وقال الفضل (١) :
ما ذكره من علم أمير المؤمنين ، فلا شكّ أنّه من علماء الأمّة والناس محتاجون إليه فيه ، وكيف لا؟! وهو وصيّ النبيّ في إبلاغ العلم وودائع حقائق المعارف ، فلا نزاع لأحد فيه.
وأمّا ما ذكره من صحيح الترمذي ، فصحيح.
وأمّا ما ذكره من صحاح البغوي ، فإنّه قال : « الحديث غريب ، لا يعرف هذا عن أحد من الثقات غير شريك ، وإسناده مضطرب » (٢).
فكان ينبغي أن يذكر ما ذكروه من معائب الحديث ؛ ليكون أمينا في النقل.
* * *
__________________
(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ : ٤٣٩ الطبعة الحجرية.
(٢) مصابيح السنّة ٤ / ١٧٤ ح ٤٧٧٢.
وأقول :
لا يخفى ما في كلامه من التنافي ؛ لأنّ قوله : « إنّه من علماء الأمّة » يدلّ على أنّه فرد من جماعة لا فضل له عليهم ؛ وقوله : « كيف لا؟! وهو وصيّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في إبلاغ العلم وودائع حقائق المعارف » يدلّ على فضله على غيره!
وقد استدلّ المصنّف رحمهالله على أعلميّة أمير المؤمنين بأمور :
الأوّل : « إنّه كان في غاية الذكاء والحرص على التعلّم ... » إلى آخره.
وهو دليل إقناعي ، ذكره تقريبا إلى أذهان السامعين ، وإلّا فعلم أمير المؤمنين عليهالسلام كعلم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم رشحة من الفيض الإلهي ، سوى إنّ علم عليّ عليهالسلام بواسطة النبيّ ، وعلم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بواسطة جبرئيل.
فكما إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يحتاج في علمه إلى ملازمة جبرئيل ، فكذا عليّ لا يحتاج إلى ملازمة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
كيف؟! وقد علّمه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في مقام واحد ألف باب من العلم ، يفتح له من كلّ باب ألف باب (١)!
الثاني : إنّه قال فيه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أقضاكم عليّ » كما في
__________________
(١) الرسالة اللدنّيّة ـ للغزّالي ـ : ٢٣٢ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٣٨٥ ، مطالب السؤول : ١١٨ ، فرائد السمطين ١ / ١٠١ ح ٧٠ ، البداية والنهاية ٧ / ٢٨٦ ، شرح المقاصد ٥ / ٢٩٧ ، سير أعلام النبلاء ٨ / ٢٤ ، كنز العمّال ١٣ / ١١٤ ـ ١١٥ ح ٣٦٣٧٢.
« الاستيعاب » بترجمة عليّ (١) ..
وفي « الصواعق » (٢) ، نقلا عن الطبراني ، وأبي يعلى ، والعقيلي ، وابن عساكر ..
ورواه الحاكم في « المستدرك » (٣).
وروى البخاري في تفسير قوله تعالى : ( ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها ) من سورة البقرة (٤) ، أنّ عمر قال : أقرأنا أبيّ ، وأقضانا عليّ (٥).
ونحوه في « الاستيعاب » (٦).
ووجه الاستدلال به ظاهر من كلام المصنّف رحمهالله.
الثالث : ما رواه الترمذي وذكره البغوي ، وقد سبق الكلام في سنده ودلالته في الحديث التاسع عشر (٧).
ولا يفترق الحال بين الحديثين ، حيث قال في أحدهما : « أنا مدينة العلم » ، وفي الآخر : « أنا دار الحكمة » ؛ وذلك للتلازم بينهما ؛ فإنّ من يكون بابا لعلم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لا بدّ أن تنكشف له وجوه الحكمة ، فيكون بابا لحكمته.
__________________
(١) الاستيعاب ٣ / ١١٠٢.
(٢) في الفصل الثالث ، من الباب الثالث ، في الحديث الرابع والتسعين [ ص ١٢٠ ].
منه قدسسره.
وانظر : المعجم الصغير ١ / ٢٠١ ، مسند أبي يعلى ١٠ / ١٤١ ح ٥٧٦٣ ، الضعفاء الكبير ٢ / ١٥٩ رقم ٦٦٤ ، تاريخ دمشق ٤٧ / ١١٢.
(٣) ص ٥٥٣ ح ٣ [ ٣ / ٦١٦ ح ٦٢٨١ ]. منه قدسسره.
(٤) سورة البقرة ٢ : ١٠٦.
(٥) صحيح البخاري ٦ / ٤٦ ح ٨.
(٦) الاستيعاب ٣ / ١١٠٢.
(٧) راجع مبحث الحديث ١٩ ، في الصفحات ١٧١ ـ ١٨١ من هذا الجزء.
وإنّما لم يذكر المصنّف رحمهالله قول البغوي : « وإسناده مضطرب » ؛ لأنّ الاضطراب الذي أراده ، هو رواية بعضهم للحديث عن سويد (١) ، عن عليّ عليهالسلام ؛ ورواية بعض آخر له عن سويد ، عن الصنابحي (٢) ، عن عليّ عليهالسلام ؛ وهو ليس بعيب في الحديث بعد اعتبار الصنابحي.
