تاريخ مدينة دمشق - ج ٦٢

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٦٢

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٤٦
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

ويقال كان عبدا لابنه الحارث بن عامر بن نوفل ، ووحشيّ قاتل حمزة عم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

أسلم على عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وروى عنه أحاديث.

روى عنه : ابنه حرب بن وحشيّ ، وجعفر بن عمرو بن أمية الضمري.

وكان ممن خرج مع خالد بن الوليد إلى اليمامة ، وقدم معه الشام ، وشهد اليرموك والظاهر أنه شهد فتح دمشق ، وقيل إنه سكن دمشق ، والصحيح أنه كان يسكن حمص (١).

أخبرنا أبو محمّد هبة الله بن سهل بن عمر ، أنا أبو سعد محمّد بن عبد الرّحمن ، أنا أبو أحمد محمّد بن محمّد الحام ، أنا أبو بكر محمّد بن محمّد بن سليمان بن الحارث الواسطي ـ ببغداد ـ نا أبو الوليد هشام بن عمّار الدمشقي ، نا الوليد بن مسلم ، حدّثني وحشيّ ابن حرب بن وحشيّ ، عن أبيه عن جده أن أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قالوا : يا رسول الله إنا نأكل ولا نشبع ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «تأكلون وأنتم متفرقون» قال : «فاجتمعوا على طعامكم واذكروا اسم الله على أوّله وآخره واحمدوه على آخره يبارك لكم فيه» [١٢٨٨٨].

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، قال : قرئ على أبي عثمان البحيري ، أخبرنا جدي أبو الحسين أحمد بن محمّد بن جعفر بن بحير البحيري ، أنا محمّد بن إسحاق بن خزيمة ، نا علي بن سهل الرملي ، حدّثنا الوليد ـ يعني ـ ابن مسلم عن وحشيّ بن حرب عن أبيه عن جده وحشيّ بن حرب أن رجلا قال : يا رسول الله إنّا نأكل وما نشبع ، قال : «فلعلّكم تفترقون عن طعامكم ، اجتمعوا عليه واذكروا اسم الله يبارك لكم» [١٢٨٨٩].

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، وأبو العزّ الكيلي ، قالا : أخبرنا أحمد بن الحسن ، نا عمر بن أحمد ، نا خليفة بن خيّاط قال (٢) : ووحشيّ مولى جبير بن مطعم مات بحمص.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع ، أنا أبو عمرو بن منده ، أنا أبو محمّد بن يوة ، أنا أبو الحسن اللنباني (٣) ، نا ابن أبي الدنيا ، نا محمّد بن سعد قال (٤) : في تسمية من نزل الشام : وحشيّ قاتل حمزة ، كان ينزل حمص.

__________________

(١) رواه نقلا عن المصنف المزي في تهذيب الكمال ١٩ / ٣٧١ طبعة دار الفكر.

(٢) طبقات خليفة بن خيّاط ص ٣٨ رقم ٤٥ طبعة دار الفكر.

(٣) تحرفت بالأصل وم إلى : اللبناني ، بتقديم الباء ، والصواب عن «ز» : اللنباني ، بتقديم النون.

(٤) الخبر برواية ابن أبي الدنيا ليس في الطبقات الكبرى المطبوع لابن سعد.

٤٠١

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر السوسي ، أنا أبو الحسن الساجي ، أنا أبو علي الفقيه ، نا ابن سعد ، قال (١) :

وحشيّ بن حرب الحبشيّ ، قاتل حمزة ، أسلم بعد ذلك ، وصحب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وسمع منه أحاديث ، ونزل حمص حتى مات بها ، وولده بها اليوم.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن فهم ، نا محمّد بن سعد ، قال : في الطبقة الرابعة : وحشيّ ابن حرب ، وكان أسود من سودان مكة ، عبدا لابنة الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف ابن قصي ، ويقال : بل كان عبدا لجبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف ، ولم يبلغنا أنه شهد بدرا مع المشركين ، ولكنه خرج معهم إلى أحد فقالت (٢) له ابنة الحارث بن نوفل بن عامر إنّ أبي قتل يوم بدر ، فإن أنت قتلت أحد الثلاثة فأنت حر : إن قتلت محمّدا ، أو حمزة (٣) بن عبد المطّلب ، أو علي (٤) بن أبي طالب ، فذكر قصّة قتله حمزة.

قال محمّد بن عمر : ثم إن وحشيا بعد ذلك خرج إلى الشام ، حين خرج المسلمون ، فلم يزل معهم في تلك المواضع والمشاهد حتى فتحت حمص ، فنزلها ووقع في الخمر يشربها ، ولبس المعصفر المصقول ، فكان أول من ضرب في الخمر بالشام ، وأول من لبس المعصفرات بالشام ، وليس بينهم في ذلك اختلاف ، وله بقية وعقب بالشام ، وقد روى الوليد ابن مسلم عن وحشيّ بن حرب بن وحشيّ أحاديث عن أبيه عن جده.

أنبأنا أبو محمّد بن الآبنوسي ، ثم أخبرني أبو الفضل بن ناصر عنه ، أخبرنا أبو محمّد الجوهري ، نا أبو الحسين بن المظفّر ، أنا أحمد بن علي بن الحسن ، أنا أحمد بن عبد الله بن البرقي ، قال : ومن حلفائهم ـ يعني ـ بني نوفل : وحشيّ مولى جبير بن مطعم قاتل حمزة ، له ثمانية (٥) أحاديث.

أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي ، ثم حدّثنا أبو الفضل ، أنا أبو الفضل ، وأبو الحسين وأبو الغنائم ـ واللفظ له ـ قالوا : أخبرنا أبو أحمد ـ زاد أبو الفضل ومحمّد بن الحسن قالا : ـ

__________________

(١) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٧ / ٤١٨.

(٢) الأصل وم و «ز» : فقال.

(٣) في م : وحمزة.

(٤) بالأصل : وعلي ، والمثبت عن «ز» ، وم.

(٥) بالأصل وم و «ز» : ثمان.

٤٠٢

أخبرنا أحمد بن عبدان ، أنا محمّد بن سهل ، أنا البخاري قال (١) : وحشيّ الحبشيّ مولى جبير ابن مطعم القرشي ، نزل الشام مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

قال إسحاق بن يزيد : نا محمّد بن مبارك الصوري ، نا صدقة بن خالد ، حدّثني وحشيّ ابن حرب بن وحشيّ عن أبيه عن جده قال : كان معاوية ردف النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «ما يليني منك؟» قال : بطني ، قال : «اللهمّ املأه علما وحلما» [١٢٨٩٠].

[قال ابن عساكر :](٢) في إسناده نظر.

أنبأنا أبو الحسين ، وأبو عبد الله ، قالا : أخبرنا ابن منده ، أخبرنا حمد ـ إجازة ـ.

ح قال : وأخبرنا أبو طاهر ، أخبرنا علي.

قالا : أخبرنا ابن أبي حاتم قال (٣) :

وحشيّ بن حرب مولى جبير بن مطعم ، نزل الشام ، له صحبة ، قاتل (٤) حمزة بن عبد المطّلب ومسيلمة الكذاب ، روى عنه عبيد الله بن عدي بن الخيار ، وابنه حرب بن وحشيّ ، سمعت أبي يقول ذلك.

أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالا : أخبرنا أبو الحسين بن الآبنوسي ـ إجازة ـ أخبرنا أبو القاسم بن عتاب ، أخبرنا ابن جوصا ـ إجازة ـ.

ح وأخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد ، أخبرنا الحسن بن أحمد ، أنا علي بن الحسن ، أنا عبد الوهّاب الكلابي ، أنا ابن جوصا قال : سمعت ابن سميع يقول في الطبقة الأولى من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وحشيّ بن حرب الحبشيّ ، مولى طعيمة بن عدي بن نوفل بن عبد مناف ولده ـ وقال الكلابي : داره ـ بحمص.

