دلائل الصدق لنهج الحق - ج ٦

الشيخ محمد حسن المظفر

دلائل الصدق لنهج الحق - ج ٦

المؤلف:

الشيخ محمد حسن المظفر


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-359-4
الصفحات: ٥٨١

( رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ ) (١) ».

وليت شعري ، كيف يتصوّر ثبات أبي بكر في ذلك اليوم الهائل وحومة الحرب الطاحنة وما أصاب ولا أصيب؟!

أتراهم ينعون شلل أصبع طلحة ، ولا ينعون جرح أبي بكر لو أصيب؟!

وكيف يسلم وهو قد ثبت للحرب ومحاماة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو يرى ما جنى عليه الكافرون؟! ولا سيّما قد زعم أولياؤه أنّه قرين النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في طلب قريش له ، حتّى بذلوا في قتله ما بذلوا في قتل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢)!

وأمّا تكذيب الفضل للمصنّف رحمه‌الله في دعوى أنّ أبا بكر عانهم يوم حنين ، فمن الجهل ؛ لأنّ الرازي والزمخشري ذكرا من الأقوال : إنّ أبا بكر هو القائل : « لن نغلب اليوم عن (٣) قلّة » (٤).

وروى القوشجي في « شرح التجريد » ، عند تعرّض المصنّف لغزاة حنين ، قال : « سار النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في عشرة آلاف ، فتعجّب أبو بكر من كثرتهم وقال : ( لن نغلب اليوم لقلّة ) ، فانهزموا بأجمعهم ، ولم يبق مع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سوى تسعة نفر : عليّ ، والعبّاس ، وابنه الفضل ، وأبو سفيان

__________________

(١) سورة الأعراف ٧ : ٨٩.

(٢) زعموا فضيلة اختلقوها له! استندوا فيها إلى قوله تعالى : ( إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ ... ) سورة التوبة ٩ : ٤٠ ؛ انظر مؤدّى ذلك في العثمانية : ٢٨ وما بعدها.

(٣) كذا في الأصل ، وفي المصدرين : « من » ؛ وكلاهما بمعنى!

(٤) تفسير الفخر الرازي ١٦ / ٢٢ ، تفسير الكشّاف ٢ / ١٨٢.

٤٢١

ابن الحارث ، ونوفل بن الحارث (١) ، وربيعة بن الحارث (٢) ، وعبد الله بن الزبير (٣) ، وعتبة ومعتّب (٤) ابنا أبي لهب.

__________________

(١) هو : أبو الحارث نوفل بن الحارث بن عبد المطّلب بن هاشم القرشي الهاشمي ، ابن عمّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كان أسنّ من إخوته ومن سائر من أسلم من بني هاشم ، أسر يوم بدر وفداه عمّه العبّاس ، وقيل : بل هو الذي فدى نفسه برماح كانت له ، ثمّ أسلم وهاجر أيّام الخندق ، وقيل : بل أسلم يوم فدى نفسه ، شهد فتح مكّة وحنينا والطائف ، آخى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بينه وبين العبّاس ، وكان ممّن ثبت يوم حنين مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأعان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم حنين بثلاثة آلاف رمح ، توفّي بالمدينة سنة ١٥ ه‍.

انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٤ / ٣٣ رقم ٣٤٧ ، معرفة الصحابة ـ لأبي نعيم ـ ٥ / ٢٦٨٧ رقم ٢٨٩٧ ، الاستيعاب ٤ / ١٥١٢ رقم ٢٦٤٢ ، أسد الغابة ٤ / ٥٩٣ رقم ٥٣١٠.

(٢) هو : أبو أروى ربيعة بن الحارث بن عبد المطّلب بن هاشم القرشي الهاشمي ، كان أسنّ من عمّه العبّاس بسنتين ، كان غائبا بالشام حين خرج المشركون إلى بدر فلم يشهدها معهم ، ثمّ أسلم مع عمّه العبّاس وأخيه نوفل أيّام الخندق ، شهد مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتح مكّة والطائف وحنين ، وتوفّي بالمدينة سنة ٢٣ ه‍ أيّام عمر ابن الخطّاب بعد أخويه نوفل وأبي سفيان.

انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٤ / ٣٥ رقم ٣٤٨ ، معرفة الصحابة ـ لأبي نعيم ـ ٢ / ١٠٨٥ رقم ٩٤٣ ، الاستيعاب ٢ / ٤٩٠ رقم ٧٥٦ ، أسد الغابة ٢ / ٥٧ رقم ١٦٣٥.

(٣) هو : عبد الله بن الزبير بن عبد المطّلب بن هاشم القرشي الهاشمي ، لا عقب له ، ويروى أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقول له : ابن عمّي وحبّي ؛ استشهد يوم أجنادين سنة ١٣ ه‍ ، ووجد عنده عصبة من الروم قد قتلهم ، ثمّ أثخنته الجراح فمات ، وكان أوّل من برز يومئذ ، وكانت سنّه يوم توفّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نحوا من ثلاثين سنة.

انظر : جمهرة النسب ١ / ٢١ ، الاستيعاب ٣ / ٩٠٤ رقم ١٥٣٤ ، التبيين في أنساب القرشيّين : ١٤٠ ، أسد الغابة ٣ / ١٣٧ رقم ٢٩٤٦ ، الإصابة ٤ / ٨٩ رقم ٤٦٨٤.