على أنّه لو كان عيبا ، لم يلزم التعرّض لمثله بعد استفاضة طرق الحديث ، وتصحيح جماعة من علمائهم لبعضها (٣).
تنبيه :
لفظ الحديث في النسخة التي عندنا من صحيح الترمذي : « أنا دار الحكمة وعليّ بابها » (٤) ، والمصنّف رحمهالله نقله بلفظ : « أنا مدينة العلم وعليّ بابها » ، وصحّح الفضل نقله (٥) ، وقد نقله ابن حجر عن الترمذي باللفظين معا (٦) ، فلعلّه رواه باللفظين في مقامين!
كما إنّ البغوي ذكر الحديث في « الحسان » لا في « الصحاح » ،
__________________
(١) هو : سويد بن غفلة بن عوسجة الجعفي الكوفي ، وثّقه ابن معين والعجلي ، وتوفّى سنة ٨٠ ه وقيل ٨٢ ه ؛ أنظر : تهذيب التهذيب ٣ / ٥٦٤ ـ ٥٦٥ رقم ٢٧٧١.
(٢) هو : أبو عبد الله عبد الرحمن بن عسيلة المرادي ، وثّقه ابن سعد ؛ انظر : لسان الميزان ٧ / ٥٠٩ رقم ٥٨٣٥.
(٣) راجع الأجزاء ١٠ ـ ١٢ من موسوعة « نفحات الأزهار » ، ففيها تفصيل كلّ ما يتعلّق بحديث مدينة العلم ، سندا ودلالة ، طرقا ومتنا ، رواته ، ألفاظه ، شواهد الحديث ، تصحيح أسانيده ، وتفنيد ما أثير ما حوله من شكوك وشبهات!
(٤) سنن الترمذي ٥ / ٥٩٦ ح ٣٧٢٣.
(٥) تقدّم آنفا في الصفحة ٣٢١.
(٦) في الفصل الثاني من الباب التاسع [ الصواعق المحرقة : ١٨٩ ]. منه قدسسره.
بحسب نسخة « المصابيح » (١) التي عندنا ، فيحتمل خطأها ، ويحتمل خطأ المصنّف رحمهالله ، والفضل ـ أيضا ـ بإقراره للمصنّف على نقله!
* * *
__________________
(١) مصابيح السنّة ٤ / ١٧٤ ح ٤٧٧٢.
قال المصنّف ـ طاب ثراه ـ (١) :
وفيه (٢) : عن أبي الحمراء ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى نوح في فهمه ، وإلى يحيى بن زكريّا في زهده ، وإلى موسى بن عمران في بطشه ، فلينظر إلى عليّ بن أبي طالب » (٣).
وروى البيهقي ، بإسناده إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال : « من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى نوح في تقواه ، وإلى إبراهيم في حلمه ، وإلى موسى في هيبته ، وإلى عيسى في عبادته ، فلينظر إلى عليّ بن أبي طالب » (٤).
* * *
__________________
(١) نهج الحقّ : ٢٣٦.
(٢) أي في حقّه عليهالسلام ، عطفا على قول العلّامة الحلّي قدسسره : « وقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في حقّه : ... » المتقدّم آنفا في الصفحة ٣١٩ ؛ فلاحظ!
(٣) مناقب الإمام عليّ عليهالسلام ـ للخوارزمي ـ : ٨٣ ح ٧٠ ، وانظر : مناقب الإمام عليّ عليهالسلام ـ لابن المغازلي ـ : ٢٠٠ ح ٢٥٦ ، شواهد التنزيل ١ / ٧٨ ـ ٨٠ ح ١١٦ و ١١٧ وص ١٠٦ ح ١٤٧ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٣١٣ ، الرياض النضرة ٣ / ١٩٦ ، ذخائر العقبى : ١٦٨ ، البداية والنهاية ٧ / ٢٨٣ ، ينابيع المودّة ١ / ٣٦٣ ح ١.
(٤) رواه أحمد في « المسند » ، ورواه أحمد البيهقي في « الصحيح » ، كما في شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ٩ / ١٦٨.
وانظر : تفسير الفخر الرازي ٨ / ٩١ ، مطالب السؤول : ٩٧ ، كفاية الطالب : ١٢١ ـ ١٢٢ ب ٢٣ ، الفصول المهمّة : ١٢٣ ، نزهة المجالس ٢ / ٢٠٧.
وقال الفضل (١) :
خان في هذا النقل ؛ لأنّه ذكر أنّ في « صحاح البغوي » هذا الحديث ، وهذا كذب باطل ؛ فإنّ الحديث لم يذكره البغوي أصلا ، لا في « صحاحه » ولا في « حسانه » ، وأثر الوضع على هذا الحديث ظاهر.