كتب إليّ أبو عبد الله محمّد بن أحمد ، أنا محمّد بن أحمد بن عيسى ، أخبرنا أبو عبد الله العكبري ، قال : قرئ على أبي القاسم البغوي قال : وحشيّ بن حرب ، يقال : إنه سكن دمشق ، وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أحاديث ، ثم ذكر له حديثا عن داود بن رشيد عن الوليد بن مسلم ، عن وحشيّ بن حرب عن أبيه عن جده قال : قالوا : يا رسول الله ، إنّا نأكل ولا نشبع.

قال البغوي : ويقال : إن وحشيّ قاتل حمزة ، ليس هذا هو الذي ذكرنا ، وهو وحشيّ

__________________

(١) التاريخ الكبير للبخاري ٨ / ١٨٠.

(٢) زيادة منا للإيضاح.

(٣) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٩ / ٤٥.

(٤) تحرفت بالأصل إلى : قال ، والمثبت عن «ز» ، وم.

٤٠٣

مولى جبير بن مطعم ويكنى أبا دسمة ، وقد روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حديث قتل حمزة بطوله ، وقد كتبته في أخبار حمزة.

[قال ابن عساكر :](١) كذا قال البغوي ، ووهم في التفرقة بينهما هو رجل واحد.

أخبرنا أبو الحسن الفرضي ، نا عبد العزيز بن أحمد ، نا مسدد بن علي بن عبد الله الأملوكي ، أخبرنا أبي ، أخبرنا عبد الصّمد بن سعيد القاضي قال في تسمية من نزل حمص من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : وحشيّ بن حرب الحبشيّ ، وهو مولى لطعمة بن عدي بن نوفل بن عبد مناف ، وولده بحمص إلى اليوم ، وقد كتبت عن بعض ولده النسخة التي بخطه (٢) ، ومات بحمص في بركة من خمر ، وهو أول من ضرب في الخمر.

أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنا شجاع بن علي ، أنا أبو عبد الله بن منده قال : وحشيّ بن حرب الحبشيّ ، مولى جبير بن مطعم ، كان يكنى أبا دسمة ، وكان ينزل حمص ، روى عنه جعفر بن عمرو (٣) بن أمية الضمري ، وابنه إسحاق بن وحشيّ.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا أبو الفضل محمّد بن طاهر ، أنا مسعود بن ناصر ، أنا عبد الملك بن الحسن ، أنا أبو نصر البخاري ، قال : وحشيّ [الحبشي](٤) مولى جبير بن مطعم القرشي ، نزل إلى الشام ، سمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، روى عنه جعفر بن عمرو بن أمية في قتل حمزة.

أنبأنا أبو سعد المطرّز ، وأبو علي الحدّاد ، قالا : قال لنا أبو نعيم الحافظ :

وحشيّ بن حرب أبو دسمة ، مولى جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل ، قاتل حمزة ، أسلم بعد الفتح ، فقدم مع وفد ثقيف ، وشهد اليمامة ، ورمى مسيلمة الكذاب هو والأنصاري ، فقتل مسيلمة من ضربتيهما ، ثم تحول إلى الشام ، فسكن حمص ومات بها ، حديثه عند جعفر ابن عمرو بن أمية ، وعند أولاده.

أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن عبد الله ، أخبرنا أبو بكر الخطيب ، قال :

__________________

(١) زيادة منا ز.

(٢) كذا بالأصل ، وفي م : «؟؟؟ حده» وفي «ز» : لجده.

(٣) بالأصل وم : جعفر بن علي عمرو ، صوبنا الاسم عن «ز» ، وتهذيب الكمال.

(٤) سقطت من الأصل ، والمستدرك عن «ز» ، وم.

٤٠٤

وحشيّ مولى جبير بن مطعم القرشي ، وهو قاتل حمزة عمّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم إنه أسلم وجاهد مع المسلمين أهل الردّة ، ويقال : إنه قتل مسيلمة الكذّاب يوم اليمامة ، وله روايات عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، حدّث عنه ابنه حرب.

قرأت على أبي محمّد بن حمزة ، عن علي بن هبة الله بن جعفر ، قال (١) :

أما وحشيّ بحاء مهملة ، فهو [وحشي](٢) مولى جبير بن مطعم قاتل حمزة ، أسلم على يد (٣) النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وجاهد أهل الردّة ، وقتل (٤) مسيلمة الكذّاب ، روى عنه ابنه حرب.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا أبو محمّد الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيوية ، أنا عبد الوهّاب بن أبي حية ، أنا محمّد بن شجاع ، أنا محمّد بن عمر الواقدي (٥) : حدّثني ابن أبي سبرة ، عن حسين بن عبد الله ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس قال : أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بقتل وحشيّ مع النفر ، ولم يكن المسلمون على أحد أحرص منهم على وحشيّ ، وهرب وحشيّ إلى الطائف ، فلم يزل به مقيما حتى قدم في وفد الطائف على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فدخل عليه ، فقال : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأشهد أن محمّدا عبده ورسوله (٦) ، فقال : «وحشيّ؟» قال : نعم ، قال : «اجلس ، حدّثني كيف قتلت حمزة» فأخبره ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «غيّب عني وجهك» قال : فكنت إذا رأيته تواريت عنه حتى خرج الناس إلى مسيلمة الكذّاب (٧) ، فدفعت إلى مسيلمة فزرقته (٨) بالحربة ، وضربه رجل من الأنصار ، فربّك أعلم أينا قتله.

هذا حديث غريب ، وإسناده غريب ، والمحفوظ حديث سليمان بن يسار عن جعفر بن عمر.

أخبرناه أبو عبد الله أحمد بن محمّد بن علي بن [أبي](٩) عثمان ، وأبو منصور مقرب

__________________

(١) الاكمال لابن ماكولا ٧ / ٣٠٠.

(٢) سقطت من الأصل وم و «ز» ، واستدركت عن الاكمال.

(٣) بالأصل وم : يدي ، والمثبت عن «ز» ، والاكمال لابن ماكولا.

(٤) في الاكمال : وقيل : قتل مسيلمة.

(٥) رواه محمد بن عمر الواقدي في مغازيه ٣ / ٨٦٢ ـ ٨٦٣.

(٦) في مغازي الواقدي : وأشهد أن محمدا رسول الله.

(٧) ليست في مغازي الواقدي.

(٨) زرقه به : رماه.

(٩) سقطت من الأصل ، واستدركت عن «ز» ، وم.

٤٠٥

ابن الحسين بن الحسن ، قالا : أخبرنا أبو الغنائم عبد الصّمد بن علي بن المأمون ، أنا علي بن عمر بن أحمد بن مهدي ، حدّثنا أبو علي محمّد بن سليمان بن علي المالكي ـ بالبصرة ـ نا أبو هريرة الصيرفي محمّد بن فراس ، ومحمّد بن علي القطعي ، قالا : حدّثنا وهب بن جرير ، نا أبي قال : سمعت محمّد بن إسحاق (١) ، نا عبد الله بن الفضل بن العبّاس بن ربيعة ، عن سليمان بن يسار ، عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري ، قال :