(٤) في المصدر : « مصعب » ، وهو تصحيف ظاهر.

٤٢٢

فخرج أبو جرول وقتله عليّ ، فانهزم المشركون ، وأقبل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسار نحو العدوّ ، فقتل عليّ منهم أربعين وانهزم الباقون وغنمهم المسلمون » (١).

ومن المعلوم أنّ الإصابة بالعين تحصل من نحو هذا التعجّب ؛ ولذا ساء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوله : « لن نغلب اليوم عن قلّة ».

قال السيوطي في « الدرّ المنثور » : أخرج البيهقي في « الدلائل » ، عن الربيع ، أنّ رجلا قال يوم حنين : « لن نغلب اليوم عن قلّة » ، فشقّ ذلك على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأنزل الله : ( وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ ) (٢) (٣).

ونحوه في « حاشية صحيح البخاري » للسندي (٤).

والظاهر أنّ الراوي أراد بالرجل أبا بكر ، وعبّر عنه برجل احتشاما له في مثل المقام ، كما يشهد له التصريح باسمه في بعض الروايات!

وقول الفضل : « كيف يعين أبو بكر أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان ذلك اليوم شيخ المهاجرين؟! ... » إلى آخره ..

خطأ ؛ إذ لا يستبعد ذلك ممّن لم ينشأ على الحروب ومقارعة الجيوش ، ولا تتوقّف إصابة العين على العداوة ، بل تنشأ من أمور نفسيّة في العائن!

__________________

(١) شرح تجريد الاعتقاد : ٤٨٧.

(٢) سورة التوبة ٩ : ٢٥.

(٣) الدرّ المنثور ٤ / ١٥٨ ، وانظر : دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ ٥ / ١٢٣.

(٤) حاشية السندي على صحيح البخاري ٣ / ١١٠ ب‍ ٥٦.

٤٢٣

راجع شرح ابن أبي الحديد لقوله عليه‌السلام : « العين حقّ » (١) (٢).

وأمّا ما زعمه الفضل من أنّ أبا بكر كان صاحب رايتهم يوم حنين ، فلم أجد أحدا قاله أو رواه ، وإنّما صاحبها عليّ عليه‌السلام.

روى الحاكم (٣) ، عن ابن عبّاس ، قال : « لعليّ أربع خصال ليست لأحد : هو أوّل عربي وأعجمي صلّى مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو الذي كان لواؤه معه في كلّ زحف ، والذي صبر معه يوم المهراس (٤) ، وهو الذي غسّله وأدخله قبره ».

وروى الحاكم أيضا (٥) ، عن مالك بن دينار ، قال : « سألت سعيد بن جبير : من كان حامل راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟! ـ إلى أن قال : ـ فقال : كان حاملها عليّ ، هكذا سمعت من عبد الله بن عبّاس ».

ثمّ قال الحاكم : « هذا صحيح الإسناد ، وله شاهد من حديث زنفل

__________________

(١) ص ٤٣٠ من المجلّد الرابع [ ١٩ / ٣٧٢ الخطبة ٤٠٨ ]. منه قدس‌سره.

(٢) فمن العجيب ما جعله الرازي والزمخشري قولا لبعضهم ـ وإن استبعده الرازي ـ [ انظر : تفسير الفخر الرازي ١٦ / ٢٢ ، تفسير الكشّاف ٢ / ١٨٢ ] ، وهو أنّ الذي تعجّب من الكثرة وقال : « لن نغلب اليوم من قلّة » هو رسول الله!! فما أجرأهم على الله ورسوله!! كيف ينسبون إليه هذه الكلمة الدالّة على عدم التوكّل على الله ، وعلى صدور العين منه ، الكاشفة عن خبث النفس؟!

وكلّ هذا حفظا لشأن أبي بكر! فهم مرّة ينسبون الكلمة إلى رجل مجمل تبعيدا لها عن أبي بكر ومرّة ينسبونها إلى سيّد النبيّين ، المطهّر من كلّ عيب ، تبعيدا لها عن الدلالة على النقص!

منه قدس‌سره.

(٣) ص ١١١ من الجزء الثالث [ ٣ / ١٢٠ ح ٤٥٨٢ ]. منه قدس‌سره.

(٤) أي : يوم أحد ، جاء فيه عليّ عليه‌السلام بماء من المهراس. منه قدس‌سره.

(٥) ص ١٣٧ ج ٣ [ ٣ / ١٤٧ ح ٤٦٦٥ ]. منه قدس‌سره.

٤٢٤

العرفي ، وفيه طول فلم أخرجه » (١).

ونقل في « كنز العمّال » (٢) ، عن ابن عساكر ، عن ابن عبادة ، قال : كانت راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المواطن كلّها ـ راية المهاجرين ـ مع عليّ ابن أبي طالب عليه‌السلام.

وأمّا ما أنكره على المصنّف رحمه‌الله من حضور عتبة بن أبي لهب في حنين ، فيبطله رواية القوشجي له كما سبق (٣).