ولا شكّ أنّه منكر ـ مع ما نسبه إلى البيهقي ـ ؛ لأنّه يوهم أنّ عليّ بن أبي طالب أفضل من هؤلاء الأنبياء ، وهذا باطل ؛ فإنّ غير النبيّ لا يكون أفضل من النبيّ.
وأمّا أنّه موهم لهذا المعنى ؛ لأنّه جمع فيه من الفضائل ما تفرّق في الأنبياء ، والجامع للفضائل أفضل ممّن تفرّق فيه الفضائل ، وأمثال هذا من موضوعات الغلاة ، وإن صحّ فيمكن حمله على أنّ له كمال هذه الفضائل.
* * *
__________________
(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ : ٤٤٠ الطبعة الحجرية.
وأقول :
لم يفهم الفضل مراد المصنّف رحمهالله ؛ فإنّ الضمير في قوله : « فيه » لو رجع إلى « صحاح البغوي » لقال : « وفيها ».
كما إنّه لا يرجع إلى « صحيح الترمذي » ؛ لعدم ذكره للحديث في مناقب عليّ عليهالسلام ، ويبعد ذكره له في محلّ آخر.
فالظاهر أنّه راجع إلى « حقّه » في قول المصنّف سابقا : « وقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في حقّه » (١) ، وما أبعد الخيانة عن المصنّف رحمهالله!
ويحتمل سقوط حديث آخر نقله المصنّف من كتاب آخر ، فيعود الضمير إلى ذلك الكتاب ، ولا يبعد ـ على هذا ـ أنّه « مسند أحمد » ؛ فإنّ المصنّف رحمهالله ينقل عنه كثيرا ، وهو موجود فيه بحسب ما ذكره ابن أبي الحديد (٢) ، وصاحب « ينابيع المودّة » (٣) ، كما نقلاه أيضا عن البيهقي.
لكنّي لم أجده في « المسند » ، ولا يبعد أنّه من يد التصرّف!
ونقل السيوطي في « اللآلئ المصنوعة » ، عن الحاكم ، أنّه أخرج عن أبي الحمراء مرفوعا : « من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه ، ونوح في فهمه ، وإبراهيم في حلمه ، ويحيى في زهده ، وموسى في بطشه ، فلينظر إلى عليّ » (٤).
__________________
(١) تقدّم آنفا في الصفحة ٣١٩.
(٢) ص ٤٤٩ من المجلّد الثاني [ ٩ / ١٦٨ ]. منه قدسسره.
(٣) في الباب الأربعين [ ١ / ٣٦٣ ح ١ ]. منه قدسسره.
(٤) اللآلئ المصنوعة ١ / ٣٢٥.
ونقل عن ابن الجوزي ، أنّه قال : « موضوع » ؛ متعلّلا باشتمال سنده على أبي عمر الأزدي ، وهو متروك (١).
وتعقّبه السيوطي بأنّ له طريقا آخر عن أبي سعيد ، أخرجه ابن شاهين في « السنّة » عنه ، قال : كنّا حول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فأقبل عليّ ، فأدام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم النظر إليه ، ثمّ قال : « من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى نوح في حكمه ، وإلى إبراهيم في حلمه ، فلينظر إلى هذا » (٢).
ونقل السيوطي طريقا آخر لابن شاهين عن أبي الحمراء (٣).
فعليه يكون الحديث كثير الطرق ومعتبرا ، وإن فرض ضعف كلّ من أسانيده (٤) ، مع أنّه قد رواه صاحب « المواقف » وما أعلّ سنده هو ولا الشارح (٥).
ولا يضرّ اختلاف خصوصيّاته بحذف بعض الأنبياء وتبديل صفاتهم ؛ لجواز تعدّد أقوال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أو خطأ بعض الرواة.
ولا ريب بدلالة الحديث على فضل أمير المؤمنين عليهالسلام على الأمّة
__________________
(١) الموضوعات ١ / ٣٧٠.
(٢) اللآلئ المصنوعة ١ / ٣٢٥.
(٣) اللآلئ المصنوعة ١ / ٣٢٥.
(٤) لقد روى هذا الحديث الشريف الصحيح طائفة كبيرة من الرواة والحفّاظ والعلماء المعتمدين عند أهل السنّة ، فبلغوا أكثر من أربعين رجل ، من رجال الصحاح ، وأصحاب المسانيد ، ومشاهير العلماء ؛ فراجع الجزء ١٩ من « نفحات الأزهار » لترى أسانيد حديث التشبيه ، وأسماء أشهر رواته ومخرّجيه ، وكذا دلالة الحديث على إمامة الإمام أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام.
(٥) المواقف : ٤١٠ ، شرح المواقف ٨ / ٣٦٩.
وإمامته لهم ؛ لدلالته على فضله على هؤلاء الأنبياء العظام ، فكيف بآحاد الأمم؟!
وذلك لأنّه صرّح بأنّ عليّا عليهالسلام جمع ما تفرّق في أعاظم الأنبياء من الأوصاف ، التي كلّ واحدة منها أعظم الأفراد من نوعها.