خرجت أنا وعبيد الله (٢) بن عدي بن الخيار في زمن معاوية غازيين ، فلما قفلنا مررنا بحمص ، وكان وحشيّ بها ، فقد سكنها ؛ فقال لي عبيد الله : هل لك أن نأتي وحشيّا فنسأله عن قتل حمزة؟ فخرجنا نريده ، فسألنا (٣) عنه فقيل لنا : إنكما ستجدانه بفناء داره على طنفسة له ، وهو رجل قد غلبت عليه الخمر ، فإن تجداه صاحيا تجدا رجلا غريبا ، وإن تجداه وبعض ما يكون فيه (٤) فانصرفا عنه ؛ فأتيناه ، فإذا نحن بشيخ كبير ، أسود مثل البغاث (٥) ، على طنفسة له بفناء داره ، فإذا هو صاح لا بأس به ، فسلّمنا عليه ، فردّ السلام ثم رفع رأسه إلى عبيد الله بن عدي بن الخيار فقال : ابن لعدي بن الخيار أنت؟ قال : نعم ، قال : أما والله ما رأيتك منذ ناولتك أمك السعدية التي أرضعتك بذي طوى على بعيرها ، فإنّي أخذتك بضبعيك فناولتها إيّاك [فلمعت لي قدماك ، فما هو إلّا أن وقفت عليّ فعرفتك ، قلت :](٦) فلما رأيتك عرفتك ، [قال :] فجلسنا إليه (٧) ، وقلنا : أتيناك نسألك عن حديث قتلك حمزة كيف كان؟ فقال لنا : أما إني سأحدثكم بما حدثت به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، كنت بمكة لجبير بن مطعم ، وكان طعيمة بن عدي عمه قتل يوم بدر ، فقال : إن قتلت حمزة عم محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم [بعمي](٨) فأنت حرّ ، قال : وكانت لي حربة أقذف بها ، قل ما أخطئها (٩) [قال :](١٠) فخرجت مع الناس يوم أحد (١١) ، وإنّما حاجتي

__________________

(١) الخبر في سيرة ابن هشام ٣ / ٧٤ وما بعدها ، وفي أسد الغابة ٤ / ٦٦٢ وما بعدها نقلا عن ابن إسحاق.

(٢) بالأصل : وعبيد ، والمثبت عن «ز» ، وم ، وابن هشام ، وأسد الغابة.

(٣) بالأصل : فسألناه ، والمثبت عن م.

(٤) من قوله : فسألنا ... إلى هنا سقط من «ز».

(٥) قال ابن هشام : البغاث ضرب من الطير إلى السواد.

(٦) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن «ز» ، وم ، وابن هشام.

(٧) قوله : «فجلسنا إليه» ليس في «ز» ، وم.

(٨) سقطت من الأصل ، واستدركت عن «ز» ، وم وابن هشام.

(٩) تقرأ بالأصل : «أجلتها إلّا قتلت» والمثبت عن «ز» ، وم ، وفي سيرة ابن هشام : أخطئ بها.

(١٠) زيادة عن «ز» ، وم.

(١١) قوله : «يوم أحد» ليس في «ز» ، وم.

٤٠٦

قتل حمزة (١) ، فلمّا التقى الناس أخذت حربتي ، وخرجت أنظر حمزة ، وهو في عرض الناس مثل الجمل الأورق (٢) يهذّ (٣) الناس بسيفه هذّا ، ودنا (٤) مني إلّا أنه تستر مني بأصل شجرة أو صخرة إذ بدر من الناس فلان (٥) ابن عبد العزّى ، فلمّا رآه حمزة قال : هلمّ يا ابن مقطّعة البظور ، فضربه فو الله لكأنما أخطأ رأسه (٦) ، وهززت حربتي ، حتى إذا رضيت منها ، دفعتها عليه ، فوقعت بين كتفيه ، حتى خرجت من بين ثدييه (٧) ، وتركته (٨) ، واستأخرت عنه حتى مات رحمه‌الله ، ثم قمت إليه ، ثم انتزعتها منه ، ثم أتيت العسكر فقعدت فيه ، فلم يكن لي حاجة بغيره ، وإنما قتلته لأعتق ، فلما قدمنا مكة عتقت وأقمت بها حتى (٩) فتحت مكة ، ثم هربت إلى الطائف ، فلما خرج وفد ثقيف إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم [ضاقت عليّ الأرض بما رحبت ، قلت : ألحق بالشام أو اليمن أو ببعض البلاد ، فو الله إني لفي ذلك مفكرا](١٠) إذ قال لي قائل : ويحك الحق بمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم فو الله ما يقتل أحدا دخل في دينه ، وتشهّد (١١) بشهادته.

قال : فخرجت حتى قدمت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم المدينة ، فلم يرعه إلّا وأنا قائم على رأسه أشهد بشهادة الحقّ ، فلمّا رآني قال : «وحشيّ؟» قلت : نعم ، قال : «اجلس فحدّثني كيف كان قتلك حمزة» فجلست بين يديه فحدثته كما حدثتكم ، ثم قال : «ويحك يا وحشيّ غيّب عني وجهك فلا أراك» فكنت أتنكب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى توفي ، فلما سار المسلمون (١٢) إلى مسيلمة خرجت معهم بحربتي (١٣) ، فلما التقى المسلمون وبني حنيفة (١٤) نظرت إلى

__________________

(١) زيد في «ز» : «حتى نزلنا بصفين» وفي م : «حتى نزلنا بعينين».

(٢) الجمل الأورق : الذي لونه بين الغبرة والسواد ، وصف بذلك لما عليه من الغبار.

(٣) هذّ بالسيف هذّا : قطعه ، والهذ : سرعة القطع. وفي سيرة ابن هشام : يهد الناس هدّا ، بالدال المهملة في اللفظتين (راجع اللسان ، وتاج العروس).

(٤) كذا بالأصل ، والعبارة في «ز» ، وم : ما يليق شيئا ، فو الله إني لأتهيأ له قد استترت بأصل شجرة.

(٥) كذا بالأصل : فلان ، وفي «ز» ، وم : سباع بن عبد العزى.

(٦) زيد في «ز» ، وم : ما رأيت شيئا أسرع من سقوط رأسه.

(٧) في «ز» ، وم : فوقعت في ثنته حتى خرجت من بين رجليه.

(٨) العبارة في «ز» ، وم : فوقع الرجل ، فوثبت فقتلته حتى إذا مات قمت فأخذت حربتي ، ثم رجعت إلى المعسكر.

(٩) في «ز» ، وم : فلما فتح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مكة هربت.

(١٠) ما بين معكوفتين مكانه مطموس بالأصل ، واستدرك عن «ز» ، وم.

(١١) قوله : «وتشهد بشهادته» ليس في «ز» ، وم.

(١٢) في «ز» ، وم : حتى قبضه الله ، فلما خرج المسلمون.

(١٣) زيد في «ز» ، وم : التي قتلت بها حمزة.

(١٤) في «ز» ، وم : فلما التقى الناس ، نظرت.

٤٠٧

مسيلمة ، وو الله ما أعرفه وبيده سيفه ورجل آخر من الأنصار يريده من ناحية أخرى وكلانا يتهيأ له حتى إذا أمكنتني (١) منه الفرصة دفعت إليه حربتي فوقعت فيه ، وشدّ (٢) الأنصاري يضربه ، فربك أعلم أيّنا قتله ، فإن كنت قتلته فقد قتلت خير الناس بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقتلت شرّ الناس (٣)(٤).

أخبرناه أعلى من هذا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا رضوان بن أحمد ، نا أحمد بن عبد الجبّار ، نا يونس بن بكير ، عن محمّد ابن إسحاق ، قال (٥) : فحدّثني عبد الله بن الفضل ، عن سليمان بن يسار ، عن جعفر بن أمية الضمري قال :

خرجت أنا وعبيد الله بن عدي بن الخيار مدربين في زمان معاوية ، فأدربنا (٦) مع الناس ، فلما قفلنا مررنا بحمص ، وكان وحشيّ مولى جبير بن مطعم قد سكنها ، فأقام بها ، فلما قدمناها قال لي عبيد الله بن عدي : هل لك أن تأتي وحشيا فتسأله عن قتل حمزة كيف قتله؟ قلت : إن شئت ، فخرجنا نسأل عنه بحمص ، فقال لنا رجل ونحن نسأله عنه : إنكما ستجدانه بفناء داره وهو رجل قد غلبت عليه الخمر ، فإن تجدانه صاحيا تجدا رجلا عربيا وتصيبا عنده ما تريدان من حديثه ، فتسألاه عما بدا لكما ، وإن تجداه وبه بعض ما يكون به فانصرفا عنه ودعاه ، فخرجنا نمشي حتى جئنا ، فوجدناه بفناء داره على طنفسة له ، فإذا شيخ كبير مثل البغاث ـ قال يونس : قال ابن إسحاق يعني بالبغاث الذكر من الرخم ، إذا هرم اسودّ ـ قال : وإذا هو صاح لا بأس به ، فسلّمت عليه ، فرفع رأسه إلى عبيد الله بن عدي فقال : ابن لعدي ابن الخيار أنت؟ قال : نعم ، قال : أما والله ما رأيتك منذ ناولتك أمك السعدية حتى أرضعتك ، فإنّي ناولتها إيّاك بذي طوى وهي على بعيرها ، فأخذتك مني وأنت في عرضتك (٧) ، فلمعت لي قدماك حتى رفعتك إليها ، فو الله إن هو إلّا أن وقفت عليّ فرأيتهما

__________________

(١) الأصل وم و «ز» : أمكنني.