وما ذكره في « الاستيعاب » بترجمة معتّب وعتبة ، من أنّهما ما شهدا مع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حنينا (٤) ، وما زعمه من أنّ عتبة افترسه الأسد بدعاء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فباطل ؛ لأنّ ذلك هو لهب بن أبي لهب كما رواه الحاكم في « المستدرك » بتفسير سورة ( تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ ) (٥) (٦).

واعلم أنّه لا خلاف في فرار عثمان يوم حنين ، ويظهر من « الاستيعاب » أنّه لا إشكال أيضا في فرار أبي بكر! وإنّما الكلام في فرار عمر ..

قال في ترجمة العبّاس بن عبد المطّلب : « انهزم الناس [ عن رسول

__________________

(١) المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٤٧ ذ ح ٤٦٦٥.

(٢) ص ٢٩٥ من الجزء الخامس [ ١٠ / ٥٠٦ ح ٣٠١٧١ ]. منه قدس‌سره.

وانظر : تاريخ دمشق ٤٢ / ٧٢.

(٣) تقدّم ذلك آنفا في الصفحتين ٤٢١ ـ ٤٢٢.

(٤) الاستيعاب ٣ / ١٠٣٠ رقم ١٧٦٦ وج ٣ / ١٤٣٠ رقم ٢٤٥٩ ، وانظر : أسد الغابة ٣ / ٤٦٥ رقم ٣٥٥٢ وج ٤ / ٤٤٩ رقم ٥٠١١ ، الإصابة ٤ / ٤٤٠ رقم ٥٤١٧ وج ٦ / ١٧٥ رقم ٨١٢٦.

(٥) سورة المسد ١١١ : ١.

(٦) ص ٥٣٩ من الجزء الثاني [ ٢ / ٥٨٨ ح ٣٩٨٤ ]. منه قدس‌سره.

وانظر : دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ ٢ / ٣٣٨.

٤٢٥

الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ] يوم حنين ، غيره (١) ، وغير عمر ، وعليّ ، وأبي سفيان ابن الحارث ، وقد قيل : غير سبعة من أهل بيته ..

وذلك مذكور في شعر العبّاس ، الذي يقول فيه [ من الطويل ] :

ألا هل أتى عرسي مكرّي ومقدمي

بوادي حنين والأسنّة تشرع »

إلى أن قال في « الاستيعاب » : « وهو شعر مذكور في ( السيرة ) لابن إسحاق ، وفيه :

نصرنا رسول الله في الحرب سبعة

وقد فرّ من قد فرّ عنه وأقشعوا (٢)

وثامننا لاقى الحمام بسيفه

بما مسه في الله لا يتوجّع

وقال ابن إسحاق : السبعة : عليّ ، والعبّاس ، والفضل بن العبّاس ، وأبو سفيان بن الحارث ، وابنه جعفر ، وربيعة بن الحارث ، وأسامة بن زيد ، والثامن أيمن بن عبيد (٣).

وجعل غير ابن إسحاق في موضع أبي سفيان : عمر بن الخطّاب.

والصحيح أنّ أبا سفيان بن الحارث كان يومئذ معه ، لم يختلف فيه ،

__________________

(١) أي : العبّاس بن عبد المطّلب.

(٢) أقشع القوم : تفرّقوا ؛ انظر : لسان العرب ١١ / ١٧٣ مادّة « قشع ».

(٣) هو : أيمن بن عبيد بن عمرو بن بلال ، وهو ابن أمّ أيمن حاضنة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو أخو أسامة بن زيد بن حارثة لأمّه ، استشهد يوم حنين.

انظر : معرفة الصحابة ـ لأبي نعيم ـ ١ / ٣١٨ رقم ١٩٧ ، الاستيعاب ١ / ١٢٨ رقم ١٣١ ، أسد الغابة ١ / ١٨٩ رقم ٣٥٣ ، الإصابة ١ / ١٧٠ ـ ١٧١ رقم ٣٩٤.

٤٢٦

واختلف في عمر » (١).

ويؤيّد ما صحّحه ما ذكره البخاري في غزاة حنين ؛ فإنّه روى خبرين عن البراء صريحين في ثبات أبي سفيان (٢) ، وخبرين عن أبي قتادة صريحين في فرار عمر ، قال أبو قتادة في أحدهما : « انهزم المسلمون وانهزمت معهم ، فإذا عمر بن الخطّاب في الناس ، فقلت له : ما شأن الناس؟!

قال : أمر الله!!

ثمّ تراجع الناس إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » (٣).

وقال في الآخر : « لمّا التقينا كانت للمسلمين جولة ـ إلى أن قال : ـ فلحقت عمر فقلت : ما بال الناس؟!

قال : أمر الله!! ثمّ رجعوا » (٤) .. الحديث.

ونحوه في كتاب « الجهاد » من صحيح مسلم ، في « باب استحقاق القاتل سلب المقتول » (٥).

وذكر في « كنز العمّال » ـ في كتاب الغزوات (٦) ـ حديثين يتضمّنان أنّ الثابتين هم : عليّ ، والعبّاس ، وأبو سفيان بن الحارث ، وعقيل بن أبي طالب ، وعبد الله بن الزبير بن عبد المطّلب ، والزبير بن العوّام ، وأسامة بن

__________________

(١) الاستيعاب ٢ / ٨١٢ ـ ٨١٣ رقم ١٣٧٨.