ودعوى أنّ غير النبيّ لا يكون أفضل منه ، دعوى بلا حجّة.
نعم ، لا يجوز أن يكون النبيّ مفضولا لواحد من أمّته ، كما يحكم به العقل ، وإن خالف به بعض القوم كما سبق في « مباحث النبوّة » لله (١).
وقد بيّنّا في آية « المباهلة » وغيرها ، أنّ عليّا أفضل من جميع النبيّين سوى ابن عمّه سيّد المرسلين (٢).
وقد تواتر عندنا أنّ عليّا سيّد الوصيّين (٣) ، ومن جملتهم الأنبياء ، كيوشع بن نون وصيّ موسى عليهالسلام.
* * *
__________________
(١) ( لله ) راجع : ج ٤ / ٣٣ من هذا الكتاب.
(٢) راجع : ج ٤ / ٤٠٢ ـ ٤٠٨ من هذا الكتاب.
(٣) انظر مثلا : شرح الأخبار ١ / ٢٢٣ ذ ح ٢٠٧ ، الأمالي ـ للصدوق ـ : ٦١ ح ٢٠ وص ٧٤ ذ ح ٤٢ ، الخصال : ٥٧٥ ، معاني الأخبار : ٣٧٣ ، الأمالي ـ للطوسي ـ : ٤٤٢ ح ٩٩١ ، الحائريات ـ ضمن « الرسائل العشر » للشيخ الطوسي ـ : ٣٠٦ ، تفصيل وسائل الشيعة ٧ / ٢٠ ح ٦.
العلوم كلّها مستندة إليه
قال المصنّف ـ قدسسره ـ (١) :
وأيضا : جميع العلوم مستندة إليه ..
أمّا الكلام وأصول الفقه ؛ فظاهر ، وكلامه في « النهج » يدلّ على كمال معرفته في التوحيد والعدل ، وجميع جزئيات علم الكلام والأصول.
وأمّا الفقه ؛ فالفقهاء كلّهم يرجعون إليه ..
أمّا الإمامية ؛ فظاهر (٢) ..
وأمّا الحنفية ؛ فإنّ أصحاب أبي حنيفة أخذوا عن أبي حنيفة (٣) ، وهو تلميذ الصادق عليهالسلام (٤) ..
وأمّا الشافعية ؛ فأخذوا عن محمّد بن إدريس الشافعي (٥) ، وهو
__________________
(١) نهج الحقّ : ٢٣٧.
(٢) انظر : شرح نهج البلاغة ١ / ١٧ و ١٨.
(٣) هو : أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطي ، مولى تيم ، إمام الحنفية وأصحاب الرأي ، وأحد الأئمّة الأربعة عند أهل السنّة والجماعة ؛ ولد سنة ٨٠ ه ، ونشأ بالكوفة ، طلبه المنصور العبّاسي لتولّي القضاء فأبى ، فحبسه إلى أن مات سنة ١٥٠ ه ، وقيل : إنّ المنصور سمّه.
انظر : تاريخ بغداد ١٣ / ٣٢٣ رقم ٧٢٩٧ ، المنتظم ٥ / ١٨٥ ، البداية والنهاية ١٠ / ٨٧.
(٤) انظر : شرح نهج البلاغة ١ / ١٨ ، تهذيب التهذيب ٢ / ٦٨ رقم ٩٩٤.
(٥) هو : أبو عبد الله محمّد بن إدريس الشافعي ، إمام الشافعية ، وأحد الأئمّة الأربعة
قرأ على محمّد بن الحسن (١) تلميذ أبي حنيفة ، وعلى مالك ؛ فرجع فقهه إليهما (٢) ..
وأمّا أحمد بن حنبل (٣) ؛ فقرأ على الشافعي ؛ فرجع فقهه إليه (٤).
وأمّا مالك (٥) ؛ فقرأ على اثنين :
__________________
عند أهل السنّة والجماعة ؛ ولد بفلسطين ، وحمل منها إلى مكّة ، وانتقل إلى مصر سنة ١٩٩ ه حتّى توفّي بها سنة ٢٠٤ ه ، من أشهر آثاره : كتاب الأمّ ، المسند ، أحكام القرآن ، الرسالة في أصول الفقه.
انظر : تاريخ بغداد ٢ / ٥٦ رقم رقم ٤٥٤ ، المنتظم ٦ / ١٣٧ ، البداية والنهاية ١٠ / ٢١٠.
(١) هو : أبو عبد الله محمّد بن الحسن بن فرقد الشيباني ، مولاهم ، صاحب أبي حنيفة ، وإمام أهل الرأي ، أصله من دمشق من قرية حرستا وولد بواسط ، ونشأ بالكوفة ، سمع من أبي حنيفة وغلب عليه مذهبه ، وهو الذي نشر علم أبي حنيفة ؛ انتقل إلى بغداد وولّاه الرشيد القضاء بالرقّة ، ثمّ عزله ، ولمّا خرج الرشيد إلى خراسان صحبه فمات في الريّ سنة ١٨٩ ه.
