبو معاوية ، عن الأعمش ـ أظنه عن المنهال بن عمرو ـ عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس قال (١) :

بعث عيسى بن مريم يحيى بن زكريا في اثني عشر من الحواريين يعلّمون الناس ، فكانوا في ما يعلمونهم ينهوهم عن نكاح بنت الأخت ، وكان لملكهم ابنة أخت تعجبه ، وكان [يريد](٢) أن يتزوجها ، وكان لها كلّ يوم حاجة يقضيها ، فلمّا بلغ ذلك أمّها أنهم نهوا عن نكاح بنت الأخت قالت لها : إذا دخلت على الملك فقال : ألك حاجة؟ فقولي له : حاجتي أن تذبح يحيى بن زكريا ، فلما دخلت عليه فسألها حاجتها قالت : حاجتي أن تذبح يحيى بن زكريا ، فقال : سليني سوى هذا ، قالت : ما أسألك إلّا هذا ، فلمّا أبت عليه دعا بطست ودعا به فذبحه ، فندرت قطرة من دمه على الأرض ، فلم تزل تغلي حتى بعث الله بخت نصر عليهم ، فألقي في نفسه أن يقتل على ذلك الدم منهم حتى يسكن ، فقتل عليه منهم سبعين ألفا.

قال : ونا أبو بكر ، حدّثني محمّد بن نصر بن الوليد ، عن أبي سعيد الشعري ، عن أبي بكر الهذلي ، عن شهر بن حوشب قال (٣) :

__________________

(١) انظر تاريخ الطبري ١ / ٥٨٦.

(٢) سقطت من الأصل ، واستدركت للإيضاح عن «ز» ، وم ، والطبري.

(٣) راجع الكامل لابن الأثير ١ / ١٩٩.

٢٠٧

لما قتله دفع إليها رأسه ، فجعلته في طست من ذهب ، فأهدته إلى أمّها ، فجعل الرأس يتكلم في الطست : إنها لا تحلّ له ، ولا يحلّ لها ثلاث مرات ، فلمّا رأت الرأس قالت : اليوم قرّت عيني وأمّنت على ملكي ، فلبست درعا من حرير ، وخمارا من حرير ، وملحفة من حرير ، ثم صعدت قصرا لها وكانت لها كلاب تضريها (١) بلحوم الناس ، فجعلت تمشي على قصرها فبعث الله عليها عاصفا من الريح فلفتها (٢) في ثيابها فألقتها إلى كلابها ، فجعلن (٣) ينهشنها وهي تنظر ، وكان آخر ما أكلن منها عينيها (٤).

قرأت على أبي القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر ، عن محمّد بن أحمد بن محمّد ، أنا الحسن بن محمّد بن أحمد بن محمّد بن جميع ، أنا أبو يعلى عبد الله بن محمّد بن حمزة بن أبي كريمة ، أخبرني محمّد بن الحسين بن الهيثم ، نا سهل بن علي البابسيري ، نا أبي ، نا علي بن عاصم ، عن سليمان التيمي عن أسلم العجلي عن أبي مراية عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال :

التي قتلت يحيى بن زكريا امرأة ورثت الملك عن آبائها ، فأتيت برأس يحيى في شيء ، فوضع بين يديها وهي على سريرها ، فجعلت ترفل (٥) وجهه بقضيب في يديها فقيل للأرض خذيها [فأخذتها](٦) ، وسريرها فذهب بها (٧) ، قال عبد الله : في التوراة مقتلة الأنبياء ، قتلت في يوم ستين نبيا ، هي في النار على منبر من نار ، تصرخ ، يسمع صراخها أقصى أهل النار.

قرأت بخط علي بن الخضر السلمي ، ثم أخبرنا خالي أبو المعالي محمّد بن يحيى القاضي ، أنا علي بن طاهر النحوي ، عن علي بن الخضر ، أنا عبد الوهّاب بن جعفر ، حدّثني أبو هاشم ، أنا أبو عبد الرّحمن محمّد بن العبّاس بن الدرفس الغسّاني أن عباس بن صبيح (٨) حدّثهم ، نا مروان ، نا سعيد بن عبد العزيز ، عن قسيم مولى معاوية ، قال :

__________________

(١) الأصل وم : تضربها ، والتصويب عن «ز» ، وضري به : لهج ، وكلب ضار بالصيد (القاموس).

(٢) في المختصر : يلقيها.

(٣) بالأصل : «فجعل» وسقطت اللفظة من «ز» ، وم.

(٤) زيد بعدها في الكامل لابن الأثير : لتعتبر.

(٥) ترفل ، رفل : خطر بيده.

(٦) سقطت من الأصل واستدركت للإيضاح عن «ز» ، وم.

(٧) قوله : «فذهب بها» ليس في «ز».

(٨) تقرأ في الأصل : صالح ، وفي م : «صح» والمثبت عن «ز».

٢٠٨

كان ملك هذه المدينة ـ يعني : دمشق ـ هداد بن هداد ، وكان قد زوّج ابنه بابنة أخيه ، تحت أخيه أزيل ملكة صيدا ، وكان قد حلف بطلاقها ثلاثا ، ثم إنه أراد مراجعتها ، فاستقضى يحيى بن زكريا صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال يحيى بن زكريا : لا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك ، قال : فحقدت عليه أزيل ، وكان للملك ابنة يقال لها هروسة (١) ، وكان يحبها حبا شديدا ، وكان يخرجها إذا قدم عليه وفود الملوك فتزفن (٢) بين أيديهم ، قال : وكانت إذا زفنت (٣) قضى لها حاجة ، فقم عليه مرة وفود ملوك من ملوك الهند ، فقالت : يعني أزيل لابنتها من الليل : إن أباك يدعوك غدا ، فإذا زفنت وقال : سلي حاجتك ، فقولي حاجتي رأس يحيى بن زكريا ، ولا تقبلي منه إلّا رأسه ، قال : وأعطتها حين أصبحت طبقا ، فقالت : إذا قطع رأسه فاجعليه فوق هذا الطبق ، واحمليه على رأسك حتى تأتيني به.