(٢) صحيح البخاري ٥ / ٣١٠ ح ٣١٨ و ٣٢٠.

(٣) صحيح البخاري ٥ / ٣١٢ ح ٣٢٣.

(٤) صحيح البخاري ٥ / ٣١٢ ح ٣٢٣.

(٥) صحيح مسلم ٥ / ١٤٨.

(٦) ص ٣٠٤ من الجزء الخامس [ ١٠ / ٥٤٢ ح ٣٠٢١٤ و ٣٠٢١٥ ]. منه قدس‌سره.

وانظر : تاريخ دمشق ٢٨ / ١٣٧ ـ ١٣٨.

٤٢٧

زيد.

وقد روى في « كشف الغمّة » بيتي العبّاس الأخيرين كما في « الاستيعاب » ، إلّا أنّه أبدل لفظ « سبعة » ب‍ « تسعة » ، ولفظ « ثامن » ب‍ « عاشر » ، وسمّى التسعة كما سمّاهم المصنّف والقوشجي (١).

وروى أيضا عن مالك بن عبادة الغافقي أنّه قال [ من الخفيف ] :

لم يواس النبيّ غير بني ها

شم عند السيوف يوم حنين

هرب الناس غير تسعة رهط

فهم يهتفون بالناس : أين (٢)؟!

ثمّ قاموا مع النبيّ على المو

ت فآبوا زينا لنا غير شين

وثوى أيمن الأمين من القو

م شهيدا فاعتاض قرّة عين (٣)

وأمّا ما زعمه من حقيقة قصّة براءة ، فقد سبق في الخبر السادس أنّها لا حقيقة لها ، اختلقوها لتسديد حال أبي بكر ، وبيّنّا أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يبعثه أوّلا إلّا ليعزله ثانيا ؛ تنبيها على فضل عليّ وعدم كفاية أبي بكر ؛ ليعتبر الناس أنّ من ليست له أهليّة القيام بتأدية « براءة » مقام النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يصلح للقيام مقامه في الإمامة والزعامة العظمى بالأولويّة (٤)!

* * *

__________________

(١) كشف الغمّة ١ / ٢٢١ ـ ٢٢٢ ، الاستيعاب ٢ / ٨١٣ ، وانظر : شرح تجريد الاعتقاد : ٤٨٧.

(٢) أين : ظرف للمكان مبنيّ على الفتح ، وكسر هنا لضرورة القافية.

(٣) كشف الغمّة ١ / ٢٢١.

(٤) انظر الصفحات ٦٤ ـ ٧٠ من هذا الجزء.

٤٢٨

نسبه [ من فضائله الخارجية ]

قال المصنّف ـ أعلى الله مقامه ـ (١) :

القسم الثالث : في الفضائل الخارجيّة ، وفيه مطالب :

الأوّل : في نسبه

لم يلحق أحد أمير المؤمنين عليه‌السلام في شرف النسب ، كما قال عليه‌السلام : « نحن أهل البيت لا يقاس بنا أحد » (٢).

قال الجاحظ ـ وهو من أعظم الناس عداوة لأمير المؤمنين عليه‌السلام ـ :

« صدق عليّ في قوله : نحن أهل البيت لا يقاس بنا أحد.

كيف يقاس بقوم منهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والأطيبان : عليّ وفاطمة ، والسبطان : الحسن والحسين ، والشهيدان : أسد الله حمزة وذو الجناحين جعفر ، وسيّد الوادي عبد المطّلب ، وساقي الحجيج عبّاس ، وحليم البطحاء أبو طالب.

والنجدة والخيرة فيهم ، والأنصار من نصرهم ، والمهاجرون من هاجر إليهم ومعهم ، والصدّيق من صدّقهم ، والفاروق من فرق بين الحقّ والباطل فيهم ، والحواريّ حواريّهم ، وذو الشهادتين ؛ لأنّه شهد لهم ، ولا خير إلّا فيهم ولهم ومنهم؟!

__________________

(١) نهج الحقّ : ٢٥٢.

(٢) انظر : فردوس الأخبار ٢ / ٣٧٣ ح ٧٠٩٤ ، ذخائر العقبى : ٤٩ ، كنز العمّال ١٢ / ١٠٤ ح ٣٤٢٠١ وج ١٣ / ٧ ـ ٨ ح ٣٦٠٩٥.

٤٢٩

وأبان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أهل بيته بقوله : إنّي تارك فيكم الخليفتين ؛ كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، نبّأني اللطيف الخبير أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض (١).

ولو كانوا كغيرهم لما قال عمر لمّا طلب مصاهرة عليّ : إنّي سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : كلّ سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلّا سببي ونسبي (٢).

فأمّا عليّ ، فلو أوردنا لأيّامه الشريفة ، ومقاماته الكريمة ، ومناقبه السنيّة ، لأفنينا في ذلك الطوامير الطوال .. العرق صحيح ، والمنشأ كريم ، والشأن عظيم ، والعمل جسيم ، والعلم كثير ، والبيان عجيب ، واللسان خطيب ، والصدر رحيب ، وأخلاقه وفق أعراقه ، وحديثه يشهد لقديمه ».

هذا قول عدوّه (٣).