(٢) الأصل : وسيف ، والمثبت عن «ز» ، وم.

(٣) كتب بعدها في «ز» : آخر الجزء الحادي عشر بعد السبعمائة.

(٤) الخبر التالي أخر عن موضعه ، قدّمناه إلى هنا بما وافق ترتيب الأخبار في «ز» ، وم.

(٥) راجع سيرة ابن هشام ٣ / ٧٤ وما بعدها وأسد الغابة ٤ / ٦٦٢.

(٦) في السيرة : «فأدربنا». أي دخلنا الدروب ، وكل مدخل إلى الروم : درب.

(٧) العرضة : الجلد الذي يكون فيه الصبي إذا أرضع ويرى فيه وفي السيرة : بعرضيك : يعني بجانبيك ، وعرض الشيء : جانبه.

٤٠٨

فعرفتهما فجلسنا إليه ، [فقلنا : جئناك لتخبرنا عن قتلك حمزة بن عبد المطلب حين قتلته ، كيف قتلته؟](١) فقال : أما إنّي سأحدثكما كما حدثت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين سألني عن ذلك ، كنت غلاما لجبير بن مطعم وكان عمّه طعيمة بن عدي قد قتل يوم بدر ، فلمّا سارت قريش إلى أحد ، قال لي جبير : إن قتلت حمزة عم محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يعني ـ فأنت عتيق ، فخرجت مع الناس حين خرجوا إلى أحد ، وكنت رجلا حبشيا أقذف بالحربة قذف الحبشة ، قلّ ما أخطئ بها شيئا أريده ، فلمّا التقى الناس خرجت أنظر حمزة وأتبصره حتى رأيته مثل الجمل الأورق في عرض الناس ، يهذ الناس بسيفه هذا ما يقوم له شيء (٢) فو الله إنّي لأريده واستترت منه بشجرة أو بحجر ليدنو مني ، وتقدمني إليه سباع ابن عبد العزّى ، فلما رآه حمزة قال : هلمّ إليّ يا ابن مقطّعة البظور ، وكانت أمّه ختانة بمكة (٣) ، وضربه فو الله لكأنما أخطأ رأسه ، فهززت حربتي حتى إذا رضيت منها دفعتها عليه ، فوقعت في ثنّته (٤) حتى خرجت من بين رجليه ، وذهب لينوء (٥) نحوي ، فغلب ، فوقع وخلّيت بينه وبينها حتى مات ، ثم أتيته فأخذت حربتي ثم رجعت إلى العسكر ، فقعدت فيه ، ولم تكن لي بغيره حاجة ، إنّما قتلته لأعتق ، فلمّا قدمت مكة عتقت ، ثم أقمت بها حتى افتتح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مكة ، فهربت إلى الطائف ، فكنت بها ، فلمّا خرج وفد أهل الطائف إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليسلموا ، تعيّت عليّ المذاهب وضاقت عليّ الأرض ، وقلت : ألحق بالشام أو باليمن أو ببعض البلاد ، فو الله إني في ذلك من همّي إذ قال لي رجل : ويحك إنه والله ما يقتل أحدا من الناس دخل في دينه ، وتشهّد (٦) شهادته ، قال : فلمّا قال لي ذلك خرجت حتى قدمت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم المدينة ، فلم يرعه إلّا وأنا قائم على رأسه أشهد بشهادة الحقّ ، فلمّا رآني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «وحشيّ؟» قلت : نعم يا رسول الله ، قال : «اقعد فحدّثني كيف قتلت حمزة» فحدثته كما حدثتكما ، فلما فرغت من حديثي قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «غيّب عني وجهك فلا أراك» فكنت أتنكب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حيث كان فلم يرني حتى قبضه الله ، فلما خرج المسلمون إلى مسيلمة الكذّاب صاحب اليمامة أخذت حربتي وخرجت معهم وهي الحربة التي قتلت بها حمزة ، فلما التقى الناس رأيت مسيلمة قائما في

__________________

(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وم ، واستدرك للإيضاح عن «ز» ، وسيرة ابن هشام.

(٢) الأصل : شيئا ، والمثبت عن «ز» ، وم ، وابن هشام.

(٣) «وكانت ختانة بمكة» ، كما في أسد الغابة ، والجملة ليست في ابن هشام.

(٤) الثنة بضم الثاء ، العانة.

(٥) ينوء : ينهض متثاقلا.

(٦) الأصل وم و «ز» : وشهد ، والمثبت عن ابن هشام.

٤٠٩

يده السيف ولا أعرفه ، فتهيّأت له وتهيأ له رجل من الأنصار من الناحية الأخرى ، كلانا يريده ، فهززت حربتي حتى إذا رضيت منها دفعتها عليه ، فوقعت في عاتقه وشدّ عليه الأنصاري فضربه بالسيف ، فربّك أعلم أيّنا قتله ، فإن كنت قتلته فقد قتلت خير الناس بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وشرّ الناس.

أخبرناه أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أبو القاسم البغوي ، نا أبو الفضل داود بن رشيد الخوارزمي ، نا الوليد بن مسلم ، عن عبد الرّحمن بن يزيد بن جابر ، عن جعفر بن عمرو بن أمية ، قال : خرجت أنا وعبيد الله بن عدي ابن الخيار غازيين الصائفة في زمن معاوية ، فلما قفلنا مررنا بحمص وبها وحشي بن حرب الحبشي ، فقال عبيد الله بن عدي : هل لك أن نأتي وحشيا فنسأله عن قتل حمزة كيف كان؟ قلت : نعم ، إن شئت ، فخرجنا إليه نسأل عنه فقال لنا قائل : أما إنكما ستجدانه بفناء داره على طنفسة وهو رجل قد غلبت عليه الخمر ـ فإن تجداه صاحيا منها تجدا رجلا عربيا ، وتجدا منه الذي تريدان أن تسألا عنه ، وإن تجداه قد ثمل منها ، فانصرفا عنه ، فخرجنا إليه فوافيناه شيخا كبيرا اسودّ رأسه مثل الثغام بفناء داره على طنفسة صاحيا فرفع رأسه إلى عبيد الله بن عدي ، فقال عبيد الله بن عدي بن الخيار أنت؟ قال : نعم ، قال : أما والله ما رأيتك منذ ناولتك أم السعدية التي أرضعتك بذي طوى وهي على بعيرها إلى اليوم فلما رأيتك عرفتك فجلسنا إليه وقلنا أتينا نسألك عن حديث قتلك حمزة كيف كان؟ فقال لنا : أما إني سأحدثكم بما حدثت به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : كنت بمكة لجبير بن مطعم وكان طعيمة بن عدي عمه قتل يوم بدر ، فقال : إن قتلت حمزة عم محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأنت حر ، وكانت لي حربة أقذف بها ، قل ما أجلتها إلّا قتلت ، فخرجت مع الناس يوم أحد ، وإنما حاجتي قتل حمزة : فلما التقى الناس ، أخذت حربتي ، وخرجت أنظر حمزة ، وهو في عرض الناس مثل الجمل الأورق يهذ الناس بسيفه هذّا ، ودنا مني إلّا أنه تستر مني بأصل شجرة أو صخرة ، إذ بدر من الناس فلان بن عبد العزى فلما رآه حمزة قال هلم يا ابن مقطعة البطور فضرب فو الله لطالما أخطأ رأسه وهززت حربتي حتى إذا رغبت منها دفعتها عليه فوقعت بين كتفيه حتى خرجت من بين ثدييه وتركته واستأخرت عنه حتى مات رحمه‌الله ثم قمت إليه حتى انتزعتها منه ثم أتيت العسكر فقعدت فيه فلم يكن لي حاجة بغيره وإنما قتلته لأعتق فلما قدمنا مكة عتقت وأقمت بها حتى فتحت مكة ثم هربت إلى الطائف فلما خرج وفد ثقيف إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ضاقت على الأرض بما رحبت فقلت الحق باليمن أو بالشام فو الله إني في غم ذاك إذ قال لي قائل ويحك الحق لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم فو الله ما يقتل