انظر : تاريخ بغداد ٢ / ١٧٢ رقم ٥٩٣ ، البداية والنهاية ١٠ / ١٦٧ ، المنتظم ٥ / ٥٣٢ ، الجواهر المضيّة ٣ / ١٢٢ رقم ١٢٧٠.
(٢) انظر : حلية الأولياء ٩ / ٧٥ ، شرح نهج البلاغة ١ / ١٨ ، تاريخ دمشق ٥١ / ٢٦٧ رقم ٦٠٧١.
(٣) هو : أبو عبد الله أحمد بن محمّد بن حنبل ، إمام أهل الحديث ، وأحد أئمّة المذاهب الأربعة عند أهل السنّة والجماعة ، أصله من مرو ، وكان أبوه والي سرخس ، توفّي سنة ٢٤١ ه ؛ ومن أشهر مصنّفاته « المسند ».
انظر : تاريخ بغداد ٤ / ٤١٢ رقم ٢٣١٧ ، المنتظم ٦ / ٤٨٨ ، البداية والنهاية ١٠ / ٢٧٣.
(٤) شرح نهج البلاغة ١ / ١٨.
(٥) هو : أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك الأصبحي ، إمام المالكية ، وأحد أئمّة المذاهب الأربعة عند أهل السنّة والجماعة ، ولد سنة ٩٣ ه بالمدينة ونشأ بها ، ورووا أنّ أمّه حملت به ثلاث سنين ؛ صنّف « الموطّأ » بأمر من المنصور
أحدهما : ربيعة الرأي (١) ، وهو تلميذ عكرمة ، وهو تلميذ عبد الله ابن عبّاس ، وهو تلميذ عليّ عليهالسلام (٢).
والثاني : مولانا جعفر بن محمّد الصادق ..
وكان الخوارج تلامذة له (٣).
وأمّا النحو ؛ فهو واضعه (٤).
وكذا علم التفسير (٥) ..
قال ابن عبّاس : حدّثني أمير المؤمنين عليهالسلام في باء ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) من أوّل الليل إلى الفجر ولم يتمّ (٦).
* * *
__________________
العبّاسي ، وتوفّي سنة ١٧٩ ه.
انظر : حلية الأولياء ٦ / ٣١٦ ، ترتيب المدارك ١ / ١١٠ ـ ١١٢ ، المنتظم ٥ / ٤٢٦ ، البداية والنهاية ١٠ / ١٤٣.
(١) هو : أبو عثمان ربيعة بن أبي عبد الرحمن فرّوخ التيمي المدني ، مولى آل المنكدر ، صاحب الرأي والقياس ، أدرك بعض الصحابة والتابعين ، وكان صاحب الفتوى بالمدينة المنوّرة ، روى عنه مالك بن أنس وسفيان الثوري وشعبة بن الحجّاج والليث بن سعد وغيرهم ، قدم على أبي العبّاس السفّاح في الأنبار ليولّيه القضاء ؛ وتوفّي في الأنبار سنة ١٣٦ ه.
انظر : تاريخ بغداد ٨ / ٤٢٠ رقم ٤٥٣١ ، تذكرة الحفّاظ ١ / ١٥٧ رقم ١٥٣ ، تهذيب التهذيب ٣ / ٨٣ رقم ١٩٧٣.
(٢) انظر : شرح نهج البلاغة ١ / ١٨.
(٣) انظر : مطالب السؤول : ١١١ ـ ١١٢ ، شرح المقاصد ٥ / ٢٩٧ ـ ٢٩٨.
(٤) انظر : شرح نهج البلاغة ١ / ٢٠.
(٥) انظر : شرح نهج البلاغة ١ / ١٩.
(٦) ينابيع المودّة ١ / ٢١٤ ح ١٩ وج ٣ / ٢١١.
وقال الفضل (١) :
ذكر أنّ أبا حنيفة قرأ على الصادق ، ثمّ ذكر أنّ الشافعي قرأ على محمّد بن الحسن تلميذ أبي حنيفة ، وعلى مالك ، فرجع فقهه إليهما.
ويفهم من هذا أنّ كلّ من قرأ على أحد يرجع فقهه إليه ، فيرجع فقه جميع الأئمّة على هذا التقدير إلى الصادق.
وفقه الصادق عنده لا شكّ أنّه حقّ وصدق ، فلم يبق له بعد هذا الكلام اعتراض على الأئمّة الأربعة.
وأمّا قوله : إنّ الشافعي قرأ على محمّد بن الحسن ؛ فهو كذب وباطل.
وأمّا قوله : إنّ جميع العلوم من الفقه والأصول والكلام يرجع إلى أمير المؤمنين ..
فإن أراد أنّ أصحاب هذه العلوم ما استفادوا في تدوين هذه العلوم من غير كلام أمير المؤمنين ؛ فهو ممنوع.
وإن أراد أنّهم استفادوا من كلامه أيضا كما استفادوا من كلام باقي علماء الصحابة ؛ فهو حقّ لا شكّ فيه.