* * *

__________________

(١) راجع الصفحة ٢٣٦ وما بعدها من هذا الجزء.

(٢) السير والمغازي ـ لابن إسحاق ـ : ٢٤٩ ، الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٨ / ٣٣٩ ، فضائل الصحابة ـ لأحمد بن حنبل ـ ٢ / ٧٧٤ ـ ٧٧٦ ح ١٠٦٩ و ١٠٧٠ ، مسند البزّار ١ / ٣٩٧ ح ٢٧٤ ، المعجم الكبير ٣ / ٤٥ ح ٢٦٣٤ و ٢٦٣٥ وج ١١ / ١٩٤ ح ١٦٢١ ، المعجم الأوسط ٤ / ٤٣٧ ح ٤١٣٢ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٥٣ ح ٤٦٨٤ ، حلية الأولياء ٢ / ٣٤ رقم ١٣١ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٧ / ٦٤ و ١١٤ ، تاريخ بغداد ٦ / ١٨٢ رقم ٣٢٣٧ وج ١٠ / ٢٧١ رقم ٥٣٨٧.

(٣) انظر : كشف الغمّة ١ / ٣٠ ـ ٣١ ، ينابيع المودّة ١ / ٤٥٩.

٤٣٠

وقال الفضل (١) :

ما ذكر من كلام الجاحظ صحيح لا شكّ فيه ، وفضائل أمير المؤمنين أكثر من أن تحصى ، ولو أنّي تصدّيت لبعضها لأغرقت فيه الطوامير.

وأمّا ما ذكر أنّ الجاحظ كان من أعدائه ، فهذا كذب ؛ لأنّ محبّة السلف لا تفهم إلّا من ذكر فضائلهم ، وليس هذه المحبّة أمرا مشتهيا للطبع.

وكلّ من ذكر فضائل أحد من السلف ، فنحن نستدلّ من ذلك الذكر على وفور محبّته إيّاه.

وقد ذكر الجاحظ أمير المؤمنين بالمناقب المنقولة ، وكذا ذكره في غير هذا من رسائله ، فكيف يحكم بأنّه عدوّ لأمير المؤمنين؟!

وهذا يصحّ على رأي الروافض ؛ فإنّ الروافض لا يحكمون بالمحبّة إلّا بذكر مثالب الغير.

فعندهم محبّ عليّ من كان مبغض الصحابة ، وبهذا المعنى يمكن أن يكون الجاحظ عدوّا.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ : ٤٦٠ الطبعة الحجرية.

٤٣١

وأقول :

لا يصحّ الاستدلال على حبّ أمير المؤمنين عليه‌السلام بمجرّد ذكر فضائله ؛ إذ لا يسع أحدا أن يعد فضلا لسواه ويدعه ، ويثني على غيره ويعدوه.

وقد علم الله ما في طيّات قلوبهم من بغضه ، وإن اختلف قوّة وضعفا ؛ إذ لا يجتمع حبّه الصادق مع موالاة مبغضيه ، لا سيّما أظهر أعدائه وأكبر حسّاده وأشدّ محاربيه ، كمعاوية ، وابن العاص ، ومروان ، والمغيرة ، وأشباههم! بل كيف يوالي النبيّ من والاهم؟! وكيف يؤمن به من نصرهم وأطراهم؟!

أليس هو القائل لعليّ عليه‌السلام : « حربك حربي » (١) و « من أبغضك أبغضني » (٢) و « من سبّك سبّني » (٣)؟!

__________________

(١) انظر : المعجم الأوسط ٣ / ٢٥٦ ح ٢٨٧٥ وج ٥ / ٣١٦ ح ٥٠١٥ وج ٧ / ٢٤٢ ح ٧٢٥٩ ، المعجم الصغير ٣ / ٣ ، تاريخ بغداد ٧ / ١٣٧ رقم ٣٥٨٢ ، مناقب الإمام عليّ عليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ٩٦ ح ٧٣ ، شرح نهج البلاغة ٢ / ٢٩٧ ، كنز العمّال ١٢ / ٩٧ ح ٣٤١٦٤ ، ينابيع المودّة ١ / ١٧٢ ح ١٩.

وقد تقدّم تخريج الحديث بألفاظه المختلفة في ج ٤ / ٣٥٨ ه‍ ٤ من هذا الكتاب ؛ فراجع!

(٢) انظر : المعجم الأوسط ٥ / ١٦٦ ح ٤٧٥١ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٢٦٩ ـ ٢٧١ ، تذكرة الخواصّ : ٥٢ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٢٩.

وقد تقدّم تخريج الحديث مفصّلا بألفاظه المختلفة في ج ١ / ١٢ ه‍ ٢ وج ٥ / ٢٧١ ه‍ ١ ؛ فراجع!

(٣) انظر : مسند أحمد ٦ / ٣٢٣ ، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٥ / ١٣٣ ح ٨٤٧٦ ،

٤٣٢

وقال تعالى : ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ ) (١).