٤١٠

أحدا دخل في دينه وتشهد بشهادته قال فخرجت حتى قدمت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم المدينة فلم يرعه إلا وأنا قائم على رأسه أشهد بشهادة الحق فلما رأى قال وحشي قلت نعم قال اجلس فحدثني كيف كان قتلك حمزة فجلست بين يديه فحدثته كما حدثتكم ثم قال ويحك يا وحشي غيب عني وجهك فلا أراك فكنت أتنكب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى توفي فلما سار المسلمون إلى مسيلمة خرجت معهم بحربتي فلما التقى المسلمون وبني حنيفة نظرت إلى مسيلمة وو الله ما أعرفه وبيده سيفه وترجل آخر من الأنصار يريده من ناحية أخرى وكلانا يتهيأ له حتى إذا أمكنتني منه الفرصة دفعت إليه حربتي فوقعت فيه وسيف الأنصار يضربه فربك أعلم أينا قتله فإن كنت قتلته فقد قتلت خير الناس بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقتلت شر الناس.

قال ابن جابر : قال عبد الله بن الفضل : أخبرني سليمان بن يسار ، عن عبد الله بن عمر ، وشهد اليمامة ، قال : سمعت رجلا يصيح يقول : قتله العبد الأسود ـ يعني ـ مسيلمة.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن (١) بن علي ، أنا أبو عمرو (٢) بن حيوية ، أنا عبد الوهّاب بن جعفر أبي حية ، نا محمّد بن شجاع ، نا محمّد بن عمر الواقدي ، قال (٣) : فحدّثني عبد الله بن جعفر ، عن ابن أبي عون ، عن الزهري ، عن عروة ، نا عبيد الله ابن عدي بن الخيار قال :

غزونا الشام في عهد عثمان بن عفّان فمررنا بحمص بعد العصر ، فقلنا : وحشيّ ، فقالوا : لا تقدرون عليه ، هو الآن يشرب الخمر حتى يصبح ، فبتنا من أجله وإنّا لثمانون رجلا ، فلمّا صلينا الصبح جئنا إلى منزله ، فإذا شيخ كبير قد وضعت له زربية (٤) قدر مجلسه فقلنا : أخبرنا عن قتل حمزة ، وعن قتل مسيلمة ، فكره ذلك ، وأعرض عنه ، فقلنا له : ما بتنا هذه الليلة إلّا من أجلك ، فقال : إنّي كنت عبدا لجبير بن مطعم بن عدي ، فلما خرج الناس إلى أحد دعاني فقال : قد رأيت مقتل طعيمة بن عدي ، قتله حمزة بن عبد المطّلب يوم بدر ، فلم يزل نساؤنا في حزن شديد إلى يومي هذا ، فإن قتلت حمزة فأنت حر ، قال : فخرجت مع الناس ولي مزاريق (٥) ، وكنت أمر بهند بنت عتبة فتقول : إيه أبا دسمة ، اشف واشتف ، فلما

__________________

(١) بالأصل وم : الحسين ، والمثبت عن «ز».

(٢) الأصل وم : عمرو ، والمثبت عن «ز».

(٣) الخبر رواه الواقدي في مغازيه ١ / ٢٨٦ ـ ٢٨٧.

(٤) إعجامها مضطرب بالأصل وم ، والمثبت عن «ز» ، ومغازي الواقدي ، والزربية : البساط (كما في النهاية).

(٥) المزاريق واحدها مزراق ، وهو الرمح القصير (القاموس).

٤١١

وردنا أحدا نظرت إلى حمزة يقدم الناس يهذّهم (١) هذّا فرآني وأنا قد كنت كمنت له تحت شجرة ، فأقبل نحوي ويعترض له سباع الخزاعي ، فأقبل إليه وقال : وأنت أيضا ابن مقطعة البظور ممن يكثر علينا هلم إلينا ، وأقبل حمزة ، فاحتمله حتى رأيت برقان رجليه ، ثم ضرب به الأرض ثم قتله ، وأقبل نحوي سريعا حتى تعرض له جرف (٢) فيقع فيه وأزرقه بمزراقي (٣) فيقع [في](٤) ثنته حتى خرج من بين رجليه فقتلته ، وأمر بهند بنت عتبة وأعطتني ثيابها وحليها ؛ وأما مسيلمة فإنّا دخلنا حديقة الموت فلمّا رأيته زرقته بالمزراق ، وضربه رجل من الأنصار بالسيف ، فربك أعلم أينا قتله ، إلّا أنّي سمعت امرأة تصيح فوق الدير : قتله العبد الحبشي ، يا عبيد الله ، فقلت : تعرفني؟ قال : فأكرّ بصره عليّ ، وقال : ابن عدي ، ولعاتكة بنت أبي العيص. قال : قلت : نعم ، قال : أما والله ما لي بك عهد بعد إذ رفعتك إلى أمك في محفتك التي ترضعك ، ونظرت إلى برقان قدميك حتى كأن الآن. وكان في ساقي هند خدمتان من جزع ظفار ، ومسكتان من ورق ، وخواتيم من ورق ، كن في أصابع رجليها فأعطتني ذلك.

أخبرنا أبو محمّد بن حمزة ، أنا عبد العزيز بن أحمد ، أنا تمام بن محمّد.

ح وأخبرنا جدي أبو الفضل يحيى بن علي القاضي ، وخالي القاضي أبو المعالي ، قالا : أخبرنا أبو القاسم بن أبي العلاء ، أنا أبو محمّد بن أبي نصر ، قالا : أخبرنا أبو الحسن بن حذلم ، نا سعد بن محمّد ، نا المسيّب بن واضح نا (٥) أبي هريرة الحمصي ، نا وحشيّ بن حرب بن وحشيّ ، عن أبيه عن جده قال : لما أتيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد قتل حمزة تفل في وجهي ثلاث تفلات ثم قال : «لا ترني وجهك» [١٢٨٩١].

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين البزاز ، أنا أبو طاهر محمّد بن عبد الرّحمن ، أنا أبو الحسين رضوان بن أحمد ، أنا أحمد بن عبد الجبّار ، نا يونس بن بكير ، عن

__________________

(١) في مغازي الواقدي ، يهدهم هدا بالدال المهملة ، يعني يرديهم ويهلكهم ، ويهذهم هذّا ، بالذال المعجمة معناه : يسرع في قطع لحوم الناس (شرح السيرة لأبي ذر).

(٢) الأصل وم : حرب ، والمثبت عن «ز» ، والمغازي.

(٣) الأصل وم : بمزراق ، والمثبت عن «ز» ، والواقدي.

(٤) سقطت من الأصل ، واستدركت عن «ز» ، وم.

(٥) تحرفت بالأصل وم إلى : بن ، والمثبت عن «ز».

٤١٢

يونس بن عمر عن رجل من الأنصار أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لوحشي : توار عني حتى لا أرى وجهك».