قال : فلما أصبحت دعاها الملك ، فخرجت وهي مزيّنة ، ومعها ذلك الطبق ، قال : فأمر فضرب لها بالطبل والمزمار ، قال : فزفنت يومئذ زفنا ما زفنت قبله مثله (٤) ، فقال لها أبوها : سلي حاجتك ، فقالت : حاجتي رأس يحيى بن زكريا ، فقال : ويحك ، ما تصنعين برأس نبي من أنبياء الله؟ سلي غيره ما شئت ، قالت : ما لي حاجة غيره ، فإن (٥) أعطيتنيه وإلّا لم أسألك [شيئا](٦) بعده قال : فقال من حوله من وزراء السوء : امض حاجتها ، وشفّعنا في حاجتها ، وما رأس يحيى بن زكريا ورأس غيره إلّا سواء ، قال : فلمّا أكثروا عليه حتى غلبوه قال : اذهبوا فاعطوها رأسه ، قال : فخرج السّيّاف ومعه السيف ، وخرج الناس معها حتى أتوه وهو يصلي في ذلك المسجد الذي عند باب جيرون ، قال : فقال يحيى للسّيّاف : بما أمرت؟ قال : أمرت بضرب عنقك ، قال : ويحك ، ما تعلم أنّي نبي الله؟ قال : بلى ، ولكني مأمور ، قال : شقاء جدّك ، وعسى أن تكون صادقا ، قال : ورفع السيّاف السيف فضرب رأسه ، قال : فأخذت الرأس فوضعته على الطبق ، قال : فجعل يقول من فوق الطبق ، إنّها لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره ، قال : فلم يزل الرأس يقول ذلك ، وهي تمشي حتى انتهت إلى الفسقية

__________________

(١) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : «هاددريه».

(٢) تزفن أي ترقص. وفي م : «فنرفو» وفي «ز» ، والمختصر : فترقى.

(٣) في «ز» : «رقيت» وفي م : رفبت.

(٤) في «ز» : «قال : فرقيت يومئذ رقيا ما رقيت قبله مثله» والكلمات بدون إعجام في م.

(٥) بالأصل : قال ، تصحيف ، والتصويب عن م و «ز».

(٦) سقطت من الأصل ، واستدركت عن م ، و «ز».

٢٠٩

قال : فخسف بها ، قال : فأخذتها الأرض حتى غيبت قدميها ، قال : فصاحت ، ووقع الرأس والطبق عن رأسها ، ثم غيّبتها [إلى أنصاف ساقيها وهي تصيح. قال : فذهب الصريخ إلى أمها : أدركي ابنتك ، قد خسف بها ، قال : فجاءت تسعى ، فوجدتها في الأرض قد أخذتها والجويرية تصيح ، فجعلت الأرض تغيبها حتى بلغت سرّتها ، ثم غيبتها](١) حتى بلغت ثدييها ، ثم غيّبتها حتى بلغت منكبيها (٢) ، فلما خشيت أمّها أن تغيبها الأرض قالت للسيّاف : اقطع لي رأسها تكون عندي ، قال : فضرب السيّاف رأسها ، فإذا قد رمى به قال : فلمّا وقع الرأس لفظتها الأرض ، فطرحتها فلم يزالوا بعد ذلك في الذل حتى بعث الله بخت ناصر عقوبة لقتل يحيى بن زكريا ، قال : فدخل دمشق من باب توما وباب الشرقي ومضى حتى أتى الدرج فصعد فجلس على الكنيسة فوجد دم يحيى بن زكريا يغلي ويفور ويسيل قال : فعجب لذلك ، ثم قال : ما بعثت إلّا لأنتصر (٣) لهذا الدم ، فما أزال أقتل عليه أبدا حتى يسكن ويغيب ، قال : فدعا بكرسي فنصبه وجلس عليه ، ثم أمر بالسيّافين فقاموا ثم أمر بهم أن يأتوا عشرة عشرة مكتّفين قال : فيضرب أعناقهم على الدم ، والدم يغلي ويفور ويسيل ، قال : ففعل يومه ذلك إلى الليل ، قال : ثم غدا اليوم الثاني فقتل عليه حتى الليل ، قال : والدم يغلي ويفور. قال : ثم غدا عليه اليوم الثالث ، قال : فقتل عليه حتى قتل خمسة وسبعين ألفا ، قال سعيد : هي دية كلّ نبي ، قال : فجاء نبي من أنبياء بني إسرائيل يقال له إرميا فوقف على الدم فقال : أيّها الدم ، دم يحيى بن زكريا فنيت بنو إسرائيل والناس فيك ، قال : فسكن الدم ورسب حتى غاب ، قال : فأمر بالكرسيّ فرفع ، ورفع السيف ، قال : وهرب من هرب منهم إلى بيت المقدس ، قال : فتبعهم إلى بيت المقدس حتى دخلها وخرّبها ، وقتل فيها وسبى ، ثم رجع (٤)(٥).

__________________

(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل ، واستدرك للإيضاح عن «ز» ، وم.

(٢) بالأصل : منكبها ، والمثبت عن «ز» ، وم.

(٣) الأصل : لننصر ، والمثبت عن «ز» ، وم.

(٤) رواه ابن كثير في البداية والنهاية ٢ / ٦٦ من طريق ابن عساكر.