* * *
__________________
(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ : ٤٤٣ الطبعة الحجرية.
وأقول :
ما فهمه من كلام المصنّف رحمهالله ، وزعم أنّه لا يبقى بعده اعتراض على أئمّتهم ، خطأ ظاهر ؛ إذ ليس معنى الرجوع إليه اتّفاق فتاويهم معه ، بل معناه أنّه أساس تحصيلهم ومنشأ قوّتهم ، وإن خالفوه في أمور خطيرة وأحكام كثيرة استحسنوها بآرائهم ، وقاسوها بمقاييسهم! (١).
ومنه يعلم أنّ ترديده في معنى رجوع العلوم إلى أمير المؤمنين عليهالسلام غير حاصر.
فإنّ مراد المصنّف رحمهالله : أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام أساس تلك العلوم ،
__________________
(١) ومن أمثلة مخالفة الطلّاب لشيوخهم : مخالفة الشافعي لمالك في مسائل كثيرة جدّا ، كالمسح ، ووقت صلاة المغرب ، وعدد كلمات الأذان ، فعنده تسعة عشر كلمة وعند مالك سبعة عشر كلمة ، وخالفه بالجهر بالبسملة ، وعند مالك لا تقرأ من أصلها ، وفي الجمع بين الظهر والعصر ، وفي الكلام حال خطبة الجمعة ، والتكبير في العيدين ، وفي مسائل الصيام ، والزكاة ، والحجّ ، وناقضه في مسائل كثيرة في كتاب البيوع إلى الإجارة ؛ فقال الشافعي باشتراط الإيجاب والقبول قولا بين البائع والمشتري ليدلّ على تراضيهما ؛ وقال مالك : لا يشترط ؛ وكذا في باقي أبواب الفقه.
انظر : طبقات الفقهاء ١ / ٤٩ ـ ٩٤.
وخالف أبو يوسف والشيباني شيخهما أبا حنيفة بمسائل كثيرة جدّا ، كما هو واضح لمن تتبّع موارد فتياهم.
وهذا أبو الحسن الأشعري ، إمام الأشاعرة ، الذي أنهى شطرا من حياته يأخذ من المعتزلة وشيخهم الجبّائي ، إلّا أنّه تبرّأ من الاعتزال وردّ على المعتزلة في مصنّفاته ؛ وبالرغم من ذلك نرى أنّ الأشعري يخالف عقيدة أهل الحديث في مسائل كثيرة ، وما ذلك إلّا بسبب الاعتزال وأثره فيه.
ومنشأ قوّة البحث والاجتهاد فيها ، وإن استفاد العلماء رواية بعض الأحكام أو رواية تفسير بعض الآيات من غيره ؛ وهو غير ما أراده في شقّي الترديد.
ولا يمكن أن ينكر أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام منشأ التحصيل وسبب قوّة البحث والاستنباط والاجتهاد في علم الكلام ، والأصول ، والنحو ، بل والفقه والتفسير ، فإنّ أعظم من ينظر إليه فيهما هو ابن عبّاس ، وهو تلميذ أمير المؤمنين عليهالسلام ، لا في عرضه(١).
وأمّا ابن مسعود ؛ فعلمه بالنسبة إلى علم أمير المؤمنين به كقطرة بالنسبة إلى البحر المحيط ؛ إذ ليس هو بأعظم من ابن عبّاس ، وهو قد كان كذلك (٢).
قال ابن أبي الحديد في مقدّمة « شرح نهج البلاغة » : « ومن العلوم :
علم تفسير القرآن ، وعنه أخذ ومنه تفرّع ، وإذ رجعت إلى كتب التفسير علمت صحّة ذلك ؛ لأنّ أكثره عنه وعن عبد الله بن عبّاس.
وقد علم الناس حال ابن عبّاس في ملازمته له ، وانقطاعه إليه ، وأنّه تلميذه وخرّيجه ، وقيل له : أين علمك من علم ابن عمّك؟
فقال : كنسبة قطرة من المطر إلى البحر المحيط » (٣).
بل علمه وعلم جميع الصحابة بالنسبة إلى علم أمير المؤمنين عليهالسلام
__________________
(١) مراد الشيخ المظفّر قدسسره أنّ ابن عبّاس في العلم ليس في مصافّ ومنزلة الإمام أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام العلميّة ، أي أنّه لا يترتّب معه ترتيبا عرضيا ، بل يترتّب معه ترتيبا طوليا ؛ لأنّ علمه امتداد من علم أمير المؤمنين عليهالسلام.
(٢) أي : ابن عبّاس.
(٣) شرح نهج البلاغة ١ / ١٩.
كذلك ..
فأين هم ممّن عنده علم الكتاب (١) ، وباب مدينة علم الرسول (٢) ، ومن يقول : « سلوني قبل أن تفقدوني » (٣)؟!
وهل يتصوّر منصف أن يكون أصلا في الكلام والتفسير والفقه من لا يعرف أنّ الله سبحانه لا يحويه مكان؟! ويقول : هو في السماء على العرش!! في جواب السائل : أين هو؟ (٤) ..