فإذا رأيت أحدا ممّن يوالي هؤلاء يذكر فضلا لأمير المؤمنين عليه‌السلام ؛ فليس إلّا لأنّه لا يسعه ـ كما عرفت ـ ، أو لأنّه يريد أن يدفع عنه وصمة النصب (٢) ، أو يريد بيان اطّلاعه وسعة باعه ، لا حبّا له ووفاء

__________________

مسند أبي يعلى ١٢ / ٤٤٤ ح ٧٠١٣ ، المعجم الكبير ٢٣ / ٣٢٢ ـ ٣٢٣ ح ٧٣٧ ، المعجم الصغير ٢ / ٢١ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣٠ ـ ١٣١ ح ٤٦١٥ و ٤٦١٦ ، مناقب الإمام عليّ عليه‌السلام ـ للمغازلي ـ ٢٠٨ ح ٢٧١ ، مناقب الطمام عليّ عليه‌السلام ـ للخوارزمي ـ : ١٤٨ ح ١٧٥ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٢٦٦ ، كفاية الطالب : ٨٢ ـ ٨٩ باب « كفر من سبّ عليّا عليه‌السلام » ، الرياض النضرة ٣ / ١٢٢ و ١٢٣ ، ذخائر العقبى : ١٢٣ ، مختصر تاريخ دمشق ١٧ / ٣٦٦ وج ١٨ / ٨٣ ، الخلفاء الراشدون ـ للذهبي ـ : ٣٨٥ ، مشكاة المصابيح ٣ / ٣٥٩ ح ٦١٠١ ، البداية والنهاية ٧ / ٢٨٢ حوادث سنة ٤٠ ه‍ ، جامع المسانيد والسنن ١٩ / ٣١ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٣٠ ـ ١٣٣ ، الجامع الصغير ٢ / ٥٢٩ ح ٨٧٣٦ ، الصواعق المحرقة : ١٩٠ ، درّ السحابة : ٢٢٤ ، ينابيع المودّة ٢ / ٢٧٤ ح ٧٨٢ وص ٢٧٧ ـ ٢٧٨ ح ٧٩٦.

(١) سورة المجادلة ٥٨ : ٢٢.

(٢) كعبد الله بن أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني ، المولود في سجستان سنة ٢٣٠ ه‍ ، والمتوفّى ببغداد سنة ٣١٦ ه‍ ، والمنسوب إلى النصب ، وهو ابن صاحب « السنن ».

قال ابن عديّ في ترجمته : سمعت عليّ بن عبد الله الداهري يقول : سألت ابن أبي داود بالريّ عن حديث الطير ، فقال : إن صحّ حديث الطير فنبوّة النبيّ باطل ؛ لأنّه حكى عن حاجب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خيانة ، وحاجب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يكون خائنا!

وروى عبد الله هذا عن الزهري ، عن عروة ، قال : كانت قد حفيت أظافير عليّ من كثرة ما كان يتسلّق على أزواج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم!

وقد نفاه ابن الفرات من بغداد إلى واسط بسبب نصبه ، وردّه عليّ بن عيسى ، فحدّث وأظهر فضائل عليّ عليه‌السلام ، وكان يقول : كلّ الناس منّي في حلّ ، إلّا من رماني ببغض عليّ رضي الله عنه!

٤٣٣

بحقّه (١)!

ولذا لا يروون له فضيلة إلّا وطعنوا ـ مهما أمكن ـ بسندها أو دلالتها ، ولا تنشرح نفوسهم لها ، بخلاف ما إذا رووا فضيلة لغيره!

ولا بدّ أن يظهر الله مخفيّات سرائرهم على صفحات أرقامهم وطفحات أقلامهم ، كما رأيته من هذا الرجل في كثير من كلماته ، وظهر على الجاحظ في رسالته التي تحامل فيها على أمير المؤمنين عليه‌السلام كلّ التحامل ، وظهر فيها مظهر العداء له ، التي نقضها أبو جعفر الإسكافي (٢).

__________________

ثمّ تحنبل فصار شيخا فيهم!

انظر : الكامل في ضعفاء الرجال ٤ / ٢٦٥ رقم ١١٠١ ، سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٢١ رقم ١١٨.

(١) كالذهبي ؛ فقد أفرد طرق حديث الطير بمصنّف ، وحديث « من كنت مولاه » بمصنّف آخر ، وكان قد أنكر في كتابه « تلخيص المستدرك » على الحاكم النيسابوري إخراجه في « المستدرك » حديث الطير ، ولمّا رأى كثرة طرقه أفرده هو بمصنّف! حتّى قال : « وأمّا حديث الطير ، فله طرق كثيرة جدّا ، قد أفردتها بمصنّف ، ومجموعها هو يوجب أن يكون الحديث له أصل ؛ وأمّا حديث : ( من كنت مولاه ) ، فله طرق جيّدة ، وقد أفردت ذلك أيضا ».

انظر : تذكرة الحفّاظ ٣ / ١٠٤٢ ـ ١٠٤٣.

وقال : « وقد جمعت طرق حديث الطير في جزء ، وطرق حديث : ( من كنت مولاه ) ، وهو أصحّ ، وأصحّ منهما ما أخرجه مسلم عن عليّ ، قال : ( إنّه لعهد النبيّ الأمّيّ صلى الله عليه وآله وسلم إليّ : إنّه لا يحبّك إلّا مؤمن ، ولا يبغضك إلّا منافق ) ».