(٥) رفض الطبري في تاريخه ١ / ٥٨٩ وابن الأثير في كامله ١ / ٣٠٣ وقوع قصة بختنصر وغزوة بني إسرائيل أيام المسيح قال ـ والقول للطبري ـ وهذا القول الذي روي عمن ذكرت هذه الأخبار التي رويت وعمن لم يذكر في هذا الكتاب ، من أن بختنصر هو الذي غزا بني إسرائيل عند قتلهم يحيى بن زكريا عند أهل السير والأخبار والعلم بأمور الماضين في الجاهلية ، وعند غيرهم من أهل الملل غلط. وأجمعوا على أن غزوة كان عند قتلهم نبيهم شعيا في عهد إرميا ، وبين عهد إرميا وتخريب بختنصر بيت المقدس إلى مولد يحيى بن زكريا أربعمائة سنة وإحدى وستون سنة.

٢١٠

أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم الفقيه ، نا عبد العزيز بن أحمد.

ح وأخبرنا أبو الحسين عبد الرّحمن بن عبد الله بن الحسن ، أنا جدي أبو عبد الله ، قالا : أنا أبو بكر محمّد بن عوف بن أحمد المزني (١) ، أنا أبو العبّاس محمّد بن موسى بن الحسين بن السمسار ، نا أبو بكر محمّد بن خريم العقيلي ، نا هشام بن عمّار ، نا ضمرة ـ يعني : ابن ربيعة ـ عن ابن شوذب قال : قال يحيى بن زكريا للذي جاء يحتز رأسه : أما تعلم أني نبي؟ قال : بلى ، ولكني مأمور ، قال : عسى أن تكون صادقا ، ولكن لشقاء جدّك.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أبو بكر بن سيف ، أنا السري بن يحيى ، أنا شعيب بن إبراهيم ، عن سيف ، عن عطية ، عن أبي أيوب ، عن علي في قول الله تعالى : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ) إلى (أُولاهُما) قال : قتل زكريا ، وقال : (فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ)(٢) مقتل يحيى ، والأولى من فساد هذه الأمة مقتل عثمان ، والآخرة النفس التي تباح لها قريش.

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا رشأ بن نظيف ، أنا الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، نا محمّد بن أحمد ، نا عبد المنعم ، عن أبيه عن وهب بن منبّه.

أن يحيى بن زكريا لما قتل ردّ الله إليه روحه ، ثم أوقف بين يديه ، فقال له : يا يحيى ، هذا عملك الذي عملته وقد أعطيتك ثواب عملك لكلّ واحدة عشرا الحسنة (٣) بعشر أمثالها ، قال : فنظر (٤) يحيى إلى ثواب (٥) عمله ، فإذا قد أعطي من الثواب ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، قال : فقال الله : يا يحيى ، هذا عملك ، وهذا ثوابه ، فأين نعمائي عليك ، ثم قال الله للملائكة : أخرجوا نعمائي عليه ، فأخرجوا نعمة واحدة من نعمه ، فإذا قد استوعبت جميع أعماله والثواب ، فقال يحيى : إلهي ، ما هذه النعمة الجليلة العظيمة التي قد استوعبت عملي وعشرة أضعاف ثوابها؟ فقال الله : يا يحيى هذه النعمة الجليلة العظيمة معرفتك بي ، قال : فخرّ يحيى لوجهه فقال : إلهي جازني (٦) برحمتك وبفضلك لا بعملي.

__________________

(١) بالأصل : «المري» وفي م : «المربى» والمثبت عن «ز».

(٢) سورة الإسراء ، الآيات ٤ إلى ٧.

(٣) الأصل : الجنة ، خطأ ، والمثبت عن «ز» ، وم.

(٤) الأصل وم : فرأى ، والمثبت عن «ز».

(٥) الأصل : أبواب ، والمثبت عن «ز» ، وم.

(٦) بالأصل وم : جازيني ، والمثبت عن «ز».

٢١١

أخبرنا أبو محمّد الحسن بن أبي بكر ، أنا الفضيل بن يحيى ، أنا ابن أبي شريح (١) ، أنا محمّد بن عقيل ، نا الحسن بن علي بن عفّان ، نا أبو أسامة ، عن عوف ، عن خالد الربعي قال : لما قتل فجرة بني إسرائيل ـ يعني : يحيى بن زكريا ـ أوحى الله إلى نبي من أنبيائهم أن قل لبني إسرائيل : يا بني إسرائيل حتى متى تجترءون عليّ ، [وتعصوني](٢) وتعصون أمري ، وتقتلون رسلي ، وحتى متى أضمكم في كنفي كما تضم الدجاجة أولادها في كنفها؟ تجترءون (٣)؟ اتقوا أن لا آخذكم بكلّ دم من ابن آدم إلى يحيى بن زكريا ، واتقوا ألّا أصرف وجهي عنكم ، فإنّي إن صرفت وجهي عنكم لا أقبل عليكم إلى يوم القيامة (٤).

__________________

(١) تحرفت في «ز» إلى : شريك.

(٢) سقطت من الأصل ، وأضيفت عن «ز» ، وم.

(٣) سقطت من «ز» ، وم.