ومن لا يعرف مفردات الكتاب ـ كالأبّ (٥) ، والكلالة (٦) ـ فضلا عن مركنباته المتشابهة؟! ..
ويضرب السائل عن تفسير : ( وَالذَّارِياتِ ذَرْواً ) (٧) ، فرارا عن
__________________
(١) راجع مبحث آية ( وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ ) ، في ج ٥ / ١١٥ ـ ١١٩ من هذا الكتاب.
(٢) راجع مبحث حديث « أنا مدينة العلم وعليّ بابها » ، في الصفحات ١٧١ ـ ١٨٢ من هذا الجزء.
(٣) سيأتي في الصفحة ٣٥٤ من هذا الجزء.
(٤) هو عمر بن الخطّاب.
انظر مثلا : شرح أصول اعتقاد أهل السنّة والجماعة ـ لللالكائي ـ ٣ ـ ٤ / ٤٣٠ و ٤٣٨ رقم ٦٥٨ ، النقض على بشر المريسي ١ / ٥١٧ ، اجتماع الجيوش الإسلامية : ٨٤ ـ ٨٦.
(٥) انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٣ / ٢٤٩ ، تفسير الطبري ١٢ / ٤٥١ ح ٣٦٣٦٧ ـ ٣٦٣٧٢ ، المستدرك على الصحيحين ٢ / ٥٥٩ ح ٣٨٩٧ ، تفسير الثعلبي ١٠ / ١٣٤ ، تفسير الماوردي ٦ / ٢٠٨ ، شعب الإيمان ٢ / ٤٢٤ ح ٢٢٨١ ، تاريخ بغداد ١١ / ٤٦٨ ـ ٤٦٩ ، كنز العمّال ٢ / ٣٢٨ ح ٤١٥٤ و ٤١٥٥.
(٦) انظر : صحيح مسلم ٥ / ٦١ ، مسند أحمد ١ / ٤٨ ، سنن ابن ماجة ٢ / ٩١٠ ـ ٩١١ ح ٢٧٢٦ و ٢٧٢٧ ، المستدرك على الصحيحين ٢ / ٣٣٢ ـ ٣٣٣ ح ٣١٨٦ ـ ٣١٨٨ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٦ / ٢٢٤ وج ٨ / ١٥٠.
(٧) سورة الذاريات ٥١ : ١.
جوابه (١)؟! ..
ويقرّ بأنّ المخدّرات أفقه منه (٢)؟!.
وأمّا تكذيبه للمصنّف رحمهالله في دعوى قراءة الشافعي على محمّد بن الحسن ، فمن الجهل! ..
قال ابن أبي الحديد في مقدّمة « شرح النهج » : « ومن العلوم : علم الفقه ، وهو عليهالسلام أصله وأساسه ، وكلّ فقيه في الإسلام عيال عليه ومستفيد من فقهه.
أمّا أصحاب أبي حنيفة ؛ كأبي يوسف (٣) ، ومحمّد (٤) ، وغيرهما (٥) ، فأخذوا عن أبي حنيفة.
__________________
(١) انظر : مسند البزّار ١ / ٤٢٣ ح ٢٩٩ ، تفسير القرطبي ١٧ / ٢١ ، تفسير ابن كثير ٤ / ٢٣٣ ، الدرّ المنثور ٧ / ٦١٤.
(٢) انظر : سنن سعيد بن منصور ١ / ١٦٦ ـ ١٦٧ ح ٥٩٨ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٧ / ٢٣٣ ، تمهيد الأوائل : ٥٠١ ، الأربعين في أصول الدين ـ للفخر الرازي ـ ٢ / ٣٠٣ ـ ٣٠٤ ، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١٢ / ٢٠٨ ، مجمع الزوائد ٤ / ٢٨٤ وقال : « رواه أبو يعلى ».
(٣) هو : أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الكوفي البغدادي ، القاضي ، صاحب أبي حنيفة وتلميذه ، وهو أوّل من نشر مذهبه ، ولد بالكوفة سنة ١١٣ ه ، وتفقّه بالحديث والرواية ، ثمّ لزم أبا حنيفة فغلب عليه الرأي ، ولي القضاء ببغداد أيّام المهدي والهادي والرشيد العبّاسيّين ، وهو أوّل من دعي قاضي القضاة ، ومات في أيّام الرشيد العبّاسي وهو على القضاء سنة ١٨٢ ه ؛ ومن مصنّفاته : الخراج ، الآثار ، الردّ على مالك بن أنس.
انظر : تاريخ بغداد ١٤ / ٢٤٢ رقم ٧٥٥٨ ، المنتظم ٥ / ٤٥١ ، البداية والنهاية ١٠ / ١٤٨ ، الجواهر المضيّة ٣ / ٦١١ رقم ١٨٢٥.
(٤) هو : محمّد بن الحسن الشيباني ؛ انظر ترجمته المتقدّمة آنفا في الصفحة ٣١٧.