أنبأنا أبو علي الحدّاد وغيره ، قالوا : أخبرنا أبو بكر بن ريذة ، أنا سليمان بن أحمد ، حدّثنا أحمد بن علي الأبار ، نا إسحاق بن الأركون ، نا أبين بن سفيان ، عن عطاء ، عن ابن عبّاس قال : بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى وحشيّ قاتل حمزة يدعوه إلى الإسلام ، فأرسل إليه : يا محمّد كيف تدعوني إلى دينك ، وأنت تزعم أن من قتل أو أشرك وزنى (يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً)(١) ، وأنا قد صنعت ذلك ، فهل تجد لي من رخصة؟ فأنزل الله تعالى : (إِلَّا مَنْ تابَ [وَآمَنَ])(٢)(وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً)(٣) فقال وحشيّ : يا محمّد ، هذا شرط شديد إلّا من تاب وآمن وعمل صالحا ، فلعلّي لا أقدر على هذا ، فأنزل الله : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ)(٤) فقال وحشيّ : يا محمّد ، أرى بعد مشيئة فلا أدري يغفر لي أم لا ، فهل غير ذلك؟ فأنزل الله عزوجل : (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)(٥) قال وحشيّ هذا ، فجاء فأسلم فقال الناس : يا رسول الله ، إذا أصبنا ما أصاب وحشيّ؟ قال : «هي للمسلمين عامة» [١٢٨٩٢].

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا الحسن بن محمّد بن إسحاق ، نا أبو عثمان سعيد بن عثمان الحافظ (٦) ، نا محمّد بن يزيد الأدمي ، نا سعيد بن سالم القداح ، نا عبد الملك بن جريج ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن (٧) ابن عبّاس قال :

جاء وحشيّ إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : يا محمّد جئتك مستجيرا بك ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «قد كنت أحب أن أراك على غير جوار ، فأمّا إذا كنت مستجيرا فأنت في جواري حتى تسمع كلام الله» قال : فإنّي أشركت بالله العظيم ، وقتلت النفس التي حرّم الله ، فهل يقبل من مثلي توبة؟ فصمت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلم يجبه حتى نزل عليه القرآن (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً

__________________

(١) سورة الفرقان ، الآية : ٦٨ ـ ٦٩.

(٢) سقطت من الأصل واستدركت عن «ز» ، وم.

(٣) سورة الفرقان ، الآية : ٧٠.

(٤) سورة النساء ، الآية : ٤٨.

(٥) سورة الزمر ، الآية : ٥٣.

(٦) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : الخياط.

(٧) في «ز» : عن محمد بن عباس.

٤١٣

آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِ) إلى قوله : (يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) الآية (١) ، فقرأها عليه فقال : أرى شرطا ، فلعلي لا أعمل صالحا ، أنا في جوارك حتى أسمع كلام الله ، فنزلت : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) فدعاه فقرأها عليه ، فقال وحشيّ : فلعلّي ممن لا يشاء ، أنا في جوارك ، حتى أسمع كلام الله ، قال : فنزلت : (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ) الآية. فقال وحشيّ : الآن لا أرى شرطا ، فتشهد وأسلم [١٢٨٩٣].

أخبرنا أبو بكر الأنصاري ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو الحسين بن المظفّر ، أنا أبو بكر الباغندي ، نا محمّد بن أبان الواسطي في قول الله تعالى : (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) نزلت في قاتل حمزة.

أخبرنا أبو عبيد الله محمّد بن غانم بن أحمد ، أنا عبد الرّحمن بن محمّد بن إسحاق ، أخبرنا أبي ، أخبرنا محمّد بن عمرو بن إسحاق بن زبر الحمصي ، أخبرنا أبي ، حدّثنا وحشيّ ابن إسحاق بن وحشيّ بن حرب بن وحشيّ ، حدّثني أبي إسحاق ، عن أبيه وحشيّ ، عن أبيه حرب بن وحشيّ [عن أبيه وحشي](٢) بن حرب.

أنه وفد على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في اثنين وسبعين رجلا من الحبشة ، وأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قوّدني عليهم ، وعقد لي راية صفراء ، ذراعين في ذراعين ، وفيها هلال أبيض ، وعذبتان سوداوان (٣) وبينهما عذبة بيضاء ، وجعل لي شعارنا : [كل](٤) خير ، وكان منهم ذو مجبر ، وذو مهدم ، وذو مناحب ، وذو دجن ، فقال لهم : انتسبوا ، فقال : ذو مهدم :

على عهد ذي القرنين كانت سيوفنا

صوارم يفلقن الحديد المذكرا

فمن كان يعمى عن أبيه فإننا

وجدنا أبانا العدملي المشهّرا (٥)

وهودا أبونا سيد الناس كلهم

وفي زمن الأحقاف عزا ومفخرا

__________________

(١) سورة الفرقان ، الآية : ٧٠.

(٢) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وم ، واستدرك عن «ز» ، لتقويم السند.

(٣) بالأصل وم و «ز» : «وعذبتين سوداويين». والعذبتان مثنى العذبة ، وهي طرف كل شيء ، أو خرقة تشد على رأس الرمح ، أو هي من العمامة ما سدل بين الكتفين منها.

(٤) سقطت من الأصل ، واستدركت عن «ز» ، وم.

(٥) العدملي : المسن القديم ، والضخم القديم من الشجر.

٤١٤

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، حدّثنا عبد العزيز الكتّاني ، أخبرنا أبو القاسم البجلي ، وأبو محمّد بن أبي نصر ، وأبو نصر بن الجندي ، وأبو بكر القطّان ، وأبو القاسم بن أبي العقب.

ح وأخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم السلمي الفقيه (١) ، أخبرنا أبو القاسم علي بن يعقوب الهمداني ، حدّثنا أبو زرعة ، نا علي بن عيّاش ، ومحمّد بن عائذ ، وعلي بن الحسن الشيباني ، قالوا : أخبرنا الوليد بن مسلم ، حدّثني وحشيّ بن حرب ، عن أبيه عن جده وحشيّ ابن حرب.

أن أبا بكر عقد لخالد بن الوليد على قتال أهل الردّة فقال : إنّي سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «نعم عبد الله وأخو العشيرة خالد بن الوليد ، سيف من سيوف الله سلّه الله على الكفّار والمنافقين» ثم قال أبو بكر : يا وحشيّ اخرج معه فقاتل في سبيل الله كما قاتلت لتصدّ عن سبيل الله ، قال : فخرجت معه ، فقاتلنا كفرة العرب حتى رجعوا ، ثم جاءنا كتاب أبي بكر بالمسير إلى مسيلمة الكذّاب وكفرة بني حنيفة ، فمضينا لذلك ، فلقيناهم يقاتلون قتالا شديدا ، فهزمونا ثلاث مرات ، ثم ثبّت الله أقدامنا في الرابعة ، وصبرنا لوقع السيوف واختلافها على رءوسنا حتى رأيت شهب النار تخرج من خلالها ، وسمعت لها أصواتا كأصوات الأجراس ، ونصرنا الله وهزم بني حنيفة ، وقتل الله مسيلمة ـ زاد ابن السمرقندي قال أبو زرعة : ولفظ الحديث لعلي بن عياش ـ زاد محمّد بن عائذ في حديثه قال وحشيّ : فلقد ضربت يومئذ بسيفي حتى غري (٢) قائمه في كفي من دمائهم ، وكتبوا بفتح الله ونصره إلى أبي بكر.

أخبرنا أبو السعود بن المجلي ، حدّثنا أبو الحسين بن المهتدي ، أنا عبد الرّحمن بن عمر بن أحمد الخلّال ، أنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن يعقوب ، حدّثني جدي يعقوب ، حدّثني إبراهيم بن موسى الفرّاء ، ثبت ، ثقة ، نا الوليد بن مسلم ، عن وحشيّ بن حرب الحبشيّ (٣) ، عن أبيه عن جده وحشيّ بن حرب الحبشيّ.

أن أبا بكر وجّه خالد بن الوليد في قتال أهل الردّة ، فكلّم في ذلك فأبى أن يردّه ، وقال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول وذكر خالد بن الوليد : «نعم عبد الله وأخو العشيرة ، وسيف من

__________________

(١) كذا بالأصل وم ، وزيد بعدها في «ز» : أنا أبو القاسم بن أبي العلاء ، أنا أبو الحسن بن ياسر قالوا.