(٤) كتب بعدها في «ز» : عورض به : آخر الحادي والعشرين بعد الخمسمائة يتلوه أنا أبو القاسم بن الحصين أنا أبو طالب بن عيلان أنا أبو بكر ه. بلغت سماعا على والدي الإمام العالم الحافظ الثقة أبي القاسم علي بن الحسن ضمضم أخي الحسن وابني محمّد وكتب القاسم بن علي في العشر الآخر من صفر سنة خمس وستين وخمسمائة ه. سمع هذا الجزء على مؤلفه سيدنا الشيخ الفقيه الإمام والعالم الحافظ الثقة ثقة الدين صدر الحفاظ ناصر السنة محدث الشام أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي محدث الشام أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي أيّده الله ابن أخيه أبو منصور بن عبد الرّحمن بن الحسن والشيخ الفقيه جمال الدين أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن سعد الله الحنفي والشيخ الصالح أبو بكر محمّد بن بركة بن خلف بن كوما الصالحي والشيخ الفقيه أبو القاسم عبد الصّمد بن محمّد بن أبي الفضل وابن أخيه أبو عبد الله محمّد بن عبد الكريم بن محمّد بقراءة القاضي بهاء الدين أبي المواهب الحسن بن هبة الله بن محفوظ بن صصرى والأمين شمس الدولة أبو الحسن بن عبد الرّحمن بن محمّد بن مرشد بن منقذ الكتاني ويوسف بن أبي الحسين بن أحمد وإسماعيل بن حماد الدمشقي والشيخ الفقيه أبو الثناء محمود بن غازي بن محمّد وأبو عبد الله الحسين بن عبد الرّحمن بن الحسين بن عبدان وعبد الرّحمن بن أبي طاهر بن سفيان وحمزة بن إبراهيم وتركان شابن قوخا وزين قريون وأبو الحسين بن علي بن خلدون وأبو عبد الله بن الفضل بن الفتح الأنصاري ويوسف بن مجلي نا إبراهيم ومحسن بن سراج بن محسن وإبراهيم بن غازي بن سلمان وإبراهيم بن مهدي بن علي الشواعرة وأبو المحاسن سليمان وأبو البيان نبا ابنا الفضل بن الحسين بن سليمان وفارس بن أبي طالب بن نجا ويوسف بن سليمان بن عبد الله الإسكندراني وأبو القاسم بن مسلم بن الحسين وعين الدولة بن الكمش بن كمشتكين وعبد الواحد بن بركات بن أبي الحسين الصفار وعلي بن نجيم بن أحمد وعبد الله بن ياسين بن عبد الله اليمنيان وعلي بن يوسف بن سليمان وإبراهيم بن عطاء بن إبراهيم وعمر بن عامر بن عبد الله وبستكين بن عبد الله عتيق بن أبي عقيل وخضر بن أبي سعيد بن أبي زيد والفقيه أبو العباس بن علي بن علي الأندلسي وعلي بن محمّد بن علي النفطي وكاتب الأسماء عبد الرّحمن بن أبي منصور بن نسيم بن الحسين بن علي الشافعي وسمع جميعه غير الورقات الأربع من أوله القاضي أبو المعالي محمّد بن القاضي بن زكي الدين أبي الحسن علي بن محمّد بن يحيى القرشي وابن المسمع أبو الفتح الحسن وأبو محمّد بن علي بن أبية وابنه مكي صبيح بن عبد الرّحمن اليماني وعلي بن بندار بن الحسين البصري وعلي بن عبد الكريم بن الكويس وأبو محمّد عبد الرّحمن بن عبد الصمد بن محمّد بن أبي الفضائل وابن عمه أبو بكر عبد الله بن عبد الخالق بن محمّد

٢١٢

__________________

وسمع الجميع أبو الحسين بن نصر الله بن عبد الله القواس وعلي بن كامل بن أبي الرجال وأحمد بن عيسى بن درباس الكردي وسمع الجميع غير صفحة أبو الربيع سليمان بن إبراهيم بن يحيى الصنهاجي وسمع نصفه الأول طرخان بن أبي منصور الأرعاني وصديق بن إلياس بن سلامة الكتاني وسرور بن سعد بن علي وسمع نصفه الآخر أبو ذكرى يحيى بن علي بن مؤمل القرشي وعثمان بن عطاء بن مرشد ورمضان بن علي بن الفرج الأرجاني وعمر بن حضر بن تركيك وعلي بن عبد الكريم بن الكويس وأسعد بن أبي النور بن أبي القبائل وعبد الرّحمن بن علوي بن علي الزناتي وعلي بن محمّد بن عبد الله البغوي وذلك في يومي الاثنين والخميس الخامس من شهر ربيع الأول سنة خمس وستين وخمسمائة بالمسجد الجامع بدمشق وصح وثبت وصلواته على سيدنا محمّد وآله ه. سمع جميع هذا الجزء من أوله إلى آخره على سيدنا الشيخ الفقيه الإمام العالم الحافظ الأوحد الثقة بهاء الدين شمس الحفاظ ناصر السنة محدث الشام جمال الإسلام أبي محمّد القاسم بن الشيخ الإمام العالم الحافظ الأوحد الثقة شيخ الإسلام أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله الشافعي رضي‌الله‌عنه وقدّس روح والده من لفظ الشيخ الفقيه الإمام العالم الطوخي أبي المواهب الحسن بن هبة الله بن محفوظ بن صصرى التغلبي أثابه الله أخوه القاضي شمس الدين أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ بن صصرى التغلبي أثابه الله وأبو عبد الله وأبو منصور ابنا أحمد بن محمّد والشيوخ الفقيه الإمام أبو جعفر أحمد بن علي بن أبي بكر بن إسماعيل القرطبي وأبو العباس أحمد بن علي بن يعلى السلمي وأحمد بن ناصر بن طعان الطريفي وأبو الحسين بن علي بن خلدون ويوسف بن أبي الفرج بن مهذب وعبد السّلام بن أبي بكر بن أحمد وأبو طالب بن علي بن أبي الفرج الكتاني وأبو عبد الله محمّد بن ميمون بن مالك الأندلسي ومحمّد بن سيدهم بن هبة الله الدمشقي وأحمد بن مكارم بن أبي عبد الله والوجيه محمود بن محمّد بن معاذ ............ بدل بن أبي المعمر بن إسماعيل التبريزي وزكريا بن عثمان بن خال الموقاني وعمر بن محمّد بن الحسن القضاعي وعين الدولة بن خلدك بن عبد الله وسمع الجزء منوي قائمة من آخر الجزء أبو الغنائم سالم بن الشيخ الفقيه القاضي الإمام بهاء الدين أبي المواهب الحسن بن هبة الله بن محفوظ بن صصرى وابن عمه أبو إبراهيم إسحاق بن الشيخ الفقيه القاضي شمس الدين أبي القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ وأبو الحسن محمّد بن الشيخ الفقيه الإمام أبي جعفر أحمد بن علي بن أبي بكر بن إسماعيل القرطبي وعبد الرّحمن بن طالب بن منيع وعلي بن سوار بن علي وأبو القاسم الخضر بن عبد العزيز بن رمضان الواعظ وابنه محمّد وعبد الخالق بن عبد الله بن محمّد اللبودي وأبو يعلى حمزة بن أبي الفضل بن أبي الفوارس الأنصاري والفقيه أبو بكر محمّد بن عبد الله بن علوان الأسدي الحلبي وعمر بن محمّد بن أحمد المفسر وعبد الواحد بن عبد الرّحمن بن عبد الواحد بن المسلم بن هلال وأبو محمّد بن عبد الصّمد بن بكران الريحاني وعبد العزيز وإبراهيم ابنا أبي طاهر وبركات بن إبراهيم الخشوعي وسمع قائمة من آخره وبعض الأخرى الشيوخ حمزة بن إبراهيم بن عبد الله وأبو الحسن علي بن عبد الوارث بن عبد القوي وأبو الورد عبد الله بن علي بن عبد الله والشيخ أبو عبد الله محمّد بن أبي الصلح بن محمّد والشيخ أبو العز بن عبد الرّحمن بن عبد الله وابنه أحمد خيرة الله وعبد الله بن القاسم بن فراج وإبراهيم بن زيد الإشبيلي ويوسف بن يحيى بن الخشاب وعبد الغني بن عبد الكريم بن أحمد وأبو المكارم بن يحيى بن علي وإبراهيم بن محمّد بن عبد الله وأبو الفرج إبراهيم بن يوسف بن محمّد المعافري البوني وسمع الجزء كله أبو بكر عبد الرّحمن بن علي ومثبت الأسماء علي بن محمّد بن علي بن جميل المعافري المالقي وذلك في مجلسين آخرهما يوم الجمعة ثامن صفر سنة إحدى وثمانين وخمسمائة والحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمّد وآله وسلامه ه. بلغت من أول