(٥) مثل : زفر بن الهذيل ، المتوفّى سنة ١٥٨ ه ؛ والحسن بن زياد اللؤلؤي ، المتوفّى سنة ٢٠٤ ه ؛ انظر مثلا : الجواهر المضيّة ٢ / ٥٦ رقم ٤٤٨ وص ٢٠٧ رقم ٥٩٦.
وأمّا الشافعي ؛ فقرأ على محمّد بن الحسن (١) ، فيرجع فقهه ـ أيضا ـ إلى أبي حنيفة.
وأمّا أحمد بن حنبل ؛ فقرأ على الشافعي ، فيرجع فقهه أيضا إلى أبي حنيفة ؛ وأبو حنيفة قرأ على جعفر بن محمّد ، وقرأ جعفر على أبيه ، وينتهي الأمر إلى عليّ عليهالسلام.
وأمّا مالك بن أنس ؛ فقرأ على ربيعة الرأي ، وقرأ ربيعة على عكرمة ، وقرأ عكرمة على عبد الله بن عبّاس ، وقرأ عبد الله بن عبّاس على عليّ (٢).
وإن شئت رددت إليه فقه الشافعي بقراءته على مالك ، كان لك ذلك » (٣) (٤).
* * *
__________________
(١) انظر : تاريخ بغداد ٢ / ٥٦ رقم ٤٥٤ ، تاريخ دمشق ٥١ / ٢٦٧ رقم ٦٠٧١ ، تهذيب الكمال ١٦ / ٤٠ رقم ٥٦٣٦ ، سير أعلام النبلاء ١٠ / ٧ رقم ١ ، تذكرة الحفّاظ ١ / ٣٦٢ رقم ٣٥٤ ، البداية والنهاية ١٠ / ٢١١ حوادث سنة ٢٠٤ ه.
(٢) بل أخذ مالك عن الإمام جعفر الصادق عليهالسلام مباشرة ، حاله كحال أبي حنيفة.
انظر : التاريخ الكبير ٢ / ١٩٨ رقم ٢١٨٣ ، الجرح والتعديل ٢ / ٤٨٧ رقم ١٩٨٧ ، الثقات ـ لابن حبّان ـ ٦ / ١٣١ ، حلية الأولياء ٣ / ١٩٩ رقم ٢٣٦ ، تهذيب الكمال ٣ / ٤١٩ رقم ٩٣٣ ، ميزان الاعتدال ٢ / ١٤٤ رقم ١٥٢١ ، تهذيب التهذيب ٢ / ٦٨ رقم ٩٩٤.
(٣) شرح نهج البلاغة ١ / ١٨.
(٤) وانظر : نفحات الأزهار ١ / ١٠٣ ـ ١٠٥ رقم ٨ ، في بيان انتشار العلوم في البلاد الإسلامية بواسطة الإمام عليّ عليهالسلام.
قال المصنّف ـ طاب مرقده ـ (١) :
وعلم الفصاحة إليه منسوب ، حتّى قيل في كلامه : « إنّه فوق كلام المخلوق ودون كلام الخالق » (٢) ، ومن كلامه تعلّم الفصحاء.
قال ابن نباتة (٣) : « حفظت من كلامه ألف خطبة ، ففاضت ثمّ فاضت » (٤).
وأمّا المتكلّمون ، فأربعة ؛ معتزلة ، وأشاعرة ، وشيعة ، وخوارج .. وانتساب الشيعة معلوم ..
والخوارج كذلك ؛ فإنّ فضلاءهم رجعوا إليه (٥).
وأمّا المعتزلة ؛ فإنّهم انتسبوا إلى واصل بن عطاء (٦) ، وهو تلميذ أبي
__________________
(١) نهج الحقّ : ٢٣٨.
(٢) شرح نهج البلاغة ١ / ٢٤.
(٣) هو : أبو يحيى عبد الرحيم بن محمّد بن إسماعيل بن نباتة الحذاقي الفارقي ، صاحب الخطب المنبرية ، قالوا : كان ديّنا ورعا ، فصيحا بليغا مقدّما في علوم الأدب ، وأجمعوا على أنّ خطبه لم يعمل مثلها في موضوعها ، وكان يحفظ « نهج البلاغة » وعامّة خطبه بألفاظها ومعانيها ، ولي خطابة حلب لسيف الدولة الحمداني ، وسمع على المتنبّي بعض ديوانه ، ولد في ميّافارقين سنة ٣٣٥ ه وتوفّي بها سنة ٣٧٤ ه
انظر : وفيات الأعيان ٣ / ١٥٦ رقم ٣٧٣ ، النجوم الزاهرة ٤ / ١٥٠ ، البداية والنهاية ١١ / ٢٥٨ ، شذرات الذهب ٣ / ٨٣.
(٤) شرح نهج البلاغة ١ / ٢٤.
(٥) مطالب السؤول : ١١١ ـ ١١٢.
(٦) هو : أبو حذيفة واصل بن عطاء المخزومي ، مولاهم البصري ، ولد بالمدينة سنة