(٢) غري : لزق.

(٣) في «ز» : وحشي بن حرب بن وحشي بن حرب الحبشي.

٤١٥

سيوف الله ، سلّه الله على الكفار والمنافقين» وقال أبو بكر : يا وحشيّ سر مع خالد بن الوليد ، فجاهد في سبيل الله كما جاهدت لتصدّ عن سبيل الله ، قال وحشيّ : فسار وسرت معه ، فقاتلت أهل الردّة حتى رجعوا إلى الإسلام ، ثم كتب إليه أبو بكر يأمره بالمسير إلى مسيلمة الكذّاب ، وكفرة بني حنيفة ، فسار إليهم حتى لقيناهم فاقتتلنا قتالا شديدا ، فهزموا المسلمين ثلاث مرّات ، قال : وكرّ عليهم المسلمون في الرابعة ، فتاب الله عليهم فثبّت أقدامهم ، فصبروا لوقع السيوف واختلفت بينهم وبين بني حنيفة السيوف حتى رأيت شهب النار تخرج من خلالها ، وحتى سمع لها أصواتا كأجراس الإبل ، وأنزل الله علينا نصره ، وهزم (١) الله بني حنيفة ، وقتل الله مسيلمة ، قال وحشيّ : فلقد ضربت يومئذ بسيفي حتى غري قائمته بكفي من دمائهم ، وكتبوا بفتح الله ونصره إلى أبي بكر (٢). فكتب إلى خالد يأمره بالمسير إلى ناحية العراق ، ففعل.

أخبرناه مختصرا عاليا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو سعد محمّد بن عبد الرّحمن ، أنا أبو عمرو بن حمدان ، أنا الحسن بن سفيان النسوي ، نا محمّد بن أبي السري (٣) العسقلاني (٤) ، نا الوليد بن مسلم ، حدّثني وحشيّ بن حرب ، عن أبيه ، عن جده قال : سمعت أبا بكر الصدّيق يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لخالد بن الوليد : «نعم عبد الله وأخو العشيرة ، سيف من سيوف الله سلّطه الله على الكفّار» [١٢٨٩٤].

أخبرناه أبو غالب محمّد بن الحسن بن علي ، أخبرنا عبد الله بن الحسن بن محمّد ، أنا عبيد الله بن أحمد بن علي ، نا أبو محمّد يزداد (٥) بن عبد الرّحمن بن محمّد الكاتب ، قال (٦) أبو سعيد الأشج : نا ابن إدريس ، عن محمّد بن إسحاق بن عبد الله بن الفضل ، عن سليمان بن يسار قال : سمعت ابن عمر يقول : قتل مسيلمة عبد أسود.

كتب إليّ أبو بكر الشيروي ، وأخبرني أبو بكر محمّد بن عبد الله بن حبيب عنه ، أخبرنا أبو بكر الحيري ، نا أبو العبّاس الأصم.

ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر

__________________

(١) تحرفت بالأصل إلى : وأنزل ، والمثبت عن «ز» ، وم.

(٢) إلى هنا كرر الخبر السابق بالأصل.

(٣) في «ز» : البسري.

(٤) تحرفت بالأصل إلى : السقلاني ، والمثبت عن «ز» ، وم.

(٥) في «ز» وم : أبو محمد بن داود ، تحريف.

(٦) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : نا.

٤١٦

المخلّص ، أنا رضوان بن أحمد ، قالا : أخبرنا أحمد بن عبد الجبّار ، نا يونس بن بكير ، عن محمّد بن إسحاق ، حدّثني عبد الله بن الفضل أن سليمان بن يسار حدّثه عن عبد الله بن عمرو (١) قال : سمعت صارخا يصرخ يوم اليمامة : قتله العبد الأسود (٢).

وأخبرناه أبو القاسم أيضا ، أنا ابن النقور ، أنا المخلّص ، نا عبد الله بن محمّد بن منيع ، نا سعيد بن يحيى الأموي ، نا أبي ، عن محمّد بن إسحاق ، حدّثني عبد الله بن الفضل ، عن سليمان بن يسار ، عن عبد الله بن عمر بن الخطّاب ، وكان قد شهد اليمامة ، قال : سمعت صارخا يقول : قتله العبد الأسود (٣).

قال : وأخبرنا المخلّص ، أنا أبو بكر بن سيف ، نا السري بن يحيى ، نا شعيب بن إبراهيم ، نا سيف بن عمر ، عن محمّد بن إسحاق ، عن عبد الله بن الفضل ، عن سليمان بن يسار ، عن عبد الله بن عمر ، وكان شاهدها ، قال :

سمعت رجلا يصرخ يومئذ بقتل مسيلمة يقول : قتله العبد الأسود ، فقلنا : قتله الله ، وقال يومئذ : إنكم يا معشر المسلمين تقولون : إنّي قتلت حمزة ، فإن أك قد قتلت خير الناس ، فقد قتلت شرّ الناس ، فهذه بهذه (٤).

أخبرنا أبو بكر الأنصاري ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن فهم ، نا محمّد بن سعد ، أنا محمّد بن عمر ، أنا أحمد بن معروف ، حدّثني عبد الله بن نافع ، عن أبيه ، عن ابن عمر قال : سمعت امرأة تقول على الدير : قتله العبد الحبشي.

قال : وأخبرنا محمّد بن عمر ، حدّثني عائذ بن يحيى ، عن أبي الحويرث قال : ما رأيت أحدا يشك أن عبد الله بن زيد ضربه وزرقه وحشيّ فقتله.

أنبأنا أبو عبد الله محمّد بن علي بن أبي العلاء ، وأبو محمّد بن الأكفاني ، وابن السّمرقندي ، قالوا : أخبرنا عبد العزيز الكتّاني.

ح وأنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني ، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عقيل ابن المكبري النحوي ، قالا : أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محمّد بن الشرابي ، أنا جدي أبو بكر

__________________

(١) كذا بالأصل وم و «ز» : «عمرو» ومرّ : وسيأتي في الخبر التالي : أنّه عبد الله بن عمر بن الخطاب.

(٢) أسد الغابة ٤ / ٦٦٤.

(٣) سيرة ابن هشام ٣ / ٧٧ ، وتاريخ الطبري ٣ / ٢٩١ نقلا عن ابن إسحاق.

(٤) تهذيب الكمال ١٩ / ٣٧٢.

٤١٧

محمّد بن علي بن الحسين بن الرماني ، نا أبو عثمان سعيد بن عبد الله بن محمّد بن عجب الأنباري ، نا صالح بن عبد الرّحمن بن عمرو بن الحارث ، نا أبو حرب وحشيّ بن إسحاق بن وحشيّ بن حرب بن وحشيّ ، حدّثني [أبي](١) عن أبيه عن جده قال :

لما فتحنا اليرموك مع أبي عبيدة بن الجراح بقيت مغارة الروم فيها عدة من فرسانهم وغير ذلك لا يستطاع فتحها ، فقالوا : من لها؟ فقلت : أنا لها ، هل من درع ، فأتوني بدرع فلبستها على درعي ، ثم قلت : هل من درع أخرى ، فأتوني بدرع أيضا فلبستها كهيئة السراويل ، وشددتها عليّ شدّا جيدا ، وأخذت سيفي بيدي ، وأخذت حبلا ووضعته في وسطي ، وأمرتهم أن يدلوني في المغارة فقالوا : يا أبا حرب ، قد كبرت سنك ، وما إن تجشم ذا فقلت له : ما رحمت نفسي منذ صاحبت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فدلّوني ، فقتلت فرسانها وأحرقت من كان فيها ، وقد كنت أسمع سيفي في رءوسهم كالفأس في الحطب الجزل ، ولقد غريت يدي على سيفي (٢) من الدم ، وما أخرجته من يدي حتى أنقعته بالماء المسخن (٣).