٢١٣

أخبرنا (١) بركات بن عبد العزيز أبو الحسن ، وأبو محمّد بن حمزة ، قالا : نا الخطيب ، أنا محمّد بن أحمد بن رزقويه (٢) ، أنا أحمد بن سندي ، أنا الحسن بن علي بن علوية ، نا إسماعيل بن عيسى ، نا أبو حذيفة إسحاق بن بشر. قال : وأنا محمّد بن إسحاق ، حدّثني من لا أتهم عن عبد الله بن الزبير أنه قال وهو يحدّث عن قتل زكريا في اختلافهم هذا في أمر زكريا ويحيى ، قال :

فأقبل يحيى بن زكريا إلى من بقي من بقايا بني إسرائيل ، فكان يحيى تحت يدي ذلك الملك ، فهمّت ابنة الملك بأبيها وقالت : لو تزوجت أبي ، فيجتمع إليّ سلطانه دون نسائه ، فقالت : يا أبة تزوجني ودعته إلى نفسها ، فقال لها : يا بنية إن يحيى بن زكريا لا يحلّ لنا هذا ، فقالت : من لي بيحيى بن زكريا ، ضيق وحال بيني وبين أن أتزوج ، أبي فأغلب على ملكه ودنياه دون النساء ، فأمرت اللعاب وتخلّت (٣) لذلك لتقتل يحيى ، فقالت : ادخلوا على أبي فالعبوا حتى إذا فرغتم فإنه سيحكّمكم ، قولوا : دم يحيى بن زكريا ، ثم لا تقبلوا غيره ، قال : وكان الملك إذا حدّث فكذّب أو وعد فأخلف خلع واستبدل به غيره ، فلما لعبوا وكثر عجبه منهم قال : سلوني ، قالوا : نسألك دم يحيى ، قال : سلوني (٤) غير هذا ، قالوا : لا نسألك غيره ، فخاف على ملكه إن هو أخلفهم أن يستحل بذلك خلعه ، قال : فبعث إلى يحيى بن

__________________

هذا الجزء إلى آخره سماعا على الشيخ الأجل الإمام الحافظ الأصيل بهاء الدين شمس الحفاظ ناصر السنّة ثقة الثقات معتمد الرواة جمال الإسلام محدث الشام أبي القاسم بن الإمام الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن أبقاه الله ابنه أبو القاسم علي عمره الله والشيخ الإمام أبو سعد أحمد بن علي بن أبي بكر القرطبي وابناه محمّد وإسماعيل والقاضي الإمام بهاء الدين أبو إسحاق إبراهيم بن أبي اليسر شاكر بن عبد الله بن سليمان التنوخي وأبو الفضل حامد بن علي بن أحمد الرقي وأبو الحسن علي بن محمّد بن إبراهيم الأنصاري الرياحي وأبو سعيد خلف بن محمّد بن سمدون التوزري والأمين الفقيه أبو القاسم الخضر بن الحسين بن الخضر بن عبدان الأزدي وبقراءته قائمة ونصف صفحة من آخره وإسماعيل بن عبد الله بن الأنماطي الأنصاري وهذا خطه ومن أوائل هذا التحديد بقراءته وسمع من آخر الجزء خمس قوائم وصفحة والورقة الأخيرة أبو الحسن علي بن عمر بن عثمان الصقلي وعلي بن إبراهيم بن عبد السّلام المنجاني ويوسف بن أبي الفرج بن مخالد بن التنوخي وسمع من بعد ذلك بورقة وصفحة ولده عبد العزيز بن يوسف والأمين أبو الحسن علي بن عوصة العرضي وأبو حفص عمر بن عليس بن معالي وأبو يعلى حمزة ابن السيد بن أبي القرابين يعرف بابن أحمد الصفار وسمع جميع الجزء أبو محمّد عبد العزيز بن عبد الملك بن تميم الشيباني وذلك في اليوم الرابع والعشرين من ذي الحجة سنة خمس وتسعين وخمسمائة والحمد لله وهو الوكيل.