انظر : سير أعلام النبلاء ١٧ / ١٦٩

[ ٢ ] والإسكافي ، المتوفّى سنة ٢٤٠ ه‍ ، هو أوّل من نقض بكتابه « نقض العثمانية » كتاب « العثمانية » للجاحظ ، وقد أورد ابن أبي الحديد مقاطع كثيرة منه في كتابه.

انظر : شرح نهج البلاغة ١٣ / ٢١٥ ـ ٢٩٥.

ومن الّذين نقضوا كتاب الجاحظ ، السيّد جمال الدين أبو الفضائل أحمد بن موسى بن طاووس ، المتوفّى سنة ٦٧٣ ه‍ ، بكتابه « بناء المقالة الفاطمية في

٤٣٤

ونقلنا كلمة منها في المبحث السابق (١).

هيهات لا تتكلّفنّ لي الهوى

فضح التطبّع شيمة المطبوع (٢)

وممّا ذكرنا يعلم أنّه يشترط في حبّ عليّ عليه‌السلام الحقيقي بغض أعدائه.

* * *

__________________

نقض الرسالة العثمانية » ، وهو مطبوع بتحقيق السيّد عليّ العدناني الغريفي ، ونشر مؤسّستنا.

(١) راجع الصفحتين ٤١٩ ـ ٤٢٠ من هذا الجزء.

(٢) البيت للشريف الرضي ، من الكامل ، من قصيدة في الغزل ، مطلعها :

يا صاحب القلب الصحيح أما اشتفى

ألم الجوى من قلبي المصدوع؟!

انظر : ديوان الشريف الرضي ١ / ٦٥٢.

٤٣٥

شرف زوجته وأولاده

قال المصنّف ـ أعلى الله درجته ـ (١) :

المطلب الثاني : في زوجته وأولاده

كانت فاطمة سيّدة نساء العالمين زوجته ..

قال ابن عبّاس : « لمّا زفّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاطمة عليها‌السلام كان قدّامها ، وجبرئيل عن يمينها ، وميكائيل عن يسارها ، وسبعون ألف ملك من ورائها ، يسبّحون الله ويقدّسونه حتّى طلع الفجر » (٢).

فانظر ـ أيّها العاقل! ـ كيف يروي الجمهور هذه الروايات ، ويظلمونها ، ويأخذون حقّها (٣) ، ويكسرون ضلعها ، ويجهضون ولدها من

__________________

(١) نهج الحقّ : ٢٥٤.

(٢) انظر : تاريخ بغداد ٥ / ٧ رقم ٢٣٥٤ ، مناقب الإمام عليّ عليه‌السلام ـ للخوارزمي ـ : ٣٤١ ـ ٣٤٢ ح ٣٦٢ ، مقتل الحسين عليه‌السلام ـ للخوارزمي ـ : ١٠٨ ح ٤١ ، ذخائر العقبى : ٧٣ ، فرائد السمطين ١ / ٩٦ ح ٦٥ ، مناقب آل أبي طالب ٣ / ٤٠٢.

(٣) انظر : صحيح البخاري ٤ / ١٧٧ ـ ١٧٨ ح ٢ وج ٥ / ٩١ ح ٢٠٧ وص ٢٨٨ ح ٢٥٦ وج ٨ / ٢٦٦ ح ٣ ، صحيح مسلم ٥ / ١٥٤ ـ ١٥٥ ، سنن أبي داود ٣ / ١٤٢ ح ٢٩٦٨ و ٢٩٦٩ ، سنن الترمذي ٤ / ١٣٤ ـ ١٣٥ ح ١٦٠٨ و ١٦٠٩ ، سنن النسائي ٧ / ١٣٢ ـ ١٣٣ ، مسند أحمد ١ / ٤ و ٦ و ٩ و ١٠ ، مسند أبي يعلى ١ / ٤٥ ح ٤٣ ، المعجم الأوسط ٥ / ٤٤١ ح ٥٣٣٩ ، مسند أبي عوانة ٤ / ٢٥٠ ـ ٢٥٣ ح ٦٦٧٧ ـ ٦٦٨٤ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ٧ / ١٥٦ ح ٤٨٠٣ وج ٨ / ٢٠٥ ـ ٢٠٦ ح ٦٥٧٣ ، الإمامة والسياسة ١ / ٣١ ، فتوح البلدان : ٤٤ ـ ٤٦.

٤٣٦

بطنها (١)!!

فليحذر المقلّد من اتّباع هؤلاء ، فإنّ أخذك منهم باطل قطعا!

* * *

__________________

(١) انظر : الفرق بين الفرق : ١٣٣ ، إثبات الوصيّة : ١٤٦ ، الملل والنحل ـ للشهرستاني ـ ١ / ٥١ ، مناقب آل أبي طالب ٣ / ٤٠٧ ، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١٦ / ٢٨١ و ٢٨٣ ، فرائد السمطين ٢ / ٣٥ ح ٣٧١ ، الخطط المقريزية ٢ / ٣٤٦.

٤٣٧

وقال الفضل (١) :

ما ذكره من فضائل فاطمة معلوم ، محقّق ، ثابت ..

وما ذكر أنّ الجمهور يروون فضائلها ويظلمونها ، فكلام باطل ؛ لأنّه على تقدير صحّة الظلم عليها ، فإنّ الظالمين عليها (٢) كانوا جماعة غير الراوين لفضائلها ، فكلامه هذا غير مربوط ولا معقول ، كأكثر كلامه في هذا الكتاب.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ : ٤٦٢ الطبعة الحجرية.