قال : ولما قدمنا حمص مع أبي عبيدة بن الجرّاح برز إليّ بطريق من بطارقة الروم على باب الرستن (٤) فقتلته ، فلبست ثوبه وركبت دابته ودخلت السوق حتى أتيت باب يهود ، فضربت سلسلته بسيفي فقطعتها ، فدخل الناس فتركت دار اصطفيس ، وأنزلت أصحابي حولي.

وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا كتب إليّ كتابا كتب فيه : من محمّد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى وحشيّ الحبشيّ.

أخبرنا أبو نصر محمّد بن حميد بن عبد الله ، أنا محمّد بن علي بن محمّد النحوي ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، نا أبو عروبة الحرّاني ، أنا محمّد بن إسماعيل بن عليّة ، نا محمّد بن مصعب ، نا أبو بكر عن راشد بن سعد ، قال : أول من لبس الثياب المدلّكة وجلد في الخمر وحشيّ (٥).

__________________

(١) سقطت من الأصل وم ، واستدركت عن «ز» ، لتقويم السند.

(٢) تحرفت بالأصل وم إلى : فرسي ، والمثبت عن «ز».

(٣) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : السخن.

(٤) الرستن : بليدة قديمة كانت على نهر الميماس ، العاصي اليوم والرستن : بين حماه وحمص. (معجم البلدان).

(٥) تهذيب الكمال ١٩ / ٣٧١.

٤١٨

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا ابن النقور ، وأخبرنا المخلّص ، أنا أبو الحسين رضوان بن أحمد ، نا أحمد بن عبد الجبّار ، نا يونس بن بكير ، عن يونس بن عمرو (١) ، عن أبيه.

أن عمر بن الخطّاب قال : ما زالت لوحشيّ في نفسي حتى أخذ قد شرب الخمر بالشام ، فجلد الحدّ ، فحططت (٢) عطاءه إلى ثلاثمائة ، وكان فرض له عمر في ألفين ، وكان وحشيّ عبدا لجبير بن مطعم ، فقال وحشيّ : استترت (٣) ببعير يوم أحد وحمزة يقبل ويدبر ، فزرقته بمزراقي فأصبت فوق عانته (٤).

٧٩٦٣ ـ وحشيّ بن حرب [بن وحشي بن حرب](٥)(٦) [ابن](٧) ابن المذكور آنفا

حدّث عن أبيه.

روى عنه : الوليد بن مسلم ، وصدقة بن خالد ، ومحمّد بن شعيب بن شابور ، ومحمّد ابن سليمان بن أبي داود الحرّاني ، وهاشم بن عيسى بن بشر (٨) أبو (٩) هريرة الحمصي ، وابنه إسحاق بن وحشيّ.

أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أخبرنا أبو الحسين بن الآبنوسي.

ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور.

قالا : أخبرنا عمر بن إبراهيم بن أحمد المقرئ ، نا عبد الله بن محمّد البغوي ، نا داود

__________________

(١) من طريقه روي في تهذيب الكمال ١٩ / ٣٧١.

(٢) رسمها مضطرب بالأصل وتقرأ : «فحصطت» والمثبت عن «ز» ، وم.

(٣) كذا بالأصل وم و «ز» : استترت ، وتحرفت في تهذيب الكمال إلى : اشتريت.

(٤) كتب بعدها في «ز» : آخر الجزء الثاني بعد الخمسمائة من الأصل. بلغت سماعا بقراءتي وعرضا بأصله على القاضي الأجل الورع الأصيل بقية السلف أبي البركات الحسن بن محمد بن الحسن الشافعي بحق إجازته من عمه المصنف ، وكتب محمد بن يوسف بن محمد البرزالي الإشبيلي يوم السبت التاسع من جمادى الآخرة سنة عشرين وستمائة بالمسجد الجامع بدمشق حرسها الله والحمد لله وحده وصلاته على نبيه محمد.

(٥) ما بين معكوفتين سقط من الأصل ، واستدرك عن «ز» ، وم.

(٦) ترجمته في تهذيب الكمال ١٩ / ٣٧٠ وتهذيب التهذيب ٦ / ٧٣ والتاريخ الكبير ٨ / ١٨٠.

(٧) سقطت من الأصل ، واستدركت عن «ز» ، وم.

(٨) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : بشير.

(٩) كذا بالأصل وم و «ز» : وفي تهذيب الكمال : أبو معاوية هاشم بن عيسى بن بشر المعروف بابن أبي هريرة. راجع ترجمته في الجرح والتعديل ٩ / ١٠٥ وفيه «بشير» بدلا من «بشر».

٤١٩

ابن رشيد ، أخبرنا ـ وقال ابن البنّا [حدثنا ـ](١) الوليد بن مسلم عن وحشيّ بن حرب ، عن أبيه عن جده ـ زاد ابن السمرقندي أنهم وقالا : قالوا : يا رسول الله إنا نأكل ولا نشبع ، قال : «لعلّكم تفترقون ، اجتمعوا على طعامكم ، واذكروا اسم الله عليه ، يبارك لكم فيه» [١٢٨٩٥].

أخبرناه أبو القاسم علي بن إبراهيم ـ قراءة ـ أخبرنا أبو القاسم علي بن الفضل بن الفرات المقرئ ، أنا أبو الحسين عبد (٢) الوهّاب بن الحسن الكلابي ، نا أحمد بن عمير بن [يوسف ، نا عمرو بن](٣) عثمان ، وعلي بن سهل ، قالا : حدّثنا الوليد بن مسلم ، عن وحشيّ ابن حرب أن رجلا قال : يا رسول الله إنا نأكل ولا نشبع ، قال : «فلعلّكم تتفرّقون عن طعامكم؟» قالوا : نعم ، قال : «فاجتمعوا (٤) عليه ، واذكروا اسم الله يبارك لكم فيه» [١٢٨٩٦].

أخبرنا أبو الحسين بن أبي الحديد ، أنا جدي أبو عبد الله ، أنا الحسين بن محمّد بن الحسين المقرئ ، أنا القاضي أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن عبد الغفّار ، نا أبو القاسم بن أبي قتادة ، نا محمّد بن عبد الله بن ثابت بن حسّان ، نا إسحاق بن زيد الخطابي ، نا محمّد بن سليمان ، عن وحشيّ بن حرب بن وحشيّ ، عن أبيه ، عن جده قال : شكا رجل إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم الفاقة ، فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لعلّك تتقدم (٥) من هو أسن منكم» قال : نعم يا رسول الله ، قال : «فلا تفعل» ، قال : فترك ذلك ، فأذهب الله عنه الفاقة [١٢٨٩٧].

أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن عبد الله ، أنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب ، أنا علي ابن أبي علي البصري ، نا محمّد بن خلف بن محمّد بن حيّان الخلّال ، نا محمّد بن أحمد بن هلال الشطوي ، نا أحمد بن عبد الرّحمن بن المفضل ، نا محمّد بن سليمان بن أبي داود ، نا وحشيّ بن حرب بن وحشيّ ، عن أبيه ، عن جده قال : كنت عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم جالسا فمرّ رجل ، فقال رجل : يا رسول الله ، إنّي أحبّ هذا في الله ، قال : «أعلمته ذلك؟» فقال : لا ، قال : «قم فأعلمه» [١٢٨٩٨].

أخبرناه أبو الحسن سعد الخير بن محمّد بن سهل ، أنا أحمد بن محمّد بن أحمد بن مردويه ، أنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن عبد الرّحمن ، أنا أبو أحمد محمّد بن أحمد بن

__________________

(١) سقطت من الأصل واستدركت لتقويم السند عن «ز» ، وم.

(٢) بالأصل : ابن عبد الوهاب.

(٣) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وم واستدرك عن «ز» لتقويم المعنى.

(٤) قوله : «قال : فاجتمعوا» مكرر بالأصل.

(٥) بالأصل : «تقدم ومن هو» والمثبت عن «ز» ، وم.

٤٢٠