(١) قدمت الأخبار الثلاثة في م إلى ما قبل عدة أخبار.

(٢) في م : زرقويه.

(٣) الأصل وم : وتمحلت.

(٤) في م : سيلوني.

٢١٤

زكريا وهو في محرابه يصلي ، فذبحوه ثم حزوا رأسه ، فاحتمله الرجل في يده والدم في الطشت ورأسه في يدي الذي يحمله وهو يقول (١) : لا يحل لك ما تريد.

قال : وأنا إسحاق ، أنا سعيد بن بشير ، عن قتادة ، عن كعب بنحو من هذا إلّا أنه قال : لما قتل يحيى أقبل رأسه يتدحرج بين ظهراني الناس ، لا يحل لك ما تريد من نكاح ابنة أخيك ، قال كعب : كانت ابنة أخيه ، وقال سعيد عن قتادة عن كعب : أنها كانت ابنة أخته (٢).

قال إسحاق : وأنا محمّد بن إسحاق ، عن من يخبره عن عبد الله بن الزبير قال : فأعظم الناس قول الرأس ، وفزعوا إلى ملكهم حتى بنوا ديرا على رأس يحيى ودمه.

وقال إسحاق : وأنا مقاتل وابن سمعان ، قالا عن من يخبرهما عن عروة بن الزبير.

أن يحيى لما قتل فحمل دمه في الطشت ، ورأسه في يدي الذي حمله ، والرأس يقول للملك : لا يحل لك ، فقال رجل من بني إسرائيل : أيها الملك لو وهبت لي هذا الدم ، قال : وما تصنع به؟ قال : أطهر منه الأرض ، فإنه قد ضيقها علينا ، قال : اعطوه إيّاه ، قال : فأخذه فجعله في قلة ثم عمد إلى بيت ـ يعني : في المذبح ـ فوضع القلة فيه ثم غلق (٣) عليه ، ففار من القلة حتى خرج منها من تحت التابوت من البيت الذي هو فيه ، فلما رأى ذلك الرجل قطع (٤) به فأخرجه إلى فلاة من الأرض فجعل يفور.

قال إسحاق : وأخبرنا ابن سمعان قال : بلغني أنه دفن مكانه ، فكان يفور منه.

قال ابن سمعان : بلغني أنه كان قبل أن يرفع عيسى بسنة ونصف ، ورفع عيسى من بين أظهرهم بعد ذلك ، فعند ذلك حلّت بهم الوقعة الثانية ، والله أعلم (٥).

أخبرنا (٦) أبو القاسم هبة الله بن (٧) محمّد بن الحصين ، أنا أبو طالب محمّد بن

__________________

(١) يعني أن الذي يقول ، هو رأس يحيى بن زكريا.

(٢) كذا بالأصل ، وفي م و «ز» رسمت : أخيه.

(٣) في «ز» : أغلق.

(٤) الأصل : «يضع» والمثبت عن «ز».

(٥) كتب بعدها في «ز» : الجزء الثاني والعشرون من كتاب تاريخ مدينة دمشق حماها الله وذكر فضلها وتسمية من حلها من الأماثل واجتاز بنواحيها من وارديها وأهلها تصنيف الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي رحمه‌الله. سماع ولده القاسم بن علي بن الحسن وأجازه له من بعض شيوخ أبيه رحمهم‌الله.

(٦) كتب قبلها في «ز» : بسم الله الرحمن الرحيم ، أخبرنا والدي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن رحمه‌الله قال :

وكتب في م : أخبرنا والدي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن رحمه‌الله قال.

(٧) أقحم بعدها بالأصل : «بن عبد الواحد» والمثبت عن م ، و «ز» ، قارن مع مشيخة ابن عساكر ٢٣٧ / ب وفيها :

هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن العباس بن الحصين.

٢١٥

محمّد بن غيلان ، أنا أبو بكر محمّد بن عبد الله الشافعي ، نا محمّد بن شداد المسمعي ، نا أبو نعيم ، نا عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس قال : أوحى الله إلى محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم إنّي قد قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا ، وإني قاتل بابن ابنتك سبعين ألفا وسبعين ألفا.

أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمّد بن البغدادي ، أنا أبو بكر محمّد بن الحسن بن محمّد بن سليم ، نا أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن يوسف بن مردة (١) ، أنا عبد الوهّاب بن الحسن الكلابي ، أنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرّحمن بن مروان ، نا عبد السّلام بن عتيق ، نا أبو مسهر ، نا ابن عيّاش ، حدّثني يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيّب قال : لما قدم بخت ناصر دمشق وجد دم يحيى يغلي في كنيسة المسجد ، فقتل على دمه سبعين ألفا من المسلمين وغيرهم ، حتى سكن الدم.

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا رشأ بن نظيف ـ قراءة ـ أنا عبد الرّحمن بن عمر بن محمّد بن سعيد ـ بمصر ـ قال : قرئ على أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد بن فراس ـ بمكة ـ أنا علي بن عبد العزيز البغوي ، أنا أبو عبيد القاسم بن سلام ، نا عبد الله بن صالح ، عن الليث بن سعد ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيّب قال : قدم بخت نصّر دمشق ، فإذا هو بدم يحيى بن زكريا ... (٢) يغلي ، فسأل عنه ، فأخبروه ، فقتل على دمه سبعين ألفا ، فسكن الدم.

كذلك قال أبو العلاء بن سليمان المقرئ.

أخبرنا أبو محمّد بن حمزة بقراءتي (٣) عليه عن أبي نصر علي بن هبة الله بن ماكولا قال (٤) : أما بخت بضم الهاء وسكون الخاء المعجمة وآخره تاء ، فهو بخت نصّر مشهور.

وقد اختلف في ذلك ، فقيل هذا ، وقيل إن الذي قتل على دم يحيى حتى سكن جوذر بن سابور ، وقيل بنو باذان وهم جميعا في أهل بابل ، وقتل يحيى قبل أن يرفع عيسى بسنة ونصف.