(٢) كذا في الأصل والنسخة الحجرية ، وهو غير غريب من ابن روزبهان ، والصواب لغة : « لها ».

٤٣٨

وأقول :

أراد المصنّف رحمه‌الله بالجمهور : من خالفوا أمير المؤمنين عليه‌السلام ، سواء كانوا من الصحابة أم من غيرهم ، فتصحّ نسبة الظلم إليهم باعتبار بعضهم ، ونسبة الرواية إليهم باعتبار بعض آخر.

على أنّ الراوين لفضلها ـ إن لم يكونوا من الظالمين لها حقيقة ـ فهم منهم ببعض الوجوه والاعتبارات ؛ كمؤازرتهم لهم ، وتعظيمهم ، ونصرتهم لهم بالقلم واللسان!

ولنذكر من روى حديث سيادتها لنساء العالمين ، أو : المؤمنين ، أو : أهل الجنّة ، على اختلاف في ألفاظ الأحاديث ، ليعلم استفاضته عندهم أو تواتره.

فممّن رواه : البخاري ، في باب « مناقب فاطمة » ، وأواخر باب « علامات النبوّة » قبل أبواب فضائل أصحاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقليل (١).

ومنهم : مسلم ، في باب « فضائل فاطمة » ، من طريقين عن عائشة ، عن فاطمة (٢).

ومنهم : الحاكم ، في « المستدرك » ، من طريقين عن حذيفة (٣) ،

__________________

(١) صحيح البخاري ٥ / ٥٤ ـ ٥٥ ح ١٢٦ وص ٩١ باب « مناقب قرابة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومنقبة فاطمة عليها‌السلام » وص ١٠٥ باب « مناقب فاطمة عليها‌السلام ، وقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فاطمة سيّدة نساء العالمين » ولم يورد في البابين المذكورين أيّ حديث يدلّ على سيادتها للنساء عليها‌السلام ؛ فلاحظ!

(٢) صحيح مسلم ٧ / ١٤٣ ـ ١٤٤.

(٣) ص ١٥١ من الجزء الثالث [ ٣ / ١٦٤ ح ٤٧٢١ و ٤٧٢٢ ]. منه قدس‌سره.

٤٣٩

ومن طريق عن أبي سعيد (١) ، ومن طريق عن عائشة (٢).

ومنهم : الترمذي في باب « مناقب الحسنين » من طريق عن حذيفة ، وفي باب « فضل أزواج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » من طريق عن أمّ سلمة (٣).

ومنهم : ابن عبد البرّ في « الاستيعاب » من عدّة طرق ، عن عائشة ، وأبي سعيد ، وعمران بن حصين ، وأنس ، وأبي هريرة (٤).

ومنهم : أحمد في « مسنده » ، عن أبي سعيد (٥) ، وحذيفة (٦) ، وعائشة عن فاطمة (٧).

وأخرجه النسائي في « الخصائص » من عدّة طرق ، عن عائشة ، وأمّ سلمة ، وأبي سعيد ، وأبي هريرة (٨).

وحكاه في « كنز العمّال » في فضائل فاطمة ، عن ابن جرير عن حذيفة (٩) ، وعن البزّار عن عليّ عليه‌السلام (١٠) ، وابن أبي شيبة عن حذيفة (١١).

__________________

(١) ص ١٥٤ من هذا الجزء [ ٣ / ١٦٨ ح ٤٧٣٣ ]. منه قدس‌سره.

(٢) ص ١٥٦ منه أيضا [ ٣ / ١٧٠ ح ٤٧٤٠ أ ]. منه قدس‌سره.

(٣) سنن الترمذي ٥ / ٦١٩ ح ٣٧٨١ وص ٦٥٨ ح ٣٨٧٣ وص ٦٦٦ ح ٣٨٩٣.

(٤) الاستيعاب ٤ / ١٨٩٤ ـ ١٨٩٦.

(٥) ص ٦٤ من الجزء الثالث. منه قدس‌سره.

(٦) ص ٣٩١ من الجزء الخامس. منه قدس‌سره.

(٧) ص ٢٨٢ من الجزء السادس. منه قدس‌سره.

(٨) خصائص الإمام عليّ عليه‌السلام : ٩٨ ـ ١٠١ ح ١٢٢ ـ ١٢٧ ، وانظر : السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٥ / ١٤٥ ـ ١٤٧ ح ٨٥١٢ ـ ٨٥١٧.

(٩) ص ١٠٢ من الجزء السابع [ ١٣ / ٦٤٠ ح ٣٧٦١٧ ]. منه قدس‌سره.

(١٠) ص ١١١ من هذا الجزء [ ١٣ / ٦٧٤ ـ ٦٧٥ ح ٣٧٧٢٧ ]. منه قدس‌سره.

وانظر : مسند البزّار ٣ / ١٠٢ ح ٨٨٥.

(١١) كنز العمّال ١٣ / ٦٧٥ ح ٣٧٧٢٨ ، وانظر : مصنّف ابن أبي شيبة ٧ / ٥٢٧ ح ٣.

٤٤٠