__________________

(١) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : وردة.

(٢) كلمة غير مقروءة بالأصل ، وليست في م ولا في «ز».

(٣) مطموسة بالأصل ، والمثبت عن «ز» ، وم.

(٤) الاكمال لابن ماكولا ١ / ٢١٥.

٢١٦

أخبرنا أبو البركات بن المبارك ، أنا أحمد بن الحسن بن أحمد ، وأحمد بن الحسن بن خيرون ، قالا : أنا أبو القاسم بن بشران ، أنا أبو علي بن الصوّاف ، نا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة ، نا أبي ، نا معاوية بن هشام ، عن سفيان (١) ، عن الأعمش ، أراه عن شمر بن عطية قال : قتل على الصخرة التي في بيت المقدس سبعين نبيا ، منهم : يحيى بن زكريا.

أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا محمّد بن أحمد بن محمّد بن حسنون ، نا محمّد بن إسماعيل بن العبّاس الورّاق ـ إملاء ـ نا إسحاق بن محمّد بن مروان ، نا أبي ، نا إسحاق بن يزيد (٢) ، عن عبد الله بن مسلم ، عن أبيه ، عن قرّة قال : ما بكت السماء على أحد إلّا على يحيى بن زكريا ، والحسين بن علي ، وحمرتها بكاؤها.

أنبأنا (٣) أبو علي الحدّاد ، أنا أبو نعيم الحافظ ، نا محمّد بن محمّد بن عبد الله الجرجاني ، نا البغوي ، نا منصور بن أبي مزاحم (٤) ، نا جرير بن عبد الحميد.

ح قال أبو نعيم : ونا الحسن بن محمّد ، نا محمّد بن غسّان (٥) بن جبلة ، نا عثمان بن خالد (٦) ، نا جرير بن عبد الحميد ، عن يعقوب ، عن جعفر ، عن سعيد ـ يعني : بن جبير (٧) ـ قال : لما قتل يحيى بن زكريا عليهما‌السلام قال بعض أصحابه لصاحب له : ابعث إليّ بقميص (٨) نبي الله حتى (٩) أشمّه ، وإنّي قد عرفت أنّي مقتول ، قال : فبعث إليه ، فإذا سداه أو لحمته ليف.

لفظهما واحد.

قرأت على أبي القاسم بن السّمرقندي ، عن أبي طاهر بن أبي الصقر ، أنا الحسن بن محمّد بن جميع ، أنا أبو يعلى بن أبي كريمة ، نا محمّد بن المعافي ، نا دحيم ، نا الوليد ، عن

__________________

(١) هو سفيان بن سعيد الثوري ، ومن طريقه رواه ابن كثير في البداية والنهاية ٢ / ٦٥.

(٢) الأصل : زيد ، والمثبت عن م ، و «ز».

(٣) الخبر التالي سقط من م.

(٤) أقحم بعدها بالأصل : نا جرير بن أبي مزاحم.

(٥) كذا بالأصل : وفي «ز» : محمد بن عبد الغني بن جبلة.

(٦) في «ز» : عمار بن أحمد.

(٧) في «ز» : «ابن أخيه» تحريف.

(٨) مكانها بياض في «ز».

(٩) من هنا إلى آخر الخبر ، مكانه بياض في «ز» ، وكتب على هامشها : مقصوص بالأصل.

٢١٧

زيد بن واقد قال : أنا رأيت الرأس الذي يغلي ، هو رأس يحيى بن زكريا طري ، كأنّما قتل الساعة.

قرأت بخط أبي الحسن علي بن الخضر ، ثم أخبرنا (١) خالي القاضي أبو المعالي محمّد بن يحيى القرشي ، أنا علي بن طاهر ، عن علي بن الخضر ، أنا عبد الوهّاب بن جعفر ، حدّثني أبو هاشم ، نا أبو عبد الرّحمن محمّد بن العباس بن الدرفس ، نا محمّد بن عمر بن أبان ، نا مهدي بن جعفر ، نا الوليد (٢) ، عن زيد بن واقد قال :

رأيت رأس يحيى بن زكريا صلى الله عليهما حيث أرادوا بناء مسجد دمشق خرج من تحت ركن من أركان القبة الذي يلي المحراب مما يلي الشرق ، فكانت البشرة والشعر على حاله لم يتغير.

٨١٣٦ ـ يحيى بن زكريا بن يحيى

أبو زكريا النّيسابوري الحافظ الأعرج ، ويحيى يلقب حيّوية (٣)(٤)

سمع بخراسان : قتيبة بن سعيد ، وإسحاق بن راهويه ، وعلي بن حجر ، ويحيى بن موسى البلخي ، ومحمّد بن مشكان ، وأبا جعفر أحمد بن سعيد بن صخر الدارمي ، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي ، والربيع بن سليمان ، ومحمّد بن يحيى الذهلي ، وأحمد بن الخليل القومسي ، ومحمّد بن معاوية بن مالج ، ويوسف بن موسى القطّان.

ورحل إلى الشام ، ومصر ، وسمع بدمشق من مشايخ عدة ، وكان رفيقه أبا بكر محمّد بن إسماعيل بن مهران الإسماعيلي ، وسمع أبو بكر بانتخابه.

روى عنه : أبو العبّاس الهمداني الكوفي الحافظ المعروف بابن عقدة ، وأبو حامد أحمد بن محمّد بن الحسن الحافظ ، وأبو حاتم مكي بن عبدان ، وابن أخيه أبو الحسن محمّد بن (٥) عبد الله بن زكريا ، نزيل مصر.

__________________

(١) كتب فوقها «س» بحرف صغير في «ز».

(٢) رواه ابن كثير في البداية والنهاية ٢ / ٦٥ من طريق ابن عساكر.

(٣) حيويه : بمهملة وتحتانية ، كما في تقريب التهذيب.

(٤) ترجمته في تهذيب الكمال ٢٠ / ٨١ وتهذيب التهذيب ٦ / ١٣٥ وتذكرة الحفاظ ٢ / ٧٤٤ وسير أعلام النبلاء ١٤ / ٢٤٣ وشذرات الذهب ٢ / ٢٥١.

(٥) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : أحمد بن محمد بن عبد الله.

٢١٨

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنا أبو علي أحمد بن عبد الله بن الحسين البغدادي ، وأبو طاهر محمّد بن أحمد الأنباري ، قالا : أنا أبو الحسين علي بن أحمد بن عمر بن أحمد بن محمّد بن عبد الواحد العذري (١) ، أنا أبو الحسن محمّد بن عبد الله بن زكريا بن حيّوية النّيسابوري ، نا عمي أبو زكريا يحيى بن زكريا بن حيّوية النّيسابوري ، نا محمّد بن معاوية بن مالج ، نا خلف بن خليفة ، عن حميد الأعرج ، عن عبد الله (٢) بن الحارث ، عن عبد الله بن مسعود قال :

لما نزلت : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً)(٣) قال أبو الدحداح : يا رسول الله ، أو إنّ الله يريد منا القرض؟ فقال : «نعم يا أبا الدحداح» قال : أرني يدك ، قال : فناوله ، قال : فإنّي أقرضت ربي حائطا (٤) فيه ستمائة نخلة ، ثم جاء يمشي حتى أتى الحائط ، وأم الدحداح فيه وعيالها ، فناداها : يا أمّ الدحداح ، قالت : لبيك ، قال : اخرجي ، قد أقرضت ربي حائطا فيه ستمائة نخلة [١٣١٢١].

أخبرناه عاليا أبو المظفّر بن القشيري ، أنا أبو سعد الجنزرودي ، أنا أبو عمرو بن حمدان.

ح وأخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك ، وأم البهاء فاطمة بنت محمّد ، قالا : أنا إبراهيم بن منصور ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، قالا : أنا أبو يعلى ، نا محرز بن عون ، نا خلف بن خليفة ، عن حميد الأعرج ، عن عبد الله بن الحارث ، عن عبد الله بن مسعود قال :

لما نزلت : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) قال أبو الدحداح : يا رسول الله ، إنّ الله ليريد ـ وقال ابن حمدان : يريد منا ـ القرض؟ قال : «نعم يا أبا الدحداح» ، قال : أرنا يدك ، قال : فناوله يده ، قال : قد أقرضت ربي حائطي ، وحائط ـ وقال ابن المقرئ (٥) : وحائطه فيه ستمائة نخلة ـ فجاء يمشي حتى أتى الحائط ، وأم الدحداح فيه وعيالها ، فنادى : يا أم

__________________

(١) كذا رسمها بالأصل ، وفي م ، و «ز» : العدوي.

(٢) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : عبيد الله ، تصحيف.

(٣) سورة البقرة ، الآية : ٢٤٥.

(٤) الحائط : البستان.

(٥) قوله : «وحائط ، وقال ابن المقرئ» ليس في «ز».

٢١٩

الدحداح ، قالت : لبّيك ، فقال ـ وقال ابن المقرئ : قال : ـ اخرجي ، فقد أقرضته ربي عزوجل [١٣١٢٢].

أخبرنا أبو عبد الله (١) الحسين بن عبد الملك ، أنا أبو طاهر بن محمود ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، نا أبو زكريا يحيى بن زكريا بن رحمويه (٢) النّيسابوري على الصفا بمكة ، سنة ست وثلاثمائة في ذي الحجّة ، وذهب سماعي عنه ، وكان حدّثنا عن محمّد بن رافع النّيسابوري أيضا ، فذهب كله وحفظت هذا الحديث الواحد :

نا يوسف بن موسى القطّان ، نا جرير ، عن منصور ، عن الحسن ، عن عبد الرّحمن بن سمرة ، قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يا عبد الرّحمن بن سمرة ، لا تسأل الإمارة ، فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكّلت إليها ، وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها ، وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فائت الذي هو خير ، وكفّر عن يمينك» [١٣١٢٣].

قال ابن المقرئ : كتبته من حفظي.

[قال ابن عساكر](٣) كذا وقع في الأصل : ابن رحمويه وهو خطأ ، وقد روى عنه في معجم أسماء شيوخه ، فقال : ابن حيّوية ، وهو الصواب.

أخبرنا أبو زكريا يحيى بن عبد الوهّاب بن مندة ـ في كتابه ـ وحدّثني أبو بكر محمّد بن أبي نصر عنه ، أنا عمي أبو القاسم ، عن أبيه أبي عبد الله قال : قال : أنا (٤) أبو سعيد بن يونس : [يحيى](٥) بن زكريا النّيسابوري الأعرج ، يكنى أبا زكريا ، كتب بمصر ، وكتبت عنه ، وكان حافظا ، فاضلا.

وقال في موضع آخر قبل هذا : يحيى بن زكريا بن حيّوية النّيسابوري ، يكنى أبا زكريا ، قدم مصر وحدّث ، وتوفي بها (٦) يوم الأحد لعشر خلون من ذي القعدة ، سنة سبع وثلاثمائة ، وكان ثقة ، ثبتا.

__________________

(١) لفظه «عبد الله» استدركت على هامش ز.

(٢) كذا بالأصل وم و «ز» ، وقد تقدم أن جده يحيى لقبه : «حيويه» وسينبه المصنف في آخر الخبر إلى الصواب.

(٣) زيادة منا.

(٤) كتبت فوق الكلام في «ز».

(٥) سقطت من الأصل ، واستدركت عن «ز» ، وم.

(٦) كذا بالأصل وم ، وسقطت اللفظة من «ز» ، وكتب مكانها بين السطرين «في».

٢٢٠